الاعتداء في الدعاء
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
- الاعتداء في الدعاء
الاعتداء في الدعاء
سعود بن محمد بن حمود العقيلي
المقدِّمـة
إنَّ الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.. أما بعد:
فإنَّ الدُّعاءَ نعمةٌ كبرى، ومنحةٌ عظمى، جاد بها المولى– تبارك وتعالى- وامتنَّ بها على عباده؛ حيث أمرهم بالدُّعاء، ووَعَدَهم بالإجابة والإثابة.
فشأن الدُّعاء عظيمٌ، ونفعُه عميمٌ، ومكانتُه عاليةٌ في الدِّين، فما استُجْلبت النِّعَم بمثله، ولا استُدفعت النِّقم بمثله؛ وذلك أنَّه يتضمَّن توحيدَ الله وإفرادَه بالعبادة دون من سواه، وهذا رأس الأمر وأصلُ الدِّين.
فما أشدَّ حاجة العباد إلى الدُّعاء؛ بل ما أعظم ضرورتهم إليه؛ فالمسلمون– بل ومَن في الأرض كلهم جميعاً- بأمسِّ الحاجة للدُّعاء؛ ليصلوا بذلك إلى خيري الدُّنيا والآخرة.
لكنَّ كثيراً من الدَّاعين لا يحسنون الدُّعاء فيقعون في خطأ الاعتداء في الدُّعاء فتردّ دعوتُهم ولا يُستجاب لهم؛ لأنَّهم أصبحوا من المعتدين الذين لا يُحبُّهم الله؛ قال تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: 55].
وقد تأمَّلتُ كثيراً في هذا الموضوع وكان يَشغلُ بالي على أعوام مَضَت؛ خصوصاً أنَّني لم أجد مصنَّفات مستقلَّةً تتكلَّم عن هذا الموضوع تحديداً إلَّا أشتاتاً مفرَّقة هنا وهناك؛ فَسَمَت همَّتي لبحث هذا الموضوع، فاستعنتُ بالله في جمع مادَّته.
مشكلةُ البحث:
مع ابتعاد كثير من الناس عن المنهج الصَّحيح الذي كان عليه الرَّسولُ - صلى الله عليه وسلم - في عباداتهم بعامَّة وفي الدُّعاء بخاصَّة وقع كثير من التَّجاوُزات والاعتداء في الدُّعاء وهجر الدُّعاء المشروع من الكتاب والسُّنَّة بأدعية مفقرة وكلمات مسجّعة قد وجدها في كراريس لا معوَّلَ عليها ولا أصل لها، ويترك ما دعا به النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ وكلُّ هذا يَمنع من استجابة الدُّعاء."﴿[1])
حدودُ البحث:
يَقتصر البحثُ على التَّجاوُزات في الدُّعاء والاعتداء فيه والأخطاء التي تقع، وكذلك ذكرُ الأدعية، والتي يكثر الدُّعاءُ بها مع أنَّها لم ترد لا في الكتاب ولا في السُّنَّة، وكذلك نتناول نماذجَ وصورَ هذه التَّجاوُزات، ثمَّ نَذكر الضَّوابطَ التي تَمنع من الوقوع في هذه التَّجاوزات.
مصطلحات البحث:
1- الاعتداء في الدُّعاء: هو التَّجاوُزُ في الحدِّ الذي حدَّه الشَّرعُ المطهَّر، فيحصل في الدُّعاء من الخلل بحسب ما يحصل من التَّجاوُز قوَّةً وضعفاً﴿[2]).
2- ضوابطُ الاعتداء في الدُّعاء: مجموعةٌ من القواعد التي تحدِّدُ تجاوزات الدُّعاء وبها يُعرفُ ما يُعدُّ مشروعاً وما لا يشرع.
3- نماذج الاعتداء في الدُّعاء: صور وأمثلة على الاعتداء والأخطاء في الدُّعاء.
أهميَّةُ البحث:
قمتُ باختيار هذا الموضوع للأسباب التَّالية:
1- أهميَّةُ موضوع الاعتداء في الدُّعاء؛ خصوصاً مع كثرة الأدعية المخالفة للمشروع.
2- انتشارُ كتيِّبات ومطويَّات تَذْكُرُ أدعيةً لا أصلَ لها تجعل الناس يهجرون المشروع ويأخذون بها.
3- دراسة الأحكام الشَّرعية المرتبطة بهذه التَّجاوُزات وما يترتَّب عليها من مسائل تحتاج إلى تأصيل شرعيٍّ.
4- خُلُوُّ موضوع الاعتداء في الدُّعاء فيما اطَّلَعتُ عليه من دراسة علميَّة شاملة للموضوع.
الدِّراساتُ السَّابقة:
بعد الاطِّلاع والبحث لم أعثر على دراسة علميَّة تتناول هذا الموضوع شاملةً لعناصر هذه الخطَّة، وغالبُ الكتب والدِّراسات على الدُّعاء عموماً من جهة فضله، دون التَّركيز على الاعتداء والتَّجاوُز في الدُّعاء.
ثمَّ إنَّ الاعتداءَ في الدُّعاء لا يَزال يَظهر بصور متجدِّدة عمَّا كان عليه في السَّابق، ومن الدِّراسات والأبحاث السَّابقة ما تناولته كتبُ التَّفسير لقوله: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: 55].
وقد عثرتُ على دراسة بعنوان "الدُّعاء ومنـزلتُه في العقيدة الإسلامية" للشَّيخ جيلان العروسي، ومن خلال العنوان يتبيَّن أنَّ البحثَ يقتصر على الجانب العَقَديّ في الدُّعاء دون غيره، وبعد الاطِّلاع عليها تبيَّن لي أنَّه لم يتناول موضوع الاعتداء في الدُّعاء إلَّا باقتضاب شديد، وهو لا يخرج عن ضرب بعض الأمثلة.
وكذلك هناك كتابٌ بعنوان: "الأزهيةُ في أحكام الأدعية" لمحمَّد بن بهادر الزَّركشيّ، ذَكَرَ الاعتداءَ في الدُّعاء تحت أخطاء الدُّعاء، وذَكَرَ بعضَ الصُّوَر والنَّماذج وبعض القواعد.
وكذلك كتاب "الدعاء، مفهومه، أحكامه، أخطاء تقع فيه"، تَعَرَّضَ للاعتدال في الدُّعاء بشكل مختصر.
وهناك كتابٌ اسمُه "الدُّعاء" للإمام الحسين إسماعيل المحامدي تحقيق عمر عبد المنعم نَشَرَتْه مكتبةُ ابن تيمية عام 1414هـ؛ ولكنَّه تكلَّم عن أدعية السَّفَر وآدابه فقط، ولم يتعرَّض لموضوع الاعتداء في الدُّعاء.
كذلك هناك كتابٌ آخرُ اسمُه "شأن الدُّعاء" للخَطَّابيِّ تحقيق أحمد يوسف الدَّقاق نشرته دار المأمون للتُّراث، ط1404هـ، تكلَّم عمَّا يكره في الدُّعاء؛ كالسَّجع والتَّكَلُّف في الكلمات وغرابتها، وكذلك اللَّحن فيه، ولكن بشكل مختصر جدًّا.
كذلك هناك كتاب "الدُّعاء" للطَّبرانيِّ، تحقيق وتخريج الدُّكتور محمد سعيد محمد البخاري؛ وهو عبارةٌ عن رسالة علميَّة تقدَّم بها الباحثُ لنَيل درجة الدُّكتوراة من جامعة أمِّ القرى– مكَّة المكرَّمة- وقد طبعتْه دارُ البشائر 1407هـ، تكلَّم في كراهية السَّجع في الدُّعاء والاعتداء فيه، ثمَّ ذَكَرَ حديثَ سعد بن أبي وقَّاص عندما سمع ابنَه يدعو ويقول: "اللهمَّ إنِّي أسألك الجنَّةَ ونعيمَها وبهجتَها وأنهارَها وقصورَها..." الحديث.
كذلك هناك كتابُ الدُّعاء لمحمَّد بن فضل بن غزوان الضَّبِّيّ، تحقيق الدكتور عبد العزيز سليمان البعيمي، وهو يجمع الأحاديث الواردةَ في عمل اليوم واللَّيلة، ولم يتعرَّض لموضوع الاعتداء في الدُّعاء.
وهناك كتاب آخر باسم "فقه الأدعية والأذكار" للشَّيخ عبد الرَّزَّاق بن عبد المحسن البدر، نشرتْه دارُ ابن القَيِّم 1425هـ تعرَّض للاعتداء في الدُّعاء باقتضاب شديد.
وهناك كتابٌ آخر اسمُه "الدُّعاءُ في الإسلام" لسعيد الشَّيبانيّ، مكتبة دار المعرفة، ط1414هـ، لم يتكلم إلَّا عن الدُّعاء الشِّركيِّ فقط، ولم يتجاوزه إلى غيره.
وهكذا عامَّةُ كتب الدُّعاء من رسائل وبحوث؛ إنَّما تتكلَّم عن فضله والحثّ عليه وأسباب إجابة الدُّعاء وموانع إجابة الدُّعاء بدون التَّعَرُّض بعمق لموضوع الاعتداء في الدُّعاء.
أهدافُ البحث:
1- التعريف بالاعتداء في الدُّعاء.
2- توضيح نماذج وصور للاعتداء في الدعاء.
3- إيضاح الحكم الشرعي لهذه التجاوزات والاعتداءات في الدعاء.
4- بيان ضوابط الاعتداء.
5- ذكر نماذج من الدُّعاء الصَّحيح.
أسئلة البحث:
1- ما المراد بالاعتداء في الدعاء؟
2- ما هي صور ونماذج الاعتداء في الدعاء؟
3- ما الحكم الشرعي لهذا الاعتداء في الدعاء؟
4- ما هي ضوابط الاعتداء في الدعاء؟
5- ما هي نماذج الدعاء الصحيح؟
منهج البحث:
1- استقراءُ المعلومات المتعلِّقة بـ "الاعتداء في الدُّعاء" من مظانِّها من كتب ودوريَّات ونشرات وغيرها، وانتقاء ما يهمُّ البحث ممَّا تَمَّ جمعُه من معلومات، وترتيب أولويَّات الأخذ بالنُّصوص المجموعة.
2- تصنيف المعلومات المجموعة بما يتَّفق مع مخطَّط البحث، وتحليل هذه المعلومات المصنَّفة؛ تمهيداً للمقارنة والتَّرجيح.
3- عزوُ آيات القرآن الكريم ببيان اسم السُّورة ورقم الآية.
4- تخريج الأحاديث، وبيان درجتها–ما أمكن- إلَّا ما كان في الصَّحيحين أو في أحدهما فأكتفي بتخريجه.
5- توثيقُ النُّقولات والمذاهب والأقوال الواردة في البحث.
6- شرح المصطلحات والكلمات الغامضة في البحث والتي يغيب معناها عن غير المختصِّ من المثقَّفين.
7- عند ذكر آراء الفقهاء أبدأ– في الغالب- بقول الحنفيَّة ومن وافَقَهم، فالمالكيَّة، فالشافعية، فالحنابلة، مقتصراً عليهم، وقد أذكر آراءَ الظَّاهرية وبعض المجتهدين من الفقهاء.
8- أعقِّبُ عرضَ المسألة وأقوالَ الفقهاء وأدلَّتَهم بذكر الرَّاجح عندي، وقد أترك المسألةَ من غير ترجيح إذا لم يترجَّح عندي في المسألة قولٌ.
9- أُتَرجمُ للأعلام الوارد ذكرُهم في البحث ما عدا المشهورين.
10- عند الهوامش أذكر ترقيماً مستقلًّا لهوامش كلِّ صفحة في أسفلها.
11- في نهاية البحث أضع فهارس تشتمل على فهرس الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار، بالإضافة إلى فهرس المصادر والمراجع وفهرس الموضوعات.
خطَّةُ البحث:
عنوان البحث: الاعتداء في الدُّعاء ضوابط وصور ونماذج من الدُّعاء الصَّحيح.
المقدِّمة: وفيها بيانُ أهميَّة البحث وأسباب اختياري له، ومنهجي في إعداد هذا البحث.
تمهيد: ويتضمَّن المباحث التَّالية:
المبحث الأول: تعريفُ الدُّعاء.
المبحث الثَّاني: شروطُ الدُّعاء وآدابُه.
المبحث الثالث: إجابةُ الدُّعاء.
وفيه مطلبان:
المطلب الأوَّل: أسبابُ إجابة الدُّعاء.
المطلب الثاني: أوقات وأماكن وأوضاع يستجاب فيها الدُّعاء.
الباب الأول: حقيقةُ الاعتداء في الدُّعاء:
وفيه فصلان:
الفصل الأول: تعريفُ الاعتداء في الدُّعاء.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: تعريف الاعتداء في الدُّعاء في اللُّغة.
المبحث الثاني: تعريف الاعتداء في الدُّعاء في الاصطلاح.
الفصل الثاني: أنواعُ الاعتداء في الدُّعاء.
وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: الاعتداء في المعاني.
المبحث الثاني: الاعتداء في الألفاظ.
المبحث الثالث: الاعتداء في الهيئة والأداء.
المبحث الرابع: الاعتداء في الدعاء المكاني.
المبحث الخامس: الاعتداء في الدعاء الزماني.
الباب الثاني: الاعتداء في الدُّعاء في العبادة:
وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: الاعتداء في الدعاء في الصلاة.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الاعتداء في الدعاء في الصلاة المكتوبة.
المبحث الثاني: الاعتداء في الدعاء في الصلاة النافلة.
الفصل الثاني: الاعتداء في الدعاء في الحج.
وفيه مبحث واحد:
المبحث الأول: الاعتداء في الدعاء في الإحرام والطواف والسعي ويوم عرفة.
الفصل الثالث: الاعتداء في الدعاء في الصيام.
وفيه مبحث واحد:
المبحث الأول: الاعتداء في الدعاء في الإفطار والسحور.
الباب الثالث: نماذج من الدعاء الصحيح من الكتاب والسنة.
وفيه:
خاتمة: نتائج البحث وتوصياته.
الفهارس.
شكرٌ وتقديرٌ
هذا وإنِّي أحمد الله- سبحانه- على نعمه العظيمة التي لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى ثم أشكر والديَّ العزيزين وأعترف لهما في هذا المقام وغيره بالفضل والامتنان؛ فقد كان لهما الأثرُ الأكبرُ في حياتي، وأدعو لوالدي الدَّاعية الشَّيخ/ محمد بن حمود العقيليّ بالمغفرة والرّحمة.
وكان لأهل بيتي الفضل كذلك بعدَ الله في الإعانة والتَّشجيع وتوفير الجوِّ المناسب للاطِّلاع والبحث.
وكذلك أشكر أخي وزميلي الشيخ د. محمد الجريبه على توجيهاته وإرشاداته لي، وكذلك أخي الشيخ/ محمد البشير، وكذلك أخي الشَّيخ الدَّاعية مأمون عوض على جهودهما، كما أتضرَّع إلى الله- سبحانه- أن يجزيَ عنِّي فضيلة شيخي د. بابكر التُّرابي أفضلَ الجزاء، وأن يجزل مثوبتَه ويحسن عاقبتَه وينفع بعلمه ويباركَ في جهوده؛ فهو الذي قَبلَ الإشراف على هذا الموضوع بصدر رحب وتابَعَه؛ وذلك بقراءة فاحصة ونقد هادف وتوجيه سديد؛ فوجدتُ فيه خُلُقَ الأب الحاني، فَشَكَرَ اللهُ له وأعظم أجرَه.
وإنِّي أتقدَّم بالشُّكر الجزيل والدُّعاء الخالص بالتَّوفيق والسَّداد للمسؤولين في جامعة أم درمان ومعهد دراسات العالم الإسلاميِّ على ما أَوْلَوا التَّعليم العالي من خدمة وعناية.
وبالجملة أشكر كلَّ مَن أرشدني إلى ما يفيدني وأعانني على إتمام هذا البحث، وفي الختام أقدِّم هذا البحثَ وهو جهد المقلّ محاولةً منِّي في الإسهام في الدِّراسات العلميَّة الشَّرعيَّة غير ظانٍّ أن عملي هذا براءٌ من العيب والنَّقص، ولا أَدَّعي فيه الجود والإتقان؛ لعلمي بقلَّة بضاعتي وفتور الذِّهن.. واللهَ أسأل أن يكون حظِّي التَّوفيق والسَّداد، والحمدُ لله ربِّ العالمين...
تمهيد
تعريفُ الاعتداء في الدُّعاء
ويتضمَّن المباحث التَّالية:
المبحثُ الأوَّل: تعريفُ الدُّعاء.
المبحث الثاني: شروط الدعاء وآدابه.
المبحث الثالث: إجابة الدعاء.
ويحتوي على مطلبين:
المطلب الأول: أسباب إجابة الدعاء.
المطلب الثاني: أوقات وأماكن وأوضاع يستجاب فيها الدعاء.
تعريف الدعاء:
أصلُ كلمة الدعاء: مصدر من قولك: دعوتُ الشيء أدعوه دعاء.
أقاموا المصدرَ مقامَ الاسم: تقول سمعت دعاء. كما تقول: سمعت صوتاً. وكما تقول: اللهمَّ اسمع دعاء. وقد يوضَع المصدرُ موضع الاسم؛ كقولهم: رجل عدل﴿[3]).
وهو مأخوذٌ من مادة ﴿دعو) التي تدلُّ في الأصل على إمالة الشَّيء إليك بصوت وكلام يكون منك﴿[4]).
وقد ورد الدعاء في اللغة بعدَّة معان منها﴿[5]):
1- العبادة: ومنه قولُه تعالى: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. [يونس: 106].
2- الاستغاثة: ومنه قوله تعالى: ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. [البقرة: 23].
3- التوحيد: ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾. [الجن: 19].
4- النداء: ومنه قوله تعالى: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ﴾. [القمر: 10].
5- القول: ومنه قوله تعالى: ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾. [يونس: 10].
6- السؤال والطلب: ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾. [البقرة: 186].
7- الثَّناء: ومنه قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾. [الإسراء: 110].
تعريف الدُّعاء في الاصطلاح:
1- هو الرغبة إلى الله عز وجل.
2- قال الخطابي﴿[6]): "ومعنى الدعاء: استدعاء العبد ربَّه- عزَّ وجلَّ- العناية واستمداده إيَّاه المعونة﴿[7]).
وحقيقته: إظهار الافتقار إليه والتبرُّؤ من الحول والقوَّة؛ وهو سمة العبوديَّة واستشعار الذِّلَّة البشريَّة، وفيه من الثَّناء على الله- عزَّ وجلَّ- وإضافة الجود والكرم إليه سبحانه وتعالى﴿[8]).
وعرَّفه ابن القيم﴿[9]) بقوله: "هو طلب ما ينفع الدَّاعي، وطلب كشف ما يضرُّه، أو دفعُه﴿[10]).
وعرَّفه كذلك بأنَّه الابتهالُ إلى الله تعالى بالسُّؤال والرَّغبة فيها عنده من الخير والتَّضرُّع إليه في تحقيق المطلوب والنَّجاة من المرهوب﴿[11]).
وهو قول القائل: "يا الله يا رحمن يا رحيم" وما أشبه ذلك﴿[12]).
دعاءُ المسألة ودعاءُ العبادة:
كلُّ دعاء ورد في الكتاب والسُّنَّة فإنَّه يتناول نوعي الدُّعاء وهما دعاءُ المسألة ودعاءُ العبادة﴿[13]).
تعريفُ دعاء المسألة: هو أن يطلب الدَّاعي ما ينفعه وما يكشف ضُرَّه.
تعريف دعاء العبادة: هو شامل لجميع القربات الظاهرة والباطنة؛ لأنَّ المتعبِّدَ لله طالبٌ وداع بلسان مقاله ولسان حاله أن يتقبَّلَ اللهُ تلك العبادة والإثابة عليها.
تلازُمُ نوعي الدُّعاء:
من خلال ما مضى يتبيَّن لنا أنَّ نوعي الدُّعاء متلازمان؛ ذلك أنَّ اللهَ- عزَّ وجلَّ- يُدعَى لجلب النَّفع ودفع الضُّرّ دعاءَ مسألة، ويُدعَى خوفاً ورجاءً دعاءَ العبادة؛ فعُلم أنَّ النَّوعين متلازمان؛ فكلُّ دعاء عبادة مستلزمٌ لدعاء مسألة، وكلُّ دعاء مسألة متضمِّنٌ لدعاء العبادة﴿[14]).
المبحث الثاني
شروطُ الدُّعاء وآدابُه
إنَّ آدابَ الدُّعاء وما ينبغي أن يتَّصف به الدَّاعي من الصِّفات والأحوال كثيرةٌ جدًّا، وقد توسَّعَ العلماء في ذكر ذلك؛ حيث ذكروا الآدابَ التي يَنبغي للدَّاعي أن يَلتزم بها وبيَّنوا ما في ذلك من الأسرار والحكم؛ كما بيَّنوا كلَّ خصلة من خصال تلك الآداب، وبيَّنوا دليلَها من الكتاب والسُّنَّة وآثار السَّلَف، كما بيَّنوا أوقات الدُّعاء التي تُرجى فيها الإجابة والأماكن الفاضلة التي هي أرجى من غيرها، وبيَّنوا الأحوال والأوصاف التي هي أرجى من غيرها، كما بيَّنوا ألفاظ الأدعية الواردة المطلَقة منها والمقيَّدة وابتهالات وعبر ودروس وتنـزيه وتقديس الله تعالى، وكذلك بَيَّنوا ما يتعلَّق بالإجابة، وما يَلزم لها وموانعها﴿[15]).
فكلُّ ما عدَّه العلماءُ من الشُّروط هو في الحقيقة آداب وليس شروطاً؛ وذلك لأمور:
1- أنَّه لا ينطبق عليها حدُّ الشَّرط المصطلَح عليه؛ وهو ما يَلزم من عَدَمه العدمُ، ولا يَلزم من وجوده وجود؛ لأنَّ عدمَ هذه الشُّروط لا يَلزم منه بطلانُ الدُّعاء.
2- أنَّ العلماء لم يتَّفقوا على تسميتها شروطاً؛ فسمَّاها بعضُهم آداباً وسنناً وبعضهم سمَّاها أركاناً﴿[16]).
وهذه الشّروط هي:
1- التَّوحيد: شرطُ الدَّاعي أن يكونَ عالماً بأنَّه لا قادرَ على حاجته إلَّا الله، وأنَّ الأمرَ بيده، وأن يكون موحِّدًا لله في ربوبيَّته وأسمائه وصفاته؛ قال تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾. [النمل: 62]، وأن لا يدعو إلَّا الله؛ فلا يجوز له أن يَسألَ غيرَ الله، أو أن يدعوَ غيرَه معه؛ قال تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾. [الجن: 18].
2- الإخلاص في الدعاء: وهو من أهمِّ هذه الآداب وأوكدها؛ لأنَّ عدمَ إخلاص الدُّعاء لله تعالى تارةً يكون شركاً صريحاً مخرجاً عن الملة، وقد يكون شركاً أصغر؛ فيكون الدُّعاء محبطاً لا يمكن قبوله واستجابته.
وقد أمر الله- تعالى- بالإخلاص في الدُّعاء فقال: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [غافر: 14].
وقال تعالى: ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: 65].
وقال- عَزَّ من قائل: ﴿وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ [الأعراف: 29].
وقال الحافظُ ابن حجر﴿[17])- رحمه الله: وقد دلَّت الآية- يعني بها قوله تعالى: ﴿فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: 65]- أنَّ الإجابة مشترَطةٌ بالإخلاص﴿[18]).
وقال ابنُ مسعود- رضي الله عنه: "إنَّ الله لا يقبل من مسمع، ولا مراء، ولا لاعب، ولا داع إلَّا داعياً دعاء ثبتاً من قلبه"﴿[19]).
3- المتابَعةُ للرَّسول - صلى الله عليه وسلم - في دعائه: فإنَّ الدُّعاءَ عبادة توقيفيَّة؛ فَيَنبغي للدَّاعي أن يدعوَ ربَّه بالأدعية المشروعة الواردة في الكتاب والسُّنَّة، أو على الأقل ألَّا يصادم الأدعية المشروعة بالأدعية البديعة.
4- إطابة المطعم: وهو من شروط إجابة الدُّعاء؛ قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 27]، وكما في الحديث الذي رواه مسلم: «إنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقبل إلَّا طَيِّباً»، ثمَّ ذَكَرَ الرَّجلَ يُطيل السَّفَرَ أشعث أغبر يمدُّ يديه إلى السَّماء: يا رب، يا رب. ومطعمُه حرام، ومشربُه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّيَ بالحرام؛ فأنَّى يُستجاب لذلك». فقد ردّت دعوة هذا الرجل مع أنَّه قد توفَّرت فيه أسباب الإجابة من التَّبذُّل ورفع الأيدي، وطولُ السَّفَر هو مظنَّةُ انكسار النَّفس بطول الغربة عن الأوطان وتحمُّل المشاقّ.
5- عدمُ الاعتداء في الدُّعاء: قال تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾. [الأعراف: 55]، وسيأتي تفصيل ذلك في الباب الأول إن شاء الله تعالى.
6- ألَّا يشغل الدُّعاء عن أمر واجب أو فريضة حاضرة: كأن يشتغل بالدعاء عن صلاة حاضرة أو أن يترك القيام بحق الضيف أو أن يدع خدمة الوالدين.
وقد قيل: شرائطُ الدُّعاء أربعة:
* حفظ القلب عند الوحدة.
* حفظ اللِّسان مع الخلق.
* حفظ العين عن النَّظر إلى ما لا يحل.
* وحفظ البطن عن الحرام﴿[20]).
7- حضور القلب عند الدُّعاء: فلابدَّ للدَّاعي أن يكون حاضرَ القلب متفهِّماً لما يقول مستشعراً عظمة مَن يدعوه؛ إذ لا يليق بالعبد الذَّليل أن يخاطبَ ربَّه ومولاه بكلام لا يعيه هذا الدَّاعي، وبجمل قد اعتاد تكراره دون فهم لفحواها، أو تجري على لسانه هكذا على سبيل العادة والاسترسال؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «واعلموا أنَّ اللهَ لا يَستجيب دعاءً من قلب لاه»﴿[21])، قال الإمام النَّوَويّ﴿[22]): "وأعلم أنَّ مقصودَ الدُّعاء هو حضورُ القلب كما سبق بيانه، والدَّلائلُ عليه أكثرُ من أن تُحصَر، والعلم به أوضح من أن يذكر"﴿[23]).
