مجالس رمضانية
التصنيفات
الوصف المفصل
- مجالس
رمضانية
- الفرح بقدوم رمضان
- أبواب كثيرة للصائمين
- يا صاحب الذنب لقد جاء رمضان
- 30 وصية للتائبين
- أحاديث لا تصح في رمضان
- أسرار في ليالي رمضان
- - وصايا للقائمين والمتهجدين :
- ومضات حول ( مشروع إفطار صائم )
- * وصايا مهمة إدارة مشروع إفطار الصائم :
- بين العلم والقرآن في رمضان
- متميزة في رمضان
- فضائل الصدقات
- وللأهل نصيب في رمضان
- أفكار دعوية في رمضان
- دموع في رمضان
- كيف ترتب المرأة وقتها في رمضان ؟
- أفلا يتدبرون القرآن ؟
- ولكنه صيام قلب
- استعداد القنوات فأين الدعاة
- أقزام يخرجون في رمضان
- فتاة أخطأت في رمضان
- وبدأت العشر وبدأ السباق
- حلاوة الاعتكاف
- فتور في رمضان
- في رمضان ما أجمل الانكسار
- الخشوع أو كثرة العبادة
- ليلة القدر فرصتك
- كيف نحفز النفوس للهمة العالية في العبادة ؟
- من قصص الصالحين والصالحات في رمضان
- من قصص الصالحات في رمضان
- حوار بيني وبين دمعتي
- حافظ على الكنز
- إشراقات مع العيد
مجالس رمضانية
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيد الصائمين والقائمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لقد جاء رمضان وجاءت معه نفحات الرحمن، ففيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، وفيه تصفد مردة الشياطين والجان.
جاء رمضان ومعه بشارات الهدى والإيمان.
جاء رمضان وهو شهر القرآن وشهر يكون فيه العبد قريباً إلى ربه ويملؤه شعور بالإيمان.
فمع كل هذه النفحات والبشارات كان لابد أن نُذكِّر (( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ))[الذاريات:55] وننبه على بعض الأمور التي نشاهدها ونعيش معها في رمضان.
فلذلك أخي الصائم وأختي الصائمة كتبت هذه المجالس حتى يستفيد منها كل إنسان في شهر رمضان.
وقد بذلت قصارى جهدي وجعلتها مختصرة وسهلة الأسلوب حتى يحصل بها النفع لعامة المسلمين.
فإليكم هذه المجالس , وأوصي أئمة المساجد بقراءتها بعد صلاة العصر أو بين الأذان والإقامة لصلاة العشاء ليستفيد منها المصلون .
( 1 )
الفرح بقدوم رمضان
ما أجملك يا رمضان، وما ألذ أيامك، أما نهارك فصوم وخضوع، وأما لياليك فبكاء ودموع وقنوت.. في رمضان تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، فكيف لا تفرح؟ في رمضان تتنزل الرحمات، وتكثر من الله النفحات، فكيف لا نفرح؟ في رمضان تسعد النفوس، وتفرح الأرواح، فكيف لا نفرح؟ في رمضان عبادة الصيام الذي يحبه الرحمن ويثيب عليه، فكيف لا نفرح؟. في رمضان عبادة القيام والمناجاة للملك العلام، فكيف لا نفرح؟. في رمضان يكون للدموع طعم آخر، ويكون للخشوع مذاق آخر، فلماذا لا نفرح؟. في رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فلماذا لا نفرح ؟. في رمضان تتوحد أمة الإسلام على عمل واحد وإفطار وإمساك في وقت واحد، فلماذا لا نفرح؟. في رمضان يكثر الإحسان للفقراء، وتنتشر الرحمة بالضعفاء، فكيف لا نفرح؟.
في رمضان أبواب كثيرة للحسنات ومنافذ عديدة للوصول إلى الجنات، فيا أيها الصائم لم لا تفرح؟. لابد أن نفرح ونسعد، ونستمتع بهذا الشهر الكريم..
* إشارة:
جاهد نفسك على أن يكون هذا الشهر طريقاً لك إلى الجنان والعتق من النيران.
( 2 )
أبواب كثيرة للصائمين
مع فرحتنا بدخول رمضان وبأنه شهر القرآن إلا أن أصحاب الهمم وطلاب المجد لم تقف همتهم عند عمل، بل رغبت نفوسهم لأن تدخل كل باب من أبواب الأعمال الصالحة. نعم , إنها الرغبة للمعالي والتنافس لأجل الوصول إلى الهدف العالي "جنات الخلود" . إن أولئك القوم بذلوا في كل عمل صالح بسهم، وطرقوا كل باب ونزلوا في كل واد يرجون رحمة الله ويخافون عذابه. فتجد الواحد منهم ملازماً لكتاب الله، ثم تجده يسعى في خدمة الفقراء، وبعد لحظات تراه مصلياً خاشعاً باكياً، وفي أوقات أخرى يبقى مع أهله وأسرته لرعايتهم ولتعليمهم , وهكذا لا يقف عند حد. شعاره: لا مستراح إلا تحت شجرة طوبى, وإذا تذكر (( وسارعوا )) طارت الأرواح وعلت الهمم، وانطلقت العزائم نحو المكارم. إنها الأرواح التي تعلقت بالله فقررت أن يكون شهر الصيام منطلقاً نحو العلا والمجد. فهنيئاً لمن دخل هذه "المنافسة" لعله يكون أحد الفائزين بجنة رب العالمين.
( 3 )
يا صاحب الذنب لقد جاء رمضان
يا من أساء مع ربه وأخطأ مع مولاه، يا من طال بُعده عن ربه وتجاوز حدود العبودية. يا أيها العبد! يا أيها المسكين! ماذا وجدتَ في بُعدك عن الله؟ أخي , أختي: لقد جاء رمضان ليرسل لنا نفحات الإيمان، وليضفي على قلوبنا رحمة الرحمن، فهيا إلى الله (( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ))[الذاريات:50] . يا عبد الله ! اعلم أن باب التوبة مفتوح والدخول إليه مسموح، فأقبل على ربك لعله يرضى عنك ويغفر لك . هيا إلى الله لعله يبدل سيئاتك إلى حسنات، ولعله يكتبك في أحبابه (( إِِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ))[البقرة:222] . هيا إلى الله الذي وسعت رحمته كل شيء، وكتب كتاباً فهو عنده: ( إن رحمتي سبقت غضبي ) البخاري [ 3194]. يا صاحب الذنب! أسمعت هذه الآية (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ))[الزمر:53] . فهيا إلى الله، فهو أرحم بك من أمك وأبيك، وهو أكرم الأكرمين،
وهو الذي يقول: (( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى))[طه:82]. هيا إلى ذلك الرب الرءوف بالعباد المتفضل عليهم بالنعم على الدوام. أوصيك بالندم على ما فات، والعزم على عدم العودة للذنوب الماضيات. يا أيها التائب! أين دموعك، وأين خشوعك، وأين اعترافك لمولاك؟
لتبدأ بصفحة جديدة، واكتب عليها: "يا رب أنا تائب".
( 4 )
30 وصية للتائبين
1- الدعاء , وهو أعظم دواء وأنفع علاج لكل بلاء , فيا من يريد أن يقبل الله توبته وقد عزم على ترك الذنوب ارفع يديك إلى الذي يسمع الدعاء ويكشف البلاء.
2- المجاهدة على الثبات والاستقامة , والله تبارك وتعالى يقول: (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ))[العنكبوت:69].
3- معرفة عواقب المعصية , واعلم أيها التائب أنك كلما تفكرت في النتائج المترتبة على الذنوب فإنك حينها ستكون عزيمتك قوية على ترك الذنوب وعدم العودة لها .
4- قد تحدثك نفسك بالرجوع لبعض الذنوب , ولكن عندما تتجنب أسبابها ومقوياتها , سوف يخف عنك هذا الداعي وتجد من نفسك القوة على البعد عنها.
5- احذر من رفيق السوء ؛ وفي الحديث الصحيح: ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) صحيح الجامع [ 5858 ] .
6- الزم الذين تنتفع برؤيتهم قبل كلامهم .
7 - املأ فراغك " بأي شيء نافع من أمور الدين أو الدنيا " .
8- لابد لكل تائب أن يوجد البديل عن الحرام الذي نشأ عليه وكان عليه ، فمثلاً: سماع القرآن والمحاضرات النافعة والمؤثرة تعتبر بدلاً عن سماع الأغاني والموسيقى , والخروج للنزهة البريئة تعتبر بدلاً عن الخروج في الأمور المحرمة ، والسفر للسياحة في البلاد المحافظة يعتبر بدلاً عن السفر للسياحة في بلاد الكفر والفساد .
9- طلب العلم ؛ لأن العلم ينير لك الطريق فتعرف به الخير من الشر .
10 - انظر في الفوائد التي تحصل لك عندما تصدق في توبتك والتي منها : انشراح الصدر، وسلامة الروح وصفاء النفس، ومحبة الله وحسن الخاتمة والذكر الجميل , والفوز بالجنة وغير ذلك.
11 - الصدق مع الله , واعلم بأن من صدق مع الله في ترك الذنوب فسوف يشرح الله صدره ويفتح له أبواب التوبة مهما كانت الصعاب أمامه.
12 - اجعل والديك يدعوان لك بأن يحول الله بينك وبين الذنوب وأن يثبتك على الدين وأن يقبل توبتك ؛ لأن دعاء الوالدين مستجاب .
13 - لابد أن تعلم أن الشيطان يريد إضلالك، وسيفعل كل ما يستطيع لأجل أن يعيدك إلى تلك الذنوب التي كنت تعملها , قال تعالى: (( إن الشيطان لكم عدواً فاتخذوه عدواً ِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ))[فاطر:6]. فاعرف ذلك واستعذ بالله منه (( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ))[الأعراف:200].
