×
المعاكسات الهاتفية منكرٌ عظيمٌ وفسادٌ عريض وشرٌّ مستطير، تخرب بسببه البيوت العامرة، وتنقطع بسببه أواصر المودة والمحبة بين الأهل والأصدقاء والأقارب والجيران، وشرٌّ تضيع بسببه الأم ويتشرَّد الأبناء، وفي هذا الكتاب بيان سبب هذه المشكلة، وطُرق علاجها.

 المعاكسات الهاتفية .. حسرات واعترافات

القسم العلمي بمدار الوطن

 المقدمة

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاما على نبيه المصطفى أما بعد:

فإن المعاكسات الهاتفية منكرٌ عظيمٌ وفسادٌ عريض وشر مستطير.

منكر تخرب بسببه البيوت العامرة.

وفساد تنقطع بسببه أواصر المودة والمحبة بين الأهل والأصدقاء والأقارب والجيران.

وشر تضيع بسببه الأم ويتشرد الأبناء، فكم من فتاة انتهك عرضها بسبب المعاكسات الهاتفية!

وكم من زوجة أغراها ذئبٌ قذر عن طريق المعاكسات الهاتفية!

وكم من شاب عفيف أغرته فتاة من فتيات الهوى عن طريق المعاكسات الهاتفية فوقع في الحرام وتلوث بالرذيلة!

إنها قضية خطيرة يمكن أن تعصف بمجتمعنا إن لم نولها مزيدا من العناية، في محاولة لوضع الحلول المناسبة التي تعمل على تحجيمها أولا والقضاء عليها ثانيا.

وهذه محاولة سريعة لمعرفة جذور هذه المشكلة وطرق علاجها. والله الموفق.

الناشر

 الهاتف نعمة

من النعم العظيمة في هذا العصر هذا الجهاز الصغير الذي يوضع في أية زاوية من زوايا البيت، إنه جهاز الهاتف الذي يمكن بواسطته محادثة الآخرين، وإن نأت بهم الديار، وحالت دون الوصول إليهم الصحاري والبحار.

فمن فوائد هذا الجهاز:

1- بر الوالدين:

فالإنسان يستطيع من خلال الهاتف أن يسأل عن والديه ويكلمهما ويطمئن عليهما ويزيل ضيقهما، ويطلب منهما الدعاء وغير ذلك.

2- صلة الأرحام:

بالسؤال على الأعمام والأخوال والعمات والخالات وأبنائهم، ومد جسور المحبة والمودة بينه و بينهم.

3- الاطمئنان على الأهل والأبناء حال السفر:

فالمسافر يكون مشغولا جدا على زوجته وأبنائه وأهله، فإذا كلمهم عن طريق الهاتف ولو لدقيقة واحدة زال همه وذهب قلقه.

4- السؤال عن الأصدقاء:

وتفقد أحوالهم وإدخال السرور على قلوبهم.

5- السؤال عن المرضى: إذا لم يستطع الإنسان زيارة المريض، فلا أقل من أن يهاتفه ويطمئن على صحته ويدعو له بالشفاء.

6- التعزية:

فالإنسان قد يكون مسافرا أو مشغولا لا يستطيع الذهاب لقضاء حق العزاء، فيأتي الهاتف ليحل هذه المشكلة ويرفع الحرج عن المعزي.

7- التهنئة:

ولها أسباب كثيرة منها التهنئة بالزواج والنجاح والشفاء والقدوم من السفر والقدوم من الحج والأعياد والمواسم الفاضلة كرمضان.

8- طلب العلم:

حيث إنه يمكن الاتصال على العلماء وسؤالهم والاستفادة من علمهم.

9- إنجاز الأعمال:

فإن معظم الأعمال والتجارات والمعاملات بين الأفراد والشركات والتجار وغيرهم تتم عن طريق الهاتف.

10- طلب النجدة والمساعدة:

فإذا وقع الإنسان في ورطة أو تعرض لحريق أو اعتداء أو حرج مفاجئ فإنه يستخدم الهاتف في طلب المساعدة من قبل الجهات المختصة كالشرطة والمطافئ والمستشفيات وغيرها.

 كيف نشكر النعمة؟

فالهاتف إذن نعمة عظيمة، والنعمة تحتاج إلى شكر، والشكر يكون بأمور:

الأول- خضوع الشاكر للمشكور.

الثاني- حبه له.

الثالث- اعترافه بنعمته.

الرابع- ثناؤه عليه بها.

الخامس- ألا يستعمل النعمة في معصية المنعم.

فأنت يا من تستخدم الهاتف في المعاكسات واصطياد الغافلين والغافلات.

كيف تكون شاكرا وأنت تفسد في الأمة الإسلامية؟

كيف تكون شاكرا وأنت تحاول تدنيس أعراض المسلمين والمسلمات؟

كيف تكون شاكرا وأنت تدمر البيوت وتشرد الأبناء وتزرع العداوة والبغضاء بين المسلمين؟

كيف تكون شاكرا وأنت تبارز ربك بالمحاربة وتستخدم نعمته أداة لمعصيته؟

أفق أيها المعاكس وأنت أيتها المعاكسة قبل أن تدرككما عقوبة الله تعالى التي لا تبقي ولا تذر! قال الله تعالى: ﴿قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها﴾ [الشمس: 9، 10].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات»([1]) .

 حكم المعاكسات الهاتفية

لا يشك عاقل في تحريم المعاكسات الهاتفية وشدة خطورتها على الفرد والأسرة والمجتمع، فهي بريد الزنا، ووسيلة من وسائل الشيطان للوقوع في الفاحشة .. قال الشيخ بكر أبو زيد: «كنت أظن المعاكسة مرضا تخطاه الزمن، وإذا بالشكوى تتوالى من فعلات السفهاء في تتبع محارم المسلمين في عقر دورهن، فيستجرونهن بالمكالمات والمعاكسة السافلة».

ومن السفلة من يتصل على البيوت مستغلا غيبة الراعي ليتخذها فرصة عله يجد من يستدرجه إلى سفالته، وهذا نوعٌ من الخلوة أو سبيل إليها، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري ومسلم: «إياكم والدخول على النساء» أي الأجنبيات عنكم. فهذا وأيم الله حرام حرام، وإثمٌ وجناح، وفاعله حري بالعقوبة، فيخشى عليه أن تنزل به عقوبة تلوث وجه كرامته.