آدابُ الدُّعاء:
كما أنَّ للدعاء شروطاً فكذلك له آداب يحسن توافرها كي يكون الدعاء على الوجه المطلوب، فيرجى قبوله.
قال الطرطوشي﴿[24]): "اعلموا- أرشدكم الله- أنَّ للدعاء آداباً مشروعة وشروطاً مفروضة؛ فمن وفَّى وفِّي له، ومَن لزم تلك السِّيرة على شروط الأدب أو شَكَّ نيل ما سأل، ومَن أخلَّ بالآداب استحقَّ ثلاثة خلال: المقت والبعد والحرمان"﴿[25]):
1- الثَّناء على الله قبل الدُّعاء والصَّلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -: فعن فضالة بن عبيد قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد إذ دخل رجل فصلى فقال: اللهم اغفر لي، وارحمني. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله، وصل علي ثم ادعه». ثمَّ صلَّى رجلٌ آخر بعد ذلك، فحمد الله، وصلَّى على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيها المصلي ادع تجب»﴿[26]). وقال - صلى الله عليه وسلم -: «كل دعاء محجوب، حتى يصلى على النبي»﴿[27]). وهكذا دعاء ذي النون عليه السَّلام قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «دعوة أخي ذي النون ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربته: لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين». وفي الترمذي: «دعوة أخي ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: ﴿لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)؛ فإنَّه لم يَدْعُ بها مسلمٌ قطُّ إلَّا استجاب له»﴿[28]).
وهكذا عامَّة الأدعية النَّبوية على قائلها أفضل الصلاة والسلام؛ فالدُّعاء الذي تقدَّمه الذِّكر والثناء أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدُّعاء المجرَّد؛ فإن انضاف إلى ذلك إخبارُ العبد بحاله ومسكنته وافتقاره واعترافه كان أبلغَ في الإجابة وأفضل﴿[29]).
2- الإقرارُ بالذَّنب والاعترافُ بالخطيئة: وهذا واضحٌ بيِّنٌ في سيِّد الاستغفار؛ قال شيخ الإسلام﴿[30]): "العارف يسير إلى الله بين مشاهدة المنَّة ومطالعة عيب النَّفس والعمل". وهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «سيِّدُ الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت»﴿[31])". فجمع في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أبوء بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي». مشاهدة المنَّة ومطالعة عيب النفس والعمل.اهـ
فمشاهدةُ المنَّة توجب له المحبة والحمد والشكر لولي النعم والإحسان، ومطالعة عيب النفس والعمل توجب له الذل والانكسار والافتقار والتوبة في كل وقت، وأن لا يرى نفسه إلا مفلسا، وأقرب باب دخل منه العبد على الله تعالى هو الإفلاس فلا يرى لنفسه حالا ولا مقاما ولا سببا يتعلق به ولا وسيلة منه يمن بها؛ بل يدخل على الله تعالى من باب الافتقار الصرف، والإفلاس المحض، دخول من كسر الفقر والمسكنة قلبه حتى وصلت تلك الكسرة إلى سويدائه فانصدع، وشملته الكسرة من كل جهاته، وشهد ضرورته إلى ربه عز وجل، وكمال فاقته وفقره إليه﴿[32])؛ فإنَّ كلَّ داع هذا حاله لَحَريٌّ أن يستجاب له.
3- تقديم العمل الصالح قبل الدعاء: قال تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ [الشرح: 7-8].
أي: إذا فرغتَ من صلاتك فاجهد نفسَك بالدُّعاء وسله حاجتَك"﴿[33]).
وقال عبد الله بن عمر: "إذا أردت أن تدعو فقدِّم صدقة أو صلاة أو خير ثم ادع بما شئت". وهذا من الآداب؛ أن يقدِّم بين يدي نجواه صدقة﴿[34]).
4- الإلحاح والتّكرار وعدم الضَّجر والملل: ويحصل الإلحاح بتكرار الدعاء مرتين وثلاثا وأكثر للحديث؛ حيث ورد ما يدلُّ على تكريره - صلى الله عليه وسلم - للدُّعاء ثلاث مرات؛ فقد رَوَى ابنُ مسعود- رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا﴿[35]).
وَوَقَعَ في حديث عائشة- رضي الله عنها- في قصَّة سحره - صلى الله عليه وسلم -: «فدعا ثم دعا ثم دعا»﴿[36]).
5- الدعاء في الرخاء والإكثار منه في وقت اليسر والسَّعة: إنَّ من شأن العبد الصَّالح أن يُلازمَ الدُّعاءَ في حالتي الرَّخاء والشِّدَّة، وأما غير الصالح فإنَّه لا يلتجئ إلى الله تعالى إلَّا في وقت الشِّدَّة ثم ينساه؛ وهذا شأن أكثر النَّاس إلَّا من عصمه الله؛ فقد ذكر الله تعالى هذه الطَّبيعة البشريَّة في عدَّة آيات من كتابه العزيز؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾ [يونس: 12].
وقال عزَّ من قائل: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الزمر: 8].
وقال جل جلاله: ﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ﴾ [فصلت: 51].
فقد بَيَّنَ الله في هذه الآيات وأمثالها طبيعةَ ابن آدم في الالتجاء إلى الله في الشَّدائد ونسيانه في الرَّخاء، كما بيَّن في آيات أخر مثالاً واقعيًّا من تلك الطَّبيعة البشريَّة فذكر حالة الذين تضطرب بهم السُّفُن وتتلاطم بهم الأمواج، وأنَّهم يخلصون في هذه الحالة؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 67]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ [لقمان: 32].
والذي ينبغي أن يكون عليه المسلم أن يُلازمَ الدُّعاءَ في الرَّخاء والشِّدَّة؛ وذلك أسرعُ في إجابة دعائه، كما ورد في حديث ابن عبَّاس المشهور: «تعرَّف إلى الله في الرَّخاء يعرفك في الشِّدَّة»﴿[37]).
والمرادُ بالمعرفة المطلوبة من العبد في الحديث هي "المعرفة الخاصَّة التي تقتضي ميل القلب إلى الله بالكلِّيَّة والانقطاع إليه والأنس به والطّمأنينة بذكره والحياء منه والهيبة له"﴿[38])، ومن المعرفة الخاصَّة التي تقتضي محبَّته لعبده وتقريبه إليه وإجابته لدعائه وإنجاءه من الشَّدائد؛ وهي المشار إليها بقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي عن ربِّه: «ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه». وفي رواية: «ولئن دعاني لأجيبنَّه»﴿[39]).
وفي الجملة فمَن عامل الله بالتَّقوى والطَّاعة في حال رخائه عامله اللهُ باللُّطف والإعانة في حال شدَّته.
ومن الأحاديث الدَّالَّة على سرعة إجابة دعاء مَن يلازم الدُّعاء في الرَّخاء ما رواه أبو هريرة- رضي الله عنه- مرفوعاً: «مَن سَرَّه أن يستجيب الله له عند الشَّدائد والكرب فليُكثر الدُّعاء في الرَّخاء»﴿[40]).
6- استقبالُ القبلة: وذلك لأنَّ القبلةَ هي الجهة الفاضلة التي ينبغي أن يُتَّجَهَ إليها في العبادات، وهي أيضاً قبلةٌ للدُّعاء كما أنَّها قبلةٌ للصَّلوات، وقد وَرَدَ في ذلك عدَّة أحاديث؛ من ذلك حديث ابن مسعود- رضي الله عنه- في إلقاء قريش الأذى على ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلِّي؛ وفيه: «استقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبة فدعا على نفر من قريش»﴿[41]).
وحديث عبد الله بن زيد- رضي الله عنه- في الاستسقاء؛ قال: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى المصلَّى يصلِّي، وإنَّه لما دعا أو أراد أن يدعو استقبل القبلة وحوَّل رداءه»﴿[42]).
7- الطهارة: وهذا من الآداب التي يَنبغي للدَّاعي أن يتَّصف بها؛ فاللائق بمن يريد خطاب الله ومناجاته أن يكون على أحسن الأحوال؛ ومن ذلك الطَّهارة الظَّاهرة بالوضوء والطَّهارة الباطنة بالتَّوبة والاستغفار؛ حتى يكون مؤهَّلاً لخطاب الله تعالى ومناجاته.
وقد ورد ما يدلُّ على استحباب الوضوء للدُّعاء في حديث أبي موسى الأشعريّ في قصّة استشهاد أبي عامر وطلبه من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الاستغفارَ؛ فلمَّا وصل إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وفاته وطلبه منه الاستغفار دعا بماء فتوضَّأ ثم دعا له﴿[43]).
8- السّواك: ووجه ذلك أنَّ الدُّعاء عبادة باللِّسان؛ فتنظيف الفم عند ذلك أدب حسن، ولهذا جاءت السُّنَّةُ المتواترة بمشروعيَّة السِّواك للصَّلاة، والعلَّةُ في ذلك تنظيفُ المحلِّ الذي يكون الذِّكرُ به في الصَّلاة﴿[44]).
9- رفع اليدين: قال أبو موسى الأشعريّ- رضي الله عنه: ﴿دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم رفع يديه، ورأيت بياضَ إبطيه)﴿[45]).
وقال ابنُ عمر- رضي الله عنه: ﴿رفع النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يديه وقال: «اللهمَّ إنِّي أبرأ إليك ممَّا صَنَعَ خالد»﴿[46]).
وعن سلمان الفارسيّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ ربَّكم– تبارك وتعالى- حييّ كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردَّها صفراً خائبتين»﴿[47]).
10- الطُّموح وعُلُوُّ الهمَّة: فمن الآداب التي يحسن بالدَّاعي أن يتحلَّى بها أن يكون طموحاً، ذا نفس كبيرة وهمَّة عالية راغباً فيما عند الله من عظيم الثَّواب﴿[48])؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليعزم المسألة وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه»﴿[49]).
المبحث الثالث
إجابةُ الدُّعاء
أجاب الله دعاءه إجابةً: المصدر الإجابة والاسم الإجابة؛ كالطَّاعة، واسم الفاعل: المجيب؛ قال تعالى: ﴿قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾. وقال تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾. [آل عمران: 195]﴿[50]).
أنواع الإجابة:
قد ذكرنا أنَّ الدُّعاءَ يَنقسم إلى نوعين: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، وكذا الاستجابة تتنوَّع إلى نوعين: فلكلِّ نوع من الدُّعاء نوعٌ من الاستجابة يناسبه؛ فاستجابةُ دعاء العبادة بإعطاء الثَّواب والأجر، واستجابة دعاء المسألة بإعطاء المسؤول.
قال ابن القيم: ﴿الاستجابة أيضاً نوعان: استجابةُ دعاء الطَّالب بإعطائه سؤالَه واستجابة دعاء المثنيّ بالثَّواب، وبكلِّ واحد من النَّوعين فُسِّرَ قولُه تعالى: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: 186]، والصَّحيح أنَّه يعمُّ النَّوعين﴿[51]).
والاعتقادُ بعدم خلف الله لوعده هو عقيدةُ المؤمن الصَّادق، وإن الله إذا وعد فإنَّه لا يخلف الميعاد؛ فهو أكرمُ الأكرمين وأجودُ الأجودين.
لكن يثورُ هنا سؤالٌ كبيرٌ وهو: لماذا لا يَستجيب اللهُ لكلِّ أحد دعاه؟
فالجوابُ ما ذهب إليه جمهورُ أهل العلم: أنَّ الدُّعاءَ إذا استجمع شروطَه وآدابَه لا يُرَدّ؛ ولكن الإجابة تتنوَّع؛ فإمَّا أن يُعطَى السَّائلُ عينَ ما سأل، وإمَّا أن يعوِّضَه بما هو أولى له عاجلاً أو آجلاً؛ بأن يرفع عنه من السُّوء مثلَها، أو يدَّخرَ له في الآخرة خيراً ممَّا سأل؛ لحديث أبي سعيد الخدريّ: «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن يعجل له دعوته وإما أن يؤخرها له في الآخرة، وإما أن يكف عنه من الشر مثلها». قالوا: إذاً نُكْثر. قال: «الله أكثر»﴿[52]).
المطلبُ الأوَّلُ: أسباب إجابة الدعاء
1- الإخلاص لله– عزَّ وجلَّ- حالَ الدُّعاء: فهو السَّببُ الأعظمُ لإجابة الدُّعاء؛ فكلَّما اشتدَّ الإخلاصُ وقوي كانت الإجابةُ أولى وأحرى.
قال ابنُ عقيل﴿[53])- رحمه الله: ﴿يقال: لا يُستجاب الدُّعاء بسرعة إلَّا لمخلص أو مظلوم)﴿[54]).
2- قوَّةُ الرَّجاء، وشدَّةُ التَّحرِّي في انتظار الفرج: فكلَّما قوي الرَّجاء واشتدَّت الحاجة، وتطلَّعت النُّفوس للإجابة، وبلغ بها انتظار الفرج ذُرْوتَه كلَّما جاء الفرجُ.
قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة»﴿[55])، وقال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «أنا عند ظنِّ عبدي بي»﴿[56])؛ فاليقين بإجابة الله لدعائه وحسن الظَّنِّ به من أسباب الإجابة.
قال الشَّاعرُ:
وإنِّي لأرجو الله حتى كأنَّني | أرى بجميل الظَّنِّ ما الله صانع﴿[57]) |
3- التَّوبة وردُّ المظالم: كما قال– تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح: 10- 12]؛ أي ارجعوا إليه وارجعوا عمَّا أنتم فيه وتوبوا إليه من قريب؛ فإنَّه مَن تاب إليه تاب عليه، ولو كانت ذنوبه مهما كانت في الكفر والشِّرك﴿[58]).
4- اغتنام الفرص: وذلك بتحرِّي أوقات الإجابة، والمبادرة لاغتنام الأحوال والأوضاع والأماكن التي هي مظانُّ إجابة الدُّعاء.
5- 6- 7: بر الوالدين والبعد عن الفواحش وردُّ الأمانة: والدَّليل في ذلك قصَّة أصحاب الغار؛ فعن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما ثلاثة نفر ممَّن كان قبلكم إذ أصابهم مطر، فأووا إلى غار فانطبق عليهم، فقال بعضُهم لبعض: إنَّه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلَّا الصِّدق؛ فليدعُ كلُّ رجل منكم بما يعلم أنَّه قد صَدَقَ فيه.
فقال واحد منهم: اللهمَّ إن كنتَ تعلم أنَّه كان لي أجير عَمِلَ لي على فَرَقٍ﴿[59]) من أرزّ فذهب وتركه، وأنِّي عَمَدْتُ إلى ذلك الفرق فزرعته، فصار من أمره أنِّي اشتريتُ منه بقراً، وأنَّه أتاني يطلب أجرَه، فقلت له: اعمد إلى تلك البقر فسُقها، فقال لي: إنَّما لي عندك فرق من أرز. فقلت له: اعمد إلى تلك البقر؛ فإنها من ذلك الفرق، فساقها؛ فإن كنت تعلم أنِّي فعلتُ ذلك من خشيتك ففرِّج عنَّا. فانساخت﴿[60]) عنهم الصخرة.
فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي، فأبطأت عنهما ليلة، فجئت وقد رقدا، وأهلي وعيالي يتضاغون﴿[61]) من الجوع، وكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي، فكرهت أن أوقظهما، وكرهت أن أدعهما فَيَسْتَكِنَّا﴿[62]) لشربتهما، فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر؛ فإن كنت تعلم أنِّي قد فعلت ذلك من خشيتك ففرِّج عنا. فانساخت عنهم الصَّخرة حتى نظروا إلى السماء.
فقال الآخر: اللهم إن كنتَ تعلم أنَّه كان لي ابنة عمّ من أحبّ الناس إليّ، وإنّي راودتها عن نفسها فأبت إلّا أن آتيها بمائة دينار، فطلبتها حتى قدرت، فأتيتها بها، فدفعتها إليها، فأمكنتني من نفسها، فلما قعدت بين رجليها فقالت: اتق الله، ولا تفض﴿[63]) الخاتم إلا بحقِّه، فقمت وتركتُ المائة دينار؛ فإن كنت تعلم أنِّي فعلت ذلك من خشيتك ففرِّج عنَّا. ففرَّجَ اللهُ عنهم فخرجوا»﴿[64]).
8- الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر: فهذا من أعظم أسباب إجابة الدُّعاء؛ لأنَّه من أعظم الأعمال الصَّالحة، ولأنَّ تَرْكَه موجبٌ لردِّ الدُّعاء وعدم الإجابة؛ فعن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده لَتَأَمُرُنَّ بالمعروف وَلَتَنْهَوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ اللهُ أن يبعثَ عليكم عقاباًً منه، فتدعونه فلا يُسْتَجاب لكم»﴿[65]).
وجاء في الحديث عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «لتأمرنَّ بالمعروف ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكر، أو ليُسَلِّطَنَّ الله عليكم شرارَكم فيدعو خيارُكم، فلا يُستجابُ لهم»﴿[66]).
9- العمل الصالح: فهو سبب لرفع الدُّعاء وتَقَبُّله؛ فالدُّعاءُ من الكلم الطَّيِّب، والكلمُ الطَّيِّبُ يَصعد إلى الله، ويحتاج إلى عمل صالح يرفعه؛ قال تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾. [فاطر: 10].
قال وهب بن منبه﴿[67])- رحمه الله: ﴿مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير
وتر). وعنه قال: العمل الصالح يبلغ الدعاء. ثم تلا هذه الآية﴿[68]).
قال ابنُ القيِّم- رحمه الله: ﴿والأدعيةُ والتَّعَوُّذات بمنـزلة السِّلاح، والسِّلاحُ بضاربه؛ لا بحدِّه فقط؛ فمتى كان السِّلاحُ سلاحاً تامًّا لا آفةَ به والساعد ساعداً قويًّا، والمانع مفقوداً، حصلت النِّكايةُ في العدوِّ، ومتى تخلَّف واحدٌ من هذه الثَّلاثة تخلَّف التَّأثير؛ فإن كان في نفسه غير صالح أو الدَّاعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدُّعاء، أو كان ثمَّ مانع من الإجابة، لم يَحْصُل الأثرُ)﴿[69]).
المطلب الثَّاني: أوقات وأماكن وأوضاع يُستجاب فيها الدُّعاء﴿[70]):
1- الدُّعاء في جوف اللَّيل ووقت السَّحَر: قال- تعالى- في وصف عباده المؤمنين: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذَّاريات: 18].
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَنـزل ربُّنا – تبارك وتعالى- كلَّ ليلة إلى السَّماء الدُّنيا حين يبقى ثلثُ اللَّيل الآخر يقول: مَن يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له»﴿[71]).
2- دُبُر الصَّلوات المكتوبات: عن أبي أُمامة الباهليّ- رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله، أيُّ الدُّعاء أسمع؟ قال: «جوفُ اللَّيل الآخر، ودُبُر الصَّلوات المكتوبات»﴿[72]).
قال ابنُ القَيِّم- رحمه الله: ﴿دُبُرُ الصَّلاة يُحتَمَلُ قبل السَّلام وبعده، وكان شيخُنا– يعني ابن تيمية- يرجِّحُ أن يكون قبل السَّلام، فراجعتُه فيه فقال: دُبُرُ كلِّ شيء منه كدُبُر الحيوان)﴿[73]).
3- بين الأذان والإقامة: عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدُّعاءُ لا يُرَدُّ بين الأذان والإقامة فادعوا»﴿[74]).
4- عند النِّداء للصَّلوات المكتوبة: عن سهل بن سعد﴿[75]) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثنتان لا تردَّان- أو قَلَّما تُرَدَّان- الدُّعاء عند النِّداء... الحديث»﴿[76]).
5- عند نزول الغيث: فعن سهل بن سعد- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اثنتان ما تردَّان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر»﴿[77]).
6- ساعة من الليل: قال- عليه الصَّلاةُ والسَّلام: «إنَّ في اللَّيل ساعة لا يوافقها رجلٌ مسلمٌ يسأل الله خيراً من أمر الدُّنيا والآخرة إلَّا أعطاه إيَّاه؛ وذلك كلّ ليلة»﴿[78]).
7- السّاعة التي في يوم الجمعة: عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر يوم الجمعة فقال: «فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ قائمٌ يصلِّي يسأل الله- تعالى- شيئاً إلَّا أعطاه إيَّاه». وأشار بيده يقلِّلُها﴿[79]). وأرجَحُ الأقوال أنَّها بعدَ العصر.
8- عند شرب ماء زمزم: عن جابر- رضي الله عنه- عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «ماءُ زمزم لما شُربَ له»﴿[80]).
9- في السُّجود: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أقربُ ما يكون العبدُ من ربِّه وهو ساجد، فأكثروا الدُّعاء»﴿[81]).
10- الدُّعاءُ يوم عرفة: قال- عليه الصَّلاةُ والسَّلام: «خيرُ الدُّعاء دعاءُ يوم عرفة»﴿[82]).
11- في حال دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب: عن أبي الدَّرداء- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل»﴿[83]).
12- دعاء المضطر: فالله– تبارك وتعالى- يُجيب المضطرَّ إذا دعاه؛ قال تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ [النمل: 62].
13- دعاء المظلوم: كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ- رضي الله عنه- عندما بَعَثَه إلى اليمن: «واتَّق دعوة المظلوم؛ فإنَّه ليس بينها وبين الله حجاب»﴿[84]).
14- دعاء المسافر: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده»﴿[85]).
15- دعاء الوالد لولده: قال - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث دعوات لا تُرَدّ. وذَكَرَ منها: دعوةَ الوالد لولده»﴿[86]).
الباب الأول
حقيقة الاعتداء في الدُّعاء
وفيه فصلان:
الفصل الأول: تعريف الاعتداء في الدعاء.
الفصل الثاني: أنواع الاعتداء في الدعاء.
الفصل الأول
تعريف الاعتداء في الدُّعاء
وفيه مبحثان:
المبحث الأوَّل: تعريف الاعتداء في الدُّعاء لغةً.
المبحث الثاني: تعريفُ الاعتداء في الدُّعاء في الاصطلاح.
المبحث الأول
تعريف الاعتداء في الدُّعاء في اللُّغة
قال الراغب: أصل العَدو التَّجاوُزُ.
وعن ابن سيِّده: وعدوى: ظلمه ظلماً جاوَزَ فيه القدرَ.
وقيل: العدوان أسوأ الاعتداء في قوة أو فعل أو حال. ومنه قولُه تعالى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا﴾ [النساء: 30]، وقوله تعالى: ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾. أي معتدون. ﴿لتعدى واعتدى وأعدى)، ومن الأخير: أعديتَ في منطقك: أي جُرْتَ. كما في الصِّحاح.
قال الرَّاغبُ: الاعتداءُ مجاوَزَةُ الحقّ؛ قد يكون على سبيل الابتداء؛ وهو النهي عنه، ومنه قولُه تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: 55]﴿[87]). وعدا: جاوزه وتركه.
عدا فلان عدواً وعدوًّا وعدواناً: أي ظَلَمَ ظلماً جاوز فيه القدرَ. ويقال: عديته فتعدَّى: أي: تجاوز. وقولُه: فلا تعتدوها: أي لا تجاوزوها إلى غيرها. ومنه قوله: هم العادون. أي: المجاوزون ما حُدَّ لهم وأمروا به. وأصلُ هذا كلمة: مجاوَزَة الحدّ والقدر والحق؛ يقال: تعدَّيتَ الحقَّ واعتديته وعدوته: أي جاوزتَه، وفي الحديث: «سيكون قوم يعتدون في الدعاء». هو الخروج فيه عن الوضع الشَّرعيِّ والسُّنَّة المأثورة، وقوله: إنَّه لا يحبُّ المعتدين. المعتدون: المجاوزون ما أمروا به﴿[88]).
والتَّعَدِّي: مجاوَزةُ الشَّيء إلى غيره. يقال: عداه تعدية فتعدَّى: أي تجاوز﴿[89]).
العداء- بالفتح والمدّ: الظُّلمُ وتجاوُزُ الحدّ، ومنه حديث: «سيكون قوم يعتدون في الدعاء»، وهو الخروجُ فيه عن الوضع الشَّرعيِّ والسُّنَّة المأثورة﴿[90]).
نخلص مما سبق أنَّ تعريفَ الاعتداء في الدُّعاء لغةً هو مجاوَزةُ الحدّ فيه.
المبحث الثَّاني
تعريفُ الاعتداء في الدُّعاء في الاصطلاح
* قال ابنُ القيِّم: الاعتداءُ في الدُّعاء هو كلُّ سؤال يناقض حكمةَ الله، ويتضمَّن مناقَضَة شرعه وأمره، أو يتضمَّن خلاف ما أخبر به؛ فهو اعتداءٌ لا يحبُّه الله ولا يحبُّ سائلَه، وفُسِّرَ الاعتداءُ برفع الصَّوت أيضاً في الدُّعاء؛ قال ابنُ جرير: من الاعتداء رفعُ الصَّوت في الدُّعاء، والنِّداء في الدُّعاء والصِّياح﴿[91]).
* قال ابنُ الجوزيّ في زاد المسير في علم التّفسير: ﴿إنَّ الاعتداءَ في الدُّعاء فيه ثلاثة أقوال:
1- أن يدعو على المؤمنين بالشَّرِّ؛ كالخزي واللَّعنة.
2- أن يسأل ما لا يستحقُّه من منازل الأنبياء.
3- إنَّه الجهر في الدُّعاء.
* وعرَّفه الكلبيُّ وابن جريح بأنَّه رفعُ الصَّوت بالدُّعاء والصِّياح﴿[92]).
* وقيل هو اختراع دعوة لا أصل لها في الشَّرع.
* وقيل الاعتداء هو أن يسأل الله ما لم تجر سنَّتُه بإعطائه أو إيجاده أو تغييره.
* والاعتداء: هو تجاوُزُ الحدِّ الذي حدَّه الله لعبده في دعائه ومسألته ربَّه﴿[93]).
* الاعتداءُ هو تجاوُزُ الحدِّ الذي حدَّه الله لعباده إلى غيره، وكلُّ ما تَجاوَزَ حدَّ شيء إلى غيره فقد تعدَّاه إلى ما جاوَزَه إليه﴿[94]).
نَخْلُصُ ممَّا سَبَقَ إلى أنَّ تعريفَ الاعتداء في الدُّعاء اصطلاحاً هو: تَجَاوُزُ الحدّ الشَّرعيّ في الدُّعاء معنى أو لفظاً أو أداءً وهيئةً.
