منارات في طريق الدعوة
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
- منارات
في طريق الدعوة
- المقدمة
- ما أعظم الفرق بين الأضحية والتضحية
- الداعية ونقد الدعاة
- النزول للميدان
- ولكن لا تحبون الناصحين
- في الأمة خيرٌ كثير
- الفراغُ والداعية
- من فنون الدعوة ( حريص عليكم )
- نريد دورات دعوية
- الداعية ودعوة الأقارب
- تقريب العلم
- يا خطيب الجمعة
- كيف أدعو إلى الله في مدرستي ؟
- الشجاعة في الدعوة
- الداعية وعقولُ المستمعين
- تأخر الداعية تأخر للدعوة
- الدعوة والقدوات
- ترتيب الأولويات
- تطوير الأعمال الدعوية
- داعية إلا في بيته
- رتِّب وقتك أيها الداعية
- نـداء إلى مشرف لحلقات التحفيظ (30) خاطرة
- لن تسلم من الأذى
- الداعية وعلاقته مع زوجته
- ليس المهم الشهرة
- رسائل إلى مدرس يطلب الانتقال من تلك المحافظة إلى مدينة أخرى
- اجلس مع داعية
- رسالة من جماعة المسجد إلى إمام المسجد
- الداعية الذي لا يتكلم
- ما أجمل ذلك المسجد ولكن أين الإمام ؟
- متابعة الأعمال الدعوية
- أين أجد ذلك الداعية ؟
- هل يكفيك أن يثني عليك الله ؟
- لماذا ذلك الداعية ترك الدعوة؟
- الرجال يصنعون الرجال
- قصة إمام المسجد مع كتاب رياض الصالحين
- كيف تتعامل مع تائب جديد ؟
- في عالم التربية والدعوة والإصلاح نركز دائماً إلى إصلاح الأبناء
والبنات ، ونهتم بواقع الشباب والفتيات ولكن بعضنا يغفل عن دعوة الآباء والأمهات
وننسى توجيه المعلمين والمعلمات ولا نفكر بإعداد معاهد لتربية الكبار .
- أخي الداعية كيف تخاطب الشباب؟
- (30) كلمة للدعاة
- يموت الداعية وتبقى الدعوة
- التوازن يا معاشر الدعاة
- داعية يحبو على ركبتيه
- امدح البرامج الدعوية
- الدعاء للمدعو قبل دعوته
- متى نصارح العلماء والدعاة ؟
- أيها الداعية " نريد كيف "
- إذن كيف لو رجموك بالحجارة ؟
- وصايا لإمام المسجد
- أين أنت عن نوح ؟
- لماذا تركنا ذلك ؟
- لا تسب الظلام
- وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى
- إلى زوجة الداعية
- كيف تتعامل مع منتكس ؟
- الدفاع الرباني عن رجال الهيئة
- البناء عند الداعية
- دع الأعمال تتحدث
- الداعية والترتيب
- القناعة بالدعوة
- لوحة المسجد 16 فكرة دعوية
- الدعاة بين القنوات والمساجد
- المساجد ودعوة الجاليات
- الإمام .. الإمام
- الداعية والاختراق الاجتماعي
-
- أكثر من 20 همسة للعاملين في المجال الدعوي
- التأصيل للضعف
- مشروعك القادم
- الاستسلام لمبدأ القدرات
- التثبيت أو التثبيط
- إمام المسجد والهم الدعوي
- رشاقة القلم
- رجال غيروا التاريخ
- الداعية والتجديد
- الداعية وانشراح الصدر
- في العمل الإسلامي الإشادة بالآخرين
- الاستعداد في البرامج الدعوية
- التهيئة النفسية للداعية
- 27 فكرة دعوية عبر الإنترنت
- دعاة ولكن من الجن
- الداعية وتدوين التجارب
- الجمال في برامجنا الدعوية
- مجالس الدعاة
- 10 همسات إلى رجال الحسبة
- 10 همسات إلى مؤذن
- مؤتمر المواقع الإسلامية
- الداعية واتخاذ القرار
- السفر للدعاة قواعد وضوابط
- صور الافتتان بالمرأة في المجتمع الدعوي
- الشيخ وموظفه الخاص
- مواقف على طريق الدعوة
- 36 خاطرة في إلقاء الكلمات
- أحبتي ، هذه بعض الفوائد والقواعد التي رأيت أنها تناسب ذلك الداعية الذي يقوم بإلقاء الكلمات الدعوية سواءً في المساجد أو المدارس أو أي ملتقى دعوي ، وهي بحاجة للمزيد من أصحاب الخبرات .
- وفي نظري أن الداعية كلما كانت لديه هذه القواعد وغيرها كلما امتلك فنون التأثير في المستمعين له .
- * الخواطر:
- 1 - تجديد النية لله تعالى قبل البدء بالعمل .
- 2 - تذكر وأنت تمشي إلى مكان الإلقاء الأجور الواردة في فضل الدعوة إلى الله تعالى .
- 3 - لا تنس أن هناك مئات من الفاسقين والكافرين يمارسون مهمة الإلقاء ليضلون الناس عن الصراط المستقيم ، سواء كان ذلك الإلقاء في قناة أو مركز أو مؤتمر أو قاعةٍ للغناء والفسق .
- 4 - تأكد أن الشيطان سيحاول تثبيطك عن هذه الكلمة ويذكرك ببعض العقبات في هذا العمل , فأوصيك أن لا تلتفت له واستعذ بالله من الشيطان الرجيم .
- 5 - الاستئذان مسبقاً من الإمام أو المؤذن .
- 6 - لابد أن نفرق بين الإلقاء في مسجدٍ صغير وبين جامعٍ كبير، وبين الإلقاء في مدرسة وبين الكلام في جامعةٍ كبيرة .
- 7 - ما أجمل أن تستشعر وأنت تدعو إلى الله تعالى أن الله يراك ويسمع صوتك .
- 8 - كن حسن اللباس ، طيب الرائحة .
- 9 - قبل البدء تأكد من مناسبة موضع المكرفون من فمك من ناحية القرب والبعد على حسب قوة الهندسة الصوتية وجمالها وعلى حسب قوة صوتك وضعفه .
- 10 - إذا كنت ستلقي في مكرفون الإمام فراع وزن الصوت ؛ لأن الغالب أن الأئمة يزيدون مستوى حاسة المكرفون الذي لهم أكثر من مكرفون المؤذن الذي يكون هو محل الإلقاء غالباً .
- 11 - ابدأ مستعيناً بالله تعالى .
- 12 - ابدأ بكل شجاعة .
- 13 - البدء بالبسملة والحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
- 14 - ألق السلام على الحضور .
- 15 - ادع للحضور بدعوات صادقة في بداية الكلمة .
- 16 - ابدأ بأسلوب فيه تشويق لموضوعك ، مثل :
- ١- هل تعلمون بالحديث الذي بكى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
- ٢- أتيت مبشراً لكم بخمس فضائل لعملٍ يسير.. ثم تكلم عن فضل ذكر الله .
- ٣- في ذلك المكان تجتمع الأسرة ، يضحكون ، يتحدثون ، إنه منزلك ، ثم تكلم عن وسائل إصلاح البيوت ، وهكذا حاول التجديد في مقدمات كلماتك .
- 17 - تجنب الإطالة بقدر ما تستطيع ، ولا تتجاوز عشر دقائق ونحوها .
- 18 - قد يكون الأنسب الإطالة في الكلمة في بعض الأماكن والأحوال .
- 19 - قد يناسب أن تدخل الابتسامة في موضوعك بطريقة لائقة .
- 20 - احرص على إيصال صوتك من خلال اعتداله بين الرفع والخفض .
- 21 - وزع نظراتك بطريقة متناسقة لأن للعيون لغة يفهمها الآخرون .
- 22 - ليشعر الناس برحمتك من خلال حروفك .
- 23 - انتق أجمل الكلمات التي في قاموسك لإيصال رسالتك الدعوية .
- 24 - استخدم حركات اليد في المواضع المناسبة في كلمتك .
- 25 - لتكن وقفتك متميزة ، لأن لغة الجسد مؤثرة جداً في الإلقاء .
- 26 - لا تجرح مشاعر المستمعين ببعض الكلمات القاسية .
- 27 - افتح للناس باب الأمل والتفاؤل والنجاح من خلال حروفك .
- 28 - عند الحديث عن العيوب والمخالفات لا تعمم ولا تقل " كثير من الناس " بل قل " بعض الناس هداهم الله ".
- 29 - اذكر قصة في ضمن حديثك ولتكن من حياة الأنبياء أو من القصص النبوية الصحيحة أو من حياة السلف أو من القصص الواقعية .
- 30 - الأبيات ذات الحكم لها تأثير ، فاحرص على حفظ بعض الأبيات .
- 31 - عند ذكر القصص إياك والقصص المكذوبة أو المخالفة للنصوص الصريحة أو القصص التي يُسرع الناس لتكذيبها من غرابتها ، وكما قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : ما أنت محدثاً قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة .
- 32 - عند ختم الكلمة كن ذكياً في تلخيص كلمتك بطريقة جذابة ثم ادع للحضور ثم اشكرهم على إنصاتهم .
- 33 - إذا لم تكن قد سلمت على إمام المسجد في بداية كلمتك فسلم عليه بعد نهاية كلمتك .
- 34 - هنيئاً لك الأجر بتعليمك هذا ونشرك للخير وأبشر بالثواب الجليل من الله الكريم .
- 35 - قد يأتي من يسلم عليك بعد كلمتك ، فاحرص على الاحتفاء به ومعانقته بحرارة .
- 36 - قد يسألك بعضهم بعد الكلمة فأجب إن كنت تعلم وإلا فقل لا أدري أو أعطه بعض أرقام من تثق أنهم يعرفون إجابته من أهل العلم .
- معالم دعوية من حياة نوح عليه الصلاة والسلام
- الدعاة إلى أنفسهم
- قم فأنذر
- فنون التنسيق الدعوي
- الدعاة وهاجس الأرقام
منارات في طريق الدعوة
المقدمة
أحمد ربي أن وفقني للمشاركة في نصرة دينه عبر برامج دعوية يسيرة , وجدت فيها لذة وسعادة كبيرة , وأصلي وأسلم على سيد الدعاة محمد بن عبدالله الذي كانت حياته كلها لله .
أحبتي , لقد رأيتُ من خلال تجربتي القليلة في الدعوة بعض المواقف التي تحتاج إلى بيان إما تأييداَ أو تصحيحاَ وتوجيهاَ , فأخذتُ قلمي واستعنتُ بربي , فكتبت هذه المنارات , راجياَ من الله أن تكون مباركة ونافعة لمن سار في قافلة الدعاة .
ما أعظم الفرق بين الأضحية والتضحية
نظرتُ إلى عامة الناس وهم يسألون عن حكم الأضحية وحرصهم على تأديتها ، ثم نظرت إليهم وهم في أيام العيد وهم يضحون ببهيمة الأنعام ، فزدت فرحاً لإحيائهم هذه السنة الثابتة عن نبينا صلى الله عليه وسلم .
ولكن أبت خواطري إلا أن تحلق عبر أجواء التاريخ لتقع في مطار الأبطال ، وإذا بها تشم هناك رائحة دماء ، وأي دماء ؟!.
إنها ليست دماء الأضاحي ، ولا دماء الطيور، ولا دماء لحيوانات مفترسة.
إنها دماء الأبطال من الصحابة والتابعين وأتباعهم ممن سقوا بدمائهم الأرض ، فجرى ذلك الدم ليقع في صفحات التاريخ ليرسم لنا أروع مبادئ التضحية ، فما أعظم الفرق بين الأضحية والتضحية.
إنها التضحية من أجل هذا الدين وبذل الوسع لنصرة المبادئ التي أرسى قواعدها النبي المختار صلى الله عليه وسلم .
نعم , إنها التضحية لأجل الدعوة ونشر الخير للناس فأين رجال التضحية ؟
ذهب بي الخيال إلى كتب التاريخ فتصفحت بين السطور تلك السير لأولئك الصقور، فرجع إلي خيالي فسألته : ماذا وجدت ؟!.
فقال : وجدت شباباً في عمر الزهور قادوا الجيوش , ووجدت نساء شاركوا في صناعة الأجيال ، ووجدت رجالاً يولد الواحد في مدينة ولكنه يموت في قارة أخرى.
فقلت له : توقف.
فقال خيالي : لن أقف , بل سأخبرك عن ذلك الأعمى الذي يشارك في نصرة هذا الدين ؛ وذلك الأعرج الذي يأبى إلا أن يطأ بعرجته في تلك الجنان.
فقلت: يا خيالي ، يكفي ؟
قال: لا , بل سأحدثك عن بلال ذلك الرجل الأسود الذي دخل الإيمان قلبه ، فجاءته ألوان العذاب لكي يرجع عن دينه ولكنه يأبى إلا الثبات في زمن المتغيرات.
حينها توقف خيالي ونبرات الحزن قد ظهرت على أطيافه ، وأما أنا فلم أتمالك دموعي ، وحينها سمعت قائلاً يرفع صوته وينادي " ما أعظم الفرق بين الأضحية والتضحية " .
