×
آداب الخروج إلى السوق : مطوية باللغة العربية؛ اشتملت على بعض الآداب الشرعية الواجبة على المرأة خارج بيتها.

 آداب الخروج إلى السوق

القسم العلمي بدار ابن خزيمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد:

لا شكَّ أنَّ السوق تجمُّعٌ مشروعٌ أُقيم لرعاية مصالح العباد، ولا شكَّ أيضًا أنه لا يخلو من الفتن والمغريات، ولذلك كان أبغض الأماكن إلى الله، يقول رسول الله ﷺ‬: «أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها» رواه مسلم.

ولئن كان هذا الحديث للأسواق عامة فهو ولا شكّ للأسواق المختلطة من باب  أولى لِما فيها من المنكرات والفتن.

إنَّ المرأة تخرج من بيتها إلى الأسواق بدِينها وعفافها وحيائها، ولا تعرف حين ترجع ماذا سقط منه وماذا بقي منه؟!

إنها تخرج إلى مكانٍ يعجُّ بالفتن ويموج بالمحن والشيطان ناصب رايته فيه.

أختي المسلمة:

ومن هنا كان التسوُّق المحمود هو ما رُوعيت فيه الآداب الشرعية الواجبة على المرأة خارج بيتها، فإذا كان ولا بدَّ من الذهاب إلى الأسواق لحاجة ملحَّة وضرورة قاطعة، فلا بأس بذلك إن شاء الله، على أن يكون خُروجك مشروطا بجملةٍ من الآداب..

& & &


 أدب الخروج إلى السوق

1- ضرورة الاستئذان من ولي أمرك عند الخروج: سواء والديك أو زوجك أو أخوك أو من يقوم مقامهما.

*  *  *

2- احرصي جدًّا على أن يصحبك أحد محارمك:

في خروج إلى السوق، إمَّا زوجك أو أخوك أو غيرهما من المحارم، وعوِّديهم على ذلك تقديرًا لك، وحفاظًا عليك من الذئاب البشرية..

وإن تعذَّر خروج أحد محارمك معك فليكن معك امرأةٌ أخرى تجنبًا للخلوة مع البائعين وابتعادًا عن الفتنة والافتتان، وحاولي جهدك ألاَّ تذهبي وحدك أبدًا حتى ولو اضطررت إلى تأجيل بعض احتياجاتك لوقتٍ آخر؛ فإنَّ ذلك أحفظ لك وأصون لدينك وعرضك.

وإن كان أحد محارمك كالزوج أو الأخ أو الأب أو غيرهم له معرفة بالأسواق يستطيع شراء ما تحتاجين ويكفيك همَّ الخروج فاحمدي الله على ذلك، والزمي بيتك إلاَّ في حاجة خاصة تستلزم خروجك لها.

*  *  *

3- احذري الركوب مع السائق وحدك:

سواء سائق العائلة أو غيره؛ فإنَّ ذلك من الخلوة المحرَّمة التي نَهى عنها رسول الله ﷺ‬، حيث يقول : «لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» رواه الترمذي. إلا أن يكون معك امرأة أخرى ولم يكن هناك ريبة.

*  *  *

4- احرصي على ألاَّ يظهر شيء من جسمك:

كساقيك مثلا أمام الرجال المتواجدين في السوق.

^ ^ ^


 تفقدي الحجاب

ا- تجنَّبي التبرج والسفور والخروج بملابس فاتنة:

واحذري النقاب؛ فإن كان ولا بدَّ منه فليكن ضيقا جدًا على قدر العينين فقط، وليس واسعًا يُظهر الخدود وما حول العينين، ويُفضَّل أن يكون عليه غطاء خفيف لا يُرفع إلاَّ عند حاجة النظر إلى السلعة التي تريدين رؤيتها وفحصها.

*  *  *

ب- احذري لبس العباءة التي على الكتف:

أو «الكاب» أو العباءة الفرنسية «الشملة» أو ما شابه ذلك مِما يُظهر تقاطيع الجسم ويُحدِّد المفاتن؛ فإنَّ هذا نوعٌ من التبرُّج والسفور المحرَّم، واحرصي على لبس العباءة الساترة التي تغطي كل جسمك من رأسك حتى قدميك.