الفصل الثاني
أنواع الاعتداء في الدُّعاء
وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: الاعتداء في المعاني.
المبحث الثاني: الاعتداء في الألفاظ.
المبحث الثالث: الاعتداء في الهيئة والأداء.
المبحث الرابع: الاعتداء في الدعاء المكاني.
المبحث الخامس: الاعتداء في الدعاء الزماني.
قبل الدخول في هذا الموضوع يَحسن أن أشيرَ إلى أنَّ الاعتداءَ في الدُّعاء تتفاوت مراتبُه؛ فهو ليس على مرتبة واحدة؛ فمنه ما يَدْخُلُ في الشِّرك الأكبر، ومنه ما هو محرَّم، ومنه ما هو مكروه.
والاعتداءُ في الدُّعاء قد يكون في الألفاظ أو المعاني أو الهيئة والأداء أو الزمان أو المكان على ما سيأتي بيانُه إن شاء الله.
ويَحسن بي أن أقفَ عند نقطة مهمَّة؛ وهي أنَّ بعضَ الناس لا يَقبلون معنى الاعتداء في الدُّعاء بحجَّة أنَّ اللهَ على كلِّ شيء قدير، وأنَّه مهما دعا الإنسان فإنَّ اللهَ قادرٌ على أن يُجيبَ دعوتَه.
والجواب أنَّ اللهَ قد وَضَعَ لنا سنناً وقوانين كونيَّة وشرعيَّة لا يجوز لنا أن نتعدَّاها؛ فاللهُ قادرٌ على أن يأتي بالولد من غير وطء؛ ﴿مثل عيسى عليه السَّلام)؛ لكنها سنَّةُ الله في الاستيلاد؛ أنَّه لابدَّ من وطء، وكذلك اللهُ قادرٌ على أن يَرزق الإنسانَ وهو في قعر بيته لم يكتسب؛ لكن سنَّة الله في الاسترزاق هي الكسب؛ ﴿لذلك فلا يطلب أحد من ذوي الألباب وقوع المسبَّب من غير سبب؛ لما فيه من سوء الأدب)﴿[95]).
المبحث الأول
الاعتداءُ في المعاني
وضابطُه: أن تتضمَّن هذه الأدعية معاني محرَّمةً أو مكروهةً:
1- الدُّعاء بلفظ اللَّهمَّ أُمَّني بكذا أو صلِّ عليّ. ونحو ذلك؛ وهذه الألفاظُ وإن كان في ظاهرها لا بأس بها لكنَّها تحمل معنى سيِّئًا لا يسوَّغُ الدُّعاء به؛ قال ابنُ القَيِّم: ﴿ولا يُسَوَّغُ ولا يَحسن في الدُّعاء أن يقول العبد: اللهمَّ أُمَّني بكذا. بل هذه مستكره في اللفظ والمعنى؛ فإنَّه لا يقال: اقصدني بكذا إلَّا لمن كان يعرض له الغلط والنِّسيان فيقول: اقصدني. وأمَّا مَن لا يفعل إلَّا بإرادته ولا يضلُّ ولا ينسى فلا يقال: اقصدني بكذا﴿[96]).
2- أن يكون المسؤول ممتنعاً عقلاً وعادة وله صور؛ كإحياء الموتى ورؤية الله في الدُّنيا أو يسأل منازل الأنبياء في الآخرة أو معجزاتهم في الدُّنيا﴿[97]).
وكذلك من صوره:
الدُّعاء بجمال يوسف- عليه السَّلام- وبملك سليمان؛ وذلك لأنَّ يوسف أعطي شطر الحسن كما قال عليه الصَّلاة والسَّلام﴿[98]).
وأمَّا سليمان فلأنَّه ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾﴿[99]). قال البغوي﴿[100]) في تفسيره: قيل سأل ذلك ليكون آية لنبوَّته ودلالة على رسالته ومعجزة.
وكذلك الدُّعاء بتغيير لون البشرة أو الطُّول أو القصر، وأن تسأل المرأة التي بلغت سن اليأس ولداً، وكذلك التي استُئصل رحمُها، ﴿وهنا قيد: هو أنَّه يجوز أن يسأل العبد ربَّه في مقام الاضطرار والشِّدَّة سؤالاً مطلقاً أن يكشف عنه ضرورة وقعت به فينقض الله له عادة؛ كما إذا حدث له في بادية عطش فدعا الله أن يكشف ما أصابه من الضُّرِّ مطلقاً كان ذلك جائزاً وإن كان في إجابته إيَّاه نقضُ العادة)﴿[101]).
وكذلك صلاة الاستسقاء في غير وقتها ﴿موسم نزول الأمطار)؛ فيصلِّي ويدعو دعاء الاستسقاء في وقت الصَّيف مع أنَّ عادةَ هذا البلد أن لا يَنـزل المطر إلَّا في الشِّتاء.
3- أن يكون على السَّائل حرجٌ مما سأل؛ كسؤال الخمر وغيره من المحرَّمات؛ لما تضمَّنَه سؤالُه من إتاحة الحرام، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم»﴿[102]).
4- أن يكون على السائل حرجٌ مما سأل؛ كسؤال المال والجاه والولد والعافية وطول العمر؛ للتَّفاخر والتَّكاثر والاستعانة بها على قضاء ما حرَّم الله من الشَّهوات.
5- إنَّ حاجتَه إذا عظمت يسألها الله- تعالى- سؤال مستعظم لها في ذات الله؛ بل يسأله الصَّغيرة والكبيرة سؤالاً واحداً؛ للحديث الذي رواه مسلم وابنُ حبَّان عن أبي هريرة: «إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة فإنه لا يتعاظم على الله شيء»﴿[103]).
6- أن يدعو السَّائل من باب الاسترسال في الدُّعاء والعادة فقط دون العزم والنِّيَّة؛ كأن يدعو أن يخلِّصَه الله من معصية وهو مصرٌّ عليها ويواقعها.
7- طلب نفي ما دلَّ الشَّرع على ثبوته: كالدُّعاء للكفرة بالمغفرة ونفي تخليدهم في النار، أو الدُّعاء على المسلم الموحِّد بالخلود في النَّار.
8- طلبُ ثبوت أمر دلَّ الشَّرع على نفيه؛ كقولهم: ﴿اللهم اجعلني أوَّلَ من تنشقُّ عنه الأرض يوم القيامة). أو يسأل الله العصمة من الخطأ والذُّنوب مطلقاً لحديث «كلُّ ابن آدم خطَّاء»﴿[104]).
9- أن يتعدَّى في الدُّعاء على مَن ظلمه؛ لاسيَّما المسلم، وله صور:
* أن يدعو عليه بملابَسة معصية من المعاصي أو الكفر أو الختم بالكفر أو الرِّدَّة؛ كأن يقول مثلا: اللهم اهتك عرضه. أو: اللهم أَمتْه على غير ملَّة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
* بل المندوب إليه هو الصَّفحُ والعفوُ، وإن دعا عليه فليدع عليه بقضيَّة مثل قضية أو دونها؛ حتى لا يكون ظالماً في الزِّيادة؛ كأن يقول: اللهمَّ افعل به ما فعل بي. أو نحوه. قال الله تعالى: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾.
قال ابنُ عبَّاس: لا يحبُّ الله أن يدعو أحد على أحد إلَّا أن يكون مظلوماً؛ فإنَّه قد أرخص له أن يدعو على مَن ظلمه وذلك قوله: «إلا من ظلم.. وإن صبر فهو خير له». اهـ﴿[105]).
وفي السُّنَّة بيان للصِّيغة التي يدعو بها على مَن ظلمه؛ فعن جابر- رضي الله عنه- قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهمَّ أصلح لي سمعي وبصري واجعلهما الوارثين مني وانصرني على مَن ظلمني وأرني منه ثأري»﴿[106]). أمَّا الدُّعاء بالضَّلالة والغواية فكما ذكرنا لا يجوز؛ لقوله تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾.
قال بعضُ السَّلَف في معنى المعتدين: ﴿هم الذين يَدْعون على المؤمنين فيما لا يحلُّ فيقولون: اللهمَّ اخزهم، اللهمَّ العنهم).اهـ﴿[107])
وقال سعيد بن جبير: ﴿لا تدعو على المؤمنين بالشَّرِّ: اللهمَّ اخزه والعنه. ونحو ذلك؛ فإنَّ ذلك عدوان).اهـ﴿[108]).
وقال الحسنُ البصريُّ: ﴿قد أرخص له أن يدعو على مَن ظلمه من غير أن يتعدَّى عليه)﴿[109]).
يقول الإمامُ القرافيُّ: الدُّعاء على الظَّالم له أحوال:
* إمَّا بعزله لزوال ظلمه فقط؛ وهذا حسن.
* وثانيهما: بذهاب أولاده وهلاك أهله ونحوهم ممَّن تعلَّق به ولم يحصل منه جناية عليه، وهذا منهيٌّ عنه لأذيَّته مَن لم يمنّ عليه.
* وثالثهما: الدُّعاء بالوقوع في معصية؛ كابتلائه بالشُّرب أو الغيبة أو القذف؛ فينهى عنه أيضاً؛ لأنَّ إرادةَ المعصية للغير معصية.
* ورابعهما: الدُّعاء عليه بحصول مؤلمات أعظم ممَّا يستحقُّه في عقوبته؛ فهذا لا يتَّجه أيضاً؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾. ففعلُه جائز وتركُه أحسن﴿[110]).
قد يشتبه على بعض الناس دليلان في ظاهرهما الدلالة على جواز الدُّعاء على الظالم بالإثم والمعصية:
أحدُهما: من القرآن الكريم؛ وذلك في حكاية الله- عزَّ وجلَّ- عن موسى- عليه السَّلام- دعاءه على فرعون وقومه، وفيه: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [يونس: 88].
فالجواب عن هذا بأن يقال: إنَّ دعاءَ موسى جاء بعد علمه بوحي من الله تعالى أنَّ قومَ فرعون لا يؤمنون ولو جاءتهم كلُّ آية ومعجزة؛ وليس فيه الدُّعاءُ مطلَقاً على كلِّ كافر أو ظالم بطمس القلب واليأس من الإيمان والتَّوبة.
يقول ابنُ كثير: ﴿وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾. قال ابنُ عبَّاس: أي اطبع عليها، ﴿فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾. وهذه الدَّعوةُ كانت من موسى- عليه السَّلام- غضباً لله ولدينه على فرعون وملئه الذين تبيَّن له أنَّه لا خيرَ فيهم، ولا يجيء منهم شيء؛ كما دعا نوح- عليه السَّلام- فقال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ انتهى﴿[111]).
ويقول القُرطبيُّ: وقد استشكل بعضُ النَّاس هذه الآية فقال: كيف دعا عليهم، وحكمُ الرُّسُل استدعاء إيمان قومهم؟﴿[112]).
فالجواب: أنَّه لا يجوز أن يدعو نبيٌّ على قومه إلَّا بإذن من الله، وإعلام أنَّه ليس فيهم مَن يؤمن ولا يخرج من أصلابهم مَن يؤمن دليلُه قولُه لنوح- عليه السلام: ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ﴾؛ وعند ذلك قال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾. انتهى.
ويقولُ الشَّيخُ أحمد النّفراويّ: اختُلف في جواز الدُّعاء على المسلم العاصي بسوء الخاتمة﴿[113]).
قال ابنُ ناجي: أفتى بعضُ شيوخنا بالجواز محتجًّا بدعاء موسى على فرعون بقوله تعالى حكايةً عنه: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [يونس: 88].
والصَّوابُ عندي أنَّه لا يجوز، وليس في الآية ما يدلُّ على الجواز؛ لأنَّه فرَّق بين الكافر المأيوس من إيمانه كفرعون، وبين المؤمن العاصي المقطوع له بالجنَّة؛ إمَّا ابتداءً أو بعد عذاب. انتهى.
الثاني: حديث جابر بن سمرة- رضي الله عنه- في قصَّة شكاية أهل الكوفة سعد بن أبي وقَّاص إلى عمر، وقيام ذلك الرَّجل في المسجد واتِّهامه لسعد بتهم عدَّة قال:
﴿قال سعد: أما والله لأدعونَّ بثلاث: اللهمَّ إن كان عبدُك هذا كاذباً قام رياءً وسمعةً فأطل عمره، وأطل فقره، وعرِّضْه بالفتن.
وكان بعدُ إذا سُئل يقول: شيخٌ كبيرٌ مفتونٌ أصابتني دعوةُ سعد.
قال عبد الملك: فأنا رأيتُه بعد قد سَقَطَ حاجباه على عينيه من الكبَر، وإنَّه ليتعرَّض للجواري في الطُّرُق يغمزهنَّ)﴿[114]).
فَظَنَّ بعضُ النَّاس أنَّ سعداً دعا عليه بالمعصية والإثم؛ ولكنَّ الصَّواب أنَّه دعا عليه بتعرُّضه للفتن والبلايا والمحن في الدِّين والدُّنيا؛ كما قال: ﴿وعَرِّضْه للفتن). والفتنةُ لا تعني المعصية؛ ولكنَّها تعني الشِّدَّة التي قد توقع في المعصية إن لم يَصبر عليها؛ وهذا ما حَصَلَ.
يقول الحافظ ابن حجر: ﴿وفيه جوازُ الدُّعاء على الظالم المعيَّن بما يَستلزم النَّقصَ في دينه، وليس هو مَن طلب وقوع المعصية؛ ولكن من حيث إنَّه يؤدِّي إلى نكاية الظَّالم وعقوبته). انتهى﴿[115]).
ثالثا: خيرٌ من ذلك كلِّه: العفوُ وتركُ أمر الظَّالم له- سبحانه وتعالى- يوم القيامة؛ وذلك أنَّ مَن عفا عن حقِّه في الدُّنيا أخذه وافراً في الآخرة وأراح قلبَه من شوائب الحقد والغيظ.
قال - صلى الله عليه وسلم -: «يا عقبة بن عامر: صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك»﴿[116]).
10- تحجُّرُ الدُّعاء: ومن ذلك قولُ الأعرابيّ: ﴿اللهمَّ ارحمني ومحمَّدًا ولا ترحم معنا أحداً). فلمَّا سَلَّمَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابيِّ: «لقد حجَّرتَ واسعاً». يريد رحمة الله﴿[117]).
11- تعليقُ الدُّعاء بالمشيئة؛ فعن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يَقُلْ أحدُكم: اللهمَّ اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت. ليعزم المسألة؛ فإنَّ اللهَ لا مكرهَ له»﴿[118]). ولمسلم: «وليعظم الرَّغبة، فإنَّ اللهَ لا يتعاظمه شيء أعطاه»﴿[119]).
فقولُ القائل: ﴿اللهمَّ اغفر لي إن شئت). كأنَّه يقول: لستُ محتاجاً إليك؛ إن شئتَ فاغفر لي، وإن لم تشأ فلستَ بمحتاج. وهذا فعلُ أهل التَّكبير وأهل الإعراض عن الله؛ ولهذا حُرِّمَ هذا اللَّفظ.
وقولُه: «ليعزم المسألة». هذا أحدُ أسباب المنع في الحديث؛ وهو أنَّ تعليقَه بالمشيئة يدلُّ على الفتور وضعف الهمَّة وقلَّة التعلُّق بالله تعالى؛ ولذا قال: ليعزم المسألة. أي: اسأل بعزم وقوَّة.
قوله: «فإن اللهَ لا مكرهَ له». هذا السَّبب الثَّاني؛ لأنَّ تعليقَ الدُّعاء بالمشيئة يوهم أنَّ اللهَ له مكره له، ويوهم النَّقصَ لله؛ فإنَّ اللهَ لا مكرهَ له﴿[120]).
12- الدُّعاء على الأهل والمال والولد والنَّفس؛ لأنه ضررٌ محضٌ وليس فيه مصلحة، وقد نَهَى عنه الشَّارع الحكيم؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعةً يُسأل فيها عطاءٌ فيستجيب لكم»﴿[121]).
13- تَمَنِّي الموت: عن أنس بن مالك- رضي الله عنه، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَتَمَنَّيَنَّ أحدُكم الموتَ من ضُرٍّ أصابه؛ فإن كان لابدَّ فاعلاً فليقل: اللَّهمَّ أحيني ما كانت الحياةُ خيراً لي، وتَوَفَّني إذا كانت الوفاةُ خيراً لي»﴿[122]).
وعن أبي عبيد سعد بن عبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتمنَّى أحدُكم الموتَ؛ إمَّا محسناً؛ فلعلَّه يزداد، وإمَّا مسيئاً؛ فلعلَّه يستعتب»﴿[123]).
قال النَّوويُّ: في الحديث التَّصريح بكراهة تَمَنِّي الموت لضُرٍّ نَزَل به من فاقة أو محنة بعدوٍّ ونحوه من مشاقِّ الدُّنيا؛ فأمَّا إذا خاف ضرًّا أو فتنةً في دينه فلا كراهةَ لمفهوم هذا الحديث؛ وقد فَعَلَه خلائق من السَّلَف.اهـ﴿[124]).
وأصرحُ منه في ذلك حديثُ معاذ الذي أخرجه أبو داود وصحَّحه الحاكم في القول في دُبُر كلِّ صلاة، وفيه: «وإذا أردتَ بقوم فتنةً فتوفَّني إليك غيرَ مفتون»﴿[125]).
قال ابنُ حَجَر في تعليقه على حديث أبي عبيد: ﴿وقد خَطَرَ لي في معنى الحديث أنَّ فيه إشارةً إلى تغبيط المحسن بإحسانه وتحذير المسيء من إساءته؛ فكأنَّه يقول: مَن كان محسناً فليترك تَمَنِّي الموت، وليستمر على إحسانه والازدياد منه، ومَن كان مسيئاً فليترك تمنِّي الموت، وليقلع عن الإساءة؛ لئلَّا يموت على إساءته؛ فيكون على خطر﴿[126]).
14- الدُّعاء بتعجيل العقوبة:
فعن أنس رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عاد رجلاً من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ فقال له النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟» قال: نعم؛ كنتُ أقول: اللهمَّ ما كنتَ معاقبني به في الآخرة فعجِّله لي في الدُّنيا.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبحان الله؛ لا تطيقه، أو لا تستطيعه؛ أفلا قلتَ: اللهمَّ آتنا في الدُّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النَّار». فدعا اللهَ له فشفاه﴿[127]).
عَلَّقَ على هذا الحديث الإمام النَّوويّ في شرحه على صحيح مسلم فقال: قولُه: «قد خَفَت» أي: ضعف. وفي الحديث النَّهي عن الدُّعاء بتعجيل العقوبة، وفيه كراهية تمنِّي البلاء؛ لئلَّا يتضجَّر منه ويسخطه، وربَّما شكا.اهـ﴿[128]).
ولماذا يتعجَّل المؤمنُ العقوبةَ وهو يقدم على مولى كريم قد يَصفح ويعفو أصلاً بدون أن يعاقبَه؛ ففيه نوع سوء ظنٍّ بالله؛ لذلك أرشد النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الدُّعاء الجامع المانع؛ وهو قولُه: ﴿رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: 201].
المبحث الثَّاني
الاعتداء في ألفاظ الدُّعاء
وضابطُه: أن يكون التَّعَدِّي في تراكيب الكلمات وفي غرابتها، أو التَّفصيل، أو التَّشقيق في العبارات والزِّيادة في الكلمات على نحو لم يكن معروفاً عند السَّلَف:
1- أن يَشتمل الدُّعاء على الشِّرك؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾. ومن صوره أن يصرفَ الدُّعاء لغير الله، أو أن يدعو مع الله غيرَه؛ كأن يقول: يا رسول الله، اكشف كربتي. أو: يا عليُّ. أو: يا جيلاني.. فلا شَكَّ أنَّه كفرٌ صريحٌ ناقلٌ من الملَّة؛ قال تعالى: ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾﴿[129]).
2- تصغير أسماء الله تعالى؛ كأن يقول: ﴿يا رُبَيْبِي، يا حُنَيِّن، يا رحيِّم)﴿[130]).
3- دعاء صفات الله: لأنَّ الصِّفةَ غيرُ الذَّات في مقام النِّداء؛ ولهذا إنَّما ينادى الله- جَلَّ وعلا- المتَّصف بالصِّفات.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ﴿وأمَّا دعاء صفاته وكلماته فكفرٌ باتِّفاق المسلمين؛ فهل يقول مسلم: يا كلام الله اغفر لي وارحمني وأغثني، أو أعني. أو يا علم الله أو يا قدرة الله، أو يا عزَّة الله، أو يا عظمة الله. ونحو ذلك؟ ! أو سمع مسلماً أو كافراً أنَّه دعا بذلك من صفات الله، أو يطلب من الصِّفة جلبَ منفعة أو دَفْعَ مَضَرَّة، أو إعانة، أو نصر، أو غير ذلك﴿[131]).
4- دعاءُ الله بأسماء لم تَردْ في الكتاب ولا في السُّنَّة؛ فمن صُوَره قولُ بعضهم: يا سبحان، يا برهان، يا سلطان؛ قال الخطَّابيُّ: ﴿وممَّا يسمع على ألسنة العامَّة وكثير من القصّاص قولهم: يا سبحان، يا برهان، يا غفران، يا سلطان). وكذلك قولهم: يا رب القرآن. قال الخطَّاب: ﴿أوَّلُ من أنكر ذلك ابنُ عبَّاس؛ فإنَّه سمع رجلاً يقول عند الكعبة: يا ربَّ القرآن. فقال له: إنَّ القرآن لا رب له؛ إنَّ كلَّ مربوب مخلوق)﴿[132]).
5- أن يدعو بدعاء لا يعرف معنى لألفاظه؛ كما ذكره محمَّد بن الحسن عن شيخه أبي حنيفة﴿[133]) قال: نَكْرَهُ أن يدعوَ الرَّجلُ فيقول: ﴿اللهمَّ أسألك بعقد العزّ من عرشك)﴿[134])؛ لأنَّه ليس يَنكشف معنى هذا الدُّعاء لكلِّ أحد، ولأنَّه لا يُتصوَّر أن يستشعر الإنسانُ دعاءً لا يَفهمه؛ لذا يَنبغي للدَّاعي أن يتخيَّر من الأدعية ما يفهم معناه.
وعلى إمام المسجد والخطيب أن يتخيَّر الألفاظَ السَّهلةَ الواضحةَ المعاني؛ لأنَّ كثيراً من عوامِّ النَّاس لا يَفهم معنى الأدعية الواردة الصَّحيحة؛ فكيف بغيرها؟ !
ولذا كان من المستحسن من الدَّاعية وطالب العلم وإمام المسجد والخطيب شرح الأدعية المأثورة وتبيين معناها للنَّاس؛ لكي يستشعروها أثناءَ دعائهم.
6- التَّفصيل عند الدُّعاء بأحوال البرزخ في يوم القيامة أو بأحوال الموت وسكراته؛ ومن صوره: ﴿اللهمَّ ارحمنا إذا بردت القدمان وشخصت العينان ويبس منَّا اللِّسان).
وكقول بعضهم في دعائه: ﴿اللهمَّ ارحمنا إذا يئس منَّا الطَّبيبُ وبَكَى علينا الحبيبُ...) إلخ.
7- التَّفصيل عند الدُّعاء بالجنَّة؛ فمن صُوَره: ﴿اللهمَّ إنَّا نسألك الجنَّةَ في سدر مخضود وطلح منضود وظلٍّ ممدود... إلخ. مع أنَّه كان يكفيه أن يَلتزم بجوامع الكلم ويَدَع ما سوى ذلك؛ فعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستحبُّ الجوامعَ من الكلم في الدُّعاء ويَدَع ما سوى ذلك.﴿[135])
وقد خرَّج أبو داود عن أبي نعامة عن ابن سعد بن أبي وقَّاص أنَّه قال: سمع أبي وأنا أقول: ﴿اللهمَّ إنِّي أسألك الجنَّةَ ونعيمَها وبهجتَها وكذا وكذا، وأعوذ بك من النَّار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا. فقال: يا بنيَّ إنِّي سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «سيكون قومٌ يعتدون في الدُّعاء؛ فإيَّاك أن تكون منهم؛ إن أعطيت الجنَّة أعطيتَها وما فيها، وإن أعذتَ من النَّار أعذتَ منها وما فيها من الشَّرِّ»﴿[136]).
8- التَّفصيلُ والاختراعُ في الدُّعاء على الكفَّار؛ ومن ذلك: اللهمَّ جمِّد الدِّماءَ في عروقهم، اللهمَّ سَكِّن ما تحرَّك في أجسادهم، وحَرِّك ما سكن منها، اللهمَّ اجعل الموتَ أغلى أمانيهم، اللهمَّ رمِّل نساءهم ويَتِّم أطفالَهم... إلخ.
ولقد كان من دعاء الخليفة الرَّاشد عمر بن الخطَّاب- رضي الله عنه- على الكفرة قوله: ﴿اللَّهمَّ عذِّب الكفرة الذين يصدُّون عن سبيلك ويكذِّبون رسولَك ويقاتلون أولياءك ولا يؤمنون بوعدك وخالف بين كلمتهم وألق في قلوبهم الرُّعبَ وألق عليهم رجزَك وعذابَك إله الحقّ)﴿[137]).
9- أن يخترعَ الدَّاعي ألفاظاً عامَّةً من عنده يدعوه بها في سجوده ويتحرَّى بها مواطنَ الإجابة.
ومن صوره: ﴿اللهمَّ افتح الباب وارفع الحجاب). ويفرَّقُ بين هذا وبين من كانت له حاجة خاصَّة يلحُّ على الله بها.
10- السَّجعُ المتكلَّف في الدُّعاء؛ خصوصاً في القنوت والبحث عن غرائب الأدعية والكلمات.
والسَّجع هو: ما استوى واستقام وأشبه بعضُه بعضاً.
وقيل: السَّجعُ: الكلامُ المقفَّى، أو: هو تواطؤُ الفاصلتين من الشَّرِّ على حرف واحد﴿[138]).
ومن صُوره: ﴿اللهمَّ إنَّا نسألك الأمنَ في البلد والصِّحَّة في الجسد والصَّلاح في الولد)، وكذلك قوله: ﴿اللهمَّ إنَّا نسألك رزقاً دارًّا وعيشاً قارًّا وعملاً سارًّا).
وقد ثَبَتَ في البخاريِّ عن عكرمة عن ابن عبَّاس- رضي الله عنه- قال له: ﴿فانظر السَّجعَ في الدُّعاء فاجتنبه؛ فإنِّي عهدتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَه لا يفعلون إلَّا ذلك الاجتناب)﴿[139]).
