×
هذه رسالة تتحدث عن جنة الدنيا، وهل في الدنيا جنة؟! نعم، وستجد الجواب في هذه الرسالة المميزة التي كتبها فضيلة الشيخ/ محمد بن سرار اليامي وفقه الله، ونفع بعلمه بقلبه قبل قلمه.

  جنة الدنيا

محمد بن سرار اليامي


 الإهداء

إلى كل حزين..، ومهموم..، ومكروب..

إلى كل من يعاني من الاكتئابات النفسية ..

إلى كل باحث عن السعادة الدنيوية والأخروية..

إلى من أرهقته الذنوب، وأتعبته الخطوب..

إلى كل باحث عن السعادة في غير مظانها..

إلى من أراد جنة الدنيا قبل جنة الآخرة..

وإليك أخي التائب....

أهدي هذه الرسالة .. عل الله جل وعز أن يجعلها مشعلاً لطريق السعادة في حياتك ..

محمد

* * * *


 تقديم فضيلة الشيخ الدكتور عبود بن علي بن درع

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فهذه رسالة تتحدث عن جنة الدنيا، وهل في الدنيا جنة؟!

نعم، وستجد الجواب في هذه الرسالة المميزة التي كتبها فضيلة الشيخ/ محمد بن سرار اليامي وفقه الله، ونفع بعلمه بقلبه قبل قلمه، بأسلوب مثير، وتعبير يسير لا غموض فيه، ستجد في هذه الرسالة القصة والفائدة والثمار اليانعة والآثار الطيبة للحياة السعيدة والقربات الصالحات، مع الحديث عن أسباب ضعف الإيمان في قلب المؤمن، والله المستعان.

وإني لأنصح الجميع بقراءتها ونشرها بين المسلمين؛ لحاجة الأمة في زمن ضعف فيه الإيمان عند البعض، واستحوذ الشيطان وجنده على الكثير منهم؛ نسأل الله العفو والعافية.

حرر في 9/6/ 1422ﻫ.

* * * *


 خبر عجيب!!

* أيها المبارك:

عندما يتخلف مفتاح «جنة الدنيا» عن حياة كثير من الخلق تكون النتيجة الحتمية هي: الضنك، والضيقة .. مما يؤدي ببعض المجتمعات الكافرة إلي الإبداع، والابتكار في وسائل الانتحار؛ للتخلص من حياة الضيق والضنك.. فالحمد لله على نعمة الإسلام، وإلى هذا الخبر:

 طريقة جديدة للخروج من الدنيا

قال فيليب نيتشكه داعية قتل الشفقة في استراليا أن جهاز الانتحار الذي يطلق عليه اسم «حقيبة الخروج» والذي يتم طلبه بالبريد من كندا، يحقق مبيعات كبيرة في البلاد.

ويبلغ سعر الجهاز (30) دولارًا أمريكيًا ويأتي مع حقيبة خاصة مصنوعة من البلاستيك لإزهاق الروح عن طريق الاختناق.

وصرح نيتشكه لإذاعة (إيه. بي. سي) الاسترالية بأن «الجهاز يبدو كئيبًا إلي حد ما ولكنه فعال في إزهاق الروح» - والعياذ بالله -.

وأضاف أنه «يستخدم بصورة شائعة جدًا، ويتحدث معي عنه كثيرون يوميًا حتى أصف لهم الجهاز وأزودهم بمعلومات تتعلق به».

من ناحية ثانية، قامت إحدى السيدات البريطانيات التي تعاني من مرض يصيب الجهاز العصبي ويفقد الإنسان القدرة على الحركة برفع دعوى قضائية أمام المحكمة العليا أمس في لندن للحصول على تصريح يسمح لزوجها بمساعدتها في إنهاء حياتها.

وذكر راديو لندن أن السيدة دايان بيريتى «التي تبلغ من العمر 42 عامًا» أصيبت بهذا المرض قبل عامين. وأشار الراديو إلي أن السيدة المريضة لجأت إلى القضاء بعد أن رفضت السلطات ضمان عدم ملاحقة زوجها إذا ساعدها في إنهاء حياتها.

ومن هذا الخبر يتبين لنا حال العالم الكافر؛ إذ هو محط الاكتئابات النفسية، والأرق، الضيقة...

والله عز وجل يخبرنا في القرآن عن أحوالهم قائلاً: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾  [طه: 124]. فهم يعيشون في ضنك، وضيق، وحصر نفسي رهيب ... نعم .. لقد ضيعوا جنة الدنيا.. أسهل الطرق إلى السعادة الحقيقية ...

* * * *


بسم الله الرحمن الرحيم

 مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد بن عبد الله الصادق الأمين، بعثه الله بالهداية للسعادة في الدارين، وأوحى إليه بأعظم الكتب، وعلمه شرائع الدين..

بعثه الله هاديًا، ومبشرًا، ونذيرًا، وداعيًا إلي الله بإذنه، وسراجًا منيرًا..

فأسرج الله به دروب البشرية، وأضاء به مسالك الإنسانية وأخرج الله به رعاة الغنم، فجعلهم بالإيمان والهداية والاتباع... قادة الأمم..

فصلى الله عليه وسلم كلما شدا بلبل وصاح، وكلما غنى على الغصن طير وناح. وعلى آله وصحبه الأطهار الأبرار، ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين...، وبعد:

أيها المبارك..

