×
قال المؤلف: فهذه رسالة النية فيها أن تكون جمعًا لقصص حصلت لأناس دعوا الله – تعالى – فاستجاب لهم دعواتهم، جمعتها من بعض الكتب؛ لكي تكون حافزًا للمسلم ليكثر من دعاء الله – جل وعلا – ثم أحببت أن أصدر هذه القصص بأمور تتعلق بالدعاء؛ كي يعمل بها الداعي علها توافق بابًا من السماء مفتوحًا، فيستجاب له وهي من الكتاب والسُّنَّة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

 من عجائب الدعاء

خالد بن سليمان بن علي الربعي

 إهــداء

- إلى من قلبه مكلوم، وفؤاده حزين، أكلته الهموم، ودق عظمه الفقر، فأصبح مشتت الأفكار.

- إلى من ضل عن الطريق المستقيم، وتاه في متاهات الضالين ونسي يوم الدين.

- إلى العلماء والصالحين من آمن بالله ربًا، وبالنبي محمد رسولاً، وبالإسلام دينًا.

- إلى من أغلقت دونه الأبواب، ومنعه الحجاب هذا باب لم يغلق باب الكريم الوهاب.

- إلى كل عقيم، وإلى كل مريض، وإلى من ابتلي بمصائب الدنيا. أن يدعو الله – تعالى -.

- أهديه لجميع الناس؛ رجاء أن يكون تجربة نافعة وبلسمًا ودواءً صالحًا فقد دلنا عليه الكتاب والسُّنَّة.

* * *


 مقـدمة

الحمد لله سامع الدعوات، غافر الزلات، مقبل العثرات رب الأرض والسماوات، والصلاة والسلام على من كانت قرة عينه في الصلاة، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى الممات، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:

فهذه رسالة النية فيها أن تكون جمعًا لقصص حصلت لأناس دعوا الله – تعالى – فاستجاب لهم دعواتهم، جمعتها من بعض الكتب؛ لكي تكون حافزًا للمسلم ليكثر من دعاء الله – جل وعلا – ثم أحببت أن أصدر هذه القصص بأمور تتعلق بالدعاء؛ كي يعمل بها الداعي علها توافق بابًا من السماء مفتوحًا، فيستجاب له وهي من الكتاب والسُّنَّة الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعلتها مرتبة كما يلي:

أولاً: فضائل الدعاء، ويشمل الفضائل من القرآن والسُّنَّة.

ثانيًا: شروط الدعاء، ولم آت بها جميعها بل بأهمها.

ثالثًا: موانع إجابة الدعاء، وقد أتيت بها جملة دون تفصيل.

رابعًا: أخطاء يقع فيها بعض الداعين في الدعاء، واخترت ما هو منتشر عند بعض الناس.

خامسًا: آداب الدعاء، وقد أطلت الكلام حولها، لأنها من أهم المهمات في الدعاء.

سادسًا: أوقات وأحوال وأوضاع ترجى إجابة الدعاء فيها وعندها. وهي كثيرة.

سابعًا: بعض الدعوات المستجابات التي وردت في السُّنَّة.

وينبغي أن أنبه على ما ذكرت من فضائل وشروط و... إلخ، فإني لم أرجع فيها إلى المصادر الأصلية، بل من مؤلفات حديثة في هذا الموضوع، وكذلك الأحاديث الواردة في بعض الفقرات؛ فخرجتها كما خرجها أصحاب الكتاب، دون أن أرجع إلى المصادر الأصلية.

ثامنًا: القصص، وقد بدأت ببعض دعاء الأنبياء، ثم دعاء الصحابة، ثم دعاء من بعدهم من التابعين وتابعيهم ... إلخ. وبعدها ما كان في الوقت الحاضر مما سمعته من قصص ([1]).

ومن كان لديه مثل هذه القصص مما سمعه، أو حصل له، يمكنه أن يرسلها على عنواني؛ كي تخرج – بإذن الله – في الجزء الثاني.

وأخيرًا: أرجو من الله – تعالى – أن يجعل فيها فائدة لنا جميعًا وحافزًا على الدعاء.

وأن يجعلها ذخرًا لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.

أسأل الله التوفيق، والصلاح، والفوز في الدارين والفلاح. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص. ب 25076

الرمز البريدي 51321

* * *


 فضائل الدعاء

 أولاً: من الكتاب الكريم:

قال – تعالى -: }وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ{ [البقرة: 186].

وقال – جل اسمه -: }وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ{ [غافر: 60]، وقال – سبحانه -: }ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ{ [الأعراف: 55-56].

 ثانيًا: من السنة النبوية:

1- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس شيء أكرم على الله – تعالى - من الدعاء»([2]).

2- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يسأل الله يغضب عليه»([3]).

3- وعن أبي سعيد – رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» قالوا: إذا نكثر. قال: «الله أكثر»([4]).

4- عن سلمان الفارسي – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن ربك – تبارك وتعالى – حيٌ كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا»([5]).

5- عن ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء»([6]).

6- وعن سلمان – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر»([7]).

* * *


 شروط الدعاء

 ([8])

من أعظم وأهم شروط الدعاء ما يأتي:

الأول: الإخلاص: قال – تعالى -: }فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ{ [غافر: 14].

الثاني: المتابعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى: }وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{ [الأعراف: 158].

الثالث: الثقة بالله واليقين بالإجابة، ومما يزيد ثقة المسلم بربه – تعالى – أن يعلم أن جميع خزائن الخيرات، والبركات عند الله – تعالى -.

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة»([9]).

الرابع: حضور القلب، والخشوع والرغبة فيما عند الله من الثواب والرهبة مما عنده من العقاب، قال – تعالى - }إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ{ [الأنبياء: 90].

الخامس: العزم والجزم، والجد في الدعاء، فعن أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء، ولا يقل اللهم إن شئت فأعطني؛ فإن الله لا مستكره له»([10]).

* * *


 موانع إجابة الدعاء

الأول: أكل الحرام وشربه ولبسه: كما ورد في الحديث: «الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب! ومطعمه حرامٌ، ومشربه حرامٌ وغُذي بالحرام فأني يستجاب لذلك» [رواه مسلم].

الثاني: الاستعجال وترك الدعاء: فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول قد دعوت فلم يستجب لي» [رواه البخاري ومسلم].

الثالث: ارتكاب المعاصي والمحرمات: قال الشاعر:

نحن ندعو الإله في كل كرب

ثم ننساه عند كشف الكروب

كيف نرجو إجابة لدعاء

قد سددنا طريقها بالذنوب

الرابع: ترك الواجبات التي أمر الله بها وأوجبها: فعن حذيفة – رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أني يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم»([11]).

الخامس: الدعاء بإثم أو قطيعة رحم: عن أبي سعيد – رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثمٌ، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» قالوا: إذا نكثر قال: «الله أكثر»([12]).

* * *


 بعض الأخطاء التي تقع في الدعاء

 ([13])

الأول: أن يشتمل على شيء من التوسلات الشركية، أو البدعية.

الثاني: الدعاء بما هو مستحيل، أو بما هو ممتنع عقلاً، أو عادةً أو شرعًا.

الثالث: أن يدعو على الأهل، والأموال والنفس.

الرابع: الدعاء بالإثم كأن يدعو على شخص أن يبتلى بالمعاصي.

الخامس: الدعاء بقطيعة الرحم.

السادس: الدعاء بانتشار المعاصي.

السابع: ترك الأدب في الدعاء.

الثامن: عدم الاهتمام باختيار أسماء الله، أو صفاته المناسبة عند الدعاء.

التاسع: اليأس أو قلة اليقين من إجابة الدعاء.

العاشر: دعاء الله بأسماء لم ترد في الكتاب والسنة.

الحادي عشر: المبالغة في رفع الصوت.

الثاني عشر: تصنع البكاء ورفع الصوت.

* * *


 آداب الدعاء

1- أن يبدأ بحمد الله، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويختم بذلك:

رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يصلي فمجد الله وحمده، وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيها المصلي أدع تجب وسل تعط»([14]).

2- الدعاء في الرخاء والشدة: قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -: «من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فليكثر الدعاء في الرخاء»([15]).

3- يخفض صوته بالدعاء بين المخافتة والجهر: قال – تعالى - }ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ{ [الأعراف: 55].

4- أن يتضرع إلى الله في دعائه: قال – تعالى - }فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ [الأنعام: 43].

5- أن يُلح على ربه – في الدعاء: فعن أنس – رضي الله عنه – يرفعه: «ألظوا بيا ذا – الجلال والإكرام -»([16]).

6- يتوسل إلى ربه – تعالى – بأنواع الوسائل المشروعة: قال تعالى -:      }وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ{ [المائدة: 53]، ومعنى ابتغاء الوسيلة: أي تقربوا إليه بطاعته، والعمل بما يرضيه ([17]).

7- الاعتراف بالذنب والنعمة حال الدعاء! كما في الحديث عن شداد بن أوس  رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال سيد الاستغفار أن تقول: «اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت». قال ومن قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة ([18]).

8- عدم تكلف السجع في الدعاء: عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: «... فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه، فإني عهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك – يعني لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب -»([19]).

9- الدعاء ثلاثًا: وقد قال – عليه السلام - «اللهم عليك بقريش» ثلاث مرات ([20]).

10- استقبال القبلة: فعن عبد الله بن زيد قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا المصلى يستسقي، فدعا واستسقى، ثم استقبل القبلة فقلب رداءه ([21]).

11- رفع اليدين بالدعاء: عن سلمان – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن ربكم – تبارك وتعالى – حي كريم يستحي من عبده! إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا»([22]).

12- الوضوء قبل الدعاء إن تيسر: عن أبي موسى – رضي الله عنه – قال لما فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من حنين، بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد، وهزم الله أصحابه.

قال أبو موسى: «بعثني مع أبي عامر، فرمي أبو عامر في ركبته، رماه جشمي بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عم، من رماك؟ فأشار إلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الذي رماني، فقصدت له فلحقته، فلما رآني ولى فاتبعته، وجعلت أقول: ألا تستحي ألا تثبت فكف، فاختلفنا ضربتين بالسيف، فقتلته، ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك قال: فانزع هذا السهم، فنزعته فنزا منه الماء فقال: يا ابن أخي! انطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقرئه مني السلام وقل له: يقول لك أبو عامر: استغفر لي: قال: واستعملني أبو عامر على الناس فمكث يسيرًا، ثم مات، فرجعت فدخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته على سرير مرمل وعليه فراش، قد أثر رمال السرير في ظهره وجنبه فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقلت له: قال: قل له استغفر لي، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بماء فتوضأ منه ثم رفع يديه فقال: «اللهم اغفر لعبيد بن عامر» ورأيت بياض أبطيه، ثم قال: «اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك ومن الناس» فقلت: ولي يا رسول الله فاستغفر، فقال: «اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريمًا»([23]).

13- البكاء في الدعاء من خشية الله: فعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا قول الله – عز وجل – في إبراهيم: }رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي{ [إبراهيم: 36]. وقال عيسى: }إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{ [المائدة: 118]. فرفع يديه، وقال: «اللهم أمتي أمتي وبكى» فقال الله – عز وجل-: «يا جبريل، اذهب إلى محمد – وربك أعلم – فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل – عليه السلام – فسأله، فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قال: وهو أعلم فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمد فقل: أنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك»([24]).

14- إظهار الافتقار إلى الله والشكوى إليه.

15- أن يبدأ الداعي بنفسه إذا دعا لغيره: وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبدأ بنفسه.

16- أن لا يتعدى في الدعاء: عن أبي أمامة أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: أي بني، سل الله الجنة، وتعوذ بالله من النار، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء»([25]).

17- التوبة ورد المظالم.

18- يدعو لوالديه وللمؤمنين مع نفسه! قال – تعالى – عن نوح – عليه السلام: }رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا{ [نوح: 28].

19- لا يسأل إلا الله وحده: كما في الحديث عن ابن عباس – رضي الله عنهما - «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله»([26]).

20- حضور القلب: قال - صلى الله عليه وسلم -: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه»([27]).

21- استحباب الإتيان بجوامع الدعاء! مما ورد في الكتاب، أو السنة كقوله تعالى - }رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{ [البقرة: 201].

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «... يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك»([28]).

22- ختم الدعاء بما يناسب طلب الداعي:

وذلك أبلغ في الدعاء وأجمع له؛ لقوله تعالى: }رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ{ [آل عمران: 8].

والداعي يستحب له أن يختم دعاءه بما يناسب طلبه، فإذا سأل الولد فيختم الدعاء مثلاً بأن الله هو الوهاب الرزاق.

23- تقديم الأعمال الصالحة بين يدي الدعاء: كالصلاة، والزكاة، والصدقة، وغيرها فهي تقرب من الله – تعالى – فإذا صلى العبد ثم دعا الله أو تصدق، ثم دعا الله كان ذلك أرجى وأحرى بقبوله.

* * *


 أوقات وأحوال وأوضاع ترجى إجابة الدعاء فيها وعندها

1- ليلة القدر: عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قلتُ: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: «اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني»([29]).

2- بر الوالدين من أسباب إجابة الدعاء: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه – سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يأتي عليكم أويس بن عامر، مع أمداد أهل اليمن، من مراد ثم من قرن، كان به برصٌ فبرئ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها برٌ، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ...»([30]).

3- دبر الصلوات المكتوبة: فعن أبي أمامة الباهلي – رضي الله عنه – قال: قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات»([31]).

4- الإكثار من نوافل العبادات بعد الفرائض: كما في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من عاد لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استغاثني لأغيثنه، وما ترددت من شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأكره مساءته»([32]).

5- الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة وقبل السلام: ففي حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمهم التشهد في الصلاة، ثم قال آخره: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو» وفي لفظ مسلم: «ثم يتخير من المسألة ما شاء»([33]).

بين الأذان والإقامة: فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة»([34]).

7- جوف الليل الآخر: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ينزل ربنا – تبارك وتعالى – كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له»([35]).

وعن عمرو بن عبسة – رضي الله عنه – أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أقرب ما يكون الرب من العبد في الجوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن»([36]).

8- الدعاء عند صباح الديك: ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله؛ فإنها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان؛ فإنه رأى شيطانًا»([37]).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله»، قال النووي: قال القاضي: سببه رجاء تأمين الملائكة على الدعاء، استغفارهم وشهادتهم بالتضرع والإخلاص ([38]).

9- عند النداء للصلوات المكتوبات: عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثنتان لا تردان، أو قلما تردان: الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضًا»([39]).

10- عند إقامة الصلاة: فعن سهل – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ساعتان لا ترد على دعوته: حين تقام الصلاة، وفي الصف في سبيل الله»([40]).

11- ساعة من كل ليلة: عن جابر – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرًا من أمر الدنيا، والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة»([41]).

12- ساعة من ساعات يوم الجمعة: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر يوم الجمعة فقال: «فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ وهو قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه» وأشار بيده يقللها ([42]).

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه، وهي بعد العصر»([43]).

وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: قال عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما -: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ساعة الجمعة؟ قال: قلت: نعم سمعته يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضي الصلاة»([44]).

ورجح ابن القيم وغيره – رحمهم الله – من أهل العلم أن الساعة في يوم الجمعة هي بعد العصر ([45]).

قال ابن القيم: «وعندي أن ساعة الصلاة ساعة ترجى فيها الإجابة أيضًا، فكلاهما ساعة إجابة، وإن كانت الساعة المخصوصة هي آخر ساعة بعد العصر، فهي ساعة معينة من اليوم لا تقدم ولا تتأخر، وأما ساعة الصلاة متابعة للصلاة تقدمت أو تأخرت؛ لأن لاجتماع المسلمين، وصلاتهم وتضرعهم، وابتهالهم إلى الله – تعالى – تأثيرًا في الإجابة، فساعة اجتماعهم ساعة ترجى فيه الإجابة، وعلى هذا تتفق الأحاديث كلها، ويكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد خص أمته على الدعاء والابتهال إلى الله – تعالى – في هاتين الساعتين»([46]).

13- عند الشرب من ماء زمزم: عن جابر – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ماء زمزم لما شربه له»([47]).

14- في السجود: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجدٌ، فأكثروا الدعاء»([48]).

15- عند الاستيقاظ من النوم ليلاً: والدعاء بالمأثور: عن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تعارّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وله الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال: اللهم اغفر لي – أو دعا – استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته»([49]).

16- عند الدعاء بدعوة (ذي النون) يونس – عليه السلام: عن سعد – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعوة ذي النون غذ دعا بها وهو في بطن الحوت، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجلٌ مسلمٌ في شيء قط إلا استجاب الله له»([50]).

17- عند دعاء الناس بعد وفاة الميت: عن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه ثم قال: «إن الروح إذا قبض تعبه البصر» فضج ناسٌ من أهله، فقال: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون» ثم قال: «اللهم، اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وأفسح له في قبره ونور له فيه»([51]).

18- عند قولك في دعاء الاستفتاح: «الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً» استفتح بها رجل من الصحابة فقال - صلى الله عليه وسلم -: «عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء»([52]).

19- عند قولك في دعاء الاستفتاح: «الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه» استفتح بها رجل صلاته، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال: «أيكم المتكلم بالكلمات»؟ فأرم القوم، فقال: «أيكم المتكلم، فإنه لم يقل بأسًا» فقال رجلٌ: جئت، وقد حفزني النفس فقلتها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها أيهم يرفعها»([53]).

20- عند قراءة الفاتحة ففي الحديث: «فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل»([54]).

21- عند التأمين في الصلاة وإذا وافق تأمين الملائكة: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أمن الإمام فأمنوا؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه»([55]).

23- عند الرفع من الركوع وقولك: «ربنا ولك الحمد كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، عن رفاعة قال كنا نصلي وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رفع رأسه من الركوع قال: «سمع الله لمن حمده» قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما انصرف قال: «من المتكلم؟» قال أنا قال: «رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أول»»([56]).

23- عند قولك في الرفع من الركوع: اللهم ربنا ولك الحمد، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد؛ فإنه من وافق قوله الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه»([57]).

24- بعد الصلاة على النبي في التشهد الأخير: عن فضالة – رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: سمع رجلاً يصلي فمجد الله وحمده، وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ادع تجب وسل تعط»([58]).

25- عند قولك قبل السلام في الصلاة: «اللهم، إني أسألك يا الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم» قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما سمع هذا الدعاء من رجل يصلي «قد غفر له قد غفر له، قد غفر له» ثلاث مرات ([59]).

26- عند قولك: «اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم» فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما سمع رجلاً يصلي يدعو بهذا الدعاء: «لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى»([60]).

27- وكذلك عند الدعاء بـ: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد» قال - صلى الله عليه وسلم - لرجل سمعه يدعوا بهذا الدعاء: «لقد سألت الله بالاسم الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب»([61]).

28- عند دعاء المسلم بعد الوضوء بالمأثور: عن عمر – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء»([62]).

29- الدعاء يوم عرفة في عرفة للحاج: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير»([63]).

30- بعد زوال الشمس قبل الظهر: عن عبد الله بن السائب – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر وقال: «إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح»([64]).

31- في شهر رمضان: فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين»([65]).

32- عند اجتماع المسلمين في مجالس الذكر: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا قال: فيسألهم ربهم – عز وجل – وهو أعلم منهم، ما يقول عبادي؟ قالوا: يقولون: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجدونك» ... الحديث. فيه فيقول: «فأشهدكم إني قد غفرت لهم قال: يقول ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم»([66]).

33- الدعاء في عشر ذي الحجة: عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» - يعني أيام العشر – قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء»([67]).


 بعض الدعوات المستجابات

1- دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة: عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – أنه قال: «ما من عبد مسلم يعدو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل»([68]).

2- دعوة المظلوم: حين بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - معاذًا إلى اليمن قال له: «واتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب»([69]).

3- دعوة الوالد لولده أو على ولده.

4- دعوة المسافر: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث دعواتٌ يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده»([70]).

5- دعوة الصائم عند فطره، ودعوة الإمام العادل ودعوة المظلوم: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – يرفعه: «ثلاث لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين»([71]).

6- دعوة الولد الصالح: لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه - «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»([72]).

7- دعوة المضطر: قال تعالى: }أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ{ [النمل: 62].

8- من بات طاهرًا على ذكر الله: عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مسلم يبيت على ذكر الله طاهرًا، فيتعار من الليل، فيسأل الله خيرًا من الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه»([73]).

9- دعوة من دعا بدعوة ذي النون: عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت لا إله إلا الله أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له»([74]).

10- دعوة المستيقظ من النوم: ودعاؤه بالمأثور عن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من تعارّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له، فإن عزم وتوضأ قبلت صلاته»([75]).

11- دعوة الولد البار بوالديه: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أني لي هذا؟ فيقول: باستغفار ولدك لك»([76]).

12- دعوة الحاج والمعتمر والغازي في سبيل الله: لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الغازي في سبيل الله، والحاج، والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم»([77]).

13- دعوة الذاكر الله كثيرًا: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاث لا يرد دعاؤهم: الذاكر الله كثيرًا، ودعوة المظلوم، والإمام المقسط»([78]).

14- دعوة من أحبه الله ورضي عنه: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى – قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فعاله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته»([79]).

* * *


 دعاء آدم – عليه السلام -

عصى آدم – عليه السلام – ربنا – تبارك وتعالى – بأكله من الشجرة التي نهاه أن يأكل منها، لأن إبليس – لعنه الله – أغراه بالأكل منها، فكما قال – تعالى -: }فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ{ [الأعراف: 22].

وبعدها دعا آدم الله – تعالى – وطلب منه المغفرة والعفو ثم إن الله تاب عليه كما قال عز وجل - }فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{ [البقرة: 37]، بل إن الله خصه بالاجتباء بقوله – سبحانه - }ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى{ [طه: 122].

* * *

 دعاء نوح – عليه السلام -

قال – تعالى - }وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا{ [نوح: 26].

قال ابن كثير – رحمه الله – أي لا تترك على وجه الأرض منهم أحدًا، ولا ديارًا، وهذه من صيغ تأكيد النفي. ثم قال بعد ذلك فاستجاب الله له، فأهلك جميع من في الأرض من الكافرين، حتى ولد نوح لصلبه الذي اعتزل عن أبيه وقال: }قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ{ [هود: 43].

ونجي الله أصحاب السفينة الذين آمنوا مع نوح – عليه السلام – وهم الذين أمره الله بحملهم معه ([80]).

* * *

 دعاء إبراهيم – عليه السلام -

قال – تعالى -: }وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ{ [إبراهيم: 35].

قال ابن كثير – رحمه الله -: «ولقد استجاب الله له فقال تعالى: }أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا{ [العنكبوت: 76]».

وقال تعالى: }رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ{ [إبراهيم: 37].

قال ابن كثير – رحمه الله -: وقد استجاب الله ذلك كما قال: }وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا{ [القصص: 57].

وهذا من لطفه – تعالى – وكرمه، ورحمته وبركته، أنه ليس في البلد الحرام مكة شجرة مثمرة، وهي تجبي إليها ثمرات ما حولها، استجابة لدعاء الخليل – عليه السلام - ([81]).

فاستجاب الله – جل وعلا – لخليله إبراهيم – عليه السلام – وهو في مواضع كثيرة مطولة، وهكذا جميع الأنبياء فإن دعاءهم مستجاب؛ لأنهم حققوا أسباب استجابة الدعاء، ولذلك قال تعالى عن إبراهيم – عليه السلام -: }الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ{ [إبراهيم: 39] قال ابن كثير في تفسيره: «أي أنه يستجيب لمن دعاه».

* * *

 دعاء يعقوب – عليه السلام -

فقد يعقوب – عليه السلام – ابنه يوسف – عليه السلام – وحزن عليه حزنًا عظيمًا كما قال تعالى: }وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ{ [يوسف: 84]. ثم فقد أخاه لما وضع في رحله صواع الملك بتدبير من يوسف – عليه السلام – فرجعوا إلى أبيهم وأخبروه، فقال يعقوب – عليه السلام -: }قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ{ [يوسف: 83-87].

فاستجاب الله – سبحانه – له فرد عليه يوسف وأخاه وأبصر بعد ما وضع عليه قميص يوسف – عليه السلام – واستغفر لإخوته، وذهبوا إلى مصر جميعًا، وكانت هذه عاقبة الصبر.

* * *

 دعاء يوسف – عليه السلام -

قال – تعالى – عن يوسف – عليه السلام -: }قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{ [يوسف: 33-34]. قال ذلك – عليه السلام – بعد ما راودته امرأة العزيز على نفسه، فاعتصم بالله – تعالى – وقال معاذ الله بعد ما أشيع في المدينة من قبل النساء بقولهن: }امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ ...{ [يوسف: 30]. فجمعتهن امرأة العزيز وأمرت يوسف بالدخول عليهن، فتعجبن من جماله فقالت لهن: }فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ{ [يوسف: 32] فعند ذلك دعا يوسف الله – عز وجل – بأن يصرف عنه كيدهن، فاستجاب الله له، وصرف عنه كيدهن إنه هو السميع لدعاء من دعاه العليم بحاله.

* * *

 دعاء موسى – عليه السلام -

قال تعالى: }وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ * قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا{ [يونس: 88089].

قال ابن كثير – رحمه الله -: «استجاب الله لموسى – عليه السلام – ومن معه، وأهلك فرعون وقومه بالغرق»([82]).

* * *

 دعاء أيوب – عليه السلام -

قال – تعالى -: }وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ{ [الأنبياء: 83-84].

قال ابن كثير – رحمه الله -: «يذكر الله – تعالى – عن أيوب – عليه السلام – ما كان أصابه من البلاء في ماله، وولده وجسده، وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث، شيء كثير وأولاد ومنازل مرضية، فابتلي في ذلك كله وذهب عن آخره، ثم ابتلي في جسده ... ولم يبق فيه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر بهما الله – عز وجل – حتى عافه الجليس، وأفرد في ناحية من البلد، ولم يبق أحد من الناس يحنو عليه سوى زوجته، كانت تقوم بأمره، ويقال إنها احتاجت، فصارت تخدم الناس من أجله ... وقد كان نبي الله أيوب – عليه السلام – في غاية الصبر وبه يضرب المثل»([83]).

ثم ذكر ابن كثير – رحمه الله – بعد ما ساق الروايات في القصة قال: «فعند ذلك دعا الله – عز وجل – فقال: }أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ{ [الأنبياء: 83]»([84]).

وبعد أن دعا الله – عز وجل – بعد ذلك البلاء الذي مكث فيه ثماني عشر سنة، وقيل: سبع سنوات، وقيل ثلاث سنوات، دعا ربه – عز وجل -: }فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ{ [الأنبياء: 83].

* * *

 دعاء يونس – عليه السلام -

قال تعالى: }وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ{ [الأنبياء: 87-88].

ذكر المفسرون تفسير هذه الآية فقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله -: «وذلك أن يونس بن متى – عليه السلام – بعثه الله إلى أهل نينوى ... فدعاهم إلى الله – تعالى – فأبوا عليه، وتمادوا على كفرهم، فخرج من بين أظهرهم مغاضبًا لهم؛ ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث، فلما تحققوا منه ذلك، وعلموا أن النبي لا يكذب، خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم، وأنعامهم ومواشيهم، وفرقوا بين الأمهات وأولادهن، ثم تضرعوا إلى – عز وجل – وجاءوا إليه ورغت الإبل وفصلانها، وخارت البقر وأولادها، وثغت الغنم وسخالها، فرفع الله عنهم العذاب ... وأما يونس – عليه السلام – فإنه ذهب، فركب مع قوم في سفينة، فلججت بهم، وخافوا أن يغرقوا فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم يتخففون منه، فوقعت القرعة على يونس فأبوا أن يلقوه، ثم أعادوا القرعة فوقعت عليه أيضًا فأبوا، ثم أعادوا فوقعت عليه أيضًا، قال الله: }فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ{ [الصافات: 141] ... فقام يونس – عليه السلام – وتجرد من ثيابه، ثم ألقى بنفسه في البحر»([85]).

قال تعالى: }فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ{ [الصافات: 142].

وقد أوحى إليها الله ألا تأكله قال تعالى: }فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ{ [الأنبياء: 87-88].

* * *

 دعـاء نمـلة

صح أن سليمان – عليه السلام – قد أوتي منطق الطير، وقد خرج مرة يستسقي بالناس، وفي طريقه رأى نملة رفعت رجليها تدعوا الله – عز وجل – بالغيث، فقال سليمان – عليه السلام -: أيها الناس، عودوا فقد كفيتم بدعوة غيركم، فأخذ الغيث ينهمر بدعاء تلك النملة.

* * *

 دعاء زكريا – عليه السلام -

قال – عز وجل -: }هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ{ [آل عمران: 38].

وقال – جل وعلا -: }وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ{ [الأنبياء: 89-90]. بعد أن دعا نبي الله زكريا – عليه السلام – ربه – عز وجل – بأن يهب له ذرية طيبة، استجاب الله له، ووهب له يحيى – عليه السلام – بعدما كبر زكريا – عليه السلام – لما رأى أن الله – تعالى – يرزق مريم – عليها السلام – كما قال تعالى: }كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ{ [آل عمران: 37].

عند ذلك دعا الله – عز وجل – فاستجاب الله له، وأصلح له زوجه.

* * *

 دعاء عيسى – عليه السلام -

قال – تعالى -: }قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ{ [المائدة: 114-115]. دعا عيسى – عليه السلام – بهذه الدعوة بعد أن قال له الحواريون: }هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{ [المائدة: 112]. فاستجاب الله – سبحانه وتعالى – له دعوته.

* * *

 دعاء في طريق الهجرة

دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سراقة بن مالك لما لحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر – رضي الله عنه – في طريقهما للهجرة؛ لكي يأخذ مائة من الإبل؛ لأن قريشًا جعلت لمن يقتله أو يأسره ذلك، فقال أبو بكر – رضي الله عنه -: يا رسول الله، هذا فارس قد لحق بنا، فالتفت إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اللهم اصرعه» فساخت يدا فرس سراقة في الأرض حتى بلغت الركبتين، فقال سراقة: ادع لي، فدعا له الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فنجت الفرس وخرجت، ثم إن سراقة أسلم بعد سنوات – رضي الله عنه -.

* * *

 دعاء نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -

عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، إذ قال بعضهم لبعض؛ أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم، فجاء به فانتظر حتى سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعه على ظهره بين كتفيه وأنا أنظر لا أغني شيئًا، لو كان لي منعه! قال: فجعلوا يضحكون، ويميل بعضهم على بعض ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساجد لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة فطرحته عن ظهره، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه، ثم قال: «اللهم عليك بقريش» ثلاث مرات فشق عليهم إذا دعا عليهم، وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة، ثم سمى: «اللهم عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط» وعد السابع فلم يحفظ قال: فوالذي نفسي بيده، لقد رأيت الذين عد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرعى في القليب قليب بدر ([86]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -

قال أبو هريرة – رضي الله عنه – قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله، إن دوسًا عصت، وأبت فادع الله عليها. فقيل هلكت: دوس، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم أهد دوسًا وائت بهم»([87]). فأسلم دوس.

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه

لما استقر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وآخى بين المهاجرين والأنصار، ذهب بعض المهاجرين يبيع ويشتري، ومنهم عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – حتى جمع مهر امرأة فتزوج، وجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه أثر طيب، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مهيم! يا عبد الرحمن» - وهي كلمة يمانية تفيد التعجب – فقال: تزوجت. فقال: «وما أعطيت زوجتك من المهر؟» قال: وزن نواة من ذهب. قال: «أولم ولو بشاة، بارك الله لك في مالك» قال عبد الرحمن: فأقبلت الدنيا علي، حتى رأيتني لو رفعت حجرًا لتوقعت أن أجد تحته ذهبًا أو فضة. ولما مات خلف لورثته مالاً لا يكاد يحصه العد، فقيل إنه ترك ألف بعير، ومائة فرس، وثلاثة آلاف شاة، وكن نساؤه أربع فبلغ ربع الثمن الذي خص لكل واحد منهن ثمانين ألف، وترك من الذهب والفضة ما قسم بين ورثته بالفؤوس، حتى تأثرت أيدي الرجال من تقطيعه ([88]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنس بن مالك – رضي الله عنه -

عن قتادة عن أنس عن أم سليم أنها قالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هذا أنس خادمك ادع الله له، قال: «اللهم أكثر ماله، وولده، وبارك له فيما أعطيته»([89]). «وأطل حياته، واغفر له»([90]). قال أنس: «فوالله»، إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي ليتعدون نحو المائة اليوم ([91]).

وحدثتني ابنتي أمينة أنه دفن لصلبه بضع وعشرون ومائة ([92]) وطالت حياتي حتى استحيت من الناس وأرجو المغفرة ([93]) وكان له بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين، وكان فيه ريحان يجيء منها ريح المسك ([94]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه

عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر وقال: «اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم عراةٌ فاكسهم، اللهم إنهم جياع فأشبعهم» فتح الله له فانقلبوا وما منهم رجل إلا وقد رجع بجمل أو جملين واكتسوا وشبعوا. رواه أبو داود وغيره.

* * *


 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي – رضي الله عنه -

عن علي – رضي الله عنه – قال: كنت راكبًا فمر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أقول: اللهم إن كان أجلي قد حضر فارحمني، وإن كان متأخرًا فارفعه عني، وإن كان بلاء فأصبرني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كيف قلت؟» فأعاد عليه ما قال، فضربه في رجله، وقال: «اللهم عافه أو اشفه» شك شعبة – أحد الرواه: قال: فما اشتكيت وجعي بعد ([95]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب – رضي الله عنهما -

لما أصيب جعفر بن أبي طالب في غزوة مؤتة، دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على أسماء بنت عميس زوجة جعفر وقال: «لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ادعوا لي بني أخي» فجيء بهم كأنهم أفراخ، فدعا بالحلاق، فحلق لهم رؤوسهم ثم قال: «أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب وأما عبد الله فشبيه خلقي وخُلقي»، ثم أخذ بيمين عبد الله وقال: «اللهم أخلف جعفرًا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه»([96]). قالوا: فكان عبد الله من أكثر المسلمين تجارة وكان يضرب به المثل في جوده – رضي الله عنه -.

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه -

عن يحيى القطان، عن الجعد بن أوس حدثتني عائشة بن سعد قالت: قال سعد: اشتكيت بمكة، فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني، فمسح وجهي وصدري وبطني، وقال: «اللهم اشف سعدًا» فما زلت يخيل إلي أني أجد برد يديه - صلى الله عليه وسلم - على كبدي حتى الساعة ([97]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لقبيلة ثقيف

لما طال حصار الطائف عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يفتحها، ولما قيل له وهم قافلون من الطائف: يا رسول الله أحرقتنا نبال ثقيف، فادع الله عليهم، فقال: «اللهم اهد ثقيفا، وأكفنا مؤنتهم» فقدم ثقيف بعد أشهر وأسلموا ([98])!

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم أبي هريرة رضي الله عنها

كانت أم أبي هريرة عجوزًا أصرت على الشرك، فكان أبو هريرة لا يقصر في دعوتها إلى الإسلام، إشفاقًا عليها، وبرًا بها، فتنفر منه وتصد عنه، فيتركها والحزن يفري فؤاده فريًا، وفي ذات يوم دعاها إلى الإيمان بالله – تعالى – وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: في النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً أحزنه، فمضى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبكي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما يبكيك يا أبا هريرة؟» فقال: إني كنت لا أفتر عن دعوة أمي إلى الإسلام فتأبى علي، وقد دعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يميل قلب أم أبي هريرة للإسلام، فدعا لها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أبو هريرة: فمضيت إلى البيت، فإذا الباب قد رُدَّ، وسمعت خضخضة الماء، فلما هممت بالدخول قالت: أمي: مكانك يا أبا هريرة، ثم لبست وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله... فعدت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي من الفرح، كما بكيت قبل ساعة من الحزن، وقلت: أبشر يا رسول الله فقد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة إلى الإسلام.

فحمد الله وأثنى عليه خيرًا قال: قلت: يا رسول الله أدع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا. قال: فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم حبب عبدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين» فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني ([99]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على عامر بن الطفيل

قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - عامر بن الطفيل وأربد بن قيس، فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عامر: يا محمد: ما تجعل لي إن أسلمت، فقال – عليه الصلاة والسلام -: «لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم» قال عامر: أتجعل لي الأمر :إن أسلمت من بعدك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس ذلك لك ولا لقومك، ولكن لك أعنة الخيل» قال: أنا الآن في أعنة خيل نجد، اجعل لي الوبر ولك المدر، فقال – عليه الصلاة والسلام -: «لا»، قال عامر: أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم اكفني عامر بن الطفيل» وكان قد تواطأ على اغتيال النبي - صلى الله عليه وسلم - فعصمه الله – تعالى -  منهما، فلما رجعا نزل عامر في بيت امرأة من بني سلول فأصيب بغدة (وهي الداء الذي يصيب البعير) في عنقه، فقال: أغده كغدة البعير وموت في بيت امرأة سلولية؟ ثم أخذ فرسه ورمحه، وصار يعدو بفرسه حتى سقط ميتًا ([100]).

* * *

 السَّنُ بالسَّنِ

في البخاري أن الربيع بن النضر كسر ثنية جارية، فعرضوا عليها الأرض فأبى أولياؤها، فطلبوا منهم العفو فأبوا، فقضى بينهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص، فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع؟ فقال: والذي بعتك بالحق، لا تكسر ثنيتها فرضي القوم وأخذوا الأرش، فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من عباد الله لو أقسم على الله لأبره»([101]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - للجيش

عن أبي أمامة – رضي الله عنه – قلت: يا رسول الله، ادع الله لي بالشهادة فقال: «اللهم، سلمهم وغنمهم» فغزونا، فسلمنا، وغنمنا، وقلت: يا رسول الله، مرني بعمل قال: «عليك بالصوم؛ فإنه لا مثل له» فكان أبو أمامة وامرأته وخادمه لا يقولون إلا صيامًا ([102]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن أخطب – رضي الله عنه

روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه وقال: «اللهم جَّمله» فبلغ مائة سنة ما أبيض من شعره إلا اليسير ([103]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لجرير – رضي الله عنه -

عن جرير بن عبد الله البجلي – رضي الله عنه – قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا جرير، ألا تريحني من ذي الخلصة» - بيت لخثعم كان يدعى الكعبة اليمانية - قال: فنفرت في خمسين ومائة فارس، وكنت لا أثبت على الخيل، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فضرب يده في صدري فقال: «اللهم ثبته، اجعله هاديًا مهديًا» فلم يسقط بعد عن فرس.

قال: فانطلق، فحرقهما بالنار ثم بعث جرير – رضي الله عنه – إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يبشره – يكنى أبو أرطأة – منا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ما جئتك حتى تركناها كأنها جمل أجرب» فبرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خيل أحمس ورجالها خمس مرات ([104]). وأحمس هي قبيلة جرير – رضي الله عنه -.

* * *

 دعا له النبي – عليه الصلاة والسلام – فصار غنيًا

دعا - صلى الله عليه وسلم - لعروة بن أبي الجعد البارقي، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه دينارًا يشتري له به شاة فاشترى له به شاتين فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه وكان لو اشترى التراب لربح فيه([105]) وفي مسند الإمام أحمد – رحمه الله – أنه قال له: «اللهم بارك له في صفقة يمينه» فكان يقف في الكوفة، ويربح أربعين ألفًا قبل أن يرجع إلى أهله ([106]).

* * *

 ولله جنود السماوات والأرض

لما اشتد الكرب، وعظم الخطب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة – رضي الله عنهم – في غزوة الأحزاب، وبلغت القلوب الحناجر فدعا – عليه الصلاة والسلام – على قريش ومن معهم قائلاً: «اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم»([107]).

فأرسل الله – تعالى – على خيامهم وأمتعتهم ريحًا جعلت تقوض، خيامهم وتكفأ قدورهم، وتنزع أطنابهم، فلا يقر لهم قرار.

فنصر الله – تعالى – المؤمنين كما قال – تعالى -: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا{ [الأحزاب: 9].

* * *

 دعاء عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -

روى البخاري في صحيحه عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر – رضي الله عنه – قال: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك - صلى الله عليه وسلم -، فاستجاب الله – تعالى – له، فجعل موته في المدينة، واستشهد فيها بعد ما قتله المجوسي أبو لؤلوة – لعنه الله([108]).

* * *

 دعاء علي – رضي الله عنه -

روي أن رجلاً حدث عليًا – رضي الله عنه – بحديث فقال: ما أراك إلا كذبتني. فقال: لم أفعل قال: أدعو الله عليك إن كنت كذبت. قال: ادع فدعا، فما برح الرجل حتى عمي ([109]).

* * *

 دعاء سعد بن معاذ – رضي الله عنه -

لما كانت غزوة الخندق وأصيب سعد بن معاذ – رضي الله عنه – حمل إلى خيمة في المسجد، وبدأ الدم يخرج من جرحه، فقال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا فأبقني لها، إنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك، وكذبوه، وأخرجوه، وغن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني من قريظة.

وكانت بنو قريظة قد غدرت بالمسلمين، فنقضوا العهد. فاستجاب له الله – سبحانه وتعالى – فحكم فيهم هو – رضي الله عنه – بحكم الله – تعالى – ثم رجع إلى خيمته فلم يرعهم إلا الدم يسيل فإذا هو قد مات شهيدًا – رضي الله عنه – وأرضاه، وجعل الجنة مأوانا وإياه ([110]).

* * *

 شيء عجيب

عن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص، حدثني أبي أن عبد الله بن جحش قال يوم أحد: ألا تأتي ندعو الله – تعالى – فخوا في ناحية فدعا سعد – رضي الله عنه – فقال: يا رب إذا لقينا العدو غدًا فلقني رجلاً شديدًا بأسه، شديدًا حرده، أقاتله ويقاتلني، ثم يجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غدًا قلت لي: يا عبد الله! فيم جدع أنفك وأذناك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت، قال سعد: كانت دعوته خيرًا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار وإن أنفه وأذنه لمعلقة في خيط ([111]).

فانظر أخي – رعاك الله – لما حققوا الإيمان واستجابوا لله – تعالى – استجاب الله لهم! قال – تعالى: }وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ{ [البقرة: 186].

* * *

 دعاء أم سلمة – رضي الله عنها -

لما توفى زوجها أبو سلمة – رضي الله عنهما – تذكرت أم سلمة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصيب أحد من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته، ثم يقول: اللهم آجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها». قالت أم سلمة: فلما مات أبو سلمة؟ قلت ذلك، ثم رجعت إلى نفسي، وقلت: ومن لي خير من أبي سلمة؟ فلما انقضت عدتي، استأذن على رسول الله، وأنا أدبغ إهابًا لي، فتزوجها النبي، وأخلف الله لها من هو خير من أبي سلمة – رضي الله عنه – ألا وهو رسولنا – عليه الصلاة والسلام - ([112]).

* * *

 دعاء سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه -

قال - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم استجب لسعد إذا دعاك»([113]).

عن جابر بن سمرة – رضي الله عنه – قال: شكا أهل الكوفة سعدًا إلى عمر – رضي الله عنهما – فقالوا: إنه لا يحسن يصلي. فقال سعد: أما أنا فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صلاة العشى لا أخرم منها، أركد في الأولين، وأحذف في الآخرين، فقال عمر: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق. فبعث رجالاً يسألون عنه بالكوفة، فكانوا لا يأتون مسجدًا من مساجد الكوفة إلا قالوا خيرًا، حتى أتوا مسجدًا لبني عبس، فقال رجل يقال له أبو سعدة: أما إذا نشدتمونا بالله فإنه كان لا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية. فقال: سعد: «اللهم إن كان كاذبًا فأعم بصره، وأطل عمره، وعرضه للفتن».

قال عبد الملك: فأنا رأيته بعد يتعرض للإماء في السكك فإذا سئل كيف أنت؟ يقول: كبير مفتون أصابتني دعوة سعد ([114]).

* * *

 دعاء أبي بن كعب – رضي الله عنه -

عن أبي سعيد قال: قال أبي ([115]): يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جزاء الحمى؟ قال: «تجري الحسنات على صاحبها» فقال: اللهم إني أسألك حمى لا تمنعني خروجًا في سبيلك. فلم يمسي أبي قط إلا وبه الحمى.

قال الذهبي – رحمه الله -: «قلت ملازمة الحمى له صرفت من خلقه يسير»([116]).

* * *

 يدعو بقطع لسانه

عن قبيصة بن جابر قال: قال ابن عم لنا يوم القادسية:

ألم تر أن الله أنزل نصره

وسعد بباب القادسية معصم

فأبنا وقد آمت نساؤنا

ونسوة سعد ليس فيهن أيم

فلما بلغ سعدًا قال: اللهم اقطع عني لسانه ويده، فجاءت نشابة أصابته فاه خرس، ثم قطعت يده في القتال ... ([117]).

* * *

 هذا جزاؤه

عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص – أن رجلا نال من علي – رضي الله عنه – فنهاه سعد، فلم ينته، فدعا عليه، فما برح حتى جاء بعير ناد، فخبطه حتى مات ([118]).

* * *

 اللهم اصرف عنا أذاها

عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال عمر – رضي الله عنه -: «اخرجوا بنا إلى أرض قومنا، فكنت في مؤخرة الناس مع أبي بن كعب – رضي الله عنه – فهاجت سحابة فقال: اللهم اصرف عنا أذاها قال: فلحقناهم وقد ابتلت رحالهم فقال عمر – رضي الله عنه -: ما أصابكم الذي أصابنا. قلت إن أبا المنذر ([119] قال: اللهم اصرف عنا أذاها قال: فهلا دعوتم لنا معكم»([120]).

* * *

 دعاء سعيد بن زيد – رضي الله عنه -

زعمت أروي بنت أويس، أن الصحابي المبشر بالجنة سعيد بن زيد – رضي الله عنه – قد غصب شيئًا من أرضها، وضمها إلى أرضه، فجعلت تلوك ذلك بين المسلمين وتتحدث به، ثم رفعت أمرها إلى مروان بن الحكم وإلى المدينة، فأرسل إليه مروان أناسًا يكلمونه في ذلك، فصعب الأمر على صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعيد بن زيد فقال: يرونني أظلمها! كيف أظلمها وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من ظلم شبرًا من الأرض طوقه يوم القيامة من سبعة أرضين»؟ اللهم إنها زعمت أني ظلمتها فإن كانت كاذبة فأعم بصرها، وألقها في بئرها الذي تنازعني فيه، وأظهر من حقي نورًا يبين للمسلمين أني لم أظلمها، فلم يمض على ذلك غير قليل حتى سال العقيق بسيل لم يسل مثله قط. فكشف عن الحد الذي كانا يختلفان فيه، وأظهر للمسلمين أن سعيدًا كان صادقًا، ولم تلبث المرأة بعد ذلك إلا شهرًا حتى عميت، وبينما هي تطوف في أرضها تلك سقطت في بئرها فماتت ([121]).

* * *

 دعاء خالد بن الوليد – رضي الله عنه -

عن الأعمش عن خيثمة قال: أتى خالد بن الوليد – رضي الله عنه – برجل معه زق خمر (وهو الوعاء يحمل فيه الخمر) فقال: اللهم اجعله عسلاً، فصار عسلاً ([122]).

* * *

 دعاء أم المؤمنين

قدم على عمر – رضي الله عنه – مالٌ كثيرٌ من البحرين فعند ذلك دون الدواوين. ففرض للصحابة على اختلاف بين نصيبهم، وفرض لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اثنى عشر ألفًا، فلما جاء العطاء بعث عمر – رضي الله عنه – إلى زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بالذي لها، فلما دخل عليها، قالت: غفر الله لعمر، لغيري من إخواني أجرأ على قسم هذا مني. قالوا: هذا كله لك قالت: سبحان الله! واستقرت دونه، وقالت: صروه واطرحوا عليه ثوبًا، فصروه وطرحوا عليه ثوبًا، فقالت لامرأة عندها: أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة، فاذهبي بها إلى آل فلان وإلى آل فلان من أيتامها وذوي رحمها، فقسمته حتى بقيت منه بقية، فقالت لها بدره: غفر الله لك والله لقد كان لنا في هذا حظ، قالت: فلكم ما تحت الثوب، قالت: فرفعنا الثوب فوجدنا خمسًا وثلاثين درهمًا، ثم رفعت يدها فقالت: «اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا، قال: فماتت – رضي الله عنها -»([123]).

* * *

 دعاء الصحابي على اللص (قاطع الطريق)

عن أنس قال: كان رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار يُكنى: أبا معلق، وكان تاجرًا يتجر بمال له ولغيره، يضرب به في الآفاق، وكان ناسكًا ورعًا، فخرج مرة، فلقيه لص مقنع في السلاح، فقال له: ضع ما معك، فإني قاتلك قال: ما تريد من دمي؟ شأنك بالمال، قال: أما المال فلي، ولست أريد إلا دمك. قال: أما إذا أبيت، فذرني أصلي أربع ركعات، قال: صل ما بدا لك، فتوضأ ثم صلى أربع ركعات فكان من دعائه في آخره سجدة أن قال: يا ودود يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، أسألك بعزك الذي لا يرام وملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك، أن تكفيني شر هذا اللص، يا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني، ثلاث مرات، قال: دعا بها ثلاث مرات، فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة، وضعها بين أذني فرسه، فلما أبصره اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله، ثم أقبل إليه فقال: قم، قال: من أنت بأبي أنت وأمي؟ فقد أغاثني الله بك اليوم، قال: أنا ملك من السماء الرابعة، دعوت بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة، ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل لي: دعاء مكروب، فسألت الله – تعالى – أن يولني قتله. قال أنس: فاعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات، ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبًا، كان أو غير مكروب ([124]).

* * *

 دعاء الله بالغيث

قال ثابت البناني: جاء قيم أرض أنس فقال: عطشت أرضك، فتردى أنس ثم خرج إلى البرية، ثم صلى فثارت سحابةٌ، وغشيت أرضه وقطرت حتى ملأت صهريجه، وذلك في الصيف، فأرسل بعض أهله فقال: انظر أين بلغت؟ فإذا هي لم تعد أرضه إلا يسيرًا([125]).

* * *

 دعاء الحسين - رضي الله عنه -

كان رجل من بني أبان دارم يقال له زرعة شهد قتل الحسين – رضي الله عنه – فرمى الحسين بسهم فأصاب حنكه فجعل يتلقى الدم يقول: هكذا إلى السماء فيرمي به، وذلك أن الحسين دعا بماء ليشرب، فلما رماه حال بينه وبين الماء فقال: اللهمَّ ظمِّئه، اللهمَّ ظمِّئه قال: فحدثني من شهده وهو يموت وهو يصيح من الحر في بطنه والبرد في ظهره، وبين يديه المراوح، والثلج، وخلفه الكانون، وهو يقول: اسقوني أهلكني العطش، فيؤتى بعس عظيم فيه السويق أو الماء واللبن لو شربه خمسةٌ لكفاهم قال: فيشربه ثم يعود فيقول: اسقوني أهلكني العطش، قال: فانقد بطنه كانقداد البعير ([126]).

* * *

 دعاء مؤمن

كان العلاء بن الحضرمي عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على البحرين، وكان يقول في دعائه: يا عليم يا حليم يا علي يا عظيم فيستجاب له. وكان دعا الله بأن يسقوا ويتوضؤوا ولا ينقص الماء بعدهم فأجيب ([127]).

* * *


 ذلك ما كنا نبغي

في المعركة التي استشهد فيها النعمان بن مقرن – رضي الله عنه – قال قبل المعركة اللهم ارزق النعمان الشهادة وانصر المسلمين، وافتح عليه فأسنوا وهز لواءه ثلاثًا، ثم حمل فكان أول صريع – رضي الله عنه – وانتصر المسلمون([128]).

* * *

 فضل من الله

دعا العلاء بن الحضرمي – رضي الله عنه – لما اعترضهم البحر، ولم يقدروا على المرور بخيولهم، فمروا كلهم على الماء وما ابتلت سرج خيولهم وهذا حين كانوا في الجهاد في سبيل الله، ودعا الله أن لا يرى جسده إذا مات فلم يجدوه في اللحد ([129]).

* * *

 أصيب القائد وسلم الجند بدعائه

غزا عبد الله بن قيس – رحمه الله – خمسين غزاة من بين شاتية وصائفة في البحر، ولم يغرق فيه أحدٌ ولم ينكب، وكان يدعو الله أن يرزقه العافية في جنده، وألا يبتليه بمصاب أحد منهم حتى إذا أراد الله أن يصيبه وحده خرج في قارب طليعه فانتهى إلى المرقى من أرض الروم، وكان هناك ناسٌ يسألون فتصدق عليهم، فرجعت امرأةٌ من الذين كانوا يسألون إلى القرية. وقالت: هل لكم في عبد الله بن قيس؟ قالوا: وأين هو؟ قالت: في المرقى، قالوا: ومن أين تعرفين عبد الله بن قيس؟ قالت: كان التاجر، فلما سألته أعطاني كالملك فعرفت أنه عبد الله بن قيس، فثاروا إليه فتجمعوا عليه، وقاتلوه حتى أصيب وحده، وأفلت الملاح حتى رجع إلى أصحابه فسلم الأمر سفيان بن عوف الأزدي ([130]).

* * *

 دعاء عبد الله بن سعد بن أبي السرح

عن سعيد بن أبي أيوب: حدثني يزيد بن أبي حبيب قال: لما احتضر ابن أبي السرح وهو بالرملة، وكان خرج إليها فارًا من الفتنة، فجعل يقول من الليل: أصبحتم؟ فيقولون: لا. فلما كان عند الصبح قال: يا هشام إني لأجد برد الصبح فانظر. ثم قال! اللهم اجعل خاتمة عملي الصبح، فتوضأ ثم صلى، فقرأ في الأولى بأم القرآن والعاديات، وفي الأخرى بأم القرآن وسورة وسلم عن يمينه وذهب يسلم عن يساره فقبض – رضي الله عنه([131]).

* * *

 الحجاج يبحث عن أنس – رضي الله عنه -

حدث عبد الله بن أبان الثقفي قال: وجهني الحجاج بن يوسف في طلب أنس ابن مالك – رضي الله عنه -. فظننت أنه يتوارى عنه فأتيته بخيلي ورجلي، فإذا هو جالس على باب داره مادًا رجليه، فقلت له: أجب الأمير، فقال: أي الأمراء؟ فقلت: أبو محمد الحجاج. فقال – غير مكترث -: (أي غير محزون) قد أذله الله. ما أرى أذل منه؛ لأن العزيز من عز بطاعة الله والذليل من ذل بمعصية الله، وصاحبك قد بغى وطغى واعتدى وخالف كتاب الله والسنة. والله لينتقم منه. فقلت له: اقصر عن الكلام وأجب الأمير، فقام معنا حتى حضر بين يدي الحجاج فقال له: أنت أنس بن مالك: قال: نعم. قال الأمير: أنت الذي تدعو علينا وتسبنا؟ قال: نعم. قال:  ومم ذاك؟ قال: لأنك عاص لربك مخالف لسنة نبيك - صلى الله عليه وسلم - وتعز أعداء الله وتذل أولياء الله. فقال له: أتدري ما أريد أن أفعل بك. قال: لا. قال؛ سأقتلك شر قتلة. قال أنس – رضي الله عنه -: لو علمت أن ذلك بيدك لعبدتك من دون الله قال الحجاج: وما ذاك؟! قال: لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمني دعاء وقال: من دعا به في كل صباح لم يكن لأحد عليه سبيل، وقد دعوت به في صباحي هذا، فقال الحجاج: علمنيه. فقال: أنس – رضي الله عنه -: معاذ الله أن أعلمه لأحد ما دمت أنت في الحياة. فقال الحجاج: خلوا سبيله، فقال له الحاجب: أيها الأمير، لنا في طلبه كذا وكذا يومًا حتى أخذناه، فكيف نخلي سبيله؟ فقال الحجاج: لقد رأيت على عاتقيه أسدين عظيمين فاتحين أفواههما.

ثم إن أنسًا – رضي الله عنه – لما حضرته الوفاة علم الدعاء لإخوانه([132]).

* * *

 الجزاء من جنس العمل

خببت – أي أفسدت – امرأةٌ على أبي مسلم الخولاني – رحمه الله – زوجته، فدعا عليها فعميت، فجاءت وتابت، فدعا لها فرد الله عليها بصرها ([133]).

* * *

 بقية البغلة

اشترى أبو سلمة بغلة، فقالت أم سلمة: ادع الله – تبارك وتعالى – أن يبارك لنا فيها، فقال: «اللهم بارك لنا فيها» فماتت فاشترى أخرى، فقالت: ادع الله – تبارك وتعالى – أن يبارك لنا فيها، قال: قولي: اللهم متعنا بها، فبقيت لهم ([134]).

* * *

 أولئك الناس

تغيب الحسن البصري عن الحجاج، فدخلوا عليه ست مرات، فدعا الله – عز وجل – فلم يروه. ودعا على أحد الخوارج كان يؤذيهم فخر ميتًا ([135]) – يشير شيخ الإسلام إلى ما حدث به عصام بن زيد قال: كان رجلٌ من الخوارج يغشى مجلس الحسن فيؤذيهم، فقيل للحسن أبا سعيد؟ ألا تكلم الأمير حتى يصرف عنا؟ قال: فسكت عنهم. قال: فأقبل ذات يوم والحسن جالس مع أصحابه، فلما رآه قال: اللهم قد علمت أذاه لنا فاكفناه بما شئت. فخر الرجل والله من قامته، فما حمل إلى أهله إلا ميتًا على سرير، فكان الحسن إذا ذكره بكى، وقال للناس: ما كان أغره بالله ([136]).

* * *

 فقذف في قلوبهم الرعب

استدعى الحجاج الحسن البصري ليبطش به فلما ذهب إليه الحسن وهو في الطريق يدعو الله – تعالى – ويهتف بأسمائه الحسنى فحوَّل الله قلب الحجاج وقذف في قلبه الرعب فما وصل الحسن إلا وقد تهيأ الحجاج لاستقباله وقام إلى الباب وأجلسه معه على سريره وأخذ يطيب لحيته ويترفق به ويلين له الخطاب.

* * *

 يدعو على الديك

حدثنا عبد الرحمن بن وافد، أخبرنا حمزة بن ربيعة، أخبرنا أصبغ بن زيد الواسطي، قال: كان لسعيد بن جبير ديك كان يقوم من الليل، بصياحه. فلم يصل سعيد تلك الليلة من الليالي حتى أصبح، فشق عليه فقال ماله قطع الله صوته. ما سمع له صوت بعدها قالت أمه: يا بني أي شيء بعدها ([137]).

* * *

 جزاء من تكبر وطغى

قبيل أن يقتل الحجاج سعيد بن جبير – رحمه الله – بوقتٍ قصير دعا عليه سعيد وقال: اللهم لا تسلطه على أحد بعدي. فأصاب الحجاج بعده خراج في يده، ثم انتشر في جسمه فأخذ يخور كما يخور الثور ثم مات في حال مؤسفة.

* * *

 دعوة في الطريق إلى الحجاج

جيء بحبيب بن أبي ثابت وسعيد بن حبيب وطلق بن حبيب يراد بهم الحجاج – قال: فأصابهم عطش وخوف فقال سعيد لحبيب: ادع الله فقال له حبيب: إني أراك أوجه مني قال: فدعا سعيد، وأمن أصحابه، فرفعت سحابة فمطروا وشربوا وسقوا واستقوا ([138]).

* * *

 دعاء في وسط الأمواج

قال أبو محمد بن زيد: كان عبد الله بن حبيب عالم الأندلس مستجاب الدعوة، وأن البحر هاج بهم في اللجة. فقام فتوضأ ثم رفع يديه إلى السماء فقال: اللهم إن كنت تعلم أن رحلتي هذه لوجهك خالصًا. ولإحياء سنن رسولك فاكشف عنا هذا الغمَّ، وأرنا رحمتك كما أريتنا عذابك. فكشف الله عنهم بلطفه في الوقت ([139]).

* * *

 يدعون الله بالشهادة فيستشهدون

قال سليم بن عامر: دخلت على الجراح، فرفع يديه فرفع الأمراء أيديهم. فمكث طويلاً، ثم قال لي: يا أبا يحيى، هل تدري ما كنا فيه؟ قلت: لا، وجدتكم في رغبة فرفعت يدي معكم، قال: سألنا الله الشهادة، فوالله ما بقي منهم أحد في تلك الغزوة حتى استشهد ([140]).

* * *

 دعوة رجل صالح

قال حميد بن هلال: كان بين مطرف وبين رجل من قومه شيءٌ فكذب على مطرف فقال مطرف: إن كنت كاذبًا فجعل الله حتفك، قال: فمات الرجل في مكانه. قال فاستدعى أهله زيادًا على مطرف، فقال لهم زياد: هل ضربه؟ هل هدمه بيده؟ فقالوا: لا. فقال : دعوة رجل صالح وافقت قدرًا، فلم يحمل لهم شيئًا ([141]).