14 - يجب عليك أيها التائب أن تزيل جميع آثار الجاهلية ، من الذنوب مثل " الصور , سواء صور المجلات أو صور النساء في الجوال أو التي في الجرائد أو أشرطة الغناء , ومن ذلك المخدرات وغيرها من أمور المحرمات السابقة .
15 - اليقين أن الابتلاء لا بد منه، فقد تسعى لترك المعصية ولكنك تتفاجأ وإذا بالفتنة تتزين لك من طريق آخر , قال تعالى (( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ))[محمد:31]
16 - الجلوس مع العلماء والدعاة وطلاب العلم ؛ لأنك عندما تجلس معهم فسوف يزيد إيمانك وترتقي نفسك لطلب علو الهمة .
17 – لا يكن واقعك السابق حاجزاً لك عن التقدم وصناعة النجاح فيما تبقى من عمرك , وهذا عمر الفاروق رضي الله عنه , ماذا كان قبل الإسلام وماذا صنع بعد الإسلام ؟ فيا أيها التائب انطلق نحو المجد والعلا.
18 – كن حسن الظن بالله و كثير الثقة به جل وعلا .
19- لا تغلب جانب الخوف، واعلم بأن الله واسع المغفرة (( ِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ))[النجم:32] (( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ ))[طه:82].
20- اعلم أن مجتمع الصحوة ليس " معصوماً " بل فيهم وفيهم " فالعبرة بالمنهج والدين لا بالأشخاص.
21- ابدأ بتغيير سلوكك مع أهلك منذ أول لحظة من الهداية ؛ لأن هذا من أهم الأمور بعد توبتك ولكي يرى الناس أثر الاستقامة عليك وليكونوا على يقين أن التوبة تهذب السلوك وتزكي النفوس .
22- قد يسخر بعض الناس منك لأنك استقمت على الدين ؛ سواء من الأقارب أو الزملاء في المدرسة أو أصدقاءك في الحي فلا تلتفت إليهم واعلم أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ذاقوا من الألم أكثر (( وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا ))[الأنعام:34]
23- لابد من الفهم الصحيح للهداية , فاعلم أنه يجوز لك أن تلعب وأن تسافر وأن تتجمل وأن تتاجر , ولكن كل ذلك في إطار الضوابط شرعية .
24- اكتب قصتك لعل فيها عبرة لغيرك .
25- أوصيك بتغيير رقم الجوال ، حتى لا يتصل بك أصحابك السابقين لأن ذلك قد يضعف إيمانك وقد يساهم في عودتك لما كنت تمارسه من الذنوب .
26- الإخبار بأماكن الذنوب , فلزاماً عليك أيها التائب ، أن تخبر رجال الهيئة عن أماكن الشرور التي تعرفها قبل الهداية , مثل : محلات بيع الأفلام السيئة أو السيديات التي تحوي الصور المحرمة أو أماكن بيع المخدرات , ولعلك تعرف أشخاص يتعاملون في اقتناص الفتيات في الاستراحات , وقد تكون تعرف من يتعامل بالسحر والشعوذة , فهنا يجب عليك أن تفضح هؤلاء المجرمين ليقف شرهم وتحمي المجتمع من كيدهم .
27- لا تذهب لأصدقائك لكي تدعوهم إلى الله إلا بعد وقت من الاستقامة والثبات، وأوصيك أن تصطحب معك شخصاً آخر يجيد التعامل في القضايا الدعوية .
28- احرص على مجالس الذكر " التي تناسبك " في مستوى الطرح الأسلوب و المادة والوقت.
29- عليك بزيارة المواطن التي ترقق القلوب , مثل : المستشفيات ، مغسلة الأموات ، المقابر .
30 - عليك بتقوية الإيمان والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة؛ لأن الله يقول في الحديث القدسي : ( من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ) [ رواه البخاري: 6856 ].
( 5 )
أحاديث لا تصح في رمضان
مع دخول شهر رمضان يكثر تداول الناس لأحاديث تتحدث عن شهر رمضان وما يتعلق بالصيام وعند التحقيق نجد أنها لاتثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم , ولهذا أوردت هنا بعضاً منها لتعرفها فتحذر منها وتُنِّبه الناس عن خطر نشرها , وفي الحديث الصحيح ( من يقل علي مالم أقل فليتبؤ مقعده من النار ) . [ رواه البخاري: 106] .
- ( رمضان أوله رحمه، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار ). [ ضعيف الجامع: 2135 ].
- ( لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن تكون السنة كلها رمضان ). [ ضعيف الترغيب والترهيب 302 ].
- (فضل الجمعة في رمضان كفضل رمضان على الشهور ) [ النوافح 1178].
- (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) [ ضعيف الجامع: 4395].
- ( من أفطر يوماً في رمضان في غير رخصة رخصها الله له؛ لم يقض عنه صيام الدهر كله؛وإن صامه). [ ضعيف الجامع: 5462].
-( من أدرك رمضان بمكة فصامه وقام منه ما تيسر، كتب الله له مائة ألف شهر رمضان فيما سواه) [ضعيف الترغيب 1/294].
-( لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله ) . [الفوائد المجموعة ص 103].
-( خمس يفطرن الصائم: الكذب والنميمة والغيبة والنظرة بشهوة واليمين الكاذبة ) [ الفوائد المجموعة: 111].
-( إن شهر رمضان معلق بين السماء والأرض؛ لا يرفع إلا بزكاة الفطر) ضعيف الجامع (1886).
-( صوموا تصحوا ) ضعيف الجامع (3504).
- ( كان إذا أفطر قال: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت) ضعيف أبي داود(510) ويغني عنه ماثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أفطر ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ) . [صحيح الجامع: 4678].
-( نوم الصائم عبادة ) ضعيف الجامع (5972).
- ( قصة المرأتين اللتين وقعتا في الغيبة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : إن هاتين صامتا عما أحل الله وأفطرتا على ما حرّم الله عز وجل …) الضعيفة (519).
- (أحب عبادي إلي أسرعهم فطراً ) الموسوعة في الأحاديث الضعيفة ( 12/11).
- ( إن الجنة لتبخر وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان فتبرز الحور العين) . ضعيف الترغيب (594).
- (إن الله ينظر إلى تنافسكم فيه فأروا الله من أنفسكم خيراً) ضعيف الترغيب (492).
- ( إن لله في كل ليلة من رمضان (600) ألف عتيق من النار فإذا كان آخر ليلة أعتق الله بعدد كل من مضى) ضعيف الترغيب (598).
- ( ذاكر الله في رمضان مغفور له وسائل الله فيه لا يخيب) ضعيف الترغيب (600).
- ( الصائم في السفر كالمفطر في الحضر) ضعيف الترغيب (643).
- ( رمضان بالمدنية خير من ألف رمضان فيما سواها من البلدان) ضعيف الترغيب (1/382).
- ( إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي ). السلسة الضعيفة ( 401 )
- ( من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين ). [ السلسلة الضعيفة: 518].
- ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضر شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل ). [العلل لابن أبي حاتم - 2/12].
- ( من فطر صائما في رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة أيام رمضان كلها وصافحه جبريل عليه السلام ليلة القدر ومن يصافحه جبريل عليه السلام يكثر دموعه ويرق قلبه فقلت أفرأيت من لم يكن عنده قال فمذقة من لبن قال أفرأيت من لم يكن عنده قال فشربة من ماء ). السلسلة الضعيفة ( 3/503 ) ويغني عنه الحديث الصحيح ( من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا ) [صحيح الجامع 6415].
- ( إذا سلم رمضان سلمت السنة وإذا سلمت الجمعة سلمت الأيام) .[ضعيف الجامع 549].
- ( في شهر رمضان ، من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير ، كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فريضة فيه ، كان كمن أدى سبعين فريضة في غيره ) . [تلخيص الحبير 3/1121].
- ( فضل الجمعة في رمضان كفضل رمضان على الشهور ). [النوافح العطرة 216].
( 6 )
أسرار في ليالي رمضان
لعل ما يميز شهر رمضان مشروعية القيام فيه أو ما يُسمَّى بـ " صلاة التراويح " كما صح في الحديث: ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) [البخاري: 37]. وهذه الصلاة لها لذة وسرور لا يصفها إلا من ذاقها وتلذذ بها نسأل الله من فضله.
والناس يتفاوتون في الاستمتاع بهذه العبادة تفاوتاً كبيراً، وهذا يحصل لكل من حقق الإخلاص والاتباع، فهما ركنا الأعمال.
نعم , إنها لذة وسعادة تتسلل إلى قلوب المتقين فترقص طرباَ وتعيش في جنان الإيمان، كما قال ابن تيمية: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.
إنها ليالي رمضان التي تحمل بين جنباتها القيام والركوع والسجود والقنوت، إنها الليالي التي تستمتع فيها الآذان بكلام الرحمن.
إنها الليالي التي تتذوق فيها العيون لذة البكاء من خشية الله.
فيا لله كم من دمعةٍ جرت على الخدود في تلك الليالي .
إنها ليالي رمضان التي تسير فيها القلوب سيراً حثيثاً إلى علام الغيوب.
فيا رمضان ما ألطف نسائمك وما أحلى لياليك، وهنيئاً لمن عرفك يا رمضان وسار فيك إلى الجنان.
- وصايا للقائمين والمتهجدين :
1- احضر مبكراً للمسجد .
2- لاتكثر من طعام الإفطار .
3- البس أحسن ملابسك .
4- عليك بالطيب والسواك .
5- اصطحب بعض أفراد أسرتك كالزوجة أو الوالدة أو الأبناء البالغين .
