×
مقالة باللغة العربية، اشتملت على بعض أسباب ترك الكاردينال دانيال الكنيسة، واعتناقه دين الإسلام

    سلسلة حوارات هادئة (15)

    لماذا ترك الكاردينال دانيال الكنيسة وغير دينه؟!

    (الكاردينال دانيال

    كان سابقًا عضو كنيسة في جنوب تركيا –

    اسمه الحالي عبد الله)

    قـصـة هـدايــة

    الكاردينال دانيال
    إلى الإسلام

    (الكاردينال دانيال كان سابقا عضو
    كنيسة في جنوب تركيا - اسمه الحالي عبد الله)

    مـقــدمــــة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الحمد لله الذي هداني للإسلام، وجعلني أعتنقه، وأكون موحدًا لله ومطيعًا له في عبادته وحده، وجعلني مؤمنًا فيه بحق، ونَــــوَّر لي بصيرتي بالإسلام لأكون على الدين الحق، وفي الدين النور، وهذه نعمة عظيمة قد مَنَّ الله بها عليَّ، والحمد لله أنْ جعلني مسلما مُوحِّدًا له، وخلَّصَني من الشرك والضلال، ومن عبادة غير الله، واعتقاد أن له ابنًا وشريكًا في الملك، وخلَّصني من أن أعبُدَه على هذا .

    لا أُخفي إحساسي الداخلي أنني كنت في أحيان كثيرة لما كنت في ديني السابق الدين المسيحي لست مقتنعًا بالكثير من معتقداتنا المسيحية وممارستنا الدينية التي نشأنا وتربينا عليها، ولكن نشأتي المسيحية وما يفرضه واجبي في حياتي العامة والمجتمعية وعملي ومَركزي يتطلب مني عدم إظهار هذا الإحساس، بل بالعكس، كنت أعمل جاهدًا على التكيُّف على تقبُّلها والإيمان بها، وتعليمها وتبشيرها للناس، وحثهم على التمسك بها في عقيدتهم المسيحية، وتحفيزهم على أن يعملوا بها، وأن يبشِّروا بالمسيح بنشرها، كما كنت أحثهُّم على أن يكون إخلاصهم للدين المسيحي كبيرًا، وقد كنت أبذل جهدًا كبيرًا في هذا العمل، ولكن ما كان يقلقني أنه كلما تقدم بي العمر وزادت بي الأيام كانت تزداد معي الشكوك والاضطرابات النفسية التي تقلقني كثيرًا من جهة كون حقيقة إيماننا المسيحي غيرَ منسجمة مع العقل، فمثلًا كنا معشر القساوسة نطلب من الرعية ألا يفعلوا الكثير من الأمور، بينما نحن أنفسُنا كنا نفعلها، وهناك الكثير من هذه الأمور والتي أخجل من قولها والتحدث فيها، ولكن أهم المتناقضات والإشكاليات التي كنت أواجهها وأفكر فيها كثيرًا صحة العقائد التي كنت أؤمن فيها، والتي كنت أحاول أن أربِطَها بعقلي ولا أستطيع، مثل عقيدة التثليث، أو ما نعرفه نحن في قاعدة إيماننا بــــ(عقيدة مثلث الأقانيم)، وأنها ثلاث ذوات منفصلة متحدة، هي الآب والابن والروح القدس.

    ومن المتناقضات والإشكاليات التي كنت أفكر فيها كثيرًا عقيدة الخطيئة والفداء، وعقيدة أن المسيح هو ابن الإلـٰه، وأنه تجسَّد وصُلِب وقام وتحمَّل هذه الخطيئة، وأنها حدثت في غير محدود، وهو الرب الآب، وأنه لابد إذن أن يُكَفِّر الخطيئة غيرُ محدود.