* * *

 بين أبي مسلم وامرأة

عن عثمان بن عطاء قال: كان أبو مسلم الخولاني إذا دخل منزله سلَّم، فإذا بلغ وسط الدار كبر وكبرت امرأته، قال: فيدخل فينزع ردائه وحذائه، فتأتيه بطعامه فيأكل، فجاء ذات ليلة فكبر فلم تجبه، ثم أتى باب البيت فكبر وسلم فلم تجبه، وإذا البيت ليس فيه سراج وإذا هي جالسة بيدها عود في الأرض تقلب به. فقال لها: مالك؟ فقالت: الناس بخير. وأنت أبو مسلم لو أنك أتيت معاوية – رضي الله عنه – فيأمر لنا بخادم، ويعطيك شيئًا نعيش به فقال: اللهم من أفسد علي أهلي فأعم بصره، قال: وكانت معها – قبل قليل – امرأة فقالت لها: أنت امرأة أبي مسلم فلو كلمت زوجك يكلم معاوية – رضي الله عنه – ليخدمكم ويعطيكم. قال: فبينا هذه المرأة في منزلها، والسراج يزهر، غذ أنكرت بصرها فقالت: سراجكم طفيء؟ قالوا: لا، قالت: إن الله أذهب بصري فأقبلت كما هي إلى أبي مسلم فلم تزل تناشده الله – عز وجل – وتطلب إليه قال: فدعا الله – عز وجل – فرد عليها بصرها، ورجعت المرأة إلى حالها التي كانت عليه ([142]).

* * *


 أعمى يرد الله عليه بصره

روى حماد بن سلمة عن سماك بن حرب: أدركت ثمانين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان قد ذهب بصري فدعوت الله – تعالى – فرد علي بصري ([143]).

* * *

 خرج من السجن

عن غيلان بن جرير قال: حبس الحجاج مورقًا. قال فطلبناه فأعيانا قال: تعال ندع الله – تعالى – فدعا مطرف وأمنا فلما كان من العشي أذن الحجاج للناس، فدخلوا ودخل أبو مورق فيمن دخل، فلما رآه الحجاج قال لحرسه: اذهب مع هذا الشيخ إلى السجن فادفع إليه ابنه ([144]).

* * *

 منع من النوم حتى أخرج المسجون

أخذ عبيد الله بن زياد ابن أخ لصفوان بن محرز، فحبسه في السجن فلم يدع صفوان شريفًا بالبصرة يرجوا منفعته إلا تجمل به عليه فلم ير لحاجته نجاحًا فغاب في مصلاه حزينًا فإذا آت قد أتاه في منامه فقال: يا صفوان قم فاطلب حاجتك من وجهها. قال: فانتبه فزعًا فقام وتوضأ ثم صلى، فأَرِقَ ابن زياد (الذي سجن ابن أخيه ولم يستطع النوم) فقال: علي بابن أخي صفوان بن محرز فجاء الحراس وجيء بالنيران وفتحت تلك الأبواب الحديد في جوف الليل فقيل: أين ابن أخي صفوان بن محرز؟ أخرجوه فإني قد منعت من النوم منذ الليلة فأخرج فأتي به إلى ابن زيد فكلمه ثم قال: انطلق بلا كفيل ولا شيء فما شعر صفوان حتى ضرب عليه ابن أخيه بابه، قال: صفوان من هذا؟ قال: أنا فلان ([145]).

* * *

 هنيئًا لك

قال الهيثم بن عمران: كنت جالسًا عند ابن حلبس وكان يدعو عند المغيب: اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك فأقول: من أين يرزقها وهو أعمى؟ فلما دخلت المسودة دمشق قتل فبلغني أن الذين قتلاه بكيا لما أُخبر بصلاحه وذلك في سنة اثنين وثلاثين ومائة ([146]).

* * *

 علامة على الاستجابة

عن حيوة بن شريح قال: دعا خالد بن أبي عمران وأمنَّا، ثم قرأ سجدة، وسجد بنا، فقال: اللهم إن كنت استجبت لنا فأرنا علامة، فرفع رجل رأسه، فإذا بنور ساطع، فقيل: إن الرجل حيوة ([147]).

* * *

 عاقلٌ أم مجنونٌ

قال عطاء السلمي – رحمه الله – مُنعنا الغيث، فخرجنا نستقي، فإذا فنحن بسعدون المجنون في المقابر (أي جالس عند المقابر) فنظر إلي فقال: يا عطاء، أهذا يوم النشور؟ أو بعثر ما في القبور: فقلت: لا ولكننا منعنا الغيث فخرجنا نستسقي. فقال: يا عطاء بقلوب أرضية أم بقلوب سماوية؟ فقلت: بل بقلوب سماوية فقال: بقلوب سماوية هيهات يا عطاء. قل للمتبهرجين لا تتبهرجوا، فإن الناقد بصير. ثم رمق بطرفه السماء وقال: إلهي وسيدي ومولاي، لا تهلك بلادك بذنوب عبادك ولكن ... الخ.

إلا ما سقينا ماء غدقًا فراتًا تحي به العباد، وتروي به البلاد، يا من هو على كل شيء قدير. قال عطاء: فما استتم كلامه حتى أرعدت السماء وأبرقت، وجاء المطر كأفواه القرب. فولى سعدون وهو يقول:

أفلح الزاهدون والعابدون

إذ لمولاهم أجاعوا البطونا

أسهرو الأعين العلية حبا

فانقضى ليلهم وهم ساهرونا

شغلهم عبادة الله حتى

حسب أن فيهم جنونا ([148])

* * *

 بين ابن المنكدر ورجل يدعو الله

قال محمد بن المنكدر – رحمه الله – إني لليلة مواجه هذا المنبر في جوف الليل أدعو، إذا إنسان الأسطوانة مقنعًا رأسه فأسمعه يقول: أي رب إن القحط قد اشتد على عبادك، وإني مقسم عليك يا رب إلا سقيتهم قال: فما كان إلا ساعة، فإذا سحابةٌ قد أقبلت، ثم أرسلها الله. وكان عزيزًا على ابن المنكدر أن يخفى عليه أحدٌ من أهل الخير، فقال: هذا بالمدينة ولا أعرفه!! فلما سلم الإمام تقنع، وانصرف، وأتبعته، ولم يجلس للقاص حتى أتى دار أنس، فدخل موضعًا ففتح ودخل. قال: ورجعت فلما سبحت أتيت، فقلت: أدخل؟ قال: أدخل، فإذا هو يُنجِّر أقداحًا، فقلت: كيف أصبحت – أصلحك الله -؟ قال: فاستشهرها وأعظمها مني، فلما رأيت ذلك قلت: إني سمعت إقسامك البارحة على الله، يا أخي هل لك من نفقة تغنيك عن هذا أو تفرغك لما تريد هذه الآخرة ([149] قال: لا، ولكن غير ذلك لا تذكرني لأحد، ولا تذكر لأحد حتى أموت، ولا تأتني يا بن المنكدر، فإنك إن تأتني شهرتني للناس، فقلت: إني أحب أن ألقاك، قال القني في المسجد. قال: وكان فارسيًا فما ذكر ذلك ابن المنكدر لأحد حتى مات الرجل. قال ابن وهب: بلغني أنه انتقل من تلك من الدار فلم ير ولم يدر أين ذهب. فقال أهل تلك الدار: الله بيننا وبين ابن المنكدر أخرج عنا ذلك الرجل الصالح ([150]).

* * *

 الحمد لله

عن طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي، أن رجلاً كان في غزاة له مع أصحابه فأبق غلام له بفرسه، فلما أراد أصحابه أن يرتحلوا توضأ الرجل، وصلى ركعتين وقال: اللهم إنك ترى مكاني وحالي وارتحال أصحابي، اللهم إني أقسم عليك لما رددت علي فرسي وغلامي. فالتفت فإذا هو بالغلام مكتوفًا بشطن الفرس ([151]).

* * *

 أغيثوا قبل انتهاء دعائه

ذكر بن خنيس قال: خرجنا مرة نسقي، وخرج الأمير والقاضي، فدعا القاضي ثم أذن الأمير للناس بالانصراف قال: وما نرى في السماء سحابًا، وإلى جنبي أسود عليه كسالة؟ قال اللهم فالتفت إليه، فسمعته يدعو وأعجب بدعائه لما نظر إلى الناس منصرفين اللهم اسقنا الساعة، وأقلب عبادك مسرورين قال: فوالله إن كان إلا انقضاء قوله حتى أقبلت السماء بأشد ما يكون من المطر قال بكر: فحرصت على أن أعرفه أو أدركه فلم أقدر على ذلك([152]).

* * *

 الخليفة يدعو الله – تعالى -

قال داود بن رشيد: هاجت ريح سوداء، فسمعت سلمان الحاجب يقول: فجعنا أن تكون القيامة، فطلبت المهدي في الإيوان فلم أجده، فإذا هو ساجد على التراب يقول: اللهم لا تشمت بنا أعداءنا من الأمم، ولا تفجع بنا نبينا، اللهم إن كنت أخذت العامة بذنبي فهذه ناصيتي بيدك فما أتم كلامه حتى انجلت ([153]).

* * *

 وتطلق أعضاؤه عند الوضوء ثم ترجع بدعائه

كان عبد الواحد بن زيد أصابه الفالج، فسأل ربه أن يطلق له أعضاءه وقت الوضوء، فكانت وقت الوضوء تطلق له أعضاؤه ثم تعود بعده ([154]).

* * *

 دعاء في البحر

قال الذهبي: بالإسناد عن بقية قال: كنا مع إبراهيم ([155]) في البحر، فهاجت ريح واضطربت السفينة، وبكوا فقلنا: يا أبا إسحاق ما ترى؟ فقال: يا حي حين لا حي، يا حي قبل كل حي ويا حي بعد كل حي، يا حي يا قيوم، يا محسن يا مجمل! قد أريتنا قدرتك، فأرنا عفوك، فهدأت السفينة من ساعتها ([156]).

* * *

 من توكل على الله كفاه

عن أبي بلج الفزاري قال: أمر الحجاج بن يوسف برجل كان جعل على نفسه إن ظفر به أن يقتله، فلما أدخل عليه تكلم بشيء فخلى سبيله. فقيل له: أي شيء قلت؟

قال: قلت: «يا عزيز يا حميد يا ذا العرش المجيد اصرف عني شر كل جبار عنيد»([157]).

* * *

 من أعجب ما قرأت 

قال ابن المبارك: قدمت المدينة في عام شديد القحط فخرج الناس يستسقون، فخرجت معهم، إذا أقبل غلام أسود عليه قطعتا خيش قد اتزر بإحداهما وألقى بالأخرى على عاتقه.

فجلس إلى جنبي فسمعته يقول: إلهي أخلقت الوجوه عندك كثرة الذنوب ومساويء الأعمال، وقد حبست عنا غيث السماء لتؤدب عبادك بذلك فأسألك يا حليمًا ذا أناة يا من لا يعرف عباده إلا الجميل أن تسقيهم الساعة الساعة فلم يزل يقول الساعة الساعة حتى اكتست السماء بالغمام وأقبل المطر من كل جانب، قال ابن المبارك – رحمه الله – فجئت إلى الفضيل رحمه الله – فقال: ما لي أراك كئيبًا؟ فقلت: أمر سبقنا إليه غيرنا، فتولاه دوننا، وقصصت عليه القصة فصاح الفضيل وخر مغشيًا عليه ([158]).

* * *

 دعا الله فكان من الأذكياء

قال الذهبي عن الخليل صاحب العربية، ومنشيء علم العروض، وكان رأسًا في لسان العرب، دينًا ورعًا قانعًا متواضعًا، كبير الشأن يقال: إنه دعا الله أن يرزقه علمًا لا يسبق إليه، ففتح له بالعروض([159]).

* * *

 عارية مضمونة

جلبة بن أشيم – رحمه الله – مات فرسه وهو في الغزو فقال: اللهم لا تجعل لمخلوق علي منة ودعا الله – عز وجل – فأحياه له. فلما وصل إلى بيته قال: يا بني خذ سرج الفرس فإنه عاريةٌ فأخذ سرجه، فمات الفرس ([160]).

* * *

 دعاء في سجن الحجاج

قال أبو سعيد البقال: كنت محبوسًا في سجن الحجاج ومعنا إبراهيم التميمي، فبات في السجن فقلت: يا أبا أسماء. في أي شيء حبست؟ قال: جاء العريف فتبرأ مني وقال: إن هذا يكثر الصلاة والصوم، فأخاف أن يكون يرى رأي الخوارج قال: والله إنا لنتحدث عند مغيب الشمس ومعنا إبراهيم التميمي إذ نحن برجل قد دخل علينا السجن فقلنا: يا عبد الله، ما قصتك؟ وما أمرك؟ قال: لا والله ما أدري، ولكن أظن أني أخذت في رأي الخوارج، فوالله لرأي ما رأيته ولا هويته، ولا أحببت أهله يا هؤلاء ادعوا لي بوضوء قال: فدعونا له بماء فتوضأ ثم قام فصلى أربع ركعات، ودعا الله – عز وجل – قال: فوالله، الذي لا إله غيره ما قطع دعاءه إذ ضرب باب السجن. أين فلان؟ فقام صاحبنا فقال: يا هؤلاء إن تكن العافية فوالله، لا ادع الدعاء وإن تكن الأخرى فجمع الله بيننا وبينكم في رحمته ... فبلغنا من الغد أنه خلي عنه ([161]).

* * *

 دعاء ابن المبارك

قال العباس بن مصعب: حدثني بعض أصحابنا قال: سمعت أبا وهب يقول: مر ابن المبارك برجل أعمى، فقال له: أسألك أن تدعو لي أن يرد الله على بصري، فدعا الله فرد عليه بصره وأنا أنظر ([162]).

* * *

 دعاء سفيان بن عيينة

يروى أن سفيان كان يقول في كل موقف: اللهم لا تجعله آخر العهد منك، فلما كان العام الذي مات فيه لم يقل شيئًا وقال: استحيت من الله – تعالى - ([163]).

والمقصود أن سفيان بن عيينة – رحمه الله – يدعو الله – تعالى – في كل موقف فيستجيب له – سبحانه وتعالى -. وفي ذلك الموقف في عرفة لم يدع – رحمه الله – بهذا الدعاء.

* * *

 يدعو على شجرة

كانت لسهل بن عبد الله بن الفرحان شجرة جوز تحمل كل سنة كثيرًا، فسقط منها رجل فاستعظم ذلك وقال: اللهم أيبسها فيبست فلم تحمل بعد ذلك ([164]).

* * *

 عطس فأبصر

قال الحافظ ابن أبي الدنيا – رحمه الله -: حدثني محمد بن الحسين حدثنا زكريا ابن عدي قال: «كانت الصلت بن بسطام التميمين يجلس إلى حلقة أبي خباب يدعو من بعض العصر يوم الجمعة قال: فجلسوا يومًا يدعون وقد نزل الماء في عينيه فذهب بصره فدعوا وذكروا بصره في دعائهم. فلما كان قبيل الشمس عطس عطسةً فإذا هو يبصر بعينيه وإذا قد رد الله بصره قال زكريا: فقال لي ابنه: قال لي حفص بن غياث: أنا رأيت الناس عشية إذ يخرجون من المسجد مع أبيك يهنئونه»([165]).

* * *

 يدعو لمقعدة عشرين سنة فتشفى

قال عباس الدوري: حدثنا علي بن أبي فزارة جارنا قال: كانت أمي مقعدة من نحو عشرين سنة. فقالت لي يومًا: اذهب إلى أحمد بن حنبل فسله أن يدعو لي، فأتيت فدققت عليه وهو في دهليزه فقال: من هذا؟ قلت: رجل سألتني أمي وهي مقعدة أن أسألك الدعاء. فسمعت كلامه كلام رجل مغضب. فقال: نحن أحوج أن تدعو الله لنا، فوليت منصرفًا فخرجت عجوز فقالت: قد تركته يدعو لها، فجئت إلى بيتنا ودققت الباب. فخرجت أمي على رجليها تمشي.

هذه الواقعة رواها ثقتان بن عباس ([166]).

* * *

 ولعذاب الآخرة أشد

دعا الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – على القاضي المعتزلي أحمد بن أبي داود لأنه بالغ في إيذائه فأصاب الله ابن أبي داود بمرض الفالج فكان يقول: أما نصف جسمي فلو وقع عليه الذباب لظننت أن القيامة وأما النصف الآخر فلو قرض بالمقاريض ما أحسست.

* * *

 دعاء في رمضان

عن شيعث بن محرز قال: ذكر لي في زمان محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس أن امرأة كانت عمياء فصحت عينها ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان قال: فأتيتها عند دار موسى المحتسب بالبصرة فقالت: اجلس حتى أخرج إليك فخرجت. فقلت لها: يا أمة الله بأي شيء دعوت ربك؟ قالت: صليت أول الليل في مسجد الحي، حتى إذا كان في السحر قمت في مسجد بيتي فدعوت ربي. فقلت: يا كاشف ضر أيوب، يا من رحم شيبة يعقوب، يا من رد يوسف على يعقوب رد علي بصري قالت: فكأنما إنسان جرد عيني فأبصرت ([167]).

* * *

 ضرب العجوز فقطعت يده

قال الحسن بن أبي جعفر: مر الأمير يومًا فصاحوا: الطريق. ففرج الناس، وبقيت عجوز كبيرة لا تقدر أن تمشي، فجاء أحد الجلاودة فضربها بسوط ضربة فقال: حبيب أبو محمد اللهم اقطع يده، فلما لبث إلا ثلاثًا حتى مر بالرجل قد أخذ في سرقة فقطعت يده ([168]).

* * *

 يدعو على زورق فيغرق

قال محمد بن الفرضي: كنت مع ذي النون في زورق، فمر بنا زورق آخر فقيل لذي النون: إن هؤلاء يمرون إلى السلطان يشهدون عليك بالكفر. فقال: اللهم إن كانوا كاذبين، فأغرقهم فانقلب الزورق وغرقوا. فقلت فما بال الملاح؟ قال: لم حملهم وهو يعلم قصدهم؟ ولأن يقفوا بين يدي الله غرقى خير لهم من أن يقفوا شهود زور، ثم انتفض وتغير وقال: وعزتك لا أدعو على أحد بعدها ([169]).

* * *

 عاقبة الجواسيس

عن الحجاج بن صفوان بن أبي زيد قال: وشى رجل ببسر بن سعيد إلى الوليد، فأرسل الوليد والرجل عنده قال: فجيء به ترعد فرائصه، فأدخل عليه فسأله عن ذلك فأنكر بسر وقال: ما فعلت؟ فالتفت الوليد إلى الرجل. فقال: يا بسر هذا يشهد عليك بذلك، فنظر إليه بسر وقال: أهكذا؟ فقال: نعم. فنكس رأسه وجعل ينكث في الأرض ثم رفع رأسه فقال: اللهم قد شهد علينا فيما قد علمت أني لم أقله، اللهم فإن كنت صادقًا فأرني به على ما قال، فانكب الرجل على وجهه فلم يزل يضطرب حتى مات ([170]).

* * *

 أتى محمولاً ورجع معافى

أتى حبيب العجمي برجل زمن (أي لا يستطيع المشي) وكان الرجل محمولاً بمحمل، فدعا له فقام الرجل على رجليه فحمل محمله على عاتقه ورجع إلى عياله ([171]).

* * *

 دعا لكافر فأسلم

قال الحاكم: حدثنا الحافظ أبو علي النيسابوري، عن شيوخه أن ابن المبارك نزل مرة برأس سكة عيسى، وكان الحسن بن عيسى يركب فيجتاز به وهو في المجلس، وكان من أحسن الشباب وجهًا، فسأل ابن المبارك عنه فقيل: هو نصراني فقال: اللهم ارزقه الإسلام فاستجيب له ([172]).

* * *

 استجار بالله فأجاره

اختفى سفيان الثوري؛ خوفًا من أبي جعفر المنصور، وخرج أبو جعفر يريد الحرم المكي وسفيان داخل الحرم، فقام سفيان وأخذ بأستار الكعبة ودعا الله – عز وجل – بأن لا يدخل أبا جعفر بيته فمات أبو جعفر عند بئر ميمون قبل دخول مكة. وصدق الأول يوم قال:

وإني لأغضي مقلتي على القذى

وألبس ثوب الصبر أبيض أبلجا

وإني لأدعو الله والأمر ضيق

علي فما ينفك أن ينفرجا

وكم من فتى سدت عليه وجوه

أصاب لها في دعوة الله مخرجا

* * *

 ما تفرقوا حتى خرج من السجن

كان عطاء السليمي لا يكاد يدعو، إنما يدعو لبعض أصحابه ويؤمن، قال: فحبس بعض أصحابه فقيل له ألك حاجةٌ؟ قال: دعوة من عطاء أن يفرج عني. قال صالح: فانتبه فقلت: يا أبا محمد، أما تحب أن يفرج الله عنك؟ قال: بلى والله، إني لأحب ذاك قلت: فإن جليسك فلان قد حبس فادع الله أن يفرج عنه فرفع يديه وبكى، وقال: إلهي تعلم حاجتنا قبل أن نسألكها، فاقضها لنا قال صالح: فوالله ما برحنا من البيت حتى دخل الرجل ([173]).

* * *


 مريض يدعو ربه

قال أبو أحمد بن الناصح: سمعت محمد بن حامد بن السري وقلت له: لم لا تقول في محمد بن المثنى إذا ذكرته: الزمن كما يقول الشيوخ؟ فقال: لم أره زمنًا، رأيته يمشي فسألته فقال: كنت في ليلة شديدة البرد، فجثوت على يدي ورجلي، فتوضأت وصليت ركعتين، وسألت الله فقمت أمشي. قال: فرأيته يمشي ولم أره زمنًا حكاية صحيحة ([174]).

* * *

 جعل في فرن من نار وضرب بالمسامير

دعا الإمام أحمد – رحمه الله – على الوزير ابن الزيات، فسلط الله عليه من أخذه فجعله في فرن من نار، وضرب المسامير في رأسه.

* * *

 لا يريد القضاء

قال أبو بكر بن أبي داود: كان المستعين بالله، بعث إلى نصر بن علي يشخصه للقضاء، فدعاه عبد الملك أمير البصرة وأمره بذلك. فقال: ارجع، وأستخير الله – تعالى – فرجع إلى بيته نصف النهار فصلى ركعتين، وقال: اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني. فنام فأنبهوه فإذا هو ميت ([175]).

* * *

 أحيا الله له حماره

رجل من النخع كان له حمار فمات في الطريق فقال أصحابه: هلم نتوزع متاعك، فقال لي: أمهلوني هنيهة ثم توضأ فأحسن الوضوء، وصلى ركعتين، ودعا الله – تعالى – فأحيا له حماره فحمل عليه متاعه.

قال المحقق لكتاب شيخ الإسلام: اسم الرجل نباته بن يزيد، وقد أخرج قصته هذه ابن كثير، وفيها أنه توضأ وصلى ثم قال: اللهم إني جئت من الدفينة مجاهدًا في سبيلك وابتغاء مرضاتك وإني أشهد أنك تحي الموتى، وتبعث من في القبور لا تجعل لأحد علي منة فإني أطلب إليك أن تبعث حماري، ثم قام إلى الحمار، فقام الحمار ينفض أذنيه فأسرجه وألجمه، قال الشعبي: فأنا رأيت الحمار يباع في الكناسة يعني الكوفة ([176]).

* * *

 حجَّاج بيت الله الحرام ودعوتهم

عن المختار بن فلفل قال: خرجنا نريد الحجَّ، ومعنا ذر زمن الحجاج، فأتينا صاحب السالحين فقال: لسنا ندع أحدًا يخرج إلا بجوار، فقال لنا ذر: توضأوا وصلوا ثم ادعوا الله – عز وجل – أن يخلي سبيلكم. قال: فتوضأنا، وصلينا، ودعونا الله – عز وجل – ثم أتينا صاحب السالحين فقلنا: افتح لنا فكلم صاحبه الذي فوقه فقال: إن هؤلاء قوم يريدون الحج قال: فجلس وكان نائمًا فضرب بإحدى يديه على الأخرى وقال: والله لئن ظن الحجاج أني أحبس حاج بيت الله لبئس ما ظن خل سبيلهم قال: فخلى سبيلهم ولم يصنع ذلك بأحد قبلنا ولا بعدنا ([177]).

* * *

 يدعو الله بالشهادة

قال عبد الله بن أحمد الدحيمي: سمعت المرَّار يقول: اللهم، ارزقني الشهادة وأمر يده على حلقه. ثم ساق الذهبي – رحمه الله – قصة الفتنة التي وقعت بين المعتز والمستعين ثم قال: وأما المرار فأظهر مخالفتهم في التشيع، وكاشفهم فأوقعوا له به وقتلوه – رحمه الله ([178]).

* * *

 أسير الروم ودعاؤه

وقع أن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المحدث أسرته الروم في جماعة في البحر. وساروا به إلى قسطنطينية، فرفعوه إلى الطاغية، فبينما هم في حبسة إذ غشيهم عيدٌ، فأقبل عليهم فيه من الحار والبار (أي أنهم أطعموهم من عيدهم) ما يفوق المقدار. فدخلت امرأة نفيسة إلى الملك. فأخبرت بحسن صنيعه بالعرب (المأسورين وأنه أطعمهم) فمزقت ثيابها، نشرت شعرها، وسودت وجهها، وقالت: إن العرب قتلوا ابني وأخي وزوجي، وتفعل بهم الذي رأيت، فأغضبه ذلك وقال: علي بهم. فصاروا بين يديه مسمطين، فضرب السياف عنق واحدٍ واحد حتى قرب من عبد الرحمن فحرك شفتيه فقال: الله ... الله ربي لا أشرك به شيئًا. فقال الملك: قدموا شماسي العربي (أي عالمهم) ثم أطلقه ومن تبعه بعد سؤاله بماذا حرَّك شفتيه ([179]).

* * *

 البخاري ودعاؤه

قال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي يقول: جاء محمد – أي البخاري – رحمه الله – إلى أقربائه بمخرْتَنك، فسمعته يدعو ليلة إذا فرغ من ورده، اللهم، إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك. فما تم الشهر حتى مات ([180]).

* * *

 كذب على العالم فدعا عليه

حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: كنا عند مالك بن دينار ومعنا محمد بن واسع وحبيب أبو محمد، فجاء رجل فكلم مالكًا، فأغلظ له في قسمة قسمها، وقال: وضعتها في غير حقها. وتبعت بها أهل مجلسك ومن يغشاك؛ ليكثر غاشيك وتصرف إليك الوجوه قال: فبكى مالك، وقال: والله ما أردت هذا قال: بلى والله لقد أردته، فجعل مالك يبكي ثم قال: اللهم إن كان هذا قد شغلنا عن ذكرك فأرحنا منه كيف شئت.

قال: فسقط – والله – الرجل على وجهه ميتًا، فحُمل إلى أهله على سرير قال: ويقال: إن أبا إسحاق مجاب الدعوة ([181]).

* * *


 إجابة سريعة

 قال المحدث: أبو سهل القطان: كنت معه (أي الإمام الوزير المحدث، أبو الحسن، علي بن عيسى بن داود بن الجراح)([182])، لما نفي بمكة فدخلنا في حر شديد وقد كدنا نتلف، فطاف يومًا، وجاء فرمى بنفسه، وقال: اشتهي على الله شربة ماء مثلوج قال: فنشأت بعد ساعة سحابةٌ، ورعدت وجاء بردٌ كثيرٌ جمع منه الغلمان جرارًا، وكان الوزير صائمًا فلما كان الإفطار جئته بأقداح من أصناف الأسوقة، فأقبل يسقي المجاورين، ثم شرب وحمد الله، وقال: ليتني تمنيت المغفرة ([183]).

* * *

 الدعاء مستجاب

وقع في ذهن المنصور أن أبا ميسرة [أحمد بن نزار القيرواني، فقيه المغرب]([184])، لا يرى الخروج عليه، فأراد أن يوليه القضاء فقال: كيف يلي القضاء رجل أعمى، يبول تحته، فما علم أحد بضروة إلا يومئذ فقال: اللهم إنك تعلم أني انقطعت إليك وأنا شابٌ فلا تمكنهم مني؛ فما جاءت العصر إلا وهو من أهل الآخرة. فوجه إليه المنصور بكفن وطيب ([185]).

* * *

 ثلاث دعوات

كان عتبة الغلام ([186]) سأل ربه ثلاث خصال: صوتًا حسنًا ودمعًا غزيرًا، وطعامًا من غير تكلف. فكان إذا قرأ بكى وأبكى، ودموعه جارية دهره، وكان يأوي إلى منزله فيصيب فيه قوته ولا يدري من أين يأتيه ([187]).

* * *

 أطعت ربي فأعطاني

قال ابن أبي الدنيا – رحمه الله – حدثني الحسين بن عبد الرحمن، حدثني محمد بن سويد أن أهل المدينة قحطوا وكان فيها رجل صالح لازم لمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينا هم في دعائهم إذ أنا برجل عليه طمران خلقان، فصلى ركعتين أوجز فيهما ثم بسط يديه إلى الله فقال: «يا رب أقسمت عليك إلا أمطرت علينا الساعة» فلم يرد يديه ولم يقطع دعاءه حتى تغشت السماء بالغيم، وأمطروا حتى صاح أهل المدينة مخافة الغرق فقال: يا رب إن كنت تعلم أنهم قد اكتفوا فارفع عنهم فسكن وتبع الرجل صاحب المطر حتى عرف صومعته ثم بكر عليه فنادى: يا أهل البيت، فخرج الرجل فقال: قد أتيتك في حاجة قال:  وما هي؟ قال: تخصني بدعوة؟ قال: ما الذي بلغك ما رأيت؟ قال: ورأيتني؟ قلت: نعم. قال: أطعت الله فيما أمرني ونهاني، فأعطاني ([188]).

* * *

 يدعو الله بقبض بصره ثم يدعوه برده

قال عبد القاهر بن عبد العزيز الصائغ: سمعت أبا يعقوب الأذرعي يقول: سألت الله أن يقبض بصري، فعميت فتضررت في الطهارة، فسألت الله إعادة بصري، فأعاده تفضلاً منه.، قال محقق السير – في هذا مخالفة لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يسأل الله العفو والعافية ([189]).

* * *


 يدعو على فأرة

قال ثمام بن عمر الزينبي، وغيره سمعنا القواس يذكر أنه وجد في كتبه جزاءً من فضائل معاوية – رضي الله عنه – قد قرضته الفأرة، فدعا عليها، فسقطت فأرة من السقف، واضطربت حتى ماتت ([190]).

* * *

 يؤتى بماء حار في الشتاء

كان عامر بن قيس – رحمه الله – دعا الله – تعالى – أن يهون عليه الطهور في الشتاء فكان يؤتى بالماء له بخار.

* * *

 هذا قضاء الله

قال الحميدي: حدثنا علي بن أحمد الحافظ، أخبرني أبو الوليد بن الفرضي قال: تعلقت بأستار الكعبة، وسألت الله – تعالى – الشهادة، ثم فكرت في هول القتل، فندمت وهممت أن أرجع فأستقيل الله ذلك، فاستحييت. قال الحافظ علي: فأخبرني من رآه بين القتلى، ودنا منه فسمعه يقول بصوت ضعيف: لا يكلم أحد في سبيل الله – والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا، اللون لون الدم، والريح ريح المسك ([191])، كأنه يعيد على نفسه الحديث ثم قضى على إثر ذلك – رحمه الله -([192]).

* * *

 الزيارة والكرامة من الله - تعالى -

كان السقطي يدعو الله أن يرزقه المجاورة أربع سنين (يعني المجاورة في الحرم)([193]) فرأى من يقول له: يا أبا القاسم طلبت أربع سنين وقد أعطيناك أربعين، إن الحسنة بعشر أمثالها، قال: فمات لسنته([194]).

* * *

 دعاء التونسي

قيل: إن محرزًا التونسي أتى بابنة ابن أبي زيد وهي زمنة فدعا لها فقامت، فعجبوا وسبحوا الله فقال: والله ما قلت إلا «...([195]) اكشف ما بها، فشفاها الله»([196]).

* * *

 دعاء حبيب العجمي

كان رجلٌ يعبث بـ حبيب العجمي كثيرًا، فدعا عليه فبرص، وكان مرة عند ملك بن دينار، فجاءه رجلٌ فأغلظ لمالك من أجل دراهم قسمها مالك فلما طال ذلك من أمره فرفع حبيب يديه إلى السماء فقال: اللهم إن هذا قد شغلنا عن ذكرنا فأرحنا منه كيف شئت، فسقط الرجل على وجهه ميتًا ([197]).

* * *

 عجوزٌ تدعو على وزير

وذكر التنوخي: أن أحد الوزراء في بغداد وقد سماه اعتدى على امرأة عجوز هناك، فسلبها حقوقها وصادر أملاكها، فذهبت إليه تبكي تشتكي من ظلمه، فما ارتدع وما تاب وما أناب قالت: لأدعون الله عليك، فأخذ يضحك منها باستهزاء، وقال عليك بالثلث الأخير من الليل يستهزئ بها فذهبت وداومت على الثلث الأخير من الليل كما وصف لها هو، فما هو إلا وقت قصير إذ عُزل هذا الوزير وسلبت أمواله، وأخذ عقاره ثم أقيم في السوق يجلد؛ تعزيرًا له على أفعاله فخرجت له العجوز فقالت له: أحسنت، لقد وصفت لي الثلث الأخير من الليل فوجدته أحسن ما يكون.

* * *

 إن الله هو الرزاق

قال أبو القاسم بردان الهاوندي: سمعت الجنيد يقول: جئت إلى أبي الحسن السندي يومًا فدققت عليه الباب، فقال: من هذا؟ فقلت: الجنيد. فقال: أدخل فدخلت فإذا هو قاعد مستوفز، وكان معي أربعة دراهم فدفعتها إليه، فقال لي: أبشر إنك تفلح، فإني احتجت إلى هذه الأربعة الدراهم، فقلت: اللهم ابعثها إلي على يدي رجل يفلح عندك ([198]).

* * *

 تكلم بالحق فأنجاه الله

دخل الحسن البصري – رحمه الله – على الحجاج بن يوسف بواسط، فلما رأى جبروته قال: الحمد لله أن هؤلاء الملوك ليرون في أنفسهم عبرًا وإنا لنرى فيهم عبرًا، يعمد بعضهم إلى قصر فيشيده. وإلى فرش فيتخذه، وقد خف به ذباب الطمع وفراش نار ثم يقول: ألا فانظروا ما صنعت (فقد رأينا يا عدو الله ما صنعت) فماذا يا أفسق الفسقة ويا أفجر الفجرة، أما أهل السماء فلعنوك، وأما أهل الأرض فمقتوك. ثم خرج وهو يقول: إنما أخذ الميثاق على العلماء ليبينه للناس ولا يكتمونه. فاغتاظ الحجاج غيظًا شديدًا، ثم قال: يا أهل الشام، هذا عبيد أهل البصرة يشتمني في وجهي فلا ينكر عليه أحدٌ، علي به والله لأقتلنه، فأُحضر، وكان الحسن يحرك شفتيه بدعاء، فلما دخل على الحجاج رأى السيف والنطع بين يديه، فلما وقعت عليه عين الحجاج سبه.

ولكن الحسن وعظه وظل مستمرًا في الدعاء حتى أمر الحجاج برفع السيف ثم أمر بالوضوء فتوضأ وبالعطر فرش ثم صرفه مُكرمًا، قال الحسن: فكفاني الله شره بمنه وكرمه ([199]).

* * *

 موافقة واستجابة

قال سهل بن بشر: حدثنا سليم (ابن أيوب الشافعي) أنه كان في صغره بالري، وله نحو من عشر سنين فحضر بعض الشيوخ، وهو يلقن قال: فقال لي: تقدم فاقرأ، فجهدت أن أقرأ الفاتحة، فلم أقدر على ذلك لانفلات لساني، فقال: لك والدة؟ قلت: نعم، قال: قل لها تدعو لك أن يرزقك الله قراءة القرآن والعلم، قلت نعم، فرجعت فسألتها الدعاء فدعت لي، ثم إني كبرت ودخلت بغداد، وقرأت بها العربية والفقه، ثم عدت إلى الري فبينما أنا في الجامع أقابل (مختصر) المزني وإذا الشيخ قد حضر، وسلم علينا وهو لا يعرفني، فسمع مقابلتنا وهو لا يعلم ماذا نقول ثم قال: متى يتعلم مثل هذا؟ فأردت أن أقول: إذا كانت لك والدة فقل لها تدعو لك. فاستحيت ([200]).

سليم بن أيوب روى الذهبي في السير: أنه يحاسب نفسه في الأنفاس لا يدع وقتًا يمضي بغير فائدة إما يسبح أو يدرس أو يقرأ.

* * *

 وهو الذي يطعمني ويسقيني

جاع صلة بن أشيم – رحمه الله – مرة بالأهواز فدعا الله – عز وجل – واستطعمه فوقعت خلفه دوخلة ([201]) رطب في ثوب حرير فأكل التمر وبقي الثوب عنده زمانًا ([202]).

* * *

 دعاء في وسط الجب

قال الحسن بن هشام الثقفي: أخبرت أن رجلاً أخذ أسيرًا، فألقي في جب ووضع على رأس الجب صخرة فكتب فيها «سبحان الملك الحق القدوس سبحان الله وبحمده، فأخرج من الجب من غير أن يكون أخرجه إنسان»([203]).

* * *

 شرب من زمزم ودعا الله

قال الحافظ ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمد يحكي عن ابن خيرون أو غيره: أن الخطيب ذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله ثلاث حاجات، أن يحدث بتاريخ بغداد بها، وأن يملي الحديث بجامع المنصور، وأن يدفن عند بشر الحافي، فقضيت له الثلاث ([204]).

* * *

 يدعو على مجهول

في ترجمة يوسف الفندلاوي ... فرماهم واحدٌ بحجر فلم يعرف فقال الفندلاوي : اللهم اقطع يده؛ فما مضى إلا يسير حتى أخذ خضير من حلقة الحنابلة؛ ووجد في صندوقه مفاتيح كثيرة للسرقة، فأمر شمس الملوك بقطع يديه فمات من قطعهما ([205]).

* * *

 دعاء للمرأة ففرج الله عنها

كانت امرأة قد أصابها الماء الأصفر في بطنها فعظمت بليتها فأتت مالكًا فقالت: يا أبا يحيى ادع الله لي فقال لها: إذا كنت في المجلس تقدمي ... الخ، فلما أتت قال لأصحابه: إن هذه المرأة قد ابتليت بما قد ترون، وقد فزعت إلينا، فادعو الله لها فرفع القوم أيديهم فقال: «يا ذا المن القديم، يا عظيم، لا إله إلا أنت، عافها، وفرج عنها» فانخمص بطنها وعوفيت وكانت تكون مع النساء وتحدثهن ([206]).

* * *

 عجز عنه الأطباء فدعا الله – تعالى -

قال أبو نعيم: سمعت محمد بن الحسن بن موسى يقول: سمعت جرير يقول: بلغني أن يعقوب بن الليث اعتقل بطنه في بعض كور الأهواز، فجمع الأطباء فلم يغنوا عنه شيئًا، فذكر له سهل بن عبد الله فأمر بإحضاره في العماريات فأحضر، فلما دخل عليه قعد على رأسه وقال: اللهم أريته ذل المعصية، فأره عز الطاعة، ففرج عنه من ساعته ([207]) (بتصرف).

* * *

 أكلته الطير بدعائه

قال عبد الواحد بن زيد: خرجت في بعض غزواتي في البحر، ومعي غلام لي له فضل، فمات الغلام، فدفنته في جزيرة فنبذته الأرض ثلاث مرات في ثلاثة مواضع، فبينا نحن وقوف نتفكر ما صنع له إذا انقطعت النسور والعقيان فمزقوه حتى لم يبق منه شيءٌ فلما قدمنا البصرة أتيت أم الغلام فقلت لها: ما كانت حال ابنك؟ قالت: خيرًا كنت أسمعه يقول: اللهم احشرني من حواصل الطير([208]).

* * *

 دعاء الوزير – رحمه الله -

قال ابن الجوزي: كان الوزير (يعني الإمام العالم عون الدين يمين الخلافة أبا المظهر يحيى بن هبيرة – رحمه الله -) يتأسف على ما مضى، ويندم على ما دخل فيه، ولقد قال لي: كان عندنا بالقرية مسجد فيه نخلة تحمل ألف رطل، فحدثت نفسي أن أقيم في ذلك المسجد، وقلت لأخي فخر الدين: أقعد أنا وأنت وحاصلها يكفينا، ثم انظر إلى ما صرت (يعني أنه صار وزيرًا) ثم صار يسأل الله الشهادة، ويتعرض لأسبابها، في ليلة ثالث عشر، جمادى الأولى سنة ستين وخمسمائة استيقظ وقت السحر فقاء فحضر طبيبه ابن رشادة فسقاه شيئًا، فيقال إنه سمه فمات، وسقي الطبيب بعده بنصف سنة سمًا فكان يقول سقيت فسقيت فمات ([209]).

* * *

 مقرون بالإساءة فأغثنا

قال الأوزاعي: خرج الناس يسقون فقام فيهم بلال بن سعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر من حضر ألستم مقرين بالإساءة؟ فقالوا: اللهم نعم. فقال: اللهم إنك تقول: «ما على المحسنين من سبيل» وقد أقررنا بالإساءة فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا؟ اللهم فاغفر لنا، وارحمنا، واسقنا. فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا ([210]).

* * *


 يدعو بفتح بيت المقدس

قال الذهبي – رحمه الله – في السير: يقال إن الحافظ أبا القاسم يعني ابن عساكر – رحمه الله – حلف أنه لا يكلم ابنه حتى يكتب التاريخ فكتبه. ولما عمل بها الدين كتاب الجهاد سمعه منه كله السلطان صلاح الدين في سنة ست وسبعين قال: فدعوت الله في أوله وآخره بفتح بيت المقدس، فاستجاب الله ذلك، وله الحمد، وفتح بيت المقدس في السادس والعشرين من رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة وأنا حاضر فتحه ([211]).

* * *

 زواج مبارك

ذكر ابن رجب وغيره هذه القصة (أسوقها بتصرف):

كان رجل من العباد في مكة، وانقطعت نفقته، وجاع جوعًا شديدًا، وأشرف على الهلاك، وبينما هو يدور في أحد شوارع مكة رأى عقدًا ثمينًا فأخذه إلى الحرم، وإذا برجل ينشد عنه قال: فوصفه لي فأعطيته إياه ... ولم آخذ منه شيئًا مقابلاً وقلت: اللهم إني تركت هذا لك فعوضني خيرًا، ثم ركب البحر فذهبت به الريح حتى تصدعت السفينة، وركب على خشبة حتى ألقته إلى جزيرة، ووجدت بها مسجدًا فجلست هناك وصليت مع أهل الجزيرة. ثم وجدت أوراقًا من المصحف فأخذت اقرأ. فقالوا: علم أبناءنا القرآن فعلمتهم بأجره، ثم كتبت خطا فقالوا: علمهم الخط ثم قالوا: إن هناك بنتًا يتيمة كانت لرجل منا فيه خير وقد توفي فهل لك في زواجها، فقلت له: لا بأس فتزوجتها، ودخلت بها، فرأيت ذلك العقد الذي رأيته بمكة بعينه في عنقها قلت: ما قصته فأخبرتني الخبر، وأنه ضاع في مكة ووجده رجل فسلمه إلى أبيها، وكان أبوها يدعو الله بأنه يلقى ذلك الرجل فيزوجه ابنته قال: فأنا ذلك الرجل.

* * *

 دعا عليه فبرص

قال إسرائيل بن يونس وكان جارًا لحبيب أبي محمد كان لنا جار يعبث بحبيب كثيرًا، فدعا حبيب عليه فبرص. قال إسماعيل. فأنا – والله – رأيته أبرص ([212]).

* * *

 الشيخ والغلام والأقرع

ولدت امرأة ٌ من جيران حبيب غلامًا جميلاً أقرع الرأس قال: فجاء به أبوه إلى حبيب بعدما كبر الغلام، وأتت عليه اثنا عشر سنة، فقال: يا أبا محمد ألا ترى إلى ابني هذا وإلى جماله، وقد بقي أقرع الرأس كما ترى؟ فادع الله له فجعل حبيب يبكي ويدعو للغلام ويمسح بالدموع رأسه، فلم يزل بعد ذلك الشعر ينبت حتى صار كأحسن الناس شعرًا قال مجاشع الراوي: قد رأيته أقرع ورأيته ذا شعر ([213]).

* * *

 دعاء المقدسي – رحمه الله -

قال الضياء: سمعت أبا محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار، سمعت الحافظ – يعني عبد الغني المقدسي عليه – رحمة الله – يقول: سألت الله أن يرزقني مثل حال الإمام أحمد، فقد رزقني صلاته، قال: ثم ابتلي بعد ذلك وأوذي – حيث حُبس ومنع من الحديث ([214]).

من قرأ سيرته في السير وغيرها وجد فيها شيئًا عجيبًا من عبادته وإنكاره للمنكر وما ابتلي به – رحمه الله -.

* * *

 ذهب الظمأ وهو صائم

خرج أبو قلابة (صائمًا) حاجًا فتقدم أصحابه في يوم صائف، فأصابه عطشٌ شديد فقال: اللهم إنك قادرٌ على أن تذهب عطشي من غير فطر، فأظلته سحابة فأمطرت عليه حتى بلت ثوبه، وذهب العطش، فنزل فحوض حياضًا. فملأها فانتهى إليه أصحابه فشربوا، وما أصاب أصحابه من ذلك المطر شيء ([215]).

* * *

 خرجت الحصاة من أذنه بدعائه

قال ابن أبي الدنيا – رحمه الله – حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا عمرو بن جرير عن عمر بن ثابت الخزرجي قال: دخلت في أذن رجل من أهل البصرة حصاة فعالجها الأطباء فلم يقدروا عليها حتى وصلت إلى صخامة فأسهرت ليله ونغصت عيش نهاره، فأتى رجلاً من أصحاب الحسن، فشكا ذلك إليه فقال: ويحك إن كان شيء ينفعك فدعوة العلاء بن الحضرمي التي دعا بها في البحر وفي المفازة قال: وما هي؟ قال: «يا علي يا عظيم، يا عليم يا حليم» قال: فدعا بها، فوالله ما برحنا حتى خرجت من أذنه ولها طنين حتى صكت الحائط وبرأ ([216]).

وقد رويت هذه القصة من أوجه أخرى ([217]).

* * *

 دعا بعشرة من الأولاد

قال ابن الجوزي: رحمه الله – فإني لما عرفت شرف النكاح وفضل الأولاد ختمت ختمة، وسألت الله – عز وجل – أن يرزقني عشرة أولاد فرزقني إياهم، فكانوا خمسة ذكور، وخمس إناث فمات من الإناث اثنتان، ومن الذكور أربعة ولم يبق لي من الذكور سوى ولدي أبي القاسم، فسألت الله – تعالى – أن يجعل فيه الخلف الصالح وأن يبلغني فيه المنى والمناجح ([218]).

* * *

 والد يدعو على ولده

قال فضيلة الشيخ سعد بن مسفر القحطاني – وفقه الله -: «يخبرني رجل من الناس بقصة حصلت له، قال: كان عندي ولدٌ بارٌ، وفي أحد الأيام أتى إلي ابني ونحن نريد أن ننام، فقال: يا أبت، أنا قد تعبت من المذاكرة، وأريد أن أخرج قليلاً وأعود للبيت بعد نصف ساعة، فقال الأب: يا ولدي، لا تخرج الله يهديك الناس نيامٌ وأنت قد لبست ثوب النوم، فقال الابن: سوف أخرج بثوب النوم وأعود فقال الأب: لا، فلم يراجعه الابن؛ لأنه بار طيبٌ، ثم ذهب ورأته أمه فقالت ماذا بك؟ قال: طلبت من أبي أن أخرج قليلاً، فأبى، فذهبت الأم إلى الأب وقالت: ولدنا طيب وفيه خير ... دعه يذهب ويرجع، ومع الضغوط وافق الأب وقال: دعيه يخرج الله لا يرده، يقول: قلت ذلك وأنا لست بصادق، وكأنها خرجت من فمي وباب السماء مفتوح، يقول: ذهب الولد ومضت ساعة وساعة ونصف، وساعتان ولم يأت الولد، أذن للفجر ولم يأت، فصار في قلبي مثل طعنة الرمح، وعرفت أنها الدعوة، يقول الأب: ثم صليت ورجعت إلى البيت ولم يأت ابني، فذهبت للشرطة فاتصلوا بالأجهزة، وقالوا هناك حوادث ووفيات، اذهب للمستشفى، فذهبت وفتحوا الثلاجة، وإذا ابني آخر واحد قد مات بعد حادث، وهو بثوب نومه، فأخرجناه وصلينا عليه، ودفناه، وعرفت عندها أنني أنا السبب دعوت فاستجيبت دعوتي!!»([219]).

* * *

 دعاء الخياط الهندي

قال لي خياط هندي مسلم: إن فلانًا استلف منه مالاً وبعد أن أتى موعد السداد لم يأت، ثم واعده مواعيد كثيرة ولكنه لم يف بذلك، فدعا عليه. وإذا بسيارته تصدم بحادث، فخسر خسارة كبيرة.

* * *

 ثلث ساعة سال العرق ووجف القلب فجاء الفرج من الله – تعالى -

قال الشيخ عائض القرني وفقه الله في كتابه (لا تحزن) هذه القصة بتصرف: سافرت من الرياض إلى مدينة الدمام، فوصلت ما يقارب الساعة الثانية عشرة ظهرًا، ونزلت من المطار وأنا أريد صديقًا لي، ولكنه في عمله ولا يخرج إلا متأخرًا فذهبت إلى فندق... واستأجرت غرفة في الدور الرابع، وأتيت لأتوضأ وأغلقت علي غرفة الوضوء فلما انتهيت من الوضوء أتيت لأفتح الباب فإذا هو مغلق لا يفتح، وحاولت أن أفتحه بكل وسيلة ولكن ما انفتح، أصبحت في ذلك المكان فلا نافذة ولا هاتف ولا جار ولا شيء فتذكرت رب العزة – سبحانه – وقفت مكاني ثلث ساعة لكنها كأنها ثلاثة أيام ثلث ساعة سال العرق، ورجف القلب، واهتز الجسم، لقضايا منها أنه في مكان غريب عجيب ومنها: أن الأمر مفاجئ، ومنها أنه ليس هناك اتصال فيخبر صديقًا أو قريبًا ثم إن المكان ليس لائقًا وأتت العبر والذكريات وماجت الأحداث في ثلث ساعة.

قد يضيق العمر إلا ساعة

وتضيق الأرض إلا موضعًا

وفي الأخير فكرت أن أهز الباب هزًا، وبالفعل بدأت بهز الباب بجسم ناحل ضعيف، فاكتشفت أن قطعة الحديد تفتح رويدًا رويدًا كعقرب الساعة، فأهز الباب وإذا تعبت وقفت ثم أواصل فإذا تعبت وقفت، وفي النهاية فتح الباب. وكأني خرجت من قبري وعدت إلى غرفتي – وحمدت الله على ما حدث. والحمد لله الذي استجاب الدعاء.

* * *

 دعاء أهل البادية

ذكر الشيخ عائض القرني – حفظه الله – في كتابه (لا تحزن) هذه القصة أسوقها بتصرف يسير: روي عن رجل من الفضلاء أنه كان بأهله في الصحراء في البادية، وكان رجلاً عابدًا قال: انقطعت المياه المجاورة لنا وذهبت لألتمس ماء لأهلي، فوجدت أن الغدير قد جف فعدت إليهم، ثم التمسنا الماء يمنة ويسرة فلم نجد، ولو قطرة، وأدركنا الظمأ واحتاج أطفالي للماء، فتذكرت رب العزة – سبحانه – القريب المجيب، فقمت، وتيممت، واستقبلت القبلة وصليت ركعتين، ثم رفعت يدي وبكيت وسألت الله – عز وجل – بإلحاح وتذكرت قوله: }أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ{ [النمل: 62]. ووالله ما هو إلا أن قمت من مقامي وليس في السماء من سحاب ولا غيم، وإذ بسحابة قد توسطت وكأني ومنزلي في الصحراء واحتكمت على المكان ثم أنزلت ماءها فامتلأت الغدران من حولنا وعن يميننا وعن يسارنا، فشربنا واغتسلنا وتوضأنا، وحمدنا الله – عز وجل – ثم ارتحلت قليلاً خلف هذا المكان فإذا الجدب والقحط فعلمت أن الله – تعالى – ساقها لي بدعائي فحمدت الله – عز وجل -.

* * *

 الضابط والمسجون

في إحدى السجون بإحدى الدول طلب ضابط أحد المساجين لغرفة مدير السجن، فأخذ الرجل المسجون يدعو الله – تعالى – ويقرأ ورده حتى دخل على الغرفة وما زال يذكر الله – تعالى -.

وعندما رآه الضابط قال: يا شيخ فلان لا تدعو علي فأنا لست السبب في مجيئك للسجن. وسأله بعض الأسئلة فأجاب عنها الضابط نفسه إجابة كانت في مصلحة هذا المسجون. وبعد فترة خرج من السجن بعدما كان في حكم المفقودين بسبب ديون لم يكن هو سببها. أما من كان سببًا في دخول السجن فقد سجن بسبب جرائم كثيرة ([220]).

* * *

 دعا فتوقف المطر

قال الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني – حفظه الله -: (كنت في زيارة دولة بنجلاديش، قبل سنوات للمشاركة في مؤتمر تفسير القرآن، ولما جئنا للمكان كان الحضور خمسمائة ألف نسمة، وقد اجتمعوا في ميدان جامعة هناك، وبينما نحن وقوف إذا السماء ترعد والسحاب والمطر (فإذا جاء المطر كيف يجلس هؤلاء الناس) فقلت: ما رأيكم؟ فقالوا: فيه الشيخ فلان نجعله يدعو الله، فجاء الشيخ فقالوا: هذا الرجل لا يأكل إلا حلالاً، فرفع يديه إلى السماء فدعا – الله – تعالى – فجلسنا قليلاً فإذا بالمطر ينتهي، وتستمر المحاضرة خمس ساعات للمحاضرين الخمسة، فلما انتهينا من المحاضرة والعشاء جاء المطر)([221]).

* * *

 دعاء العامل الكهربائي

 كان الرجل له أولاد كلهم (إناث) فله حوالي سبع بنات، واشتغل عنده يومًا من الأيام (عامل كهربائي) في بيته. وكان يعرف عدد بناته، فدعا له بأن ييسر الله له مولودًا ذكرًا ثم ذهب العامل وبعد فترة ولد للرجل ذكرٌ، ففرح به. ولم يخبر الكهربائي ثم أيضًا سافر إلى بلده وعاد بعد فترة طويلة وذهب يشتغل عند ذلك الرجل. وإذا به يرى هذا الولد يحبو على الأرض، فرفع صوته بصاحب البيت وقال: هذا ولدك. قال: نعم. ثم إن الرجل أتاه بعدها أنثى بأمر الله – تعالى – كما قال: }يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ{ [الشورى: 49-50].

* * *

 الظالم والمظلوم

قال الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني – حفظه الله -: أحد الناس ظلم بشهادة زور على قطعة أرض هي له وملكه، وأراد رجل أن يأخذها؛ لأنها أمام بيته، يريدها موقفًا للسيارات، فذهب وحوطها فعلم صاحبها وجاء إليه، وقال: (إن هذه الأرض أرضي) قال: ليست لك، فاشتكى صاحب الأرض إلى المحكمة وأتى بالظالم فقال له القاضي: هل الأرض لك، قال نعم. وعندي بينة، فذهب وأتى ببينة كاذبة، ذهب إلى أحد كبار السن وقال لهم في شأن أن يشهدوا معه، وعلمهم حدود الأرض، وهو في الليل، وأغراهم بأموال وأن يشهد معهم إذا أرادوا، فحضروا إلى المحكمة (الظالم والشاهدان – وصاحب الأرض المظلوم) ثم أدلى الشاهدان بالشهادة أن الأرض المحدودة من الشمال كذا ومن الشرق وكذا ومن الغرب كذا من الجنوب كذا هي ملك لفلان – أي الظالم – أبًا عن جد لا ينازعه فيها منازع، ولا يشاركه فيها مشارك، والله على ما نقول شهيد.

فسأل القاضي المظلوم: يبدوا أنه ليس عنده شهود بأن الأرض له – وقال له: هل عندك جرح بهؤلاء الشهود؟ فقال المظلوم: لا ولكن أقول كلمة وهي والله إني أعلم أنه يعلم – أي الظالم والشهود – أنهم كذابين، وأن الأرض لي، ولكن أرادوا أخذها غصبًا ولكني أحولهم على رب العالمين، ثم قال له القاضي: هل عندك اعتراض على الصك فقال: لا، ليس عندي أي اعتراض على الصك، ثم نزل المظلوم وتوضأ، ودخل المسجد، وفزع إلى الصلاة، ودعا الله – عز وجل-؛ لأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجابٌ – وقال في دعائه: «اللهم إنك تعلم أن فلانًا ظلمني، وأخذ الأرض وهي أرضي، وشهد اثنان ظلمًا وزورًا وأنه سوف يبني فيها وأنا أنظر ...فإنه سوف يضيق صدري بذلك، اللهم إني أسألك أن تنصرني هذا اليوم، ثم ذهب إلى البيت، ودخل على زوجته مكسور الفؤاد، ثم نام قليلاً، وأما الظالم والشهود فإنهم خرجوا من المحكمة ومعهم الصك، وقد وعدهم بالغداء وأعطاهم مالاً على شهادتهم له، وركبوا السيارة وفي إحدى المنعطفات في القرية ... مع فرحتهم بأخذ الأرض ظلمًا وعدوانًا إذا بالسيارة تتقلب بسبب سرعتها مع المنعطف أكثر من مرة. ومات الرجل الظالم، ومعه الشاهدان والله ما أمسوا تلك الليلة إلا في قبورهم، وفي الصباح أخذت زوجة الظالم الصك وذهبت به إلى القاضي وردته إليه، وتبرأت من الأرض وردها القاضي إلى صاحبها»([222]).

* * *

 دعاء أم على ابنها

في عام 1422هـ كنت في الحرم المكي الشريف ووجه سؤال إلى الشيخ ما معناه: أنه أراد الزواج فحصل خلاف بينه وبين والدته فدعت الله عليه بأنه لا يسعد في زواجه. قال السائل: فمنذ الزواج لم أسعد في زوجي، ثم إنني أرضيت والدتي، فرضيت، ولكني لم أسعد أيضًا. فرد الشيخ ما معناه: أن رضا أمك بعد دعائها لا يرد الدعوة الأولى ... إلخ.

* * *

 انتظروا الموت فجاء الفرج

قال الشيخ عائض القرني في كتابه (لا تحزن) عن رحلتهم في الطائرة، فقال: لما أصبحنا في الجو أخبرنا الطيار أننا سوف نعود إلى نفس المطار الذي ارتحلنا منه لخلل في الطائرة، فرجعنا وأصلحوا العطل، ثم ركبنا إلى المدينة الأخرى فلما اقتربنا منها أبت العجلات أن تنزل فأخذ يدور على تلك المدينة ساعة كاملة، ويحاول أكثر من عشر مرات فلا يستطيع، وأصابنا الهلع، وأصاب الكثير الانهيار وكثر بكاء النساء ورأيت الدموع تسيل على الخدود، وأصبحنا بين السماء والأرض ننتظر الموت، وارتحل القلب إلى الله – عز وجل – وأخذنا نذكر الله – تعالى – ونكرر «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير» في هتاف صادق، وقام شيخ كبير مسن يهتف بالناس أن يلجئوا إلى الله – تعالى – وأن يدعوه وأن يستغفروه وأن ينيبوا له. ودعونا الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ألححنا في الدعاء وما هو إلا وقت، ونعود للمرة الحادية عشرة والثانية عشرة فنهبط بسلام، فلما نزلنا كأنا خرجنا من القبور، وعادت النفس إلى ما كانت وظهرت البسمات فيا لطف الله – سبحانه وتعالى -.

كم نطلب الله في ضر يحل بنا

فإن تولت بلايانا نسيناه

ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا

فإن رجعنا إلى الشاطئ نسيناه

ونركب الجو في أمن وفي دعة

وما سقطنا لأن الحافظ الله

* * *

 لقد استجيبت دعوتك

قريبة لي كانت تدعو ربها – تبارك وتعالى – أن يجعل وفاتها في أحد البلدين المباركين مكة المكرمة أو المدينة النبوية، ومضت الأعوام والأيام، وإذا بها تذهب لزيارة أقاربها في مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتمكث هناك ما شاء الله، ثم توفيت هناك ودفنت في مقبرة البقيع بجوار مسجد نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.

* * *

 اتجه إلى الله فيسر أمره

ذكر أن بعض الناس ذهب لبعض الأعمال، فأغلقت دونه الأبواب، وسدت السبل، وبارت الحيل، ثم قيل له. عليك بالثلث الأخير من الليل قال: فوالله، لقد تركت الذهاب إلى الناس وأخذت أدوام على الثلث الأخير وأدعو ربي – عز وجل – فما هو إلا بعد أيام حتى تقدم لذلك العمل في ظروف صعبة فيسره الله – تعالى -.

* * *

 قصة العشرين ألفًا

في عام 1422هـ أخذ شاب سيارة قريبة فاصطدم بسيارة نفيسة، ولم يسمح لهم بل طالبهم بدفع كامل الثمن وتواعد بعد أيام مع صاحب السيارة وكان صاحب السيارة فيه دين فاجتمعا وطلب صاحب السيارة السماح وكان قد دعا الله – تعالى – كثيرًا ليلة ذهابه، لأنه لا يملك كثيرًا من الدنيا. وبعد سؤال له مبالغ التكاليف قال: إنها بحوالي عشرين ألف ريال. وأتى معه باستبانات تبين مقدار التكلفة. ثم بعد محاولات سمح عن المبلغ كاملاً وتنازل عنه. وبعد سؤالي لصاحب السيارة ماذا حصل؟ قال لي: إنه تنازل عن المبلغ وكنت دعوت الله – تعالى – في الليل بأن ييسر الأمر والحمد لله.

