منارات في طلب العلم
التصنيفات
الوصف المفصل
- المقدمة
- التقوى يا طالب العلم
- الصبر يا طالب العلم
- طالب العلم بين الأخذ والعطاء
- طالب العلم و مكتبته
- طالب العلم والمشاريع العلمية
- كيف تكتب الفوائد العلمية ؟
- طالب العلم بين الانترنت والكتاب
- مفهوم رعاية الوقت
- طالب العلم والإنترنت
- طالب العلم والوقت
- طالب العلم وعلاقته بزوجته
- طالب العلم وبر الوالدين
- أدب السؤال
- طالب العلم والحسد
- طالب العلم والدعوة
- الدعم المالي والنفسي لأهل العلم
- أسباب النفور من للقراءة :
- طالب العلم والأجهزة الذكية
- 40 قصة وموقف من حياة العلماء
منارات في طلب العلم
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , أما بعد :
فيعلم الله كم أحبكم يا طلاب العلم، ولأجل ذا كتبت بعض الخواطر والهمسات والقصص والتوجيهات التي أرى أن كل طالب علم بحاجة لها .
أسأل ربي أن يجمعني بكم في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر , وأن ينفع بكم دينه وعباده .
وكتب
سلطان بن عبد الله العمري
المشرف العام على موقع ياله من دين
التقوى يا طالب العلم
أخي طالب العلم ، إن أجمل صفة تناسبك في مشوارك العلمي " تقوى الله ".
تلك الوصية الربانية ، إنها وصية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ " [الأحزاب:1].
وهي وصية الله للأولين والآخرين " وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ " [النساء:131].
فأوصيك بأن تلازم التقوى في كل حياتك .
عليك بالتقوى في القيام بما أوجب الله عليك من الفرائض ، ثم جاهد نفسك على أن ترتقي إلى أداء النوافل ، ثم استمر حتى تصل إلى المراتب العالية في العبادة كالورع واليقين والرضا .
يا طالب العلم , إن من دلائل التقوى البعد عن الذنوب ومقدماتها والحذر من أسبابها ودواعيها .
إن الذنوب أصل كل بلاء وهي مفتاح الشرور وعواقبها على نفسك وعلى العلم الذي تحمل لا تحصى .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : إني لأحسب الرجل ينسى العلم بالخطيئة يعملها.
وقال وكيع رحمه الله تعالى : استعينوا على الحفظ بترك المعاصي.
وقال الإمام مالك للشافعي رحمهما الله تعالى : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية.
والله إن المرء ليتعجب إذا رأى بعض الذين ينتسبون إلى العلم وهم يمارسون بعض المعاصي ويتساهلون في النظر إلى الحرام ومنهم من يتساهل في الغيبة , ومنهم من وقع في عقوق الوالدين , عجباً لكم .
أين العلم الذي قرأتموه ، وحفظتموه ؟
أين الدورات العلمية التي حضرتموها لمدة أسابيع ؟
يا ترى هل هذه الأعمال هي ثمرة العلم ؟.
إننا نتفق سوياً على أن طالب العلم ليس بمعصوم ، ولكننا نؤكد أن على طالب العلم أن يجاهد نفسه على أن لا يقع منه الذنب والخطأ.
أخي طالب العلم ، لازلت أدعوك إلى أن تتقي الله في كل شؤون حياتك في كل حركة في كل نظرة وفي كل كلمة ، تتقي الله عندما تتكلم وتتقي الله عندما تسكت وعندما تقوم وعندما تجلس .
ووالله حينها سترى التوفيق الرباني " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا " [الطلاق:2].
الصبر يا طالب العلم
من السهل جداً أن نتكلم عن الصبر في طلب العلم وإيراد مواقف السلف في ذلك وسرد القصص والأبيات التي تؤكد ذلك ولكن في الحقيقة إننا بحاجة إلى نبدأ في تربية النفس تربية عملية على كيفية الصبر في تحصيل العلم وفي الحديث " ومن يتصبر يصبره الله " [أخرجه البخاري: 1469] .
أمثلة مهمة :
- الصبر على حضور الدرس العلمي حتى لو كان في وقت لم تتعود عليه بعد الفجر مثلاً أو بعد العشاء فأنت لم تتعود على ذلك ولكنك لابد أن تجاهد نفسك على الصبر.
- أحياناً تقام دورات علمية مكثفة في القران أو في بقية العلوم وتجد الشباب يقبلون عليها إقبالاً عجيباً في بداية الدورة ولكن بعد أيام يقل الحضور ويغيب الكثير من الطلاب لأنهم فقدوا الصبر.
- عندما تقرأ كتاب تبدأ بهمة عجيبة ولكن وبعد عشر دقائق تتوقف وتمل وتخرج من البيت تبحث عن صديق أو تكلم بالجوال لكي تروح عن نفسك فأين الصبر؟ .
- عندما تحضر لبعض الدروس والمحاضرات تجلس في أولها ولكن هل تبقى إلى نهاية الدرس؟.
- عندما تجالس العلماء وطلاب العلم ويبدأون بطرح المسائل العلمية والفوائد تنظر لبعض الشباب وكأنه نادمٌ لحضوره لأنه لا يفهم بعض المسائل فأين الصبر ؟.
- أحياناً يكون الدرس في مكان بعيد ، كأن يكون في " مدينة أخرى " قد تنفق بعض المال من أجل الوصول لها فهل ستفعل ذلك ؟ نعم إذا وجد الصبر.
- عندما يعاتبك الشيخ أو يسألك ، قد يكون لك إحراج وقد يدخل الشيطان عليك لكي يحرمك من الحضور مرة أخرى فهل تحضر؟.
- هل أنت ممن يسهر على العلم ويبحث في تحرير المسائل وتحقيقها ويراجع المجلدات والكتب أم أنك ممن تعود على الكسل ؟.
- هل سبق أن ركبت سيارتك واتجهت إلى مسجد بعض العلماء لكي تناقشه وتسأله عن بعض المسائل ؟.
- هل تحفظ شيء من المتون العلمية القصيرة ؟ أنا أعلم أن هذا يحتاج إلى صبر طويل فهل أنت من أهله ؟.
- هل تنفق بعض مالك في سبيل العلم ، كشراء كتاب ، أو زيارة عالم ، أو سفر إلى أحد العلماء لرؤيته والسلام عليه ؟.
- أهلك قد يضجرون من العلم الذي تطلبه وقد تصيب زوجتك الغيرة من ذلك , فهل تستجيب لأهوائهم وتتنازل عن العلم أم أنك ستواصل على طريق العلم وتراعي حقوق الزوجة والأبناء .
- كتابة العلم وتحرير المسائل وترتيبها يحتاج إلى وقت وصبر ومصابرة فأيقن بذلك.
أيها الطالب , الصبر زادك في هذا الطريق , وفضائل الصبر قد ملأت كتاب الله تعالى وسنة نبيه , فاصبر وجاهد نفسك وسوف ترى نتيجة صبرك بعد حين .
طالب العلم بين الأخذ والعطاء
إن من أجمل الصفات لدى طالب العلم " التوازن بين الأخذ والعطاء " .
والمراد : أن يتصف بصفة التلقي للعلم والاجتهاد فيه ، وصفة نفع الناس وتعليمهم للعلم .
والناظر في حال بعض طلاب العلم يرى أن منهم طائفة عشقت العلم وأدمنت المطالعة والمراجعة ، والمذاكرة والرحلة وهذا مما يُمدح به الطالب ، ولكن منهم من اعتزل الناس وأعرض عن نفعهم وتعليمهم ، سواء بحجة الفتن أو التواضع أو عدم الشهرة أو بغيرها من " الحيل النفسية " المخالفة لنصوص الكتاب والسنة.
ومن طلاب العلم من نزل للناس وبدأ بالتعليم والتوجيه فأقام الدروس والحلقات العلمية ، وملأ وقته بنفع الآخرين ولكنه غفل عن نفسه ، وأنه بحاجة إلى وقت كافٍ للتعلم والازدياد من العلم والبحث والمطالعة.
فإذ بك تراه بعد زمنٍ يسير قد نسي كثيراً من العلم وأصبح يتحدث بالظن ، ويكثر من عبارات " أظن ، أتوقع ، أذكر، ربما " .
وهذه العبارات دليل عدم الرسوخ والثبات في العلم ، ويترتب عليه ضعف العلم وقلة التأصيل ، وندرة الاستدلال وغياب الاستنباط .
والواجب ، التوازن بين التعلم والتعليم ، ووضع خطط مناسبة تهدف إلى تربية الطالب تربية متوازنة لكي يستفيد ويفيد ، ويسير على نهج واضح ، ويصعد في مدارج العلم والتعليم وهذه من مهام العلماء ومن كان في منصب التوجيه.
وختاماً : لا بد أن نفقه المراحل التي يسير عليها طالب العلم ونُتحفه بالإشارات على هذا الطريق ليسير على أحسن طريق والتوفيق بيد الله العلي الكبير.
طالب العلم و مكتبته
الطالب والمكتبة.. كلمتان جميلتان ، تزوجا فأنجبا العلم والمعرفة ، وحصل منهما الانتفاع لأمدٍ طويل بفضل الله تعالى .
طالب العلم ومكتبته التي منها يقتبس العلم وبين رفوفها تسكن المراجع العلمية ، وفي داخلها الميراث النبوي النير، هي عشيقته وهي محطُّ استراحته ، ومأوى فؤاده .
وفيها أنسه وسروره ، وإذا فرح الناس بالقنوات والاستراحات ومجالات الترفيه ، فإن طالب العلم سروره إذا خلا بمكتبته وسعادته حينما يقلب الصفحات في بحث مسألة أو كتابة فائدة أو مطالعةٍ مفيدة.
وإذا كانت المكتبة للطالب بهذه المنزلة فلا بد أن يفقه الطالب كيف يتعامل معها وما هي سياسته في إدارة المكتبة .
ومن خلال تجربتي اليسيرة ، أحببتُ كتابة بعض الهمسات حول ذلك ، فأقول:
1. لا بد من كتابة قائمة بأسماء الكتب التي ستنزل في ضيافتك.
2. جميلٌ أن تشاور شيخك الخبير بك وبمرحلته العلمية والذهنية.
3. لا تستعجل في أن تضم كتاباً لمكتبتك إلا بعد أن :
- تعتقد مناسبته لك .
- جودته من ناحية المحتوى .
- الثقة بالمؤلف .
- الطبعة المحققة الجديدة .
4. كن ذكياً في فقه الأولويات في شراء الكتب فكيف تشتري أمهات الكتب الكبار وأنت لا زلت في بداية الطلب ، والأولى بك في هذا الوقت شراء ما يساهم في تأصيلك العلمي ، ويقوي قواعد البناء العلمي لديك .
5. يحسن بك أن تخصص ميزانية مالية للكتب في الشهر أو كل ستة أشهر أو في السنة .
6. ينبغي أن تحرص على زيارة معارض الكتاب لمطالعة الجديد والاستفادة منه ، والشراء منه بشرط " فقه الأولويات " .
7. يجب أن تهتم بالترتيب في تفصيل المكتبة من ناحية تصميم الدولاب ومناسبة الرفوف للكتب ولجدران الغرفة .
8. احرص على جمال مكتبتك وحسن رائحتها وجودة التكييف فيها ، فهي مسكنك ومقر إبداعك ومطالعتك .
9. لا تكن مكتبتك موضعاً لتناول الوجبات وتغيير الملابس , وكن محترماً لكتب العلماء .
10. احذر من عبث إخوتك الصغار أو أطفالك ، وكن حريصاً على إغلاق المكتبة كلما خرجت منها .
11. يجب العناية بترتيب الكتب وتنظيمها بشكل دقيق جداً ، فمثلاً :
الدولاب رقم (1) للقرآن والتفسير وما يدخل فيه ، وفيه أيضاً علوم القرآن ، ورسائل الماجستير والدكتوراه المتخصصة فيه .
الدولاب (2) لكتب الحديث ابتداء بالبخاري وشروحه ومختصراته والرسائل التي تعتني بالصحيح وهكذا .
12. اصنع فهرساً لمكتبك في جهازك الحاسوبي ، ولا تقل هذا صعب ، وأوصيك أن تضع خطة للانتهاء من ذلك وسيفيدك هذا كثيراً جداً .
13. لا تكن ممن يجمع الكتب هوايةً لا للانتفاع فهذه ليست سبيل طالب العلم .
14. لا تبال بنقد بعض أفراد أسرتك أو حتى والديك في جمع الكتب والاستفادة منها ، وقد تسمع من يتهمك بإضاعة المال أو الوقت في الكتب , ولا تواجه هذه التهم بالقسوة بل تغافل وكن ذا مدارة متميزة لتكسب محبتهم .
15. إذا كنا ندعو للحرص على اقتناء الكتاب النافع فانتبه من صرف أكثر المال حتى لا تقع في الديون أو إهمال حقوق الأسرة أو ضروريات الحياة .
16. خصِّص الوقت المناسب لدخول المكتبة ولا تهمل الترتيب والتنظيم ، ولا تهمل حقوق أسرتك ، ويجب أن يعرفوا مواعيدك حتى لا يحصل خلاف معك بسبب الغيرة على الكتب ، وخاصةً من الزوجة .
17. قد يستدعي الأمر أحياناً إلى ترك المكتبة لتمريض الأسرة أو الملاطفة ، فلا تهمل ذلك ولا تكن حرفياً في النظام ، بل كن سهلاً ليناً وخاصةً مع أسرتك .
18. احرص على الإنارة الجيدة لك في مكتبتك .
19. حتى لا تخرج كثيراً نوصي بوضع ثلاجة صغيرة للماء والعصيرات .
20. إذا كنت من هواة الشاي والمشروبات الساخنة فلتكن لديك غلاَّية صغيرة مع أدوات الشاي .
21. احرص على إيجاد سلة للنفايات ، وأخرى للأوراق المحترمة مثل فرَّامة الورق .
22. يحسنُ بك وضع معلاق ملابس خلف باب المكتبة ، فقد تحتاجه.
23. احرص على إيجاد شاحن لجوالك في المكتبة حتى لا تضطر للخروج منها.
24. لا بد من وجود أقلام إضافية احتياطاً ، واحرص على توفر الورق التي ستكتب فيه بحوثك ودباسة مع أدواتها.
25. إذا كانت رفوف المكتبة طويلة فلا بد من إيجاد سُلَّم بالحجم المناسب لك.
26. عند الانتهاء من الكتاب أعده لمكانه حتى لا تتجمع عندك ، وتحدث لك فوضى على طاولتك.
27. يحسُن بك أن تقتني حقيبة صغيرة الحجم وتضع فيها: أقلام ، أوراق البحوث ، دباسة ، ملفات لتضم الأوراق ، ولتكن هذه رفيقتك في سفرك أو في رحلاتك العلمية والدعوية.
28. أقترحُ عليك وضع لوحة صغيرة لتكتب عليها أهدافك العلمية لهذه السنة ؛ لأن كثرة رؤيتك لأهدافك ستقدح في نفسك الهِّمة لإنجازها ، ومن جرَّب عرف.
29. إذا كان لديك جهاد حاسوبي فلتضعه في مكان مناسب في مكتبتك حتى لا يزاحم طاولة البحث والكتابة لديك.
30. اشتر طاولة للكتابة والبحث ولتكن جيدة ومريحة ولا تغفل عن الكرسي المريح الذي يساهم في راحتك ، واحرص على الكرسي الطبي حفاظاً على ظهرك.
31. عند تفصيلك لمكتبتك انتبه لـ: جودة الخشب أو الألمنيوم ، أو الحديد , وانتبه للمقاسات بين رفوف الكتب طولاً وارتفاعاً وعمقاً ، واستفد من كل مكان في غرفتك ليكون مناسباً في التفصيل ، فقد تحتاج أن تضع دولاب تحت النافذة أو تحت التكييف بسبب ضيق الغرفة.
32. احرص على توزيع الأفياش الكهربائية في الأمكنة المناسبة ، ومنها : جوار جهاز الحاسب ، مكان الإنارة التي على طاولة المكتب ، الهاتف ، الطابعة والفاكس ، شاحن الجوال , وكلما كنت دقيقاً ومنظماً كلما سُهل عليك الاستفادة من كل الأجهزة لديك ، وبهذا تنجو من التوصيلات الكهربائية ذات التمديدات الطويلة.
33. اقتن دولاب صغير متحرك له عدة خانات ويمكن إغلاقها لتضع فيه بحوثك ، مقالاتك ، فواتيرك , وهو موجود في المكتبات الكبرى ، ولقد استفدتُ منه كثيراً ، وبإمكانك أن تضع على رأس كل خانة ملصق صغير بعنوان المواد التي توجد فيه.
34. اكتب في وصيتك - بعد موتك- الجهة الخيرية التي تريد أن تكون مكتبتك وقفاً فيها , و قد تكون مكتبتك موقوفة لطالب علم متمكن أو لجامعة أو معهد في إحدى الدول الإسلامية المحتاجة في الداخل أو الخارج .
35. ضع ساعة حائط مناسبة في مكتبتك.
36. أرى أن تعود أبناءك زيارة مكتبتك والتمرن على البحث والمطالعة والكتابة لينشأ لديهم محبة الكتاب والعلم.
37. إذا كان لديك كتب متكررة أو فيها سقط وتريد الاستغناء عنها فانزل بها لمكاتب بيع الكتاب المستعمل لاستبدالها بأحسن منها أو بيعها .
38. بعض الناس يجعل مكتبته في مجلسه مع الآخرين ، أي: أنها في مقر استقبال الضيوف وفي هذا نشر لثقافة الكتاب وبيان الحرص على العلم ، ولكن لا بد من الحذر من الفضولي .
39. ليكن لديك ختم لمكتبتك لتختم كل كتاب لديك ، وبذلك تتعرف على كتبك ، ولا تختلط كتب الآخرين التي استعرتها بكتبك.
40. يُستحسن بك أن تكوّن مكتبة من مطبوعات المواقع من مقالات وبحوث ونحو ذلك وتضعها في مجلدات مناسبة لها ، وفي ذلك خير كثير.
41. ليكن لك مكان في مكتبتك لوضع السيديات النافعة والبرامج الحاسوبية المهمة .
ومع حرصك على الكتب لا تغفل عن أن العبرة بالعمل وملازمة التقوى في حال , سددك الله ورفع قدرك .
طالب العلم والمشاريع العلمية
حينما تتأمل واقع بعض طلاب العلم تفرح بتلك الجهود والبرامج الخاصة به , فهو صاحب اطلاع وقراءة وجرد للمطولات وحفظ للمتون وعكوف في المكتبة بين تلك الكتب المليئة بالفوائد والدرر .
ولعله صاحب رحلات لتلك الدورات العلمية التي ينهل فيها من علم العلماء وأدبهم وسيرهم , أو لعله من أولئك الذين عانقوا الأقلام تأليفاً وبحثاً ودراسة , وكل ذلك وغيره من الأهداف الرائعة في حياة طالب العلم .
وأنا هنا أقدر تلك الجهود السابقة وأدعو لبذل المزيد فيها والسعي إلى الكمال في كل خير وبر, ومع ذلك فإني أهمس لطلاب العلم بهمسة أرجو أن تسكن في قلوبهم , فأقول :
إن إدراك النفس إلى العناية بالمشاريع العلمية الكبرى من الأهداف المهمة في واقعنا العلمي ؛ لأن الناظر في البرامج العلمية الخاصة بالطالب يجد أن فيها تنوعاً وتكاملاً نوعاً ما – كل حسب رغبته وميوله وتخصصه – ولكن عندما نتأمل البرامج العلمية الكبرى التي تخدم الأمة أو مجموعات كبيرة من طلاب العلم في البلد الواحد فإننا قد نجدها قليلة , بل قد تكون معدومة في بعض البيئات الإسلامية .
ولأجل الإيضاح أقول : هناك عدة مشاريع كبرى يصل نفعها إلى جمهور كبير من الناس من عشاق العلم والمعرفة وتخدمهم في الجانب العلمي والشرعي في حياتهم , وهذه المشاريع قد غفل عنها كثير من طلاب العلم بل وبعض العلماء الكبار بسبب الأشغال والمهام التي نزلت بهم , أو لعله قصور في إدراك بعض هذه المعالم .
وسأطرح هنا بعض المشاريع التي أراها مهمة من وجهة نظري :
1- مجموعة مؤلفات في " العقيدة – الفقه – التفسير " أين طلاب العلم عن مثل هذا المشروع ؟
ألا يمكن لعشرة من الطلاب المتميزين أن يقرروا البدء بتأليف سلسة في الفقه الميسر – مثلاً - ؟ أو في تقريب العقيدة لعامة الناس عبر وسيلة " سؤال وجواب " مثلاً ؟
2- إنشاء مكتبات علمية في بعض الجوامع الكبار أو المراكز الإسلامية أو السجون في بلاد العالم كله أو بلد واحد كأمريكا أو كندا مثلاً .
3- زيارة بعض القرى الصغيرة بهدف إقامة دورات علمية لها منهج البقاء والاستمرار .
4- تأسيس مراكز لترجمة الكتب والرسائل العلمية إلى عدة لغات .
5- تأسيس مطابع وقفية لطباعة الرسائل والكتب والمطويات بكافة اللغات .
6- فتح برامج علمية متخصصة في البناء العلمي في القنوات والإذاعات .
7- إنشاء مجلات علمية تخرج في مواسم معينة تعتني بالعلم ومتعلقاته .
8- تأسيس لجنة علمية في المكاتب الدعوية والمراكز الإسلامية لتعتني بالجوانب العلمية لهذا المركز .
9- إنشاء مواقع تعليمية عبر الإنترنت بطريقة احترافية وجديدة تهتم بالجانب التعليمي للناس .
10- العناية بالنساء وفتح مراكز أو معاهد تعليمية لهم ذات مناهج وخطط واضحة المعالم .
11- فتح مراكز ودورات لتعليم الكبار والمتقاعدين .
12- بناء مركز علمي في البلد يسعى لتحقيق عدة أهداف علمية كبيرة .
13- إنشاء جامعات في البلاد الإسلامية التي ينتشر فيها الجهل بكثرة .
14- فتح برامج تدريبية لطلاب العلم في تنمية الفكر وتطوير الذات وتوسيع دائرة الفكر في إدراك هموم الأمة وحاجة الناس للمشاريع العلمية والمؤسسية .
من المؤكد أن كل تلك الأفكار تفتقر إلى عناصر قوة وتأثير وتفعيل وتخطيط , ويجب أن تكون هناك لجان ومؤسسات علمية لتبني تلك الأفكار وغيرها مما يدور في فكر كل جاد وحريص .
طالب العلم وطلب الرئاسة
عندما تصفحتُ كتب السلف رأيتُ أن الحذر من الشهرة والبعد عن التصدر هو الغالب على الآثار عنهم قولاً وعملاً ، وهذا المفهوم يحتاج إلى ضبط لحدوده وحروفه .
لا شك أن من المصالح العامة نفع الناس وتعليمهم وإفتائهم ، وهذا المقصد الجليل تواترت بالحث عليه النصوص من الكتاب والسنة ، ولا بد من القيام به ، ولن يتحقق ذلك إذا طبقنا كراهية الشهرة والاختفاء عن الناس والزهد في الرئاسة .
ولعل قصد السلف هو " الحب القلبي للشهرة والسعي لذلك " وأما إذا جاءت الشهرة تبعاً لا قصداً فلا أرى في ذلك أي حرج.
وتأمل هذه النصوص :
1- يوسف عليه السلام يطلب الرئاسة ويزكي نفسه " اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ "[يوسف:55] ولو تركها لأخذها من ليس بأهل أو ضعيف الديانة.
2- عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه يأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول: اجعلني إمام قومي فقال صلى الله عليه وسلم : أنت إمامهم واقتد بأضعفهم . رواه الترمذي 193 بسند صحيح .
فانظر كيف طلب الإمامة ولم يزهد فيها.
3- حاجة الأمة إلى تولية المناصب المهمة شرعية أو دنيوية , أما الشرعية كالقضاء والإمامة والدعوة , وأما الدنيوية : كإدارة المراكز والمؤسسات والشركات ونحو ذلك , فلو أن الغالب على أهل الخير الزهد في هذه المناصب لتولاها من يفسد في الأرض ويسعى في خرابها.
إشارة :
إذا كان طلب الشهرة مذموم أصلاً فلا بد أن نجدد النية ونطلبها بقصد نفع الأمة وحماية المجتمع وإصلاح الفساد.
وإذا قال لك الشيطان : إنك منافق . فقل له: ربي يعلم أني " ِإنْ أُرِيدُ إِلَّا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ " [هود:88].
الشيخ بين التدريس والتصنيف
رأيتُ كثيراً من أهل العلم ممن أمضى كثيراً من وقته في العلم والتعليم قد أغفلوا جانباً مهماً ألا وهو " التصنيف ".
ويحتجُّ هؤلاء بأن الدروس والتحضير لها تأخذ وقتاً فضلاً عن الارتباطات الأسرية والوظيفية الأخرى.
وقد أوافقهم على وجود مثل هذه الأعذار ، ولكني أقول : لابد من مجاوزة ذلك ، والانطلاق لمشروع التصنيف ، ولو على تدرّج وتمهّل ؛ لأن الدروس الصوتية والكلمات والمحاضرات تذهب سريعاً من عالم الوجود ، ولكن الكتاب يبقى أثره لفترة طويلة.
وتلك الأشرطة لا يتسنى الانتفاع بها إلا عبر وسائل مساعدة كالكهرباء أو المسجل ذا البطاريات ، ولابد من مراعاة عدم إزعاج الآخرين بالصوت، وإن كنت في السيارة فقد تذهب بك الأفكار عن الاستماع إلى مراعاة السير والانتباه لحركة مرور الناس بسياراتهم.. إلى غير ذلك من منغصات الاستماع.
أما الكتاب فيقرأ في أي مكان ، ولا يسبب إزعاجاً ويمكنك الاستفادة منه في مكتبك ، وفي أوقات الانتظار وفي الطائرة.
والكتاب المعدّ إعداداً جيداً يساهم في إثراء المكتبة الإسلامية.
فيا أيها الشيخ الكريم ، يجب أن تولي التصنيف عناية ورعاية ، وهذه بعض المقترحات :
1- إذا كانت لك دروس مستمرة أو زيارات دعوية أو لقاءات في القنوات ؛ فاجعل من أيامك أياماً للتصنيف.
2- إذا كانت دروسك فيها الإعداد الجيد ؛ فألزم طلابك بالتسجيل ، أو اتفق مع موظف خاص ليقوم بالتفريغ ، ثم بعد ذلك تراجعها أنت.. وبهذه الطريقة تختصر كثيراً من الوقت ، وإن كان بعض المراجعة فيه نوع مشقة.
3- إن كنت تثق ببعض طلابك الذين يعرفون منهجك ، ولهم فترة طويلة معك ؛ فبالإمكان تفويضه في إخراج كتبك بدون أن تراجعها .
4- اعلم أيها الشيخ الفاضل أنك ستواجه طلبات عديدة من الناس ؛ فهذا يريد كلمة ، وآخر يريد لقاءً ، وثالث يريد زيارة في مدينة أخرى.. فوصيتي لك: لا يأخذك الحب للنفع المتعدي إلى إهمال " التصنيف ".
ومضة : لو أن العلماء السابقين أهملوا التصنيف واشتغلوا بالدروس المباشرة لطلابهم , فمن أين لنا بهذا التراث الكبير ؟
في واقعنا تعصب للأشياخ
لكَ أن تنظر في واقع عامة الناس , أو لعلك تخالط بعض طلاب العلم , أو لعلك تجلس مع زمرة من محبي الدعوة , فإذا بك تقف على مرضٍ دخل وملأ البعض ممن تعلقوا بالأشياخ تعلقاً مذموماً ومنحوهم حباً لا على المنهج بل على مقياس " الهوى" فهوى بهم نحو الذل , وتأتي الأحداث والوقائع لتظهر لك " أمارات التعصب" و" ثماره" وهنا ومضات :
1- تقليدهم في عباداتهم أو آرائهم بلا نص معتمد أو فهم مقتبس من نصوص الوحيين , وهذا التقليد قد يكون محموداً عند العامة لأنه لا قدرة لهم على البحث , ولكنه مذموم عند من يدرك النص وله فسحة ولو يسيرة في الفهم , فهذا مالُه وللتقليد ؟ بل يحسنُ به أن يتعلم أمور دينه ليعبد الله بما شرع لا بما انتشر عن الأشياخ.
2- هذا المتعصب له ميلٌ في الغلو في الشيخ والرمز, ويدل لذلك أنه لو وقع شيخه في خطأ ولو عن اجتهاد , وقام أحد الغيورين بالرد عليه أو حتى الحوار معه , لعاتبك ذاك المتعصب قائلاً : ومن أنت حتى ترد على الشيخ ؟
3- المتعصب يقبل رأي شيخه ولو خالف الدليل ، بل الصواب ما قاله الشيخ , والنص له التأويل .
4- المتعصب يقدِّم قول شيخه ؛ لأنه يحبه لا لأن الدليل والحجة معه.
5- المتعصب يرفض أي نقدٍ لشيخه، ولسان المقال : كل من نقد شيخي فهو جاهل.
6- المتعصب لا يقرأ إلا لشيخه ولا يسمع إلا له , ولا ينشر إلا فتاويه ولا يزور إلا موقعه.
7- المتعصب إذا سمع أن أحداً رد قول شيخه " غضب وحسبل وحوقل " وكأن المصيبة ستنزل بساحة ذاك المخالف ورماه عن قوس واحدة " أين احترام العلماء" ؟ و" نحن في آخر الزمان" و" من جهل شيئاً عاداه" وردد " يا حسرة على العباد".
8- المتعصب لا يمدح أيَّ صواب عند غير شيخه، بل كل صواب عند غير شيخه فإن شيخه قد قال به بالنص أو بالظن أو في الغالب.
9- المتعصب لو مات شيخه فإن الأمة ستضيع والدين في انحدار, والعلم زال, والفقه قد دُفن , والساعة قد اقتربت , والدجال سيخرج , والمهدي لعله قريب.
10- المتعصب فقد التوازن، وخسر العدل، وغاب عنه الإنصاف , وابتعد عن بابه القسط وسيسقط قرُب الزمان أو بعُد.
11- المتعصب يوالي من والى شيخه، ومَن خالف شيخه فله " البغض في الله" على حدِّ زعمه.
12- المتعصب امتلأ قلبه بالتعظيم للشيخ لا للمنهج , ولهذا لو سقط الشيخ في زلة أو في تبديل في المنهج فإن صاحبنا سيهوي وراءه , لأنه متعلق بالرمز لا بالمنهج.
13- ذاك المتعصب يمدح شيخه ومنهجه في المجالس ومع كل جالس , وكأنه المتحدث الرسمي عنه، أو كأنه يتقاضى راتباً من رمزه ليرفع ذكره في المجالس , فما أسوأ الحب إذا غلا، وهكذا يصنع الهوى إذا علا، والقاعدة: ومن علا على هواه عقله فقد نجا.
14- ويتعصب صاحبنا حتى أصبح شيخه المرجع في التشريع , ولهذا تجده يقبل قوله ورأيه حتى في مجال التعبد والمعتقد , مع أن النص قد لا يرتضيه أحياناً .
15- لا يزال المتعصب في جهل دائم , إذ أنه ألغى عقله , وارتدى قلادة الولاء للرمز.
إشراقة : فلان حبيب إلينا , والحق أحب إلينا منه.
الانتقاء في العلم
إن العلم كثير وهو بحر لا ساحل له ، والطالب الذكي هو الذي يحرص على الأنفع والأهم من مسائل العلم وفنونه.
وعند التأمل في حياة بعض طلاب العلم تجد أن هناك فوضى في الانتقاء ونتج من ذلك " وجود المثقف في العلم " وغاب صاحب العلم المتقن والمحرر للمسائل الضابط لكلام أهل العلم .
- إن الانتقاء في العلم يشمل :
1- انتقاء الشيخ المتميز بعلمه وعمله وطريقة تدريسه ، ومناسبته لمستواك العلمي.
2- انتقاء الكتاب الذي تقرأه ومدى الاستفادة التي ستجنيها من خلاله.
3- انتقاء الدورة العلمية التي تحضرها ، فليس كل دورة تناسبك ، وقد تحضر بعض دروس الدورة لا كلها.
4- انتقاء الشريط الذي تستمع له والحرص على ما يفيدك ويزيدك علماً وبصيرة.
5- انتقاء البحث العلمي الذي تحصل من خلاله على الفوائد والفرائد.
والحديث عن الانتقاء يطول وفروعه كثيرة وطالب العلم الذكي يدرك أكثر مما أشرت إليه ، والتوفيق بيد الله تعالى.
كيف تكتب الفوائد العلمية ؟
في مسيرتك العلمية وأثناء ممارستك للقراءة فإنه لا بد أن تمر بك بعض الفوائد والفرائد العلمية التي هي كنوز ودرر لمن يقدر الأمور قدرها ، ولكن الملاحظ أن هناك زهد منقطع النظير عن تدوين الفوائد ، ويرجع هذا إلى :
1- عدم المعرفة بالطرق الجيدة في التدوين.
2- عدم التدريب على فن انتقاء واقتناص الفوائد.
3- عدم طرح الموضوع والحديث عنه حتى على مستوى كبار أهل العلم والمتخصصين.
4- عدم تربية طلاب العلم على هذا الفن ، وهذا ناتج من خلل عند المشرفين والمربين عندهم .
5- ضعف الهمة .
6- عدم القناعة بضرورة كتابة الفوائد.
وهنا سأضع لك بعض التجارب في كيفية الكتابة والانتقاء والتدوين:
1- قبل قراءتك لكتابك المقصود لا بد من تحديد مشاريع تريدها من خلال تدوينك الفوائد ، مثال: تريد القراءة في كتاب " الجواب الكافي " فهنا لا بد من استعراض الكتاب كاملاً بنظرة سريعة ليكون بعدها تحديد المشاريع ويمكن أن تكون المشاريع من " الجواب الكافي " ما يلي :
- ذكر آداب الدعاء باختصار .
- ذكر القصص المعبرة.
- ذكر عواقب الذنوب إجمالاً.
- تدوين الكلمات ذات الدلالة القوية من الكتاب بشرط أن تكون نحو سطر أو سطرين .
- خطر العشق من خلال القصص الواردة.
2- لا بد أن أنبه أن كتابة الفوائد يمكن أن تكون مباشرة عند قراءة الفائدة ويمكن أن تؤخرها حتى تنتهي من الكتاب كاملاً ثم تعود إلى عناوين الفوائد التي تريد كتابتها.
3- هناك فرق بين تدوين الفوائد وبين اختصار الكتاب والكلام هنا عن تدوين الفوائد.
4- بعض طلاب العلم يكتب الفوائد على غلاف الكتاب ويكتفي بذلك ، وفي نظري أن هذا لا يكفي ، بل لا بد بعد ذلك من نقلها لدفتر خاص.
5- وبعد نقلها لدفتر خاص تبدأ في فرزها " العقدية – الفقهية – الحديثية – اللغوية – الأدبية – القصص.. " ويكون هذا الدفتر كبيراً وتكون الصفحات مناسبة للتقسيم حتى تضم الفوائد على مدار سنة كاملة في هذا الدفتر وحسب العنوان المناسب لها.
وكلما انتهيت من كتاب تبدأ بجمع الفوائد الموجودة فيه في الدفتر المخصص لها، وإذا كان هناك تشابه في الفوائد فإنك تضم النضير إلى النضير، مثال: من فوائد قراءتك في فتح المجيد " بيان شروط الرقية الشرعية " ص: 177 .
ولما قرأت كتاب " فتاوى ابن باز " وجدت الفوائد نفسها ، فهنا تكتب بجانب (ص 177) وانظر فتاوى ابن باز ( 1/ 145) وهكذا تجمع كل فائدة بجانب الأخرى حتى يأتي الوقت الذي تجد في بعض الفوائد ( 10 ) مراجع أخرى ، وهذا يفيدك في البحوث القادمة.
ويوضح ذلك أنه لو كان عندك بحث عن الرقية فحينها تجد في عناصر البحث " شروط الرقية " وإذا بدأت في الكتابة فسوف تراجع دفتر الفوائد حول هذا نحو ( 8 ) مراجع أو أكثر، وفائدة ذلك : تقوية مادة البحث ، ثقة القارئ بجودة البحث ، معرفة كاتب البحث بأنه صاحب اطلاع واسع حيث أجاد البحث وأفاد في زيادة مراجع كل مسألة.
* مشروع آخر: قراءة كتاب " زاد المعاد " فإن الفوائد منه – مثلاُ - تكون كالتالي :
- الإجماع الذي نقله ابن القيم .
- الفوائد الفقهية باختصار .
- الأبيات النافعة .
- الأحاديث التي ضعفها ابن القيم .
- الفوائد اللغوية.
- الفوائد العقدية.
- الفوائد التربوية الإيمانية.
وقد تستغرق القراءة والتدوين نحو ثلاثة أشهر ولكنك ستخرج لنا كنوزاً عظيمة.
6- قد تطرأ عليك فوائد أخرى أثناء قراءة الكتاب فهنا يجب أن لا تهملها بل سارع في تنفيذها وترتيبها واختيار العنوان العام التي تندرج تحته.
أقترح بأن تسارع في طباعة الفوائد التي في دفترك الخاص وذلك لتكون عندك في جهاز الكمبيوتر ولكي يسهل عليك التعديل والإضافة كلما جدّ لك أمر أو وردت إليك فائدة.
والطباعة إما أن تتولاها بنفسك أو تستخدم أحد الموظفين في المكتبات المتخصصة في ذلك ، وقد يكون الثمن باهظاً نوعاً ما ، ولكن هكذا العلم لا بد فيه من البذل والتضحية.
7- قد تجد من يقلل في العناية بتدوين الفوائد أو لا يهتم بترتيبها نظراً لتزاحم الأعمال لديه ، فهنا يجب أن لا تلتفت إليه وتميّز أنت بدقة التنظيم والترتيب وستجد أن ذلك الرجل يتمنى لو كان لديه من الوقت ما يكفي ليسير على حذو مسيرتك في الكتابة وجودة الترتيب.
8- لا بد من تنويع المواد المقروءة لتتنوع الفوائد المستنبطة وليكون لديك اطلاع واسع في سائر العلوم ، وهذا له أثره الواضح في الملكة العلمية وقوة التأصيل والإبداع العلمي.
9- مراجعة الفوائد بين حين وآخر مطلب مهم لتثبت المعلومات ولتعرف مراجع الفوائد لتقوى على العزو الصحيح للقائل أو للكتاب أو للمسألة , ونحن في زمن ندر فيه من يعزو بثقة لضعف التدوين أو ضعف الذاكرة.
10- أوصي كل من لديه دروس في المساجد أو عنده طلاب يتتلمذون على يديه أن يعتني بتدريبهم على كتابة الفوائد ويختبرهم في الإبداع في التدوين وسيكون لذلك أثر كبير في النضج العلمي ، ومن جرب عرف.
نشر علم العلماء
خطابي لذلك الذي لازم العلماء برهة من الزمن في أحلى أيام العمر، تلك اللحظات التي كانت بحق زبدة العمر في مجالسة العلماء والاقتباس من علمهم والاستماع منهم وتقييد الفوائد التي خرجت من أفواههم .
يا من لازم العلماء وكتب عنهم الفرائد والدرر، يا ترى هل فكرت في جمع تلك الفوائد وضم النظير إلى النظير لكي تخرجها للناس عبر مؤلف ينتفع منه القاصي والداني ، أو رفعته لبعض المواقع الإسلامية ليستفيد منه زوار الموقع؟.
يا طالب العلم , إن خدمة العلماء الذين لازمتهم وكتبت عنهم شرف لك وواجب في نفس الوقت ، وإن حاجة العلماء لك تتلخص في علو الأدب في المجالسة وحسن النشر لفوائد تلك المجالسة.
والله إن الحزن ليحيط بي عندما أرى مئات الطلاب الذين لازموا ذلك العالم ولكن لم يعتن بإخراج علمه إلا أفراد قد لا يتجاوزون العشرة أحياناً , فأين البر بالعلماء ؟ وأين النشر لتلك الفوائد ؟ هل نزل الكسل بساحة أولئك الطلاب ؟ أم أن هموم الدنيا ملأت الفؤاد فمنعته من التفكير في ذلك ؟.
إني لا أجد لك عذراً في عدم النشر؛ لأن الوسائل ممكنة ، والوقت فيه متسع ، فأرجو أن تأخذ قلمك وتخرج علم شيخك الذي نفعك بعلمه وأدبه.
طالب العلم بين الانترنت والكتاب
مع انتشار المواقع والمنتديات لاحظت على بعض طلاب العلم الزهد في الكتاب اقتناء أو اطلاعاً وتقييداً للفوائد ، ولا شك أن هذا مخالف لأسس العلم ؛ لأن طالب العلم لا بد أن تكون علاقته بالكتاب متينة.
وهذا أمر مستفيض من حياة السلف والأخبار عنهم في هذا معلومة مشهورة.
وهناك فريق آخر ضد هذا ، وهو عاشق الكتاب الذي لا يعرف الانترنت ولا يعرف كيف يستفيد منه ، بل قد ينكر عليك استفادتك من الانترنت ويشكك في مصداقية مافيه ، وهذا غلو لا ينبغي وجهل كبير بالتقنية وكيفية الانتفاع بها في المجالات المهمة.
وخير من هذا وذاك ، ذلك الطالب المتوازن الذي جعل من وقته لحظات مع الانترنت لينتفع منه عبر الفوائد والفتاوى والمقالات وغيرها من سبل الانتفاع , أو ينفع غيره من رفع المواد المهمة أو الإشراف على المواقع أو المنتديات النافعة شريطة أن يرتب وقتاً لذلك حتى لا يطغى على حبه للكتاب والاستفادة منه ومطالعة الجديد في المكتبات واقتناء الكتب المفيدة، وهذا التوازن نعمة ربانية يهبها من يشاء من عباده.
مفهوم رعاية الوقت
يتحدث الكثير من العلماء عن حفظ الوقت ويسردون الأدلة والأقوال التي تعتني بهذا الجانب ، وهذا شيء نحتاجه جميعنا.
ولكن الذي يؤسف له أن بعض طلاب العلم يقْصرون " حفظ الوقت " إلى الجانب العلمي فقط ، ويغفلون عن عبادات أخرى قد تكون أوجب من طلب العلم بحجة المحافظة على الوقت ، وتأمل معي :
1- التقصير في خدمة الوالدين وقضاء حوائجهما بحجة الانهماك في القراءة أو البحث.
2- التفريط في صلة الرحم بحجة طلب العلم والارتباط بالدروس والدورات العلمية.
3- السهر على طلب العلم والتفريط في العمل الوظيفي أو الدراسة بزعم أن بعض السلف كان يسهر في العلم.
4- التهوين من شأن البرامج الدعوية ولمز بعض الدعاة أو الوعاظ بتهمة إضاعة الوقت مع عامة الناس أو البرامج غير الجادة " في نظره " .
5- قد يتأخر بعض طلاب العلم عن التبكير للصلاة بسبب الانهماك في بحث علمي .
6- التفريط في قراءة القرآن وتدبره بسبب جرد المطولات وتحقيق الأحاديث.
والأمثلة كثيرة التي تدل على وجود الخلل في مفهوم المحافظة على الوقت عند بعض طلاب العلم .
ولأجل التوضيح أقول:
1- إن حفظ الوقت هو أن لا يضيع في أمر غير نافع من لهو أو نوم زائد أو كلام غير مهم أو نحو ذلك من مضيعات الأوقات.
2- حفظ الوقت هو : القيام في الوقت بما يطرأ في ذلك الوقت من عمل صالح , ففي وقت الوجود مع الأسرة يكون حفظ الوقت في الجلوس معهم وتربيتهم ومداعبتهم , وعند حضور الصلاة يكون حفظ الوقت في التبكير لها والتسابق إليها ، وعند وجود البرامج العلمية يكون بالقراءة والاطلاع وحضور الدروس، وعند نزول الضيف بك يكون حفظ الوقت بتأدية حق الضيف.
وهكذا نراعي في الوقت ما يستحقه من العبادات التي تناسبه وتلائمه.
طالب العلم وفقه النصوص
امتلأت ساحتنا بطلاب العلم – بحمد الله – وهذا الامتلاء دليل خير للأمة ولكن يجب أن يكون التوجيه لهؤلاء بفقه الطلب وحسن إدارة المنهج مستمراً لئلا تزل القدم ويقع الخلل.
ولعل من فقه الطلب " أن يعتني الطالب بفقه النص " ويظهر ذلك في تربية الطالب أن لا يكتفي بحفظ النصوص بل لا بد من فهمها فهماً واضحاً على منهج السلف.
- ويفيدك في الفهم :
1- قراءة الشروح على النصوص .
2- حضور مجالس العلم التي تشرح فيها النصوص .
3- معرفة اللغة العربية ودلالاتها.
- من الجيد أن يدرِّب الشيخ طلابه على استنباط الفوائد من النص ثم يصحح لهم.
- هناك كتب تناولت فوائد النصوص بالأرقام وهذه لها أثر كبير؛ مثل: ( 100 ) فائدة من حديث كذا أو من قصة كذا.
- بعض العلماء يتفنن في الاستنباط ضمن الشروحات ، فمن الجيد أن نكتب تلك الفوائد ونقيدها.
- أقترح إيجاد دورات علمية تدريبية على فهم النصوص واستنباط المسائل والفوائد منها.
- عندما يتعود الطالب على جودة الفهم ودقة الاستنباط فإنه سيحب العلم ويتلذذ به، وهذا شيء مجرب.
- رائع أن تستعين بربك في الفهم ، فالله هو الفتاح وسيفتح لك في الفهم في الشريعة ما لا يخطر بالبال.
- قال ابن القيم رحمه الله تعالى : وصحة الفهم نور يقذفه الله في قلب العبد يمده تقوى الرب وحسن القصد.
- عندما نتعود على فهم النصوص فسوف نقدر على مواجهة أهل البدع والفساد ؛ لأن النص واحد ، والفهم مختلف , ولذا قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى : يا أصحاب الحديث تعلموا فقه الحديث لا يقهركم أهل الرأي.
ولعل الناظر في بعض الصحف وبعض المواقع يجد الجرأة في فهم النص وتحريفه إلى ما يهواه الكاتب ويحتج بأن باب الفهم في النص مسموح لكل أحد حسب الطريقة التي تناسب كل قارئ , وفي هذا من الفساد العقدي والمنهجي والسلوكي الشيء الكبير.
لذا وجب على حرَّاس الشريعة حماية النص وحماية الفهم الصحيح المراد منه بالبيان والرد على كل متهم له.
عند الفتن من هو شيخك
من مصائب الفتن أنها تُغيِّب عند بعض الناس مصدر التلقي للفتاوى ، فتجد أن بعض هؤلاء يختارون " من يشاءون " من المفتين ، سواء كان ذلك المفتي من شبكة الإنترنت أو ممن فاز بزاوية في صحيفة ، أو ممن ظهرت صورته في قناة .