    وبما أن هذه الخطيئة عظيمة جدًّا لدرجة أنها لا يمكن أن تُغفر بالوسائل العادية، وبما أن الرب الآب متصفٌ بصفة الرحمة؛ فإن هذه الصفة تستوجِب العفوَ، فنتج تناقضٌ بين عدل الرب الآب وبين رحمته، فتطلَّب الأمرُ شيئًا يجمع بين العدل والرحمة، فكانت الطريقةُ الوحيدة لكي يغفر الرب الآب للبشرية هذا الذنب الذي لَم يرتكبوه هي الفديةَ التي كنت أؤمن بها في ذلك الوقت، وهي أن يُسلِّم ابنَه المسيح ليُــعَلَّق على الصليب ويُقتل، وبهذا يفتدينا جميعًا، فاتَّـحد بهذا اللاهوتُ والناسوتُ في بطن العذراء مريم، فنتَج عن هذا الاتحاد إنسانٌ كامل من حيث هو ولَدُها، وكان الربُّ في الجسد، وكان إلـٰهًا كاملًا، هو اليسوع المسيح، وقد تـمثَّل هذا كله في المسيح الرب، والذي أتى ليكون فدية، فضحى الربُّ الآب بابنه الوحيد من أجل أن يغفِر الخطيئةَ العظيمةَ للبشرية.

    وطبعًا كنت أحاول إقناع نفسي بهذا، والإيمان به وتعليمه للناس.

    ومما كان يَشغَل تفكيري إيمانُنا بعقيدتنا التي تنص على ألوهية المسيح، فالمسيح هو الأقنوم الثاني في اللاهوت، وهذا كان يدعونا أن نؤمن بالمسيح بأنه ابن الله الرب الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور (وأستغفر الله عما كنت أؤمن به)، وكان إيماننا فيه أنه إلـٰهٌ ابنٌ، وأنه مساوٍ للإلـٰه الآب في الجوهر وألوهية الروح القدس، فالروح القدس هو الأقنوم الثالث في اللاهوت، وهو ليس مجردَ تأثيرٍ أو صِفةٍ، بل هو ذات حقيقية وشخصٌ حيٌّ وأقنومٌ متميز، ولكنه غيرُ منفصل، وهو مشترِك مع الآب والابن في جوهر واحد ولاهوت واحد.

    ومما كان يشغل تفكيري أيضًا أمر إيماننا بالحساب والدينونة، وهي الجزاء، وهي أن المسيح قام من القبر بعد ثلاثة أيام، ومكث بعد قيامته هذه أربعين يومًا، ثم ارتفع بعدها إلى السماء، وجلس بجوار الرب الآب، وأنه سيأتي ليَدِين الناس يوم القيامة، أي يجازيهم، وله بهذا الـمُلك الأبدي، فلا فناء لِـمُــلكه.

    ومما كان يشغل تفكيري أيضًا مسألة الإيمان بعصمة البابا ورجال الكنيسة وهيمنة الكنيسة، وأنَّ رجال الكنيسة هم وحدهم مَن يملكون قبول التوبة وغفران الذنوب، فيُفتح باب الاعتراف أمام القساوسة، وهذا الاعتراف يُسقِط عن الإنسان المسيحي الذنبَ ويطهِّره منه تمامًا.

    هذا غير تناقضات الأناجيل المقدسة عند المسيحيين والممارسات التي تحدث، وكل هذه الأمور جعلتني أعيش أوقاتًا عصيبة كثيرة، وقد كنت أحاول أهرب من دوَّامات هذا التفكير الذي كان يرهقني كثيرًا، وأحاول عدم التفكير، والتعايش فقط مع إيماني المسيحي، والتركيز في الإيمان فيه والتبشير به، والعمل على إقناع نفسي والناس بأن ديني المسيحي هو الدين الحق، وكنا دائمًا نحث على المزيد من العمل بإيماننا القائل:

    تزداد دعوة يسوع الرب إصرارًا وإلحاحًا في كل العالم وأكثر من أي وقت مضى، «اِذهبوا في العالم كله» [مرقس (15:16)] اِذهبوا وابدءوا العملَ وادعوا الناس واجمعوهم فقد آن الأوان.

    وكانت هذه قاعدة نركز فيها للتبشير بِـمَن كنا نسميه بالرب يسوع (أستغفر الله)، وكنت أعتقد وأؤمن أننا في هذا ندفع الناس للإيمان بنور يسوع المسيح، ولم أكن أدرك أنني أدفعهم للضلال والشرك والكفر .

    والحمد لله الذي لم يشأ أن يُبقِيَني في تلك الخرافات وفي ضلال ديني السابق.