قبل البدء في الرسالة .. أهتبل هذه الفرصة لأن أحدثك عن سر كتابتها، وسبب تأليفها..

نعم.. أحدثك عن تأريخ هذه الرسالة..

وبماذا كتبت..

ولماذا كتبت ..

ولمن كتبت ..

فأقول وبالله التوفيق:

طرق الباب علي طارق ذات يوم ([1]).. ففتحت له .. فإذا به شاب في مقتبل العمر، لم يجاوز العقد الثالث من عمره..

فقال «بكل حماس»: أتأذن لي بالدخول؟؟

قلت: «بكل تعجب»: نعم!! على الرحب والسعة ..

وما إن استوى على الكرسي في غرفة المجلس، حتى بدأ يحملق لي بعينين ضعيفتين.. أهزلهما السهر..، وأتبعهما طول الأرق، قال وعبراته تسبق عباراته.. يشهد الله أنني منذ سنة وأنا أراغم نفسي للمجيء إليك..، ولكنها تأبى..

قلت: أهلاً وسهلاً .. المنزل منزلك.

قال وقد خنقته العبرة: سوف أدخل في الموضوع بلا مقدمات.

قلت: تفضل.

قال: أشكو من هم دائم..

أشكو من ضيف في الصدر ملازم..

أشكو من أرق في النوم..

أشكو من آلام نفسية..

أشكو من القلق .. الذي أظنه سيدمر حياتي..

أشكو من اكتئاب نفسي مؤلم..

لا تعجب .. فوالله .. ثم والله .. لقد حاولت.. ثلاث مرات أن أقتل نفسي..، هربًا من جحيم القلق، والاكتئابات النفسية، ومن الهموم والغموم..، ولكن الله سلم.. نعم عناية الله بي، ورحمته لي كانت عظيمة..

قلت: سبحان الله!. أنت تمر إذن بأزمة عظيمة..

قال: نعم .. والله .. إنها لعظيمة..، كيف لا، وأنا أوشكت على الهلاك أكثر من مرة..

انهمرت دموعه.. وبدأ في بكاء طويل... رفع رأسه وإذا بعينيه تذرفان.

فقلت له: رفقًا بنفسك يا أخي..

قال: دعني .. دعني .. ويا ليتك كنت تعلم عن سبب هذا البكاء!!.

فقلت: أخي .. هل تعاني من مشكلة اجتماعية وقعت بينك وبين قريب لك؟!. أم تعاني من ديون لحقت أسرتك؟!. أم تعاني من مشكلة عائلية بينك وبين والديك، أو زوجتك، أو إخوانك؟!. أم تعاني من أمراض عضوية فتكت بك؟!.

قال: على رسلك .. على رسلك .. لست أعاني من شيء مما ذكرت لي.

قلت: فما هي معاناتك إذن؟!

قال لي بحماس: معاناتي ليست مادية.. ولا عائلية .. ولا اجتماعية .. ولا عضوية .. معاناتي تكمن في أنا.

قلت: كيف؟؟

قال: بدأت مشواري وأنا في الثانية عشرة من عمري .. ووالله ما تركت شيئًا من حلال،  أو حرام أستطيع أن أصل إليه..، إلا وفعلته .. شاء من شاء، وأبى من أبى .. معاناتي تكمن في هواي.., في شهواتي .. في ملذاتي ..، نعم .. كنت عبدًا لهواي..

قلت: سبحان الله .. أين منك داعي الحق؟!

أين منك صوت المؤذن؟!

أين منك نداء الفطرة السوية؟!

أين منك دينك وخلقك؟!

قال: لا تعجب .. والله إني تعبت من ملاحقة الشهوات، والتقلب على أعقاب الملذات، والإغراق في الملهيات .. نعم حتى الثمالة..

قلت: لماذا؟!. لماذا؟ كان هذا الجنوح عن طريق الرجولة والحق؟!

قال: كنت أبحث عن الراحة .. نعم .. أبحث والله عن السعادة .. ظننتها في كأس الخمر ..، فلم أجدها.. وظننتها في حبة المخدر..، فلم أجدها..، بل وظننتها في الفواحش، والرذائل ..، فلم أجدها.. نعم لم أجدها .. والله ما تركت الولوج فيه .. كل ذلك.. لأحصل على السعادة .. لأحصل على راحة البال.. لأحصل على سعة الصدر، والطمأنينة .. لأحصل على الهدوء في النوم، والراحة فيه .. بل لأحصل على علاج اكتئاباتي النفسية التي باتت تحيط بي كإحاطة السوار بالمعصم، حتى صرت أشعر بالاختناق أحيانًا .. وعندها .. لمعت لي فكرة .. وقُلت: تجربة .. أجربها .. وها أنا ذا بين يديك .. أسألك بالله العظيم أن تعطيني دواًء ناجعًا لمأساتي فلا تخذلني ..، وكن ناصري، ومعيني بعد الله:

قلت: أما وقد حضرت .. وقلت ما قلت.. وطلبت مني النصرة والإعانة على ما أنت فيه من ضيق للصدر، وهم وغم ..، فلي شرط واحد، لأخبرك بأصل مادة السعادة والراحة والطمأنينة.

قال «بحماس وتعجل»: قل ما شئت من الشروط، اكتب ما أردت من الطلبات، فقد تعبت .. والله تعبت.

