×
كل يوم ينقضي من عمر الإنسان يدنيه من آخرته! لذا ينبغي عليه أن يحاسب نفسه على مرور الساعات.. وانقضاء الأيام والشهور والسنوات؟! فما أحوجنا إلى محاسبة صادقة! نسأل فيها أنفسنا: ماذا عملنا من الصالحات؟! وهل نحن من المبادرين إلى الطاعات؟! لذا كانت هذه المقالة التي تبين أهمية محاسبة النفس.


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله تعالى بيده مفاتيح الأرزاق، إله كل شيء الواحد الخلاَّق، والصلاة والسلام على خاتم الرسالات، وعلى آله وأصحابه أعلام الهُدى والصالحات.. وبعد:

    أخي المسلم: المسارعة إلى الخيرات غاية أهل الفلاح.. وأمنية أهل النجاح..

    وهي علامة السَّعادة.. ودليل التوفيق.. وبرهان على صدق الحزم.. وإن الموفق حقًا من علم أن الدنيا ليست بدار قرار.. فعمل للدار الأُخرى.. وسارع في اغتنام العمر في الصالحات..

    وإن المغبون من ضيَّع عمره في إعمار دنياه.. وأعرض عن عمار آخرته!

    لم يعتبر بحادثاتها.. ولم يتغظ بآفاتها.. ولم يفهم عظاتها!

    أخي المسلم: إنَّ كل يوم ينقضي من عمرك يدنيك من آخرتك! فهل حاسبت نفسك على مرور الساعات.. وانقضاء الأيام والشهور والسنوات؟!

    فما أحوجك إلى محاسبة صادقة! تسأل فيها نفسك:

    ماذا عملتُ من الصالحات؟!

    وهل أنت من المبادرين إلى الطاعات؟!

    أم أنَّك غافل مع أهل الغفلات؟!

    وقفة أخرى أخي تراجع فيها ما دوَّنته في صحائف الأعمال.. وما سطرته في الليل والنهار..

    فإنَّ الليل والنَّهار يناديان عليك بالرحيل.. فبادرهما قبل أن يبادراك بالموت!

    قال النبي ﷺ‬: «ما طلعت شمسٌ قط إلاَّ بُعث بجَنْبتَيْها ملكان؛ إنَّهما ليُسْمعان أهل الأرض إلا الثقلين: يا أيُّها الناس، هلُمُّوا إلى ربكم، فإنَّ ما قلَّ وكفى خير مما كثُر وألهى، وما غربت شمسٌ قط إلا وبُعث بجنبتيها ملكان يناديان: اللَّهم عجِّل لمنفق خلفًا، وعجِّل لممسك تلفًا» [رواه أحمد وابن حبان والحاكم/ صحيح الترغيب للألباني: 3167].

    فكم من ساعات أضاعها الكثيرون في غير الطاعات!

    وكم من أعمار مضت ولم يعمرها أصحابها بالصالحات!

    قال بكر المزني رحمه الله: «ما من يوم أخرجه الله إلى الدنيا إلا يقول: ابن آدم! اغتنمني لعله لا يوم لك بعدي! ولا ليلة إلا تنادي: ابن آدم! اغتنمني لعلَّه لا ليلة لك بعدي!).

    أخي المسلم: المبادرة إلى الخيرات من صفات أولياء الله المتقين.. وقد وصف الله بها أولياءه الصادقين..

    فقد مدح الله تعالى نبيه زكريا عليه الصلاة والسلام وأهل بيته أنهم كانوا من المسارعين في الخيرات..

    قال الله تعالى: }وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ{ [الأنبياء: 89، 90].

    ومدح الله تعالى أيضًا طائفة من أهل الكتاب بمسارعتهم إلى الخيرات.. فقال تعالى: }لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ{ [آل عمران: 113، 114].

    فيا من شغلتك الدنيا.. ويا من غفلت عن ثواب الله، وفضله الكبير! لن تجد في أيامك يومًا خيرًا لك من يوم تسارع فيه إلى الطاعات!

    فإنك إن كنت من المسارعين إلى الطاعات؛ كفاك الله هم دنياك.. لأنك في طاعة من بيده الدنيا وما فيها!

    قال رسول الله ﷺ‬: «يقول ربكم: يا ابن آدم تفرَّغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، وأملأ يديك رزقًا، يا ابن آدم لا تُباعد مني؛ أملأ قلبك فقرًا، وأملأ يديك شُغُلاً». [رواه الحاكم/ صحيح الترغيب: 3165].

