سلوان المرضى
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين، آمين.
أما بعد: فإن أصل هذه الرسالة مقالة نشرت في مجلة «عيادة الجندي» التابعة للخدمات الطبية في القوات المسلحة على ثلاث حلقات بطلب من أسرة التحرير المشاركة بها في مجلتهم.
وقد أعدت النظر فيها ، وعدلت ما يحتاج إلي تعديل، وأضفت إليها بعض الإضافات اليسيرة.
فما كان فيها من صواب فأحمد الله عليه، وما كان من خطأ فأرجو ممن اطلع عليه أن يهديني إليه لإصلاحه، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
إبراهيم بن محمد الحقيل
ص ب 160 الرياض
الرمز البريدي 11321
المقدمة
من المستقر عند المؤمن أن الله تعالى خلق العباد ليبلوهم، وطلب منهم عبادته كما قال سبحانه: } وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ { [الذاريات: 56 – 58]. وجعل البشر ذوي عقل وشهوة؛ فالعقل السوي يقود إلي الله تعالى ، وإلي العمل بشريعته ، وإتباع أنبيائه عليهم السلام. والشهوة تجعل العبد لا بد أن يخطئ، وتميل به شهوته، فيقصر في طاعة، أو يأتي معصية؛ إذ لا عصمة إلا لمن عصمه الله تعالى ـ وهم الأنبياء عليهم الصلاة
والسلام ـ
ولما كان الأمر كذلك كان لا بد من كفارات تمحو الخطايا وتكفر الذنوب، وتزيد في الحسنات، وترفع الدرجات. ومن رحمة الله تعالى أن جعل هذه الكفارات كثيرة ومتنوعة؛ فمنها: ما يفعله الإنسان ويبادر إليه ـ كالجماعات والجمعات والصيام، والتوبة والاستغفار، وسائر الفرائض والنوافل ـ ومنها: ما يقع على الإنسان بلا اختيار منه ـ كالمصائب والأمراض والشدائد والكروب
والهموم ـ لكن العبد كي يؤجر عليها لا بد أن يحتسب ويصبر، ويقابل أمر الله تعالى بالتسليم، وقدره بالرضي. أما إذا تسخط وتبرم واعترض على ما قدر الله تعالى فإنه يحرم الأجر؛ بل ويكون موزورًا..
وهذه الرسالة عرض مختصر لبعض فوائد الأمراض الشرعية؛ مستدلاً لها بأحاديث من السنة النبوية. قصدي من جمعها تسلية إخواني المرضي، وشد أزرهم في لأوائهم، وحملهم على الصبر في ذات الله تعالى؛ حتى يكون أجرهم موفورًا، وذنبهم مغفورًا. أسأل الله تعالى أن يجمع لهم بين الأجر والعافية، وأن يمن عليهم بالصبر إنه سميع مجيب.
* * * *
فوائد الأمراض
أول ما يظهر للعبد إذا أصيب بالمرض أن هذا المرض مصيبة ـ وهو كذلك بلا شك – لكن مع كونه مصيبة فهو نعمة للمؤمن ورحمة من الله تعالى. وفيه فوائد كثيرة. ومن تلك الفوائد للأمراض:
1- أن فيها تكفير الخطايا ومحو السيئات:
فالمرض يقابل السيئات التي يفعلها العبد فتمحى من ديوانه حتى يصبح خفيفًا من الذنوب. دل على ذلك نصوص كثيرة منها ما يلي:
أ- ما رواه أبو بكر بن أبي زهير الثقفي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: «يا رسول الله، كيف الصلاح بعد هذه الآية: } لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ { [النساء: 123]. وكل شيء عملنا جزينا به؟ فقال: «غفر الله لك يا أبا بكر، ألست تمرض، ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ قال: قلت: بلى، قال: هو ما تجزون به» ([1]).
ب- ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع النبي ﷺ يقول: «ما يمرض مؤمن ولا مؤمنة ولا مسلم ولا مسلمة إلا حط الله بذلك خطاياه كما تنحط الورقة عن الشجر» ([2]).
ج- ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده وماله ونفسه حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة» ([3])، وفي رواية الترمذي وابن حبان «وولده» بدل «ونفسه».
فقوله: «في جسده» هو ما يصيب العبد من أمراض أو جروح أو كسور أو حروق أو نحو ذلك.
وقوله: «ونفسه» يحتمل أن المقصود بذلك الأمراض النفسية من هم وقلق وكرب ونحو ذلك؛ فيكون مرض الإنسان على نوعين:
- حسي: وهو الذي عبر عنه بقوله: «في جسده».
- معنوي: وهو الذي عبر عنه بقوله: «ونفسه».
على أنه في الرواية الأخرى قال: «وولده» بدل «ونفسه» وهذه الرواية لا إشكال فيها.
وقد ورد في السنة الصحيحة ما يدل على أن المؤمن تكفر عنه خطاياه بالأمراض الباطنة ـ كالهموم والغموم والأحزان ـ كما تكفرها الأمراض البدنية ومن ذلك:
ما رواه أبو سعيد الخدري وأبو هريرة رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا همٍ ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه» ([4]).
وقوله: «حتى يلقي الله وما عليه خطيئة»: أي: وليس عليه سيئة؛ لأنها زالت بسبب البلاء ([5]).
د- ما رواه معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر عنه من سيئاته» ([6]).
ﻫ- ما رواه أبو أمامة مرفوعًا: «ما من عبد يصرع صرعة من مرض إلا بعثه الله منها طاهرًا» ([7]).
و- ما روته أم العلاء رضي الله عنها قالت: عادني رسول الله ﷺ وأنا مريضة فقال: «أبشري يا أم العلاء، فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الذهب والفضة»([8]).
وقد يتصور البعض أن الوارد في هذه الأحاديث وأمثالها من الفضل والثواب إنما هو لمن أصيب بأمراض خطيرة، أو مؤلمة جدًا، أو لا يرجى برؤها. والحقيقة بخلاف هذا الظن؛ إذ يؤجر العبد على ما يصيبه ـ وإن كان مرضًا يسيرًا ـ ما دام صابرًا محتسبًا. ولا شك أنه كلما عظمت المصيبة، واشتد المرض زاد الأجر؛ لكن اليسير من الأمراض فيه أجر أيضًا .. وقد دلت على ذلك نصوص منها:
- ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلاً من المسلمين قال: يا رسول الله، أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا، ماذا لنا منها؟ فقال: «كفارات». قال: أي رسول الله، وإن قلت، قال: «وإن شوكة فما فوقها» قال: فدعا على نفسه ألا يفارقه الوعك حتى يموت، وأن لا يشغله عن حج ولا عن عمرة ولا جهاد في سبيل الله ولا صلاة مكتوبة في جماعة، قال: فما مس إنسان جسده إلا وجد حرها حتى مات. جاء في رواية أحمد والطحاوي: أن الذي دعا على نفسه أبي بن كعب رضي الله عنه ([9]).