الداعية ونقد الدعاة
في مسيرتك الدعوية قد تلحظ على بعض القضايا الدعوية أو الدعاة بعض الملاحظات ، وتشاهد أو تسمع ما يدعو للنقد ، ولكنك قد تغفل عن أدب النقد , وإليك بعض آداب النقد :
1- لا تسكت عن العيب الذي تراه أو تسمعه بل بادر للنصح والبيان.
2- قد تكون تلك الملاحظة وصلت إليك عبر رسالة جوال أو كلام شفهي من ناقل ، أو قرأتها في أحد المواقع , فحينها لا بد من العمل بقاعدة التثبت , يقول الله تعالى ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ )[الحجرات:6] وفائدة هذا التثبت أنك قد تحكم على الداعية بغير الحق نتيجة للخبر الكاذب الذي وصل إليك.
وكم سمعنا من أحكام على بعض الدعاة من البعض وعند التحقيق إذا بها لم تكن من بوابة " التثبيت " فنتج الظلم والعياذ بالله.
3- لا بد أن تراعي الإنصاف في نقدك ؛ ولا يحملك وجود الخطأ على نسيان حسناته وأبواب الخير الذي فُتحت على يديه ، وكما قيل : الكامل من عُدّ خطؤه.
ورحم الله القائل : لو أصبتُ تسعاً وتسعين وأخطأتُ واحدة لأخذوا الواحدة وتركوا التسعة والتسعين.
4- لا يكن نقدك ينسيك حبك للداعية ، فالخطأ شيء والداعية شيء آخر، فالفعل أو القول مردود عليه ، وأما حبنا له فهو باق ، وهذا لا يقوى عليه إلا من درس في مدرسة الوحي ، وشرب من نهر العدل الذي قامت به السماوات والأرض , ولما نقد الإمام ابن القيم شيخ الإسلام الهروي في بعض آراءه في مدارج السالكين , قال ابن القيم : الهروي حبيبٌ إلينا والحقُ أحب إلينا منه ، فانظر إلى أدب هذا الإمام الكبير عليه رحمة الله تعالى .
5- لا تجرح بالداعية في المجالس لأجل خطئه ، ولا يكن مصيدة لعامة الناس عند سؤالهم لك عن فلان لكي تطعن فيه ، وكن ذكياً ورعاً تقياً.
6- أحسن الظن بالداعية ؛ فقد يكون الخطأ الذي وقع فيه هو عن جهل أو تأويل أو اجتهاد أو إكراه , ونحو تلك الأعذار التي تكون مقبرة لأخطاء من نحب.
7- إياك أن تفرح بخطئه وكأنك تنتظر منه ذلك لكي ترضي نفسك الأمارة بالسوء والشيطان الذي يجري فيك مجرى الدم، واعلم أن الله يعلم ما في قلبك ( إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ )[يس:76] وما في سريرتك سيظهر ولو حاولت كتمانه ( وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ )[البقرة:72].
8- ادع له في سجودك بأن يغفر الله له ذلك الخطأ ، ولعل هذا الخلق شاق إلا من كان قلبه سليم .
9- احزن على الخطأ الذي صدر منه ؛ لأنك لا تحب رؤية الخطأ عند عامة الناس فكيف بذلك الداعية ؟
10- هلاّ قمت بزيارة إلى ذلك الداعية لتعرف وجهة نظره حيال خطئه أو تسأله أو تنصحه ، وأعتقد أن ذلك مما يحبه الله ومما يغرس الحب بين الدعاة ويقوي شوكتهم .
11- دافع عنه في المجالس التي يتحدث الناس عن خطئه فيها ، وأخبرهم بالأعذار التي تكون للمصلحين ، وأسمعهم آداب النقد ووجوب حفظ اللسان عن أهل الخير , وغير ذلك من الأمور التي تراها تناسب المجلس.
12- اكتب له رسالة تنصحه فيها ولتتضمن رسالتك: حسن الكلام وجميل الأدب ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا )[البقرة:83] وبيّن الخطأ والصواب واذكر الأدلة لعلها سبب لإيضاح الحق.
النزول للميدان
تمتلئ البيوت بالقنوات التي ترسل ما تريد عبر شاشاتها ليتلقفها الناسُ رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً بما فيها من حق وباطل ، وشبهات وشهوات ، وأفكار وأطروحات وحوارات وندوات.
ولكن هؤلاء الناس لا بد أن يكون لهم وقت ليغادروا تلك الشاشات ليخالطوا المجتمع بكامل ما فيه من خير وشر ونشر للحق أو للباطل.
لهذا و ذاك وجب على كل من تقلّد وسام الدعوة وحمل لواء تبليغ الدين أن ينزل للواقع عبر:
- نزول جسدي من خلال زيارة الناس في بيوتهم ومنتدياتهم واستراحاتهم وحفلاتهم ، بل لا مانع من النزول للأسواق والمقاهي والملاعب والأندية وجلسات الأرصفة وعلى الشواطئ.
والهدف من هذه الزيارة : دعوة الناس إلى ربهم ونصيحتهم وإرشادهم بالكلمة الطيبة ، كما قال تعالى: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ )[النحل:125] وقال تعالى: ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ )[آل عمران:104].
وكما كان هديه صلى الله عليه وسلم في دعوته للناس , فقد كان يغشى مجالس الناس وأسواقهم ليبلغهم رسالة الإسلام.
والنزول للميدان يفتقر إلى:
1- إخلاص النية لله تعالى.
2- الانطلاق من مبدأ الرحمة للأمة.
3- مرافقة من له تجارب في هذا الأمر وهذا يساهم في تقليل نسبة الخطأ بين المتدربين على هذه الخطوة الدعوية.
4- الرفق والتأني والحكمة في اتخاذ الموقف المناسب للأمر المناسب.
5- ضبط ردود الأفعال حينما تُقابل بالرفض أو الإعراض ، واليقين بأن الرفض والعناد من الأخلاق التي واجهها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالحكمة.
6- اختيار أجمل الكلمات في دعوة الناس والعمل بالوصية الربانية ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا )[البقرة:83].
7- وليعلم الداعية النازل للميدان أنه بهذا يصل إلى بعض فئات من المجتمع قد لا يتسنى لهم سماع المحاضرات في المساجد أو الأشرطة النافعة ، وهذا يدعوه إلى بذل المزيد والمواصلة على هذا الطريق.
وكلما أيقن الداعية أن نزوله للميدان يضم له كثيراً من الحسنات ويُكسب الدعوة عدداً من الأعضاء المنتسبين إلى الصحوة ، وأن هذا الوقت قد يكون سبباً في هداية شاب طال بعده عن ربه ، أو رجلٌ عانى كثيراً من أوحال المخدرات.
كلما أيقن الداعية بذلك كله فإن هذا كفيل أن يُمدّه بوابل من الهمة وسيل من العزيمة وثبات على المبدأ ، وهذا كله توفيق من الرحمن وهبة من المنان .
ومضة: الشباب ينتظرونك فمتى يكون اللقاء ؟
ولكن لا تحبون الناصحين
كلنا يحفظ الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن تميم بن أوس الداري " الدين النصيحة ، قلنا: لمن يا رسول الله ؟ قال: لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم »([1]).
ولكن لعل الواحد منا يقف عند حدود سرد الحديث أو ذكر معانيه وتفصيلاته والآداب المتعلقة بالنصيحة فقط.
ويندر أن تكون " النصيحة " سمة لنا – نحن الدعاة - كما أن كثرة الكلام سمة لنا.
إن الناظر في واقع الناس ليرى الخير بحمد الله تعالى ينتشر ويسري بقوة.
ولكن يقابل هذا الخير " شر " يجري ليدمِّر عقائد الناس وأخلاقهم وسائر شئونهم ، وتأتي النصيحة لتعالج هذا الطوفان القادم ولكن أين أهلها ؟
النصيحة كلمة , ولكن هي الدين كله كما أشار إليه الحديث السابق " الدين النصيحة " فأين القائمين بها ؟!.
لقد غابت عند فئام وكرههها أقوام ولهم نصيب من قوله تعالى: ( وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ )[الأعراف:79].
لقد تعود الكثير منا عدم النصيحة فكانت النتيجة للآخر عدم القبول.
ولعل من موانع قبول النصح:
1- سوء أدب الناصح ؛ وقد يخرج ذلك عبر صوت عال ، أو لفظ لا يليق ، أو في وقت غير ملائم .
2- إعلان النصيحة والنتيجة أن تكون " فضيحة " المنصوح ، والواجب الإسرار وهو من أسرار القبول.
3- التكبر ولبس ثياب الغطرسة يمنع قبول النصح ، بل إنه سبب في أذية الناصح باللفظ أو بالفعل واتهامه بعدم الأدب أو الإرهاب ولا غرابة ، فالأيام تعيد نفسها والتاريخ حكى مثل ذلك.
4- المنصب الرفيع – لدى ذلك الداعية - ؛ لأنه نشأ في ظل منصبه على التعظيم وعدم الاعتراض ، فكيف تطيعه نفسه على قبول النصح إلا من رحم الله.
5- اعتقاد نقص الناصح قدراً أو علماً ، وهذا من جهل المنصوح ؛ لأن الحق يُقبل من كل من جاء به، فالحق جوهرة حتى لو حملها من ليس يعرف قيمتها.
والحديث ذو شجون ، ويفتقر إلى نوع جرأة ولكن لا يقوى على النصح إلا القلة ، فنحن في زمن " الغثاء " ولكن سيبقى ما ينفع الناس.
في الأمة خيرٌ كثير
لا تقل: سقطت الهمم ، وراج سوق الباطل ، وعمَّ الفساد .
لا تقل: طٌمِست معالم الحق ، وذهبت أنوار الرسالة ، لا تكن سبباً في إشاعة اليأس ، ونشر التشاؤم في أرض الأمة.
بل الأمة فيها خير كثير، ولازالت الفطرة تصيح لتعود إلى المنهج الحق ، وهاهي قوافل الدعاة تجوب البلاد عبر القارات ، وانظر في العائدين إلى الإسلام ، وتأمل في قصص التائبين والتائبات.
في الأمة أشباه عمر وخالد وطارق وابن تيمية وابن حنبل وابن باز، ولكن من يخرجهم لنا ؟
في الأمة الأبطال والقادة وأصحاب العلا والمج د، وستكشف لك الأيام.
ولك أن تفتح صفحات التاريخ لترى أن البلايا والمصائب والفتن خرج من بطونها قادةً للأمة عبقاً من التاريخ وردحاً من الزمن ، فابن تيمية يولد في أرض تحيط بها البدع ، فيجادل ويسجن ، فينتصر بالحق ؛ لأن الحق معه ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ )[الروم:47] وابن حنبل ، تنزل معه الفتنة العظمى " خلق القرآن " فيقف لها ، ويتصدى لمن سار بها .
وهكذا تنجب الأمهات في ليالي الظلام من يخرج الناس إلى بر الأمان.
فمهما تأخر النصر، وتسلط العدو، وانتشر الفساد ، فاعلم أن الله قد وعد بحفظ دينه ونصره ( كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ )[المجادلة:21].
ولكن مع هذا الوعد الرباني لابد من دراسة الواقع ، ومعرفة أسباب التأخر، وقراءة التاريخ لنضع بعدها وسائل النصر والتمكين ، ليتسنى لأبناء الجيل من التكامل في الرؤية للواقع ليكون العمل على منهج واضح.
ومضة: كُن أنت الأمل ، ولاتكن جزءاً من الألم.
الفراغُ والداعية
استغفر الله ، وهل يعرف الداعية " الفراغ " كلا.
بل إن حياة الداعية كلها صناعة للأجيال ، وتطوير للرجال ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )[الأنعام:162].
إن الوقت والداعية هما عشيقان لا ينفكان ، ولمَّا تناكحا أنتجا: هداية لشابٍ أزعجته الذنوب ، وأنتجا سعادة لفتاة آلمتها الشهوات.
الداعية الصادق يصنع في وقته من الأعمال والبرامج والتخطيط والتنظيم ما ينفع الأمة ، وينقلها إلى نور الإيمان.
وما أشرقت شمس الهداية على أرض ولا نزلت بوادي قوم إلا من إنتاج " الوقت الثمين لدى ذلك الداعية المبارك ".
فيا أيها الداعية كن شحيحاً بوقتك وخطط لإدارة أعمالك ، وكن ذكياً كما عهدناك ، فوقتك حياة لغيرك.
من فنون الدعوة ( حريص عليكم )
إنه رسول الله ، الذي يحمل الهمَّ الكبير، والحمل الثقيل ، نعم.. إنه يفكر في حال الأمة ، ويسعى لإنقاذها ، ويعمل كل ما فيه صلاحها.
وما أجمل الثناء الرباني لرسوله صلى الله عليه وسلم ( حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ )[التوبة:128] .
إنه وصفٌ دقيق لمعنى كبير، يحمل بين طياته أروع صور التضحية ، وأعلى صفات المجد والرقي.