قلت: شرطي .. أيها المبارك.. أن تنصت لي أثناء طرحي للعلاج، وأن تعمل به على الفور، لتكون النتيجة فورية.. وتزود بالصبر، فقد صبرت كثيرًا على ألم الأرق، والهم والضيق .. فاصبر قليلاً .. فقد حان الوقت لتعلم كيف تتخلص من همك وغمك .. نعم اصبر قليلاً .. وتأمل: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾  [البقرة: 153]، فلا تحزن..

وإليك أيها الأخ المبارك بالعلاج..

إليك ببلسم الشفاء ..

إليك بجنة الدنيا والآخرة..

إليك بالنعيم الدنيوي قبل الأخروي..

إليك بأصل مادة الراحة والسعادة.

إليك يا من أتعب نفسه ليجد الكنز المفقود.. إن كنزك موجود .. بيد أن قلبك مفقود .. فبادر قبل أن تبادر لإحيائه بالسعادة والإيمان..

* وصدق الأول حين قال:

إذا الإيمان ضاع فلا أمان

ولا دنيا لمن لم يحيى دينًا

* * * *


* اعلم أيها المبارك..

 أن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره أصل سعادة الإنسان؛ بل هو جنة الدنيا للمؤمن، وخاتمته جنة الآخرة له إن شاء الله.

ثم اعلم أن الإيمان لغة: ضد الكفر، وهو بمعنى التصديق..

وشرعًا: اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.

قال ابن القيم:

واشهد عليهم أن إيمان الورى

قول وفعل ثم عقد جنان

قال الإمام الشافعي في «الأم»: «وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركناهم يقولون أن الإيمان قول وعمل ونية، ولا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالأخرى».

يقول ابن رجب: «ولا صلاح للقلب بدون الإيمان بالله..».

إذا علم هذه فليعلم أن أساس قبول العمل عند الله هو الإيمان؛ لقول الله جل وعز: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾  [الأنبياء: 94]، وقوله: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾  [الفرقان: 23] لماذا؟ لتغيب الإيمان عنهم..

وأن أفضل الأعمال عند الله وأزكاها هو الإيمان، لما روى أبو ذر رضي الله عنه من سؤاله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: «الإيمان بالله، والجهاد في سبيله». وأنه سبب للهداية والسعادة الدنيوية والأخروية، لقوله جل وعز: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾  [الأنعام: 125]، ولأنه صارف للمؤمن عن المعصية، لقوله جل وعز: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾  [الأعراف: 201]، وفي قصة الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار عبرة وفائدة.

إذا علم هذا فليعلم أن المؤمن ينعم بمعية الله العامة والخاصة معًا؛ فإن المعية عامة وخاصة؛ فالعامة: هي الإحاطة بالعباد علمًا وقدرة وتدبيرًا وسلطانًا وكل ما يتضمنه معنى الربوبية ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾  [الحديد: 4].

والخاصة: هي لأحباب الله وأوليائه، وهي بإعانتهم ورعايتهم وكفايتهم ونصرتهم وتأييدهم وهدايتهم، وتوفيقهم، وتسديدهم ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾  [النحل: 128]، وقال جل وعز: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾  [التوبة: 40]، وفي قصة الهجرة النبوية دليل على هذه المعية.

ومن كان هذا حاله فإن الله يدافع عنه وينصره ويحميه؛ لقوله جل وعز: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا﴾  [الحج: 38]، فيحفظهم من شر الأشرار، وكيد الفجار.. ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾  [الزمر: 36]، ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾  [الروم: 47].

فليحذر الذين يتوخون أذية المؤمنين، أو يخذلونهم ولا يناصرونهم ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾   [الأحزاب: 58]، ونسوا .. «من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب».

فأهل الإيمان هم أهل للرضوان، يقول - صلى الله عليه وسلم - كما عند البخاري: «إن أهل الجنة ليتراؤون أهل الغرف في الجنة كما تراؤون الكوكب الشرقي أو الغربي في الأفق؛ لتفاضل ما بينهم. قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم. قال: بلى والذي نفسي بيده .. رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين».

قال ابن سعدي في «التوضيح»: «وإيمانهم بالله وتصديهم للمرسلين في ظاهرهم وباطنهم في عقائدهم وأخلاقهم وأعمالهم، وفي كمال طاعتهم لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقيامهم بهذه الأمور به يتحقق إيمانهم بالله وتصديقهم للمرسلين». اﻫ.

ولهذا قال ابن رجب رحمه الله في «لطائف المعارف»: «ما قدم أحد حق الله على هوى نفسه وراحتها إلا ورأى سعادة الدنيا والآخرة، ولا عكس أحد ذلك وقدم حظ نفسه على حق ربه إلا ورأى الشقاوة في الدنيا والآخرة».

* * * *


 من ثمرات الإيمان

أيها المبارك..

يقول الله جل وعز: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾  [إبراهيم: 24، 25].

إن الإيمان الصادق ليضفي الطمأنينة والراحة النفسية، والانشراح للصدر، وهذا مصداق قول الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾  [فصلت: 30 – 32].

ومن أعظم ثمار الإيمان: حصول المعية الخاصة من الله للمؤمنين ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾  [يونس: 62]، ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾  [البقرة: 275]؛ أي يخرجهم من ظلمات الكفر وتبعاته إلى نور الإيمان وثوابه.

ومن الثمار أيضًا: الفوز برضا الله وبالجنة التي أعدها لمن آمن به وصدق به، قال جل وعز: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ﴾  [التوبة: 72].