قال القرطبيُّ- رحمه الله- عند كلامه على قوله تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: 55]: وهو أن يدعوَ بما ليس في الكتاب والسُّنَّة فيتخيَّر ألفاظاً مفقَّرةً وكلمات مسجوعةً قد وجدها في كراريس لا أصلَ لها ولا معوَّل عليها فيجعلها شعارَه ويترك ما دعا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وكلُّ هذا يمنع من استجابة الدُّعاء﴿[140]).
وإنَّه لمن الحزن أن يتعدَّى في الدُّعاء بمثل هذه الأدعية المسجوعة المخترَعة؛ خصوصاً في الأوقات والأزمان الفاضلة في ليالي رمضان؛ فيفوِّت الدَّاعي على نفسه وعلى الناس إذا كان إماماً الإجابةَ في مثل هذه الفرص العظيمة، وقد يُشكل ما ورد في بعض الأدعية عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من السَّجع؛ لذا قال ابنُ حجر في إيضاح هذا المشكل أنَّ ذلك كان يَصدر من غير قصد إليه؛ ولأجل هذا يجيء في غاية الانسجام؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد: «اللهم منـزل الكتاب، سريع الحساب، هازم الأحزاب...)﴿[141]). وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده»﴿[142]). وكقوله: «أعوذ بك من عين لا تدمع ونفس لا تشبع وقلب لا يخشع». وكلُّها صحيحةٌ؛ قال الغزاليُّ: ﴿المكروهُ من السَّجع هو التَّكَلُّفُ؛ لأنَّه لا يلائم الضَّراعةَ والذِّلَّةَ؛ وإلَّا ففي الأدعية المأثورة كلمات متوازية لكنَّها غيرُ متكلِّفة. ا.هـ﴿[143]).
11- التزامُ أدعية لا تصحُّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:
ومن صوره:
أ- ﴿تَمَّ نورُك فهديت فلك الحمد، عظم حلمُك فعفوتَ فلك الحمد...) رواه أبو يعلى بسند ضعيف؛ لأنَّه منقطعُ الإسناد فيه فرات بن سلمان؛ لم يَلْقَ عليًّا- رضي الله عنه؛ فهو منقطعُ الإسناد.
ب- ﴿يا مَن لا تراه العيون ولا تخالطه الظُّنون... إلى أن قال: يعلم مثاقيل الجبال ومكاييل البحار وعدد ورق الأشجار). أخرجه الطبراني بسند فرد فيه من لا يعرف.
ج- ﴿يا من أظهر الجميل وستر القبيح يا من لا يؤاخذ بالجريرة.. إلى قوله: نسألك يا الله أن لا تشوي خلقي بالنار). قال الذهبي في الميزان في ترجمة أحمد بن داود الصنعاني أحد رواة الحديث: أتى بخبر لا يحتمل ثم ذكره﴿[144]).
12- التزامُ أدعية الصَّالحين: وذلك أنَّ بعضَ الصَّالحين عَرَضَ له أمرٌ فدعا اللهَ بلفظ معيَّن فاستجاب الله دعاءَه؛ ومن ذلك:
أ) ما أورده ابنُ القيِّم في الجواب الكافي عن ابن أبي الدُّنيا في كتاب المجانين في الدُّعاء عن الحسن البصريّ عن أنس أنَّ رجلاً من أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يكنَّى أبا معلق وكان تاجراً، فعرض له لصٌّ وأراد قتلَه وأخذ ما معه من المال، فطلب أبو معلق من اللِّصِّ أن يذرَه يصلِّي، فلما كان في آخر سجدة دعا ربَّه فقال: ﴿يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعَّال لما تريد أسألك بعزِّك الذي لا يرام وبملكك الذي لا يضام وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شرَّ هذا اللِّصّ، يا مغيث أغثني). فاستجاب الله دعاءَه وصرف عنه اللِّصَّ.
قال الحسن في رواية عن أنس: مَن دعا بهذا الدُّعاء استجيب له مكروباً كان أو غير مكروب﴿[145])﴿[146]).
يقول ابن القيم في الجواب الكافي: وكثيرا ما نجد أدعية دعا بها قوم فاستجيب لهم فيكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله أو حسنه تقدمه منه جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكرا لحسنته أو صادف الدعاء وقت إجابة ونحو ذلك فأجيبت دعوته فيظن الظآن أن السر في لفظ ذلك الدعاء فيأخذه مجردا عن تلك الأمور التي قارنته من ذلك الداعي، وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعا في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي فانتفع به فظن غيره أن استعمال هذا الدواء مجردا كافي في حصول المطلوب كان غالطا﴿[147]).
ب- دعاء الحسن في التَّهنئة بالمولود: ﴿شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب وبلغ أشدَّه ورزقت برّه)﴿[148]). فالحديث لا يصحُّ عن الحسن البصريِّ؛ إذاً فليس من السُّنَّة التزامُ هذا الدُّعاء.
13- اللَّحنُ في ألفاظ الدُّعاء وعدم الإعراب: وقد عَدَّ صاحبُ التَّبصرة من الآداب أن يكون الدُّعاء صحيحَ اللَّفظ؛ لأنَّ اللَّحنَ يتضمَّن مواجهة الحقِّ بالخطأ.
وأنشد بعضهم:
ينادي ربه باللحن ليت | كذاك إذا دعاه لا يجيب﴿[149]) |
قال ابنُ الصَّلاح في فتاويه: ﴿الدُّعاءُ الملحون ممَّن لا يستطيع غيره لا يقدح في الدُّعاء ويعذر فيه)﴿[150]) ا.هـ.
أمَّا حديث: ﴿إنَّ اللهَ لا يَقبل دعاءً ملحوناً) فإنَّه لا يُعرَف له أصل﴿[151]).
وقد سئل شيخُ الإسلام عن رجل دعا دعاءً ملحوناً فقال له الرجل: ما يقبل الله دعاء ملحوناً. فأجاب: مَن قال هذا القول فهو آثمٌ مخالفٌ للكتاب والسُّنَّة ولما كان عليه السَّلَفُ؛ وأمَّا مَن دعا اللهَ مخلصاً له الدِّين بدعاء جائز سمعه الله وأجاب دعاءه؛ سواءً كان معرباً أو ملحوناً، والكلام المذكور لا أصلَ له؛ بل يَنبغي للدَّاعي إذا لم تكن عادتُه الإعراب أن لا يتكلَّفَ الإعراب.
قال بعضُ السَّلَف: إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع. وهذه كما يكره تكلُّف السَّجع في الدُّعاء؛ فإذا وقع بغير تكلُّف فلا بأس به؛ فإنَّ أصلَ الدُّعاء من القلب، واللِّسان تابعٌ للقلب. ومَن جَعَل همَّتَه في الدُّعاء تقويمَ لسانه أضعف توجُّهَ قلبه؛ ولهذا يدعو المضطرُّ بقلبه دعاءً يفتح عليه لا يحضره قبل ذلك؛ وهذا أمر يجيده كلُّ مؤمن في قلبه، والدُّعاءُ يَجوز بالعربيَّة وبغير العربيَّة، والله- سبحانه- يَعلم قصدَ الدَّاعي ومرادَه، وإن لم يقوِّم لسانه فإنَّه- سبحانه- يعلم ضجيجَ الأصوات باختلاف اللُّغات على تنوُّع الحاجات)﴿[152]).
14- الدُّعاءُ بالألفاظ الأعجميَّة غير معروفة المعنى: كأن يَخترع كلمة﴿[153]) أو دعوة أعجمية.
والدَّليلُ قولُه تعالى: ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾﴿[154]).
وجهُ الدِّلالة: أنَّ معناها أن أسألك ما ليس لي بجواز سؤاله علم. فدلَّ ذلك على أنَّ العلمَ بالجواز شرطٌ في جواز السُّؤال؛ فما لا يعلم جوازُه لا يجوز سؤالُه، وأكَّدَ الله تعالى ذلك بقوله: ﴿إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾.
واللَّفظُ الأعجميُّ غيرُ معلوم الجواز؛ فيكون السُّؤالُ به غيرَ جائز؛ ولذلك منع مالك الرّقى به﴿[155]).
15- عدم اختيار الألفاظ المناسبة أثناء الدعاء:
ومن صوره: أن يقول: اللهمَّ ارحمني يا شديد العقاب، أو اللهم عليك بالكفار يا غفار يا أرحم الراحمين. وإذا أراد غشيان النساء مثلا فلا يصرح؛ بل يقول: ﴿اللهم متعني بأعضائي وجوارحي).
16- استبدال لفظه في الدعاء الوارد بغير الوارد:
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل: اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري غليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهم آخر ما تتكلم به».
قال: فردَّدتُها على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فلمَّا بلغتُ: «اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت» قلت: «ورسولك». قال: «لا؛ وبنبيِّك الذي أرسلت». متفق عليه﴿[156]).
فعلى الدَّاعي إذا دعا بالمأثور أن يلتزم به ولا يخلطه بغيره.
قال النووي:
اختار المازري وغيره أنَّ سببَ الإنكار أنَّ هذا ذكرٌ ودعاءٌ؛ فَيَنبغي فيه الاقتصارُ على اللَّفظ الوارد بحروفه، وقد يتعلَّق الجزاءُ بتلك الحروف، ولعلَّه أوحى إليه - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمات؛ فَيَنبغي أداؤها بحروفها. وهذا القول حسن﴿[157]).
ويأتي في هذا السياق والمعنى دعاء الاستخارة؛ حيث ذكر جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يعلِّمهم دعاء الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن؛ لذا ذكر بعضُ أهل العلم في معنى تشبيهه بالقرآن أن يذكر ألفاظَ الدُّعاء والاستخارة كما يذكر ألفاظَ القرآن؛ سواءً بسواء؛ قال الحافظُ ابنُ حجر: ﴿وقال ابن أبي جمرة: التَّشبيه في تحفظ حروفه وترتيب كلماته ومنع الزيادة والنقص)﴿[158]).
17- الدعاء بلفظ اللعن:
إنَّ لفظَ اللَّعن قد يُراد به نفس لفظ اللَّعن وقد يراد به عبارات السَّبِّ والشَّتم، كما أنَّ لفظَ اللَّعن قد يراد به معناه الأصليُّ الذي هو الطَّردُ والإبعاد عن رحمة الله تعالى، وقد يراد به مُطْلَقُ السَّبِّ والشَّتم والتَّنَقُّص والدُّعاء على الشَّخص﴿[159]).
وهناك أنواع من اللَّعن تُخرج صاحبَها من الملَّة؛ ومن ذلك:
لعن الله– سبحانه وتعالى- أو أحد من ملائكة ورسوله ودينه؛ فهذا كلُّه موجبٌ لردَّة صاحبه وكفره؛ ومن أدلَّة ذلك قولُه تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [الأحزاب: 57].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية فيمن سبَّ اللهَ تعالى: ﴿فإن كان مسلماً وَجَبَ قتلُه بالإجماع؛ لأنَّه بذلك كافرٌ مرتدٌّ وأسوأ من الكافر)﴿[160]).
وأمَّا سبُّ نبيِّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد قال الإمام أحمد: ﴿كلُّ مَن شتم النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وانتقصه مسلماً كان أو كافراً فعليه القتل)﴿[161]).
والحكمُ في سبِّ سائر الأنبياء كالحكم في سبِّ نبيِّنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك الحكم في سبِّ الملائكة أو أحد منهم؛ ذكر ذلك القاضي عياض﴿[162]).
ومن أنواع اللَّعن: لعنُ المعيَّن من عصاة المسلمين.
قال ابنُ العربيّ المالكيّ: ﴿فأمَّا العاصي المعيَّن فلا يحوز لعنُه اتِّفاقاً)﴿[163]).
وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية: ﴿وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته)﴿[164]).
وقال الغزاليُّ: ﴿إنَّ لعنَ فاسق بعينه غيرُ جائز؛ وعلى الجملة ففي لعن الأشخاص خطرٌ فليجتنب، ولا خطرَ في السُّكوت عن لعن إبليس مثلاً فضلاً عن غيره)﴿[165]).
وقال النَّوويّ: ﴿وأمَّا المعيَّن فلا يجوز لعنه)﴿[166]).
- ومن الأدلة على ذلك:
1- ما رواه عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- أنَّ رجلاً كان على عهد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كان اسمُه عبد الله وكان يُلَقَّبُ حماراً، وكان يضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جلده في الشَّراب، فأتى به يوماً فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهمَّ العنْه ما أكثر ما يؤتى به. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تلعنوه فوا الله ما علمت، إنَّه يحبُّ الله ورسوله»﴿[167]).
وفي رواية: «لا تكونوا عوناً للشَّيطان على أخيكم»﴿[168]).
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية: فقد نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن لعنة هذا المعيَّن الذي كان يُكثر شرب الخمر معلِّلاً ذلك بأنَّه يحبُّ الله ورسوله مع أنَّه - صلى الله عليه وسلم - لعن شارب الخمر مطلقاً؛ فَدَلَّ ذلك على أنَّه يجوز أن يُلعنَ المطلق ولا تجوز لعنة المعيَّن الذي يحب الله ورسوله، ومن المعلوم أنَّ كلَّ مؤمن فلابدَّ أنَّه يحبُّ الله ورسوله﴿[169]).
وقال ابنُ حَجَر: ﴿يُستفاد من ذلك منعُ الدُّعاء على العاصي بالإبعاد عن رحمة الله كاللَّعن﴿[170]).
2- وكذلك ذكروا في إجازة لعن كلِّ مَن وقع في معصية جاء النصُّ بلعن فاعلها يفتح الباب للعن كثير من المسلمين، ويروِّض الألسنةَ والأسماع على إلف هذا الخلق المشين ويكثر التَّسابّ والتَّشاتم والتَّلاعن بين المسلمين؛ الأمر الذي يتعارض مع مقاصد الإسلام في إفشاء التَّحابب والمودَّة والبعد عن أسباب الضَّغينة والقطيعة وسوء الظَّنِّ)﴿[171]).
3- إنَّ إطلاقَ المسلم لسانه بتعيين بعض إخوانه المسلمين باللَّعن يخرجه من عداد المؤمنين الذي ورد الثَّناء عليهم بابتعادهم عن الاتِّصاف بهذا الخلق القبيح- وهو كثرة اللَّعن- كما في الحديث: «ليس المؤمن باللعان ولا الطعان ولا الفاحش البذيء»﴿[172]).
كما يُحرم من أن يكون شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة؛ كما في الحديث: «لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة»﴿[173]).
وأمَّا ما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لعن لبعض المسلمين المعيَّنين فقد ورد عنه- صلوات الله وسلامه عليه- أنَّه قال: «اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة»﴿[174]).
وكذا وَرَدَ عند مسلم من حديث عائشة قالت: دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان فكلَّماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبَّهما، فلمَّا خرجا قلت: يا رسول الله من أصاب من الخير شيئاً ما أصابه هذان. قال: «وما ذاك»؟ قلت: لعنتَهما وسببتَهما. قال: «أوما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت: اللهمَّ إنَّما أنا بشر، فأيّ المسلمين لعنتُه أو سببتُه فاجعله له زكاةً وأجراً»﴿[175]).
وعنده أيضاً من حديث جابر بن عبد الله، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّما أنا بشر، وإنِّي اشترطتُ على ربِّي- عَزَّ وجَلَّ- أيّ عبد من المسلمين سببتُه أو شتمتُه أن يكون ذلك له زكاةً وأجراً».
وأخرج أيضاً حديث أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: كانت عند أمِّ سليم يتيمة- وهي أم أنس- فرأى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - اليتيمةَ فقال: «أنت هيه؟ لقد كبرت لا كبر سنُّك». فَرَجَعت اليتيمةُ إلى أمِّ سليم تبكي، فقالت أمُّ سليم: مالك يا بنيَّة؟ قالت الجارية: دعا عليَّ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يَكبر سنِّي، فالآنَ لا يَكبر سنِّي أبداً. أو قالت: قَرْني. فخرجت أمُّ سليم مستعجلةً تلوث خمارها حتَّى لقيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مالك يا أمَّ سليم؟ فقالت: يا نبيَّ الله أدعوت على يتيمتي؟ قال: «وما ذاك يا أم سليم»؟ قالت: زَعَمَتْ أنَّك دعوتَ ألَّا يكبر سنُّها ولا يكبر قرنُها. قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «يا أمَّ سليم، أما تعلمين أنَّ شرطي على ربِّي أنِّي اشترطتُ على ربِّي فقلت: إنَّما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر؛ فأيّما أحد دعوتُ عليه من أمَّتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاةً وقربةً بها منه يوم القيامة»﴿[176]).
18- تكثير الألفاظ بلا حاجة:
والتَّطويلُ في العبارات والتَّكَلُّف في ذكر التَّفاصيل؛ كأن يقول: ربِّ ارحمني ووالدي ولعماتي ولخالاتي ولأعمامي ولأخوالي ونحو ذلك، ويكفي أن يقول اللَّهمَّ اغفر لي ولوالديَّ وللمسلمين والمسلمات. فيدخل فيه من ذكرهم؛ لحديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه جوامعُ الدُّعاء ويدع ما بين ذلك»﴿[177]).
أي يحبُّ الدُّعاء بالكلمات التي تجمع خيري الدُّنيا والآخرة، وتجمع الأغراض الصَّالحة، وقيل: هي ما كان لفظُها قليلاً ومعناها كثيراً، ويترك غير الجوامع من الدُّعاء»﴿[178]).
وعن سعد بن أبي وقَّاص- رضي الله عنه- أنَّه سمع ابناً له يدعو وهو يقول: اللهمَّ إنِّي أسألك الجنَّةَ ونعيمها وإستبرقها ونحواً من هذا وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها. فقال: يا بنيَّ إنِّي سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يكون قوم يعتدون في الدعاء». وإيَّاك أن تكون منهم؛ إنَّك إذا دخلتَ الجنة أعطيتَ ما فيها من الخير، وإن أعذتَ من النار أعذتَ ممَّا فيها من الشَّرِّ﴿[179]).
وعن عبد الله بن مغفل- رضي الله عنه- أنَّه سمع ابنَه وهو يقول في دعائه: اللهمَّ إنِّي أسألك القصر الأبيض عن يمين الدَّاخل إلى الجنَّة. فقال: ﴿يا بنيَّ سل اللهَ الجنَّةَ وتعوَّذ به من النَّار؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور»﴿[180]).
19- الاقتصارُ على طلب الدُّنيا في دعائه واستدامته ذلك؛ قال ابنُ كثير: ذَمَّ الله مَن لا يسأله إلَّا في أمر دنياه وهو معرض عن أخراه؛ وذلك عند قوله تعالى: ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ [البقرة: 200] أي من نصيب ولاحظ. وتضمن هذا الذم التنفير عن التشبيه بمن هو كذلك قال سعيد بن جبير عن ابن عباس: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون: اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا فأنزل الله فيهم ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ وكان يجيء بعدهم قوم آخرون من المؤمنين فيقولون: ﴿رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: 201] فأنزل الله: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [البقرة: 202] ولهذا مدح من يسأله للدنيا والآخرة فقال: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ فجمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا وصرفت كل شر فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ودار رحبة وزوجة حسنة ورزق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب هنيء وثناء جميل إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين.
وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة ولهذا وردت السنة بالترغيب في هذا الدعاء ففي صحيح البخاري: عن أنس بن مالك قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»﴿[181]).
وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن أنس بن مالك قال: كان أكثر دعوة يدعو بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»﴿[182]).
المبحث الثالث
الاعتداء في الهيئة والأداء
وضابطه أن يدعو بهيئة وكيفية جاءت السنة بخلافها.
ومن ذلك:
1- أن يدعو ربه دعاءً غير متضرع ولا مستكين﴿[183]).
قال ابن القيم: ﴿وهذا من أعظم الاعتداء المنافي لدعاء الضارع الذليل الفقير المسكين من كل جهة في مجموع حالاته فمن لم يسأل سؤال مسكين متضرع خائف فهو معتدٍ)﴿[184]).
ومن صور ذلك:
أ- رفع الصوت والصياح: قال ابن جريج﴿[185]) ﴿من الدعاء والاعتداء، يكره رفع الصوت والثناء والصياح بالدعاء ويؤمر بالتضرع والاستكانة)﴿[186]).
وقال الإمام أحمد بن المنير الإسكندراني في حاشيته على تفسير الكشاف عند قوله تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾. ما نصه: ﴿وحسبك في تعيين الإسرار في الدعاء اقترانه بالتضرع في الآية فالإخلال به كالإخلال بالضراعة إلى الله في الدعاء وإن دعاء لا تضرع فيه ولا خشوع لقليل الجدوى فكذلك دعاء لا خفية ولا وقار يصحبه وترى كثيرًا من أهل زمانك يعتمدون الصراخ والصياح في الدعاء خصوصا في الجوامع حتى يعظم اللغط ويشتد وتستدّ المسامع ويهتز الداعي بالناس ولا يعلم أنه جمع بين بدعتين: رفع الصوت في الدعاء وفي المسجد، وربما حصلت للعوام حينئذ رقة لا تحصل مع خفض الصوت ورعاية سمت الوقار وسلوك السنة الثابتة بالآثار، وما هي إلا رقة شبيهة بالرقة العارضة للنساء والأطفال ليست خارجة عن صميم الفؤاد لأنها لو كانت من أصل لكانت عند إتباع السنة في الدعاء وفي خفض الصوت به أوفر وأوفى وأزكى)﴿[187]).
قال الطرطوشي: اعلموا أرشدكم الله أن الله أمر بإخفاء الدعاء وأثنى على من أخفاه فقال: ﴿ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ [مريم: 2-3].
وعن أبي موسى الأشعري قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة فأشرفوا على واد فجعل الناس يكبرون ويهللون ويرفعون فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيها الناس اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا»﴿[188]). إنه معكم، فإن قال قائل: ماذا أراد بالإخفاء؟ هل أراد إخفاءه عن الناس وإن جهر به في الخلوات أو أمر بالهمس بالشفتين أو أراد إخفاءه في نفسه؟ .
فالجواب: إن قوله ﴿نداء خفيا) الظاهر أنه أراد الهمس بالشفتين ويقال: ﴿أخفى دعاءه عن قومه خاليا في جوف الليل، وناداه بقلبه سرا في نفسه وقيل مخلصا فيه لم يطلع عليه إلا من ناجاه»﴿[189]).
ويقول شيخ الإسلام في إخفاء الدعاء فوائد عديدة﴿[190]):
أحدهما: أنه أعظم إيمانا لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع الدعاء الخفي.
ثانيهما: أنه أعظم في الأدب والتعظيم لأن الملوك لا تُرفع الأصوات عندهم ومن رفع صوته لديهم مقتوه، ولله المثل الأعلى فإذا كان يسمع الدعاء الخفي فلا يليق بالأدب بين يديه إلا خفض الصوت.
وثالثهما: أنه أبلغ في التضرع والخشوع الذي هو روح الدعاء ولبه ومقصوده فإن الخاشع الذليل إنما يسأل مسألة مسكين ذليل قد أنكر قلبه وذلت جوارحه، وخشع صوته حتى أنه ليكاد تبلغ ذلته وسكينته وضراعته إلى أن ينكسر لسانه فلا يطاوعه بالنطق وقلبه يسأل طالبا مبتهلا ولسانه لشدة ذلته ساكتا وهذا الحال لا تأتي مع رفع الصوت بالدعاء أصلا.
ورابعها: أنه أبلغ في الإخلاص.
وخامسها: أنه أبلغ في جمعية القلب على الذلة في الدعاء فإن رفع الصوت يفرقه فكلما خفض صوته كان أبلغ في تجريد همته وقصده للمدعو سبحانه.
سادسها: وهو من النكت البديعة جدًا. أنه دال على قرب صاحبه للقريب لا مسألة نداء البعيد للبعيد ولهذا أثنى الله على عبده زكريا بقوله عز وجل: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ فلما استحضر القلب قرب الله عز وجل وأنه أقرب إليه من كل قريب أخفى دعاءه ما أمكنه وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المعنى بعينه بقوله في الحديث الصحيح لما رفع الصحابة أصواتهم بالتكبير وهم معه في السفر فقال: «أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سمعيا قريبا أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته»﴿[191]) وقد قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186] وهذا القرب من الداعي هو قرب خاص ليس قربا عاما من كل أحد فهو قريب من داعيه وقريب من عابديه وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.
وقوله تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: 55] فيه الإرشاد والإعلام بهذا القرب.
وسابعها: إنه أدعى إلى دوام الطلب والسؤال فإن اللسان لا يمل والجوارح لا تتعب بخلاف ما إذا رفع صوته فإنه قد يمل اللسان وتضعف قواه، وهذا نظير من يقرأ ويكرر فإن صوته لا يطول له، بخلاف من خفض صوته.
وثامنها: أن إخفاء الدعاء أبعد له من القواطع والمشوشات فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يدر به أحد فلا يحصل على هذا تشويش ولا غيره وإذا جهر به فرطت له الأرواح البشرية ولابد وما نعته وعارضته ولو لم يكن إلا أن تعلقها به يفرغ عليه همته، فيضعف أثر الدعاء ومن له تجربة يعرف هذا، فإذا أسر الدعاء أمن من هذه المفسدة.
وتاسعها: أن أعظم النعمة الإقبال والتعبد ولكل نعمة حاسد على قدرها دقت أو جلت ولا نعمة أعظم من هذه النعمة فإن أنفس الحاسدين متعلقة بها وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد وقد قال يعقوب عليه السلام لابنه يوسف عليه السلام: ﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ [يوسف: 5] وكم من صاحب قلب وجميعه وحال مع الله تعالى قد تحدث بها وأخبر بها فسلبه إياها الأغيار ولهذا يوصي العارفون والشيوخ بحفظ السر مع الله تعالى ولا يطلع عليه أحد، والقوم أعظم شيئا كتمانا لأحوالهم مع الله وما وهب الله من محبته والأنس به وجميعه القلب ولاسيما فعله للمهتدي السالك فإذا تمكن أحدهم وقوي في قلبه وثبت أصول تلك الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء في قلبه –بحيث لا يخشى عليه من العواصف فإنه إذا أبدى حاله مع الله تعالى ليقتدى به ويؤتم به- لم يبال وهذا باب عظيم النفع إنما يعرفه أهله.