6- لاتزاحم الناس في الصفوف الأولى إلا إذا وجدت متسع .
7- اختر المسجد الذي تخشع فيه .
( 7 )
ومضات حول ( مشروع إفطار صائم )
لا يشك أحد في فضل إفطار صائم وقد وردت النصوص ببيان فضل ذلك , ومنها:
- ( من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً ) صحيح الجامع [ 6415].
- أنه إطعام للطعام وقد وردت عدة نصوص في فضل إطعام الطعام:
1- (في كل كبد رطبة أجر ) متفق عليه.
2- وكذا قصة الزانية التي سقت الكلب فغفر الله لها.
3- ( إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام ) [ صحيح الترغيب والترهيب: 947 ].
* وصايا مهمة إدارة مشروع إفطار الصائم :
- لا بد من العناية بجودة الطعام الذي يوضع للصائمين ونعتني به وكأنه لنا نحن.
- الاتفاق المسبق مع المطاعم والترتيب الدقيق والمنظم.
- توثيق الفواتير المدفوعة حتى يسلم المشروع من الفوضى والاتهامات.
- العناية بدعوة الجاليات ووضع مكان مناسب في مقر الإفطار لتوضع فيه الكتيبات والرسائل والأشرطة .
- اقترح إبراز لغة كل بلد على كل زاوية في مقر المشروع ليسهل وصول المدعو للكتاب المناسب له .
- لا أرى فكرة درس للجاليات قبل الإفطار كما يفعله البعض؛ لأن الناس مشغولين بإعداد الإفطار والجاليات تنتظر الأذان للبدء في الإفطار، والنفوس غالباً غير مهيئة لسماع تلك الدروس.
- الحرص على تنظيف المكان بعد الإفطار وعدم إهمال ذلك.
- جمع باقي الطعام النظيف لإهدائها لبعض المحتاجين.
- الحرص على التكييف الجيد والفرش المناسب.
- وضع لحاف من بلاستيك لتغطية الفرش عند الطعام وتوضع السفر فوق اللحاف.
- يمكن وضع بنرات دعوية داخل المقر وتوضع فيها كلمات وأدعية رمضانية بخط كبير وبلغات مختلفة.
- عندما يفطر إمام المسجد مع الجاليات فإنه يعطيهم درساً عظيماً في الأخوة والتواضع والألفة والمودة.
- يجب على لجنة الإفطار أن يتميزوا بحسن الخلق والابتسامة وسلامة اللسان من القسوة على الصائمين.
- مراجعة النفس وتذكيرها باحتساب الأجر في خدمة الصائمين.
- قد ترى من بعض الجاليات بعض التجاوزات والمخالفات فكن ذا خلق حسن في التصحيح والدعوة.
- التناوب الجيد على التفطير بين العاملين وعدم تكليف شخص واحد؛ لأن الظروف تطرأ والنفس تمل.
- الإعداد الجيد للإضاءة والتمديدات الكهربائية للتكييف وغيرها.
وأخيراً: إذا كان يمكن الاستفادة من مكان الإفطار بعد التراويح لإقامة برامج دعوية أو ترفيهية مناسبة لشباب الحي فذلك جيد وينبغي الاستفادة منه.
( 8 )
بين العلم والقرآن في رمضان
في رمضان يتوجه الكثير من الصائمين والصائمات لقراءة القرآن، ونشهد تنافساً كبيراً في ختم القرآن، وهذا لا شك في فضله وحُسنْه.
والملاحظ أن الأكثر يترك العلم اقتداء بالسلف الصالح الذين كانوا إذا دخل رمضان تركوا الحديث والعلم وأقبلوا على القرآن.
ولكني أرى – من وجهة نظري – أن هذا لا ينبغي إطلاقه بل لا بد من الجمع بين التعلم وبين قراءة القرآن، وخاصة " تعلم أحكام الصيام " لأننا نرى ونسمع في أسئلة الناس الجهل الكبير بمسائل الصيام وبالأخص " المفطرات وما لا يفطر " .
فلا تتعجب إذا رأيت ذلك الذي يختم في كل ثلاث وإذا به يسألك عن " الكحل هل يفطر " وتحليل الدم ما حكمه في نهار رمضان؟!.
وأعتقد أن في الوقت متسع لأن يقرأ الواحد في كتاب الله وأن يطالع العلم سواء عبر القراءة المباشرة في الرسائل والكتب أو في سماع الأشرطة النافعة أو حضور الدروس العلمية أو متابعة المواقع الإسلامية عبر شبكة الإنترنت ليستفيد في أمور الصيام والقيام والاعتكاف والعمرة وزكاة الفطر وأحكام صلاة العيد وغيرها من المسائل التي يكثر السؤال عنها في رمضان.
( 9 )
متميزة في رمضان
إنها امرأة دخل عليها شهر رمضان ففرحت فرحاًَ لا يعلمه إلا الله، وبدأت في ترتيب برامجها في رمضان.
وأخذت العهد على نفسها أن تنافس لدخول الجنان، فاتخذت علو الهمة سلاحاً لها في زمن الكسل والخذلان.
فكان ليلها في صلاة وركوع وسجود للرحمن ، وأما نهارها فرعاية للأبناء والبنات والإخوان.
وكانت لزوجها مطيعة ومحسنة تبتغي بذلك رضى الرحمن، وجعلت جزءاً كبيراً من وقتها لتلاوة القرآن.
وعلمت أنه لابد أن تخرج من مالها شيئاً لذلك الفقير الإنسان، وأن هذا الشهر سيمضي سريعاً بلا استئذان , فكان قرارها الصارم: أعوذ بالله من الشيطان.
وبعد ذلك جد واجتهاد للفوز بمراتب الإحسان لعلها تفوز بالجنان، حيث قال الله: (( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ ))[الرحمن:60].
فهنيئاً لها ما تحمل من صدق وإيمان، وأين أمثالها من الأخوات أو الإخوان؟!.
بحثت لعلي أجد وسأجد بإذن الله المنان؛ لأن الخير في أمة محمد سيبقى ما دام الزمان.
( 10 )
فضائل الصدقات
لعل مما يميز هذا الشهر الكريم الانشراح الكبير لأداء الصدقات والإحسان إلى الناس , وهذا عمل جليل , ولنتأمل بعض فضائل الصدقات لعلنا نضاعف الاجتهاد في هذا الشهر الكريم الذي هو شهر الجود والإحسان :
- الصدقة دليل الإيمان: ومما يدل على أهمية الصدقة وفضلها أن التصدق المقصود به وجه الله دليل على إيمان العبد، جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الصدقة برهان ) [ صحيح الرغيب: 189 ] . ويقول النووي رحمه الله: " معناه الصدقة حجة على إيمان فاعلها، فإن المنافق يمتنع منها لكونه لا يعتقدها، فمن تصدق استدل بصدقته على صدق إيمانه والله أعلم " . - الصدقة من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم: ومما يدل على أهمية الصدقة وفضلها أن الصدقة من سمات النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه الفاضلة ففي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه للقرآن فلَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ) [ صحيح البخاري: 6 ]. - في الصدقة دواء للمريض ودفع للبلاء: ومن أبرز فضائلها على المتصدق أن فيها شفاء للمريض، ودواء له بل وتدفع البلاء أيا كان هذا البلاء. يقول ابن القيم رحمه الله: " وكل طبيب لا يداوي العليل يتفقد قلبه وصلاحه وتقوية روحه وقواه بالصدقة، وفعل الخير والإحسان والإقبال على الله والدار الآخرة فليس بطبيب بل متطبب قاصر " .
ويقول أيضا مبيناً أثر الصدقة في دفع البلاء: " فإن للصدقة تأثيراً عجيباً في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو ظالم بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعاً من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم قد جربوه " . - المتصدق يجازى من جنس عمله: ويدل على هذه الفضيلة ما جاء في الحديث القدسي قال الله تبارك وتعالى: ( أنفق يا ابن آدم أنفق عليك ) [ صحيح البخاري: 5352 ]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) [ صحيح مسلم: 2699 ] . يقول ابن القيم رحمه الله: "والمقصود أن الكريم المتصدق يعطيه الله ما لا يعطي البخيل الممسك ويوسع عليه في ذاته وخلقه ورزقه ونفسه وأسباب معيشته جزاء له من جنس عمله " . - دعاء الملائكة للمنفقين في كل يوم: ومما يدل على عظم جزاء المتصدق أن الملائكة تدعو للمنفق في كل يوم بالخلف والزيادة، جاء في الحديث: ( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفاً ) [ صحيح البخاري: 1442 ]. - الصدقة سبب لزيادة المال وسعة الرزق: ومما يدل على فضل الصدقة وعظم أثرها أنها سبب لزيادة المال وسعة الرزق يقول الله تعالى: (( مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً )) [ البقرة: 245 ]. ويقول الله تعالى: (( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )) [ البقرة: 268].
يقول ابن القيم رحمه الله: " وأما الله سبحانه فإنه يعد عبده مغفرة منه لذنوبه، وفضلاً بأن يخلف عليه أكثر مما أنفق وأضعافه إما في الدنيا أو في الآخرة " . ويقول الله تعالى: (( وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )) [ سبأ: 39] .
يقول ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير الآية: " أي مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به، وأباحه لكم فهو يخلفه عليكم في الدنيا بالبدل، وفي الآخرة بالجزاء والثواب " . - الصدقة تمحو الذنوب وترفع الدرجات: ويدل على ذلك قول الله تعالى: (( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا )) [ التوبة: 103 ]. يقول السعدي رحمه الله: "أي تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرزيلة، وتزكيهم أي تنميهم وتزيد في أخلاقهم الحسنة وأعمالهم الصالحة وتزيد في ثوابهم الدنيوي والأخروي وتنمي أموالهم " .