كذلك من هذه الثمار: دفاع الله عن أوليائه وحزبه وأحبابه المؤمنين: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا﴾  [الحج: 38]، ولا أدل على ذلك من دفاعه سبحانه عن أبي الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام حين ألقي في النار..، بل وفي قصة الذبيح عبر وعظات.

كذلك من هذه الثمار: الرفعة في الدين والإمامة فيه، قال جل وعز: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا﴾  [السجدة: 24]، ولا أدل على ذلك من إمامة أهل الدين واليقين بالله ..، فخلد الله ذكرهم، وأبقى مآثرهم وأخبارهم في الحياة موجودة، كل هذا بسبب .. الإيمان..

إن الأكابر يحكمون على الورى

وعلى الأكابر تحكم العلماء

وقول الله أعلى وأجل: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾  [المجادلة: 11].

كذلك من الثمار: محبة الله لهم، وحسبك بها ثمرة؛ يحبهم ويحبونه ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم: 69]؛ أي يحبهم، ويلقي حبهم في قلوب الخلق.

كذلك من هذه الثمار: الحياة الطيبة في الدارين، قال جل وعز: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾  [النحل: 97]، فأين الباحثون عن الحياة الطيبة والسعادة، تأمل أيها المبارك.

وكذلك من هذه الثمار: محبة الله للمؤمن، ومحبة المؤمن له ([2] يقول جل وعز: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾  [مريم: 96]، ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾  [المائدة: 54]؛ أي يحبهم ويجعل لهم المحبة بين الناس.

وكذلك من هذه الثمار: حصول البشارة لأهل الإيمان بكرامة الله لهم، يقول الله جل وعز: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾  [الأحزاب: 47]، ولا تكون البشارة إلا بعظيم فيظهر أثرها على البشرة، ولذا سمى بشارة. ولا أعظم من رحمة الله جل وعز، ورضوانه وجنته؛ يقول جل وعز: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾  [البقرة: 25]؛ بل ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ﴾  [يونس: 64].

ومن الثمار أيضًا: الثبات ([3]) على هذا الدين حتى الممات، يقول جل وعز: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾  [آل عمران: 173].

ولا أدل على هذا الثبات من تضحيات سجلها التاريخ في صفحات برقت بالنور، وأشعت بالإيمان، قدموا دماءهم، وبخلنا بأموالنا وأوقاتنا في الخير...، فيكف بأنفسنا!

ومن ثمار الإيمان: الانتفاع بالموعظة والاتعاظ بالنصيحة ([4] يقول جل وعز: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾  [الذاريات: 55]، فلا ينتفع بالذكرى أو الموعظة إلا أهل الإيمان.

ومن الثمار أيضًا: جعل الخير في كل حال للمؤمن؛ ففي حال السعة وفي حال الضيق يكون الخير حليفًا للمؤمن، قال عليه الصلاة والسلام: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن»؛ فالإيمان يحمل صاحبه على الصبر في الضراء، والشكر في السراء.

ومن الثمار أيضًا: عصمة العبد من الوقوع في الموبقات؛ فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام قوله: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن...»، فهذه ثمرات جليلة عظيمة للإيمان، فأين الباحثون عن السعادة، وراحة البال والطمأنينة.

* * * *


 [من آثاره]

اعلم أيها المبارك..

أن من آثاره في حياة المؤمن زيادة حرص المؤمن على الانقياد للشرع المطهر، يقول جل وعز: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾  [النور: 51]. فالإيمان يحمل صاحبه على المبادرة للامتثال والانقياد لأمر الله جل وعز.

أيها المبارك...

يقول الله جل وعز: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾  [النساء: 65]. بل ويحمل صاحبه على التسليم والرضا بأمر الله جل وعز.

ومن آثار الإيمان في حياة المؤمن: أنه يحميه من لوثات الشرك الجلي أو الاستعانة، أو الاستغاثة لغير الله جل وعز؛ فالنافع الله، والضار الله جل وعز. ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾  [الأنعام: 17].

ومن آثار الإيمان في حياة المؤمن: الحب في الله، والبغض في الله، وهذا أوثق عرى الإيمان؛ يقول جل وعز: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾  [الحجرات: 10]، ولا أدل على ذلك من مؤاخاة الأنصار للمهاجرين، وبذلهم أنفسهم وأموالهم لإخوانهم، وقد قال المعصوم - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».

ومن الآثار في حياة المؤمن أيضًا: الصبر ([5]) على الجهاد في سبيل الله، وبذل الغالي والنفيس ليرضى الرب جل وعز؛ يقول جل وعز: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾  [الحجرات: 15]؛ فهم يبحثون عن الجنة في الدنيا، وهي الإيمان وطاعة الرحمن، وعن الجنة في الأخرى وهي ما وعد الرحمن عباده.

بل إن الله جل وعز كتب نصبهم وتعبهم وعرقهم وبذلهم في صحائف الحسنات الباقيات؛ لأنهم يرجون رضا الرب جل وعز، لسان حالهم:

أرواحنا يا رب فوق أكفنا

نرجوا ثوابك مغنمًا وجوارًا

يقول الله جل وعز: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾  [التوبة: 120 – 121]. كل هذا لأهل الإيمان به، والصدق في معاملته جل وعز يقول قائلهم:

على جماجمنا صغ كل ملحمة

أغلى الرؤوس التي في الله تقتطف

ومن آثار الإيمان في حياة المؤمن: تولي الله ورسوله، يقول جل وعز: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا﴾  [المائدة: 55]، وتولي الله أي: محبته سبحانه، ونصرة دينه ومحبة أوليائه، والبراء من ضد ذلك وهم أعداء الله، يقول جل وعز: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ ......﴾  الآية، بل المؤمن يتولى الله ورسوله والمؤمنين ولا يتخذ الكافرين أولياء ألبتة، يقول جل وعز: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾  [آل عمران: 28].