    ومما كان يحيرني ويثير في نفسي التساؤلات والشكوك في صحة ديني هو ما يحصل في الكنائس العربية من العهر والخمور والرقص والاستغلال الجنسي البشع للبنات مِن قِبل رجال الدين المسيحي، وبشكل فظيع ومُـخجِل، يفعلون هذا باسم الدين، فيقولون للبنات (وبعضهن متزوجات): (تعالوا نتلذذ بِـــكُـــنَّ على الفراش، ونُعاشركن معاشرة الأزواج)، ويتقرب منها القسيس بذريعة أنه يمنحها المباركة المقدسة إن مكَّنته من نفسها، وأنه مقدس ومبارك، وأنه شفيع عند الرب، وأنها إن لم تسمح له بذلك فإن الرب يغضب، لأنه ابن الرب وخادِمُه (بزعمه)، فإذا رضي الابن رضي الأب، وإذا غَضِب الابن غَضِب الأب، فتقبل المسكينة، لأنها تفعل هذا كجزء من دينها، لتتقرب إلى ربِّها، وإن كانت في الداخل تحترق كمدًا، وتتألم غيظًا؛ لما تشعر به من التلويث والتدنيس والاستغلال البشع لشرفها وجسمها وسُـمعتها، بتنقُّلها بين أحضان الرجال، كل يوم في فراش، حتى إن بعضهن يفكرن بالانتحار مما يشعرن من القهر، والأفظع من هذا أن مِنهن من يحمِلن، ثم إذا علِم القسيس أنها حملت منه أجبرها على إجهاض الجنين على حسابها الشخصي!

    ومن الأمثلة الحية على هذا: أن امرأة كانت راهبةً، ثم مَنَّ الله عليها بدخول الإسلام لاحقًا، قالت إنها حين كانت في الرابعة عشرة من عمرها دخلت الكنيسة لتتعلم الدين المسيحي، معتقدة بأنها ستنال النور والعلم الديني والسكينة الروحانية، وأنها ستكون في أقدس مكان، وأن هذا المكان سيقودها إلى الأمن والسلام، هكذا تعلمت من مجتمعها، لكنها لم تكن تدرك حجم المخاطر التي تنتظرها خلف جدران الكنيسة، فقد وصفت حالها بأنها صُدمت كثيرًا حين بدأ بعض رجال الكنيسة من القساوسة والشماسين وغيرهم بالتحرش بها بالكلام والأفعال، فتقبَّلت كل سلوكياتهم بسبب خوفها منهم، وقالت بحرقة إنهم كانوا يعاشرونها وغيرها من البنات مثلما تتم معاشرة الحيوانات، أي بدون موافقتهن، وفي أي وقت شاءوا، فلا تشعر الواحدة منهن إلا ورجل الدين يطلب منها الحضور لممارسة الجنس في غرفته، فتستجيب خوفًا منه، فليست هي في نظره إلا وسيلة استمتاع، يستمتع القسيس بجسدها متى شاء، ولا تمتلك هي جسدها، بل المالك هو القسيس، يستمتع بها، ثم يرميها جانبًا!

    إن ما يحدث في الكنائس في الخفاء هو مطابق لما يحدث في الملاهي الليلية وحوانيت الخمر من انحلال أخلاقي واشتعال للشهوات، لكن الفارق بين المكانَين هو أن ما يحدث في الكنائس يكون بسرية وخصوصية، لئلا ينكشف سلوك القساوسة أمام الرعية، لأن المستقر في ذهنهم أن الكنائس دور عبادة في الظاهر، وأنها مكان مقدس كما يصفونه.

    هؤلاء هم رجال الكنيسة، وهذه هي أحوال الكنيسة من الداخل، وهذه هي أخلاقيات الدين المسيحي المحرف البشري، الذي ليس له علاقة بالمسيح ولا بالإنجيل، وليتهم وقفوا عند هذا الانحطاط، بل هم مع هذا يتهمون الإسلام باحتقار المرأة، وهو الذي ضمن للمرأة عشرين حقًّا لحفظ كرامتها ومشاعرها وشرفها.

