×
كتاب قيّم عبارة عن ملخص لكتاب الإسلام: حقيقته، شرائعه، عقائده، نظمه، بيَّن فيه المؤلف أثابه الله حقيقةَ الدين الإسلامي، ومصادر تشريعه، وأركان الإسلام، كما تناولَ الأخلاق في الإسلام، واستعرَضَ نُظُم الإسلام، وبيَّن موقف الإسلام من بعض المسائل والمصطلحات، وأوضح الموقف الشرعي من بعض القضايا التي يكثُر حولها الجدل.

 ملخص كتاب  الإسـلام  حقيقته   شرائعه   عقائده   نُظُمه

البحث الفائز بالمركز الأول للمسابقة العالمية (هذا هو الإسلام) التي نظمتها الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام التابعة لرابطة العالم الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد  فهذا ملخص الكتاب الفائز  بالمركز الأول للمسابقة العالمية (هذا هو الإسلام) التي تنظمها الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام التابعة لرابطة العالم الإسلام وعنوان البحث هو (الإسلام: حقيقتُه   شرائعُه   عقائدُه   نُظُمُه):

(هذا هو الإسلام)

وسيكون الحديث في هذا الملخص عن بيان خطة البحث، وعمل الباحث، ومجمل ما ورد في البحث.

خطة البحث: أما خطته فقد اشتملت على: مقدمة، وثمانية أبواب، وخاتمة وذلك كما يلي:

الباب الأول: حقيقة الدين الإسلامي، ومصادر تشريعه، وأركانه.

الباب الثاني: أركان الإيمان.

الباب الثالث: محمد" خاتم الأنبياء والمرسلين.

الباب الرابع: مسائل في علم الغيب.

الباب الخامس: مسائل في الذنوب والتوبة والدعاء.

الباب السادس: النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأسري في الإسلام.

الباب السابع: موقف الإسلام من بعض القضايا المعاصرة.

الباب الثامن: الدلائل على حقيقة الإسلام.

فهذه هي أبواب البحث، وتحت كل باب عدد من الفصول،  وتحت كل فصل عدد من المباحث، وربما احتوت الفصول أو المباحث على تمهيد بحسب الحاجة والسياق.

الخاتمة: وفيها خلاصة موجزة لما جاء في البحث.


عمل الباحث: لقد راعى الباحث أموراً عديدة منها:

1  كان الحرص شديداً بأن تكون محاور البحث مستقلةً عن بعض, وأن تكون في الوقت نفسه مترابطة؛ فتكون مستقلة من جهة صلاحها لأن تُفْرد, وتكون مترابطة من جهة أن البحث يكمِّل بعضه بعضاً, ويؤيد بعضه بعضاً؛ لأن الإسلام دين محكم مترابط لا ينفك بعضه عن بعض.

2  أن تكون لغة البحث هادئة تراعي العقلية غير المسلمة، وخصوصاً العقلية الغربية, وأن تكون بعيدة عن لغة الانهزام, أو الاستفزاز؛ ليكون أدعى للقبول.

ويتسنى ذلك بالتأكد من صحة المعلومة، والحرص على بيان الحق بدليله بعيداً عن لغة التعالي والاستفزاز، ولغة التبعية والانهزام؛ فالأولى تصد عن قبول الحق، والثانية تخذله، أو تضعف جانبه.

ويتسنى  أيضاً  بالجمع بين الأصالة والمعاصرة؛ فالأصالة تعطي البحث قوة، والمعاصرة تعين على فهم أحوال المخاطبين، وتنزيل الكلام على تلك الأحوال.

3  روعي في البحثِ الحرصُ على إظهاره في حلة قشيبة، ومعرض حسن، وذلك من خلال أمور منها:

أ  مراعاة قواعد البحث من عزو، وتخريج، وما جرى مجرى ذلك.

ب  الحرص على سلامة اللغة، ومراعاة قواعد الإملاء، وعلامات الترقيم.

ج  مراعاة لغة البحث، والحرص على أن تكون حالاً بين حالين: بين السوقي القريب، والوحشي الغريب.

د  الرجوع إلى المصادر الأصيلة الموثوقة سواء كانت قديمة أو حديثة.

هـ  ملاحظة مادة التشويق، وذلك من خلال وضع العناصر، والتنويع في الاستشهاد والنقل.

و  الحرص على أن يكون البحث متسماً بالروح والمائية بعيداً عن الجفاء، والجفاف، وعنف الممارسة.

إلى غير ذلك مما يعين على فهم المقصود، وطرد الملل، وإمكانية تجزئة البحث، أو استلال أبحاث منه.

4  كثير من محاور البحث متقاربة متداخلة يصعب فصل بعضها عن بعض، لذا حرصت على أن يُبحث كلُّ محور على حدة، وأن يكمل البحث بعضُه بعضاً.

فهذه هي خطة البحث, ومشكلته, وما سار عليه.


 خلاصة بحث (هذا هو الإسلام)

 أولاً: حقيقة الدين الإسلامي

 1  مدخل في قصة البشرية

قصة البشرية بدأت بخلق آدم  عليه السلام  وأمرِ اللهِ الملائكةَ أن يسجدوا له، واستكبار إبليس عن ذلك، وطرد إبليس، وإهباطه إلى الأرض، وإسكان آدم وزوجه الجنة، وإغواء إبليس لآدم بالأكل من الشجرة، وأكل آدم منها، وإهباطه إلى الأرض، وقيام العداوة بين إبليس وذريته من جهة، وآدم وذريته من جهة.

ثم ما كان بقاء آدم وذريته من بعده عشرة قرون على التوحيد، ثم حصول الشرك، وإرسال نوح  عليه السلام  لدعوة الناس إلى التوحيد، ثم تتابع الأنبياء من بعده إلى أن وصلت إلى نبينا محمد" ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، ولتكون رسالته هي الخاتمة، وكتابه القرآن هو رسالة الله الأخيرة للبشرية.

 2  بيان مفهوم الإسلام

أ  الإسلام في اللغة يطلق على معان أشهرها، الانقياد، والاستسلام، والطاعة، والإخلاص، والقبول، وإظهار الخضوع.

ب  الإسلام العام: هو استسلام العبد، وخضوعه لله، والتزام ما جاء به نبي من الأنبياء، وإظهار ذلك.

ج  الإسلام الخاص: هو الاستسلام، والانقياد لله، والالتزام بما جاء به النبي محمد".

 3  الإسلام دين الفطرة

أ  الفطرة في اللغة: هي ما فطر الله عليه الخلق من المعرفة به.

ب  وفي الشرع: هي دين الإسلام، ومعنى فطر الناس عليه: أن الله خلقهم قابلين لأحكام دين الإسلام، وجعل تعاليمه مناسبة لخِلقتهم.

ج  ومعنى وصف الإسلام بأنه فطرة الله: هو أن أصل الاعتقاد فيه جارٍ على مقتضى الفطرة العقلية، دون منافاة لها.

 4  البر وآثاره

أ. البر من الألفاظ الشرعية العظيمة التي ترد كثيراً في القرآن الكريم والسنة النبوية.

ب. البر هو لفظ يحمل في طياته معاني جامعة، وآثاراً عميقة تدور حول كل خير وفلاح.

ج. من أحسن ما يعرف به البر أن يقال: البر اسم جامع يدخل فيه العقائد الإيمانية، وأعمال القلوب، وأعمال الجوارح.

ويدخل فيه جميع المأمورات، وترك المنهيات.

د. من معاني البر: الصلة، والطاعة، والتقوى، وحسن الخلق.

 5  الأخلاق

أ. للأخلاق منزلة سامية في الإسلام.

ب. الأخلاق جمع خلق، والخلق: حال النفس التي يفعل بها الإنسان أفعاله بلا روية ولا اختيار.

ج. الخلق قد يكون في بعض الناس غريزة وطبعاً، وفي بعضهم لا يكون إلا بالرياضة والاجتهاد.

د. حسن الخلق: هو التحلي بالفضائل والمكارم، كطلاقة الوجه، ولين الجانب، وطيب الكلام، وسلامة الصدر، مع البعد عما ينافي ذلك.

هـ. جماع الخلق الحسن أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك.

و. الخلق العظيم: هو الذي وصف الله به نبيه محمداً" وهو الدين الجامع لجميع ما أمر الله به مطلقاً.

وحقيقته: المبادرة إلى امتثال ما يحبه الله  تعالى  بطيب نفس، وانشراح صدر، وهو شامل للتدين، والحلم، والعدل، والصبر، والتواضع، والزهد، والجود، والحياء، والشجاعة، ونحوها.

ز. جاءت الشريعة الإسلامية بما يبين أن لحسن الخلق فضائل عظيمة، تنظم خيري الدنيا والآخرة؛ فهو امتثال لأمر الله، واقتداء بالنبي"، وسبب لرفعة الدرجات، ودخول الجنة، والقرب من مجلس النبي" في الآخرة، وهو سبب في نيل محبة الله، وراحة البال، وطيب العيش، وتيسير الأمور.

ح. نصوص الشرع دالة على أن تغير الطباع وارد ممكن، وذلك إذا أخذ الإنسان بالأسباب التي تنهض بهمة الإنسان، وخلقه.

ط. لقد جاءت نصوص كثيرة تبين الأسباب التي ترتقي بخلق الإنسان إذا هو أخذ بها، وحرص على تمثلها.


 ثانياً: الله  جلَّ جلاله  وقدرته  عز وجل

 1  الله جلَّ جلاله

أ  الله: هو رب كل شيء ومليكه، الخالق وحده، المدبر للكون كله، العالم بكل شيء، المحيي، المميت، الرزاق، القادر، المتصف بكل كمال، المتنزه من كل نقص وعيب، المستحق للعبادة وحده.

ب  لله  عز وجل  أسماء كثيرة سمى بها نفسه، وقد ورد في الآيات السابقة شيء منها، والقرآن الكريم والسنة المطهرة حافلان بذكر أسماء الله  عز وجل .

هذا وإن أشهر تلك الأسماء، وأعظمها، وأجلها هو اسم (الله).

ج  لاسم (الله) من بين أسماء الله  عز وجل  خصائص كثيرة أشهرها ما يلي:

  أنه اسم الله الأعظم؛ حيث ذكر ذلك جماعة من أهل العلم أنه  هو الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى.

  وأنه الأصل لجميع أسماء الله الحسنى، وأن باقيها مضافة إليه، وأنه موصوف بها.

  أن هذا الاسم مستلزم لجميع معاني الأسماء الحسنى، وأنه الاسم الذي اقترنت به عامة الأذكار المأثورة، وأنه أكثر الأسماء وروداً في القرآن الكريم.

 2  قدرة الله  عز وجل

أ  قدرة الله  عز وجل : صفة من صفات الله الثابتة له، وهي القدرة التامة الكاملة.

ب  من أسماء الله  عز وجل  القدير، والقادر، والمقتدر، وجميع هذه الأسماء وردت في القرآن الكريم، وأكثرها وروداً: القدير، ثم القادر، ثم المقتدر.

ج  هذه الأسماء تدل على ثبوت القدرة صفة لله، وأنه  سبحانه  كامل القدرة؛ فبقدرته أوجد الموجودات، وبقدرته دَبَّرها، وبقدرته سوَّاها وأحكمها، وبقدرته يحيي ويميت، ويبعث العباد للجزاء، ويجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، الذي إذا أراد شيئاً قال له: كن، فيكون، وبقدرته يقلب القلوب ويصرِّفها على ما يشاء ويريد، ويهدي من يشاء، ويضل من يشاء، ويجعل المؤمن مؤمناً، والكافر كافراً، والبرَّ بَرّاً، والفاجر فاجراً.

د  لكمال قدرة الله لا يحيط أحدٌ بشيء من علمه إلا بما شاء أن يُعلِّمه إياه، ولكمال قدرته خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسه من لغوب، ولا يعجزه أحدٌ من خلقه ولا يفوته، بل هو في قبضته أين كان، الذي سَلِمَتْ قدرتُه من اللُّغوب والتعب والإعياء والعجز عما يريد، ولكمال قدرته كلُّ شيء طوع أمره وتحت تدبيره، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.

هـ  من أصول الإيمان العظيمة الإيمان بالقدر، ومن لا يؤمن بالقدر لا يؤمن بالله، فإنكار القدر إنكار لقدرة الله.

 ثالثاً: مصادر التشريع الإسلامي

الكتاب والسنة هما مصدرا التشريع الإسلامي؛ فمنهما تُستمد عقائد الإسلام، وشرائعه، وأحكامه، وآدابه، وما جرى مجرى ذلك.

 1  القرآن الكريم: ماهيته ومصداقيته

أ  القرآن في اللغة مصدر على وزن فعلان كالغفران، والشكران.

وقال بعضهم: معنى القرآن: الجمع؛ وسمي قرآناً لأنه يجمع السور، فيضمها.

ب  عرف القرآن شرعاً بأنه كلام الله المعجز المنزل على النبي محمد " المنقول تواتراً، المتعبد به تلاوةً.

ج  القرآن الكريم آخر الكتب السماوية، وخاتمها، وأطولها، وأشملها.

د  القرآن الكريم هو المهيمن، والشاهد، والحاكم على ما قبله من الكتب، ومصدقاً لها، يعني بصدق ما فيها من الصحيح، وينفي ما وقع فيها من تحريف، وتبديل، وتغيير، ويحكم عليها بالنسخ أو التقرير.

هـ  القرآن الكريم فيه نبأ الأولين والآخرين، وفيه الحكم والحكمة.

و  القرآن الكريم رسالة الله الأخيرة للبشرية، بل عام للجن والإنس، فليس خاصاً بأقوام معينة، أو فترات معينة.