    وقال النبي ﷺ‬: «قال الله عزَّ وجلَّ: يا ابن آدم، قُم إليَّ أمش إليك، وامش إلي أهرول إليك». [رواه أحمد/ صحيح الترغيب: 3153].

    أخي المسلم: إنَّ كل يوم تحياه يعد غنيمة.. وينبغي أن تشكر الله عليه؛ لأنه فرصة لك في الازدياد من الأعمال الصالحة.. فإن ضيعته في غير طاعة الله؛ فلا أغبن منك! فبادر.. وإياك وتأخير فعل الطاعات! فكم من مسوِّف أتته المنية بغتة فندم حين لا ينفع الندم!

    قال رسول الله ﷺ‬: «بادروا بالأعمال ستًا: طلوع الشمس من مغربها؛ أو الدُّخان، أو الدَّجال، أو الدَّابة، أو خاصة أحدكم، أو أمر العامة» [رواه مسلم].

    قال الحافظ ابن رجب: (فالواجب على المؤمن المبادرة بالأعمال الصالحة؛ قبل أن لا يقدر عليها، ويُحال بينه وبينها، إما بمرض، أو موت، أو بأن يدركه بعض هذه الآيات التي لا يُقبل معها عمل).

    فلتحاسب نفسك.. فإن كنت من المقصرِّين الغافلين؛ فارجع إلى ربك.. وعجِّل قبل أن يأتي الأجل!

    المرءُ مُرْتهنٌ بسوفَ وليتني

    وهلاكُهُ في السَّوفِ واللَّيْتِ

    لله درُّ فتىً تدبَّر أمرَهُ

    فَغَدا وراح مُبادرَ الفَوْتِ

    وإن كنت من المسارعين إلى الطاعات؛ فلتزداد.. ولتسأل الله تعالى أن يثبتك على ذلك..

    فيا أيها الغافل! إلى متى تؤخر فعل الصالحات؟!

    أما علمت أن العجلة لا تحمد إلاَّ في عمل الآخرة؟!

    قال رسول الله ﷺ‬: «التَّؤُدَة في كلِّ شيء خير إلاَّ في عمل الآخرة» [رواه أبو داود والحاكم والبيهقي/ صحيح الترغيب للألباني: 3356].

    ولتعلم أخي المسلم أن المسارعة إلى الخيرات تبدأ معك من أصغر عمل من أعمال البر والطاعات، حتى أكبر عمل منها.. فلا تستحقرنَّ عملاً من أعمال الخير؛ فإنه وإن كان عندك صغير؛ فهو عند الله عظيم..

    قال رسول الله ﷺ‬: «كل معروف صدقة، وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تُفرغ من دلوك في إناء أخيك» [رواه أحمد والترمذي/ صحيح الترغيب: 2684].

    أخي المسلم: لقد دعاك الله تعالى إلى جنة عرضها السماوات والأرض! ولم يطلب منك ثمنًا لها؛ إلاَّ المسارعة إلى طاعته.. فماذا عملت؛ لتكون من أهل جناته ونعيمه المقيم؟!

    قال الله تعالى: }وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ{ [آل عمران: 133].

    قال أنس بن مالك t: «التكبيرة الأولى».

    وقال سعيد بن جبير رحمه الله: «سارعوا بالأعمال الصالحة إلى مغفرة من ربكم».

    فبادر.. وسارع.. قبل حلول الآفات.. وإظهار الندم والحسرات!

    قال رسول الله ﷺ‬: «بادرُوا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم؛ يصبح الرَّجل مؤمنًا، ويمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا؛ يبيع دينه بعرض من الدنيا!» [رواه مسلم].

    فيا معرضًا عن الصالحات! ويا كسُولاً عن الطاعات! بأي شيء لهوت؟! أم أي خير أدركت؟! أأخذت من الموت أمانًا؟!