قال أبو سعيد: «فما ذاقه بعد ذلك إلا وجد عليه صالبًا مثل النار حتى برت جسده، وحتى تركته مثل الجريدة المبراة» ([10]).
والمعنى: ما لمسه لامس إلا وجد عليه صالبًا، والصالب من الحمى: الحارة غير النافض، وقوله: «حتى برت جسده» أي: أذهبت لحمه وهزلته.
فيؤخذ من هذا الحديث ما يلي:
- أن الأمراض كفارات ، وقد مضى تقريره بنصوص كثيرة.
- أن التكفير للخطايا يحصل بالأمراض ـ وإن كانت يسيرة ـ مثل الشوكة، أي: ألم الشوكة.
- يظهر من الحديث جواز أن يدعو الإنسان على نفسه بما يكون مكفرًا للخطايا، إذا كان لديه القدرة على الصبر والاحتساب كما فعل أبي بن كعب رضي الله عنه؛ ولكن هذا اجتهاد منه رضي الله عنه معارض بأحاديث منها:
1- حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ عاد رجلاً من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ. فقال له رسول الله ﷺ: «هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟» قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما كانت معاقبي به في الآخرة، فعجله لي في الدنيا. فقال رسول الله ﷺ: «سبحان الله! لا تطيقه – أو لا تستطيعه – أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؟» قال: فدعا الله له فشفاه» ([11]).
2- حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم» ([12]).
وهذا نهي صريح من النبي ﷺ عن أن يدعو الإنسان على نفسه، وهو عام لا مخصص له، والنهي يقتضي التحريم.
3- الأحاديث الدالة على أنه ينبغي للعبد أن يسأل الله تعالى العافية في الدنيا والآخرة، وفي بعضها أنه أفضل الدعاء ([13]) وكذلك الأحاديث التي ورد فيها الدعاء بـ: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» وفي بعضها أن هذا كان أكثر دعاء النبي ﷺ ([14]).
قال النووي رحمه الله تعالى: «وأظهر الأقوال في تفسير الحسنة في الدنيا: أنها العبادة والعافية، وفي الآخرة: الجنة والمغفرة» ([15]).
وبناء على هذه النصوص الصريحة فإنه لا يجوز للإنسان أن يدعو على نفسه بالأمراض ـ ولو كان يريدها كفارات لذنوبه ـ
والتوبة والاستغفار مع العافية خير من ذلك كما هو هدي النبي ﷺ؛ إذ كان هديه الإكثار من الاستغفار والتوبة مع سؤال الله تعالى العافية.
ثم إن العبد قد يدعو على نفسه بمرض من أجل تكفير خطاياه, ثم إذا مسه المرض جزع وتسخط وشكي ولم يصبر؛ فيكون مبتلى موزورًا نسأل الله العافية.
وأما ما ورد عن أبي رضي الله عنه فيحمل على أن هذه النصوص لم تبلغه، ولو بلغته لما دعاء على نفسه، أو أنه ذهل عنها فدعا فاستجيب له. ولا يفهم من الحديث إقرار النبي rله على ذلك؛ إذ لا دلاله منه على أنه دعا على نفسه بحضرة النبي ﷺ، كيف!! والنبي ﷺ قد أنكر على الرجل الذي دعا على نفسه بتعجيل عقوبته في الدنيا.
واشتراط أبي رضي الله عنه في دعائه أن لا يرده المرض عن الحج والعمرة أو صلاة الجماعة أو الجهاد يدل على حرص الصحابة رضي الله عنهم على الأعمال الصالحة، وأن طلب كفارات الذنوب ينبغي أن لا يكون على حساب الأعمال ، كفارات الذنوب ينبغي أن لا يكون على حساب الأعمال الصالحة؛ لأن الأعمال الصالحة تكفر الذنوب كذلك كما قال الله تعالى: } إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ { [هود: 114].
2- أن في المرض رفع الدرجات وزيادة الحسنات:
فكما أن الأمراض كفارات للخطايا فهي كذلك سبب لازدياد الحسنات ورفع الدرجات؛ ويرى ابن مسعود رضي الله عنه أن الأمراض لا تزيد في الحسنات بل تكفر الخطايا فقط؛ فقد روى أبو معمر عبد الله بن سخبرة الكوفي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إن الوجع لا يكتب أجرًا. فكان ذلك أشد أو أِشق علينا، وكان إذا حدثنا حديثًا لم نسأله عنه تفسيره حتى يبينه، قال: ولكن الله يكفر به الخطايا».
وفي رواية أخرى قال ابن مسعود رضي الله عنه: «الوجع لا يكتب به الأجر؛ ولكن تحط به الخطايا. الأجر بالعمل» ([16]).
واستحسن ابن القيم رحمه الله تعالى اجتهاد ابن مسعود فقال: «وهذه من كمال علمه وفقهه رضي الله عنه؛ فإن الأجر إنما يكون على الأعمال الاختيارية ومما تولد منها، كما ذكر الله سبحانه النوعين في آخر سورة التوبة في قوله في المباشر من الإنفاق وقطع الوادي: } إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ { [التوبة: 121]، وفي المتولد من إصابة الظمأ والنصب والمخمصة في سبيله وغيظ الكفار: } إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ { [التوبة: 120].
فالثواب مرتبط بهذين النوعين. وأما الأسقام والمصائب فإن ثوابها تكفير الخطايا؛ ولهذا قال تعالى: } وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ { [الشورى: 30]، والنبي ﷺ إنما قال في المصائب: «كفر الله بها من خطاياه» وكذا قوله: «المرض حطة».
فالطاعات ترفع الدرجات، والمصائب تحط السيئات» ([17])أﻫ.
وقال العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى: «ظن بعض الجهلة أن المصاب مأجور، وهو خطأ صريح؛ فإن الثواب والعقاب إنما هو على الكسب. والمصائب ليست منها؛ بل الأجر على الصبر والرضا» ([18]).
وقال النووي: «وحكي القاضي – يعني عياضًا – عن بعضهم أنها تكفر الخطايا فقط ولا ترفع ولا تكتب حسنة ، وروي نحوه عن ابن مسعود قال: الوجع لا يكتب به أجر لكن تكفر به الخطايا فقط» ([19]).