ز  القرآن محفوظ من الزيادة، والنقص، والتحريف؛ فلقد تكفل الله  عز وجل  بحفظه، قال  تعالى : [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] أي عن كل ما لا يليق من تصحيف وتحريف، وزيادة، ونقص، ونحو ذلك.

فلا يستطيع أحد أن يزيد فيه باطلاً، أو ينقص من حقاً.

ح  القرآن له أثر عظيم في القلوب؛ فما يسمعه أحدٌ وهو ملقٍ سَمْعَه إلا ويجد له تأثيراً عظيماً في نفسه، ولو لم يفهم معانيه ودلالاته.

ط  للقرآن أبلغ الأثر في رقي الأمم وفلاحها؛ فهو الذي أخرج الله به من أمة العرب أعلام الحكمة والهدى، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس.

ي  من خصائص القرآن أن عجائبه لا تنتهي، وأن الله يسر تعلمه وتلاوته وحفظه، وأنه مشتمل على أعدل الأحكام، وأعظمها، وأشرفها.

 2  السنة النبوية

أ  السنة في اللغة: هي الطريقة والسيرة.

ب  أما في الشرع فهي: كل ما أثر كل ما أُثِرَ عن النبي " من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة خَلْقيِّة أو خُلُقية، أو سيرة سواء كانت قبل البعثة، أو بعدها.

ج  السنة النبوية هي المصدر الثاني في التشريع الإسلامي بعد القرآن، وهي من الذكر والوحي الذي تكفل الله بحفظه.

ولا يمكن لمسلم أن يفهم الشريعة إلا بالرجوع إلى الكتاب والسنة معاً، ولا غنى لمجتهد أو عالم عن أحدهما.

د  هناك أدلة كثيرة تبين حجية السنة، وكونها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، ومنها: وجوب الإيمان بالرسول"، ودلالة على وجوب طاعة الرسول"، ودلالة السنة على ذلك، وإجماع الأمة الإسلامية على وجوب العمل بالسنة.

هـ  لقد أوزع الله المسلمين العناية بالسنة النبوية، حيث قيض لها رجالاً عُنوا بالسنة غاية العناية، فمحَّصوها، وميزوا صحيحها من ضعيفها؛ فنقلها الخلف عن السلف جيلاً بعد جيل، ورجعوا إليها في جميع أمور دينهم، وعملوا بما فيها، وتمسكوا بها، وحافظوا عليها؛ ليحسنوا التأسي برسول الله".

ويتجلى ذلك بأمور كثيرة منها ما جاء في احترام السنة، وفضل الحديث والمحدثين، وما جاء في اعتناء السلف بالحديث النبوي، وما جاء في جهود علماء السنة في حفظ الحديث.

5  جاءت السنة في الجملة موافقة للقرآن الكريم؛ تفسر مبهمه, وتُفَصِّل مُجمله, وتقيِّد مُطْلَقَه, وتُخَصِّص عامه, وتشرح أحكامه ومقاصده, كما جاءت بأحكام لم ينص عليها القرآن الكريم, قائمة على أصوله وقواعده, تحقق أهدافه ومقاصده؛ فكانت السنة تطبيقاً عملياً لما جاء به القرآن العظيم.


 رابعاً: أركان الإسلام

أركان الإسلام أسسه التي يُبنى عليها، وهي خمسة أركان:

شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً.

هذه هي أركان الإسلام على سبيل الإجمال، تلك الأركان التي تجعل من الأمة أمة إسلامية تقية تدين بدين الحق، وتعامل الخلق بالعدل والصدق؛ لأن ما سوى ذلك من شرائع الإسلام يصلح بصلاح هذه الأسس، والأمة تصلح بصلاح أمر دينها، ويفوتها من صلاح أحوالها بقدر ما فاتها من صلاح أمور دينها.

وفيما يلي بيان لتلك الأركان بإيجاز.

 1  الشهادتان

أ-المقصود بالشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ فهاتان الشهادتان هما الركن الأول من الإسلام.

ب-معنى ( لا إله إلا الله) : لا معبود حق إلا الله (فكلمة (إله) على وزن فِعال بمعنى مفعول: أي مألوه : أي معبود.

ج-لشهادة (لا إله إلا الله) ركنان: أحدهما النفي في قوله (إلا الله) والثاني: الإثبات في قوله (إلا الله)

فـ: ( لا إله) نفت الإلوهية عن كل ما سوى الله.

و: (إلا الله) أثبتت الإلوهية لله وحده

د-لـ:(لا إله إلا الله) شروط سبعة؛ فأولها: العلم المنافي للجهل، والثاني: اليقين المنافي للشك، والثالث: الإخلاص المنافي للشرك، والرابع: الصدق المنافي للكذب، والخامس، المحبة المنافية لضدها، والسادس: الانقياد المنافي للامتناع، والسابع: القبول المنافي للرد.

هـ-لا يكفي مجرد النطق بـ: لا إله إلا الله، بل لابد من العلم بها، والعمل بمقتضاها.

و-معنى شهادة ( أن محمداً رسول الله): طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع، وأن يعظم أمره ونهيه؛ فلا يقدم عليه قول أحد من الخلق كائناً من كان.

ز- الحكمة من قرن شهادة أن محمداً رسول الله بالشهادة لله بالتوحيد وجعلهما ركناً واحداً مع تعدد المشهود به؛ لأن هاتين الشهادتين أساس صحة الأعمال؛ فلا يقبل إسلام ولا عمل إلا بالإخلاص لله، والمتابعة للرسول".

ومعنى ذلك ألا يعبد إلا الله وحده، ولا يعبد إلا بما شرعه على لسان رسوله محمداً".

فبالإخلاص تتحقق شهادة أن لا إله إلا الله، وبالمتابعة تتحقق شهادة أن محمداً رسول الله؛ فلا تكفي ولا تغني إحداهما عن الأخرى.

وبهذا تتحقق الشهادة لله بالتوحيد، وللرسول بالرسالة.

 2-الصلاة

أ  الصلاة في اللغة: تطلق على الدعاء، أو الدعاء بخير، وتطلق على الرحمة، والتسبيح، والركوع والسجود، والتعظيم.

ب. الصلاة في الشرع: عبادة تتضمن أقوالاً وأفعالاً مخصوصة مفتتحة بتكبير الله، مختتمة بالتسليم.

ج. وسميت بذلك؛ لاشتمالها على معاني الصلاة من الدعاء بالخير، والتسبيح، والتعظيم، والركوع، والسجود، ونحو ذلك.

د. ومعنى إقامة الصلاة: التعبد لله  تعالى  بفعلها على وجه الاستقامة، والتمام في أوقاتها، وهيئاتها.

وللصلاة فروض، وأركان، وشروط، ومكملات، ومنقصات، وأحكام يطول ذكرها، وهي مبثوثة في كثير من كتب أهل العلم.

هـ. ثبوت الصلاة: الصلاة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، فهي مما عُلم من الدين بالضرورة.

وللصلوات الخمس منزله عَليَّة, وأهمية كبرى, ولها على سائر الشرائع الواجبة ميزات كثيرة ؛ فهي أعظم وأكبر أركان الإسلام, وأنها فرضت في السماء.

و. أنها اشتملت على أكمل وجوه العبادة وأحسنها، وأجمعها؛ فهي تكبير الله، وتحميده، والثناء عليه، وتنزيهه، وتقديسه، وتلاوة كتابه، والصلاة والسلام على رسوله" وعلى آله، ودعاء لجميع عباده الصالحين.

كما أنها مشتملة على قيام، وركوع، وسجود، وجلوس، وخفض، ورفع؛ فكل عضو من البدن، وكل مَفْصِلٍ فيه له حظه من هذه العبادة، ورأس ذلك كله القلب الحاضر.

 3-الزكاة

أ. تعريف الزكاة لغة: الزكاة في اللغة تطلق على النماء، والريع، والزيادة، والطهر، والطيب، والتثمير، ونحو ذلك.

ب. الزكاة في الشرع: هي حق واجب من مال خاص، لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص.

ج. معنى إيتائها: التعبد لله  تعالى  ببذل القَدْر الواجب في الأموال الزكوية المستحقة.

د. سبب تسميتها بذلك المعنى اللغوي؛ فهي تنمي المال، وتطهره، وتطيِّبه.

هـ. حكم الزكاة: حكمها أنها واجبة شرعاً، قال الله  تعالى : [وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ].

وقد أجمع المسلمون على أنها ركن من أركان الإسلام، ومستند الإجماع نصوص الكتاب والسنة.

ومن جحد وجوبها كفر، ومن منعها فسق..

و الزكاة أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، كما تظاهرت بذلك دلائل الكتاب والسنة.

ومن عظم شأنها أن الله  عز وجل  قرنها في كتابه العزيز بالصلاة في اثنين وثمانين موضعاً.

ز  والزكاة من محاسن الإسلام الذي جاء بالتكافل، والتراحم، والتعاطف، والتعاون.

ج  الزكاة فريضة وعبادة, ولها أثار اقتصادية تعود على الفرد والجماعة منها:

  أن الزكاة وسيلة من وسائل إعادة توزيع الدخل, والثروة في المجتمع: فتؤدي إلى مواساة الفقراء؛ فهي وسيلة العدل الاقتصادي ,الذي أصبح محل اتفاق بين الاقتصاديين مع الاختلاف حول تعريفه ووسائله.

  أنها أحد الدوافع نحو الاستثمار: أي إن من يملك أرصدة نقدية لابد له من استثمارها حرصاً عليها من التآكل.

-أنها وسيلة من وسائل الأمن المشجع على توفير البيئة المناسبة للانتعاش الاقتصادي؛ لأن الفقر أحد أسباب الجريمة

- أنها وسيلة من وسائل تحسين أوضاع الفئات الفقيرة في المجتمع: أي أنها تُسهم في تحسين مستواهم المعيشي والصحي والتعليمي

- أنها تُسهم في تخفيف العبء المالي الذي تتحمله ميزانية الدولة للإنفاق على أصناف من الإعانات التي تقدم للمحتاجين كالأيتام والعجزة.

-تجب الزكاة في أربعة أصناف وهي:

  الأثمان: وتشمل الذهب والفضة، وما يلحق بهما من العملات المعاصرة المصنوعة من الورق، أو غيره.

  السائمة من بهيمة الأنعام: وهي البقر، والإبل، والغنم التي ترعى في البراري معظم السنة.

  الخارج من الأرض من الحبوب: كالقمح، والثمار: كالتمر، والمعدن: كالحديد.

  عروض التجارة: وهي ما أُعِدَّ للبيع والشراء بهدف الربح.

فهذه هي الأشياء التي تجب فيها الزكاة، ولكل واحدة منها تفصيلات يطول ذكرها في مقادير الأنصبة، وما يُخْرَجُ منها، وهي مثبوتة مبسوطة في كتب أهل العلم التي تُعنى بهذا الشأن.

ك-مصارف الزكاة: هي الأوجه التي تصرف فيها، وقد وردت في قول الله  تعالى : [إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ]

 4- الصيام

أ. تعريف الصيام لغة: الصيام في اللغة يطلق على الإمساك والترك، يقال: أمسك عن الطعام، والشراب، والنكاح، والكلام، ويقال: تركه.

ب. الصيام في الشرع: هو إمساك بنية عن أشياء مخصوصة، في زمن معين، من شخص معين.

أو يقال: هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع النية.

ج. معنى صوم رمضان: هو التعبد لله  تعالى  بالإمساك عن المفطرات نهار رمضان.

والمفطرات هي الأكل، والشرب، والجماع.

د. فرضية الصيام: فرض الصوم في شهر شعبان في السنة الثانية من الهجرة، فصام رسول" تسع رمضانات إجماعاً.

وصيام شهر رمضان أحد أركان الإسلام، وفروضه العظام، وقد دل عليه الكتاب، والسنة، والإجماع.

هـ-لصيام رمضان فضائل؛ منها: أنه سبب لمغفرة ما تقدم من الذنوب، وأنه من أعظم أسباب التحلي بالتقوى وانه وقاية، وستر من النار، وأن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وأن الله  عز وجل  اختص الصيام بأنه له وهو يجزي به.

ز-للصيام أسرار وحكم منها :

1  الصومُ درسٌ مفيدٌ في سياسة المرء لنفسه، وَتَحَكُّمِهِ في أهوائه، وضبطِه بالجد لنوازع الهزل، واللغو، والعبث.

2  الصومَ ينمِّي في النفوس رعايةَ الأمانة، والإخلاصَ في العمل، وألا يُراعى فيه غيرُ وجهِ الله تعالى .

وهذه فضيلةٌ عظمى تقضي على رذائل المداهنة والرياء والنفاق.

3  الصوم يربي في النفوس مكارمَ الأخلاقِ، ومحاسنَ الأعمالِ، فيبعثها إلى بر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الأهل والجيران.

4  أنه سبب للحصول على الصحة العامة بجميع معانيها، ففيه صحةٌ بدنيةٌ حسيةٌ، وفيه صحةٌ روحيةٌ معنويةٌ، وفيه صحةٌ فكريةٌ ذهنية.

 5-الحج

أ-. تعريف الحج لغة: الحج في اللغة هو القصد، يقال: حجه يحجه حجاً: أي قصده، ورجل محجوج: أي مقصود.

ب. الحج في الشرع: هو قصد البيت الحرام لأعمال مخصوصة في زمن مخصوص.

أي قصد مكة المكرمة في وقت الحج، وهي أشهره المعلومة: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة بنية أداء المناسك، وهي الإحرام من الميقات، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، وغيرها من المناسك.

ج. مشروعية الحج: الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام.