ومن آثار الإيمان على المؤمن: إكسابه الخلق الحسن؛ فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الحياء والإيمان قرناء جميعًا، فإذا رفع أحدهم رفع الآخر»، وخصلة الحياء من أعظم حسن الخلق، فيحسن المؤمن خلقه مع إخوانه ليعيش في نعيم دنيوي؛ فلا مشاكل، ولا شقاق، ولا خصومات؛ كل هذا لأنه مؤمن، وليس ذلك إلا للمؤمن.

ومن آثار الإيمان على المؤمن: السعادة الحقيقية، والراحة النفسية، مما يجعله يشعر بأنه في جنة الدنيا، من السعادة وراحة البال؛ لأن له رب واحد هو الله جل وعز، ونبي واحد هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ومنهج واحد هو اتباع رضوان الله، وهدف واحد هو جنة عرضها السموات والأرض.

وإنك لتلتفت يمينًا وشمالاً فترى العيادات النفسية تمتلئ بالمرضي وتستمع للشكاوى، والهموم والغموم، والأرق، وقلة النوم، والهواجيس، والكوابيس؛ فتعلم علم اليقين أن هذا كله بسبب الابتعاد عن الإيمان الحق بالله جل وعز، وبسبب الركون للدنيا، والتعلق بها؛ فالماديات طغت على الجوانب الروحية، والإنسان بحاجة ماسة لإشباع الجانب الروحي، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان الحق بالله جل وعز، والتعلق به، ومداومة ذكره، والإيمان بالملائكة، وبالكتب، وبالرسل، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وحلوه ومره من الله جل وعز.

ومن أهم أسباب طغيان الجانب المادي في حياتنا هو الانفتاح المثير للجهال على الحضارة الغربية، ومن ثم التسهيلات التي طرأت وحصلت، سواء من الناحية الفكرية، أو من الناحية الاقتصادية، أو من الناحية الاجتماعية.

المهم أن كثيرًا من الخلق غفل عن دواء القلب، وعن راحة الصدر، وعن جنة الدنيا لهثًا وراء حطام الدنيا الفانية؛ فلا هو حقق ما يريد، ولا هو استراح من أول الطريق.

وعودًا على بدء؛ فإشباع الجانب الروحي لن يحصل إلا بالإيمان كما أسلفت؛ لأن الروح من عند الله، والجسد خلقه الله من تراب.. فكلما أشبعت الجانب الروحي كلما سمت نفسك وارتقت واطمئنت وارتفعت عن سفاسف الأمور، وكلما أهملت هذا الجانب كلما انحدرت إلى الطبيعة الحيوانية الشهوانية، وزاد ضيقها وضنكها، وأظلمت الدنيا في عينيها .. نعم.. أي والله.

* * * *


 [من سبل تقوية الإيمان في قلب المؤمن]

أيها المبارك..

إن سئلت عن سبل تقوية الإيمان في قلب المؤمن فاعلم أن القاعدة في ذلك هي: أن الإيمان يزيد بالطاعة والإحسان، وينقص بالذنب والعصيان. ومن أعظم هذه السبل العناية بالمعروف والأمر به، وأعظم المعروف التوحيد، والدعوة إليه، وإنكار المنكر، وأعظم المنكر الشرك بالله.

ومن هذه السبل الحفاظ على الفرائض فقد ثبت في الحديث القدسي قول الله جل وعز: «ما تقرب إلي عبد بشيء أحب إلي مما افترضته عليه». بل إنها عون للعبد على أمور دينه، ودنياه، قال جل وعز: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾  [البقرة: 45].

ومن السبل الإكثار من ذكر الله وتمجيده والثناء عليه سبحانه وتعالى، يقول جل وعز: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾  [الرعد: 28].

سبحان من لو سجدنا له

على شبا الشوك والمحمي من الإبر

لم نبلغ العشر من معشار نعمته

ولا العشير، ولا عشرًا من العشر

سبحان من جلت قدرته، وعظم حلمه، ودام ستره.. سبحانه وتعالى عما يشركون. ومن ذكره جل وعز كان أنيسه سبحانه؛ فقد جاء في الحديث القدسي: «أنا جليس من ذكرني». وقد كان كثير من السلف يحب الخلوة مع نفسه ليذكر الله عز وجل، فيزداد بذلك إيمانه، وتزداد طمئنينته وراحة باله.

وأعظم ذكر الله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ فهي كلمة التوحيد من أجل تحقيقها خلق الله الخلق، وزين الجنة وسعر النار..، ومن أعظم الذكر أيضًا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وكذلك من أعظم الذكر القرآن الكريم كله؛ فذكر الله جل وعز يطرد الشيطان، ويرضي الرحمن ويذهب الهم والغم، وتزول الوحشة بين العبد وربه، وبين العبد وسائر الخلق.