    ***

    وهنا لابد لكل مسيحي مثقف ومسيحية مثقفة من سؤال النفس هذا السؤال:

    أين الشعارات التي دائمًا ما يرددونها، مثل قولهم: إن دينهم دين سلام ومحبة؟!

    أين تحقيق شعار (الله محبة)؟!

    هل من الممكن أن يأمر المسيح بهذا الانحلال والانحطاط الخلقي؟!

    وكيف يوصف أتباع هذه السلوكيات المنحطة بأنهم على الدين الصحيح؟!

    وأين هي حقوق المرأة في دينهم التي يفتخرون بها وينسبونها زورًا لدين المسيح؟!

    إذا لم يكن هذا هو الإرهاب والاحتقار للأنثى، فما هو الإرهاب والاحتقار؟!

    ***

    ومما كان يحيرني أيضًا ويثير في نفسي التساؤلات والشكوك هو أن سؤال القساوسة عن أمور الدين ممنوع من قِبل الرعية، ومن سأل سؤالًا محرجًا فعقوبته ضربه وهتك عرضه، مما كان يجعلني في حالة شعور بازدواجية الشخصية، فتارة نقول: إننا نسير في الحق والنور، وتارة نضرب من يمنعنا من السؤال عن هذا الحق والنور، ومن ذلك ما كنت أراه في الكنائس العربية في غرف الكنائس والأديرة ودور العبادة والبيوت من تخويف وإرهاب وتعذيب وانتهاك للشرف واغتصاب للنساء، وأمور يقشعر البدن منها، يفعلون ذلك فيمن يوجه لهم أسئلة دينية لا يعرفون إجابتها، مع أن السائل له الحق بذلك، ولكنهم يمنعونه لئلا تنكشف حقيقة الأمر عن الأكاذيب التي يقولونها، والخرافات التي يروجونها، فالبداية تكون بتوبيخ السائل وتهديده بالتعذيب، وفي حال استمر السائل أو السائلة في توجيه الأسئلة الدينية التي تبين مناقضة الدين المسيحي للعقل فإن السائل يدخل في المرحلة الثانية وهي العقوبات والتنكيل والضرب من قِـبل رجال مخصصين لهذه المهمة (الشريفة) بحسب أوامر القساوسة، أما النساء فلهن عقوبة إضافية للضرب، وهي الاغتصاب في غرف التعذيب من قِـبل الرجال المخصصين، ويشترك معهم القساوسة، يفعلون هذا بهن وهم جميعًا عراة، ينظر بعضهم لبعض، كالبهائم تمامًا، بلا حياء ولا خُـلُق ولا مروءة، والبنت المسكينة بينهم كالعصفورة، بل العصفورة أحسن حالًا منها، فتتعرض للضرب تارة والاغتصاب تارة، تارة من هذا القسيس، وتارة من ذاك الشماس، عقوبة لها أن ألقت سؤالًا منطقيًّا عجزوا عن إجابته، والحق أن هذا السؤال كشف حقيقة مهمة، وهي أن هذا الدين من وضع البشر وتحريفهم، وليس من وحي رب البشر؟

    والسؤال المنطقي هنا: هل هذا السلوك الإرهابي من تعاليم المسيح؟!

    وهل المسيح يرضى بهذا؟

    إن الذي يقوم به رجال الدين المسيحي مِن تنكيل بمن يقوم بسؤالهم الأسئلة المنطقية والعلمية التي تكشف حقيقتهم أمام الناس، يدل على أنهم خاوون من الاتباع للدين الصحيح، وأنهم كذَبة في دعواهم أنهم أوصياء على الناس، وأن عندهم العلم والقداسة، وأنهم يغفرون الخطايا ويشفعون للناس.

    نعم، إن هذا الاستعمال للقوة يدل على إفلاسهم من رسالة المسيح الحقيقية، ويدل على أنهم لا يستحقون علو الشرف والمكانة، بل العكس، ويدل على أن هدفهم الهيمنة والابتزاز، ولو كان عندهم حجة لقالوها.

    ومن أهم الأسئلة الممنوعة عندهم (كيف يكون المسيح ربًّا؟)، ومسألة ألوهية المسيح، وأنه بشر، وما حاجة الرب ليكون له ابن؟ وكيف قَـبِل الرب بأن يُعَذَّب ابنه الوحيد وأن يُقتل ويُهان؟ وكيف يموت المسيح وكيف يعود للحياة؟ وعن الإيمان في الثالوث والخطيئة، وعن الأناجيل وما فيها من تحريف وتناقضات كثيرة.