وقد ثبت ذلك في الكتاب والسنة وإجماع المسلمين.

د- لا يجب الحج في العمر إلا مرة لمن استطاع,  ومن زاد فهو تطوع

هـ- للحج أسرار بديعة، وحكم متنوعة، وبركات متعددة، ومنافع مشهودة سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الأمة.


 خامساً : أركان الأيمان

الدين الإسلامي عقيدة وشريعة، وقد مرَّ فيما سبق الإشارة إلى شيء من شرائعه، ومرَّ الحديث عن أركانه التي هي أساس لشرائعه.

أما العقيدة الإسلامية فهي تشمل الإيمان بكل ما جاء عن الله، وعن رسول الله " من الأخبار، والأحكام القطعية، والغيبيات، ونحو ذلك.

وأسس العقيدة هي أركان الإيمان الستة، وهي: الإيمان بالله، والإيمان بالملائكة، و الإيمان بالكتب، والإيمان بالرسل، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره.

 ا-الإيمان بالله

أ- الإيمان بالله هو الاعتقاد الجازم بوجود الله، وأنه رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق وحده، المدبر للكون كله، وأنه هو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له، وأن كل معبود سواه فهو باطل، وعبادته باطلة، وأنه  سبحانه  متصف بصفات الكمال ونعوت الجلال، منزه عن كل نقص وعيب .

ب- الإيمان بالله يتضمن الإيمان بوجوده, وبربوبيته, وألوهيتة, وأسمائه وصفاته.

ج- الإيمان بالله يثمر ثمرات جليلة تعود على الأفراد والجماعة بخيري الدنيا والآخرة، فمن ثمراته: حصول الأمن التام، والاهتداء التام، والاستخلاف في الأرض، والتمكين و العزة؛ فخير الدنيا والآخرة كله فرع عن الإيمان، مترتب عليه, والهلاك والنقصان إنما يكون بفقد الإيمان، أو نقصه.

د-دل على وحدانية الله كثيرة جداً، ويكفي منها شهادته  عز وجل  لنفسه حيث قال: [شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) ] (آل عمران).

ولقد دلَّ على وحدانية الله، وعلى تفرده بالخلق والرزق، وأنه وحده المستحق للعبادة   الفطرة، والشرع، والعقل، والحس.

هـ-دل العقل على وحدانية الله؛ ذلك أن المخلوقات جميعاً لابد لها من مُوجِد وخالق؛ إذ لا يمكن أن توجِد نفسَها بنفسِها، ولا يمكن أن توجَدَ صدفة؛ فهذه المخلوقات لا يمكن أن تُوجِد نفسها بنفسها؛ لأن الشيء لا يخلق نفسه؛ لأنه قبل وجوده معدوم، فكيف يكون خالقاً .

د- الحس يدل بوضوح على وحدانية الله, ومن أدلة الحس على ذلك: إجابة الدعوات, وصدق الرسل, ودلاله الأنفس, وهداية المخلوقات ودلاله الأفاق, وعبودية الكائنات لرب العالمين، واختلاف الطعوم والألوان, والروائح في النبات, واختلاف الألسن.

 2-الإيمان بالملائكة

أ- الملائكة عالم غيبي مخلوقون من نور عابدون لله  تعالى  وليس لهم من خصائص الربوبية، ولا الألوهية شيء، أي أنهم لا يَخْلُقون، ولا يَرزُقون، ولا يجوز أن يعبدوا مع الله، أو من دون الله.

وقد منحهم الله  عز وجل  الانقياد التام لأمره، والقوة على تنفيذه.

والملائكة عددهم كثير، ولا يحصيهم إلا الله.

ب-الإيمان بالملائكة: يتضمن الإيمان بوجودهم, وبما علمنا اسم منهم باسم, وبما علمنا من صفاتهم وأعمالهم.

ج-الإيمان بالملائكة:  يثمر العلم بعظمة الله, وقوته وسلطانه, ويثمر شكره   عز وجل .

هـ- لقد صرحت النصوص بأن الملائكة أجسام.

و-علاقة الملائكة ببني آدم وثيقة, ومن مظاهر تلك العلاقة قيام الملائكة على الآدمي عند خلقه, وحفظهم لابن آدم, وتحريك بواعث الخير في نفوس العباد, وتسجيل أعمال بني آدم, وإقبالهم على المؤمنين, وبغضهم للكافرين.

 3- الإيمان بالكتب

أ-الكتب في اللغة: جمع كتاب, ومادة (كتب) تدور حول معاني الجمع والضم

ب-الكتب في الشرع: هي الكتب التي أنزلها الله  تعالى  على رسله؛ رحمة للخلق، وهداية لهم؛ ليصلوا بها إلى سعادة الدنيا والآخرة.

ج- الإيمان بالكتب يتضمن الأيمان بأنها أنزلت من عند الله حقاً, والإيمان بما علمنا اسمه منها باسمه, وما لم نؤمن به أجمالاً, وتصديق ما صح من أخبار كأخبار القرآن وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السماوية, والعمل بآخرها وناسخها وهو القرآن الكريم .

د- للإيمان بالكتب أهمية عظمى منها, وثمرات جُلى.

هـ-أنزلت الكتب السماوية لغاية  واحدة، وهدف واحد وهو أن يُعْبَدَ الله وحده لا شريك له، ولتكون منهج حياة للبشر الذين يعيشون في هذه الأرض، تقودهم بما فيها من هداية إلى كل خير، ولتكون روحاً ونوراً تحيي نفوسهم، وتكشف ظلماتها، وتنير لهم دروب الحياة كلها.

و-تتفق الكتب السماوية في أمور منها وحدة المصدر والغاية, ومسائل العقيدة, والقواعد العامة, والعدل، والقسط, ومحاربة الفساد, والدعوة إلى مكارم الأخلاق, وكثير من العبادات.

ز- تختلف الكتب السماوية في الشرائع اختلافاً جزئياً مع الاتفاق في المسائل الأساسية, وذلك كعدد الصلوات, وأركانها وشروطها, ومقادير الزكاة, ومواضع النسك؛ حيث تختلف من شريعة إلى شريعة وهكذا .

وقد يحل الله أمراً في شريعة, ثم يُحِلٌه في شريعة أخرى؛ لحكمة يعلمها الله ولا يلزم أن نعلمها.

ثم جاءت الشريعة الإسلامية الخاتمة؛ لتكون القاعدة: إحلال الطيبات وتحريم الخبائث.

ومما تميزت به الشريعة الخاتمة أنها عامة لجميع الناس إلى قيام الساعة، بخلاف الشرائع الأخرى، فهي خاصة بقوم دون قوم، أو فترة دون فترة .

ج-أعظم الكتب السماوية القرآن, والتوراة والإنجيل, وقد سبق الحديث عن القرآن.

أما التوراة فهي   في الأصل  الكتاب العظيم الذي أنزله الله على موسى   عليه السلام  أما التوراة الموجودة اليوم فقد دخلها التحريف والتبديل, والزيادة, والنقصان.

وكذلك الإنجيل فهو في الأصل الكتاب العظيم الذي انزله الله على نبيه عيسى  عليه السلام  ثم الإنجيل الموجود اليوم دخله ما دخل التوراة.

وقد ورد في البحث شيء من البسط حول هذه الكتب.

 4-الإيمان بالرسل

أ-النبوة والرسالة في الشرع: صفة تَحْدُثُ في الشخص بعد أن يصطفيه الله  عز وجل  فيخبره بخبر السماء، ويأمره بتبليغه.

ب-النبوة من أعظم الدعاوى, ولا يدَّعيها إلا أكذب الناس، أو أصدقهم.

والنبوة تثبت بدلائل كثيرة أعظمها الآيات التي تسمى بالمعجزات، وتثبت بالأعمال العظيمة، والأخلاق الفاضلة، والسير الحميدة.

فمن ادعى النبوة، وأيده الله بالمعجزات، واشتهر بالصدق، والأمانة، والأخلاق الفاضلة، والسيرة الحميدة   فهو نبي موحى إليه، مؤيد من الله.

وإن كان بخلاف ذلك فهو كاذب دجال مدَّعٍ للنبوة، ولا بد أن يفضحه الله  عز وجل .

ج- الأنبياء والرسل بشر مخلوقون يوحى إليهم، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء.

وتلحقهم خصائص البشرية من المرض، والنوم، والموت، والحاجة إلى الطعام والشراب، وغير ذلك.

وقد وصفهم الله  تعالى  بالعبودية له في أعلى مقاماتها، وفي سياق الثناء عليهم.

د- والرسالة اصطفاء من الله لا تأتي بالاكتساب، والمجاهدة.

والرسل خير البشر، وصفوتهم، وخلاصتهم.

هـ- اتفقت الأمة على أن الأنبياء والرسل معصومون في تحمُّل الرسالة، وفيما يبلغون به عن ربهم  جل وعلا .

فلا يُنْقِصُوْنَ شيئاً مما أوحاه الله إليهم، ولا ينسون شيئاً من ذلك إلا ما كان قد نسخ.

و- الإيمان بالرسل يتضمن الإيمان بأن رسالتهم حق من الله  تعالى ، والإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه، ومالم نعلمه نؤمن به إجمالاً، وتصديق ما صح عنهم من أخبار، والعمل بشريعة من أرسل إلينا منهم وهو خاتمهم محمد.

ز-الإيمان بالأنبياء والرسل يثمر ثمرات من أعظمها العلم برحمة الله  تعالى  وعنايته بعباده؛ حيث أرسل إليهم الرسل؛ ليهدوهم إلى صراط الله  تعالى  ويبينوا لهم كيف يعبدون الله؛ لأن العقل البشري لا يستقل بمعرفة ذلك.

خ-المقصود بختم النبوة: انتهاء إنباءِ اللهِ الناسَ، وانقطاع وحي السماء([1]).

ومعنى ذلك اعتقاد أن النبواتِ قد ختمت بنبوة النبي محمد" وأن وحي السماء انقطع بموته  عليه الصلاة والسلام  وأن ذلك من صميم عقيدة المسلمين، وأن من ادعى خلاف ذلك فهو كافر بالله مكذب لنبيه".

وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع.

ط-المعجزة الأمر الخارق للعادة: هو ما يكون على خلاف مألوف الآدميين، وما كان خارجاً عن طاقتهم.

ي-اختص الله نبينا محمداً" بخصائص كثير ورد في هذا البحث ذكر لبعضها.

 5- الإيمان باليوم الأخر

أ-اليوم الأخر هو يوم القيامة الذي يبعث فيه الناس للحساب والجزاء.

ب-الإيمان بذلك اليوم يعنى التصديق الجازم يإتيانه, وبجميع تفاصيله, والعمل بموجب ذلك

ج-للإيمان باليوم الآخر أهمية عظمى؛ إذ هو احد أركان الإيمان, ولكثرة وروده في نصوص الشرع, ولكثرة ارتباطه بالإيمان بالله, ولكثرة الثناء على المؤمنين به, والذم للكافرين به, ولكثرة أسمائه, والمؤلفات فيه.

د-الإيمان باليوم الآخر يثمر ثمرات جليلة , وأخلاقاً جميلة, وعبودياتٍ متنوعةً, وآثاراً حميدة تعود على الفرد والجماعة في الدنيا والآخرة.

هـ-النفخ في الصور: : هو نفخ إسرافيل في القرن الذي التقمه وَوُكِلَ إليه النفخ فيه وقت قيام الساعة.

وعدد النفخات نفختان : نفخة الصعق وهي النفخة التي ينفخ فيه فيفزع الناس، ويصعقون؛ ذلك أن الله ـ عز وجل ـ إذا أذن بانقضاء هذه الدنيا أمر إسرافيل ـ عليه السلام ـ أن ينفخ في الصور فيصعق كل من في السموات والأرض إلا من شاء الله، وتصبح الأرض صعيداً جرزاً، والجبال كثيباً مهيلاً، ويحدث كل ما أخبر الله في كتابه، لاسيما في سورة الانفطار والتكوير.

وتسمى هذه النفخة نفخة الصعق، ونفخة الفزع، وتسمى بالراجفة، وتسمى بالصيحة.

ب ـ نفخة البعث: وهي النفخة التي يقوم الناس فيها من الأجداث أحياءً لرب العالمين.

وتسمى هذه النفخة بالأخرى، وتسمى بالرادفة.

ز-البعث: هو المعاد الجسماني، وإحياء الأموات يوم القيامة؛ لحسابهم والقضاء بينهم

ج-الإيمان بالبعث دل عليه الكتاب والسنة، والإجماع، والعقل، والفطرة السليمة، وهو مقتضى الحكمة؛ حيث تقتضي أن يجعل الله لهذه الخليقة معاداً يجازيهم فيه على ما كلفلَّهم به على ألسنة رسله.

ط-القيامة اسم من أسماء اليوم الأخر, وسميت بذلك لقيام الخلق من قبورهم إليها, أو لقيام الناس لرب العالمين.

ي-يوم القيامة يوم عظيم أمره, وشديد هوله, لا يلاقي العبد مثله؛ لما فيه من الرعب والفزع, وانقطاع العلائق, ولدنو الشمس من الخلائق.

ك-الحساب: هو إطلاع الله عبادة على أعمالهم يوم القيامة, وإنباؤهم بما قدموه من خير وشر.

م-كيفية الحساب: يمكن إجمال ذلك بأن يقال: ان الله   عز وجل  يوقف عباده بين يديه، فيقررهم بذنوبهم التي ارتكبوها، وبأعمالهم التي عملوها، وبأقوالهم التي قالوها، ويعرفهم بما كانوا عليه في الدنيا من كفر وإيمان، وطاعة وعصيان، واستقامة وانحراف، وما يستحقونه على ما قدموه من مثوبة أو عقوبة.