ومما ينسب للإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

إن الزنا دينٌ فإن أقرضته

كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

نعوذ بالله من العار ومن خزي أهل النار

 آداب الهاتف

فتوى:

سئل الشيخ ابن جبرين السؤال التالي:

ما الحكم فيما لو قام شاب غير متزوج وتكلم مع شابة غير متزوجة في التليفون؟

فأجاب: لا يجوز التكلم مع المرأة الأجنبية بما يثير الشهوة، كمغازلة وتغنج وخضوع في القول، سواء كان في التليفون أو في غيره، لقوله تعالى: ﴿فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ﴾ [الأحزاب: 32].

فأما الكلام العارض لحاجة فلا بأس به إذا سلم من المفسدة، ولكن بقدر الضرورة ([2]) .

أين مراقبة الله؟

أيها المعاكس: أما سمعت قول الله تعالى: ﴿ما يلفظ من قول إلا لديه رقيبٌ عتيدٌ﴾ [ق: 18].

أما علمت أن كل قول تتكلم به محسوبٌ عليك، مكتوبٌ في صحيفتك؟

أما تعلم أن الله مطلع عليك، عالم بأسرارك، قادر على عقوبتك؟

إذا كنت تعلم ذلك فأين مراقبتك لله وقد جعلته أهون الناظرين إليك؟

يا مدمن الذنب أما تستحي

والله في الخلوة ثانيكا

غرك من ربك إمهاله

وستره طول مساويكا

أما تستحي أيها المعاكس وأنت أيتها المعاكسة من رب السموات والأرض الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض و لا في السماء؟!

لعلك تقول: إنه لا يراني أحد! كلا..

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل

خلوت ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة

ولا أن ما تخفى عليه يغيب

ألم تر أن اليوم أسرع ذاهب

وأن غدا لناظره قريب

قال تعالى: ﴿ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا * وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا * ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا﴾ [الكهف: 47-29].

يا له من يوم عظيم!

﴿يوم تبلى السرائر * فما له من قوة ولا ناصر﴾ [الطارق: 9، 10].

﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار﴾ [إبراهيم: 48].

كيف يكون حالك أيها المعاكس في هذا اليوم العظيم؟

كيف حالك حينما ينادى عليك بأخبث الأسماء؟ «فلان بن فلان الزاني الفاجر المعاكس»!

ليس ذلك أمام فرد أو اثنين أو جماعة، بل أمام الخلائق أجمعين!

هل تساوي هذه الشهوة التي لا تتجاوز دقائق أو سويعات هذا العذاب الأليم الدائم غير المنقطع في نار جهنم؟

أين عقلك؟ أين فكرك؟ أين بصيرتك؟

 أقسام المعاكسين

هؤلاء المعاكسون يمكن تقسيمهم إلى قسمين:

الأول- محترف:

وهو الذي اعتاد المعاكسات وأدمنها حتى صارت جزءا من شخصيته لا يستطيع الفكاك منها، وهذا أخطر القسمين؛ لأنه لا يكتفي بالمعاكسات عبر الهاتف، ولا يهدأ له بال إلا بهتك عرض ضحيته، فإذا نال منها مراده استراحت نفسه الخبيثة، وهدأ باله القذر، وأخذ في البحث عن ضحية جديدة ينسج عليها شباك دناءته ووقاحته.

وهذا المحترف يعتبر نفسه ويعتبره زملاؤه فاشلا إذا لم يصل إلى تلك النهاية المبكية، أما تلك الضحية فإنه يتنكر لها وينفر منها ولا يرد على هاتفها، بل ربما سبها ورماها بكل فاحشة.

الثاني- هاوي:

 أو مبتدئ، ويكون من الجنسين، وهو الذي يمارس المعاكسات الهاتفية في بعض الأحيان ولا يدمنها، بل يجد فيها متعة مؤقتة ومجالات للتسلية وتضييع الأوقات.

وهذا الصنف على خطر عظيم، لأنه ربما وقع الشاب في شباك امرأة محترفة لن تقنع منه إلا بارتكاب الفاحشة، وكذلك الفتاة ربما وقعت في شباك فتى محترف قادها بمعسول قوله وخبث منطقة إلى الهاوية والضياع.

كوني حاسمة

قصة:

لم تكن حاسمة في الرد على هذا الذئب المعاكس، فمن تكرار الاتصالات عليها أبدت التجاوب معه، وكثرت المكالمات بينهما، وتطور ذلك إلى أن طلب مقابلتها .. وبعد إلحاح منه وافقت بشرط ألا تزيد المقابلة على خمس دقائق فقط، ويكون ذلك داخل السيارة.

تقابلا بالفعل، وتركها الذئب أول مرة فأحست من جانبه بالأمان، فتكرر اللقاء بينهما، وصارت تخرج معه وتركب بجانبه في السيارة، فكان إذا أنزلها والدها أو السائق إلى الجامعة انتظرت ولم تدخل، فيأتي هذا الذئب وتذهب معه ثم تعود إلى الجامعة قبل موعد الخروج ثم تذهب إلى بيتها..

وفي يوم من الأيام أدخلها بيتا زعم أنه بيت أخته التي تعمل في الصباح، ثم خدعها بإعطائها حبة مخدرة فلم تفق تلك الفتاة إلا وقد سلبها هذا المجرم أغلى ما تملك .. وتظل بعد ذلك ألعوبة في يده .. وتتكرر المأساة مرات ومرات طمعا في أن يعطف عليها ويتزوجها.. ولكن هيهات هيهات.. فقد انقطعت عنها أخباره ولم تعد تستطيع لقاءه.. فعرفت بعد ذلك أنها خدعت، ولكن دون فائدة.. فقد وقعت الكارثة!

 أقسام المعاكسات

يمكن تقسيم المعاكسات الهاتفية إلى قسمين:

الأول- معاكسات مرتبة:

وهي التي قصدت الاتصال، ولها أشكال متعددة، وصور مختلفة سوف نذكرها في هذا الكتاب إن شاء الله.