بل وتسد بالذكر حاجة القلب الروحية وحاجة الجسد المعنوية، ويقوى القلب؛ فهو يعتمد على الرب جل وعز. [ومن أراد التوسع في الفضائل فليعد إلي كتاب «الوابل الصيب» لابن القيم رحمه الله؛ فقد أسهب في فضل الذكر- و«الأذكار» للنووي، و«الكلم الطيب» لابن تيمية، وكل كتب الحديث].

يقول جل وعز: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ﴾  [الأنفال: 12]، وقد جاء في الأثر: «جددوا إيمانكم». قيل: يا رسول الله، كيف نجدد إيماننا؟ قال: «أكثروا من لا إله إلا الله».

والفرق واضح بين الذاكر لربه والغافل؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام: «مثل الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر مثل الحي والميت». قال شيخ الإسلام رحمه الله: «الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فيكف يكون السمك إذا فارق الماء!». اﻫ.

أيها المبارك..

ثم اعلم بعد ذلك أن من أقوى السبل لزيادة الإيمان هو: ذكر الموت، قال عليه الصلاة والسلام: «أكثروا ذكر هادم اللذات الموت، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من عيش إلا وسّعه عليه، ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه» [صححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع]؛ فبذكره يزداد إيمان العبد، فتزداد سعادته في الدنيا، واستعداده لما بعد الموت.

يا من أقام وقد مضى إخوانه

ما أنت إلا واحد ممن مضى

فستمضي .. وسنمضي .. وعند الله المتلقي.

وبما أن الموت فضح الدنيا، وأخبر أنها حقيرة، فلن تجذب فهم عاقل، ولا لُبَّ ذكي..، ويعلم العبد أن مقاييس السعادة ليست في الدنيا؛ بل هي في إرضاء الله جل وعز.

واعلم أيها المبارك..

أن من هذه السبل أيضًا مصاحبة أهل الإيمان ([6])، وأهل الصلاح والإحسان، فهم على الخير أعوان، يبعدونك عن دروب الشيطان، ويحثونك على السير في طريق رضا الرحمن، قال جل وعز: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾  [الكهف: 28].

أيضًا من هذه السبل التفكر في نعم المنعم جل وعز علينا، وفي هذا الكون الفسيح.

وكتابي الفضاء أقرأ فيه

آية ما قرأتها في كتابي

فالنهر يدل على الله..     والشجرة تدل على الله..

والجبل يدل على الله..    والطير يدل على الله..

والنهار يدل على الله..    والليل يدل على الله..

وفي كل شيء له آية

تدل على أنه واحد

فيا عجبًا كيف يعصى الإله

أم كيف يجحده الجاحد

يقول جل وعز: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ...﴾  [آل عمران: 190 – 191]. تأمل النحلة وهي تدور من بستان لبستان، ولا تقع إل على الرحيق الطيب، من هداها ... من علمها...

تأمل النملة وهي تحمل حبات الشعير إلي جحرها، وتحدث فيه ثقبا حتى إذا أدخلتها للمستودع تحت الأرض وجاء المطر لم يؤثر فيها.. من هداها .. من علمها.

وتأمل الثعبان يحمل في جوفه السم القاتل، ولا يتأذى.. من حماه، وهداه وعلمه..؟ إنه الله الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى...

أيها المبارك..

تأمل، وتفكر، وتدبر فيما يجري في الكون من حولك يزداد إيمانك..

ثم أعلم أيها المبارك..

أن من سبل تقوية الإيمان في قلب المؤمن الجد والاجتهاد في الأعمال الصالحة، قال جل وعز: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ﴾  [البقرة: 177].

وأنواع الصالحات والقربات كثيرة منها:

1- تحقيق كلمة التوحيد خالصة لله جل وعز.

2- تدبر القرآن الكريم، والوقوف عند أوامره واجتناب نواهيه..، والانزجار بزواجره، والاتعاظ بمواعظه.

3- طلب العلم الشرعي، وملازمة مجالس أهله فإن فيه بركة وفيه خير للعبد في الدنيا والآخرة.

4- تذكر منازل الآخرة وحال الموت، وما بعده، كتب الله لنا ولكم النجاح والنجاة.

5- دوام ذكر الله جل وعز؛ فهو جلاء القلوب الصادئة من المعاصي، يقول الله جل وعز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾  ﴾  [الأحزاب: 41]، فقال الحق ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾  [العنكبوت: 45].

الذكر يطرد الشيطان، ويؤنس قلب العبد، فيخلو مع الرحمن، والرحمن جل وعز يقول في الحديث القدسي: «أنا جليس من ذكرني». بالذكر يضعف كيد الشيطان، وتقل قوته وتفتر عزيمته.

بالذكر ينشرح صدر الذاكر؛ لأنه ذكر حبيبه ومغيثه، ومؤيده وناصره..

بالذكر يأوي القلب إلى ركن شديد، هو الله جل وعز.. وغير ذلك من الصالحات، والقربات، والصدقات...

ومن السبل أيضًا أيها المبارك...

الدعاء، والانطراح والخضوع والتذلل بين يدي ملك الملوك، فأنت فقير ومسكين ومعدم.. والله جل وعز يقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ﴾  [فاطر: 15]. تحتاج إلي النصرة، والتأييد، والتثبيت على الحق، والحماية، والقوة، والعطاء .. من رب الأرض والسماء، وقد جاء في الحديث: «اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين» [رواه أحمد]. فدعاء الله من السبل التي يزداد بها الإيمان في قلب المؤمن ([7]).