واجتهاد ابن مسعود رضي الله عنه والعز بن عبد السلام وتأييد ابن القيم لهما متعقب بأمرين:
الأول: أن البلاء يضاعف على أولياء الله تعالى، ويصيبهم أكثر من غيرهم. وهم أقل ذنوبًا من سائر العباد، لا سيما الأنبياء والمرسلون عليهم السلام وقد دل على ذلك ما يلي:
أ- حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: «أتيت النبي ﷺ في مرضه، فمسسته – وهو يوعك وعكًا شديدًا – فقلت: إنك لتوعك وعكًا شديدًا، وذلك أن لك أجرين، قال: أجل، وما من مسلم يصيبه أذى إلا حاتت عنه خطاياه كما تحات ورق الشجر» ([20]).
ب- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: دخلت على النبي ﷺ وهو يوعك، فوضعت يدي عليه، فوجدت حره بين يدي فوق اللحاف. فقلت: يا رسول الله، ما أشدها عليك!. قال: «إنا كذلك. يضعف لنا البلاء، ويضعف لنا الأجر».
قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً؟ قال: «الأنبياء. قلت: يا رسول الله، ثم من؟ قال: ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر، حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يحويها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء» ([21]).
ج- حديث عائشة رضي الله عنه أن النبي ﷺ طرقه وجع فجعل يتقلب على فراشه، فقالت له عائشة: يا نبي الله، لو أن بعضنا فعل هذا لوجدت عليه. فقال: «إن المؤمنين يشدد عليهم...» ([22]).
والدلالة في هذه النصوص من وجهين:
الوجه الأولي: قوله في حديث ابن مسعود «ذلك أن لك أجرين» وفي حديث أبي سعيد «ويضعف لنا الأجر» والأجر غير التكفير؛ إذ هو ثواب يناله العبد.
الوجه الثاني: لو لم يكن في الأمراض إلا التكفير؛ فإن أحوج الناس إليها أهل العصيان ولما استفاد منها الصالحون الذين لا سيئات لهم أو سيئاتهم قليلة. وقد دلت النصوص السابقة بمضاعفة البلاء عليهم أكثر من غيرهم مما يعني أن في الأمراض ما هو أكثر من التكفير وهو رفعة الدرجات وزيادة الحسنات.
الثاني: ما ثبت في أحاديث كثيرة تنص صراحة على أن في الأمراض والابتلاءات ثوابًا زائدًا عن تكفير الخطيئات ومن تلك النصوص:
أ- حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة أو حطت عنه بها خطيئة» ([23]).
وفي هذا الحديث قال: (أو) وهي للتنويع، يعني: إما أن يحصل التكفير، وإما أن تكتب له حسنة، ولا يحصل الاثنان، لكن يفسر هذا الحديث حديث آخر عنها رضي الله عنها قالت:
ب- إني سمعت رسول الله ﷺ قال: «ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتب له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة»([24]).
ففي هذا الحديث ذكر الأمرين: رفعة الدرجة وتكفير الخطيئة.
ج- حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما ضرب على مؤمن عرق قط إلا حط الله عنه خطيئة وكتب له حسنة ورفع له درجة» ([25]).
فتبين من هذه النصوص أنه مع تكفير الخطايا يحصل رفع الدرجات وزيادة الحسنات؛ ولهذا قال النووي رحمه الله تعالى بعد سياقه بعض هذه الأحاديث: «في هذه الأحاديث بشارة عظيمة للمسلمين فإنه قلما ينفك الواحد منهم ساعة من شيء من هذه الأمور، وفيه تكفير الخطايا بالأمراض والأسقام ومصايب الدنيا وهمومها ـ وإن قلت مشقتها ـ وفيه رفع الدرجات بهذه الأمور وزيادة الحسنات. وهذا هو الصحيح الذي عليه جماهير العلماء.. ثم ذكر قول القاضي عياض وما نقل عن ابن مسعود ثم قال عن القائل بحصول التكفير فقط دون زيادة الحسنات: واعتمد – أي القائل بذلك – على الأحاديث التي فيها تكفير الخطايا ولم تبلغه الأحاديث التي ذكرها مسلم المصرحة برفع الدرجات وكتب الحسنات» أﻫ([26]).
وما دام أن النصوص متوافرة ودالة على تكفير السيئات، وزيادة الحسنات ، ورفع الدرجات بالأمراض والابتلاءات ؛ فلا اجتهاد مع النص، وفضل الله واسع، وذلك من رحمة الله تعالى بعباده فله الحمد والشكر.
وقد سلك بعض العلماء مسلك الجمع بين النصوص التي فيها ذكر تكفير السيئات، وبين النصوص التي فيها زيادة الحسنات ورفع الدرجات وذلك بالقول: إن الأمراض والابتلاءات مكفرات لمن عليه سيئات، ومن لم يكن عليه سيئات فإنه يثاب على ما يصيبه بالحسنات ورفع الدرجات بقدر بلائه ؛ وذلك أن الأمراض قد تنزل بمن لا ذنب له ولا خطيئة عليه من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن هم دونهم من الصالحين؛ فتكون أجورًا عنهم. فتكون الأحاديث التي فيها ذكر الأجر ، ورفع الدرجات لمن لا خطايا له ولا ذنوب عليه ممن نزلت به ([27]).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعليقًا على حديث عائشة: «إلا كتب الله بها حسنة، أو حط عنه بها خطيئة»: كذا وقع فيه بلفظ (أو) فيحتمل أن يكون شكًا من الرواي، ويحتمل التنويع. وهذا أوجه، ويكون المعنى: إلا كتب الله بها حسنة إن لم يكن عليه خطايا، أو حط عنه خطايا ـ إن كان له خطايا ـ. وعلى هذا فمقتضى الأول أن من ليست عليه خطيئة يزاد في رفع درجته بقد ذلك، والفضل واسع» أﻫ ([28]).
بيد أن هذا المسلك معارض بحديث عائشة السابق ذكره «ما ضرب على مؤمن عرق قط إلا حط الله عنه خطيئة، وكتب له حسنة، ورفع له درجة» ([29]). إذ أن لفظ هذا الحديث وأمثاله دال على حصول مجموع ذلك لمن أصيب.
3- أن الأمراض سبب لبلوغ المنازل العالية:
من حكمة الله تعالى في خلقه أن رفع بعضهم فوق بعض درجات، وسخر بعضهم لبعض كما جاء ذلك في عدد من النصوص. وهذه الرفعة في أمور الدنيا أو الدين من الله عز وجل يؤتيها من شاء من عباده، لا راد لحكمه ولا معقب لأمره سبحانه وتعالى، وقد يريد الله تعالى بعبده خيرًا فيكتب له منزلة عالية في الدنيا أو في الآخرة، وعمل هذا العبد لا يبلغ هذه المنزلة الرفيعة فيبتليه الله تعالى، حتى يبلغه هذه المنزلة.