ن- الحساب من العسير ومن اليسير, ومنه حساب التقرير والتكريم، ومنه حساب التوبيخ والتقريع، ومنه الفضل والصفح، ومنه المؤاخذة والمجازاة، ومتولي ذلك أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين.

س- القواعد التي يحاسب عليها العباد: العدل التام, وألا يؤاخذ أحد بجريرة غيره, وأن يُطْلع العباد على أعمالهم, ومضاعفة الحسنات دون السيئات.

ع-أول من يحاسب من الأمة أمه محمد", وأول ما يحاسب عليه العبد الصلاة, وأول ما يقضى فيه بين الناس: الدماء.

ف-الميزان في الشرع: هو ما يضعه الله يوم القيامة لوزن أعمال العباد والحكمة من نصب الميزان إظهار عدل الله  عز وجل .

ص- كتب الأعمال: هي الدواوين والصحائف التي أحصيت فيها الأعمال, ومعنى نشرها: إظهارها يوم القيامة؛ قآخذٌ بيمينه , وآخذ بشماله وراء ظهره؛ فالمؤمن يأخذ كتابه بيمنه من أمامه, فيفرح, ويستبشر, والكافر يأخذه بشماله من وراء ظهره, فيدعو بالويل والثبور.

ق- الحوض في الشرع: هو حوض الماء النازل من الكوثر في عرصات يوم القيامة للنبي".

ر- صفته: هو حوض عظيم، ومورد كريم يُمَدُّ من شراب الجنة من نهر الكوثر.

ماؤه أشد بياضاً من اللبن والورِق، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب من ريح المسك، آنيته كنجوم السماء، وهو غاية في الاتساع، عرضه شهر، وطوله شهر وزواياه سواء، وكلما شُرِب منه فهو في زيادة واتساع، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً.

ش- الواردون للحوض، والمردودون عنه: الواردون للحوض هم المؤمنون، الصادقون، المتبعون, والمردودون عنه هم المُحْدِثون، المبدِّلون الناكصون على أعقابهم.

قال رسول الله ":   ( أنا فرطكم على الحوض، وَلأُنَازِعنَّ أقواماً، ثم لأُغْلَبَنَّ عليهم؛ فأقول: يارب! أصحابي، أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك  ) متفق عليه

وجاء في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري ÷:   ( فيقال: إنك لا تدري ما عملوا بعدك، فأقول: سحقاً، سحقاً لمن بدَّل بعدي  )

وجاء في صحيح مسلم ـ أيضاً ـ عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ:   ( فيقول: إنك لا تدري ما عملوا بعدك، ما زالوا يرجعون على أعقابهم  ) .

ت-الصراط في الشرع: هو الجسر الممدود على جهنم؛ ليعبر الناس عليه إلى الجنة.

صفة الصراط: جاءت صفة الصراط في أحاديث عديدة منها ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري الطويل، وفيه:   ( قيل يا رسول الله! وما الجسر؟ قال:   (  دحْضٌ مزلة، فيه خطاطيف، وكلاليب، وحسك تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان  ) .

قال أبو سعـيد:   (  بلغـني أن الجسـر أدقُّ من الشعـرة، وأحـدُّ من السيف  )

مرور الناس على الصراط على قدر أعمالهم؛  فمنهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق الخاطف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالفرس الجواد، ومنهم من يمر كركاب الإبل، ومنهم من يعدو عدواً، ومنهم من يمشي مشياً، ومنهم من يزحف زحفاً، ومنهم من يخطف خطفاً، ويلقى في جهنم؛ فإن الجسر عليه كلاليب تخطف الناس بأعمالهم، فمن مر على الصراط دخل الجنة.

ث- الجنة: هي دار النعيم التي أعدها الله للكافرين الذين كفروا بالله ورسله.

الجنة درجات, والنار دركات.

خ- معنى الإيمان بالجنة والنار: التصديق الجازم بوجودهما، وأنهما مخلوقتان الآن، وأنهما باقيتان بإبقاء الله لهما، لا تفنيان أبداً ولا تبيدان.

ويدخل في ذلك الإيمان بكل ما احتوت عليه الجنة من النعيم، وما احتوت عليه النار من العذاب الأليم.

 6- الإيمان بالقدر

أ-الإيمان بالقدر: هو الإيمان بعلم الله المحيط, وكتابته , ومشيئته, وخلقه لكل شيء

ب-الإيمان بالقدر على الوجه الصحيح يثمر ثمرات جليلة على الإفراد والمجتمعات في الدنيا والآخرة.

ج-الإيمان بالقدر دلَّ عليه الكتاب, والسنة, والإجماع, والفطرة, والعقل، والحس.

ز  الإيمان بالقدر يقوم على أربعة أركان تسمى: مراتب القدر، وهي العلم، والكتابة, والمشيئة, والخلق.

و-الواجب على العبد في باب القدر أن يؤمن بقضاء الله وقدره, ويؤمن بشرع الله وأمره ونهيه, فعليه تصديق الخبر وطاعة الأمر, فإذا أحسن حمد الله  تعالى  وإذا أساء استغفر الله  تعالى  وعلم أن ذلك بقدر الله, فهذا هو الواجب على العبد, ولا يلزم كل أحدٍ أن يعرف مباحث القدر على وجه التفصيل.

هـ-الإيمان بالقدر لا ينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعاله الاختيارية, وأن يكون له قدرة عليها, بل له مشيئة وقدرة, وهما تابعتان لمشيئة الله وقدرته, واقعتان بها.

ط-فعل الأسباب لا ينافي الإيمان بالقضاء والقدر, بل إن ذلك من تمام الإيمان به

ك-الاحتجاج بالقدر إنما يسوغ عند المصائب لا المعائب.


 سادساً: محمد" خاتم الأنبياء والمرسلين

 1  مهيئات النبوة

لقد هيأ الله   عز وجل  للنبي محمد" مهيئات كثيرة كانت إرهاصاً لبعثته ونبوته. فمن ذلك:

أ-دعوة إبراهيم, وبشرى عيسى  عليهما السلام .

ب-كون النبي" خرج من أمة العرب: التي كانت مستعدة للإصلاح الروحي العام؛ حيث كانت متميزة بميزات كثيرة منها استقلال الفكر, وسعة الحرية الشخصية, والذكاء, وعزة النفس, وشدة البأس, والعدل, والفصاحة, وسلامة الفطرة .

ج-شرف النسب النبوي؛ فقد كان نسبه أشرب الأنساب وأصرحها, وامتاز آل النبي" على سائر قومه بالأخلاق العلية، والفواضل العملية، والفضائل النفسية، ثم اصطفى الله محمداً"من بني هاشم؛ فكان خير ولد آدم، وسيدهم.

د-بلوغه " الذروة في مكارم الأخلاق قبل النبوة .

هـ-كونه أمياً لا يقرأ ولا يكتب, وكونه نشأ في مكة المكرمة تلك البلد ة الطيبة التي أختارها الله لأول بيت قام في الأرض لتوحيد الله, والعبادة الخالصة, والنسك السليم.

 2-نسب النبي" وحياته

أ- نسبه: هو محمد بن عبد الله بنِ عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وعدنان من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم  عليهما السلام .

وأُم النبي"هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، وزهرة أخو جد النبي".

وقد تزوج بها عبدالله والد النبي"وأقام معها في بيت أهلها ثلاثة أيام، فلم تلبث أن حملت بالنبي"ولم تجد في حمله ثقلاً، ولا وحماً كما هو شأن المحصنات الصحيحات الأجسام.

ب- ولادته: وقد ولدته أمه سَويّ الخلق، جميل الصورة، صحيح الجسم، وكانت ولادته عام الفيل الموافق للحادي والسبعين بعد الخمسمائة للميلاد.

وقد تُوفي والده وهو حَمْلٌ في بطن أمه، فكفله جده عبدالمطلب، وأرضعته أمه ثلاثة أيام ثم عهد جده بإرضاعه إلى امرأة يقال لها حليمة السعدية.

ج- سافر مع عمه أبي طالب في تجارة إلى الشام، وله من العمر اثنتا عشرة سنة وشهران وعشرة أيام، وهناك رآه (بحيرا) الراهب، وبشَّر به عمَّه أبا طالب، وحذَّره من عدوان اليهود عليه بعد أن رأى خاتم النبوة بين كتفيه.

د  سفره مُتَّجِراً بمال لخديجة: ثم إنه سافر مرة أخرى مُتَّجراً بمالٍ لخديجة بنت خويلد، فأعطته أفضل مما كانت تعطي غيره؛ إذ جاءت تلك التجارة بأرباح مضاعفة، بل جاءت بسعادة الدنيا والآخرة؛ حيث تزوجت به، وصارت أم المؤمنين.

وكانت خديجة هذه أعقل وأكمل امرأة في قريش، حتى كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة؛ لِما لها من الصيانة، والعفَّة، والفضائل الظاهرة.

 3  بدء الوحي

أ-بَلَغَ النبي"أشُدَّه، وقَرُب من الأربعين، واكتملت قواه العقلية والبدنية، وكان أول ما بدأ به من الوحي الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مِثْلَ فَلَق الصبح واضحة كما رآها في منامه.

ب- اختلاؤه بغار حراء، ونزول الوحي عليه: ثم بعد ذلك حُبِّبَ إليه الخلاء، فكان يخلو بنفسه في غار حراء في مكة، فيتعبد الله الليالي ذوات العدد، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود بالطعام والشراب، حتى جاءه الحق، وهو على هذا الشأن بنزول القرآن عليه في شهر رمضان.

ج-تتابع الوحي وقيامه بالدعوة: ثم حمي الوحي بعد ذلك، وتتابع، وبلَّغ " دعوة ربه، حيث أمره وأوحى إليه بأن يدعو الناس إلى عبادة الله وحده، وإلى دين الإسلام الذي ارتضاه الله، وختم به الأديان؛ فقام النبي " يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن.

 4-في أخلاق النبي" وأسرار سيرته

أ-نبينا محمد" هو خير البرية وأزكى البشرية، وأعلاها رتبة، وأجلها قدراً، وأحسنها خلقاً، وأكرمها على الله  تبارك وتعالى .

اختاره الله على علم، وأكرمه بالرسالة، وأيده بالوحي.

جبله على حميد الخلال، وفطره على كريم الخصال، ثم أدبه فأحسن تأديبه، فرباه فأحسن تربيته، فكان خلقه القرآن، كما قالت أم المؤمنين عائشة  رضي لله عنها  عن خلقه " لما سئلت عنه.

ب- لقد أرسل النبي" مفطوراً على الرحمة, وبشريعة أحاطت الرحمة بتصاريفها.

ج- السيرة النبوية مليئة بالعبر, حافلة بالأسرار فمن أسرارها :

1-أنها  لا تستنفذ مهما كتب فيها وقيل عنها

2-أن التجني على مقام النبوة يكون سبباً لبعث فضائل النبي"

3- أن الله  عز وجل  أوزع الناس العناية بالسيرة

4- أن مصدرَ العناية بالسيرة ليس إرضاءَ حاجةِ العلم والدرس فحسب؛

5- للسيرة النبوية أبلغ الأثر في تقويم السلوك، وتربية العواطف الشريفة؛

6- أنها معلومة للناس بجميع أطوارها، متجلية لهم دخائلها من كل مناحيها.

7-نها أصح سيرة لتاريخ نبي مرسل أو عظيم مصلح

8- أن هذه السيرة تحكي صورة إنسان لا أسطورة.

5- بشارة موسى وعيسى   عليهما السلام بمحمد "

أ- إن رسولاً عظيماً كمحمد" في عموم بعثته، وخلود دينه، وشريعته   جدير بأن يُعْلِمَ الله  سبحانه  بمبعثه رُسُلَه وأنبياءه  عليهم السلام  ويصفه لهم ببعض نعوته، وعلاماته، ويعهد إليهم بأن يبشروا أقوامهم بظهوره، ويوصوهم بقبول دعوته، وحسن طاعته وهذا ما وقع حقاً.

ب-أن أعظم بُشْرىً بنبوة محمد" كانت على يد نبيين من أولي العزم من الرسل ألا وهما موسى وعيسى  عليهما السلام  وقد ورد في هذا البحث ذكر لعدد من البشارات الواردة في القرآن الكريم, والكتب السابقة.

6- أقوال المنصفين من غير المسلمين في محمد"

كل عاقل منصف لا يسعه إلا الإعجاب بعظمة النبي"والتصديق بما جاء به؛ ذلك أن الأمارات الكثيرة شاهدةٌ بعظمته، ناطقةٌ بصدقه.

وقدر ورد في البحث ذكرٌ لعدد من الشهادات من المنصفين من غير المسلمين في حقِّ النبي" كشهادة الفيلسوف الإنجليزي الشهير توماس كارليل, وشهادة الكونت هنري دي كاستري أحد وزراء فرنسا, وشهادة الأستاذ الموسيو سيديو أحد وزراء فرنسا, والأستاذ المستشرق دوزي، وشاعر فرنسا لامارتين.

وكل شهادة من هذه الشهادات تتضمن ثناءًا عاطراً على النبي".


 سابعاً: مسائل في علم الغيب

 تمهيد

الإيمان بالغيب من أخص صفات المؤمنين؛ فهم يؤمنون بكل ما جاء من أخبار التي جاءت بها الرسل، وبَلَّغت به عن الله   عز وجل  .

والأمور المدركة لا تحصر بالمادة وحدها؛ فالملاحدة لما آمنوا بالمادة وحدها حصروا الأمور المدركة في دائرة ضيقة؛ فما أدركوه بحواسهم وتجاربهم أثبتوه، وما لم يدركوه نفوه وأنكروه.