* * *

 صنعت معروفًا يا أمير الرياض

نشرت مجلة المجتمع العدد [1376] بعنوان: من عجائب الدعاء، وسأذكرها باختصار يسير:

(في طريق العودة من الحج تعطلت سيارة شابين كويتيين في مدينة الرياض، واكتشفا أن الماكينة قد صار بها عطل جسيم، ويحتاج تصليحها لمبلغ كبير، فجلسا على الرصيف وقت الظهيرة يفكران في مصيبتهما، وهما لا يملكان من المال إلا اليسير وبينما هما يتناوبان الهم في لحظات صمت إذ توجه أحدهما بالدعاء، تمتم خلالها بكلمات زهيدة المبنى عظيمة المعنى «يا من دعوناك بالسراء، نحن ندعوك بالضراء اللهم أكفناه بما شئت كيف شئت ... اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين».

وما هي إلا لحظات حتى توقفت عندهما سيارة فخمة، ترجل صاحبها، وبادرهما بالسلام ثم سأل عن حالهما، وسبب جلوسهما على قارعة الطريق في مثل هذا الوقت من الظهيرة، فعرضا عليه المشكلة فقال لهما: إن أمير مدينة الرياض لاحظ أثناء مروره بالطريق السيارة وجلوسكما قربها، وقد أوصاني أن أسعى في حاجتكما، فهلما معي.

يقول أحدهما: فانطلقنا إلى قصر بهيج، ووجدنا المائدة، وبعد الغداء سألنا الرجل عن حاجتنا، فذكرنا له مشكلة السيارة، فاعتذر صاحبنا بلطف؛ لأن اليوم يوم الجمعة والمحلات مغلقة، وبعد إلحاح وافق على المحاولة، وفعلاً وجدنا في المنطقة الصناعية وسط دهشة المرافق لهذا التيسير من الله – سبحانه وتعالى – وأصلحنا السيارة على حساب الأمير، ثم شكرناه على هذا الكرم، ثم واصلنا طريق العودة ولسان حالنا يلهج بذكر الله – تعالى – والثناء عليه أولاً وآخرًا ورددنا سويًا قوله تعالى }ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ{ [غافر: 6] شرط بشرط.

* * *

 الرجل الصالح

أعرض هذا القصة بتصرف ([223]): كانت هناك مدرسة في إحدى القرى وفيها مدرسون منهم رجل معرض عن الله – تعالى – فلا يصلي ولا يأتي بأمور الدين. وعين فيها مدرس فيه خير وصلاح قال: لما ذهبت إلى تلك المدرسة وفي الاستراحة بين الدروس رأيت المدرسين مجتمعين وحدهم وهناك مدرس آخر في غرفة وحده فسألتهم قالوا: إنه لا يصلي فنحن لا نريده، ولا نجلس معه، قال: فذهبت وجلست معه فأبعد عني فلما كانت الاستراحة الثانية فعلت مثلها، فأنس بي قليلاً ثم قلت له: إنني أتيت إلى هذه القرية وليس معي أحد من أهلي وأريد أن أسكن معك؛ لأنك وحدك أيضًا. فساءه ذلك وقال: أنا ليس في خير، فقلت أسكن معك بضعة أيام وإذا وجدت محلاً خرجت عنك، فوافق على ذلك، فكنت أخدمه فأغسل ملابسه وأصنع الطعام وأنظف البيت، وأنا على ذلك لا أذكر له شيئًا من تقصيره في الصلاة، فقلت له يومًا: أريد أن أذهب واستأجر بيتًا فنهاني، نظرًا لخدمتي له، وفي يوم من الأيام كنا جالسين نشرب الشاي بعد الغداء إذ أذن المؤذن لصلاة العصر فوضعت ما في يدي وقمت فلما رآني قال لي: ألا تتعب من الذهاب إلى المسجد كل يوم خمس مرات، قلت له: لا بل أجد الراحة والطمأنينة فهل لك أن تجرب ذلك، فقال: نعم، فذهبنا إلى المسجد دون أن يتوضأ فلما دخلنا المسجد صلينا ركعتي المسجد، فقمت خلفه، ورفعت يدي إلى السماء وقلت: يا رب قد فعلت معه كل شيء حتى أدخلته عليك فأعده يا رب، فلما قضينا الصلاة قلت له كيف وجدت قلبك قال: راحة لم أجد مثلها: فقلت له إذن هناك صلاة المغرب، وأرجوا أن تغتسل وتتوضأ، فوافق على ذلك، ثم هداه الله – تعالى – فالتزم بأوامر الدين جميعًا وصرنا أصدقاء. فقلت للمدرسين: معاملتكم ليست حسنة انظروا كيف هداه الله – تعالى – بالأخلاق والرفق. ثم انتدب للعمل خارج المملكة فذهب هناك وأسلم على يديه الكثير. والحمد لله رب العالمين.

* * *

 تأخر اختباره بالمادة

حدثني أحد الأصدقاء قائلاً: كان عندنا في يوم من الأيام اختبار لأحد المواد، وكنت حينئذ لم أراجع المادة جيدًا، فدعوت الله أن لا يحضر المدرس هذا اليوم، ولما أتى موعد الاختبار لم يحضر المدرس، وأتى الغد فواعدنا للاختبار يومًا آخر، فدعوت الله أن لا يحضر فلم يحضر ذلك اليوم، ثم واعدنا واختبرنا بعدها.

* * *

 يدعو لذريته الضعفاء

روى لي أحد كبار السن هذه القصة، ومعناها أنه كان رجلاً صاحب عائلة، فضاقت به الدنيا؛ لأنه لم يجد شيئًا يطعمه أولاده، وكان عنده مزرعة صغيرة ولكنها سنة قحط وجدب، فذهب إلى رجل؛ ليستدين منه، فأبى عليه فبكى الرجل الفقير – ولما خرج من عنده تذكر ربه – سبحانه – وهو في الطريق رفع يديه إلى السماء، وسأل الله – تعالى – أن ينزل عليه الغيث قال: فوالله، ما هو إلا قليل حتى نشأت سحابة في السماء فانتشرت رويدًا رويدًا، حتى ملأت ما فوق مزرعتي ثم ظهر البرق يتلوه الرعد، وبعدها انهمرت السماء بماء كثير حتى رويت مزرعتي، ففرحت جذلاً من نعمة الله – تعالى – علي ثم أقلعت السماء فذهبت لأنظر ما هو حد المطر وإذا لم يتجاوز مزرعتي ... إلخ.

* * *

 إقلاع عن التدخين

قال أحد أقربائي قصة مؤداها: ذكر له أن رجلاً يشرب الدخان، في أحد الأيام أدخل يده ليخرج علبة الدخان كعادته فلم يجد فيها سوى واحدة، فرفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم اجعلها آخر مرة أشرب الدخان.

قال: فوالله، ما شرب بعدها وجعل الله في قلبه كرهًا للتدخين.

* * *

 دعا عليه فانكسرت يده

ذكر لـي أعز أصحابي عن قصة حصلت لوالده (وسمعت طرفًا منها من والده أيضًا) قال: إنه أخطأ رجل على والده في حادث فأثر بوالده قليلاً. والرجل المخطئ بدأ يلقي باللوم على والد صديقي. ومن ثم أراد أن يجعل الخطأ عليه وأنه المفترض أن يحتمل المسؤولية كاملة. فدعا عليه فأصيب في جسمه بعد فترة بكسور، وحصل له بعض ما يكره.

* * *

 الشكر لله

قال رجل: لما كانت الساعة تقترب من الواحدة ليلاً في أحد الأيام أحسست بألم شديد في بطني، فلم أستطع أن أفعل شيئًا، وخرجت إلى فناء البيت، ثم عدت إلى الغرفة وأنا في أمر شديد لا يعلمه إلا ربي تعالى، ثم قلت في نفسي لماذا لا أدعو الله – تعالى -؟ فتوضأت ثم صليت ركعتين. وفي السجود الأخير دعوت الله – تعالى – أن يشفيني يقول وأنا أدعو ربي أحسست كأن شيئًا ذهب عني، ثم شفيت قبل أن أرفع رأسي من السجود، فشكرت ربي على تفضله؛ فهو أهل الفضل والإحسان.

* * *

 خرج المدرس

حدثني أحد الزملاء قائلاً: كنت وما زلت لا أحب مادة النحو، وقد كان في يوم من أيام الدراسة يأتينا مدرس فاضل، وكان يسأل الطلاب بالترتيب وترتيبي ليس في الأول، فبدأ يسأل الطلاب واحدًا واحدًا فما زلت أدعو ربي بأن يجعله لا يسألني، ولا يأتيني الترتيب، فلما كان قبل مناداة اسمي باثنين من الطلاب، وإذا بالمدرس يخرج، والحمد لله على كل حال.

* * *

 الأم الحنون

في بداية عام 1422هـ أرادت امرأة أن تسجل ابنتيها في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم. فقبلت إحدى البنتين ورفضت الأخرى. وبعد محاولات كثيرة لم تنجح. فوقعت الأم في حيرة؛ لأنه لا بد من دخولهما جميعًا، وفي الليل دعت الأم الرؤوم الله – تعالى – بأن ييسر لها قبول ابنتها، وفي الصباح اتصلت بها مديرة المدرسة تخبرها بقبول ابنتها برحمة من الله توفيق.

* * *

 نعمة من الله

أحد الناس في يوم من الأيام أصابه نوع من الكحة – السعال – قال: وتعبت معه تعبًا شديدًا، حتى إني لم أستطع أن أتكلم كثيرًا، فتوضأت وصليت ركعتين، وكان من دعائي في السجود، «يا من لا يمسه الضر ارحم من مسه الضر، يا من لا يمسه الضر اشف من مسه الضر» فلما ذهبت إلى مكان النوم وإذا هي بحمد الله تذهب عني والحمد لله رب العالمين.

* * *

 مسائل الدكتوراه

قال لي: رجل: إنه كان في إعداده لرسالة الدكتوراه كان يشتد عليه الأمر في بعض الأوقات، وتختلف عليه المسائل قال: فما هو إلا أن أتوضأ وأدعو ربي، فيفرج الله عني، ويفتح ذهني وعقلي لهذه المسائل.

* * *

 امرأة تدعو على زوجها

قال الزوج لامرأته: أعدي لي ثياب السفر، فلما أعدتها سافر الرجل، وعلمت المرأة أنه قد تزوج من أخرى، وسافر بها. فقامت تدعو عليه: اللهم اجعله يأتي محمولاً فلما كان في طريقه إلى المنطقة التي يسكن فيها حدث له حادث بسيارته، فاستأجر سيارة تحمله هو وسيارته.

* * *


 يدعو الله برد بصره ليرى الكعبة

كنت وبعض أقاربي في المسجد الحرام، في شهر رمضان، وبجانبنا شخص من أحد الدول تظهر عليه علامات الخير، وبينما نحن نتحدث قال لنا: إن هناك شخصًا الآن في المسجد، وكان دائمًا يتعبد فيه، وهو كبيرٌ في السن أعمى فكان يدعو الله دائمًا بأن يرد عليه بصره؛ لعله قال: ليرى الكعبة – البيت الحرام – فرد الله عليه بصره، وقال محدثنا: إن أدرتم الذهاب إليه معي فأتوا.

* * *

 دعاء في الطواف

سمعت عن امرأة من بعض أقربائي أنها بعد ما توفيت ابنتها الصغيرة في أشهرها الأولى فبعد فترة ذهبت إلى مكة وهي تطوف حول الكعبة قالت: يا رب أسألك أن لا يحول الحول حتى أحمل بمولود، فما حال الحول إلا وهي حامل ثم وضعتها أنثى.

* * *

 دعت ألا يتزوج زوجها

حدثني جدي – حفظه الله – قال: كان في قريتنا قديمًا رجل له امرأة صالحة، أمضت معه في الحياة الزوجية سنين عديدة، ثم أراد أن يتزوج من امرأة بالقرية المجاورة، ولما أتى يوم العقد أخذ المهر معه وهو عازم على الزواج بها، فلما ولى إلى تلك القرية في ذلك اليوم كانت الزوجة الأولى قد علمت بذلك فصعدت فوق السطح (وكانت الأبنية قصيرة آنذاك) وقالت اللهم اجعله ممنوعًا عنها، فلما دخل القرية أدار حماره ورجع إلى قريته ولم يتزوج بها.

* * *

 دعاء مضطر

قال رجلٌ: قاربت إقامتي في بريطانيا على الانتهاء، وأوشكت مدة التأشيرة على النفاد خلال أسابيع عدة، وكان لا بد من تجديد الإقامة في وزارة الداخلية والعملية سهلة إذا توفرت المستندات كاملة.

بدأت في إعداد المستندات وما يلزم لكنني انشغلت، وأنا أسوف حتى جاءتني رسالة من قسم الأجانب في مركز الشرطة بضرورة الإسراع في مراجعة المكتب وإلا تصبح إقامتي غير شرعية، وأخذت ما يلزم من أوراقي وأوراق عائلتي وضعتها في كيس بلاستيك صغير حتى لا يجذب انتباه اللصوص، وقبضت أصابعي عليها بحذر، فهذا الكيس يحتوي على أغلى ما يملكه الفلسطيني في بلاد الغربة، فذهبت لبعض الأشغال؛ لأن الوقت مبكر، وذهبت إلى مكتبي في جمعية الطلبة المسلمين ونزلت كالعادة من السيارة، وذكرت البسملة لكني تسمرت عن المدخل فهناك شيء غير عادي؛ وجدت الباب الداخلي مخلوعًا، وملقى على الأرض، فأدركت أن المبنى قد اقتحم من الليل من قبل اللصوص، فأخذوا معظم المحتويات، فجلست على الكرسي متهالكًا، وبعد قليل بحثت لعلي أجد الهاتف فقد يكون سرق، فوجدته واتصلت بالشركة التي جاءت للتحقيق الروتيني ثم بقيت مع إخواني الذي جاؤوا لنتعاون على إصلاح ما خرب.

وبعدها رجعت إلى البيت منهكًا لدرجة أنني نسيت موضوع الإقامة والجوازات تمامًا، ثم تذكرته في اليوم الثاني، وعزمت على الذهاب لتجديدها، فبحثت عن الكيس الذي فيه وثائقي ووثائق أولادي (لأنني لاجئ فلسطيني) بحثت عنه في السيارة والبيت، وسألت الأهل فلم أجده، فقلت: ممكن أنني نسيته في مكتبي في الجمعية وكانت المفاجأة أنني لم أجده أيضًا.

فبدأت الأوهام وأنه قد يكون سرق مني، هنا أو هنا، ثم فتشت جميع الغرف لم أجده نزلت إلى السيارة ففتشتها على طريقة حرس الحدود الصهاينة حيث كانوا يفتشون سيارات الفلسطيني على الحواجز، ولكن لم أجد الوثائق، وبدأت أدعو الله – تعالى – وأكرر الدعاء، ولم يبق أمامي سوى الاتصال على الشرطة لإبلاغهم عن فقدان الوثائق، وليكن ما يكون، طلبت منهم مهلة فأمهلوني أسبوعًا ... ثم أسبوعًا آخر ثم وصلت الرسالة التي كنت أتوقعها، وفيها الأمر الحازم بالحضور في يوم كذا في ساعة كذا، فأدركت بأن رحلة المتاعب قادمة لا محالة، إلا أن يتغمدني الله برحمته، وجاء اليوم الموعود كان موعد ذهابي للشرطة متأخرًا فقد ذهبت للمكتب في الجمعية لإنهاء المعاملات ثم لمح في خاطري لم لا أصلي وأدعو الله – تعالى – فلعل فيها الفرج وكان الوقت ضحى ولما سجدت دعوت الله – تعالى – من صميم قلبي أن يفرج كربتي، وأن يرشدني إلى ضالتي.

فقد انقطع العون إلا منه – سبحانه – ثم رفعت رأسي وجلست للتشهد وكانت جوارحي وقلبي مطمئنة وأتتني راحة فقدتها منذ زمن، ولما سلمت عن يميني ثم سلمت عن يساري وجدت ما لم يكن في الحسبان لقد رأيت الكيس وأنا بين مصدق ومكذب ولقد تسمرت على النظر إليه أسرعت إليه ... إنه هو ... ألقيت به جانبًا وذهبت إلى سجادة الصلاة، لأسجد شكرًا لله – تعالى – ولساني يلهج بالثناء على الله – تعالى – وبحمده وسقطت دمعتان حارتان على السجادة ونهضت وأنا أتساءل لم لم أفعل هذا منذ زمن وبعد أن هدأت الأمور تذكرت أني ألقيت به جانبًا عندما دخلت مكتبي، ورأيت اللصوص قد سرقوا منه، وأثناء ترتيب المكان صار فوق الكيس بعض المتاع فأخفاه ولله الحمد ([224]).

* * *

 والله، مالك غير الله من أحد

قال صاحب كتاب (الاستشفاء بالدعاء):

في إحدى السنوات جاءتني ملمةٌ في بصري وهو مرض نادر وخطير جدًا، وأعراضه تخفي على الأطباء، فدعوت الله – تعالى – ثم ذهبت إلى إحدى المستشفيات، فكشف علي الطبيب، وواعدني بعد أسبوع، وظننت أنه يريد التخلص مني، فذهبت إلى مستشفى آخر ومع براعتهم المشهودة إلا أنهم لم يعرفوا المرض، ليتمكنوا من العلاج، ومرت الأيام وكادت تقتلني الآلام، ولا أملك إلا أن أرجع إلى الطبيب الأول، فرجعت إليه وما أن اقتربت من الباب حتى وجدت من ينادي علي ثم لامني على التأخير، وكتب لي علاجًا خفف الألم، ومر شهران من العلاج والمرض يفحصه في بعض الأيام طبيب آخر رئيس القسم والأستاذ بكلية الطب (آنذاك) فسمعته يومًا يقول للطلاب: إن هذه العين قد فقدت الإبصار تمامًا، ونحن نريد أن نحصر المرض؛ لئلا يؤثر على العين الأخرى. وبعد أن خرج بكيت بكاءً شديدًا، وتوجهت إلى الله – تعالى – وفي اليوم التالي أتى هذا الطبيب وما كاد يقع المجهر على عيني المريضة حتى صرخ: معجزة والله معجزة. ماذا فعلت؟

قلت: لم أفعل شيئًا إلا أني تأثرت بكلامك وبكيت ولجأت إلى الله – تعالى – فقال الطبيب – رحمه الله – لعلها دعوة صالحة استجاب لها رب السماوات ([225]).

* * *

 دعاء في الدهناء

قال جدي – حفظه الله – وشفاه (حدثني رجل موثوق قال: لما كنا نذهب للتجارة قديمًا في العراق رجعنا في أحد المرات وغيرنا الطريق لسبب ذكره، فجئنا مع الدهناء، وانقطع بنا الماء، وهملت أعين الإبل دموعًا قال: فنام كل منا تحت شجرة ينتظر الموت، وكان الوقت في أعز الصيف فقام رجل منا وقال: لماذا نفعل هكذا؟ لما لا ندعو الله – تعالى – فقمنا ونحن خمسة فصلى بنا، واستغاث الله وقلبنا الرداء قال: فوالله إنه أقل من ساعة حتى نشأت سحابة تظهر رويدًا رويدًا حتى صارت فوقنا فنزل المطر وشربنا وروينا، وفرحت بالماء الإبل، وحمدنا الله – عز وجل – على الاستجابة.

* * *


 الخاتمة

وبعد: أخي القارئ هذه بعض القصص التي استطعت جمعها مما قرأته أو سمعته؛ علها بداية خير لكل قارئ بأن يلح في الدعاء ويستمر فيه. وهذا الجزء نواة لأجزاء أخرى – بإذن الله – نسجل فيها ما أرسلتموه لنا من قصص حصلت لكم أو سمعتموها، ونحن ننتظر المزيد على العنوان في المقدمة. في أسرع وقت.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصل إلهي ما هما الودق أو شذا

على الأيك سجاع الحمام المطرب

على سيد السادات والأل كلهم

وأصحابه ما لاح في الأفق كوكب

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تمت مراجعة الكتاب في 29/8/1422هـ.

 من عجائب الدعاء[ الجزء الثاني]

 تقــريظ

قرأت كتاب..

(من عجائب الدعاء)

لأخي الكريم: خالد بن سليمان الربعي فوجدت فيه ما سرَّ الخاطر وشرح الصدر.

والحقيقة أنني وجدت فيه ضالتي المنشودة من حيث جمع الروايات، والقصص، والأخبار، بهذا الباب.

وهذا الكتاب يشحذ الهمة لإدمان الدعاء وكثرة اللجأ إلى الله فاقرؤوه وادعوا لصاحبه.

له منا الشكر والدعاء...

الشيخ

د/ عائض بن عبد الله القرني


 المقــدمة

الحمد لله مجيب الدعاء، كاشف الضر والبلاء، لا يرد سائلاً ولا يخيب راجيًا، فهو أهل الفضل والثناء، أحمده على نعمه العظيمة التي لا تحصى، وأشكره في السر والنجوى، والصلاة والسلام على من بعث بالدين الأسمى والرسالة العظمى، وعلى آله وصحبه أولي البصائر والنهى ومن بهديهم اقتفى وبآثارهم اهتدى، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعـد:

فإن الدعاء عبادة لله – تعالى - وفيه من راحة النفس وانشراح الصدر وطمأنينة القلب ما يفوق الوصف، كما أن له أثرًا في حياة المسلم فكم من عاص هداه الله! وكم من مريض شفاه الله! وكم من فقير أغناه الله! وكم من مكروب أنجاه الله! وكم من مظلوم نصره الله! بسبب دعوة منه أو له.

وقد حاول الفقير لعفو ربه جاهدًا أن يجمع قصصًا في هذا الموضوع، لا للتسلية بل تكون حافزًا وللقارئ بالإكثار من الدعاء في كل خير من أمور الدنيا والآخرة، فخرج الجزء الأول من هذه السلسلة يحمل (165) قصة، أما هذا الجزء فإليك بيان محتواه:

1- المقدمة.

2- من كلام العلماء عن الدعاء.

3- من دعوات الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

4- القصص:

أ- أولها من دعوات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم من دعوات الصحابة – رضي الله عنهم – ومن بعدهم إلى وقتنا الحاضر. ومجموعها (212) قصة.

ب- قد تستغرب من بعض القصص! فما حصل منها في الماضي فقد ذكرتها مع مراجعها، غير أن الكلام عن المرجع من حيث المحقق والطبعة والناشر ذكر في قسم المراجع.

و- ما حصل في الوقت الحاضر فقد حدثني بها من وقعت له الحادثة أو عمن حصلت له والباقي ذكرت المرجع له.

5- التراجم:

أ- ذكرت ترجمة لأغلب المذكورين مستقيًا ذلك من كتابي (تاريخ الإسلام) و(سير أعلام النبلاء) للإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة (748هـ) لكن قد لا تذكر الترجمة في أول ذكر للمترجم له، وقد تجوزت في ذلك إذ لا تقل عن أهمية القصة – وسبب الترجمة ما يلي:

1- أن بعض المؤلفين يحيل القارئ في التراجم إلى المصادر وقد لا توجد بين يديه أو يتكاسل في الرجوع إليها.

2- ليعرف القارئ حال الداعي والمدعو عليه.

3- لأخذ العبرة والفائدة من سيرهم وما تشمله من (عبادات، وحكم، ونصائح، وطرائف وقصص).

6- المراجـع.

7- الفهـرس.

وأخــيرًا: أسأل الله – تعالى – أن يجزي خيرًا فضيلة الشيخ الدكتور: عائض بن عبد الله القرني صاحب العلم الجم، والذهن الوقاد، والدعوة الصادقة، والوعظ الموجز البليغ على تقديمه للكتاب وحسن ظنه، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته.

وأسأل الله – تعالى – أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله ذخرًا لنا يوم نلقاه، وأسأله أن يديم علينا استقرارنا وأن يوفق ولاة أمورنا لما يحبه ويرضاه.

وشكرًا لك أخي القارئ: إن نصيحة أهديت أو نقدًا بناءً أبديت أو فكرة أسديت أو دعوة لأخيك دعوت. راجيًا منك مشكورًا أن ترسل ما تعرفه من قصص غير ما ذُكر على العنوان أدناه.

وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوك

خالد بن سليمان بن علي الربعي

العنوان

المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات

في الشقة بريدة ص ب (25076)

الرمز البريدي (51321)


 من كلام العلماء عن الدعاء

قال ابن القيم – رحمه الله -: «وكذلك الدعاء فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، ولكن قد يختلف عنه أثره إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاءً لا يحبه الله لما فيه من العدوان، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدًا فإن السهم يخرج منه خروجًا ضعيفًا، وإما لحصول المانع من الإجابة: من أكل الحرام والظلم ورين الذنوب على القلوب واستيلاء الغفلة والشهوة واللهو وغلبتها عليه كما في مستدرك الحاكم من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ادعو الله، وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاءً من قلب لاهٍ» فهذا دواء نافع مزيل للداء ولكنْ غفلةُ القلب عن الله تبطل قوته وكذلك أكل الحرام يبطل قوتها ويضعفها... قال أبو ذر: يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح».

وقال – رحمه الله تعالى -: «والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء يدفعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أن يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن. وله مع البلاء ثلاث مقامات:

أحدهما: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.

الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاءُ فيصاب به العبد ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفًا.

الثالث: أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه».

وقال – رحمه الله الله تعالى - «ومن الآفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء عليه: أن يستعجل العبد ويستبطئ الإجابة فيستحسر ويدع الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذرًا أو غرس غرسًا فجعل يتعهده ويسقيه فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله».

وقال – رحمه الله تعالى: «وإذا جمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب؛ وصادف وقتًا من أوقات الإجابة الستة وهو: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تٌقضى الصلاة من ذلك اليوم، وآخر ساعة بعد العصر؛ وصادف خشوعًا في القلب وانكسارًا بين يدي الرب وذلاً له وتضرعًا ورقة؛ واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله، وبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار ... وألح في المسألة وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدم بين يدي دعائه صدقةً فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدًا ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها مظنة الإجابة أو أنها متضمنة للاسم الأعظم»([226]) .

قال يحيى بن معاذ الرازي: «لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طريقها بالذنوب»([227]) .

قال الذهبي: وروى أبو عمر الضرير عن أبي عوانة قال: دخلت على همام بن يحيى وهو مريض أعوده فقال لي: يا أبا عوانة أُدع الله لي أن لا يميتني حتى يبلغ ولدي الصغار فقلت: إن الأجل قد فرغ منه فقال لي: أنت بعد في ضلالك قلت: (والكلام للذهبي) بئس هذا! بل كل شيء بقدر سابق ولكن وإن كان الأجل قد فرغ منه فإن الدعاء بطول البقاء قد صح دعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - لخادمه أنس بطول العمر، والله يمحو ما يشاء ويثبت فقد يكون طول العمر في علم الله مشروطًا بدعاء مجاب، كما أن طيران العمر قد يكون بأسباب جعلها الله من جور وعسف و(لا يرد القضاء إلا الدعاء) والكتاب الأول فلا يتغير)([228]) .

قال أبو حازم الأعرج: «لأنا من أن أمنع من الدعاء أخوف مني أن أمنع الإجابة»([229]).

روى مسعر عن ابن عون قال: ذكر الناس داء وذكر الله دواء قلت (والكلام للذهبي) إي والله فالعجب منا ومن جهلنا، كيف ندع الدواء ونقتحم الداء؟ قال الله تعالى: }فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ{ [البقرة: 153] وقال: }وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ{ [العنكبوت: 46]، وقال تعالى: }الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ{ [الرعد: 28]، ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله، ومن أدمن الدعاء ولازم قرع الباب فتح له ([230]) .

عن محمد بن سعد، حدثنا يحيى بن خليفة حدثنا هشام بن حسان عن مورق، قال: «ما امتلأتُ غضبًا قط، ولقد سألت الله حاجة منذ عشرين سنة، فما شفعني فيها وما سئمت من الدعاء»([231]).

عن ابن المنكدر قال: «إن الله يحفظ العبد المؤمن في ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله، فما يزالون في حفظ أو في عافية ما كان بين ظهرانيهم»([232]).

قال الذهبي في وصيته لمحمد بن رافع السلامي – رحمهما الله تعالى -: «...فثمة طريق قد بقي لا أكتمه عنك وهو: كثرة الدعاء والاستعانة بالله العظيم في آناء الليل والنهار، وكثرة الإلحاح على مولاك بكل دعاء مأثور تستحضره أو غير مأثور، وعقيب الخمس: في أن يصلحك ويوفقك»([233]) .

قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في فضائل الذكر والدعاء: «... ولهذا كان المستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله – تعالى – والثناء عليه بين يدي حاجته، ثم يسأل حاجته ... فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الدعاء يستجاب إذا تقدمه هذا الثناء والذكر وأنه اسم الله الأعظم، فكان ذكر الله – عز وجل – والثناء عليه أنجح ما طلب به العبد حوائجه. فالدعاء الذي يقدمه الذكر والثناء أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد، فإذا انضاف إلى ذلك إخبار العبد بحاله ومسكنته وافتقاره واعترافه كان أبلغ في الإجابة وأفضل، فإنه يكون قد توسل المدعو بصفات كماله وإحسانه وفضله وعرَّض بل صرح بشدة حاجته وضرورته وفقره ومسكنته: فهذا المقتضي منه وأوصاف المسئول مقتضى من الله فاجتمع المقتضى من السائل والمقتضى من المسئول في الدعاء وكان أبلغ وألطف موقعًا وأتم معرفة وعبودية ... وفي الصحيحين: أن أبا بكر الصديق – رضي الله عنه – قال: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال: قل: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم» فجمع في هذا الدعاء الشريف العظيم القدر بين الاعتراف بحاله والتوسل إلى ربه عز وجل بفضله وجوده وأنه المنفرد بغفران الذنوب، ثم سأل حاجته بعد التوسل بالأمرين معًا فهكذا أدب الدعاء وآداب العبودية».

وقال – رحمه الله تعالى -: «قراءة القرآن أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الدعاء هذا من حيث النظر لكل منهما مجردًا ... اللهم إلا أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القرآن ... وكذلك أيضًا قد يعرض للعبد حاجة ضرورية إذا اشتغل عن سؤالها بقراءة أو ذكر لم يحضر قلبه فيهما وإذا أقبل على سؤالها والدعاء إليها اجتمع قلبه كله على الله تعالى وأحدث له تضرعًا وخشوعًا وابتهالاً، فهذا قد يكون اشتغاله بالدعاء والحالة هذه أنفع، وإن كان كل من القراءة والذكر أفضل وأعظم أجرًا، وهذا باب نافع يحتاج إلى فقه نفسه وفرقان بين فضيلة الشيء في نفسه وبين فضيلته العارضة، فيُعطى كل ذي حق حقه ويوضع كل شيء موضعه»([234]) .

* * *

 من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -

1- عن شداد بن أوس – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: سيد الاستغفار أن يقول: «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» قال: من قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة ([235]) .

2- عن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: علمني دعاء أدعو به في صلاتي؟ قال: قل: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت؛ فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم»([236]) .

3- عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم»([237]) .

4- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يتعوذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء». قال سفيان: الحديث ثلاث زدت أنا واحدة لا أدري أيتهن هي ([238]).

5- عن مصعب قال: كان سعد يأمر بخمس ويذكرهن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأمر بهن: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أُرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا يعني فتنة الدجال، وأعوذ بك من عذاب القبر»([239]) .

6- عن أنس بن مالك – رضي الله عنه -: كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات»([240]) .

7- عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم، ومن فتنة القبر ومن فتنة النار وعذاب النار ومن شر فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة الفقر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال. اللهم اغسل عني خطاياي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب»([241]).

8- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال»([242]).

9- عن أنس رضي الله عنه قال: كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار»([243]) .

10- عن ابن أبي موسى عن أبيه – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يدعو بهذا الدعاء: «رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وجدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير»([244]) .

11- عن أبي مالك الأشعري عن أبيه قال: كان الرجل إذا أسلم علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة، ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات: «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني»([245]).

12- عن فروة بن نوفل الأشجعي قال: سألت عائشة – رضي الله عنها – عما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو به الله قالت كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل»([246]).

13- عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول اللهم إني أعوذ بعزتك – لا إله إلا أنت – أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون ([247]).

14- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر»([248]).

15- عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى»([249]).

16- عن زيد بن أرقم قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول، قال كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها»([250]).

17- عن علي – رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قل: «اللهم اهدني وسددني واذكر بالهدى هدايتك الطريق والسداد سدادك السهم»([251]).

18- عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن قلوب بني آدم كلها، بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد يصرفه حيث يشاء». ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك»([252]).

20- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق»([253]).

* * *


 اللهم اجعل له آية تعينه

ذكر ابن إسحاق ([254]) عن عثمان بن الحويرث عن صالح بن كيسان ([255])، أن الطفيل بن عمرو ([256]) قال: كنت شاعرًا سيدًا في قومي فقدمت مكة فمشيت إلى رجالات قريش، فقالوا: إنك امرؤ شاعر سيد، وإنا خشينا أن يلقاك هذا الرجل فيصيبك ببعض حديثه، فإنما حديثه كالسحر فاحذره أن يُدخل عليك وعلى قومك ما أدخل علينا، فإنه فرق بين المرء وزوجته وبين المرء وابنه، فوالله ما زالوا يحدثوني شأنه وينهوني أن أسمع منه حتى قلت: والله لا أدخل المسجد إلا وأنا ساد أذني قال: فعمدت إلى أذني فحشوتها كرسفًا، ثم غدوت إلى المسجد فإذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا في المسجد، فقمت قريبًا منه وأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله فقلت في نفسي: والله إن هذا للعجز! وإني أمرؤ ثبت ما تخفى علي الأمور حسنها وقبيحها، والله لأتسمعنَّ منه، فإن كان أمره رشدًا أخذت منه وإلا اجتنبته، فنزعت الكرسفة فلم أسمع قط كلامًا أحسن من كلام يتكلم به، فقلت: يا سبحان الله ما سمعت كاليوم لفظًا أحسن ولا أجمل منه، فلما انصرف تبعته فدخلت معه بيته فقلت: يا محمد إن قومك جاؤوني فقالوا لي كذا وكذا، فأخبرته بما قالوا وقد أبى الله إلا أن أسمعني منك ما تقول، وقد وقع في نفسي أنه حق فاعرض علي دينك، فعرض علي الإسلام فأسلمت، ثم قلت: إني أرجع إلى دوس وأنا فيهم مطاع وأدعوهم إلى الإسلام لعل الله أن يهديهم فادع الله أن يجعل لي آية قال «اللهم اجعل له آية تعينه» فخرجت حتى أشرفت على ثنية قومي، وأبي هناك شيخ كبير وامرأتي وولدي. فلما علوت الثنية وضع الله بين عيني نورًا كالشهاب يتراءاه الحاضر في ظلمة الليل وأنا منهبط من الثنية، فقلت: اللهم في غير وجهي فإني أخشى أن يظنوا أنها مثلة لفراق دينهم، فتحول فوقع في رأس سوطي، فلقد رأيتني أسير على بعيري إليهم وإنه على رأس سوطي كأنه قنديل معلق، قال: فأتاني أبي فقلت: إليك عني فلست منك ولست مني قال: وما ذاك؟ قلت: إني أسلمت واتبعت دين محمد فقال: أي بني ديني دينك، وكذلك أمي فأسلما، ثم عدوت دوسًا إلى الإسلام فأبت علي وتعاصت، ثم قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: غلب على دوس الزنا والربا فادع عليهم، فقال: «اللهم اهد دوسًا» ثم رجعت إليهم وهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقمت بين ظهرانيهم ادعوهم إلى الإسلام حتى استجاب منهم من استجاب، وسبقتني بدر وأحد والخندق، ثم قدمت بثمانين أو تسعين أهل بيت من دوس، فكنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى فتح مكة فقلت يا رسول الله ابعثني إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة حتى أحرقه قال: «أجلْ فاخرُج إليه» فأتيت فجعلت أوقد عليه النار، ثم قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقمت معه حتى قُبض، ثم خرجت إلى بعث مسيلمة ومعي ابن عمرو حتى إذا كنت ببعض الطريق رأيت رؤيا: رأيت كأن رأسي حلق، وخرج من فمي طائر، وكان امرأة أدخلتني في فرجها، وكأن ابني يطلبني طلبًا حثيثًا فحيل بيني وبينه، فحدثت بها قومي فقالوا: خيرًا فقلت: أما أنا فقد أولتها: أما حلق رأسي فقطعه، وأما الطائر فروحي، والمرأة الأرض أدفن فيها فقد رُوِّعت أن أقتل شهيدًا وأما طلب ابني إياي فما أراه إلا سيعذر في طلب الشهادة ولا أراه يلحق في سفره هذا. فال فقتل الطفيل يوم اليمامة وجرح ابنه ثم قتل يوم اليرموك بعد. قال الذهبي: وقد عد ولده عمرو في الصحابة وكذا أبوه ينبغي أن يعد في الصحابة فقد أسلم فيما ذكرنا لكن ما بلغنا أنه هاجر ولا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ([257]).

* * *


 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على قريش

عن عبد الله – رضي الله تعالى عنه – قال: إن قريشًا لما أبطؤوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإسلام قال: «اللهم اكفنيهم بسبع كسبع يوسف» فأصابتهم سنة حصَّت كل شيء حتى أكلوا العظام، حتى جعل الرجل ينظر في السماء فيرى بينه وبينها مثل الدخان، قال الله: }فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ{ [الدخان: 10] قال الله تعالى: }إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ{ [الدخان: 15] أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة؟ وقد مضى الدخان ومضت البطشة ([258]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - للمدينة

عن عائشة رضي الله عنها ([259]) أنها قالت: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وعك أبو بكر وبلال ([260]) قالت: فدخلت عليهما فقلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ قالت: وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:

كُلُّ امرئ مُصَبَّحٌ في أهله

والموتُ أدنى من شراك نعله

وكان بلال إذا أقلعت عنه يرفع عقيرته يقول:

ألا ليت شعري هل أبيتنَّ ليلةً

بواد وحولي إذخر وجليلُ؟

وهل أردَنَّ يومًا مياه مجنَّة

وهل يبدونَّ لي شامةٌ وطفيلُ

قالت عائشة: فجئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها وبارك في مُدها وصاعها، وانقل حُمَّاها فاجعلها بالجُحْفَة»([261]).

* * *


 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر

عن ابن عباس – رضي الله عنهما -([262]) قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في قبة: «اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم» فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول الله، فقد ألححت على ربك وهو في الدرع فخرج وهو يقول: }سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ{ [القمر: 45-46] قال وهيب: حدثنا خالد يوم بدر ([263]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه

عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما -([264]) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم بدر في ثلاث مائة وخمسة عشر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم إنهم حفاة، فاحملهم اللهم إنهم عراة فاكسهم، اللهم إنهم جياع فأشبعهم» ففتح الله له يوم بدر، فانقلبوا حين انقلبوا وما فيهم رجل إلا وقد رجع بجمل أو جملين، فاكتسوا وشبعوا ([265]).

* * *

 رجلاً خيرًا مني

عن زياد بن أبي مريم، قالت أم سلمة لأبي سلمة ([266]): بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها، وهو من أهل الجنة ثم لم تزوج، إلا جمع الله بينهما في الجنة، فتعال أعاهدك أن لا تزوج بعدي ولا أتزوج بعدك قال: أتطيعينني؟ قالت: نعم قال: إذا مت تزوجي، اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلاً خيرًا مني لا يحزنها ولا يؤذيها، فلما مات قلت: من خير من أبي سلمة؟ فما لبثت وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام على الباب فذكر الخطبة إلى ابن أخيها أو ابنها فقالت: أرد على رسول الله أو أتقدم عليه بعيالي، ثم جاء الغد فخطب ([267]).

* * *

 سقطت عينـه

عن عبد الرحمن بن الغسيل([268])، حدثنا عاصم بن عمر بن قتادة([269])، عن أبيه عن جده([270]): أنه أصيبت عينه يوم بدر فسالت حدقته على وجنته، فأراد القوم أن يقطعوها فقالوا: نأتي نبي الله نستشيره. فجاء فأخبره الخبر فأدناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه فرفع حدقته حتى وضعها موضعها ثم غمزها براحته، وقال: «اللهم اكسه جمالاً» فمات وما يدري من لقيه أي عينيه أصيبت ([271]).

* * *

 اللهم لا تردني

قال الذهبي – رحمه الله تعالى – في ترجمة عمرو بن الجموح – رضي الله عنه - ([272]): قالت امرأته عند أخت عبد الله بن عمرو بن حرام: ([273]) كأني أنظر إليه قد أخذ درقته وهو يقول: اللهم لا تردني، فقُتل هو وابنه خلاد ([274])([275]).

* * *


 صحابي يدخل الجنة

عند البغوي في الصحابة أن النعمان بن قوقل ([276]) قال يوم أحد: أقسمتُ عليك يا رب لا تغيب الشمس حتى أطأ بعرجتي في الجنة، فاستشهد ذلك اليوم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لقد رأيته في الجنة وما به من عَرَج ([277]).

* * *

 بركة ودعاء

قال الشعبي: عن جابر ([278]) أن أباه – رضي الله عنهما – توفي وعليه دين قال: فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن أبي ترك عليه دينًا وليس عندنا إلا ما يخرج من نخله، فانطلق معي لئلا يفحش علي الغرماء قال: فمشى حول بَيْدَرٍ من بَيَادِرِ التمر ودعا ثم جلس عليه فأوفاهم الذي لهم وبقي مثل الذي أعطاهم ([279]).

* * *

 النبي - صلى الله عليه وسلم - وعائشة رضي الله عنها

قال مروان بن معاوية، عن وائل بن داود، عن عبد الله البهي قال: قالت عائشة – رضي الله عنها -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر خديجة ([280]) لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار لها، فذكرها يومًا فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن قالت: فرأيته غضب غضبًا شديدًا أسقطت في خلدي، وقلت في نفسي: اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لقيت قال: «كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، ورزقت منها الولد وحرمتموه مني» قالت: فغدا وراح علي بها شهرا ([281]).

* * *

 رد الله تعالى ابنه وإبله

عن عبد الله – رضي الله عنه - ([282]) قال: أتى رجلٌ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأراه عوف بن مالك ([283]) فقال: يا رسول الله إن بني فلان أغاروا علي فذهبوا بابني وإبلي فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن آل محمد كذا وكذا أهل بيت» وأظنه قال: «تسعة أبيات ما فيهم صاع ولا مد من طعام، فاسأل الله – عز وجل -» قال: فرجع إلى امرأته قالت: ما رد عليك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فأخبرها: قال: فلم يلبث الرجل أن رد عليه إبله وابنه أوفر ما كانوا، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقام على المنبر فحمد الله وأمرهم بمسألة الله – عز وجل – والرغبة إليه وقرأ عليهم }وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ{([284]) [الطلاق: 1-2].

* * *

 لا يفضض الله فاك

عن الحسن بن عبيد الله قال: حدثني من سمع النابغة الجعدي ([285]) يقول: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنشدته قولي:

وإنا لقوم ما نعود خيلنا

إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا

وننكر يوم الروع ألوان خيلنا

من الطعن حتى نحسب الجون أشقرا

وليس بمعروف لدينا أن نردها

صحاحًا ولا مستنكرًا أن تُعقرا

بلغنا السماء مجدًا وسؤددًا

وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «إلى أين»؟ قلت: إلى الجنة قال: «نعم، إن شاء الله» قال: فلما أنشدته

ولا خير في حلم إذا لم يكن له

بوادر تحمي صفوه أن يكدرا

ولا خير في جهل إذا لم يكن له

أريب إذا ما أورد الماء أصدرا

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يفضض الله فاك» قال: وكان من أحسن الناس ثغرًا، وكان إذا سقطت له سنٌّ نبتت ([286]).

وذكرها الذهبي أيضًا في تاريخ الإسلام فقال: وقال يعلى بن الأشدق وليس بثقة سمعت النابغة يقول: أنشدت النبي - صلى الله عليه وسلم -:

بلغنا السماء مجدًا وجدودنا

وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا

فقال: «إلى أين يا أبا ليلى؟ » قلت: الجنة. قال: «أجل إنشاء الله» ثم قلت:

ولا خير في حلم إذا لم يكن له

بوادر تحمي صفوه أن يكدرا

ولا خير في جهل إذا لم يكن له

أريب إذا ما أورد الماء أصدرا

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يفضض الله فاك» مرتين ([287]).

* * *

 ليس في شعره شيب

عن يوسف بن سليمان عن جده عن عمرو بن الحمق ([288]) أنه سقى النبي - صلى الله عليه وسلم - لبنًا فقال: «اللهم أمتعه بشبابه» فلقد أتت عليه ثمانون سنة لا يرى عليه شعرة بيضاء ([289]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على المتكبر

عن سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه ([290]) أن رجلاً أكل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بشماله فقال: كل بيمينك، قال: لا أستطيع قال: «لا استطعت» ما منعه إلا الكبر فما رفعها إلى فيه ([291]).

* * *

 النبي - صلى الله عليه وسلم - يستغيث

عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ([292])، أنه سمع أنس بن مالك([293]) يذكر أن رجلاً دخل يوم الجمعة من باب كان وِجاه المنبر، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا قال: فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه فقال: «اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا» قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قَزَعَةً ولا شيئًا وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال: والله ما رأينا الشمس سبتًا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب فاستقبله قائمًا فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يمسكها قال: فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه ثم قال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال والآجام والظِّراب والأودية ومنابت الشجر» قال: فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس، قال شريك: فسألت أنسًا أهو الرجل الأول قال: لا أدري ([294]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن أخطب

 ([295])

روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه وقال: «اللهم جمله» فبلغ مائة سنة وما ابيض من شعره إلا اليسير ([296]).

* * *


 اللهم بارك في شعره

قال الواقدي: حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أمه عن أبيه قال: قال أبو قتادة – رضي الله عنه -([297]): إني لأغسل رأسي قد غسلت أحد شقيه، إذ سمعت فرسي جروة تصهل وتحث بحافرها فقلت: هذه حرب قد حضرت، فقمت ولم أغسل شق رأسي الآخر فركبت وعلي بردة، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصيح: «الفَزَعَ الفَزَعَ» قال: فأدرك المقداد ([298]) فسايرته ساعة ثم تقدمه فرسي وكان أجود من فرسه، وأخبرني المقدام بقتل مسعدة محرزًا – يعني ابن نضلة – فقلت للمقداد: إما أن أموت أو أقتل قاتل محرز. فضرب فرسه فلحقه أبو قتادة فوقف له مسعدة فنزل أبو قتادة فقتله وجنب فرسه معه قال: فلما مر الناس تلاحقوا ونظروا إلى بردي فعرفوها وقالوا: أبو قتادة قتل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ولكنه قتيل أبي قتادة عليه برده، فخلوا بينه وبين سلبه وفرسه» قال: فلما أدركني قال: «اللهم بارك له في شعره وبشره، أفلح وجهك قتلت مسعدة؟ » قلت: نعم قال: «فما هذا الذي بوجهك؟ » قلت: سهم رميت به قال: «فادنُ مني فبصق عليه فما ضرب علي قط ولا قاح». فمات أبو قتادة وهو ابن سبعين سنة وكأنه ابن خمس عشرة سنة قال: وأعطاني فرس مسعدة وسلاحه ([299]).

* * *

 اللهم بارك لهما

عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: كان ابن لأبي طلحة ([300]) يشتكي، فخرج أبو طلحة فقبض الصبي فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت: هو أسكن ما كان، فقربت إليه العشاء فتعشى ثم أصاب منها، فلما فرغ قالت: وار الصبي، فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال أعرستم الليلة قال: نعم قال: «اللهم بارك لهما في ليلتهما» فولدت غلامًا، قال لي أبو طلحة: احفظه حتى تأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأرسلت معه بتمرات فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أمعه شيءٌ» قالوا: نعم تمرات فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - فمضغها ثم أخذ من فيه فجعلها في فيّ الصبي وحنكه به وسماه عبد الله ([301] قال عباية: فلقد رأيت لذلك الغلام سبع بنين كلهم قد ختم القرآن ([302]).

قال الذهبي «فنشأ عبد الله ([303]) وقرأ العلم وجاءه عشرة أولاد قرءوا القرآن وروى أكثرهم العلم»([304]).

وفي صحيح مسلم، عن أنس – رضي الله عنه – قوله: ... فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر وهي معه، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقًا، فدنوا من المدينة فضربها المخاض فاحتبس عليها أبو طلحة، وانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يقول أبو طلحة: إنك لتعلم يا رب إنه يعجبني أن أخرج مع رسولك إذا خرج، وأدخل معه إذا دخل، وقد احتبست بما ترى قال: تقول أم سُليم: يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد، انطلق فانطلقنا قال: وضربها المخاض حين قدما فولدت غلامًا فقالت لي أمي: يا أنس لا يرضعه أحد حتى تغدو به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أصبح احتملته فانطلقت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فصادفته ومعه ميسم فلما رآني قال: «لعل أم سليم ولدت» قلت: نعم قال: فوضع الميسم قال: وجئت به فوضعته في حجره ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعجوة من عجوة المدينة فلاكها في فيه حتى ذابت ثم قذفها في فيّ الصبي فجعل الصبي يتلمظها قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «انظروا إلى حب الأنصار التمر» قال: فمسح وجهه وسماه عبد الله ([305]).

* * *

 اللهم أمتعنا به

 عن أبي اليسر كعب بن عمرو ([306]) قال: والله إنا لمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر عشية، إذا أقبلت غنمُ لرجل من اليهود تريد حصنهم ونحن محاصروهم، إذ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يطعمنا من هذه الغنم؟ » قلت: أنا يا رسول الله قال: «فافعل» قال: فخرجت أشتد مثل الظَّليم فلما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موليًا قال: «اللهم أمتعنا به» قال: فأدركت الغنم وقد دخل أوائلها الحصن، فأخذت شاتين من أخراها فاحتضنتهما تحت يدي ثم أقبلت بهما أشتد كأنه ليس معي شيء حتى ألقيتهما عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذبحوهما وأكلوهما، فكان أبو اليسر من آخر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هلاكًا، فكان إذا حدث بهذا الحديث بكى، ثم قال: أمتعوا بي لعمري كنت آخرهم ([307]).

* * *

 اللهم بارك له في تجارته

عن عمرو بن حريث ([308]) قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله بن جعفر([309]) وهو يلعب بالتراب فقال: «اللهم بارك له في تجارته»([310]).

* * *


 اللهم عافه

عن علي – رضي الله عنه – قال: كنت شاكيًا فمر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أقول: اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني، وإن كان متأخرًا فارفعني وإن كان بلاء فصبرني فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كيف قلت؟ » قال: فأعاد عليه ما قال. قال: فضربه برجله وقال: «اللهم عافه أو اشفه – شعبة الشاك -» قال: فما اشتكيت وجعي بعد([311]).

* * *

البركـــة

عن زهرة بن معبد ([312]) عن جده عبد الله بن هشام، وكان قد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله بايعه فقال: «هو صغير» فمسح رأسه ودعا له.

وعن زهرة بن معبد أنه كان يخرج به جده عبد الله بن هشام إلى السوق فيشتري الطعام فيلقاه ابن عمر وابن الزبير فيقولان له: أشركنا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد دعا لك بالبركة فيشركهم، وربما أصاب الراحلة كما هي فيبعث بها إلى المنزل ([313]).

* * *

 دعا له فشفاه الله تعالى

عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد رجلاً من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هل كنت تدعو بشيء، أو تسأله إياه؟ » قال: نعم كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجِّله لي في الدنيا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبحان الله! لا تطيقه – أو لا تستطيعه – أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار» قال: فدعا الله له فشفاه ([314]).

* * *

 المرأة التي تصرع

عن عطاء بن أبي رباح ([315]) قال: قال لي ابن عباس – رضي الله عنهما – ألا أريك امرأةً من أهل الجنة قلت بلى قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: إني أُصرع وإني أتكشف فادع الله لي. قال: «إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك» فقالت: أصبر فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف فدعا لها. حدثنا محمد أخبرنا مخلد عن ابن جريج أخبرني عطاء: أنه رأى أم زفر تلك المرأة الطويلة السوداء على ستر الكعبة([316]).

* * *

 دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض غزواته

استقى النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء فأصاب المسلمين العطش، فشكوا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: وقال بعض المنافقين: لو كان نبيًا لاستقى لقومه كما استقى موسى لقومه، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أو قد فعلوها؟ عسى ربكم أن يسقيكم» ثم بسط يديه ودعا، فما ردَّ يديه من دعائه حتى أظلهم السحاب وأمطروا، فعم السيل الوادي فشرب الناس وارتووا ([317]).

* * *


 اللهم أنزل على نبيك الصادق شيئًا

قال تعالى: }يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا{ [التوبة: 74] روي أن هذه الآية نزلت في الجلاس بن سويد بن صامت ووديعة بن ثابت، وقعوا في النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: لئن كان محمد صادقًا على إخواننا الذين هم ساداتنا وخيارنا، لنحن شر من الحمير، فقال له عامر بن قيس: أجل والله إن محمدًا لصادق مصدق، وإنك لشر من حمار، وأخبر عامر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاء الجلاس فحلف بالله عند منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - إن عامرًا لكاذب، وحلف عامر لقد قال وقال: «اللهم أنزل على نبيك الصادق شيئًا»([318]).

* * *

 قتلاً في سبيلك

عن عكرمة ([319]) في قوله تعالى: }وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ{ إلى قوله: }بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ{ [التوبة: 65-66] قال: فكان رجل ممن إن شاء الله تعالى عفا عنه يقول: «اللهم إني أسمع آية أنا أعنى بها تقشعر منها الجلود وتجل منها القلوب، اللهم فاجعل وفاتي قتلاً في سبيلك لا يقول أحد: أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت» قال: فأصيب يوم اليمامة فما من أحد من المسلمين إلا وجد غيره ([320]).

* * *

 ضرب يوم اليمامة

قال الواقدي: هاجر عبد الله العامري ([321]) – رضي الله عنه – الهجرتين جميعًا ولم يذكره ابن إسحاق فيمن هاجر الهجرة الثانية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاثين سنة، واستشهد يوم اليمامة اثني عشرة وهو ابن إحدى وأربعين سنة. ومن ولده نوفل بن مساحيق([322]) بن عبد الله بن مخرمة، روى عنه أنه دعا الله – عز وجل – ألا يميته حتى يرى في كل مفصل منه حصول في سبيل الله – تعالى – فضُرب يوم اليمامة في مفاصله واستشهد وكان فاضلاً عابدًا ([323]).

* * *

 عمر رضي الله عنه يستسقي

عن خوات بن جبير ([324]) قال: أصاب الناس قحط شديد على عهد عمر، فخرج عمر بالناس فصلى بهم ركعتين وخالف بين طرفي ردائه فجعل اليمين على اليسار واليسار على اليمين فقال: «اللهم إنا نستغفرك ونستسقيك» فما برحوا حتى مطروا، فبينا هم كذلك إذا أعراب قدموا فأتوا عمر فقالوا: «يا أمير المؤمنين، بينما نحن في بوادينا يوم كذا في ساعة كذا، إذ أظلنا غمام فسمعنا منها صوتًا: (إياك الغوث أبا حفص، إياك الغوث أبا حفص)»([325]).

* * *


 عمر والعباس – رضي الله عنهما -

عن أنس – رضي الله عنه – أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب ([326]) فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا - صلى الله عليه وسلم - فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال: فُيسقون ([327]).

* * *

 اللهم فقهه في الدين

قال محمد بن سلام: حدثنا أبو عمرو الشعاب بإسناد له قال: كانت أم سلمة ([328]) تبعث أم الحسن ([329]) في الحاجة فيبكى وهو طفل، فتسكته أم سلمة بثديها وتخرجه إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير، وكانت أمه منقطعة إليها، فكانوا يدعون له فأخرجته إلى عمر فدعا له وقال: اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس قال الذهبي: إسنادها مرسل ([330]).

* * *

 يدعو على سارق الإبل

عن الحسن بن الفضل بن حسن بن عمرو بن أمية الضمري، عن عمه أبي بكر بن أمية قال: كان لنا جار من جهينة في أول الإسلام ونحن على شركنا، وكان منا رجل محارب خبيث يقال له (ريشة) وكنا قد خلفنا لخبثه، فكان ولا يزال يعدو على جارنا ذلك الجهني فيصيب له البكرة والناب والشارف فيأتوننا فيشكونه إلينا فنقول له: والله ما نصنع به قد خلعناه فاقتله قتله الله، فوالله لا يتبعك من دمه شيء تكرهه أبدًا، حتى عدا مرة من ذلك فأخذ منه ناقة له خيارًا فأقبل بها إلى شعبة الوادي ثم نحرها وأخذ سنامها ومطايب لحمها ثم تركها، وأخذ الجهني في طلبها حين فقدها يلتمسها فاتبع أثرها حتى وجدها، فجاء إلى نادي بني ضمرة وهو آسف مصاب، وهو يقول:

أصادقٌ ريشةُ يا آل ضمرةَ

أن ليس لله عليه قدرة

ما إن يزال شارف وبكرة

يطعن منها في سواء الثغرة

بصارم ذي رونق أو شفرة

لا هم إن كان معدًا فجرة

فاجعل أمام العين منه جدرة

تأكله حتى توافي الجهرة

قال: فأخرج الله أمام عينيه في مآقيه حيث وصف بثرة مثل النبقة، وخرجنا إلى الموس حجاجًا فرجعنا من الحج وقد صارت أكلة أكلت رأسه أجمع فمات حين قدمنا ([331]).

* * *

 نبع لهم الماء

كان أبو هريرة – رضي الله عنه – يقول: رأيت من العلاء ([332]) ثلاثة أشياء لا أزال أحبه أبدًا: قطع البحر على فرسه يوم دارين، وقدم يريد البحرين فدعا الله بالدهناء فنبع لهم ماء فارتووا، ونسي رجل منهم بعض متاعه فرد فلقيه ولم يجد الماء، ومات ونحن على غير ماء فأبدى الله لنا سحابة فمطرنا فغسلناه وحفرنا له بسيوفينا ودفناه ولم نلحد له ([333]).

* * *

 الجليس الصالح

روى إبراهيم عن علقمة ([334]) أنه قدم الشام فدخل مسجد دمشق فقال: اللهم ارزقني جليسًا صالحًا! فجاء فجلس إلى أبي الدرداء ([335]) فقال له: ممن أنت؟ قال: من الكوفة قال: كيف سمعت ابن أم عبد ([336]) يقرأ }وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى{ [الليل: 1] الحديث ([337]).

* * *

 اللهم قني الفتنة

عن جعفر بن عون، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ([338]) قال: لما طعنوا عثمان صلى أبي ([339]) في الليل ودعا فقال: اللهم قني من الفتنة بما وقيت به الصالحين من عبادك، فما أخرج ولا أصبح إلا بجنازته ([340]).

* * *

 فاستعن بمولاي

عن عبد الله بن الزبير – رضي الله عنهما – قال: لما وقف الزبير ([341]) يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلومًا، وإن من أكبر همِّي لدَيْني، أفترى يُبقي دينُنا من مالنا شيئًا؟ فقال: يا بني، بع ما لنا فاقض ديني وأوصى بالثلث وثلثه لبنيه – يعني عبد الله بن الزبير – يقول: ثلث الثلث، فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين فثلثه لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير – خبيب وعباد – وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت مَنْ مولاك؟ قال: الله. قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض دينه. فيقضيه.

 فقتل الزبير – رضي الله عنه – ولم يدَعْ دينارًا ولا درهمًا إلا أرضين منها الغابة وإحدى عشرة دارًا بالمدينة ودارين بالبصرة ودارًا بالكوفة ودارًا بمصر. قال: وإنما كان دينُه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف فإني أخشى عليه الضيعة. وما ولي إمارة قط ولا جباية خراج ولا شيئًا إلا أن يكون في غزوة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أو مع أبي بكر وعمر وعثمان – رضي الله عنهم.

 قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف، قال: فلقي حكيم بن حزام ([342]) عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدين؟ فكتمته فقال: مائة ألف. فقال حكيم: ما أرى أموالكم تَسَع لهذه. فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي.

 قال: وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام فقال: من كان على الزبير حق فليوافنا بالغابة. فأتاه عبد الله بن جعفر – وكان له على الزبير أربعمائة ألف – فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم. قال عبد الله: لا. قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخِّرون إن أخرتم. فقال عبد الله: لا. قال: قال: فاقطعوا لي قطعة. فقال عبد الله: لك من هاهنا إلى هاهنا. قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية – رضي الله عنه – وعنده عمرو بن عثمان والمنذر بن الزبير وابن زمعة، فقال له معاوية: كم قوَّمت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف. قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف. فقال المنذر بن الزبير: قد أخذتُ سهمًا بمائة ألف. وقال ابن زمعة: قد أخذتُ سهمًا بمائة ألف. فقال معاوية: كم بقي؟ فقال: سهم ونصف. قال: أخذته بخمسين ومائة ألف. قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف.

 فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا. قال: لا والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دينٌ فليأته فلنقضه. قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضى أربع سنين قسم بينهم، قال: وكان للزبير أربع نسوة، ورفع الثلث فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف ([343]).

* * *

 سمعه يدعو

قال سعيد بن عبد العزيز: سمع الحسن بن علي ([344]) – رضي الله عنهما – رجلاً إلى جنبه يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف فبعث بها إليه ([345]).

* * *


 اللهم إن كان لي عندك خير

لما بلغ الربيع بن الحارث بن كعب - وكان فاضلاً جليلاً وكان عاملاً لمعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهم - على خراسان - فلما بلغه قتل حجر بن عدي – رضي الله عنه - ([346]) دعا الله – عز وجل – فقال: اللهم إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجِّل. فلم يبرح من مجلسه حتى مات ([347]).

* * *

 سبب وفاته

قال الحاكم: ولي الحَكَم ([348]) على خراسان، فكان سبب وفاته أنه دعا على نفسه وهو بمرو في كتاب قرئ عليه من زياد، فاستجيبت دعوته ومات بمرو، وكان مات قبله بريدة الأسلمي ([349]) فدُفنا جميعًا ([350]).