ولا يزال فئام من الناس يتتبعون الفتاوى التي تناسب شهواتهم وميولهم وأهوائهم ، ويفرحون بها وينشرونها عبر وسائل النشر المتاحة من رسالة جوال أو جلسة مسامرة في استراحة أو مناسبة ، ويعقب هذا الفرح التمسك بها والتعبد لله بها وهنا مكمن الخطر.
وعندما ترشد هؤلاء لفتاوى كبار العلماء ممن شابت رءوسهم ولحاهم في العلم إذا بهم يرفضونها ويتهمون أصحابها بأنهم لا يدركون الواقع ، ولا يفهمون النصوص ولا يتقنون مبدأ التيسير على الناس.
وهذا – والله – من صور الافتتان في هذا العصر حينما يُغيَّب رأي العالم البصير ويقبل رأي غيره من الصغار أو ممن لم يعرف بالعلم ولم يشهد له العلماء بالطلب وثني الركب في مجالس العلم.
ورحم الله السلف الذين كانوا يميزون من يأخذون عنه العلم ؛ قال ابن سيرين رحمه الله تعالى : إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم .
قيل لإسماعيل بن عياش رحمه الله تعالى : ممن نأخذ العلم ؟ فقال : من المشهورين المعروفين .
وقال ابن عون رحمه الله تعالى : إنا لا نأخذ العلم إلا ممن شهد له عندنا بالطلب.
فتأمل هذه الأقوال التي تؤكد على ضرورة التأني في الأخذ عن من يتحدث عن أمور الشريعة.
وأخيراً: أقول كما قاله أحدهم : دينك دينك إنما هو لحمك ودمك فانظر عمن تأخذه ، وخذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا. الكامل لابن عدي ( 1/155).
التأليف والعبادة " البخاري نموذجاً "
لعل من أهداف كثير من الباحثين في العلم الشرعي " التأليف " وهذا هدف كبير، والأمة تنتظر المزيد والمفيد والجديد في المكتبة الإسلامية.
ولكني هنا ألفتُ انتباه نفسي وكل طالب علم يحبُ التأليف ويعشق الكتابة إلى ضرورة ارتباط التأليف بالتعبد لله تعالى والاتصال به.
ولعل من أشهر القصص في هذا الباب قصة الإمام البخاري رحمه لله تعالى الذي قال عن صحيحه : ما وضعتُ في كتابي حديثاً إلا اغتسلتُ قبل ذلك وصليت ركعتين .
ولقد توقفتُ عند هذا الخبر طويلاً وسرت في أبعاده ، وعشت في ظلاله ، فتعجبتُ كثيراً ؛ لأن عدد أحاديث صحيح البخاري تقارب ( 7563 ) حديثاً على اختلاف يسير في الترقيم .
وأنت عندما تحسب لكل حديث " اغتسال وركعتان " فسوف تقف طويلاً لعمق الإيمان والاعتصام بالله تعالى في تأليف الكتب ونفع الناس.
وتشعر بالتأني والرفق الذي كان عليه الإمام البخاري رحمه الله تعالى.
وتسأل نفسك وتقول: ولماذا يصلي ركعتين قبل كتابة حديث ؟
وماذا عاش فيها ؟
وماذا قال ؟
وكيف سأل ربه التوفيق والتأييد للتأليف ؟
إنها أسئلة كثيرة ومتنوعة يقف عندها من يجيد التأمل.
ولعل من أسرار تلك الركعات أن بقي القبول لصحيح البخاري على مر الزمان وتم الانتفاع وقويت الحجة لطلاب الحديث.
فما أعظم آثار الاعتصام بالله والتعلق به.
ويا ترى هل مؤلفي زماننا يسيرون على منهج البخاري مع " الركعتين " أم أن شهوة التأليف والبحث عن الشهرة والرغبة في أن يعرف شخصه أو كتابه أنسته " الركوع والسجود " .
إننا مع رغبتنا في مطالعة جديد الكتب نفتقر إلى " رائحة القبول للكتاب " الذي يضعه الرب الكريم لمن رأى منه الصدق وعلم منه الحب لنفع الناس.
فرسالتي لك : تلمّس حاجة قلبك إلى ربك قبل أن تمسك قلمك ، وحينها سيجري القلم وينزل القبول.
طالب العلم والإنترنت
لا يخفى على كل ذي عقل أن الإنترنت أن الآن هو سيد العالم التقني ، ورائد باب سرعة وصول المعلومة وتشاركه القنوات في بعض ذلك.
وإذا صح هذا فإن طالب العلم لا بد أن يدخل هذا الباب – الإنترنت – من عدة زوايا :
1- التصفح لمواقع العلماء والفتاوى والبحوث لرؤية الجديد والمفيد.
2- طباعة المسائل والبحوث من المواقع النافعة وتكوين مكتبة بأرشفة متميزة ضمن مكتبة منزلك.
3- الكتابة في المواقع النافعة بالمقال المفيد أو المسألة العلمية مما يثري تلك المواقع ويساهم في نشر العلم لمن يريده.
4- المشاركة في الردود العلمية على الشبهات والبدع المعاصرة ، وفي هذا دفاع عن المنهج ، وجهاد في سبيل العلم ، قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : الراد على أهل البدع مجاهد .
5- وضع دروس صوتية في المواقع الصوتية .
6- الإشراف على بعض المنتديات في " الجانب العلمي " منها ، مما يكون سبباً في ضبط المشاركات بضوابط العلم ، ليس كما هو موجود حالياً في بعض المنتديات.
7- إنشاء طلاب عبر الانترنت يتتلمذون على يديك من مختلف دول العالم عبر ما تضعه لهم من مناهج علمية ودروس ضمن مستويات تعليمية ، وقد جربها بعض الإخوة ونفعت.
8- المشاركة في الإجابة على الفتاوى الواردة لذلك الموقع ، لتظهر إجاباتك في قسم الفتاوى للمتصفح.
9- تحميل البرامج النافعة التي تهم طالب العلم ، والتي تسهل عليه عملية البحث والاطلاع ، مثل: الموسوعات الحديثية والفقهية ونحوها.
10- متابعة الجديد من الكتب والإصدارات التي تثري معلومات طلاب العلم.
11- الاطلاع على واقع المسلمين ورؤية ما يجري لهم ليكون طالب العلم على بصيرة بواقعه وليمكن له تحليل الحدث وفق المنهج الشرعي.
طالب العلم والوقت
أجمع كل من دخل في " طلب العلم " أن العناية بالوقت هو الطريق الأعظم والباب الواسع الذي يلج إليه طالب العلم الصادق.
والحديث عن الوقت وأهميته ووسائل نيله مطروق في غير هذا الموضع ، وقد أشبع العلماء كتبهم في الحديث عنه ، ولكني هنا أضع مقترحات وإشارات تنفعك بإذن الله تعالى :
1- ارفع يديك إلى مولاك لكي يمنحك الحفظ للوقت ، وأن يبارك لك في وقتك.
2- معنى " حفظ الوقت " هو : استغلاله فيما ينفع في العمل المناسب للوقت المناسب ، فمثاله :
- في وقت الدراسة النظامية ، لا يناسب أن تغيب عن المدرسة لأجل حفظ المتون أو جرد المطولات.
- في بيتك وأنت في الجو الأسري لا يناسب أن تغيب عنهم لكي تقرأ ، وتترك والديك أو زوجتك بلا أنيس ، إلا عند الاستئذان منهم ومراعاة الأحوال.
- عند أوقات العبادة الفاضلة ؛ مثل " الصلاة " فلا يناسب الانشغال بالعلم ، بل الأولى المبادرة إلى الصلاة.
- بعد عصر الجمعة الأولى الإقبال على الدعاء وكثرة الابتهال إلى الله ؛ لأن ذلك هو أرجى أوقات الإجابة كما دلت النصوص في ساعة الاستجابة التي في يوم الجمعة.
- في آخر الليل ووقت النزول الإلهي ما أجمل أن تكون ممن " تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا... " [السجدة:16].
- تستطيع الاستفادة من الوقت في الفراغ في عملك .
- تستطيع قبل النوم أن تلهج بالذكر حتى تغلبك عيناك.
- وأنت في بعض المجالس قد لا تستطيع فعل شيء لتستغل وقتك ، ولكنك تستطيع أن تستغفر أو تسبح.
4- اختر الوقت المناسب للفعل المناسب ، فمثلاً : لا تقرأ الكتب المركّزة والعميقة في أوقات غلبة النوم أو العمل.
5- ابدأ بالأوليات ، فلا تتصفح كتب القصص والمواعظ وأنت لم تقرأ في كتب العقائد والتوحيد.
6- رتب وقتك وخصّص شيئاً لتدوين الفوائد وترتيبها وفهرستها.
7- لابد من تخصيص بعض اللحظات للاستماع للشريط النافع وتدوين اللطائف والفرائد.
8- وأنت في زحمة المطالعة والقراءة ستمرعليك لحظات التعب والنصب، ولكن هذا طريق العلم ، والقاعدة: " لا ينال العلم براحة الجسد ".
9- إياك والكتب الساذجة والباردة ، وطالع كتب السلف الذين استناروا بنور الوحي، وحينها أنت " طالب علم ".
10- استشر قبل القراءة ، وليكن مستشارك ممن سار في قافلة العلم والعلماء، ليمنحك بعض التجارب التي لن تجدها في كتاب.
11- لا بد من وقت لقضاء حاجات الإخوان والوقوف إلى جنبهم ، وليس هذا من إضاعة الوقت ، بل هو من فقه إدارة الوقت.
12- اجعل هناك وقتاً لشراء الأغراض ومستلزمات البيت ، وليكن هذا الوقت وقت العودة من الدوام أو بين المغرب والعشاء .
13- صلة الرحم واجبة وليست إضاعةً للوقت ، بل هي وربي من الطرق التي نستجلب بها البركة في الوقت.
طالب العلم والقلم
هما قرينان لا ينفكان وينتج عنهما نفع للأمة وإبقاء للميراث النبوي .
إن القلم لسان ثان لطالب العلم ، وكما قيل : القلم أحد اللسانين .
لذا وجب على طالب العلم أن يعتني بقلمه عبر هذه الإشارات :
- الحرص على اقتناء القلم في جميع مواطن حياتك ، فهو في جيبك الذي في ثوبك ، وفي مكتبك ، وفي حقيبتك الخاصة ، وفي جوار وسادة النوم.
وكل هذا لأجل العلم وكتابة الفوائد وصيد الخواطر، واقتناص الفرص والهمسات والأفكار التي قد ترد على عقلك أو قلبك.
- وإذا كانت نصوص الوحي قد راعت جانب العلم والتعلم والتعليم ، فلا بقاء لكل ذلك إلا بالقلم الذي يساهم في نفع العلم عبر الكتابة من بوابة " حبر القلم " الذي هو دموع تسطر أجمل الكنوز العلمية .
وطالب العلم يقتني القلم المناسب له السهل والواضح في كتابته.
لذا لا بد من التدرب على الكتابة واستخدام القلم دوماً وأبداً ، وعدم الملل من الكتابة والتحرير والبحث ، وكما قيل : لا يستطاع العلم براحة الجسد .
- قصة لطيفة : أحد السلف انكسر قلمه في أحد الدروس فصاح " قلم بدينار" فتناثرت الأقلام بين يديه.
فانظر لحرصه وانظر لهمتهم تركوا القلم " الذي يكتبون به العلم " لأجل دينار.
وختاماً : القلم بين يديك يا طالب العلم ، والأمة تنتظر " دموعه " فهيا نحو القلم وضمه إلى يدك وقل : باسم الله ، وخذ ورقة ليضيء بياضها بسواد القلم .
بين الثقافة والتأصيل العلمي
في زحمة الصحوة العلمية في بعض البلاد قد نغفل عن التأصيل العلمي وننطلق نحو الثقافة العلمية .
بصراحة :
عندما تتأمل بعين الإنصاف ترى جموعاً من الشباب قد ساروا نحو الدورات العلمية للالتحاق بها ، مع أن بعضهم قد لا تناسبه ؛ لمخالفتها لحقيقة التأصيل العلمي له ، فقد تناسب غيره أما هو فلا.
وترى آخرين يزورون المكتبات لشراء الكتب ، واقتناء المجلدات ، وياليت هذا الحرص مبني على قانون التأصيل بل في الغالب على مجرد القراءة و الثقافة العلمية .
وأيضاً في زيارة المواقع العلمية على الإنترنت تتعجب من كثرة الوقت الذي يقضى على الانترنت على حساب التأصيل العلمي مع أن الزائر لها لن يُعدم الفائدة ، ولكنها ثقافة علمية .
وفي الحقيقة : الأمثلة كثيرة التي تؤكد بكل جلاء غياب " التأصيل العلمي " عند البعض من محبي العلم ، ولذلك لا ترى بعد مدة " طالب علم " متين العلم ، واسع الاطلاع ، قوي التأصيل ، وإنما تجد " مستقيم " عنده معلومات متفرقة ؛ أعني " ثقافة علمية " .
فيا من سلك مسلك التعليم والتدريس : احرص على تأصيل العلم في نفوس طلابك ، وليتعودوا منك ذلك , ويا من سلك طريق العلم : الزم الجادة ، وسر على نهج السلف ، واحذر " ثقافة " لا تخرجك "طالب علم " .
الفوضى في طلب العلم
سؤال يتكرر دائماً لدى طلاب العلم يا شيخ كيف أطلب العلم ؟.
فيجيب الشيخ : تبدأ بـكذا وكذا .
بدأ الطالب بتنفيذ ما قاله الشيخ ولكن أيام ويغير الطالب المنهج ويسلك طريقة أخرى غير تلك التي رسمها الشيخ .
لماذا أيها الطالب اليوم في كتاب وغدا تتركه .
تبدأ في متن وبعد زمنٍ يسير تتركه وتذهب إلى متن آخر .
اليوم عند أحد المشايخ وغداً عند غيره مرة .
تبدأ في درس وبعد أيام تتركه .
وهكذا تتكرر صور الفوضى عند طلاب العلم ، وأنا لا أتعجب من وجودها ولكن أتعجب ممن يتجاوزها ويبدأ في الطلب المبني على منهج واضح وطريق مستقيم .
لستُ الآن في بيان كيفية طلب العلم ؛ لأن الكلام عن ذلك قد أشبعه العلماء والمتخصصين والمربين ولكنها إشارة إلى ضرورة تربية الشباب على المنهج الصحيح في الطلب .
أيها الشيوخ لا يكفي أن تتكلموا عن طلب العلم وفضله وتحميس الشباب له ، صحيح أن هذا مهم ولكن نريد رسم المنهج والطريقة للشباب التي تناسبهم لكي يطلبوا العلم .
على قمة الجبل سترتاح
من حين استيقظت همتك لطلب العلم وجدت بعض الصعاب على هذا الطريق وهذا ليس بغريب ، فمن طالبَ لإدراك شيء عظيم فلابد أن يخاطر بعظيم , والأشواك متعددة بأحجامها وألوانها ، ولكن وراءها بساتين وأنهار .
والسعادة لا يُعبر إليها إلا على جسر المشقة ، ولن يصل إلى قمة الجبل إلا القوي .
فيا من طمحت همته إلى جبل الهمة , البس ثياب الهمة لتصل إلى القمة .
إن ألف خطوة تبدأ من خطوة ، وعندما تسير سترى أن الأمر يسير، ولكن يفتقر إلى بعض الصبر ولكن حين تصل إلى قمة الجبل سترتاح , وللصبر حلاوة تبين في العواقب.
هل رأيت هذا الطالب
إنه فتى ولكنه طالب علم ، يملك همة " تُحرق " من يقترب ، فعجباً له.
لا يرضى بشيء يسير أو حفظ قليل .
يُناطح العلماء بالهمم فهو يعرف سفيان وابن تيمية وابن حنبل والشافعي .
إنه يُحاول أن يلحق بهم وليس ببعيد أن يقترب منهم , و " من جدّ وجد " و" ليس من سهر كمن رقد" .
إنه يسهر وغيره يرقد ، وهو يتعب وأما غيره فمرتاح ، إنه موقن بأنه لا يُنال العلم براحة الجسد .
إنه متأكد أن من أراد الراحة فليترك الراحة ، وأن المعالي تريد صاحب المعالي .
إنه فتى ولكنه خير من آلاف الرجال الذين هم أصفار .
إنه فتى ولكن له شأن ، وستُخبرك الأيام بمن سيقود السفينة ، وانتظر إننا منتظرون.
العناية بفقه المناسبات
يا طالب العلم ستمر بك أوقات وأحوال مختلفة فلا بد أن تكون فقيهاً في التعامل معها ، بصيراً فيما ورد فيها من نصوص.
وإليك هذه الأمثلة :
حينما يأتي موسم رمضان ، لابد أن تكون فقيهاً في أحكامه ومسائله وآدابه وما يتعلق به ، وذلك بالاستعداد قبل دخول الشهر بالإطلاع على الكتب ومراجعة ما كتبه العلماء حول هذا الشهر.
وقُل مثل ذلك في موسم الحج ، وبداية الإجازة ، وغيرها من المواسم المتكررة .
وهناك أحوال أخرى : مثال التفقه في أحكام المريض ومسائله حينما تنوي زيارة المريض ، أو عندما يكون أحد أفراد أسرتك مصاباً بالمرض.
وعندما تريد السفر، فينبغي لك أن تنظر في كلام أهل العلم في أحكام السفر ومسائله.
وعندما تنوي الزواج فلابد أن تقرأ عن الزواج ومسائله والطلاق وأحكامه ، لتكون على علم بما أنت قادم عليه ، حتى تتجنب الأخطاء والبدع والمخالفات التي قد تواجهك في هذا الطريق .
وعندما تكون زوجتك حاملاً ، فما أجمل أن تقرأ عن أحكام المولود وتسميته ، ومسائل العقيقة حتى تتعرف على الأحكام التي ستواجهك حينما يرزقك الله بالذرية الصالحة إن شاء الله.
يا من سلك طريق العلم كن فقيهاً في الأحوال والمناسبات بصيراً في مسائلها متجنباً للبدع والمخالفات التي قد تواجهك .
ومما يؤكد لك ذلك أن الناس سيسألونك غالباً في مثل تلك المواسم والأحوال , فكيف تجيبهم إذا كانت حصيلتك العلمية في ذلك العلم ضئيلة ؟.
من مواقف السلف في الحذر من الفتوى
اعلم أن الإفتاء عظيم الخطر كبير الموقع كثير الفضل لأن المفتي وارث الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وقائم بفرض الكفاية لكنّه معرض للخطأ.
ولهذا قالوا : المفتي موقُّع عن الله تعالى .
قال ابن المنكدر رحمه الله تعالى : العالم بين الله تعالى وخلقه فلينظر كيف يدخل بينهم.
وورد عن السلف وفضلاء الخلف من التوقف عن الفتيا أشياء كثيرة معروفة.
عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى قال : أدركت عشرين ومئة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول.
وفي رواية : ما منهم من يُحدث بحديث إلا ودّ أن أخاه كفاه إياه ولا يُستفتى عن شيء إلا ودّ أن أخاه كفاه الفتيا.
وجاء عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم قولهم : من أفتى في كل ما يسأل فهو مجنون.
وجاء عن الشعبي والحسن وأبي حصين رحمهم الله تعالى أنهم قالوا : إن أحدكم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر.
وقال عطاء بن السائب التابعي رحمه الله تعالى : أدركتُ أقواماً يُسأل أحدهم عن الشيء فيتكلم وهو يرعد.
وعن ابن عباس ومحمد بن عجلان رحمهم الله تعالى : إذا أغفل العالم لا أدري أصيبت مقاتله.
وعن سفيان بن عيينه وسحنون رحمهم الله تعالى : أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما.
وجاء عن الشافعي رحمه الله تعالى وقد سئل عن مسألة فلم يجب فقيل له , فقال : حتى أدري أن الفضل في السكوت أو في الجواب.
وعن الأثرم قال : سمعت أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى يكثر أن يقول لا أدري وذلك فيما عرف الأقاويل فيه.
وعن الهيثم بن جميل قال : شهدت مالكاً رحمه الله تعالى سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في ثنتين وثلاثين منها لا أدري.
وعن مالك رحمه الله تعالى أيضاً أنه ربما كان يسأل عن خمسين مسألة فلا يجيب في واحدة منها وكان يقول : من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف خلاصه ثم يجيب.
وسئل عن مسألة فقال : لا أدري . فقيل : هي مسألة خفيفة سهلة ؟
فغضب وقال : ليس في العلم شيء خفيف.
وقال الشافعي رحمه الله تعالى : ما رأيت أحداً جمع الله تعالى فيه من آلة الفتيا ما جمع في ابن عيينة أسكت منه على الفتيا.
وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى : لولا الخوف من الله تعالى أن يضيع العلم ما أفتيت يكون لهم المهنأ وعلي الوزر.
وأقوالهم في هذا كثيرة معروفة.
قلت : ومع هذه الآثار عن سلفنا الصالح إلا أنك تتعجب من بعض المتعالمين الصغار، يحفظ الواحد أجزاء من القرآن أو بعض المتون ، وإذا به يتصدر في المجالس ، ويفتي في المسائل الكبار، ويخطئ العلماء ، ويرد عليهم ، بل ومنهم من يسب العلماء في المواقع على الانترنت.
فرحماك يارب .
عتاب للمشايخ فقط
كثير من المشايخ الفضلاء وأهل العلم يتحدثون عن فضل العلم وتعليمه ويسردون الأدلة وأقوال السلف والقصص التي تؤكد هذا المعنى ، ولاشك أننا بحاجة إلى من يبين هذا للناس ويوضحه لهم .
ولكنني رأيتُ ملاحظة على بعض هؤلاء المشايخ الذي يحرصون على العلم والتعليم وعفواً على جرأتي فالنصيحة واجبة وإن كانت في بعض الأحيان ثقيلة.
الملاحظة هي : لماذا لا نعتني بطلاب العلم الجادين والمتميزين في حلقاتنا العلمية وبرامجنا الجادة ؟
إن الذين يحضرون دروس المشايخ والعلماء كثير وهم أنواع فمنهم الجيد والذكي والعبقري والغبي والجاهل والكبير والصغير .
فيا ترى يا من وقفتَ للناس معلماً وشارحاً لهم تلك المتون وتلك الأصول العلمية ألم تجد من بعض أولئك الطلاب مجموعة ولو كانت قليلة بحاجة إلى رعايتك واهتمامك ؟.
إن الطلاب الأذكياء كثيرون ولله الحمد ، ولكن المشكلة في غفلة المشايخ وطلاب العلم عنهم.
إنهم يريدون أن يطلبوا العلم ويتميزوا فيه ولكن ذلك الشيخ يلقي الدرس ويذهب ولا يفكر فيهم .
إنهم يتمنون أن يقفوا لحظة معك أيها الشيخ لكي يسألوك وينتفعوا من علمك ، ولكنك تلقي الدرس وتذهب مسرعاً إلى سيارتك .
إنهم بحاجة إلى شيء من وقتك لكي تسمع منهم أسئلتهم ومشكلاتهم وحاجاتهم، عجباً لك !
أما رأيتَ ماذا صنع الإمام ابن باز رحمه الله تعالى مع طلاب العلم كيف اعتنى بهم ووقف معهم بالشفاعة والدعم المالي في قصص كثيرة تجدها في الكتب التي تحدثت عنه ؟
أما سمعت ماذا صنع العلامة الفقيه ابن عثيمين رحمه الله تعالى بطلابه ؟
لقد ساهم في بناء أسكان لهم بجميع محتوياتها للعزاب وللمتزوجين ووضع مكافئات لهم .