ومن أجل ذلك أنكروا علوم الغيب، وما جاءت به الرسل، وما أنزلت به الكتب.

وهذا الزعم باطل، شرعاً، وعقلاً، وتجربة؛ ذلك أن الأمور المدركة لا تقتصر على ما أثبته الحس؛ فهناك مدارك أخرى؛ فهناك الأخبار الصادقة، وأعلاها وأحقها خبر الله ورسله؛ ففي ذلك تبيان لكل شيء.

وإذا نُسبت العلومُ المدركة بالحس إلى ما جاءت به الرسل من العلوم   كانت كقطرة في بحر لجي.

ثم إن هناك أشياء يؤمن بها الناس وإن لم يشاهدوها كالروح مثلاً؛ فهي لا ترى ومع ذلك لو خرجت لأصبح الإنسان جماداً؛ فهل ينكر الروح أحد بحجة أنها لا تدخل في المحسوس؟

وكذلك الكهرباء؛ فهل شاهدها أحد؛ إنما يشاهد الناس أثرها، أتكون الكهرباء أيسر أن نؤمن بها وأقرب إلى أن نصدق بها من أن نؤمن بالله الذي أبدعها ضمن ما أبدع من أسرار هذا الكون ؟

 1  عالم الجن والشياطين

أ  الجن عالم غير عالم الإنسان وعالم الملائكة، بينهم وبين الإنسان قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك، ومن حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر، ويخالفون الإنسان في أمور أهمها أن أصل الجان مخالف لأصل الإنسان .

ب  سُمي الجن جناً لاجتنانهم، أي استتارهم، واختفائهم عن الأبصار.

ج  أصل الجن: أخبرنا الله   جلّ وعلا   أن الجنّ قد خُلقوا من النار في قوله: [وَالْجَآنَّ خلقناه من قبل من نّار السَّموم] ( الحجر : 27 ) ، وقال في سورة الرحمن: [وخلق الجانَّ من مَّارجٍ من نَّارٍ ].

د  الشيطان الذي حدثنا الله عنه كثيراً في القرآن من عالم الجنّ، كان يعبد الله في بداية أمره، وسكن السماء مع الملائكة، ودخل الجنة، ثمّ عصى ربه عندما أمره أن يسجد لآدم، استكباراً وعلواً، فطرده الله من رحمته.

هـ الشيطان مخلوق: والذي يطالع ما جاء في القرآن والحديث عن الشيطان يعلم أنه مخلوق يعقل ويدرك ويتحرك، وليس كما يقول بعض الذين لا يعلمون: إنه روح الشّر متمثلة في غرائز الإنسان الحيوانية التي تصرفه  إذا تمكنت من قلبه  عن المثل الروحية العليا.

و  لا شك أن الجن  ومنهم الشياطين  يموتون؛ إذ هم داخلون في عموم قول الله  تعالى : [كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ].

أما مقدار أعمارهم فلا نعلمها إلا ما أخبرنا الله عن إبليس، أنه سيبقى حيّاً إلى أن تقوم الساعة كما في قوله  عز وجل  عنه: [قال أنظرني إلى يوم يبعثون ، قال إنَّك من المنظرين].

ز  الجن يسكنون هذه الأرض التي نعيش فوقها، ويكثر تجمعهم في الخراب والفلوات، ومواضع النجاسات كالحمامات، والحشوش، والمزابل، والمقابر، ونحو هذه الأماكن، التي هي مأوى الشياطين.

وقد جاءت الأحاديث ناهية عن الصلاة في الحمام؛ لأجل ما فيها من نجاسة، ولأنها مأوى الشياطين، وفي المقبرة ؛ لأنها ذريعة إلى الشرك .

ح  لقد أعطى الله الجنّ قدرة لم يعطهـا للبشر، وقد حدثنا الله عن بعض قدراتهم، فمن ذلك سرعة الحركة والانتقال؛ فقد تعهد عفريت من الجن لنبي الله سليمان بإحضار عرش مَلِكَةِ اليمن إلى بيت المقدس في مدة لا تتجاوز قيام الرجل من جلوسه.

ط  خلق الله الجن للغاية نفسها التي خلق الإنس من أجلها: [وما خلقت الجنَّ والإنس إلاَّ ليعبدون].

فالجن على ذلك مكلفون بأوامرَ ونواهٍ؛ فمن أطاع الله رضي الله عنه، وأدخله الجنة، ومن عصى وتمرد فله النار، يدلّ على ذلك نصوص كثيرة .

 2  الشيطان وابن آدم

للشيطان تسلط على بني آدم، ولهم علاقة ببعض البشر الذين يسلمون قيادهم للشيطان، فيطيعونه في معصية الله   عز وجل  .

وله مع بعضهم معارك، وصراعات، وفيما يلي مسائل في علاقة الشيطان مع ابن آدم.

أ. الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.

ب. الشياطين يتسلطون على بني آدم لاغوائهم، وقد مكنهم الله بحكمته، وقدره الكوني من ذلك.

ومع هذا فإن سلطان الشياطين يقوى ويضعف بحسب قوة إيمان الإنسان وضعفه، فإذا قوى إيمانه ضعف تسلط الشيطان عليه والعكس؛ فالشياطين فيهم جوانب قوة، وجوانب ضعف، قال  تعالى : [إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً].

ج.  إذا تمكن العبد في الإسلام، ورسخ الإيمان في قلبه، وكان وقّافاً عند حدود الله فإنّ الشيطان يخاف منه، ويفرّ منه.

د. غاية ما يسعى إليه الشيطان هو أن يلقي الإنسان في الجحيم، ويتسبب في حرمانه من الجنة.

وإذا لم يستطع ذلك سعى إلى ما هو دون ذلك.

هـ. للشيطان أساليب كثيرة لإضلال بني آدم؛ كتزيين الباطل، وتسمية الأمور بأسماء محببة، وكالتدرج في الإضلال، والدخول إلى النفس من الباب الذي تحبه، والتسلل إلى الإنسان من خلال مكامن الضعف فيه.

و. طريقة وصول الشيطان إلى قلب الإنسان هي الوسوسة، فالشيطان يستطيع أن يصل إلى فكر الإنسان وقلبه بطريقة لا ندركها، ولا نعرف كيفيتها.

ز. مع شدة عداوة الشيطان، وعظم كيده، وحرصه على إضلال بني آدم   فإنه يخسأ ويخنس، ويرجع ذليلاً صاغراً إذا أخذ المؤمن بالأسباب التي تقيه من الشيطان الرجيم، ومن تلك الأسباب على سبيل الإجمال: أخذ الحذر والحيطة، والالتزام بما جاء بالكتاب والسنة، والاستعاذة الصادقة بالله  عز وجل  من شر الشيطان، والمحافظة على ذكر الله، ومعرفة أساليب الشيطان، والتزود بالعلم النافع، والمبادرة إلى التوبة والاستغفار إلى غير ذلك من الأسباب المعينة على دحر الشيطان.

ي. هناك حكم كثيرة من خلق الشيطان، وقد ذُكر في البحث عدد منها، ومن أهمها حصول الابتلاء، وظهور قدرة الرب على خلق المتضادات.

 3  الموت والبرزخ والقبر

أ  الموت ضد الحياة، ونقيضها، وهو انقطاعُ تعلُق الروحِ بالبدن، ومفارقته، وحيلولة بينهما، وتَبَدُّل حالٍ، وانتقال من دار إلى دار  ) .

ب  البرزخ: هو الدار التي تعقب الموت إلى البعث.

ج  القبر: مدفن الإنسان، وفتنة القبر هي سؤال الملكين الميتَ بعد دفنه عن ربه، ودينه، ونبيه.

وصفة فتنة القبر: أنه إذا دفن الميت في قبره تُعادُ له الروح، فَيُسأل، ويقال له: مَنْ ربُّك، وما دينك، ومن نبيك؟

فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد.

ويضل الله الظالمين، فيقول الكافر: هاه، هاه لا أدري.

ويقول المنافق أو المرتاب: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.

د  نعيم القبر وعذابه: هو اسم لنعيم البرزخ وعذابه، وهو نتيجة لفتنة القبر؛ فنعيم القبر للمؤمنين الصادقين، وعذابه للظالمين من المنافقين والكافرين.

هـ  عذاب القبر ونعيمه يُؤمَنُ به دون خوض في كيفيته.

و  عذاب القبر ونعيمه شامل لكل من مات سواء دفن في قبر أو غيره، وإنما سمي عذاب القبر باعتبار الغالب والأصل.

ز  عذاب القبر ونعيمه على الروح والبدن.

ح  عذاب القبر على نوعين: أحدهما دائم، والآخر منقطع لبعض العصاة.

ط  أسباب عذاب القبر يمكن إجمالها بالجهل بالله، وإضاعة أمره، وارتكاب معاصيه.

وأما أسباب النجاة منه فباالعكس من ذلك.

 4  أشراط الساعة

أ. الساعة قريبة آتية لا ريب فيها، ولا يعلم وقتها إلا الله.

ب. الموقف الصحيح من أشراط الساعة أن نؤمن بما جاء من النصوص في شأنها، وألا نكلف أنفسنا في استدعائها وطلبها وتنزيلها على الواقع.

بل ندع تفسيرها للواقع؛ حتى لا نرجم بالغيب، ونقْفُوَ ما ليس لنا به علم؛ اقتداء بالسلف الصالح الذين آمنوا بتلك النصوص، وأدوها إلينا بكل صدق وأمانة، ولم يقحموا الظنون في تعيينها، وترتيب بعضها على بعض بمجرد الرأي.

وبذلك نسلم من صنيع بعض الناس الذين ربطوا بين النصوص الواردة في أحوال آخر الزمان وأشراط الساعة وبين حال العالم في زماننا هذا، فرتبوا بعضها على بعض، وبنوا على ذلك أموراً نتج عنها فتن عظيمة، وانتهاك للحرمات.

وخلاصة القول في هذه المسألة: أن نؤمن بتلك النصوص، وندع تفسيرها للواقع.

ج. أشراط الساعة: هي علاماتها، وأعلامها التي تسبقها، وتدل على قربها، وقيامها، ومجيء الساعة بعدها، وانتهاء الدنيا وانقضائها.

د. تنقسم أشراط الساعة إلى قسمين: صغرى: وهي التي تتقدم الساعة بأزمان متطاولة، وتكون من نوع المعتاد.

وكبرى: وهي الأمور العظام التي تظهر قرب قيام الساعة، وتكون غير معتادة الوقوع، كظهور الدجال، ونزول عيسى، وخروج يأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها.

وإذا ظهرت علامة من هذه العلامات تتابعت باقيها، ولا يكاد يفصل بينها فاصل.

وقد ورد في البحث تفصيل وتوضيح لكل شرط من أشراط الساعة الكبرى.


 ثامناً: مسائل في الذنوب والتوبة والدعاء

 1  مسائل في الذنوب

أ. الذنوب: جمع ذنب، والذنب: هو الإثم، والمعصية.

ب. هناك تقسيمات للذنوب، ومنها أن الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر.

ج. للذنوب والمعاصي نتائج وخيمة، وأضرار عظيمة، وآثار مدمرة، وعقوبات متنوعة سواء في الدنيا أو في الآخرة، على مستوى الأفراد أو على مستوى الجماعات.

وقد ورد في البحث ذكر لشيء من أضرار المعاصي.

 2  مسائل في التوبة

أ  التوبة: هي ترك الذنب علماً بقبحه، وندماً على فعله، وعزماً على ألا يعود إليه إذا قدر، وتداركاً لما يمكن تداركه من الأعمال، وأداءً لما ضيع من الفرائض؛ إخلاصاً لله، ورجاءً لثوابه، وخوفاً من عقابه، وأن يكون ذلك قبل الغرغرة([2])، وقبل طلوع الشمس من مغربها.

ب  باب التوبة مفتوح؛ فلقد فتح الله بابها؛ حيث أمر بها، وحض عليها، ووعد بقبولها، سواء كانت من الكفار أو المشركين، أو المنافقين أو المرتدين، أو الطغاة، أو الملاحدة، أو الظالمين، أو العصاة المقصرين.

ج  للتوبة فضائل جمة، وأسرار بديعة، وفوائد جمة، وقد ذكر في البحث جملة منها.

 3  مسائل في الدعاء

أ. الدعاء: هو الابتهال إلى الله   تعالى   بالسؤال، والرغبة فيما عنده من الخير، والتضرع إليه في تحقيق المطلوب، والنجاة من المرهوب.

ب. للدعاء فضائل عظيمة، وثمرات جليلة، منها أن الدعاء عبادة، وأنه أكرم شيء على الله، وأنه سبب لانشراح الصدر، ودفع البلاء، ورفعه.

ج. للدعاء شروط عديدة لابد منها كي يكون الدعاء مستجاباً مقبولاً عند الله، وقد ورد في البحث ذكر لعدد من تلك الشروط.

د. هناك آداب يحسن توافرها حال الدعاء؛ كي يكون كاملاً، وقد ورد في البحث ذكرٌ لشيء منها.


 تاسعاً: النظام السياسي في الإسلام

 1  مفهوم النظام السياسي

أ  النظام السياسي جزء من معرفة السياسة الشرعية، وهو معرفة نظام الحكم، وكيفية اختيار الحاكم، وحقوقه، وواجباته، وحقوق المحكوم، وواجباته، والعلاقة بين الحاكم، والمحكوم، والعلاقة بين الدول في حالتي السلم  والحرب وفق الشريعة.

ب  للنظام السياسي في الإسلام خصائص منها: الربانية، والشمول، والعالمية، والوسطية، والواقعية، وملائمة الفطرة.