* * *

 هل تفقدون من متاعكم شيئًا

ذهب أبو مسلم الخولاني ([351]) ومن معه من العسكر على دجلة وهي ترمى بالخشب من مداها، ثم التفت إلى أصحابه وقال: هل تفقدون من متاعكم شيئًا حتى أدعو الله – عز وجل – فيه؟ فقال بعضهم: فقدت مخلاة. فقال: اتبعني. فاتَّبعه فوجدها قد تعلقت بشيء فأخذها ([352]).

* * *

 دعاء ابن عمر على زياد

قال ابن شوذب: بلغ ابن عمر أن زيادًا ([353]) كتب إلى معاوية([354]): إني قد ضبطت العراق بيميني، وشمالي فارغة. وسأله أن يولِّيه الحجاز فقال ابن عمر: اللهم إنك إن تجعل في القتل كفارة فموتًا لابن سمية لا قتلًا. فخرج في إصبعه طاعون فمات ([355]). وقال الحسن البصري: بلغ الحسن بن علي – رضي الله عنهما – أن زيادًا يتتبع شيعة علي بالبصرة فيقتلهم فدعا عليه ([356]).

* * *

 أنجاه الله – تعالى – من القتل

عن عامر الشعبي ([357]) قال: كنت جالسًا مع زياد بن أبي سفيان، فأتي برجل يُحمَل لا نَشُكُّ في قتله، قال: فرأيتُه حرَّك شفته بشيء لا أدري ما هو. قال: فخلى سبيله، فقال بعض القوم: لقد جيء بك وما نشكُّ في قتلك، فرأيناك حركت شفتيك بشيء، وما ندري ما هو فخلَّى سبيلك! قال: قلت: «اللهم ربَّ إبراهيم ورب إسحاق ويعقوب ورب جبريل وإسرافيل ومنزِّل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم ادرأ عني شر زياد». قال: فخلى عنه ([358]).

* * *

 اللهم لا تدركني سنة ستين

قال عمير بن هانئ: قال أبو هريرة – رضي الله عنه([359]): اللهم لا تدركني سنة ستين. فتوفي فيها أو قبلها بسنة ([360] وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاءين؛ فأما أحدهما فبثثته في الناس، وأما الآخر فلو بثثته قُطع هذا البلعوم ([361]).

 (وقد حمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه ولا يصرح به؛ خوفًا على نفسه منهم؛ كقولهم: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان. يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية ([362]) لأنها كانت سنة ستين من الهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة)([363]).

* * *

 ثارت سحابة كالترس

روى صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر قال: خرج معاوية رضي الله عنه يستسقي، فلما قعد على المنبر قال: أين يزيد بن الأسود([364])؟ فناداه الناس فأقبل يتخطاهم، فأمره معاوية فصعد المنبر، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا يزيد بن الأسود، يا يزيد ارفع يديك إلى الله. فرفع يديه ورفع الناس، فما كان بأوشك من أن ثارت سحابة كالترس وهبَّت الريح، فسقينا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم. سمعها أبو اليمان من صفوان([365]).

* * *

 عقبة بن نافع يدعو

([366])

قال الواقدي: جهَّزه معاوية – رضي الله عنه – على عشرة آلاف فافتتح إفريقية واختطَّ قيروانها، وكان الموضع غيضةً لا يرام من السِّباع والأفاعي، فدعا عليها، فلم يبق فيها شيء وهربوا؛ حتى إن الوحوش لتحمل أولادها، فحدثني موسى بن علي عن أبيه قال: نادى: إنا نازلون. فأظعنوا فخرجن من جحرتهن هوارب.

 وروى نحوه محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: لما افتتح عقبة إفريقية قال: يا أهل الوادي، إنا حالون إن شاء الله، فأظعنوا. ثلاث مرات، فما رأينا حجرًا ولا شجرًا إلا يخرج من تحته دابة حتى هبطن بطن الوادي، ثم قال للناس: انزلوا باسم الله ([367]).

* * *

 أعمى يدعو الله – تعالى - فيبصر

حكي عن الليث بن سعد ([368]) أنه قال: رأيت عقبة بن نافع ضريرًا ثم رأيته بصيرًا فقلت له: بم رد الله عليك بصرك؟ فقال: أتيت في المنام فقيل لي: قل يا قريب يا مجيب، يا سميع الدعاء يا لطيف لما يشاء، ردَّ عليَّ بصري. فقلتها فردَّ الله عليَّ بصري ([369]).

* * *

 سقوا سريعًا

قال سعيد بن عبد العزيز وغيره: استسقى الضحاك بن قيس([370]) بيزيد بن الأسود فما برحوا حتى سقوا ([371]).

* * *

 اللهم لا تمتني حتى أوتى به

عن أيوب عن أبي مليكة قال: دخلت على أسماء ([372]) بعدما أصيب ابن الزبير ([373]) فقالت: بلغني أن هذا صلب عبد الله، اللهم لا تُمتني حتى أوتى به فأحنِّطه وأكفِّنه. فأتيت به بعد فجعلت تحنطه بيدها وتكفنه بعدما ذهب بصرها.

 ومن وجه آخر عن أبي مليكة: وصلَّت عليه وما أتت عليها جمعة إلا ماتت ([374]).

* * *

 كلمات الفرج

عن عبد الملك بن عمير قال: حدثني أبو مصعب أن عبد الملك بن مروان ([375]) كتب إلى هشام بن إسماعيل ([376]) متولي المدينة: بلغني أن الحسن بن الحسن ([377]) يكاتب أهل العراق فاستحضره قال: فجيء به فقال له علي بن الحسين: يا ابن عم، قل كلمات الفرج: «لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب الأرض رب العرش الكريم». قال: فخلي عنه([378]).

* * *

 لا ينام إلا قليلاً

عن حصين عن إبراهيم أن همام بن الحارث ([379]) كان يدعو: "اللهم اشفني من النوم باليسير، وارزقني سهرًا في طاعتك". قال: فكان لا ينام إلا هنيهة وهو قاعد ([380]).

* * *

 دعا عليه فاسود وجهه

عن حماد بن زيد ([381]) قال: حدثنا علي بن زيد ([382]) قال: قال لي سعيد بن المسيب: ([383]) قل لقائدك يقوم فينظر إلى وجه هذا الرجل وإلى جسده، فقام وجاء فقال: رأيت وجه زنجي وجسده أبيض فقال سعيد: إن هذا سب هؤلاء: طلحة ([384]) والزبير وعليًا – رضي الله عنهم، فنهيته فأبى، فدعوت الله عليه؛ قلت: إن كنت كاذبًا فسود الله وجهك. فخرجت بوجهه قُرحة فاسود وجهه ([385]).

* * *

 وجدنا حلاوة الدعاء

عن داود بن أبي هند قال: لما أخذ الحجاج ([386]) سعيد بن جبير([387]) قال: ما أراني إلا مقتولاً وسأخبركم: إني كنت أنا وصاحبان لي دعونا الله حين وجدنا حلاوة الدعاء، ثم سألنا الله الشهادة؛ فكلا صاحبيَّ رُزِقها وأنا انتظرها، قال: فكأنه رأى أن الإجابة عند حلاوة الدعاء ([388]).

* * *

 أنقذه الله – تعالى -

عن عبد الملك بن عمير قال: كتب الوليد بن عبد الملك ([389]) إلى عثمان بن حبان المري: انظر إلى الحسن بن الحسن ([390]) فأجلده مائة جلدة وقفه للناس، ولا أراني إلا قاتله. قال: فبعث إليه فجيء به والخصوم بين يديه قال: فقام إليه علي بن الحسين فقال: يا أخي تكلم بكلمات الفرج يفرج الله عنك: «لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين». قال: فقالها فانفرجت فرجة من الخصوم فرآه فقال: أرى وجه رجل قد قُرِفَتْ عليه كذبة خلوا سبيله، أنا كاتب إلى أمير المؤمنين بعذره؛ فإن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ([391]).

* * *

 تضرع وبكى

ولي – موسى بن نصير - ([392]) غزو البحر لمعاوية – رضي الله عنه – فغزا قبرس وبنى هناك حصونًا، وقد استعمَلَ على أقصى المغرب مولاه طارقًا ([393])، فبادر وافتتح الأندلس ولحقه موسى فتمم فتحها، وجرت له عجائب هائلة، وعمل مع الروم مصافًا مشهودًا، ولمَّا همَّ المسلمون بالهزيمة كشف موسى سرادقه عن بناته وحرمه وبرز ورفع يديه بالدعاء والتضرع والبكاء، فكسرت بين يديه جفون السيوف وصدقوا اللقاء ونزل النصر وغنموا مالا يعبر عنه... إلخ) ([394]).

* * *

 سقوا وأغيثوا

قال الذهبي: قيل: لما دخل موسى بن نصير إفريقية وجد غالب مدائنها خالية لاختلاف أيدي البربر، وكان القحط، فأمر الناس بالصلاة والصوم والصلاح، وبرز بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات، ففرق بينها وبين أولادها، فوقع البكاء والضجيج، وبقي إلى الظهر ثم صلى وخطب فسقوا وأغيثوا ([395]).

* * *

 اللهم أخف عليهم أمري

قال المغيرة بن حكيم: قلت لفاطمة بنت عبد الملك([396]): كنت أسمع عمر بن عبد العزيز ([397]) في مرضه يقول: اللهم أخف عليهم أمري ولو ساعة. قالت: قلت له: ألا أخرج عنك؛ فإنك لم تنم. فخرجت، فجعلت أسمعه يقول: }تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ{ [القصص: 83]، مرارًا ثم أطرق، فلبث طويلاً لا يُسمع له حس، فقلت لوصيف: ويحك انظر. فلما دخل صاح فدخلت فوجدته ميتًا قد أقبل بوجهه على القبلة، ووضع إحدى يديه على فيه والأخرى على عينيه ([398]).

* * *


 أراد قتل رجل فقتل

عن وضاح بن خيثمة قال: أمرني عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – بإخراج من في السجن فأخرجتهم إلا يزيد بن أبي مسلم ([399]) فنذر دمي؛ قال: فوالله إني لبإفريقية إذ قيل لي: قدم يزيد بن أبي مسلم فهربت منه فأرسل في طلبي فأخذت فأتي بي فقال لي: وضاح؟ قلت: وضاح. قال: أما والله لطالما سألت الله أن يمكنني منك. قلت: وأنا والله لطالما استعذت بالله من شرك. قال: فوالله ما أعاذك الله، والله لأقتلنك، لو سابقني ملك الموت لقبْض روحك لسبقته، علي بالسيف والنطع. قال: فجيء بالنطع فأقعدت فيه وكتفت، وقام قائم على رأسي بسيف مشهور، وأقيمت الصلاة، فخرج إلى الصلاة، فلما خر ساجدًا أخذته سيوف الجند فقتل، فجاءني رجل فقطع كتافي بسيفه ثم قال: انطلق ([400]).

* * *

 صرعة تجعله نكالاً

عن أبي بكر الهذلي أن يزيد ([401]) قال: أدعوكم إلى سنة عمر بن عبد العزيز، فخطب الحسن وقال: اللهم اصرع يزيد بن المهلب صرعة تجعله نكالاً، يا عجبًا لفاسق، غير برهة من دهره ينتهك المحارم، يأكل معهم ما أكلوا ويقتل ما قتلوا، حتى إذا مُنع شيئًا قال: إني غضبان فاغضبوا. فنصب قصبًا عليها خرق فاتبعه رجرجة ورعاع يقول: أطلب بسنة عمر، إن من سنة عمر أن توضع رجلاه في القيد ثم يوضع حيث وضعه عمر. قال الذهبي: قتل عن تسع وأربعين سنة. ولقد قاتل قتالاً عظيمًا وتفللت جموعه، فما زال يحمل بنفسه في الألوف لا لجهاد؛ بل لشجاعة وحمية، حتى ذاق حمامه، نعوذ بالله من هذه القتلة الجاهلية ([402]).

* * *


 سيفرج عنه سريعًا

عن سلمة بن زياد قال: كان عمر بن هبيرة ([403]) واليًا على العراق، ولَّاه يزيد بن عبد الملك([404]) فلما مات يزيد واستُخلف هشام([405]) قال عمر بن هبيرة: يولي هشام العراق أحد الرجلين: سعيدًا الحرشي([406]) أو خالد بن عبد الله القسري([407])، فإن ولَّى ابن النصرانية خالدًا فهو البلاء، فولَّى هشام خالدًا العراق، فدخل العراق وقد أوذن عمر بن هبيرة بالصلاة، وقد اعتم والمرآة في يده يسوي عمته إذ قيل له: هذا خالد قد دخل. فقال عمر بن هبيرة: هكذا تقوم الساعة؛ تأتي بغتةً، فقدم خالد فأخذ عمر بن هبيرة فقيده وألبسه مدرعة من صوف، فقال لخالد: بئس ما سننت على أهل العراق؛ أما تخاف أن يؤذن فيك بمثل هذا.

وعن بكر بن عياش قال: لما صنع خالد به ما صنع ذهب يتقلب وهو في الحديد، فتكشف، فكأنما ثمَّ صوفُه فقال: }لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ{ [الأنبياء: 87]. قال من حضره: ما أخلقه، سيفرج عنه سريعًا.

وقال سليمان بن زياد: فجاء موال لعمر بن هبيرة فاكتروا دارًا إلى جانب الحبس ثم نقبوا سربًا منها إلى الحبس واكتروا دارًا إلى جنب حائط سور مدينة واسط، فلما كانت الليلة التي أراد أن يخرجوه فيها من الحبس أفضوا النقب إلى الحبس فخرج من الحبس في السرب، ثم خرج إلى الدار يمشي، حتى بلغ الدار التي إلى جانب حائط المدينة وقد نقب فيها، ثم خرج في السرب منها حتى خرج من المدينة، وقد هيئت له خيل خلف حائط المدينة فركب وعلم به بعدما أصبحوا، وقد كان أظهر علةً قبل ذلك لكي يمسكوا عن تفقده كل وقت، فأتبعه خالد سعيدًا الحرشي فلحقه وبينه وبينه الفرات، فتعصب له وتركه، وقال الفرزدق:

ولما رأيتَ الأرض قد سُدَّ ظهرُها

ولم يك إلا بطنها لك مخرجًا

دعوتَ الذي ناداه يونس بعدما

ثوى في ثلاث مظلمات ففرجا

خرجتَ فلم يمنن عليك شفاعة

سوى ربك البر اللطيف المفرِّجا

وأصبحت تحت الأرض قد سرت ليلة

وما سار سارٍ مثلها حين أدلجا

وعن خازم مولى عمر بن أبي هبيرة قال: كنت مع عمر بن هبيرة حيث هرب من السجن فبلغنا دمشق بعد عتمة، فأتى مسلمة بن عبد الملك ([408])، فأجاره وأنزله معه في بيته، وصلى مسلمة بن عبد الملك خلف هشام بن عبد الملك الصبح فاستأذن عليه مسلمة فدخل عليه، فلما رآه قال: يا أبا سعيد ما أظن ابن هبيرة إلا وقد طرقك هذه الليلة. قال: أجل يا أمير المؤمنين، وقد أجرته فهبه لي. قال: قد وهبته لك ([409]).

* * *

 قضى دين والده فرزقه الله – تعالى -

عن عبد الله بن محمد بن سيرين قال: لما ضمنت على أبي ([410]) دينه قال لي: بالوفاء؟ قلت: بالوفاء. فدعا لي بخير، فقضى عبد الله عنه ثلاثين ألف درهم، فما مات عبد الله حتى قوَّمنا ماله ثلاث مائة ألف درهم أو نحوها. ([411] قال المدائني: كان سبب حبسه أنه أخذ زيتًا بأربعين ألف درهم، فوجد في زق منه فأرة فظن أنها وقعت في المعصرة وصبَّ الزيت كله، وكان يقول: إني ابتليت بذنب أذنبتُه منذ ثلاثين سنة. قال: فكانوا يظنون أنه عيَّر رجلا بفقر. ([412])، قال أبو سليمان الداراني([413]): وبلغه هذا فقال: قلَّت ذنوب القوم فعرفوا من أين أُتوا، وكثرت ذنوبنا فلم ندر من أين نؤتى([414]). وقال محمد بن سعد([415]): سألت الأنصاري عن سبب الدَّين الذي ركب محمد بن سيرين حتى حبس، قال: اشترى طعامًا بأربعين ألف، فأخبر عن أصل الطعام بشيء فكرهه أو تصدق به فحبس على المال، حبسته امرأة، وكان الذي حبسه مالك بن المنذر ([416]).

* * *


ضرب العالم فقطعت يده

عن مالك بن دينار ([417]) أنه حُمَّ، ثم وجد خفَّة، فخرج لبعض حاجته، فمر بعض أصحاب الشرط وبين يديه قوم يطوفون، فأعجلوني فاعترضت في الطريق، فلحقني إنسان من أعوانه فقنعني أسواطًا كانت أشد علي من تلك الحمى، فقلت: (قطع الله يدك). فلما كان من الغد غدوتُ إلى الجسر في حاجة لي، فتلقَّوني به مقطوعة يده معلقة في عنقه ([418]).

* * *

 أسألك العفو والعافية

عن توبة العنبري ([419]) قال: عملت ليوسف بن عمر ([420]) قال: فحبسني حتى لم يبق في رأسي شعرة سوداء قال: فرأيت في المنام رجلاً حسن الوجه أبيض الثوب فقال: يا توبة، لقد طال حبسك. قال: قلت: أجل. قال: قل: «اللهم أسألك العفو والعافية، والمعافاة في الدنيا والآخرة». ثلاث مرات، فانتبهت فكتبتها، ثم قمت فتوضأت وصليت، فما زلت أقولها حتى السَّحر، فإذا رسل يوسف قد أخرجوني إليه في قيودي، قال: أتحب أن أخلِّيك؟ قلت: نعم. فأطلق قيودي وخلاني ([421]).

* * *

 في حفظ الله – تعالى -

عن الفضل بن الربيع ([422]) قال: حدثني أبي ([423]) قال: حج أبو جعفر([424]) سنة سبع وأربعين ومائة، فقدم المدينة فقال: ابعث إلى جعفر بن محمد ([425]) من يأتيني به تعبًا، قتلني الله إن لم أقتله. فأمسكت عنه رجا أن ينساه، فأغلظ لي في الثانية فقلت: جعفر بن محمد بالباب يا أمير المؤمنين. قال: ائذن له. فأذنت له، فدخل فقال: السلام عليكم يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فقال: لا سلَّم الله عليك يا عدو الله؛ تلحد في سلطاني وتبغيني الغوائل في ملكي، قتلني الله إن لم أقتلك.

 قال جعفر: يا أمير المؤمنين، إن سليمان أُعطي فشكر وإن أيوب ابتُلي فصبر وإن يوسف ظُلم فغفر ... فنكس رأسه طويلاً ثم رفع رأسه فقال: إليَّ وعندي يا أبا عبد الله البريء الساحة السليم الناحية القليل الغائلة، جزاك الله من ذي رحم أفضل ما يجزي ذوي الأرحام عن أرحامهم. ثم تناول يده فأجلسه معه على مفرشة ثم قال: يا غلام عليَّ بالمنفحة – والمنفحة مدهن كبير فيه غالية – فأتي به فغلفه بيده حتى خلت لحيته قاطرة، ثم قال له: في حفظ الله وكلاءته يا ربيع، ألحق أبا عبد الله جائزته وكسوته، فانصرف فلحقته فقلت: إني قد رأيت قبل ذلك ما لم تر، ورأيت بعد ذلك ما قد رأيت؛ رأيتك تحرك شفتيك، فما الذي قلت؟ قال: نعم، إنك رجل منا أهل البيت ولك محبة وود. قلت: «اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واغفر لي بقدرتك عليَّ، ولا أهلك وأنت رجائي، ربِّ كم من نعمة أنعمت بها عليّ قلَّ لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قلَّ لك عندها صبري، فيا من قل عند نعمه شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدًا، ويا ذا النعم التي لا تُحصى أبدًا، أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وبك أدرأ في نحره وأعوذ بك من شره، اللهم أعني على ديني بدنياي وعلى آخرتي بتقواي واحفظني ... ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرته يا من لا تضره الذنوب ولا تنقصه المغفرة، اغفر لي ما لا يضرك وأعطني ما لا ينقصك، إنك أنت الوهاب، أسألك فرجًا قريبًا وصبرًا جميلاً ورزقًا واسعًا والعافية من جميع البلاء وشكر العافية»([426]).

* * *

 قد كشف الله – تعالى – عني ما أجد

قال مطرف بن مصعب: دخلت على المنصور فرأيته مغمومًا حزينًا قد امتنع من الكلام لفقد بعض أحبته، فقال لي: يا مطرف، ركبني من الهم ما لا يكشفه إلا الله الذي ابتلاني به؛ فهل من دعاء أدعو الله به عساه يكشف عني؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، حدثني محمد بن ثابت عن عمرو بن ثابت البصري قال: دَخَلَتْ في أُذن رجل من أهل البصرة بعوضة حتى وصلت إلى صماخيه فأنصبته وأسهرت ليله ونهاره، فقال رجل من أصحاب السجن: ادعُ بدعاء العلاء بن الحضرمي صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي دعا به في المفازة وفي البحر وخلَّصه الله – سبحانه. قال: وما هو - يرحمك الله؟ قلت: بعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين فسلكوا مفازةً وعطشوا عطشًا شديدًا حتى خشوا الهلاك، فنزل فصلى ركعتين ثم قال: يا عليم يا حليم يا علي يا عظيم اسقنا.

 قال: فإذا نحن بسحابة كأنها جناح طائر قعقعت علينا ومطرنا، حتى ملأنا كل إناء وسقاء، ثم انطلقنا حتى أتينا على خليج من البحر ما خيض قبل ذلك اليوم ولا خيض بعده، فلم نجد سفنًا فصلى ركعتين ثم قال: يا حليم يا عليم يا علي يا عظيم أجزنا. ثم أخذ بعنان فرسه ثم قال: جوزوا باسم الله. قال أبو هريرة: فمشينا على الماء، والله ما بللنا قدمًا ولا خفًّا ولا حافرًا، وكان الجيش أربعة آلاف فارس، قال: فدعا الرجل بها فما برحنا حتى خرجت من أذنه لها طنين حتى صكت الحائط وبرئ. قال: فاستقبل المنصور القبلة ودعا بهذا الدعاء ساعةً ثم انصرف بوجهه إليَّ، وقال: يا مطرف قد كشف الله عني ما كنت أجد من الهمَّ. ودعا بالطعام فأجلسني فأكلت معه ([427]).

* * *

 دعا له بالبركة

عن إسماعيل يقول: أنبأنا إسماعيل بن حماد([428]) بن أبي حنيفة النعمان([429]) بن ثابت بن المرزبان من أبناء فارس الأحرار، والله ما وقعت علينا رق قط؛ ولد جدي في سنة ثمانين، وذهب ثابت إلى علي وهو صغير فدعا له بالبركة فيه وفي ذريته، ونحن نرجو من الله أن يكون استجاب ذلك لعليٍّ – رضي الله عنه([430]).

* * *

 اللهم لك الحمد

قال عبد الصمد بن يزيد مردويه: حدثنا ابن عيينة ([431]) أن عبد العزيز بن أبي رواد ([432]) قال الأخ له: أقرضنا خمسة آلاف درهم إلى الموسم. فسُرَّ التاجرُ وحملها إليه، فلما جنَّه الليل قال: ما صنعت بابن أبي رواد؟ شيخ كبير وأنا كبير، ما أدري ما يحدث لنا، فلا يعرف له ولدي ما أعرف له، لئن أصبحت لآتيته فأشاوره وأجعله منها في حل، فلما أصبح أتاه فأخبره فقال: اللهم أعطه أفضل ما نوى. ودعا له وقال: إن كنت إنما تشاورني، فإنما استقرضناه على الله، فكلما اغتممنا به كفر الله به عنا، فإذا جعلتنا في حل كأنه يسقط.

 وكره التاجر أن يخالفه؛ فما أتى الموسم حتى مات التاجر، فأتى أولاده فقالوا: مال أبينا يا أبا عبد الرحمن. فقال لهم: لم يتهيأ؛ ولكن الميعاد بيننا الموسم الآتي. فقاموا من عنده، فلما كان الموسم الآتي لم يتهيأ المال فقالوا: إيش أهون عليك من الخشوع وتذهب بأموال الناس. فرفع رأسه فقال: رحم الله أباكم؛ قد كان خاف هذا وشبهه، ولكن الأجل بيننا وبينكم الموسم الآتي، وإلا فأنتم في حل مما قلتم. فبينا هو ذات يوم خلف المقام إذ ورد عليه غلام كان قد هرب له إلى الهند بعشرة آلاف درهم، فأخبره أنه اتَّجر وأن معه من التجارة ما لا يُحصى، قال سفيان: فسمعته يقول: لك الحمد، سألناك خمسة آلاف، فبعثت إلينا عشرة آلاف يا عبد المجيد، احمل العشرة آلاف إليهم؛ خمسة لهم وخمسة للإخاء الذي بيننا وبين أبيهم. فقال العبد: من يقبض ما معي؟ فقال: يا بني أنت حرٌّ لوجه الله، وما معك فلك ([433]).

* * *

 علم ورزق

ذهب إبراهيم بن أدهم ([434]) زائرًا إلى والد الحسن الفزاري، وكان الحسن صغيرًا، قال: فقرع الباب فقال لي أبي: انظر من هذا. فخرجت فإذا رجل آدم عليه عباءةٌ ففزعتُ منه، فدخلت فقلت: يا أبتاه، رجل ما أعرفه. فخرج إليه أبي فلما رآه اعتنقه ثم دخلا، فأخذ يحدِّثه، ووقفت أنا بين أيديهما، فقال له أبي: يا أبي إسحاق، إن ابني هذا بليد في التعلم، فادع الله أن يحبِّب إليه العلم وأن يرزقه حلالاً. فأقعدني في حجره ومسح برأسي ثم قال: اللهم علمه كتابك وارزقه حلالاً. قال: فعلمني الله – تعالى – كتابه ورُزقت حلالاً([435]).

* * *


 عجز عنه الأطباء

عن العطاف بن خالد ([436]) أن رجلاً اشتكى شكوى شديدةً وأعيا الأطباء، فأتى يومًا إلى سعيد بن المسيب فقال: يا أبا محمد، إني اشتكيت شكوى طالت بي وقد أعيت الأطباء، فادع الله – تعالى – أن يكشف عني. فقام سعيد وتوضأ ثم صلى ركعتين ودعا الله – عز وجل – له، فما لبث أن برأ وصحَّ، والحمد لله كثيرًا ([437]).

* * *

 رجع إلى حاله

قال لهيعة بن عيسى: كان المفضَّل ([438]) دعا الله أن يُذْهِبَ عنه الأمل، فأذهبه عنه، فكاد أن يختلس عقلُه ولم يهنأه عيش، فدعا الله أن يردَّ إليه الأمل فردَّه فرجع إلى حاله ([439]).

* * *

 ردَّ الله - تعالى – عليه بصره

قال العباس بن مصعب: حدثني بعض أصحابنا قال: سمعت أبا وهب يقول: مر ابن المبارك ([440]) برجل أعمى فقال له: أسألك أن تدعو لي أن يرد عليَّ بصري. فدعا الله فردَّ عليه بصره، وأنا أنظر([441]).

* * *

 الليلة الليلة

قال فضيل بن عياض ([442]): قال إبراهيم التيمي: إن حبسني - يعني الحجاج - فهو أهون عليَّ؛ ولكن أخاف أن يبتليني فلا أدري على ما أكون عليه. قال فضيل: يخاف الفتنة. قال إبراهيم: فحبسني فدخلت على اثنين في قيد واحد في مكان ضيق لا يجد الرجل إلا موضع مجلسه، فيه يأكلون وفيه يتغوطون وفيه يصلون، قال: فجيء برجل من أهل البحرين فأدخل علينا فلم يجد مكانًا فجعلوا يترامون به فقال: اصبروا؛ فإنما هي الليلة. فلما كان الليل قام يصلي فقال: يا ربّ، مننت عليَّ بدينك وعلمتني كتابك ثم سلطتَ عليَّ شرَّ خلقك، يا رب، الليلة الليلة لا أصبح فيه. فما أصبحنا حتى ضرب البواب السجن فقال: أين البحراني؟ فقلنا: ما دعا به الساعة إلا ليقتل. فخلى سبيله، فجاء فقام على الباب فسلَّم علينا وقال: أطيعوا الله لا يعصكم([443]).

* * *

 فأعطني ذلك

قال أحمد بن فضيل العكي: غزا أبو معاوية الأسود ([444]) فحضر المسلمون حصنًا فيه علج لا يرمي بحجر ولا نشاب إلا أصاب، فشكوا إلى أبي معاوية فقرأ: }وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى{. [الأنفال: 17]، الستروني منه، فلما وقف قال: أين تريدون بإذن الله؟ قالوا: المذاكير. قال: أي رب قد سمعت ما سألوني فأعطني ذلك: بسم الله. ثم رمى المذاكير فوقع ([445]).

* * *

 صلى ركعتين فكفاه الله – تعالى -

عن الفضل بن الربيع حاجب هارون الرشيد قال: دخلت على الرشيد ([446]) أمير المؤمنين فإذا بين يديه صيارة سيوف وأنواع من العذاب، فقال لي: يا فضيل. قلت: لبيك يا أمير المؤمنين قال لي: عليَّ بهذا الحجازي ... فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب الرجل فأتيته فقلت: أجب أمير المؤمنين. فقال: أصلي ركعتين؟ فصلى ثم ركب بغلة كانت له فصرنا معًا إلى دار الرشيد، فلما دخلنا الدهليز الأول حرك شفتيه، فلما دخل الدهليز الثاني حرك شفتيه، فلما وصلنا الرشيد قام إليه أمير المؤمنين كالمستريب له فأجلسه موضعه وقعد بين يديه يعتذر إليه، وخاصةُ أمير المؤمنين قيام ينظرون إلى ما أعده له من أنواع العذاب وإذا هو جالس بين يديه، فتحدثوا طويلاً ثم أذن له بالانصراف، فقال لي: يا فضل، احمل بين يديه بدرة – وعاء الدراهم – فحملت، ثم سأله الفضل عن ذلك فذكر له الدعاء ([447]).

* * *

 ترك صديقة ودعا الله – تعالى -

عن شقيق البلخي ([448]) قال: كنت في بيتي قاعدًا فقال لي أهلي: يا أبا علي قد ترى ما بهؤلاء الأطفال من الجوع، ولا يحل لك أن تحمل عليهم ما لا طاقة لهم به. قال شقيق: فأسبغت الوضوء، وكان لي صديق لا يزال يقسم عليَّ بالله – تعالى – إن تكون لي حاجة أن أعلمه بها ولا أكتمها عنه، فخطر ذكره ببالي، فلما خرجت من المنزل مررت بالمسجد فذكرت ما روي عن أبي جعفر محمد بن علي (من عرضت له حاجة إلى مخلوق، فليبدأ بالله – عز وجل) قال: فدخلت المسجد وصليت فيه ركعتين، ثم نمت فرأيت في منامي أنه قيل: يا شقيق، تدلُّ العباد على الله – تعالى – ثم تنساه. قال: فاستيقظت وعلمت أن ذلك تنبيه نبهني ربي به، فلم أخرج من المسجد حتى صليت العشاء الآخرة ثم تركت الذهاب لصاحبي، وتوكلت على الله – تعالى – وانصرفت إلى المنزل فوجدت الذي أردت أن أقصده في الحاجة قد حركه المولى الكريم عالم الخفيات وكاشف الكربات، الله تعالى، وأجرى لأهلي على يديه ما أغناهم وكفاهم، والحمد لله كثيرًا كما هو أهله.

قال الذهبي – رحمه الله تعالى: (من التفرغ للعبادة السعي في السبب؛ ولا سيما لمن له عيال؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أفضل ما أكل الرجل من كسب يمينه». أما من يعجز عن السبب لضعف أو لقلة حيلة فقد جعل الله – تعالى – له حظًا في الزكاة ([449]).

* * *

 دعاء بعد العطش

عن السري بن يحيى قال: بلغنا أن ملكًا من الملوك الأعاجم أقبل في جيش فلقي عصابة من المسلمين، فلما رأوه اعتصموا بربوة فصعدوا فوقها فقال ذلك الملك: ما أحد ولا شيء أشد عليهم من أن نحيط بهم ثم ننزلهم مكانهم حتى يموتوا من العطش، فأحاطوا بهم فأصابهم حر شديد وعطش، فاستقوا الله – عز وجل، فأقبلت سحابة، فجعل الرجل يحمل برنسه يتلقى به الماء حتى يمتلئ ثم يشرب حتى يروى، فقال ذلك الملك: ارتحلوا فوالله لا أقتل قومًا سقاهم الله من السماء وأنا أنظر([450]).

* * *

 دعا عليه فعمي

قال أحمد بن عبد الرحمن: (بحشل)([451]): طلب عباد بن محمد الأمير عمِّي ([452]) ليوليه القضاء، فتغيب عمي، فهدم عباد بعض دارنا، فقال الصباحي لعباد: متى طمع هذا الكذا وكذا أن يلي القضاء؟ فبلغ ذلك عمي فدعا عليه بالعمى، قال: فعمي الصباحي بعد جمعة ([453]).

* * *

 دعاء في يوم حار

قال ابن مسروق: حدثنا يعقوب ابن أخي معروف أن معروفًا([454]) استسقى لهم في يوم حار فما استتموا رفْعَ ثيابهم حتى مطروا([455]).

* * *

 أصبحت يده ملوية

عن أبي عبد الرحمن الطائي قال: كان رجلٌ من بني فهد قد كبر وضعف يكنى أبا منازل، وكان له ابن يقال له منازل، وكان له ولد صغار، وكان إذا أصاب شيئًا أعطاهم إياه، وكان يقبض عطاء أبيه وكان شيخًا كبيرًا، فولد للشيخ ابنتان صغيرتان، وكان منازل يستأثر عليهم، فلما خرج العطاء خرج منازل فقال: أعطوني عطاءه. فقام الشيخ فقال: أعطوني عطائي في يدي. ففعلوا، فحمل عطاءه ثم قام يتوكأ على منازل فقال منازل: هلمَّ أحمل عنك. فقال: دعه. فلما خلا له الطريق فك يد أبيه ثم أخذ العطاء فذهب به، فانصرف الشيخ وليس في يده شيء، فقال له أهله وولده: ما صنعت؟ قال: أخذ منازل عطائي. ثم أنشأ يقول:

جزت رحم بيني وبين منازل

جزاء كما يستنجز الدَّين طالبُه

ربيتُه حتى إذا ما هوى استوى

كبيرًا وساوى عامل الرمح عاربه

تظلمني مالي كذا ولوى يدي

لوى يده الله الذي هو غالبه

فأصبح منازل ملويةً يده ([456]).

* * *

 دعاء على العائن

روى أبو نعيم عن أبيه عن خاله أن النباجي ([457]) كان مجاب الدعوة وله آيات وكرامات، كان في سفر فأصاب رجلٌ عائنٌ ناقتَه بالعين فجاءه النباجي ودعا عليه بألفاظ فخرجت حدقتا العائن ونشطت الناقة ([458]).

* * *

 بل أسأل الله – تعالى - وحده

كان إسحاق بن عبَّاد البصري نائمًا فرأى في منامه قائلاً يقول له: أغث الملهوف. فاستيقظ فسأل: هل في جيرانه محتاج؟ قالوا: ما ندري. ثم نام فأتاه ثانيًا وثالثًا فقال له: أتنام ولم تغث الملهوف؟ فقام وأخذ معه ثلاثمائة درهم وركب بغلة، فخرج به إلى البصرة حتى وقف به على باب مسجد يصلي فيه على الجنائز، فدخل المسجد فإذا رجل يصلي، فلما أحسَّ به انصرف، فدنا منه فقال: يا عبد الله في هذا الوقت؟ في هذا الموضع؟ ما حاجتك؟ قال: أنا رجل كان رأس مالي مائة درهم فذهبت من يدي ولزمني دين مائتا درهم. فأخرج له الدراهم وقال: هذه ثلاثمائة درهم خذها. فأخذها فقال: أتعرفني؟ قال: لا. قال: أنا إسحاق بن عبَّاد، فإن نابت نائبة فأتني؛ فإن منزلي في موضع كذا. فقال له: رحمك الله، إن نابتنا نائبة فزعنا إلى من أخرجك في هذا الوقت حتى جاء بك إلينا ([459]).

* * *

 مسجون يدعو الله – تعالى -

عن أبي بكر الرازي قال: كنت بأصبهان عند أبي نعيم ([460]) أكتب الحديث، وهناك شيخ يسمى أبا بكر عليه مدار الفتيا، فسُعِيَ به عند السلطان فسُجنَ، فرأيت المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وجبريل عن يمينه يحرك شفتيه بالتسبيح لا يفتر، فقال لي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في المنام: قل لأبي بكر بن علي يدعو بدعاء الكرب الذي في صحيح البخاري حتى يفرج الله عنه. قال: فأصبحت فأخبرته فدعا به فلم يكن إلا قليلاً حتى أخرج([461]).

* * *

 الفريابي يستغيث

قال إبراهيم بن أبي طالب: سمعت محمد بن سهل بن عسكر([462]): خرجنا مع محمد بن يوسف الفريابي ([463]) في الاستسقاء، فرفع يديه فما أرسلهما حتى مطرنا ([464]).

* * *


 إذا استسقى لنا سقينا

قال عبد الصمد بن سعيد القاضي ([465]): حدثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني قال: وجَّه المأمون إلى أهل حمص ليقدموا عليه دمشق، فاختاروا أربعة: يحيى بن صالح وأبا اليمان وعلي بن عياش ([466]) وخالد بن خلي ([467] فقيل: ما تقول في أبي اليمان؟ قال: شيخنا وعالمنا. قال: قال فما تقول في علي بن عياش؟ قال: رجل من الأبدال إذا نزلت بنا نازلة سألناه فدعا الله فيكفَّها وإذا استسقى لنا سُقينا ([468]).

* * *

 دعا له بالتحديث

عن أبي القاسم الأزهري أنه سمع أحسن بن رزقويه لما حدَّث يقول: أدركتني دعوة أبي بكر الشافعي. وذلك أنه دعا الله لي بأن أبقى حتى أحدث فاستجيب له، فروى عن الشافعي وأبي الحسن الدارقطني ...([469]).

* * *

 طارت السيوف من أيديهم

روى إبراهيم بن عيشون عن أبيه - وكان من عباد الله الصالحين المنقطعين بالمنستير - قال: لما احتضر أبي قال: أخرجوني إلى الموضع الذي أجيبت فيه دعوتي حتى أدعو الله – تعالى – به. فسألته عن قصته فقال: نزل عليَّ اللصوص فقطعوا عليَّ صلاتي، وقالوا: هات ما عندك، فدعا الله تعالى، ثم قال: فنزعوا ثيابي وتركوني في المئزر، وقالوا: يخرج من كل طائفة رجل يقتله مرة فوقف ستة نفر من ناحية وستة نفر من ناحية ورفعوا سيوفهم ليقتلوني، فلما رأيت البلاء رفعت رأسي تحت ظلال السيوف إلى السماء وقلت: يا غياث المستغيثين أغثني. فوقعوا على ظهورهم وطارت سيوفهم من أيديهم ... إلخ([470]).

* * *

 خرج من الجوع فرزق

عن يزيد بن هارون قال: غدوت إلى أصبغ بن يزيد الوراق أريد أن أسمع منه فوجدته شديد الغمِّ فقلت: يرحمك الله، ممَّ غمُّك؟ فقال لي: إن كنت تريد أن تكتب فاكتب، وإلا فانصرف. فكتبتُ وانصرفتُ، فلما كان في اليوم الثاني غدوت إليه فوجدته قد تضاعف، فسألتُه عن ذلك فقال: إن كنت تريد أن تكتب فاكتب وإلا فانصرف فكتبت وانصرفت، فلما كان اليوم الثالث رحتُ إليه فوجدتُه طلق الوجه مسرورًا، فقلت له: أراك اليوم والحمد لله مسرورًا وكنت بالأمس مغمومًا، فما الخبر؟

 فقال: أما إنك لولا سؤالك في اليوم الخالي ما أخبرتك، ولكني أعلمك أني مكثت أنا ومن عندي ثلاثًا لم نطعم طعامًا، فلما كان اليوم خرجت إلى ابنتي الصغيرة وقالت: يا أبت، الجوع. فتركتها وأتيت الميضأة فتوضأت للصلاة، وصليت ركعتين ومددت يدي لأدعو، فأنسيت ما كنت أحسنه من الدعاء، فقلت: اللهم إن حرمتني الرزق فلا تحرمني الدعاء. فألهمت الدعاء، وفيه: «... وافتح عليَّ رزقًا لا تجعل لأحد عليَّ فيه منة، ولا لك عليَّ في الآخرة تبعة، برحمتك يا أرحم الراحمين». ثم انصرفتُ إلى البيت فإذا بابنتي الكبيرة قد قامت إليَّ وقالت: يا أبه، جاء الساعة عمي بهذه الصرة من الدراهم وبحمال عليه دقيق وحمال عليه من كل شيء في السوق وقال: أقرئوا أخي السلام ... قال أصبغ بن زيد: والله ما كان لي من أحد، ولا أعرف من كان هذا القائل؛ ولكن الله على كل شيء قدير ([471]).

* * *

 مات في اليوم الثالث

عن خلف بن محمد البخاري: سمعت أبا عمرو أحمد بن رئيس نيسابور ببخارى يقول: حدَّثنا الحسين بن منصور ([472]) وقد عرض عليه قضاء نيسابور، فاختفى ثلاثة أيام ودعا الله، فمات في اليوم الثالث([473]).

قال الذهبي – رحمه الله تعالى: قال رسته ([474]): سألت ابن مهدي([475]) عن الرجل يتمنى الموت مخافة الفتنة على دينه، قال: ما أرى بذلك بأسًا؛ لكن لا يتمناه مِنْ ضُرٍّ به أو فاقة، تمنى الموت أبو بكر وعمر ومن دونهما([476]).

* * *

 دعاء وسط البحر

حكى بعضهم قال: هاجت الريح فرأيتُ عبد الملك بن حبيب([477]) رافعًا يديه متعلقًا بحبال المركب يقول: اللهم إن كنت تعلم أني إنما أردت ابتغاء وجهك وما عندك فخلصنا. قال: فسلم الله ([478]).

* * *

 أتهزأ بالدعاء

عن أبي علي الفسوي عن أبيه قال: ولينا عامل بفسا فجار وظلم فأقمنا ثلاثة أيام بلياليهن ندعو عليه، فلما كان اليوم الرابع اشتد علينا وقال: بلغني دعاؤكم ولعلكم تظنون أني أفكر في ذلك. ثم أمر ببعضهم إلى الديماس (المكان المظلم)، فقام رجل منهم أديب فوعظه فلم يتعظ وركب، فاستقبله ثور عليه حمل وتحته بغل نفور فنفر ورمى به ثم دار فوقه وشق بطنه فمات، فاجتاز الأديب وهو على تلك الحال فأنشد:

أتهزأ بالدعاء وتزدريه

تأمل فيك ما صنع الدعاء

سهام الليل لا تخطئ ولكن

لها أمد وللأمد انقضاء

فيمسكها إذا ما شاء حكم

ويرسلها إذا نفذ القضاء ([479])

* * *

 حج ودعا الله – تعالى -

قال الحاكم: سمعت محمد بن المؤمل يقول: حج جدي وقد شاخ فدعا الله أن يرزقه ولدًا، فلما رجع رُزق أبي فسماه المؤمَّل ([480]) لتحقيق ما أمله، وكنَّاه أبا الوفاء ليفي لله بالنذور، فوفى بها ([481]).

* * *

 ذهب ما به

عن بكر بن محمد بن العلاء القاضي قال: احتبس بولي وأنا صبي نحو سبعة أيام فأتي بي إلى سهل على عنق غلام لنا ومعي أبي، فذكر له أبي احتباس بولي فمسح على بطني وقال: اذهبوا به يذهب الله ما به إن شاء الله. فما هو إلا أن خرجنا عن داره فأطلق الله ما كان بي، وأمر أبي الغلام أن يقف فجرى بولي على الغلام وذهب ما كان بي ([482]).

* * *


مبالغ في الاستهزاء

قال ابن بشكوال ([483]): ذكر قاسم بن أحمد في (كتاب العباد) من تأليفه: قال أبو عبد الله بن الطويل: كان لشيبان الزاهد – رحمه الله تعالى – جار يعرف بابن الصيقل، وكانت له دار تلاصق دار إبراهيم بن عيسى بن حيوية الفقيه، فسأله بيعها فأبى عليه وقال له: إن مالك غير طاهر، وهذه دويرة حلال ورثتُها عن أبي وجدي. فألحَّ عليه في بيعها فأبى، فقال له: والله لئن لم تأخذ الثمن فيها لأضيِّقنَّ عليك فيها حتى تفر منها. قال: أرجو أن الله يدفع عني ضرك بدعاء الإخوان. قال: نعم، إذا أردت أن تدعو الله فاجتمع بشيبان وحسان وادعو الله في تلك الصومعة؛ فإنها أقرب إلى الله.

 فقال: كذلك نفعل إن شاء الله. فنهض الرجل من وقته إلى شيبان وحسان – رحمهما الله – فأعلمهما بمقالة ابن حيوية فقالا: نعم، كذلك نفعل إن شاء الله تعالى. فلما أتى الليل باتوا في الصومعة وصلَّوا ودعوا، فلما كان السحر سمعوا صراخًا وبكاءً، فإذا بابن حيوية قد مات في ذلك السحر، وأجاب الله – تعالى – دعاءهما فيه، وكفى الله تعالى الرجل والمسلمين ضرَّه، وانتشر هذا الخبر بمدينة قرطبة حديثًا يذكر إلى وقتنا هذا ([484]).

* * *

 دعاء الإمام أحمد بن حنبل

قال صالح بن أحمد: قال أبي([485]): فلما صرنا إلى أذنة ورحلنا منها في جوف الليل وفُتح لنا بابها إذا رجلٌ قد دخل فقال: البشرى، قد مات الرجل. يعني المأمون ([486] قال أبي: وكنت أدعو الله أن لا أراه ([487]).

وقال محمد بن إبراهيم البوشنجي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: تبيَّنتُ الإجابة في دعوتين: دعوة الله أن لا يجمع بيني وبين المأمون، ودعوته أن لا أرى المتوكل، فلم أر المأمون، مات بالبذندون، قلت - والكلام للذهبي: وهو نهر الروم. وبقي أحمد محبوسًا بالرقة حتى بويع المعتصم ([488]) إثر موت أخيه، فردَّ أحمد إلى بغداد.

 وأما المتوكل ([489]) فإنه نوَّه بذكر الإمام أحمد والتمس الاجتماع به، فلما أن حضر أحمد دار الخلافة بسامراء ليحدث ولد المتوكل ويُبَرِّكَ عليه جلس له المتوكل في طاقة حتى نظر هو وأمه منها إلى أحمد ولم يره أحمد ([490]).

* * *


 انصرف راشدًا

لما حُمل ذو النون المصري ([491]) إلى العراق، وأدخل على الواثق ([492])، أعد السيف والنطع، فلما عاينه أدناه وقرَّبه وقال: مرحبًا بك. ودعا له بغالية فطيبه بيده وقال: أتعبناك يا أبا الفيض، انصرف راشدًا. فقال الوزير: فعلتَ بهذا المصري ما لم تفعله بأحد. فقال: ويحك، إن لم أفعل ما رأيت لظننت أني أوخذ. فقال الوزير: قد رأيتُه والله يحرك شفتيه، أفتأذن لي عن سؤاله في ذلك؟ فقال: نعم. فسأله، فذكر الدعاء الذي قاله ([493]).

* * *

لا يريد القضاء

عن أبي بكر بن داود يقول: كان المستعين بالله ([494]) بعث إلى نصر بن علي ([495]) بشخصه للقضاء، فدعاه عبد الملك أمير البصرة وأمره بذلك فقال: ارجع واستخير الله – تعالى. فرجع إلى بيته نصف النهار فصلى ركعتين وقال: اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك. فنام فأنبهوه فإذا هو ميت ([496]).

* * *

 دعاء أم البخاري

عن محمد بن الفضل البلخي: سمعت أبي يقول: ذهبت عينا محمد بن إسماعيل ([497]) في صغره فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل – عليه السلام – فقال لها: يا هذه، قد ردَّ الله على ابنك بصره لكثرة بكائك أو كثرة دعائك – شك البلخي – فأصبحنا وقد رد الله عليه بصره ([498]).

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عبد الله يقول: ما ينبغي للمسلم أن يكون بحالة إذا دعا لم يستجب له. فقالت له امرأة أخيه بحضرتي: فهل تبينت ذلك أيها الشيخ من نفسك أو جربت؟ قال: نعم؛ دعوتُ ربي – عز وجل – مرتين فاستجاب لي، فلن أحبَّ أن أدعو بعد ذلك؛ فلعله ينقص من حسناتي أو يعجِّل لي في الدنيا. ثم قال: ما حاجة المسلم إلى الكذب والبخل ([499]).

* * *

 البخاري يدعو على من ظلمه

قال الحاكم: سمعت محمد بن عباس الضَّبِّيَّ يقول: سمعت أبا بكر بن أبي عمرو الحافظ البخاري يقول: كان سبب منافرة أبي عبد الله أن خالد بن أحمد الذهلي ([500]) الأمير خليفة الطاهرية ببخارى سأله أن يحضر منزله فيقرأ (الجامع) و(التاريخ) على أولاده لا يحضره غيرهم، فامتنع وقال: لا أخصُّ أحدًا. فاستعان الأمير بحريث بن أبي الورقاء وغيره حتى تكلموا في مذهبه ونفاه من البلد، فدعا عليهم، فلم يأت إلا شهر حتى ورد أمر الطاهرية بأن ينادي على خالد في البلد، فنودي عليه على أتان.

 وأما حريث فإنه ابتلي بأهله، فرأى فيها ما يجلّ عن الوصف، وأما فلان فابتلي بأولاده وأراه الله فيهم البلايا([501]). قلت - والكلام للذهبي: خالد بن أحمد الأمير. قال الحاكم: له ببخارى آثار محمودة كلها إلا موجدته على البخاري؛ فإنها زلة وسبب لزوال ملكه ([502]).

* * *

 البخاري ضاقت عليه الأرض

قال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي يقول: جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك (قرية) على فرسخين من سمرقند، وكان له بها أقرباء، فنزل عندهم، فسمعته ليلة يدعو وقد فرغ من صلاة الليل: اللهم إنه قد ضاقت عليَّ الأرض بما رحبت فاقبضني إليك. فما تمَّ الشهر حتى مات ([503]).

* * *

 اللهم مزِّق بطنَه

قال الحاكم: حدثنا محمد بن صالح قال: كنا عند أبي عمرو المستملي([504]) فسمع جلبة فقال: ما هذا؟ قالوا: أحمد بن عبد الله ([505]) – يعني الخجستاني في عسكره – فقال: اللهم مَزِّق بطنه. فما تم الأسبوع حتى قتل ([506]).

قال الحاكم: وسمعت أبا بكر الصبغي يقول: كان أبو عمرو يصوم النهار ويحيي الليل، ثم قال الصبغي: فأخبرني غير واحد أن الليلة التي قُتل فيها أحمد بن عبد الله – يعني الظالم الذي استولى على نيسابور – صلى أبو عمرو العتمة ثم صلى طول ليله وهو يدعو على أحمد بصوت عال: اللهم شُقَّ بطنه، اللهم شقَّ بطنه ([507]).

* * *

 مع الفجر

قال الحاكم: وسمعت أبي يقول: لما قتل أحمد بن عبد الله الذي استولى على البلاد – الإمام حيكان بن الذهلي - ([508]) أخذ في الظلم والعسف، وأمر بحربة ركزت على رأس المربعة وجمع الأعيان، وحلف: إن لم يصبوا الدراهم حتى يغيب رأس الحربة فقد أحلوا دماءهم، فكانوا يقتسمون الغرامة بينهم، فخُصَّ تاجرٌ بثلاثين ألف درهم، فلم يكن يقدر إلا على ثلاثة آلاف درهم، فحملها إلى أبي عثمان ([509]) وقال: أيها الشيخ قد حلف هذا كما بلغك، ووالله لا أهتدي إلا إلى هذه. قال: تأذن لي أن أفعل ما ينفعك؟ قال: نعم. ففرَّقها أبو عثمان وقال للتاجر: امكث عندي. وما زال أبو عثمان يتردَّد بين السكة والمسجد ليلته حتى أصبح وأذَّن المؤذن، ثم قال لخادمه: اذهب إلى السوق وانظر ماذا تسمع. فذهب ورجع وقال: لم أر شيئًا. قال: اذهب مرة أخرى. وهو في مناجاته يقول: وحقك لا أقمت ما لم تفرج عن المكروبين. قال: فأتى خادمه الفرغاني يقول: وكفى الله المؤمنين القتال شق بطن أحمد بن عبد الله. فأخذ أبو عثمان في الإقامة. قلت - والكلام للذهبي: بمثل هذا يعظم مشايخ الوقت ([510]).

* * *

 سقط القيد من رجله

 قال الذهبي: «وألَّف أبو عبد الملك أحمد بن محمد بن عبد البر القرطبي كتابًا في أخبار علماء قرطبة ذكر فيه بقيّ بن مخلد ([511]) إلى أن قال: وذكر عبد الرحمن بن أحمد عن أبيه أن امرأة جاءت إلى بقي فقالت: إن ابني في الأسر ولا حيلة لي؛ فلو أشرت إلى من يفديه فإنني والهة. قال: نعم، انصرفي حتى أنظر في أمره. ثم أطرق وحرَّك شفتيه، ثم بعد مدة جاءت المرأة بابنها فقال: كنت في يد ملك فبينا أنا في العمل سقط قيدي. قال: فذكرت اليوم والساعة، فوافق وقت دعاء الشيخ. قال: فصاح على المرسم بنا ثم نظر وتحيَّر ثم أحضر الحداد وقيدني، فلما فرغه ومشيت سقط القيد فبهتوا ودعوا رهبانهم فقالوا: ألك والدة؟ قلت: نعم. قالوا: وافق دعاؤها الإجابة. هذه الواقعة حدَّث بها الحافظ حمزة السهمي عن أبي الفتح نصر بن أحمد بن عبد الملك، قال: سمعت عبد الرحمن بن أحمد، حدثني أبي ... فذكرها، ثم قالوا: قد أطلقك الله، فلا يمكننا أن نقيدك فزودني وبعثوا بي»([512]).

وقال أبو بكر الطرطوشي: «جاءت امرأة إلى بقي بن مخلد وهو رجل واسع العلم والدراية من مشايخ علماء الأندلس فقالت: إن ابني أسره الروم، ولا أقدر على أكثر من دويرة لي لا أقدر على بيعها؛ فلو أشرت على من يفديه بشيء؛ فإنه ليس لي ليل ولا نهار ولا نوم ولا قرار. فقال: نعم، أنظريني حتى أنظر في أمره إن شاء الله سبحانه. ثم أطرق الشيخ وحرَّك شفتيه، وجاءت المرأة بعد مدَّةٍ ومعها ولدها، فجعلت تدعو وتقول: حدث خبرك له. فقال: كنت أسيرًا عند بعض ملوك الروم، وكان له إنسان يستخدمنا ويؤذينا وعلينا قيودنا، فجئنا ليلة من العمل فانحل القيد من رجلي ووقع على الأرض. ووصف ذلك اليوم، فوافق الوقت الذي دعا فيه الشيخ، قال: فصاح عليَّ الذي يستخدمني وقال: كسرت القيد؟ قلت: لا؛ إلا أنه سقط من رجلي، فاستحضروا الحداد وقيدوني. فلما مشيت خطوات سقط القيد من رجلي، فتحيروا ودعوا برهبانهم فقالوا: ألك والدة؟ قلت: نعم. قالوا: وافق دعاؤها الإجابة، أطلقك الله فلا نمسك. فزودوني وصحبوني إلى ناحية المسلمين»([513]).

* * *

 قصة الغلامين

عن إبراهيم بن جابر قال: كنت أجلس في حلقة إبراهيم الحربي ([514])، وكان يجلس إلينا غلامان وكأنهما روح في جسد؛ إن قاما قاما معًا وإن حضرا فكذلك، فلما كان في بعض الجمع حضر أحدهما وقد بان الاصفرار بوجهه والانكسار في عينيه ... فلما كانت الجمعة الثانية حضر الغائب، ولم يحضر الذي جاء في الجمعة الأولى منهما، وإذا الصفرة والانكسار في لونه ... وقلت: إن ذلك للفراق الواقع بينهما، وذلك للألفة الجامعة لهما، فلم يزالا يتسابقان في كل جمعة إلى الحلقة، فأيهما سبق صاحبه إلى الحلقة لم يجلس الآخر ...

 فلما كان في بعض الجمع حضر أحدهما فجلس إلينا، ثم جاء الآخر فأشرف على الحلقة، فوجد صاحبه قد سبق، وإذا المسبوق قد أخذته العبرة، فتبيَّنتُ ذلك منه في دائرة عينيه، وإذا في سيراه رقاع صغار مكتوبة فقبض بيمينه رقعة منها وحذف بها في وسط الحلقة، وانساب بين الناس مستخفيًا وأنا أرمقه.

 وكان ثمَّ أبو عبيدة بن حربويه فنشر الرقعة وقرأها ... وفيها دعاء؛ أن يدعو لصاحبها مريضًا كان أو غير ذلك ويؤمِّن على الدعاء من حضر، فقال الشيخ: اللهم اجمع بينهما وألِّف قلوبهما، واجعل ذلك فيما يقرب منك ويزلف لديك. وأمَّنوا على دعائه ... ثم طوى الرقعة وحذفني بها، فتأمَّلْتُ ما فيها ... فإذا فيها مكتوب:

عفا الله عن عبد أعان بدعوة

لخلَّين كانا دائمَيْن على الود

إلى أن وشى واشي الهوى بنميمة

إلى ذاك من هذا فحالا عن العهد

فلما كان في الجمعة الثانية حضرا جميعًا، وإذا الاصفرار والانكسار قد زال، فقلت لابن حربويه: إني أرى الدعوةَ قد أجيبت، وأن دعاء الشيخ كان على التمام ... فلما كان في تلك السنة كنت فيمن حجَّ، فكأنِّي أنظر إلى الغلامين محرمين بين منى وعرفة، فلم أزل أراهما متآلفين إلى أن تكهَّلا ([515]).

* * *


 أخرس يدعو الله – تعالى -

عن طريف الأشل قال: كان عندنا أخرس رأيتُه كذلك ثلاثين سنة، فلما كان ليلة سبع وعشرين من رمضان دعا الله – تعالى – فأطلق لسانه فأنا كلمتُه وكلمني ([516]).

* * *

 دعا لمقعد فقام

عن واقد الصَّفَّار قال: دعا عبد العزيز بن سلمان يومًا بمقعد كان في مجلسه، فدعا عبد العزيز وأمَّن إخوانه، قال: فوالله ما انصرف المقعد إلى بيته إلا ماشيًا على رجليه ([517]).

* * *

 إلا من حيث عودتني

عن أبي القاسم بن علان الواسطي قال: لما أصاب أبا الحسين الكرخي ([518]) الفالج في آخر عمره حضرته وحضر أصحابه أبو بكر الدامغاني وأبو علي الشاشي وأبو عبد الله البصري فقالوا: هذا مرض يحتاج إلى نفقة وعلاج، والشيخ مُقلٌّ ولا ينبغي أن نبذله للناس. فكتبوا إلى سيف الدولة بن حمدان([519] فأحس الشيخ بما هم فيه فبكى وقال: اللهم لا تجعل رزقي إلا من حيث عودتني. فمات قبل أن يحمل إليه شيءٌ، ثم جاء من سيف الدولة عشرة آلاف فتصدق بها عنه ([520]).

* * *

 دعا الله – تعالى - فأعانه

عن هارون بن عبد العزيز قال: قال أبو جعفر (يعني الإمام محمد بن جرير الطبري)([521]) استخرت الله وسألتُه العون على ما نويتُه من تصنيف التفسير قبل أن أعلمه بثلاث سنين فأعانني ([522]).

* * *

 اللهم اقطع يديه ورجليه

قال أبو نصر السِّراج: صحب الحلاج ([523]) عمرو بن عثمان ([524]) وسرق كتبًا فيها شيء من علم التصوف، فدعا عليه عمرو: اللهم اقطع يديه ورجليه([525]). (ثم ساق الذهبي قصة الحلاج وقتله)، فقال: قال إسماعيل الخطبي في تاريخه: وظهر رجل يُعرف بالحلاج، وكان في حبس السلطان بسعاية وقعت به في وزارة علي بن عيسى، وذكر عنه ضروب من الزندقة ووضع الحيل على تضليل الناس من جهات تُشبه الشعوذة والسحر وادعاء النبوة، فكشفه الوزير وأنهى خبره إلى المقتدر([526])، فلم يقر بما رمي به وعاقبه وصلبه حيًّا أيامًا، ونودي عليه ثم حبس سنين ينقل من حبس إلى حبس حتى حبس بأخرة في دار السلطان، فاستغوى جماعة من الغلمان وموَّه عليهم واستمالهم بحيله حتى صاروا يحمونه ويدفعون عنه، ثم راسل جماعة من الكبار فاستجابوا له، وترامى به الأمر حتى ذكر عنه أنه ادعى الربوبية، فسعى بجماعة من أصحابه فقبض عليهم، ووجد عند بعضهم كتب تدل على ما قيل عنه، وانتشر خبره، وتكلم الناس في قتله، فسلمه الخليفة إلى الوزير حامد، وأمر أن يكشفه بحضرة القضاة، ويجمع بينه وبين أصحابه، فجرت في ذلك خطوب، ثم تيقن السلطان أمره فأمر بقتله وإحراقه لسبع بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاث مئة، فضرب بالسياط نحوًا من ألف، وقطعت يداه ورجلاه وضربت عنقه وأحرق بدنه ونصب رأسه للناس وعلقت يداه ورجلاه إلى جانب رأسه ([527]).