فانظر ماذا ترك من علم وانظر ماذا ترك من طلاب ؟.
إن ابن عثيمين رحمه الله تعالى لم يكن حريصاً فقط على الدورات العلمية وحفظ المتون بل إنه كان حريصاً على طلاب العلم فيقف معهم ويخرج معهم ويستمع منهم ويساعدهم.
إنني أقسم بالله لو اعتنى المشايخ بالطلاب المتميزين لانتفعت الأمة انتفاعاً يفوق الوصف ، ولأخرجنا رجال يحملون العلم والتعليم للناس كافة.
وإنني أعتقد أن هذا الأمر لا يكلف شيء إلا بعض التفكير وحسن الرعاية وجودة الانتقاء للطلاب الجادين.
يا شيخ ، لا تقل أنا مشغول فعندنا سيرة الإمامين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله تعالى وهما أكثر حرصاً على الوقت منك ، ومع ذلك كانوا حريصين على الطلاب الجادين والمتميزين .
إنك تستطيع أن تكون ممن يتخرج على يديه علماء الجيل القادم ولا يكون ذلك في نظري إلا بحسن الرعاية والتربية لطلاب العلم المبدعين .
إن ابن القيم خرج من مدرسة ابن تيمية ، ومسلم تتلمذ عند البخاري ، والسلف خرجوا من مدارس العلماء والعلماء صنعوا لنا علماء فماذا صنعت أنت؟
نتمنى منك بعض الجد والاجتهاد في التفكير في هذه الأطروحة وهذا الاقتراح لعل في ذلك نصرة للدين وإنقاذاً للطلاب المهملين من بعض المشايخ عفا الله عنهم .
طالب العلم وعلاقته بزوجته
لا ريب أن طالب العلم الصادق لا يحب إضاعة الوقت وتجده دائماً في مكتبته أو مع قلمه وأوراقه أوتراه في مجالس الذكر يكتب الفوائد والفوائد.
ولكن لما تزوج ومضت تلك الأيام الجميلة في الحياة الزوجية وإذ به يعود إلى برنامجه الأول في طلب العلم.
لقد رجع إلى قراءة الكتب والدروس والدورات العلمية ولكنة نسي أنه متزوج.
نعم لقد نسي أن زوجته بحاجة إلى الجلوس معه والحديث معه وتبادل وجهات النظر.
إنه يظن أن حياته لا تتغير ولن تتغير ، ويعتقد أن الحديث مع الزوجة ضياعاً للوقت ولهذا تجده يمل ويتضجر ويتأفف وربما ندم على هذا الزواج لأنه أخذ بعض وقته.
أخي طالب العلم كن صريحاً معي ألم تشعر بهذه الخواطر؟
ألم تمر بك هذه السطور؟.
إنني أغبطك على علو همتك ومدى رغبتك في استغلال وقتك في العلم والتعلم .
ولكن لعلك تسمع مني هذه الهمسات اليسيرة :
1. إن الزواج من سنن الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام .
2. لو نظرت في حياة الأئمة والعلماء لرأيتهم ممن دخل عالم الزواج ولا عبرة بالقلة الذين لم يتزوجوا.
3. إن الزواج ليس عائقاً عن طلب العلم بل قد يكون عوناً لك.
4. أوصيك باختيار المرأة التي تعينك على طلب العلم .
5. لابد من ترتيب الوقت ومراعاة أن هناك وقت للأهل وأن هذا من الحقوق الواجبة عليك " وإن لأهلك عليك حقاً " متفق عليه .
6. قد تكون زوجتك لا تهتم بطلب العلم فعليك بالتأني والرفق في إقناعها بفضل العلم ، ولا تستعجل النتائج فقد لا تستجيب لك في بداية الأمر.
7. إن زوجتك بحاجة إلى العلم ولكن عليك اختيار الطريقة المثلى في تعليمها و دعوتها.
8. قد تكون زوجتك لا تحب الكتب والمجلدات ولكن رغبتها في مطالعة المجلات الإسلامية أوالقنوات الإسلامية .
9. اعلم أن حسن الخلق مع الزوجة و المودة والاحترام هو أعظم طريق يجعل زوجتك تحبك ، وإذا تم ذلك فسوف تجد زوجتك خير معين لك في طريق العلم.
10. إياك أن تظن أن ترك الزوجة و الأبناء هو الحل لكي تطلب العلم بل اعلم أن الحل هو حسن التربية و الحكمة في معالجة الأمور .
11. ليس المهم أن تكون زوجتك طالبة علم من الدرجة الأولى فقد تكون المرأة قليلة العلم التي تملك الفطرة النقية خيرٌ من بعض من المتعلمات.
12. استعذ بالله من نزغات الشيطان , واتق الله تعالى في حقوق أهلك , واعلم أن هناك في الأعمال فاضل ومفضول , فاحرص على ضبط الأمور بميزان الشرع لا بالهوى والجهل .
طالب العلم وثقافة الواقع
إن الواقع المعاصر يمر ببعض الأزمات والتغيرات ولا بد لطالب العلم أن يكون على اطلاع فيما يجري في واقعه ، والناس في هذا الأمر على طرفين ووسط .
فأما الطرف الأول : فهو الذي يبتعد عن الواقع ويعتزل الناس ببدنه أو بقلبه ، فهو مشغول بالعلم وحفظه والنظر في الكتب ومجالسة العلماء ، ولكنه لا يدري ماذا يجري في العالم الإسلامي ولا يعلم ماذا يحدث في واقع الناس ، ولا يعرف مشاكل الناس وهمومهم ، ولا شك أن هذا النوع من طلبة العلم هم على خطأ.
وأما الطرف الثاني : فهو ذلك الحريص على العلم ولكنه بدأ ينظر في القنوات الفضائية ، والمواقع الإخبارية , بحجة الاهتمام بالواقع ولكنه بدأ يفرط بالعناية بطلب العلم وأصابه الفتور فيه ، فأصبح يتثاقل قراءة الكتب وقد كان من عشاقها ، وأصبح لا يحضر مجالس العلم إلا قليلاً بل وأصبح مدمناً للقنوات الإخبارية ، وإذا عاتبته في ذلك قال لك : لا بد من معرفة الواقع وهذا النوع من الطلاب على خطأ أيضاً.
وأما النوع الثالث وهو خيرهم والوسط بينهم ، فهو الذي أخذ بالتوازن بين العناية بطلب العلم وبين العناية بفقه الواقع فهو جاد وصادق في طلب العلم ويُضرب به المثل في علو الهمة في طلب العلم وهو أيضاً ممن يعتني بفقه الواقع والنظر في أحوال الناس وأخبار المسلمين .
وهذا ما نريد الوصول إليه فالحذر الحذر يا طالب العلم من طرفي الأمور.
هيبة العلماء لا تمنعك سؤالهم
قال أيوب السختياني رحمه الله تعالى : لقد جالستُ الحسن أربع سنين فما سألته هيبةً له . الحلية 11/3.
قلت : وذلك لتعظيمهم لمكانة العلماء وهيبتهم , ولا شك أن الله قد وهب العلماء الربانيين هيبةً وقدراً في نفوس الناس لأنهم حققوا الخشية من الله تعالى ولهذا قال بعض السلف : من خاف من الله خافه كل شيء.
ولكن لا بد من التذكير والإشارة بأن أهل العلم لهم قدرهم في قلوبنا ولكن لا يمنع من سؤالهم ونقاشهم بل ولا مانع من نصيحتهم إذا أخطأوا، مع مراعاة حسن الأدب معهم .
طالب العلم وضبط القواعد
إن من الضروريات لك يا طالب العلم العناية بـ " ضبط القواعد " التي تمر عليك في مشوارك العلمي ، سواءً كانت هذه الضوابط مقروءة أو مسموعة.
وقد اعتنى العلماء بالتأكيد على ذلك في كتبهم وأشرطتهم ، ومن العلماء الذين أكدوا على ذلك العلامة الفقيه محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى ولقد قرأتُ له وسمعتهُ مرات ومرات يؤكد على ضرورة العناية بذلك.
أخي طالب العلم , إن العلم كثير، وهو بحرٌ لا ساحل له ، ولكنك عندما تحرص على الضوابط والقواعد فإنك تجمع في ذهنك كثير من المسائل الفرعية وذلك لأنك ممن ضبط " فنَّ القواعد " .
وتأمل هذه الأمثلة :
1- عندما تضبط القاعدة في طهارة المياه وهي ( أن الأصل أن الماء طهور إلا إذا تغير لونه أو طعمه أو رائحته بشيء نجس ).
فإنك عندما تحرص على هذه القاعدة فسوف تفهم جميع المسائل التي تمر عليك في باب طهارة الماء وسوف تستطيع الإجابة على أيِّ سؤال في هذا الباب.
2- عندما تضبط قاعدة ( الأصل في العبادات التوقيف ) وتعلم أنها تدل على تحريم إحداث أي عبادة إلا ما ورد في الشرع إثباتها ، فعندما تفهم هذه القاعدة وهذا الأصل فإنك سوف تضبط كثير من مسائل البدع في العبادات ، وسيتبين لك المشروع والممنوع.
والأمثلة أكثر من أن تُحصر، وأشهر من أن تُذكر، إنما قصدي هنا الإشارة وليس الإحاطة .
يا طالب العلم , احرص على ضبط القواعد ، واكتبها ، واجمعها ، واحفظها ، وناقش طلاب العلم فيها ، وتعود على ضرب الأمثلة ، وسترى خيراً كثيراً إن شاء الله تعالى .
يا طالب العلم .. أين الهمة العالية ؟
إن أعظم الصفات التي ينبغي على طالب العلم التخلَّق بها والسعي إلى اكتسابها هي : علو الهمة والتنافس للوصول إلى القمة ، ولو نظرت إلى حياة السلف وكيف كانت همتهم في طلب العلم لرأيت العجب.
وهمة السلف تنوعت في باب العلم وإليك مختصر سريع للعناوين العامة لتلك الهمة:
1- همتهم في قوة الإخلاص في طلب العلم .
2- الهمة في الرحلة لأجل العلم .
3- الهمة في الإنفاق لأجل العلم .
4- الهمة في الصبر على طلب العلم .
5- الهمة في الحفظ .
6- الهمة في المحافظة على الوقت .
7- الهمة في ملازمة العلماء .
8- الهمة في الصبر على ملازمة الدروس .
9- الهمة في تحمل أعباء الحياة كالفقر والمرض الحر والبرد وفقد الزوجة والأولاد ، في سبيل طلب العلم .
10- الهمة في نشر العلم .
11- الهمة في العمل بالعلم .
فيا طالب العلم جدِّد نيتك ، وقوي عزيمتك ، واهجر الراحة لتحصل على الراحة ، واترك الوسادة لتنال السعادة.
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
إن العلم باب خطير، يحتاج إلى رجل خطير.
كذا المعالي إذا مادُمتَ تدركها اعبر إليها على جسرٍ من التعب
فابدأ من الآن , ويكفي إضاعةً للأوقات .
وكن ممن يحمل همَّ تعليم الناس ، ونفعهم ، وتوجيههم ولا شك أن ذلك لا يكون إلا على يد رجل متعلم .
طالب العلم وبر الوالدين
لا شك أن طلب العلم له لذة يشعر بها كل صادق في طلب العلم ، وهذا العلم يحتاج إلى بذل الوقت وعمارته بالمطالعة والمراجعة والحفظ .
ولما نظرتُ في حال بعض الطلاب رأيتُ أن بعضهم قد يحرص على العلم وعلى حضور الدروس والدورات العلمية ولكنه يغفل عن ركن عظيم وفرضٍ جليل من فروض الدين ألا وهو " بر الولدين " .
وأنا لن أذكر لك الأدلة في وجوب بر الوالدين لأنك تعرفها ، ولكني سأذكر لك بعض الملاحظات التي رأيتها على بعض الطلاب :
1. بعضهم لا يستأذن والديه عند ذهابه للدروس والمحاضرات ، والواجب أن يستأذن لأنهما قد يحتاجانه في أمر ضروري .
2. بعضهم قد يُقدّم البرامج العلمية على مواعيد والديه ، ولا شك أن هذا خطأ.
3. بعضهم سيء الخُلُق مع والديه فتجده رافعاً صوته ، قاسي القلب ، وهذا بلا ريب تناقضٌ كبير، إذ كيف تقرأ النصوص في التأكيد على بر الوالدين ثم أنت تخالفها ؟
4. بعضهم مقصّر في دعوة والدية إلى الخير .
5. بعضهم يحترم العلماء والمشايخ احتراماً كبيراً وهذا مطلوب ولكن لماذا لا تحترم والديك كما تحترم العلماء؟
6. بعض الطلاب ينفق أمواله في الأمور العلمية كشراء الكتب وغيرها ، لكن قد يكون والديه في حاجة شديدة إلى المال ، والواجب أن يكون الطالب عنده توازن في هذا الأمر، فلا ينسى والديه وأيضاً لا يترك العلم .
7. بعضهم يحرص على الدروس والمحاضرات حرصاً شديداً ، ولكنه قد يُهمل دراسته واختباراته ولا شك أن الوالدين يريدان من الابن الحرص على دراسته لكي ينجح ويتخرج من دراسته ، فلا بد للطالب أن يحرص على دراسته لكي يتفوق فيها ، وحتى لا يغضب والديه بسبب تقصيره في دراسته .
8. بعض طلاب العلم قد يقصر في حقوق البيت ويترتب على ذلك أن والديه يغضبان عليه وقد تسمع من بعض الآباء " الدعاء على ولده " مع أن ولده ظاهره الاستقامة بل قد يكون طالب علم وهذا مما يحزن القلب .
فيا أيها الطلاب الله الله في بر الوالدين وهكذا كان السلف.
طالب العلم والإخلاص
إن من أعظم الوصايا لكل من طلب العلم هي " تربية النفس على الصدق والإخلاص "وما أدراك ما الإخلاص ، ذلك السر العجيب والعمل الجليل .
الإخلاص هو نور القلوب وضياء الأرواح " وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " [البينة:5] .
يا طالب العلم ليكن قصدك من العلم هو" ابتغاء الأجر والثواب من الله ورفع الجهل عن نفسك وعن غيرك ".
أخي الحبيب إليك هذه الكلمات :
في بداية الطلب قد تكون هناك أهداف لطلب العلم ليست لله مثل : التفوق على الآخرين أو البروز والظهور ، وهذا الأمر لا حرج فيه فقد قال السلف : طلبنا العلم لغير الله فأبى الله إلا أن يكون له .
والمراد : أنه كانت النية في البداية وهم صغار يقصدون التنافس ولكن مع استمرار الطلب وزيادة العلم انقلبت النية لله تبارك وتعالى.
الإخلاص درجات ومراتب ولا يزال ينمو في القلب حتى يصل العبد إلى درجات عالية عند الله تعالى .
الإخلاص أكبر سبب يُبارك في العلم الذي تطلبه.
الإخلاص يرفعك يا طالب العلم عند الله وعند الناس.
الإخلاص سبب لصحة الفهم وقوة الاستنباط , قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وصحة الفهم نور يقذفه الله في قلب العبد ، يمدُّه تقوى الرب وحسن القصد .
ومن زاوية أخرى أحذرك يا طالب العلم من الرياء الذي هو ضد الإخلاص وهو مرض خطير إذا تمكن في القلب فقد تمت الخسارة في الدنيا والآخرة .
الرياء في طلب العلم له علامات فاحذرها :
1- أن تحب المدح والثناء على الأعمال التي تمارسها في طلب العلم .
2- محبة الظهور أمام الناس لأنك تتميز بطلب العلم .
3- أن تتكبر على الناس وأن ترى نفسك بعين الكمال .
4- كراهية النصيحة والتوجيه .
يا طالب العلم قد تمر بك بعض الخواطر في الرياء وحب الثناء ولكن جاهد نفسك على أن تدافعها عن نفسك .
تذكر دائماً أن أعظم أسرار التوفيق لك في طلب العلم هو الإخلاص .
انظر في سير العلماء الربانين لترى قوة إخلاصهم وصدقهم مع ربهم جل وعلى .
كن على يقين أن الله يعلم ما في قلبك فهنيئاً لك إذا رأى الله الإخلاص فيه .
أوصيك أن تدعو ربك دائماً بأن يصلح نيتك وسريرتك.
الممرضة يا أيها الطلاب
يا طلاب العلم أما تعّجبتم من خدمة تلك الممرضة لذلك الطبيب ؟
إنها ترفع له سماعة الهاتف لكي يرد وتخرج له " الختم " لكي يختم به على الأوراق ، وتعطيه القلم لكي يكتب به وتخدمه بكل ما يريد لأجل إنجاز العمل بأفضل أسلوب.
إن تلك الممرضة تسعى بجميع الوسائل والطرق لكي تساهم في علاج ذلك المريض وخدمة ذلك الطبيب .
ألا تتفق معي على ذلك أخي طالب العلم ؟
سأنتقل بك إلى هدفي من حكاية قصة تلك الممرضة ، إن قصدي هو لماذا نرى تقصير بعض طلاب العلم في خدمة أهل العلم من الدعاة والمشايخ والعلماء؟
لماذا لا نسعى لخدمة مشايخنا لكي يخدموا الدين بكل يسر وسهولة ؟.
لماذا لا يذهب كل خمسة طلاب إلى ذلك الشيخ وذلك الداعية ويقولون له : يا يشيخ نحن سنخدمك فيما تريد .
المهم يا شيخ نريدك أن تضع كل جهدك لخدمة الدين ونفع الناس .
يا طلاب العلم والله لو فعل بعض الطلاب مع المشايخ هذا الأمر وقاموا بهذه الخدمة ، والله لسوف يفرح هؤلاء المشايخ وسوف يشعرون بحب كبير وهمة جديدة لأجل خدمة الدين ، والتجربة خير برهان.
إنني أجزم بل وأقسم بالله أن بعض الطلاب عندنا مقصرون مع شيوخهم فلا يخدمونهم ، ولا يساعدنهم ولا يقفون معهم .
وإنما يكتفي الطالب بحضور الدرس أو سؤال الشيخ فقط .
ولو أراد الشيخ من طلابه " خدمة يسيرة " لكان لسان الحال والمقال نعتذر يا شيخ .
بكل صراحة إنني لا أشك أن سر نجاح ذلك الطبيب في عمله هو وجود تلك الممرضة التي تخدمه حتى في رفع سماعة الهاتف.
ونحن لا نريد ذلك مع المشايخ ولكن نريد تقديم بعض المساعدات لهؤلاء الذين لهم فضل علينا .
يا طلاب العلم , من الآن ليتجه كل أربعة منا إلى ذلك الداعية أو ذلك الشيخ ولنطرح فكرة خدمتنا له ولنكن صادقين محتسبين الأجر والثواب من الله.
أحبتي , نحن لا نخدم ذوات المشايخ ولكننا نخدم الدين لأن ذلك الداعية وذلك الشيخ سوف يجد وقتاً أكثر لخدمة الدين ولترتيب برامجه الدعوية والعلمية.
وأخاطب مشايخنا : بأن يستقبلوا الشباب بكل صدر رحب وأن يقفوا معهم ويتواضعوا لهم وسوف تكون النتائج جميلة بإذن الله تعالى .
خواطر حول الكتاب
1 – مهما كتبت وراجعت كتابك فلابد أن تصلح فيه ، ولابد أن تجد فيه النقص والخلل ، قال معمر بن راشد رحمه الله تعالى : لو عُرض الكتاب مائة مرة ما كاد يسلم من أن يكون فيه سقط، أو خطأ . (جامع بيان العلم : 1/338 ).
وقال المزني تلميذ الشافعي : قرأتُ كتاب الرسالة على الشافعي ثمانين مرة ، فما من مرة إلا وكان يقف على خطأ ، فقال الشافعي: هيه – أي حسبك – أبى الله أن يكون صحيحاً غير كتابه. (موضح أوهام الجمع: 1/6 ) .
قلت: صدق الله " وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً " [النساء:82].
2 – نريدك أن تكتب الكتاب الذي يُنمّي العقل ، ويبصر القارئ ، ويُعلم الجاهل ، ويذكر الغافل ، نريد الكتاب الذي يزيد الإيمان ، ويسعد الروح ويشرح الصدر، كتاباً يكون للمسافر أنيس ، وللمقيم خير جليس.
نريد :
- كتاباً يستنير بنور الوحي ، مليء بالنصوص من الكتاب والسنة.
- كتاباً قلمه الإخلاص، وحبره " وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " [الفاتحة:5].
- كتاباً حروفه دالة على كل خير وبر.
- صفحاته داعية إلى كل صلاح وإصلاح.
- كتاباً فيه الموعظة الحسنة ، فيه الكلمة الهادئة ، والقصة الرائعة والحكمة الساحرة .
- كتاباً كلما طالعته رأيت فيه سهولة التوجيه ، ورقة العبارة ، ولطافة التربية.
- كتاباً لا يخلو من عبارات السلف وجواهر تلك الألسن الطاهرة.
3– أيها الكاتب لا تغفل عن صلاة الاستخارة فيما تأتي وتذر.
4– لا تغفل عن توثيق النصوص والأقوال ، فإن ذلك دليل صدق الأمانة.
5– الكتاب الذي لا يبذل صاحبه فيه جهده ، لا أثر له.
6– كن ممن يتقن فن الاختصار، والاختصار من الأمور التي يحتاجها الناس في هذا الزمان.
7– لا بد من الاستنارة بالاستشارة لأهل الخبرة فيما كتبت .
8– دعوة في سجود في آخر الليل بأن يبارك الله في كتابك ( أمر مندوب لك).
9– لا تستعجل في إخراج مقال أو كتاب ، بل كن متأنياً وحذار من الاستعجال ، وما أحسن التأني والمراجعة والتأمل مرات ومرات والوصية النبوية : ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه . رواه مسلم: 4698.
10– قال أهل العلم : جودة الكتاب تعرف من أمور:
- حسن ترتيبه.
- اشتراط الصحة أو الحسن فيه.
- فضل مؤلفه ومعرفته بأنه من أهل العلم.
11– تثبت من الأحاديث المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم .
12- اعلم أن الكتاب من " الصدقة الجارية " ، ومن " علم ينتفع به " فابذل وقتك فيه .
13– كتابك بلا إخلاص وبال عليك.
14– ما كان لله بقي ونفع.
أدب السؤال
في كثير من الأحيان نحتاج إلى أن نسأل أهل العلم عن بعض المسائل التي نجهلها ، ولاشك ولاريب أن السؤال مفتاح العلم كما جاء عن السلف ، ولكن ههنا إشارات للسائلين :
لقد اعتنى العلماء عناية بالغة بالتأليف في أدب الاستفتاء وبيان الوسائل الصحيحة والنافعة التي يحتاجها المستفتي.
ومن الكتب التي يوصى بها في هذا الباب جميع الكتب التي تتكلم عن طلب العلم وهناك كتب تكلمت بالخصوص عن أدب المستفتي ، للسيوطي كتاب فيه ، وانظر " حلية طالب العلم " للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى .
وهذه رؤوس أقلام في أدب السؤال :
1- لا تسأل إلا عما فيه نفع لك .
2- اختيار الوقت المناسب .
3- اختصار السؤال وعدم إطالته إلا عند الحاجة إلى ذلك .
4- لا تخجل من السؤال ، قال مجاهد رحمه الله تعالى : لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر .
5- السؤال عن الأشياء الواقعية والبعد عن الأسئلة الافتراضية .
6- ذكر أهم ما يتعلق بالسؤال والبعد عن الكلام الذي لا يتعلق بالسؤال .