- الصدقة منجاة في يوم القيامة: ومن أبرز فضائل الصدقة وآثارها أنها منجاة للعبد في يوم القيامة وسبب للوقاية من عذاب النار قال تعالى: (( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرا )) [ الإنسان: 8-12 ]. وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كل امرئ في ظلَّ صدقته حتى يقضى بين الناس ). [ صحيح الترغيب: 872 ] . قال يزيد: " وكان أبو الخير أحد رواة الحديث لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه شيء ولو كعكة أو بصلة " .
( 11 )
وللأهل نصيب في رمضان
إنها لحظة جميلة حينما يجتمع الأب مع زوجته وأبنائه على مائدة الإفطار، لكي يختموا صيامهم بالإفطار اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الاجتماع يحمل معاني الحب والقرب لدى تلك الأسرة المؤمنة، وفي هذا اللقاء يتجدد الخير وينمو الوفاء وتنزل سُحب الصفاء.
وللأهل نصيبٌ في رمضان وفي غير رمضان؛ لأن الإنسان مسئول عن رعيته كما ثبت في الحديث: ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) البخاري [2554] .
وقضية الأسرة من أهم القضايا من ناحية الرعاية والعناية والاهتمام، وما أحلى أن يكون رمضان موسماً لمزيد من الحرص على تلك الأسرة المؤمنة.
إن للأهل نصيب وحظ في شريعة الإسلام، ولعل من أصدق النصوص ما ثبت في الحديث: ( خيركم خيركم لأهله ) السلسلة الصحيحة [285].
وحديث: ( ولأهلك عليك حقاً ) البخاري [ 6139].
والحديث ذو شعب كثيرة , وإنما قصدي الإشارة إلى ضرورة إيجاد "وقت" و "حب" و "عناية" لكي ندخلها إلى بيوتنا، لعلها تكون هي مستقر "سعادتنا" و "مأوى أفئدتنا"..
إذ إنه من الحزن أن نُسعد الآخرين ونغفل عن إسعاد "أسرتنا" .
( 12 )
أفكار دعوية في رمضان
هذه بعض الأفكار الدعوية الرمضانية لعلها تساهم في نشر الخير لمن أراد:
* في المسجد:
- وضع ملصقات دعوية عن رمضان. - القراءة بعد صلاة العصر في توجيهات وفتاوى للصائمين.
- وضع مسابقة على شريط رمضاني، ولا بد من جودة الاختيار للشريط والأسئلة والجوائز. - الترتيب لرحلة عمرة لبعض شباب الحي مع الإمام أو من ينوب عنه.
- العناية بمصلى النساء ووضع الملصقات الدعوية فيه. - توزيع الأشرطة والمطويات في المسجد ومصلى النساء.
* في العمل:
- الجلوس مع بعض الزملاء لدراسة مسائل الصيام. - الاستفادة من الفراغ للقراءة والبحث أو التعبد أو قراءة القرآن.
* أفكار عامة:
- إلقاء الكلمات في المساجد وفي المصليات داخل الشركات والإدارات. - زيارة الأقارب والزملاء بقصد الدعوة وتأليف القلوب.
- زيارة المواقع النافعة للاستفادة من الأفكار الدعوية. - إنشاء خط للفتاوى " الخط الساخن " ويتولى الإجابة عليه مجموعة من طلاب العلم المتميزين، وهذا مشهور عند بعض المواقع الإسلامية.
- الاستفادة من رسائل الجوال في إرسال المواعظ والقصص والتوجيهات والفتاوى التي تفيد الصائمين.
- نشر برنامج القرآن المرئي على الجوال بحيث يفيد صاحبه في القراءة بلا طهارة، ويمكن القراءة منه في صلاة الليل لمن يصلي وحده.
- تفعيل توزيع المطبوعات للجاليات في مقر إفطار الصائم الذي يتواجدون فيه. - العناية بتصميم الملفات المتخصصة عن رمضان في المواقع الإسلامية.
- تفعيل المسابقات في المواقع الإسلامية ولتحرص اللجنة المنظمة على الجودة والاختيار المناسب لزوار المواقع مع مراعاة آلية إرسال الجوائز للفائزين وخاصة أن أكثرهم – في الغالب – في الخارج.
- تجهيز مقاطع بلوتوث عن رمضان تتضمن: تلاوات متميزة، أدعية خاشعة، فتاوى وتوجيهات تربوية , ويتم إرسالها عبر الجوالات الشخصية أو من خلال أنشطة بعض الجوامع , ويمكن الاستعانة بالشباب الذين يتقنون إرسال المقاطع عبر الذواكر أو بالوصلة الخاصة للجوال، وأقترح وضع خيمة صغيرة لهم بجوار الجامع ليكون مقراً لهم.
- تدوين اللطائف والوقفات التربوية التي تمر بك أثناء تلاوة القرآن لتكون في كتيب أو لتنزل في المواقع بعد مراجعة كتب التفسير وكلام العلماء حول تلك الوقفات.
* في البيت:
- الاستفادة من إذاعة القرآن الكريم لسماع البرامج النافعة. - القراءة في أمور الصيام مع الأسرة في جلسة إيمانية في وقت مناسب لأفراد الأسرة.
- وضع مسابقة لمن يختم القرآن في الشهر مرتين أو ثلاث .
- تحفيز الصغار للصيام. - وضع جوائز للصائم المثالي في البيت الذي يعتني بالوقت ويحافظ على الصلاة في الوقت.
- وضع منهج معين لختم القرآن لأفراد الأسرة ويكون ذلك في جدول منظم. - أخذ الأبناء المميزين لصلاة التراويح.
- أخذ البنات المميزات لصلاة التراويح مع الأم. - الاستفادة من البريد الإلكتروني في إرسال بعض الفوائد والمواعظ الرمضانية.
والوسائل كثيرة والقصد التحفيز لا الإحصاء , فانظر في وسيلة تناسبك وتأكد أنك قادر على التجديد في نصرة الدين .
( 13 )
دموع في رمضان
إنها دموع لها طعم في رمضان، وخاصة في صلاة التراويح.
إنها دمعة تائب قد أسرف على نفسه بالذنوب وأخطأ كثيراً مع ربه ولكنه الآن يعلنها بكل وضوح: "إني تائب" .
إنها قصة التائبين في رمضان , وما أكثرهم ، لقد وجدوا في هذا الشهر السكينة والرحمة الربانية.
لقد استمعوا إلى أدعية القنوت الخاشعة فكانت العيون دامعة , وبعدها جاء القرار "إنها رجعة صادقة وتوبة صادقة بإذن الله" ، ولسان أحدهم:
يا غـافر الذنـب العظيم وقــابـلاً للتوب قلب تائـــب نـاجــاكـا
أذنـبـت يا رب وآذتني ذنـوب مـا لـهـا مـن غــافــر إلا كـا
وتــلـمـست نـفـسي النـجـاة فلم تجد منجى سوى منجاكا
وبحثت عن سر الســعادة جاهداً فوجدت هذا السر في تقواكا
فليرض عني الناس أو فليسخطوا أنا لم أعد أسعى لغير رضاكا
* أحاديث في فضل البكاء من خشية الله تعالى :
- ( حُرِّم على عينين أن تنالهما النار : عين بكت من خشية الله و عين باتت تحرس الإسلام و أهله من أهل الكفر ) . [ صحيح الجامع 3136] .
- ( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ) . [ صحيح الجامع 7778 ].
( 14 )
كيف ترتب المرأة وقتها في رمضان ؟
يجب على المرأة أن ترتب وقتها ترتيباً دقيقاً؛ وهنا إشارات:
- الاستيقاظ في وقت الضحى لكي تصلي الضحى أربعاً أو ستاً أو أكثر لتفوز بأجر صلاة الضحى.
- قراءة جزء من القرآن قبل صلاة الظهر.
- بعد صلاة الظهر تبدأ في إعداد وجبة الإفطار.
- تفتح إذاعة القرآن وهي في المطبخ لتسمع الكلمات والفوائد عن شهر الصيام، ولأن الوقت سيذهب فلا بد من الاستفادة منه.
- صلاة أربع ركعات بعد أذان العصر نافلة لحديث: ( رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً ) [ صحيح الترغيب والترهيب: 275 ] ثم صلاة العصر.
- الجلوس بعد الصلاة بضع دقائق للإتيان بأذكار الصلاة وبعدها أذكار المساء.
- العودة لإكمال إعداد الطعام.
- إذا وجد وقت ولو يسير في فترة العصر فلتقرأ القرآن.
- قبل المغرب التوجه للقبلة للدعاء؛ لأنه مستجاب.
- قبل المغرب بدقائق البدء بتجهيز السفرة.
- لا تكثري من الوجبات حتى لا تثقل الصلاة على أفراد الأسرة.
- بعد المغرب جلسة عائلية خفيفة وتناول وجبات خفيفة أو مشروبات ومتابعة بعض البرامج المباحة في القنوات الهادفة.
- عند صلاة العشاء التفرغ لأدائها مع صلاة التراويح في المسجد إذا كان يمكن ذلك ولا يؤثر على الأطفال.
- أختاه , إذا خرجتِ فلا تخرجي مع السائق لوحدك بل مع زوجك أو ابنك.
- بعد الانتهاء من صلاة التراويح تناول الإفطار الثاني، وقد يناسب زيارة بعض الأقارب في هذا الوقت، أو لشراء بعض الأغراض لأمور المنزل.
- في المساء احرصي على اغتنام أي لحظة نشاط لتلاوة القرآن أو الاستغفار أو الصلاة.
- حاولي أن تنامي في حدود الساعة 12 حتى تستيقظي للسحور ولصلاة ركعات في وقت السحور، فهو وقت مبارك واحذري من السهر الذي سيفوت عليك هذه الفرص العظيمة.