* * *

 أهل بغداد يتضرعون إلى الله – تعالى -

قال الذهبي – رحمه الله تعالى – عن خلافة المقتدر: «... ثم أقبل أبو طاهر القرمطي ([528]) في ألف فارس وسبع مائة راجل، وقارب بغداد وكاد أن يملك وضج الخلق بالدعاء وقطعت الجسور، مع أن عسكر بغداد كانوا أربعين ألفًا وفيهم مؤنس ([529]) وأبو الهيجاء بن حمدان وإخوته، وقرب القرمطي حتى بقي بينه وبين البلد فرسخان، ثم أقبل وحاذى العسكر، ونزل عبد يجس المخائض فبقي كالقنفذ من النشاب، وأقامت القرامطة يومين وترحلوا نحو الأنبار فما جسر العسكر أن يتبعوهم، فانظر إلى هذا الخذلان»([530]).

* * *

 ذهب علمه بدعاء الشيخ

قال الذهبي ([531]) في ترجمة المحدِّث أبي عبد الله محمد الصَّفار([532]): «وكان ورَّاقه أبو العباس المصري خانه، واختزل عيون كتبه، وأكثر من خمس مائة جزء من أصوله، فكان أبو عبد الله يجامله جاهدًا في استرجاعها فلم ينجع فيه، فذهب علمه بدعاء الشيخ عليه»([533]).

* * *

 يدعو أن لا يراهم

ساق الذهبي بسنده عن علي بن عمرو الحراني، سمعت حمزة بن محمد الحافظ ([534]) وجاءه غريب فقال: إن عسكر أبي تميم – يعني المغاربة – قد وصلوا إلى الإسكندرية فقال: اللهم لا تحيني حتى تريني الرايات الصفر. فمات حمزة ودخل عسكرهم بعد موته بثلاثة أيام، قلت - والكلام للذهبي: هؤلاء عسكر المعز العبيدي الإسماعيلية؛ تملكوا مصر في هذا الوقت، وبنوا في الحال مدينة القاهرة المعزِّيَّة، فأماتوا السُّنَّة وأظهروا الرفض، ودامت دولتهم أزيد من مئتي عام حتى أبادهم السلطان صلاح الدين ([535]) ونسبهم إلى علي – رضي الله عنه – غير صحيح ([536]).

* * *

 غدر به فأنجاه الله – تعالى -

قال ابن كثير رحمه الله: وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة رجل حكى عنه أبو بكر محمد بن داود الدينوري المعروف بالدقي الصوفي ([537] قال هذا الرجل: كنت أكاري على بغل لي من دمشق إلى بلد الزبداني، فركب معي ذات مرة رجل، فمررنا على طريق مسلوكة فقال لي: خذ في هذه؛ فإنها أقرب. فقلت: لا خبرة لي بها. فقال: بل هي أقرب. فسلكناها إلى مكان وعر وواد عميق وفيه قتلى كثيرة، فقال لي أمسك رأس البغل حتى أنزل. فنزل وتشمر وجمع عليه ثيابه وسلَّ سكينًا معه وقصدني، ففررتُ من بين يديه وتبعني، فناشدته الله رجاء أن يأخذ البغل بما عليه فقال: هو لي؛ وإنما أريد قتلك. فخوفته الله والعقوبة فلم يقبل، فاستسلمت بين يديه وقلت: إن رأيت أن تتركني حتى أصلي ركعتين. فقال: عجل. فقمت أصلي فارتج علي القرآن فلم يحضرني منه حرف واحد، فبقيت واقفًا متحيرًا وهو يقول: هيه افرغ. فأجرى الله على لساني قوله تعالى: }أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ{ [النمل: 62]. فإذا أنا بفارس قد أقبل من فم الوادي وبيده حربة فرمى بها الرجل فما أخطأت فؤاده فخر صريعًا فتعلقت بالفارس وقلت: بالله من أنت؟ قال: أنا رسول الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. قال: فأخذت البغل والحمل ورجعت سالمًا ([538]).

* * *

 سُقِي السَّم

قال الإمام الذهبي – رحمه الله – في معرض حديثه عن ما حصل في أواسط الدولة العباسية: وقتل ببغداد رجل من أعوان الشحنة، فبعث رئيس بغداد من طرح النار في أسواق، فاحترقت بغداد حريقًا مهولاً، واحترق النساء والأولاد، فعدة ما احترق ثلاثة مائة وعشرون دارًا وثلاث مائة وسبعة عشر دكانًا وثلاثة وثلاثون مسجدًا، وكثر الدعاء على الرئيس، وهو أبو الفضل الشيرازي ([539]) ثم سقي وهلك ([540]).

* * *

 شرب ماء زمزم

قال أبو حازم عمر بن أحمد العبدويي الحافظ: سمعت الحاكم أبا عبد الله ([541]) إمام أهل الحديث في عصره يقول: شرب ماء زمزم وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف ([542]).

* * *

 مات فجأة

قال الإمام الذهبي – رحمه الله: في ترجمة باديس بن منصور ([543]) صاحب المغرب: (وفي سنة ست وأربع مائة أمر جيشه بالعرض، فسرَّه حسنُ شارتهم وهيئتهم، ثم مد السماط وأكل فمات فجأة لليلته، فأخفوا موته ورتبوا في الملك أخاه كرامت ثم عطفوا فبايعوا ابنه المعز بن باديس، ويقال: مات بالخوانيق، دعا عليه الصالح محرز الطرابلسي المؤدب؛ لكونه همَّ بخراب طرابلس المغرب ([544]).

* * *

 اللهم عافني لأغزوهم

قال الذهبي في ترجمة طغان خان ([545]): (قصدته جيوش الصين، والخطا ([546]) في جمع ما سُمع بمثله، حتى قيل: كانوا ثلاث مائة ألف. وكان مريضًا فقال: اللهم عافني لأغزوهم ثم توفني إن شئت. فعوفي وجمع عساكره وساق فبيتهم وقتل منهم نحو مئتي ألف وأسر مائة ألف، وكانت ملحمة مشهودة في سنة ثمان وأربع مائة ورجع بغنائم لا تحصى إلى بلاساغون، فتوفاه الله عقيب وصوله)([547]).

* * *

 تحيَّر في مسألة

قال ابن سينا ([548]): وكنت كلما أتحير في مسألة أو لم أظفر بالحد الأوسط في قياس ترددت إلى الجامع وصليت وابتهلت إلى مبدع الكل حتى فتح لي المنغلق منه ([549]).

* * *

 خطيب يدعو على رجل

قال ابن بشكوال في ذكره للعلامة المقرئ أبي محمد مكي بن أبي طالب ([550]) (وكان خيرًا متدينًا مشهورًا بإجابة الدعوة، دعا على رجل كان يؤذيه ويسخر به إذا خطب فزمن الرجل)([551]).

* * *

 رده الله – تعالى – إلى ملكه

قال الذهبي في ترجمة الخليفة العباسي القائم بأمر الله([552]): (... كان ذا دين وخير وبر وعلم وعدل، بويع سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة، ونكب سنة خمسين في كائنة البساسيري ([553])، ففر إلى البرية في ذمام أمير للعرب([554])، ثم عاد إلى خلافته بعد عام بهمة السلطان طغرلبك ([555]) وأزيلت خليفة مصر المستنصر بالله ([556]) من العراق، وقتل البساسيري، ولما أن فر القائم إلى البرية رفع قصة إلى رب العالمين مستعديًا على من ظلمه، ونفذ بها إلى البيت الحرام، فنفعت، وردَّه الله تعالى إلى مقر عزه، فكذلك ينبغي لكلِّ من قُهر وبغي عليه أن يستغيث بالله – تعالى، وإن صبر وغفر فإن في الله كفاية ووقاية ([557](وهي إلى الله العظيم من المسكين عبده، اللهم إنك أنت العالم بالسرائر، المطلع على الضمائر، اللهم إنك غني بعلمك واطلاعك علي عن إعلامي، هذا عبدك قد كفر نعمك وما شكرها، أطغاه حلمك حتى تعدى علينا بغيًا، اللهم قل الناصر واعتز الظالم وأنت المطلع الحاكم، بك نعتز عليه وإليك نهرب من يديه، فقد حاكمناه إليك وتوكلنا في إنصافنا منه عليك، ورفعنا ظلامتنا إلى حرمك ووثقنا في كشفها بكرمك، فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين)([558]).

* * *

 من شاء فلينصرف

قال الذهبي – رحمه الله تعالى – (وعظم أمر السلطان ألب أرسلان ([559]) وخُطب له على منابر العراق والعجم وخراسان ودانت له الأمم وأحبته الرعية ولا سيما لما هَزَمَ العدو، فإن الطاغية عظيم الروم أرمانوس حشد وأقبل في جمع ما سمع بمثله في نحو من مئتي ألف مقاتل من الروم والفرنج والكرج وغير ذلك ووصل إلى منازكرد (بلد مشهور بين خلاط وبلاد الروم). وكان السلطان بخوي (بلد بأذربيجان) قد رجع من الشام في خمسة عشر ألف فارس وباقي جيوشه بالأطراف فصمم على المصاف وقال: أنا ألتقيهم – وحسبي الله – فإن سلمت وإلا فابني ملكشاه ([560]) ولي عهدي، وسار فالتقى يزكه (مقدمة الجيش) ويزك القوم فكسرهم يزكه وأسروا مقدمهم فقطع السلطان أنفه، ولما التقى الجمعان وتراءى الكفر والإيمان واصطدم الجبلان طلب السلطان الهدنة قال أرمانوس: لا هدنة إلا ببذل الري فحمي السلطان وشاط فقال إمامه: إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره، ولعل هذا الفتح باسمك فالقهم وقت الزوال – وكان يوم جمعة – قال: فإنه يكون الخطباء على المنابر وإنهم يدعون للمجاهدين فصلوا وبكى السلطان ودعا وأمنوا وسجد وعفر وجهه وقال: يا أمراء، من شاء فلينصرف فما هاهنا سلطان، وعقد ذنب حصانه بيده ولبس البياض وتحنط وحمل بجيشه حملة صادقة، فوقعوا في وسط العدو يقتلون كيف شاؤوا وثبت العسكر ونزل النصر وولت الروم واستحر بهم القتل وأُسر طاغيتهم أرمانوس، أسره مملوك لكوهرائين وهم بقتله فقال إفرنجي: لا. لا فهذا الملك. وقرأت بخط القفطي: أن ألب آرسلان بالغ في التضرع والتذلل وأخلص لله. وكيفية أسر الطاغية أن مملوكًا وجد فرسًا بلجام مجوهر وسرج مذهب مع رجل بين يديه مغفر من الذهب ودرع مذهب، فَهَمَّ الغلام فأتى به إلى بين يدي السلطان فقنعه بالمقرعة وقال: ويلك ألم أبعث أطلب منك الهدنة؟ قال: دعني من التوبيخ قال: ما كان عزمك لو ظفرت بي؟ قال: كل قبيح؟ قال: فما تؤمل وتظن بي؟ قال تقتلني أو تشهرني في بلادك والثالثة بعيده: العفو وقبول الفداء. قال: ما عزمت على غيرها فاشترى نفسه بألف ألف دينار وخمس مائة ألف دينار وإطلاق كل أسير في بلاده فخلع عليه وأعطاه نفقة توصله. وأما الروم فبادروا وملكوا آخر فلما قرب أرمانوس شعر بزوال ملكه، فلبس الصوف وترهب ثم جمع ما وصلت يده إليه نحو ثلاث مائة ألف دينار فبعثها واعتذر وكانت الملحمة في سنة ثلاث وستين (وأربع مائة)([561]).

* * *

 التجأ إلى الله – تعالى – فدفع عنه

قال الذهبي – رحمه الله تعالى – في ترجمة ملكشاه (وقدم بغداد مرتين وقدم إلى حلب، ولم يكن للمقتدي معه غير الاسم ثم قدمها ثالثًا عليلاً، وكان المقتدي قد فوض العهد إلى ابنه المستظهر فألزمه ملكشاه بعزله، وأن يولي ابن بنته جعفرًا وأن يسلم بغداد إليه ويتحول إلى البصرة فشق على المقتدي وحار ثم طلب المهلة عشرة أيام ليتجهز، فصام وطوى وجلس على التراب وتضرع إلى ربه فقوي بالسلطان المرض (أي ملكشاه) ومات في شوال سنة خمس وثمانين (وأربع مائة) عن تسع وثلاثين سنة ([562]) وفي ترجمة الخليفة العباسي المقتدي بأمر الله ([563]) قال فيها الإمام الذهبي – رحمه الله تعالى – (وكان حسن السيرة وافر الحرمة وكان ملكشاه قد صمم على إخراجه من بغداد فحار والتجأ إلى الله فدفع عنه وهلك ملكشاه)([564]).

* * *

 دعاء أهل مصر

في سنة 469هـ سار أتسز ([565]) – الذي أخذ دمشق – إلى مصر وحاصرها وكاد أن يملكها، فتضرع أهلها إلى الله فترحل بلا سبب ونازل القدس ثم أخذها وقتل ثلاثة آلاف وذبح القاضي والشهود صبرًا وعسفا. وفي سنة 471هـ أقبل تاج الدولة تتش ([566]) أخو ملكشاه فاستولى على دمشق وقتل أتسز وأحبه الناس ([567]).

* * *

 اللهم بين لي الحق

قال الحسين بن أحمد الحاجي: خرجت مع أبي المظفر ([568]) إلى الحج فكلما دخلنا بلدة نزل على الصوفية وطلب الحديث، ولم يزل يقول في دعائه: اللهم بين لي الحق، فلما دخلنا مكة نزلنا على أحمد بن علي بن أسد وصحب سعدا الزنجاني حتى صار محدثًا ([569]).

* * *

 دعاء عند الملتزم

عن أبي جعفر الهمذاني الحافظ: سمعت أبا المظفر السمعاني يقول: كنت في الطواف فوصلت إلى الملتزم وإذا برجل قد أخذ بردائي فإذا الإمام سعد فتبسمت فقال: أما ترى أين أنت؟ هذا مقام الأنبياء والأولياء ثم رفع طرفه إلى السماء وقال: اللهم كما سقته إلى أعز مكان فأعطه شرف عز في كل مكان وزمان، ثم ضحك إلي وقال: لا تخالفني في سرك وارفع يديك معي إلى ربك ولا تقولن البتة شيئًا واجمع لي همتك حتى أدعو لك وأمن أنت ولا يخالفني عهدك القديم فبكيت ورفعت يدي، وحرك شفتيه وأمنت ثم قال: مر في حفظ الله فقد أجيب فيك صالح دعاء الأمة، فمضيت وما شيء أبغض إلي من مذهب المخالفين ([570]).

* * *

 دعاء أهل دمشق

قال الذهبي – رحمه الله تعالى – (وفي سنة 543هـ جاءت ثلاثة ملوك من الفرنج إلى القدس منهم طاغية الألمان، صلوا صلاة الموت وفرقوا على جندهم سبع مائة ألف دينار فلم يشعر بهم أهل دمشق إلا وقد صبحوهم في عشرة آلاف فارس وستين ألف رجل، فخرج المسلمون فارسهم وراجلهم والتقوا فاستشهد نحو المائتين منهم النفدلاوي ([571]) وعبد الرحمن الحلحولي ثم اقتتلوا من الغد وقتل خلق من الفرنج فلما كان خامس يوم وصل من الجزيرة غازي بن زنكي ([572]) في عشرين ألفًا وتبعه أخوه نور الدين ([573]) وكان الضجيج والدعاء والتضرع بدمشق لا يعبر عنه ووضعوا المصحف العثماني في صحن الجامع، وكان قسيس العدو قال: وعدني المسيح بأخذ دمشق فحفوا به وركب حماره وفي يده الصليب فشد عليه الدماشقة فقتلوه وقتلوا حماره، وجاءت النجدات وانهزم الفرنج ([574]).

* * *

 دعاء القاضي الفاضل

قال الذهبي – رحمه الله تعالى -: حكى القاضي ضياء الدين ابن الشهرزوري أن القاضي الفاضل ([575]) لما سمع أن العادل ([576]) أخذ مصر دعا بالموت خشية أن يستدعيه وزيره ابن شكر ([577]) أو يهينه فأصبح ميتًا وكان ذا تهجد ومعاملة ([578]).

* * *

 غيث أجرى الأودية

قال الذهبي – رحمه الله تعالى – في ترجمة محمد بن أحمد بن قدامة ([579]) (وقد استسقى مرة بالمغارة، فحينئذ نزل غيث أجرى الأودية)([580]).

* * *

 أهل المدينة وظهور النار

قال الذهبي – رحمه الله تعالى – (في سنة أربع وخمسين (وست مائة) كان ظهور الآية الكبرى وهي النار بظاهر المدينة النبوية ودامت أيامًا تأكل الحجارة واستغاث أهل المدينة إلى الله وتابوا وبكوا ورأى أهل مكة ضوءها من مكة وأضاءت لها أعناق الإبل ببصرى كما وعد بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه. وكسف فيها الشمس والقمر وكان فيها الغرق العظيم ببغداد، وهلك خلق من أهلها وتهدمت البيوت وطفح الماء على السور، وفيها كان حريق مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميعه في أول رمضان من مسرجة القيم فلله الأمر كله ([581]).

وقال أيضًا في تاريخ الإسلام (أمرُ هذه النار متواتر وهي مما أخبر به المصطفى صلوات الله وسلامه عليه حيث يقولك «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تُضيء لها أعناق الإبل ببصرى». وقد حكى غير واحد ممن كان ببصرى في الليل ورأى أعناق الإبل في ضوئها ([582]).

* * *

 همة وصدق

قال الدكتور عبد الرحمن السميط: «من خلال عملنا في غرب السودان أُخبرت أن داعية قبل أربعين سنة أتى إليها (جبال النوبة) وكانت مشهورة بالوثنية وينتشر في كل قرية ساحر فكان الداعية يشرح الإسلام عند ذلك تجمع السحرة وأثاروا الناس فذهبوا إلى الشيخ وقالوا: نحن في جفاف وإذا كان ربك هو حقًا الرب الصحيح فادعه ينزل المطر. وبدون تردد قال لهم: ما هو اليوم قالوا: الاثنين قال: سأدعو يوم الأربعاء فجلس منذ ذلك الوقت يصلي ويدعو ولم ينم في أي ليلة أكثر من ساعة واحدة، وفي يوم الأربعاء تجمع الناس وبدأ يدعو فيذكر لي المسلمون القدامى أنه نزلت كمية من الأمطار لم تشهدها المنطقة هدمت البيوت ومسحت قرى بكاملها»([583]).

* * *

 رزق بتوأم

قالت إحدى لنساء (عاش: أخي الأكبر عشرة أعوام بعد زواجه، ولم يرزق بذرية فعملوا الفحوصات وأثبتت التحاليل الطبية أنه لا يوجد لدى الزوجين مانع من الإنجاب ... وكان أملهما في الله – تعالى – كبيرًا فلجئوا إليه بالدعاء أن يرزقهم ذرية صالحة وتحروا أوقات الإجابة، وكثيرًا ما يردد أخي في دعائه: }رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً{ [آل عمران: 38] ولم يخيب الله – تعالى – رجاءهم فبعد فترة رزقهم الله – تعالى – بتوأم ذكر وأنثى وبعد سنتين رزقهم الله – تعالى – ببنت فلله – تعالى – الحمد والمنة وصدق الله }يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ{ [الشورى: 49-50].

* * *

 بكى وهو يناقش الدكتوراه

ذكر أن رجلاً في ضيق عيش وشدة وعوز وكان يسعى للكسب ليساعد أباه فإذا جاء بأجرة يومه وضعها على المنضدة استحياء أن يمدها بيده لأبيه وكلما وضعها دعا له الوالد قائلاً: اللهم ارزق ابني القرآن واجعله من أهله. فبلغ الابن عشرين عامًا وهو يسعى لتحصيل الرزق وفي يوم من الأيام كان راجعًا من عمله فالتقى بعالم كان عمدة بلده في الفتوى فقال العالم للرجل: ما الذي أنت فيه؟ قال: الرجل: أسعى برزقي. فقال العالم: هل لك أن تجعل لي يومًا من أسبوعك؟ فقال الرجل: نعم ونعمت عيني بذلك. فما زال يتردد على العالم حتى أصبح طالب علم وترقى شيئًا فشيئًا حتى جاء اليوم الذي يناقش فيه رسالة الدكتوراه في تفسير القرآن الكريم فلما دعي للمناقشة وجلس، إذا بشيخه وأستاذه يقوم مهابةً له واحترامًا ثم قال له: تفضل يا شيخ وقام أمام الجمع يقول: هالني ما رأيت فيه من العلم والمعرفة بكتاب الله تعالى فعظمته وأجللته، فأخذ الرجل يبكي فقال الشيخ: تبكي ونحن نريد أن نجلك؟ قال: تذكرت دعوة أبي – رحمه الله - «اللهم ارزق ابني القرآن واجعله من أهله»، وحمد الله – تعالى – أن بلغه هذه المنزلة العظيمة من العلم ومن تفسير كلام الله تعالى ويا لها من نعمة ([584]).

* * *

 في سكرات الموت

كتب بعض العلماء ترجمته بيده قائلاً: ما عرفت خيرًا بعد الإيمان بالله – تعالى – وتوفيقه، مثل بري بأبي فقد توفي وهو يدعو لي بالعلم والعمل فبلغني الله – تعالى – العلم ([585]).

* * *

 توعد زوجته بالطلاق

توعد رجل بجهله زوجته بالطلاق إن لم تأت بمولود ذكر، وكأن الأمر بيدها فهي لا تملك حولاً ولا قوة ولسان حالها:

أنت تريد البنينا

وما ذاك في أيدينا

وإنا لنرضى بما أعطينا

وفي يوم ذهبت للبيت الحرام وطافت وأكثرت الدعاء في ذلك المكان الطاهر وألحت بالدعاء خلف المقام، وبعد عدة أشهر قرب موعد وضعها وهي ترجو ربها وتأمل أن يكون مولودها ذكرًا شفقًا على حياتها وحياة أولادها، وحانت ساعة الصفر وقد اغرورقت عيناها بالدموع في موقفها العصيب، ولما وضعت غذ به مولود ذكر ففرحت واستبشرت وشكرت الله – تعالى – أن استجاب دعاءها فله الحمد والفضل.

* * *

 آخر جمعة

لبث رجل في السجن أكثر من أربعين يومًا فسُمح لأهله بزيارته في أحد الأيام، فقام ليلة يصلي آخر الليل ويقول: اللهم اجعلها آخر زيارة يزورونيها واجعل تلك الجمعة التي صليتها آخر جمعة أصليها في السجن، ونام وأمله أن يستجاب دعاؤه وفي الغد نودي للخروج من السجن فخرج مبتهلاً فرحًا شاكرًا الله – تعالى.

* * *

 شيخ يرزق بأولاد

تزوج رجل بزوجة جلس معها سنوات ولم تنجب، ثم تزوج امرأة ثانية ولم يقدر الله – تعالى – شيئًا فتمنى الولد واشتد شوقه له، لا سيما مع كبر سنه فتزوج امرأة ثالثة وكان عمره حينها ستين سنة، وكان يقوم الليل ويدعو الله – تعالى – في السحر أن يأتيه ابن أو بنت، وبفضل من الله سبحانه وتعالى تحمل المرأة وتضع حملها ويأتيه الخبر السار: أبشر لقد رزقت بمولود ذكر، ففرح فرحًا شديدًا وحمد الله – تعالى – وبعد فترة رزق ببنت فسبحان الكريم الرحيم([586]).

* * *

 الابن يدعو لوالده

ذُكر أن شابًا صالحًا يحب الأخيار ومجالستهم، وكان والده يكره الصالحين وإذا رآهم مع ابنه ربما طردهم من المنزل غير مراع شعور ابنه الصالح الذي ظل يدعو والده ويدعو له ... وفي ليلة من الليالي قام في ثلث الليل وصلى وفي آخر ركعة رفع يديه إلى السماء وبدأ يدعو لوالده ودموعه تنهمر من عينيه، وفي تلك اللحظات المفعمة بصدق الالتجاء إلى الله – تعالى – دخل والده البيت قادمًا من إحدى سهراته وسمع بالبيت باكيًا يبكي بحرقة وألم، فالتمس مصدر الصوت حتى وصل إليه فإذا هو ابنه يتضرع إلى الله تعالى أن يهدي والده فتأثر وجلس على ركبتيه عند باب الغرفة وأخذ يبكي ويراجع نفسه ويقول: ولدي يدعو لي وأنا أضايقه، ولدي يدعو لي وأنا أحاربه، ولما انتهى الابن من صلاته وفتح الباب إذ بوالده جالس يبكي، فلمار آه اشتد بكاؤه وضمه إليه وقال: والله لا أضايقك بعد اليوم، وهداه الله تعالى والعجيب أنهما ربما قاما يصليان آخر الليل سويًا.

* * *

 دعاء الأم لولدها

كانت الأم كثيرًا ما تدعو لابنها الذي تظهر عليه بعض المظاهر السيئة، وفي يوم من الأيام وقفت بنفسها على بعض تصرفاته، فقامت آخر الليل ودعت له وأكثرت التضرع والالتجاء إلى الله – تعالى -، بأن يصلح فلذة كبدها الذي ترجو أن ينفعها في الحياة وبعد الممات، وارتفع صوت المؤذن لصلاة الفجر ينادي (الصلاة خير من النوم) وفجأة سمعت صوت أقدام تنزل من أعلى البيت واقترب الصوت شيئًا فشيئًا ثم دخل عليها في غرفتها، فرفعت رأسها وذهب لصلاة الفجر، والأم تتابعه بنظراتها وقد اغرورقت عيناها بالدمع، واستمر بعدها على الطاعة نسأل الله – تعالى – الثبات للجميع.

* * *

 ثلاث وظائف

كتب كاتب في مجلة الدعوة قصة أم سعد – رحمها الله تعالى – وفيها (... ومن المواقف التي أذكرها لها أنها تخرجت إحدى بناتها من الكلية، ولم تتعين وأحست بتأثر ابنتها لعدم التعيين، فقامت ليلتها تلك تدعو الله – تعالى – وترجوه ... فلما أصبح الصباح اتصلت بالديوان، فوجدت ثلاث وظائف شاغرة ووجدت أن ابنتها من المرشحات فحمدت الله – تعالى – وشكرته)([587]).

* * *

 منزل مبارك

تسكن إحدى العوائل في بيت قديم متهالك، وكانت الزوجة تكثر الاستغفار وقيام الليل والدعاء – بأن ييسر الله – تعالى – لهم بيتًا مناسبًا – وتحث زوجها على ذلك فكانا متعاونين على الطاعة، واستمرت على هذه الحالة أيامًا وأتبعت قيامها جلوسًا في مصلاها بعد صلاة الفجر، حتى جاء يوم رأت فيه أثر دعائها واستجابة الله – تعالى – لها فيسر لهم بيتًا جديدًا بأقساط معلومة. وكانت تقول: لم أحلم يومًا بمثله فلله الحمد رب العالمين.

* * *

 دعاء في آخر الليل

لم يكن في بيت تلك العائلة شيءٌ من طعام أو غذاء نظرًا لأن راتب الزوج يذهب لتسديد أقساط بيتهم الجديد، وما كان للزوجة حيلة في الحصول على طعام تسد به حاجتهم، والأمر الذي أثارها خوفُها على أطفالها، فقامت في آخر الليل وقت تنزل الرحمات وإجابة الدعوات، فلبست خمارها وصفت في محرابها وصلت ما كُتب لها وأكثرت من الدعاء حتى أُذن للفجر فصلت وجلست في مصلاها تذكر الله – تعالى – وتدعوه حتى غلبها النوم وفي وقت الضحى استيقظت وصلت سنة الضحى ودعت الله – تعالى – وبعد قليل أتى ابنها الصغير من الروضة، وبعدها سمعت الجرس فأرسلت ابنها ليفتح الباب فإذا الطارق رجل من أهل الخير أتى بمواد غذائية وبعض الأغراض الأساسية فأدخلها عند الباب، فذهبت الأم لترى من الطارق فسمعت ابنها يقول للرجل: من أنت؟ فلا يجيب وعندما انتهى أدخل الطفل وأغلق الباب. فشكرت المرأة الله تعالى وجزت خيرًا أهل الخير والعطاء.

* * *

 فجر الله – تعالى - كربتها

كتبت امرأةٌ في مجلة الأسرة قصتها قائلة (... عشت حرمانًا في بيت والدي وتزوجت زوجًا لم يحسن معاملتي و ... و ... وفي معاناتي لم يقف معي أحد من الناس فلجأت إلى الله – تعالى – بكل جوارحي أسأله أن يفرج كربتي ... وما هي إلا أيام بعد الدعاء حتى جاء الفرج وإذا بالجميع القريب والبعيد يقف معي حتى أم زوجي بعد شهور من الوحدة والألم والحمد لله – تعالى – الذي فرج كربتي ... )([588]).

* * *

 الرعاة الثلاثة

قال رجل (حدثني من أثق به عن امرأة قريبة له من الصالحات أنها تقول: في ذات يوم كنت أرعى الماشية وهناك شابان من حولي يرعيان، وكنا في حر شديد فعطشنا حتى بلغ العطش بنا وبالماشية مبلغًا عظيمًا فاستغاث أحد الشابين بالله – تعالى – أن يسقينا، ولكن الشاب الآخر كان فاجرًا فبدأ يسخر ويستهزئ ويقول: لو كان لدى ربك ماء لسقى به نفسه }سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا{ [الإسراء: 43] فمكثنا قليلاً حتى أنشأ الله – تعالى – سحابةً من قبل المغرب، فارتفعت شيئًا فشيئًا حتى أظلتنا ثم نزل الغيث، وبعد قليل نزلت السحابة على الذي يستهزئ ويسخر ونحن ننظر إليه فهربنا وأحاطت به وبدأت تقصفه بالصواعق الشديدة حتى أصبنا برعب شديد وكاد أن يُغشى علينا من هول المنظر لولا لطف الله – تعالى – ورحمته، فلما انجلت تلك السحابة عن الساخر المستهزئ إذا بها قد قطعته إربًا إربًا والله شديد العقاب.

* * *

 دعاء في الربع الخالي

في مجلة (شباب) وردت هذه القصة التي أذكرها بترتيب واختصار (روى الأستاذ ... هذه الحادثة الغريبة حيث يقول: ذهبت أنا وأخي الأصغر مع مجموعة من الأصدقاء إلى الربع الخالي لأجل الصيد على بعد 400كم في وسط الرمال، فمكثنا عدة أيام بعدها، قررت أنا وأخي بعدها العودة واتجهنا بطريق الخطأ نحو الشرق، وبعد وقت وجدنا صاحب سيارة فتزودنا منه بالوقود وتوجهنا نحو الشمال، وفي طريقنا أصبح في السيارة بعض الأعطال لا نستطيع من جرائها أن نتعدى سرعة 30كم لأن العجلة تضرب في الرفرف مع أننا ربطناه بالحبال والأسلاك، وكانت عودتنا في صباح يوم الجمعة وعند المساء دخلنا منطقة تكثر فيها الشجيرات المحاطة بالرمال، فوجدنا سيارة محطمة قديمة الصنع، فنزلنا إليها علَّنا نجد فيها ما يصلح عطل سيارتنا ونظرنا حولها وإذا بعظام صاحب السيارة الذي يبدو أنه هالك بجوارها فبدأ الرعب يدب في قلوبنا وما هي إلا لحظات إلا وسيارتنا تنطفئ ... حاولت تشغيلها فلم أستطع عندها نظرت في محركات السيارة فوجدتها صالحة، لكني لم أكرر التشغيل خشية نفاد كهرباء البطارية، وازداد الخوف وبدأ الظلام يخيم علينا فالجو ممطر وبارد والجثة وعظامها بجوارنا، فتوجهنا إلى الله – تعالى – بالدعاء فهو فارج الهم وكاشف الكرب، ثم ذهبت إلى السيارة لتشغيلها ويدي على قلبي، أدرت المفتاح ففشلت المحاولة كررت المحاولة فحصلت المفاجأة اشتغلت السيارة فخررت ساجدًا لله – تعالى -، ثم ركبنا السيارة مسرعين وغادرنا المكان وبعد ساعات رأينا نور إحدى السيارات فتوجهنا نحوه وسألناه عن المسافة المتبقية فأفادنا بأنها 250كم وسألناه عن أقرب طريق فذكر أنه على بعد 50كم فتوجهنا إليه ونمنا داخل السيارة لأن الجو ممطر، وعندما حان وقت صلاة الفجر صلينا ثم واصلنا السير حتى وصلنا، ولله الحمد ([589]).

* * *

 دعا على ابنه فعمي

 كان شاب يرعى غنمًا لأبيه، وفي يوم طلب من والده أن يسمح له بالذهاب للالتحاق بإحدى الوظائف فرفض الأب وحاول الابن مرارًا فلم يأذن له، فقرر الذهاب بالرغم من عدم رضا والده، فقال الأب: أما القوة فما لي عليك من قوة ولكن ليس لي إلا دعاء أرفعه إلى الله – تعالى – وقت السحر. فذهب الابن وترك الغنم مع رجل آخر، وأخذ من بعض قريباته ما يحتاجه المسافر، وعلم الأب بسفره – وكان صالحًا تقيًا – فرفع يديه إلى الحي القيوم وسأل الله – عز وجل – أن يريه في ولده ما يكره فعمي الابن في الطريق، واستقبله بعض أفراد قبيلته وقالوا: ماذا تريد قال: كنت أريد الوظيفة أما الآن فأنا أعمى لا يُقبل مثلي. فرجعوا به إلى أبيه ودخلوا عليه في جوف الليل، وكان والده ضعيف البصر فقال أفلان أنت؟ قال الابن: نعم قال: هل وجدت السهم؟ قال: نعم فأخبروا الأب أنه عمي فحزن حزنًا عظيمًا وتأثر تأثرًا كبيرًا وقام تلك الليلة يبكي ويئن ويرفع ويسجد يدعو الله – تعالى – ويلحس عين ولده بلسانه ويبكي والله سميع قريب مجيب فما قام لصلاة الفجر حتى عاد لولده البصر فلله الحمد كثيرًا ([590]).

* * *

 انتهى الماء في البيت

حضر وقتُ الصلاة فذهبت المرأة لتتوضأ لكنها فوجئت بعدم وجود الماء، ثم بحثت في أرجاء البيت فوجدت ماء الشرب قد نفد أيضًا، فاحتارت فأولادها يطلبون الماء خرجت لساحة البيت رأت السماء ملبدة بالغيوم فرفعت يديها داعية الله – تعالى – الذي بيده خزائن السماوات والأرض أن ينزل الغيث، وما مضت دقائق إلا وينهمر المطر فملأت إناء كبيرًا كان فيه بلغتها للوضوء والشرب، حتى حضر ابنها وأصلح الماء فلله الحمد والشرك.

* * *

 دعاء في أفريقيا

قال الدكتور عبد الرحمن بن حمود السميط رئيس جمعية العون المباشر الكويتية – حفظه الله تعالى – (اكتشفنا قبل عشر أو إحدى عشرة سنة قبيلة من القبائل الوثنية فذهبنا لجمع المعلومات حتى نبدأ البرنامج الدعوي، فلما وصلت إليهم وعلموا أني مسلم قالوا: نحن نكره النصارى وأنت تدعونا إلى الإسلام ولكن قبل أن نعلن إسلامنا نريدك أن تدعو لنا بنزول الغيث لأنه ومنذ ثلاث سنوات لم تنزل قطرة واحدة فاعتذرت لهم، لأني أعرف أنهم وببساطتهم يقولون: إن استجاب الله – تعالى – لي فهذا الدين حق وإن لم يستجب فليس بحق هذا هو اعتقادهم، فرفعت يدي إلى السماء ودعوت بدموعي أكثر من لساني وقلت: يا رب المسألة ليست متعلقة بي وإنما بديني، فلا تخذل هذا الدين بسبب أخطاء ارتكبتها، ولا زلت أبكي وأنا أدعو ثم ختمت الدعاء فقالوا: نأتيك بعد ثلاث ساعات فذهبنا وجلسنا تحت شجرة وكان الوقت ظهرًا وأذكر أنا لم نأكل ذلك اليوم شيئًا ولا اليوم الذي قبله، وجاء وقت العصر وهم مُقبلون إلينا فإذا بالسماء تمطر فحمدت الله – تعالى – وأسلمت هذه القبيلة كاملة والحمد لله ([591]).

* * *

 دخل مبتسمًا

تقول تلك المرأة: طرد والدي أخي من المنزل لبعض الأمور في حالة غضبه فخرج أخي وهو يقسم أنه لن يرجع ... وبعد أن هدأ والدي اتصل به فلم يجب، فغضب وأقسم إن لم يبت الليلة في البيت فلن يدخلا أبدًا – وأنا أعرف شدة أبي وأخي وإصرارها على رأيهما – لكني لم أيأس بل لجأت إلى الله تعالى بالدعاء واتصلت بأخي بين فينة وأخرى ولكن بدون جدوى ... وفي الساعة الثالثة ليلاً دخل البيت وهو يبتسم فقبل رأس والدتي ثم نام وفي الصباح قابله والدي بكل محبة، فعجبنا من ذلك لما نعرفه منهما ولكن الله تعالى لا يخيب من رجاه ولا يرد من دعاه.

* * *

 يجري خلف والده بعصا

حكى الدكتور ميسرة طاهر – حفظه الله تعالى – قصة رجل رافقه في الدراسة فقال في معرض حديثه (... وأنا رأيته في يوم من الأيام يحمل عصا يجري بها وراء والده، ووالده حافيًا وعليه ملابس النوم والابن يقول له: أوقف (يا كلب) – رأيته بأم عيني – فأخبرت أبي – رحمة الله تعالى عليه – بما رأيت وأني متألم فقال: لا تستغرب يا بني، أنا أعرف الأب يوم كان صغيرًا كان يقول له أبوه: اذهب يا فلان الله يجعل من ينتقم منك من صلبك، وقد استجاب الله – تعالى – دعاءه ([592]).

* * *

 دعاء وسط الصحراء

حدثني جدي لأبي – نور الله قلبه وأسكنه الفردوس – أن رجلين ذهبا قديمًا لبعض الدول معهما أغنام، وفي الطريق أصاب الجميع العطش حتى عجزوا عن المشي فقام أحد الرجلين – وكان فيه خير وصلاح – يدعو الله – تعالى – أن يُغيثهم، وإذا بالرجل الآخر يستهزئ به، ولم يُثن الرجل الصالح ما يقوله الآخر بل استمر يلح في الدعاء، وإذا بالسحاب يظهر وينتشر ثم انهمر المطر فما كان المستهزئ إلا أن احترم الرجل وكف عن الاستهزاء به وعرف قدره وخاف أن يدعو عليه.

* * *

 استجابة دائمة

حدثني جدي لأمي – حفظه الله تعالى وأطال في عمره على طاعته عن والده أن أباه – رحم الله الجميع – كان يقول: إني ما دعوت الله تعالى في أمر أو أردته إلا حققه لي وأخاف أن تكون حسنات عُجلت لي.

* * *

 طالب الوظيفة

ذكر أن رجلاً تنكدت عليه وظيفته وبقي في حزن شديد وكرب عصيب، وكان يبحث عن رجل يؤثر في وظيفته بوساطة، فلقي يومًا أحد المشايخ فتحدثا في موضوع الوظيفة وسأل الرجل الشيخ هل رأيت فلانًا؟ فقال: لم أره ولكن هل انقضت حاجتك فقال الرجل: ما زلت أبحث عن واسطة فقال الشيخ: هناك من يحل موضوعك ويكفيك همك فقال: وهل يؤثر على صاحب التوظيف؟ قال: نعم قال: من؟ قال الشيخ: هو الله – تعالى -. فتردد الرجل فقال الشيخ: اتق الله – تعالى – لو قلت لك فلان من البشر لقلت: هيا بنا إليه، فهلا جربت دعوة الأسحار؟ ثم تفرقا والتقيا بعد مدة، وقال للشيخ بوجه مستبشر: في ذلك اليوم لم أذهب لأي أحد وقمت في السحر وكأن أحدًا يوقظني فصليت ودعوت الله – تعالى – بصدق وإخلاص وفي الصباح أردت أن أذهب لمكان الوظيفة، ولكن شاء الله – تعالى – أن أغير الطريق فمررت بإحدى الدوائر الحكومية وقلت: لماذا لا أدخل عليهم وأسألهم فلما دخلت على المدير قام لي ورحب بي فأخبرته أني أبحث عن وظيفة فقال: عندنا وظيفتان فاختر إحداهما وابدأ الدوام من اليوم الفلاني. (وكان هذا الموظف يريد من ذاك الرجل الذي يتوسط له أن يبحث له عن أقل من هذه الوظيفة)([593]).

* * *

 دعا برد المجرم

كان رجلٌ مسؤولاً عن حفظ موضع وعنده مجرم، فعلى أساس أن يقبض عن طريق هذا المجرم على مجرمين آخرين لذلك وسع له النطاق، ففر هذا المجرم: فأعطى المسؤول مهلة أسبوع ليرده فبحث عنه في كل مكان فلم يجده وكأن الأرض التقمته، فتذكر قصة صاحب الوظيفة (القصة السابقة) وأنه دعا الله – تعالى – فاستجاب له، وفي ليلة الجمعة ذهب إلى المسجد النبوي وصلى ودعا الله – تعالى – كثيرًا بأن يرد المجرم، ثم صلى الفجر وقرر الجلوس حتى طلوع الشمس، لكنه أحس بشيء في نفسه وكأن قائلاً يقول: قم فإن صاحبك قد جاء فلما طلعت الشمس صلى ثم ذهب للإدارة، وإذا بالرجل المجرم قد أتى فاستغرب، وسأل: ما القصة؟ فقالوا: قدم في آخر الليل، وسلم نفسه للحارث. فحمد الرجل الله – تبارك وتعالى – وشكره ([594]).

* * *

 بقي سبب واحد

بُلي رجل ببلاء في نفسه فتعب، وكان رجلاً ثريًا فأصبح لا يهنأ بعيش ولا يقر قراره فلا هو مرتاح ولا أهله في راحة، وشاء الله – تعالى – أن يأتي لطلب علم فذكره طالب العلم بالله – تعالى – وقال: أنت جربت كل دواء وبقي دواء واحد وجربت الأسباب وبقي سبب واحد فقال: ما هو؟ قال دعاء الله – تعالى – قال: قد دعوت الله – تعالى – ولم أر أثرًا لذلك فقال طالب العلم: قال الله تعالى: }أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ{ الآية [النمل: 62] فهل صدقت في دعائك لله سبحانه وتعالى ثم قال له: اعتمر وادع الله تعالى. عندها عزم الرجل على ذلك وتهيأ للدواء الجديد واعتمر وأكثر من الدعاء ووالله ما انتهى من عمرته وأمسى مساءه حتى كأن لم يكن به شيءٌ وإذا به يعيش حياة جديدة ولله الحمد والمنة([595]).

* * *

 أم تدعو على ولدها

دخلت الأم العجوز على ابنها وقد صنع طعامًا لأهل زوجته، ولم يدعها للوليمة لذا ضاق صدرها وحزنت لأجل ذلك، ومن جهلها دعت عليه أن لا يأتيه مولود بعد ابنه الصغير وفعلاً لم يأته ولد بعد ذلك من تلك المرأة ([596]).

* * *


 سرقت منه 170 ألف ريال

أحد كبار السن كان يضع جميع أمواله في إحدى الخزانات في البيت، وفي يوم ذهب لوليمة مع عائلته ولما رجعوا ودخلوا البيت شاهدوا آثار السرقة وأنها طالت كل ما يملك هذا الرجل، فأخبره أولاده فما كان منه إلا أن قام وتوضأ وصلى ركعتين ومنع أبناءه من الاتصال بالجهات الرسمية، إلا أنهم ألحوا بذلك وأتت الجهات وعملت عملها، ولم يظهر لهم شيءٌ وبعد مضي ما يزيد على شهرين كان الرجل المسن راجعًا من مزرعته يريد سوق الخضار لبيع ما معه وقبل طلوع الشمس حصلت المفاجأة، إذ أوقفه اثنان بسيارتهم ثم نزل أحدهم وكان متلثمًا وهو يحمل كيسًا في يده فرماه على الرجل وركب سيارته ولاذ بالفرار فلما فتح الرجل الكيس وجدها نقوده المسروقة (مائة وسبعون ألف ريال) فحمد الله – تعالى – وعاد لمنزله ولم يكمل طريقه إلى سوق الخضار ([597]).

* * *

 دعاء في الفحص الدوري

قال رجل: ذهبت بسيارتي للفحص الدوري وفيها بعض الأعطال وفي انتظاري لانتهاء الزحام، دعوت الله – تعالى – أن لا يكتشفوا ما فيها واقتربت السيارة من مكان الفحص، وأنا ألح في الدعاء ثم خرجت من الفحص ولم يكتشفوا ما بها وبعد أسابيع أصلحتها بأكثر من ألف ريال.

* * *

 المرأة وولدها

ضاق صدر تلك الأم التي كانت في بيت أهلها لما رأت من مرض ولدها، وتمنت المرض بها دونه وكرهت أن تأمر إخوانها أن يذهبوا بها للمستشفى لبعض الأمور، فدعت الله – تعالى – أن يأتي زوجها ... ليذهب به. وفجأةً إذا به يطرق الباب، فسبحان الله! يساق سوقًا لها كأنما كانا على ميعاد، فحمدت الله – تعالى – على ذلك.

* * *

 رجع إليها البصر في الطواف

سقطت امرأة على الأرض فأدى ذلك لفقدها البصر فتأثرت تأثرًا بليغًا وذهبت مع أهلها للبيت الحرام، ولما وصلت هناك وفي أطهر بقعة على وجه الأرض دعت الله – تعالى – أن يرد لها البصر، وبينما هي تطوف أصيبت بدوار فأُغمي عليها ثم أفاقت بعد وقت، وإذا ببصرها قد عاد فحمدت الله – تعالى – كثيرًا وبقيت وقتًا في الحرم تشكر الله – تعالى -.

* * *

 تدعو على ابنها الصغير

في يوم من الأيام آذى الطفل أمه وأزعجها أشد الإزعاج فقالت (اخرج، الله يلقط روحك) فخرج من الباب ولم تعلم الأم أن هذه الدعوة قد تستجاب فخرج مسرعًا واعترض الطريق فاصطدمت به إحدى السيارات، وما إن سمعت الأم الصوت إلا وأحست بشيء يدق قلبها فخرجت مذهولة يرتجف قلبها وترتعش أركانها خوفًا من أن تفقد فلذة كبدها فلما نظرت وجدته ابنها وقد فارق الحياة فانهارت ونُقلت للمستشفى، وأصيبت بعدة أمراض وكانت تردد وتقول: أنا الذي قتلت ابني ([598]).

* * *

 دخلت المستشفى قبل الفجر

كذبت إحدى النساء على امرأة من جيرانها بأمر من الأمور فعلمت جارتها بذلك، ودعت الله – تعالى – بأن تدخل المستشفى فاستجاب الله – تعالى – لها فمرضت المرأة وأدخلت المستشفى قبل الفجر، وبعد أيام حاولت الاعتذار فقبلت منها تلك المرأة.

* * *


 المرأة وزوجها المدمن

قال الشيخ مازن الفريح – حفظه الله -: على طول سنتين كانت تتصل بي زوجة تشكو زوجها المدمن الذي يلهو مع مجموعة فاسدة مع العلم أنها تحبه، فأعطيتها عدة حلول ولم تنجح، حتى اتصلت يومًا وقالت: لا مكان للصبر فلا يفصل بيني وبين رفاقه المدمنين إلا باب خشي لو رفسه أحدهم لفتحه، فلا أنام الليل خوفًا من أن يدخلوا علي قلت: أما وقد وصل الأمر لهذا فاذهبي لأهلك فذهبت وحصل الطلاق، وبعد سنة ونصف اتصلت وقالت: أنا الذي موضوعي كذا وكذا وكنت في دعاء دائم في خلواتي وسجودي وفي كل أوقاتي بأن يصلح الله – تعالى – هذا الرجل ويرده لي، وها هو الآن يطرق الباب وقد استقامت حالته فهل أتزوج به؟ ([599]).

* * *

 حادث حول القرية

قال رجل: كان في قريتنا رجل يؤذي رجلاً يظهر عليه الصلاح ويستهزئ به لطاعته، ومن أفعاله أنه إذا رآه في الطريق أتى بسيارته فإذا قاربه رفع صوت المسجل بالأغاني فكلمه بالتي هي أحسن فلم يزدد إلا كبرًا وفسادًا، وفي يوم من الأيام اشتد أذاه له وبالغ المستهزئ في الأذى يقول صاحب القصة: فدعوت الله تعالى عليه (اللهم إنه يؤذينا لأننا طائعون لك، الله اجعله يصاب بحادث في سيارته هذه) وبعد يوم أو يومين تعرض الرجل المستهزئ لحادث كبير، وصار له عدة مشاكل من جراء هذا الحادث، وصلت إلى المحكمة وبعد زمن أتى يطلب المسامحة ويتودد في طلب العفو).

* * *

 اللهم اكفنيه بما شئت

حدث رجل فقال: كنت أتأخر في المجيء لوالدي بعض الأيام وأنا معترف بهذا التقصير، وكنت أدخل عليه وأنا خائف من غضبه علي، ففي بعض الأحيان وقبل أن أدخل البيت أقول (اللهم اكفنيه بما شئت) وعندما أدخل أجده مستبشرًا بقدومي مرحبًا بي، وفي بعض الأحيان آتيه فيضجر من تأخري فأقول الدعاء في نفسي فيتغير في الحال وأنا المخطئ في ذلك والله المستعان.

* * *

 دعاء صاحب الملح

أخبرني رجل أنه يعمل في إخراج الملح وفي يوم تلبدت السماء بالغيوم ورأى الرجل البرق وسمع الرعد، فخاف أن يؤثر المطر على عمله فدعا الله – تعالى – وعندما انتهى المطر وهدأ الجو ذهب ليرى أثر عمله فوجد المطر قريبًا منه ولم يصبه شيء بل بينه وبينه عدة أمتار. ولله الحمد.

* * *

 دعاء الزوجين

تزوج بزوجة عاشت معه سنوات عدة بفرحها وترحها وهمَّها وغمَّها وحزنها وسرورها، أنجبت إثر ذلك عدة أولاد من البنين والبنات وتقدمت بهما السن ولا يزداد كل منهما إلا محبة واحترامًا، ولشدة ما بينهما من طيب العشرة وحسن الألفة كان الزوج كثيرًا ما يدعو الله – تعالى – أن يتوفاه هو وزوجته جميعًا وفي يوم من الأيام كانا في سفر بالسيارة يتحدثان ويسلوان وهما في غمرة الأنس ولحظة الوداع تقترب شيئًا فشيئًا لكن أيهما سيودع الآخر؟ فجأة أصيبت السيارة بحادث فودعا كلاهما الدنيا ليجتمعا في جنات النعيم بإذن الله – تعالى -.

* * *

 يضرب أمه العجوز

ذكر الشيخ أنس بن سعيد بن مسفر – حفظه الله تعالى – قصة رجل عاقًّ لأمه فقال: (إنه يعاملها بقسوة يصرخ في وجهها، بل يسبها ويشتمها وقد أعطها الله تعالى قوة في الجسم، لكنه صرفها بالظلم والاستبداد بالرأي، كانت أمه العجوز كثيرًا ما تتوسل إليه أن يخفف من حدته وجفوته وطغيانه، فالكل نفر من حوله حتى زوجته تركته بلا عودة بسبب قسوته وشدته، وكان يجعل أمه العجوز تخدمه وتقوم على شؤونه وهي المحتاجة إلى الرعاية والخدمة وما أكثر ما أسال دمعها على خدها وهي تدعو الله – تعالى – أن يصلح لها فلذة كبدها ويهدي قلبه. كيف لا؟ وهو وحيدها. وفي يوم من الأيام دخل عليها والشر يتطاير من عينيه فجعل يصرخ في وجهها ويقول: ألم تعدي الغداء؟ قامت العجوز بيدين ترتعشان وجسد واه أثقلته السنون والأمراض والهموم، لتعد الغداء لقرة عينها فلما رأى الطعام لم يعجبه فألقاه على الأرض وأخذ يتبرم ويسخط ويقول: لقد بُليت بعجوز شمطاء لا أدري متى أتخلص منها؟ عندها بكت الأم وقالت ودمعها على خديها: يا ولدي اتق الله ألا تخاف النار؟ ألا تخاف سخط الله – تعالى – وغضبه؟ ألا تعلم أن الله – تعالى – حرم العقوق؟ ألا تخاف أن أدعو عليك؟ فاستشاط غضبًا من كلامها وزاد جنونه فأمسكها بثيابها وأخذ يهزها بقوة ويقول: اسمعي أنا لا أريد نصائح لست أنا من يقال له: اتق الله ثم ألقى بها بعيدًا فاختلط بكاؤها مع ضحكته الاستهتارية وهو يقول: ستدعين علي تظنين أن الله – تعالى – يستجيب لك، ثم خرج من عندها وهو يستهزئ ويسخر من كلامها ... فذرفت الأم الدموع الحارة تبكي أيامًا وليالي كابدت فيها المشقة والعناء، بكت شبابها الذي أفنته في تربيته. أما هو فقد خرج وركب سيارته ورفع صوت المسجل عاليًا على تلك الأغنية الماجنة متناسيًا ما فعل بأمه التي خلفها حزينة وحيدة يعتصر الألم قلبها ويحرق الأسى فؤادها كمدًا وحزنًا على تصرفه الطائش، فرفعت شكواها إلى الله – تعالى – قائلةً (حسبي الله ونعم الوكيل) وكان لدى الابن رحلة إلى منطقة مجاورة وأثناء سيره بسرعة جنونية إذا بجمل يسلطه الله – تعالى – عليه فيظهر له في وسط الطريق فتضطرب سيارته ولا يستطيع أن يمسك مقودها فيصدم ذلك الجمل ودخلت قطعة من الحديد في أحشائه، وأصيب بشلل رباعي لا يحرك إلا رأسه فبقي هكذا ليكون عبرة وعظةً ثم مات ([600]).

* * *

 ضرب أمه بحذائه

روت القصص والأخبار في الجرائد والمجلات عن رجل تعدى على أمه وضربها بحذائه في ظهرها وهي تهرب منه خوفًا من ابنها الذي حملته وأرضعته وربته لينفعها فما كان من الأم إلا أن رفعت يدها إلى الله – عز وجل – بدموع حرّى ولوعة وأسى ألمًا لفعل ولدها بها، ودعت عليه من قلب صادق، وكان الابن قد ذهب لينام، وكأنه لم يفعل شيئًا فما استيقظ إلا ويده اليمنى مشلولة وكانت هي اليد التي قذف بها حذاءه في ظهر تلك الأم المسكينة والموعد يوم يقوم الأشهاد ([601]).

* * *

 احترق التاجر

قال الشيخ أنس بن سعيد بن مسفر – حفظه الله – (هذه القصة أرويها عمن رأى وسمع ذلك الموقف وهو ثقة يقول: كان هناك رجل من كبار التجار وعنده عامل يشتغل له لكنه لم يعطه راتبه لأكثر من ثمانية أشهر (ما يقارب ستة آلاف ريال) فطلب العامل المسكين أن يعطيه المبلغ، وذكر له حاله وحال أهله وأولاده وأنه تغرب لكسب العيش وألح في ذلك، فغضب التاجر وذهب للجوازات واستخلص له شهادة خروج مغادرة، ثم حجز له بالطائرة وسفره لبلاده في إحدى الليالي ولم يعطه حقه:

جري على أكل الحرام ويدعي

بأن له في حل ذلك محمل

فيا آكل المال الحرام أبن لنا

بأي كتاب حل ما أنت تأكل

ألم تدر أن الله يدري بما جرى

وبين البرايا القيامة يفصل

ذهب الرجل لبلاده، وكان التاجر الظالم يسكن في مكة وبعد سنين عاد العامل المظلوم إلى مكة لأداء العمرة، وبدأ يبحث عن هذا القصر الذي كان يشتغل فيه حتى وجده ووجد صديقه حارس البيت فسلم عليه وجلس معه يتحدث، وفجأة خرج صاحب القصر فلما وقعت عينه على العامل أرغى وأزبد وهدد وتوعد وقال: لأسجننك. فقال العامل: أنا لم آت للمال وإنما أتيت لحرم الله – تعالى – لأدعو عليك. عندها ضحك التاجر ضحكات مستهتر مستهزئ ولكن الله تعالى بالمرصاد فبعد أيام شبَّ حريق كبير في منطقة كانت مهيأة للحريق وفي لحظات جاء الرجل التاجر. وكان لديه مبلغًا من المال حول المكان المحترق وعدده (ثلاثون ألف ريال) وحيث أن الحريق لم يصل لذلك المكان أراد أن يدخل ليأخذه ماله فمنعه رجال الدفاع المدني من الدخول فرفض وتفلت منهم وتحايل عليهم وقال: الحريق بعيد وما إن وصل ليأخذ ماله وهو في ذلك المكان إذا بشيء لم يتوقعه لقد سقط عليه البناء الذي هو فيه وشب فيه الحريق فاحترق وأصبح كالفحم، أما المال فهو بجانبه لم يحترق. فتعجبوا وسألوا الحارس بما ذا دعا ذلك العامل المسكين قال: لما ضحك الرجل وقهقه قال العامل وهو ينظر إلى القصر: اللهم إني أسألك أن لا تهنيه بهذا القصر ولا يدخله. فلم يدخله ولم يتهن به وهذه عاقبة الظالمين ([602]).

* * *

 شريحة الجوال

كانت في حجره شريحة جواله وهو في السيارة فسقطت على الأرض لما نزل لشراء بعض الأغراض ولم ينتبه لها، وعندما ذهب للبيت تفقدها وبحث عنها فلم يجدها فقام وتوضأ وصلى ركعتين ودعا الله – تعالى – ثم نام. وكان أحد أصدقائه على علم بالخبر وظن أنها سقطت أثناء نزول صديقه عند البقالة فذهب ووجدها والسيارات قد مرت عن يمينها وشمالها فأرجعها لصاحبها وشكرًا الله تعالى على حفظه.

* * *

 فاتورة الكهرباء

في إحدى المدن تعيش امرأة مع أولادها ولا دخل لها من المال، وفي يوم خرجت من بيتهم المتواضع ونظرت إلى العداد فرأت فاتورة الكهرباء فمدت يدها وقرأت المبلغ فإذا هو مبلغ بسيط لكنها تعرف من حالها أنها لا تجد له سدادًا لفقرها وعوزها، وتأخرت في السداد وجاء الإنذار النهائي لقطع الكهرباء وامتدت الأيام ولم يبق إلا يوم واحد لقطع الكهرباء عن المنزل فضاق صدرها وحارت في أمرها وأعملت فكرها، فقامت وتوضأت ولبست خمارها في مصلاها الذي طالما دمعت عليه عيناها آناء الليل وأطراف النهار، واتجهت إلى من عنده خزائن السماوات والأرض ودعت ربها رزقًا من عنده. وخيم الليل بسكونه فنامت أملاً في انفراج مع الفجر، وفي الصباح جاء رجل لا تعرفه وطرق الباب وسأل: هل هذا بيت فلان؟ قالت: نعم. فأعطاها مبلغًا من المال والعجيب أنه نفس المبلغ الذي في الفاتورة.

* * *

 الطبيب والمفاجآت

كانت تشتكي ألمًا في أذنها فذهبت للمستشفى وبعد الكشف قرر الطبيب حاجتها لعملية جراحية، فراجعت نفسها وكرهت كشف وجهها فامتنعت وأبت، عندها تذكر الطبيب امرأة أخرى فعلت مثلها فتبسم وقال: إن كنت لا تريدين العملية فكوني مثل تلك المرأة الكبيرة في السن التي جاءت إلي وكشفت عليها فإذا هي تحتاج لعملية ترقيع الطبلة فلما أخبرتها بكت وقالت يا طبيب: والله لا أكشف حجابي لغير محارمي، فشرحت لها أن حالتها تستدعي ذلك ولا ينفع لها العلاج، فازدادت إصرارًا وإباءً فأعطيتها موعدًا آخر علها تراجع نفسها وتوافق على العملية وجاء الموعد وحضرت وكأني بها تناجي ربها وتطلبه الشفاء العاجل، ولما جلست على السرير وكشفت عليها كانت الحقيقة التي أذهلتني وزادت من إيماني لقد نظرت إلى الأذن فإذا هي سليمة مائة بالمائة فتحيرت وسألتها مستفهمًا ما لخبر؟ فقالت: منذ أن خرجت منك وأن أدعو الله – تعالى – أن يُشفيني لأني أفضل أن أموت ولا يراني أحد غير محرم لي. فقلت: إن الله على كل شيء قدير. ثم قال لهذه المرأة: وإن كنت ترفضين إجراء العملية فادعي الله – تعالى – والتجئي إليه بصدق بأن يشفيك ويكشف ما بك فقالت المرأة: ومن يكون مثل تلك العجوز فلعلها عابدة صوامة قوامة ولكن سأدعو ربي ثم خرجت من عنده وبدأت بالدعاء والابتهال إلى الله – تعالى – أن يشفيها ويكشف ما بها ومضت الأيام وحان الموعد فذهبت للطبيب الذي كان بانتظار المفاجأة الثانية وبدأ بالكشف عليها – وكأني به يرتجف قلبه أملاً في تحقيق رغبتها – فانشرح صدره لما كشف عليها، وقال مبشرًا ومستبشرًا وذاكرًا الله – تعالى -: إن الأذن بريئة تمامًا ولله الحمد ففرحت المرأة ولهج لسانها بقول: لك الحمد يا رب فأنت على كل شيء قدير، ثم قالت للطبيب: إني لزمت الدعاء فشفاني العليم الخبير القريب المجيب.