7- عند الاتصال بالجوال فلابد من مراعاة الأدب .
8- عند الاتصال في وقت العمل ، مراعاة ظروف العمل وأنك قد تتصل في وقت يكون عند الشيخ بعض الناس أو لعل عنده بعض الأعمال التي قد تحول بينه وبين الرد عليك.
9- لا تقل في سؤالك " أنا سألت الشيخ ( فلان) أو فلان وأفتاني بكذا " لأن هذا الأمر يجعلك في اضطراب وحيرة ، فما هو القول الذي ستأخذ به من هذه الأقوال .
10- لا تمتحن الشيخ بالسؤال.
وصية :
انظر في فتاوى الصحابة والأئمة رضي الله عنهم فلعلك ترى فيها بعض ما في ذهنك من الأسئلة والشكاوى.
لو قرأت كتب الفتاوى المعاصرة للشيخ ابن باز وابن عثيمين وابن جبرين رحمهم الله أو فتاوى اللجنة الدائمة لحصل لك شبه استغناء عن سؤال العلماء، لأن كتبهم مليئة بالفتاوى المعاصرة.
وانظر في فتاوى العلماء الراسخين في العلم في الإنترنت لكي تستفيد.
والمرأة عند السؤال تنتبه للأمور التي سبقت ونضيف لها :
1. لا تخفض صوتها لقول الله تعالى " فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا " [الأحزاب:32].
2. يُلاحظ على بعض النساء الإكثار من السؤال عن الرؤيا والمنامات وماشاكلها ، وتزعج العلماء وطلاب العلم بذلك والواجب أن تسأل المرأة عما ينفعها وأن تبتعد عن بعض الأسئلة التي لا تنفع.
3. يلاحظ على النساء إطالة الأسئلة وعدم التقيد بالمهم فلتنتبه المرأة لذلك.
4. بعض النساء تريد الإيقاع بالمشايخ في شباك الفتن والشهوات من خلال بعض العبارات والكلمات ، فلتتق الله ولتراقب الله عز وجل .
هذه خواطر حول أدب السؤال ، ولعله عند التأمل يظهر ما هو أكثر منها ، نسأل الله عز وجل التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح.
مراجعة العلم
إن من أشهر أسئلة طلاب العلم المتكررة ( أنا أنسى بعض المسائل فما هو السبيل لتثبيت العلم ) ؟.
وهو سؤال يدل على حرص الطالب وعلو همته ، والجواب المختصر لهذا السؤال :
إن أعظم وسيلة لتثبيت العلم هي المراجعة الدائمة للعلم ولقد اعتنى السلف بالتأكيد على هذه الوسيلة .
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : تذاكروا الحديث فإنكم إن لم تفعلوا اندرس العلم .
وهذا الإمام البخاري رحمه الله تعالى يُسأل عن أعظم دواء للحفظ فيقول : لا أعلم أعظم من همة الرجل ومداومة النظر .
وقال الزهري رحمه الله تعالى : إنما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة.
فأوصيك يا طالب العلم أن تراجع العلم مرات ومرات ، والمراجعة على نوعين :
1. أن تراجع العلم مع نفسك ، وكيفية ذلك أن تختبر نفسك في ضبط المسائل وحفظها ، مثال : بعدما تنتهي من قراءة بعض أبواب الفقه ، تغلق الكتاب وتسأل نفسك عن المسائل التي تمت قراءتها ، وهكذا.
2. أن تراجع العلم مع غيرك ، وهذه الطريقة كان السلف يحرصون عليها فقد كان الإمام أحمد يتذاكر مع الإمام أبو زرعة – رحمهما الله – والآثار التي جاءت عن السلف كثيرة.
وبالتجربة فإن مراجعة العلم مع طلاب العلم الراسخين من أقوى وسائل تثبيت العلم , فليحرص طلاب العلم على المذاكرة والمراجعة وأوصيهم أن يلتزموا أدب الحوار والمذاكرة وسوف يحصلون على الخير العظيم بإذن الله تعالى.
طالب العلم واللسان
لاشك أن نعمة اللسان من أجل النعم ، قال ربي تبارك وتعالى " أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ . وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ " [البلد:8-9 ] .
ولا يشعر بنعمة اللسان وأهميتها إلا من فقدها ، أو رأى من فقدها .
ولقد تواترت النصوص بوجوب المحافظة على اللسان وضرورة العناية به وضبطه ، هذا لعامة الناس فكيف بطلاب العلم ؟.
ولا ريب أن الواجب عليهم أعظم لأنه كلما زاد علمك فلا بد أن يزيد عملك ويشتد خوفك.
وإن المتأمل لحال بعض طلاب العلم ليرى بعض الآفات الدخيلة التي لا تليق بمسلم فضلاً عن طالب علم ، وهذه إشارات إلى ضرورة العناية باللسان وتأكيد حفظه وضبطه.
كنتُ أقرأ في حياة بعض السلف ، ومررت على بعض المحطات التي ذكرت واقعهم في شأن اللسان ، فإليك بعض ما جاء عنهم لترى الفرق العجيب :
1- قال الفلاس رحمه الله تعالى : ما سمعت وكيعاً ذكر أحداً بسوء .
2- قال البخاري رحمه الله تعالى : ما اغتبت أحداً منذ علمت أن الغيبة حرام .
·3- كان سعيد بن جبير رحمه الله تعالى لايدع أحداً يغتاب عنده.
فيا طالب العلم " أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك " وجاهد نفسك على أن تمنع لسانك من الآفات كالغيبة والكذب والسخرية والهزل والمزاح – المذموم - .
واعلم رعاك الله أن العلم هو أن نرى أثره عليك ، وأما حفظ القران والمتون فلا تنفعك إن كان لسانك بخلاف هذا .
وفي الحديث الصحيح " من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فرجيه أضمن له الجنة " . [ البخاري: 6474 ] .
تعلق بالعلم لا بالعالم
لما حضرتِ الوفاة معاذ بن جبل رضي الله عنه قعد يزيد بن عميرة يبكي عند رأسه فقال معاذ : ما يبكيك ؟
فقال: أبكي لما فاتني من العلم .
فقال معاذ رضي الله تعالى عنه : العلم كما هو لم يذهب ، فاطلبه عند أربعة فسمّاهم ، ومنهم عبد الله بن سلام . السير (2/418).
قلت : كلنا يحزن ويبكي لموت العلماء ولكن يجب أن يكون موتهم دافعاً لنا إلى طلب العلم وعدم التوقف ، ويجب أن نعلم أن العلم باقٍ لأن الله قد تكفل بحفظه كما قال تعالى : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " [الحجر:9] .
والحمد لله على وجود بقية من العلماء ، ونحمده كذلك على وجود الكتب بيننا وغيرها من الوسائل المعينة على تحصيل العلم ، فما بقي علينا إلا التشمير والسير في طريق الطلب.
وهناك أمرٌ آخر يغفل عنه بعض الطلاب وهو أن الواحد منا قد يكونُ في قلبه تعلق ببعض العلماء وهو لا يشعر فإذا مات العالم توقف هذا عن طلب العلم وكأن العلم ذهب وكأن الخير زال عن هذه الأمة وهذا بلا شك خطأ كبير .
وهذا التعلق مذموم وهو مرض من أمراض القلوب ، قال تعالى " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا " [آل عمران:144] .
نعم ، لقد ارتد بعض من آمن لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقد انكشف الإيمان في نفوس بعض الضعفاء لما مات الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلماذا يا تُرى وقع ذلك ؟.
إنه التعلق بالشخص لا بالمنهج والدين , وانظر إلى موقف أبي بكر رضي الله عنه لما مات الرسول صلى الله عليه وسلم ثبت كالجبل وما نقص إيمانه ولا تزلزلت مبادئه بل أعلنها صريحة " من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت " .
وهكذا يجب أن يتربى المؤمن فضلاً عن طالب العلم والداعية أن يتعلق بالدين لا بحملته فالعلماء يموتون والدُعاة كذلك والمصلحون ولكن تبقى الدعوة ، ويبقى العلم ويبقى المنهج .
طالب العلم والقرآن
والله إن الفرح ليأخذ بي كل مأخذ عندما أرى وفود من الشباب قد أقبلت على طلب العلم والدورات العلمية لكي ينهلوا من العلم ، وفي خضم هذا التنافس على طلب العلم تلحظ أمراً بدأ ينتشر بين بعض الطلاب ألا وهو الغفلة عن القرآن الكريم .
حتى أصبح هذا الأمر ليس بغريب أن تراه عند عدد ليس بالقليل من الطلاب ، ولا شك أن هذا خلل واضح وخطأ كبير.
ومما يبين هذا ما قاله عطاء رحمه الله تعالى : يأتي على الناس زمان يكثرون فيه من الأحاديث ويبقى المصحف معلقا يقع عليه الغبار .
وقد رأيتُ كما رأى غيري أن بعض المعتنين بالعلم قد يتركون قراءة القرآن أياماً ليست بالقليلة لأنهم قد انشغلوا بالدروس والتحقيق والبحوث وغير ذلك من العلوم .
وترى بعض الدارسين للدراسات العليا قد أخذتِ هذه الدراسة وقته حتى ربما إنه نسي القرآن .
والواجب أن يكون هناك توازن في العناية بالعلوم الشرعية وعدم تغليب جانب على جانب.
ولهذا كان كثير من السلف البارعين في شتى العلوم ترى أنهم قد حققوا مبدأ " التوازن " .
فهذا الإمام أحمد رحمه الله تعالى الذي يحفظ " ألف ألف حديث " يختم القرآن كل أسبوع ، وهكذا كان كثير من العلماء .
فيا ترى متى يحرص الطلاب على القرآن " حفظا وتلاوة وتعلماً وتعليماً " كما يحرصون على بقية العلوم ؟.
أتمنى أن نجاهد أنفسنا لكي نحقق التوازن في العناية بالعلوم وأن نوقن بأن القرآن هو زبدة العلوم ومفتاح الخيرات والبركات في طلب العلم .
طالب العلم والحسد
عندما تنظر إلى واقع بعض طلاب العلم ترى كثيراً من الصفات الحسنة ، مثل : المودة و الإخاء والتناصح .
ولكنك تتعجب من وجود بعض الآفات التي دخلت على قلوب بعض الطلاب فإذا بك تتفاجأ عندما تعلم بدخول آفة الحسد بينهم .
وهذا بلا شك نذير خطر وباب شر لابد من السعي إلى إزالته .
وقديماً قيل : ما خلا جسد من حسد ولكن الكريم يخفيه واللئيم يبديه .
وكلنا يعلم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم . [ مسلم : 2812 ].
وهذا الحديث يبين أن الشيطان حريص على إفساد القلوب وتعبئتها بالحسد والغل والحقد ، وهذا ليس بغريب على الشيطان الذي هو العدو لجميع البشر " إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا " [فاطر:6].
ولم يسلم من داء الحسد إلا القليل من الناس ، والتاريخ مليء بالحساد ، حتى ظهر الحسد على بعض العلماء والصالحين فهذا ابن تيميه حسده بعض علماء عصره حتى كان السجن مصيره وهذا ابن قدامه حسده بعض العلماء حتى أفتوا بتكفيره وحبسه والأمثلة من حياة العلماء كثيرة .
وإليك أيها المتعلم بعضاً من صور الحسد الموجودة بين بعض الطلاب :
1. الحسد لبعض المتميزين بالصوت الحسن والتلاوة الجيدة .
2. الحسد على المتميزين في حفظ المتون .
3. الحسد على بعض الطلاب الذين لهم مكانة عند بعض العلماء .
4. الحسد على بعض الطلاب الأذكياء .
5. الحسد على من يشتهر من الطلاب عند المسؤلين والكبار .
6. الحسد على من عنده حب للقراءة واستثمار الوقت .
والأمثلة كثيرة لا تحصى .
فالواجب على طالب العلم الصادق أن يجاهد نفسه على تطهير قلبه من الحسد والحقد والبغضاء ، وهذا الأمر يتم بأمور منها:
1. العلم واليقين باطلاع الله تعالى على ما يدور في قلبك.
2. مجاهدة النفس على ترك الحسد " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا " [العنكبوت:69].
3. أكثر من الدعاء للشخص الذي تحسده.
4. أكثر من الثناء عليه في المجالس لكي تزيل كل دوافع الشيطان التي يدخل من خلالها إلى الحسد.
5. ادع ربك أن يطهر قلبك ويصلح سريرتك من هذه الآفات .
طالب العلم والدعوة
يسأل بعض طلاب العلم ويقول : كيف أجمع بين العلم والدعوة ؟
والجواب المختصر لهذه المسألة يمكن تلخيصه فيما يلي :
ليس هناك أي تعارض في هذه المسألة ، وإن ظنّ بعض المبتدئين في طلب العلم أن هناك تعارض فهذا غير صحيح .
إن الذي ينظر لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم لا يجد أن هذا الإشكال كان موجوداً أو أن هذا السؤال كان مطروحاً.
ومن المؤكد أنه لابد أن يكون العلم قبل الدعوة ، بمعنى أن لا تدعو إلى شيء إلا وأنت تعلمه ، ولهذا قال البخاري في صحيحه : باب العلم قبل القول والعمل .
وهذا تأكيد منه رحمه الله تعالى إلى ضرورة العناية بالعلم قبل أن تعمل بأي عمل .
مثال : لا تأمر الناس بشيء من الخير إلا وأنت تعلم أن الله شرعه وحث عليه أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وحث عليه.
ومما يجب أن نعلمه أنه لا يشترط في الداعية أن يحيط بجميع المسائل الفقهية ولا ببعضها ، إنما يشترط أن لا يتكلم في المسألة التي عنده إلا بعلم صحيح وبينة واضحة.
مهمات :
1- عندما تجلس في مجلس فيه عامة الناس وتتكلم بالنصيحة لهم فتكلم بما تعلم ولا تفتي في المسائل التي لا تعلمها .
2- تذكر أن الناس يحتاجون إلى أبسط المسائل فاحرص على أن تضبطها وتكثر من مراجعة العلم .
3- عليك بطلب العلم النافع فهو الذي يبصرك في طريق الدعوة ، ولهذا قال سفيان رحمه الله تعالى : أحوج الناس إلى العلم أعلمهم بأن الخطأ منه أقبح. وهو يقصد رحمه الله العلماء والدعاة ؛ لأن الخطأ منهم ليس كالخطأ من غيرهم ، والجهل منهم ليس كالجهل من غيرهم.
4- يجب على طالب العلم أن يحترم الدعاة ولا يقلل من شأنهم لأنهم على ثغرٍ عظيمٍ في تبليغ الدين وتعليم الناس .
طالب العلم والمال
إن من أعظم الضروريات لطالب العلم تحصيل المال ؛ وذلك لأن طالب العلم يحتاج إلى شراء الكتب وإلى الرحلة إلى العلماء وإلى المدن لتلقي العلم وزيارة معارض الكتاب.. وغير ذلك من الأمور التي يحتاجها الطالب في هذا الزمن.
ومن هنا أكد السلف رضي الله عنهم لطالب العلم أن يعتني بالبحث عن الرزق الحلال الذي يغنيه عن الناس ويجعله متعففاً عن سؤال الناس.
قال عمر رضي الله عنه : أيها الناس أصلحوا معايشكم فإن فيها صلاحاً لكم وصلةُ لغيركم .
وعن قيس بن عاصم المنقري رحمه الله تعالى ، أنه قال لبنيه : إياكم والمسألة فإنها آخر كسب المرء ، وعليكم بالمال فاستصلحوه ؛ فإنه منبهة للكريم ، ويُستغنى به عن اللئيم .
وهذا سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى يقول : لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله ، يكف به وجهه عن الناس ، ويصل به رحمه ، ويعطي منه حقه .
قال الحسن رحمه الله تعالى : ليس من حبك الدنيا طلبك ما يصلحك فيها .
قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى : المال في هذا الزمان سلاح المؤمن .
والله إن المرء ليحزن عندما يرى بعض طلاب العلم المحتاجين إلى المال وهو لا يملك أن يقدم لهم شيئاً.
فالوصية إلى أحبتي طلبة العلم : جاهدوا أنفسكم على البحث عن الرزق وأيقنوا بأن الله هو الرزاق ولنبذل السبب ، وسيأتي الفرج بإذن الله ، وربنا عز وجل يقول " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا " [الطلاق:2].
وهنا إشارات :
1- لابد للعلماء أن يعتنوا بالطلاب البارزين ويهيئوا لهم المال ، وهكذا كان العلماء.
2- لابد للتجار أن يسعوا في تأمين ما يحتاجه الطلاب من الكتب والسكن وغير ذلك من ضروريات الحياة .
أدب نقد الرجال
قال عمر الناقد رحمه الله تعالى : لما قدم سليمان الشاذكوني بغداد ، قال لي أحمد بن حنبل : اذهب بنا إلى سليمان نتعلم منه نقد الرجال .
قلتُ : وفي هذا بيان أن النقد " علم " له أصوله وضوابطه وشروطه وموانعه ، فليس كل شخص ينقد ، بل للنقد أهل يعرفون من ينقدون ، ولماذا ينقدون ، وكيف ينقدون ، إلى غير ذلك من مسائل النقد .
ولذلك ينبغي على طالب العلم أن يحذر التجرؤ على نقد العلماء أو غيرهم بغير علم ، وبغير معرفة لما يتطلبه النقد ، وينبغي على العالم أن يبحث عمن يعلمه النقد إن لم يعلم ، فهذا الإمام أحمد مع جلالته ، يطلب العلم – أي التعرف على كيفية النقد – من سليمان .
الدعم المالي والنفسي لأهل العلم
لما صنَّف أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله تعالى كتابه " غريب الحديث " عرضه على عبد الله بن طاهر فاستحسنه .
وقال : إن عقلاً بعث صاحبه على عمل هذا الكتاب لحقيقٌ أن لا يحوج إلى طلب المعاش ، فأجرى له عشرة آلاف درهم في كل شهر.
قلت : وهكذا يكونُ التقدير للعالم ، تفريغه للعلم والتصنيف ونفع الناس وتشجيعه على ذلك .
ولكن نحن في هذا الزمن نسينا حق العالم والمتعلم الذكي ، فلا تشجيع ، ولا تقدير، حتى نُسي العالم ، وضاع قدره – عند البعض إلا من رحم الله - .
فينبغي الإشادة بالنابغين من طلبة العلم لكي يشعر الواحد منهم بقدره وأن الأمة بحاجة إليه ، وكذلك العالِم البحر، لا يُهضم حقه ، ويُنسى فضله ، بل يجب الإشاعة بذكره ومدحه بلا غلو، ليعرف الناسُ قدره.
الشيوخ حلاوة الحياة
قال البُخاري رحمه الله تعالى : سمعتُ أحمد بن حنبل يقول : إنما الناس بشيوخهم، فإذا ذهب الشيوخ تودع من العيش .
قلتُ : رحم الله السلف ، فقد كانوا يعظمون علمائهم وشيوخهم ويعرفون لهم قدرهم ، لأنهم بركةٌ ونورٌ ونجومٌ يستضاءُ بها ، وهم صمّام أمان لهذه الأمة من البدع والمنكرات وما يُخالف الدين ، وكلما نقص منهم واحداً كلما دخل في الدين من البدع والخرافات ما لا يعلمه إلا الله .
العلماء نور يهتدي به الناس ، وإذا ذهب النور، تاه الناس ، ويالله ، كم رأينا وسمعنا ممن نسي أو تناسى فضل العلماء ، وكم رأينا من يقدح فيهم ، ويتهمهم بسائر التهم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فهذا الإمام أحمد يقول : فإذا ذهب الشيوخ تودع من العيش ، فكأن الحياة لا تطيب إلا بوجودهم .
فاللهم ارحم موتاهم ، واحفظ أحيائهم ، وارزقنا الأدب معهم على الوجه الذي يرضيك.
طالب العلم والجلوس للعامة
قال إسحاق الأزرق رحمه الله تعالى : ما أدركت أفضل من خالد الطحان ، فقيل له : قد رأيت سفيان ؟
قال : كان سفيان رجل نفسه ، وخالد رجل عامة .
قلت: وهنا يظهر الفرق بين الشيخ المنعزل عن الناس وعن أسئلتهم وهمومهم ، وبين الشيخ الذي يخالط الناس ويساعد ضعيفهم ، ويزور مريضهم ، ويخاطب عامتهم ، ويُفتي لسائلهم ، وهو مع الناس في أي مكان ويقصد بذلك رضا الله وحده ، فالأول همه نفسه ، والثاني مقتدٍ بنبيه عليه الصلاة والسلام ، ولا شك أنه أفضل ، وفي الحديث الصحيح " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم " رواه الترمذي بسند صحيح .
الثناء على القرين وصاحب التخصص
جاء رجل للإمام أحمد رحمه الله تعالى وقال له : يا أبا عبد الله انظر في هذه الأحاديث فإن فيها خطأ ، فقال أحمد : عليك بأبي زكريا فإنه يعرف الخطأ.
أبو زكريا المذكور هو ( يحيى بن معين ) وكان الإمام أحمد يكنيه تبجيلاً له وتكريماً.
قلت : في هذا الأثر جُملٌ من الفوائد :
1- حرص طالب العلم على تصفية السنة من الخطأ والنقد ، سواءً كان ذلك الخطأ في السند أو في المتن.
2- أن طالب العلم يسأل العالم المتخصص البارع في الفن الذي يريد السؤال عنه ، فهذا السائل جاء للإمام أحمد ليبصره بالخطأ ولم يسأل أي أحد.
3- أن العالم المتبحر في العلوم قد يجهل بعض الفنون في العلم أو لايكون عند إلمام كامل بتفاصيلها ، وهذا ليس بغريب لأن العلم واسع ، فهذا الإمام أحمد مع شدة عنايته بالسنة لم يجب على السائل بل أحاله إلى أبي زكريا.
4- أن العالم إذا لم يعرف جواب المسألة ، فالأفضل أن يحيل السائل إلى من يستطيع إجابته.
5- اعترافُ العالِم بعلمِ العالِم الآخر، وهذا من صدق التقوى في العلم ، ولا يعترفُ بالفضلِ لأهل الفضلِ إلا أهلُ الفضل.
القراءة قواعد وفوائد
بينما كان رسولنا عليه الصلاة والسلام في الغار إذ بجبريل عليه السلام يدخل عليه ومعه " اقرأ " .
ما أجمل البداية " اقرأ " , إنها رسالةُ الله لعباده .
لم يأت جبريل في بداية الوحي بالأمر بالصلاة ولا بالصيام ولا بالأخلاق ولا بالأحكام في زيارته الأولى لسيد البشر، لقد جاء بـ " اقرأ " لأنها بداية العلم وبداية الدعوة وبداية الفقه وبداية الحياة .
إن محبة العلم ميزة جليلة ، والرغبة في التعلم منهج جليل ، وما أجمل ما قيل : العلمُ عبادة العمر .
لقد اتفق عقلاء الناس أنه مهما كانت وسائل الإعلام في نمو وتطور إلا أن القراءة تبقى لها قيمتها وأثرها على النفس والمجتمع المثقف.
إن من أجملِ العادات التي لابد أن نتربى ونُربي الآخرين عليها هي " القراءة ".
وجزماً فالبدايات شاقة في كل عملٍ جاد ولكن من جدَّ وجد وليس من سهرِ كمن رقد.
بين يديك أخي.. أختي.. قواعد وفوائد ولطائف حول القراءة , لعلها تساهم في أن تدخلك عالم الكتب والمكتبات .