والذي يقلب صفحات التاريخ وينظر في بطون الأوراق يجد حقيقة الحرص النبوي على الأمة ، والقصص تطول والأخبار لا تنتهي في بيان حرصه صلى الله عليه وسلم .
ولكن لي عتبٌ على بعض من سار في قافلة الدعاة ؛ لمَ لا نرى هذا الحرص عندهم في دعوة الناس وتوجيههم والتضحية من أجلهم ؟
إننا قد نجد بعض الدعاة الذين يقومون ببعض البرامج والأنشطة ، ولكنهم يفتقرون إلى هذه الصفة " حريصٌ عليكم ".
قد نسمع عن مشاركات داعية ولكننا نتفاجأ بتوقف هذه المشاركات ، فلمَ يا ترى هذا التوقف ؟ وأين الحرص ؟
وبعض المساجد تكون فيها برامج ولكن ما هي إلا أيام وإذا بالفتور ينزل بساحة القائمين لكي يتم الإعلان عن توقف هذه البرامج؟
وهذا أحد الدعاة يبدأ في إلقاء الكلمات ولكن الكسل ينزل ضيفاً عليه أياماً بل شهوراً والله المستعان.
وهذا وذاك يدخلون قافلة الدعوة ولكنهم لم يدخلوا ضمن " حريص عليكم " فإذا بهم يكسلون ويقفون ، والضحية هي " الدعوة " .
إننا نحتاج دوماً وأبداً إلى إيقاظ الهمة وتعاهدها وسقيها ليدوم العمل وتستمر القافلة في المسير.
ومضة : لتعلم أن في الحياة تحديات ولكن أين من يتحداها ؟
نريد دورات دعوية
في كافة المساجد والجوامع تنتشر الدورات العلمية والدورات المخصصة لحفظ القرآن ومراجعته.
وهذا بلا ريب من أهم المهمات ، وهو مما نفع الصحوة الإسلامية ، ولا زلنا نشهد ثمرات هذه الدورات القرآنية.
ولكن يا ترى متى نقوم بدورات دعوية وتدريبية يكون الهدف منها: إنتاج عملي دعوي وتربوي.
إننا نحتاج أن نجعل ذلك الحافظ للقرآن رجلاً مفكراً وشخصاً ذكياً ومنتجاً لأمته ولوطنه.
إننا نفتقر إلى إقامة دورة مثلاً " كيف تكون داعية " وتكون هذه الدورة " تطبيقية " وليست مجرد دروس وكلمات تلقى في المسجد.
كم أتمنى أن أرى إعلاناً لدورة كيف تطلب العلم ولكن بطريقة عملية يكون فيها إشراف على منهج عنوانه " كيف نقرأ " وأخرى بعنوان " كيف نكتب الفوائد " .
والتفاؤل لا يزال يراودني بأن هذه الأفكار ستتحول إلى واقع عملي قريباً بإذن الله تعالى.
الداعية ودعوة الأقارب
لو نظرتَ معي إلى برنامج ذلك الداعية لرأيت الهمة العالية والإعداد الجيد وجودة الأسلوب وحسن الخلق , وغير ذلك من صفات وآداب الداعية ، ولكن لعل عينك أن تدمع ، ولعل قلبك أن يحزن إذا علمت أن كل تلك الصفات لا تخرج من ذلك الداعية إلا في تعامله مع الآخرين لا الأقربين.
نعم , بكل صدق وصراحة وبعيداً عن المدح والثناء ؛ إننا نلاحظ بعض من له مشاركات في العمل الدعوي أياً كان نوعه , نراه مقصراً مع أقاربه مجتهداً مع غيرهم .
ولو رجعنا إلى المصدر الرباني والمنهج السوي لرأينا ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) [الشعراء:214].
وعندما نتأمل حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام نرى أن من الأولويات عندهم دعوة الأقربين ( إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ )[الأعراف:80] مما يؤكد لك العناية بالأقربين.
وهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يقف على الجبل ويعلنها لأقاربه " لا أغني عنكم من الله شيئاً " ([2]).
وانظر في زيارته لعمه أبي طالب عند موته وتبليغه للدعوة ، ولكن عمه مات كافراً والعياذ بالله.
وتأمل في لقائه بقريش ورؤسائهم من الأقربين وغيرهم مما يبين لك الحرص على الأقربين.
وهنا إشارات متفرقة :
- لا بد أن تكون من الأولويات دعوة الأقارب.
- الحرص على إتقان الوسيلة في دعوتهم.
- مراعاة جانب المصلحة والمفسدة في ذلك ، فقد ترى عندهم عادات متأصلة ولكنها مخالفة للشريعة ، فلا تحملك رؤيتك لهذا الخطأ من إغفال جانب المصالح والمفاسد.
- قد تشاهد منهم سخرية واستهزاء فلا تبال بذلك ؛ لأنهم في الغالب قد لا يقدرون الداعية الذي منهم ، ولكن لو جاءهم ضيف داعية لاحترموه وقدروه ، وكما قيل: أزهد الناس في العالم أهله.
- قد لا تجد نتيجة بل قد تجد الرفض الكامل لدعوتك فلا تحزن.
- احرص على ترتيب برامج في دعوتك مع أقاربك ووضع آلية مناسبة.
- ابحث عن من يعينك من الأقارب في هدفك الدعوي ليسهل لك الأمر ( وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي )[طه:29].
- لا تستعجل النتائج وكن متفائلاً وأبشر بخير.
تقريب العلم
إن من أهم المهمات وأوجب الواجبات في عصرنا هذا تسهيل العلم وتبسيطه للناس ، وصياغته بالعبارة السهلة التي يفهمها أبسط الناس.
ولعل من سمات هذا الدين اليسر كما نطق بذلك رسول الهدى صلى الله عليه وسلم : إن الدين يسر ([3]).
وحول هذا أقول :
- تبسيط العلم هو التقريب اللفظي للمسائل مع المحافظة على أصل المسألة ومراعاة الدليل الشرعي.
- نحتاج للتقريب العلمي في الخطاب مع العامة ، أما في الدروس العلمية التأصيلية التي يحضرها طلاب العلم فقط ، فلا بد من العناية بالجانب العلمي والتأصيل والاستنباط , وغير ذلك من قضايا العلم وأسسه.
- أولى من أن نخاطبه بالتسهيل العلمي هم العلماء في بيان الفتاوى للناس ؛ لأن الأفهام قد تكون قاصرة ، فلابد من مراعاة ذلك.
- نريد من خطيب الجمعة أن يولي هذا الأمر جانباً من الأهمية.
- كذلك إمام المسجد لابد أن يعتني بذلك .
- كذلك في مجال الإنترنت والكتابة فيه نفتقر إلى التوحيد الميسر والفقه الميسر والعلم الميسر الذي يدخل للعقل والقلب من أول نظرة.
- وكذلك في التأليف ، وفي الخطاب الإسلامي نفتقر إلى التسهيل والتقريب.
- ولعل مما تجدر الإشارة له " الحاجة لتدريب طلاب العلم والدعاة لكي يتقنوا فن التسهيل العلمي " .
يا خطيب الجمعة
إليك يا من تقف مبلغاً لدين الله تعالى في كل أسبوع أمام جمهور حافل من الناس ، أريد أن أرسل لك خواطر ، فأتمنى أن تقبلها:
* افرح بهذا الباب من أبواب الحسنات.
* تذكر أن الله وملائكته يُصلّون على معلم الناس الخير، والصلاة من الله هي : الثناء عليك ، ومن الملائكة الاستغفار لك.
* تذكر أنك مُبلغ للدين ، وهذا البلاغ هو وظيفة الأنبياء.
* لو أن أحد المنصّرين يقف مكانك كل أسبوع فماذا تظن أنه سيصنع ؟
* إن بعض القنوات أفسدت الأمة ، فلماذا لا تكن أنت ممن يسعى في إصلاح حال الأمة ؟
* هل بذلت وقتاً في الإعداد للخطبة ؟
* لا تتكلف في ألفاظك وعباراتك.
* تأكد أن نسبةً كبيرة من الحضور من عامة الناس في الغالب.
* لا بد من تنويع المواضيع ، فلا تكن سياسي ، أو اقتصادي ، أو تربوي ، أو وعظي .
* لا تكن ممن يأخذ جزئية يسيرة ويغفل عن كبار القضايا الشرعية.
* لا بد من العناية بالعقيدة وتوضيحها للناس بأسلوب مناسب ، والعناية بتنويع طرح العقيدة.
* لا تغفل عن الوعظ وتحريك القلوب ، فبعض القلوب قاسية وعلاجها تلك الموعظة الصادقة.
* اطرق باب القضايا الاجتماعية ؛ كالزواج والطلاق وتربية الأبناء ، والأسرة ، وصلة الرحم ، وحقوق الجار، وليكن طرحك مصحوباً بالقصص الواقعية المؤثرة.
* الناس يحبون القصص ، فأوصيك بالاعتناء بقصص الأنبياء والمرسلين والصحابة والسلف الصالح ، ففيها العبر والفوائد الكثيرة.
* ما أجمل الكلام عن فضائل الأعمال ، وسرد النصوص الصحيحة في تلك الفضائل لكي تنشط النفوس ويقوى الإيمان في القلوب.
* ما رأيك بالخطب العلمية الفقهية ؟
مثال: ملخص لأحكام الوضوء ، الصلاة ، الزكاة ، الصيام ، الحج ، العمرة ، البيوع ، الطلاق..؛ لأن بعض الناس يجهلون كثيراً من تلك المسائل ، ولا بد أن تراعي عند طرحها الوضوح والبيان وتجنب الخلاف.. وحبذا أن تنسب الفتاوى لبعض العلماء كابن باز، وابن عثيمين ، رحمهما الله تعالى وهيئة كبار العلماء.
* من المواضيع الهامة : مراعاة حال الوقت والحدث التي تمر به الأمة ، فلا بد من أن تكون حكيماً في اختيار الموضوع المناسب للوقت المناسب.
* مما يساعدك في إعداد الخطبة :
1- مدى علمك وبصيرتك في الدين.
2- استشارة جماعة المسجد أو الأصحاب عن العنوان المناسب الذي يقترحونه.
3- تكليف بعض الأحبة بالبحث عن الموضوع والسعي في إيجاد المواضيع والمقالات والإحصائيات.
4- الاستفادة من الإنترنت والبحث عن ماله صلة بالموضوع.
* إذا عزمت على أخذ إجازة أو حصل لك ظرف ، فأوصيك باختيار الوكيل المناسب الذي يكون خليفة عنك في القيام بالخطبة.
* ابتعد عن الإطالة ، فهي مخالفة للسنة ، وتصيب المستمع بالملل والضجر، والكلام الكثير ينسي بعضه بعضاً.
* ما أجمل أن يحتوي موضوعك على:
1- آيات.
2- أحاديث.
3- أقوال السلف.
4- أبياتاً جميلة.
5- قصة رائعة.
* ابتعد عن هذه العبارة: إن كثيراً من الناس وقل : إن بعضاً من الناس.
* لا تتأخر عن الحضور للخطبة ، والتزم بالوقت ، لا تتقدم ولا تتأخر.
* بعض الخطباء يطرح الموضوع ارتجالياً بلا ورقة ، ويظن أنه سيُبدع في الإلقاء ، ولكنك تتفاجأ به وإذا به يخرج عن الموضوع ، ويتلعثم في حروفه وكلماته.
فأوصيك بكتابة الخطبة بوضوح ليسهل عليك قراءتها.
* لماذا لا تضع برنامجاً لإعداد عناوين الخطب لشهرٍ كامل ، إننا وبكل صراحة نفقد التخطيط في الأمور الدعوية.
* نحن بحاجة إلى دورات تدريبية في إعداد الخطباء الذين يساهمون في الارتقاء بالأمة.
كيف أدعو إلى الله في مدرستي ؟
هذا سؤال ورد من إحدى الأخوات اللواتي يحملن همّ الدعوة إلى الله تعالى , والجواب:
1- عليك بالإخلاص وتجريد القصد لله تعالى ، فذلك سبيل التوفيق ومفتاح التوفيق.
2- كوني قدوة حسنة بين الطالبات ، فالقدوة هي الوسيلة الصامتة في التأثير في الآخرين.
3- اجتهدي في دراستك ، واحرصي على التفوق ، وليكن تفوقك طريقة خفية لإقناع الناس بالدعوة إلى الله تعالى.
4- اتخذي معك ( الابتسامة ) الصادقة التي تسحر الأرواح ، وبها تصلين إلى القلوب ، وحينها تنجحين في التأثير.
5- احرصي على اصطحاب الشريط النافع المناسب لمن تريدين دعوته.
6- ليكن معك بعض الرسائل والمطويات التي تناسب الفتيات.
7- إذا رأيت منكراً في المدرسة أو الكلية فأبلغي المشرفات والمعلمات اللواتي لهن أثر في الإصلاح والتغيير.
8- ليكن معك بعض أسماء المواقع الإسلامية ليتم الإعلان عنها في المدرسة بالطريقة المناسبة.
