×
الشيخ عبد الرحمن أبو حَجَر المستغانمي الجزائري: ـ هو عبد الرّحمن بن محمّد(صفيّ الدّين) بن الحسن، أبو حجَر الحَسَنيّ. ـ وُلد في الجزائر بمدينة «مُسْتَغَانِم» في عام (1870م)، حوالي (1286هـ). ـ ينتهي نَسَبُهُ إلى السَّيِّد بوحجر؛ دفين منطقة «عين تموشنت»، بالمكان المعروف بِـ: حمام بوحجر: بلديّة حمّام بوحجر، دائرة حمّام بوحجر، ولاية عين تموشنت، تقعُ على بُعد 20 كلم مِن مدينة تموشنت وعلى بعد 60 كلم من مدينة وهران. ـ نشأ الشّيخ عبد الرّحمن أبو حجر نشأة علميّة دينيّة فحفظ القرآن، وتربَّى في دُورِ العِلم في الجزائر، وتلقّى العلومَ الشّرعيّة على كبارِ علماءِ بلدِهِ. ـ قَدِمَ الشّيخ أبو حجر إلى القاهرة «أوائل القرن الرّابع عشر»، وتعرّف على الشّيخ محمّد رشيد رضا صاحب «المنار»، وصَارَ مِن أصحابه وتوثّقت العُرَى بَينهُ وبينَ تلاميذِهِ، الّذين اشتهَرُوا بالسَّلفيَّة في ذاك الزّمان: الشّيخ عبد الظّاهر أبو السّمح، والشّيخ محمّد عبد الرّزّاق حمزة والشّيخ حامد الفقّي وغيرهم، وهؤلاء مِن تلاميذ الشّيخ رشيد رضا، ومِن الفقهاء المتخرّجين من الأزهر، انتخبهم رشيد رضا، فدرسوا عليه في «مدرسة الدّعوة والإرشاد» الّتي أسّسها السّيّد رشيد «لنشر العقيدة السّلفيّة ودراسة علم الحديث وفقه السّنّة». ـ كان الشيخ أبو حجَر يُعاون الشيخ رشيد رضا في تصحيح ما يَطبع في مطبعة «المنار» من الكتب العلميّة. ـ عرف الشيخ أبو حجر السّلفيَّةَ، وَصارَ يدعو إليها منذُ سنة (1909م = حوالي 1328هـ). ـ اشتغلَ بالتّجارة وطوَّفَ في سبيلها، وفي سبيلِ الدّعوةِ إلى اللهِ بلادًا كثيرةً، حتَّى بلغ السُّودان حوالي سنة (1917م)، وأقام ما شاء الله أن يُقيم متنقّلاً بين رُبُوعه وقبائله داعيًا إلى توحيد الله تعالى وإخلاص الدِّين له حتَّى ترك هناك أَطْيَبَ الأثر لدعوته الإسلاميّة. ـ طردته السُّلطات البريطانيّة من السودان لفتاويه الجريئة، ورحَّلوه إلى مصر، وقد كان طَلَب ترحيله إلى الحجاز أو بلدِهِ (الجزائر)، ولكن كانت الحرب العالميّة الأولى دائرةً والغوّاصات الألمانيّة في البحر الأحمر وفي البحر الأبيض المتوسِّط، وهناك خطورةٌ في السّفر للحجاز أو الجزائر. ـ أقام بمصر، وفي أثناءِ إقامته صدع بالدَّعوة إلى التّوحيد الخالص والتّمسّك بهَدْيِ المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، ونبذ الشّرك والبدعة والخرافة، وكانت المدن تعجّ بمثل هذه الجهالات وتكثر مظاهر الشّرك والبدعة من بناء الأضرحة والمشاهد والمقامات وطواف النّاس حولها وسؤال الموتى النّفع ودفع الضّرّ، وذكر الله بالطّبول والرّقص... إلى غير ذلك، فلاقى الشّيخ أبو حجر ما لاقى من الصّعوبات والشّدائد، ولكنّه أقام بها محتسبًا صابرًا داعيًا إلى الله. ـ وظلَّ في مصر إلى أن استولى الملكُ عبد العزيز على الحجاز، فرحل إليه، وَكان قدومُ الشيخ أبو حجر إلى الحجاز مع بداية العهد السُّعوديّ، ووِفادةِ العلماء السّلفيِّين على الملك عبد العزيز، قَدِمها سنةَ (1345هـ) بمعيَّةِ الشّيخين عبد الظّاهر وابن عبد الرّزّاق، وقد رشّحهم الشيخ رشيد رضا. ـ تَمَّ تَعيينُهُ مُدرِّسًا في المسجد الحرام مع غيره من العُلماء الأفاضل، لتدريس التّوحيد والتّفسير والحديث والفقه واللّغة العربيّة. ومِن أَشهرِ مَن درَّسهُم بِالمسجد الحرام: الشيخ عبد الله خيَّاط إمام وخطيب المسجد الحرام فيما بَعدُ. ـ وفي 18/1/1347هـ صدر مرسومٌ ملكيٌّ جديد يشكّل هيئة لمراقبة الدُّروس والتّدريس في الحرم، وكان أبو حجر مِن أعضائها. ـ كما اختِيرَ عُضوًا في هيئة التدريس بمدرسةِ المُطَوِّفِين التي أُنشئت في 23 محرم 1347هـ، يُدرِّسُ التوحيد والفقه. ـ انتقلَ إلى «جُدّة»، وَعُيِّن رئيسًا لهيئة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر. ـ حوالَي سنة: (1355هـ) عُيِّنَ خطيبًا ومدرِّسًا في مسجد «عُكَّاشْ» بِجُدّة؛ أكبر المساجد في ذلك الوقت، وهو مسجدٌ عتيقٌ ومنارة علميّةٌ تأسّس في القرن الحادي عشر، في وسطِ السّوق العامّ، ومُتسوّقةُ جُدّةَ مِن كثيرٍ مِن بلاد العالم يُصلُّون في هذا المسجِدِ ويحضرونَ دروسهُ ويستمعون إلى خطبةِ الجمُعةِ فيهِ، فكان الشّيخ أبو حجر ينشرُ عقيدةَ السّلف مِن خلالِ منبرِهِ وحلقاتِ العلمِ فيهِ. ـ تُوفِّي الشّيخ عبد الرَّحمن أبو حجر مساءَ الخميس 21 محرّم 1359هـ الموافق: 29/2/1940م. ـ بعثَ الملكُ عبد العزيز آل سعود إلى أسرتِهِ برقيّةَ عزاءٍ ومواساةٍ، وفيها ذكرُ وصيّتِهِ للشّيخ عبد الله السّليمان (وزير الماليّة) بِحُسن رعايتِهم وإجراءِ راتبِ التّقاعُدِ لهم. ـ قال صديقه الشّيخ حامد الفقِّي: «وما زال طُولَ حياته يُجاهد ويدعو إلى اللهِ بلسانه وقلمه، وكان حُلْوَ المجلس، حاضِرَ البديهة، لطيف الفُكَاهة، خالِصَ الوُدِّ لإخوانه الموحِّدِين ... عوَّضنا اللهُ فيهِ خيرًا وآجَرَنا في مصيبتنا فيهِ»اهـ. ـ مِن مؤلفاته قصيدة الدُّرُّ المَنظُوم في نُصرَةِ النَّبِيِّ المعصوم، طُبعت لأوَّل مرّةٍ بمطبعة أم القرى بمكة سنة (1360هـ)؛ أي بعد وفاته (رحمه الله تعالى) بقليلٍ.