    ***

    قصة البنت (مايا) لما سألت الراهبة سؤالًا علميًّا منطقيًّا

    ومن قصص التعذيب على طرح الأسئلة أن بنتًا شابة اسمها (مايا) جاءت إلى أحد الراهبات في قبرص وسألتها: (لماذا الأناجيل أربعة، بينما الإنجيل الذي كان بيد المسيح كان إنجيلًا واحدًا؟)، هكذا سألت (مايا) الراهبة هذا السؤال العلمي المنطقي البريء، فما كان من الراهبة إلا أن أخبرت رجال الكنيسة بسؤالها، فاجتمعوا عليها وهتكوا عرضها، واغتصبوها من الأمام ومن الخلف، وضربوها ضربًا مبرِّحًا، وأرجعوها إلى بيتها بعد ثلاثة أيام بسيارة إسعاف، وجلست (مايا) في حالة هلوسة عدة أيام وليالي، تأتيها كوابيس أثناء النوم، وكانت تقول وهي نائمة: (ما عاد أسأل سؤال، اتركوني، اتركوني).

    عبارة أسف

    ومع الأسف الشديد فإنَّه لا أحد من الناس يستطيع أن يُوقف رجال الدين المسيحي عند حدهم عن إرهابهم وعُهرهم وابتزازهم للنساء، لِـــعِــلم المجتمع بحجم العقوبات والإرهاب النفسي الذي ينتظره إن دخل في مواجهة مع رجال الدين، حتى الحكومات العربية في تلك البلاد لا تستطيع إيقاف ذلك، لأن الكنائس مؤيَّدة من الحكومات الغربية المسيحية القوية، ولا تستطيع حكومات الدول العربية مجابهتها، ولا تريد ذلك أصلًا، والضحية هم الرعية، خصوصًا النساء!

    قصة دخولي في الإسلام

    وقصة دخولي للإسلام كانت بدايتها حين تلقيت رسالة على بريدي الإلكتروني من أحد الدعاة إلى دين الإسلام، تتضمن كتاب (هل المسيح رب؟)، وكم كان لهذا الكتاب من أثر في وصولي للنور والحق، وفتح بصيرتي وقلبي للدين الحق، وكم وجدت في هذا الكتاب من حقائقَ تكشف لي الضلالَ الذي كنتُ فيه، وإبطال حقيقة إيماني في أن المسيح ربٌّ، وقد بدأت أكتشف مع قراءتي لمعلومات هذا الكتاب أنني أَمضي في الدين الباطل، وأنني قد أكون مؤمنًا بخرافات، فهذا الكتاب جعلني مهتزًّا جدًّا، وبدأت التفكير في المعلومات التي فيه لاسيما وهو يتضمن معلومات منقولة من العهدين القديم والجديد، ومعلومات متوافقة مع العقل والتاريخ، وهذه أمور لا يمكن معاندتُها وعدمُ قَبولِها، وإلا كنت كافرًا بالإنجيل، ومع مرور الوقت كنت أفكر أكثر وأكثر فيما قرأت في هذا الكتاب (هل المسيح رب؟)، ولكنني كنت أعاند نفسي وضميري وعقلي كثيرًا، وأتعنت وأرفض الإيمان بما فيه، لأنني لن أقبل بتبديل إيماني القاضي في ذلك الوقت بالإيمان بالمسيح يسوع أنه هو الرب وابن الرب، ولكنني كنت أواجه الاضطرابات النفسية العميقة في داخلي من تلك المعلومات، وأذكر أن أعصابي كانت كثيرًا ما تكون متوترة جدًّا، ووصل بي الأمر لكره وقت النوم، بسبب كثرة التفكير، وفي ليالي كثيرة كان النوم لا يأتيني، ثم أرسل لي صاحبي الذي أرسل لي الكتاب المذكور كتابًا آخر، وهو كتاب (28 دليلًا على نبوة محمد في الإنجيل)، وقد كانت المعلومات المذكورة فيه مفاجئة جدًّا لي عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان عندي تصور بشع جدًّا عن هذا الرجل (محمد)، ومعلوماتي عنه كانت معتمة جدًّا وسيئة، وفيها الكثير من الكراهية له، ولم يتبينْ لي أن تلك الصورة عن هذا النبي العظيم كانت مشوهة جدًّا إلا حين قرأت بتجرد وإنصاف كتاب (28 دليلًا على نبوة محمد في الإنجيل)، ولحسن الحظ فإن مَجريات الأمور التي حصلت لي لاحقًا -والتي سأذكرها الآن- جعلتني أؤمن بما في الكتاب المذكور وأُقِرُّ داخليًّا بما فيه.