وإذا كان الدعاء المأمور بإخفائه يتضمن دعاء الطلب والثناء والمحبة والإقبال على الله تعالى فهو من عظيم الكنوز التي هم أحق بالإخفاء عن أعين الحاسدين.
ب- اتخاذ الدعاء مادة للمزح والتندر: إذ إن الدعاء عبادة كما ورد ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدعاء هو العبادة»﴿[192]) فكيف يليق بمؤمن أن يتخذها مادة للمزح والتندر ولأن هذه الحالة أبعد ما تكون عن التضرع والخشوع والله يقول: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: 55].
وقد تدخل في باب الاستهزاء بالدين وهنا الخطر الأكبر.
ج- الدعاء مع النعاس أو فرط الشبع أو مدافعة الأخبثين أو ملامسة النجاسة أو أثناء كشف العورة وغيرها من الحالات التي لا تناسب التقرب.
د- التلحين والتغني والتطريب والتمطيط في أداء الدعاء، لأنه ينافي الضراعة والابتهال، وهذا مما ابتلينا في زماننا هذا فيندر أن نجد إماما في القنوت خاصة يبتعد عن مثل هذا التعدي، لأنه يرى أن هذا الأداء ادعى في التأثير في قلوب الناس مما يحصل به البكاء وأنه إذا سلك غير ذلك فإنه قد لا يؤثر فيهم، ومما لا شك فيه أن الغاية الحسنة لا تجوز الوسيلة المخترعة على غير هدى. فالخير كل الخير في اتباع هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك والبعد عن مثل هذا الاعتداء لأنه قد يمنع الإجابة.
قال الكمال ابن الهمام﴿[193]): ﴿ما تعارفه الناس في هذه الأزمنة من التمطيط والمبالغة في الصياح والاشتغال بتحريرات النغم إظهارا للصناعة النغمية لا إقامة للعبودية فإنه لا يقتضي الإجابة بل هو من مقتضيات الرد... إلى أن قال: ولا أرى أن تحرير النغم في الدعاء كما يفعله القراء في هذا الزمان يصدر ممن يفهم معنى الدعاء والسؤال وما ذاك إلا نوع لعب فإنه لو قدر في الشاهد سائل حاجة من ملك أدى سؤاله وطلبه بتحرير النغم فيه من الخفض والرفع والتطريب والترجيح كالتغني نسب البتة إلى قصد السخرية واللعب إذ مقام طلب الحاجة التضرع لا التغني، فاستبيان إن ذاك من مقتضيات الخيبة والحرمان).اهـ﴿[194]).
* الإطالة المملة في دعاء القنوت والتي تشق على الناس وتثقل عبادتهم فيؤمنون وقلوبهم قد كلت وسئمت، وهذا من فتنة الناس عن العبادة وتثقيلها عليهم وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أنكر على معاذ إطالة قراءة القرآن في الصلاة فكيف بإطالة غيره.
* وعند التأمل في قنوته - صلى الله عليه وسلم - وكذا ما ورد من القنوت عن أصحابه رضوان الله عليهم نجده لا يبلغ معشار ما يدعو به كثير من الأئمة اليوم وكان السلف رحمهم الله يحددون القنوت بأشياء يسيره كما قال إبراهيم النخعي رحمه الله ﴿يقام في القنوت قدر إذا السماء انشقت)﴿[195]). وبهذا القدر حدد الحنفية مقدار القنوت﴿[196]).
* وكان الحسن البصر رحمه الله يقنت بالقنوت الوارد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو قوله: ﴿اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ولا نكفرك ونؤمن بك ونخلع من يفجرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق. اللهم عذب الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك ولا يؤمنون بوعدك وخالف بين كلمتهم وألق في قلوبهم الرعب وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم وألف بين قلوبهم واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة وثبتهم على ملة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتم عليه وانصرهم على عدوك وعدوهم إله الحق واجعلنا منهم)﴿[197]).
ثم يخر الحسن البصري بعد هذا الدعاء ساجدا وكان لا يزيد عليه شيئا وكان بعض من يسأله يقول: يا أبا سعيد أيزيد على هذا شيئا من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والدعاء والتسبيح والتكبير فيقول: لا أنهاكم ولكني سمعت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزيدون على هذا شيئا وكان يغضب إذا أرادوه على الزيادة﴿[198]).
* إذاً فالمشروع في القنوت عدم الإطالة، أما إن كانت إطالة لحالة عارضة أو نادرة أو كان في جماعة محصورين يطيلون أو يرضون بالتطويل فلا بأس، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ﴿ولكن إذا كان إماما فلا ينبغي أن يطيل الدعاء بحيث يشق على من وراءه أو يملهم إلا أن يكونوا جماعة محصورين يرغبون ذلك)﴿[199]).
* تعفير الوجه في التراب أثناء الدعاء وهذه هيئة خاصة مرتبطة بعبادةٍ لم يرد دليل على مشروعيتها﴿[200]).
* تكلف البكاء والشهقة والخشوع واضطراب الأعضاء خاصة في القنوت ولأن القنوت جزء من أجزاء الصلاة استلزم الأمر معرفة حكم البكاء في الصلاة حتى يتضح حكم البكاء في القنوت وقد ذكر الأحناف والمالكية والحنابلة أن البكاء في الصلاة من خشية الله تعالى لا يبطل الصلاة مطلقا. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: إن هذا ليس من جنس الكلام فلا يمكن قياسه على الكلام﴿[201]).
* قد استدلوا ما يلي:
1- عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء»﴿[202]).
2- عن عبد الله بن شداد قال: ﴿سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف يقرأ: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف: 86]﴿[203]).
والنشيج رفع الصوت بالبكاء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﴿وهذا محفوظ عن عمر ذكره مالك وأحمد وغيرهما)﴿[204]).
إذاً فالراجح هو أن البكاء من خشية الله لا يفسد الصلاة لقوة الأدلة وصراحتها وكذلك لأن هذا البكاء ليس من جنس الكلام كما تقدم.
أما استدعاء البكاء وتطلبه من قبل بعض الأئمة والاحتجاج بحديث سعد بن أبي وقاص: «فإن لم تبكوا فتباكوا». فإن هذا مردود بأمور:
1- أن الحديث ضعيف.
2- أنه على فرض صحة الحديث فهو في قراءة القرآن كما هو نص الحديث حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن هذا القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا»﴿[205]) وليس في الدعاء.
ومن المعلوم أن الدعاء عبادة توقيفية، وهذا الذي وصفت ليس عليه دليل لا من الكتاب ولا من السنة، فتحقق أنه لا أصل له في الشرع المطهر﴿[206]).
* الإشارة بأصبعين أثناء الدعاء: فقد نص الفقهاء على أنه يكره الإشارة في الدعاء بأصبعين واستدلوا بما يلي:
1- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يدعو بأصبعين فقال: «أحد أحد»﴿[207]).
وجه الدلالة: معنى قوله: «أحد أحد» أي أشر بأصبع واحدة لأن الذي تدعو إليه واحد وهو الله تعالى، وكرر للتأكيد في التوحيد وإنما نهاه أن يشير بأصبعين لأن الدعاء يجب أن يكون أما باليدين وبسطهما على معنى التضرع والرغبة وإما الإشارة بالواحدة على معنى التوحيد والحكمة في النهي عنه أن يستعمل في التوحيد قلبه اعتقادا ولسانا، ويكون جامعا بين الفعل والقول والاعتقاد﴿[208]).
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبصر رجلا يدعو بأصبعيه جميعا فنهاه وقال: «بأحدهما باليمين»﴿[209]).
3- وروى الطبراني في الأوسط نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل يشير بأصبعيه فقال: «أوحد.. أوحد»﴿[210]).
السجود لأجل الدعاء:
بحيث يسجد سجودا مجردا لأجل الدعاء كهيئة سجود التلاوة والشكر وهذه صفة لم ترد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما الأحاديث الواردة والتي فيها ذكر الحث على الإكثار من السجود مثل حديث ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عمل يدخلني الجنة أو قال: بأحب الأعمال إلى الله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «عليك بكثرة السجود»﴿[211]).
وكذلك حديث ربيعة بن مالك الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فآتيه بوضوئه وحاجته فقال لي: «سلني» فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة قال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود»﴿[212]).
وكذلك حديث عبادة بن الصامت أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد يسجد لله سجدة إلا كتب الله عز وجل له بها حسنة ومحا عنه بها سيئة ورفع له بها درجة فاستكثروا من السجود»﴿[213]).
فإن المراد بالسجود هنا هو الصلاة فعبر عن كلها ببعضها فإن الشيء يسمى ببعضه لاسيما إذا كان بعض الشيء أهم ما فيه فالسجود أهم ما في الصلاة لما فيه من كمال الخضوع والاستكانة لله تعالى والقرب منه»﴿[214]).
قال النووي: فيه الحث على كثرة السجود والترغيب فيه والمراد به ﴿السجود في الصلاة)﴿[215]).
قال صاحب الديباج على مسلم: ﴿إن كثرة السجود هو كناية عن كثرة الصلاة)﴿[216]).
قال العراقي: ﴿وليس المراد هنا السجود المنفصل عن الصلاة كالتلاوة والشكر فإنه إنما يشرع لعارض وإنما المراد سجود الصلاة)﴿[217]).
قال الشوكاني في نيل الأوطار: ﴿وهو يدل على أن كثرة السجود مرغب فيها والمراد به السجود في الصلاة﴿[218]).
ولا يلزم من كون السجود قربة في الصلاة أن يكون قربة خارج الصلاة. قال الفقيه أبو محمد: لم ترد الشريعة بالتقرب إلى الله تعالى بسجدة منفردة لا سبب لها، فإن القُرب لها أسباب وشرائط وأوقات وأركان لا تصلح بدونها وكما لا يتقرب إلى الله تعالى بالوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة من غير نسك واقع في وقته بأسبابه وشرائطه فكذلك لا يتقرب إلى الله تعالى بسجدة منفردة)﴿[219]).
مما سبق يتبين عدم مشروعية السجدة المفردة لأجل الدعاء لأنها هيئة خاصة يتعبد بها لم يرد دليل على مشروعيتها. خاصة إذا كانت ديدن الإنسان كلما أراد أن يدعو سجد.
المبحث الرابع
الاعتداء في الدعاء المكاني
وتعريفه: التعبد لله باتخاذ أمكنة معينة تخص بالدعاء دون دليل شرعي.
إن إفراد بعض الأماكن وخصها بالذكر واتخاذ ذلك سنة راتبة مما لم يرد فيه دليل, لا من الكتاب ولا من السنة فإنه يعتبر من البدع المحدثة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ﴿فمن قصد بقعة يرجو الخير بقصدها ولم تستحب الشريعة ذلك فهو من المنكرات وبعضه أشد من بعض سواء كانت البقعة شجرة أو عين ماء أو جبلا أو مغارة وسواء قصها يصلي عندها أو ليدعو عندها أو ليقرأ عندها أو ليذكر الله سبحانه عندها بحيث يخص تلك البقعة بنوع من العبادة التي لم يشرع تخصيص تلك البقعة به لا عينا ولا نوعا)﴿[220]).
أولا المقابر:
الدعاء عند القبر على أقسام:
1- الدعاء لصاحب القبر وهذا سنة لفعله - صلى الله عليه وسلم -.
* فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما كان ليلتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد»﴿[221]).
* عن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين إن شاء الله بكم لاحقون فنسأل الله لنا ولكم العافية»﴿[222]).
مما سبق يدل على استحباب زيارة القبور والسلام على أهلها والدعاء لهم.
2- الدعاء عندها لنفسه، واعتقاد أن الدعاء عندها أفضل، يقول شيخ الإسلام ﴿أن يتحرى الدعاء عندها بحيث يستشعر أن الدعاء هناك أجوب منه في غيره فهذا النوع منهي عنه)﴿[223]). وقال في موضع آخر وما أحفظ لا عن صحابي ولا عن تابعي ولا إمام معروف أنه استحب قصد شيء من القبور للدعاء عنده ولا روى أحد في ذلك شيء لا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه ولا عن أحد من الأئمة المعروفين وقد صنف الناس في الدعاء وأوقاته وأمكنته وذكروا فيه الآثار فما ذكر أحد منهم في فضل الدعاء عند شيء من القبور حرفا واحدا فيما أعلم فكيف يجوز والحالة هذه أن يكون الدعاء عندها أجوب وأفضل والسلف تنكره ولا تعرفه وتنهى عنه ولا تأمر به﴿[224]). وقال وقد أوجب اعتقاد استجابة الدعاء عندها وفضله أن تنتاب لذلك وتُقصد وربما اجتمع عندها اجتماعات كثيرة في مواسم معينة وهذا بعينه هو الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «لا تتخذوا قبري عيدا»﴿[225]).
3- دعاء صاحب القبر من دون الله وهذا شرك أكبر مخرج من الملة لأنه قد صرف نوعا من أنواع العبادة لغير الله. قال تعالى: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس: 106].
فهذه الآية دلت على النهي عن أن يتوجه أحد إلى غير الله جل وعلا بدعاء مسألة أو دعاء عبادة وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك أعظم النهي ووجه الخطاب إليه بذلك مع أنه إمام المتقين وإمام الموحدين وقوله تعالى لنبيه: ﴿فَإِنْ فَعَلْتَ﴾ يعني إن دعوت من دون الله أحدًا وذلك لأحد موصوف بأنه لا ينفعك ولا يضرك، ﴿فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ وهذا إذا كان في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كمل الله له التوحيد أنه إذا حصل منه الشرك فإنه يصبح ظالما ويصبح مشركا وحاشاه - صلى الله عليه وسلم - من ذلك فهو تخويف عظيم لمن هو دونه ممن لم يُعصم ولم يعط العصمة من باب أولى﴿[226]).
ثانيا: الدعاء في المساجد التي فيها قبور:
فقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النهي عن اتخاذ القبور مساجد ولعن من فعل ذلك فقد أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ﴿لما نزل برسول الله طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها، فقال: وهو كذلك: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا ولولا ذلك أُبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا)﴿[227]).
فهو - صلى الله عليه وسلم - وهو في ذلك الغم وتلك الشدة العظيمة ونـزول سكرات الموت به لم يغفل –وهو في تلك الحال- تحذير الأمة من وسيلة من وسائل الشرك وتوجيه اللعن والدعاء على اليهود والنصارى بلعنة الله لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. فالمكان المتخذ مسجدا إنما يقصد فيه عبادة الله وحده ودعاؤه لا دعاء المخلوقين فحرم - صلى الله عليه وسلم - أن نتخذ قبورهم مساجد تقصد الصلاة فيها كما تقصد المساجد وإن كان القاصد لذلك إنما يقصد عبادة الله وحده لأن ذلك ذريعة إلى أن يقصد المسجد لأجل صاحب القبر ودعائه والدعاء به والدعاء عنده)﴿[228]).
وهذا كله فيمن لم يقصد الدعاء في تلك المساجد لأجل صاحب القبر أما إن قصدها لأجل القبر تبركا به معتقدا أن الدعاء عنده أفضل من الدعاء في المساجد المجردة عن القبور فهو عين المشاقة والمحادة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -﴿[229]).
ثالثا: الدعاء في الكنائس:
إن الكنائس هي بقاع يكرهها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وهي بيوت لشياطين الإنس والجن لما يقع فيها من الكفر بالله ورسوله والشرح بل وتنطلق منها المؤامرات والدسائس لمحادة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. ولما فيها من التصاوير والتماثيل فكيف يستقيم دعاء المؤمن لربه والحالة هذه.
وقد ورد النهي عن الصلاة في مسجد الضرار قال تعالى: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾ [التوبة: 108]، وكذلك النهي عن الذبح لله في مكان يُذبح فيه لغير الله أو كان يذبح فيه لغير الله لحديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: ﴿نذر رجل أن يذبح إبلا ببوانة فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «هل كان فيه وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟» قالوا: لا، قال: «فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟» قالوا: لا قال: «أوفِ بنذرك فإنه لا وفاء بنذر في معصية الله ولا فيما لا يملكه ابن آدم»﴿[230]). لأن أماكن الشرك والمحادة لله ورسوله لا يُتعبد فيها لله تعالى.
ولأنه قد شابه أولئك المشركين في تعظيم هذه البقاع التي تعبدون فيها بأنواع العبادات التي يصرفونها لغير الله جل وعلا –فدعاء الله وحده- إن كان مخلصا له- إن كان في ذلك المكان الذي يتقرب فيه لغير الله فإنه لا يحل ولا يجوز بل هو من وسائل الشرك ومما يُغري بتعظيم ذلك المكان وحكمه أنه محرم لأجل هذه المشابهة في الفعل فهو يدعو إلى تعظيم هذه البقاع بفعله وإن لم يقصد التعظيم. لكن قد يقول قائل: إنه جاء الإذن عن الصحابة بالصلاة في الكنيسة وقد صلى عمر رضي الله عنه في كنيسة بيت المقدس﴿[231]) فالدعاء من باب أولى.
فالجواب: إن هذا الإيراد ليس بوجيه ذلك لأن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في مسجد الضرار وعن الذبح بمكان يذبح فيه لغير الله إنما هو لأن صورة العبادة واحدة فصورة الذبح من الموحد ومن المشرك واحدة وهي إمرار السكين آلة الذبح على الموضع من البهيمة المراد ذبحها وإهراق دمها في ذلك المكان والصورة الحاصلة من الموحد ومن المشرك واحدة ولهذا فإنه لا تمييز بين الصورتين من حيث الظاهر وإن اختلفت مقاصدها فكذلك صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة في مسجد الضرار فيها مشابهة من حيث الصورة لصلاة المنافقين ولهذا تقع المفسدة من حيث اشتباه الصورة الظاهرية وكذلك بالنسبة للدعاء في الكنيسة فقد تتشابه صورة دعاء المسلم ودعاء النصراني إلى حد كبير.
وأما في الصلاة في الكنيسة فإن صورة الفعل مختلفة لأن صلاة النصارى ليست على هيئة وصورة صلاة المسلمين فيعلم من رأى المسلم يصلي أنه لا يصلي صلاة النصارى فليس في فعله إغراء بصلاة النصارى ومشاركتهم فيها﴿[232]).
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الصلاة في الكنيسة وإليك الجواب:
مسألة: هل الصلاة في البيع والكنائس جائزة مع وجود الصور أم لا؟ وهل يقال أنها بيوت الله أم لا؟
الجواب: ليست بيوت الله وإنما بيوت الله المساجد بل هي بيوت يُكفر فيها الله وإن كان قد يذكر فيها، فالبيوت بمنـزلة أهلها وأهلها كفار، فهي بيوت عبادة الكفارة وأما الصلاة فيها ففيها ثلاثة أقوال للعلماء في مذهب أحمد وغيره المنع مطلقا وهو قول مالك والإذن مطلقا وهو قول بعض أصحاب أحمد والثالث وهو الصحيح المأثور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره وهو منصوص عن أحمد وغيره أنه إن كان فيها صور لم يصل فيها لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدخل الكعبة حتى محا ما فيها من الصور.
وكذلك قال عمر: أنا لا أدخل كنائسهم والصور فيها وهي بمنـزلة المسجد المبني على القبر ففي الصحيحين أنه ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - كنيسة بأرض الحبشة وما فيها من الحسن والتصاوير فقال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك التصاوير أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة»﴿[233]). وأما إذا لم يكن فيها صور فقد صلى الصحابة في الكنيسة والله أعلم﴿[234]).
رابعا: تتبع آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء المكانية للدعاء:
مثل من يذهب إلى غار حراء أو غار ثور أو مكان مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو مبرك ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - شرق البقيع أو زيارة الأماكن الأثرية التي تعود إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة كالذهاب إلى موضع بيعة العقبة الذي خلف منى أو إلى أماكن الغزوات إلا ما استثنى كأحد وقباء فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يزورهما. أو يذهب إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام ليصلي فيه ويدعو أو يسافر إلى غير هذه الأمكنة من الجبال وغير الجبال التي يقال فيها مقامات الأنبياء أو غيرهم أو مشهد مبني على أثر نبي من الأنبياء.
ومعلوم أنه لو كان هذا مشروعا مستحبا يثيب الله عليه لكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم الناس بذلك ولكان علم أصحابه بذلك وكان أصحابه أعلم بذلك فلما لم يكونوا يلتفون إلى شيء من ذلك علم أنه من البدع المحدثة التي لم يكونوا يعدونها عبادة وقربة وطاعة فمن جعلها عبادة وقربة وطاعة فقد اتبع غير سبيلهم وشرع من الدين ما لم يأذن به الله﴿[235]).
وعن معرور بن سيويد عن عمر رضي الله عنه قال: خرجنا معه في حجة حجها فقرأ بنا في الفجر بـ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾ و﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ فلما رجع من حجته رأى الناس ابتدروا المسجد فقال: ما هذا؟ قالوا: مسجد صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:
هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم: اتخذوا قبور أنبيائهم بيعا، من عرضت له منكم فيه الصلاة فليصل ومن لم تعرض له الصلاة فليمض﴿[236]).
وفي رواية عنه: ﴿أنه رأى الناس يذهبون مذاهب فقال: أين يذهب هؤلاء؟ فقيل: يا أمير المؤمنين، مسجد صلى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهم يصلون فيه فقال: إنما هلك من كان من قبلكم بمثل هذا، كانوا يتبعون آثار أنبيائهم ويتخذونها كنائس وبيعا، فمن أدركته الصلاة منكم هذا المساجد فليصل، ومن لا فليمض ولا يتعمدها)﴿[237]).
وقال ابن وضاح﴿[238]): ﴿وقد كان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار بالمدينة ما عدا قباء وأحد)﴿[239]).
المبحث الخامس
الاعتداء في الدعاء الزماني
تعريفه: التعبد لله باتخاذ أزمنة معينة تخص بالدعاء دون دليل شرعي.
فالأصل أن الدعاء مستحب في كل وقت وفي كل زمن حتى في وقت النهي وورد الشرع باستحبابه في أزمنة معينة﴿[240]).
قال الشاطبي: ﴿في الاعتصام) عن الكلام عن البدع الإضافية...) ومن ذلك تخصيص الأيام الفاضلة بأنواع من العبادات التي لم يشرع لها تخصيص كتخصيص اليوم الفلاني بكذا وكذا من الركعات أو بصدقة كذا وكذا أو الليلة الفلانية بقيام كذا وكذا...
ثم قال: ولا حجة لمن يقول: إن هذا الزمان ثبت فضله على غيره فيحسن فيه إيقاع العبادات لأنا نقول: هذا الحسن هل ثبت له أصل أم لا؟ فإن ثبت فمسألتنا كما ثبت الفضل في قيام ليالي رمضان وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام الاثنين والخميس فإن لم يثبت فما مستندك فيه والعقل لا يحسن ولا يقبح ولا شرع يستند إليه؟ فلم يبق إلا أنه ابتداع في التخصص﴿[241]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ﴿إن العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات حتى تصير سننًا ومواسم، قد شرع الله فيها ما فيه كفاية للعباد فإذا حدث اجتماع زائد على هذه الاجتماعات كان ذلك مضاهاة لما شرعه الله وسنَّه)﴿[242]).
أولا: دعاء ليلتي أول يوم من السنة وآخرها:
فقد اخترع بعض المبتدعة دعاء ليلتي أول يوم من السنة وآخرها وصار العامة في بعض البلدان الإسلامية يرددونها مع أئمتهم في بعض المساجد وهذا الدعاء لم يؤثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه ولا عن التابعين ولم يرو في مسند من المسانيد﴿[243]).
وهذا نصه: ﴿اللهم ما عملته في هذه السنة ما نهيتني عنه ولم ترضه ونسيته ولم تنسه وحلمت عليَّ في الرزق بعد قدرتك على عقوبتي ودعوتني إلى التوبة بعد جراءتي على معصيتك، اللهم إني أستغفرك منه فاغفر لي وما عملته فيها من عمل ترضاه ووعدتني عليه الثواب فأسألك يا كريم يا ذا الجلال والإكرام أن تقبله مني ولا تقطع رجائي منك يا كريم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
يقولون: فإن الشيطان يقول: قد تعبنا معه سائر السنة فأفسد عملنا في ليلة واحدة ويحثو التراب على وجهه﴿[244]).
ثانيا: دعاء ليلة النصف من شعبان:
حيث تُخص هذه الليلة بالدعاء المعروف الذي يطلب فيه من الله أن يمحو من أم الكتاب شقاوة من كتبه شقيًّا... الخ ونصه ما يلي: ﴿اللهم يا ذا الجلال ولا يمنُّ عليه يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الطول والإنعام لا إله إلا أنت ظهر اللاجئين وجار المستجيرين وأمان الخائفين اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا أو محروما أو مطرودا أو مقترا علي في الرزق فامح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي وثبتني عندك في أم الكتاب سعيدا مرزوقا موفقا للخيرات فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنـزل على لسان نبيك المرسل ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: 39] إلهي بالتجلي الأعظم في ليلة النصف من شعبان المكرم التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم أسألك أن تكشف عنا البلاء ما نعلم وما لا نعلم وما أنت به أعلم إنك أنت الأعز الأكرم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم.
وهذا الدعاء ليس له أصل صحيح في السنة فلم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه ولا عن السلف، وقد أنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم عطاء وابن أبي مليكة وفقهاء المدينة وأصحاب مالك وقالوا كل ذلك بدعة﴿[245]).
ثالثا: دعاء آخر أربعاء من شهر صفر:
ورد في الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم - «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر»﴿[246]) قال ابن رجب: إن المراد أن أهل الجاهلية كانوا يتشاءمون بصفر ويقولون: أنه شهر مشئوم فأبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك﴿[247]).
فكثير من الجهال يتشائم بصفر وقد قال بعض الجهال: ذكر بعض العارفين أنه ينـزل في كل سنة ثلاثمائة وعشرون ألفا من البليات، وكل ذلك يوم الأربعاء الأخير من صفر فيكون ذلك اليوم أصعب أيام السنة فمن صلى في ذلك اليوم أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وسورة الكوثر سبع عشرة مرة والإخلاص خمس عشرة مرة والمعوذتين مرة ويدعو بعد السلام بهذا الدعاء، حفظه الله بكرمه من جميع هذه البليات
التي تنـزل في ذلك اليوم ولم تحم حوله بلية في تلك السنة، ونص الدعاء هو ﴿بعد البسملة.. اللهم يا شديد القوة ويا شديد المحال، يا عزيز، يا من ذلت لعزتك جميع خلقك اكفني من شر خلقك يا محسن يا مجمل يا متفضل يا منعم يا متكرم، يا من لا إله إلا أنت ارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم بسر الحسن وأخيه وجده وأبيه وأمه وبنيه﴿[248])، اكفني شر هذا اليوم وما ينـزل فيه يا كافي المهمات ويا دافع البليات، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين)﴿[249]).