- بعد أذان الفجر توجهي لسجادتك وصلي ركعتي الفجر الراتبة ثم صلي فريضة الفجر، واجلسي قليلاً على سجادتك للإتيان بأذكار الصباح.
- ثم توجهي إلى النوم لتستيقظي في العاشرة لتبدئي يوماً جديداً مليئاً بالسعادة والعبادة.
( 15 )
أفلا يتدبرون القرآن ؟
مع دخول رمضان تتجه النفوس لكي تُقْبل على القرآن تلاوة وقراءة في سائر الأوقات، ويتنافس الصائمون والصائمات لختم القرآن كما تواتر عن السلف.
ورأيتُ أن الإقبال على القرآن عملٌ جليل وسبب لصلاح النفس بل وللأمة.
ولكنني توقفت مع حال الكثيرين حيث يقرأه سرداً وبسرعة حتى إنك تجزم أن القارئ لم يعرف ماذا يقرأ، ولم يتأثر عند آية، ولم تدمع عينه، ولم يتحرك فؤاده.
وإني أجدُ أن هذا خلل ظاهر وبين؛ لأنه مخالف لقول الرب تبارك وتعالى: (( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ))[ص:29] فأين التدبر والتفهم والتأمل لكلام ربنا تبارك وتعالى؟ .
وأكاد أجزم أن أكثر القرّاء للقرآن في رمضان لم تظهر عليهم آثار القرآن ومواعظه وزواجره، والسبب قطعاً هو "السرد السريع لأجل الختمة".
وبالنظر إلى سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم نجد أنه في رمضان كان يتدارس مع جبريل عليه السلام مرة واحدة لختم القرآن، وفي آخر عام "تدارسا القرآن مرتين".
وبالنظر كذلك إلى منهج الصحابة نجد أن الواحد منهم كان حريصاً على التدبر والتأمل ولو طالت المدة في حفظ أو قراءة السورة.
قواعد تعين على التدبر :
1. القراءة في مكان مناسب .
2. قراءة معاني الآيات .
3. تكرار الآيات .
4. معرفة أسباب النزول .
5. دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالمعروف أنه صلى الله عليه وسلم كان الترجمان الحقيقي للقرآن .
واسمح لي أن أهمس لك همسة من القلب :
في أثناء مطالعتك لكتاب الله تعالى وفي لحظات التدبر العظيمة التي تمر عليك وأنت تقرأ كلام الرحمن سوف ترد على خاطرك بعض الإشارات.
وسوف تنقدح في عقلك بعض الإشراقات القرآنية.
فما أجمل أن يكون القلم بجوارك والورق أمامك لكي تسطر بيدك تلك المعاني وهاتيك الكنوز.
وبعد ذلك راجع كلام المفسرين حول ما كتبت لتضيف أقوالهم على مجموع ما كتبت ليضفي عليه بعض التأييد والتأكيد.
وأما إن كان ما كتبت مخالفاً فاحذر منه وتعرف على سبب الخطأ والفهم, وبعد الانتهاء من تدوين اللطائف وضم النظير للنظير والشبيه إلى ما يشابهه سيكون لديك كتاب " لطائف في التدبر " ليكون زادك وقت الخلوة، وأنيسك في الوحدة.
ونحن لو تصورنا أن مائة من محبي القرآن وممن أوتي تدبراً وتأملاً كتبوا ذلك لأصبح لدينا مئات بل ألوف اللطائف القرآنية والإشراقات الإيمانية.
إننا بحاجة أن نتدرب على التدبر لنشعر بقيمة القرآن وعظيم نفعه وفي التنزيل: (( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ))[النساء:82].
( 16 )
ولكنه صيام قلب
ما أجمل رمضان حينما نستجيب للرحمن في ترك المفطرات ابتغاء مرضاة الله وامتثالاً لأمره, ولكن يا ترى أليس هناك إمساكٌ آخر وصيامٌ آخر؟. يا ترى ألا يوجد هناك في الإسلام صيامٌ غير الصيام عن المفطرات؟. الجواب: بلى والله، إن هناك إمساك وصيام يتعلق بالقلوب والسرائر، نعم.. إنه صيام القلب وإمساكه عن المحرمات والآثام التي نهانا الله عنها. إنه صيام القلب عن الحقد والغل والغش والبغضاء، فهنيئاً لقلب صائم عن هذه الأخلاق الذميمة، ويا فوز ذلك القلب الذي امتلأ بحب الرحمن والإنابة إليه ودوام التعلق به والرغبة والفرار إليه. إن من العجيب والله أن نجاهد أنفسنا عن الإمساك عن الطعام والشراب ونغفل عن الإمساك عن ذنوب القلب وشهواته المحرمة. ألم تعلم بأن الذي يرانا لو أفطرنا في نهار رمضان هو الذي يرى ويعلم ما في قلوبنا ((وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ))[الأحزاب:51].
فيا من صام عن الطعام ليصم قلبك عن كل سوء، ولتطهر روحك ولتسمو بنفسك عن كل عيب لعل الله أن يغفر ذنبك ويستر عيبك ويرفع ذكرك , ولعلك توقن بأن النجاة يوم القيامة لمن كان قلبه سليماً من الأمراض (( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ))[الشعراء:88-89].
( 17 )
استعداد القنوات فأين الدعاة
تتنافس القنوات الفضائية في بث أجمل البرامج والأفلام والفوازير في ليالي رمضان، وتريد تلك القنوات جذب المشاهدين والمشاهدات إلى شاشاتها بأي وسيلة كانت حتى لو كانت صورة ماجنة في شهر رمضان. ولا نتعجب من هذا الحرص من هذه القنوات؛ لأنها تريد تسويق برامجها ونشر أهدافها في أي زمان وفي أي مكان. ولكن الذي يدمي القلب ويقطع الفؤاد هو "النوم" الذي يصيب بعض الدعاة وشباب الصحوة في شهر رمضان.
فتجد بعضهم كسلان ومقصر عن نصرة الدين وتبليغه ونشره حتى في شهر رمضان. فعجباً لكم يا أحفاد محمد! ماذا تنتظرون ؟ أيكون أهل الفن أعلا همة في نشر ما يريدون ؟
إننا نحمل الحق المبين والمنهج الواضح، ومع ذلك فبعضنا متأخر عن مناصرة الحق.
بكل صراحة : إن لم نتحرك للدعوة في شهر رمضان فمتى نتحرك؟
وإن لم ننهض للمعالي والمكارم في رمضان فمتى ننهض؟ إنها صيحة نذير، وإشارة محب لعلها تجد في قلبك موضعاً، والتوفيق بيد الرحمن الرحيم.
( 18 )
أقزام يخرجون في رمضان
إنها صناعة القنوات وتجهيزها لتلك البرامج التي تطعن في "ديننا" وتلمز "مبادئنا" وترمي "ثوابتنا" بكل نقيصة.
يبدأ رمضان بنسائم الإيمان، ولكن بعض القنوات تبدأ في إرسال سهامها للنيل من أركان الإيمان وثوابت الإسلام والسخرية بالمتمسكين به .
فعجباً لكل من ينتمي للإسلام كيف يُتابع ويُشاهد تلك البرامج والمسلسلات؟! إن القلب ليتقطع حزناً وكمداً عندما نسمع عن تلك البرامج، ووالله إن اللسان ليعجز عن التعبير عن مدى غيرته تجاه تلك الطعون في شريعة رب العالمين.
ألا فليتق الله من يَخرج في تلك القنوات ممثلاً أو مشاركاً، وليعلم بأن الله "شديد العقاب" و "الله عزيز ذو انتقام" وليعلم أولئك الممثلين أن مبدأ إظهار العيوب لدى الجهات الحكومية أو الأهلية أو الأشخاص ليس وسيلة لإصلاح تلك العيوب، وأن النصيحة لها آدابها وشروطها لكي تؤتي ثمارها.
وأقول لمن يتابع بشغف هذه البرامج لأولئك "الأقزام" : إياك إياك أن تقف متفرجاً أو ضاحكاً؛ لأن الأمر يتعلق بالله وبدينك، وأخشى عليك أن يضعُف دينك أو لعله يزول، والثبات بيد الله.
قال تعالى: ((وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً )) [ النساء 140 ].
( 19 )
فتاة أخطأت في رمضان
نعم , لقد جاء رمضان بنسائم الإيمان، وحلاوة الطاعة، ولذة الصيام، وأنوار القيام.
ولكن هناك فتاة نزلت إلى الأسواق والمنتزهات ولكنها لم تلبس ثياب الحياء، لقد خرجت متعطرة ومتبرجة.
فعجباً لها أين أثر الصيام؟ وأين ثمرة القرآن؟ خرجت وخالفت ربها الذي أنعم عليها بهذا الجسد وهذا اللباس , فأين شكر النعم؟.
عادت إلى بيتها ولكن بذنوب وعصيان وطاعة للهوى والشيطان، ونامت ولكن هل حصلت على رضى الرحمن؟ وهل هذا هو عمل نساء الإيمان؟ وهل هذا طريق إلى الجنان؟ الجواب لا يحتاج إلى بيان.
أختاه , رويدا بنفسك , وعودي إلى رشدك , واحفظي حياءك .
تذكري أن الله أوجب عليك الحجاب لكي يكون وسيلة لحمايتك ورعايتك من أعين الناس (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ))[الأحزاب:59].
ضوابط النزول للأسواق :
1- الالتزام بالحجاب الشرعي .
2- عدم الخروج مع السائق إلا مع نساء .
3- الخروج لحاجة لا لمجرد المتعة .
4- عدم التساهل في أداء الصلاة في وقتها .