وأيضًا من هذه السبل الدعوة إلي الله، وتبليغ شرع الله، وتعليم الخلق وتعبيدهم للخالق جل وعز..، يقول جل وعز: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ﴾  [النحل: 125]، يقول ابن سعدي رحمه الله: «ومن دواعي الإيمان، وأسبابه: الدعوة إلي الله، وإلي دينه، والتواصي بالحق، والصبر». أﻫ.

ومن السبل أيضًا تعظيم حرمات الله جل وعز، يقول جل وعز: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾  [الحج: 32]، وحرمات الله هي حقوقه سبحانه وتعالى.

ومن السبل أيضًا محاسبة النفس، يقول جل وعز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ﴾  [الحشر: 18]، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا». يقول ابن القيم رحمه الله: «وهلاك النفس من إهمال محاسبتها، ومن موافقتها، واتباع هواها».

ومن السبل أيضًا زيارة القبور، واتباع الجنائز للرجال، وعيادة المريض؛ فإنها من بواعث زيادة الإيمان في القلب، وتذكر الدار الآخرة، والاستعداد لها.


 ومن أسباب الضعف

اعلم أيها المبارك..

أن أسباب ضعف الإيمان في قلب المؤمن كثيرة منها:

1- استصغار الذنوب وعدم المبالاة بها، وهذا خطير، بل هو أساس من أسس ضعف الإيمان في قلب المؤمن، يقول عليه الصلاة والسلام: «إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا ببطن واد، فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود، حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، ومحقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه».

2- تنافس الدنيا والخلود لها والميل عن تعمير دار الآخرة، قال عليه الصلاة والسلام: «فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم» [رواه مسلم]. وهذا الأمر مع الأسف الشديد بارز في عصر الماديات وعصر الانفتاح الثقافي العالمي الذي نعيشه الآن وإنما يذل العبد بقدر همته، فإن كانت همته للدراهم والدنانير مصروفة، أصبح ذا همة دنيئة، وإن كانت همته لهذه الدراهم والدنانير جمعًا وتحصيلاً من الحلال ومن الحرام، فهذا والعياذ بالله عبدٌ لدرهمه، وقد جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: «تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم» [رواه البخاري].

3- الغفلة عن ذكر الله جل وعز، يقول جل وعز: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾  [الحديد: 16].

4- الآفات القلبية من رياء، وعجب، وشح، وغرور، وغيرها مما يضعف الإيمان في قلب العبد بقدر ما تزيد.

5- مخالطة رفقاء السوء من الأسباب المضعفة للإيمان في قلب المؤمن؛ فإن الصاحب كما قيل: ساحب، فإياك أيها المؤمن أن يسحبك نافخ الكير إلى كيره.

6- كثرة الإسراف في بعض المباحات من:

أ- النوم.

ب- الضحك.

ج- المزاح.

د- السهر.

ﻫ- الكلام.

و- الأكل.

7- الابتعاد عن البيئات الصالحة، والقدوات الطيبة، مما قد يضعف الإيمان في قلب العبد المؤمن أيضًا.

8- ويجمعها طول الأمل، والتسويف، وهي أمهر خدعة شيطانية..

أيها المبارك..

إذا علم هذا، فليعلم أن الإيمان من أعظم أسباب السعادة في الحياة، بل هو الهدف الحقيقي من وجودنا على هذه البسيطة، وحينما تعرف الهدف تطمئن أنك على الطريق الصحيح...

وخلاصة ما سبق..

أن الإيمان بالله وتقواه وذكره والخشوع في الصلاة ([8])، وتدبر القرآن، والصدق في الدعاء، والتوكل على الله، والثقة بموعود الله، والصبر على ذلك، والتواصي به، وبالحق ... كل هذا من محصلات السعادة.. بل هو جنة الدنيا للمؤمن..

يقول شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم الحراني عندما سجن: «أنا جنتي في صدري، أنَّا سرت فهي معين أنا قتلي شهادة، وسجني خلوة، وإخراجي من بلدي سياحة..» اﻫ.

فجنته الإيمان، وهي جنة كل مؤمن، وربيع قلبه، رزقنا الله وإياكم السعادة في الدارين، ودخول الجنة، إن الله ولي ذلك والقادر عليه.

* * * *


وأخيرًا.. أيها المبارك..

هذه خواطر، وهذا جهد المقل أضعه بين يديك حَلا من أعظم الحلول لحصول الراحة النفسية والطمأنينة والسعادة في الدارين.

 أسأل الله العظيم رب العرش العظيم الكريم أن يجعل فيه النفع والبركة، وأن يجعل ما قلنا وكتبنا وسمعنا حجة لنا لا حجة علينا، وأن يجعله في ميزان الحسنات الصالحات الباقيات، وأن يكتب السعادة والهداية، والطمأنينة لكل مسلم ومسلمة إن الله ولي ذلك والقادر عليه.

سامحًا بالقليل من غير عذر

ربما أنصف القليل وأجزى

 وقبل الوداع أقول:

وغير تقي يأمر الناس بالتقى

طبيب يداوي الناس وهو سقيم

وصلى الله وسلم وبارك على محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

تمت على يد مقيدها الفقير إلى ربه الغني

محمد بن سرار بن علي آل دغيش اليامي

غفر الله له ولوالديه وللمسلمين – آمين –

في رياض نجد عمرها الله بالطاعة وحرسها من كل سوء – آمين.

