سَنَابِلُ الْحَسَنَاتِ ... الأَعْمَالُ ذَوَاتُ الأُجُورِ المُضَاعَفَاتِ
من نوَّعَ أعمالَه الصالِحة تنوَّعَت لذَّاتُهُ في الآخرة، والعملُ يتضاعَفُ بالإخلاصِ، ويتعدد الأجر بتعدد النيّة في العمل، بل إنّ النيّة الحسنة تجعل العمل المباح قربة يؤجر عليها المسلم، ووسيلة إضافية لاحتساب ثوابه، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ عَشْـرَ حَسَنَاتٍ إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ، ومن علامةِ قَبُولِ الحسنةِ الحسنةُ بعدها، والمُسلمُ لا يحتقِرُ أيَّ عملٍ صالحٍ، فلا يدري ما الذي يُدخِلُه الجنةَ منه، فينبغي للمرءِ ألّا يزهَدَ في قليلٍ من الخيرِ أن يأتيَه، ولا في قليلٍ من الشَرِّ أن يجتنِبَه؛ فإنّه لا يعلَم الحسنةَ التي يرحمُه الله بها، ولا السيئةَ التي سخَطُ عليه بها، وخصَّ الله سبحانه أعمالاً يسيرةً بثوابٍ جزيلٍ مُضاعَفٍ عنده. وممّا لا شك فيه، أنّ معرفة الأجور المترتبة على هذه الأعمال، تدفع أصحاب الهمم العالية إلى التسابق إليها، ومن الناس ناسًا يعيشون مرَّات وكرات؟! يعيشون في مصـرهم وغير مصـرهم، يحيون في عصـرهم وفي غير عصرهم، وكلما مرَّ الزمان عليهم، طال عمرهم أكثر، وغنموا من الأعمال أكثر وأكثر، تقول: يا ليتني كنت منهم فأفوز فوزًا عظيمًا! فهل تعلم أنّه يمكنك أن تكون منهم إذا شئت، وأدركتك رحمة أرحم الراحمين!؛ إنهم العُلَماء والدعاة إلى الله تعالى، ومَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، ومَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ، ومَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، وآخرين مِمَّن كانت لهم أعمال يجري ثوابها بعد الممات؛ اللهم اجعلنا منهم. ومن عجَزَ عن عملٍ أو قولٍ لعُذرٍ وهو صادقُ النيَّةِ في ذلك أعطاه الله بكرمِهِ أجرَ العاملين وإن لم يعمَلْه، ومن تمنَّى أنّ عندَه مالاً ليتصدَّقَ به نالَهُ أجرُ المُتصدِّقين، ومن أحبَّ أحدًا حُشِرَ معه وإن لم يكُن مِثلَه، وفي زمنِ الفِتَنِ وتلاطُمِ المِحَن يُضاعِفُ الله عزّ وجلّ ثوابَ الأعمال؛ فالقابِضُ على دينه في آخر الزمانِ له أجرُ خمسين من الصحابة، وعبادةٌ في الهَرْجِ كهِجرةٍ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإذا سافرَ العبدُ أو مرِضَ؛ كتبَ اللهُ بفضلهِ أجرَه صحيحًا مُقيمًا، والهمُّ والحُزنُ يحُطُّ الخطايا والأوزار.