ومن هذا الابتلاء ابتلاؤه في جسده بمرض أو علة أو نحوها، وقد جاءت نصوص نبوية تنص على ذلك منها:
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمله فما يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغها» ([30]).
2- حديث إبراهيم بن مهدي السلمي عن أبيه عن جده عن رسول الله ﷺ قال: «إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صبره على ذلك حتى يبلغه التي سبقت له من الله تعالى» ([31]).
فالحديث الأولي عام في كل ابتلاء، والحديث الثاني فصل ذلك، وذكر من جملة الابتلاءات: الابتلاء في الجسد، ونص على نعمة أخرى وهي أن الله يرزق هذا المبتلى الصبر حتى تتحقق له تلك المنزلة العالية.
فحري بالمؤمن أن يرضى بما قدره الله تعالى عليه من أمراض ويصبر ويحتسب، ويفرح بذلك. كما كان السلف يرون أن الابتلاء نعمة. وفي هذا المعنى يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: «ما يسرني بليلة أمرضها حمر النعم» ([32]). فتأمل كيف أنه رضي الله عنه يفضل المرض على نفيس المال؛ لما في الأمراض والابتلاءات من الخير الكثير للمؤمن وسروره بالمرض لا يلزم أنه يدعو على نفسه به؛ بل هو يسأل الله العافية ، فإن مرض فرح بذلك. وهذا من تمام الرضى.
4- المرض دليل على أن الله أراد بعبده خيرا:
وهذا الخير لا يكون إلا للمؤمن الصابر المحتسب .. وقد دل على هذا الخير ما يلي:
1- حديث صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «عجبًا لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له ، وإن إصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» ([33]).
2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من يرد الله به خيرًا يصب منه» ([34]).
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: «وهذا يقتضي المصائب في المال والجسم أيضًا، وكل ذلك أجر ومحطة للوزر. وهذا لا خلاف فيه بين العلماء والحمد لله كثيرًا» أﻫ ([35]).
3- حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عن ذنبه حتى يوافي به يوم القيامة» ([36]).
قال الطيبي: «والمعنى: لا يجازيه بذنبه حتى يجئ في الآخرة متوفر الذنوب وافهيا فيستوفي حقه من العقاب» ([37]).
4- حديث أنس رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط» ([38]).
فدلت هذه الأحاديث وما في معناها على أن الخير لا يكون إلا للمؤمن، وأن الأمراض من علامات ذلك الخير، وأن تعجيل العقوبة في الدنيا خير من تأخيرها إلي الآخرة.
5- المريض يرزق الصبر:
من نعمة الله تعالى على المؤمن أنه إذا تصبر في البلاء صبره الله عز وجل، وأعطاه من القوة والقدرة ما يطيق به ذلك البلاء الذي نزل به؛ حتى إن الناظرين للمبتلى قد يكونون نفسيًا أشد تألمًا منه بما حل به من بلاء!! وكم شاهدنا زوارًا لمرضى تأثروا بما حل بالمريض، وظهر ذلك الأثر عليهم ، وربما استمر مدة من الزمن، وتجد أن نفسية المريض مرتاحة، وأن معنوياته عالية، رغم أن المرض قد يكون خطيرًا.
وهذا سببه الرضى بقدر الله تعالى، والتسليم لأمره، مع تصبير النفس على عدم الجزع والخوف؛ فيرزقه الله تعالى الصبر والرضي. وقد جاءت نصوص في هذا المعنى منها:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «إن الله تعالى ينزل المعونة على قدر المؤنة وينزل الصبر على قدر البلاء» وفي لفظ: «وينزل الصبر على قدر المصيبة» ([39]).
فدل الحديث على أن المصاب يرزق الصبر على قدر مصيبته وهذا سر تحمله وقوته، وقد مضى قوله ﷺ: «إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو ولده ثم صبره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى» ([40]).
فالعبد المبتلى إذا رضي وسلم ؛ رزقه الله تعالى الصبر، وجاء عن النبي ﷺ: أنه قال: «ومن يتصبر يصبره الله» ([41]).
مسألة في حكم الصبر على المصائب؟
الصبر على المصائب – ومنها الأمراض – ليس مباحًا أو مندوبًا كما يظن البعض؛ بل هو واجب، إذا قصر فيه المصاب يكون آثمًا ويحرم خيرًا كثيرًا؛ لأنه بعدم الصبر يحصل الجزع المؤدي إلي التسخط وعدم الرضى، ومن ثم الاعتراض على أقدار الله سبحانه وتعالى، وهذا مع ما فيه من ذهاب أجر كثير يخل بعقيدة العبد، وفيه مشاقه لله تعالى في حكمه وأمره، وكل ذلك مما لا يجوز. وسببه تخلف الصبر.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله -: «فإن الصبر على المصائب واجب» ([42]).
وقال العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى – عن الصبر: «وهو واجب بإجماع الأمة ، وهو نصف الإيمان فإن الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر» ([43]).
معيار الصبر المطلوب:
ذكر العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى – أن الصبر يتحقق بثلاثة أمور:
1- حبس النفس عن الجزع والسخط.
2- حبس اللسان عن الشكوى للخلق.
3- حبس الجوارح عن فعل ما ينافي الصبر ([44]).
وللعبد في ذلك مقامات أربع:
الأول: مقام العجز: وهو مقام الجزع والشكوى والسخط. وهذا ما لا يفعله إلا أقل الناس عقلاً ودينًا ومروءة، وهو أعظم المصيبتين.
الثاني: مقام الصبر: وهو إما أن يكون لله تعالى، وإما أن يكون للمروءة الإنسانية.
الثالث: مقام الرضى: وهو أعلى من مقام الصبر. وفي وجوبه نزاع، والصبر متفق على وجوبه.
الرابع: مقام الشكر: وهو أعلى من مقام الرضى؛ فإنه يشهد البلية نعمة؛ فيشكر المبتلى عليها ([45]).
6- أن المرض يؤدي إلي المحاسبة وعدمه يؤدي إلي الغرور:
وهذا الحكم أغلبي، وثابت بالتجربة والمشاهدة؛ فإن الإنسان إذا مرض رجع إلي ربه، وثاب إلى رشده، وبدأ يحاسب نفسه على التقصير في الطاعات، ويندم على الانغماس في الشهوات والمحرمات وسبب ذلك والله أعلم:
أ- أن المرض يحسس العبد بدنو الأجل والموت.