( 20 )
وبدأت العشر وبدأ السباق
نعم , لقد بدأت العشر الأواخر من رمضان لكي تحكي لنا قصة "قرب الوداع" لهذا الشهر الكريم , ولكي تحكي لنا "ليلة القدر" لعل النفوس أن تنافس , ولكي تروي لنا "حلاوة الاعتكاف" فأين المتنافسون؟؟.
لقد بدأت العشر وبدأ السباق، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها، وهو القدوة في علو الهمة , فأين المقتدون المهتدون؟؟.
إن ليالي العشر قد آذنت بالرحيل ولسان حالها: "أدركني فإنما أنا ساعات" وقد لا تدركني في أعوام قادمة.
إنها ليالي العابدين، وقرة عيون القانتين، وملتقى الخاشعين، ومحط المخبتين ومأوى الصابرين , فيها يحلو الدعاء ويكثر البكاء.
إنها ليالي معدودة وساعاتها محدودة، فيا حرمان من لم يذق فيها لذة المناجاة , ويا خسارة من لم يضع جبهته لله ساجداً فيها.
إنها ليالي يسيرة , والعاقل يبادر الدقائق فيها لعله يفوز بالدرجات العلى في الجنان "وإنها ليست بجنة بل جنان" فيا نائماً متى تستيقظ ؟ ويا غافلاً متى تنتبه؟.
ويا مجتهداً اعلم أنك بحاجة إلى مزيد اجتهاد، ولا أظنك تجهل هذه الآية (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ))[التوبة:105] فماذا سيرى الله منك في هذه العشر؟؟
( 21 )
حلاوة الاعتكاف
لعل بعضنا قد وجد أنسه وسعادته في الجلوس مع الناس ومحادثتهم ومسامرتهم , ولكن لابد أن نعلم أن هناك فئام من الناس إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان تركوا الخلق , واتصلوا بالخالق , نعم , إنهم في مساجدهم معتكفين , في خلوة مع ربهم , يناجونه , يصلون له , يدعونه , يبكون بين يديه .
إنهم يقتدون في اعتكافهم بسيد المعتكفين عليه الصلاة والسلام الذي لم يترك الاعتكاف من حين فرض الله الصيام .
قال الإمام الزهري رحمه الله : عجباً للمسلمين ! تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل .
إشارات لمحبي الاعتكاف :
1- اختر المسجد المناسب لاعتكافك , وليكن متميزا في جماله , وجودة صوت الإمام .
2- التنسيق مع الأسرة وترك من يقوم برعايتهم من الأبناء الكبار , فإن لم تجد من يرعاهم فلاتتركهم للفراغ والضياع , واعلم أن مصلحة بقاءك معهم خير من اعتكافك , لأن رعايتهم واجبة , والاعتكاف سنة .
3- اقرأ في أحكام الاعتكاف حتى يكون اعتكافك صحيحاً وسليماً من المخالفات .
4- قد يكون من المناسب وجود رفقة تعينك .
5- احرص على أن ينتهي اعتكافك ليلة العيد لتعود إلى أهلك وتشاركهم فرحة العيد , ورتب حجوزات سفرك ومايلزمك لذلك .
6- جاهد نفسك على عمارة وقت الاعتكاف بالصالحات , واعلم أن النفس تحب الراحة والكسل والنوم , ولكن تذكر سرعة الأيام وفضل الزمان, وتذكر من فاز بالدرجات العالية بسبب الهمة العالية ( والسابقون السابقون – أولئك المقربون ) . قال أحد الصالحين : إن استطعت أن لايسبقك إلى الله أحد فافعل .
7- لا تكثر من الأكل , فهو جالب للكسل والنوم , وتأمل ما قال عمر ـ رضي الله عنه ـ: من كثر أكله لم يجد لذكر الله لذة .
8- رتب أوقاتك في الاعتكاف ولاتجتهد في أوقات وتفرط في أوقات أخرى , وكن متوازناً .
9- عليك بتنويع العبادات حتى لاتمل من نوع واحد , فمثلاً : قراءة القرآن , صلاة النافلة , كثرة التسبيح , الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم , التفكر في عظمة الله تعالى ومخلوقاته , القراءة في كتب عن الهمة العالية ونعيم الجنة وأخبار الصالحين من عشاق العبادة .
10-ستفد من اعتكافك بالتربية على ضبط اللسان , وحفظ البصر , وترك فضول الطعام والاختلاط بالآخرين .
( 22 )
فتور في رمضان
دخلت أيام رمضان وكانت الهمة العالية هي الضيف مع شهر رمضان ولكن الضيف مكث ثلاثة أيام ثم ذهب.
نعم.. إنها حالة تتكرر في كل رمضان أن تجد الإنسان حريصاً على وقته ملازماً للقرآن مسابقاً للخيرات.
ولكن بعد مرور أيام إذا بالكسل ينزل بساحته، وإذا بالفتور يسكن في بيت القلب.
إن رمضان كله موسم للتنافس وليس أوله فقط.
فيا من فتر : استيقظ وبادر ولا تنم، فلقد سبقك السابقون، واسمع لنداء الرب: (( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ - أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ))[الواقعة:10-11].
نعم.. هيا إلى المعالي، واصعد للجنان بهمة الإيمان لتفوز برضى الرحمن، ولقد مضت أيام وبقيت أيام، وماذا يدريك ماذا قُبل من عملك.
إنني أخاطب روحك لعلها أن تنهض وتسابق، فنحن لا زلنا في السباق.
لا زالت هناك بقية من رمضان، فلتكن أعمالك فيما بقي خير مما ذهب.
وهاهي العشر الأواخر قد دخلت وتحمل في طياتها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فأين الهمة يا طالب الجنة ؟.
ولا زالت أبواب الجنة مفتوحة.. فمتى ترسل دلائل محبتك وشوقك إليها؟؟ .
( 23 )
في رمضان ما أجمل الانكسار
عجيب أمرك يا رمضان! تأتي معك أجمل المواهب وألطف الهبات، ولعل "الانكسار" من أروعها. نعم , إنه حال القلب التقي النقي الخفي الغني الذي يدخل إلى الرب الكريم الوهاب عبر بوابة "الانكسار" فيصل وصولاً سريعاً ويُمنح عند وصوله تاج العبودية. إن الذل والخضوع والافتقار والانكسار صفات لقلب ذلك الرجل أو لتلك المرأة، وهذه الصفة هي صفة العبودية الكاملة للرب سبحانه وتعالى. إن الانكسار بين يدي الله يعني "الافتقار" والبراءة من كل حول وقوة والاعتصام بحول الله وقوته (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ))[فاطر:15] وهذا الافتقار هو شعور العبد بأنه محتاج إلى الله تعالى في كل طرفة عين. وبالافتقار والانكسار وصل أهل التقوى لأشرف المنازل ووجدوا عند وصولهم "أجمل المواهب". إن رمضان يشعرك بحقيقة نفسك وأنك فقير إلى ربك محتاج إليه، ويرسل إلى قلبك نسائم الإيمان لتضع عليه أنوار الإحسان . فما أجمل الذل إذا كان لله، وما أحلى الانكسار إذا كان لله، وما ألطف الافتقار إذا كان للعزيز الغفار , فهيا نسجد سجدة "الافتقار" ونلبس ثياب "الانكسار" لعل الله أن يرحمنا ويكتبنا مع السابقين الأبرار.
( 24 )
الخشوع أو كثرة العبادة
أحياناً ننشط لبعض العبادات وتدفعنا النصوص والشوق للحسنات إلى مزيد من الاجتهاد في العبادات، وقد ننسى أن العبرة في العبادة ليس كثرتها وطول المدة الزمنية لها كصلاة القيام مثلاً، أو ختم القرآن، وكثرة الصدقات.
وإنما العبرة في التعبد هو " حال القلب في العبادة " ومدى حضور الخشوع والتأثر القلبي.
والنصوص تقرر ذلك وتؤكده , يقول الله تعالى: (( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ))[الملك:2].
وقال تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ))[الكهف:30] ولاحظ هنا وفي الآية السابقة أنه لم يقل ( أكثركم عملا ) بل قال ( أحسنكم عملا ) لأن هناك فرق بين كثرة العمل وبين إحسان العمل .
قال ابن القيم في تقريره لذلك: وكذلك صلاة ركعتين يقبل العبد فيهما على الله تعالى بقلبه وجوارحه، ويفرغ قلبه كله لله فيهما أحب إلى الله من مئتي ركعة خالية من ذلك، وإن كثر ثوابها عدداً.
وقال: ولهذا يكون العملان في الصورة الواحدة وبينهما في الفضل بل بين قليل أحدهما وكثير الآخر في الفضل أعظم مما بين السماء والأرض.
وقال: والأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم والإجلال , وقصد وجه المعبود وحده دون شيء من الحظوظ سواه حتى تكون صورة العملين واحدة وبينهما في الفضل ما لا يحصيه إلا الله تعالى. المنار المنيف [ 20-26 ].
ولعل تقرير ابن القيم واضح لمن كان له فقه في مراتب الأعمال وله دربه في تمييز العبادات.
وإني أشير إلى تنافس بعض الناس في صلاة التراويح والقيام ، وقد تجد من يمدح فلاناً بأنه ختم في التراويح عدة مرات وأنه يقرأ في الركعة جزء أو نحو ذلك , ويغفل هذا وصاحبه عن حضور القلب وحياته وخشوعه، وأنه قد يصلي الواحد منا مع إمام يتأنى في قراءته ويتدبر فيها، وقد لا يختم ولكن الذي يصلي وراءه يذوق طعماً للخشوع ويجد أثر العبادة على حياته كلها.