* * *

 انفصل رأسه عن جسده

شابٌّ في العشرين من عمره، دخلت سيارته تحت شاحنة كبيرة في حادث شنيع، فتجمع الناس لإنقاذه فلما أخرجوه من سيارته إذ برأسه منفصل عن جسده، فبحث الضابط عن اسمه ثم اتصل على البيت فردت امرأة فقال: هذا منزل فلان (والد صاحب الحادث) قالت: نعم قال: أين هو؟ قالت: غير موجود ولا يوجد أحد في البيت قال: وما قرابتك من فلان قال: أنا أمه فقال: بتمهيد وأسلوب لقد حصل لابنك حادث بسيط ونريد من يحضر للقسم لإكمال الإجراءات، فلما سمعت الأم اسم ابنها الذي وقع عليه الحادث دعت الله تعالى عليه بالهلاك والموت، ففوجئ الضابط بردها وتعجب ثم أخبرها بما حصل لابنها وسألها عن سبب دعائها فقالت: إنه خرج من عندي وقد شتمني وضربني ودائمًا يهددني حتى سئمت منه، لقد أتعبني وكأني لم أسهر عليه ولم أتعب في تربيته فدعوت الله تعالى أن يهلكه ويريحني منه ([603]).

* * *

 لم يصب بأذى

دخلت سيارة ذلك الشاب تحت شاحنة كبيرة واشتعلت فيها النار فاجتمع الناس وحاولوا إخراجها، والكل ينظر ما مصير السائق؟ وماذا حدث له فلما أخرجوا السيارة إذا بالسائق لم يصب بأي أذى غير تناثر بعض الزواج عليه، عندها تعجب الجميع وارتفعت الأصوات بالتكبير والتهليل، فسأل أحدهم الرجل: هل تعرف عملاً أنجاك الله – تعالى – به؟ فقال: إني أعمل في جدة وعندما استلمت الراتب ذهبت لوالدتي في رابغ، وأعطتها ما كتب لي فاستبشرت ودعت الله – تعالى – أن يحفظني ويبارك لي ([604]).

* * *

 يدعو على سارق الحمار

سرق حمارٌ لأحد الناس فعرف المسروق منه أن السارق قريبه فلان فاستغرب من ذلك، ودعا عليه أن يصاب في عينه وأن يقطع الله – تعالى – رزقه، فبعد أيام أصبح السارق أعور وبعد مدة تغيرت حالته وافتقر وصار يمد يده للناس.

* * *

 تدعو لزوجها

كان الزوج بعيدًا عن طاعة الله – تعالى – مسرفًا على نفسه بالذنوب، وكانت له زوجة صالحة كثيرًا ما تنصحه وتعظه وتتلطف له بالقول ولم يكن لذلك أثر في نفسه، فعلمت أن دعاء الله – تعالى – أنفع وسيلة فهو سبحانه يهدي من يشاء ويضل من يشاء واستمرت بالدعاء بأن يصلح الله تعالى زوجها ويهديه الصراط المستقيم، وظلت على هذه الحال ليلاً ونهارًا وأتى اليوم الذي كانت تنتظره لقد بدت بادية خير من زوجها وبدا عليه مظهر الصلاح وسلك طريق الخير وتاب وأناب ولله الحمد.

* * *

 أجـرة البيـت

تقول إحدى النساء: حان ميعاد سداد أجرة بيتنا وكنت وزوجي لا نملك مبلغ السداد فضاقت بنا الأرض، وعلمنا أنه لا يكشف الكرب ويزيل البلاء إلا الله – تبارك وتعالى – فبدأت بالدعاء ومرت بضعة أيام وأنا في قلق دائم وتفكير مستمر، وفي ضحى ذلك اليوم توضأت وأديت سنة الضحى فوجدت لذة الطاعة والعبادة ثم جلست أدعو بإلحاح قائلة (الله الله ربي لا أشرك به شيئًا)([605]) فلما جاء وقت العصر وقرب مغيب شمس ذلك اليوم، وإذا بالهم ينقلب فرحًا والحزن يكون سرورًا عندما زارتني إحدى قريباتي وأعطتني ثلاثة آلاف ريال فدفعناها لأجرة البيت، ولله الحمد والشكر.

* * *

 قصـة البلاطـة

قالت إحدى النساء تغير على زوجي في فترة معينة حتى صار يضربني ويسيء معاملتي فتعجبت من صنيعه من تغيره، بعدما قضيت معه سنوات عدة في استقرار؟ هل أخطأت عليه؟ هل؟ هل؟ أسئلة كثيرة كنت أفكر فيها ليلاً ونهارًا. ومع الأيام ازداد زوجي سوءًا حتى مللت الجلوس معه وأعلمت أهلي بخبره، فنصحوني بالصبر وذكروني بأبنائي، حينها علمت أن لا ملجأ لي إلا الله – تعالى – فبدأت بالصيام ولزمت الدعاء والاستغفار وقيام الليل، وصرت أعلم أبنائي القرآن الكريم وأروي لهم سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وفي يوم دخل زوجي وضربني وبالغ في إساءته لي، حينها لم أعد أصبر على الجلوس معه فاتصلت بأهلي وأنا أبكي، فجاءوا للبيت ورأيت منهم الشفقة لحالي وحال أبنائي، وبينما كنا جالسين في البيت هدأت قليلاً وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث وفجأةً قطع حديثنا صوت قوي فهُرعنا سراعًا للمطبخ ظنًا أنه أنبوب الغاز أو الكهرباء فلم نجد شيئًا عندها خرجنا لساحة البيت فرأينا عجبًا، رأينا (بلاطة) خرجت من مكانها فاقتربنا منها ونحن خائفون متعجبون، وتساءلنا: أحقًا كان الصوت الشديد منها فرفعناها ونظرنا تحتها وكانت الحقيقة، لقد كان شيئًا من عمل السحر وفورًا اتصلنا بأحد المشايخ وأخبرناه فأعطانا طريقة التخلص منه، وأما زوجي فكان خارج البيت ولكن الذي فاجأني جدًا وأفرحني أنه قدم سريعًا بعد إحراق السحر ودخل البيت لكن هل سيفعل مثل ما فعله قبل ساعات، أبدًا لقد دخل فرحًا بثغر مبتسم، وصدقوني أن حالنا صارت بعد أحسن من ذي قبل حقًا، لقد أحسست بضرورة الدعاء والالتجاء لله – تعالى – في كل أمر.

* * *

 كافر مريض يدعو الله – تعالى -

قال الداعية إبراهيم الطلحة – حفظه الله -: أخبرني أحد المشايخ قائلاً: كنت في روسيا فأتاني رجل روسي مسلم فسألني بقوله: إنني ولد زنا هل أدخل الجنة؟ فذكرت له قول الله تعالى: }مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً{ [النحل: 97] فتهلل وجهه واستبشر ثم قلت: لم تسأل هذا السؤال؟ فقال: عشت حياتي بين الزبائل فلا أحد يقف معي ولا يساعدني، وفوق ذلك أني لا أعرف والدي وكبرت على هذه الحال، وفي يوم انكسرت رجلي فلم أجد مالاً أعالج به نفسي والألم يزداد شيئًا فشيئًا فصادفت في طريقي يومًا مركزًا إسلاميًا فاطلعت فإذا فيه رجال يصلون قلت: ما هؤلاء؟ قالوا: مسلمون يعبدون الله – تعالى – فأحسست براحة لهذا الدين، ونمت تلك الليلة في الشارع وقلت: يا رب يا من يعبده هؤلاء المسلمون، إن كان هذا الدين صحيحًا فاشفني فشفيت من تلك الليلة. عندها توجهت للمركز الإسلامي وأعلنت إسلامي([606]).

* * *

 موظفـة على البنـد

اتصلت مسؤولة من إدارة التوجيه على موظفة على البند في أحد المدارس وأخبرتها بقرب إنهاء خدمتها من التعليم إلا أن أتت بواسطة، تقول صاحبة القصة: توكلت على الله تعالى وأكثرت الدعاء والاستغفار وقلت: سأستمر بعملي بل سأكون موظفة رسمية لا على البند – بإذن الله تعالى – وفي أحد الأيام أردت الذهاب للإدارة لأستفهم الخبر، فأصرت والدتي على الذهاب معي مع شدة حالها، فقد كانت رجلها مقطوعة علهم يروا حالها فيصلحوا أمري، ولما دخلنا الإدارة كان المكتب في الأعلى فلم تستطع أمي الصعود، فجلست هناك وصعدت أستطلع الخبر، ولما دخلت كانت الغرفة مليئة بالموجهات فتوجهت للمسئولة وأعطيتها اسمي فقالت: هل أتيت بواسطة؟ قلت بصوت مرتفع: إن عندي أعظم من كل واسطة، فلا أنت ولا الموجودين يستطيع ردها إن الله ربي وخالقي. عندها صمت الجميع وقالت لي المسئولة بصوت هادئ وعبارة لطيفة: حسنًا اتصلي بنا الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر. فخرجت من المكتب ونزلت لوالدتي وأخبرتها. وذهبنا للبيت وفي الموعد رفعت سماعة الهاتف واتصلت بالمسئولة فلما أخبرتها باسمي رحبت بي وقالت: لقد وثقت بالله تعالى فأعطاك ما تمنيت فقد وصلنا الآن تعيينك رسميًا. فشكرت الله تعالى على تيسيره وحييت المسئولة منهية الاتصال.

* * *

 قصة الأربعة والعشرين ألفًا

أخبرت امرأة بهذه القصة قائلة: استدان زوجي من شخص (أربعة وعشرين ألف ريال) ومرت سنوات لم يستطع معها زوجي جمع المال والدين مثقل كاهله، حتى أصبح دائم الهمَّ والحزن فضاقت بي الدنيا لحال زوجي، وفي إحدى ليالي رمضان قمت وصليت ودعوت الله – تعالى – بإلحاح – وأنا أبكي بشدة – أن يقضي الله – تعالى – دين زوجي، وفي الغد وقبيل الإفطار سمعت زوجي يتحدث في الهاتف بصوت مرتفع فحسبت الأمر سوءًا وذهبت مسرعة إليه لكنه انتهى من حديثه فسألته ما الأمر؟ فقال: - وهو عاجز عن الكلام ويبكي بكاءً شديدًا ودموع الفرح بادية عليه -: إن المتصل صاحب الدين يخبرني أنه وهب المال لي، أما أنا فتلعثمت ولم أدر ما أقول فكأن جبلاً انزاح عن رأسي ولهج لساني بشكر الله – تعالى – على ما أنعم علينا. وشكرت صاحب الدين.

* * *

 أحد عشر عامًا لم تحمل

بعد أربعة أبناء لم تحمل تلك المرأة فذهبت للأطباء فأبعدوا الأمل في رجوع الحمل لها، وأخبروها أن فحوصاتها أثبتت ذلك وطالت المدة وبدأ الزوج بالاستغفار قائمًا وقاعدًا وكثر الدعاء لهم، وفي يوم أسعد تلك المرأة بعد أحد عشر عامًا أحست بألم في بطنها فذهبت للطبيبة فأمرتها بالكشف للتأكد من الحمل أو عدمه، وجزمت المرأة أنه لا يمكن أن تحمل إلا بتوفيق الله – تعالى – ولما كشفت جاءتها البشرى بأنها حامل فحمدت الله – تعالى – على فضله.

* * *

 قبل إعطائه الرخصة

أخبرني رجل أنه اختبر في قيادته للسيارة لإخراج الرخصة ثم رسب وحدد له موعد آخر للاختبار، وفي الليل قام يدعو الله – تعالى – ويسأله أن ييسر له اجتياز الاختبار ثم ذهب في الموعد وبدأ بقيادة السيارة داخل مكان الاختبار وخارجه، فيقول: والله إني أقودها ولا أشعر بذلك وكأن قائدًا يقودها فأعطيت الرخصة ولله الحمد.

* * *

 وظيفة كما يريد

أخبرني رجل عمن حكى له القصة: أن رجلاً عين في وظيفة في أحد المدن وكان يريد أن يوظف في مدينة البكيرية فلم يستطع حتى بالواسطة، فقام من الليل يدعو ويقول: اللهم اجعلني انتقل للعمل في البكيرية، ولم يذهب أسبوع إلا وينقل لها.

* * *

 عصمها الله – تعالى – من الغيبة

حُدَّثت عن امرأة كانت تكثر من الغيبة مما أثر ذلك عليها، ولخوفها حاسبت نفسها مرارًا وحاولت التخلص منها فلم تستطع، فعزمت على دعاء الله تعالى وبينما هي تطوف في البيت الحرام أحست بعظم ذنبها وكبيرة فعلها فقالت بصوت ملؤه الخشية والخضوع وبمزيج من البكاء والدموع: يا رب إن كنت تعلم أن لساني سيهلكني فأسألك أن تكفينيه وأسألك أن تجعله لا ينطق إلا بذكرك واستجاب الله تعالى لها فكانت بعد بعيدة عن الغيبة مكثرة لذكر الله تعالى.

* * *

 قصة الخمسمائة والعاصفة

في يوم شديد الرياح كانت العائلة في سفر، ولما حضر وقت الصلاة نزلوا لأدائها وكان مع المرأة خمسمائة ريال فجعلتها تحت السجادة، ولما فرغت من الصلاة طوت سجادتها وركب الجميع السيارة ولم تتذكر المال حتى سلكوا الطريق فقال الزوج لا بد أن نرجع ولكن اليأس محيط بهم، وظنوا أن لا يجدوها في مثل هذا اليوم الشديد الرياح، لكن المرأة الواثقة بالله – تعالى – أطلقت الدعاء وطلبت رب الأرض والسماء قائلة: اللهم احفظها. ولما وصلوا للمكان نزل الزوج من سيارته وكانت المفاجأة لقد وجد المال في مكانه لم يتحرك ولم تؤثر فيه الرياح وكان موقفًا مؤثرًا زاد من إيمانهم وصلتهم بالله – تعالى -.

* * *

 دعت لزوجها بالهداية

في ذلك البيت كان يجتمع الزوج مع أصدقائه إلى الساعة الثالثة ليلاً في سهر محرم، وكان ضحية هذا الفعل الزوجة المسكينة التي تأذت من فعله لكنها صابرة محتسبة مع ضربه وشتمه لها، وكانت دائمًا تدعو له بالهداية وفي أحد الأيام دخل عليها في آخر الليل من عند أصدقائه ورائحة الدخان منتشرة في البيت فقالت له: زوجي الغالي إلى متى وأنت على هذا الفعل؟ ألا تتوب؟ إلى متى؟ أرجوك ارحمني؟ زوجي كم من قائم لليل يناجي ربه وأنت في لهو ولعب؟ لكنه نهرها وحصل بينهما كلام ومشادة قوية حتى هددها بالطلاق ثم عاد لرفاقه، أما الزوجة فتأثرت ورفعت يديها إلى السماء داعية ربها بقلب صادق وعينان تذرفان الدمع: بأن يهدي الله زوجها ويرده إليه ردًا جميلاً فتقول: والله إني شهدت تغيرًا كبيرًا عليه منذ ذلك اليوم وقال لها: إذا اتصل أحد من رفاقي فاصرفيه ففعلت، حتى يئسوا منه واستقامت حالة زوجي وترك أصدقاءه وحسن خلقه حتى شهد له القريب والبعيد ولله الحمد.

* * *

 سقط مشلولاً في الحرم

كان لذلك الرجل أربع بنات حرمهن من الزواج طمعًا في راتبهن، وفي يوم ذهبوا لأداء العمرة وعندما دخلوا البيت الحرام قالت إحداهن: يا أبت أمن على دعائي. فقال: آمين. فرفعت البنت يدها إلى السماء في ذلك المكان الطاهر وقالت: أسأل الله العظيم كما حرمتنا الزواج أن يشل أركانك فأمن جميع البنات على هذا الدعاء. وما أن انتهت من دعائها إلا ويسقط والدها على الأرض مشلولاً ([607]).

* * *


 تزوج على زوجته

تزوج رجل زوجة ثانية وانصرف عن زوجته الأولى تمامًا، فلا قسم لها ولا نفقة، فاسودت الدنيا في عينها ولم يكن لها ملجأ إلا الله – تعالى – حتى أصبح لا يرقأ لها دمع ولا تكتحل بنوم، فبدأت تقوم الليل تناجي ربها وتدعوه، وكانت حاملاً فلم تنته من نفاسها إلا وقد رجع زوجها أحسن مما كان يقول: إني إذا أقبلت على البيت أحسست بسعادة وانشراح.

* * *

 أصبح طيب المعشر

لم يعد زوج تلك المرأة يحسن معاملتها بعد زواجه من أخرى، بل انصرف عنها، وأعظم من ذلك أنه يبين كرهه لها بعد ما كان يظهر سعادته وسروره قبل زواجه، فعظم الكرب على الزوجة وجعلت على نفسها أن تقرأ سورة البقرة يوميًا وأن تكثر من دعاء الله – تبارك وتعالى -، واستمرت على هذا قرابة الشهر وجاء الفرج فقد رجع زوجها أحسن مما كان حسن خلق وطيب معاملة.

* * *

 لم يشرب الخمر

تقول الزوجة: كان زوجي يشرب الخمر – والعياذ بالله تعالى – ولا تسألوا عن فعله بي وبأولادي بعد شربه لأم الخبائث، وزيادة على ذلك أنه يجتمع هو وأصدقاؤه في المنزل وأسمع صراخهم وضحكاتهم فأنا لا أنام الليل والنهار بل أغلق الأبواب على نفسي وأبنائي وكل خوفي أن ننفضح أمام الجيران، وفي يوم أدخل سيارته داخل البيت قبل أذان الفجر بقليل وكان في حالة السكر وقد رفع صوت الأغاني وتوعدني إن أنا أقفلت المسجل، ثم ذهبت لغرفته وحان وقت صلاة الفجر وما زال البكاء ملازمًا لي خشية أن يخرج الناس لصلاة الفجر فيسمعون ذلك، فألححت بالدعاء أن يعصمه الله – تعالى – من شرب الخمر وأن يستر علينا ثم ذهبت لغرفته فوجدته نائمًا عندها تنفست الصعداء، وأغلقت المسجل ولم أر بعدها شرب الخمر ظاهرًا عليه والحمد لله.

* * *

 دعاء أم لابنتها الصغيرة

أغلق أحد الأطفال الباب على أصبع أخته الصغيرة فأدى ذلك لقطع اللحوم وفورًا ذُهب بها للمستشفى، وكانت الأم حينها تكثر الدعاء وقول (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) و (إنا لله وإنا إليه راجعون) ولما وصلوا ورأى الأطباء خطورة ما حصل أظهروا اليأس من خياطته وقالوا: لا بد من قطعه وكانت الأم ملازمة للدعاء، وبعد الكشف والفحوصات جاء طبيب مختص فبعث الأمل بعد الألم وفكر وقدر ثم قال: إن العظم لم يصب بأي أذى ولله الحمد، وخاط أثر الجرح وعاد الإصبع كما كان ولله الحمد والمنة.

* * *

 فضل ونعمة

قالت إحدى العجائز: إني ما سجدت ودعوت الله – تعالى – وألححت بالدعاء إلا استجاب لي دعائي وتضرعي فله وحده الحمد والشكر.

* * *

 خرج من المستشفى مسرورًا

دخل رجل قسم الإسعاف في إحدى المستشفيات وقلبه يرتجف خوفًا مما سيحصل ثم دخل على الطبيب يشتكي ألمًا في أسفل ظهره مما جعله لا يستطيع الجلوس، فأجرى له الكشف وقال: هذا (ناسور) ولا بد من الدخول الآن وغدًا تجرى لك العملية فضاقت الدنيا بالرجل، تذكر نفسه تذكر ... تذكر ... ثم قال: سأذهب للبيت الآن وأعود غدًا بإذن الله – تعالى – فلقد عزم على الدعاء والالتجاء إلى من بيده الضر والنفع، إلى الشافي الكافي – سبحانه وتعالى – وتذكر قوله تعالى: }وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{ [الأنعام: 17] وما إن خرج من المستشفى حتى بدأ بالدعاء والتضرع لله – تعالى – ثم ركب السيارة والدمع على خديه، ولم ينقطع من الدعاء طوال ذلك اليوم، وفي الغد ذهب لوالدته وقد شرق بدموعه وضاق صدره وأخبرها الخبر، وأنه سيذهب الآن للكشف مرة ثانية فأعطته بعض الأدوية الشعبية لاستعمالها بعد العملية، ثم ودعها وذهب للمستشفى وما زال مستمرًا بالدعاء حتى دخل عند الطبيب وأخبره أنه أتى بالأمس، وقال له الطبيب الآخر كذا وكذا فكشف عليه ولسان المريض مستمر بدعاء الله تعالى والتضرع له ثم قال الطبيب متعجبًا: هذا ليس (ناسورًا) بل (دمل) بسيط وإن شئت الآن أعملها لك بالموسى فاستبشر المريض وتلعثم بالكلام وحمد الله – تعالى – وشكره ثم قال: افعل ما شئت الآن، وبعد بضع دقائق خرج الرجل من المستشفى ولسانه يلهج بذكر الله – تعالى – والحمد لله على نعمه العظيمة وآلائه وأفضاله.

* * *

 اللهم خذ ابني أو اهده

يقول الشيخ عصام العويد – حفظه الله تعالى -: تكلمت في باص بين مكة والرياض عن بر الوالدين فلما انتهيت أشار إلي رجل فجئت إليه فقال: لي زملاء لهم أبناء، وفي يوم من الأيام رفع كل واحد منهم يده إلى السماء وهو يقول: اللهم خذ ابني أو اهده، فهدى الله – تعالى – ابن الأول وأخذ ولد الثاني ([608]).

* * *

 قصة الطباخ

على مدى عدة سنوات كان الزوج والزوجة في خلاف مع بعضهما يتخلل ذلك صفاءٌ لعدة أسابيع ثم تتعكر الأمور. وقد حملت المرأة وسقط جنيها ثلاث مرات. وفي يوم كانا فيه متصافيين أخبر الزوج زوجته أنه رأى رجلاً شكا له حاله قائلاً: إني أعمل طباخًا في أحد المطاعم فباع الكفيل المطعم لشخص آخر نقلت كفالتي إليه وضايقني أنه جعل صوت الغناء يرتفع في أنحاء المطعم فحاولت جاهدًا الرجوع إلى كفيلي الأول فلم استطع، عندها سألت كفيلي الجديد نقل كفالتي مقابل خمسة آلاف ريال هي كل ما أملكه فوافق فأعطيته المبلغ الذي كنت جمعته لإحضار زوجتي وأنا الآن في ضيق شديد وأمر عصيب فزوجتي تتصل دومًا تسأل: متى أحضرها؟ وأهلي يقولون: نحن محرجون من أهل زوجتك، فأريد هذا المبلغ على أن أسدده بأقساط شهرية. فعندما سمعت الزوجة هذه القصة قالت لزوجها: سأعطيه المبلغ ولا أريد منه شيئًا سوى الدعاء فأخذ الزوج المبلغ وأعطاه الطباخ وأخبره بقول الزوجة، فجلس يبكي من الفرح ولم ينم تلك الليلة بل ظل يدعو للمرأة وزوجها وبفضل من الله – تعالى – حملت المرأة منذ ذلك الشهر وثبت حملها وحسنت حالها وظهرت علامات الانشراح بينهم ([609]).

* * *

 لم يسرق بيتها

كان عنده زوجتان، تسكن إحداهما في الدور الأول والأخرى في الدور الثاني، وفي يوم ذهب الجميع لمدينة الرياض للزيارة، وعند عودتهم وجدوا أحد البيتين قد سُرق والآخر لم يُمسَّ بسوء، عندها تذكرت التي لم يسرق بيتها دعاءها قبل خروجها: استودعته الله – تعالى – الذي لا تضيع ودائعه فحفظ الله – تعالى – بيتها والله خير حافظًا ([610]).

* * *


 غض البصر

كان ينظر إلى الصور المحرمة في الفضائيات وغيرها، فحاول التخلص من ذلك فلم يستطع فدعا الله تعالى أن يحفظ سمعه وبصره عن الحرام، وصار يلح بالدعاء حتى أصبح يكره النظر الحرام وحافظ على قراءة القرآن الكريم ([611]).

* * *

 عملية ناجحة

أصيبت إحدى العوائل بحادث سيارة – نسأل الله تعالى السلامة والعافية – ومن المصابين امرأة تحكي قصتها وتقول: دخلت المستشفى بعد الحادث لإجراء عملية خلف الساق، وكانت عملية سهلة معروفة لا يستغرق جلوسي في المستشفى ثلاثة أيام لكن حدث ما لم يكن بالحسبان لقد جلست شهرًا كاملاً حتى جاء الموعد الآخر لإجراء عملية أخرى خطيرة قد يحدث شلل، من جرائها إن لم تكن السلامة فقد عرفت من عملها وأصيب بالشلل، وفي ظل هذه الأفكار التي تدور في ذهني لزمت الدعاء والتضرع لله – تعالى – أن يشفيني واستخرت الله تعالى ودعوته في الشهرين الماضيين، وفي اليوم الموعود جلست على سرير المستشفى وجاء الطبيب الجراح فقلت: إني أريد الطبيب فلان (وهو من كبار الأطباء وقد درب جهازًا طبيًا كبيرًا على يديه فهو لا يعمل العمليات إلا لشخصيات مرموقة، ومن المستحيل أن يقوم بإجراء العملية لي بنفسه بل يجريها واحد ممن دربهم) فاستغربوا ذلك وأمام إصراري طلبوه لعله يقنعني أن أعدل عن رأي فحضر وهو يضحك ويقول: أنا الطبيب فلان بشحمه ولحمه وأجرى لي العملية بنفسه وكانت عملية ناجحة والحمد لله رب العالمين.

* * *

 تدعو لابنها المدخن

ذهب بأمه للعمرة، وكان مبتلى بالتدخين – نسأل الله تعالى السلامة والعافية - وبين فينة وأخرى ينزل من سيارته ليدخن ثم يرجع وهكذا وأمه تعلم ذلك، فلما ركب في إحدى المرات وجدها تبكي فقال: ما بك يا والدتي... ؟ قالت: لا يهمني أي شيء يا بني إلا صحتك وأخشى أن تصاب بمرض أو لا أجد لك زوجة صالحة بسبب شربك للتدخين فتأثر تأثرًا كبيرًا لبكاء أمه ثم وصلوا للميقات، ولبسوا لباس الإحرام وذهبوا للبيت الحرام، ولما كانوا في الطواف سمع الرجل أمه تبكي بكاء شديدًا وتنشج بصوت مرتفع وتتضرع بصوت يمتلئ رحمة وشفقة: يا رب أسألك أن تجعل ابني يترك التدخين فقال في نفسه: سببت لأمي كل هذا الانزعاج والبكاء ولم أجعلها تهنأ في رحلتها أو تدعو لنفسها فالتفت إليها وقال: أقسم بالله – تعالى – أني لا أشرب الدخان. فاستغلَّي هذه اللحظات بالدعاء لنفسك ومن تحبين. ومنذ تلك اللحظة أصبح يكره الدخان وصار من المرموقين خلقيًا واجتماعيًا ([612]).

* * *

 داعية ترشد زوجة المدمن

روت إحدى الداعيات أنها لما انتهت يومًا من إلقاء محاضرتها جاءت إليها امرأة تشكو حال زوجها المدمن وأنه يضربها ويبالغ في إهانتها ولا ينفق عليها، فأوصتها بكثرة الاستغفار واللجوء إلى الله – تبارك وتعالى – وخاصة في السجود وفي آخر الليل، ثم ذهبت وبعد عدة أشهر كانت تلقي محاضرة ولما انتهت أتت إليها امرأة وشكرتها ودعت لها ثم قالت: ألم تعرفيني؟ أنا الذي جئتك قبل عدة أشهر فأخبرتك بحالي فأوصيتيني بكذا وكذا، وقد عملت بما قلت ووالله إنه لم يمض على ذلك ستة أشهر إلا ويتوب زوجي ويترك المخدرات وأصبحت أنا وأبنائي كل همه وشغله الشاغل، حتى إني أتمنى أن يخرج لأنظف البيت. فالحمد لله على نعمه التي تترى.

* * *


 تدعو على أهل زوجها

تزوجت امرأة بزوج أكرمها وعاملها أحسن معاملة، فغير هذا الوفاق أهل الزوج وحاكوا الشر ضدها وما زالوا يحرضونه حتى طلقها – وهي حامل – بغير ذنب اقترفته، فكانت تبكي وتقول: (حسبي الله ونعم الوكيل! اللهم اخلفني خيرًا منه) ووضعت ذلك الطفل، ثم تزوجت برجل ذي خلق ودين ربى طفلها حتى كبر وتزوج، وأما أهل زوجها الأول فلا تسأل عن حالهم فقد طلقت أخواته الثلاثة وطلقت أمه بعد أربعين عامًا من الزواج، وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون.

* * *

 حصل ما لم تتوقع

قالت امرأة: كان بين أبي وخالي خلاف شديد لدرجة أن والدي قال لأمي: لو دخل أخوك البيت فسأطلقك، وفي يوم من الأيام اتصل خالي وأراد أن يأتي لزيارتنا فأحرجت والدتي وقالت لي: اذهبي لوالدك وحدثيه بالموضوع، خشيت إن أخبرته أن يطلق أمي فقمت وتوضأت وصليت وفي السجود دعوت الله – تعالى – أن يفرج الكرب وبكيت بشدة، ثم توكلت على ربي ودخلت على والدي وكنت متوقعة أن أقل شيء يفعله هو طردي، لكن المفاجأة أني لما أخبرته ابتسم وقال: البيت بيته وإن أتى في كل وقت، وعندما جاء خالي استقبله ببشاشة وترحاب والحمد لله.

* * *

 جاءها ما تمنت

تقول المرأة: كلما رأيت بيت الله الحرام في الصور طار قلبي محبةً وشوقًا فأنا منذ أن كنت حاملاً بابني الأول قبل تسعة عشر عامًا لم أذهب إليه، وكلما طلبت من زوجي رفض ذلك فأصبحت أمنيتي الوحيدة أداء العمرة، وفي تلك السنة بدأت بجمع المال أملاً في الذهاب للعمرة، ولكن زوجي رفض وابني لا يستطيع الذهاب لوحده لبعد المسافة وعدم معرفته بالطريق، وكانت أختي ستذهب مع زوجها للعمرة فطلبتُ منهم مرافقتهم في الطريق إلى مكة فوافقوا، وبدأت أجهز أغراض السفر والفرحة تغمرني والأنس يملأ قلبي حتى غير ذلك اتصال أختي قائلة: سنذهب غدًا بعد صلاة الفجر لكن للسياحة، ثم نذهب بعدها إلى مكة فأحسست بحزن شديد لكني لم أيأس من رحمة الله – تعالى – فقمت تلك الليلة وصليت ودعوت ربي وألححت بالدعاء ثم صليت الفجر، وأكثرت الاستغفار والدعاء وفي الظهر اتصلت أختي فظننت أنها اتصلت لتخبرني بوصولهم سالمين، لكنها قالت لي: إن أخا زوجي سيرافقنا ونظرا لحالة زوجته الصحية التي لا تسمح له بالتنقل سنذهب إلى مكة مباشرة ففرحت فرحًا شديدًا وأديت العمرة وجلست خمسة عشر يومًا وكانت من أسعد أيام حياتي، فلله الحمد والشكر أن يسر لي ذلك وأسأله القبول.

* * *

 كبير السن يدعو للمدخن

في أيام الحج رأى رجل كبير في السن رجلاً يعمل بجد وحرص والدخان بيده، فقال له: يا أخي الدخان محرم وهو ضار بك. فرد الرجل بأنها بلوى فقال الكبير في السن: عصمك الله منه وجعلها آخر سيجارة تشربها، قال الرجل المدخن: فقذفت بالسيجارة ولم أشربها والله بعد دعائه. والحمد لله.

* * *

 يسر الله – تعالى - أمرها

كثرت مشاكل تلك الزوجة مع أهل زوجها والجميع مخطئ، ولما حملت المرأة وجاءت بولد زادت المشاكل فذهب الزوج بها إلى أهلها، ومكثت عندهم سنتين أو ثلاثًا دون أن يطلقها، ثم ردها إليه في بيت لوحدها فصارت تحرص على كسب رضا زوجها وأهله لكنهم غير راضين عنها ثم تزوج بامرأة أخرى فأحسن أهل الزوج العلاقة معها إغاظة للأولى، وأصبح الزوج يمنعها من الذهاب لأهلها ويقدم زوجته الثانية عليها، ومضت السنون وأنجبت عددًا من الأولاد فلما رأت تفاقم المشاكل واستمرارها لجأت إلى الله – تعالى – بالدعاء والاستغفار، وفي يوم رأت رؤيا في منامها فقصتها على معبر فقال: هذا فرج لك وما لبثت المرأة سوى أسابيع إلا ويحسن زوجها معاملتها وكان يقول من شدة محبته لها أتمنى أن أموت قبلك. أما أهله فأحسنوا معاملتها وكفوا عن أذاها.

* * *

 راحة في النوم

تقول إحدى النساء: كنت بعيدة عن الله – تعالى – أسمع الغناء وانظر للحرام، وفي إحدى السنوات ذهبنا لأداء العمرة في العشر الأواخر من رمضان ووافق ذلك شرف الزمان والمكان والوقت فانشرح صدري لما رأيته من الصفاء والبهاء والنقاء، ولجأت إلى رب الأرض السماء مبتهلة بدعوات صادقة من قلب خاشع منيب أن يجعلني أزداد طاعةً وعملاً صالحًا ولم أدع بشيء من أمور الدنيا. لقد كانت عشرة أيام عشتها سعيدة فرحة واستجاب الله تعالى دعائي فصرت أبغض الحرام سماعًا ونظرًا حتى استغربت من نفسي وتساءلت: هل أنا التي كنت أفعل وأفعل؟ ثم بدأت بحفظ القرآن الكريم وقد انتهيت الآن من حفظ سورة البقرة ولله الحمد، وأسأل الله – تعالى – الثبات لي وللمسلمين إلى الممات.

* * *

 يطلب المسـامحة

كانت الزوجة تحسن معاملتها لأهل زوجها ورأى الزوج ذلك بعينه، وفي يوم حدث أمر بين الزوجة وأهل زوجها فجعل الزوج الحق مع أهله ظلمًا لامرأته وتطاول عليها بالكلام، ولما أراد الخروج قالت مرارًا: حسبي الله عليك، فخرج واصطدم بسيارته حيث كلفه إصلاحها (ثلاثة آلاف ريال) فرجع إليها معتذرًا معترفًا بظلمه لها يطلب المسامحة.

* * *

 الطفل المعوق

تحكي حياتها تلك المرأة العجوز فتقول: تعبت في تربية أبنائي تعبًا شديدًا وتكبدت الصعاب لأجل ذلك، خاصة بعد وفاة والدهم ... فلما كبروا تفرقوا عني ونسوني، وفي يوم دخل علي أحدهم وتكلم بكلام قاس ورفع صوته بشدة وسبني وآذاني، وكأني أحد أصدقائه وأنا خافضة رأسي والدموع تسيل على خدي، ثم خرج غير مبال لبكائي وضعف قوتي وقلة حيلتي بعدما كبرت سني ورق عظمي، فرفعت طرفي إلى السماء قائلة: حسبي الله ونعم الوكيل. وكانت زوجته حينها حاملاً فأنجبت طفلاً مشوهًا غاية التشوه. .

* * *

 ومن الحب ما قتل

دخل على زوجته ليلة الزواج ففوجئ بأنها بعيدة كل البعد عن الصفات التي طلب من أهله أن تكون فيها، وأحس بكراهية لها، لكن الزوجة لم تيأس بل لجأت إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع ... ومضى أسبوع وهو لا ينظر إليها حتى نظرة، لكن الفرج قريب ومع العسر يسرين، ففي تلك الليلة التي أسعدت الزوجة جعل الله – تعالى – في قلبه حبها وقال لها: أحس بأن قلبي امتلأ حبًا لك وبقي معها في أنس وسعادة حتى كبرت، ثم توفيت فحزن عليها حزنًا شديدًا حتى بدأ بالنسيان ومناداتها بعد وفاتها وتذكرها وأصبحت حالته تتغير إلى أن مات رحم الله الجميع.

* * *

 خرج سليمًا معافى

كانت وزوجها وأمه وابنتها الصغيرة يستعدون للخروج من البيت فتروي تلك اللحظات الحرجة قائلة: خرج ابني إلى الشارع مسرعًا فلما توسطه جاءت سيارة مسرعة فاصطدمت به فذهلنا وحملته بين يدي كقطعة قماش ظننته ميتًا ونحن في طريقنا إلى المستشفى استفتحت سورة البقرة أقرؤها عليه، وأنا أبكي أما جدته فهي تتضرع إلى الله – تعالى – أن يشفيه ... وأدخل العناية يومًا ثم خرج منها وظل في المستشفى أسبوعًا ثم خرج سليمًا معافى والحمد لله رب العالمين.



([1]) ليعلم القارئ الفاضل أنه سوف يستغرب من بعض القصص كما استغربت، ولكن ذكرتها لا لأني أجزم بصحتها ولا أنفيها، وإنما لما رأيت بعض العلماء استأنس بها مثل شيخ الإسلام، وابن رجب، وابن أبي الدنيا ذكرتها نقلاً عنهم – والله على كل شيء قدير.

([2]) رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

([3]) رواه الترمذي وغيره وحسن إسناده الألباني.

([4]) رواه أحمد وهو في الترمذي عن جابر وعن عبادة وحسنهما الألباني – رحمه الله -.

([5]) رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.

([6]) رواه الحاكم وأحمد وحسنه الألباني.

([7]) رواه الترمذي وصححه، الحاكم بنحوه من حديث ثوبان، وصححه ووافقه الذهبي.

([8]) ما ذكرته من فضائل الدعاء وما أذكره هنا من شروط وتخريج للأحاديث وغيرها من كتاب الدعاء للشيخ/ سعيد بن علي القحطاني – حفظه الله -.

([9]) رواه الترمذي وغيره، وحسنه الألباني.

([10]) رواه البخاري ومسلم.

([11]) رواه الترمذي وحسنه أحمد، وهو في صحيح الجامع.

([12]) رواه أحمد، وهو في الترمذي عن جابر، وعن عبادة – رضي الله عنهما – وحسنهما الألباني – رحمه الله -.

([13]) هذه الأخطاء مما راجعها وصححها الشيخ عبد الله الجبرين – حفظه الله – في مطوية الدعاء.

([14]) رواه النسائي وغيره، وصححه الألباني.

([15]) أخرجه الترمذي والحاكم، وصححه ووافقه الذهبي.

([16]) رواه الترمذي وصححه الألباني.

([17]) تفسير ابن كثير 2/53.

([18]) رواه البخاري والترمذي والنسائي وأحمد.

([19]) رواه البخاري.

([20]) رواه البخاري ومسلم.

([21]) رواه البخاري.

([22]) رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، وصححه الألباني.

([23]) رواه البخاري ومسلم.

([24]) رواه مسلم.

([25]) رواه أبو داود وصححه الألباني وأخرجه أحمد.

([26]) أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح وأخرجه أحمد.

([27]) رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيحه.

([28]) رواه أحمد.

([29]) رواه الترمذي وصححه، ورواه ابن ماجه وأحمد.

([30]) رواه مسلم واللفظ له وأحمد.

([31]) رواه الترمذي وحسنه وكذا حسنه الألباني.

([32]) رواه البخاري.

([33]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

([34]) أخرجه الترمذي وغيره وصححه الألباني.

([35]) رواه البخاري ومسلم.

([36]) رواه الترمذي وصححه ورواه غيره.

([37]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

([38]) انظر شرح مسلم ج9.

([39]) رواه أبو داود، وصححه الألباني.

([40]) رواه ابن ماجه وصححه الألباني في الترغيب والترهيب.

([41]) رواه مسلم.

([42]) رواه البخاري ومسلم.

([43]) رواه أحمد.

([44]) رواه مسلم.

([45]) زاد المعاد (2/388-397).

([46]) زاد المعاد (2/394).

([47]) ابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.

([48]) رواه مسلم.

([49]) البخاري والترمذي.

([50]) الترمذي وأحمد والحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي.

([51]) رواه مسلم.

([52]) رواه مسلم.

([53]) رواه مسلم.

([54]) رواه مسلم.

([55]) البخاري ومسلم واللفظ له.

([56]) البخاري والترمذي وغيرهما.

([57]) رواه البخاري ومسلم.

([58]) النسائي والترمذي والحاكم ووافقه الذهبي وصححه الألباني.

([59]) أحمد وغيره وصححه الألباني.

([60]) أبو داود وغيره والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

([61]) أبو داود وغيره والحاكم وصححه وأقره الذهبي.

([62]) رواه مسلم.

([63]) الترمذي وحسنه الألباني.

([64]) الترمذي وأحمد وصححه الألباني.

([65]) البخاري ومسلم.

([66]) البخاري ومسلم.

([67]) البخاري وأبو داود واللفظ له ولغيرهما.

([68]) رواه مسلم.

([69]) رواه البخاري.

([70]) الترمذي وغيره، وحسنه الألباني.

([71]) الترمذي وغيره وصححه الألباني.

([72]) رواه مسلم.

([73]) أبو داود وأحمد وصححه الألباني.

([74]) الترمذي وغيره وصححه الألباني.

([75]) البخاري وغيره.

([76]) أخرجه أحمد وصحح إسناده ابن كثير.

([77]) رواه ابن ماجة وحسنه الألباني.

([78]) رواه البيهقي والطبراني وحسنه الألباني.

([79]) رواه البخاري.

([80]) تفسير ابن كثير سورة نوح.

([81]) تفسير ابن كثير – رحمه الله -.

([82]) تفسير القرآن العظيم – بتصرف -.

([83]) تفسير القرآن سورة الأنبياء.

([84]) المرجع السابق.

([85]) تفسير ابن كثير.

([86]) رواه البخاري في كتاب الوضوء.

([87]) رواه البخاري.

([88]) صور من حياة الصحابة مع تصرف وزيادة.

([89]) رواه البخاري ومسلم 4/1928.

([90]) رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني – يرحمه الله – فيه ص214.

([91]) رواه مسلم 4/1929.

([92]) البخاري مع الفتح 4/228.

([93]) الأدب المفرد وصححه الألباني ص244.

([94]) رواه الترمذي 5/683.

([95]) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

([96]) السيرة النبوية لمحمد بن أبي شهبة 2/430.

([97]) سير أعلام النبلاء 1/110.

([98]) السيرة النبوية لأبي شهبة 2/477 بتصرف.

([99]) أصلها في صحيح مسلم (4/1939).

([100]) السير النبوية لأبي شهبة 2/550 – 551 بتصرف.

([101]) رواه من حديث أنس – رضي الله عنه – البخاري (2703) ومسلم (1635) وغيرهما.

([102]) سير أعلام النبلاء 3/360.

([103]) سير أعلام النبلاء 3/474.

([104]) راجع إن شئت: صحيح مسلم وانظر كذلك السيرة النبوية لأبي شهبة (2/556-557).

([105]) البخاري مع الفتح (6/632).

([106]) مسند أحمد 4/376.

([107]) البخاري مع الفتح 7/406 برقم 415.

([108]) صحيح البخاري.

([109]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص32.

([110]) السيرة النبوية لأبي شهبة 2/319.

([111]) سير أعلام النبلاء 1/114 وقال عنه الذهبي: صحيح مرسل.

([112]) هي في مسلم 2/632 برقم 918 بنحو منه.

([113]) إسناده صحيح، وأخرجه الترمذي.

([114]) سير أعلام النبلاء م1، انظر البخاري 2/236 ومسلم 2/334 رقم 453.

([115]) أبي بن كعب – رضي الله عنه -.

([116]) سير أعلام النبلاء 1/392.

([117]) سير أعلام النبلاء 1/115.

([118]) سير أعلام النبلاء 1/115-116.

([119]) يعني أبي بن كعب – رضي الله عنه -.

([120]) سير أعلام النبلاء 1/398.

([121]) انظر صور من حياة الصحابة ص238-239 وبعضه في صحيح مسلم رقم 1610/1230.

([122]) انظر مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص49 بزيادة.

([123]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص43-44 بزيادة ونقصان.

([124]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص27-29.

([125]) سير أعلام النبلاء (3/400).

([126]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص51-52.

([127]) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – ص311.

([128]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص405 بتصرف.

([129]) الفرقان لشيخ الإسلام ص311.

([130]) التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر 3/4/231.

([131]) سير أعلام النبلاء 3/35.

([132]) كنز الدعاء لمحمد عارف ص31-33.

([133]) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية ص313 بتصرف.

([134]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص68-69.

([135]) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية ص314.

([136]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص70.

([137]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص66.

([138]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص88.

([139]) النبذ المستطابة في الدعوات المستجابة لسليم بن عيد الهلالي ص71-72.

([140]) سير أعلام النبلاء 5/19.

([141]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص69.

([142]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص66067.

([143]) سير أعلام النبلاء (5/246).

([144]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص69.

([145]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا بتصرف ص53.

([146]) سير أعلام النبلاء (5/330).

([147]) سير أعلام النبلاء (5/378).

([148]) كنز الدعاء لمحمد عارف ص40-41.

([149]) يريد ابن المنكدر أن يترك الرجل عمل النجارة ويعطيه مالاً ليتفرغ للآخرة.

([150]) سير أعلام النبلاء (5/356-357).

([151]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص47-48.

([152]) الأولياء لابن أبي الدنيا ص25.

([153]) سير أعلام النبلاء (7/402).

([154]) الفرقان لشيخ الإسلام ص320.

([155]) إبراهيم هو: ابن ادهم – رحمه الله -.

([156]) سير أعلام النبلاء (7/391).

([157]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص77-78.

([158]) من كنوز الدعاء لمحي الدين بن عبد الحميد ص19.

([159]) سير أعلام النبلاء (7/4300).

([160]) الفرقان لشيخ الإسلام ص315.

([161]) من كنوز الدعاء لمحي الدين بن عبد الحميد ص35-36.

([162]) سير أعلام النبلاء (8/390).

([163]) سير أعلام النبلاء (8/465).

([164]) حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني.

([165]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص79.

([166]) سير أعلام النبلاء (1/211-212).

([167]) سير أعلام النبلاء (1/211-212).

([168]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص86.

([169]) سير أعلام النبلاء (11/534).

([170]) كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص70-71.

([171]) جامع العلوم والحكم لابن رجب – رحمه الله – ص353 باختصار، تحقيق الأرناؤوط وإبراهيم باجس ط الرابعة مؤسسة الرسالة.

([172]) سير أعلام النبلاء (12/28-29).

([173]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص54.

([174]) سير أعلام النبلاء (12/126).

([175]) سير أعلام النبلاء (12/136).

([176]) الفرقان لشيخ الإسلام ص316-317.

([177]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص62.

([178]) سير أعلام النبلاء (12/310).

([179]) من كنوز الدعاء لمحي الدين عبد الحميد ص65-66 بزيادة ونقصان.

([180]) سير أعلام النبلاء (12/443).

([181]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص71.

([182]) ذكرتها لكي يعرف القارئ من الداعي.

([183]) سير أعلام النبلاء (15/300).

([184]) زيادة للتعرف بأبي ميسرة.

([185]) سير أعلام النبلاء (15/396).

([186]) عتبة بن أبان الغلام سمي الغلام لأنه كان في العبادة كأنه غلام رهبان لا لصغر سنه وهو من نساك البصرة مات شهيدًا في قتال الروم.

([187]) الفرقان لشيخ الإسلام ص319.

([188]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص55.

([189]) سير أعلام النبلاء (16/465).

([190]) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لشيخ الإسلام ص314 بتحقيق اليحيى.

([191]) أخرجه من حديث أبي هريرة مالك والشيخان وأحمد.

([192]) سير أعلام النبلاء (17/179).

([193]) الزيادة مني لتوضيح المعنى.

([194]) سير أعلام النبلاء (17/237).

([195]) الدعاء بهذه الصيغة غير مستحسن لذلك لم أكتبه.

([196]) سير أعلام النبلاء (17/12).

([197]) جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب – رحمه الله – 23/353 تحقيق الأرناؤوط وإبراهيم باجس ط الرابعة مؤسسة الرسالة.

([198]) الحليلة لابن نعيم 10/289، تحقيق مصطفى عطا.

([199]) من كنوز الدعاء لمحي الدين عبد الحميد ص40-41 بتصرف يسير.

([200]) سير أعلام النبلاء (17/645-646).

([201]) الدوخلة: سقيقة من خوص يوضع فيها التمر والرطب.

([202]) الفرقان لشيخ الإسلام تحقيق د. اليحيى ص315.

([203]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص77.

([204]) سير أعلام النبلاء (18/279).

([205]) سير أعلام النبلاء (20/210).

([206]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا بتصرف ص64.

([207]) انظر: حلية الأولياء لأبي نعيم 10/220 تحقيق مصطفى عطا.

([208]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص55-56.

([209]) سير أعلام النبلاء (20/449).

([210]) من كنوز الدعاء لمحي الدين عبد الحميد ص17 بتصرف.

([211]) سير أعلام النبلاء (21/411).

([212]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص83-84.

([213]) مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص72 بتصرف.

([214]) سير أعلام النبلاء (21/458) بتصرف.

([215]) جامع العلوم والحكم لابن رجب تحقيق الأرناؤوط وإبراهيم باجس 2/354 ط الرابعة مؤسسة الرسالة.

([216]) مجابي الدعوة للحافظ ابن أبي الدنيا ص41.

([217]) إن شئت المزيد فانظر الفرج بعد الشدة للقاضي التوخي 1/89.

([218]) انظر كتاب (لفتة الكبد في نصيحة الولد) [واقرأه بكامله فهو نفيس] أعتنى به بسام الجابي من إخراج دار ابن حزم ص43.

([219]) من شريط واجب الآباء تجاه الأبناء للشيخ سعيد بن مسفر (مع تصرف).

([220]) كتاب من كنوز الدعاء لمحي الدين عبد الحميد ص23 بتصرف كبير.

([221]) باختصار وترتيب من شريط (أكل الحلال وأثره) للشيخ الفاضل.

([222]) شريط صل وانتظر النتيجة للشيخ سعيد بن مسفر – حفظه الله – بزيادات وترتيب.

([223]) ذكرها الشيخ سعيد بن مسفر – حفظه الله – في مقابلة معه في إذاعة القرآن بالمملكة.

([224]) انظر: مجلة المجتمع العدد (1450) تاريخ 19 صفر 1422 بهذا العنوان بقلم: مجدي عقيل أبو شماله ذكرتها بتصرف وزيادة ونقصان.

([225]) الاستشفاء بالدعاء لإبراهيم بن محمد الجمل، والقصة له، وقد سقتها باختصار وزيادة ونقصان.

([226]) الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، للإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – ص14-19.

([227]) سير أعلام النبلاء،: للذهبي (13/15).

([228]) المرجع السابق (219-220).

([229]) المرجع السابق (100).

([230]) المرجع السابق (369).

([231]) المرجع السابق (355).

([232]) المرجع السابق (355).

([233]) وصية الذهبي، لمحمد بن رافع السلامي: ص25-26.

([234]) فضائل الذكر والدعاء، للإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – ص117-121.

([235]) رواه البخاري، (كتاب الدعوات) باب أفضل الاستغفار: رقم 6306 ص531.

([236]) رواه البخاري، (كتاب الدعوات) باب الدعاء في الصلاة: رقم 6326 ص532، واللفظ له ورواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: رقم 6869 ص1148.

([237]) رواه البخاري، باب الدعاء عند الكرب: رقم 6346 ص534، واللفظ له ورواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: رقم 6921 ص1151.

([238]) رواه البخاري، باب التعوذ من جهد البلاء: رقم 6347 ص534، واللفظ له رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: رقم 6877 ص1148.

([239]) رواه البخاري، باب التعوذ من عذاب القبر: رقم 6365 ص535، واللفظ له رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: رقم 6876 ص1148.

([240]) رواه البخاري، باب التعوذ من فتنة المحيا والممات: رقم 6367 ص535.

([241]) رواه البخاري باب التعوذ من المأثم والمغرم رقم 6368 ص535، واللفظ له ورواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: رقم 6375 ص1148.

([242]) رواه البخاري، باب الاستعاذة من الجبن والكسل: رقم 6369 ص535.

([243]) رواه البخاري، باب قول النبي ﷺ‬: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة»: رقم 6389 ص537، ورواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: رقم 6841 ص1146.

([244]) رواه البخاري، باب قول النبي ﷺ‬ «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت»: رقم 6398 ص538، ورواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: رقم 6901 ص1150.

([245]) رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: رقم 6849 ص1147.

([246]) المرجع السابق: رقم 6895 ص1150.

([247]) المرجع السابق: رقم 6899 ص1150.

([248]) المرجع السابق: رقم 6903 ص1150.

([249]) المرجع السابق: رقم 6904 ص1150.

([250]) المرجع السابق: رقم 6906 ص1150.

([251]) المرجع السابق: رقم 6911 ص1151.

([252]) المرجع السابق، كتاب الرقاق: رقم 6944 ص1153.

([253]) المرجع السابق، كتاب القدر (باب تصريف الله – تعالى – القلوب كيف شاء): رقم 6750 ص1140.

([254]) محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار: العلامة الحافظ الإخباري، أبو بكر، صاحب السيرة النبوية، ولد سنة ثمانين، وهو أول من دون العلم بالمدينة روى حرملة عن الشافعي قال: من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق عن الزهري قال: لا يزال بالمدينة علم ما بقي هذا – عنى ابن إسحاق – مات سنة اثنتين وخمسين. [السير للذهبي (7/33-55)].

([255]) صالح بن كيسان: الإمام الحافظ الثقة المدني، مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز، وكان جامعًا من الحديث والفقه والمروءة. عن إبراهيم بن سعد جئت إلى صالح بن كيسان في منزله، وهو يكسر لهرة له يطعمها، ثم يفت لحمامات له أو لحمام يطعمه. مات بعد الأربعين والمئة. [السير للذهبي (5/454-456)].

([256]) الطفيل بن عمرو الدوسي: صاحب النبي ﷺ‬، كان سيدًا مطاعًا من أشراف العرب، ودوس بطن من الأزد، وكان يلقب ذا النور، أسلم قبل الهجرة بمكة، قتل – رضي الله عنه – يوم اليمامة [السير للذهبي (1/344-347)].

([257]) سير أعلام النبلاء للذهبي (1/345-347).

([258]) رواه البخاري: رقم الحديث (4693) ص390.

([259]) عائشة: أم المؤمنين بنت الصديق أبي بكر القرشية، نشهد أنها زوجة نبينا في الدنيا والآخرة فهل فوق ذلك مفخر، وإن كان للصديقة خديجة شأو لا يحلق وأنا (والكلام للذهبي) واقف في أيتهما أفضل. نعم جزمتُ بأفضلية خديجة عليها لأمور ليس هذا موضعها. سأل عمرو بن العاص – رضي الله عنه – النبي ﷺ‬: أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال: «عائشة» قال: فمن الرجال؟ قال: «أبوها» عن أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ﷺ‬: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» وعن أبي موسى – رضي الله عنه – قال: ما أشكل علينا أصحاب محمد ﷺ‬ حديثٌ قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا. توفيت سنة سبع وخمسين ودفنت بالبقيع – رضي الله تعالى عنها – [السير للذهبي (2/135-201)].

([260]) بلال بن رباح رضي الله عنه: مؤذن النبي ﷺ‬، مولى أبي بكر الصديق – رضي الله تعالى عنه – وأمه حمامة، وهو من السابقين الذين عذبوا في الله – تعالى - شهد له النبي ﷺ‬ على التعيين بالجنة، قال عمر: أبو بكر سيدنا أعتق بلالاً سيدنا. قال سعيد بن عبد العزيز: لما احتضر بلال قال: غدًا نلقى الأحبة محمدًا وحزبه قال: تقول امرأته: واويلاه فقال: وافرحاه. توفى سنة عشرين بدمشق [السير للذهبي (1/347-360)].

([261]) رواه البخاري: رقم الحديث (5654) ص484.

([262]) عبد الله بن عباس بن عبد المطلب: حبر الأمة وإمام التفسير، مولده قبل الهجرة بثلاث سنين، وهو ابن خالة خالد بن الوليد – رضي الله عنه - له جماعة أولاد منهم علي أبو الخلفاء عنه – رضي الله عنه – قال: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي ﷺ‬، إسناده صحيح: توفي – رضي الله عنه – سنة ثمان أو سبع وستين: عن سعيد قال: مات ابن عباس بالطائف فجاء طائر لم ير خلقته فدخل نعشه ثم لم ير خارجًا منه فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يدري من تلاها }يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً{ [الفجر: 27-28] هذه قضية متواترة. [السير للذهبي (3/331-359)].

([263]) رواه البخاري: رقم الحديث (2915) ص234.

([264]) عبد الله بن عمرو بن العاص: الإمام الحبر العابد، وليس أبوه أكبر منه إلا بإحدى عشرة سنة أو نحوها وله مناقب وفضائل وقدمٌ راسخ في العلم والعمل، ورث من أبيه قناطير مقنطرة من الذهب المصري فكان من ملوك الصحابة، عن يعلى بن عطاء عن أمه أنها كانت تصنع الكحل لعبد الله بن عمرو، وكان يكثر البكاء يغلق عليه بابه ويبكي حتى رمصت عيناه. مات سنة ثلاث وستين [السير للذهبي (3/79-94].

([265]) رواه أبو داود: رقم (2747) ص(1428)، باب في النفل للسرية تخرج من العسكر.

([266]) أبو سلمة بن عبد الأسد: أخو رسول الله ﷺ‬ من الرضاعة وابن عمته برة، وأحد السابقين، مات بعد بدر بأشهر، ولما انقضت عدة زوجته أم سلمة تزوج بها النبي ﷺ‬، روت عن زوجها القول عند المصيبة، وكانت تقول: من خير من أبي سلمة؟ وما ظنت أن الله يخلفها في مصابها به بنظيره فلما فُتح عليها بسيد البشر اغتبطت أيما اغتباط. مات سنة ثلاث من الهجرة [السير للذهبي 1/150-153)].

([267]) سير أعلام النبلاء، للذهبي (3/203).

([268]) عبد الرحمن بن سليمان: ابن صاحب رسول الله ﷺ‬ عبد الله بن حنظلة الأنصاري الفقيه المحدث وقيل لجدهم: حنظلة الغسيل لأنه استشهد يوم أحد كان جنبًا فغسلته الملائكة، توفي سنة إحدى وسبعين ومئة وقد جاوز التسعين [السير للذهبي (7/323-325)].

([269]) عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الظفري الأنصاري: أحد العلماء، يروي عن أبيه وعن جابر بن عبد الله ومحمود بن لبيد ورميشة الصحابية وهي جدته وأنس بن مالك – رضي الله عنهم – وكان عارفًا بالمغازي، توفي سنة عشرين ومئة [السير للذهبي 5/240-241].

([270]) قتادة بن النعمان بن زيد – رضي الله عنه – الأمير المجاهد أبو عمر الأنصاري، من نجباء الصحابة وهو أخو أبي سعيد الخدري لأمه، وكان على مقدمة أمير المؤمنين عمر لما سار إلى الشام، وكان من الرماة المعدودين، توفي سنة ثلاث وعشرين بالمدينة ونزل عمر يومئذ في قبره – رضي الله عنهما – [السير للذهبي (2/331-333)].

([271]) سير أعلام النبلاء للذهبي (2/333).

([272]) عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام الأنصاري – رضي الله عنه – لما كان يوم أحد قال رسول الله ﷺ‬: - قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين – فقام وهو أعرج فقال: والله لأقحزن عليها في الجنة فقاتل حتى قتل. روى مالك أن عمرو بن الجموح وابن حرام كان السيل قد خرب قبورهما فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما فوُجدا لم يتغيرا كأنما ماتا بالأمس، وكان أحدهما قد جُرح فوضع يده على جرحه فدفن كذلك فأمطيت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت، وكان بين يوم أحد ويوم حُفر عنهما ست وأربعون سنة [السير للذهبي (1/252-255)].

([273]) عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري أبو جابر: عن جابر قال: قال لي رسول الله ﷺ‬: «ألا أخبرك أن الله كلم أباك كفاحًا فقال: يا عبدي سلني أعطك! قال: أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانيًا فقال: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون قال: يا رب فأبلغ من ورائي، فأنزل الله، }وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ{ [آل عمران: 169]» [السير الذهبي (1/324-328)].

([274]) خلاد بن عمرو شهد بدرًا واستشهد يوم أحد. [السير للذهبي (1/252)].

([275]) سير أعلام النبلاء للذهبي (1/255).

([276]) النعمان بن قوقل: وقوقل اسمه مالك بن ثعلبة بن دعد والقواقل هم رهط عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – [مستدرك الحاكم (3/679)] وعن جابر – رضي الله عنه – قال: أتى النبي ﷺ‬ النعمان بن قوقل فقال: يا رسول الله أرأيت إذا صليت المكتوبة وحرمت الحرام وأحللت الحلال أأدخل الجنة؟ فقال النبي ﷺ‬: «نعم». [رواه مسلم (108/683)].

([277]) عون المعبود (7/281).

([278]) جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصاري: الإمام الكبير آخر من شهد ليلة العقبة الثانية موتًا، وكان قد أطاع أباه يوم أحد وقعد لأجل أخواته، ثم شهد الخندق، وشاخ وذهب بصره وقارب التسعين. عن جابر قال: استغفر لي رسول الله ﷺ‬ ليلة البعير خمسًا وعشرين مرة. وقال: عادني رسول الله ﷺ‬ وأنا لا أعقل فتوضأ وصب علي من وضوئه فعقلت. مات سنة ثمان وسبعين. [السير للذهبي (3/189-194].