ب- وإما لأن الألم الذي يحسه. المريض يجعله يهرع إلي الله عز وجل.
ج- وإما لأن المرض يكسر الشهوات فيكون هم العبد حال مرضه الشفاء منه.
عن سعيد بن وهب قال: انطلقت مع سلمان إلي صديق له يعوده من كنده فقال: «إن المؤمن يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون كفارة لسيئاته ويستعتب فيما بقي. وإن الفاجر يصيبه الله تعالى بالبلاء ثم يعافيه؛ فيكون كالبعير عقله أهله لا يدري لما عقلوه ، ثم أرسلوه فلا يدري لما أرسلوه» ([46]).
وقال على بن الحسين رحمه الله تعالى: «إذا لم يمرض الجسد أشر، ولا خير في جسد ما يشر»([47]).
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «مصيبة تقبل بها على الله، خير لك من نعمة تنسيك ذكر الله» ([48]).
7- أن المرض سبب لرجوع العبد إلي ربه:
وهذه الفقرة متممة السابقة، فالابتلاء سبب في رجوع العباد إلي ربهم إذا أراد بهم خيرًا؛ ولذا يقول الله تعالى: } وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ { [الأنعام: 42].
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: (البأساء) يعني: الفقر والضيق في العيش. (والضراء) هي: الأمراض والأسقام والآلام، (لعلهم يتضرعون): أي يدعون الله ويتضرعون إليه ويخشعون ([49]).
ويقول تعالى: } وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ { [الأعراف: 168].
قال وهب بن منبه: «ينزل البلاء ليستخرج به الدعاء» ([50]).
وقال سفيان بن عيينة: «ما يكره العبد خير له مما يحب؛ لأن ما يكرهه يهيجه للدعاء، وما يحبه يلهيه» ([51]).
وقال يزيد بن ميسرة: «إن العبد ليمرض وماله عند الله من عمل خير؛ فيذكره الله سبحانه بعض ما سلف من خطاياه فيخرج من عينه مثل رأس الذباب من الدمع من خشية الله ، فيبعثه الله ، إن بعثه مطهرًا ، أو يقبضه إن قبضه مطهرًا» ([52]).
8- استمرار عمل المريض ما دام المرض يحبسه عنه:
جاءت نصوص كثيرة عن رسول الله ﷺ تدل على أن المريض يكتب له عمله ما دام أن المرض هو الذي يحبسه عن العمل ولولاه لعمله. ومن هذه النصوص ما يلي:
1- حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا» ([53]).
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -: «وهو في حق من كان يعمل طاعة فمنع منها ، وكانت نيته ـ لولا المانع ـ أن يدوم عليها» ([54]).
2- حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «ما من أحد يبتلى في جسده إلا أمر الله الحفظة فقال: اكتبوا لعبدي ما كان يعمل وهو صحيح ما كان مشدودًا في وثاقي» ([55]).
3- حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك الموكل به: أكتب له مثل عمله إذا كان طليقًا حتى أطلقه أو أكفته إلي» ([56]).
4- حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه يحدث عن النبي ﷺ قال: «ليس من عمل يوم إلا وهو يختم عليه، فإذا مرض المؤمن قالت الملائكة: يا ربنا! عبدك فلان قد حبسته، فيقول الرب: اختموا له مثل عمله حتى يبرأ أو يموت» ([57]).
مسألة: هل يكتب العمل السيئ للمريض؟
دلت النصوص السابقة على أن العمل يكتب للمريض، ولا شك في كتابة العمل الصالح؛ لأن الأحاديث فيه. لكن هذه النصوص لا تدل صراحة على الاقتصار على كتابة العمل الصالح وإنما يؤخذ ذلك من نصوص أخرى نصت على أن المكتوب هو العمل الصالح ومها:
1- حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إذا ابتلي المسلم ببلاء في جسده قيل للملك: اكتب له صالح عمله الذي كان يعمل، فإن شفاه غسله وطهره، وإن قبضه غفر له ورحمه» ([58]).
2- حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – السابق ذكره في رواية للإمام أحمد في المسند: قال رسول الله ﷺ: «إذا اشتكى العبد المسلم قال الله تعالى للذين يكتبون: اكتبوا له أفضل ما كان يعمل طلقًا حتى أطلقه» ([59]).
3- حديث أبي موسى – رضي الله عنه – السابق ذكره في رواية أ[ي داود والبغوي قال النبي ﷺ: «إذا كان العبد يعمل عملاً صالحًا فشغله عنه مرض أو سفر كتب له كصالح ما كان يعمل وهو صحيح مقيم» ([60]).
فالحديث الأول قال فيه: «اكتب له صالح عمله» وفي الثاني قال: «أفضل ما كان يعمل» وفي الثالث قال: «كتب له كصالح ما كان يعمل» ومفهوم هذه الأحاديث أن العمل السيئ لا يكتب، ويؤيد ذلك ما يلي:
أ- أنه ثبت أن العبد إذا هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة.
ب- أن عمله للسيئة غير متيقن فيما لو كان صحيحًا.
ج- أن الله تعالى رحيم بعباده، ورحمته وسعت كل شيء، وفضله وإحسانه على كل حي.
إذا فالمرض مع كونه مكفرًا للخطيئات، ما حيًا للسيئات، رافعًا للدرجات؛ فإنه أيضًا يحجر العبد عن مقارفة المعاصي والمحرمات. والطاعات التي كان يعملها حال صحته ، يكتب له أجرها ما دام المرض يحبسه عنها. ويتضح من ذلك: استفادة المريض من مرضه ثلاث فوائد عظيمة هي:
1- كتابة عمله الصالح الذي حبسه عنه المرض.
2- إقلاعه عن المحرمات لانشغاله بمرضه.
3- عدم كتابة السيئات التي شغله المرض عن مقارفنها.
وهذه نعمة عظيمة من الله تعالى لعباده المرضى المحتسبين تظهر لمن تأمل ذلك وتدبره ، فلله الحمد والشكر.
9- أن الأمراض سبب لدخول الجنة والنجاة من النار:
أما كون المرض سببًا للنجاة من النار؛ فقد ورد ذلك في ذكر الحمى وأنها حظ المؤمن من النار، والحمى هي: ارتفاع الحرارة في مصطلح الطب الحديث، ومن تلك النصوص التي تدل على ذلك:
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه عاد مريضًا ومعه أبو هريرة من وعك كان به فقال رسول الله ﷺ: «أبشر فإن الله عز وجل يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة» ([61]).
والوعك هو: الحمى، وقيل: ألم الحمى ([62]).
2- حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: «الحمى حظ كل مؤمن من النار»([63]).