6/5/1422ﻫ

ص.ب 122586 الرياض 11731

البريد الإلكتروني: [email protected]

الجوال: 053690500



([1]) هذه القصة من الواقع المرير، لا من نسج الخيال.

([2]) ومن علامات محبة المؤمن لله جل وعز ما يلي:

1- محبة كلامه الذي تكلم به.

2- محبة رسوله ﷺ‬، وإتباعه.

3- التشرف بولاية الله.

4- الغيرة على محارم الله.

5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

6- التقرب إلي الله بالنوافل.

7- الاجتماع بالصالحين ومجالستهم.

8- تقديم حب الآخرة على حب الدنيا.

9- التوبة النصوح، وترك المعاصي، والرجوع إلي الله جل وعز.

10- تمني الشهادة في سبيل الله. أﻫ.

([3]) والثبات ضريبة المجد، وهو طريق الرفعة في الدارين، وله عوامل عدة ... منها:

1- الدعاء، ومن ذلك قول النبي ﷺ‬: «اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد».

2- تدبر القرآن الكريم، وفهمه فهمًا صحيحًا: }وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ{ [هود: 120].

3- حسن التعامل مع الله جل وعز: }فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ{ [الصف: 5].

4- الالتفاف على العناصر المثبتة.

5- قراءة سير الثابتين.

6- الثقة بموعود الله جل وعز، وبنصره.

7- الحذر من سوء الخاتمة والمنقلب. أﻫ.

([4]) للفائدة:

أنصح بسماع شريط فضيلة الشيخ الموفق: محمد بن مصلح بن هاشل، الذي بعنوان: «لماذا لا نستفيد من الموعظة؟!».

([5]) والصبر ثلاثة أنواع:

فمنها: صبر على طاعة الله.

ومنها: صبر عن معصية الله.

ومنها: صبر على أقدار الله المؤلمة.

([6]) للفائدة:

أنصح بمطالعة رسالة: «من تصاحب؟!» لأخي المبارك: سلمان المالكي – وفقه الله-.

([7]) «إن العبد الضعيف إذا لازم باب سيده أشفق عليه، ورحمه، وقضى حاجته ومطلوبه، وسد خلته.. فالدعاء لله جل وعز، فلا قادر على جلب المنافع إلا الله.. ولا قادر على دفع المضار والمكروهات إلا الله.. ولا آمر إلا الله .. ولا ناهي إلا الله .. ولا مالك إلا الله .. ولا معطي إلا الله .. ولا مانع إلا الله، فالزم بابه بالتضرع، والدعاء، واطلب أن يخلص لك نيتك، وأن يصفي سريرتك، فلا مالك لذلك إلا هو .. جل وعز.

أحنُّ بأطراف النهار صبابة

وفي الليل يدعوني الهوى فأجيب

نعم... إن لليل سراً في قلوب أصحابه مع الله.. نعم مع الله لا مع غيره.

نهاري نهار الناس حتى إذا بدا

لي الليل هزتني إليك المضاجع

أقضي نهاري بالحديث وبالمنى

ويجمعني والهم بالليل جامع

وللدعاء شروط خمسة ذكرها بعض أهل العلم أسوقها عل الله جل وعز أن ينفع بها:

1- الإخلاص لله جل وعز، وهو صرف الدعاء لله جل وعز، لا شريك له فيه، ولا رياء، ولا سمعة، ولا طلبًا لغير وجه الله .. ولا تنس أخي .. }وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ{ [الأعراف: 29]. 2- متابعة سنة المعصوم ﷺ‬، والله يقول: }وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا{ [النساء: 125].

إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا "

كفى بالمطايا طيب ذكراك حاديًا

3- الثقة كل الثقة بإنجاز موعود الله جل وعز، فهو يقول: }ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ{ [غافر: 60]، بل يقول جل وعز للشيء }كُنْ فَيَكُونُ{.

قال ﷺ‬ في الحديث القدسي الذي رواه عن ربه تبارك وتعالى: «.... يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر» [رواه مسلم].

4- الخشوع وحضور القلب، قال تعالى: }وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ{ [الأنبياء: 90] .. فالخشوع وحضور القلب أمر مطلوب، والرغبة والرهبة في الدعاء من شروط الدعاء.

5- إذا كنت ذا أمر فكن ذا عزيمة

فإن فساد الأمر أن تتردد

أي العزم والجزم في الدعاء لما صح عنه عليه الصلاة والسلام من قوله: «إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء، ولا يقل اللهم إن شئت فأعطني، فإن الله لا مستكره له». [رواه البخاري ومسلم].

وكما أن للدعاء شروط لا يستجاب إلا بها فإن هناك موانع للإجابة ... على المسلم والمسلمة التحرز منها.. أذكر منها على سبيل الإجمال ما يلي:

1- أكل الحرام.

2- العجلة، وترك الدعاء.

3- ترك الواجبات، والفرائض.

4- ارتكاب ما يغضب الرب من عصيان.

5- الدعاء بإثم، أو قطيعة رحم.

6- غفلة القلب، وغيرها». اﻫ.

([8]) للفائدة:

ينظر في «طريقك للخشوع» لراقم هذه الأسطر، فإن فيها وسائل عديدة نافعة بإذن الله للوصول إلي الخشوع.