الثاني- معاكسات غير مرتبة:

وهي التي لم تقصد بالاتصال، بل إن المعاكسة تحدث أثناء المكالمات الطبيعية نتيجة التساهل بين المتحدثين.

مثال ذلك:

 أن يتصل شاب بصاحب له، فترد عليه إحدى الفتيات أو النساء مخبرة إياه أنه غير موجود، فيأخذ في إطالة المكالمة وطرح الأسئلة التي لا داع لها مع تجاوب من تلك الفتاة فيسألها: أين ذهب؟ وهل سيرجع قريبا؟ ولماذا ذهب في هذا الجو الحار؟ وغير ذلك من الكلام، فيجد لينا في القول وتساهلا واضحا في الحديث، وإشعارا له بالرغبة في إطالة زمن المكالمة، فيحضر الشيطان ويكون ثالثهما.. وتبدأ العلاقة المحرمة.

نصيحة للرجل

قال الشيخ محمد الصباغ: «إذا كلمتك امرأة فليكن حديثك معها ملتزما بآداب الإسلام؛ فلا تمزح ولا تثرثر، بل قل ما تريد قوله بإيجاز وموضوعية».

همسة للمرأة

وكذلك فإن على المرأة إذا كلمها رجل أن ترد برزانة ووقار، وألا تجمل صوتها عند ردها، لأنها بذلك تعرض نفسها إلى الخطر والريبة، وتقع في الإثم، وتكون سببا في فتنة من تكلم وفي تشويش باله، وإثارة كوامن الرغبات في نفسه، وهذا عام في كل رجل وكل امرأة، ولكنه وارد بنسبة أعلى إذا كان أحد المتحدثين أو كلاهما من المراهقين.

 ضعي السماعة فورا

إن على المرأة الكريمة إذا سمعت أسلوبا في الحديث غير مناسب ألا تجاري المتحدث، بل تسكت وتضع السماعة .. هذا أضعف التصرفات، ولو أنها وبخته وأقفلت الهاتف في وجهه لكان أحسن؛ لأن مسايرتها ومجاملتها تطمع الذي في قلبه مرض، وكم من الخزايا والنكبات جرت من وراء التهاون في مثل هذه الأمور([3]) .

وصية نبوية

عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي المسلمين أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده»([4]) .

جاهد نفسك

أيها المعاكس!

جاهد نفسك على ترك المعاكسات الهاتفية، تجنب الخبيث من الكلام والهجين من الألفاظ؛ لأن المؤمن لا يكون فاحشا ولا بذيئا، إذا غلبتك نفسك على معاكسة فتيات المسلمين ونسائهم، فتذكر أن لك أخوات محارم، فاحفظ الله في محارم المسلمين يحفظك في محارمك.

اعلم أن الله حي ستير، يحب الحياء والستر، فاستح من الله، واستر على نفسك وعلى من تعرف من النساء، ستر الله علينا وعليك.

 أساليب المعاكسين

المعاكس ذئب:

والذئب يتميز بالحيلة والدهاء في إيقاع فريسته، ولذلك تتنوع أساليب المعاكسين وحيلهم حتى إذا ما فشل أحد تلك الأساليب كان هناك بديل عنه يمكن أن يؤدي إلى حصول المقصود .. من تلك الأساليب.

1- الاتصال العشوائي وله أساليب:

الأول- يظهر المعاكس عند أول وهلة أنه اتصل للمعاكسة والحديث مع إحدى الفتيات التي لا يعرفها، وغالبا ما يوبخ المعاكس على هذا الأسلوب.

الثاني- يتصل المعاكس عشوائيا ويسأل عن أحد الأشخاص، فيجاب بأن الرقم خطأ، فيقوم بالاعتذار بأسلوب مهذب وصوت رخيم، ثم يتصل مرة أخرى، فإذا لم يجد حسما في الرد ووجد ليونة وراحة من الجانب الآخر تجرأ على إظهار معاكسته.

الثالث- الاتصال العشوائي، ويدعي المتصل أنكم اتصلتم على جهاز النداء الآلي لديه (البيجر أو الأنسر ماشين) فإذا لم يجد حسما في الرد تجرأ في إظهار معاكسته.

2- تردد المعاكس على الأسواق والبحث عن الفتاة المناسبة للمعاكسة الهاتفية، وهذه الفتاة غالبا ما تكون:

غير محتشمة في ملابسها، تظهر وجهها أو بعضا منه، ترتدي البنطلون تحت العباءة المزركشة والحذاء الذي يشبه الدبابة أو ذا الكعب العالي، تكثر التلفت والنظر للرجال، تتعمد الضحك بصوت مرتفع، يظهر من هيئتها عدم الالتزام والاستعداد لارتكاب المخالفات الشرعية.

فإذا وجد المعاكس هذه الفتاة قام بإلقاء رقم هاتفه لها فإما أن تتركه وإما أن تلتقطه وتبدأ رحلة الضياع.

 مأساة في السوق

قصة:

 التقت معه في السوق، كان يلاحقها بنظراته ويتبعها من محل إلى محل، كانت متزينة متعطرة، كاشفة ما حرم الله كشفه، تمشي بتمايل واختيال .. بخبرته الشيطانية عرف أنها ما يبحث عنه، ألقى إليها رقم هاتفه، لم تتردد في التقاطه، اتصلت به وعرف منزلها واسمها وأشياء عن حياتها .. توالت الاتصالات حتى أمنت جانبه، كان يحادثها عن الحب والشوق والغرام .. صدقته، طلب الخروج معها.. توالت اللقاءات.. وكانت المأساة.

3- استخدام بعض النساء اللاتي لا دين لهن في توصيل رقم هاتف المعاكس إلى من يريد.

4- استئجار بعض العاملين في المحلات التجارية التي تتردد عليها النساء دون محرم مثل محلات الخياطة والتموينات وغيرها، فيقوم المعاكس بإعطاء بعض هؤلاء العاملين رقم هاتفهن وهم بدورهم يتصيدون الفتاة التي يرون منها ميوعه ولينا وتساهلا في الحديث واللباس، ثم يقومون بإعطائها هذا الرقم لتتم المعاكسة.