أما كون المرض سببًا في دخول الجنة فقد جاء ذلك في ذكر من فقد بصره فصبر عوضه الله الجنة، وكذلك المرأة التي كانت تصرع أخبرها عليه الصلاة والسلام بأنها إن صبرت فلها الجنة.
فهذه النصوص في شأن الحمى والصرع تدل على أنهما سبب لدخول الجنة.
والأمراض تكفر الخطايا، وتزيد في الحسنات وهذان الأمران من أسباب دخول الجنة؛ إذ يخفف المرض من سيئات العبد في الميزان، ويرجح كفة الحسنات.
ينضم إلي ذلك أن الأمراض من جملة المصائب والمكارة التي يكرهها العبد ، والنبي ﷺ يقول: «حفت الجنة بالمكارة ، وحفت النار بالشهوات» ([64]).
10- أن الصحة لا تكون محمودة دائمًا:
مما لا شك فيه أن الصحة نعمة من الله تعالى، والعبد مأمور أن يسأل الله تعالى العافية. وإن ابتلي فهو مأمور بالصبر؛ لكن ليس بالضرورة أن يكون الرجل الصحيح محمودًا دائمًا. بل هو أقرب إلى الذم؛ لأن المؤمن قريب من الابتلاء حتى يكفر الله عنه خطاياه. والذي لا يمرض أبدًا لا يحصل له هذا الخير من تكفير الخطايا ورفع الدرجات.
لذا جاءت النصوص النبوية تفيد أن الذي لا يبتلى أبدًا محل ذم، وأن من علامة محبة الله تعالى للعبد ابتلاءه كما في الحديث: «وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم» ([65]).
أما كون الصحة ليست محمودة على الدوام فهناك نصوص دل على ذلك منها:
1- حديث أنس رضي الله عنه أن امرأة أتت النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله: ابنة لي كذا وكذا ذكرت من حسنها وجمالها فآثرتك بها فقال: قد قبلتها فلم تزل تمدحها حتى ذكرت أنها لم تصدع ولم تشتك شيئًا قط، قال: لا حاجة لي في ابنتك» ([66]).
2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخل أعرابي على رسول الله ﷺ فقال له رسول الله ﷺ: «هل أخذتك أم ملدم؟» قال: وما أم ملدم؟ قال: «حر بين الجلد واللحم» قال: ما وجدت هذا قط، قال: «فهل أخذك الصداع؟» قال: وما الصداع؟ قال: «عرق يضرب على الإنسان في رأسه» قال: ما وجدت هذا قط، فلما ولى قال: «من أحب أن ينظر إلي رجل من أهل النار فلينظر إلي هذا» ([67]).
قال ابن حبان رحمه الله تعالى: «قوله ﷺ: «من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا» لفظة إخبار عن شيء مرادها الزجر عن الركون إلى ذلك الشيء، وقلة الصبر على ضده، وذلك أن الله جل وعلا جعل العلل في هذه الدنيا والغموم والأحزان سبب تكفير الخطايا عن المسلمين؛ فأراد ﷺ إعلام أمته أن المرء لا يكاد يتعرى عن مقارفة ما نهى الله عنه في أيامه ولياليه، وإيجاب النار له بذلك إن لم يتفضل عليه بالعفو، فكأن كل إنسان مرتهن بما كسبت يداه، والعلل تكفر يعضها عنه في هذه الدنيا لا أن من عوفي في هذه الدنيا يكون من أهل النار» أﻫ ([68]).
4- حديث يحيى بن سعيد أن رجلاً جاءه الموت في زمان رسول الله ﷺ فقال رجل: هنيئًا له، مات ولم يبتل بمرض. فقال رسول الله ﷺ: «ويحك وما يدريك لو أن الله ابتلاه بمرض يكفر به من سيئاته» ([69]).
5- ما رواه الرباب القشيري قال: «دخلنا على أبي الدرداء نعوده؛ فدخل عليه أعرابي فقال: ما لأميركم؟ - وأبو الدرداء يومئذ أمير – قال: قلنا: هو شاك، قال: والله ما اشتكيت قط – أو قال: والله ما صدعت قط – فقال أبو الدرداء: أخرجوه عني، ليمت بخطاياه، ما أحب أن لي بكل وصب وصبته حمر النعم، إن وصب المؤمن يكفر خطاياه» وفي لفظ لابن أبي شيبة فقال: «بؤس لهذا يموت بخطيئاته» ([70]).
6- عن سعيد بن مسروق عن منذر قال: «جاء ناس من الدهاقين إلي عبد الله بن مسعود فتعجب الناس من غلظ رقابهم وصحتهم قال: فقال عبد الله: إنكم ترون الكافر أصح الناس جسمًا، وأمرضهم قلبًا، وتلقون المؤمن من أصح الناس قلبًا وأمرضهم جسمًا، وايم الله لو مرضت قلوبكم وصحت أجسامكم لكنتم أهو على الله من الجعلان» ([71]).
11- أن الأمراض تصلح القلوب:
يقول العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: «انتفاع القلب والروح بالآلام ولأمراض لا يحس به إلا من فيه حياة. فصحة القلوب والأرواح موقوفة على الآم البدن ومشاقها» ([72]).
ويقول أيضًا: «أن يعلم أنه لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلاً وآجلاً، فمن رحمة أرحم الرحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية من هذه الأدواء، وحفظًا لصحة عبوديته، واستفراغًا للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه. فسبحان من يرحم ببلائه ويبتلى بنعمائه كما قيل:
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت عظمت | ||
ويبتلي الله بعض القوم بالنعم | ||
فلولا أنه سبحانه يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغوا وبغوا وعتوا، والله سبحانه إذا أراد بعبده خيرًا سقاه دواء من الابتلاء والامتحان على قدر حاله يستفرغ به من الأدواء المهلكة حتى إذا هذبه ونقاه وصفاه أهله لأشرف مراتب الدنيا وهي عبوديته، وأرفع ثواب الآخرة وهو رؤيته وقربه» أﻫ ([73]).
12- أن الأمراض تذكر العبد نعمة الصحة:
ذلك أن العبد قد يرفل في الصحة زمنًا طويلاً فيغفل عن التفكر في عظيم هذه النعمة، ويقصر في شكر المولى سبحانه وتعالى عليها، فلم يبتلى بالمرض يعرف قدر هذه النعمة العظيمة، لأن المرض قد يعطله عن مصالحة الدينية والدنيوية. ولذلك قال النبي (: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ» ( ). فالإنسان قد يوجد عنده الفراغ؛ لكنه لا ينتفع به لانشغاله بمرضه وآلامه. ولا تكتمل نعمة الفراغ إلا مع وجود الصحة؛ فيحصل الشكر على الصحة بسبب تذكير المرض لعظيم نعمتها.