9- لا يخالف قولك فعلك ، بل إذا أمرت بأمرٍ فكوني أول الفاعلين له ، وإذا نهيت عن منكر فابتعدي عنه.
10- ساهمي في نشر أرقام العلماء والدعاة بين الطالبات لتضعي لهن المستشار النافع لهن في مشكلاتهن.
11- ساهمي في إنشاء حلقة تحفيظ أو درس علمي بين الطالبات في المصلى أو في أي قاعة مناسبة.
12- مما يفيدك في الدعوة بين الفتيات أن تضعي همّ الدعوة في نفوس الطالبات لكي يكن خير معين لك بعد الله تعالى.
الشجاعة في الدعوة
إنها صفة رائدة ، تعني يقظة النفس ، وقوة همتها ، وبعد النظر، وصفاء النفس ، نعم , إن الدعوة ونقل الخير للآخرين يحتاج إلى شجاعة وطموح ، ولا يبلغ المجد إلا كل جسور.
وما الجبن والكسل والخوف والتردد إلا صفات نقص وذم في أي مخلوق ، فكيف بالداعية ؟
ولقد كان من أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أعوذ بك من الجبن... والكسل .([4]).
وإنك عندما تنظر في سير الأنبياء تجد أن الشجاعة التصقت بهم ؛ فهذا نوح يواجه قومه بكل شجاعة ويصبر على تأخر استجابتهم , وإبراهيم يقف في وجهه والدُه ومع ذلك يصبر ويستمر على الصدع بالحق وعدم الخوف منهم ، ويُرمى في النار وتكون عليه برداً وسلاماً.
وهذا موسى عليه الصلاة والسلام ينطلق إلى فرعون ليبلغه رسالات ربه ، وعيسى عليه الصلاة والسلام يقف داعياً إلى ربه مع قومه بكل شجاعة وثبات , وأما إن سألت عن شجاعة رسول الأمة صلى الله عليه وسلم فهو البطل المقدام الذي تستحي منه الشجاعة نفسها ، فواجه الطغاة والظلمة وصبر صبْر الرسل.
وهاهي سيرته بين يديك فانظر في المواقف والعجائب التي كتبها قلم التاريخ بكل حياء وخجل.
وعلى درب الشجاعة سار الأوائل ؛ ليبلغوا رتبة السابقين فنالوها بكل جدارة.
فهذا ابن حنبل يجلد فيكون هو الشجاع ، وابن تيمية يرتدي الشجاعة ليموت معها وتكفن معه في سجن القلعة ، وغيرهم كثير، واسأل التاريخ ليخبرك بخبر القوم.
فيا من اختار طريق الدعوة ، كن شجاعاً ، مقداماً طموحاً، رائداً ، إماماً ، ولا تكن جباناً متردداً خائفاً ، واعلم بأن الله معك ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ )[النحل:128].
ومضة : الشجاعة لباس لا ينفع بدون عطر الحكمة.
الداعية وعقولُ المستمعين
من فنون الدعوة إلقاء الكلمات أو المحاضرات أو خطب الجمعة وكلها تصبُّ في مخاطبة الناس وفضل هذه الكلمات لا يخفى ، وهي وسيلة دعوية مؤثرة ، وأثبتت نجاحها في مجتمعات المسلمين.
ولكن مما ينبغي التذكير به لهؤلاء الدعاة : مراعاة عقول المستمعين والانتباه إلى الألفاظ ، والحرص على جودة التعبير، واختيار المناسب من الأقوال ، كما قال تعالى: ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا )[البقرة:83].
ولكن وبكل صراحة ، نسمعُ أحياناً من بعض الدعاة في كلماتهم أو محاضراتهم أو حتى في خطب الجمعة كلمات و ألفاظ لا تنبغي ، بل قد تدخل في سيِّء الكلام وهذا بلا شك عيبٌ ونقص في ذلك المتكلم ، ودليل على قلة الوعي بوزن الكلام قبل إخراجه.
إن سلامة القصد وحسن النية لا تعني أن نهمل اختيار اللفظ الحسن.
ومن هؤلاء من يتوسع في المزاح ويقع في غرائب الكلمات ، مما يجعل الناس يتعجبون منه ، أو قد يضحكون عليه ، وهو يظن أنه قد أجاد التأثير وكسب القلوب.
وتتعجب من بعضهم حينما يرتجل الكلمة أو الخطبة ، وإذا به يخرج من موضوع إلى آخر، ومن قصة إلى مسألة , إلى قاعدة ، حتى ينتهي , والمستمع لا يدري من أين بدأ وأين سينتهي.
والله إن القلب ليحزن عندما يسمع عامة الناس وهم ينتقدون ذلك الخطيب أو ذلك الداعية لسوء كلماته أو لعدم مراعاته لعقول المستمعين.
فيا أيها الداعية ، احذر من لسانك ، وانظر لجمهورك بكل احترام ، واعلم أن العقول تنصت وبعد ذلك تمدح أو تنتقد.
تأخر الداعية تأخر للدعوة
إن أجمل صفات الداعية ( المبادرة والإقدام ) وعكسهما ( التأخير والإحجام ) .
والناظر في واقع بعض الدعاة الذين سبقوا غيرهم ، وفازوا بمراتب المجد يجد أن من أجل صفاتهم المبادرة والمسارعة ، وهاتان من صفات الكمال ودلائل اليقظة لأنها في زمن الكسل والضعف؟
وفي التنزيل ( وَسَارِعُوا ) [آل عمران:133] وفي أصحاب القرية: ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) [يس:20] .
إن السعي في الدعوة يعني صدق العناية بحال المدعوين.
ولك أن تنظر في قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لتجد أن من صفاتهم في طريق الدعوة " الحرص والاجتهاد " وستجد أن المبادرة في البرامج الدعوية هو " أساس في دعوتهم ".
وأما إن نظرت في سيرة سيدنا محمد صلى الله علية وسلم فستلحظ أن الهمة العالية هي لباسه وهي شعاره , فلماذا نتأخر؟
كيف نتأخر عن الدعوة والقران ينادي ( كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ ) [الصف:14] ؟
كيف نتأخرعن الدعوة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « بلغوا عني ولو آية »([5]) ؟
كيف نتأخر عن الدعوة والناس يغرقون في الذنوب والشهوات ؟
كيف نتأخر عن الدعوة وأعداء الملة يبذلون كل شيء لأجل باطلهم ؟
أيها الداعية إن تأخرك هو تأخر للدعوة ، وإقدامك هو تقدم للدعوة ، وها هو التاريخ ينطق كل من رأينا له أثراً في دعوته فإنه مبادرة ومسابق وذو همه وصاحب همّ ، وعكسه نائم وصاحب كسل وذو جهل عجيب.
هيا إلى المبادرة ، بادر في ترتيب برامجك وساهم في إعمار سوق الدعاة ، ونافس الدعاة فأنت في دار المنافسة ( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ ) [المطففين:26].
مشاهد للمتأخرين :
- تأخر خطيب الجمعة في الإعداد للخطبة يجعل خطبته لا روح فيها.
- تأخر الداعية عن سفره لأجل الدعوة فإنه يحرم غيره من الاستفادة.
- تأخر التاجر بماله عن الإنفاق في الدعوة ، يؤخر برامج كانت ستنفع الألوف من الناس.
- تأخر الكاتب والمصمم والمبرمج في عالم الانترنت يترتب عليه تأخر العلم والدعوة عن متصفحي الانترنت.
- تأخر المدرس عن الإعداد لدرسه قد يحرم الطلاب من العلم والفائدة.
- تأخر الموظف في إعداد برنامج الدعاة وأوراقهم الرسمية سيكون سبباً في تعطيل أبواباً للخير.
- تأخر الداعية في الذهاب للمطار لأجل تلك الرحلة الدعوية قد يتسبب في ذهاب الطائرة ومن ثم يفوت البرنامج على الناس الذين ينتظرونك في ذلك البلد.
- تأخرك أيها الداعية عن المحاضرة سيجعل الناس يسأمون الانتظار وحينها لن تجدهم ، وحتى لو حضرت متأخراً فما هو ظنك بهم هل سينصتون وهم محبون لك؟
- تأخر الداعية عن مواعيد زوجته وأسرته قد يترتب عليه خلاف أسري طويل , وبعده قد تؤجل أعمالك الدعوية ، ولو أنك أعطيت كل ذي حق حقه لفزت في كل باب بسهم.
- تأخر الداعية عن العناية بلباسه وهيئته قد ينتج من جراءه إلغاء لمواعيد كانت ستنفع الدعوة.
- تأخر رفقاء الداعية وطلابه عن إعداد البرامج الدعوية لشيخهم ، لأشك أنه سيحدث تأجيل لعدة مواعيد لها أثر في طريق الدعوة.
- وتلك الفتاه التي تتأخر عن مناصحة صديقتها قد يكون ذلك سبباً لزيادة بعدها عن الله تعالى.
- وتلك المديرة التي تؤجل البرامج الدعوية والمحاضرات التي تنفع الطالبات لن تجني إلا الحرمان لهنّ من نور الدعوة.
- وذلك المدير الذي يؤخر النظر في المعاملات التي تهم الدعوة سيترتب عليه تأخراً في الدعوة بلا ريب.
- والنماذج كثيرة ، والصور تتكرر دائماً واللبيب من كان حياً ليَحيىَ به أقوام موتى .
- فيا داعية الإسلام اقطع ثياب الكسل وارم بها في فضاء الحرمان ثم البس رداء الهمة لتصعد إلى الجنان.
الدعوة والقدوات
يتحدث رجال الدعوة عن صفات الداعية ، وتتطلع النفوس إلى وسائل حية تبث الحياة في روح الأمة ، ولن أجد في نظري كالقدوات.
إن حاجة الأمة إلى القدوات تفوق حاجتها إلى المصانع والتقنيات والطائرات وما ذاك إلا لأن القدوة يصنع الحياة من حوله.
ولعلك تفتح صفحات التاريخ لترى كيف صنع الرجال الحياة من حولهم وكيف كانت حياتهم حياة للأمة.
إن من فطرة الناس أن يتأثروا بمن يرون أمامهم , لذا كانت القدوة وسيلة لابد منها.
ويزيد الأمر أهمية إذا كان الواقع بدأ في وضع أناس ليسوا بقدوات " قدوات " فهذا مطرب وهذا لاعب وهذه راقصة وهذا في سباق السيارات.
نماذج:
إننا نفتقر إلى القدوة في حسن الخلق المتميز في أدبه وسمته وكم يصنع هذا من أناس بهذا الخلق.
ونحتاج إلى القدوة في طلب العلم وبذل الهمة في تحصيله وسيكون لهذا دور بارز في إحياء طلب العلم في نفوس الأمة بعد أن رضعت الجهل مع الكسل.
وما أحلى ذلك الداعية القدوة في صبره وتحمله وتضحيته في زمن غياب التضحيات وظهور الاستعجال لدى فئة ليست بالقليلة من الدعاة.
ونتطلع إلى تاجر يشتري الآخرة بماله حينما ينفق في وجوه الخير ليكون قدوة حسنة لأصحاب الأموال الذين بخلوا عن أبواب الصدقات.
ونحتاج إلى امرأة تحمل رسالة الدعوة إلى الله تعالى في مجتمع النساء حيث ندرة هذا النوع.
ولا زلنا نريد فتاة تتميز بحجابها وحياءها لتظهر للعالم بأسره أن جمال الفتاة في دينها ليس في التحرر من الحجاب.
وكم نحن ننتظر القدوات الذين إذا رأيناهم أو سمعنا بخبرهم زاد إيماننا وقوي يقيننا كما قال صلى الله علية وسلم: أولياء الله الذين إذا رؤوا ذكر الله ([6]).
ونحتاج إلى مسئول يحمل بين كتفيه دلائل القدوة فهو الرئيس والمدير والقائد ومع ذلك هو قدوة في صلاته وأدبه وسلوكه ولم يكن منصبة حائلا عن أن يكون قدوة.
والحديث عن القدوات يطول والخواطر حول هذا العنوان لا يحيط بها القلم والحر تكفيه الإشارة.
ترتيب الأولويات
يعجبني نشاط ذلك ذلك الداعية وعلو همته في الدعوة إلى الله تعالى ، ولقد فرحتُ كثيراً بتلك الجهود التي قام بها ، وأرجو أن يستمر نشاطه كذلك بإذن الله تعالى.
ولكنني لما تأملتُ " الأولويات " وجدتها مفقودة عنده فهو " ارتجالي " في البرامج والأعمال ، سريع الإعداد لأي برنامج ، ولا يعرف التروي ولا التأني ولا التخطيط.
ولا شك ولا ريب أن هذا الاتجاه مخالف للأصول والمبادئ التي وضعها لنا سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم ، ولك أن تتأمل معي في حديث معاذ رضي الله عنه لما أرسله إلى اليمن ليبلغ الدين فقال له: إنك تأتي قوماً أهل كتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله - وفي رواية : إلى أن يوحدوا الله - فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم »([7]).
إن هذا الحديث يرسم لنا قضية القضايا ، وعمدة الوصايا إنها قضية " الأولويات والمهمات " .