قالوا في الكتاب :
الكتاب هو: الصديق الذي لايملك ، يُضحكك مرة ويُبكيك مرة ، يُزودك بالعلوم ، يُطلعك على أخبار القوم ، يُطيعك بالليل كطاعته بالنهار ، المؤنس في الوحشة ، الصاحب في الغربة ، غذاء الشباب ، عزاء الشيخوخة ..
في السفر خير رفيق .
الكتاب أخٌ غير خوّان فتفَّرد به عن الإخوان .
فوائد القراءة :
1- فيها غذاء القلب والروح ، وخاصةً من يكثر تلاوة القرآن ، أو القراءة في كتب الوعظ والرقائق, فسوف يشعر بلا ريب بطمأنينة الروح وزكاة النفس .
2- التفقه في الدين , فالقراءة وسيلة مهمة لرفع الجهل عن نفسك في تعلم الأحكام الشرعية وما يدور في فلكها .
3- تحقيق الدعوة على بصيرة , ولذا فالداعية القارئ يمتلك من المعلومات والأسس ما تنفعه بلا ريب في مساره الدعوي , ولذا قال البخاري " باب العلم قبل القول والعمل ".
4- التعرف على أحوال الأمم الماضية , فالقراءة في تاريخ الأمم تفتح الآفاق وتسير بخيالك نحو الأقوام السابقة وكأنك تعيش حضارتها وأسباب تفوقها وخسارتها .
5- الكشف عن مخططات الأعداء ؛ لأن الأعداء لهم عدة مناهج وطرائق في النيل من الإسلام وأهله , ونحن حينما نقرأ نتعرف على بعض تلك الخطط ونعلم مفاتيحهم في الوصول إلينا لنحذر منها .
6- معرفة أبواب الخير والشر, وهذا واضح لكل متأمل , فالقراءة تنير دروب السالكين وتعرفهم على منارات الهدى , وتخبرهم بمسالك الشرور لينتبهوا منها .
7- الترويح عن النفس هدف مهم من أهداف القراءة ؛ لأن النفس تملّ كما يملّ البدن , والمطالعة المتنوعة تُروّح عن النفس وتزيلُ الملل وتجلبُ السعادة وتجددُ الحياة .
8- الدفاع عن الدين والرد على المخالفين ؛ لأن العلم سلاحٌ عظيم نقاوم به الأعداء والقراءة من أعظم وسائل تحصيل العلم.
ولو نظرنا في تاريخنا ورأينا باب المناظرات والردود مع المخالفين لرأينا كيف كان دور العلم في كشف البدع ودحضها .
وتأمل مثلاً سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية وردوده على الفلاسفة والرافضة وأرباب البدع لترى أثر العلم وقوة الحجة التي كانت لديه وكيف كان سلاحه العلمي مؤثراً على مخالفيه.
9- الارتقاء بالنفس وتطويرها وتنمية مهاراتها , وهذا ظاهر ؛ لأن القراءة في كتب تنمية الذات والمهارات وتطوير النفس تمنحُ المرءَ معلومات جديدة في كيفية الارتقاء بالنفس نحو النجاح والتفوق في ميادين الحياة .
10- حفظ الوقت من الضياع ؛ لأن القراءة تشغل وقتك عن توافه الأمور وتمنحك الفوائد والدرر التي تنفعك في دينك ودنياك .
عشاق القراءة :
إن التشاغل بالدفاتر والمحابر والكتابة والدراسة أصل التعبد والتزهد والرئاسة والسياسة
- الجاحظ كان يستأجر دكاكين الوراقين ليقرأ ما فيها .
- أنت القتيلُ بكلِ من أحببته فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي
- عشاق العلم يصبرون على القراءة والاطلاع وكما قيل : لا ينال العلم براحة الجسد ، ولولا ما عانى يوسف لما قيل له " يوسف أيها الصديق ".
تأمل في سير القوم وعلاقتهم بالكتاب قراءةً وتأليفاً :
1- جلس البخاري يكتب الصحيح ١٦ سنة ، ومسلم كتب صحيحه في ١٥ سنة ، وابن حجر انتهى من فتح الباري في ٢٥ سنة فماذا صنعت يا مسكين ؟
2- يقوم البخاري في بعض الليالي من نومه عشرين مرة ليكتب فائدة سنحت له وهو بين أطباق النوم ؟.
3- قرأ ابن حجر في إحدى أسفاره نحو من ١٠٠ مجلد .
4- كتب ابن القيم في أسفاره ستة مؤلفات ومنها الكتاب الشهير " زاد المعاد ".
5- أحد المشايخ المعاصرين اعتكف في إجازته في مكتبته وطالع نحو من ٨٠ مجلد .
6- الألباني رحمه الله كان يبقى على السلم نحو ساعتين وهو يبحث ويطالع ويقرأ .
هذه سير بعض القوم , وأنت في واد آخر .
من أراد اللحاق بهم فلينفض الغبار وليبدأ السير في الليل والنهار، هيا.. قم ونافس من سبقك , خذ كتابك , وابدأ حياتك .
لطائف :
1- الجاحظ كان سبب وفاته سقوط مجلدات العلم عليه .
2- السيوطي يقال له " ابن الكتب " لأن أمه ولدت به في المكتبة .
3- الإمام مسلم مات لما كان يراجع حديثاً في ليلة سهر فيها مع التمر فأصبح ميتاً رحمه الله .
أسباب النفور من للقراءة :
1- عدم معرفة قيمتها .
2- ضعف التربية عليها؛ سواء في البيت أو في المدرسة .
3- الانشغال بالجوال والإنترنت .
4- ضعف الهمة وقلة الصبر .
5- الانشغال بالملهيات كمتابعة الرياضة والمسلسلات، والانشغال بالتجارة والعقارات .
6- عدم التركيز أثناء القراءة .
7- ضعف الفهم للمقروء .
8- علو أسلوب الكاتب وصعوبته على القارئ .
9- غلاء أسعار الكتب .
كيف نتحمس للقراءة ؟.
1- معرفة فضلها وأهميتها .
2- مجالسة أصحاب القراءة , ونحن نجزم أن الصديق ساحبٌ للمعالي والهمم .
3- دور الإعلام في تنمية محبة القراءة لعموم الناس , عبر تخصيص برامج في القنوات , ووضع المسابقات وعناية خطباء الجمع بموضوع القراءة .
4- قراءة سير السلف والمعاصرين في حبهم للقراءة .
5- زيارة معارض الكتاب لها دور في تقوية العلاقة بالكتاب وتجديد الصلة به .
6- في البيت لا بد من تفعيل محبة الكتاب عبر وضع مكتبة صغيرة في مكان مناسب في البيت وشراء القصص المناسبة لأفراد الأسرة ، وإني لأحذر من تركهم أمام أجهزة التقنية بحجة الهروب منهم .
7- دور المدارس في تفعيل حب القراءة , وهذا ينطبق على المعلم ومهارته في تحقيق هذا الهدف في محبة الطلاب للقراءة , ولوزارة التعليم دور أيضاً في دعم المدارس بالمال والأفكار والبرامج في تنمية تلك المهارات وغيرها .
8- دور حلقات التحفيظ في تربية الطلاب على القراءة من خلال عدة وسائل لتحقيق هذا الهدف , ومن هنا أحث مدرسي الحلقات إلى العناية بجانب القراءة ووضع البرامج والمسابقات التي تجعل الطلاب يعشقون القراءة ، مع مراعاة المراحل العمرية لهم ومناسبة البرامج لمستوياتهم الثقافية .
حتى تستمتع بالقراءة :
1- استشر قبل أن تقتني الكتاب الذي تريد شراءه .
2- تحديد ميزانية للكتب حتى لا يؤثر شراءك للكتب على الميزانية المالية لديك .
3- اختيار الكتاب المناسب لك وخاصة إذا كنت في البدايات , واحذر من القفز للكتب الكبيرة قبل إتقان ما قبلها .
4- اختيار المكان المناسب مؤثر على محبتك للقراءة , ويدخل في ذلك وضوح الضوء ، وجمال التكييف ، وحسن الرائحة .
5- اختيار الوقت المناسب لك أنت ؛ لأن بعض الناس قد يصلح لهم وقت دون وقت , وأنت أعلم بنفسك من غيرك .
6- التنافس مع الآخرين في القراءة يزيد من حماسك للقراءة .
7- اكتب ما يعجبك وهذبه ورتبه ثم ارفعه للمواقع عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لينتفع الناس بما كتبت.
8- استخدم أسلوب التلخيص لبعض الكتب .
9- اقرأ ما تحب ويخدم ميولك وتخصصك .
10- تنويع المقروء يجعلك تحب القراءة ولا تمل منها ، فاقرأ في كتب السلف وطالع بعض الكتب المعاصرة والمترجمة أيضاً مما يفيدك.
11- معرفة منهج المؤلف ومصطلحاته تعينك كثيراً على محبة القراءة وسهولتها عليك .
12- اقرأ المقدمة والفهارس والخاتمة لتعرف أسرار الكتاب والكاتب .
13- ناقش الكاتب بتعليق جميل , وذلك بأن تضيف عليه فوائد أو تنتقد مافيه بأدب وعلم وتُعلق على ما ترى أنه يحتاج إلى تعليق ليكون كتابك مليء بالفوائد منك ومن صاحب الكتاب .
من أقوالهم في القراءة:
- الكتاب الذي لا يتعب فيه صاحبه لا تجد في قراءته متعة .
- الذي يكتب يقرأ مرتين .
- لا نزهة ألذ من النظر في عقول الرجال .
أخطاء تقع في القراءة :
1- القراءة بدون وجود هدف وغياب التخطيط , وهذا ظاهر عند كثيرين , فهم يقرءون وليس لهم هدف أو مشروع من تلك القراءة , مما يجعل القراءة لا متعة فيها غالباً .
2- التقليد في القراءة , وهذا يظهر عند بعض الناس حينما يقرءون الكتاب الذي يسمعون الثناء عليه بدون الاقتناع بما فيه , ولهؤلاء أقول : قد أنتفع بثناء صديق على كتاب , ولكن لا يعني هذا أن أكون مثله فيما يقرأ وفيما يدع , بل لتكن لك شخصيتك وتميزك في اختيار ما يناسبك أنت ويخدم همومك وتخصصك .
3- الإسراع وعدم الفهم , وهذا نشاهده على بعضهم حينما يكون هدفه الانتهاء من الكتاب بدون العناية بالفهم لمحتواه , ومثل هؤلاء لا يستفيدون بل قد يكونوا ممن هدروا أوقاتهم .
4- القراءة الناقدة فقط , وهذا نراه عند ذلك الشخص الذي يجري النقد في دمه ويتنفسه مع كل شهيق وزفير, ولا شك أن هذا نقص في التقوى وجهل بالنفس وحظوظها , ونحن نقول: اقرأ بقصد الاستفادة , واترك مجال النقد جانباً , فإن وجدت ما يستدعي النقد فاكتب بكل أدب وحكمة وعدل وإنصاف .
4- التسليم لكل ما يقوله المؤلف , وهذا خطأ أيضاً لأن العصمة منتفية عن كل كاتب , والخطأ وارد والزلل من طبع البشر, فخذ حذرك من بعض ما يكتب وانتبه لما بين السطور, وخاصة عند بعض المؤلفين الذين لا تعرف مناهجهم .
5- القراءة في الكتب المخالفة للشريعة وكتب المبتدعة وأهل الفجور كالمجلات الهابطة والروايات الساقطة , وهذا من الجهل الكبير أن تسمح لعينك أن تجول بين حروف المخالفين وأصحاب الأهواء والشبهات , والقلب ضعيف والشبهات خطافة , فارحم قلبك وعقلك وكن ذا تقوى قبل أن تقرأ .
6- الجهل بمراعاة وقت الأسرة والعمل والدراسة مما يجعل القراءة سبباً للتقصير في الحقوق الأخرى , والذكي من يجعل وقت القراءة في الأوقات التي لا تتعارض مع الواجبات الأسرية أو الوظيفية ونحوها .
أخطار تهدد الكتاب :
- إبقاء الكتاب مفتوحاً .
- تقليب الصفحات بقوة .
- وضع الكتب فوق بعض والصواب بجانب بعض .
- وضع الكتب بشكل مائل .
- وضع الكتب الكبيرة فوق الصغيرة .
- تعريض الكتب للأطعمة والمشروبات .
- وضع الكتاب على الأرض .
- وضع الكتب في الكراتين فترة من الزمن .
- الاتكاء على الكتب .
- جعل الكتاب على شكل البوق .
- إعارة الكتاب لمن لا يُقدِّر قيمة الكتاب .
اللهم اجعلنا من محبي العلم والتعليم يارب العالمين .
فهم النص مطلب مهم
في حياة بعض رواة الحديث وبعض صغار الفقهاء تجد أن بعضهم كان يعتني بالنص فقط ويغفل عن فقه الحديث ومعناه .
وقد أشار ابن الجوزي إلى أن بعض رواة الحديث يجمعون النصوص سنين عديدة ولا يدرون المعنى ، ونقل عن بعضهم أنه روى حديث " نهى عن الحلق قبل الجمعة " [ صحيح ابن خزيمة: 1304 ] وقرأها بإسكان اللام ، فلم يحلق رأسه قبل الجمعة أربعين سنة وجهل أن المقصود " التحلق لمجالس الذكر " .
وقال : كان ابن صاعد كبير القدر في المحدثين لكنه لما قلَّت مخالطته للفقهاء كان لا يفهم جواب فتوى .
وجاءت امرأة فسألته: دجاجة سقطت في بئر فماتت ، فهل الماء طاهر أو نجس ؟.
فسألها وقال : ويحك ؟ كيف سقطت؟.
قالت: لم تكن مغطاة . فقال: ألا غطيتها حتى لا يقع فيها شيء.
فانتبه أحد الجالسين فقال للمرأة : يا هذه إن كان الماء تغير فهو نجس وإلا فهو طاهر.
وسئل بعضهم عن مسألة في الفرائض فأجاب : تقسم على فرائض الله تعالى.
وجاءت امرأة لأحدهم فقالت: حلفت بصدقة إزاري ، فما الحكم ؟
قال: بكم اشتريته ؟
قالت: باثنين وعشرين درهماً.
فقال: اذهبي وصومي اثنين وعشرين يوماً ، ثم قال: آه آه ، غلِطنا والله ، أمرناها بكفارة الظهار. [ تلبيس إبليس: 161 ].
وبعد هذه الجولة القصيرة لعلنا ندرك الحاجة لمعرفة فقه الحديث ومعناه ولعل ذلك يتحقق بأمور :
1- تلقي العلم عن طريق العلماء والجلوس معهم وهذه من بركات ملازمة العلماء .
2- القراءة في كتب العلماء التي تعتني بشروحات الحديث .
3- سؤال الله الفهم والمعرفة .
4- التأمل للنصوص والتدرب على معرفة المعاني وقد قيل " تأمل تدرك " .
5- إحياء الدورات العلمية التي تعين طلاب العلم على تحقيق هدف التدبر للنصوص وتنمية الملكة والمعرفة في ذلك .
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والفهم فيه .
طالب العلم والأجهزة الذكية
كلنا نمتلك أجهزةً ذكية ونختلف تماماً في طريقة استخدامها وكمية الوقت الذي نقضيه معها ، ونتفاوت في مدى تسخيرها لتحقيق أهدافنا العلمية .
الذي أحب أن أهمس به في هذه العجالة هو أننا حينما نصدق مع أنفسنا سوف نكتشف أننا غير جادين في ضبط أنفسنا في التعامل مع هذا الجوال الذي سرق أوقاتنا وأهدافنا وطموحاتنا .
تعالوا للأمثلة الحية :
- طالب العلم وعدد ساعات القراءة لديه هل تأثرت مع الجوال ومواقع التواصل ؟
- طالب العلم وكتابته للفوائد من الكتب هل تأثرت سلباً أو إيجاباً ؟
- طالب العلم وحضوره للدروس والانتفاع بها والملازمة للشيوخ يا ترى كيف هي الآن في زحمة القروبات وعشق التصوير والانستقرام والسناب ؟
- طالب العلم والمشاريع العلمية الكبرى ؛ أين هي في زحمة الانشغال بقروب جديد وصفحة انستقرام وبحثٍ عن مصور لينتج لك في اليوتيوب مقاطع وأنت لازلت لم تريش في العلم .
- طالب العلم والتأثر بالأصدقاء الذين تميزوا بالمقاطع والتغريدات والصور، يا ترى هل سيبقى على منهجه العلمي وملازمته للجد والاجتهاد ، أم أنه أصيب بلوثةِ الفوضوية التي ملأت حياة بعض طلاب العلم .
كلمات :
- يا طالب العلم لقد سهر الأئمة قبلك في تدوينٍ وتصنيف وتعليق وشرح وتعليق وجمعٍ واختصار وتقريب ، وأنت تسهر في تغريدات هنا وهناك وتلاحق مقاطع الفيديو في جوالك لكي تضاحك زملاء القروب ، ما أعظم الفرق بينك وبين منازل العلم .
- أين طلاب العلم الذين يرحلون للعلماء ويقتبسون من نورهم وهديهم وعلمهم ، هل لازالوا على الطريق أم أنهم يظنون أنهم وصلوا لمرتبة عالية بسبب البعد عن الراسخين .
- يا طالب العلم صحيح أننا نفرح بتوليك لذلك المنبر للخطابة أو لذلك الكرسي لتعليم العامة ولكن هذا لا يعني أن تزهد في العلم وتقتصر على طرف منه ، بل هذا يدعوك لأن تبذل مزيداً من الوقت في العلم ؛ لأن الناس رفعوك لمنصب التعليم والإرشاد وحريٌ بك أن تكون في مصاف الكبار .
الذي نرجوه منك هو :
1- أن تجعل عنايتك بالعلم هي أصل الأصول في وقتك .
2- لا تُحِّمل كل تطبيق جديد في جوالك لكي تواكب التقنية كما يزعمون .
3- اقتصر على التطبيقات المهمة كتويتر والواتس فقط .
4- جرب أن تغلق جوالك في بعض وقتك وخاصةً في الأوقات المهمة للقراءة والاطلاع والسماع ، مثلاً بعد التاسعة مساءً في بعض أيامك .
5- اجعل مشاركتاك في الواتس تنحصر في قروب واحد أو اثنين على الأكثر .
6- اقتصر في عدد المتابعين في تويتر على المهمين في كل فن لا كما يفعل بعضهم من متابعة كل مشهور في كل علم وفن فيبلغ عدد من يتابعهم ل٣٠٠ بل أكثر .
7- لا تنشغل بالردود على كل مغرد ومعلق على تغريداتك .
8- اشتغل في سنواتك الأولى في التأصيل العلمي وليس في الثقافة العلمية التي انتشرت في زمننا هذا ، فأنت ترى محبين للعلم وقد لا ترى إلا القليل من طلاب العلم الذين لديهم التأصيل المتين في العلوم .
9- حدد لك مشروعاً علمياً كل سنة أو كل شهر أو كل أربعة أشهر، وليكن هذا المشروع جديداً ومفيداً ومتخصصاً مثال " قراءة الصحيحين بلا شرح " أو قراءة أحد شروح الأحكام ، مثل شرح ابن الملقن لعمدة الأحكام وتدوين فوائده . أو كتابة الفوائد من كتاب يحوي خمس مجلدات وأكثر مثل زاد المعاد ونحو ذلك ".
10- حدد لك دروساً أسبوعية تلتزم بها في كل أسبوع ولا تفوتها أبداً مهما حصل لك من ظروف ؛ لأنها تساهم في بنائك العلمي وتربيك على المواصلة في العلم ؛ لأن العلم معك حتى المقبرة كما قال جماعة من السلف ومنهم الإمام أحمد رحمه الله تعالى .
11- من الضروري في زمننا تخصيص وقت لسماع الدروس من السيديهات أو اليوتيوب لبعض المشايخ الذين لم تتمكن من الالتقاء بهم، وهذا يحتاج لدقة في تنظيم الوقت وكم في ذلك من البركة ؛ لأن العلماء الكبار في كلامهم بركة وقواعد وضوابط قد لا تجدها في بعض المتأخرين، وفي كل خير .
12- لا تنزل لميدان اليوتيوب والتنافس على الشهرة إلا بعد مضي وقت لابأس به في العلم وعلى الأقل خمس سنوات في تأصيلٍ دقيق وتحصيل متين .
13- لاتقلد بعض زملائك ممن أصابهم داء الشهرة والتصدر فنزلوا وهم خواء من العلم والقوة العلمية .
14- اجعل أيام الإجازة كالخميس والجمعة فرصة للمراجعة والجلوس مع الزملاء الجادين في العلم لتتذاكروا في الفوائد التي حصلتم عليها في الفترة السابقة .
15- يجب أن تعلم أن طريق العلم صعب وفيه مشقة في كل تفاصيله ، مشقة في السهر وفي السفر وفي القراءة والكتابة والمذاكرة وملازمة العلماء والشيوخ ، كل ذلك ليس من السهل أن تداوم عليها سنة واحدة فكيف بالمداومة على ذلك بضع سنين ، ولهذا تجد الفرق بيننا وبين السلف .
16- يجب أن تتميز أنت بمنهج في التعامل مع الأجهزة فأنت لست مثل عامة الناس حتى تقلدهم في كل شيء .
17- اكتب أهدافك العلمية في ورقة في مكتبتك ، وانظر لها بين وقت وآخر وسوف تعرف كم هو الوقت الذي ضاع في غير تحقيق تلك الأهداف ، وخاصة مع الجوال .
18. ألا ترى لبعض الفضلاء ممن يكتب في رسالة الماجستير أو الدكتوراة كيف استطاع أن ينهيها في فترة وجيزة مع أن لديه ظروف وأسرة والتزامات ولكنه الجد في ترتيب الوقت وإلغاء المواعيد غير الضرورية ، وإغلاق الجوال ، وحذف التطبيقات التافهة .
19- أعتقد أن وقتك في العمل فيه متسع لإنجاز بعض المشاريع العلمية من قراءة وكتابة واستماع وتعليق ، وصدقني يمكنك إيجاد وقت للحديث مع الزملاء وتخصيص وقت آخر للبحث والتعلم .
20- يا ترى لو أن الألباني رحمه الله تعالى مثلاً أدرك أجهزتنا وتعامل معها كما نفعل نحن ، هل يا ترى سيخرج لنا هذه الكمية من الكتب والمشاريع الضخمة ؟.
21- إذن لمّا كان الألباني دقيقاً في وقته وجاداً في طلبه للعلم قدر أن ينفع الأمة بهذه العلوم التي ذهب وتركها للعالم كله لينتفعوا بها ، حسناً لماذا لا تجتهد أنت في العلم لتكون ممن يترك وراءه علماً ينفع الناس .
22- حينما تقرر النزول للميدان لتعليم الناس وإرشادهم فأوصيك بأمور :
- لا تنزل لهم إلا بعد تحصيل بعض العلوم الأساسية وخاصة الضرورية منها؛ لأن الناس ربما سألوك فيها فلا يناسب أن تكون ممن يقول لا أدري .
- فرق بين إلقاء الكلمة العابرة وبين البدء في درس علمي مركز .
- طور نفسك في الإلقاء ومواجهة الناس ؛ لأن تعليمك هذا ليس بمجرد المعلومات بل لابد من إتقان فنون التواصل مع المستمعين .
- قصص وأخبار :
1- أعرف أحد المشايخ المشهورين لا يغرد في تويتر إلا بعد التاسعة مساء ولمدة نصف ساعة فقط ولا يتابع أحد . وهذا رأيه ، ولكن كيف استطاع أن يثبت على هذا المنهج لمدة أربع سنوات ومتابعيه قاربوا المائة ألف .