13- أن الأمراض تنبه العبد إلي حال إخوانه المرضي:
العبد حال صحته قد لا يدرك معاناة إخوانه المرضى سواء أكانت هذه المعاناة جسدية ـ كالآلام والأوجاع التي يئن المريض تحت وطأتها ـ أم كانت نفسية ـ كالخوف من المرض ونتائجه ـ أم كانت المعاناة بما يحيط بالمريض من أهل وأولاد؛ فيتأثرون لمرضه لا سيما إذا كان مرضه يقعده عن العمل ولا دخل لأهله وأولاده إلا من عمل عائلهم؛ فيصبح المريض يعاني نفسيًا بسبب ما يحيط بأهله وأولاده من قله ذات اليد مع معاناته لآلام المرض ونتائجه.
وكذلك أهله وأولاده يعانون فقد عائلهم، وذهاب نفقتهم. فكيف إذا انضم إلي ذلك مصاريف الفحص والعلاج والرعاية الصحية وغير ذلك. فالمقصود أن العبد إذا مرض وعانى تلك المعاناة، وتفاقمت عليه المشكلات فإن هذا يدعوه إلي تذكر حال إخوانه المرضى ممن هم أقل رزقا منه، وأضعف حالاً، وأكثر أولادًا؛ فيرثي لحالهم، ويدعوه ذلك إلى مساعدتهم ومساعدة أولادهم بالنفقة والصدقة ونحو ذلك.
14- الأمراض تكسب العبد أصدقاء جدد:
إذا رقد المريض على السرير الأبيض؛ فإنه سيتعرف على إخوانه المرضى سواء أكانوا معه في الغرفة أم الجناح أم القسم؛ حيث يصلون في مصلى واحد، ويأنس بعضهم ببعض؛ فيكسب بذلك إخوانًا يدعون له ويدعو لهم. وربما استمرت العلاقة مدة طويلة حتى بعد زوال المرض، ومن مظان إجابة الدعاء دعوة المريض.
وما أعظمها من نعمة حينما يتعرف العبد على عدد كبير من إخوانه المرضى فيلحون على الله تعالى بالدعاء له، وذكره بالخير؛ لما كان يسديه لهم من معروف وإحسان، ومن من المسلمين لا يريد أن يدعو له إخوانه فكيف إذا كان هؤلاء الداعون له ممن يظن أنهم قريبون من الإجابة؟!
الخاتمة
في نهاية هذه الرسالة المختصرة ظهر لك – أيها القارئ – ما ينتج عن الأمراض من فوائد وثمرات عظيمة لمن كان مؤمنًا بالله صابرًا محتسبًا.
فيجب على من أصيب بالمرض أن يحتسب ويصبر، ويحمد الله تعالى على نعمه، ويعتبر بما أصابه، ثم يستعرض هذه الفوائد وغيرها، فإن ذلك سيكون عزاءً له وتسلية؛ بل ويكون سببًا في فرحه بالمرض والبلاء إذا علم ما فيه من الأجر والثواب.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
* * * *
الفهرس
المقدمة 6
فوائد الأمراض.. 8
1- أن فيها تكفير الخطايا ومحو السيئات: 8
2- أن في المرض رفع الدرجات وزيادة الحسنات: 14
3- أن الأمراض سبب لبلوغ المنازل العالية: 20
4- المرض دليل على أن الله أراد بعبده خيرا: 22
5- المريض يرزق الصبر: 23
معيار الصبر المطلوب: 25
6- أن المرض يؤدي إلي المحاسبة وعدمه يؤدي إلي الغرور: 26
7- أن المرض سبب لرجوع العبد إلي ربه: 27
8- استمرار عمل المريض ما دام المرض يحبسه عنه: 28
9- أن الأمراض سبب لدخول الجنة والنجاة من النار: 31
10- أن الصحة لا تكون محمودة دائمًا: 32
12- أن الأمراض تذكر العبد نعمة الصحة: 36
13- أن الأمراض تنبه العبد إلي حال إخوانه المرضي: 36
14- الأمراض تكسب العبد أصدقاء جدد: 37
الخاتمة 38
الفهرس. 39
* * * *
([1]) أخرجه أحمد (1/11)، وأبو يعلى (98)، وابن حبان (2910)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (3/74)، والبيهقي في الكبرى (3/373)، والطبري في تفسيره (10523)، وأخرجه أحمد عن عائشة بنحوه (6/218)، والطيالسي (1584)، والترمذي وقال: حسن غريب (2991)، وأخرجه أحمد عن أبي هريرة بنحوه (2/249)، ومسلم (2574)، والترمذي (3038)، والبيهقي (3/373)، وغيرهم.
([2]) أخرجه أحمد (3/346) و(3/386)، والبخاري في الأدب المفرد (508)، والبزار (768)، وابن عبد البر في التمهيد (24/59) قال الهيثمي في المجتمع: ورجال أحمد رجال الصحيح (2/301).
([3]) أخرجه أحمد (2/450)، والترمذي (2399) وقال: حسن صحيح، والبغوي (1436)، والبيهقي (3/374)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (1/346)، وابن حبان (2913) و(2924).
([4]) أخرجه البخاري (5641 – 5642)، ومسلم (2573).
([5]) تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (7/80).
([6]) أخرجه أحمد (4/98)، والحاكم (1/347) وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وعزاه الهيثمي للطبراني في الكبير الأوسط. وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح، انظر: مجمع الزوائد (2/301) وصححه الألباني في صحيح الجامع (5724).
([7]) أخرجه الطبراني في الكبير (8/115) قال الهيثمي: ورجاله ثقات (2/302) وعزاه الألباني للضياء المقدسي وابن أبي الدنيا والروياني وصححه في صحيح الجامع (5743).
([8]) أخرجه أبو داود (3092) وصححه الألباني في صحيح الجامع (37) وفي الصحيحة (714).
([9]) أخرجه أحمد (3/30)، وأبو يعلى في مسنده (995)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2219)، وصححه ابن حبان (2928) وقال الهيثمي في الزوائد: ورجاله ثقات (2/301).
([10]) شرح مشكل الآثار (2219).
([11]) أخرجه مسلم (2688)، والترمذي (3483).
([12]) أخرجه مسلم (3006)، وأبو داود واللفظ له (1532).
([13]) وهو حديث أنس رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي ﷺ: «أي دعاء أفضل؟ قال: «سل ربك العافية والمعافاة في الدنيا والآخرة.....» أخرجه الترمذي (3507)، وابن ماجه (3848).