5- قد يستخدم المعاكس أخته في معرفة رقم هاتف صديقاتها فيقوم بالاتصال عليها، وقد تمهد الأخت لهذا الاتصال، فتكثر من الحديث عن أخيها وأخلاقه الحسنة، أمام صديقاتها استعدادا للمعاكسة.

6- وقد يستغل المعاكس سذاجة الأطفال الذين يقومون بالرد على الهاتف، فيعرف منهم كثيرا من الأمور عن المنزل: وعدد الغرف وأشكال أثاث البيت وبخاصة غرفة النوم، وبعض المعلومات عن الأم والأب، ثم يقومون باستغلال هذه المعلومات في الضغط على فريستهم ومحاولة إيقاعها في شباكهم.

7- وقد يستغل بعض المعاكسين أصدقاءهم المغفلين في معرفة بعض المعلومات عن المنزل والزوجة وبعض أسرار الزوجية.

 صديقه يهدم بيتي

قصة:

نشرت جريدة المدينة عن إحدى النساء قالت: للأسف الشديد، تسلط على هاتفنا الخاص شاب يتصف بالنذالة و الخسة بسبب الأسلوب الذي اتبعه لتطليقي من زوجي، فكان دائما ما يتعمد الاتصال وقت قدوم زوجي إلى المنزل، وبمجرد رفع زوجي للسماعة يغلق الخط فورا مما آثار الشك في نفسه، وتحولت حياتنا بسبب تكرار ذلك إلى نفور ثم قطيعة .. ويستشير زوجي أحد أصدقائه المخلصين في شأني فيقول له: لقد سمعنا كثيرا عن علاقات زوجتك ببعض شباب الحي، ولكننا لم نخبرك بذلك. فعند ذلك قرر زوجي الكشف عن رقم الشخص المتصل، وذلك عن طريق الاشتراك في خدمة كاشف الرقم، ويفاجأ زوجي برقم صديقه المخلص!.. ويتضح له أن صديقه هذا هو الذي يعتدي على حرمات بيه، ويحاول تطليقي وهدم بيتي!([5])

8- وقد تلعب الخادمة أو السائق دورا مهما في تسهيل أمور المعاكسات وتسريب المعلومات وأرقام هواتف المنزل الذي يعملان فيه.

9- والمعاكس المحترف يستخدم الهواتف العامة أو هواتف أناس آخرين أبرياء لا يعرفون أنه يستخدم هواتفهم في المعاكسات، وذلك حتى لا يكشف أمره.

10- وهناك من يتخذ هواية المراسلة التي تنشرها بعض الصحف والمجلات سلما لتكوين علاقة محرمة عن طريق الهاتف.

 لحظة من فضلك

أيها المعاكس:

لماذا خلقت؟ .. وما هو هدفك في الحياة؟ وما هي نهايتك بعد الموت؟

إنك لم تخلق للمعاكسات الهاتفية أو غير الهاتفية، ولم تخلق للهو واللعب، بل خلقت لأمر عظيم، وهو عبادة الله تعالى وإقامة دينه، كما قال سبحانه: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ [الذاريات: 56]

 فينبغي أن يكون هدفك في الحياة موافقا لما خلقت له، وهو الفوز برضا الله تعالى والنعيم المقيم في جنة الخلد والنجاة من النار.

قد هيئوك لأمر لو فطنت له

فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

قال الحسن: ما ضربت ببصري ولا نطقت بلساني ولا بطشت بيدي، ولا نهضت على قدمي حتى أنظر أعلى طاعة أم على معصية؟! فإن كانت طاعة تقدمت، وإن كانت معصية تأخرت.

 أسباب المعاكسات الهاتفية

أسباب المعاكسات الهاتفية كثيرة جدا، ومعظمها هي نفس الأسباب المتعلقة بفتنة الشهوات بدءا من النظر المحرم، ومرورا بالعادة السرية والعشق، وانتهاء بالفجور والزنا، ومن هذه الأسباب.

1-          ضعف الإيمان:

2-        فالإيمان عند أهل الحق قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، فالمعاصي تضعف الإيمان، وقد تذهبه بالكلية إما على الحقيقة وإما على المجاز كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر»([6]) .

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»([7]) فالمعاكسات الهاتفية دليلٌ على ضعف الإيمان وخفة التدين والاستهانة بالضوابط الشرعية.

2- ضعف العقل:

 فالعاقل لا يسعى في هلاك نفسه وجلب الأضرار لها في العاجل والآجل، أما المعاكس فإنه يعرض نفسه للفضائح والعقوبات الدنيوية، وكذلك يعرض نفسه لغضب الله وسخطه واستحقاق عقابه في الآخرة.

3- الغفلة واتباع الهوى:

ومنها يتولد كل شر، قال الإمام ابن القيم: «ومن تأمل حال هذا الخلق وجدهم كلهم إلا أقل القليل ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى، واتبعوا أهواءهم، وصارت أمورهم ومصالحهم فرطا أي: فرطوا فيما ينفعهم ويعود بصلاحهم، واشتغلوا بما لا ينفعهم، بل يعود بضررهم عاجلا وآجلا..»

والغفلة عن الله والدار الآخرة متى تزوجت باتباع الهوى تولد ما بينهما كل شر، وكثيرا ما يقترن أحدهما بالآخر ولا يفارقه ([8]).

4- الفراغ:

والفراغ داء قتال للفكر والعقل والطاقات الجسمية والإبداعية، ومع أن الواجبات أكثر من الأوقات، فإن كثيرا من الناس لا يجدون ما يملئون به فراغهم سوى اللهو والكلام الباطل والاشتغال بالمعاكسات الهاتفية وغيرها، ولو تدبروا الأمر لعلموا أنهم يضيعون أعمارهم هباء منثورا، والواجب على هؤلاء أن يسعوا في تحصيل ما يناسبهم من أعمال مفيدة من قراءة أو كتابة أو تجارة أو غيرها، مما يحول بينهم وبين هذا الفراغ المدمر ؟. قال الشاعر:

إن الشباب والفراغ والجده

مفسدةٌ للمرء أي مفسده

5- فساد القلب:

وفساد القلب من ثمرات تضييع الأوقات. قال الإمام ابن القيم: «وكل آفة تدخل على العبد فسببها ضياع الوقت وفساد القلب، وتعود بضياع حظه من الله، ونقصان درجته ومنزلته عنده، ولهذا وصى بعض الشيوخ فقال: احذروا مخالطة من تضيع مخالطته الوقت وتفسد القلب، فإنه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرط على العبد أموره كلها»([9]) .