 2  القضاء في الإسلام

أ. القضاء في الشرع: هو تبيُّن الحكم الشرعي، والإلزام به، وفصل الخصومات.

ب. للقضاء مكانة عظيمة، وأهمية بالغة؛ فهو من ضروريات الحكم، ومن أعظم الأسس والقواعد التي تقوم عليها أي دولة؛ فمصلحة الأمة تقضي بوجوده، والعناية به.

ولو عُدِمَ القضاءُ لاختل الاجتماع، ولاضطربت الأمور، وضاعت الحقوق، وعمت الفوضى.

ج. للقضاء مقاصد، وقد ذكر في البحث عشرة مقاصد.

د. للقضاء شروط عديدة، وأهمها القوة، والأمانة، وقد ورد في البحث إيضاح لتلك الشروط.

هـ. هناك آداب يحسن بالقضاة أن يتحلوا بها؛ ليكون قضاؤهم كاملاً مؤدياً للغرض من غير جلب ضرر أو مفسدة، وقد ذُكر في البحث أربعة عشر أدباً.

و. لقد أكدت الشريعة الإسلامية على استقلال القضاء والقاضي.

ويُعنى بذلك حصانة القضاء والقاضي، وحريته في اتخاذ الحكم، وتقرير الحق، ومنع التدخل في أحكامه، وابتعاده عن المؤثرات الخارجية والسياسية، والشخصية.

 3  الشورى في الإسلام

أ  الشورى: هي استخراج الرأي من أهل الرأي، ومراجعة بعضهم بعضاً؛ رغبة في الوصول إلى الصواب في أي شأن من الشؤون.

ب  ورد ذكر الشورى بمعناها العام المتعلق بنظام الحكم في الإسلام في آيتين من القرآن الكريم، وذلك في سورتي الشورى، وآل عمران.

ج  لم يأت نصٌّ في القرآن الكريم أو السنة النبوية يحدد لنا كيفية ممارسة الشورى وأسلوبها، وطريقة إجرائها.

كما لم يرد نَصٌّ يُلزم الأمة بعدد معين لأعضاء الشورى، أو كيف يُعْرفون؟ أو كيف يستشارون؟

وهذا كله دليل على المرونة التي اتَّسم بها الإسلام؛ فتكون الشورى حينئذ خاضعة للمصلحة الزمانية، والمكانية حسب أحوال المجتمعات.

وبهذا يعلم أن المهم أن تقوم حقيقة الشورى في المجتمع المسلم بأي وسيلة لا تعارض الشرع.

د  الشورى تتفق مع الديمقراطية في أمور، وتفترق في أمور، وقد ذكر في البحث بيان لذلك.

هـ  السيرة النبوية حافلة بالشورى، وتطبيقاتها، وقد ورد في البحث نماذج من ذلك.


 عاشراً: النظام الاقتصادي في الإسلام

1. تعريف النظام الاقتصادي في الإسلام: هو مجموعة الأحكام، والسياسات الشرعية التي يقوم عليها المالُ، وتَصَرُّفُ الإنسان فيه.

2. مصادر النظام الاقتصادي الإسلامي: القرآن، والسنة، والإجماع، والقياس، وسدُّ الذرائع، والعرف.

3. الإيمان يمثل المنطلق الرئيس، والركيزة الأولى لكل جوانب الاقتصاد الإسلامي ومجالاته؛ فهو في حقيقته وجوهره فرع من فروع عقيدة الإيمان، ومهمته أن يحمي هذه العقيدة ويعمق جذورها، وينشر نورها، ويضع الصور العملية التي تعبر عنها، وتحقق أهدافها في واقع الحياة.

4. يسعى النظام الاقتصادي الإسلامي إلى تحقيق عدة أهداف أبرزها: تحقيق حدِّ الكفاية المعيشية، والتوظيف الأمثل لكل الموارد الاقتصادية، وتحقيق التفاوت الكبير في توزيع الثروة والدخل، وتحقيق القوة المادية والدفاعية للأمة الإسلامية.

5. للاقتصاد الإسلامي خصائص تميزه عن غيره من النظم الاقتصادية الأخرى، منها اعترافه بالملكية الفردية، وقيامه على أساس الحرية الاقتصادية، وارتكازه على أساس التكافل، وكونه ذا طابع تعبدي، وهدف سامٍ يجمع بين الآخرة والأولى، وكونه محققاً للتوازن بين مصلحة الفرد والجماعة.

6. الربا في الشرع: هو زيادة في أشياء ونسأ في أشياء جاء الشرع بتحريمها.

7. ينقسم الربا إلى نوعين: أ  ربا الدَّين، وله صور منها الزيادة في الدَّين مقابل الزيادة في الأجل، وهو الزيادة المشروطة.

ب  ربا البيع: وهو بيع ربوي بمثله متفاضلاً حالاًّ أ ومؤجلاً.

8. الأصناف التي يقع فيها الربا: نصَّ النبي" على الأعيان التي يقع فيها الربا بقوله:   ( الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُر بالبُر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، فإن اختلفت الأشياء فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد  ) .

9. علة الربا: نص النبي" على الأصناف الستة المذكورة التي يقع فيها الربا، ويقاس عليها ما شاركها في العلة، و العلة فيها كما يلي:

الذهب والفضة: العلة فيهما الثمنية فهما أثمان للأشياء، فيقاس عليهما ما كان ثمناً كالأوراق النقدية المعروفة؛ حيث يجري فيها الربا؛ لكونها أثماناً قياساً على الذهب والفضة.

الأصناف الأربعة الأخرى: العلة فيها على الصحيحِ الطعمُ مع الكيل أو الوزن، فالأطعمة التي تكال أو توزن يجري فيها الربا قياساً على الأصناف الأربعة الواردة في حديث عبادة بن الصامت t ( البر، الشعير، التمر، الملح ).

10. الربا محرم، وكبيرة من كبائر الذنوب، وقد دلَّ على تحريمه الكتاب والسنة والإجماع.

11. هناك حِكم كثيرة لتحريم الربا منها: الابتعاد عن الظلم، وأكل أموال الناس بالباطل، وأن الربا وسيلة للكسل والبطالة، وأنه يربي على الجشع، ويهدم الأخلاق الفاضلة، كما أن له آثاراً نفسية، وصحية مدمرة.

12. الاحتكار في اصطلاح الفقهاء: هو حبس الطعام أو غيره مما يحتاج إليه الناس بقصد إغلائه عليهم.

وهو ما يعرف في الاقتصاد الوضعي بالسيطرة على عرضِ أو طلبِ السلعةِ؛ بقصد تحقيق أقصى ربحٍ ممكن، ومن باب التحكم بهذه السلعة لغرض غير إنساني.

13. للاحتكار مساوئ منها:

أ. ارتفاع أثمان السلع والخدمات.

ب. التحكم ولو بقدر يسير في أسعار المواد الخام والسلع المصنوعة.

ج. إبقاء النواحي الفنية على حالها لعدم وجود المنافسة العادلة.

د. تحديد الإنتاج ونقص كمياته في كثير من الأحيان.

هـ. أنه لا يشبع حاجات الأفراد بالقدر الكافي.

و. العمل على إذلال الشعوب.

14. تضافرت الأحاديث النبوية في بيان حرمة الاحتكار.

15. يعدُّ من الاحتكار المباح ما يلي:

أ. ما يدخره الإنسان لِقُوْتِهِ وقُوْتِ عياله، إلا في أوقات الأزمات؛ حيث يغالي الناس في خزن المواد الضرورية، مما يؤدي إلى اعتباره احتكاراً.

ب. ما يخزن؛ ليستهلك في وقت لاحق؛ لأن إنتاجه ربما يكون موسمياً، في حين أن استهلاكه يستمر طيلة أيام السنة مثل الحبوب، أو التمر.

ج. ما يدخل ضمن احتياطيات الدولة لمواجهة الطوارئ؛ وذلك لحماية المنتجين والمستهلكين، كالاحتياطي الاستراتيجي من الوقود والحبوب.


 الحادي عشر: النظام الاجتماعي في الإسلام

 1  مفهوم الاجتماع، والحياة الاجتماعية في الإسلام

أ. المجتمع البشري عبارة عن مجموعة من الناس مُكَوَّنة من أفراد.

ب. المجتمع المسلم: خلائق مسلمون في أرضهم، مستقرون تجمعهم رابطة الإسلام، وتدار أمورهم في ضوء تشريعاته، وأحكامه، ويرعى شؤونهم ولاة أمر منهم.

ج. الأمة الإسلامية: جماعات من الناس تجمعهم عقيدة الإسلام بغض النظر عن أي اعتبار.

 2  مكانة الجار في الإسلام

أ  الجار في الاصطلاح: هو مَنْ جاورك جوارًا شرعيًا سواء كان مسلمًا أو كافرًا، برًا أو فاجرًا، صديقًا أو عدوَّا ً، محسناً أو مسيئاً، نافعًا أو ضارًا، قريبًا أو أجنبيًا، بلديَّاً أو غريبًا.

وله مراتب بعضها أعلى من بعض، تزيد وتنقص بحسب قربه، وقرابته، ودينه، وتقواه، ونحو ذلك، فَيُعْطى بحسب حاله وما يستحق.

ب  مفهوم الجار: يمتد إلى الجار في المتجر، والسوق، والمزرعة، ويشمل الرفيق في السفر، والجوار بين الدور.

ج  لقد أوصى الإسلام بالجار، وأعلى من قدره؛ فللجار في الإسلام حرمة مصونة، وحقوق كثيرة لم تعرفها قوانين الأخلاق، ولا شرائع البشر.

ولقد بلغ من عِظَم حق الجار في الإسلام أن قرنَ الله حق الجار بعبادته وتوحيده تبارك وتعالى وبالإحسان إلى الوالدين، واليتامى، والأرحام.

د  حقوق الجار على وجه التفصيل كثيرة، وأما أصولها فتكاد ترجع إلى أربعة حقوق، وهي كف الأذى عن الجار، وحمايته، والإحسان إليه، واحتمال أذاه.

 3  صلة الرحم

أ. صلة الرحم كناية عن الإحسان إلى الأقـربين من ذوي النسب والأصهار, والعطف عليهم, والرفق بهم, والرعـاية لأحوالهـم, وكـذلك إن بعـدوا وأسـاءوا, وقَطْعُ الرحمِ ضد ذلك كله.

ب. صلة الرحم تتحقق بأمور كثيرة، وقد ورد في البحث ذكرٌ لشيء منها.

ج. جاءت الشريعة الإسلامية ببيان فضل صلة الرحم؛ ونصوص الكتاب والسنة في ذلك متظاهرة.

 4  كرامة الإنسان، ومعيار العدل والتكريم في الإسلام

أ  لقد قرر الإسلام كرامة الإنسان بما لا يُقرره أي نظام في الدنيا؛ وأدلة الكتاب والسنة شاهدة بذلك، ناطقة به.

ويكفي في ذلك قول الله  تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) الإسراء: 70 .

وهذا من كرم الله  عز وجل  وإحسانه الذي لا يقدر قدره؛ حيث كَرَّم بني آدم بجميع وجوه الإكرام؛ فكرمهم بالعلم، والتمييز، والعقل، والصورة، وإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وتسخير ما في الأرض لهم.

ب  العدل: إعطاء الحق إلى صاحبه، بحيث يمكَّن من أخذه بيده، أو يد نائبه، وتعيينه له قولاً أو فعلاً.

والعدل هو الأصل الجامع للحقوق، وهو مما تواطأت على حسنه الشرائع الإلهية، والعقول الحكيمة، وتَمَدَّح بادعاء القيام به عظماء الأمم.

ج  للعدل في دين الإسلام مكانة سامية؛ فهو أصل من أصول النظام الاجتماعي فيه.

ولقد تظاهرت نصوص الشرع من الكتاب والسنة في بيان فضل العدل، وتفصيل جزئياته، والتحذير من ضده، وهو الظلم، واتباع الهوى.

ومرجع تفاصيل العدل إلى أدلة الشريعة؛ إذ العدل كلمة مجملة جامعة.

د  من مظاهر العدل في الشريعة الإسلامية ما يلي:

  أن الله  عز وجل  أمر بالعدل أمراً عزماً.

  أن الله قرن بالأمر بالعدل التحذير من مخالفته.

  تنوع الأمر بالعدل، وعمومه.

  التحذير من التهاون بإقامة العدل.

  أن الشريعة بينت وجوه الأحكام في الأعمال.

  إقامةُ التشريعِ الإسلاميِّ القضاةَ.

  أن الأمر بالعدل شامل لجميع أفراد الأمة.

هـ   التكريم في الإسلام يقوم على العدل، وإعطاء كل ذي حقٍّ حقه دون وكس ولا شطط؛ فلا طبقية في الإسلام، ولا عنصرية، ولا تفضيل لعرق، أو جنس، أو لون، أو بلد على آخر؛ فهذه الأمور ليست معياراً للتفاضل والتكريم في الإسلام.

إنما المعيار بالتقوى، وبما يمتاز به الإنسان من الكمالات.

 5  أصول الأخلاق ودورها في بناء المجتمع

أ. لا يكاد أمر الاجتماع ينتظم كمال انتظامه ما لم تكن مكارم الأخلاق غالبة على جمهورها، وسائدة على معظم تصاريفها وأمورها؛ لأن مِلاك مكارم الأخلاق هو تزكيةُ النفس الإنسانية، وتعويدُ العقل على إدراك الفضائل، وتمييزه عن الرذائل، وتدريبُه على التحلي بتلك الفضائل، والتخلي عن الرذائل.