والتشاؤم من الاعتقادات الجاهلية التي انتشرت وللأسف الشديد بين كثير من جهال المسلمين نتيجة جهلهم بالدين عموما وضعف عقيدة التوحيد خصوصا.
والتشاؤم مما ينافي تحقيق التوحيد وتحقيق التوحيد فيه ما يكون واجبا ومنه ما يكون مندوبا، فالواجب تخليصه وتصفيته عن الشرك والبدع والمعاصي. فلا يكون العبد محققا التوحيد حتى يسلم من الشرك بنوعيه ويسلم من البدع والمعاصي﴿[250]).
رابعا: بدعة سرد آيات الدعاء:
ومن البدع التي في رمضان ابتداع بعض الجهلة سرد جميع ما في القرآن من آيات الدعاء في آخر ركعة من التراويح بعد قراءة سورة الناس فيطول الركعة الثانية على الأولى، ولا أصل لذلك في الشريعة بل هو مما يوهم أنه من الشرع وليس منه﴿[251]).
خامسا: التعريف:
المراد بالتعريف: هو اجتماع غير الحاج في المساجد عشية يوم عرفة في غير موطن عرفة، يفعلون ما يفعله الحاج يوم عرفة من الدعاء والثناء﴿[252]).
والتعريف نوعان:
الأول: اتفق العلماء على كراهته وكونه بدعة وأمرًا باطلا وهو الاجتماع في يوم عرفة عند القبور أو تخصيص بقعة بعينها للتعريف فيها كالمسجد الأقصى وتشبيه هذه الأماكن بعرفات لأن ذلك يعتبر حجا مبتدعا ومضاهاة للحج الذي شرعه الله حتى وصل بهم الأمر إلى أن زعموا أن من وقف ببيت المقدس أربع وقفات فإنها تعدل حجة ثم يجعلون ذلك ذريعة إلى إسقاط الحج إلى بيت الله الحرام كما ذكر الطرطوشي في كتابه الحوادث والبدع﴿[253]).
وهذا النوع الذي قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ﴿لا أعلم بين المسلمين خلافا في النهي عنه)﴿[254]).
الثاني: ما اختلف العلماء فيه قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر فقال بعضهم محدث وبدعة وقال بعضهم: لا بأس به والراجح والله أعلم أنه إلى البدعة أقرب منه إلى السنة وأما من رخص فيه مستندًا إلى فعل ابن عباس أنه أول من عرف بالناس في البصرة فيفسر شيئا من القرآن ويذكر الناس﴿[255]) فإن ابن عباس لم يكن يقصد أن يجتمع الناس للدعاء والاستغفار مضاهاة لأهل عرفة وأن ذلك من شعائر الدين كما بين ذلك أبو شامة في كتابه الباعث وإنما كان اجتماع الناس لسماع تفسير القرآن وكذلك لم يرد أن ابن عباس رضي الله عنهما كرر ذلك الفعل مرة أخرى فكيف بمن اتخذ ذلك سنة مشروعة يفعلها كل عام؟﴿[256]).
الباب الثاني
الاعتداء في الدعاء في العبادة
وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: الاعتداء في الدعاء في الصلاة.
الفصل الثاني: الاعتداء في الدعاء في الحج.
الفصل الثالث: الاعتداء في الدعاء في الصيام.
الفصل الأول
الاعتداء في الدعاء في الصلاة
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الاعتداء في الدعاء في الصلاة المكتوبة.
المبحث الثاني: الاعتداء في الدعاء في الصلاة النافلة.
المبحث الأول
الاعتداء في الصلاة المكتوبة
الصلاة هي عماد الدين وهي موطن لإجابة الدعاء فالصلاة كلها دعاء، فالدعاء روحها وأسها. فكيف يرجو المصلي الإجابة وهو قد اعتدى في دعائه وأين؟ في صلاته.
ومن صور الاعتداء ما يلي:
الاعتداء في الدعاء في الصلاة المكتوبة:
1- عدم تحريك اللسان بقدر ما يسمع نفسه في أذكار الصلاة وأدعيتها والاكتفاء بمرورها على القلب:
قال محمد بن رشد﴿[257]):
أما قراءة الرجل في نفسه ولم يحرك به لسانه فليس بقراءة على الصحيح لأن القراءة إنما هي النطق باللسان وعليها تقع المجازاة والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [البقرة: 286] وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها»﴿[258]).
فكما لا يؤاخذ الإنسان بما حدثت به نفسه من الشر ولا يضره فكذلك لا يجازى على ما حدث به نفسه من القراءة أو الخير، المجازاة التي يجازى بها على تحريك اللسان بالقراءة وفعل الخير﴿[259]).
ولهذا قرر العلماء المانعون الجنب من القرآن، جواز تمرير الآيات على القلب إذ أن التمرير غير القراءة.
وهذا مما يلحظ على بعض المصلين خصوصا في الصلاة السرية ظنا منه أن الصمت مع قراءة القلب وإمرار الأدعية عليه كافٍ، وقد نص المحققون على أن هذا العمل لا يجزئ في الصلاة بل هي باطلة﴿[260]).
2- الجهر بأدعية مثل دعاء الاستفتاح لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجهر به ولذا يعد الجهر بدعاء الاستفتاح من البدع المكروهة في الصلاة لأنه لم يفعله عليه الصلاة والسلام.
3- الدعاء أثناء قراءة الفاتحة: اتفق الفقهاء على أنه لا يشرع للمصلي أن يشتغل أثناء قراءة الفاتحة بدعاء ولا غيره بل يجب عليه موالاتها بأن يصل الكلمات بعضها ببعض ولا يفصل إلا بقدر التنفس﴿[261]).
ومن صوره:
أ- دعاء المأموم عند قراءة الإمام ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ كقولهم ﴿استعنت بك يا رب) أو ﴿اللهم إياك نستعين) ونحو ذلك و﴿رب اغفر لي ولوالدي) حين يقرأ الإمام ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾﴿[262]).
ب- تشديد الميم في ﴿آمين).
قال الفقهاء: فإن شدد الميم في ﴿آمين) بطلت الصلاة لأن معناها حينئذ ﴿قاصدين) ولهذا قالوا: يحرم أن يشدد وتبطل الصلاة لأنه أتى بكلام من جنس كلام المخلوقين﴿[263]).
4- الدعاء عند آية الرحمة والاستعاذة عند آية الوعيد في صلاة الفرض لعدم فعله - صلى الله عليه وسلم - ذلك.
ولحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في صلاة ليست بفريضة فمر بذكر الجنة والنار فقال: «أعوذ بالله من النار»﴿[264]). فقيده الراوي بصلاة غير الفريضة وأما حديث حذيفة رضي الله عنه قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة ثم مضى... وفيه قال: إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ... الحديث»﴿[265]).
وحديث عوف بن مالك رضي الله عنه قال: ﴿قمت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فبدأ فاستاك وتوضأ ثم قال: فصلى فبدأ فاستفتح البقرة لا يمر بآية رحمة إلى وقف فسأل... الحديث)﴿[266]).
فهي محمولة على النفل دون الفرض لأن الناقلتين لصفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكروا أنه فعل ذلك في الفريضة مطلقا. فتبين من ذلك أن الدعاء عند آيات الرحمة والسؤال في صلاة الفرض اعتداء.
5- الزيادة على الدعاء بغير الوارد في الاعتدال بعد الركوع:
معلوم أن الوارد في الاعتدال بعد الركوع التحميد وهو أن يقول ربنا لك الحمد وربما قال: ربنا ولك الحمد، وربما قال: اللهم ربنا لك الحمد، صح ذلك عنه﴿[267]).
وقد وردت أحاديث أخرى في الدعاء بعد الاعتدال من الركوع منها حديث ابن عباس في مسلم قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من الركوع قال: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد»﴿[268]). وفي رواية زاد: «اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ».
أما الزيادة بعد ذلك فممنوعة لأن الاعتدال ليس محلا للاجتهاد في الدعاء فإن زاد فقد اعتدى في دعائه.
6- الدعاء بعد التشهد الأول قبل القيام:
ذكر الفقهاء أنه يكره الدعاء في هذا الموطن واستدلوا بما يلي:
1- ما روى ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجلس في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف: وهي الحجارة المحماة على النار حتى يقوم﴿[269]). أي أنه لا يطول في جلوسه في هذا الموطن وأنه يقتصر على التشهد فقط دون غيره.
2- وكان الحسن يقول: ﴿لا يزيد في الركعتين على التشهد)﴿[270]).
3- وعن الشعبي قال من زاد في الركعتين الأوليين على التشهد فعليه سجدتا سهو﴿[271]).
وسبب إجابة السهو هو تأخير القيام عن محله لأنه لما زاد على التشهد بالدعاء حصل معه التأخر عن القيام لأن الجلوس للتشهد الأول هو بقدر قراءة التشهد فقط ثم يقوم وهذا من حديث ابن مسعود في وصفه لصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يجلس في الركعتين الأولين كأنه على الرضف ﴿ولأن الزيادة على التشهد مخالفة للإجماع فإن الطحاوي قال: من زاد على هذا فقد خالف الإجماع)﴿[272]).
قال ابن القيم: ﴿ولم ينقل عنه في حديث قط أنه صلى عليه وعلى آله في هذا التشهد ولا كان أيضا يستعيذ في من عذاب القبر وعذاب النار وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال﴿[273]).
وقد أفتت به اللجنة الدائمة ﴿لا يشرع له الدعاء في التشهد الأول وإنما يشرع في التشهد الثاني بعد الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الأحاديث)﴿[274]).
7- الدعاء بين التسليمتين:
كقولهم عند التسليم على اليمين أسألك الفوز بالجنة وعلى اليسار أعوذ بك من النار﴿[275]).
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل إذا سلم عن يمينه يقول: السلام عليكم ورحمة الله، أسألك الفوز بالجنة وعن شماله: السلام عليكم، أسألك النجاة من النار، فهل هذا مكروه أم لا؟
فأجاب: الحمد لله, نعم؛ يكره هذا لأن هذا بدعة فإن هذا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا استحبه أحد من العلماء، وهذا إحداث دعاء في الصلاة في غير محله يفصل بأحدهما بين التسليمتين ويصل التسليمة بالآخر وليس لأحد فصل الصفة المشروعة على هذا كما لو قال: سمع الله لمن حمده، أسألك الفوز بالجنة ربنا ولك الحمد أسألك النجاة من النار وأمثال ذلك﴿[276]).
8- رفع البصر إلى السماء في الصلاة أثناء الدعاء:
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم»﴿[277]).
وجه الدلالة: ظاهر الحديث أن رفع البصر عند الدعاء حال الصلاة حرام لأن العقوبة بالعمى لا تكون إلا محرم وهو وعيد عظيم.
ولما فيه من فوت كمال الخشوع ولأن فيه تشبها بالمجسمة وعبدة الكواكب والتفات إلى غير موضع المصلي﴿[278]).
فهو قد أتى بمحرم ولكن لا تبطل صلاته وهو قول جمهور أهل العلم﴿[279]).
وبهذا أفتت اللجنة الدائمة ﴿لا يجوز رفع الرأس للمصلي إلى السماء عند تكبيرة الإحرام ولا عند الدعاء لحديث: «لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم»﴿[280]).
9- الدعاء الجماعي بعد الصلاة:
الدعاء جماعة على صوت واحد بعد التسليم من الصلاة من الإمام والمأموم كالاستغفار بصوت واحد وقولهم بعد الاستغفار: ﴿يا أرحم الراحمين) أو اجتماعهم بعد التسليم من الصبح على: ﴿اللهم أجرني من النار ومن عذاب النار بفضلك يا عزيز يا غفار). إلى غير ذلك.
قال النووي: ﴿فإنها بدعة محدثة لم يعمل بها أحد من السلف)﴿[281]).
10- دعاء الإمام أو المؤذن وتأمين الجماعة بعد الصلاة:
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية﴿[282]) والمالكية﴿[283]) والشافعية﴿[284]) والحنابلة﴿[285]) إلى بدعة هذا العمل. لأن هذا العمل لم يكن من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فضلا على أن يداوم عليه كما يفعله البعض اليوم.
وكذلك لم يكن معهودا عند السلف.
والأصل في الأذكار والعبادات التوقيف وألا يعبد الله إلا بما شرع وكذلك إطلاقها أو توقيتها وبيان كيفياتها وتحديد عددها فيما شرعه الله من الأذكار والأدعية وسائر العبادات مطلقا عن التقييد بوقت أو عدد أو كيفية لا يجوز لنا أن نلتزم فيه بكيفية أو وقت أو عدد بل نعبده به مطلقا كما ورد. وما ثبت بالأدلة القولية أو العملية تقييده بوقت أو عدد أو تحديد مكان له أو كيفية، عبدنا الله به على ما ثبت من الشرع له ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قولا أو فعلا أو تقريرا الدعاء الجماعي عقب الصلوات أو قراءة القرآن مباشرة أو عقب كل درس، سواء كان ذلك بدعاء الإمام وتأمين المأمومين على دعائه أو كان بدعائهم كلهم جماعة ولم يعرف ذلك أيضا عن الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة رضي الله عنهم فمن التزم بالدعاء الجماعي عقب الصلوات أو بعد كل قراءة للقرآن أو بعد كل درس فقد ابتدع في الدين وأحدث فيه ما ليس منه وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»﴿[286]) وقال: «من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد»﴿[287])﴿[288]).
المبحث الثاني
الاعتداء في الدعاء في صلاة النافلة
1- الدعاء بين صلاة التراويح:
لم يرد الدعاء بين كل ترويحتين سواء بأدعية ورادة مخترعة فكل هذا لا أصل له في السنة﴿[289]).
وكذلك هناك صور أخرى للاعتداء في الدعاء في صلاة التراويح أثناء القنوت وقد سبقت الإشارة إلى ذلك﴿[290]).
2- الدعاء في الركعة الثانية من صلاة الكسوف جهرا وتأمين المصلين عليه:
لأن ذلك لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا أفتت اللجنة الدائمة حيث سئلت اللجنة عن إمام دعا بالناس في الركوع الثاني من صلاة الكسوف وأمنوا خلفه، فقالت اللجنة: أما الدعاء فيها على ما ذكر فلم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن خلفائه الراشدين رضي الله عنهم فيما نعلم فكان بدعة﴿[291]).
3- الجهر بالدعاء في صلاة الجنازة:
اتفق الفقهاء على أنه يسر بالدعاء في صلاة الجنازة لحديث أبي أمامة «من السنة في صلاة الجنازة أن يكبر ثم يقرأ بأم الكتاب مخافتة ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يخلص الدعاء للميت ويسلم».
* ولأن الدعاء الأول فيه المخافتة والإسرار لا الجهر.
* ولأن فيه تشويشا على المصلين فلو أن كل واحد جهر بالدعاء لاختلطت الأصوات ولما استطاع أحد أن يخلص الدعاء للميت كما أمر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -.
4- التطويل بالدعاء في صلاة الجنازة لمن كان إماما: لأن فيه مشقة على المأمومين وقد جاء الأمر للإمام بالنهي عن التطويل، لحديث: «من أم الناس فليخفف»﴿[292]).
5- أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تبع جنازة أكثر الصمت. فعن البراء بن عازب قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة فانتهينا إلى القبر فجلس كأن على رؤوسنا الطير)﴿[293]).
وكره العلماء أن يتكلم أحد في الجنازة ولا يقول القائل: استغفروا لأخيكم، فقد سمع ابن عمر رضي الله عنهما رجلا في جنازة يصيح ويقول: استغفروا لأخيكم، فقال ابن عمر: لا غفر الله لك﴿[294]).
وسئل سفيان بن عيينة عن السكوت في الجنازة وماذا يجيء به، قال: ﴿تذكر به أحوال يوم القيامة ثم تلا قوله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طه: 108].
* قال النووي: ﴿واعلم أن الصواب والمختار ما كان عليه السلف رضي الله عنهم من السكوت في حال السير مع الجنازة فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك... إلى أن قال أما ما يفعله الجهلة من القراءة على الجنازة بدمشق وغيرها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلام عن مواضعه فحرام بإجماع العلماء وقد أوضحت قُبحه وغلظ تحريمه وفسق من تمكن من إنكاره فلم ينكره...)﴿[295]).
فانظر إليه رحمه الله وهو يفسق من لم ينكر فكيف بمن يقوم بهذا العمل.
ومن صور الاعتداء في الدعاء في ذلك:
بدعة التلقين بعد الدفن: حيث يقوم رجل على قبر الميت ويقول: ﴿كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.. كل نفس ذائقة الموت.. إلى أن يقول: واعلم يا عبد الله وابن أمته أنك مت وأن الموت حق وأن دخول القبر حق وأن الجنة حق وأن النار حق وأن سؤال الملكين حق فإذا جاءك الملكان الموكلان بك وبالناس أجمعين فلا يزعجانك ولا يرعبانك, واعلم أنهما خلق من خلق الله كما أنت خلق من خلقه فإذا سألاك ما ربك وما قبلتك وما دينك وما منهجك وما الذي عشت ومت عليه؟ فقل لهما بلسان طلق لبق من غير تلجج ولا وجل ولا خوف ولا جزع فقل لهما الله ربي حقا الله ربي حقا الله ربي حقا ومحمد نبي صدقا وإبراهيم الخليل أبي وملته ملتي والكعبة قبلتي وعشت ومت على قول لا إله إلا الله محمد رسول الله فإذا عاد وسألاك ثانية ماذا تقول في الرجل المبعوث فينا وفيكم وفي الخلق أجمعين، فاعلم أنهما يعنيان النبي محمد ﴿فقل هو نبينا وشفيعنا ورسولنا محمد أتانا بالحق دين الهدى فاتبعناه وآمنا برسالته وصدقناه آمين آمين آمين، يا مؤنس كل وحيد ويا حاضر لست تغيب آنس اللهم وحدته وارحم غربته ولقنه حجته وعرفه بنبيه.
اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته اللهم أبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهلا، ونقه من خطاياه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس واغسله بالماء والثلج والبرد ووسع مدخله وأكرم نزله، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله وللمسلمين﴿[296]).
وهذا التلقين مبتدع فقد نص على ذلك طائفة من أهل العلم، قال العز بن عبد السلام: لم يصح في التلقين شيء وهو بدعة وقوله: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» محمول على من دنا موته ويئس من حياته﴿[297]).
قال الصنعاني: ويتحصل من كلام أئمة التحقيق أنه حديث ضعيف والعمل به بدعة ولا يغتر بكثرة من يفعله﴿[298]).
وقال ابن القيم: ﴿ولم يكن يجلس يقرأ عند القبر ولا يلقن الميت كما يفعله الناس اليوم)﴿[299]).
وكذا قال الألباني في أحكام الجنائز﴿[300]).
الفصل الثاني
الاعتداء في الدعاء في الحج
الاعتداء في الدعاء في الإحرام والطواف والسعي ويوم عرفة
إن من أعظم المواضع والمواطن والأوقات التي تجاب فيها الدعوات هو موسم الحج لأنه جمع بين الأزمنة الفاضلة ﴿عشر ذي الحجة)، وبين الأمكنة الفاضلة ﴿مكة والمشاعر) فكان الحاج حري بالإجابة والقبول، ولكن مع الأسف تعدى الناس في الدعاء وتجاوزا فيه الحد المشروع مما يخشى عليهم أن ترد دعواتهم ولا يستجاب لها وإليك صورا من هذا الاعتداء.
الاعتداء في الدعاء في الإحرام والطواف
والسعي ويوم عرفة
من صور الاعتداء في الدعاء:
قولهم عند الدخول في النسك: اللهم إني أريد الحج والعمرة فيسره لي وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشرع للمسلمين التلفظ بالنية في شيء من العبادات ولم يرد عنه أنه كان يقول شيئا بين يدي التلبية.
يقول شيخ الإسلام: ﴿ولا يجب شيء من هذه العبارات باتفاق الأئمة كما لا يجب التلفظ بالنية في الطهارة والصلاة والصيام باتفاق الأئمة... والصواب المقطوع به أنه لا يستحب شيء من ذلك)﴿[301]).
وظن البعض أن الإهلال هو التلفظ بالنية وهذا خطأ فإن الإهلال هو التلبية بالحج أو العمرة أو بهما معا.
وأما الطواف:
1- أن يطوف شوطا واحدا لا أسبوعا لأجل الدعاء وهذه صفة لم ترد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
لأن صفة الطواف المشروعة هي أن يطوف أسبوعا كاملا ﴿أي سبعة أشواط) أما هذه فصفة ناقصة من صلى صلاة ناقصة فأتى بالسجود دون الركوع أو الركوع دون السجود.
ولعل الحامل لبعض الناس في أن يطوف طوافا واحدًا هو الكسل فهو يريد أن يدعو ولكنه لا يريد أن يتلبس بكامل أشواط الطواف. والأولى لمثل هذا أن يستقبل الكعبة ويدعو بدون هذا الطواف الناقص.
2- تخصيص أدعية معينة لكل شوط من الأسبوع، وتوجد كتيبات خصصت للدعاء في الطواف، لكل شوط دعاء خاص به. وكذلك الدعاء قبالة باب الكعبة: ﴿اللهم هذا البيت بيتك والحرم حرمك والأمن أمنك وهذا مقام العائذين بك من النار).
* الدعاء عند الركن العراقي بلفظ: اللهم إني أعود بك من الشك والشرك والشقاق وسوء الأخلاق وسوء المنقلب في المال والأهل والولد.
* الدعاء تحت ميزاب الكعبة بلفظ: اللهم أظلني تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظل عرشك اللهم اسقني بكأس محمد - صلى الله عليه وسلم - شربة هنيئة مريئة لا يظمأ بعدها أبدا يا ذا الجلال والإكرام.
* وعند الركن الشامي: ﴿اللهم تقبل منا كما تقبلت من إبراهيم).
* وعند الركن اليماني: ﴿اللهم إني أعوذ بك من الكفر ومن الفقر...).
لأن هذه الأدعية لم ترد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذا عدها بعض أهل العلم من البدع﴿[302])؛ لأنه لم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه دعا عند الباب أو تحت الميزاب ولا عند ظهر الكعبة وأركانها﴿[303]).
قال شيخ الإسلام: وما يذكره كثير من الناس من دعاء يعني تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له﴿[304]).
وقال أيضا عن الدعاء في الطواف ﴿وليس فيه ذكر محدود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه)﴿[305]).
3- الدعاء بعد ركعتي الطواف بلفظ: ﴿اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات واغفر لي ذنوبي وقنعني بما رزقتني) أو بلفظ: ﴿اللهم إن هذا بلدك ومسجدك الحرام وبيتك الحرام أنا عبدك ابن أمتك أتيتك بذنوب كثيرة وخطايا جمة وأعمال سيئة وهذا مقام العائذ بك من النار فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إنك دعوت عبادك إلى بيتك الحرام وقد جئتك طالبا رحمتك، متقنا مرضاتك وأنت مننت عليَّ بذلك، فاغفر لي وارحمني إنك على كل شيء قدير)﴿[306]).
لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله ولا أرشد أمته إليه، ولأنه يؤذي الطائفين إذا كان الطواف مزدحما وأنه يحجر مكانا غيره أولى به ممن أتموا الطواف وأرادوا الصلاة فيه.
4- الدعاء الجماعي: بحيث يقوم أحدهم داعيا ومن خلفه يرددون دعاءه مما يسبب التشويش على الناس وقطع خشوعهم وتضرعهم فلا تجعل الإنسان ينعم لا بدعاء ولا بذكر والسبب هذه الأصوات الجماعية المرتفعة.
ولم يحدث إيجاد مطوف يلقن الطائفين الدعاء والساعين الدعاء إلا في القرن التاسع حينما حج بعض ولاة آل عثمان وكان لا يحسن العربية فاتخذ من يلقنه الدعاء من العرب ومن هنا استمرت وظيفة الطائفين﴿[307]).
وأما في السعي:
1- تخصيص كل شوط من أشواط الدعاء بدعاء معين.
2- الدعاء الجماعي ورفع الصوت وهذا سبق بيانه في مبحث الطواف وأنه لا يشرع.
3- الترتيب عند الهبوط من الصفاء بقولهم: ﴿اللهم استعملني بسنة نبيك)﴿[308]).
وأما في يوم عرفة:
* تعيين ذكر أو دعاء خاص بعرفة، كدعاء الخضر عليه السلام: ﴿يا من لا يشغله شأن عن شأن ولا سمع عن سمع. سبحان الذي في السماء عرشه، سبحان الذي في الأرض موطئه، سبحان الذي في البحر سبله، سبحان الذي في الجنة رحمته، سبحان الذي في النار سلطانه، سبحان الذي في الهواء رحمته، سبحان الذي في القبور قضاؤه، سبحان الذي رفع السماء، سبحان الذي وضع الأرض، سبحان الذي لا منجا منه إلا إليه)﴿[309]).
* قال شيخ الإسلام: ولم يعين النبي - صلى الله عليه وسلم - لعرفة دعاء ولا ذكر بل يدعو الرجل بما شاء من الأدعية الشرعية وكذلك يكبر ويهلل ويذكر الله تعالى حتى تغرب الشمس﴿[310]).
استقبال جبل عرفات الذي يسمونه جبل الرحمة، حال الدعاء حتى لو كانت القبلة خلفه معتقدا أن ذلك سبب لإجابة الدعاء.
الفصل الثالث:
الاعتداء في الدعاء في الصيام
الاعتداء في الدعاء في الإفطار والسحور
الاعتداء في الدعاء في الإفطار والسحور
أن يخصص للإفطار دعاء غير ما ورد ويلتزمه أو أن يدعو دعاء جماعيا بمن معه ويلتزم ذلك على أنه سنة وكذلك أن يلتزم بعض الأدعية التي وردت في أحاديث ضعيفة مثل حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أفطر قال: «اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا إنك أنت السميع العليم»﴿[311]).