6- صحبة الأشرار:

فإنها تغري الإنسان بكل معصية، وتهون عليه ارتكاب الفواحش والمنكرات ومن ذلك المعاكسات الهاتفية، وعلاج ذلك أن يختار المرء لصحبته أهل الدين والصلاح والعقل.

7- قراءة الكتب والمجلات المنحرفة:

 التي تظهر العلاقات المحرمة بين الرجل والمرأة على أنها أمر طبيعي، بل إنها تدعو إلى التحرر الكامل من القيود التي ترفض هذه العلاقات، أي من الدين!!

8- وسائل الإعلام:

وبخاصة تلك القنوات الفضائية التي حسنت كل قبيح وأماتت الغيرة في النفوس، ووأدت الحياء والعفاف من كثير من البيوت، فهذه القنوات تهدم القيم والأخلاق، وتنشر المنكرات والرذيلة، وتحسن في عيون الشباب والفتيات إقامة العلاقات المحرمة، ومنها المعاكسات الهاتفية.

9- التبرج والاختلاط:

فالتبرج آفة العصر التي هدمت كثيرا من المجتمعات والحضارات، والاختلاط سبب كل شر وبلاء.

قال الإمام ابن القيم: ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة.

واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة.. فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات. ([10]).

10- طول الأمل:

والتسويف بالتوبة، ونسيان أن الموت يأتي بغتة.

تؤمل في الدنيا كثيرا ولا تدري

إذا جن ليلٌ هل تعيش إلى الفجر

قال الإمام ابن الجوزي:

يجب على من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعدا، ولا يغتر بالشباب و الصحة، فإن أقل من يموت من الأشياخ، وأكثر من يموت من الشباب.

وقد أنشدوا:

يعمر واحدٌ فيغر قوما

وينسى من يموت من الشباب

 عاقبة التسويف

أيها المعاكس:

إياك والتسويف بالتوبة، فإن المرء لا يدري متى يأتيه الأجل، وقد يكون الموت أسبق إليك من التوبة؛ فتندم ندما لا سرور بعده. قال الحسن رحمه الله: إن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: إني أحسن الظن بربي وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل.

أخي!

خذ من شبابك قبل الموت والهرم

وبادر التوب قبل الفوت والندم

واعلم بأنك مجزي ومرتهنٌ

وراقب الله واحذر زلة القدم

11- الاتكال على العفو والمغفرة وسعة رحمة رب العالمين:

وهذا مما يجرئ كثيرا من الناس على ارتكاب المخالفات ومنها المعاكسات الهاتفية، والواجب على هؤلاء أن يكونوا بين الرجاء والخوف، يحسنوا العمل، ويخافوا ألا يتقبل منهم، فالله تعالى يغار على محارمه، وهو سبحانه شديد العقاب، ذو بطش شديد وأخذ أليم كما قال تعالى: ﴿إن بطش ربك لشديدٌ﴾ [البروج: 12]

وقال: ﴿إن أخذه أليمٌ شديدٌ﴾ [هود: 102]

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته»([11]) .

12- عدم تدبر العواقب والجهل بعقوبات الذنوب والمعاصي: فإن المرء إذا تدبر عواقب المعاكسات الهاتفية من إفساد بنات المسلمين ونسائهم وشبابهم، وهدم البيوت وتشريد الأطفال ووقوع الخيانة الزوجية، وكذلك استحقاق العذاب الأليم يوم القيامة، فإذا تدبر العاقل هذه العواقب الوخيمة قاده ذلك إلى ترك هذه العادة الذميمة.

كذلك فإنه إذا تفكر في عقوبات الذنوب والمعاصي امتنع من اقترافها فالصبر على المعصية والشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه المعصية والشهوة من العقوبة في الدنيا والحسرة والندامة في الآخرة.

13- الشهوة المتأججة:

فإن من لم يضبط شهوته قادته إلى ما فيه هلاكه، وحسنت له كل قبيح وفتحت له أبواب الشرور والمخالفات قال تعالى: ﴿فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا﴾ [مريم: 59].

14- إطلاق البصر:

وإطلاق البصر من الرجال للنساء ومن النساء للرجال من أعظم أسباب المعاكسات الهاتفية، فالنظر بريد الزنا والعياذ بالله، تكون نظرة، ثم خطرة، ثم خطوة ثم خطيئة.

قال الإمام ابن القيم: والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فإن النظرة تولد الخطرة، ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة، فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع مانع، ولهذا قيل: الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده.

كل الحوادث مبداها من النظر

ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها

فتك السهام بلا قوس ولا وتر

والمرء ما دام ذا عين يقلبها

في أعين الغيد موقوفٌ على الخطر

يسر مقلته ما ضر مهجته

لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

15- كثرة تواجد الشباب والفتيات في الأماكن العامة كالأسواق والحدائق:

فإن ذلك يؤدي إلى المعاكسات بجميع أشكالها، ويزداد الأمر سوءا إذا كانت الفتيات دون محارم أمام العابثين الفارغين من الشباب، بل إن بعض الفتيات تقوم بإغراء الشباب على المعاكسة.

16- وجود رقم خاص للشاب أو الفتاة في الغرفة:

 فإن ذلك يغري الشاب أو الفتاة بالمعاكسات، كما أنه يجرئهما على إعطاء هذا الرقم لمن يريدان، ويكون هناك اتفاق غالبا على موعد الاتصال بعيدا عن أعين الأهل، وفي هذه الحالة تكون المعاكسة فاحشة جدا! .. وهو الأمر نفسه الذي يفعله المحمول أو الجوال.

17- انتشار العزوبية والعنوسة بين الشباب والفتيات:

بسبب وجود معوقات الزواج من كثرة تكاليف الزواج، والعادات الموروثة التي حرمت كثيرا من أبناء المسلمين الزواج الشرعي الحلال، فإذا اجتمعت العزوبية والعنوسة مع ضعف الوازع الديني تولد من ذلك شرور كثيرة منها المعاكسات الهاتفية.

