×
من صور التيسير على المسلم الجديد: تتعدَّد صور التيسير في الشرع، ولا تكاد تنحصر في باب أو لأحدٍ، والداخل في الإسلام له نصيبُه الوافر من هذا التيسير. وتضع أمامنا هذه المقالة بعض صور تيسير الشريعة على المسلم الجديد.

    من صور التيسير على المسلم الجديد

    تتعدَّد صُورُ التيسير في الشَّرْع، ولا تكاد تنحصر في باب أو لأَحَد، والداخل في الإسلام له نصيبُه الوافِر من هذا التيسير.

    فمِن ذلك: التيسير في عدم الإنكار على المسلِم الجديد عندَ خطئه؛ فعن أنس - رضي الله عنه - قال: بينما نحن في المسجد مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذ جاء أعرابيٌّ فقام يبول في المسجد، فقال أصحابُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: مَهْ مَهْ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «لا تزرموه - أي: لا تقطعوه - دعوه»، فتركوه حتى بال، ثم إنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - دعاه فقال له: «إنَّ هذه المساجدَ لا تصلح لشيءٍ مِن هذا البول، ولا القَذَر، إنما هي لذِكْر الله - عزَّ وجلَّ - والصلاة وقراءة القرآن»، وفي رواية: قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «دعوه، وهريقوا على بولِه سَجْلاً من ماء، أو ذَنوبًا من ماء، فإنَّما بُعِثْتُم ميسِّرين، ولم تبعثوا معسِّرين.

    ومن التيسير على المسلم الجديد: ألاَّ يوجب على نفسِه ما ليس بواجب، كقضاء ما فاتَه من الطاعات قبلَ إسلامه، إذ هو ليس ملزمًا بالقضاء، ومثل ذلك قد يُنفِّره من الإسلام، ولم يُوجبْ ذلك أحدٌ من العلماء، وقد سُئل السيوطي - رحمه الله - عن مسألة الكافر إذا أسلم، وأراد أن يقضي ما فاته في زمن الكُفْر من صلاة وصوم وزكاة، هل له ذلك؟ وهل ثبت أنَّ أحدًا من الصحابة - رضي الله عنهم - فَعَل ذلك حين أسلم؟

    فقال: "الجواب: نعم، له ذلك، وذلك مأخوذٌ من كلام الأصحاب إجمالاً وتفصيلاً: أمَّا الإجمال، فقال النووي في "شرح المهذب": اتَّفق أصحابنا على أنَّ الكافر الأصلي لا تجب عليه الصلاة والزكاة، والصوم والحج، وغيرها من فروع الإسلام، ومُردُاهم: أنَّهم لا يُطالبون بها في الدنيا مع كُفْرهم، وإذا أسلم أحدُهم لم يَلزمْه قضاءُ الماضي، فاقتصر على نفي اللزوم، فيبقى الجواز، وعبارة "المهذب" فإذا أسْلَم لم يُخاطبْ بقضائها؛ لقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، ولأنَّ في إيجاب ذلك عليه تنفيرَّا، فعُفي عنه، فاقتصرَ على نفي الإيجاب، فيبقى الجواز والاستحباب.

    وقال ابن عثيمين - رحمه الله -: فأمَّا الكافر فلا يجب الصيام عليه، ولا يصحُّ منه؛ لأنَّه ليس أهلاً للعبادة، فإذا أسلم في أثناء شهر رمضان لم يلزمْه قضاءُ بقية الأيَّام الماضية؛ لقوله - تعالى -: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، وإن أسلمَ في أثناء يومٍ منه لَزِمه، أمسكَ بقيةَ اليوم؛ لأنَّه صار من أهل الوجوب حين إسلامه، ولا يلزمه قضاؤه؛ لأنَّه لم يكن من أهل الوجوب حين وقتِ وجوب الإمساك.

    ومن هنا:

    فإنَّ على المسلم الجديد أن يفقَه أحكامَ الإسلام، ويعلم تيسيرَه وسماحتَه، وعلى القائم بالدعوة بيْن المسلمين الجُدد أن يُدركَ أنَّ التيسير أصلٌ في دِين الإسلام، وهو مِن الوسائل الرئيسة في تثبيت المسلِم الجديد على الإسلام، وبقائه عليه، أمَّا التشديدُ والتعسير، فليس من منهج النبوَّة، وهو ينفِّر المسلِم عن الإسلام، ويبعده عنه.