    تعارف على الداعية فادي

    حدث تغير كبير في حياتي حين تعرفت على داعية إلى الإسلام اسمه فادي، يسكن في بلد تقع جنوب قبرص، وقد كانت لي معه جلسات متكررة ونقاشات، وحصل بيننا حوار موسع حول الإيمان بالمسيح وأمه مريم العذراء، والفروقات بين إيماننا المسيحي وإيمانه في ديانة الإسلام في المسيح وأمه مريم العذراء.

    وأتذكر جيدًا أنني حاولت تبشير فادي بالانتماء لديانتنا المسيحية، ولكن ردُّه علي كان صاعقًا لي حين قال لي إنه كان في تلك الديانة المسيحية، وإنه تركها لأنه وصل إلى الدين الحق دين الإسلام، وإنه دخل فيه وترك المسيحية لأنه تأكد أنها ديانة باطلة ومحرفة وغير صحيحة، وأن المسيح بريء منها.

    كما شرح لي فادي حقيقة الإيمان الصحيح في المسيح، وأنه عبد الله ورسوله، وأن الله أرسله لبني إسرائيل، ووضح لي أن الإيمان بعيسى المسيح وكل الأنبياء والرسل يعتبر ركنًا من أركان الإيمان في دين الإسلام، ولا يصح إسلام أي شخص بدون هذا الإيمان.

    كما قال لي فادي: إن عيسى ذُكِر باسمه في القرآن (الكتاب المقدس) 25 مرة، بينما ذُكِر اسم محمد نبي الإسلام فيه 4 مرات.

    كما قال لي فادي: إن القرآن كلام الله، وأنه الكتاب المقدس وكلام الرب الحقيقي والخالي من أي تحريف، وأنه ذُكِرت فيه قصة عيسى المسيح منذ حـمَـلت به أمه مريمُ بنت عمران إلى ولادته، والتي تعتبر معجزة إلـٰهية، حيث إنها حملت به وهي عذراء من دون أي تدخل بشري وبأمر من الله، وأن المسيح خُلِق بكلمة (كن)، فكان المسيح في بطن أمه، فتم هذا الحمل بقدرة إلـٰهية ليكتمل بخلقه ناموسُ الخلق الذي أراده خالق الكون، فقد خَلَق اللهُ آدمَ بلا أم ولا أب، وخَلَق زوجتَه حواءَ من بعض أضلاعه، وخَلَق المسيحَ من أم بلا أب، وخلق بقية البشرَ من أم وأب.

    المعجزات التي أيد الله بها المسيح لتكون دليلًا على نبوته

    كما بين لي فادي أنه كانت لدى عيسى القدرة على فعل بعض المعجزات كسائر المرسلين والأنبياء، ومن ذلك إحياء الموتى وإبراء الأكمه (وهو الذي وُلِد أعمى) والأبرص، ومن معجزاته أنه كلم الناس وهو صبي في المهد، وأنه كان يصنع من الطين على شكل الطير وينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله تعالى، وغير ذلك من المعجزات، كل هذا كان بإذن الله تعالى، لتكون دليلًا على أنه نبي مرسل من عند الله.

    حقيقة المسيح

    كما قال لي فادي: إنه وبحسب كلام الله في القرآن فإن عيسى حي لم يمت حتى الآن، ولم يقتله اليهود ولم يصلُبوه، ولكن الله شبَّه لهم شخصًا آخر ظنوه المسيحَ، فقتلوه، ورفع اللهُ المسيحَ إلى السماء ببدنه وروحه، رحمة وتكريمًا له، وهو إلى الآن في السماء.