ب. أعظم ما بنى عليه الإسلام دعوته إلى مكارم الأخلاق وتهذيبها هو العناية بتربية النفس، وكمالها، وتدريبها على متابعة الهدى والإرشاد الذي يشهد العقل السليم بحقيقته وصلاحه ونفعه.

ج. النظر في أوامر الإسلام ونواهيه يبين مدى ما عليه دين الإسلام من المكارم والسمو، وأنه دين السعادة والفلاح، وأنه لم يَدَع الإنسان في خاصة نفسه أو مع أهله، أو مع جيرانه، أو أهل ملَّته، أو الناس أجمعين   إلا علَّمه من دقائق الآداب، ومحاسن المعاملات ما يصفو به عيشه، ويتم سروره.

ولا يَريبَنَّك ما عليه كثير من المسلمين من سوء الحال؛ فإن ذلك بمقتضى أهوائهم لا من طبيعة دينهم.

د. محاسن الدين تتجلى بوضوح من خلال النظر في أوامر الإسلام ونواهيه، وقد ورد في البحث ذكرٌ لكثير من تلك الأوامر والنواهي.

هـ. تناول البحث دراسة مجملة لأمهات الفضائل وأصول الأخلاق كالصبر، والعفة، وعزة النفس، والسخاء، والشجاعة، والوفاء.

5  الصداقة، والصحبة في الإسلام، وعلاقة المسلمين بغيرهم

أ  الإسلام بشموله، وسعته، وتشريعاته الحكيمة لم يغفل جانب الصداقة والصحبة.

بل لقد عُني بالصداقة الحقة، ورغّب فيها، ووضع لها الأسس العامة التي تكفل استمرارَها، وإيتاءَها ثمارَها الطيبةَ.

ب  من مظاهر عناية الإسلام بالصداقة أنه أمر المسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، واستحب له أن يؤثر أخاه المسلم وإن كانت به حاجة شديدة.

كما أن الإسلام رغَّب في مصاحبة الجليس الصالح، وقرر أن الصداقة الحقة الصالحة تستمر إلى ما بعد الممات، وأنه يترتب عليها الثواب الجزيل.

ج  علاقة المسلم بغير المسلم تقوم في أصلها على الإحسان، والبر، والصلة، والعدل، وحب الخير والهداية لهم.

د. في ظل هذا التوجيه القرآني عاش أهل الكتاب في جوار المسلمين ينعمون بالأمن والطمأنينة على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم.

بل لقد وجدوا معاملةً وعدلاً لم يكونوا يجدونها بين أهليهم وبني جنسهم وملَّتهم.

وحين وجدوا تلك المعاملة الحسنة والعدل والخلق من المسلمين أحبوا دين الإسلام، وسارعوا إلى الدخول فيه عن قناعة ويقين.

 6  نظام الأسرة في الإسلام

أ. لقد حاط الإسلام البيت المسلم بعناية تامة، فحاط الزوجية بحقوق تجعلها في ألفة صادقة، وعيشة راضية، وكفل للوالدين، والأولاد كافة الحقوق، وناط بكل فرد من أفراد الأسرة المسلمة أمانة يسأل عن رعايته لها بين يدي رب العالمين.

ب. لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه، وقد ورد في البحث ذكر لعدد من مظاهر ذلك الإكرام في شتى أطوارها وأحوالها.

ج. الزواج في الإسلام رباط مقدس، وميثاق غليظ، تسوق إليه الفطر القويمة، وتدعو إليه الشرائع الحكيمة.

ومن أجل ذلك جاء الإسلام بمراعاة رابطة الزوجية، وتقويمها، وتمكينها، وإحاطتها بما يحفظ وجودها، ويعلي منارها.

د. للطفل في دين الإسلام مكانة عالية، حيث أَوْلَتْهُ الشريعة عناية تامة، وحاطته بحقوق تكفل له السعادة، والعيشة الكريمة، وتنأى به عن الشقاء والضياع.

وقد ورد في البحث بيان لشيء من الحقوق، والأحكام المتعلقة بالطفل.

هـ. حق الوالدين في الإسلام عظيم، فبرُّهما قرين التوحيد، وشكرهما مقرون بشكرِ اللهِ، والإحسانُ إليهما من أَجَلِّ الأعمال، وعقوقهما من كبائر الذنوب.

ولقد جاءت الشريعة الإسلامية بآداب كثيرة حال التعامل مع الوالدين.

وقد ورد في البحث بيانٌ لأهم ما ورد في حق الوالدين من الحقوق.

و. للأولاد في دين الإسلام حقٌّ على الوالدين؛ فالأولاد أمانة في أعناق والديهم؛ فالإحسان إليهم، والحرص على تربيتهم أداءٌ للأمانة، والتقصير في حقوقهم غشٌّ وخيانة، ولقد تظاهرت نصوص الشرع في ذلك الشأن، وقد ورد في البحث بيانٌ لشيء من ذلك.


 الثاني عشر: موقف الإسلام من بعض القضايا المعاصرة

 1  موقف الإسلام من العقل

أ. العقل: نورٌ روحانيٌّ به تدرك النفس العلوم الضرورية والنظرية.

ب. يطلق العقل على العلم، أو بصفاء الأشياء من حسنها وقبحها، وكمالها ونقصانها.

ج. منزلة العقل في الإسلام: لقد أعلى الإسلام منزلة العقل، ورفع مناره؛ فالعقل في الإسلام أساس التكليف، ومناط الأهلية.

والقرآن الكريم مليء بالأمر بالتعقل، والنظر، والتدبر، والثناء على من كانو كذلك.

كما أنه مليء بذم الذين عطلوا عقولهم، وركنوا إلى التقليد الأعمى، واتبعوا ما ألفوا عليه آباءهم من غير ما بينة، أو أثارة من علم.

د. وظيفة العقل: العقل نور أودعه الله في الإنسان؛ ليكشف له الأشياء، والحقائق الواقعة، وليفهم به عن الله ورسوله"، ولينظر من خلاله في ملكوت السماوات والأرض، وليدرك به أسرار الكون، ويتدبر في نفسه وآيات الله من حوله، ويصل من خلاله إلى كثير من أمور الاعتقاد في حدود طاقته، ويبحث من طريقه إلى ما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه.

هذه   بإجمال   وظيفة العقل.

هـ. حدود العقل: فمع أن الإسلام ينظر تلك النظرة العظيمة للعقل، ومع أن العقل وظيفته العظمى   كما مر   إلا أن الإسلام يحدد مجال العقل، وذلك صوناً للطاقة العقلية أن تتشتت أو تتبدد وراء الأمور الغيبية التي لا يستطيع العقل إدراكها أو الوقوف على حقيقتها، كالذات الإلهية، والروح، والجنة والنار، وكيفية صفات الله   عز وجل   وغيرها؛ ذلك أن العقل البشري له مجاله الذي يعمل فيه؛ فإذا ما حاول أن يتخطى هذا المجال فإنه سَيَضِل ويتخبط في متاهات لا قِبَل له بها؛ فمجال العقل كل ما هو محسوس.

أما الغيبيات التي لا تقع تحت مداركه فلا مجال للعقل أن يخوض فيها، ولا يخرج عما دلت عليه النصوص الشرعية في شأنها.

و. الإسلام يحفظ العقول ويرتقي بها: ولهذا حرم الإسلام الخمر، والمخدرات تحريماً لا هوادة فيه، وحرم كل ما يؤدي إلى فساد العقل.

وكما أن الإسلام ارتقى بالعقول، وأبعدها عن التناقض، وحمى معتنقيه من الفوضى الفكرية، والضياع، والتخبط، فهو دينٌ واضحٌ، سهلٌ، ميسورٌ، مفتوحٌ لكل أحد.

 2  الإسلام والعلم

أ  الإسلام دين العلم والحقيقة، بل إن الإسلام عدو الجهل والخرافة، والقرآن الكريم والسنة النبوية قائمان على العلم الصحيح.

ب  من مظاهر التوافق بين الإسلام والعلم ما يلي:

  أن الإسلام جعل كلمة طلب العلم فريضة.

  أن أول كلمة نزلت من القرآن الكريم كانت أمراً بالعلم.

  أن الله   عز وجل   نوَّه بالعلم وأهله.

  أ، الإسلام يتفق مع الحقائق العلمية.

  تضافر البراهين الحسيَّة، والعلميَّة، والتجريبيَّة على صدْق ما جاء به الإسلام.

  أن العلوم الطبيعية تؤيد الإسلام.

 3  الإسلام والعمل

تمهيد

لقد تبوأ العمل في الإسلام قيمةً حضاريةً عاليةً، ونظرة متميزة في الدين الإسلامي؛ فقد رسم له الإسلام منهجاً رائعاً متكاملاً، يقوم على مراعاة التوازن بين حقوق العمال، وحقوق أصحاب العمل على حد سواء.

ويؤكد سبق الإسلام في الدعوة إلى مراعاة حقوق الإنسان وتكريمه، والرفع من شأنه؛ ليكون عضواً فاعلاً في هذه الحياة.

ولقد كان نظام العمل من الأمور التي أولتها الحضارة الإسلامية رعاية واهتماماً، وذلك بمتابعة المستجدات حول هذا النظام، ومواكبتها بالأحكام والضوابط، والحرص على مراعاة احتياجات العامل وصاحب العمل.

وكان من بوادر تنظيم العمل في الإسلام نظرةُ التكريم للعاملين، والدعوة الصريحة إلى العمل المهني، واعتباره وسيلةً شريفةً ساميةً لكل قادر عليه، وسمةً من سمات المسلمين المنتسبين للعيش في حياة كريمة.

وقد ورد في البحث حديث عن العمل في الإسلام، وذلك من خلال التفصيل في الفقرات التالية:

أ. مفهوم العمل في الإسلام، وما يلحق به.

ب. دعوة الإسلام للعمل: دعوة القرآن والسنة إلى العمل.

ج. نهي الإسلام عن الكسل والبطالة.

د. القواعد المنظمة للعمل في الإسلام، كعقد العمل، وبيان نوع العمل، ومدته، وحقوق العمال، وواجباتهم.

 4  الإسلام والصحة العامة والنظافة

أ  الإسلام والصحة العامة

لقد ورد في حفظ الصحة إشارات وإرشادات كثيرة في القرآن، والسنة، وقد جاء في البحث بيان لمظاهر من ذلك القبيل، ومن ذلك على سبيل الإجمال ما يلي:

  أن الإسلام أرشد إلى الاقتصاد في المطعم والمشرب.

  ورورد كثير من الإشارات في حفظ الصحة.

  ورود كثير من النصوص في مشروعية التداوي والدلالة عليها.

  ورود الدلالة على الجراحة الطبية.

  أن النبي" فتح العقول لمعرفة الطب، ومزيد التطور فيه.

  ما كان عليه العلماء المسلمين من الإسهام في تطوير الطب.

  أن الفقهاء عَدُّوا حفظ الصحة أحد مقاصد الشريعة.

  أن الإسلام عني بصحة الإنسان قبل أن يتخلق.

  تقرير بعض الأمور العلاجية.

  أن في آداب الطعام في الإسلام إشارات كثيرة لحفظ الصحة.

  أن الشريعة الإسلامية وضعت القواعد للوقاية من الحوادث.

ب  الإسلام والنظافة

تناول البحث جوانب عديدة مما جاءت به الشريعة في النظافة، ومن ذلك ما يلي:

  ما جاء في حديث خصال الفطرة.

  ما جاء في مشروعية الوضوء.

  ما جاء في مشروعية الغسل.

  ما جاء من حث الإسلام على النظافة العامة.

وتحت كل عنوانٍ من هذه العنوانات بيانٌ وشرح.


 الثالث عشر: قضايا السلام، والتعايش، والتسامح، والإكراه، والعنف، والإرهاب، والجهاد

 1  الإسلام والحفاظ على السلام العالمي

الإسلام   كما هو معلوم   دين السلام، والخير، والعدل، والإحسان، بل إن ذلك حاصل حتى في حال الحرب التي قد تقوم فيه لمسوغات معقولة.

وأما غير حال الحرب فالأمر أجلى وأوضح، ومن مظاهر حرص الإسلام على السلام، وأن يعيش الناس براحة، وأمان، وحرية ما يلي:

أ. أن كلمة السلام من أكثر الكلمات ورورداً في شريعة الإسلام.

ب. أن الإسلام يحفظ الأموال.

ج. أن الإسلام يحفظ الأنفس.

د. الإسلام حرم اعتداء الإنسان على نفسه.

هـ. أن الإسلام يكفل الحريات ويضبطها.

 2  الإسلام والتعايش والتسامح

أ. أحكام الإسلام لم تختص بتعامل المسلمين فيما بينهم، بل هي عامة تُظِل جميع الناس على اختلاف أديانهم؛ ففي شمول الإسلام وعمومه ما يبيِّن كيفية التعامل مع كافة الطبقات من أهل الإسلام وغيرهم.

وهذا يعني أن الإسلام دين عملي، واقعي، وليست نظريات مغرقة في المثالية التي لا تتلاءم مع واقع الحياة والناس.

والله   عز وجل   خلق الناس، وقرر أن منهم كافراً، ومنهم مؤمناً.

وأمر   عز وجل   بدعوة الناس إلى الهدى، ولكن لم يكلف الداعين بإدخال الناس في الدين الحق [إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ].

ومن هنا فإن سنة الاختلاف بين الناس قائمة، مقررة في القرآن: [وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ].

ولا يعني ذلك إقرار الباطل، ولا قبول كل المذاهب أو تسويغها، أو الرضا بها، أو ترك الإنكار عليها، وبيان زيغها، ودعوتها إلى الحق.

ب. الناظر في نصوص الشرع، وتاريخ المسلمين يجد أن روح التسامح واضحة جليَّة.