*  *  *

جـ- تذكري أنَّ الكفَّ والقدم هما جزء من جسمك:

فاحرصي على سترهما جيدًا؛ فإنه إذا كنتِ مأمورة بتغطيتهما حتى وأنت في الصلاة حيث لا يراك أحد، فمن باب أولى تغطيتهما وأنت خارجة إلى الأسواق، ومجامع الرجال خاصة..

فاحرصي بارك الله فيك على ستر قدميك بجوارب (شراب)، وكذلك ستر كفَّيك بقفَّازات أو بعباءة ذات أكمامٍ طويلةٍ ساترة.

*  *  *

د- تفقَّدي حجابك وأنت تسيرين في السوق:

وهكذا وأنت تتنقلين بين المحلات أو وأنت تتفقَّدين السلع، لئلا يظهر شيء من وجهك أو عنقك أو شعرك أو ذراعيك، واحرصي على عدم فتح العباءة وإصلاحها أمام الباعة أو المارة فيظهر بعض جسمك وأنت لا تشعرين.

*  *  *

هـ- لا تتعطَّري أبدًا وأنت ذاهبة إلى أماكن فيها رجال:

سواء الأسواق أو غيرها، ولا تلبسي ملابس يكون فيها بقايا من روائح عطور أو بخور، فإنَّ ذلك حرامٌ لا يجوز .. يقول رسول الله ﷺ‬: «أيما امرأة استعطرت فمرَّت بالرجال ليجدوا ريحها فهي زانية»

رواه الدارمي والحاكم، وصحَّحه ووافقه الذهبي

& & &


 أدب الطريق

1-لا تلقي بالاً لمن يلقي إليك كلمة إعجاب أو مدح أو نكتة:

بل سارعي إلى إبلاغ الشرطة أو المسئولين (أو رجال الهيئة) بالسوق، أو ارفعي صوتك عليه منكرة عمله لئلا يتمادى إلى أكثر من ذلك.

*  *  *

2- حاولي الابتعاد عن أماكن الزحام:

والممرات الضيقة في المحل أو خارجه، واحرصي على عدم الانحناء على طاولات العرض أو الانحناء لتفقد السلع فإن ذلك يغري ضعيف نفس بالاعتداء عليك.

*  *  *

3-احرصي على  الجلوس المحتشم:

عند جلوسك في أماكن الراحة والانتظار حاولي أن تجلسي جلسة محتشمة وتفقدي نفسك لئلا يظهر شيء من جسمك كساقيك مثلاً أو أن تظهر تقاطيع جسدك من الخلف ونحو ذلك.

*  *  *

4- احذري من أن ترفعي صوتك عاليًا:

وأنت تسيرين مع زميلتك أو وأنت تتفقدين السلع معها، وليكن النقاش والاستشارة بينكما بصوت خافت لا يسمع .. وكذلك لا تسألي عن سلعة وأنت خارج المحل بصوت عال يسمع من بعيد.

*  *  *

5- بعض النساء قد تصحب معها ابنتها إلى السوق:

فتكون هي متحجِّبة ولكن ابنتها كاشفة سافرة، بل ربما ألبستها بنطلونًا يُحجِّم جسمها ويُبرز مفاتنها وهي ليست صغيرة كما تظن أمها، فاحذري أختي المسلمة حفظك الله من الوقوع بمثل هذا الأمر، واعلمي أنَّ البنت إذا كانت صحتها جيدة وطولها كذلك، فيجب أن تُحجب وتُربَّى على الحشمة والستر حتى ولو كان عمرها صغيرًا، ولا تُترك عُرضة للنظرات الجائعة والسهام المسمومة.

& & &


 أدب الشراء

ا- حدِّدي ما تريدين شراءه قبل الخروج إلى السوق:

واحرصي على شراء حوائجك التي تريدينها مرة واحدة لئلا تضطري إلى العودة إلى السوء مرة أخرى في وقت قريب.