([14]) شرح النووي على صحيح مسلم (17/22).
([15])
([16]) أخرج هاتين الروايتين الطحاوي في شرح مشكل الآثار بسند صحيح (5/464 – 465)، وعزاه الهيثمي للطبراني في الكبير وحسن إسناده (2/301)، وانظر: مصنف ابن أبي شيبة (2/442) برقم (10821)، والتمهيد (23/26)، والاستذكار (27/25).
([17]) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (114 – 115).
([18]) فتح الباري لابن حجر (10/109 – 110).
([19]) شرح النووي على مسلم (16/ 193).
([20]) أخرجه البخاري (5661)، ومسلم (2571).
([21]) أخرجه ابن ماجة (4024)، وأبو يعلى (1041)، وأحمد (3/94)، والحاكم وصححه ووافقه الدهبي (4/307) وقال البوصيري في الزوائد: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات (3/248).
([22]) أخرجه أحمد (6/215) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2211) وسنده صحيح.
([23]) أخرجه مسلم (2572) (51) قال الحافظ: (أو) يحتمل أن يكون شكًا من الرواي ويحتمل التنويع وهذا أوجه .. الفتح (10/109).
([24]) أخرجه مسلم (2572) (46).
([25]) أخرجه الطبراني في الأوسط (2460) وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد (2/304) قال الحافظ في الفتح: وسنده جيد. (10/109). وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة 4456
وضعيف الترغيب 1996
([26]) شرح النووي على مسلم (16/193).
([27]) انظر: شرح مشكل الآثار (5/476).
([28]) فتح الباري (10/109).
([29]) انظر تخريجه ص 19 هامش (1).
([30]) أخرجه أبو يعلى (6095)، والحاكم وصححه (1/495)، وابن حبان (2908) وعزاه الهيثمي في المجمع لأبي يعلى، وقال: ورجاله ثقات (2/292).
([31]) أخرجه أبو داود (3090) وعزاء الحافظ ابن حجر للإمام أحمد وقال: رجاله ثقات. انظر: فتح الباري (10/114).
([32]) مصنف ابن أبي شيبة (2/442) برقم (10822).
([33]) أخرجه مسلم (2999)، وأحمد (4/332)، والدارمي (2/318)، والطبراني في الكبير (6/73)، وابن حبان (2896).
([34]) أخرجه البخاري (5645)، ومالك (941)، وأحمد (2/237).
([35]) الاستذكار (27/25).
([36]) أخرجه الترمذي (250)، والحاكم (4/608) وحسنه الألباني في المشكاة (1565)، والصحيحة (1220).
([37])شرح الطيبي على المشكاة (4/1350)، وانظر: تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي (7/77).
([38])أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه (2507)، وانظر: تحفة الأحوذي (7/777).
([39]) أخرجه البزار كما في الزوائد لابن حجر (156)، وذكره الألباني في الصحيحة (1664)، وعزاه في صحيح الجامع للبيهقي والحاكم (1952).
([40]) انظر تخريجه ص (22) هامش (2).
([41]) أخرجه البخاري (6470)، ومسلم (1053) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
([42]) مجموع الفتاوى (8/191).
([43]) مدارج السالكين بين إياك نعبد وإياك نستعين (2/152).
([44]) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (13، وانظر: المدارج (2/156).
([45]) عدة الصابرين (91).
([46]) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/441) برقم (10813).
([47]) أخرجه ابن أبي شيبة (2/442) برقم (10826).
([48]) تسلية أهل المصائب (226).
([49]) تفسير القرآن العظيم (2/180).
([50]) الشكر لابن أبي الدنيا (132).
([51]) الفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا (22).
([52]) عدة الصابرين (115).
([53]) أخرجه أحمد (4/410)، والبخاري (2996)، وابن أبي شيبة (2/441)، وابن حبان (2929).
([54]) فتح الباري (6/136).
([55]) أخرجه ابن أبي شيبة (3230)، وابن عبد البر في الاستذكار (27/23)، ونحوه عند أحمد (2/198)، والحاكم وصححه على شرط الشيخين، قال الهيثمي: رواه أحمد البزار والطبراني في الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح (2/303).
([56]) أخرجه أحمد (2/203)، والبغوي في شرح السنة (1429)، والدارمي بنحوه (2/316)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (1/348)، وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب (4/150)، وصححه الهيثمي في الزوائد (2/303).
([57]) أخرجه أحمد (4/146)، والحاكم وصححه (4/308)، والبغوي في شرح السنة (1428)، وعزاه الألباني لابن أبي الدنيا في المرض والكفارات وصححه كما في صحيح الجامع (5432)، والسلسلة الصحيحة (2193).
([58]) أخرجه أحمد في المسند (3/148 – 258)، والبغوي في شرح السنة (1430)، وحسنه الألباني في تخريجه للمشكاة (1/492).
([59]) أخرجه أحمد (2/205)، وأبو نعيم في الحلية (8/309) وله روايات وطرق استوفاها الألباني في السلسلة الصحيحة (1232).
([60]) انظر: سنن أبي داود (3091).
([61]) أخرجه أحمد (4/440)، وابن ماجه (3470)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (1/345).
([62]) شرح النووي على صحيح مسلم (16/363).
([63]) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (765)، وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب (4/155)، والهيشمي في الزوائد (2/ 306)، والدمياطي في المتجر الرابح (1807).
([64]) أخرجه البخاري (6487)، ومسلم واللفظ له (2822).
([65]) هذا قطعة من حديث أنس «إن عظم الجزاء..» أخرجه الترمذي وحسنه (2398).
([66]) أخرجه أحمد (3/154)، وأبو يعلى (4234)، والبيهقي في الشعب (9909) قال الهيثمي في الزوائد: رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله ثقات (2/294).
([67]) أخرجه أحمد (2/332)، والبخاري في الأدب المفرد (495)، والبزار (778)، والبيهقي في الشعب (9907)، والحاكم وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي (1/347)، وصححه ابن حبان (2916)، وحسنه الهيثمي (2/294).
([68]) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (7/179).
([69]) أخرجه مالك (942) قال ابن عبد البر: لا أعلم هذا الخبر بهذا اللفظ يستند عن النبي ﷺ من وجه محفوظ أﻫ. (24/57) قال الألباني في تخريجه لمشكاة المصابيح: «مرسل صحيح الإسناد» (1/496).
([70]) أخرجه عبد الرزاق (11/198)، وابن أبي شيبة (2/442) برقم (10818).
([71]) أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/135) واللفظ له، وأحمد في الزهد (902)، ونحوه عند هناد في الزهد (247).
([72]) شفاء العليل (524).
([73])