( 25 )
ليلة القدر فرصتك
من الليالي العظيمة في هذا الشهر ( ليلة القدر ) التي أنزل الله فيها كتابه العظيم , فقال تعالى : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) , قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سبب التسمية :
قال السعدي رحمه الله تعالى : وسميت ليلة القدر، لعظم قدرها وفضلها عند الله، ولأنه يُقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق والمقادير القدرية.
إنها الليلة التي قال الله عنها (( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ))[القدر:3] .
نعم , إنها تعدل في الزمن فوق ثلاث وثمانين سنة ، قال ابن كثير : وهذا القول بأنها أفضل من عبادة ألف شهر -وليس فيها ليلة القدر-هو اختيار ابن جرير. وهو الصواب لا ما عداه .
وقوله تعالى : (( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ))[القدر:4] .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى : أي: يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيما له.
وأما الروح فقيل: المراد به هاهنا جبريل عليه السلام، فيكون من باب عطف الخاص على العام. وقيل: هم ضرب من الملائكة.
وقوله تعالى (( سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ))[القدر:5].
قال قتادة وابن زيد في قوله: (( سلام هي )) يعني هي خير كلها، ليس فيها شر إلى مطلع الفجر. وقال مجاهد: يعني أن ليلة القدر " سالمة " لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ولا أن يحدث فيها أذى.
إنها الليلة التي حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على قيامها فقال : ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) . متفق عليه .
مسألة : هل ليلة القدر كانت للأمم قبلنا ؟.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى : اختلف العلماء: هل كانت ليلة القدر في الأمم السالفة، أو هي من خصائص هذه الأمة؟ على قولين .
القول الأول : يرى مالك تخصيص هذه الأمة بليلة القدر، وقد نقله صاحب "العدة" أحد أئمة الشافعية عن جمهور العلماء، والله أعلم.
وحكى الخطابي عليه الإجماع [ونقله الرافعي جازما به عن المذهب] .
والقول الثاني : أنها كانت في الأمم الماضين كما هي في أمتنا.
عن مرثد قال: ( سألت أبا ذر قلت: كيف سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر؟ قال: أنا كنت أسأل الناس عنها، قلت: يا رسول الله، أخبرني عن ليلة القدر، أفي رمضان هي أو في غيره؟ قال: بل هي في رمضان. قلت: تكون مع الأنبياء ما كانوا، فإذا قبضوا رفعت؟ أم هي إلى يوم القيامة؟ قال: بل هي إلى يوم القيامة. قلت: في أي رمضان هي؟ قال: التمسوها في العشر الأول، والعشر الأواخر. ثم حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث، ثم اهتبلت غفلته قلت: في أي العشرين هي؟ قال: ابتغوها في العشر الأواخر، لا تسألني عن شيء بعدها. ثم حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم اهتبلت غفلته فقلت: يا رسول الله، أقسمت عليك بحقي عليك لما أخبرتني في أي العشر هي؟ فغضب علي غضبا لم يغضب مثله منذ صحبته، وقال: التمسوها في السبع الأواخر، لا تسألني عن شيء بعدها ) .
رواه أحمد , ورواه النسائي عن الفلاس، عن يحيى بن سعيد القطان به .
ففيه دلالة على ما ذكرناه، وفيه أنها تكون باقية إلى يوم القيامة في كل سنة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا كما زعمه بعض طوائف الشيعة من رفعها بالكلية . أهـ
مسألة :
وقت ليلة القدر :
ليلة القدر تكون في العشر الأواخر و في الوتر منها : ويدل عليه حديث عائشة، رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) ولفظه للبخاري.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) رواه البخاري.
وفي الحديث الآخر : ( اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) . [صحيح الجامع: 1029].
من علاماتها :
1- كثرة عدد الملائكة فيها , وقد ورد في الحديث : عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر: ( ... وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى ) .
قال ابن كثير : تفرد به أحمد، وإسناده لا بأس به. وحسنه الألباني في [ صحيح الجامع: 5473].
2- صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها كأنها طست حتى ترتفع . [ صحيح الجامع: 3754].
3- ليلة القدر ليلة بلجة لا حارة و لا باردة و لا يرمى فيها بنجم و من علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها . [صحيح الجامع: 4958].
4- ليلة القدر ليلة سمحة طلقة لا حارة و لا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء . [صحيح الجامع: 5475 ].
5- الطمأنينة: أي طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي .
6- أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي .
- هناك علامات أخرى لكنها لا تثبت :
1- أنه لا تنبح فيها الكلاب .
2- لا ينزل فيها مطر .
3- مياه البحرالمالحة تصبح حلوة .
4- قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة ، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار .
5- أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف ، بل يكون الجو مناسباً .
6- الأشجار تسجد على الأرض ثم تعود إلى مكانها .
مسألة : هل يمكن رؤية ليلة القدر في المنام ؟.
قال ابن تيمية : "وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام أو اليقظة، فيرى أنوارها، أو يرى من يقول له هذه ليلة القدر، وقد يفتح على قلبه من المشاهدة ما يتبين به الأمر"ا.هـ.
وقال النووي: "فإنها تُرى وقد حققها من شاء الله تعالى من بني آدم كل سنة في رمضان، كما تظاهرت عليه هذه الأحاديث، وأخبار الصالحين بها، ورؤيتهم لها أكثر من أن تحصر، وأما قول القاضي عياض عن المهلب بن أبي صفرة: "لا يمكن رؤيتها حقيقة، فغلط فاحش، نبّهتُ عليه، لئلا يُغتر به"ا.هـ.
ونقل الحافظ ابن حجر، أن من رأى ليلة القدر، استُحبّ له كتمان ذلك، وألا يخبر بذلك أحداً، والحكمة في ذلك أنها كرامة، والكرامة ينبغي كتمانها بلا خلاف .
مسألة : الدعاء في ليلة القدر :
روى الترمذي، والنسائي، وابن ماجة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: ( يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني ) وهذا لفظ الترمذي، ثم قال: "هذا حديث حسن صحيح".
مسألة : ما الحكمة من إخفائها ؟.
قال البغوي : أبهم الله هذه الليلة على هذه الأمة ليجتهدوا في العبادة ليالي رمضان طمعا في إدراكها ، كما أخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة، وأخفى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس، واسمه الأعظم في الأسماء، ورضاه في الطاعات ليرغبوا في جميعها، وسخطه في المعاصي لينتهوا عن جميعها، وأخفى قيام الساعة ليجتهدوا في الطاعات حذرا من قيامها.
تنبيه مهم :
قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى : أود أن أنبه إلى غلط كثير من الناس في الوقت الحاضر حيث يتحرون ليلة سبع وعشرين في أداء العمرة، فإنك في ليلة سبع وعشرين تجد المسجد الحرام قد غص بالناس وكثروا، وتخصيص ليلة سبع وعشرين بالعمرة من البدع؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخصصها بعمرة في فعله، ولم يخصصها أي ليلة سبع وعشرين بعمرة في قوله، فلم يعتمر ليلة سبع وعشرين من رمضان مع أنه في عام الفتح ليلة سبع وعشرين من رمضان كان في مكة ولم يعتمر، ولم يقل للأمة تحروا ليلة سبع وعشرين بالعمرة، وإنما أمر أن نتحرى ليلة سبع وعشرين بالقيام فيها لا بالعمرة.
وبه يتبين خطأ كثير من الناس، وبه أيضا يتبين أن الناس ربما يأخذون دينهم كابرا عن كابر، على غير أساس من الشرع، فاحذر أن تعبد الله إلا على بصيرة، بدليل من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو عمل الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم.
( 26 )
كيف نحفز النفوس للهمة العالية في العبادة ؟
1- معرفة فضل العمل .
2- قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف .
3- التأمل في حياة عشاق العبادة من المعاصرين .
4- مجاهدة النفس , والصبر على المشاق التي تعترض طريق العبادة , قال تعالى: ((وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ))[مريم:65].
5- الدعاء بالتوفيق للزوم طريق العبادة , ومن الدعاء النبوي : اللهم أعني على ذكرك و شكرك وحسن عبادتك .
6- القراءة في الأحكام الفقهية المتعلقة بالعمل حتى يكون العمل صواباً على السنة .
7- النظر في صفة الجنة ومافيها من النعيم المقيم , وأنها دار المتقين , قال تعالى: (( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ))[النبأ:31] وقال: (( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ))[الحجر:45] .
8- اليقين بأن العبادات سبب للطمأنينة في الحياة .
9- إدراك أن دوام العبادة سبب لاستجابة الدعاء , وفي الحديث القدسي: ( ولايزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه , فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به .... ولئن سألني لأعطينه .. ) . رواه البخاري .
10- التفكير في أن العبادات سبب للثبات على الحياة حتى الممات , قال تعالى: (( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ))[إبراهيم:27].
11- أن حسن الخاتمة نهاية كل عابد صالح .
12- أن العبادات لها أثر على تهذيب النفوس والارتقاء بها إلى الكمال , قال تعالى: (( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ))[الشمس:9], وقال: (( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ))[الأعلى:14] .
( 27 )
من قصص الصالحين والصالحات في رمضان
* قبل الغروب بلحظات وفي أحد أيام رمضان , كان هناك أحد الشباب الذين أحبوا الرحمن , شاب امتلأ قلبه بالإيمان أراد زيادة الإيمان , ولكنه لا يملك إلا قدما واحدة , ومع ذلك عنده الهمة العالية لأنه يرجو جنة عالية وغالية , أخذ بعض التمور لكي يوزعها على السيارات الواقفة عند الإشارات , إنه منظر غريب ولكنه الإيمان حين يستقر في القلب .
حدثني بهذه القصة : من رآه .