إن كل الأمور ليست هامة ، بل إن فيها مهم ، وأهم ، والفقه في إدراك هذه الأمور من " النعم الإلهية " .
إن الأعمال تتفاوت في مراتبها ودرجاتها ، ولابد أن تدرس هذا التفاوت قبل الإقدام على تنفيذ العمل.
مثال : تجد بعض الدعاة في المساجد يهتم بالقراءة على جماعة المساجد من كتاب " رياض الصالحين " ولا يعتني بتوضيح " العقيدة ونواقض الإسلام " .
وآخر يعتني في دعوة الجاليات ببعض المسائل ، مع أن هناك مسائل أخرى أهم منها وأوجب .
وآخر في مجال المواقع الإسلامية لا يهتم إلا بالشكل والتصميم ، ويغفل عن " المواد والمحتوى " التي في باطن ذلك الموقع .
وآخر: في دعوته للشباب ، يركز على حفظ القران وإتقان التجويد ، ويغفل عن تربية الشباب وتوجيههم في كيفية مواجهة الفتن والمشاكل.
وآخر يحرص على دعوة الناس ويسعى جاهداً لنفعهم ، ولكنه مهمل لحقوق أهله وأبناءه ، فأين العناية بالأولويات ؟
وآخر ينفق على الناس والأيتام والمحتاجين ولكنه يهمل والديه وزوجته وأبناءه، وليس عنده " فقه الأولويات " .
وآخر قد يعتني ببعض الشباب ويخرج معهم ويدعوهم ولكنه يغفل عن أهل بيته فلا يدعوهم ولا يجد وقتاً للجلوس معهم ، وحال أهله منه في ضيق شديد وعتاب مستمر بسبب غيابه المستمر عن البيت.
وقد رأيتُ من بعض الدعاة من تكون عنده الهمة العالية في الدعوة والتضحية لأجل هذا الدين ، ولكنه أهمل " طلب العلم " فلا يقرأ ولا يسمع ولا يحضر مجالس العلم بحجة الارتباط ببرامج دعوية ، وهذا خطأ بلا شك ، لأن العلم هو أصل الدعوة وأساسها وعمدتها ، ودعوة لا تقوم على العلم لا تنجح.
وربنا يقول: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) [محمد:19]، وقد فقه البخاري هذا الأمر فأورد هذه الآية تحت باب " العلم قبل القول والعمل ".
ولا يفهم من تذكيرنا بالعلم لذلك الداعية أن يترك الدعوة وينصرف بكليته للعلم ، إنما المقصود العناية بمهمات المسائل وأصول العلم مع جعل وقت لنفع الناس ودعوتهم.
والأمثلة التي تتكرر في واقعنا المعاصر لا تعد ولا تحصى ، وإنما أردت الإشارة ، وبقية القضايا تدرك بإذن الله حينما نكون ممن أتقن " فقه الأولويات ".
ولابد أن أشير إشارة وهي : ضرورة تعليم الناس كيف يفكرون ويخططون ويدرسون الأعمال قبل تنفيذها.
تطوير الأعمال الدعوية
هذه إشارة للعاملين في نصرة هذا الدين , إن الدعوة تحتاج إلى تجديد وتطوير , وأعني تطوير الوسائل , وأما الدعوة فهي على منهج الكتاب والسنة , لا تتغير ولا تتطور.
إننا في زمن الانفتاح العالمي والتقني ، والكل يعمل ، فلابد أن نجدد ونطور ولا نكتفي بأقل الأمور , وكل كمال يحتاج إلى تكميل.
وهنا إشارة أخرى لكل من يملك قلم التجديد ، وسهام التطوير، وله يدٌ في الإبداع , لابد لهؤلاء أن يُلقوا ما عندهم في بحار التقنية ، لكي تجري بها رياح التغيير إلى شواطئ الإنتاج.
حينها نرى أبنية عالية وأبراج سامية لهذا الدين , و كـل إنتاج فله نتاج.
داعية إلا في بيته
إنه صنف من أولئك الدعاة ، تجده حريصاُ على نفع الناس وتعليمهم ، وقضاء حوائجهم والإجابة على أسئلتهم.
ولكنك لو دخلت معه إلى بيته لرأيت الغفلة عن مناصحة الزوجة والوالدين ، بل قد ترى بعض المنكرات التي يقدر على تغييرها ولم يغيرها ، بل قد يوجد في لباس زوجته بعض المخالفات الشرعية وقد يفقد أهله " الدعوة والبيان ".
فعجباً لمن يسعى لنفع الناس ويترك أهله في غفلتهم وشهواتهم ومصائبهم , وأنت عندما تتأمل القرآن تجد التأكيد على البدء بالأهل والقريب ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) [طه:132]، ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) [الشعراء:214] وذكر الله عن نبيه إدريس ( وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ ) [مريم:55].
فيا من سلك منهج الدعوة كن داعياً أولاً في بيتك لأنه المنطلق الأول لك ، وكن حكيماً في ذلك ، لأنك قد تجد بعض المضايقات من الوالدين أو غيرهم , وفي التنزيل: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) [النحل:125].
رتِّب وقتك أيها الداعية
من خلال تجارب عديدة في طريق الدعوة رأيتُ أن من خير ما يتصف به الداعية هو " تنظيم وترتيب الوقت " وإن كانت هذه الصفة متأكدة في حق كل مسلم ، ولكنها عند الداعية آكد وأهم.
إن عملك أخي وأختي الداعية عملٌ جليل وفضله يطول البيان بوصفه ، والأعمال التي تقوم على أكتاف الدعاة لا تحصى وتزداد يوماً بعد يوم وخاصة عند اشتداد الفتن وكثرتها.
وحينها أرى لزاماً على كل من دخل في عالم الدعوة أن يعتني عناية فائقة بترتيب وقته ترتيباً دقيقاً جداً ، وهذه همسات متنوعة:
ـ رتب وقتك في الأعمال الصالحة الفردية الخاصة مثل: قراءة القران ، صلاة الضحى ، صلاة الليل ، الصدقات الخفية.
ـ اجعل لك وقت في طلب العلم وقراءة الكتب وزيارة العلماء وكل ما يتعلق بالعلم.
ـ لابد أن تجعل من وقتك ساعات لأهلك ولوالديك وزوجتك وأبناءك لتخدمهم ، وتعلمهم وتساهم في دعوتهم.
ـ ليكن من وقتك تلك الساعات التي هي مصدر لرزقك سواءً " وظيفة ، أو دراسة ، أو تجارة أو غير ذلك ".
ـ هناك وقت للترفيه والمباح والمزاح والمداعبة لكي تزيل من نفسك عناء الجد ورتابة العمل المستمر .
والهمسات والإشارات تطول ، ولكني أحببتُ الإشارة فقط.
ومضة : يا من ولجت في قافلة الدعوة ، الله الله في تنظيم وقتك وترتيب أعمالك وكتابة جدول أعمالك لكي يكثر خيرك ، وتنتشر دعوتك ، وينتفع الناس بك ، والتجربة خير برهان ، وأبشر فأنت على طريق الجنان.
نـداء إلى مشرف لحلقات التحفيظ (30) خاطرة
1ـ أبشرك أولاً بهذا العمل الجليل الذي بدأت به ، ولا زلت تكافح من أجله.
2ـ ما أجمل تجديد النية بين وقت وآخر، فإن الإخلاص عزيز.
3ـ اعلم أنك قدوة والطلاب ينظرون إلى فعلك أكثر من قولك.
4ـ لا تتردد في استشارة أهل الخبرة من الدعاة والعلماء فيما يرد عليك من شكاوى وهموم في طريق المراكز.
5ـ لتكن صاحب أهداف ، وذا غايات نبيلة ، واحذر من الغفلة عن توضيح الأهداف ورسم الخطط التي تديرها.
6ـ اقرأ الجديد من الأفكار والأطروحات المتعلقة بإدارة الأعمال.
7ـ طالع وانظر في الانترنت لترى ما ينزل في المواقع من كتب ومذكرات تتعلق بطموحاتك الإدارية .
8ـ ليكن من أهدافك: الإعداد التربوي والإيماني للطالب وليس مجرد إخراجه طالباً متميزاً.
9ـ كن معتدلاً ومتوازناً في كلماتك ومواقفك ، فلا ينقل الطالب عنك غلواً في مبدأ معين ، أو تساهلا في شيء آخر.
10ـ كن حكيماً في مراقبة الطلاب ورؤية الجاد من الكسلان، والتمييز بين الطيب والذي في قلبه مرض.
11ـ قد تكون غير ناجح في إدارة البرامج ، فلا حرج أن يستلمها غيرك ، لأن العبرة بتحقيق المصالح وتربية الشباب.
12ـ لماذا لا تحرص على الالتحاق بالدورات التدريبية في " كسب الناس ـ الإبداع ـ فن الإدارة " لعلها أن تساهم بالارتقاء في مستواك الإداري.
13ـ قد ترى بعض النفور من بعض الطلاب نتيجة لبعض المشكلات ، فأوصيك باتخاذ القرار الناجح في التعامل مع القضية وأن تكون متوازناً بين العاطفة والعقل.
14ـ لا بد أن تقوي صلتك بالله فهذا هو طريق النجاح والسعادة.
15ـ كن رفيقاً فالرفق باب خير " ما كان الرفق في شيء ألا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه " ([8]).
16ـ لماذا لا تجعل هؤلاء الطلاب قادة في الخير، وأبطالاً في نصرة هذا الدين والدعوة إليه ، وذلك بإعـدادهم وصناعتهم صناعة تربوية وإيمانية وعلمية ، والـرجال يصنعون الرجال.
17ـ لا تغفل عن حقوق والديك وزوجتك وأسرتك ، وحققَّ مبدأ التوازن وكما في الوصية النبوية ( فأعط كل ذي حق حقه )([9]).
18ـ اعلم أن من أعظم ما ينتفع به الطلاب هو أدبك وحسن خلقك، فلا يرون منك خلقاً ذميماً فهم يعتقدون أنك قدوة فكن عند حسن الظن.
19ـ إذا رأيت الطالب فيه نبوغ وإبداع فكن مشجعاً له ، محمساً لما فيه من إرادة الإبداع ، ولا تكن ممن يقتل الهمم ، ويهدم علو الهمة.
20ـ إن هؤلاء الطلاب أمانة بين يديك ، فاستشعر ذلك ، وكن ممن يؤدي الأمانة على وجهها.
21ـ لا بد أن تسعى لكسب أولياء الأمور، وذلك عبر سمعتك الطيبة والزيارة المناسبة والهدية الصادقة.
22ـ الثناء على الطالب الجاد والمتميز، لأن الثناء وسيلة للارتقاء بالطالب ، وقديماً قيل : امدح على قليل الصواب وسيكثر من الممدوح الصواب.
23ـ قد تجد طالباً شارد الذهن ، كثير التفكير، فأوصيك أن تجلس معه وتحاول كسب ثقته ليخبرك بقضيته ومشكلته ، قبل أن تكبر المشكلة وقد لا يوجد من يحلها له.
24ـ قد تجد طالب يمر بظروف مادية صعبة ، فلا تتركه وحيداً ، بل سارع إلى تفريج كربته وتخفيف مصيبته ( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه )([10]).
25ـ قد تكون محتاجاً إلى من يساعدك في إدارة برامجك ، فلا بأس من طلب المساعدة ، ولا تتفرد لوحدك فيكون الحمل عليك ثقيل، وتكون النتائج غير جيدة ، واعلم بأن موسى عليه السلام سأل الله فقال: ( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي ) [طه:29-30].
26ـ قد ينقل لك بعض الطلاب بعض الإشاعات عن طلاب آخرين ، فأوصيك بالتثبت حتى لا تتخذ قراراً تندم عليه مستقبلاً: ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) [الحجرات:6].
27ـ ما أجمل أن ترفع يديك وتدعو ربك بأن يبارك في جهودك في ذلك المركز وأن ينفع بها.
28ـ إذا جـاءك الطالب يستـشيرك ولم يكـن لـديك جـواب ، فأرسله إِلى غيـرك مـن الدعاة الثقات لعلهم يقفوا معه ويجيبوا عن مشكلته.
29ـ لماذا لا يكون من برامجك " حفظ المتون العلمية " وذلك للطلاب الذين حفظوا القرآن؟
30ـ اعلم أن الهداية ليست بيدك ، فأنت تُعلَّم وتنصح ، ولكن القلوب بيد الله ، فلا تحزن إذا لم تجد إقبالاً من الطالب أو من بعضهم، فهذا نوح عليه السلام يستمر في دعوته " 950 " سنة ، ومع ذلك يخبرنا الله عن عدد المستجيبين له ، فقال تعالى: ( وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ) [هود:40].
لن تسلم من الأذى
أيها الصادق في الاستقامة ، أنت تسير في هذه الحياة , وسوف تمر عليك رياح الفتنة وتتجول بجانبك صنوفاً من البلاء فكن على يقين من " سنة الابتلاء " .