    وكم من صحيحٍ بات للموت آمنًا

    أتَتْهُ المنايا بغتةً بعدما هَجَعْ

    ولم يستطعْ إذ جاءه الموتُ بغتةً

    فرارًا ولا منه بقوَّتهِ امتَنَعْ

    فأصبح تبكيه النِّساءُ مقنعًا

    ولا يسْمَعُ الدَّاعي وإنْ صوتَهُ رفَعْ

    وقُرِّب من لحد صار مقيلَهُ

    وفارق ما قد كان بالأمس قد جَمَعْ

    ولا يتْرُكُ الموتُ الغنِيَّ لماله

    ولا مُعْدَمًا في الحال ذا حاجة يَدَعْ

    فاعمل ليوم الرحيل.. وسارع إلى الذُّخَر الباقي!

    فإنك لسعيد إن شغلك عمل الآخرة عن عمل الدنيا!

    عن معاذ t قال: قلت: يا رسول الله أوصني؟ قال: «اعبد الله كأنَّك تراه، واعدُدْ نفسك في الموتى، واذكر الله عنه كل حجر، وعند كل شجر، وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة، السرُّ بالسرِّ، والعلانية بالعلانية». [رواه الطبراني/ صحيح الترغيب للألباني: 3342].

    أخي المسلم: حاسب نفسك.. كم من ساعات عمرك أضعتها في غير الطاعات؟! كم من ساعات عمرك لم تستثمرها في عمل الصالحات؟!

    فكم من أناس ذهبت أعمارهم سُدىً.. وانقضت أيامهم من غير فائدة! غرهم طول الأمل! وأسكرتهم الدنيا بشهواتها!

    وقال رسول الله ﷺ‬: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك» [رواه الحاكم/ صحيح الترغيب: 3355].

    فهل أنت من المغتنمين لأيام العمر؟!

    أم أنك من المضيعين المفرِّطين؟!

    إن كل يوم يمضي من عمرك حجة عليك.. وشاهد عليك غدًا!

    وشتان ما بين من عمَّر أيامه بالطاعات.. وبين من عمَّر أيامه بالمعاصي!

    ومن العجب أن تنقضي السنين بعد السنين.. وترى البعض منصرفًا عن الطاعات.. مقبلاً على المعاصي!

    وقد قال رسول الله ﷺ‬: «من عمر من أمتي سبعين سنة؛ فقد أعذر الله إليه في العمر» [رواه الحاكم/ صحيح الترغيب: 3360].

    وعكس هذا الغافل.. رجل أفنى عمره في الطاعات.. وبادر إلى الخيرات.. والتمس ما عند الله تعالى من رفيع الدرجات..

    وفي هذا قال رسول الله ﷺ‬: «ألا أنبئكم بخيركم؟!» قالوا: نعم. قال: «خياركم أطولكم أعمارًا، وأحسنكم أعمالاً» [رواه أحمد، وابن حبان والبيهقي/ صحيح الترغيب: 3361].

    أخي المسلم: إن العاقل من وُعظ بغيره.. فها هو الموت يخطف الأرواح من حولك.. وسيأتي يومك!

    فهل اعتبرت بذلك؟! فتذكر يوم أن تبلغ الروح الحلقوم!

    ماذا أعددت لتلك اللحظات؟!

    فإياك أن تكون ممن قال الله تعالى عنهم: }حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{ [المؤمنون: 99، 100].

    وقال تعالى: }وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{ [المنافقون: 10، 11].

    فاعمل لذلك اليوم؛ الذي لا تنفعك فيه إلاَّ الطاعات.. فإنَّ الناجي يومها من بادر إلى الطاعات قبل الممات.. وأفلت من تلك الكربات..

    عن البراء t، قال: كنا مع رسول الله ﷺ‬ في جنازة، فجلس على شفير القبر، فبكى حتى بلَّ الثرى! ثم قال: «يا إخواني لمثل هذا فأعدُّوا!» [رواه ابن ماجه/ صحيح الترغيب: 3338].

    أخي المسلم: إن أول ما يجب عليك أن تبادر به التوبة.. وإياك وتسويف التوبة!

    * فبادر بالرجوع إلى ربك تعالى.. وادخل في طاعته.. واهجر مساخطه.. }قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ{ [الزمر: 53، 54].

    * وأن من المبادرة إذا سمعت النداء أن تبادر إلى بيوت الله تعالى؛ لتنال حظك من الخير العظيم الذي يناديك مناديه خمس مرات في اليوم والليلة..

    فحاسب نفسك.. أين تكون حين ينادي المؤذن للصلاة؟!

    * وإن من المسارعة إلى الخيرات؛ أن تكثر السجود لله تعالى.. فإن كثرة السجود سبب في دخول الجنة!