وجد الكنز في الاعتكاف :
أخبرني صاحبي عما وجد في الاعتكاف يقول:
والله لقد ذقتُ حلاوة ولذة لم أشعر بها طوال حياتي، لقد استمتعت بمناجاة الله وتلذذت بالخلوة مع الله.
نعم , لقد كنت أسمع عن حلاوة الإيمان وعن لذة الطاعات ولكني الآن وجدتها وشعرت بها.
لقد عرفت حقيقة هذه الآية: (( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ))[النحل:97].
إن الحياة الطيبة هي في الأنس بالله، والشوق إليه، ولقد عاهدت نفسي أن لا أترك الاعتكاف أبداً.
إشراقة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان.
مع الجاليات ( سعادة ) :
إنه شاب يحمل الحب للآخرين ويبحث عن الحسنات فوجد قبل الغروب فرصة لزيادة الإيمان فانطلق مع بعض الزملاء للمساعدة في تفطير الصائمين.
فإذا رأيته ترى فيه الجد والاجتهاد والمبادرة لكل ما فيه خدمة لهؤلاء الصائمين.
وإذا بك ترى على صفحات وجهه ابتسامة الفرح بهذا العمل، وهو والله الفرح بالإيمان وبطاعة الرحمن.
فما أجمل أن تخدم تلك الجاليات من الدول الأخرى وتقدم لهم هذا الإفطار مصحوباً بابتسامة الإيمان.
وحينها تعيش سعادة ولذة لا توازيها الدنيا كلها، ومن " جرب عرف " .
من قصص الصالحات في رمضان
* الفتاة التي تحب القرآن :
اتصلت علي فتاة تقول: إنني أكثر من قراءة القرآن ولكني أشعر بالتعب، فهل يجوز أن أقرأه بصوت منخفض وأكتفي بتحريك الشفتين بدون رفع الصوت؟!.
قلت لها: نعم.
ولقد تعجبت كثيراً منها؛ فإنها مع كثرة القراءة لم تنم أو تكسل بل تريد طريقة أخرى للقراءة والعبادة، وهذا من فضل الله أن يمنح الإنسان محبة العبادة والتلذذ بها.
ويا حسرتاه على الفتيات الغافلات فهن في رمضان أسوأ من شعبان غفلة ونوم وضياع للأوقات.
ومضة: رمضان شهر القرآن فاجعل له نصيباً من وقتك.
* ماتت أثناء العمرة في رمضان :
إنها والدة صاحبي " محمود " كانت هي وزوجها في أداء العمرة في رمضان عام 1427هـ وفي أثناء السعي بين الصفا والمروة , قالت لزوجها: لو ارتحنا قليلاً، فجلسا سوياً ونامت الزوجة دقائق..
أراد الزوج أن يوقظ زوجته ولكنها لم تستيقظ وكانت وفاتها في مكانها ذلك، فيا فوزها بهذه الخاتمة الحسنة.
( 28 )
حوار بيني وبين دمعتي
إنها عيني..
أبصرت التقويم الهجري فما ذا رأت؟.
لقد رأت التاريخ ( 28 رمضان ) فخرجت دمعة وتبعتها الأخرى فتركتها لكي تكتب على خدي حروف الحزن، ولتضع بصمة الحب، ولتجري على مهل.
قلتُ لها: يا دمعتي! لماذا خرجت الآن؟
قالت: أما رأيت ما رأيت؟
قلتُ: وما ذا رأيت؟
قالت : اليوم 28 وغداً 29.. ورمضان سيغادرنا..
فقلتُ لها: هذه هي الدنيا.
فقالت: أنت لم تعرف رمضان.
إن رمضان بالنسبة لي هو مثير الأحزان، ومحرك الأشجان، وجالب البكاء من خشية الرحمن.
فقلتُ لها: الآن عرفت السبب.
ثم خرجتُ وتركتُ دمعتي لوحدها لكي تكمل مشوارها في كتابة حروف الحزن على فراق رمضان.
( 29 )
حافظ على الكنز
ها نحن في وداع رمضان، وهاهي الساعات الأخيرة ترحل من شهرنا المبارك، وما أجمل أن نتذاكر في هذه اللحظات بعض ما ينفعنا..
فأقول لك: "حافظ على كنزك" .
لعلك أودعت في هذا الشهر أنواعاً من الأعمال الصالحة من صيام أو قيام أو صدقات وإحسان.
لعلك زرت بيتاً ليتيم أو مسكين، لعلك بكيت من خشية الله أو ندمت على ذنوب ماضيات, لعلك شاركت في برامج دعوية وأصابك التعب والنصب , لعل هذا أو بعضه مر عليك في هذا الشهر.
ولعلك نافست غيرك وسابقت أقرانك في سبيل القرب من الرحمن؛ لأنك تطمع في الجنان التي تفتح في رمضان.
إن الإقبال على الله تعالى يحمل في طياته كنوزاً ودرراً وجواهر قلبية وروحية يعرفها من يتذوق هذه المعاني.
كم نحن بحاجة إلى هذه الأعمال، ولكن والذي نفسي بيده إن حاجتنا إلى المحافظة عليها أهم وأولى وأوجب.
إن من القواعد المقررة عند أطباء القلوب وأرباب البصائر: "حافظ على كنزك" و "اكتم سرك مع الله" .
والله الذي لا إله غيره إن التوفيق للعمل الصالح نعمة تحتاج إلى شكر، ولعل إخفاءها عن الناس من أعظم دلائل الشكر.
( 30 )
إشراقات مع العيد
1- بين دمعة وابتسامة :
إنها دمعةٌ رحيل رمضان، وفقدان تلك الليالي التي امتلأت بالمصلين والقانتين.. إنها دمعة على ذهاب شهر الغفران، وشهر العتق من النيران.
إنها دمعة على أيام الصيام وما كان فيها من البهجة والسرور والسعادة, إنها دمعة على ذلك الشعور العجيب الذي لا نشعر به ولا نتذوقه إلا في رمضان.
إنها دمعة على ليالي الاعتكاف والخلوة برب الأرباب , وما كان فيها من أسرار ولطائف لا يستطيع اللسان لها وصفاً ولا القلمُ خطاً .
وذهبت تلك الدموع , وإذا بالابتسامة ترتسم على ذلك الوجه الذي يشع بالأيمان.
إنها ابتسامة الفرح بتوفيق الله في شهر رمضان للقيام بتلك الحسنات , إنها ابتسامة السعادة في يوم العيد الذي جعله الله موسماً للفرح والبهجة والسعادة.
إنها ابتسامة الحب الذي علمنا مبادئه رسول الأمة صلى الله عليه وسلم , إنها ابتسامة النور التي تخرج من القلب الذي امتلأ بنور الإيمان والإحسان.
إنها ابتسامة الوفاء والصدق التي هي من ميراث سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم, إنها ابتسامة مع الوالدين والإخوة والأخوات.. إنها ابتسامة للزوجة وللأبناء والبنات.
إنها ابتسامة مع القريب والصديق , إنها ابتسامة تعلن الخير للناس والرحمة والمودة , فيا عيد ما أجمل أيامك , وكل عام وأنتم بخير .
2 - الفرح بالحسنات :
ذهب رمضان، وذهبت معه تلك الحسنات وتلك الأعمال الصالحات , وهاهو العيد أقبل بأفراحه وبهجته وسروره.
والكل يفرح ويبتسم في هذا العيد، وهكذا علمنا رسولنا صلى الله عيه وسلم، وهذا أيضاً هو نداء الفطرة في قلب كل مسلم ومسلمة.
ولعل من أسرار هذا الفرح " الفرح بتلك الحسنات التي منَّ الله عليك بها في رمضان " .
إي والله إِن من نتائج الصالحات " الفرح والسرور " الذي يعقُب تلك الأعمال، وهذا من دلائل الإيمان فقد صحَّ في الحديث ( من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن ) . [صحيح الجامع: 2546].
ووالله إِن الفرح بتوفيق الله للحسنات يفوق كل أمر من أمور الدنيا، كيف لا، وهذا هو الفرح الحقيقي الذي ينطلق من شغاف القلب.
إن السرور بالحسنات نعمة ربانية ومنحة إلهيه وهو من نتائج الحسنات. وهو جزء من الحياة الطيبة التي قال الله فيها (( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة )). [ النحل : 97 ].
فهيا لنفرح بالصيام وبالقيام، وهيا لنفرح بإِتمام رمضان، ثم لنفرح بهذا العيد، جعله الله عيداً و سعادةً للمسلمين والمسلمات في شتى بقاع العالم.
3 – في العيد تسامح وصفاء :
ما أجمل تلك الابتسامات في يوم العيد، وما أحلى تلك العبارات بالتهنئة ليوم العيد، وأعتقد أن أجمل من ذلك كله صفاء القلب ونسيان المواقف والتغافل عن العيوب.
نعم أيها الأخ ويا أيتها الأخت , لعل بعضنا قد حصل معه خلاف مع صديق أو أخ أو قريب، أو زوجة أو ولد أو أخت أو غيرهم.
ولعل الشيطان قد ملأ القلوب أحقاداً وأسكن الأرواح حسداً وبغضاءً، ولكن ومع بداية أول يوم في هذا العيد لم لا نعفو عن الخطأ ؟ وننسى الذنب القديم؟ لم لا نسامح ذلك الذي اعتدى علينا، ونحسن إليه ((وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ))[آل عمران:134]؟.
يا تُرى هل نقوى على ذلك؟ أعتقدُ أنك قادر مع إشراقة هذا العيد أن تملأَ قلبك حباً وعفواً ومسامحة لكل الناس وخاصةً لمن آذاك وهكذا كان الأنبياء.
ولعل موقف يوسف عليه السلام مع إخوته يكون نموذجاً لك في هذا اليوم فقل لمن أخطأ معك أو أساء إليك: ((لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ))[يوسف:92].