    وقال لي فادي إن عيسى مسلمٌ مثلُ كل الرسل، أي أنه خضع لأمر الله، ونصح أتباعه أن يتبعوا الصراطَ المستقيم، ويعبدوا الله وحده، وهذا هو المعنى العام لكلمة الإسلام، وهو دين الأنبياء كلِّهم.

    وأكد لي فادي أن الإسلام أبطل فكرة الثالوث، وبين أنها خرافة، وهي التي تنص على أن عيسى إلـٰه متجسِّد، وأنه ابن الله، أو أنه صُلب أو قيامة يسوع.

    وبين لي فادي أن القرآن بـيَّـن أن عيسى نفسه لم يدَّعِ هذه الأشياءَ، ويشير إلى أن عيسى سينفي ادعاءَه الألوهية يوم القيامة، ويتبرأ ممن قالوا هذا فيه وفي أمه.

    كما قال لي فادي إن القرآن يؤكد على أن عيسى بَشَرٌ، مثله مثل كل الأنبياء والرسل، وأنه اخْتِيرَ لينشُر رسالة الله، وأكد لي أن النصوصَ الإلـٰهية من الآيات القرآنية تُـحرِّم إشراك غير الله مع الله، وأنها تدعو إلى توحيد الله، وتنص على أنه السبيل الوحيد للنجاة، وأن هذا هو منهج الأنبياء كلهم.

    أصول الدين الإسلامي

    وأخبرني فادي عن أصول الدين الإسلامي وما يُـبنى عليه، وقد أعجبتني كثيرًا ووجدتها مقنعة جدا وموافقة للعقل والفطرة، وأن المسلمين يؤمنون بأن محمد رسول الله، وأنه أُرسل للإنس والجن، أما المسيح عيسى بن مريم والرسل السابقين فقد أرسلوا لأقوامهم خاصة، كل رسول يبعث إلى قومه، ولكن الجميع يدعون إلى عبادة الله وحده.

    كما قال لي فادي إن الحواريين آمنوا برسالة عيسى، بينما كفرت به طائفة أخرى.

    المسيح بريء من قوانين المسيحية!

    وفي نهاية الطريق وصلت إلى قناعة تامة بعد كل ما سمعت منه أنني أسير على طريق ضال يؤدي إلى النار، وأنني لم أكُنْ في الدين الذي يريد مني المسيح أن أكون فيه، وأن رسالة المسيح تدعو إلى عبادة الله وحده والإيمان بأن الله هو الرب الواحد المتفرد بالملك.

    اتخاذ القرار الحاسم

    وفي نهاية المطاف اتخذت قراري بالدخول للإسلام لأكون على الدين الذي أمر المسيحُ بالدخول فيه، والذي هو دين كل الأنبياء، ونطقت بالشهادة (أشهد أن لا إلـٰه إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، وأشهد أن المسيح رسولُ من عند الله، وهو بشر مثلُنا، وأنه ليس ربًّا ولا ابنَ الرب، ولا إلـٰهًا ولا ابنَ الإلـٰه، وأنه لم يُصلَب ولم يُقتَل، وأن اللهَ الربَّ رفعه إليه، وأن عقيدة الخطيئة خرافةٌ وليست صحيحةً).