    * وإن من المبادرة إلى الخيرات؛ أن تكثر من ذكر الله تعالى.. فإن ذلك نور لك في الدنيا والآخرة..

    * وإن من المبادرة أن تسارع إلى الصفوف الأولى في الصلاة.. ولا تتأخرن عن ذلك؛ فيؤخرك الله!

    * ومن المبادرة إلى الخيرات إعانة الضعيف، والتصدق على المسكين.. وتفريج الكربات.. فإن خير ذلك يدركك في الدنيا والآخرة..

    * ومن المبادرة أن تكثر من فعل السنن.. وأن تحرص على ذلك، ولا تتهاون في ذلك..

    * ومن المبادرة أن تبتعد عن كل ما يصدك عن ذكر الله وطاعته؛ من لهو، وصديق، ومعصية..

    * ومن المبادرة أن تحاسب نفسك على هفواتها.. ولا تطلق لها العنان في الجري خلف شهواتها..

    * وأخيرًا: يجمع لك ذلك كله؛ أن تغتنم عمرك في فعل الطاعات.. وأن تبادر إلى كل فعل أو قول يقربك من الله تعالى..

    أخي المسلم: لقد كان الصالحون من هذه الأمة يسارعون في فعل الخيرات.. ويغتنمون لحظات العمر في فعل الطاعات..

    * عن عمر بن الخطاب t، قال: «أمرنا رسول الله ﷺ‬ أن نتصدَّق، فوافق ذلك مالاً، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله ﷺ‬: «ما أبقيت لأهلك؟» قلت: مثله. وأتى أبو كر بكل ما عنده! فقال: «يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟» قال: أبقيت لهم الله ورسوله!! قلت: والله لا أسبقه إلى شيء أبدًا!» [رواه الترمذي/ صحيح الترمذي للألباني: 3675].

    * وعن أنس بن مالك t قال: «كنَّا بالمدينة فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب، ابتدروا السَّوارِيَ، فيركعون ركعتين ركعتين؛ حتى إنَّ الرجل الغريب ليدخل المسجد، فيحسب أن الصلاة قد صُلِّيت من كثرة من يصليهما!» [رواه البخاري ومسلم/ واللفظ لمسلم].

    * وعن سحيم مولى بني تميم، قال: «جلست إلى عامر بن عبد الله، وهو يصلي، فأوجز في صلاته، ثم أقبل عليَّ فقال: أرحني بحاجتك، فإني أبادر! قلت: وما تبادر؟! قال: ملك الموت رحمك الله! قال: فقمت عنه، وقام إلى صلاته!».

    * وهذا الجنيد رحمه الله، كان يقرأ وقت خروج روحه! فقيل له: في هذا الوقت؟! فقال: أبادر طي صحيفتي!

    أخي المسلم: هكذا كان الصالحون يبادرون إلى الطاعات.. ويعدُّون ذلك غنيمةً!

    فهلاَّ حاسبت نفسك.. وسائلتها.. وأوقفتها على تقصيرها.. وطالبتها بالمسارعة إلى الخيرات؟!

    فإنك في هذه الدنيا ضيف.. عما قليل سترحل!

    سبيلُكَ في الدُّنيا سبيلُ مسافرٍ

    ولابدَّ من زادٍ لكلِّ مسافرِ

    ولابدَّ للإنسانِ من حمل عُدَّةٍ

    ولا سيما إنْ خاف صَوْلَةَ قاهِرِ

    فبادر.. واغتنم الساعات في فعل الخيرات.. وإياك أن ترحل من الدنيا وأنت خفيف من الحسنات!

    فإن أمامك شدائد وأهوالاً؛ لا ينجيك منها مال.. ولا جاه.. ولا نسب!

    وإنما هي الصالحات.. فالسعيد غدًا من قدَّم بين يديه صالح الأعمال.. والشقي من فرَّط.. وضيَّع العمر في غير الطاعات!

    فاعمل ليوم مضجعك في بيت الدود! يوم لا أنيس لك إلاَّ عملك الصَّالح!

    وأعانني الله تعالى وإيَّاك على فعل الصَّالحات.. وختم لي ولك بصالح الحسنات..

    والحمد لله تعالى.. والصلاة والسَّلام على النبي محمد، وآله والأصحاب..

    * * * *