وأما الدعاء في السحور:
أن يخص السحور بدعاء أو أن يدعو بلفظ: «اللهم بارك لنا في سحورنا» وكذلك الاعتداء هجر الدعاء في هذا الوقت الثمين الذي هو وقت التنـزيل الإلهي مع أن الغالب أنهم يقومون لأجل السحور ولكن قليل منهم من يستغل هذا الوقت بالدعاء والاستغفار.
قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60] فإذا كان الله قد نهى عن هجر الدعاء مطلقا كما في هذه الآية فكيف بمن يهجر الدعاء في مثل هذه الأوقات الفاضلة والدقائق الغالية.
الباب الثالث
نماذج من الدعاء الصحيح من الكتاب والسنة
وفيه فصلان:
الفصل الأول: نماذج من الدعاء من القرآن الكريم.
الفصل الثاني: نماذج لأدعية نبوية.
الفصل الأول
نماذج من الدعاء من القرآن الكريم
في هذا الباب نذكر نماذج للدعاء الصحيح الوارد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة.
قال الإمام السفاري –كما في لملح ص82: ينبغي للعاقل تحري المأثور عن حضرة الرسالة لأن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أعلم العالم بالله تعالى دون أوراد الأشياخ، فالمصطفى معصوم في أقواله وأفعاله وخواطره ولا كذلك الأشياخ، هذا مع أننا مسئولون عن تمام الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - بحسب وسعنا، ومن تمام ذلك إيثار مأثور عن جنابه من الأدعية والأوراد على أوراد المشايخ الأمجاد.
ولا شك أن أول ما يدعو به العبد هو الدعاء المأثور وذلك لما يلي:
1- لأن الملتزم بها ينال بركة التأسي بها والاقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ويكون لفظه وسيلة لقبوله.
2- ولأن تعليم الشرع خير من اختيار العبد فإن الله اختار لنبيه وأوليائه وعلمهم كيف يدعون.
3- ولأن الغلط يعرض كثيرا في الأدعية التي يختارها الناس ويقع فيها اعتداء﴿[312]).
وهذا لا يعني عدم جواز الدعاء بغير المأثور فلكل أحد أن يدعو بما شاء لاسيما في حاجاته الخاصة. ولكن بخمسة شروط:
1- أن يتخير من الألفاظ أحسنها وأنبلها وأجملها للمعاني وأبينها ولا تخرج من التوحيد لأنه مقام مناجاة العبد لربه.
2- أن تكون الألفاظ وفق المعنى العربي.
3- أن يكون خاليا من أي محذور شرعي لفظا ومعنى.
4- أن يكون في باب الدعاء المطلق لا المقيد بزمان أو حال.
5- لا يتخذه سنة راتبة يواظب عليها﴿[313]).
نماذج لأدعية من القرآن الكريم:
1- ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف: 23].
2- ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [هود: 47].
3- ﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾ [المؤمنون: 29].
4- ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ ﴿وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: 127-128].
5- ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [نوح: 28].
6- ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ [إبراهيم: 40].
7- ﴿قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [آل عمران: 38].
8- ﴿أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 87].
9- ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ [طه: 25-26].
10- ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾ [القصص: 16].
11- ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 250].
12- ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: 201].
13- ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: 8].
14- ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10].
15- ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان 74].
16- ﴿رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ [المؤمنون: 97-98].
17- ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ [النمل: 19].
18- ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: 114].
19- ﴿رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: 21].
20- ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [الشعراء: 83].
21- ﴿رَبَّنَا آَتِنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ [الكهف: 10].
22- ﴿رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ [الفرقان: 65].
23- ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 147].
24- ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [يونس: 85-86].
25- ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [الأعراف: 47].
26- ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 286].
27- ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: 16].
28- ﴿رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ [المؤمنون: 109].
29- ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الممتحنة: 5].
30- ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ [إبراهيم: 41].
31- ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [الصافات: 100].
32- ﴿رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾ [الأنبياء: 89].
33- ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ﴾ [الشعراء: 83-85].
34- ﴿وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ﴾ [الشعراء: 87].
35- ﴿رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: 53].
الفصل الثاني
نماذج لأدعية نبوية
كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»﴿[314]).
1- «اللهم إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف، والغنى»﴿[315]).
2- «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك»﴿[316]).
3- «اللهم إني أعوذ بك من العجز، والكسل، والجبن، والهرم، والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات»﴿[317]).
4- «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر»﴿[318]).
5- «اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل»﴿[319]).
6- «اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك»﴿[320]).
7- «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»﴿[321]).
8- «اللهم عافني من شر سمعي، وبصري، ولساني، وقلبي، وشر منيِّي» قال وكيع منيِّي يعني: الزنا والفجور﴿[322]).
9- «رب –وفي الرواية الأخرى ﴿اللهم)-: أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي وامكر لي ولا تمكر علي، ويسر لي الهدى، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني شكارا لك، ذكارا راهبا لك، مطواعا لك، مخبتا لك، أواها منيبا، تقبل توبتي واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي»﴿[323]).
10- «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال»﴿[324]).
11- «اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني؛ إنك أنت المقدم والمؤخر لا إله إلا أنت»﴿[325]).
12- «اللهم جنبني منكرات الأخلاق، والأهواء، والأعمال، والأدواء»﴿[326]).
13- «اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك»﴿[327]).
14- «اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علما»﴿[328]).
15- «اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا»﴿[329]).
16- «اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني»﴿[330]).
17- «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى»﴿[331]).
18- «اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك»﴿[332]).
19- «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»﴿[333]).
20- «اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون»﴿[334]).
21- «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاش، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر»﴿[335]).
22- «اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم.
وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل. وأسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك أو أعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ونبيك. وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا»﴿[336]).
23- «اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة في الدنيا والآخرة. يا ذا الجلال والإكرام. يا حي يا قيوم»﴿[337]).
24- «اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء»﴿[338]).
25- «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك»﴿[339]).
26- «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهم وعذاب القبر. اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها».
27- «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»﴿[340]).
28- «اللهم إني أعوذ بك برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك»﴿[341]).
الخاتمـة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمات عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.
أما بعد:
فلا يسعني وأنا في هذا المقام عند الختام إلا أن أشكر الله سبحانه وتعالى على ما منَّ به من كتابة هذا الموضوع، فله الحمد أولا وآخرًا، وأسأله جل وعلا أن لا يؤاخذني بما نسيت أو أخطأت أو قصرت، وأن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم.
ويجدر بي هنا أن أذكر خلاصة لأهم ما توصلت إليه في هذا البحث وذلك بما يلي:
أولا: نتائج البحث:
1- يعرف الدعاء بأنه طلب ما ينفع الداعي، وطلب كشف ما يضره أو دفعه.
2- للدعاء شروط فمنها التوحيد، والإخلاص والمتابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
3- وكذلك للدعاء آداب منها الثناء على الله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
4- ولإجابة الدعاء أسباب منها الإخلاص وقوة الرجاء والتوبة وبر الوالدين.
5- وكذلك له أوقات وأماكن وأوضاع يرجى فيها إجابة الدعاء منها جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات وعند شرب ماء زمزم.
6- الاعتداء في الدعاء، هو تجاوز الحد الشرعي معنى أو لفظا أو أداء وهيئة.
7- يتنوع الاعتداء في الدعاء إلى اعتداء في المعاني والألفاظ والهيئة والأداء وكذلك في الزمان والمكان.
8- الاعتداء في الدعاء في المعاني، يتضمن أدعية لها معانٍ محرمة أو مكروهة مثل تعليق الدعاء بالمشيئة وكذلك الدعاء بالموت والدعاء على الأهل والمال والولد والنفس.
9- الاعتداء في الدعاء في الألفاظ، يكون في تراكيب الكلمات وغرابتها والتفصيل أو التشقيق في العبارات والزيادة في الكلمات على نحو لم يكن معروفا عند السلف مثل أن يشمل الدعاء على ألفاظ شركية أو بدعية أو تصغير أسماء الله أو دعاء صفات الله.
10-الاعتداء في الهيئة والأداء, ويكون بهيئة وكيفية جاءت السنة بخلافها مثل أن يدعو ربه دعاء غير متضرع ولا مستكين والسجود لأجل الدعاء.
11- الاعتداء في الدعاء المكاني، وهو التعبد لله باتخاذ أمكنة معينة تخص بالدعاء دون دليل شرعي مثل المقابر، والكنائس وآثار الأنبياء والصالحين.
12- الاعتداء في الدعاء الزماني، وهو التعبد لله باتخاذ أزمنة معينة تخص بالدعاء دون دليل شرعي مثل دعاء ليلتي أول يوم من السنة وآخرها وكذلك التعريف.
13- الاعتداء في الدعاء في الصلاة المكتوبة، وذلك مثل عدم تحريك اللسان بالأدعية والأذكار وكذلك تشديد الميم في لفظة آمين والدعاء بعد التشهد الأول.
14- الاعتداء في الدعاء في الصلاة النافلة، مثل الدعاء بين كل ترويحتين من التراويح وكذلك الجهر بالدعاء في صلاة الجنازة وكذلك بدعة التلقين للميت.
15- الاعتداء في الدعاء في الحج، وذلك مثل قولهم عند الدخول في النسك: اللهم إني أريد الحج فيسره لي، والطواف شوطا واحدا لأجل الدعاء وتخصيص أدعية معينة لكل شوط والدعاء الجماعي أثناء الطواف والسعي وكذلك دعاء الخضر يوم عرفة.
16- الاعتداء في الدعاء في الصيام وذلك أن يخصص للإفطار دعاء غير ما ورد ويلتزمه وأن يخص السحور بدعاء بلفظ اللهم بارك لنا في سحورنا والتزامه وكذلك هجر الدعاء في مثل هذا الوقت العظيم.
التوصيات
1- ينبغي على الجهات الشرعية القائمة على شئون المساجد والأئمة إقامة دورات حول موضوع الاعتداء في الدعاء نظرا لكثرة المخالفات والتجاوزات في الدعاء.
2- الاهتمام بنشر وطبع كتب ومطويات تتناول هذا الموضوع.
3- تنبيه الجهات الرقابية القائمة على شئون الحرمين الشريفين في بعض المواضع كقبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وغار حراء والمشاهد في المدينة وغيرها.
4- ينبغي لحملات الحج والمطوفين والوزارات المعنية بالحج في الدول الإسلامية توعية الحجاج في مثل ذلك.
5- أن يركز الدعاة والخطباء على الإشارة إلى هذا الموضوع وتنبيه الناس.
6- على الجامعات ومراكز البحوث أن تعتني بتقديم دراسات وأبحاث حول هذا الموضع لأنه موضوع يتجدد ويتنوع بحسب المكان والزمان وظروف البيئة.
وفي الختام أشكر الله سبحانه وتعالى على ما منَّ به وتفضل من إكمال هذا البحث فله الحمد أولا وآخرا وأسأله سبحانه العفو والغفران.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
([1]) تفسير القرطبي، الجزء 7 ص: 218.
([2]) بدائع الفوائد ج3، ص13.
([3]) الدعاء للطبراني، تحقيق د/ محمد سعيد البخاري ط1 1407هـ ص35.
([4]) معجم مقاييس اللغة لابن فارس، (2/279).
([5]) ينظر الدعاء للحمد، ص8.
([6]) هو أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب، كان فقيها أديبا محدِّثا، له التَّصانيف البديعة؛ منها "غريب الحديث" ومعالم السُّنَّة في شرح سنن أبي داود، وأعلام السنن في شرح البخاري، وكتاب شأن الدعاء، وغير ذلك، سمع بالعراق أبا علي الصغار وأبا جعفر الرزاز وغيرهما، وروى عنه الحاكم أبو عبد الله ابن البيع النيسابوري وعبد الغفار بن محمد الفارسي وأبو القاسم عبد الوهاب بن أبي سهل وغيرهم، توفِّي ببست في شهر ربيع الآخر سنة 388هـ. وفيات الأعيان (2/214)..
([7]) شأن الدعاء للخطابي ص4.
([8]) شأن الدعاء للخطابي ص4.
([9]) ابن القيم العلامة محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي شمس الدين المعروف بابن قيم الجوزية ولد سنة 691هـ وسمع من ابن تيمية وتأثر به، برع في جميع العلوم وفاق الأقران واشتهر في الآفاق وتبحَّر في مذاهب السَّلف، توفي في الثالث من شهر رجب سنة 751هـ، (الأعلام للزركلي (6/56).
([10]) بدائع الفوائد لابن القيم، تحقيق هشام عطا، نشر مكتبة الباز –مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1416هـ، 3/513.
([11]) الدعاء للشيخ الخضر ص10.
([12]) المنهاج في شعب الإيمان للحليمي (1/522).
([13]) القواعد الحسان لتفسير القرآن لابن سعدي 1/166.
([14]) بدائع الفوائد، 3/513.
([15]) الدعاء للعروسي (1/163).
([16]) المرجع السابق (1/165).
([17]) شيخ الإسلام، الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلانيّ، ولد في مصر في اليوم الثاني عشر من شعبان عام ثلاث وسبعين وسبعمائة، رَحَلَ في طلب العلم إلى بلاد كثيرة، وله مؤلَّفات كثيرة بلغت نحو (150) مائة وخمسين جَمَعَت من السَّعَة والتَّحقيق ما لم يكن لغيرها، ومن أعظمها فتح الباري في شرح صحيح البخاري، توفِّي في مصر في 28 ذي الحجة من عام 852هـ، انظر الضَّوء اللَّامع 1/268.
([18]) فتح الباري (11/95).
([19]) أخرجه ابن المبارك في الزُّهد ص20 رقم 83 وأحمد في الزُّهد والبخاريّ في الأدب المفرد 2/65 رقم 606 وإسناده صحيح، قال الدَّارقطنيُّ: وهو محفوظ من كلام ابن مسعود. (العلل المتناهية 2/840).
([20]) الدعاء وأحكامه الفقهية، ص139. رسالة ماجستير.
([21]) الترمذي (3479)، الدَّعوات، والحاكم 494، وقال: هذا حديث مستقيم الإسناد تفرَّد به صالح المرّيّ؛ وهو أحد زهَّاد البصرة، ولم يخرِّجاه، وقال الهيثميّ: إسنادُه حسن. (10/148).
([22]) هو يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين أبو زكريا النووي الدمشقي ونوى من أرض حران من أعمال دمشق ولد سنة 631هـ في نوى وتولى والده تربيته ونشأ على العلم وحضه عليه سمع عن أبي إبراهيم ابن إسحاق المغربي وعبد الرحمن بن أحمد بن قدامة المقدسي ومن تلاميذه: الخطيب صدر الدين الجعفري وشهاب الدين أحمد حبوان، وكتاب الدين الاربدي وحدث عنه ابن أبي الفتح والمزي وابن العطار، المنهل العذب الروي 1/2.
([23]) الأذكار ص391.
([24]) هو أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف الطرطوشي المشهور بابن أبي نوقة ولد سنة 450هـ في مدينة طرطوشة وإليها ينسب. حدث عن أبي الوليد الباجي وأبي بكر الشاشي ومحمد التميمي الحنبلي وحدث عنه أبو علي الصفدي وابن العربي والمهدي بن تومرت كان عالما فاضلا زاهدا قويا في الحق من مصنفاته: سراج الملوك، الحوادث والبدع، الدعاء المأثور، توفي سنة 520 ينظر في ترجمة الأعلام 7/133.
([25]) الدعاء المأثور ص44.
([26]) رواه الترمذي في باب (أيها المصلي، ادع تجب) (5/516) برقم (3476) وقال أبو عيسى حديث حسن.
([27]) أخرجه الطبراني في الأوسط (1/220)، والبيهقي في شعب الإيمان (2/216)، وقال الهيثمي (10/160) رجاله ثقات موقوفا على علي.
([28]) الترمذي رقم 3505، النسائي باب ذكر دعوة ذي النون رقم 10491 (6/168) وصححه الألباني في السلسلة برقم 1744، 4/325.
([29]) ينظر الوابل الصيب ص120-122.
([30]) هو أحمد تقي الدين أبو العباس بن الشيخ شهاب الدين عبد الحليم بن الشيخ أبي بركات، ولد في العاشر من ربيع الأول سنة 660 ستين وستمائة للهجرة، تميز بقوة الحفظ والجد والاجتهاد من صغره وكان قويا في الحجة صادعا بالحق وله المقامات المشهورة في ذلك. من تلاميذه الإمام ابن القيم، وابن كثير، والإمام الذهبي وغيرهم، توفي في سجن القلعة بدمشق سنة سبعمائة وثمان وعشرين. الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة 1/146.
([31]) البخاري باب فضل الاستغفار برقم 5974 5/2323.
([32]) ينظر الوابل الصيب لابن القيم ص14-15.
([33]) جامع البيان للطبري (12/628).
([34]) النووي في الأذكار ص12.
([35]) أبو داود، باب في الاستغفار 1/477، رقم 1524، والنسائي باب الاقتصار على ثلاث مرات 6/ 119، وقال شعيب الأرناؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
([36]) صحيح البخاري باب السحر رقم 55430/ 2174، صحيح مسلم، باب السحر رقم 2189 4/1719.
([37]) أخرجه الإمام أحمد باب مسند عبد الله بن العباس برقم 2804 (1/307)، والترمذي: 4/667 برقم 2516 وقال حديث حسن صحيح.
([38]) جامع العلوم والحكم (1/189).
([39]) أخرجه البخاري، باب التواضع برقم 6137 (5/2384.
([40]) رواه الترمذي: باب أن دعوة المسلم مستجابة برقم 3382) والحاكم كتاب الدعاء والتكبير والتهليل والتسبيح برقم 1997 (1/729).
([41]) البخاري باب دعاء النبي ﷺ برقم 3743 (4/1457)، مسلم باب ما لقي النبي ﷺ من أذى المشركين والمنافقين برقم 1794 (3/1418).
([42]) البخاري باب استقبال القبلة في الاستسقاء برقم 982 (1/348)، مسلم كتاب صلاة الاستسقاء برقم 894 (2/611).
([43]) البخاري باب الدعاء عند الوضوء برقم 6020 (5/2345).
([44]) انظر تحفة الذاكرين ص44.
([45]) البخاري باب غزوة أوطاس 4/1571، مسلم باب فضائل أبي موسى برقم 2498 (4/1943).
([46]) رواه البخاري، باب رفع الأيدي في الدعاء برقم 4068 (5/2335).
([47]) رواه أبو داود (1488)، الصلاة، باب الدعاء، والترمذي (3556)، باب الدَّعوات، والحاكم: كتاب الدعاء برقم 1830، وقال: صحيح على شرط الشَّيخين، وقال الذَّهبيُّ في التَّلخيص: صحيح.
([48]) الدعاء للحمد 43.
([49]) أخرجه مسلم، باب العزم بالدعاء ولا يقل إن شئت برقم 2679 (4/2063).
([50]) الدعاء للعروسي (1/221).
([51]) زاد المعاد 1/235.
([52]) أخرجه التِّرمذيُّ باب انتظار الفرج وغير ذلك برقم 3573 (5/566)، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه ابنُ أبي شيبة (6/22) برقم (29170)، وأحمد (3/18) برقم (11149) والحاكم: كتاب الدعاء والتكبير والتهليل والتسبيح (1/670) برقم (1816) وقال: صحيح الإسناد.
([53]) ابن عقيل عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل بن عبد الله الحنبلي نزيل القاهرة ولد سنة 700 وقرأت بخطب الشيخ بدر الدين الزركشي ولد سنة 694 لازم ابن حيان حتى كان من أجل تلاميذه وحتى صار يشهد له بالمهارة في العربية، وسمع عن أبي المهدي أحمد بن محمد، ومن حسن بن عمر الكردي وابن الصاعد، ولازم القونويّ والقزوينيّ، مات سنة (769هـ). الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة (1/276).
([54]) الدعاء للحمد ص85.
([55]) سبق تخريجه ص19.
([56]) البخاري، باب قول الله تعالى: (ويحذركم الله نفسه) برقم 6970 (6/2694)، مسلم باب في الحض على التوبة برقم (2675 (4/2099).
([57]) عيون الأخبار لابن قتيبة 1/93.
([58]) تفسير ابن كثير (4/425) ط. دار المعارف 1388هـ.
([59]) فرق: بفتح الفاء، والراء بعدها قاف، وقد تسكن الراء، وهو مكيال يسع ثلاثة آصع. (تفسير غريب ما في الصَّحيحين، ص1/49)، لمحمد بن أبي نصير الحميدي، تحقيق د. زبيدة محمد سعيد، دار مكتبة السنة، مصر 1415هـ.
([60]) انساخت: أي غاصت في الأرض (النهاية في غرير الأثر) (2/1028).
([61]) يتضاغون: يصرخون ويبكون (1/69)، تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي.
([62]) فيستكنا لشربتهما: أي بضعفا؛ لأنه عشاؤهما، ويستكنا من الاستكانة، وقوله لشربتهما: أي لعدم شربتهما، فيصيرا ضعيفين مسكينين.
([63]) لا تفض الخاتم: لا تفض: لا تكسر، والخاتم: كناية عن عذريتها، وكأنها كانت بكرا وكنَّتْ من الإفضاء بالكسر، وعن الفرج بالخاتم.
([64]) رواه البخاري (3465) أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار، ومسلم (2743) الذكر والدعاء باب قصة أصحاب الغار.
([65]) رواه الترمذي –كتاب الفتن- باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رقم (2169) وقال هذا حديث حسن. وأخرجه أحمد برقم (23349) والبغوي في شرح السنة وقال إسناده حسن (7/276).
([66]) رواه البزار في مسنده (1/135) وفيه حبان بن علي وهو متروك وقد وثقه ابن معين في رواية وضعفه في غيرها، المجمع (7/266).
([67]) وهب بن منبه بن كامل بن سحار من أبناء فارس كنيته أبو عبد الله، كان ينـزل ذمار على مرحلتين من صنعاء، لقي الصحابة وشافههم، وكان صاحب عبادة وصلاة، وكان شديد العناية بكتب الأولين وأخبار الأمم وقصصهم؛ بحيث أنّه كان يشبه بكعب الأحبار في زمانه، مات في المحرَّم سنة 113، وقيل 114هـ، العبر في خبر من غبر (1/26).
([68]) رواه ابن المبارك في الزهد (322) ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (4/53) ومصنف ابن أبي شيبة (6/34).
([69]) الجواب الكافي ص14.
([70]) ينظر الدعاء للحمد ص53.
([71]) أخرجه البخاري 1145 التهجد باب الدعاء والصلاة آخر الليل (4) زاد المعاد 1/305، مسلم 758 صلاة المسافرين باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل.
([72]) الترمذي 3499 الدعوات وقال حديث حسن، والنسائي في عمل اليوم والليلة 108 باب ما يستحب من الدعاء والصلوات المكتوبات.
([73]) زاد المعاد 1/305.
([74]) رواه أبو داوود (1) باب الدعاء بين الأذان والإقامة، وقال: حديث حسن، الترمذي (212)، الصلاة، باب الدعاء بين الأذان والإقامة، وأحمد 3/105.
([75]) سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي؛ ويُكنَّى أبا العباس، وقيل أبا يحيى، وشهد قضاءَ رسول الله ﷺ في المتلاعنين، وأنَّه فرَّق بينهما، وكان اسمُه حزناً فسمَّاه الرَّسولُ سهلاً، وكان له يومَ توفِّي النَّبيُّ ﷺ 15 سنة خمسة عشر، وعاش سهل وطال عمره وبلغ المائة، روى عنه أبو هريرة وسعيد بن المسيَّب والزّهريّ وغيرهم، توفِّي سهل سنة 88 وهو ابن 96، وقيل: توفِّي سنة 91 وقد بلغ 100 سنة، ويقال أنَّه آخر مَن بقي من أصحاب رسول الله ﷺ مشاهير علماء الأمصار (1/25).
([76]) رواه أبو داوود 2540 الجهاد، باب الدُّعاء عند اللِّقاء، وأخرجه الحاكم برقم 2488، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرِّجاه.
([77]) أخرجه الحاكم 2/114، وأبو داود 3540، الجهاد، باب الدعاء عند اللقاء، وأخرجه الحاكم كتاب الجهاد (2/124) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
([78]) رواه مسلم 757 صلاة المسافرين باب في الليل ساعة مستجابة فيها الدعاء، وأحمد 3/213.
([79]) رواه البخاري 935 الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة، ومسلم (852) باب الساعة التي في يوم الجمعة.
([80]) أحمد 3/357، ابن ماجه 3062، المناسك، باب الشُّرب من زمزم، ورواه الحاكم وزاد: (فإنْ شَربتَه تَسْتَشْفي به شفاك الله...) وقال: صحيحُ الإسناد إن سَلم من الجارودي، ولم يخرِّجاه 1/146.
([81]) رواه مسلم 482، باب ما يقال في الركوع والسجود، وأبو داود 875 الصلاة باب الدعاء في الركوع والسجود.
([82]) رواه الترمذي 3585 الدعوات، باب دعاء يوم عرفة، وقال حديث حسن غريب.
([83]) رواه مسلم 2732 الذكر والعبادة، باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب، وأبو داود 1534 الصلاة باب الدعاء بظهر الغيب.
([84]) رواه البخاري 1469 الزكاة باب أخذ الصدقة من الأغنياء، ومسلم 19 الإيمان، باب الدعاء، الشهادتين وشرائع الإسلام.
([85]) رواه البخاري في الأدب المفرد 481 باب دعوة الوالدين، وأبو داود 1535 الصلاة، باب الدعاء بظهر الغيب، وأخرجه ابن حبان في صحيحه برقم 2754، وأحمد في مسنده برقم 7721، والترمذي برقم 3488 وقال هذا حديث حسن.
([86]) رواه البيهقي 3/345، والطّبرانيّ في الدّعاء 1/394 وحسَّنه الألبانيّ في صحيح الجامع 2032.
([87]) تاج العروس 39، ص716، دار الهداية.
([88]) لسان العرب، دار صادر- بيروت، 31/15).
([89]) مختار الصحاح 1/176، مكتبة لبنان، ناشرون بيروت، سنة 1415هـ.
([90]) النهاية في غريب الحديث 3/193، المكتبة العلمية، بيروت، سنة 1399هـ.
([91]) بدائع الفوائد ج3، ص524. نشر مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة 1416هـ، ط1، تحقيق هشام عطا.
([92]) زاد المسير 3/215.
([93]) انظر جامع البيان، 5/515، ج8، ص207.
([94]) تفسير الطبري 2/142 مؤسسة الرسالة للنشر، الطبعة الأولى، 1420هـ، تحقيق: أحمد محمد شاكر.