ورب العالمين يقرر تلك القضية ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) [محمد:31] وأنت عندما تقرأ التاريخ وتطالع أخبار من مضى من سادة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ومن بعدهم من الصحابة وأتباعهم تجد أن الجميع مروا على " جسر المشقة والابتلاء " فمن الذي سلم من عاصفة الفتنة ، ونجا من أمواج الهموم ؟ فهل تريد أن تسلم أنت؟
قال بعضهم : قال زكريا : يا رب أسألك أن لا يذكرني أحد إلا بخير ؟ فقال الله تعالى : ما فعلت ذلك بنفسي .
وقال ورقة بن نوفل لرسولنا صلى الله عليه وسلم في بداية الوحي : لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي . رواه البخاري .
فرسالتي إليك ، انظر في التاريخ لترى بين صفحاته صوراً من الأذى الذي تعرض له الأخيار، ثم بعد ذلك البس ثياباً من الإقتداء واشرب كأس من الصبر وابتسم في وجه أعدائك ، وأحسن إلى من ظلمك وستجد بعد ذلك طعماً للنوم ، وسعادة في القلب.
الداعية وعلاقته مع زوجته
تعجبت من حال ذلك الداعية ، الذي تراه في كل باب خير يسابق إلى نفع الناس وخدمتهم وتعليمهم ، ولكنه وللأسف عنده تقصير كبير في علاقته بزوجته.
وهذه بعض الخواطر:
• لا يتحدث معها بألفاظ الحب والمودة.
• كل حديثه معها عن الدعوة والقصص عن الموت والتوبة والسحر والعين.
• لا يجلس معها إلا القليل.
• لا يحرص على كسب قلبها لتكون عوناً له على طريق الدعوة.
• لا يقدر المواعيد معها ، بل يؤجلها لأن عنده برامج دعوية.
• يقضي كثيراً من وقته مع الناس ، وإذا دخل البيت فمشغول بالجوال والانترنت والبحث في الكتب وإعداد الدروس أو خطبة الجمعة .
• إذا خرج معهم للنزهة يبقى معهم كأنه في سجن ، فالذهن مشغول , والجوال لا يسكت.
• يقصر في أعمال المنزل فيؤخرها إلى وقت ثم إلى أوقات أخرى ، وقد تعطل بعض أمور المنزل ، فلا يصلحها لأنه مشغول بالدعوة كما يقول.
• قد يكون صاحب أسفار متكررة ولا يبالي بما يريد أهله من أمور.
• قد تمرض زوجته وتحتاج إلى مساعدة فلا يستطيع لأن عنده برامج دعوية كثيرة.
• وقد يكون معها في المنزل ولكن الذهن مشغول بالناس ، ولهذا لا يفرح أهله به في المنزل ، لأنه موجود بالبدن غائب بالقلب.
• قد يفتح بيته للناس ، وللضيوف لأجل دعوتهم ، ولا يبالي بالوقت عند أسرته ، ولا بالحالة الصحية لديهم.
• قد يمنع أهله من النزهة والخروج من المنزل لأنه لا يستطيع إطالة الجلوس معهم لتزاحم أعماله.
وختاماً ، لا يعني من سرد هذه الخواطر والإشارات أنها توجد عند الجميع بل هي قليلة إن شاء الله.
ولكن لابد من المصارحة والمناصحة لأجل تصحيح المسار وحتى تبقى أسرة الداعية هي الأسرة الناجحة والسعيدة في هذه الحياة .
ومضة : كيف نصنع السعادة والهداية للآخرين ، ونحرم أسرتنا منها ؟.
ليس المهم الشهرة
في أثناء مسيرتك الدعوية قد تجد المعجبين بك وقد ترى الازدحام حولك أو عند محاضرتك أو على موقعك في الانترنت ، أو على كتاباتك أو مقاطعك أو غير ذلك.
وقد تسمع عبارات الثناء على جهودك الدعوية أو على علمك وأسلوبك أو أفكارك وغير ذلك.
وهذا الثناء لي عليه إشارات:
1- الفرح بالعمل الصالح من تمام نعمة الله عليك قال تعالى: ( فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) [يونس:58] وفي الحديث الصحيح ( من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن )([11] ) ، أي من فرِح بتوفيق الله له للقيام بالحسنة فهذا دليل الإيمان ، ومن أصابه الحزن على ذنبه الذي صدر منه فهو المؤمن لأنه يتألم بوقوعه في الذنب.
وفي الحديث الآخر ( يا رسول الله أرأيت الرجل يعمل العمل ويمدحه الناس ، فقال : تلك عاجل بشرى المؤمن )([12])، أي: أن المدح جاءه ولم يسع هو إليه.
وهذا الفرح محمود ومرغوب وهو نتيجة من نتائج الإقبال على الله تعالى وثمرة من ثمار الحسنات.
2- اعلم أن إقبال الناس عليك دليل على محبتهم لك وهذا دليل بإذن الله على قبولك عند الله تعالى ، كما في الحديث: ( إذا أحب الله عبداً نادى جبريل إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل )([13])، وقال بعض السلف: من أقبل بقلبه على الله أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه.
3- أعلم أن السلف كانوا يخافون من الشهرة ويبتعدون عنها، فقد قيل للإمام أحمد في زمن الفتنة : إن الناس يدعون لك ، فقال: أخشى أن يكون هذا استدراج , وكان بعض السلف إذا اجتمع عنده فوق العشرة ترك المجلس وقام.
وقال بعضهم : إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب ، أي مدخل للغرور أو للرياء أو لنحو ذلك من المداخل , وكان الإمام أحمد يكره أن يمشي خلفه أحد من الناس.
4- أوصيك بأن تحاسب نفسك وأن لا تغتر بمدح الناس لك وشهرتك عندهم ، فالناس لا يعلمون بسريرتك وحالك الخفي مع الله , وقد أوصى بعضهم فقال: إذا جلستَ واعظاً للناس فاعلم أنهم يراقبون ظاهرك ، والله يراقب باطنك.
وقال آخر: لا تكن ولياً لله في العلانية عدو له في السر.
5- أكثر من حمد الله وشكره الذي وهبك هذه النعمة " نعمة محبة الناس لك " واعلم أن هذه النعمة فضل من الله تحتاج إلى شكر وخضوع وتذلل لله تبارك وتعالى.
6- لا تعتقد أنك بشهرتك وانتشار اسمك خير وأحب إلى الله ممن لم يعرف ولم يشتهر فقد يكون هناك رجل أعمى مشلول فقير هو أحسن منك حالاً عند الله ، وما يدريك من هو التقي؟ ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ) [آل عمران:115].
7- أعلم أن هذه الشهرة ابتلاء لك ، أتشكر ربك وتحمده وتواصل القرب منه والخضوع له أم تجحده وتستكبر , وانظر إلى نبي الله سليمان لما قال: ( هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ) [النمل:40].
8- إذا جاءك الشيطان وقال لك ابتعد عن ميدان العلم أو الدعوة لأنها هي سبب لشهرتك والشهرة فتنة فإياك أن تستجيب لداعي الشيطان وتترك طريق العلم أو الدعوة ، بل واصل المسير وتوكل على العزيز الرحيم واسأل ربك المزيد وسوف يحميك من كيد الشيطان ونزعاته.
9- إذا كنتَ مشهوراً في بلد أو عند مجموعة من الناس فقد تذهب إلى بلد لا يعرفك أهله ولم يسمعوا بك أصلاً فقد تضيق نفسك عندما تفقد تلك الشهرة وتلك الفخامة التي تعودت عليها وهذا من أعظم آفات الشهرة نسأل الله السلامة.
10- ما أجمل أن تكون مع شهرتك إنساناً متواضعاً بسيطاً سهلاً يسيراً في حياتك مع الناس , وانظر لحال سيد الأنبياء الذي هو أعظم شهرة ومع ذلك فهو سيد المتواضعين, وعلى هذا سار الصحابة والتابعون والسلف الصالح رضوان الله عليهم ، واعلم أن تواضعك الصادق يزيد من حب الناس لك وتقديرهم واحترامهم.
11- إذا تغيرت نظرة الناس لك وجهلوا عليك أو انتقصوك فلا تقل هؤلاء لا يعرفون من أنا ولو عرفوني لما صدر منهم هذا الخطأ ، عليك بالحذر من ذلك وإن لم يصدر منك لفظاً فقد ترد على خواطرك بعض تلك المواقف وأنت لست بمعصوم.
وختاماً أوصيك بأن تخضع لربك وتلبس ثياب الذل وتسير في طريق الفقراء حتى تصل إلى الغني الحميد.
رسائل إلى مدرس يطلب الانتقال من تلك المحافظة إلى مدينة أخرى
ـ ألا تعلم بأنك تمارس أشرف عمل وأزكاه ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ) [فصلت:33] أي لا أحد أحسن منه.
2ـ هل تعلم بأن لك أجر كل من تعلم منك واستفاد من علمك ؟ فكم لك من الحسنات.
3ـ لماذا لا تجاهد نفسك وتصبر على بعدك عن أهلك ووالديك، ألم تعلم بأجر الصبر؟ ( وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) [آل عمران:146]، ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) [الأنفال:46] ( وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) [النحل:126] إن الصبر ليس مجرد أن تصبر على المرض أو على موت والديك ، إن من أعظم الصبر أن تصبر على الدعوة إلى الله وتصابر من أجل ذلك.
4ـ حاول أن تتأقلم نفسياً ومعنوياً في هذه القرية أو المحافظة أو المدينة ، وهذا الأمر يحتاج إلى نوع من الصبر.
5ـ لابد أن تكون لك صحبة جادة وصادقة في هذه المدرسة أو هذه القرية حتى ترتاح نفسياً وتبدأ في الحياة الطبيعية معهم.
6ـ إذا لم تجد صحبة فلماذا لا تكون أنت الذي يقبل عليه الناس ويلتفون حوله ، وذلك بحسن خلقك وجمال أسلوبك وطيب معشرك؟.
7ـ لماذا لا تفكر في جهود المنصرين والأعداء في سفرهم إلى أدغال أفريقيا ، وغابات إندونيسيا لأجل تنصير المسلمين وبناء الكنائس ؟ لعلك سمعت بقصص بعض المنصرين ولكن سأهديك قصصاً أخرى ، فتأمل معي:
أ- عجوز في أفريقيا عمرها 65 سنة ، قادمة من إيرلندا ومكثت في أفريقيا 15 سنة ولا يوجد عندها كهرباء ولا جوال وتذهب إلى إيرلندا كل سنتين مرة واحدة.
ب ـ مدربة نصرانية أقامت دورة في قرية أفريقيا ، وعنوان الدورة " كيف تكسبين الناس " والطالبات هنّ متدربات على التنصير ، فعجباً لعلو الهمة عندهم وياحسرتاه على بعض الكسالى من أمتنا.
8ـ لماذا لم تفكر في أحوال بعض الشباب الذين يحملون هم الإسلام فجلسوا في تلك القرى والمدن ، وأنشأوا برامج دعوية ، وفتحوا حلقات للتحفيظ ؟
9ـ تأكد أن كل صديق يزهدك في الدعوة ونصرة الدين ، إنما هو مخذل وليس من وراءه فائدة.
10ـ لقد رحل الصحابة إلى أصقاع الدنيا لينشروا الإسلام ويبلغوا هذا الدين ، وأنت لا تصبر , عجباً لك.
11ـ إن في دولة الصين " قبور لأربعين " من الصحابة ، دفنوا هناك ، لأنهم قدموا لأجل الدعوة , كما أخبرني أحد الدعاة الذين ذهبوا إلى هناك .
12ـ لعلك تقول: أنا لم أتعود و لا أصبر، فأقول لك : ولماذا لا تتعود ، ولماذا لا تصبر؟ لو قلنا لك : سنزيد الراتب لصبرت ، لأجل المال ، وأما أن تصبر لأجل الله ولأجل الدين فلا أظنك ستصبر.
13ـ قد تكون زوجتك لا ترغب في تلك القرية أو المدينة، فحاول إقناعها ، وادع الله أن يشرح صدرها لذلك ، ولاتكن ممن يترك الدعوة لأجل عدم رغبة زوجته.
14ـ تأكد تماماً أن الدين لن يقوم إلا على التضحيات ، فإن لم تبذل شيئاً من وقتك ، وصبرك وجهدك ، فلن تكون من أنصار الله الذين قال الله عنهم: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ ) [الصف:14].
15ـ صدقني إن لم تصبر وتكافح وتنتج لهذا الدين ، فلا فرق بينك وبين كثير من الذين يدعون المحبة للدين ، ولكن أعمالهم لا تدل على ذلك.
16ـ قد تتعذر ببعض الظروف (سيارة ـ والدة ـ زوجة ) فأقول لك: والله ثم والله لو صدقت مع الله وأصلحت نيتك ، فسيجعل الله لك من كل هم فرجاً ، وهذا الأمر جربناه ، فوجدنا من الله ما لا يخطر على بالبال ، ولله الحمد.
17ـ لا تفهم من جرأتي عليك ونصيحتي أنني لا أفكر في الظروف التي تمر بها أو أنني أطلب منك المستحيل ، لا والله، ولكني اعتقد وبلا ريب أنك إن كنت ممن يريد نصرة هذا الدين فلابد أن تكون من الصابرين على الاغتراب والابتعاد عن أجواء المدن والترفيه.