2- من تجربتي أن أغلق الجوال بعد صلاة العشاء حتى الفجر وقد وجدت راحة كبيرة وإنجازاً لبعض المشاريع .
3- لا أقبل أي قروب يطلب الإضافة ولو كانوا من الأخيار وطلاب العلم ، وكم من قروب تحمست له ليومين ثم خرجت منه لا لنقص في أعضائه ولكن هذا لا يناسب مشاريعي وطموحاتي .
4- أحد الباحثين في الماجستير يقول لي : أدخل مكتبتي بعد العشاء في بعض الأيام ولا أخرج منها إلا عند الفجر .
قلت في نفسي : لو أن طلاب العلم يخصصون يوماً واحداً في الأسبوع لمثل هذا الاعكتاف العلمي على البحث والاطلاع لخرجت لنا مئات البحوث والفوائد .
ياطالب العلم ، التفت نفسك من جديد ورتب أوراقك .
نحن ننتظر همتك لتكون نوراً لأمتك.
أكثر من 60 قول في العلم وما يتعلق به
1. قال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى : قال الشعبي عن قتادة : حاطب ليل ، قال سفيان : قال لي عبد الكريم الجزري : تدري ما حاطب ليل؟ قلت: لا إلا أن تخبرني .
قال: هو الرجل يخرج في الليل فيحتطب ، فنفع يده على أفعى فتقتله .
هذا مثل ضرب لطالب العلم ، إن طالب العلم إذا حمل من العلم ما لا يطيقه قتله عمله ، كما قتلت الأفعى حاطب ليل. (تهذيب الكمال (23/510).
2. قال عطاء الخرساني رحمه الله تعالى : لا ينبغي للعالم أن يعدو صوته مجلسه. تهذيب الكمال (20/113).
قلت: في هذا إشارة إلى أن من أدب العالم في درسه عدم رفع الصوت ، بل يخفض من صوته ، ويلزم السكينة والوقار، ولأن مجلس العلم لا ينبغي فيه رفع الصوت خشية الوقوع فيما نهى الله عنه بقوله " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي " فإن رفع الصوت في مجلس العلم داخل في هذا ، كما أفتى به بعض السلف.
3. قال مالك رحمه الله تعالى : وإنما يكتب العلم عن قوم قد حوى فيهم العلم. تهذيب الكمال (20/140).
قلت: يعني بذلك : أن العالم الذي يؤخذ عنه العلم ، هو العالم الراسخ الذي غاص في بحور العلم وتجرع كأس الصبر في الطلب.
4. قال النووي رحمه الله تعالى : لم يتول أحد من الأئمة الأربعة القضاء. فتاوى النووي (ص228).
5. قال الذهبي رحمه الله تعالى : وما زال في كل وقت يكون العالم إماماً في فن مقصراً في فنون. السير (5/260).
6. وقال : كلام الأقران يطوى ولا يروى. (السير (5/275، 399، 448).
7. قال ابن الماجشون رحمه الله تعالى : إن رؤية محمد بن المنكر لتنفعني في ديني. السير (5/360).
قلت : لأن الجلوس مع العلماء منفعة ونور وهداية للشخص ، فليحرص على ذلك المؤمن الصادق.
8. قال الذهبي رحمه الله تعالى : فإن الحافظ قد يتغير حفظه إذا كبر، وتنقص حدة ذهنه ، فليس هو في شيخوخته كهو في شيبته ، وما ثمّ أحد بمعصوم من السهو والنسيان. السير (6/35).
9. قال الخليل الفراهيدي رحمه الله تعالى : لا يعرفُ الرجل خطأ معلمه حتى يجالس غيره. السير (7/431).
10. قال الذهبي رحمه الله تعالى : وكل يؤخذ من قوله ويترك ، فلا قدوة في خطأ العالم ، نعم ولا يوبخ بما فعله باجتهاد ، نسأل الله السلامة. السير (9/144).
11. وقال : وصنّف الكبار في مناقب الإمام الشافعي قديماً وحديثاً ، ونال بعض الناس منه غضاً ، فما زاده ذلك إلا رفعةً وجلالة ، ولاح للمنصفين أن كلام أقرانه فيه بهوى وقلّ من برز في الإمامة ، وردّ على من خالفه إلا وعودي. السير (10/8، 9).
12. وقال : ونُحب العالم على ما فيه من الاتباع والصفات الحمية ، ولا نحب ما ابتدع فيه بتأويل سائغ ، وإنما العبرة بكثرة المحاسن. السير (20/46).
13. وقال : فكل من قصد الحق من هذه الأمة فالله يغفر له ، أعاذنا الله من الهوى والنفس. السير (22/39، 172).
14. قال أبو العالية رحمه الله تعالى : كان ابن عباس رضي الله عنه يرفعني على السريرة وقريش أسفل من السرير، فتغامزني قريش ، ففطن لهم ابن عباس فقال : إن هذا العلم يزيد الشريف شرفاً ويجلس المملوك على الأسرة. تهذيب الكمال (9/217).
قلت: ألم يقل الله تعالى " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ".
15. قال صالح بن مهران رحمه الله تعالى : كل صاحب صناعة لا يقدر أن يعمل في صناعته إلا بآلته ، وآلة الإسلام تعمل. تهذيب الكمال (13/94).
قلت : فالعلم هو الأساس للإسلام ، وعليه تُبنى الشريعة ، فما صححه العلم فهو صواب ، وما ردّه العلم فهو باطل ، وهذه قاعدة في جميع شؤون الدين ، من عقيدة ، وأحكام ، وأخلاق، وغير ذلك ، لا بد أن توافق العلم ، وأيضاً كل العلوم والفنون يجب أن يرأسها العلم الشرعي ، ويتقدمها وتعرض عليه ، وأيضاً العلم يكون قبل العمل ، وذلك في جميع المجالات الدينية والدنيوية ، فالعلم آلة الإسلام ، فمن أراد الإسلام فعليه بالعلم، والله الموفق.
16. قال صالح بن كيسان رحمه الله تعالى : كنتُ أطلب العلم أنا والزهري ، قال: فقال : نكتب السنن ، قال: فكتبنا ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : تعال نكتب ما جاء عن الصحابة ، قال : فكتب ولم أكتب ، فأنجح وضيعت. تهذيب الكمال (26/434).
17. قال ابن سيرين رحمه الله تعالى : جلست إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى، وأصحابه يعظمونه كأنه أمير. السير (4/263).
18. قال أبو سلمة رحمه الله تعالى : لو رفقتُ بابن عباس لاستخرجت منه علماً كثيراً. السير (4/288).
قلت : فكن رفيقاُ مع شيخك ليمنحك العلم .
19. قال ابن القيم رحمه الله تعالى : العلم هو الميزان الذي توزن به الأقوال والأعمال والأحوال. مدارج (2/489).
قلت : إذاً ينبغي أن يكون مصدرنا في تقييم جميع الأقوال والأعمال هو ما دلّ عليه الكتاب والسنة ، فما وافقهما قبلناه ، وما خالفهما رددناه ، ولا نكن ممن مصدره العقل في ذلك ، أو العادات أو الأشخاص ، كما هو حال بعض الناس ، وفي التنزيل " وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله " .
20. قال أبو هريرة رضي الله عنه: حفظتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائين ، فأما أحدهما فبثثته في الناس ، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم . رواه البخاري .
قال الذهبي : هذا دالٌ على جواز كتمان بعض الأحاديث التي تحرك فتنة في الأصول ، أو الفروع ، أو المدح أو الذم ، أمّا ما تعلق بحلٍ أو حرامٍ ، فلا يحل كتمانه بوجه ، فإنه من البينات والهدى. السير (2/597).
21. قال مطرف بن عبد الله رحمه الله تعالى : فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة. السير (4/189).
22. قال الحسن رحمه الله تعالى : كان الرجل يطلبُ العلم فلا يلبث أن يُرى ذلك في تخشعه وزهده ولسانه وبصره. السير (4/583).
23. قال الزهري رحمه الله تعالى : إنما يُذهب العلم النسيان وقلة المذاكرة. مختصر الكامل لابن عدي (ص61).
24. قال لقمان رحمه الله تعالى: إن العالم يدعو الناس لعلمه بالصمت والوقار. جامع بيان العلم (1/470).
25. قال أحد العلماء : أجسر الناس على الفتيا أقلهم علماً. جامع بيان العلم (2/843).
26. قال السخاوي رحمه الله تعالى: اتفقوا على الرجوع في كل فن إلى أهله ، ومن تعاطى تحرير فنّ غير فنّه فهو متعن. فتح المغيث (1/256).
27. ذكر الماوردي أن تلميذاً سأل عالماً عن علم فلم يفده ، فقيل له: لم؟ فقال: لكل تُربة غرس ، ولكل بناء أسس . لكل ثوبٍ لابس ولكل علمٍ قابس . فتح المغيث (2/282).
28. قيل : حفظ سطرين خير من كتابة ورقتين ، وخير منهما مذاكرة اثنين. السابق (2/342).
29. قال السيوطي رحمه الله تعالى : التعاريف تُصان عن الإسهاب. تدريب الراوي (1/47).
30. قال ابن عون رحمه الله تعالى : لا يؤخذ العلم إلا عمن شُهد له بالطلب. تدريب الراوي (1/52) فتح المغيث (1/322).
31. روى البيهقي عن النخعي قال : كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه إلى سمته وصلاته وحاله ثم يأخذون عنه. تدريب (1/269) التمهيد (1/47).
32. قال الأوزاعي رحمه الله تعالى : كان هذا العلم كريماً يتلقاه الرجال بينهم ، فلما دخل في الكتب دخل فيه غير أهله. تدريب (2/64) فتح المغيث (2/146).
33. يقال: حسن السؤال نصف العلم. فتح الباري (12/138) وقال الحافظ رحمه الله تعالى : وأورده ابن السني في كتاب " رياضة المتعلمين " حديثاً مرفوعاً بسند ضعيف . لسان الميزان (1/70).
34. قال وكيع رحمه الله تعالى : استعينوا على الحفظ بترك المعصية. روضة العقلاء (ص29).
35. قال أبو الدرداء رضي الله عنه : لا تكون متعلماً حتى تكون بما علمت عاملاً. السير (2/347).
36. قال حبيب الرحبي رحمه الله تعالى : تعلموا العلم واعقلوه ، وتفقهوا به ، ولا تعلموا لتجملوا به ، فإنه يوشك إن طال بكم عمر، أن يُتجمل بالعلم ، كما يتجمل ذو البز ببزّة. السير (12/241).
قلت: وقع ما أخبر به ، فكم رأينا وسمعنا ممن يتزين بالعلم والشهادات والمناصب العلمية ، حتى أصبح العالم الذي لم يتول هذه المناصب كأنه جاهل .
37. قال الذهبي رحمه الله تعالى : ... ثم العلم ليس هو بكثرة الرواية ، ولكنه نور يقذفه الله في القلب ، وشرطه الاتباع ، والفرار من الهوى والابتداع. السير (12/323).
38. قال أبو العباس ثعلب رحمه الله تعالى: ما فقدتُ إبراهيم الحربي من مجلس لغة ولا نحو من خمسين سنة. السير (12/360).
قلت : وهكذا يكون الاستمرار والمواصلة على طريق الطلب ، أما أحدنا فيحضر مرة أو مرات ثم ينتقل لآخر، وهكذا يتذوق المشايخ والعلوم ، وبعد زمن ، لا تجده يحسن مسائل الوضوء ، فرحماك يا رب.
39. قال البوشنجي رحمه الله تعالى : من أراد العلم والفقه بغير أدب فقد اقتحم أن يكذب على الله ورسوله. السير (12/586).
قلت : لأن الأدب صمّام الأمان لطالب العلم من الزلل بعد التقوى ، ومن فقد الأدب فلا يتعجب منه الكذب في الحديث ، والتجرؤ على الفتوى ، وتخطئة العلماء بغير برهان ، وغير ذلك من مصائب سوء الأدب ، فعليك بالأدب يا طالب العلم ، رعاك ربي.
40. قال أبو زرعة رحمه الله تعالى : عجبت ممن يفتي في الطلاق يحفظ أقل من مائة ألف حديث. السير (13/69)، طبقات الحنابلة (1/131).
قلت: ماذا نقول نحن فيمن تصدَّر للفتوى ولا يحفظ الأربعون النووية.
41. قال ابن الأعرابي رحمه الله تعالى : لا يقال للعالم " رباني " حتى يكون عالماً معلماً عاملاً. مفتاح دار السعادة (1/124) فتح الباري (1/163).
42. قال الثوري رحمه الله تعالى: معرفة معاني الحديث وتفسيره أشد من حفظه. الآداب الشرعية (2/119).
43. قال ابن رجب رحمه الله تعالى : ... فالعلم النافع من هذه العلوم كلها ، ضبطُ نصوص الكتاب والسنة وفهم معانيها ، والتقيد في ذلك بالمأثور عن الصحابة والتابعين . فضل علم السلف (ص44،45).
44. قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في علم المنطق: ... والبليد لا ينتفع به ، والذكي لا يحتاج إليه. مجموع الفتاوى (9/270).
45. قال الشعبي رحمه الله تعالى : سئل عمار عن مسألة فقال: هل كان هذا بعد ؟ قالوا : لا ، قال : فدعونا حتى يكون ، فإذا كان تجشمناه لكم. السير (1/423).
46. قال الذهبي رحمه الله تعالى : وهل يراد من العلم إلا ثمرته. السير (4/75).
47. قال الشعبي رحمه الله تعالى : إنما كان يطلب العلم من اجتمعت فيه خصلتان : العقل والنسك. قال الذهبي : أظنه أراد بالعقل الفهم والذكاء. السير (4/307).
48. قيل لسعيد بن جبير رحمه الله تعالى : ما علامة هلاك الناس ؟ قال: إذا ذهب علماءهم .
49. قيل لعطاء في مسألة ، فقال: لا أدري. فقيل له : ألا تقول برأيك . فقال: إني أستحي من الله أن يُدان في الأرض برأيي. السير (5/86).
50. قال قتادة رحمه الله تعالى : لقد كان يُستحب أن لا تقرأ الأحاديث التي عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة. السير (5/274).
51. قال الذهبي رحمه الله تعالى : صح عن ربيعة قوله: العلم وسيلة إلى كل فضيلة. السير (6/90).
قلت: لأن العلم يدل على مرضاة الله تعالى ، فما أعظم فائدة العلم.
52. قال التيمي رحمه الله تعالى : لو أخذتَ برخصةِ كل عالم اجتمع فيك الشر كله. السير (6/198).
53. قال داود الطائي رحمه الله تعالى : كفى بالعلم عبادة. السير (7/424).
54. قال محمد بن النظر رحمه الله تعالى : أول العلم الاستماع والإنصات ، ثم حفظه ، ثم العمل ، ثم بثَّه. السير (8/177).
قلت : ومن يتأمل حال بعض الطلاب اليوم يجد الخلل في أدب الاستماع ، والزهد في الحفظ ، والهجر للعمل ، فترتب على ذلك ترك الدعوة إليه ، ومن لم ينفع نفسه بعلمه فكيف ينفع غيره.
55. قيل لابن المبارك رحمه الله تعالى : إلى متى تكتب العلم ؟ قال: لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أكتبها بعد. السير (8/407).
قلت: في هذا بيان أن طلب العلم يستمر مع الطالب الصادق إلى الموت ، ولا يأتي عليك زمان تشعر فيه بأنك استغنيت عن العلم ، فإن فعلت فأنت جاهل.
56. سئل وكيع رحمه الله تعالى عن دواء الحفظ ؟ فقال : ترك المعاصي ، ما جربتُ مثله للحفظ . السير (9/151).
57. وقال: لا يكمل الرجل حتى يكتب عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه. السير (9/159) وهدي الساري (ص503) تهذيب الكمال (1/166).
قلت: قد يكتبُ عمن هو فوقه وهذا الغالب ، ولكن يندرُ أن يكتب عمن هو مثله ، وأندرُ منه أن يكتب عمن هو دونه ، وهذا يبين لنا : أن بعض الطلاب فيه مرض التكبر في العلم وهو لا يعلم ، فلم لا يكتب عن الصغير إذا كان أعلمَ منه ، ولم لا يكتب عمن هو مثله ، إلا الحسد المدفون وصاحبه لا يعلم به ، فاللهم طهر قلوبنا.
58. قال الشافعي رحمه الله تعالى : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة. السير (10/23، 53).
59. قيل للشافعي رحمه الله تعالى : من أقدر الناس على المناظرة ؟ فقال: من عوّد لسانه الركض في ميدان الألفاظ لم يتلعثم إذا رمقته العيون. السير (10/41).
60. قال ابن إدريس رحمه الله تعالى : مهما فاتك من العلم ، فلا يفوتنك من العمل. السير (10/498).
قلت: واقع بعضنا عكس ذلك ، نحرص على ما يفوتنا من العلم ، والفوائد ، ولكن لا نأسف على العمل ، فلو فاتت " صلاة " لم نندم ، ولكن لو فات درس ، أو محاضرة لتأسفنا ، فأين الصواب ؟ وأين الأحق بالندم ؟
61. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام. السير (10/296).
62. قال سحنون رحمه الله تعالى : أجرأ الناس على الفتيا أقلهم علماً. السير (12/66).
قلت: لأن المرء كلما زاد علمه زاد خوفه وورعه ، ومن علم أنه يبلغ دين الله فواجب عليه أن يحذر الفتوى ، وهكذا كان السلف.
طالب العلم واليوم العلمي
كم ينتابني الفرحُ حينما أجد في حياة طلاب العلم مشاريع علمية وتعليمية ينفعون بها أنفسهم أولاً ثم المجتمع .
لقد كانت المشاريع عند أهل العلم قديماً من المُسلّمات حتى إنك لا تكاد تجد عالماً من علماء السلف إلا وقد شارك في تأليف كتاب أو تلخيص أو شرح أو اقتباس أو جمع ، ونحو ذلك من أنواع التأليف .
ولعل مشروع التأليف عند السلف كان هو الأبرز لحاجة الأمة للتأليف في زمنهم ولمواجهة بعض الفرق المخالفة والرد عليهم كما في كتب المعتقد .
وإشارتي هنا لطلاب العلم في زمننا الحاضر، يا ترى هل هناك أفكار جادة لتبني مشروعات كبرى أو صغرى لخدمة العلم وأهله ؟
إن إحياءَ فكرة المشاريع في نفوس الطلاب من المهمات لأننا في زمن تكالب فيه الأعداء علينا وغزونا في عقر دارنا بالشبهات والشهوات .
والأمة التي تتربى على العلم قادرة بإذن الله على مواجهة هذا المد الفكري والشهواني .
يا طالب العلم دعني أهمس لك ببعض المشاريع التي ربما تناسبك ، وهي مختلفة بلاشك من ناحية القوة والضعف ونوعية المخاطبين وغير ذلك من صور الاختلاف .
مشروع " اليوم العلمي في إحدى المحافظات القريبة منك ".
الفكرة هي : إعداد عنوان عام مثل " فقه الطهارة " وتلخيص مسائله على أرقام وعناصر لكي يتم شرحها في أحد المساجد في تلك المحافظة على النحو التالي " درس قبل الظهر بساعة . درس بعد الظهر لمدة ساعة . بعد العصر لمدة ساعة – مع مراعاة فصل الصيف فقد يناسب وضع درسين في فترة العصر بينهما ربع ساعة - . بعد المغرب حتى أذان العشاء ".
ثم بعد العشاء لقاء مع طلاب العلم الذين حضروا عندك مع بعض جماعة المسجد في مجلس كبير أو استراحة لتبادل الآراء والمناقشة .
ثم تقوم بتكرار هذا العنوان في محافظة أخرى بعد شهر .
وهكذا تتناول كل شهر يوم واحد فقط وتكرر عليهم مسائل الطهارة مثلاً أو الصلاة أو العقيدة .
فلو تخيلنا أن هناك عشرة أشخاص قاموا بهذا البرنامج في عشر محافظات كل شهر ، فمعنى ذلك أنه قد تم إقامة ١٢٠ يوم علمي في سنة واحدة .
وهذا بلا شك إنجاز كبير ونافع للناس .
وهذا الأمر يتطلب أمور :
١- التفكير مع بعض طلاب العلم في تلك المحافظة في نوعية الموضوع الذي يحبون طرحه ويكون نفعه ظاهر لهم ولمجتمعهم .
٢- التنسيق مع الوزارة في أخذ التصريح الرسمي لذلك .
٣- الإعداد الجيد للمادة ، وقد يكون من الأنسب تلخيص ذلك في مذكرة ليتم توزيعها على الحضور لتبقى معهم ويتابعون شرحك .
٤- من وجهة نظري أرى أن يكون العنوان على شكل مسائل وليس على طريقة شرح المتون ؛ لأن أهل المحافظات والقرى ربما لم يستوعبوا طريقة المتون ، والعبرة بالفائدة .
٥- إن كانت المحافظة قريبة وسوف تذهب لها براً فيفضل أخذ بعض الزملاء معك ليؤانسوك في رحلتك ويقوموا بمساعدتك فيما تحتاجه .
٦- من الجميل الترتيب مع بعض التجار في إحضار جوائز ليتم توزيعها على الحضور في اليوم العلمي .
٧- قد يكون من المناسب أن يكون هذا اليوم يوافق يوم السبت ولكن لو تحضر يوم الجمعة لتخطب فيهم الجمعة ثم تقوم بكلمات في صلاة العصر والمغرب والعشاء في مساجد المحافظة .
وقد يناسب الترتيب في لقاء مع الدعاة أو حلقات التحفيظ أو زيارة لمحافظ المحافظة ، أو للسجن العام أو لدور الملاحظة والأحداث وغيرها من البيئات التي تحتاج للدعوة .
٨- في الغالب أن الحضور في اليوم العلمي هم من العامة وبعض الطلاب المبتدأين فينبغي عليك مراعاة الأفهام وتبسيط المسائل .
٩- كن قدوة في تعليمك وبساطتك وتواضعك واحتمال الناس والصبر عليهم واعلم بأن أخلاقك أقوى أثراً من تعليمك وشرحك .
١٠- اشحذ همم الطلاب والدعاة الذين تقابلهم للمزيد من خدمة الدعوة ونفع الناس ولو لم يكن لزيارتك لتلك المحافظات إلا تثبيتك للعاملين هناك لكفى بذلك فضلاً وشرفاً ، فكيف والحسنات والأجور هناك متنوعة .
١١- حينما يكون سفرك براً فأذكرك بالأجر الذي يحيط بك بسبب تلك الرحلة العلمية التعليمية وتذكر رحلة نبينا صلى الله عليه وسلم للطائف ليدعوهم ويعلمهم ، وقد قال بعض شيوخنا إذا كان السلف رحلوا لأجل تحصيل العلم فما الظن بمن يرحل لأجل تبليغ العلم ونشر الدعوة ؟
١٢- قد تبدأ باليوم العلمي في مسجدك الذي بالقرب منك وتنتقل في مدينتك في كل شهر لجوامع متفرقة .
١٣- ليس شرطاً أن يكون اليوم العلمي خاصاً بالعلوم الفقهية ، بل قد يناسب أن يكون يوماً عن القرآن " فضائل . آداب . أحكام . قصص عن أهل القرآن ".
وقد يكون العنوان " أسرتي " وتتحدث عن " وصايا للزوج . وصايا للزوجة . تربية الأبناء . قصص للناجحين أسرياً ".
وهكذا فكر في عنوان يمكن تقسيمه لأربع فترات " قبل الظهر وبعد الظهر وبعد العصر وبعد المغرب ".