ج. ورد في البحث نبذة عن التسامح الذي هو قريب من التعايش، وعن بعض مظاهره في الشريعة الإسلامية الغراء، وعن بعض تطبيقاته في تاريخ أمة الإسلام، وذلك من خلال بيان مفهوم التسامح، وأهمية البحث في تسامح الإسلام، وأنه وليد إصلاح التفكير ومكارم الأخلاق، وأن الإسلام وضع القواعد العامة للتسامح، كما ورد فيه ذكرٌ لشهادة التاريخ على تسامح المسلمين.

 3  موقف الإسلام من الإكراه

ورد في البحث بيانٌ لما يلي:

أ. مفهوم الإكراه.

ب. موقف الإسلام من المخالفين.

ج. انتفاء الإكراه على دخول الإسلام.

د. شهادة غير المسلمين على تسامح المسلمين.

 4  موقف الإسلام من العنف

أ  العنف: هو الشدة والغِلظ، والجفاء في المواضع التي تحتاج إلى الرفق.

ويقصد بالعنف في الاصطلاح العالمي الآن ما يكون من استعمال الشدة في التعبير، والخطاب، وما إلى ذلك مما يدخل في معنى العنف، وينافي الرفق.

وقد ورد في البحث حديثٌ حول بيان موقف الإسلام من العنف، وذكرِ نماذج من رفق النبي" بالمخالفين.

ب  موقف الإسلام من العنف: لقد جاء الإسلام بنبذ العنف، والتحذير منه، وبيان سوء عاقبته.

كما جاء بالحث على لزوم الرفق، والأخذ به، والترغيب فيه.

والنصوص من الكتاب والسنة حافلة بذلك إما تصريحاً، أو إشارة، أو أمراً بلزوم الرفق، أو نهياً عن العنف، أو بياناً في فضل الرفق وذم العنف، وذلك في شتى الشؤون سواء بالدعوة إلى الله، أو الدعوة إلى التغيير والإصلاح، أو في الأمور الخاصة، أو العامة.

ج. ورد في البحث نماذج من النصوص الشرعية الآمرة بالرفق ونبذ العنف.

 5  الجهاد في الإسلام

أ. حقيقة الجهاد في الإسلام: هو الجد والاجتهاد في كل أمر يقوي المسلمين، ويصلحهم، ويلم شعثهم، ويضم متفرقهم، ويدفع عنهم عدوان الأعداء أو يخففه بكل طريقة ووسيلة.

ب. الجهاد نوعان: جهاد يقصد به صلاح المسلمين وإصلاحهم في عقائدهم وأخلاقهم وآدابهم، وجميع شؤونهم الدينية والدنيوية، وفي تربيتهم العلمية والعملية.

وهذا النوع من أصل الجهاد وقوامه، وعليه يتأسس النوع الثاني، وهو جهاد يقصد به دفع المعتدين على الإسلام والمسلمين من الكفار والملحدين وجميع أعداء الدين، ومقاومتهم.

وهذان نوعان: جهاد بالحجة والبرهان واللسان، وجهاد بالسلاح المناسب في وقت وزمان.

ج. ورد في البحث حديث عن مقاصد الجهاد في الإسلام، ومعنى كونه في سبيل الله، وعن بعض ما جاء في السيرة النبوية في شأنه، وعن آداب الحرب في الإسلام، وعن رد بعض ما يثار حول جهاد المسلمين من ظلم، وعن أمثلة من أخلاق المسلمين في الجهاد، وبيان أن من أخطأ سبيل المجاهدين من المسلمين فإن التبعة تعود عليه لا على الإسلام.

 6  موقف الإسلام من الإرهاب

أ. الإرهاب في اللغة هو الإخافة.

والإرهاب في الاصطلاح العالمين لفظ يكتنفه الغموض؛ حيث إن كُلاً يفسره على ما يشاء.

كما أنه من الألفاظ التي صار لها دويٌّ وشهرة وسيرورة في العصر الحاضر؛ فلا يكاد مصطلح من المصطلحات السياسية ينافسه، أو يقترب منه في الحضور الإعلامي العالمي.

ب. ورد في البحث عدد من التعريفات للإرهاب.

ج. ورد في البحث بيانٌ لموقف الإسلام من الإرهاب، ويتلخص فيما يلي:

  أن حماية الحوزة الإسلامية، والدفاع عنها لا يعد إرهاباً.

  أن الإسلام ينهى أشد النهي عن الإرهاب الذي يعني الإفساد.


 الرابع عشر: الدلائل على حقيقة الإسلام

تمهيد

هذا الباب   وهو الدلائل على حقيقة الإسلام   يكاد يدخل في جميع أبواب هذا البحث، وفصوله، ومباحثه؛ إذ هي جميعاً دلائل على حقيقة الإسلام؛ فما الحديث عن مفهوم الإسلام، ولا الحديث عن مصادر التشريع، أو أركان الإسلام، والإيمان وعلم الغيب، ولا عن النبي" ولا شهادات المنصفين عن دين الإسلام ونبيه، ولا الحديث عن نظام الإسلام السياسي، والاقتصادي، والقضائي، والاجتماعي، والأسري، ولا الحديث عن موقف الإسلام من العقل، والعمل، والسلام، والصحة العامة، والنظافة، ,غيرها   إلا دلائل واضحة على حقيقة الإسلام وعظمته، وكونه صادراً من لدن حكيم عليم؛ إذ إن كل باب من أبواب هذا البحث، وما يندرج تحته يدل دلالة قاطعة على حقيقة الإسلام، وصدق الرسول".

والحديث في هذا الباب إكمال لما هو مبثوث في غضون هذا البحث من الإشارات الكثيرة على حقيقة هذا الدين.

وقد تناول هذا الباب بياناً لإعجاز القرآن والسنة النبوية، وورود الإسلام في الكتب السابقة.

 1  الإعجاز في القرآن الكريم

أ. كل رسول له معجزة تكون دليلاً من أدلة نبوته ورسالته، وأنه مرسل من قِبَل ربه؛ إذ بدون ذلك لا تقع حجة الله على الخلق بالإيمان برسله؛ فمهما سمت أخلاق الرسول، وعلت همته، وجادت قريحته، وتوقد ذهنه، وتبوأ المكانة العليا في قومه   فإن كل هذا لا يكفي دليلاً على أنه مرسل من قبل الله؛ فلا يمكن للعقل أن يصدق ويذعن ويعترف بأن هذا رسول إلا بما يظهره الله على يديه من معجزات، فيخرق له السنن الكونية: أسبابها ومسبباتها.

ب. القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى التي تحدَّى الله بها الناس قاطبة؛ فكان حجة الله البالغة التي لا يحيد عنها إلا مكابر معاند.

ج. القرآن الكريم مُعْجز بلا ريب، وبعض الباحثين يرى أن إعجاز القرآن عام، فيرى من وجوه الإعجاز: الإعجازُ البياني، والإعجاز العلمي التجريبي، والإعجاز التشريعي، والإعجاز الغيبي؛ فهذه هي أشهر وجوه الإعجاز التي يذكرها الباحثون في شأن الإعجاز القرآني.

د. أعظم وجوه الإعجاز القرآني وأجلّها هو الوجه الذي تحدى به القرآن سائر العرب، ألا وهو بلاغة القرآن، وحسن بيانه؛ فالتحدي الأكبر إنما هو بلفظ القرآن، ونظمه.

هـ. الإعجاز العلمي التجريبي في القرآن: ويقصد بهذا النوع من الإعجاز القرآني ما جاء في القرآن الكريم من الآيات التي تحدثت عن سنن الله في الكون ونظامه، وألوان العناية الربانية بالمخلوقات.

و. وجه دلالة الإعجاز العلمي التجريبي على مصدرية القرآن الكريم أن تلك الإشارات الكثيرة التي وردت في هذا الشأن قد بلغت مبلغاً لا تستطيع أجيال من العلماء الإحاطة بها مهما أوتوا من وسائل وإمكانات وجهود وطاقات.

ز. الإعجاز التشريعي في القرآن الكريم حديث عن النظام الخالد للكون وما فيه؛ فالذي أبدع الكون من العدم وأوجد فيه من المخلوقات ما لا يُحصى، وجعل أشرف هذه المخلوقات وأكرمها بني آدم اختار لهذا المخلوق المعزز دستوراً في الحياة يُنَظِّم سلوكه في الدنيا وعلاقته بنفسه وبخالقه   سبحان الله   ورتب نتائج دنيوية وأخروية على نتيجة سيره وَفْق هذا الدستور الإلهي الكريم؛ حيث يحصل الإنسان على الطمأنينة والعزة في الدنيا، فيشعر بإنسانيته الحقة، ويدرك الحكمة الإلهية من خلقه وإيجاده وتفضيله على سائر المخلوقات.

ح. الإعجاز التشريعي في القرآن آية بينة على أن القرآن الذي اشتمل عليه هو كلام الله أنزله على قلب عبده ورسوله محمد" ليخرج الناس من ظلمات الانحراف والضلال والشقاء إلى نور الإيمان والهداية والتمسك بحبل الله المتين.

ط. الإعجاز الغيبي في القرآن يقصد به غيب الماضي، وغيب الحاضر، وغيب المستقبل.

 2  الإعجاز في السنة النبوية

أ. ما يقال في إعجاز القرآن من جهة علومه، وكشفه الحجب عن الغيوب الماضية والمستقبلية، وعن ما فيه من علوم، وحكم، وأحكام، ونظم، وتشريعات، ونحو ذلك   يقال في شأن السنة تماماً؛ لأن الكتاب والسنة من عند الله   عز وجل  فالرسول" لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى.

وقد تقرر ذلك في مباحث ماضية عند الحديث عن السنة النبوية، كما تقرر   أيضاً   الحديث عن جوانب من الإعجاز التشريعي، والإعجاز العلمي التجريبي، والإعجاز الغيبي، وذلك عند الكلام عن الصحة والنظافة في الإسلام.

ب. لقد سَمَتْ ألفاظُ النبي" إلى الذروة، وأحرز من خصلتي الفصاحة والبلاغة الغاية التي ليس وراءها لمخلوق غاية، فلا يستطيع بشر أن يجاريه في ذلك.

ولكن تلك البلاغة لم تصل إلى حد الإعجاز الذي هو خاص بالقرآن المجيد.

ج. تنقسم معجزات النبي" إلى معجزات حسية، ومعجزات عقلية، وقد ورد بيانٌ لكلٍّ منهما.

د. ورد في البحث بيان لطرق ثبوت معجزات النبي" تلك الطرق التي تفيد العلم القطعي اليقيني.

هـ. لقد أجرى الله   عز وجل   على يد نبينا محمد" معجزاتٍ باهراتٍ، وآيات مبصرات إذا نظر فيها مريد الحق دلته على أنها شهادة صادقة من الله لرسوله".

وقد عدَّها بعض العلماء فزادت على ألف معجزة، وقد أُلِّفت فيها مؤلفات، وتناولها العلماء بالشرح والبيان.

وقد ورد في البحث ذكر لجملة من معجزات النبي".

 3  الإسلام في الكتب السابقة

أ. تمهيد في كون الإسلام دين جميع الأنبياء، وفي شهادة القرآن على ذكر الإسلام في الكتب السابقة.

ب. لعل من أعظم الدلائل على حقيقة الإسلام، وصحة ما جاء به هدايةَ كثيرٍ من علماء أهل الكتاب إلى الإسلام، وتسجيلهم شهاداتهم بأنه الدين الخاتم الحق، وتنزيلهم ما ورد في كتبهم السابقة من البشارات بظهور دين جديد، ونبي جديد، وأمة مصطفاة على دين الإسلام، ونبيه، وأمته.

ج. ورد في البحث ذكر لهداية علماء أهل الكتاب إلى الإسلام، وذكر نماذج من أسماء أولئك.

د. لقد بشَّرت الكتب السابقة بدين الإسلام، وظهور نبيه في مواضع كثيرة، والشواهد على ذلك لا تكاد تحصى.

وهذه الشهادات الموجودة في الكتب المتقدمة تُعَدُّ من الآيات البينات على نبوة محمد" ونبوة من قبله.

وقد ورد في البحث ذكرٌ لعدد من البشارات الواردة في الكتب السابقة في ذلك الشأن.

هـ. لقد صرحت الكتب السابقة الموجودة بأيدي أهل الكتاب باسم مكة المكرمة، والكعبة المشرفة، وَوَصْفِها بما لا يدع للشك مجالاً بصدق نبوة محمد" وبكونه بعث من مكة، ودعا إلى تعظيم الكعبة.

و. ورد في البحث ذكر لبعض صفات بيت الله الكعبة، وبلده الحرام وأكثر هذه الصفات بالنص الحرفي، وبعضها بالمعنى.

ز. ورد في البحث ذكرٌ لبعض البشارات الواردة في الكتب السماوية السابقة بشأن مكة والكعبة.

ح. لقد جاء وصف أمة الإسلام أمة محمد" في الكتب السابقة بما لا يدع مجالاً للشك في أنها الأمة المصطفاة التي وردت أوصافها في بشارات الأنبياء السابقين   عليهم السلام  .

وقد ورد في هذا البحث ذكرٌ لعدد من البشارات في ذلك الشأن من الكتب السماوية السابقة.

هذا هو ملخص ما جاء في بحث (هذا هو الإسلام).

فأسأل الله   جلَّت قدرته   أن ينفع به، وأن يجعلها خالصاً لوجهه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] _ انظر عقيدة ختم النبوة ص16.

 ([2]) الغرغرة: هي حشرجة الروح في الصدر حال الاحتضار، وبداية سياق الموت .