18ـ لا تفهم أني أطالبك بالبقاء سنوات عديدة في تلك القرية أو المدينة ، ولكن يكفينا أن تبقى على الأقل خمس سنوات لكي تنتج للأمة رجال ونساء يبقون بعدك لتعليم الناس في تلك القرية.
19ـ يا ترى هل حاسبت نفسك ؟ لو جاءني الموت وأنا محتسب للتعليم في هذا القرية ، هل ستكون وفاتي كما لو كنت في مدرسة بجانب بيتي في المدينة التي نشأت فيها ؟
20ـ قد تقول : قد تقول وهل خدمة الدين تقتصر على تلك القرية فأنا ولله الحمد سأخدم الدين في مدينتي وبجانب بيتي وزوجتي ، فأقول لك: وهل حاجة المدينة لك ، كحاجة تلك القرية أو المدينة التي تعمل فيها الآن ؟ وهل جهل الناس هناك كجهلهم هنا؟
21ـ عجباً لك ، لماذا لا تكون قدوة في الصبر على تعليم الجهال والأعراب الذين قد لا يعرفون حتى سورة الفاتحة ؟
23ـ هل فكرت في الأجر المترتب على بقاءك عندهم في هذه القرية أو المدينة ؟ فكم لك من الحسنات ، وكم من جاهل تعلم منك وكم من طالب انتفع بك ، وكم من آية عرفها الناس منك وكم من كلمة غيرت الكثير من الناس ، فيا أخي لا تحرم نفسك هذه الكنوز من الحسنات.
اجلس مع داعية
رأيتُ من خلال تجارب كثيرة في طريق الدعوة أن من أنفع الأعمال التي ترتقي بأمور الدعوة إلى الأفضل أن يجلس الدعاة سوياً للمدارسة والمناقشة ومطارحة الآراء ، وتلقيح الأفكار والعقول ، ودراسة التجارب والتشاور في الأولويات ، وبحث القضايا ، وغير ذلك مما يدور في جلسات الدعاة.
إن الداعية الذي يحرص على الالتقاء بالدعاة والمناقشة معهم , في نظري أعلم وأحكم وأنفع ممن لم يحرص على ذلك.
إن الانفراد الدعوي ، وعدم الأخذ بتجارب الدعاة والاستفادة منهم له أثر سلبي على مسيرة الدعوة.
ولو نظرنا إلى القرآن عندما يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) [آل عمران:159] إنها دعوة للجلوس مع الآخرين ومناقشتهم وإلقاء الأفكار على ساحة الحوار لتكون النتائج أجمل.
إن التعاون الدعوي لا ينبغي أن يكون محصوراً في التعاون المادي فقط ، ولا في التعاون الظاهر كالتعاون الجسدي ، إن من أحسن التعاون الدعوي التعاون الفكري والعقلي ولقد استفدت كثيراً من اللقاءات مع الدعاة وإن كان بعضها قد يكون لدقائق معدودة.
وإن المتأمل لمسيرة الدعوات الناجحة يجد أن من أعظم أسباب نجاحها هو التعاون الفكري بين رجالها ، فهم يجتمعون للمدارسة والمشاورة في أمور الدعوة ودراسة قضاياها.
وإني أقولها بكل صراحة : كل عمل دعوي لا اجتماع فيه فنتائجه ضعيفة ، وإيجابياته قليلة ، فلنحرص على مبدأ الاجتماع الدعوي والنقاش في القضايا الدعوية وسنرى أن لذلك أثراً كبيراً في نجاح دعوتنا.
رسالة من جماعة المسجد إلى إمام المسجد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، يا إمامنا لقد فرحنا بتعينك عندنا في هذا المسجد ونتمنى منك قبول هذه الكلمات والخواطر:
1. جدد نيتك وأصلح سريرتك.
2. أنت قدوة لنا فاحرص على ذلك.
3. إن محافظتك على الصلاة في أوقاتها دليل على صدق إيمانك.
4. إذا كنت تريد السفر أو الغياب فلا تضع مكانك إلا من يحرص على المسجد ويحسن الصلاة.
5. نتمنى منك أن تتواضع معنا في حديثك وزيارتك لنا وابتسامتك لنا.
6. إن لباسك الجميل يعطينا انطباع جميل عنك.
7. كن للكبير ابناً وللأخ أخاً وللصغير أباً.
8. شاركنا في أفراحنا وأحزاننا ولا تكن سلبياً.
9. نريد أن نرى حرصك على تعليمنا ما نجهل من أمور ديننا ، ويا ليتك تعلمنا بأسهل الأساليب وأن تراعي ضعف مستوانا التعليمي.
10. لا تستعجل هدايتنا وإصلاحنا ، وما عليك إلا أن تبدأ بالدعوة، والهداية بيد الله ( إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ ) [الشورى:48].
11. نريدك أن تهتم بالمسجد من ناحية جماله ونظافته وتبريده وأجهزته ، ونحن مستعدون للوقوف معك.
12. لماذا لا تهتم بدورات المياه فهي بحاجة إلى عناية وإصلاح.
13. نتمنى منك وضع برنامج لرعاية الأسر الفقيرة والمحتاجة في الحي أو في الأحياء المجاورة.
14. إننا نلاحظ تأخرك عن بعض الصلوات مما يسبب لنا الحرج والغضب منك.
15. عندما تأتي بأحد الدعاة ليلقي كلمة فيا ليتك توضح لنا أن يتكلم عن موضوع يناسبنا وقل له: لا يطيل علينا .
16. لقد سمعنا أن إمام مسجد الحي الذي بجانبنا قد وضع مسابقة أسرية ولها جوائز جميلة ولقد انتفع جماعة مسجده بتلك المسابقة فهل ستضع لنا مسابقة ؟
17. إن اللوحات الدعوية التي عند أبواب المسجد تحتاج إلى تنويع وتجديد ، وللأسف فإن بعض الملصقات لها أسابيع بل شهور.
18. نحن نشكرك على رغبتك بافتتاح حلقة تحفيظ للصغار والكبار.
19. إن كبار السن في المسجد يحتاجون إلى عناية خاصة ، وتعامل حكيم فلا بد من الحرص عليهم.
20. ما رأيك لو كانت هناك جلسة للحي في كل شهر أو أسبوع لمدارسة أوضاع الحي واستقبال اقتراحات المصلين.
21. نرجو منك عندما تقرأ علينا من كتاب بعد صلاة العصر أو غيرها ، نرجو منك أن تشرح الأحاديث وتبين لنا معناها ، فنحن في كثير من الأحيان لا نفهم ما تقول , لأن مستوانا العلمي ضعيف.
22. افتح قلبك وأذنك لسماع مشكلات الناس وهمومهم.
23. الإمام الناجح هو الذي يرى الناس ابتسامته.
24. لا تكن مثل بعض الأئمة ينتفع بهم الناس في مساجد أخرى، أكثر مما ينتفع به جماعة مسجده.
25. لابد أن تحرص على طلب العلم ، فأعمالك يلاحظها الناس ومن العيب أن تقع في خطأ فقهي صغير, فعليك بالعلم والقراءة في أحكام الصلاة وسؤال العلماء عما أشكل عليك.
26. قد يسألك بعض الناس بعض الأسئلة فاحرص على الإجابة بعلم، وإن كنت لا تعلم فقل: الله أعلم.
27. إن جمال الأجهزة الصوتية له تأثير على جمال الصلاة وإنصاتنا للكلمات ، فنريد منك العناية بذلك ، واحذر رفع الصوت الزائد عن الحاجة أو الصدى الواضح الذي لا نفهم معه ما تقول والحمد لله هناك خبراء فنيون ومهندسون لأجل ذلك فلماذا لا تستفيد منهم؟
28. إن بعض الأئمة يدخلون من باب أمام المحراب ويخرجون منه ، ولا يعرفون أحداً من المصلين فيا ترى هل سيؤدون رسالة الإمام من الدعوة والبيان ؟
29. نحن لا يعجبنا الإمام الذي يسرع في صلاته حتى إن من وراءه لا يستطيعون الإتيان بالواجبات , وأيضا فإن الذي يطيل الصلاة يُتعب من وراءه من المصلين ففينا المريض والمسافر والكبير فنتمنى أن تراعي من خلفك من المصلين.
30. اعلم أنك لوحدك لا تستطيع إدارة أمور المسجد وقضاياه ، لهذا لابد أن يكون معك فريق عمل لكي يساعدوك في أعمالك الخيرية ونحن على أتم استعداد للوقوف معك.
31. والله إنك تستطيع أن تكسب قلوب المصلين وذلك بحسن الخلق والابتسامة الصادقة وأعمالك المثمرة في المسجد.
32. لابد أن تعلم أن طبائع الناس تختلف وأمزجتهم تتفاوت، وفي جماعة المسجد أنواعا ًمن الناس ففيهم الكبير والصغير والمتعلم والجاهل والحاسد والمتكبر والحقود والطيب والرحيم والمتواضع وغير ذلك من الأنواع ، فكن حكيماً في التعامل معهم.
33. نلاحظ عليك أنك تنام عن صلاة الفجر في بعض الأحيان , ولا تنس أنك قدوة والنوم ليس بعذر على الإطلاق فانتبه لأعمالك.
34. نتمنى أن نراك زائراً لنا في بيوتنا ، فكم نحن نشتاق لذلك ، ونحن نعلم بكثرة أعمالك ، ولكن يا ليت توجد لنا وقت لتشرب معنا في منزلنا فنجان شاي وقهوة .
35. من أحسن الصفات التي نحب أن نراها عليك صفة الرحمة واللين والرفق ورب العالمين يقول: ( وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) [آل عمران:159].
36. ما رأيك بفكرة أداء عمرة مع جماعة المسجد إنها فكرة جميلة ، ولها آثار دعوية وإصلاحية بعيدة المدى ، فهل ستفكر فيها ؟
37. إن النساء في الحي يريدون تخصيص درس لهم ولو كان مرة في كل شهر, ولقد طالبونا بذلك أكثر من مرة أن نخبرك ، فها نحن أخبرناك فاحرص على ذلك رعاك الله.
38. لماذا لا تجلس مع بعض أئمة المساجد وتكون بينكم جلسة حوار حول الاقتراحات التي تساهم في الارتقاء بدور المسجد في الإصلاح والتربية.
39. إن بعض المساجد يحرص أئمتها على إقامة دورات لتحفيظ القرآن الكريم للصغار والطلاب ، ولكن ما رأيك لو أقمت دورة تصحيح تلاوة لكبار السن فقط ، مع مراعاة الوقت المناسب لهم.
- هذه خواطرنا التي نجزم أنك قادر على القيام بها وأنها في جدوا اهتماماتك , وأبشر فنحن معك .
الداعية الذي لا يتكلم
حدثني أحد الدعاة قائلاً : كنت في مكة وقمت بزيارة إلى معهد الصم والبكم وألقيت عليهم كلمة توجيهية ، وكان معي المترجم الخاص بهم ولما فرغت من الكلمة أخرج أحد الشباب خرقة مكتوب فيها " يا أختي اتق الله ولا تفتني الشباب " وبدأ يطرح الشاب سؤاله والمترجم يشرح هذا السؤال.
فيا ترى ما هو هذا السؤال ؟
سوف تتعجب .
إن السؤال هو: أنا إذا ذهبت للسوق الذي بجانب الحرم ورأيت امرأة متبرجة أخرجت لها هذه الخرقة المكتوب فيها " يا أختي اتق الله لا تفتني الشباب " فهل يا شيخ هناك كلام أجمل من هذا لأكتبه في الخرقة ؟
قلت إنه يحمل همّ الإسلام ، فأوجد لنفسه وسيلة لإنكار المنكر ولم يعتذر لأنه لا يستطيع الكلام ، وبعض من شباب الاستقامة قد تمر عليه الشهور وهو لم ينكر المنكر ، فعجب ُلهم ولكن ياله من دين لو كان له رجال.
ما أجمل ذلك المسجد ولكن أين الإمام ؟
دخلت ذلك المسجد فأعجبني حسن بناءه وجمال ترتيبه وروعة زخرفته ، وإبداع تصميمه ولكني نظرت إلى الأنشطة الدعوية التي تسر المؤمن وتبغض المنافق فلم أر شيء ، صحيح هناك لوحات حلقات التحفيظ وهذا خير كبير ، وهناك لوحة في نهاية الجامع عليها بعض الملصقات وهذا شيء جميل.
ولكن أين الإمام ؟
رأيته مشغول بنفسه وأهله وعمله وتجارته , نعم إنه يصلي , ولكن لا يكفي هذا , نعم إنه يقرأ من كتاب رياض الصالحين بعد الصلاة ولكن هذا لوحده لا يكفي .
بحثت عن ذلك الإمام الذي يتميز بطلب العلم فهو طالب علم يجيد البحث وطرح المسائل ويتقن فن التعليم ويسهل العلم للناس.
لا زلت أبحث عن ذلك الإمام الذي يجلس للناس فيعلم هذا ويقف مع هذا الفقير ويزور هذا المريض ، ويكتب شفاعة لذلك المحتاج.
