×
بحث مٌقدم من القسم العلمي بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى، عبارة عن دليل فقهي للمسلم للتعامل مع فايروس كورونا المستجد، ويحتوي على الأحكام الشرعية التي قد يحتاج إليها المسلم نتيجة الإجراءات والاحترازات التي تتطلّبها مواجهة هذا المرض وإيقاف انتشاره حفظًا للنفوس والأبدان، وليتبين الناس جميعًا أن الفقه الإسلامي لا يضيق بحاجة الناس ولا بما يطرأ على حياتهم.

    دليل المسلم الفقهي

    للتعامل مع فايروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)

    مقدمة الدليل ومنهجيته

    الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء، فهو خالق الليل والنهار، والشمس والقمر، والصحة والمرض، وبيده أمر كل شيء، قال سبحانه وتعالى: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } (سورة يس:82) والقدَر سرّ الله سبحانه وتعالى في خَلْقه، ولا يُنسب إلى الله سبحانه وتعالى شر محض، فكل فعله خير سبحانه وتعالى، سواء كُشفت لنا الحكمة أم لم تكشف، ولا بد للإنسان أن يعلم يقينًا أن ما قدَّره الله سبحانه وتعالى من الابتلاءات والأمراض وغيرها، إنما هي من الله سبحانه وتعالى، قدّرها وأرادها بعلم وقدرة وحكمة.

    قال ابن القيم رحمه الله: "فالآلام والمشاق إما إحسان ورحمة، وإما عدل وحكمة، وإما إصلاح وتهيئة لخير يحصل بعدها".


    وتقلّب الإنسان بين طبقات الابتلاء ما هو إلا اختبار لإيمانه، وبهذه الابتلاءات تُكشف بعض الحكم الربّانية فيما يتعلق بأمور الدين والدنيا.


    وقد قدر الله سبحانه وتعالى مرضًا جديدًا، أصبح له صدًى بعيدًا، فحصد آلاف الأجساد؛ لسرعة انتشاره وامتداده، وجعل دولَ العالم على أهبة الاستعداد. وقد تسبب في هذا المرض ما بات يُعرف بفايروس كورونا المستجد (كوفيد (19) وهو مجموعة فيروسات تصيب البشر والحيوانات.

    ونحن المسلمين لدينا شريعتنا الإسلامية الكاملة الشاملة، التي تصلح لكل زمان ومكان، والتي تراعي مصالح العباد والبلاد في الحال والمآل، فلا بد من الاهتمام بالمسائل المستجدة، وبيان الأحكام التي تطرأ للناس حتى يعبدوا الله سبحانه وتعالى على بصيرة، وينظروا إلى هذه الجائحة التي أصابت المسلمين والعالم أجمع، وما استحدث لأجلها من احترازات وإجراءات، وما طرأ بسببها من أمور مبهمات، فيسعوا إلى معرفة أحكامها الفقهية.

    لذا بادرت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالتعاون مع مشروع تعظيم البلد الحرام لتقديم هذا الدليل الذي جمع مادته العلمية بعض طالبات مرحلة الدكتوراه والماجستير في تخصص الفقه في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ليقدِّموا للمسلمين الأحكام الشرعية التي قد يحتاجون إليها نتيجة الإجراءات والاحترازات التي تتطلّبها مواجهة هذا المرض وإيقاف انتشاره حفظًا للنفوس والأبدان، وليتبين الناس جميعًا أن الفقه الإسلامي لا يضيق بحاجة الناس ولا بما يطرأ على حياتهم.

    وقد استغرق إعداد الدليل قرابة أسبوعين، وشاركت في إعداده عشرون باحثة وقد استلهموا في ترتيبه ومسائله بما طرحه الفقهاء المعاصرون تزامنا مع هذه الجائحة، وتم تدقيقه ومراجعته من لجنة علمية من أعضاء وعضوات قسم الشريعة، وبلغت عدد مسائله أكثر من سبعين مسألة، من أبواب الفقه المختلفة جُمِعت مادتها من بعض الكتب العلمية ورسائل الماجستير والدكتوراه وفتاوى الهيئات العلمية والأبحاث المتخصصة والمواقع الإلكترونية الموثوقة ومقاطع اليوتيوب لبرامج الفتاوى والمحاضرات للعلماء المعاصرين حرصًا من الكلية ومشروع التعظيم على أن يخرج هذا الدليل وقت حاجة الناس له، هذا والله سبحانه وتعالى نسأل أن نكون قد وفقنا في انتقاء المسائل التي يكثر وقوعها وتشتد الحاجة إليها بالتزامن مع هذه الجائحة التي عمت جميع أقطار الأرض، ونسأله سبحانه وتعالى أن يعجِّل برفع الوباء ويسلم العباد والبلاد، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين.

    منهجية الدليل:

    تناول الدليل في محتواه لمحة موجزة عن منهج الإسلام في التعامل مع الأوبئة، وأسباب رفع الوباء الدينية والدنيوية التي حث عليها الشارع الحكيم، وما اتخذته حكومتنا المباركة من قرارات موفقة وصائبة لمواجهة هذا الوباء قبل استفحاله حتى كانت من أوائل الدول التي بادرت لمحاصرته حرصًا منها على منع انتشاره بين المواطنين والمقيمين والمعتمرين والزائرين، وواجب الأفراد في مثل هذه الأحوال بل وفي جميع الأحوال السمع والطاعة والوقوف يدًا واحدة مع الدولة أعزها الله حتى يتجاوز الجميع هذه المرحلة الصعبة التي تتطلب مزيد تعاون وتكافل ومعلومات عامة عن هذا الوباء وأعراضه وكيفية انتقاله بين الأفراد.

    تلى هذه التوطئة للدليل عرض للمسائل الفقهية التي يحتاجها المسلم في مثل هذه الأوضاع في جميع أبواب الفقه من خلال ذكر عنوان المسألة وملخص لحكمها وبيان أبرز أدلتها، وقد حرصنا أن نشير لدرجة الحديث، كما تنوعت مراجع المادة العلمية للمحتوى الفقهي بين كتب تراثية لفقهاء الأمة من المذاهب الأربعة وفتاوى الهيئات العلمية وقراراتها كهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية والسعودية وقرارات المجامع الفقهية ولجان ومراكز الفتوى التابعة لبعض الجهات العلمية، ورسائل وأبحاث علمية، ومواقع فتاوى، ومقاطع يوتيوب.

    بالإشارة للجزء والصفحة إن كان المرجع متعدد الأجزاء أو رقم القرار،أو برقم الصفحة إن كان المرجع من مجلد واحد وتم الاستفادة من محتواه العلمي من صفحات معينة وليس من مجموع البحث أو الكتاب، فإن توفرت من البحث أو الكتاب نسخة إلكترونية نضع رابط الكتاب لزيادة الفائدة، وكذا رابط الموقع الذي نُقِلت منه الفتوى أو مقطع اليوتيوب، ويُمكِن للمطلع على الدليل أن يتوسع في الاطلاع على معلومات الحكم من خلال الضغط على الرابط المتاح سواء كان الرابط لكتاب أو موقع أو مقطع، هذا والله سبحانه وتعالى نسأل أن نكون قد وفقنا في انتقاء المسائل التي تشتد الحاجة لها وترتبط ارتباطًا قويًّا ومباشرًا بالجائحة، وما ينتج عنها من آثار تحتاج لحكمٍ فقهيٍّ.

    http://makkah.org.sa/nawazel/ar/%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%84%D9%8A%D9%84-%D9%88%D9%85%D9%86%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%AA%D9%87.html