([279]) سير أعلام النبلاء للذهبي (1/327).

([280]) خديجة بنت خويلد القرشية: كان النبي ﷺ‬ يثني عليها ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين ويبالغ في تعظيمها، وكانت تنفق عليه من مالها ويتجر هو ﷺ‬ لها. وقد أمره الله – تبارك وتعالى – أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. وأولادها منه – عليه الصلاة والسلام -: القاسم والطيب والطاهر ماتوًا رضعًا ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة. قال الشيخ عز الدين بن الأثير: خديجة أول خلق الله أسلم بإجماع المسلمين. روي من وجوه أن النبي ﷺ‬ قال: «يا خديجة، جبريل يقرئك السلام» وفي بعضها «يا محمد اقرأ على خديجة من ربها السلام» ماتت قبل الهجرة بثلاث سنوات [السير للذهبي (2/109-117)].

([281]) سير أعلام النبلاء للذهبي (2/112).

([282]) عبد الله بن عمر بن الخطاب: الإمام شيخ الإسلام، قال ابن مسعود – رضي الله عنه -: إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد الله بن عمر، قال نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ‬: «لو تركنا هذا الباب للنساء» فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات. قال ابن المنكدر: بويع يزيد فقال ابن عمر: إن كان خيرًا رضينا وإن كان بلاء صبرنا. وعن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ: }أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ{ [الحديد: 16] بكى حتى يغلبه البكاء. وعن نافع قال: ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد إسنادها صحيح. مات سنة أربع وسبعين [السير للذهبي (3/203-239)].

([283]) عوف بن مالك الأشجعي الغطفاني: ممن شهد فتح مكة، كان من نبلاء الصحابة، شهد غزوة مؤتة. وقال: رافقني مددي من أهل اليمن ليس معه غير سيفه – الحديث بطوله – وفيه قوله ﷺ‬: «هل أنتم تاركوا لي أمرائي» مات سنة ثلاث وسبعين. [السير للذهبي (2/487-490)].

([284]) أخرجه الحاكم في المستدرك (1/727) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

([285]) النابغة الجعدي: أبو ليلى، شاعر زمانه، له صحبة، وهو من بني عامر بن صعصعة كان ينتقل في البلاد ويمتدح الأمراء، وامتد عمره وشعره سائر كثير [السير للذهبي (3/177-178)].

([286]) انظر: مسند الحارث (زوائد الهيثمي) (2/844).

([287]) تاريخ الإسلام، للذهبي: حوادث ووفيات من سنة 61هـ - 80هـ ص258-260.

([288]) عمرو بن الحمق الخزاعي: له صحبة ورواية، وبايع النبي ﷺ‬ في حجة الوداع وسمع منه، قال عمار الدهني: أول رأس نُقل رأس ابن الحمق وذلك لأنه لدغ فمات فخشيت الرسل أن تُتهم به فحزوا رأسه وحملوه، قُتل سنة خمسين [تاريخ الإسلام للذهبي حوادث ووفيات من سنة 41-60هـ ص87-89].

([289]) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (6/322).

([290]) سلمان بن عمرو بن الأكوع: واسم سنان الأسلمي قال: بايعت رسول الله ﷺ‬ على الموت وغزوت معه سبع غزوات، وعنه قال: أردفني رسول الله ﷺ‬ مرارًا ومسح على وجهي مرارًا واستغفر لي مرارًا عدد ما في يدي من الأصابع، وعن يزيد بن أبي عبيد قال: لما قتل عثمان – رضي الله عنه – خرج إلى الربذة وتزوج هناك امرأة فولدت له أولادًا، وقبل أن يموت بليال نزل إلى المدينة. توفي سنة أربع وسبعين. [السير للذهبي 3/326-331)].

([291]) رواه مسلم: رقم الحديث (5268) ص1039.

([292]) شريك بن عبد الله بن أبي نمر: المدني المحدث حدث عن أنس – رضي الله عنه – وجماعة مات قبل الأربعين ومئة [السير للذهبي 6/159-160].

([293]) أنس بن مالك الأنصاري: خادم النبي ﷺ‬، الإمام المقرئ المحدث، قال: جاءت بي أم سليم إلى رسول الله ﷺ‬ وقد أزرتني بنصف خمارها وردتني ببعضه، فقالت: يا رسول الله هذا هذا أُنيس ابني أتيتك به يخدمك فادع الله له فقال: «اللهم أكثر ماله وولده» فوالله إن مالي لكثير وإن ولدي وولد ولدي يتعادون على نحو من مائة اليوم. صحب النبي ﷺ‬ أتم الصحبة ولازمه أكمل الملازمة منذ أن هاجر وإلى أن مات، وغزا معه غير مرة وبايع تحت الشجرة. مات سنة ثلاث وتسعين فيكون عمره مائة وثلاث سنين. [السير للذهبي (3/395-406)].

([294]) رواه البخاري: رقم الحديث (1031) ص79.

([295]) عمرو بن أخطب أبو زيد: الأنصاري الخزرجي الأعرج – رضي الله عنه – من مشاهير الصحابة الذين نزلوا البصرة، وله بالبصرة مسجد يعرف به، روى عن النبي ﷺ‬ أحاديث وغزا معه ثلاث عشرة غزوة، توفي في خلافة عبد الملك بن مروان. السير للذهبي (3/473-474).

([296]) سير أعلام النبلاء للذهبي (3/474).

([297]) أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري: فارس رسول الله ﷺ‬ عن سلمة بن الأكوع عن النبي ﷺ‬ قال: «خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة بن الأكوع». وعن أبي قتادة قال: كنا مع رسول الله ﷺ‬ في بعض أسفاره إذ تأخر عن الراحلة فدعمته بيدي حتى استيقظ فقال: «اللهم احفظ أبي قتادة كما حفظني منذ الليلة، ما أرانا إلا قد شققنا عليك» مات سنة سبع أربع وخمسين [السير للذهبي (2/449-456)].

([298]) المقداد بن عمرو الكندي: ويقال له المقداد بن الأسود لأنه رُبي في حجر الأسود بن عبد يغوث فتبناه. قال – رضي الله عنه -: استعملني رسول الله ﷺ‬ على عمل فلما رجعت قال: «كيف وجدت الإمارة؟» قلت: يا رسول الله ما ظننت إلا الناس كلهم خَوَلٌ لي والله لا ألي على عمل ما دمتُ حيًا، وعن كريمة بنت المقداد أن المقداد أوصى للحسن والحسين بستة وثلاثين ألفًا، ولأمهات المؤمنين لكل واحدة بسبعة آلاف درهم، مات في سنة ثلاث وثلاثين وقبره بالبقيع [السير للذهبي (1/385-389)].

([299]) سير أعلام النبلاء للذهبي (2/449-450).

([300]) زيد بن سهل الخزرجي هو أبو طلحة: قال فيه رسول الله ﷺ‬ «صوت أبي طلحة في الجيش خيرٌ من فئة» قال لنا الحافظ أبو محمد: حلق النبي ﷺ‬ شق رأسه فوزعه على الناس، ثم حلق شقه الآخر فأعطاه أبا طلحة، وعن أنس – رضي الله عنه -: أنا أبا طلحة قرأ: }انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا{ [التوبة: 41] فقال: استنفرنا الله وأمرنا شيوخنا وشبابنا جهزوني فقال بنوه: يرحمك الله إنك قد غزوت على عهد رسول الله ﷺ‬ وأبي بكر وعمر ونحن نغزوا عنك الآن قال: فغزا البحر فمات فلم يجدوا له جزيرة يدفنوه فيها إلا بعد سبعة أيام فلم يتغير. مات سنة أربع وثلاثين [السير للذهبي (2/27-34)].

([301]) رواه البخاري: رقم (5470) ص471، واللفظ له ورواه مسلم. رقم (6322) ص1109.

([302]) انظر فتح الباري (3/170) وسير أعلام النبلاء للذهبي (2/311).

([303]) عبد الله بن أبي طلحة مات قبل أنس بمدة ليست بالكثيرة [السير للذهبي (3/482-484)].

([304]) سير أعلام النبلاء للذهبي (3/483).

([305]) رواه مسلم: رقم (6322) ص1109.

([306]) كعب بن عمرو الأنصاري: البدري العقبي أبو اليسر الذي أسر العباس – رضي الله عنه – يوم بدر، شهد العقبة وله عشرون سنة، له أحاديث قليلة، وقد شهد صفين مع علي – رضي الله عنه -، وكان من بقايا البدريين، مات بالمدينة في سنة خمس وخمسين. [السير، الذهبي (2/537-538)].

([307]) أخرجه أحمد في المسند (5/686-287).

([308]) عمرو بن حريث المخزومي: أخو سعيد بن حريث، كان عمرو من بقايا أصحاب رسول الله ﷺ‬ الذين نزلوا الكوفة. مولده قبيل الهجرة، له صحبة ورواية، توفي سنة خمس وثمانين [السير للذهبي (3/459-462)].

([309]) عبد الله بن جعفر – رضي الله عنهما – ابن أبي طالب: السيدُ العالم، استشهد أبوه يوم مؤتة فكفله النبي ﷺ‬ ونشأ في حجره، وهو آخر من رأى النبي ﷺ‬ وصحبه من بني هاشم، وكان كبير الشأن كريمًا جوادًا عنه – رضي الله عنه – قال: أردفني رسول الله ﷺ‬ ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثًا لا أحدث به أحدًا، فدخل حائطًا فإذا جمل فلما رأى النبي ﷺ‬ حنَّ وذرفت عيناه، ولعبد الله بن جعفر أخبار في الجود والبذل، وكان وافر الحشمة كثير التنعم، مات – رضي الله عنه – سنة أربع وثمانين. [السير للذهبي (3/456-462)].

([310]) سير أعلام النبي للذهبي (3/458).

([311]) رواه الترمذي باب في دعاء المريض رقم 3546 ص2018، وقال حديث حسن صحيح.

([312]) زهرة بن معبد بن عبد الله القرشي المدني: نزيل الإسكندرية، الإمام أبو عقيل، وكان من عباد الله الصالحين، توفي في سنة خمس وثلاثين ومئة. وقد شاخ. [السير للذهبي (8/147-148)].

([313]) رواه البخاري: باب الشركة في الطعام وغيره رقم (197/2501-2502). وفي باب الدعاء للصبيان بالبركة ومسح رؤوسهم رقم 1353 ص534.

([314]) رواه مسلم رقم (6835) ص1146 باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا.

([315]) عطاء بن أبي رباح القرشي: مولاهم، مفتي الحرم، ولد في خلافة عثمان – رضي الله عنه – ونشأ بمكة عنه – رحمه الله – قال: أدركت مئتين من أصحاب رسول الله ﷺ‬. قال أبو حازم الأعرج: فاق عطاءٌ أهل مكة في الفتوى. قال ابن جريج: كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة وكان من أحسن الناس صلاة. مات سنة خمس عشرة ومئة. [السير للذهبي (5/78-79)].

([316]) رواه البخاري رقم 5652 ص484 واللفظ له ورواه غيره.

([317]) انظر: زاد المعاد لابن القيم (1/441).

([318]) الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي) (8/188).

([319]) عكرمة: العلامة الحافظ المفسر القرشي مولاهم المدني البربري الأصل، قيل: كان لحصين بن أبي الحر العنبري فوهبه لابن عباس – رضي الله عنهما – قال رحمه الله: طلبت العلم أربعين سنة وكنت أفتي بالباب وابن عباس في الدار، قال مصعب بن عبد الله: تزوج عكرمة أم سعيد بن جبير فلما قتل سعيد قال إبراهيم: ما خلف بعده مثله. توفي سنة خمس ومئة. [السير للذهبي (5/12-36].

([320]) جامع البيان عن تفسير آي القرآن (تفسير الطبري)، للإمام حمد بن جرير الطبري (6/172).

([321]) عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى العامري: من المهاجرين الأولين، شهد بدرًا والمشاهد، كنيته أبو محمد وعاش إحدى وأربعين سنة. ومن ذريته نوفل بن مساحيق بن عبد الله بن مخرمة. [تاريخ الإسلام للذهبي: حوادث ووفيات من 11-40هـ: ص64].

([322]) نوفل بن مساحيق بن عبد الله القرشي العامري: أحد الفقهاء، كان على صدقات المدينة ولي القضاء سنة ست وثمانين، وتوفي بعد ذلك وله بدمشق دار. وكان أحد الأشراف الأجواد. [تاريخ الإسلام للذهبي: حوادث ووفيات من 81 – 100هـ: ص 211 – 212].

([323]) انظر الاستيعاب (3/98).

([324]) خوات بن جبير بن النعمان الأنصاري: أخو عبد الله بن جبير الذي كان أمير الرماة يوم أحد – رضي الله عنهما – ويكنى خوات أبا صالح، قال ابن سعد: قالوا: وكان خوات بن جبير صاحب النحيين في الجاهلية ثم حسن إسلامه. مات بالمدينة سنة أربعين [السير للذهبي (2/329-330)].

([325]) انظر: كتاب مجابي الدعوة، لابن أبي الدنيا، ص41-42.

([326]) العباس بن عبد المطلب: عم رسول الله ﷺ‬، ولد قبل أصحاب الفيل بثلاث سنين، قدم إلى النبي ﷺ‬ قبل الفتح وأسلم، وكان شريفًا مهيبًا عاقلاً جميلاً من أطول الرجال وأجهرهم صوتًا مع الحلم الوافر والسؤدد، وثبت أن العباس كان يوم حنين وقت الهزيمة آخذًا بلجام بغلة النبي ﷺ‬ وثبت معه حتى نزل النصر، وأمره النبي ﷺ‬ أن يهتف يوم حنين: يا أصحاب الشجرة، وكان جهوري الصوت جدًا، ومات سنة اثنتين وثلاثين ودفن بالبقيع. [السير للذهبي (2/78-103)].

([327]) رواه البخاري: رقم 3710 ص303.

([328]) أم المؤمنين السيدة هند بنت أبي أمية: بنت عم خالد بن الوليد – رضي الله عنه – وبنت عم أبي جهل. من المهاجرات الأوّل وكانت قبل النبي ﷺ‬ عند أخيه من الرضاعة: أبي سلمة. قال مصعب الزبيري: هي أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة. دخل بها النبي ﷺ‬ في سنة أربع من الهجرة. وكانت آخر من مات من أمهات المؤمنين، عمرت حتى بلغها مقتل الحسين الشهيد فرجمت لذلك وغُشي عليها وحزنت عليه كثيرًا لم تلبث بعده إلا يسيرًا وانتقلت إلى الله، عاشت نحوًا من تسعين سنة – رضي الله عنها – توفيت سنة إحدى وستين [السير الذهبي (1/201-210)].

([329]) الحسين بن أبي الحسن يسار: مولى زيد بن ثابت. عن غاضرة قال: كانت أم الحسن مولاة لأم سلمة أم المؤمنين. ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر – رضي الله عنه – وأمه خيرة، وكان سيد أهل زمانه علمًا وعملاً قال محمد بن سعد: كان جامعًا عالمًا رفيعًا فقهيًا ثقة حجة مأمونًا ناسكًا كثير العلم فصيحًا جميلاً وسيمًا. ومن كلامه: ابن آدم إنما أنت أيام، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك. قال أيوب: ما وجدت ريح مرقة طُبخت أطيب من ريح قدر الحسن. مات سنة عشر ومئة [السير للذهبي (4/563-588)].

([330]) سير أعلام النبلاء للذهبي (1/564-465).

([331]) انظر: كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص26-27.

([332]) العلاء بن الحضرمي اسمه العلاء بن عبد الله: كان من حلفاء بني أمية وأخوه ميمون هو المنسوب إليه بئر ميمون التي بأعلى مكة احتفرها قبل المبعث، وأخواهما عمرو وعامر، ولاّه رسول الله ﷺ‬ البحرين ثم وليها لأبي بكر وعمر – رضي الله عنهم – عن الشعبي أن عمر كتب إلى العلاء بن الحضرمي وهو بالبحرين أن: سر إلى عتبة بن غزوان فقد وليتك عمله، ظننت أنك أغنى منه فاعرف له حقه، فخرج العلاء في رهط منهم أبو هريرة وأبو بكرة: فلما كانوا بنياس مات العلاء. [السير للذهبي (1/262-266)].

([333]) سير أعلام النبلاء للذهبي (1/265-266).

([334]) فقيه الكوفة وعالمها ومقرئها علقمة بن قيس النخعي: عم الأسود بن يزيد وأخيه عبد الرحمن وخال فقيه العراق إبراهيم النخعي، لازم ابن مسعود – رضي الله عنه – حتى رأس في العلم والعمل عن علقمة قال: أتى عبد الله بشراب فقال: أعط علقمة أعط مسروقًا فكلهم قال: إني صائم فقال: }يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ{ [النور: 37] وقال ما حفظت وأنا شاب فكأني أنظر إليه في قرطاس مات سنة اثنتين وستين [السير للذهبي (4/53-61)].

([335]) عويمر بن زيد الأنصاري – رضي الله عنه: – قاضي دمشق، وهو معدود فيمن تلا على النبي ﷺ‬، وممن جمع القرآن في حياة الرسول ﷺ‬، تصدر للإقراء بدمشق قال ابن إسحاق: كان الصحابة يقولون: أتبعنا للعلم والعمل أبو الدرداء. عن راشد بن سعد قال: جاء رجل إلى أبي الدرداء فقال: أوصني قال: اذكر الله في السراء يذكرك في الضراء، وإذا ذكر الموتى فاجعل نفسك كأحدهم، وإذا أشرفت نفسك على شيء من الدنيا فانظر إلى ما يصير، مات سنة اثنتين وثلاثين [السير للذهبي (2/335-354)].

([336]) عبد الله بن مسعود الهذلي – رضي الله عنه -: من السابقين الأولين وكان معدودًا في أذكياء العلماء. عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينًا وما نحسب ابن مسعود وأمه إلا من أهل بيت النبي ﷺ‬ لكثرة دخولهم وخروجهم عليه. وعن أم موسى: سمعت عليًا – رضي الله عنه – يقول: أمر رسول الله ﷺ‬ ابن مسعود فصعد شجرة يأتيه منها بشيء، فنظر أصحابه إلى عبد الله فضحكوا من حموشة ساقيه، فقال رسول الله ﷺ‬: «ما تضحكون؟ لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد» قدم من الكوفة على عثمان وشهد في طريقة بالربذة أبا ذر – رضي الله عنهم – وصلى عليه. مات سنة اثنتين وثلاثين ودفن بالبقيع [السير للذهبي (1/461-500)].

([337]) سير أعلام النبلاء للذهبي (4/56).

([338]) عبد الله بن عامر بن ربيعة: أبو محمد العنزي بالسكون وعنز أخو بكر بن وائل، استشهد أخوه سمية عبد الله في حصار الطائف. مولده عام الحديبية توفي سنة خمس وثمانين. [السير للذهبي (3/521)].

([339]) عامر بن ربيعة بن كعب العنزي: من حلفاء عمر بن الخطاب العدوي، من السابقين إلى الإسلام، أسلم قبل عمر وهاجر الهجرتين، قال ابن إسحاق: أول من قدم مهاجرًا أبو سلمة بن عبد الأسد وبعده عامر بن ربيعة وكان معه لواء عمر – رضي الله عنهما – لما قدم الجابية. توفي سنة خمس وثلاثين. [السير للذهبي (2/333-335)].

([340]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (2/334-335).

([341]) الزبير بن العوام بن خويلد، ابن عمة النبي ﷺ‬ صفية وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أهل الشورى، وأول من سل سيفه في سبيل الله؛ عن جابر – رضي الله عنه، قال رسول الله ﷺ‬ يوم الخندق: «من يأتينا بخبر بني قريظة؟» فقال الزبير: أنا. فذهب على فرس فجاء بخبرهم، ثم قال الثانية فقال الزبير: أنا. فذهب، ثم الثالثة فقال النبي ﷺ‬: «لكل نبي حواري وحواريَّ الزبير». عن هشام بن عروة قال: كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف: إحداهن في عاتقه؛ إن كنت لأدخل أصابعي فيها؛ ضرب ثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك. قتله ابن جرموز سنة ست وثلاثين [السير للذهبي (1/ 41-67) ].

([342]) حكيم بن حزام بن خويلد: أسلم يوم الفتح، قال ابن منده: وُلد حكيم في جوف الكعبة، وعاش مائة وعشرين سنة. قال البخاري في تاريخه: عاش ستين سنة في الجاهلية وستين في الإسلام. قلت - والكلام للذهبي : لم يعش في الإسلام إلا بضعًا وأربعين سنة. عن مصعب بن ثابت يقول: بلغني والله أن حكيم بن حزام حضر يوم عرفة ومعه مائة رقبة ومئة بدنة ومئة بقرة ومئة شاة فقال: الكل لله. قال – رضي الله عنه: ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها، مات سنة أربع وخمسين. [السير للذهبي (3/ 44-51) ].

([343]) رواه البخاري، رقم 3129، كتاب فرض الخمس، باب بركة الغازي في ماله حيًا وميتًا مع النبي ﷺ‬ وولاة الأمر، ص252.

([344]) الحسن بن علي – رضي الله عنهما: الشهيد، ريحانة النبي ﷺ‬ وسبطه وسيد شباب أهل الجنة، كان يشْبه جدَّه رسولَ الله ﷺ‬، قال أبو جحيفة: مولده سنة ثلاث من الهجرة، قال أسامة: كان النبي ﷺ‬ يأخذني والحسن ويقول: «اللهم أحبهما فإني أحبهما». عن معاوية – رضي الله عنه – قال: رأيت رسول الله ﷺ‬ يمص لسانه أو شفته - يعني الحسن - وإنه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله ﷺ‬. عاش سبعًا وأربعين سنة، مات سنة خمسين. [السير للذهبي (3/ 245-279) ].  

([345]) حُجْر بن عدي بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث، وأبوه عدي الأدبر، وكان قد طُعن مولِّيًا فسُمي الأدبر، الكوفي أبو عبد الرحمن الشهيد، له صحبة ووفادة، قتل سنة إحدى وخمسين. [ السِّير للذهبي: (3/462- 467)].

([346]) انظر الاستيعاب (1/332).

([347]) الحكم بن عمرو الغفاري – رضي الله عنه: أخو رافع، وهما من بني ثعلبة أخو غفار، له فضل وصلاح ورأي وإقدام، عن الحسن أن زيادًا استعمل الحكم بن عمرو فلقيه عمران بن الحصين فقال: أما تذكر أن رسول الله ﷺ‬ لما بلغه الذي قال أميره: قَعْ في النار. فقام ليقع فيها فأدركه فأمسكه، فقال النبي ﷺ‬: «لو وقع فيها لدخل النار، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق». قال الحاكم: بلى. قال: إنما أردت أن أذكِّرك هذا الحديث. مات بخراسان واليًا سنة إحدى وخمسين [السير للذهبي (24/ 474 – 477) ].

([348]) بريدة بن الحصيب الأسلمي – رضي الله عنه: استعمله النبي ﷺ‬ على صدقات قومه، وكان يحمل لواء الأمير أسامة – رضي الله عنه – حين غزا أرض البلقاء إثر وفاة الرسول ﷺ‬. روى مقاتل بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه قال: شهدت خيبر، وكنت فيمن صدع الثملة، فقاتلت حتى رئي مكاني وعليَّ ثوب أحمر، فما أعلم أني ركبت في الإسلام ذنبًا أعظم عليَّ منه – أي الشهرة، توفي سنة اثنتين وستين. [السير للذهبي (2/469 – 471)].

([349]) أخرجه الحاكم في المستدرك (ذكر مناقب الحكم بن عمرو الغفاري) (3/500) (بتصرف).

([350]) إشكال: في القصة السابقة ذكر الحاكم – رحمه الله تعالى – أن الحكم وبريدة – رضي الله عنهما – دفنا في قبر واحد بينما ذكر الذهبي – رحمه الله تعالى – في ترجمة الحكم في السير قال: قال خليفة: مات بخراسان واليًا عليها سنة إحدى وخمسين. وقال في تاريخ الإسلام: توفي بمرو سنة خمس وأربعين وقيل سنة خمسين. [تاريخ الإسلام حوادث ووفيات 41-60هـ ص 41-42]. وقال – رحمه الله تعالى – في [السير] في وفاة بريدة – رضي الله عنه: توفي سنة اثنتين وستين. وهذا أقوى.

     وقال في [تاريخ الإسلام]: (سكن مرو في آخر عمره وبها قبره، توفي سنة اثنتين وستين على الأصح). [تاريخ الإسلام، حوادث ووفيات سنة 61-80 هـ ص، 76-77]. فاتضح أن بينهما في الوفاة أكثر من عشر سنوات مما يضعف هذا الرواية والله – تعالى – أعلم.

([351]) أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب الداراني: زاهد العصر، قدم من اليمن، وقد أسلم في أيام النبي ﷺ‬، فدخل المدينة في خلافة الصديق – رضي الله عنه، عن شرحبيل أن رجلين أتيا أبا مسلم فلم يجداه في منزله، فأتيا المسجد فوجداه يركع، فانتظراه، فأحصى أحدهما أنه ركع ثلاث مائة ركعة، قال المفضل بن غسَّان الغلابي: إن علقمة وأبا مسلم ماتا في سنة اثنتين وستين، فالله أعلم. [السير للذهبي (4/174) ].

([352]) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – ص312.

([353]) زياد بن أبيه: وهو زياد بن عبيد الثقفي، وهو زياد بن سمية وهي أمه؛ كانت مولاة للحارث بن كلده الثقفي طبيب العرب، ولد عام الهجرة وأسلم زمن الصديق – رضي الله عنه، وهو أخو أبي بكرة الثقفي الصحابي – رضي الله عنه – لأمه، ثم كان كاتبًا لأبي موسى – رضي الله عنه – زمن إمرته على البصرة، وكان من نبلاء الرجال رأيًا وعقلاً وحزمًا ودهاء وفطنة، قال أبو الشعثاء: كان زياد أفتك من الحجاج لمن يخالف هواه. [السير للذهبي (3/ 494-497) ].

([354]) معاوية بن أبي سفيان: أمير المؤمنين ملك الإسلام، كتب الوحي للنبي ﷺ‬، وأخته أم المؤمنين أم حبيبة – رضي الله عنهم، عن العرباض سمع النبي ﷺ‬ وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان: هلم إلى الغداء المبارك. ثم سمعته يقول: «اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب». قلت - والكلام للذهبي: وللحديث شاهد قوي. وجمع عمر إمرة الشام كلها لمعاوية وأقره عليها عثمان – رضي الله عنهم ، وحسبك بمن يؤمره عمر ثم عثمان على إقليم وهو ثغر فيضبطه ويقوم به أتم قيام، وكان محبَّبًا إلى الرعية، عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال: ما رأيت أشبه صلاة برسول الله ﷺ‬ من أميركم هذا. يعني معاوية، مات – رضي الله عنه – سنة ستين. [السير للذهبي (3/ 119-162) ].

([355]) سير أعلام النبي للذهبي (3/496).

([356]) المرجع السابق.

([357]) الشعبي عامر بن شراحيل الهمداني: علامة العصر، مولده في إمرة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه ، رأى عليًا – رضي الله عنه – وصلى خلفه، قال – رحمه الله: ما مات ذو قرابة لي وعليه دين إلا وقضيت عنه، ولا ضربت مملوكًا لي قط ولا حللت حبوتي إلى شيء مما ينظر الناس. وعن داود بن يزيد: سمعت الشعبي يقول: والله لو أصبت تسعًا وتسعين مرة وأخطأت مرة لأعدُّوا عليَّ تلك الواحدة. عن الأعمش قال: أتى رجل الشعبيَّ فقال: ما اسم امرأة إبليس؟ قال: ذاك عرس ما شهدته. مات سنة أربع ومئة. [ السير للذهبي (4/ 294- 319) ].

([358]) انظر: كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا، ص76 والفرج بعد الشدة له ص98.

([359]) الإمام الفقيه المجتهد عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني: سيد الحفاظ، والمشهور أنه كني بأولاد هرة برية، قال: وجدتها فأخذتها في كمي فكنيت بذلك. وقد جاع واحتاج ولزم المسجد، استعمله عمر – رضي الله عنه – على البحرين، وكان معاوية – رضي الله عنه – يبعثه أميراً على المدينة، عن عبد الوهاب المدني قال: بلغني أن رجلا دخل على المدينة فقال: مررت بالمدينة فإذا أبو هريرة جالس في المسجد حول حلقة يحدثهم فقال: حدثني خليلي أبو القاسم ﷺ‬. ثم استعبر فبكى، ثم عاد فقال: حدثني خليلي نبي الله أبو القاسم ﷺ‬ ثم استعبر فبكى ثم قام، ودخل عليه مروان في شكواه فقال: شفاك الله يا أبا هريرة. فقال: اللهم إني أحبُّ لقاءك فأحبَّ لقائي. قال: فما بلغ مروان أصحاب القطا حتى مات. [ السير للذهبي (2/578 – 632) ].

([360]) سير أعلام النبلاء للذهبي. (2/626).

([361]) المرجع السابق، (2/596).

([362]) يزيد بن معاوية بن أبي سفيان: له على هناته حسنة، وهي غزو القسطنطينية، وكان أمير ذلك الجيش وفيهم مثل أبي أيوب الأنصاري – رضي الله عنه، عقد له أبوه – رضي الله عنه – الولاية من بعده فكانت دولته أقل من أربع سنين، ويزيد ممن لا نسُبُّه ولا نحبه وله نظراء من خلفاء الدولتين؛ بل فيهم من هو شر منه، وإنما عظم الخطب لكونه ولي بعد وفاة النبي ﷺ‬ بتسع وأربعين سنة والعهد قريب والصحابة موجودون، توفي سنة أربع وستين. [السير للذهبي (4/ 35-40)].

([363]) ما بين القوسين نقلاً من كلام محقق هذا الجزء من سير أعلام النبلاء (2/597).

([364]) يزيد بن الأسود الجرشي: من سادات التابعين بالشام، أسلم في حياة النبي ﷺ‬، قال يونس بن ميسرة: قلت له: كم أتى عليك؟ قال: أدركت العزى تُعبد في قرية قومي، حضره وقت الموت واثلة بن الأسقع. [السير للذهبي (4/136-137)].

([365]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (4/137).

([366]) عقبة بن نافع القرشي الفهري: الأمير نائب إفريقية لمعاوية – رضي الله عنه – وليزيد، وهو الذي أنشأ القيروان وأسكنها الناس، وكان ذا شجاعة وإقدام وحزم وديانة، لم يصح له صحبة، عن علي بن رباح قال: قدم عقبة على يزيد فردَّه واليًا على المغرب سنة اثنتين وستين، فغزا السوس الأدنى ثم رجع وقد سبقه جل الجيش، فخرج عليه جمع من العدو فقُتل عقبة وأصحابه، قُتل سنة ثلاث وستين. [السير للذهبي (3/532 – 534)].

([367]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (3/533).

([368]) الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي: ولد سنة أربع وتسعين، وكان – رحمه الله – فقيه مصر ومحتشمها ورئيسها ومن يفتخر بوجوده الإقليم، بحيث إن متولي مصر وقاضيها وناظرها من تحت أوامره ويرجعون إلى رأيه ومشورته، أعطى ابن لهيعة ألف دينار وأعطى مالكًا ألف دينار وأعطى منصور بن عمار الواعظ ألف دينار وجارية تسوى ثلاث مائة دينار؛ عن شعيب بن الليث قال: خرجت حاجًّا مع أبي فقدم المدينة فبعث إليه مالك بن أنس بطبق رطب قال: فجعل على الطبق ألف دينار وردَّه إليه. مات سنة خمس وسبعين ومئة. [السير للذهبي (8/136- 163)].

([369]) الدعاء المأثور وآدابه، للحافظ أبي بكر الطرطوشي. ص40- 41.

* إشكال: ذكر أبو بكر الطرطوشي – رحمه الله تعالى – ما حكي عن الليث بن سعد أنه رأى عقبة بن نافع – رحمهما الله تعالى ، وقد ذكر الإمام الذهبي – رحمه الله تعالى – وفاة عقبة في السِّير عن ابن يونس أنه قتل سنة ثلاث وستين، وقال في [تاريخ الإسلام]: (قتله البربر بهوذة من أرض المغرب سنة ثلاث وستين). [تاريخ الإسلام حوادث ووفيات، سنة 61 – 80 هـ، ص181]. وقال في [السير] في ترجمة الليث – رحمه الله تعالى: مولده بقرقشندة – قرية من أسفل عمال مصر – في سنة أربع وتسعين، مات سنة خمس وسبعين ومئة.

* وقال في [تاريخ الإسلام]: (الليث بن سعد الفهمي ولد سنة أربع وتسعين، ومات سنة خمس وسبعين ومئة). [تاريخ الإسلام حوادث ووفيات، سنة 171 – 180هـ، ص302 – 315]؛ فلا يكون الليث رأى عقبة بن نافع؛ لأن عقبة مات قبل ولادة الليث بإحدى وثلاثين سنة، إلا أن يكون آخر؛ فالعلم عند الله تعالى.

([370]) الضحاك بن قيس الفهري القرشي: الأمير أبو أمية، عداده في صغار الصحابة، وكان جوادًا – رضي الله عنه ، لبس بردًا تساوي ثلاث مائة دينار فساومه رجل به فوهبه له وقال: شح بالمرء أن يبيع عطافه. قال الزبير بن بكار: كان الضحاك بن قيس مع معاوية – رضي الله عنهما ، فولَّاه الكوفة، وهو الذي صلى على معاوية وقام بخلافته حتى قدم يزيد، قتل – رضي الله عنه – في سنة أربع وستين. [السير للذهبي (3/241-245)].

([371]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (4/137).

([372]) أسماء بنت أبي بكر، عبد الله بن أبي قحافة، عثمان – رضي الله عنهم: والدة الخليفة عبد الله بن الزبير وأخت أم المؤمنين عائشة وآخر المهاجرات وفاة، وتعرف بذات النطاقين، وكانت أسنَّ من عائشة – رضي الله عنها – ببضع عشرة سنة؛ عن محمد بن المنكدر قال: كانت أسماء بنت أبي بكر سخيَّة النفس، شهدت اليرموك مع زوجها الزبير – رضي الله عنهم؛ عن فاطمة بنت المنذر أن أسماء كانت تمرض المرضة فتعتق كل مملوك لها، بلغت مائة سنة وهي خاتمة المهاجرين والمهاجرات – رضي الله عنها ، ماتت سنة ثلاث وسبعين. [السير للذهبي (2/287-296)].

([373]) عبد الله بن الزبير: أمير المؤمنين، أول مولود للمهاجرين بالمدينة، عن محمد بن يعقوب أن معاوية – رضي الله عنه – كان يلقى ابن الزبير فيقول: مرحبًا بابن عمة رسول الله ﷺ‬ وابن حواري رسول الله ﷺ‬، ويأمر له بمائة ألف، وعن أبي مليكة قال: ذكر ابن الزبير عند ابن عباس – رضي الله عنهم – فقال: قارئ لكتاب الله عفيف في الإسلام، أبوه الزبير وأمه أسماء وجده أبو بكر وعمته خديجة وخالته عائشة وجدته صفية، بويع بالخلافة عند موت يزيد سنة أربع وستين، وحكم على الحجاز واليمن ومصر والعراق وخراسان وبعض الشام، ولم يستوسق له الأمر، حاصره الحجاج في الحرم ورماه بالمنجنيق وقتله وصلبه، عاش نيفًا وسبعين سنة. السير للذهبي (3/363- 380)].

([374]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (2/295).

([375]) عبد الملك بن مروان بن الحكم: الفقيه الأموي، تملك بعد أبيه الشام ومصر ثم حارب ابن الزبير الخليفة وقتل أخاه مصعبًا وجهَّز الحجاج لحرب ابن الزبير، قال الأصمعي: قيل لعبد الملك: عجَّل بك الشيب. قال: وكيف لا وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة؟! قال الشعبي: خطب عبد الملك فقال: اللهم إن ذنوبي عظام وهي صغار في جنب عفوك يا كريم فاغفرها لي. كان من رجال الدهر، وكان الحجاجُ من ذنوبه، توفي سنة ست وثمانين. [السير للذهبي (4/246 – 249)].

([376]) هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة أبو الوليد المخزومي المدني: حمو عبد الملك بن مروان وأميره على المدينة، وهو جد هشام بن عبد الملك لأمه، ولما ولي الوليد عزله عن المدينة بعمر بن عبد العزيز. [تاريخ الإسلام للذهبي: حوادث ووفيات، من سنة 81-100 هـ، ص 214-215].

([377]) الحسن ابن سبط رسول الله ﷺ‬ أبي محمد الحسن بن أمير المؤمنين علي – رضي الله عنهم: الهاشمي الإمام أبو محمد، وكان قليل الرواية والفتيا مع صدقه وجلالته، قال الزبير بن بكار: أم حسن بن حسن هذه هي خولة بنت فلان، وهي والدة إبراهيم وداود والقاسم، أولاد محمد بن طلحة التيمي السجاد، توفي سنة تسع وتسعين. السير للذهبي (4/483 – 487).

([378]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (4/485).

([379]) همام بن الحارث النخعي الكوفي الفقيه: قال ابن الجوزي: كان الناس يتعلمون من هديه وسمته، وكان طويل السهر – رحمه الله – قال ابن سعد: توفي زمن الحجاج [السير للذهبي (4/283-284)].

([380]) سير أعلام النبلاء للذهبي (4/284).

([381]) حماد بن زيد بن درهم الأزدي: آل جرير بن حازم البصري الأزرق، العلامة الحافظ الثبت محدث الوقت، مولده في سنة ثمان وتسعين. قال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد من أئمة المسلمين وقال عبد الرحمن بن مهدي: لم أر أحدًا قط أعلم بالسنة ولا بالحديث الذي يدخل في السنة من حماد بن زيد قال أبو حاتم بن حبان: كان ضريرًا يحفظ حديثه كله قلت - والكلام للذهبي : إنما أضر بأخرة. مات - رحمه الله - في سنة تسع وسبعين ومئة. [السير للذهبي (7/456 – 466)].

([382]) علي بن زيد بن جدعان القرشي التيمي البصري: الإمام العالم الأعمى، ولد أظن في دولة يزيد، وكان من أوعية العلم على سوء حفظ يغضه من درجة الإتقان، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة. [السير للذهبي (5/206 – 208)].

([383]) سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي: عالم أهل المدينة وسيد التابعين في زمانه، ولد لسنتين مضيا من خلافة عمر – رضي الله عنه ، وكان زوج بنت أبي هريرة – رضي الله عنه، وممن برز في العلم والعمل، عنه – رحمه الله تعالى – قال: (ما أيس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء)، ثم قال لنا سعيد وهو ابن أربع وثمانين سنة وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى: (ما شيء أخوف عندي من النساء). عن عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة: شهدت سعيد بن المسيب يوم مات سنة أربع وتسعين، وكان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء؛ لكثرة من مات منهم. [السير للذهبي (4/217-246)].

([384]) طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي: أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ممن سبق إلى الإسلام وأوذي في الله ثم هاجر، فاتفق أنه غاب عن وقعة بدر في تجارة له بالشام وتألم لغيبته، فضرب له الرسول ﷺ‬ بسهمه وأجره، عن قيس قال: رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي ﷺ‬ يوم أحد شلاء، وقال ﷺ‬ يوم أحد: «أوجب طلحة». عن الحسن البصري أن طلحة بن عبيد الله باع أرضًا له بسبع مائة ألف، فبات أرقًا من مخالفة ذلك المال حتى أصبح ففرقه، قتل – رضي الله عنه – في سنة ست وثلاثين. [السير للذهبي (1/23 – 40)].

([385]) سير أعلام النبلاء للذهبي (4/242).

([386]) الحجاج بن يوسف الثقفي: أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين كهلاً، وكان ظلومًا جبارًا ناصبيًا خبيثًا سفَّاكًا للدماء، وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء وفصاحة وبلاغة وتعظيم للقرآن، قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير وحصاره لابن الزبير بالكعبة ورميه إياها بالمنجنيق وإذلاله لأهل الحرمين، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الأشعث له وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله؛ فنسُبُّه ولا نحبه؛ بل نبغضه في الله؛ فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان له، وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، وأمرُه إلى الله – تعالى ، مات سنة خمس وتسعين. [السير للذهبي 4/343].

([387]) سعيد بن جبير بن هشام: الإمام الحافظ المقرئ المفسر الشهيد الأسدي الوالبي، مولاهم، عن عمرو بن ميمون عن أبيه قال: لقد مات سعيد بن جبير وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه. وعن جعفر بن أبي المغيرة: كان ابن عباس – رضي الله عنهما – إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن الدهماء؟! يعني سعيد بن جبير.

عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير أنه كان لا يدع أحدًا يغتاب عنده، قتله الحجاج سنة خمس وتسعين. السير للذهبي. [4/321 – 343].

([388]) سير أعلام النبلاء للذهبي، 4/340.

([389]) الوليد بن عبد الملك الأموي: أنشأ جامع بني أمية وكان مترفًا ونهمته في البناء، أنشأ أيضًا مسجد رسول الله ﷺ‬ وزخرفه، كان يقول: لولا أن الله ذكر قوم لوط ما شعرت أن أحدًا يفعل ذلك. وكان فيه عسف وجبروت وقيام بأمر الخلافة، وقد فرض للفقهاء والأيتام والزَّمنى والضعفاء وضبط الأمور، وقد عزم على خلع سليمان من ولاية العهد لولده عبد العزيز فامتنع عليه عمر بن عبد العزيز وقال لسليمان: بيعة في أعناقنا. فأخذه الوليد وطين عليه ثم فتح عليه بعد ثلاث وقد مالت عنقه، مات سنة ست وتسعين. [السير للذهبي 4/347 – 348].

([390]) مرت قصة مشابهة مع الحسن وعبد الملك بن مروان وترجم لهم هناك ص95.

([391]) انظر: الفرج بعد الشدة للحافظ ابن أبي الدنيا، ص95.

([392]) موسى بن نصير: الأمير اللخمي متولي إقليم المغرب وفاتح الأندلس، ولما تمادى في سيره في الأندلس أتى أرضًا تميد بأهلها فقال عسكره: إلى أين تريد أن تذهب بنا! حسبنا ما بأيدينا. فقال: لو أطعتموني لوصلت إلى القسطنطينية. ثم رجع إلى المغرب وهو يجر الدنيا بين يديه، أمر بالعجل تجر أوقار الذهب والحرير، قال الفسوي: كان ذا حزم وتدبير، افتتح بلادًا كثيرة وولي إفريقية سنة تسع وسبعين. وقد حج موسى مع سليمان فمات بالمدينة. [السير للذهبي 4/496-500].

([393]) طارق بن زياد: مولى موسى بن نصير، وكان أمير طنجة بأقصى المغرب، فبلغه اختلاف الفرنج واقتتالهم وكاتبه صاحب الجزيرة الخضراء ليمده على عدوه فبادر طارق وعدى في جنده وهزم الفرنج وافتتح قرطبة، وقتل صاحبها لذريق وكتب بالنصر إلى مولاه، فأمره أن لا يتجاوز مكانه وأسرع موسى بجيوشه فتلقاه طارق وقال: إنما أنا مولاك وهذا الفتح لك، وله فتوحات عظيمة جدًا بالمغرب. [السير للذهبي 4/500-502].

([394]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (4/497).

([395]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (4/498).

([396]) فاطمة بنت عبد الملك بن مروان: تزوجها ابن عمها عمر بن عبد العزيز، ثم خلف عليها سليمان بن داود بن مروان بن الحكم، توفيت في خلافة أخيها هشام فيما أرى. [تاريخ الإسلام للذهبي، حوادث ووفيات من سنة 101 – 120 ص442 – 443]، وفي [السير] ... ثم بعث إليه عبد الملك بن مروان – يعني عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – عند وفاة أبيه وخلطه بولده وقدمه على كثير منهم، وزوجه بابنته فاطمة التي قيل فيها:

بنت الخليفة والخليفة جدها

أخت الخلائف والخليفة زوجها

[السير للذهبي 5/117].

([397]) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم: الإمام الحافظ العلامة الزاهد العابد أبو حفص القرشي الخليفة، أم بأنس بن مالك – رضي الله عنه – فقال: ما رأيت أحدًا أشبه صلاة برسول الله ﷺ‬ من هذا الفتى. قال ابن سعد: أمه هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، عن أبي قبيل: أن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام صغير، فأرسلت إليه أمه قالت: ما يبكيك؟ قال: ذكر الموت. قال: وكان يومئذ قد جمع القرآن، فبكت أمه حين بلغها ذلك ... ما زالوا به حتى سقوه السم، فحصلت له الشهادة والسعادة سنة إحدى ومئة، وله تسع وثلاثون سنة ونصف. [السير للذهبي 5/114 – 148].

([398]) سير أعلام الذهبي (5/141).

([399]) يزيد بن أبي مسلم أبو العلاء بن دينار الثقفي: أمير المغرب مولى الحجَّاج وكاتبه ومستشيره، استخلفه عند موته على أموال الخراج فضبط ذلك، وأقره الوليد، ثم ولي الخلافة سليمان فطلب أبو العلاء في غل، فنظر إليه سليمان فقال: لعن الله من ولَّاك. قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين؛ فإنك رأيتني والأمور مدبرة عني، فلو رأيتني في الإقبال لاستعظمت ما استحقرت. فقال: قاتله الله، ما أسد عقله. ثم أمره على إفريقية يزيد بن عبد الملك، فثارت عليه الخوارج، ففتكوا به لظلمه سنة اثنتين ومئة. [السير للذهبي 4/593 – 594].

([400]) انظر: الفرج بعد الشدة للحافظ ابن أبي الدنيا، ص101-102.

([401]) يزيد بن المهلَّب الأزدي: ولي البصرة لسليمان، ثم عزله عمر بن عبد العزيز وسجنه، وكان الحجاج قد عزله وعذَّبه، فسأله أن يخفِّف عنه الضرب على أن يعطيه كل يوم مائة ألف درهم، فقصده الأخطل ومدحه، فأعطاه مائة ألف، فعجب الحجاج من جودِه في تلك الحال وعفا عنه، وكان الحجاج مزوجًا بأخته، وكان ذا تيه وكبر، ثم إن يزيدًا لما استخلف يزيد بن عبد الملك غلب على البصرة فسار لحربه مسلمة، فالتقوا، فقتل يزيد سنة اثنتين ومئة. [السير للذهبي 4/503 – 506].

([402]) سير أعلام النبلاء للذهبي (4/506).

([403]) عمر بن هبيرة بن معاوية بن سكين: الأمير أبو المثنى الفزاري الشامي أمير العراقين ووالد أميرها يزيد، كان ينوب ليزيد بن عبد الملك فعزله هشام، وقد ولي غزو البحر نوبة قسطنطينية وجمعت له العراق، ثم عزل بخالد القسري فقيده، وألبسه عباءة وسجنه، فتحيلوا غلمانه ونقَّبوا سربًا أخرجوه منه، فهرب واستجار بالأمير مسلمة بن عبد الملك، فأجاره، ثم لم يلبث أن مات سنة سبع ومئة تقريبًا. [السير للذهبي 4/562].

([404]) يزيد بن عبد الملك بن مروان: استخلف بعهد عقده له أخوه سليمان بعد عمر بن عبد العزيز، وأمه هي عاتكة بنت يزيد بن معاوية، ولد سنة إحدى وسبعين، قال ابن جابر: أقبل يزيد بن عبد الملك إلى مجلس مكحول فهممنا أن نوسع له فقال: دعوه يتعلم التواضع. مات سنة خمس ومئة [السير للذهبي 5/150 – 152].

([405]) هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي: ولد بعد السبعين، اسُتخلف سنة خمس ومئة، إلى أن مات في ربيع الآخر وله أربعٌ وخمسون سنة، وكان حريصًا جماعًا للمال عاقلاً حازمًا سائسًا، فيه ظلم مع عدل، قال العيشي: قال هشام: ما بقي شيءٌ من لذات الدنيا إلا وقد نلته إلا شيئًا واحدًا: أخ أرفع مؤنة التحفظ منه. وعن حرملة: حدثنا الشافعي: قال: لما بنى هشام الرصافة بقنسرين أحب أن يخلو يومًا لا يأتيه فيه غم؛ فما تنصف النهار حتى أتته ريشة فيها دم من بعض الثغور فقال: ولا يوم واحد. [السير للذهبي 5/351 – 353].

([406]) سعيد بن عمرو بن الأسود الحرشي: قيل: كان صعلوكًا يسأل على الأبواب ثم صار سقاءً ثم صار جنديًا إلى أن ولي إمرة خراسان من قبل عمر بن هبيرة ثم عزله وسجنه، فلما ولي خالد القسري العراق أخرجه من السجن وأكرمه، فلما هرب ابن هبيرة من سجن خالد بن عبد الله نفذ سعيدًا هذا في طلبه فلم يدركه، فقدم سعيد على هشام بن عبد الملك فأمره على حرب الخزر فسار وبيتهم فقتل منهم عدد لا يحصر، ولم يؤرخوا وفاته. [تاريخ الإسلام للذهبي، حوادث 121هـ - 140هـ ص115].

([407]) خالد بن عبد الله القسري: أمير العراقين لهشام، وكان جوادًا عالي الرتبة من نبلاء الرجال، لكنه فيه نصب معروف، قال الأصمعي: أُخبرت أن القسري ذم زمزم وقال: يقال أن زمزم لا تنزح ولا تذم، بلى والله إنها تنزح وتذم، ولكن هذا أمير المؤمنين قد ساق لكم قناة بمكة. وعن عبد الرحمن بن محمد عن أبيه عن جده قال: شهدت خالدًا القسري في يوم أضحى يقول: ضحُّوا تقبل الله منكم؛ فإني مضح بالجعد بن درهم؛ زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليمًا، تعالى الله عما يقول الجعد علوًّا كبيرًا، ثم نزل فذبحه. قلت - والكلام للذهبي: هذه من حسناته؛ هي وقتله مغيرة الكذاب. قتل القسري سنة ست وعشرين ومئة. [السير للذهبي 5/425 – 432].

([408]) مسلمة بن عبد الملك بن مروان الأموي: الأمير الضرغام قائد الجيوش، يلقب بالجرادة الصفراء، له مواقف مشهودة مع الروم وهو الذي غزا القسطنطينية، وكان ميمون النقيبة، وقد ولي العراق لأخيه يزيد ثم أرمينية، قلت - والكلام للذهبي : كان أولى بالخلافة من إخوته. [السير للذهبي 5/241 – 242].

([409]) انظر: الفرج بعد الشدة للحافظ ابن أبي الدنيا، ص118-122.

([410]) محمد بن سيرين الأنصاري: الإمام مولى أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال أشعث: كان ابن سيرين إذا سئل عن الحلال والحرام تغيَّر لونه حتى تقول: كأنه ليس بالذي كان. وعن عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار أن السجَّان قال لابن سيرين: إذا كان الليل فاذهب إلى أهلك، فإذا أصبحت فتعال. قال: لا، والله لا أكون لك عونًا على خيانة السلطان. عن ابن عون أن محمدًا كان إذا كان عند أمه لو رآه رجل لا يعرفه ظن أن به مرضًا من خفض كلامه عندها، مات سنة عشر ومئة. [السير للذهبي 4/606 – 622].

([411]) سير أعلام النبلاء للذهبي 40/621.

([412]) المرجع السابق، ص613.

([413]) عبد الرحمن بن أحمد أبو سليمان الداراني: الإمام زاهد العصر، ولد في حدود الأربعين ومئة، قال: لكل شيء علم وعلم الخذلان ترك البكاء، ولكل شيء صدأ وصدأ القلب الشبع، قال أحمد بن أبي الحواري: وسمعته يقول: لولا الليل لما أحببت البقاء في الدنيا، ولربما رأيت القلب يضحك ضحكًا. وعنه: الفتوة أن لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك. مات سنة خمس ومئتين. [السير للذهبي 10/182 – 186].

([414]) المرجع السابق، ص616.

([415]) محمد بن سعد بن منيع البغدادي: الحافظ العلامة الحجة، كاتب الواقدي ومصنف (الطبقات الكبرى) في بضعة عشر مجلدًا، ولد بعد الستين والمئة، وطلب العلم في صباه، ولحق الكبار، وكان من أوعية العلم، ومن نظر في (الطبقات) خضع لعلمه، توفي سنة ثلاثين ومئتين، قال: وكان كثير العلم كثير الحديث والرواية كثير الكتب؛ كتب الحديث والفقه والغريب. [السير للذهبي 10/664-667].

([416]) المرجع السابق.

([417]) مالك بن دينار: علم العلماء الأبرار، معدود في ثقات التابعين، ومن أعيان كتبة المصاحف، كان من ذلك بُلْغته، ولد في أيام ابن عباس – رضي الله عنهما ، وعنه قال: من تباعد من زهرة الدنيا فذاك الغالب هواه، وعن الأصمعي عن أبيه قال: مرَّ المهلب على مالك بن دينار متبخترًا فقال: أما علمت أنها مشية يبغضها الله إلا بين الصفين. قال المهلب: أما تعرفني؟ قال: بلى؛ أولُك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة فانكسر. وقال: الآن عرفتني حق المعرفة ... توفي سنة سبع وعشرين ومئة. [السير للذهبي 5/362 – 364].

([418]) انظر: كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا، ص60-61.

([419]) توبة العنبري: مولاهم البصري، أصله من سجستان، قال محمد بن سعد: ولاه يوسف بن عمر نيسابور ثم ولَّاه الأهواز، وكان صاحب بداوة فمات بصنع وهو على يومين من البصرة، مات في سنة إحدى وثلاثين ومائة. [تاريخ الإسلام للذهبي حوادث ووفيات 121هـ - 140هـ ص389].

([420]) يوسف بن عمر الثقفي: ولي اليمن لهشام، ثم نقله إلى إمرة العراقين فأقره الوليد بن يزيد وأضاف إليه إمرة خراسان، وكان مهيبًا جبارًا ظلومًا، روينا أنه ضرب وهب بن منبه في إمارته على اليمن حتى هلك تحت الضرب. قال ابن جرير: أرسل يزيد بن خالد القسري مولى لأبيه يكنى أبا الأسد في عدة من أصحابه، فدخل السجن، فأخرج يوسف بن عمر فضرب عنقه؛ وذلك في سنة سبع وعشرين ومائة. [تاريخ الإسلام للذهبي حوادث ووفيات 121 هـ - 140هـ ص315 – 318].

([421]) انظر: المستغيثون بالله – تعالى – للحافظ ابن بشكوال، ص40-41.

([422]) الفضل بن الربيع بن يونس: حاجب الرشيد، ولما نكب البرامكة ولي وزارة الرشيد وعظم محله ومدحته الشعراء، قام بخلافة الأمين ... جاءه بذلك من طوس وصار هو الكل لاشتغال الأمين باللعب، فلما أدبرت دولة الأمين اختفى الفضل مدة طويلة ثم ظهر إذ بويع إبراهيم بن المهدي، فساس نفسه ولم يقم معه، ولذلك عفا عنه المأمون. مات سنة ثمان ومئتين. [السير للذهبي، 10/109 – 110].

([423]) الربيع بن يونس الأموي: الحاجب، من موالي عثمان – رضي الله عنه ، حجب للمنصور ثم وزر له بعد أبي أيوب المورياني، وكان من نبلاء الرجال وألبَّائهم وفضلائهم، قال له المنصور: ما أطيب الدنيا لولا الموت. قال: ما طابت إلا بالموت. قال: وكيف؟ قال: لولا الموت لم تقعد هذا المقعد. توفي سنة تسع وستين ومئة. [السير للذهبي: 7/335-336].

([424]) عبد الله بن محمد العباسي: ضرب في الآفاق وطلب العلم، وكان فحل بني العباس هيبة وشجاعة ورأيًا وحزمًا ودهاء وجبروتًا، وكان جمَّاعًا للمال حريصًا تاركًا للهو واللعب، كامل العقل بعيد الغور حسن المشاركة في الفقه، ولكنه يرجع إلى صحة إسلام وتديُّن في الجملة وتصوُّن وصلاة وخير مع فصاحة وبلاغة، وكان يبذل الأموال في الكوائن المخوفة، مات ببئر ميمون قبل أن يدخل مكة سنة ثمان وخمسين ومئة. [السير للذهبي 7/83-89].

([425]) الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب: أحد الأعلام، وأمه هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأمها هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، ولهذا كان يقول: ولدني أبو بكر الصديق مرتين، ولد سنة ثمانين، وكان يغضب من الرافضة ويمقتهم إذا علم أنهم يتعرضون لجده أبي بكر رضي الله عنه ظاهرًا وباطنًا، هذا لا ريب فيه، ولكن الرافضة قوم جهلة قد هوى بهم الهوى في الهاوية؛ فبعدًا لهم، قال – رحمه الله تعالى: برئ الله ممن تبرأ من أبي بكر وعمر. وعنه قال: إياكم والخصومة في الدَّين؛ فإنها تشغل القلب وتورث النفاق. مات في سنة ثمان وأربعين ومئة. [السير للذهبي 6/255 – 270].

([426]) انظر: الفرج بعد الشدة للحافظ ابن أبي الدنيا ص99-101 وسير أعلام النبلاء للذهبي 6/266-268.

([427]) انظر: الدعاء المأثور وآدابه للإمام أبي بكر الطرطوشي ص، 41-42.

([428]) حماد بن أبي حنيفة الفقيه: كان ذا علم ودين وصلاح وورع تام؛ لما توفي والده كان عنده ودائع كثيرة وأهلها غائبون، فنقلها حماد إلى الحاكم ليستلمها، فقال: بل دعها عندك، فإنك أهل. فقال: زنها واقبضها حتى تبرأ منها ذمة الوالد ثم افعل ما ترى. ففعل القاضي ذلك وبقي في وزنها وحسابها أيامًا، واستتر حماد فما ظهر حتى أودعها القاضي عند أمين، توفي سنة ست وسبعين ومئة كهلاً. [السِّير للذهبي 6/406].

([429]) أبو حنيفة النعمان الكوفي: مولى بني تيم الله بن ثعلبة الإمام فقيه الملة عالم العراق، ولد سنة ثمانين وعني بطلب الآثار وارتحل في ذلك، وأما الفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه فإليه المنتهى، والناس عليه عيال في ذلك؛ عن أسد بن عمرو أن أبا حنيفة – رحمه الله تعالى – صلى العشاء والصبح بوضوء أربعين سنة، وروى نوح الجامع من غير وجه أن الإمام أبا حنيفة ضُرب غير مرة على أن يلي القضاء فلم يجب. قلت - والكلام للذهبي: الإمامة في الفقه ودقائقه مسلَّمة إلى هذا الإمام. وهذا أمر لا شك فيه، وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل، توفي شهيدًا مسقيًا في سنة خمسين ومئة. [السير للذهبي 6/390-403].

([430]) سير أعلام النبلاء للذهبي، 6/395.

([431]) سفيان بن عيينة: مولى محمد بن مزاحم الإمام الهلالي حافظ العصر، مولده بالكوفة سنة سبع ومئة، طلب الحديث وهو حدث؛ بل غلام، ولقي الكبار وحمل عنهم علمًا جمًّا، وأتقن وجوَّد وجمع وصنَّف وعمَّر دهرًا، وازدحم الخلق عليه، وانتهى إليه علوُّ الإسناد، ورُحِل إليه من البلاد، وألحق الأحفاد بالأجداد، قال مجاهد بن موسى: سمعت ابن عيينة يقول: ما كتب شيئًا إلا حفظته قبل أن أكتبه. ومن كلامه رحمه الله: العلم إذا لم ينفعك ضرك. عاش إحدى وتسعين سنة. [السير للذهبي 8/ 454 - 475].

([432]) عبد العزيز بن أبي رواد: اسم أبيه ميمون، وقيل: أيمن بن بدر مولى الأمير المهلب بن أبي صفرة الأزدي المكي، قال ابن المبارك: كان من أعبد الناس. وقال يوسف بن أسباط: ... فبينا هو يطوف حول الكعبة إذ طعنه المنصور بأصبعه، فالتفت فقال: قد علمت أنها طعنة جبار. وقال أبو عبد الرحمن المقرئ: ما رأيت أحدًا قطُّ أصبر على طول القيام من عبد العزيز بن أبي رواد. توفِّي سنة تسع وخمسين ومئة. [السير للذهبي 7/184-187].

([433]) تاريخ الإسلام: حوادث ووفيات 141-160هـ، ص503-504 وسير أعلام النبلاء للذهبي، 7/185-186.

([434]) إبراهيم بن أدهم بن منصور أبو إسحاق العجلي مولده في حدود المئة. توفي سنة اثنتين وستين ومئة. [السير للذهبي 7/387-393].

([435]) انظر: حلية الأولياء لأبي نعيم ج8/8 بتصرف يسير.

([436]) العطاف بن خالد بن عبد الله بن العاص بن وابصة بن خالد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم: الإمام أحد المشايخ الثقات سمعه يحيى بن بكير يقول: أنا أسنُ من مالك ولدت سنة إحدى وتسعين قلت - والكلام للذهبي: موته قريب من مالك. [السير للذهبي 8/273-274].

([437]) انظر: المستغيثون بالله تعالى لابن بشكوال، ص74 بتصرف يسير.

([438]) المفضل بن فضالة بن عبيد: الإمام العلامة الحجة القتباني المصري، قاضي مصر، ذكره ابن يونس في تاريخه فقال: كان من أهل الدين والورع والفضل. قال عيسى بن زغبة: كان المفضل قاضيًا علينا، وكان مجاب الدعوة، وكان مع ضعف بدنه يطيل القيام. قال ابن معين: كان مصريًّا، رجل صدق، إذا جاءه مَنْ كُسِرَت يدُه أو رجلُه جبرها، وكان يعمل الأريحية، توفي سنة إحدى وثمانين ومئة. [السير للذهبي (8/171-172)].