*  *  *

ب- تذكري أن البائع الموجود في المحل رجل كسائر الرجال:

فيجب التحجُّب عنه والحذر منه مهما كانت جنسيته، ولا تكوني كضعيفات العقل والإيمان اللاتي إذا كان البائع من غير أبناء هذه البلاد تساهلن في حجابهنَّ معه وتكشَّفن له، وكأنه ليس برجل كسائر الرجال!

*  *  *

جـ- دعي الكلام لمحرمك:

إذا كان معك في السوق زوجك أو أحد محارمك فاتركي الكلام والمفاهمة مع البائعين وحده ولا تتكلمي أنت مع البائع بوجوده معك، إن لم يكن ذلك حياءً منك في مخاطبة الرجال، فليكن احترامًا أبعد عن الفتنة وأحفظ لدينك وعرضك.

*  *  *

د- عدم رفع غطاء الوجه لرؤية السلعة:

عند رغبتك في رؤية ما تريدين شراءه لا ترفعي غطاء وجهك لتنظري إليه أمام البائع ن ولكن في زاوية المحل أو حيث لا يراك أحد، وكذلك لا تقيس الحذاء أمام البائع كيلا تظهر ساقاك.

*  *  *

هـ- لا تقيسي شيئًا من الحُلي على يديك وذراعيك أمام البائع مباشرة:

ولا تجعليه هو الذي يقيس عليك ذلك، واحذري من ذلك أشدَّ الحذر.

*  *  *

د- احرصي وأنت تدفعين النقود للبائع ألاَّ يظهر شيء من ذراعيك:

أو أن يظهر شيء من الزينة المكتسبة كالذهب ونحوه، ولا تناولي البائع النقود بيدك أو تأخذيها منه بل ضعيها على طاولة الحساب ليأخذها لئلا يمس يدك فإن ذلك أدعى للحشمة والحياء.

*  *  *

هـ- احذري الإسراف والتبذير:

فلا تُكثري من شراء الملابس التي قد لا تحتاجينها إلاَّ مرَّة واحدة في السنة لكثرتها، ولكن اشتري قدر حاجتك فقط وحاجة أبنائك، فإني أخشى أن يأتي اليوم الذي لا تجدين فيه ما تسترين به جسمك، فإن النعم لها شكر، والإسراف والتبذير ليس من شكرها، والله تعالى يقول: }وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ{وكما قيل: بالشكر تدوم النعم.

*  *  *

و- احرصي على شراء الملابس الساترة لك:

وهكذا لأبنائك، وابتعدي عن الملابس القصيرة وشبه العارية، الملفتة للنظر، البعيدة عن الحشمة والحياء .. وكذلك تجنَّبي الملابس التي فيها صور أو كتابات بذيئة مستهجنة؛ فأنت امرأةٌ مسلمةٌ مأمورةٌ بلزوم الستر والحشمة في اللباس والبعد عمَّا ينافي ذلك مما هو منهيٌّ عنه شرعًا وعرفًا.

*  *  *

ز- تجنبي الخضوع بالقول وترقيق الكلام:

سواء كان هذا مع البائع وغيره : }فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا{.

*  *  *

حـ- تجنبي أيضا النقاش الزائد الذي لا صلة له بالبيع والشراء:

وتكلمي مع البائع بإيجاز وبما يكفي حاجتك فقط، ولا تطيلي المفاصلة في السعر واستجداء البائع والتودُّد إليه بكلام طويل من أجل تخفيض بضع دريهمات لا تستحق هذا التودُّد والتذلُّل.

أصُونُ عرضِي بِمالي لا أُدنِّسُه

لا بَاركَ الله بعد العرض في المال

~ ~ ~

أخيرًا أختي المسلمة:

هذه الكلمات والتنبيهات التي أشرت إليها ما كتبتها والله إلاَّ ناصحًا لك ومُشفِقًا عليك لئلا تتساهلي بشيء منها، فتعرضي نفسك لسخط الله وعقابه..

فالتزمي يا أختاه بما قرأت، واحرصي على تطبيقه والعمل به، فتخرجين إلى السوق بلا خسائر ولا ذنوب.

حفظك الله ورعاك، ومن كلِّ مكروهٍ حماك.

وصلِّ الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

& & &