18- وجود أكثر من جهاز الهاتف في المنزل الواحد:

وعدم رقابة الأهل لذلك، وأحيانا تتم المعاكسة أمام الأهل، فتتحدث البنت إلى الشاب بالتأنيث وكأنها تحادث صديقتها مع أن الأب اللبيب والأخ الفطن يمكن أن يدركا الحقيقة، إلا أن التسيب وعدم الغيرة قد غلب على كثير من النفوس.

19- الثقة الزائدة في البنت أو الشاب:

مما يغريهما بالإقدام على الأفعال القبيحة مع الاطمئنان التام من جانب الأهل، ونحن لا ندعو إلى ترك الثقة في الأبناء، ولكن لا ينبغي أن يترك الأهل رقابة أبنائهم وتوجيههم المستمر بدعوى الثقة فيهم؛ فإن ذلك يؤدي بهم إلى التسيب والانحراف.

20- الزواج غير المتكافئ:

فقد يزوج الرجل ابنته من فاسق ليس لديه مروءة ولا غيرة، مع كثرة علاقاته المريبة واتصالاته المشبوهة، فلا تلبث الزوجة أن تكتشف هذا الأمر من زوجها، فإما أن يعصمها دينها وخلقها من الانحراف وإما أن تسير على نفس منهج زوجها وتبحث هي الأخرى عن مثل تلك العلاقات والاتصالات المشبوهة.

21- كثرة الخلافات العائلية داخل المنزل والمعاملة السيئة للبنت أو الشاب:

فإن ذلك يؤدي إلى البحث عن شخص خارج البيت تبث إليه البنت همومها، ويبث إليها الشاب شجونه، وقد يكون هذا الشخص من محترفي الإجرام فتضيع البنت ويضيع الشاب.

22- المراسلة التي هي إحدى أبواب المعاكسات الهاتفية والعلاقة المحرمة بين الرجل والمرأة، وقد سئل الشيخ ابن جبرين: إذا كان الرجل يقوم بالمراسلة مع المرأة الأجنبية، وأصبحا متحابين فهل يعتبر هذا العمل حراما؟

فأجاب حفظه الله: «لا يجوز هذا العمل فإنه يثير الشهوة بين الاثنين، ويدفع الغريزة إلى التماس اللقاء والاتصال، وكثيرا ما تحدث تلك المغازلة والمراسلة فتنا وتغرس حب الزنا في القلب، مما يوقع في الفواحش أو يسببها، فننصح من أراد مصلحة نفسه وحمايتها أن يصونها عن المراسلة والمكالمة ونحوها؛ حفظا للدين والعرض والله الموفق»([12]) .

 آثار المعاكسات

نظرا لتعدد أسباب المعاكسات الهاتفية وأساليب المعاكسين واختلاف نمط المعاكسة ذاتها؛ فإن آثار المعاكسات الهاتفية تتنوع وتعم أضرارها الفرد والأسرة والمجتمع بأسره، ومن تلك الآثار.

1- انحراف كثير من الفتيات والشباب والرجال والنساء.

2- انتشار الخيانات الزوجية بأنواعها وأشكالها.

3- الوقوع في جريمة إيذاء المسلمين وخيانتهم وظلمهم في أعراضهم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف داره» ([13]) .

4- إفساد الزوجة على زوجها:

والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس منا من خبب امرأة على زوجها - أي أفسدها عليه - أو عبدا على سيده»([14]) .

5- كثرة الطلاق وتشتت الأسر وتضييع الأبناء:

فالزوج إذا اكتشف عبث زوجته وخيانتها له عن طريق الهاتف قام بتطليقها، والزوجة كذلك إذا اكتشفت خيانة زوجها لم تستطع العيش معه، فالطلاق حاصل غالبا، وقد يتزوج الأب وتتزوج الأم، ويكون الأبناء هم الضحية.

 صديقتها سبب الطلاق

قصة:

نشرت جريدة المدينة القصة التالية:

«طالبة بجامعة الملك عبد العزيز بجدة تقول: إحدى صديقاتي كانت دائمة السؤال عن زوجي خصوصا عند مشاهدتها لصوره، فأجبت لها عن كل استفساراتها، وأعطيتها صورة متكاملة عن أسرارنا الشخصية، وهذا من أكبر الأخطاء، فاستغلت كل ذلك بحنكة ودهاء، لتتصل في الأوقات التي أكون فيها نائمة أو متواجدة عند أهلي، ولاحظت أكثر من مرة تكرار الاتصالات الهاتفية في الليل مع العلم أن زوجي لا يحب السهر .. وعند استفساري عن المتصل يتغير لون وجهه ويقول: ما أدري.. فدق ناقوس الخطر عندي.. وقررت أن أراقبه بالمنزل وأعرف من الذي يتصل به في هذا الوقت.. وفي إحدى الليالي وضعت هاتفا آخر في غرفة نومي.. متصلا بجهاز تسجيل لأسمع كل ما يدور.. نعم إنها زميلتي التي أحبها.. وأكن لها كل الاحترام والتقدير.. وقد اتفقا أخيرا على الارتباط، واعدا أنه سيطلقني في أقرب فرصة.. وبعد العشاء اللذيذ أهديته مفاجأة لن ينساها طول عمره.. شريط خاص بمكالمته.. ليعلن بعدها اعتذاره وأسفه، ولكني فضلت أن أنفصل عنه لخيانته وتآمره علي»([15]) .

6- تضييع الأوقات فيما يضر:

وفيما يجلب على المرء خسارته في الدنيا والآخرة، والوقت هو عمر الإنسان، وهو جوهرة لا تقدر بثمن.

قال أحد السلف: يا بن آدم، إنما أنت أيام كلما مضى يوم مضى بعضك!

وقال آخر: لليل والنهار يعملان فيك فاعمل أنت فيهما.

وقال أبو العباس الدينوري: ليس في الدنيا أعز وألطف من الوقت والقلب، وأنت مضيع لهما!

وقال أبو يزيد: إن الليل والنهار رأس مال المؤمنين ربحهما الجنة، وخسرانهما النار.

وقد أنشدوا:

إنا لنفرح بالأيام نقطعها

وكل يوم مضى يدني من الأجل

فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا

فإنما الربح و الخسران في العمل

 شرف الزمان

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»([16]).