([95]) الأزهية في أحكام الأدعية، ص35.
([96]) جلاء الإفهام 1/145، دار العروبة، الكويت، 1407هـ تحقيق الأرناؤوط.
([97]) الأزهية في أحكام الأدعية ص75.
([98]) صحيح مسلم باب الإسراء 1/146.
([99]) تفسير البغوي 4/64.
([100]) البغوي: هو أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد الفراء البغوي الشافعي، ولد سنة 433هـ وكان عالماً بالتفسير ديِّناً ورعاً على معتقد السَّلَف، توفي سنة 516هـ. ينظر طبقات الشافعية، 1/47.
([101]) الأزهية في أحكام الأدعية، للزركشي، ص58.
([102]) رواه مسلم، باب بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل فيقول دعوت فلم يستجب لي برقم 25 (4/2095).
([103]) سبق تخريجه ص19.
([104]) أخرجه أحمد في مسنده 3/198، والترمذي 4/659، وقال ابن حجر في البلوغ: إسناده قوي، ص302، وأخرجه الحاكم 4/272، وقال: صحيح الإسناد. ولم يخرجاه.
([105]) تفسير ابن كثير 1/572.
([106]) رواه البخاري في الأدب المفرد 1/126، وحسنه ابن حجر في نتائج الأفكار 3/87) وصححه الألباني في الأدب المفرد برقم 252 (1/245).
([107]) الدر المنثور 3/475.
([108]) تفسير ابن كثير 1/572.
([109]) تفسير البغوي 3/237.
([110]) الفواكه الدواني 1/470.
([111]) تفسير القرآن العظيم 4/290.
([112]) الجامع لأحكام القرآن 8/375.
([113]) الفواكه الدواني 1/470.
([114]) رواه البخاري 755.
([115]) فتح الباري 2/241.
([116]) رواه أحمد (4/158) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" 891.
([117]) رواه البخاري باب رحمة الناس والبهائم برقم 5664 (5/2238).
([118]) رواه البخاريّ، باب ليعزم المسألة فإنَّه لا مكره له، برقم 5980 (5/2334)، مسلم، باب ليعزم المسألة ولا يقل: إن شئت. برقم 2679 (4/2063).
([119]) سبق تخريجه ص26.
([120]) التمهيد شرح كتاب التوحيد ص515.
([121]) مسلم، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر برقم 3009 (4/2034).
([122]) البخاري باب نهي تمني المريض الموت، برقم 5347 (5/2146)، مسلم، باب كراهة الموت برقم 2680 (4/2064).
([123]) البخاري، باب ما يكره من التمني برقم 6808 (6/2644).
([124]) فتح الباري (13/271).
([125]) رواه الترمذي، باب سورة ص برقم 3233 (5/366) وقال الألباني في تعليقه على الحديث صحيح.
([126]) المصدر السابق.
([127]) مسلم، باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا برقم 2688 (4/2068).
([128]) شرح النووي على مسلم 17/183.
([129]) فاطر، الآية 14.
([130]) شأن الدعاء، الدعاء للحمد ص81.
([131]) الرَّدُّ على البكريِّ لابن تيمية، 1/181، نشر مكتبة الغرباء الأثريَّة، المدينة، تحقيق محمد عليّ عجال، الطبعة الأولى، 1417هـ.
([132]) الإبانة الكبرى لابن بطة 5/111.
([133]) النعمان بن ثابت الكوفي مولى بني تميم ولد سنة 80هـ، رأى أنساً وروى عن عطاء بن أبي رباح، وتَفَقَّه على حمَّاد بن أبي سليمان، وكان من أذكياء العالم، جمع الفقه والعبادةَ والوَرَعَ والسَّخاءَ، وكان لا يَقبل جوائزَ الدَّولة. قال الشَّافعيُّ: الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة. توفِّي سنة 150هـ. انظر: العبر في خبر مَن غَبر، ص39.
([134]) روه الطَّبرانيُّ في المعجم الكبير باب قيلة بن مخرمة العنبرية 25/12، ورواه ابن الجوزي في الموضوعات 2/142، وقال: هذا حديث موضوع بلا شكّ. وأقرَّه الحافظ الزَّيلعيّ في نصب الرَّاية (4/338).
([135]) رواه الإمام أحمد في مسند عائشة رضي الله عنها برقم 25193 (6/148)، وأبو داود باب الدعاء برقم 1482 (1/467) وقال الألباني في تعليقه صحيح.
([136]) أبو داود باب الدعاء برقم 1480 (1/466) وقال الألباني في التعليق صحيح.
([137]) مسند أحمد باب حديث عبد الله الزّرقيّ برقم 15531 (3/424)، النَّسائيّ باب الاستنصار عند اللقاء برقم 10445 (6/156)، والحاكم كتاب الدُّعاء والتَّكبير والتَّسبيح والتَّهليل برقم 1868 (1/686)، وقال: حديث صحيح على شرط الشَّيخين، ولم يخرِّجاه. وقال الذَّهبيُّ في التَّلخيص على شرط البخاريّ ومسلم.
([138]) انظر لسان العرب 8/150، التعريفات للجرجاني، ص156.
([139]) البخاري باب ما يكره من السجع في الدعاء 5/2334.
([140]) تفسير القرطبي 7/218.
([141]) صحيح مسلم، باب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو 3/1362.
([142]) سنن أبي داود، باب في دية الخطأ شبه العمد برقم 4547 (2/593)، سنن النسائي، ذكر الاختلاف على خالد الحذاء برقم 4799 (8/42)، سنن ابن ماجه، باب دية شبه العمد مغلظة برقم 2628 (2/878)، وقال في المجمع: رجاله رجال الصحيح غير محمد بن وهب بن أبي كريمة، وهو ثقة. (6/104).
([143]) فتح الباري، كتاب الدعوات (11/167).
([144]) انظر: تصحيح الدعاء، ص470.
([145]) تخريج القصة: أوردها هبة الله اللالكائيّ في كرامات الأولياء (1/155)، والحافظ ابن حجر في الإصابة (7/379)، وسكت عن إسنادها ونسبها لابن أبي الدنيا في مجابي الدعوة بإسناده عن أنس بن مالك، وكذلك ممَّا يضعف الحديث أنَّ الحسن البصريَّ عنعن الحديث عن أنس ولم يصرِّح بالسَّماع، ولم أقف على مَن صحَّح إسنادَ هذا الأثر، وكتب ابنُ أبي الدُّنيا من مظانّ المعضل وجميع رواياتها تدور على الكلبي غير صاحب التفسير، وهو مجهول.
([146]) وكذلك ما ورد عن العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه حيث قال: (يا علي يا عظيم يا حليم يا كريم) فأجاز البحر ومن معه. انظر منهاج السنة (8/155). وكذلك ما ورد عن إبراهيم بن أدهم؛ حيث هاج بهم البحرُ فقال: (يا حيّ حين لا حيّ، ويا حيّ قبل كلّ حيّ، ويا حيّ بعد كلّ حيّ). فسكنت الرّيح وهدأ البحر من ساعته. انظر سير أعلام النبلاء (7/391).
([147]) الجواب الكافي (1/7). وكذلك ما ورد عن العلاء بن الحضرمي من دعائه: يا عليّ يا حليم يا عظيم.
([148]) مسند عليّ بن الجعد (1448/3398)، الكامل (7/101)، ابن أبي الدنيا العيال (1/365/201)، إسناده ضعيف من أجل الهيثم بن الجماز، قال عنه أحمد: منكر الحديث، وله إسناد آخر عن الحسن ولكنَّه ضعيف. أخرجه الحافظ هبة الله بن عساكر في تاريخ دمشق 59/276، وإسنادُه ضعيف من أجل كلثوم بن جوشن. انظر موقع ملتقى أهل الحديث على الشبكة العنكبوتيَّة العالمية.
([149]) الأزهية، ص67.
([150]) فتاوى ابن الصلاح (1/198)، طبعة دار المعرفة.
([151]) المصنوع في معرفة الحديث الموضوع، ص62.
([152]) الفتاوى (22/488-489).
([153]) كلمة (لغسلمون) يكتبها بعض الناس بعد العصر آخر جمعة من رمضان من الحفظة وقد كرهها كثير من الفضلاء لعجمتها.
([154]) سورة هود، آية: 46.
([155]) الفروق للقرافي.
([156]) رواه البخاري باب فضل من بات على وضوء (1/97)، ومسلم باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع (4/2081).
([157]) صلاح الأمة (2/163). وانظر شرح مسلم (5/563).
([158]) فتح الباري، (11/184).
([159]) أحكام لعن الكافرين وعصاة المسلمين، ص10.
([160]) الصارم المسلول، ص290.
([161]) أحكام أهل الذمة (3/1358).
([162]) الشفا (2/1097).
([163]) أحكام القرآن (1/75).
([164]) مجموع الفتاوى (6/75).
([165]) إحياء علوم الدين (3/113).
([166]) شرح مسلم للنووي (11/334).
([167]) رواه البخاري في كتاب الحدود برقم (6780).
([168]) رواه البخاري، كتاب الحدود برقم (6781).
([169]) منهج السنة (4/284).
([170]) فتح الباري (12/79).
([171]) أحكام لعن الكافرين، ص55.
([172]) أخرجه الترمذي (4/350)، وقال حديث حسن غريب.
([173]) رواه مسلم (4/2006)، باب النهي عن لعن الدواب وغيرها.
([174]) البخاري باب قول النبي ﷺ: «من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة» برقم 6000 (5/2339)، مسلم باب من لعنه النبي ﷺ أو سَبَّه أو دعا عليه وليس هو أهلاً لذلك كان له زكاة وأجراً ورحمة برقم 2601 (4/2007).
([175]) مسلم، حديث، باب (من لعنة النبي ﷺ...) 2600 (4/2007).
([176]) رواه مسلم باب (من لعنه النبي ﷺ) برقم 2603 (4/2009)..
([177]) أخرجه أبو داود، كتاب الوتر، باب الدعاء، رقم (1482)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4825).
([178]) الفتح الرباني (269/41).
([179]) سبق تخريجه ص53.
([180]) مسند الإمام أحمد بن حنبل (4/87)، صحيح ابن حبّان، باب إخباره ﷺ عمَّا يكون في أمَّته من الفتن والحوادث، (15/166)، والحاكم في مستدركه (5/35)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
([181]) تفسير ابن كثير (1/303). دار عالم الكتب، الرياض 1416هـ.
([182]) صحيح البخاري رقم (4522).
([183]) الفتاوى (15/24).
([184]) بدائع الفوائد (3/524).
([185]) ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام العلامة له كنيتان أبو الوليد وأبو خالد، أول من صنف الكتب، حدث عن عطاء ولزمه سبع عشرة سنة وأخذ عنه الأوزاعي والسفيانان والحمادان وكان من أحسن الناس صلاة، توفي سنة 150هـ، انظر تاريخ بغداد(10|400).
([186]) تفسير الطبري (1/249).
([187]) الكشاف (2/106).
([188]) البخاري، باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير برقم 2830 (3/1091)، مسلم، باب استحباب خفض الصوت بالذكر رقم 2704 (4/2076).
([189]) الدعاء المأثور وآدابه للطرطوشي، ص91.
([190]) مجموع الفتاوى (15/15).
([191]) سبق تخريجه.
([192]) سنن أحمد، مسند النعمان بن بشير برقم 18759، (4/271)، سنن الترمذي، سورة البقرة برقم 2968 (5/211).
([193]) الكمال بن الهمام/ هو كمال الدين محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود البواسي ثم الإسكندري المعروف بابن الهمام الحنفي عالم فقيه. سمع من والده ومن سراج الدين عمر بن علي الشهير بـ"قاري الهداية" والجمال الحنبلي وسمع منه شمس الدين محمد الشهير بـ"ابن أمير حاج جلي" وغيره، كان نظارا فارسا في البحث فروعيا أصوليها محدثا مفسرا حافظا نحويا كلاميا منطقيا جدليا، من تصانيفه فتح القدير، شرح الهداية والتحرير في الأصول وغير ذلك توفي سنة 861هـ، موسوعة الأعلام (1/482).
([194]) فيض القدير (1/229).
([195]) مصنف عبد الرزاق (3/122)، وابن أبي شيبة (2/308).
([196]) المبسوط (1/165)، بدائع الصنائع (1/406).
([197]) سبق تخريجه ص53.
([198]) مصنف عبد الرزاق باب القنوت (3/116).
([199]) الشرح الممتع (4/39).
([200]) وهو رأي الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية، انظر مجلة البيان العدد (160) ص55.
([201]) مجموع الفتاوى (22/622).
([202]) أبو داود (1/280)، والنسائي (3/14)، وقال ابن حجر في الفتح إسناده قوي (1/263).
([203]) صحيح البخاري، باب إذا بكى الإمام في الصلاة (1/252).
([204]) الفتاوى (22/622).
([205]) أخرجه ابن ماجه رقم (1337)، البيهقي في شعب الإيمان رقم (2051)، أبو يعلى رقم (689)، وفي إسناده أبو رافع واسمه إسماعيل بن رافع وهو ضعيف متروك.
([206]) تصحيح الدعاء للشيخ د. بكر أبو زيد رحمه الله، ص134.
([207]) أبو داود باب الدعاء برقم 1499 (1/471)، الترمذي برقم 3557 (5/557 وقال حسن صحيح غريب. النسائي باب (النهي عن الإشارة بأصبعين وبأي أصبع أشير؟) 1272 (3/38).
([208]) عون المعبود (3/167). والدعاء وأحكامه الفقهية، ص177.
([209]) مسند أبي يعلى برقم 6033 (10/421)، وأورده الهيثمي في المجمع وقال رجاله رجال الصحيح برقم 17325.
([210]) أورده الهيثمي في المجمع باب ما جاء في الإشارة في الدعاء وقال رجاله رجال الصحيح برقم 17326 (10/263) والطبراني في الأوسط برقم 3550 (4/37).
([211]) مسلم، باب فضل السجود والحث عليه (1/353)، برقم 488.
([212]) مسلم، باب فضل السجود والحث عليه (1/353)، برقم 489.
([213]) ابن ماجه (1/457) برقم 1424. وقال الألباني في التعليق: صحيح.
([214]) توضيح الأحكام (2/176).
([215]) شرح مسلم (4/206).
([216]) الديباج على مسلم (2/180).
([217]) فيض القدير (5/437).
([218]) نيل الأوطار (4/385).
([219]) انظر: كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث، ج1 /ص60.
([220]) اقتضاء الصراط المستقيم (1/314).
([221]) مسلم، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974 (2/669).
([222]) مسلم، الباب السابق برقم 975 (2/671).
([223]) اقتضاء الصراط المستقيم (337).
([224]) المصدر السابق، ص368.
([225]) أبو داود، باب زيارة القبور 2042 (1/622)، وقال الألباني في التعليق صحيح. مسند أحمد برقم 8790 (2/367).
([226]) التمهيد شرح كتاب التوحيد، ص183.
([227]) البخاري، باب الصلاة في البيعة برقم 425 (1/168)، مسلم، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد برقم 531 (1/377).
([228]) التوسل والوسيلة (1/2).
([229]) الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب للألباني، طبعة دار غراس للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى.
([230]) رواه أبو داود، باب ما يؤمر به من الوفاء عن النذر برقم 23313 (2/257)، وقال الصنعاني في سبل السلام: وهو صحيح الإسناد 4/218 دار الكتاب العربي الطبعة السابعة 1414هـ.
([231]) انظر صحيح البخاري (2/250).
([232]) التمهيد شرح كتاب التوحيد، بتصرف 154.
([233]) البخاري، باب الصلاة في البيعة رقم 424 (1/167)، مسلم، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد برقم 528 (1/375).
([234]) الفتاوى الكبرى (2/59).
([235]) انظر اقتضاء الصراط المستقيم (2/804، 807).
([236]) وقد أشار ابن حجر في فتح الباري أن ذلك ثابت عن عمر (1/569)، وذكر القصة، كما أخرجه عبد الرزاق في المصنف (1118، 119) رقم (2734)، ومصنف ابن أبي شيبة (2/270) رقم (9)، وقال الألباني إسناده صحيح على شرط الستة. الثمر المستطاب (1/417).
([237]) المصدر السابق.
([238]) هو محمد بن وضاح القرطبي الحافظ محدث الأندلس صدوق راو في الحديث كان عالما بالحديث بصيرا بطرقه وعلله ورعا زاهدا صبورا على نشر العلم متعففا وكان كثير الخطأ ولد سنة 199هـ، وتوفي سنة 287هـ. سير أعلام النبلاء (13/445).
([239]) البدع لابن وضاح (1/106).
([240]) سبق الكلام عنها في المطلب الثاني من المبحث الثالث.
([241]) الاعتصام (2/12).
([242]) اقتضاء الصراط المستقيم ص306.
([243]) إصلاح المساجد (129).
([244]) ينظر البدع الحولية رسالة ماجستير 1406هـ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
([245]) السنن والمبتدعات (1/145).
([246]) البخاري، باب الجذام برقم 5707 (19/136)، مسلم باب: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) برقم 5920 (14/491).
([247]) لطائف المعارف، ص81.
([248]) البدع الحولية: ص122.
([249]) وهذه لا شك ألفاظ لا يُتقرب بها إلى الله.
([250]) ينظر البدع الحولية، 130.
([251]) ينظر الباعث على إنكار البدع، 86.
([252]) الباعث على إنكار البدع والحوادث (31-34).
([253]) الطرطوشي في كتاب الحوادث والبدع (116-117).
([254]) اقتضاء الصراط المستقيم، ص309.
([255]) البداية والنهاية (8/302).
([256]) البدع الحولية، بتصرف (1/369).
([257]) محمد بن أحمد بن رشد المالكي، يكنى بالوليد قرطبي زعيم فقهاء وقته بأقطار الأندلس وكان إليه المفزع في المشكلات بصيرا بالأصول والفروع والفرائض والتفنن في العلوم، وإليه كانت الرحلة بالتفقه من أقطار الأندلس مدة حياته. توفي سنة 520هـ وكان مولده سنة 450هـ. انظر الديباج المذهب (1/147).
([258]) البخاري، باب الطلاق في الإغلاق برقم 4968، (5/2020)، مسلم، باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر برقم 127 (1/166).
([259]) البيان والتحصيل (1/491).
([260]) تصحيح الدعاء 419.
([261]) الدعاء وأحكامه الفقهية 241. رسالة ماجستير، جامعة الإمام، 1424هـ.
([262]) تصحيح الدعاء 420.
([263]) الشرح الممتع (3/51).
([264]) مسند أحمد حديث أبي ليلى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى برقم (19078) (4/347). وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى.
([265]) مسلم، باب استحباب تطويل القراءة (5/166) رقم 85.
([266]) سنن أبي داود، باب: ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده برقم 151 01/293)، سنن النسائي برقم 1132 (2/223) وصححه الألباني في تعليقه.
([267]) زاد المعاد (1/209).
([268]) مسلم، باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع برقم 477 (1/347).
([269]) أبو داود، باب: في تخفيف القعود برقم 995 (1/326) الترمذي، باب مقدار القعود في الركعتين الأوليين برقم 366 (2/202) قال أبو عيسى هذا حديث حسن إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح (1/199).
([270]) مصنف ابن أبي شيبة (1/263).
([271]) الإحالة السابقة.
([272]) بدائع الصنائع (1/499).
([273]) زاد المعاد (1/232).
([274]) فتاوى اللجنة الدائمة، (7/130) رقم الفتوى (4927). وينظر: الدعاء وأحكامه الفقهية ص275.
([275]) السنن المبتدعات، ص65.
([276]) الفتاوى (32/1492).
([277]) البخاري، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة برقم 717 (1/261)، مسلم، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة برقم 428 (1/321).
([278]) الدعاء وأحكامه الفقهية، ص393. رسالة ماجستير، جامعة الإمام، 1424هـ.
([279]) الشرح الممتع، ص51-52.
([280]) فتاوى اللجنة الدائمة (8/367).
([281]) تصحيح الدعاء، 435، والبداية والنهاية (10/296).
([282]) ينظر المبسوط (1/38).
([283]) ينظر الحوادث والبدع، ص78 والاعتصام (1/453).
([284]) ينظر الحاوي (2/194)، والمجموع (3/431).
([285]) الفتاوى (22/512)، وزاد المعاد (1/257). وانظر: الدعاء وأحكامه الفقهية، ص495.
([286]) البخاري، باب النجش ومن قال لا يجوز البيع (2/753)، مسلم، باب نقض الأحكام الباطلة برقم 1718 (1343).
([287]) البخاري، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود برقم 2250 (2/959)، مسلم، باب نقض الأحكام الباطلة 1718 (3/1343).
([288]) فتاوى إسلامية (4/221 لأصحاب الفضيلة عبد العزيز بن باز ومحمد بن عثيمين (رحمهم الله) والشيخ عبد الله بن جبرين واللجنة الدائمة وقرارات المجمع الفقهي، المحقق: محمد المُسند.
([289]) تصحيح الدعاء، ص446.
([290]) الفصل الثاني ص43.
([291]) فتاوى اللجنة (8/325).
([292]) البخاري (1/249)، مسلم (1/341).
([293]) ابن ماجه (1/494)، والبيهقي في شعب الإيمان (1/395) وقال حديث صحيح الإسناد.
([294]) قواعد وأسس في السنة والبدعة (1/108).
([295]) الأذكار، ص203.
([296]) قواعد وأسس في السنة والبدعة (1/108).
([297]) المصدر السابق (1/113).
([298]) سبل السلام (3/157).
([299]) زاد المعاد (1/522).
([300]) أحكام الجنائز ص198.
([301]) الفتاوى (26/105-106).
([302]) مناسك الحج للألباني، ص52.
([303]) زاد المعاد (20/206).
([304]) الفتاوى (26/122).
([305]) نفس الإحالة السابقة.
([306]) الحاوي للماوردي (4/154) وقال ابن حجر في الفتوحات الربانية (ولم أظفر بسنده إلى الآن) (4/390).
([307]) تصحيح الدعاء، ص134.
([308]) تصحيح الدعاء، ص521.
([309]) مصنف ابن أبي شيبة وهو حديث لا يصح (6/103).
([310]) الفتاوى (26/132).
([311]) رواه الدراقطني في سننه (240) وابن السني في عمل اليوم والليلة (474) والطبراني في المعجم الكبير (3/174) وفي إسناده عبد الملك بن هارون بن عنترة قال عنه البخاري: كوفي منكر الحديث، وقال الإمام أحمد: ضعيف الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث. الضعفاء والمتروكين (1/70). وقال ابن القيم: لا يثبت زاد المعاد (2/48).
([312]) الأحكام الفقهية ص96.
([313]) تصحيح الدعاء ص43.
([314]) أخرجه البخاري (6389) الدعوات، باب قول النبي ﷺ: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة)، ومسلم (2690) الذكر والدعاء، باب فضل الدعاء من اللهم آتنا.
([315]) رواه مسلم (2721) الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل، والترمذي (3489) الدعوات، عن ابن مسعود.
([316]) رواه مسلم (2739)، وأبو داود (1545) الصلاة، باب الاستعاذة.
([317]) رواه البخاري (6367) الدعوات، باب التعوذ من فتنة المحيا والممات، ومسلم (2706) الذكر والدعاء، باب التعاوذ من العجز والكسل.
([318]) رواه مسلم (2720) الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل، عن أبي هريرة.
([319]) رواه مسلم (2716) الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عملت، وأبو داود (1550) الصلاة، باب الاستعاذة.
([320]) رواه مسلم (2754) القدر، باب تصريف الله القلوب كيف يشاء، عن ابن عمر.
([321]) رواه الترمذي (3586) الدعوات عن عاصم بن كليب عن أبيه عن جده، والسنة لابن أبي عاصم (225) 1/101 عن أنس، وهو صحيح بشواهده، انظر تفسير ابن كثير (2/218)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7987).
([322]) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (663) باب دعوات النبي ﷺ وقال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه المستدرك (1/715).
([323]) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (665) باب دعوات النبي ﷺ، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (516).
([324]) رواه البخاري في الأدب المفرد (672)، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (521).
([325]) رواه البخاري (1120) التهجد، التهجد بالليل، ومسلم (769) صلاة المسافرين.
([326]) أخرجه الحاكم (1/520)، وصححه ووافقه الذهبي.
([327]) أخرجه الحاكم (1/499)، وصححه ووافقه الذهبي.
([328]) أخرجه ابن ماجه (251) المقدمة باب الانتفاع بالعلم والعمل به، وانظر: صحيح ابن ماجه (1/47).
([329]) أخرجه ابن ماجه (925) إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقال بعد التسليم، وانظر: صحيح ابن ماجه (1/529.
([330]) عن طارق بن أشيم الأشجعي الصحابي رضي الله عنه قال: كان الرجل إذا أسلم علمه النبي ﷺ الصلاة، ثم أمره أن يدعو بهذه الكلمات: «اللهم اغفر لي...» رواه مسلم (4/2073).
([331]) عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي ﷺ كان يقول: «اللهم إني...» رواه مسلم (4/2087).
([332]) عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: «اللهم يا مصرف...» رواه مسلم (4/2045).
([333]) عن شهر بن حوشب، قال: قلت لأم سلمة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين: ما أكثر دعاء رسول الله ﷺ إذا كان عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه: «يا مقلب...» رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وفي الباب: عن عائشة وأم سلمة (5/538).
([334]) عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يقول: «اللهم لك أسلمت...» متفق عليه. (البخاري 1/377)، (مسلم 1/533).
([335]) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ. رواه مسلم (4/2087).
([336]) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال لها، قولي: «اللهم إني أسألك...» الحديث. رواه أحمد، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم بسند صحيح (صحيح ابن ماجه 2/327)، والجامع الصغير وزياداته (1/216).
([337]) مجموع من أحاديث ثلاثة كلها في: (سنن الترمذي) (5/576). وقال هذا حديث حسن.
([338]) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ. متفق عليه البخاري (5/2336)، مسلم 4/2080).
([339]) عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي ﷺ. رواه مسلم (4/2097).
([340]) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه عن النبي ﷺ. رواه مسلم 04/2079).
([341]) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يقول في آخر وتره: «اللهم...» رواه الأربعة وغيرهم أبو داود (1/232)، الترمذي (5/524)، النسائي (2/210)، سنن ابن ماجه (1/373) وقال الترمذي هذا حديث حسن.