١٤- اقترح توثيق الدروس بالتصوير لرفعها على اليوتيوب لينتفع الناس منها مستقبلاً ولتعرف أنت طريقة شرحك ومدى جودة الأداء من جميع جوانبه سمعياً وبصرياً وعلمياً .
١٥- كن ذكياً في التفرس في الطلاب الذين يحضرون عندك فإن رأيت طالباً متميزاً فاحرص على شحذ همته وأخذ رقمه والتواصل معه لاحقاً ومتابعة مسيرته العلمية .
١٦- قد يكون الحضور قليلاً فلا يقلقك هذا ولاتكن ممن يبحث عن الأعداد ، وتذكر أنه يأتي نبي يوم القيامة وليس معه أحد ، وهذا نوح عليه الصلاة والسلام بعد أن قضى ٩٥٠ سنة في الدعوة إلى الله تكون النتيجة " وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ " .
١٧- حينما تعود لبلدك ، قم بتحفيز الدعاة وطلاب العلم من زملاءك بزيارة القرى والمحافظات وانقل لهم تجربتك لعلك تكون قدوة حسنة في هذا الباب ، لأن بعض طلاب العلم لم يتحرك في السفر الدعوي وللأسف الشديد .
١٨- ختاماً : اعلم أن الذي وفقك لهذا العمل الدعوي والتعليمي هو الله تعالى وهو الذي يتقبله منك تفضلاً منه سبحانه ، فاشكر ربك وتبرأ من حولك وقوتك واسأله القبول ، ووالله لئن قبل الله ذلك منك فأنت الفائز .
40 قصة وموقف من حياة العلماء
إليك أيها المحب بعض القصص من حياة العلماء ، جمعتها من كتاب تذكرة الحفاظ للإمام الذهبي ، وبعضها من هنا وهناك .
1- لم يرحل لأجل أمه :
الحافظ أبو العباس أحمد بن علي استأذن أمه في الرحلة فلم تأذن له ، فلما ماتت رحل. [ تذكرة الحفاظ: 2/639].
2- همه في التأليف :
قالوا عن أبي جعفر الطبري : حسبنا منذ أن احتلم إلى أن مات فكانت الكتب لكل يوم أربع عشرة ورقة. [ تذكرة الحفاظ: 2/ 712 ].
3- ابن خزيمة :
قال إبراهيم بن محمد: رأيت ابن خزيمة في النوم ، فقلت : جزاك الله عن الإسلام خيراً ، فقال : كذا قال لي جبريل في السماء. [ تذكرة الحفاظ: 2/ 729].
4- الانتباه للطالب:
الإمام عبد الرحيم العراقي كان في بدايته متجه إلى علم القراءات.. فنهاه الإمام عز الدين بن جماعة وقال : إنه علم كثير التعب قليل الجدوى ، وأنت متوقد الذهن فينبغي صرف الهمة إلى غيره ، وأشار عليه بالاشتغال في علم الحديث. [ ذيل التذكرة: 222 ].
5- الهمة في القراءة:
الحافظ ابن حجر قرأ في رحلته الشامية المعجم الصغير للطبراني فيما بين صلاة الظهر والعصر.
وفي دمشق مكث شهران وثلث وقرأ فيها قريباً من مائة مجلد ، وأملى نحو من مائة مجلس. [ ذيل التذكرة: 337].
6- الهمة في الكتابة :
قال ابن معين : كتبت بيدي ألف ألف حديث. [ التذكرة: 1/ 430 ].
7- الاعتراف بعلم القرين :
قال ابن حنبل : يحيى بن معين أعلمنا بالرجال. [ التذكرة: 1/430].
8- وقت الألباني في السجن:
سجن الألباني فانتهى من اختصار صحيح مسلم في ثلاثة أشهر مع المعاناة النفسية ولكنه حب العلم وقبله توفيق الرب.
9- سليمان التيمي :
- شيخ الإسلام ، وصفه الذهبي بذلك.
- كان إذا حدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم تغير لونه.
- كان يسبح في كل سجدة سبعين تسبيحة.
- ما أتينا سليمان في ساعة يطاع فيها الله إلا وجدناه مطيعاً ، وكنا نرى أنه لا يحسن يعصي الله. [ التذكرة: 1/144].
10- أيوب السختياني:
- قال مالك : كنا ندخل على أيوب ، فإذا ذكرنا له حديث النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى نرحمه.
- وكان يقوم الليل ويخفي ذلك ، فإذا كان عند الصبح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة. [ التذكرة: 1/131].
11- ابن المنكدر:
- كان من معادن الصدق يجتمع إليه الصالحون.
- قال : كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت.
- كان سيد القراء لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا بكى . [ التذكرة: 1/128].
12- قبل التأليف تعبد:
كان البخاري يغتسل ويصلي ركعتين عند كتابته لكل حديث من صحيحه .
13- في التعبد:
* منصور بن المعتمر:
الإمام الحافظ الحجة صام أربعين سنة ، وكان يبكي الليل فإذا أصبح كحل عينيه، فتقول له أمه : أقتلت قتيلاً ، فيقول: أنا أعلم بما صنعت بنفسي.
وكان يصلي فتقول : لعله يموت الآن من حسن صلاته. [ التذكرة: 1/142].
14- أبو إسحاق السبيعي :
- كان يقوم الليل ويقول عن نفسه : أصبحت لا أقدر إلا على قراءة البقرة في ركعة .
- وكان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر والاثنين والخميس. [ التذكرة: 1/115].
15- عبد الله بن عون :
البصري الحافظ ، قال الذهبي : لابن عون جلالة عجيبة ووقع في النفوس ، لأنه كان إماماً في العلم رأساً في التأله والعبادة ، حافظاً لأنفاسه كبير الشأن. [ التذكرة: 1/157].
16- العدل في النقد:
في ترجمة عمر بن هارون ، قال الذهبي: لا ريب في ضعفه ، وكان إماماً حافظاً في حروف القراءات. [ التذكرة: 1/341].
وفي ترجمة الواقدي قال الذهبي : وهو من أوعية العلم لكنه لا يتقن الحديث ، وهو رأس في المغازي والسير، ويروي عن كل ضرب. [ التذكرة: 1/348].
16- محمد بن إسحاق صاحب المغازي.
قال الذهبي : والذي تقرر عليه العمل أن ابن إسحاق إليه المرجع في المغازي والأيام النبوية مع أنه يشذ بأشياء ، وأنه ليس بحجة في الحلال والحرام ، نعم ، ولا بالواهي بل يستشهد به. [ التذكرة: 1/173].
في ترجمة علي بن الجعد ، قال الذهبي: شيخ بغداد وكان عالماً نبيلاً لكنه فيه ابتداع نال من بعض السلف. [ التذكرة: 1/ 400 ].
وفي ترجمة " نعيم بن حماد " قال : وكان من أوعية العلم ولا يحتج به. [ التذكرة: 1/ 420].
وفي ترجمة مقاتل بن سليمان المفسر، قال الذهبي: متروك الحديث ، وقد لطخ بالتجسيم مع أنه كان من أوعية العلم. [ التذكرة: 1/174].
وفي ترجمة سليمان بن عبد الرحمن ، قال الذهبي: الحافظ الكبير.. وله مناكير. [ التذكرة: 1/438].
17- الدفاع عن الدين والرد على أهل الباطل :
وجودُ العلماء للدفاع عن الدين :
قيل: إن الرشيد أخذ زنديقاً ليقتله ، فقال الزنديق : أين أنت من ألف حديث وضعتها ؟
فقال الرشيد : فأين أنت يا عدو الله عن أبي إسحاق الفزاري وابن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفاً حرفاً. [ التذكرة: 1/273].
وفي الحديث " جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم " رواه أحمد والنسائي وصححه النووي.
قال ابن حزم : وهذا حديث في غاية الصحة ، وفيه الأمر بالمناظرة وإيجابها كإيجاب الجهاد والنفقة في سبيل الله. [ الأحكام: 1/ 27].
- مجاهدة أهل الباطل :
قال ابن تيمية : أمر الله المؤمنين أن يقولوا الحق الذي أوجبه الله عليهم وعلى جميع الخلق ليرضوا به ، وتقوم به الحجة على المخالفين.. " [ الجواب: 2/47].
وقال ابن القيم : ومن بعض حقوق الله على عبيده رد الطاعنين على كتابه ورسوله ودينه " [ هداية الحيارى: 12 ].
وقال ابن حزم: ولا غيظ أغيظ على الكافرين والمبطلين من هتك أقوالهم بالحجة الصاعدة. [ الأحكام: 1/26].
وقال شيخ الإسلام الهروي : عُرضت على السيف خمس مرات ، لا يقال لي: ارجع عن مذهبك لكن يقال: اسكت عمن خالفك ، فأقول: لا أسكت. [ السير: 18/509].
18- النفقة على طلاب العلم :
كان الإمام عبد الوهاب الثقفي له غلة في السنة نحو أربعين ألف درهم ينفقها كلها للمُحدثين. [ التذكرة: 1/321].
19- ربيعة الرأي :
الإمام الفقيه وكان من الأجواد أنفق على إخوانه أربعين ألف دينار. [ التذكرة: 1/157].
20- الاستفادة من القرين :
قال عمرو الناقد: قدم الشاذكوني بغداد فقال لي أحمد بن حنبل : اذهب بنا إلى سليمان الشاذكوني نتعلم منه نقد الرجال. [ التذكرة: 1/488].
21- الثناء على القرين وحث الطلاب للتحصيل منه:
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : قال لي أبي : امض إلى إبراهيم الحربي حتى يلقي عليك الفرائض. [ التذكرة: 2/585].
22- مجالسة العلماء وتنوع الاستفادة منهم :
أحمد بن يونس قال : كنتُ إذا رجعت من عند الثوري أحدث نفسي بخير ما علمت ، وإذا أتيتُ شُريكاً رجعت بعقل تام ، وإذا أتيتُ مالك بن مغول تحفظت من لساني ، وإذا أتيتُ مندل بن علي أهمتي نفسي من حسن صلاته. [ التذكرة: 1/401 ].
23- أحمد بن موسى الجرجاني كتب الكثير من الأحاديث .
قال أحدهم : رأيته في النوم فقلت: ما فعل الله بك ؟
قال: غفر لي بكثرة كتْبي الحديث والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. [ التذكرة: 3/985].
24- الشعبي :
قيل له : من أين لك هذا العلم كله ؟
قال : بنفي الاعتماد ، والسير في البلاد ، وصبر كصبر الجماد ، وبكور كبكور الغراب. [ التذكرة: 1/81].
25- الاعتراف بالطالب :
الإمام القعنبي روى عن مالك ومع ذلك فقد روى أحدهم أن القعنبي قدم من سفر فقال مالك : قوموا بنا إلى خير أهل الأرض. [ التذكرة: 1/384].
26- مع الأسرة:
دعم الأسرة لطالب العلم :
قال علي بن عاصم : دفع إلي أبي بمائة ألف درهم ، قال: اذهب فلا أرى لك وجهاً إلا بمائة ألف حديث. [ التذكرة: 1/317].
27- مع المبتدعة:
تواترت مواقف العلماء في هجر المبتدع والإعراض عنه وعدم محادثته وترك السلام عليه والتحذير منه ؛ لأنهم أعداء السنن وأصحاب الشبهات.
فمن أقوالهم ومواقفهم :
* إذا رأيتُ رجلاً من أهل البدع فكأنما أرى رجلاً من المنافقين.
* من عظّم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام.
* لا تجلس إلى صاحب بدعة ، فإنه يمرضُ قلبك ويفسد عليك دينك.
* بكى سليمان التيمي في مرضه فقيل له ، فقال : مررتُ على قدري فسلّمتُ عليه فأخاف أن يحاسبني ربي عز وجل عليه.
وقال: من سمع بدعة فلا يحكها لجلسائه لا يلقيها في قلوبهم.
28- الهمة في الكتابة:
حماد بن أسامة الحافظ يقول : كتبت بأصبعي هاتين مائة ألف حديث. [ التذكرة: 1/322].
29- مع العلماء:
يقول ابن الجوزي : كتبتُ بأصبعي ألفي مجلد ، وتاب على يدي مائة ألف ، وأسلم على يدي عشرون ألف. [ التذكرة: 3/1344].
ابن الحاجب: كان يصوم كثيراً يستعين به على الطلب. [ التذكرة: 4/1455].
30- أبو بكر الحازمي ولد 548هـ .
قال أحد جيرانه : كان الحازمي يدخل بيته ويطالع إلى الفجر، فقال هذا الجار لخادم الحازمي : لا تدفع الليلة إليه السراج ، لعله يستريح ، فلما جاء الليل اعتذر الخادم فدخل الحازمي غرفته وصف قدميه ولم يزل يصلي حتى الفجر. [ التذكرة: 3/1364].
31- النووي :
كان يقرأ كل يوم 12 درساً ، قال : وكنت أكتب جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل ووضوح عبارة وضبط لغة وبارك الله تعالى في وقتي ، وخطر لي أن أشتغل في الطب واشتريت كتاب " القانون " فأظلم قلبي وبقيت أياماً لا أقدر على الاشتغال فأفقت على نفسي وبعت القانون فأنار قلبي. [ التذكرة: 4/1470].
32- ابن الخاضبة :
أبو بكر محمد البغدادي بارك الله في وقته وقد نسخ صحيح مسلم سبع مرات. [ التذكرة: 3/1226].
33- ابن عطية :
غالب بن عبد الرحمن كرر صحيح البخاري سبع مائة مرة. [ التذكرة: 3/1269].
34- الأنماطي :
أبو البركات البغدادي قال ابن الجوزي : كنت أقرأ عليه وهو يبكي فاستفدتُ ببكائه أكثر من استفادتي بروايته. [ التذكرة: 3/1283].
35- الحاكم:
قال: شربتُ ماء زمزم وسألتُ الله أن يرزقني حسن التصنيف. [ التذكرة: 3/1044].
36- العلماء والوقت :
* كان منهم من يقرأ وهو يمشي كالخطيب البغدادي.
* ابن عقيل يقول : إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا تعطل لساني من مذاكرة أو مناظرة ، وبصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي..
* أبو يوسف صاحب أبو حنيفة وهو مريض يزورونه ويطرح المسائل ، فيقولون له : وأنت مريض ، فيقول: لعله ينجو بها ناج.
* كان المجد ابن تيمية الجد إذا دخل الخلاء يقول لابنه : اقرأ في الكتاب وارفع صوتك.
* كان ابن سكينة عالماً عاملاً لا يضيع شيئاً من وقته ، وكان الطلاب إذا دخلوا عليه يقول : لا تزيدوا على " سلام عليكم " مسألة..
* ابن تيمية وعنايته بالوقت حتى بلغت مؤلفاته ( 500 ) كتاب.
37- هضم النفس وتربيتها على التواضع :
قال السختياني : إذا ذكر الصالحون كنت عنهم بمعزل.
قال يونس بن عبيد : إني لأعد مائة خصلة من الخير، ما أعلم أن في نفسي واحدة.
قال ابن واسع : لو كان للذنوب رائحة ما قدر أحد يجلس إلي.
38- الاستقامة والثبات :
* تجديد الاستقامة:
قال أبو عوانة : صحبت يزيد بن زريع أربعين سنة يزداد في كل سنة خيراً. [ التذكرة: 1/256].
39- التزين في مجالس العلم:
قال قتيبة : كنا إذا أتينا مالكاً خرج إلينا مزيناً مكحلاً مطيباً قد لبس أحسن ثيابه. [ التذكرة: 1/210].
40- مع الفتوى:
* التزكية قبل الإفتاء:
قال الإمام مالك: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك. [ التذكرة: 1/208].
طالب العلم وقصص العلماء
من اللافت لنظرك يا طالب العلم وأنت تقلبُ كتب السلف أن تجد عشرات الكتب التي تعتني بالكلام عن سير العلماء وأخبارهم ، وعلى سبيل المثال لا الحصر : سير أعلام النبلاء . طبقات الشافعية . طبقات الحنابلة..
والكتب المتخصصة في سير الأئمة " مناقب الشافعي . مناقب أحمد ..".
كل ذلك قد امتلأ بعشرات القصص والحكايات عن أولئك العلماء ، فلماذا يا ترى كتب العلماء كل تلك القصص ؟
إن القصة التي تُروى عن العالم تصنع الشيء الكثير لدى طالب العلم المميز .
إنها تُحدث في داخله انطلاقة نحو العزم والجد والطموح .
كم نحن بحاجة للنظر في حياة العلماء والتأمل في سيرهم " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ " .
وكم نحن بحاجة إلى أن نكتب قصص من حياة العلماء الذين عاصرناهم لننشر سيرتهم ونحفز النفوس للاقتباس من نورهم وهديهم .
كم من قصة دفعت نفساً للأمام ، وقديماً قال أبو حنيفة : الحكايات عن العلماء أحب إلي من كثير من الفقه ؛ لأن فيها التثبيت ، ثم استدل بقوله تعالى " وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ "
فيا طالب العلم ، خصص جزءً من وقتك لمطالعة سير النبلاء والعلماء والحكماء، لعل همتك أن تسمو نحو العلا ولعلك تلحق بالركب .
همسة : فاتني أن أرى الديار بعيني فلعلي أرى الديار بسمعي
مواطن القدوة في الإمام البخاري
الذي ينظر في حياة علماء السلف يجد العجب في تنوع التميز في حياتهم العلمية والعملية ، وسوف نأخذ رمزاً من علماء السلف ونتأمل في ملامح من شخصيته وبعض مواطن القدوة في حياته رحمه الله تعالى .
إنه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح المشهور .
وهنا لن أتحدث عن ترجمته وتفاصيل ذلك ولكن سأدلف مباشرة لجوانب القدوة في حياته العلمية والعملية .
أولاً : الترتيب والتدقيق :
حينما نتحدث عن كتاب البخاري مثلاً فقد جلس في تصنيفه ستة عشر عاماً ووراء ذلك مبدأ مهم وهو التنظيم لتلك الأوراق .
فكيف كان يضعها وأين ، ولماذا لم تختلف ورقة مع أخرى ؟.
إننا نتحدث عن زمن المخطوطات وعشرات الآلاف من الأحاديث .
إن ذلك الزمن ليس زمن الحاسوب ولا الجوالات ولا سيديات وبرامج حفظ النصوص ، وهذا التنظيم بارز وينطبق على كل العلماء السابقين .
فيا ترى هل نجد في زمننا هذا التنظيم في برامج طلاب العلم في مقروءاتهم وبحوثهم وأهدافهم ؟ أم أن الفوضوية هي السمة الغالبة على البعض .
ثانياً : الارتباط بالعبادة مع العلم .
وهذا ظاهر في قول البخاري : " ما كتبتُ حديثاً إلا توضأتُ وصليتُ ركعتين ".
إننا نتحدث عن نحو ٧٥٠٠ حديث ، فلو قلنا أن مع كل حديث ركعتان فإن الناتج سيكون نحو ١٥ ألف ركعة عاشت مع البخاري في صحيحه . يالله العجب .!!
إن هذا الارتباط قد يغيب عند بعض طلاب العلم .
فقد يقرأ بعضنا عشرات الكتب وهو تارك لقيام الليل وسنة الضحى ، والرواتب القبلية والبعدية .
وقد يبدأ في رسالة الماجستير والدكتوراه ويسهر ويسافر ولكنه لا يذكر أنه في أثناء ذلك صلى عدة ركعات لعل الله أن ييسر له أمره .
إننا نتحدث عن مشكلة كبيرة وهي ضعف جانب التعبد في مسيرة بعض طلاب العلم ، ولذا لا نستغرب من الجفاف الروحاني لدى البعض وأيضاً لا نستغرب من الفتور الذي ظهر ولا يزال يظهر على بعض طلاب العلم .
إن العلم والعبادة قرينان لا ينفكان وهما من أسرار التوفيق والتأثير في المجتمعات .
فيا طالب العلم راجع نفسك ، كيف أنت مع الجوانب التعبدية ؟.
ثالثاً : الهمة العالية .
وهي صفة رائدة لدى كثير من العلماء، ولكن بما أن الحديث عن البخاري فتأمل بعض الجوانب من همته :
١- ربما استيقظ في الليلة الواحدة عشرين مرة لكتابة فائدة سنحت له .
وفي زمننا يسهر بعض طلاب العلم على الجوال لساعات متأخرة يلاحق التغريدات والسنابات والصور، فهل مثل هذا سيحصل علماً كما حصله البخاري .
٢- بدأ البخاري بالتصنيف وعمره ١٨ عاماً ، وكتب التاريخ الكبير عند القبر النبوي على الليالي المقمرة .
وهنا أقول: لعل بعض طلاب العلم لا يجيد كتابة مقال علمي متين .
ولعله لا يقدر إلا على بحوث الجامعة ؛ لأن هناك شهادة سوف يحصل عليها أما أن يبادر لكتابة بحثٍ علميٍ ينفع به الأمة فلا .
٣- قوة الحفظ لدى البخاري حيث إنها أصبحت إحدى العلامات الفارقة فيه .
ومما قاله عن نفسه : أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث ضعيف ، إنها مئات الأسانيد التي امتلأت بالرجال .
ولعل البعض من طلاب العلم قد أهمل الحفظ حتى إنه ربما لا يحفظ عشرين حديثاً بإتقان .
وهذا كله نتيجة الكسل وضعف الهمة ، وإلا فلو بذل الواحد منا جهده وسعى للكمال لحفظ كما حفظ بعض الشباب المعاصرين مئات الأحاديث وبعضهم أنهى الصحيحين بتوفيق الله ثم بهمته العلية التي تشابه همم السلف .
رابعاً : الرحلات العلمية .
إن الرحلة في طلب العلم سنةٌ قديمة ولقد رحل العشرات من علماء السلف لأجل العلم ، حتى كتب فيهم الخطيب البغدادي مصنفاً لطيفاً ذكر فيه بعض القصص في ذلك .
وأما البخاري فقد رحل من بخارى وتقع شمال إيران إلى نيسابور ، إلى بغداد ، إلى البصرة ، إلى مكة ، إلى دمشق ،، وروى عن ألف شيخ .
وحينما تتأمل بخيالك تفاصيل تلك الرحلات ، فما هي الوسيلة للسفر وكيف هي الخدمات ، وكيف أمن الطريق ، ولا تسأل عن الحر والبرد والميزانية المالية وغير ذلك.
إن هذا وغيره مما يأخذ بعقلك وقلبك لاستشعار عظيم الإخلاص الذي عاش في قلوب أولئك الأخيار، وللتضحية التي قدموها لأجل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وانظر للبركة التي أنزلها الله بمؤلفاتهم وعلومهم حتى وإن كانت وسائل الطباعة والنشر في غاية الضعف ولكنّ الله إذا بارك فليس لبركته نهاية .
ثم تعال لبعض طلاب العلم في زمننا ، وأخاطبك يا قارئ هذه الأسطر : متى سافرت لبلد قريب أو بعيد لأجل اللقاء بذلك العالم والاستفادة منه ؟.
لماذا لا تعزم على تخصيص أسبوع في كل ستة أشهر للسفر لأحد العلماء للاستفادة منه ؟.
إنني أقرأ أفكارك التي تنتقد هذه الأسطر ، ولكن لا بأس .
إن الأسفار العلمية تصقل شخصيتك وتزيد من رسوخك العلمي ، وتعرفك بالمذاهب ، وتبصرك بفنون التعليم ، وتشاهد في أسفارك علو الهمم لدى البعض مما سيدفعك بلا شك للتنافس الشريف في العلم .
ختاماُ : هذه بعض التأملات اليسيرة في حياة الإمام البخاري رحمه الله تعالى، آمل أن تكون نبراساً لي ولك يا طالب العلم .