قال الإمام ابن الجوزي: «واعلم أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة، ففي الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة»..

فكم يضيع الآدمي من ساعات يفوته فيها الثواب الجزيل!

وهذه الأيام مثل المزرعة، فكأنه قيل للإنسان كلما بذرت حبة أخرجنا لك ألف كر، والكر: مكيال يقدر بأربعين أردبا، فهل يجوز للعاقل أن يتوقف في البذر ويتوانى؟([17]) .

7- استحقاق العقوبة في الدنيا والآخرة:

فكثيرا ما يكشف الله أستار المعاكسين والمعاكسات، ويفضحهم بين أهليهم وعلى رءوس الأشهاد وتتنوع عقوباتهم في الدنيا ما بين جلد وحبس وتشهير، ناهيك عن الاحتقار والازدراء الملازم لهم.

أما في الآخرة فالخزي والحسرة والندامة والعذاب الأليم كل بحسب جرمه وجريرته.

8- الابتلاء بالشكوك والوساوس وعدم الاستقرار:

 فالمعاكس دائما يعتريه الشك والوسواس، ولا يطمئن إلى أحد، يشك في زوجته.. في أخته.. في أبنائه.. في أصدقائه.. في جيرانه.. في زملائه في العمل.. ذلك لأنه لا يثق في نفسه أولا ولا يثق في جنس النساء، ويحسب أنهن جميعا على شاكلة من يهاتفها ويقيم معها علاقة محرمة.

9- وأد الحياة والغيرة في نفوس المعاكسين والمعاكسات:

 والحياء من شعب الإيمان كما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها، وهو كذلك من أشرف صفات المرأة، أما الغيرة على محارم الله فهي صفة محمودة من صفات أهل الإيمان، فمن حرم الغيرة حرم طهر الحياة، ومن حرم طهر الحياة فهو أحط من بهيمة الأنعام، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله»([18]) .

فلا والله ما في العيش خير

ولا في الدنيا إذا ذهب الحياء

يعيش المرء ما استحيا بخير

ويبقى العود ما بقي اللحاء

10- ومن أعظم الآثار اتهام الأبرياء وإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا: فيمكن أن يتسبب نذل حقيرٌ بسبب كثرة اتصالاته في تشكيك الزوج في زوجته أو اتهامها مع أنها بريئة عفيفة طاهرة نقية، ولكن هذا النذل الجبان يتعمد الاتصال وقت وجود الزوج ليتشكك في زوجته.

وقد يقوم هذا النذل بالمعاكسات عن طريق هواتف أصدقائه، فإذا اكتشف الرقم كان صاحب الهاتف هو المتهم بجريمة المعاكسة.

أما والله إن الظلم شوم

وما زال المسيء هو الظلوم

إلى الديان يوم الحق نمضي

وعند الله تجتمع الخصوم

11- التشبه بأعداء الله المجرمين:

فإنهم أول من سن هذه السنة السيئة، وأصبحت عندهم عادة وأمرا طبيعيا، بل أنشئت لأجل المعاكسات الهاتفية في بلاد الغرب كثير من الشركات والمؤسسات، التي تقوم باستئجار شباب وفتيات الهوى المدربين جيدا على الأحاديث الجنسية الصريحة، وتكون هناك أرقام هواتف معلومة يتصل عليها من يريد أن يتحدث ويستمع إلى أحاديث الجنس نظير أجرة يدفعها، وقد ربحت هذه الشركات أموالا طائلة من وراء ذلك.

12- انتشار الجريمة:

فالزوج قد ينتقم من زوجته الخائنة، والزوجة قد تنتقم من زوجها الخائن، ويمكن كذلك أن يكون المعاكس هدفا للانتقام فتنتشر بذلك الجرائم الناتجة عن تلك المعاكسات الهاتفية.

 علاج المعاكسات الهاتفية

علاج المعاكسات الهاتفية هو نفسه علاج كل المعاصي المتعلقة بالشهوة كالزنا و اللواط والعشق والعادة السرية والنظر إلى النساء والخلوة والاختلاط، إضافة إلى بعض الأمور المعلقة بالهاتف، ويمكن حصر العلاج فيما يلي:

1- تقوى الله ومراقبته:

فالتقوى هي السلاح الأقوى في التخلص من أية معصية، والمراقبة تدعو إلى تعظيم جناب الرب سبحانه أن يراك حيث نهاك. قال تعالى: ﴿ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا﴾ [الطلاق: 4] ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا﴾ [الطلاق: 2] وقال سبحانه: ﴿إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون﴾ [النحل: 128].

2- التوبة إلى الله والتطهر من الذنوب: فالتوبة باب مفتوح لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها قال تعالى: ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين﴾ [البقرة: 222].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه»([19]).

3- شغل الأوقات بما يفيد:

فإذا لم تشغل الأوقات في المفيد النافع حرص شياطين الجن والإنس على إشغالها في المعاصي والمنكرات، قال أحد السلف: من حفظ على نفسه أوقاته فلا يضيعها بما لا رضا لله فيه حفظ الله عليه دينه ودنياه.

إنما الدنيا إلى الجنة والنار طريق

والليالي متجر الإنسان والأيام سوق!!

4- تجنب مجالسة الأشرار:

فإن الطبع يسرق من خصال المخالطين، ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»([20]). وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «المرء مع من أحب»([21]).

5- المحافظة على الصلاة:

 وذلك بإقامتها في أوقاتها، ومحافظة الرجال على أدائها مع الجماعة في المساجد، وكذلك تحري الخشوع والسنة فيها قال تعالى: ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ [العنكبوت: 45] فالصلاة طريق المسلم إلى الطهارة ونقاء السريرة والبعد عن الشهوات المحرمة.

6- الإكثار من الصيام:

فإنه يضعف الشهوة ويكبح جماحها، وقد أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - الشباب بالصيام في قوله: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء»([22]) .

7- الزواج المبكر:

 للحديث السابق، ولأن الزواج هو الطريق الشرعي لتنظيم أمور الشهوة وقضاء الوطر، والزواج المبارك عصمة للشباب من الجنسين من الانحراف والوقوع في حمى المعاكسات الهاتفية التي هي بريد الزنا والعياذ بالله.

