×
فضل الحلم وتحاشي الغضب: ألقى فضيلة الشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبة الجمعة بالمسجد النبوي بتاريخ 24 - 2 - 1432 هـ، والتي تحدَّث فيها عن ضرورة التخلُّق بالأخلاق الحسنة، ومن أعظمها: الحلم، وذكر الأدلة من الكتاب والسنة على فضله وعِظَم قدره، وحثَّ على التأسِّي بمن سبقنا من الصحابة وغيرهم في حلمِهم وترك الغضب، وبيَّن عواقب الغضب الوخيمة في الدنيا والآخرة، مُنبِّهًا إلى ما يُفعَل إذا غضِبَ المرءُ تلاشيًا لعواقبه.

    الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.

    أيها المسلمون:

    من غَرَسَ الحِلمَ اجتنَى ثمرةَ السِّلْم، والحِلْمُ يُعرَفُ ساعة الغضب، وخير الناس بطيء الغضب سريعُ الرجوع عنه، وشرهم سريع الغضب بطيءُ الرجوع للرضا، ومن كمال العقل: من إذا غضِبَ لم يُدخِله غضبُه في باطل، ومن إذا رَضِيَ لم يُخرِجه رضاه من حقٍّ، وإياك والعجلة؛ فإنك إذا عجلتَ أخطأتَ حقَّك، وكن سهلاً ليِّنًا للقريب والبعيد، والعاقلُ يدرأُ عن نفسه غضبُ الناس عليه؛ من سخريةٍ بهم أو استهزاءٍ، أو تنقُّص مكانتهم، أو تعدٍّ على أعمالهم، أو وقوعٍ في عِرضِهم بغِيبةٍ أو بُهتانٍ أو افتراءٍ.

    ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في مُحكم التنزيل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

    اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، الذين قضَوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

    اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

    اللهم اهدِنا لأحسن الأخلاق لا يهدِي لأَحسنِها إلا أنت، واصرِف عنَّا سيِّئَها لا يصرِفُ عنَّا سيِّئَها إلا أنت.

    رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201]، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف: 23].

    اللهم وفِّق إمامَنا لهُداك، واجعل عملَه في رضاك، ومتِّعه بالعافية والصحة العاجلة يا رب العالمين، ووفِّق جميعَ وُلاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم شرعك يا ذا الجلال والإكرام.

    عباد الله:

    إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90].

    فاذكروا الله العظيمَ الجليلَ يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، والله يعلمُ ما تصنعون.