    الطمأنينة والسعادة الروحية وزوال الشكوك

    وأنا حين اتخذت هذا القرار كنت قد وصلت للقناعة التامة باتخاذ هذا القرار الحاسم والهام جدًّا في حياتي، وبدون أي ضغوط خارجية، ومع دخولي للإسلام كان لدي شعورُ سعادةٍ عظيمٌ، وذهبت مني الاضطرابات النفسية فورًا، وقد كان تعلُّمي للعبادات الإسلامية سببًا في فتح أبواب السعادة على قلبي، وجعلني أدرك أن هذه العبادة التي تدعو إلى عبادة الله الرب الواحد مباشرة تجعل المسافة بيننا وبينه قريبة جدًّا، وتُوصِلنا إلى الثقة التامة بأننا نعبُده بالشكل الصحيح، وأن هذا هو الإيمان الصواب على الوجه الحق، وأنني وجدتُ السعادة التامة في الإسلام، وأشعر بأني سعيد جدًّا في تطبيق العبادات الإسلامية التي تملأ قلبي بالسعادة، وتجعلني أُدرِك أن اللهَ الربَّ خلقنا لنعبُدَه وحده ولا نشركَ به شيئًا، وأننا وُجدنا على هذه الحياة لأجل هدف عظيم وهو عبادة الله وحده، كما قال الله تعالى: ﴿ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ﴾، وأنا بحق سعيد جدًّا في الإسلام، وأرى نفسي الآن في الدين الحق ودين النور، وأدعو جميع الناس -المسيحيين وغيرهم- للدخول فيه، لأنه الدين الخاتمي الذي نسخ الله به جميع الأديان والشرائع، ولأن المسيح أمر بالدخول فيه، وأنه متمم لدين المسيح وليس مناقض له، ولأنه الدين المحفوظ، وغيره من الأديان محرفة عن أصلها، وصارت تدعو إلى عبادة غير الله، وهم البشر والجمادات، فالنجاة في الدخول في الإسلام لا غير، قال الله تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).

    دخول المثقفين إلى الإسلام

    ومن اللطيف ذِكرُه أن الإسلام هو الدين الأكثر دخولًا في العالم، خصوصًا في الدول المسيحية، كأمريكا وأوربا، هذا بحسب إحصائيات عالمية معتبرة، فليس الأمر كما كنا نقول للرعية كذبًا: (إن المسيحية هي الأكثر دخولًا)، فالإسلام يدخل الناس فيه عن اقتناع قلبي بأنه الدين الحق، أما الدخول في المسيحية فكنا نُغري الناسَ بالمال والنساء من أجل الدخول فيه، ونزعم أن هذا هو دين المسيح! وشَــتَّان بين الأمرين!

    فلهذا فإن تمسك الرعية بالمسيحية تمسُّك هامشي ضعيف، لأنه ليس عن اقتناع، بل بسبب تقليد المجتمع والوالدَين، وبسبب الإغراءات المادية والجنسية، وليس لأنه عن اختيار واقتناع قلبي، وهذا واضح في بُعد الناس عن الكنائس وإغلاق كثير منها، وتوجه كثير من المسيحيين إلى الإلحاد.

    خـاتـمــة

    تمت قصة هدايتي إلى الإسلام، وأنا أدعو كلَّ مسيحي إلى التفكر في مصيره، فالمسألة مهمة جدًّا، يترتب عليها تحديد مصير الإنسان، إما إلى الجنة وإما إلى النار، وقد بشَّر المسيح ابن مريم بنبي الإسلام «محمد بن عبد الله»، ودعا الناس للدخول في دينه، وهذه البشائر مُـثبتة في الإنجيل وعددها 28 ، وهي مذكورة في كتاب:

    The amazing prophecies of Muhammad in the Bible([1])

    وعلى هذا فإن الإيمان بمحمد والدخول في دينه (الإسلام) يعتبر طاعةً للمسيح ابن مريم، وطاعة لمحمد، وسبيلًا للدخول للجنة، لأن دين الإسلام يعتبر متمِّمًا لدين المسيح في الحقيقة.

    بينما رفْضُ الإيمان بمحمد ورفْضُ الدخول في دينه (الإسلام) يعتبر معصيةً للمسيح ابن مريم، ومعصية لمحمد، وهذا سبب للدخول إلى النار، لأن فاعل ذلك قد عصى النـبِـيَّـــين المسيح ومحمد، في الحقيقة.

    فالبِدارَ البِدارَ للدخول إلى دين الإسلام، الذي بشَّر به المسيح، قبل فوات الأوان، فالحياة واحدة ...

    أتمنى لكم كل خير، وأرحب باستفساراتكم وتواصلكم:

    [email protected]

    اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد.

    كتبه

    عبد الله
    (الكاردينال دانيال سابقًا)
    - جنوب تركيا

    بإمكان القارئ الكريم تنزيل نسخة pdf من هذا المقال من الموقع التالي الذي يحوي عدة دراسات في الإنجيل:

    www.saaid.net/the-clear-religion/

    [1]() هذا الكتاب منشور في شبكة المعلومات بهذا العنوان.