8- التربية الإيمانية:

فعلى الوالدين أن يقوموا بدورهما في تربية الأبناء وتوجيههم وربطهم بالقضايا الإيمانية الكبرى، وتوجيههم وربطهم بالقضايا الإيمانية الكبرى، وتحمل أمانة هذا الجيل الذي هو عماد الحاضر وعدة المستقبل، قال - صلى الله عليه وسلم -: «مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع»([23]) .

 نصائح للنساء

9- الحذر من الخضوع المرأة بالقول:

قال الشيخ بكر أبو زيد: «وإذا كان أحد المتهاتفين امرأة فالحذر من الخضوع بالقول؛ فإن الله سبحانه نهى نساء نبيه - صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنين رضي الله عنهن اللاتي لا يطمع فيهن طامع أن يخضعن بالقول فقال تعالى: ﴿فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ وقلن قولا معروفا﴾ [الأحزاب: 32]»

فكيف بمن سواهن؟

ولتحذر المرأة الاسترسال في الكلام مع الرجال الأجانب عنها بل ومع محارمها بما نكره الشريعة وتأباه النفوس ويحدث في نفس السامع علاقة.

ولتحذر رفع الصوت عن المعتاد، وتمطيط الكلام وتليينه، وترخيمه، وتنغميه بالنبرة اللينة واللهجة الخاضعة.

وإذا كان يحرم عليها ذلك فيحرم على الرجل سماع صوتها بتلذذ، ولو كان صوتها بقراءة القرآن، وإذا شعرت المرأة بذلك حرم عليها الاستمرار في الكلام معه لما يدعو إليه من الفتنة([24]) .

10- قيام الرجل (راعي البيت) بمسئوليته تجاه الهاتف وأهل الدار:

قال الشيخ بكر: «سعيد ذلك البيت الذي تحت قوامه راع عاقل بصير، غير فظ ولا غليظ، وكان من تدبيره في الهاتف أن المرأة لا ترفع سماعة الهاتف وفي الدار رجلٌ من أهلها.

وأن الأهل محجوبون عن فضول الاتصال.

وقد لقنهم آداب الهاتف، ونشأ أولاده على ذلك، ومسكين صاحب البيت "المسبوه" هاتفه في الدار مبثوثٌ واقعٌ في كف كل لاقط من بنين وبنات، وكبار وصغار، إذا دق جرس الهاتف لقطه أكثر من واحد، وإذا كلمت المرأة المهاتف استرسلت معه كأنما تهاتف والدها بعد غيبة طويلة، فيا لله كم يقع في الدار من شرار! فاللهم لطفك وسترك يا كريم يا رحمن يا رحيم»([25]) .

11- غض البصر:

والتزام النساء بالحجاب الشرعي الكامل وتطهير البيت من آلات اللهو والفساد وبخاصة ما يسمى بـ"الدش".

12- التحلي بعلو الهمة:

فيكون ذا عزيمة صادقة، وصبر جميل، ونفس قوية، مع التفكر في أنه لم يخلق لمثل هذا العبث والضياع، إنما خلق لأشرف الغايات وأجلها وهي عبادة الله الواحد الأحد.

13- التفكر في عواقب معصية المعاكسات الهاتفية والتأمل فيها:

كم أفاتت من فضيلة؟ وكم أوقعت في رذيلة؟ وكم من لذة فوتت لذات؟ وكم من شهوة كسرت جاها، ونكست رأسا وقبحت ذكرا وأورثت ذما وأعقبت ذلا وألزمت عارا، غير أن عين الهوى عمياء!


 دمار فتاة!

قصة:

الشاب: آلو.

الفتاة: نعم.

الشاب: دقيقة من فضلك.

الفتاة: ماذا تريد؟

الشاب: أنا أعايش القلق والتفكير في المستقبل.

الفتاة: خيرا ماذا بك؟

الشاب: الواقع أنني أريد فتاة أبني معها حبل المودة ثم يكون الزواج في المستقبل.

الفتاة: وأنا كذلك لو أجد شابا صدوقا.

الشاب: قد وجدت ما تريدين؟

الفتاة: ولكني لا أعرفك.

الشاب: يصف نفسه.

مكالمة أخرى:

الشاب: حقيقة أن القلوب تآلفت ولم يبق إلا الزواج.

الفتاة: نعم وسأمتنع عن جميع من يخطبني.

الشاب: نريد أن نلتقي ولو مرة واحدة.

الفتاة: ولكن اللقاء صعب، وأخاف..

الشاب: لا بد من اللقاء وإلا فلن يتم الزواج.

وتم اللقاء ووقعت المأساة.

مكالمة أخرى:

الفتاة: لقد خدعتني بلقاء بريء فأوقعتني في مصيبة.

الشاب: وماذا تريدين؟

الفتاة: أريد استمرار الحب والاستعداد لبناء عش الزوجية.

الشاب: ولكن ليس فيك ما يعجبني.

الفتاة (تبكي وتنحب) ولكن بعد ما أوقعتني؟!

الشاب: الرجاء قطع المكالمات، فأنا لا أرغب الزواج من فتيات الهاتف.

الفتاة: بكاء.. بكاء. بكاء.. ويقطع الهاتف.

كشكول الأسرة



([1]) متفق عليه.

([2]) فتاوى المرأة.

([3]) توجيهات قرآنية في تربية الأمة.

([4]) متفق عليه.

([5]) المدينة العدد (13182) بتصرف.

([6]) رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.

([7]) متفق عليه.

([8]) رسالة من ابن القيم إلى أحد أخوانه.

([9]) رسالة من ابن القيم إلى أحد إخوانه.

([10]) الطرق الحكمية.

([11]) متفق عليه.

([12]) فتاوى المرأة المسلمة.

([13]) رواه الترمذي وصححه الألباني.

([14]) رواه أبو داود والحاكم وصححه الألباني.

([15]) المدينة العدد (13182).

([16]) رواه البخاري.

([17]) صيد الخاطر.

([18]) متفق عليه.

([19]) رواه مسلم.

([20]) رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن غريب.

([21]) متفق عليه.

([22]) متفق عليه.

([23]) رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني.

([24]) آداب الهاتف.

([25]) آداب الهاتف.