([439]) سير أعلام النبلاء للذهبي (8/172).

([440]) عبد الله بن المبارك: الإمام عالم زمانه وأمير الأتقياء في وقته الحنظلني، مولاهم التركي ثم المروزي، الحافظ الغازي أحد الأعلام، مولده في سنة ثمان عشرة ومئة. قال يحيى بن آدم: كنت إذا طلبت دقيق المسائل فلم أجده في كتب ابن المبارك أيست منه. وقال أبي: أخبرني خادمه أنه عمل آخر سفرة سافرها دعوة، فقدم إلى الناس خمسة وعشرين خوانًا من فالوذج، وكان ينفق على الفقراء في كل سنة مائة ألف درهم، قال الحسن بن عيسى بن ماسرجس مولى ابن المبارك: اجتمع جماعة مثل الفضل بن موسى ومخلد بن الحسين فقالوا: تعالوا نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير. فقالوا: العلم والفقه والأدب والنحو واللغة والزهد والفصاحة والشعر وقيام الليل والعبادة والحج والغزو والشجاعة والفروسية والقوة وترك الكلام فيما لا يعنيه والإنصاف وقلة الخلاف على أصحابه، مات سنة إحدى وثمانين ومئة. [السير للذهبي (8/378-421)].

([441]) سير أعلام النبلاء للذهبي (8/395).

([442]) الفضيل بن عياض التميمي الخراساني: الإمام الثَّبت، روى عنه سفيان الثوري أجلُّ شيوخه وبينهما في الموت مائة وأربعون عامًا. قال الرشيد: ما رأيت في العلماء أهيب من مالك ولا أورع من الفضيل. وقال فيض بن إسحاق: قال الفضيل: والله ما يحل لك أن تؤذي كلبًا أو خنزيرًا بغير حق فكيف تؤذي مسلمًا. قال عبد الصمد بن يزيد: سمعت الفضيل يقول: لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في إمام؛ فصلاح الإمام صلاح البلاد والعباد. وعنه قال: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم كبَّلَتْك خطيئتُك. وهو من أقران سفيان بن عيينة في المولد، ولكنه مات قبله بسنوات. [السير للذهبي، 8/421-442].

([443]) انظر: الفرج بعد الشدة للحافظ ابن أبي الدنيا، ص83-84 بتصرف يسير.

([444]) أبو معاوية الأسود: صحب سفيان الثوري وإبراهيم بن أدهم وغيرهما، قال أبو داود: لما مات علي بن الفضيل حج أبو معاوية الأسود من طرسوس ليعزي الفضيل. ومن كلامه: من كانت الدنيا همه طال غمه، ومن خاف ما بين يديه ضاق به ذرعه [السير للذهبي (9/78-79)].

([445]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (9/79).

([446]) هارون الرشيد بن المهدي محمد العباسي: مولده في سنة ثمان وأربعين ومئة، وكان من أنبل الخلفاء وأحشم الملوك ذا حج وغزو وشجاعة ورأي، قيل: إنه كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات، ويتصدَّق بألف، وكان يحب العلماء ويعظِّم حرمات الدين ويبغض الجدال والكلام، ويبكي على نفسه ولهوه وذنوبه؛ لا سيما إذا وُعظ، وعظه الفضيل مرة حتى شهق في بكائه، ولما بلغه موت ابن المبارك حزن عليه وجلس للعزاء فعزاه الأكابر، مات غازيًا بخراسان وقبره بمدينة طوس، توفي سنة ثلاث وتسعين ومئة. [السير للذهبي (9/286-294)].

([447]) انظر: حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم (9/79) بتصرف.

([448]) شقيق بن إبراهيم الأزدي البلخي: شيخ خراسان، عن حاتم الأصم قال: كنا مع شقيق ونحن مصافو العدو الترك في يوم لا أرى إلا رؤوسا تندر وسيوفًا تقطع ورماحًا تقصف، فقال لي: كيف ترى نفسك هي مثل ليلة عرسك؟ قلت: لا والله. قال: لكني أرى نفسي كذلك. ثم نام بين الصفين على درقته حتى غط فأخذني تركي فأضجعني للذبح، فبينما هو يطلب السكين من خفه إذ جاءه سهم عائر ذبحه، قتل شقيق – رحمه الله – في غزاة كولان سنة أربع وتسعين ومئة. [السير للذهبي (9/313-316)].

([449]) سير أعلام النبلاء للذهبي (2/570).

([450]) انظر: كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص64.

([451]) الحافظ العالم المحدث أحمد بن عبد الرحمن القرشي: مولاهم المصري ويعرف: بحشل. ابن أخي عالم مصر عبد الله بن وهب وكان من أبناء التسعين رحمه الله مات سنة أربع وستين ومئتين. [السير للذهبي (12/317-323)].

([452]) عمه هو: عبد الله بن وهب بن مسلم الإمام الفهري مولاهم المصري الحافظ، وكان من أوعية العلم ومن كنوز العمل، قال خالد بن خداش: قرئ على عبد الله بن وهب (كتاب أهوال يوم القيامة) – تأليفه – فخر مغشيًا عليه، قال: فلم يتكلم بكلمة حتى مات بعد أيام – رحمه الله تعالى ، عن ابن وهب يقول: نذرتُ أني كلما اغتبت إنسانًا أن أصوم يومًا فأجهدني، فكنت أغتاب وأصوم، فنويت أني كلما اغتبت إنسانًا أن أتصدق بدرهم، فمن حب الدراهم تركت الغيبة. مات سنة سبع وتسعين ومئة. [السير للذهبي (9/223-234)].

([453]) سير أعلام النبلاء للذهبي (9/227).

([454]) معروف الكرخي البغدادي: ومن كلامه: إذا أراد الله بعبد شرًا أغلق عنه باب العمل وفتح عليه باب الجدل، وقص إنسان شارب معروف فلم يفتر عن الذكر فقال: كيف أقصّ؟ فقال: أنت تعمل وأنا أعمل. قال عبيد بن محمد الوراق: مر معروف وهو صائم بسقاء يقول: رحم الله من شرب. فشرب رجاء الرحمة، مات سنة مئتين. [السير للذهبي (9/339-345)].

([455]) سير أعلام النبلاء للذهبي (9/342-343).

([456]) انظر: كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا، ص61-62.

([457]) النباجي العابد سعيد بن بريد: له كلام شريف ومواعظ قال: ما ظننت أن أحدًا يكون في الصلاة فيقع في سمعه غير ما يخاطبه الله. [السير للذهبي (9/586)].

([458]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (9/589).

([459]) انظر: نور الاقتباس في مشكاة وصية النبي ﷺ‬ لابن عباس – رضي الله عنهما – للحافظ ابن رجب – رحمه الله تعالى -.

([460]) أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني: الإمام الحافظ الثقة العلامة صاحب الحلية، ولد سنة ست وثلاثين وثلاث مئة، ومصنفاته كثيرة جدًا، قال أحمد بن محمد بن مردويه: كان أبو نعيم في وقته مرحولاً إليه، ولم يكن في أفق من الآفاق أسند ولا أحفظ منه، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده، فكان كل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريده إلى قريب الظهر، فإذا قام إلى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزءًا، وكان لا يضجر، لم يكن له غداء سوى التصنيف والتسميع، مات سنة ثلاثين وأربع مئة. [السير للذهبي (17/453-464)].

([461]) فيض القدير لعبد الرؤوف المناوي (5/231).

([462]) محمد بن سهل بن عسكر التيمي: مولاهم البخاري نزيل بغداد، طوف البلاد، قال أبو العباس السراج: توفي في شعبان سنة إحدى وخمسين ومئتين. [تاريخ الإسلام للذهبي حوادث ووفيات سنة 251هـ 260هـ، ص291].

([463]) محمد بن يوسف الفريابي: الإمام الحافظ الضبي مولاهم، ولد سنة بضع وعشرين ومئة، عنه قال: رأيت في منامي كأني دخلت كرمًا فيه أصناف العنب فأكلت من عنبه كله غيرَ الأبيض؛ فلم آكل منه شيئًا، فقصصتُها على سفيان فقال: تصيب من العلم كله غير الفرائض؛ فإنها جوهر العلم. فكان الفريابي كذلك، لم يكن يجيد النظر في الفرائض، مات سنة اثنتي عشرة ومئتين. [السير للذهبي (10/114-118)].

([464]) سير أعلام النبلاء للذهبي 10/116.

([465]) عبد الصمد بن سعيد بن يعقوب: المحدث الحافظ الكندي الحمصي قاضي حمص. جمع تاريخًا لطيفًا فيمن نزل حمص من الصحابة: توفي في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة. [السير للذهبي (15/266-267)].

([466]) علي بن عياش بن مسلم الألهاني الحمصي: الحافظ الصدوق العابد، قال: ولدت في سنة ثلاث وأربعين ومئة. قال يحيى بن أكثم: أدخلت عليَّ بن عياش على المأمون فتبسَّم ثم بكى، فقال: يا يحيى، أدخلت عليَّ مجنونًا. فقلت: أدخلت عليك خير أهل الشام وأعلمهم ما خلا أبا المغيرة، قلت - والكلام للذهبي : الرجل عمل بالسنة. فسلم وتبسم ثم بكى لما رأى من الكبر والجبروت، مات سنة تسع وعشرين ومئتين. [السير للذهبي (10/338-341)].

([467]) خالد بن خلي الكلاعي الحمصي: قاضي بلده، ولد في حدود سنة سبعين ومئة، وكان من نبلاء العلماء، كأنه مات سنة نيف وعشرين ومئتين. [السير للذهبي (10/640-641)].

([468]) سير أعلام النبلاء للذهبي (10/341) وقد ذكرها أيضًا في ترجمة خالد بن خلي مطولة في (10/641).

([469]) انظر: تاريخ بغداد (5/457).

([470]) انظر: الدعاء المأثور وآدابه للإمام أبي بكر الطرطوشي، ص43 بتصرف.

([471]) انظر: المستغيثون بالله تعالى لابن بشكوال، ص64-65 بتصرف.

([472]) الحسين بن منصور بن جعفر السلمي النيسابوري: الإمام الحافظ الكبير، قال الحاكم: هو شيخ العدالة والتزكية في عصره، ومن كلامه: ربَّ معتزل للدنيا ببدنه مخالطها بقلبه، ورب مخالط لها ببدنه مفارقها بقلبه، وهو أكيسهما، مات في سنة ثمان وثلاثين ومئتين. [السير للذهبي (11/383-384)].

([473]) سير أعلام النبلاء للذهبي (11/384).

([474]) عبد الرحمن بن عمر بن يزيد الزهري المدني الأصبهاني: ولقبه رسته عن أحمد بن حنبل قال: ما ذهبت يومًا إلى ابن مهدي إلا وجدت الأخوين الأزرقين عنده - يعني: عبد الرحمن وعبد الله. توفِّي سنة خمسين ومئتين. [السير للذهبي (12/242-243)].

([475]) عبد الرحمن بن مهدي العنبري: مولاهم البصري اللؤلؤي، الإمام الناقد المجوِّد سيد الحفاظ، ولد سنة خمس وثلاثين ومئة، وكان إمامًا حجة قدوة في العلم والعمل، قال علي بن المديني: كان علم عبد الرحمن في الحديث كالسحر. وقال أبو عبيد: سمعت عبد الرحمن يقول: ما تركت حديث رجل إلا دعوت الله له وأسميه. قال أحمد بن حنبل: عبد الرحمن ثقة، خيار، صالح، مسلم، من معادن الصدق، توفِّي سنة ثمان وتسعين ومئة. [السير للذهبي (9/192-209)].

([476]) سير أعلام النبلاء (9/207).

([477]) عبد الملك بن حبيب بن سلميان بن هارون بن جاهمة بن الصحابي عباس بن مرداس السلمي العباسي الأندلسي: الإمام العلامة المالكي فقيه الأندلس، ولد في حياة الإمام مالك بعد السبعين والمئة، قال أبو الوليد الفرضي: كان فقيهًا نحويًا شاعرًا عروضيًا أخباريًا نسابة طويل اللسان متصرفًا في فنون العلم، سكن إلبيرة من الأندلس مدة، ثم استقدمه الأمير عبد الرحمن بن الحكم فرتبه في الفتوى بقرطبة، مات سنة ثمان وثلاثين ومئتين رحمه الله. [السير للذهبي (12/102-107)].

([478]) سير أعلام النبلاء للذهبي (12/105).

([479]) انظر: المستغيثون بالله تعالى لابن بشكوال، ص80.

([480]) المؤمل بن الحسن بن عيسى بن ماسرجس: المولى الإمام المحدث المتقن صدر خراسان أبو الوفاء النيسابوري كان يضرب به المثل في ثروته وسخائه وشجاعته وكان أبوه من أحشم النصارى فأسلم على يد ابن المبارك مات سنة تسع عشرة وثلاث مئة. السير للذهبي 15/21-23.

([481]) سير أعلام النبلاء للذهبي 15/22.

([482]) انظر: المستغيثون بالله تعالى للحافظ ابن بشكوال ص53.

([483]) ابن بشكوال: الإمام العالم الحافظ الناقد المجوِّد محدِّث الأندلس: خلف ابن عبد الملك بن مسعود الأنصاري الأندلسي، ولد سنة أربع وتسعين وأربع مئة، قال أبو عبد الله الأبار: كان متسع الرواية شديد العناية بها عارفًا بوجوهها حجة مقدمًا على أهل وقته حافظًا أخباريًا تاريخيًا ذاكرًا لأخبار الأندلس، سمع العالي والنازل... رحل الناس إليه وأخذوا عنه، وحدثنا عنه جماعة ووصفوه بصلاح الدخيلة وسلامة البطن وصحة التواضع وصدق الصبر للطلبة وطول الاحتمال، توفي سنة ثمان وسبعين وخمس مئة. [السير للذهبي (21/139-143)].

([484]) انظر: المستغيثون بالله تعالى لابن بشكوال ص79-80.

([485]) الإمام أحمد: هو الإمام حقًا وشيخ الإسلام صدقًا أحمد بن محمد بن حنبل الذهلي الشيباني، ولد سنة أربع وستين ومئة، قال إبراهيم الحربي: رأيت أبا عبد الله كأن الله جمع له عِلمَ الأولين والآخرين. قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقى من أحمد بن حنبل. قال عبد الله بن أحمد: كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاث مائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته، فكان يصلي كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة، (أما محنة القول بخلق القرآن فقد حبس وعذب في عهد المعتصم وكان المحرض للفتنة أحمد بن أبي دُوَاد، حتى قال المعتصم لابن أبي دواد: لقد ارتكب إثمًا في أمر هذا الرجل فقال: يا أمير المؤمنين إنه والله كافر مشرك، قد أشرك من غير وجه. فلا يزال به حتى يصرفه عما يريد، قال صالح: وكان مكثه في السجن منذ أُخذ إلى أن ضرب وخلي عنه ثمانية وعشرين شهرًا ... وبقيت إبهاماه منخلعين يضربان عليه في البرد فيُسَخَّن له الماء، ولما أردنا علاجه خفنا أن يدس أحمد بن أبي دواد سمًا إلى المعالج فعملنا الدواء والمرهم في منزلنا. وسمعته يقول: كل من ذكرني ففي حل إلا مبتدعًا، وقد جعلت أبا إسحاق - يعني المعتصم - في حل، والله – تعالى – يقول: }وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ{، وأمر النبي ﷺ‬ أبا بكر – رضي الله عنه – بالعفو في قصة مسطح. قال أبو عبد الله: وما ينفعك أن يعذب الله أخاك المسلم في سببك.

وبلغنا أن المعتصم ندم وأسقط في يده حتى صلح، ولما ولي ابنه الواثق أظهر ما أظهر من المحنة والميل إلى أحمد بن أبي دواد وأصحابه. قال حنبل: (ثم) ولي المتوكل جعفر فأظهر السنة وفرج عن الناس ثم وإلى أن مات أبي قل يوم يمضي إلا ورسول المتوكل يأتيه ... وكانت تأتينا في كل يوم مائدة فيها ألوان يأمر بها المتوكل والثلج والفاكهة وغير ذلك، فما ذاق منها أبو عبد الله شيئًا ولا نظر إليها، ثم أجرى المتوكل على أهله وولده في كل شهر أربعة آلاف، فبعث إليه أبو عبد الله: إنهم في كفاية وليست بهم حاجة. فبعث إليه المتوكل: إنما هذا لولدك فما لك ولهذا؟ فأمسك أبو عبد الله، فلم يزل يجري علينا حتى مات المتوكل. قال صالح: لما كان أول ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين (ومئتين) حُمَّ أبي ليلة الأربعاء وبات وهو محموم يتنفس تنفسًا شديدًا، وكنت عرفت علته، وكنت أمرضه إذا اعتل، وجاء جار لنا قد خضب فقال أبي: إني لأرى الرجل يُحيي شيئًا من السنة فأفرح به ... فلما كانت ليلة الجمعة ثقل وقبض صدر النهار فصاح الناس وعلت الأصوات بالبكاء حتى كأن الدنيا قد ارتجت وامتلأت السكك والشوارع؛ عن أبي زرعة يقول: بلغني أن المتوكل أمر أن يمسح الموضع الذي وقف عليه الناس حيث صُلي على أحمد، فبلغ مقام ألفي ألف وخمس مائة ألف. [السير للذهبي (11/177-258)] (باختصار وترتيب).

([486]) المأمون: عبد الله بن هارون الرشيد العباسي: قرأ العلم والأدب والأخبار والعقليات وعلوم الأوائل، وأمر بتعريب كتبهم، ودعا إلى القول بخلق القرآن، وبالغ، نسأل الله السلامة، وكان من رجال بني العباس حزمًا وعزمًا ورأيًا وعقلاً وهيبةً وحلمًا، ومحاسنه كثيرة في الجملة، عنه قال: لو عرف الناس حبي للعفو لتقربوا إليَّ بالجرائم، وأخاف أن لا أوجر فيه، وأما مسألة القرآن فما رجع عنها وصمَّم على امتحان العلماء وشدَّد عليهم فأخذه الله، وكان كثير الغزو، مات سنة ثمان عشرة ومئتين. [السير للذهبي (10/272-290)].

([487]) سير أعلام النبلاء للذهبي (11/241، 242).

([488]) المعتصم: محمد بن الرشيد هارون العباس: قال الرياشي: كتب طاغية الروم إلى المعتصم يتهدده فأمر بجوابه، فلما عُرض عليه رماه وقال للكاتب: اكتب: أما بعد فقد قرأت كتابك وسمعت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، (وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار). قلت - والكلام للذهبي: امتحن الناس بخلق القرآن وكتب بذلك إلى الأمصار وأخذ بذلك المؤذنين وفقهاء المكاتب، ودام ذلك حتى أزاله المتوكل بعد أربعة عشر عامًا. قال نفطويه: يقال للمعتصم المثمن: فإنه ثامن بني العباس، وتملك ثماني سنين وثمانية أشهر، وله فتوحات ثمانية، وقَتَل ثمانية. مات سنة سبع وعشرين ومئتين. [السير للذهبي (10/290-306)].

([489]) المتوكل على الله الخليفة أبو الفضل جعفر بن المعتصم بالله محمد العباسي: ولد سنة خمس ومائتين، قال خليفة بن خياط: استخلف المتوكل فأظهر السنة فتكلم بها في مجلسه وكتب إلى الآفاق برفع المحنة وبسط السنة ونصر أهلها. وغضب المتوكل على أحمد بن أبي داود وصادره وسجن أصحابه به، وحُمِّل ستة عشر ألف ألف درهم، وافتقر هو وآله، قُتِل المتوكل سنة سبع وأربعين ومائتين. [السير للذهبي (12/30-41)].

([490]) سير أعلام النبلاء للذهبي (11/241-242).

([491]) ثوبان بن إبراهيم يكنى أبا الفيض: ولد في أواخر أيام المنصور، قال السلمي: حملوه على البريد من مصر إلى المتوكل ليعظه في سنة 244هـ، وكان إذا ذكر بين يدي المتوكل أهل الورع بكى. توفي سنة خمس وأربعين ومائتين. [السير للذهبي (11/532-536)].

([492]) هارون بن المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد: مولده في سنة ست وتسعين ومئة، ولي الأمر بعهد من أبيه في سنة 227 هـ، قال الخطيب: استولى أحمد بن أبي دواد على الواثق وحمله على التشدد في المحنة والدعاء إلى خلق القرآن، قيل أنه رجع عن ذلك قبيل موته، وفي سنة إحدى وثلاثين ومئتين قتل أحمد بن نصر الخزاعي الشهيد ظلمًا، وأمر بامتحان الأئمة والمؤذنين بخلق القرآن، وافْتَكَّ من أسر الروم أربعة آلاف وست مائة نفس، فقال ابن أبي دواد: من لم يقل "القرآن مخلوق" فلا تكفوه. مات سنة اثنتين وثلاثين ومئتين. [السير للذهبي (10/306-314)].

([493]) انظر: الدعاء المأثور وآدابه للحافظ أبي بكر الطرطوشي، ص156 بتصرف.

([494]) أحمد بن المعتصم بالله محمد العباسي: اختلت الخلافة بولايته واضطربت الأمور، استوزر أبا موسى أو تامش بإشارة كاتبه شجاع بن القاسم، ثم قتلهما واستوزر أحمد بن صالح بن شبرزاد، ولما قتل باغر التركي الذي قتل المتوكل غضب له الموالي، وكان المستعين من تحت أوامر وصيف وبغا، وكان جيد الأدب حسن الفضيلة، قال الصولي: بعث المعتز أحمد بن طولون إلى واسط لقتل المستعين فقال: والله لا أقتل أولاد الخلفاء. فبعث سعيدا الحاجب، فما متع الله المعتز؛ بل عوجل بالخلع والقتل جزاءً وفاقًا. [السير للذهبي (12/46-50)].

([495]) نصر بن علي بن صهبان بن أبي الحافظ: العلامة الثقة الأزدي الجهضمي البصري الصغير، وهو حفيد الجهضمي الكبير، ولد سنة نيف وستين (ومئة)، مات سنة خمسين ومئتين. [السير للذهبي (12/133-136)].

([496]) سير أعلام النبلاء للذهبي (12/136).

([497]) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة - وقيل بذدزبه، وهي لفظ بخارية معناها الزراع: البخاري صاحب الصحيح، ولد سنة أربع وتسعين ومئة قال: صنفت كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر رسول الله ﷺ‬ في الليالي المقمرة، وقل اسم في التاريخ إلا وله قصة إلا أني كرهت تطويل الكتاب. وقال: صنفت الصحيح في ست عشرة سنة، وجعلتُه حجةً فيما بيني وبين الله – تعالى. قال محمد بن حمدون بن رستم: سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى البخاري فقال: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيِّد المحدثين وطبيب الحديث في علله، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل، عن بكر بن منير قال: كان محمد بن إسماعيل يصلي ذات ليلة فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة، فلما قضى الصلاة قال: انظروا أيش آذاني. (وله مواقف كثيرة في الجود والكرم)، توفي – رحمه الله تعالى – سنة ست وخمسين ومئتين. [السير للذهبي (12/391-471)].

([498]) سير أعلام النبلاء للذهبي (12/393).

([499]) المرجع السابق ص448.

([500]) خالد بن أحمد بن الهيثم بن الذهلي: أمير خراسان فيما وراء النهر، له ببخارى آثار محمودة، أقدم إليها المحدثين وأكرمهم، وطلب أن يأتي أبو عبد الله البخاري إلى داره ليسمع أولاده الصحيح فامتنع من المجيء إليه، فأخرجه من بغداد، ثم إنه في آخر أمره خرج على آل طاهر ومال إلى يعقوب بن الليث بن الصفار الذي خرج بسجستان، ثم إنه حجَّ سنة تسع وستين ومئتين فقبض عليه وسجن ببغداد، فهلك في السجن هذا العام، توفي سنة سبعين ومئتين. [تاريخ الإسلام للذهبي، حوادث سنة (261-280هـ)، ص83-84].

([501]) سير أعلام النبلاء للذهبي 12/464- 465.

([502]) المرجع السابق ص466.

([503]) سير أعلام النبلاء للذهبي (12/466).

([504]) أحمد بن المبارك المستملي النيسابوري: عرف بحمكويه الحافظ العالم العابد الزاهد قال الحاكم: كان مجاب الدعوة. مات سنة أربع وثمانين ومئتين. [السير للذهبي (13/373-375)].

([505]) أحمد الخجستاني: جبار عنيد ظالم متمرد، خرج عن طاعة صاحب خراسان يعقوب الصفار وتملك نيسابور وغيرها، وأظهر الانتماء إلى الطاهرية، وجعل رافع بن هرثمة أتابكه، وجرت له ملاحم وظفر بيحيى الذهلي شيخ نيسابور فقتله وعتا ثم ذبحه مملوكان له، تملك سبع سنين، ومن جوره أنه لما غلب على نيسابور نصب رمحا وألزمهم أن يَزِنوا من الدراهم ما يغطون رأس الرمح، فأفقر الخلق وعذبهم. [السير للذهبي (13/96-97)] (والقصة الآتية شاهدة على ظلمه).

([506]) سير أعلام النبلاء للذهبي (13/374).

([507]) المرجع السابق، ص375.

([508]) حيكان يحيى بن محمد بن يحيى الذهلي: الحافظ المجوِّد الشهيد، قتله أحمد بن عبد الله الخجستاني ظلمًا، عن أحمد بن عبد الله الخجستاني يقول: دخلت على حيكان في محبسه الذي كنت حبسته فيه على أن أضربه خشبان وأخلي سبيله، وما كنت عازمًا على قتله، فلما قربت منه مددتُ يدي إلى لحيته فقبضتُ عليها، فقبض على خصيي حتى لم أشك أنه قاتلي، فذكرت سكينًا في خُفِّي، فجرَّدتُ السِّكِّين وشققتُ بطنَه. [السير للذهبي (12/285-294)].

([509]) أبو عثمان سعيد بن إسماعيل النيسابوري الحيري: الإمام المحدث الواعظ، مولده سنة ثلاثين ومئتين، قال الحاكم: قدم نيسابور لصحبة الأستاذ أبي حفص النيسابوري، ولم يختلف مشايخنا أن أبا عثمان كان مجاب الدعوة وكان مجمع العباد والزهاد، ولم يزل يسمع ويجل العلماء ويعظمهم، توفي سنة ثمان وتسعين ومئتين. [السير للذهبي (14/62-66)].

([510]) سير أعلام النبلاء للذهبي (14/65-66).

([511]) بقي بن مخلد بن يزيد: الإمام الأندلسي القرطبي الحافظ، صاحب التفسير والمسند الذي لا نظير لهما، ولد في حدود سنة مئتين، وكان إمامًا مجتهدًا صالحًا ربَّانيًّا صادقًا مخلصًا رأسًا في العلم والعمل عديم المثل منقطع القرين، يفتي بالأثر ولا يقلد أحدًا، قال ابن لبابة الحافظ: كان بقيٌّ من عقلاء الناس وأفاضلهم، وكان أسلم بن عبد العزيز يُقدِّمه على جميع من لقبه بالمشرق ويصف زهده ويقول: ربما كنت أمشي معه في أزقَّة قرطبة، فإذا نظر في موضع خال إلى ضعيف محتاج أعطاه أحد ثوبيه، توفي سنة ست وسبعين ومئتين. [السير للذهبي (13/285-269)].

([512]) سير أعلام النبلاء للذهبي 13/289-290.

([513]) الدعاء المأثور وآدابه للحافظ أبي بكر الطرطوشي، ص42.

([514]) الإمام الحافظ العلامة إبراهيم بن إسحاق البغدادي الحربي: مولده في سنة ثمان وتسعين ومئة. قال أبو بكر الخطيب: كان إمامًا في العلم رأسًا في الزهد عارفًا بالفقه بصيرًا في الأحكام حافظًا للحديث مميزًا لعلله قيمًا بالأدب جمَّاعة للغة، وأصله من مرو، قال أبو العباس ثعلب: ما فقدت إبراهيم الحربي من مجلس لغة ولا نحو من خمسين سنة. قال الحاكم: سمعت محمد بن صالح القاضي يقول: لا نعلم بغداد أخرجت مثل إبراهيم الحربي في الأدب والفقه والحديث والزهد. قلت - والكلام للذهبي: يريد من اجتمعت فيه هذه الأمور الأربعة وكان صدوقًا عالمًا فصيحًا جوادًا عفيفًا زاهدًا عابدًا ناسكًا، وكان مع ذلك ضاحك السن ظريف الطبع ... ولم يكن معه تكبر ولا تجبر، وربما مزح مع أصدقائه بما يستحسن منه ويستقبح من غيره، مات سنة خمس وثمانين ومئتين. [السير للذهبي (13/356-372)].

([515]) سير أعلام النبلاء للذهبي (13/365-366). (بتصرف).

([516]) انظر: ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي (3/336).

([517]) انظر: كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا، ص83.

([518]) الزاهد عبيد الله بن الحسن البغدادي الكرخي: الفقيه شيخ الحنفية، انتهت إليه رئاسة المذهب وانتشر تلامذته في البلاد واشتهر اسمه وبعد صيته، توفي سنة أربعين وثلاث مئة. [السير للذهبي (15/426-427)].

([519]) سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان: صاحب حلب، فارس الإسلام، مولده في سنة إحدى وثلاث مئة، وكان أديبًا مليح النظم، فيه تشيع، توفيت أخته فخلفت له خمس مائة ألف دينار فافتكَّ بجميعها أسرى، وله غزو ما اتفق لمَلك غيره، وكان يضرب بشجاعته المثل، وله وقع في النفوس؛ فالله يرحمه، مات سنة ست وخمسين (وثلاث مئة)، وكان قد جمع من الغبار الذي يقع عليه وقت المصفات ما جبل في قدر الكف، وأوصى أن يوضع على خده. [السِّير للذهبي (16/187-189)].

([520]) سير أعلام النبلاء للذهبي (15/426-427).

([521]) محمد بن جرير: الإمام العلم المجتهد عالم العصر الطبري صاحب التصانيف البديعة، من أهل آمل طبرستان، مولده سنة أربع وعشرين ومئتين، وأكثر الترحال، ولقي نبلاء الرجال، وكان من أفراد الرجال علمًا وذكاء وكثرة تصانيف، قل أن ترى العيون مثله، واستقر في آخر أمره ببغداد، وكان ربما أهدى إليه بعض أصدقائه الشيء فيقبله ويكافئه أضعافًا لعظم مروءته، وكان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد وملحد؛ فأما أهل الدين والعلم فغير منكرين علمه وزهده في الدنيا ورفضه لها رحمه الله، توفي سنة عشر وثلاث مئة. [السير للذهبي (14/267-282)].

([522]) سير أعلام النبلاء للذهبي 14/274.

([523]) الحسين بن منصور الفارسي البيضاوي: تبرأ منه سائر الصوفية والمشايخ والعلماء؛ لسوء سيرته ومروقه، ومنهم من نسبه إلى الحلول، ومنهم من نسبه إلى الزندقة وإلى الشعبذة والزوكرة، وقد تستر به طائفة من ذوي الضلال والانحلال وانتحلوه وروجوا به على الجهال؛ نسأل الله العصمة في الدين، قال النديم: قرأت بخط عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر: كان الحلاج مشعبذًا محتالًا يتعاطى التصرف ويدعي كل علم، وكان صفرًا من ذلك، ويدعي عند أصحابه الإلهية ويقول بالحلول. [السير للذهبي (14/313-354)].

([524]) عمرو بن عثمان: الإمام الرباني المكي الزاهد، كان ينكر على الحلاج ويذمه، توفي بعد الثلاث مئة. [السير للذهبي (14/57-58)].

([525]) سير أعلام النبلاء للذهبي (14/316).

([526]) المقتدر بالله جعفر بن المعتضد بالله أحمد العباسي: بويع بعد أخيه المكتفي في سنة خمس وتسعين ومئتين، وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وما ولي أحد قبله أصغر منه، وقد خلع في أوائل دولته وبايعوا ابن المعتز ثم لم يتم ذلك، وقتل ابن المعتز وجماعة، ثم إنه خلع ثانيًا في سنة سبع عشرة وبذل خطة بعزل نفسه، وبايعوا أخاه القاهر، ثم بعد ثلاث أعيد المقتدر، ثم في المرة الثالثة قتل. قال أبو علي التنوخي: كان جيد العقل صحيح الرأي ولكنه كان مؤثرًا للشهوات. [السير للذهبي (15/43-56)].

([527]) المرجع السابق ص335-336.

([528]) سليمان بن حسن القرمطي الجنابي الأعرابي: الزنديق عدو الله الذي سار إلى مكة في سبع مائة فارس، فاستباح الحجيج كلهم في الحرم، واقتلع الحجر الأسود، وردم زمزم بالقتلى، وصعد على عتبة الكعبة يصيح:

أنا بالله وبالله أنا

يخلق الخلق وأفنيهم أنا

فقتل في سكة مكة وما حولها زهاء ثلاثين ألفًا وسبى الذرية، وأقام بالحرم ستة أيام، وبذل السيف في سابع ذي الحجة، ولم يعرف أحد تلك السنة - أي لم يقف بعرفة - فلله الأمر، وقتل أمير مكة ابن محارب، وعرى البيت وأخذ بابه ورجع إلى بلاد هجر، وقيل: بقي الحجر الأسود عندهم نيفًا وعشرين سنة، وكان بحكم التركي دفع لهم فيه خمسين ألف دينار فأبوا وقالوا: أخذناه بأمر وما نرده إلا بأمر.

     وقد هزم جيوش بغداد غير مرة وعتا وتمرد، ثم جرت له حروب أوهنته، وقتل جنده، وطلب الأمان على أن يرد الحجر وأن يأخذ كل حاج دينارًا ويخفرهم. قلت - والكلام للذهبي: ثم هلك بالجدري - لا رحمه الله - في رمضان. [السير للذهبي (15/320- 325)].

وقال الذهبي في العبر في حوادث سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مائة: (ولم يحج الركب لموت القرمطي الطاغية أبي طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي في رمضان بهجر من جدري أهلكه، فلا رحم الله فيه مغرز إبرة). (3/42).

([529]) مؤنس الخادم الملقب بالمظفر المعتضدي أحد الخدام الذين بلغوا رتبة الملوك وكان خادمًا فارسا شجاعًا سائسًا داهية، ولي دمشق للمقتدر وبقي ستين سنة أميرًا، وعاش تسعين سنة، وخلف أموالاً لا تحصى، وجرت له أمور وحارب المقتدر فقتل يومئذ المقتدر، فسقط في يد مؤنس وقال: كلنا نقتل. وكان معظم جند مؤنس يومئذ من البربر، فرمى واحد منهم بحربته الخليفة فما أخطأه، ثم نصب مؤنس في الخلافة القاهر بالله، فلما تمكن القاهر قتل مؤنسًا وغيره في سنة إحدى وعشرين (وثلاث مئة). السير للذهبي 15/56-57.

([530]) سير أعلام النبلاء للذهبي (15/51).

([531]) مؤرخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي: ولد سنة 673هـ من أسرة تركمانية الأصل تنتهي بالولاء إلى بني تميم، عاش طفولته بين أكناف عائلة علمية متدينة، ومضى في طفولته إلى أحد المؤدبين، فأقام في مكتبه أربعة أعوام ثم اتجه بعد ذلك إلى شيخه مسعود الصالحي فلقنه جميع القرآن، وحينما بلغ الثامنة عشرة من عمره توجهت عنايته إلى القراءات، ومال إلى الحديث الشريف وسماعه، وانطلق في هذا العلم حتى طغى على تفكيره واستغرق كل حياته، فسمع ما لا يحصى كثرة من الكتب والأجزاء ولقي كثيرًا من الشيوخ والشيخات.

     أما رحلاته في طلب العلم.. فقد كان والده يمنعه في بعض الأحيان، ويظهر أن والده قد سمح له بالرحلة حينما بلغ العشرين، واعتنى بالنحو؛ إضافة لسماعه عددًا كبيرًا من مجاميع الشعر واللغة والأدب، واتصل اتصالاً وثيقًا بثلاثة من شيوخ عصره وهم: (شيخ الإسلام ابن تيمية) و(جمال الدين يوسف المزي) و(علم الدين البرزالي)، وقد أحبهم؛ لا سيما ابن تيمية؛ فقد أعجب به وقال بعد أن مدحه مدحًا عظيمًا: وهو أكبر من أن ينبه مثلي على نعوته؛ فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت أني ما رأيت بعيني مثله، ولا والله ما رأى هو مثل نفسه في العلم.

     أما نشاطات الذهبي العلمية، فقد بدأ باختصار عدد من أمهات الكتب في شتى العلوم، ثم ألف كتابه (تاريخ الإسلام) وغيره، قال تاج الدين السبكي: (وأما أستاذنا أبو عبد الله فبصر لا نظير له إمام الوجود حفظًا وذهب العصر معنى ولفظًا، وشيخ الجرح والتعديل، ورجل الرجال في كل سبيل). أُضرَّ الذهبي قبل موته بأربع سنين أو أكثر بماء نزل في عينيه، وتوفي سنة 748هـ. انظر مقدمة الجزء الأول من كتاب (سير أعلام النبلاء)، كتابة د/ بشار عواد معروف.

([532]) الشيخ الإمام المحدث محمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني الصفار الزاهد: قال الحاكم: هو محدث عصره، كان مجاب الدعوة، توفي سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة. [السير للذهبي (15/437 – 438)].

([533]) سير أعلام النبلاء للذهبي (15/438).

([534]) حمزة بن محمد: الإمام الحافظ محدث الديار المصرية الكناني المصري، ولد سنة خمس وسبعين ومئتين، وجمع وصنف وكان متقنًا مجودًا ذا تأله وتعبد، قال أبو عبد الله الحاكم: هو على تقدمه في معرفة الحديث أحد من يذكر بالزهد والورع والعبادة، مات سنة سبع وخمسين وثلاث مائة [السير للذهبي (16/179-181)].

([535]) السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن الأمير نجم الدين أيوب الدويني ثم التكريتي المولد: ولد في سنة اثنتين وخمس مئة، تملك بعد نور الدين واتسعت بلاده، قال الموفق عبد اللطيف: أتيت وصلاح الدين بالقدس فرأيت ملكًا يملأ العيون روعة والقلوب محبة قريبًا وبعيدًا سهلاً محببًا وأصحابه يتشبهون به، وأول ليلة حضرته وجدت مجلسه حفلاً بأهل العلم يتذاكرون وهو يحسن الاستماع والمشاركة، حُمَّ صلاح الدين ففصده من لا خبرة له فخارت القوة ومات، وما رأيت ملكًا حزن الناس لموته سواه؛ لأنه كان محببًا يحبه البر والفاجر، توفي في سنة تسع وثمانين وخمس مئة. [السير للذهبي (21/278-291)].

([536]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (16/181).

([537]) محمد بن داود الدينوري الدقي: قال السلمي: عمَّر فوق مائة سنة. قال أبو نصر السراج: حكى أبو بكر الدقي قال: كنت بالبادية فوافيت قبيلة فأضافني رجل فرأيت غلامًا أسود مقيدًا ورأيت جمالاً سنة، فقالا لغلام: اشفع لي. قلت: لا آكله حتى تحله. قال: إنه أفقرني. قلت: ما فعل؟ قال: له صوت طيب فحدا لهذه الجمال وهي مثقلة حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في يوم، فلما حط عنها ماتت كلها، ولكن قد وهبته لك، فلما أصبحت أحببت أن أسمع صوته فسألته، وكان هناك جمل يستقي عليه فحدا فهام الجمل على وجهه وقطع حباله ولم أظن أني سمعت أطيب صوتًا منه، ووقعت لوجهي، مات سنة ستين وثلاث مئة. [السير للذهبي (16/138-139)].

([538]) تفسير ابن كثير 4/122.

([539]) الشيرازي الوزير أبو الفضل الذي غضب على أهل بغداد لقتلهم جندارًا فأمر بإلقاء النار في الأٍسواق، فاحترق من النحاسين إلى السماكين، واحترق عدة من النساء والأطفال، وراحت الأموال، وكثر الدعاء عليه، وشتموه في وجهه، ثم قبض عليه عز الدولة، وطرد إلى الكوفة، فسقي سم الذراريح، فهلك سنة بضع وستين وثلاث مئة. [السير للذهبي (16/309)].

([540]) سير أعلام النبلاء للذهبي (17/171).

([541]) الحاكم محمد بن عبد الله: الإمام الحافظ الناقد العلامة شيخ المحدثين أبو عبد الله بن البيع الضبي النيسابوري صاحب التصانيف، صنف وخرج وجرح وعدَّل وصحَّح وعلَّل وكان من بحور العلم، قال عبد الغفار بن إسماعيل: ... ومن تأمل كلامه في تصانيفه وتصرفه في أماليه ونظره في طرق الحديث أذعن بفضله واعترف له بالمزية على من تقدَّمه وإتعابه من بعده وتعجيزه اللاحقين عن بلوغ شأوه، وعاش حميدًا، ولم يخلف في وقته مثله، مضى إلى رحمة الله سنة خمس وأربع مئة. [السير للذهبي (17/162-177)].

([542]) سير أعلام النبلاء للذهبي 17/171.

([543]) باديس بن منصور بن يوسف بن بلكين: صاحب المغرب وابن ملوكها من جهة العبيدية أبو مناد الصنهاجي، وصنهاجة من حمير – بالكسر - وقال ابن دريد: لا يجوز إلا ضم الصاد، مولده سنة أربع وسبعين وثلاث مئة، كان سائسًا حازمًا شديد البأس، إذا هزَّ رمحا كسره. [السير للذهبي (17/216-217)].

([544]) سير أعلام النبلاء للذهبي (17/217).

([545]) طغان خان التركي صاحب تركستان وبلا ساغون وكاشغر وختن وفاراب وكان دينًا عادلاً بطلاً شجاعا [السير للذهبي (17/278-279)].

([546]) الخطا: يطلق على بلاد متاخمة للصين يسكنها جنس من الترك (قاله محقق هذا الجزء من السير].

([547]) سير أعلام النبلاء للذهبي (17/278-279).

([548]) الفيلسوف الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا البلخي ثم البخاري: مولده سنة سبعين وثلاث مئة، ولم يأت بعد الفارابي مثله؛ فالحمد لله على الإسلام والسنة، وله كتاب (الشفاء) وغيره وأشياء لا تحتمل، مات سنة ثمان وعشرين وأربع مئة. [السير للذهبي (17/531-537)].

([549]) سير أعلام النبلاء للذهبي (17/532).

([550]) العلامة المقرئ مكي بن أبي طالب حموش بن محمد القيسي القيرواني ثم القرطبي: صاحب التصانيف، ولد بالقيروان سنة خمس وخمسين وثلاث مئة، وكان من أوعية العلم مع الدين والسكينة والفهم، توفي سنة سبع وثلاثين وأربع مئة. [السير للذهبي (17/591-593)].

([551]) سير أعلام النبلاء للذهبي (17/592).

([552]) القائم بأمر الله الخليفة عبد الله بن القادر بالله أحمد العباسي: كان قوي النفس ديِّنًا ورعًا متصدقًا وفيه عدل وسماحة ولم يزل أمره مستقيمًا على أن ... تُحدث بأن أرسلان التركي البساسيري يريد نهب دار الخلافة وعزل القائم، فكاتب القائم طغرلبك ملك الغز يستنهضه، وكان بالري، ثم أحرقت دار البساسيري وهرب وقدم طغرلبك في سنة 447هـ، ورد الله القائم إلى مقر عزه، توفي سنة سبع وستين وأربع مئة، وكان ذا حظ من تعبد وصيام وتهجد لما أن أعيد إلى الخلافة، وكان تاركًا للملاهي. [السير للذهبي (15/138-141)]، وكذا في (18/307-318).

([553]) البساسيري: المقلب بالمظفر ملك الأمراء أرسلان التركي البساسيري نسبة إلى تاجر باعه من أهل فسا والصواب فسوي فقيلت على غير قياس كعادة العجم. ترقت به الأحوال إلى أن نابذ الخليفة وخرج عليه وكاتب صاحب مصر المستنصر فأمده بأموال وسلاح فأقبل في عسكر قليل وتوثب على بغداد ففر منه القائم وتذمم بأمير العرب مهارش وعاث جمع البساسيري وأقام الدعوة للمستنصر سنة وقتل الوزير وفعل القبائح حتى أقبل طغرلبك ونصر الخليفة ونزح البساسيري فاتبعه عسكر فقاتل حتى قتل فلله الحمد. [السير للذهبي (18/132-133)].

* والوزير الذي قتله البساسيري هو: علي بن الحسن بن الشيخ أبي الفرج بن المسلمة، ولد سنة 397هـ، استكتبه القائم ثم استوزره، وكان من خيار الوزراء العادلين، قال الخطيب: اجتمع فيه من الآلات ما لم يجتمع في أحد قبله، مع سداد مذهب ووفور عقل وأصالة رأي. قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: أُخْرج رئيس الوزراء وعليه عباءة وطرطور وفي رقبته مخنقة جلود وهو يقرأ  }قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ{ ويرددها، فطيف به على جمل ثم خيط عليه جلد ثور بقرنين وعلق وفي فكيه كلوبان وتلف في آخر النهار في ذي الحجة سنة خمسين وأربع مئة. [السير للذهبي (18/216-218)].

([554]) مهارش بن مجلي بن عكيث: الأمير من وجوه العرب بعانة والحديثة، ذو بر وصدقات وصلاة وخير، أجار القائم بأمر الله في فتنة البساسيري وآواه إليه سنة في ذمامه إلى أن عاد إلى مقر عزه؛ فكان يخدم الخليفة بنفسه وله وكتب بها إلى القائم:

لولا الخليفة ذو الأفضال والمنن

نجل الخلائف آل الفرض والسنن

بعت قومي وهم خير الأنام وقد

أصبحت أعرف بغداد وتعرفني

ما يستحق سواري مثل منزلتي

عدلك هذا اليوم ينصفني

وهي طويلة، مات سنة تسع وتسعين وأربع مئة. [السير للذهبي 19/224-225)].

([555]) أحمد بن ميكائيل: و أصل السلجوقية من بر بخارى، لهم عدد وقوة وإقدام وشجاعة وشهامة وزعارة؛ فلا يدخلون تحت طاعة، وإذا قصدهم ملك دخلوا البرية ... ثم إن طغرلبك عظم سلطانه واستولى على العراق وتحبَّب إلى الرعية بعدل مشوبٍ بجور ... ولما تمهدت البلاد له خطب بنت الخليفة القائم فتألم القائم واستعفى فلم يُعْفَ، فزَوّجه بها، ثم قدم طغرلبك بغداد للعرس ... هذا والخليفة في ألم وحزن وكظم، ثم إن طغرلبك خلا بها ولم يمتع بنعيم الدنيا؛ بل مات في رمضان من السنة بالري سنة خمس وخمسين (وأربع مئة). [السير للذهبي (18/107-111)].

([556]) معد بن الظاهر لإعزاز دين الله علي العبيدي المصري: امتدت أيامه ستين سنة وأربعة أشهر، وكان الحاكم قد هدم القمامة التي بالقدس، فأذن المستنصر لطاغية الروم أن يجددها وهادنه على إطلاق خمسة آلاف أسير مسلمين وغرم أموالاً على عمارتها، وما زال حتى قتله الأمراء وقتلوا أخويه فخر العرب وتاج المعالي وانقطعت دولتهم، مات سنة سبع وثمانين وأربع مائة وقد قارب السبعين، وكان سب الصحابة فاشيًا في أيامه والسنة غريبة مكتومة. [السير للذهبي (15/186-196)].

([557]) سير أعلام النبلاء للذهبي 18/307.

([558]) المرجع السابق 15/140.

([559]) الملك العادل عضد الدولة ألب أرسلان محمد التركماني الغزي: من عظماء ملوك الإسلام وأبطالهم، افتتح قلاعًا وأرعب الملوك، وفي سنة خمس عبر بجيوشه نهر جيحون وكانوا مئتي ألف فارس فأتي بعلج يقال له: يوسف الخوارزمي كانت بيده قلعة فأمر أن يشبح في أربعة أوتاد فصاح: يا مخنث: مثلي يقتل هكذا؟ فاحتد السلطان وأخذ القوس وقال: دعوه ورماه فأخطأه فظفر يوسف إلى السرير فقام السلطان فعثر على وجهه فبرك العلج على السلطان وضربه بسكين، وتكاثر المماليك (على يوسف) فهبروه ومات منها السلطان سنة خمس وستين وأربع مئة. [السير للذهبي (18/414-418)].

([560]) جلال الدولة بن ألب أرسلان محمد السلجوقي: تملك من المدائن ما لم يملكه سلطان وكان حسن السيرة لهجًا بالصيد مغرى بالعمائر وحَفْر الآبار وتشييد القناطر والأسوار، وعمَّر ببغداد جامعًا كبيرًا وأبطل المكوس والخفارات في جميع بلاده هكذا نقل ابن خلكان، تزوج الخليفة المقتدي بابنته وعملت دعوة لجيش السلطان ما سمع بمثلها أبدًا وولدت له جعفر. مات سنة خمس وثمانين (وأربع مئة). [السير للذهبي (19/54-58)] انظر مقدمة لبغداد ووفاته في القصة الآتية.

([561]) سير أعلام النبلاء للذهبي (18/415-416) بتصرف وقد ذكرها أيضًا في ترجمة القائم بأمر الله في (ص315-316).

([562]) سير أعلام النبلاء للذهبي (19/57).

([563]) عبيد الله بن ذخيرة الدين محمد بن القائم بأمر الله العباسي: وكان حسن السيرة وافر الحرمة فيه ديانة ونجابة وقوة وعلو همة، من كلامه: الألسن الفصيحة أنفع من الوجوه الصبيحة. والضمائر الصحيحة أبلغ من الألسن الفصيحة. وفي أول سنة سبع وثمانين (وأربع مئة) خطب ببغداد للسلطان بروكياروق ركن الدولة وعلم المقتدي على تقليده ثم مات (المقتدي) فجأة من الغد تغدى وغسل يديه وعنده فتاته شمس النهار فقال: ما هذه الأشخاص دخلوا بلا إذن؟ فارتابت وتغير وارتخت يراه وسقط فظنوه غشي عليه، فطلبت الجارية وزيره ومات وأخروا دفنه ثلاث ليال لكونه مات فجأة [السير للذهبي (18/318-324)].

([564]) سير أعلام النبلاء للذهبي (18/318-319).

([565]) أتسز بن أوق الخوارزمي: من كبار ملوك الظلم، قال ابن عساكر (ولي دمشق بعد حصاره إياها دفعات وأقام الدعوة العباسية، وتغلب على أكثر الشام وقصد مصر ليأخذها فلم يتم له ذلك ثم جهز المصريون إلى الشام عسكرًا ثقيلاً فعجز عنهم واستنجد بتاج الدولة تتش (انظر مقدم تتش في ترجمته الآتية) وقد قتل أتسز بالقدس خلقًا كثيرًا منهم قاضيها، وفعل العظائم حتى قلعه الله تعالى [السير للذهبي (18/431-432)].

([566]) تاج الدولة تتش بن السلطان ألب أرسلان السلجوقي: كان شجاعًا مهيبًا جبارًا ذا سطوة له فتوحات ومصافات وتملك عدة مدائن وخطب له ببغداد وصار من كبار ملوك الزمان، قدم دمشق فخرج ليتلقاه المتغلب عليها أطسز الخوارزمي فسلم عليه ثم سار وشد عليه تتش فضرب عنقه وأخذ البلد وجرت له أمور وحروب مع المصريين وتملك بضع عشرة سنة، ثم سار في سنة ثمان وثمانين وأربع مائة ليتملك بلاد العجم فقتل في المصاف بالري التقاه بركياروق ابن أخيه. [السير للذهبي (19/83-85)].

([567]) سير أعلام النبلاء للذهبي (8/319).

([568]) منصور بن محمد التميمي السمعاني: الإمام العلامة قال عبد الغفار: هو وحيد عصره في وقته فضلاً وطريقة وزهدًا وورعًا من بيت العلم والزهد، حج على البرية أيام انقطع الركب كان يقول: أسرونا فكنت أرعى جمالهم فاتفق أن أميرهم أراد أن يُزوج بينته فقالوا: نحتاج أن نرحل إلى الحضر لأجل من يعقد لنا فقال رجل منا: هذا الذي يرعى جمالكم فقيه خراسان، فسألوني عن أشياء فأجبتهم وكلمتهم بالعربية فخجلوا واعتذروا فعقدت لهم العقدة وقلت الخطبة ففرحوا، وسألوني أن أقبل منهم شيئًا فامتنعت فحملوني إلى مكة وسط العام. توفي سنة تسع وثمانين وأربع مئة. [السير للذهبي (19/114-119)].

([569]) سير أعلام النبلاء للذهبي 19/118.

([570]) سير أعلام النبلاء للذهبي 19/118.

([571]) الإمام يوسف بن دوناس المغربي الفندلاوي: المالكي خطيب بانياس، روى عنه ابن عساكر وقال: كان حسن المفاكهة حلو المحاضرة كريمًا مطرحًا للتكلف قوي القلب. قتل سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة. [السير للذهبي (20/209-210)].

([572]) سيف الدين غازي بن زنكي: تملك الموصل بعد أبيه واعتقل ألب أرسلان السلجوقي وكان عاقلاً حازمًا شجاعًا جوادًا محبًا في أهل الخير، لم تطل مدته وعاش أربعين سنة وكان من أحسن الملوك شكلاً وكان له مائة رأس كل يوم لسماطه وقد مدحه الحيص بيص فأجازه بألف دينار. توفي سنة أربع وأربعين وخمس مائة [السير للذهبي (20/192-193)].

([573]) الملك العادل ناصر أمير المؤمنين ليث الإسلام نور الدين محمود بن الأتابك قسيم الدولة أبي سعيد زنكي التركي الملكشاهي: مولده سنة إحدى عشرة وخمس مائة قل أن ترى العيون مثله أظهر السنة بحلب وقمع الرافضة وبنى المدارس والجوامع والمساجد وأبطل المكوس وكان بطلاً شجاعًا وافر الهيبة ذا تعبد وخوف وورع، وأمر بتكميل سور المدينة النبوية، واستخراج العين بأحد دفنها السيل، وفتح درب الحجاز ووقف كتبًا كثيرة مثمنة قال سبط الجوزي: كان له عجائز فكان يخيط الكوافي ويعمل السكاكر فيبعنها سرًا ويفطر على ثمنها. توفي سنة تسع وستين وخمس مائة [السير للذهبي (20/531-539)].

([574]) سير أعلام النبلاء للذهبي 20/405.

([575]) العلامة البليغ محيي الدين عبد الرحيم بن علي اللخمي: الكاتب صاحب ديوان الإنشاء الصلاحي، ولد سنة تسع وعشرين وخمس مائة انتهت إليه براعة الترسل وبلاغة الإنشاء وله في ذلك الفن اليد البيضاء والمعاني المبتكرة والباع الأطول لا يدرك شأوه ولا يشق غباره مع الكثرة، قال العماد: قضى سعيدًا ولم يبق عملاً صالحًا إلا قدمه ولا عقد بر إلا أبرمه، وكان للحقوق قاضيًا وفي الحقائق ماضيًا والسلطان له مطيع، ما افتتح الأقاليم إلا بأقاليد آرائه ومقاليد غناه، وغنائه وكانت كتابته كتائب النصر وبراعته رائعة الدهر وبراعته بارية للبر وعبارته نافثة في عقد السحر، توفي سنة ست وتسعين وخمس مئة. [السير للذهبي (21/338-344)].

([576]) سيف الدين أبو الملوك وأخو الملوك محمد بن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي الدويني الأصل التكريتي: كان أصغر من أخيه صلاح الدين بعامين. وكان ذا عقل ودهاء وشجاعة وتؤدة وخبرة بالأمور، احتيل على الفتك به مرات ويسلمه الله وكان شديد الملازمة لخدمة أخيه صلاح الدين وما زال يتحيل حتى أعطاه العزيز دمشق، فكانت السبب في أن تملك البلاد ثم جرت أمور يطول شرحها وقتال على الملك ولو كان ذلك التعب والحرب جهادًا للفرنج لأفلح. توفي سنة خمس عشرة وست مائة [السير للذهبي (22/115-120)].

([577]) صفي الدين عبد الله بن علي الشيبي الدميري المالكي ابن شكر: ولد سنة ثمان وأربعين (وخمس مئة) قال أبو شامه: كان خليقًا للوزارة لم يلها بعده مثله وكان متواضعًا يسلم على الناس وهو راكب ويكرم العلماء. وقال عبد اللطيف: وقد نفي ثم استوزره الكامل وقد عمي فصادر الناس وكان يقول: أتحسر أن ابن البيساني ما تمرغ على عتبتي يعني القاضي الفاضل وربما مر بحضرة ابنه وكان معجبًا تياهًا مات سنة اثنتين وعشرين وست مائة عفا الله عنه. [السير للذهبي (22/294-295)].

([578]) سير أعلام النبلاء للذهبي (21/341)].

([579]) الإمام العالم الفقيه المقرئ المحدث محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة: المقدسي الحنبلي الزاهد واقف المدرسة، مولده في سنة ثمان وعشرين وخمس مئة، وتحول إلى دمشق هو وأبوه وأخوه وقرابته مهاجرين إلى الله – تعالى -، وقد جمع الحافظ الضياء سيرته في جزءين فشفى وكفى وقال: لا يترك قيام الليل من وقت شبوبيته، وإذا رافق ناسًا في السفر ناموا وحرسهم يصلي.، توفي سنة سبع وست مئة. [السير للذهبي (22/ 5-9)].

([580]) سير أعلام النبلاء للذهبي 22/8.

([581]) المرجع السابق (23/180).

([582]) تاريخ الإسلام للذهبي: حوادث سنة (651 – 660) في حوادث (سنة أربع وخمسين وستمائة) ص22.

([583]) بتصرف من شريط (مشاهداتي في أفريقيا) للشيخ د. عبد الرحمن السميط إنتاج مؤسسة أحد.

([584]) بتصرف من شريط (رحمة الضعفاء) للشيخ محمد الشنقيطي إنتاج مؤسسة أحد.

([585]) المرجع السابق (بتصرف).

([586]) أجريت مع صاحب القصة مقابلة في جريدة الرياض العدد 12838 نقلتها بتصرف.

([587]) بتصرف من مجلة الدعوة العدد 1866 تاريخ 25 شعبان 1423هـ.

([588]) بتصرف من مجلة الأسرة العدد 105 ذو الحجة 1422هـ.

([589]) بتصرف من مجلة (شباب) العدد 35 الصادرة في شوال 1422هـ.

([590]) بتصرف من شريط (عقوق الوالدين) للشيخ على القرني.

([591]) ذكرها في مقابلة مع قناة المجد الفضائية في شهر محرم 1425هـ ذكرتها بتصرف يسير.

([592]) بتصرف من شريط بعنوان (إشارات نبوية للسعادة الأسرية) للدكتور ميسرة طاهر من إنتاج مؤسسة خالد باغانم بجدة.

([593]) بتصرف من شريط الاعتصام بالله تعالى للشيخ الشنقيطي.

([594]) المرجع السابق (بتصرف).

([595]) المرجع السابق (بتصرف).

([596]) هذا جهل من الأم أن تدعو على ابنها وينبغي عليها أن تدعو له روى مسلم – رحمه الله تعالى – في (باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر – رضي الله عنهما - ... قال ﷺ‬: «لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم» رواه مسلم رقم 7515 ص1198.

([597]) بتصرف من جريدة الجزيرة العدد، (10904)، الثلاثاء 27 جمادى الأولى.

([598]) بتصرف من أحد أشرطة الشيخ سعيد بن مسفر – حفظه الله تعالى -.

([599]) بتصرف من شريط (سري للغاية) للشيخ مازن الفريح، إنتاج تسجيلات الصفا للشريط الإسلامي بالرياض.

([600]) بتصرف من شريط بعنوان (سهام الليل) لفضيلة الشيخ أنس بن سعيد بن مسفر. من إنتاج مؤسسة العقيدة للإنتاج والتوزيع بجدة.

([601]) المرجع السابق (بتصرف).

([602]) المرجع السابق (بتصرف).

([603]) بتصرف من شريط (ففوجئت بردها) للشيخ عبد الرحمن الهاشمي إنتاج تسجيلات نور السراج بجدة.

([604]) المرجع السابق (بتصرف).

([605]) هذا حديث أسماء بنت عميس – رضي الله عنها – قالت: قال لي رسول الله ﷺ‬: «ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب – أو في الكرب – الله الله ربي لا أشرك به شيئًا» رواه أبو داود (1525/1335-1336). باب في الاستغفار ورواه ابن ماجه رقم (3882/2708) باب الدعاء عند الكرب.

([606]) بتصرف من شريط مرئي بعنوان (أين الطريق) للدعاة إبراهيم الطلحة والحمودي والجبيلان من إنتاج مؤسسة مرافئ الحياة الإسلامية بجدة.

([607]) بتصرف من شريط (فتاة مفجوعة) للشيخ سالم الهيجان من إنتاج مؤسسة همم للإنتاج بالرياض.

([608]) بتصرف من شريط (الشمس والقمر) للشيخ عصام العويد، من إنتاج مؤسسة مرافئ الحياة للإنتاج والتوزيع بحدة.

([609]) هذه القصة ستعاد بإذن الله – تعالى – مع قصص أخرى في مؤلف بعنوان (من عجائب الصدقة)، وهي مجموعة قصص لقوم تصدقوا فأعقبهم الله تعالى خيرًا إما برزق أكثر مما تصدقوا به أو شفاء مريض أو دفع مكروه أو غير ذلك.

([610]) بتصرف من محاضرة بعنوان شرح قول الله تعالى (فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين) للشيخ عصام العويد.

([611]) المرجع السابق.

([612]) بتصرف من شريط (تعالى إلى النكهة) للدكتور: فهد بن محمد الخضيري، من إنتاج مؤسسة رياض للإنتاج والتوزيع بالرياض.