أين أجد ذلك الإمام الذي ملبسه جميل بدون إسراف ؟ وجلوسه مع الناس للاستماع منهم ، وسماع مشكلاتهم " هو همه وغاية ما يتمنى ".
نعم الأمة فيها خير كثير وأئمة المساجد بحمد الله من خيرة الرجال , ولكنني أتمنى أن يراجع كل إمام نفسه ويحاسبها هل أنا فعلا قد أتيت ببعض صفات الإمام القدوة والداعية ؟
أخي إمام المسجد جمال صوتك لا يكفي , فالناس يحبون ابتسامتك.
وحسن نسبك لا يكفي , لأن عامة الناس يحبون التقي الصالح.
أخي وحبيبي ننتظر منك جهد أكثر وعمل أعظم ، ومداومة على خدمة الدين ، فأنت إمام فسر على بركة الله إلى الأمام.
متابعة الأعمال الدعوية
إن من أحب الأخبار التي نسمعها هو وجود برنامج دعوي أو تربوي في أي مكان .
ويزداد فرحنا عندما نسمع بإقبال الناس على ذلك العمل الدعوي سواء كانت محاضرة ، أو ملتقى ، أو دورة ، أو نشاطاً ، أو مركزاً ، أو رحلةً ، وغير ذلك من البرامج الدعوية أو العلمية أو التربوية.
ولكن مما يحزن قلوب الدعاة هو الغفلة عن متابعة الأعمال الدعوية والعلمية.
وتوضيح ذلك أنه بمجرد الانتهاء من ذلك الملتقى الدعوي تجد التقصير في متابعة ذلك نتائج ذلك العمل.
مثال : نفترض وجود بعض التائبين اللذين من الله عليهم بالهداية في ذلك الملتقى ، يا ترى هل نحن حريصين على متابعتهم والسؤال عنهم ؟
مثال 2 : في تلك الدورة العلمية بدأ بعض الشباب بالتوجه لطلب العلم بجد واجتهاد ، يا ترى لماذا لا يكون هناك تنسيق وترتيب للوقوف معهم ومساعدتهم في المشوار العلمي ؟
مثال 3 : يقوم بعض الدعاة بالدعوة على الأرصفة وقد يجدون استجابة من بعض الشباب ، وقد يأخذ ذلك الشاب رقم جوالك أخي الداعية ويتصل عليك ويريد اللقاء معك ولكنك ولأجل تراكم الأعمال لا تجد وقتاً للاتصال به أو الجلوس معه وهذا أمر سلبي على ذلك المدعو.
مثال 4 : قد تجد من بعض جماعة مسجدك بعض التوجه للخير، والرغبة في الاستقامة ولكنك تقف عاجزاً عن متابعة الناس في الوقوف معهم والنظر في أحوالهم.
أخي الداعية نحن نشكرك على حرصك على الدعوة وبذل الوقت لها ، ولكننا نتمنى منك أن تحرص على متابعة النتائج الدعوية .
لا تقل هذا صعب بل سيكون سهلا بالصدق والترتيب والتنظيم، والتعاون مع الآخرين وإعداد الفريق الدعوي المتميز.
أين أجد ذلك الداعية ؟
أتمنَّى أن أجد ذلك الداعية الذي يسعى لنفع الناس , فلا تراه إلا معلماً لهم ومبلغاً لهم ما يعلمه من دين الله تعالى.
نريد ذلك الداعية الصادق المخلص الذي لا يريد إلا رضا الله تعالى.
أين ذلك الداعية الذي يرجو ما عند الله وشعاره ( إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ) [يونس:72]؟
متى نرى ذلك الداعية الصبور على أذى الناس له الذي يتذكر دائماً قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ) ([14]).
إنه الداعية الذي يتحمل كلام الناس وأعمالهم ولا يعاتب ولا يطالب.
أين ذلك الداعية المتواضع مع الناس فيجلس مع الضعيف والفقير، ويزور المريض ويمشي مع الكبير والصغير, وينام على الأرض أو على الحصير؟
أين ذلك الداعية الذي ينطلق في دعوته بمنهج العلم الصحيح , فإذا رأيته ترى العلم والصواب ، إنه لا يتكلم إلا بعلم ولا يتحرك إلا بعلم ، ولا يحب إلا بعلم ولا يبغض إلا بعلم ، ولا يوالي إلا بعلم ، ولا يعادي إلا بعلم ، ولا يعطي إلا بعلم ولا يمنع إلا بعلم؟
أريد أن أرى ذلك الداعية صاحب الهمة العالية الذي لا يعرف الكسل ولا الفتور , فهو الأول دائماً ، يسافر للبلاد البعيدة والقرى النائية , يهجر النوم والوسادة , إنه نادر في هذا الزمان وجوهرة في سوق الدعاة.
أريد ذلك الداعية الذي لا يسعى إلا لخدمة دينه ونفع العباد، فالهدف الأكبر هو نصرة الدين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ ) [الصف:14].
أين ذلك الداعية الذي يعتبره الناس قدوة في أخلاقه وفي أدبه وفي سلوكه , إنه الداعية الصامت الذي ينتفع الناس برؤيته قبل كلامه؟
إننا نحتاج إلى ذلك الداعية الذي يعرف قدر الناس ، وينزلهم منازلهم ، فهو حكيم في التعامل معهم ، يعرف أقدار الناس ويعلم الطرق المناسبة في التعامل معهم.
إن الأمة تحتاج إلى ذلك الصنف من الدعاة الذين يحرصون على اغتنام الفرص وتسخيرها في خدمة الدين ، فهم أذكياء وعقلاء في اقتناص الفرص ( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) [البقرة:269].
يا ترى أين ذلك الداعية الذي بدأ في تطوير نفسه عبر الدورات التدريبية فهو لا يزال في ارتقاء وتجديد وتطوير، ولا يرضى لنفسه البقاء في مرتبة واحدة.
إننا بحاجة إلى أولئك الدعاة الذين يستفيدون من كل وسائل التقنية في خدمة الدين ، فهم قد دخلوا الانترنت وأنشئوا المواقع النافعة ، وزاحموا كل مفيد .
أين أجد ذلك الداعية الذي يقوم الليل ليناجي ربه ويتصل بمولاه ، ويرتل القران في الأسحار ,إنه نادر في هذا الزمان ( كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) [الذاريات:17].
أين الداعية الذي يعرف متى يتكلم ومتى يسكت فهو حكيم في ضبط لسانه ولا تثيره المواقف للحماس الذي لا ضوابط له ، بل هو في المواقف , ولكن لا يتكلم إلا بما يخدم المصلحة العامة.
نريد داعية لا يقف عند طريقة ولا يعرف إلا التجديد والتنويع ، فهو شعلة لا تنطفئ.
نحن نشتاق إلى ذلك الداعية الذي جمع بين حقوق الدعوة وحقوق أهله وأبناءه ، فهو داعية ولكن محبته للدعوة لم تؤثر على عنايته بأسرته وأطفاله.
ما أحوجنا إلى داعية ترى على وجهه ابتسامة صادقة تأسر القلوب والأرواح.
أين الداعية الذي يعفو عمن ظلمه ، ويتجاوز عمن تكلم فيه ، ويدعو لمن أخطأ عليه ويلتمس العذر لمن أساء إليه ( وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) [آل عمران:146].
إن الأمة تحتاج إلى الداعية الذي عنده علم وبصيرة ، فهو يعلم ويفتي ويدعو ويبلغ وذلك الداعية لم ينشغل بالدعوة عن طلب العلم وحضور مجالس الذكر إنه يُعطي ويأخذ، ويتعلم ويُعلِّم.
لا زلتُ أتمنى رؤية ذلك الداعية الذي يسير على منهج السلف في معتقده وفي أدبه وفي سلوكه ، وفي زهده وتواضعه وخشيته.
إن الناس يحبون الداعية الرفيق السهل واللين والهادئ الذي يسير بكل رفق ويتعامل معهم بكل سهولة فهو لا يعرف القسوة ولا الشدة إلا في اقل المواقف.
أين أجد ذلك الشاب الذي يمارس الدعوة إلى الله في منزله ومدرسته وفي الحي الذي يسكن فهو شاب ولكنه نشأ في طاعة الله تعالى.
لا زالت الأمة تحتاج إلى نساء داعيات يحملن همّ الدعوة في أو ساط النساء بكل همة وجد وعزيمة ، لأن واقع النساء فيه الكثير من المنكرات والمصائب.
يا أختاه انطلقي واحتسبي وارتفعي بالهمة العالية في خدمة الدين.
لا تتفرجي ولا تنتظري , ولا تيأسي , نريد امرأة تساوي آلاف الرجال.
أختاه نحن ننتظر وجودك داعية في المستشفى وفي السوق، وفي المدرسة والكلية , وفي الجامعة , وفي داخل البلاد وخارجها.
نريدك داعية بين الأقارب والأخوات والصديقات إننا ننتظر منك المبادرة والمسارعة إلى إنقاذ الفتيات الغارقات في بحار الذنوب والشهوات.
أختي الداعية إن بعض القنوات الفضائية تعمل ليلاً ونهاراً لكي تفسد الشباب والفتيات ، فيا ترى من يعظ النساء والفتيات إلا النساء الداعيات.
أختاه سيري على بركة الله ، وابدئي ولا تتوقفي فإن الواقع مرير، والشر مستطير.
أخيراً: سيروا على الطريق فالقافلة تسير ولا تنظروا للقاعدين لأن القافلة لا زالت تسير ونحن نسير وإلى الله المصير.
هل يكفيك أن يثني عليك الله ؟
أخي.. أختي الداعية لنتأمل هذا الحديث ( إن الله وملائكته حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير) ([15]).
ما أعظم هذا الحديث.. ما أجمل هذه الكرامة ، إنه الثناء الرباني والمدح الإلهي لأولئك الذين يعلمون الناس الخير، إنهم قوم تعلموا وعلموا ، إنهم نقلوا الخير لغيرهم ، ينقذون الغرقى من بحار الجهل والظلمات إلى شاطئ العلم والخيرات والطاعات.
يا الله ، ما أجمل هذا الثناء الرباني .
من منا يحلم ويتخيل أن يذكره الله عنده بالثناء والمديح..؟
إن الواحد منا لو بلغه أن ذلك المسؤول يمدحه أو يثني عليه لطار فرحاً وافتخاراً بذلك فما ظنك إذا كان الذي أثنى عليك ومدحك هو الله تبارك وتعالى ولله المثل الأعلى ؟
إن الدعاة إلى الله في أي مكان وفي أي زمان سواءً كانوا رجالاً أو نساءً أو شباباً أو فتيات إن كل هؤلاء لهم الثناء الرباني.
أيها الداعية أبشر بمنزلة عالية وبجنة عالية لأنك ذو همة عالية وتسمو إلى هدف نبيل فاعمل على بركة الله وابذل ما ستطيع لتبقى مع أولئك الذين فازوا بالثناء الرباني.
لماذا ذلك الداعية ترك الدعوة؟
نعم لقد ترك ذلك الداعية الدروس التي قد بدأ بها وترك تلك الحلقات التي أنشأها نعم لقد ترك ذلك كله فلما سألناه ؟
قال: لا يحضر لي إلا القليل فتعجبت من جوابه.
ولمثل هؤلاء أقول:
1) أنت مأمور بالدعوة إلى الله كما قال صلى له عليه وسلم : ( بلغوا عني ولو آية ) ([16]) ولست مطالب بإحضار الناس والاهتمام بذلك.
2) أنت مأجورعند قيامك بالدعوة إلى الله سواء حضر الناس أولم يحضروا.
3) ألم تعلم بأنه يأت نبي يوم القيامة وليس معه أحد ؟
4) ألم تفكر في حال دعاة التنصير الذين يسافرون إلى أدغال أفريقيا وبين الغابات لكي يمارسوا مهمة التنصير بين عدد قليل من المسلمين؟
5) ألم تسأل نفسك هذا السؤال: لماذا الناس لا يحضرون لي ؟
قد يكون عدم حضورهم لهذه الأسباب:
• ضعف إخلاصك لله ، فالبلاء منك وليس منهم.
• وقد يكون السبب: أن أسلوبك غير مناسب لعقولهم ومستوياتهم.
• أو أنك تتكلم عن بعض المسائل التي لا يرونها في واقعهم، فهم لم يستفيدوا شيئاً.
• قد يكون المكان الذي فيه الدرس غير مناسب من ناحية الخدمات ، ويحتاج إلى تكييف ، أو تغيير الفرش .
• قد تكون الأجهزة الصوتية عندك غير جيدة فالصوت ضعيف جداً ولا يسمعون كلامك ، أوقد يكون الصوت قوي فينزعجون منك ، أو أن الصوت فيه صدى وتردد ولا يفهمون من كلامك شيء.
• قد يكون وقت الدرس لا يناسب طبيعة الناس فأنت تختار بعد المغرب وهم يشتغلون في هذا الوقت بأمورهم الخاصة ، فلماذا لا تختار بعد العشاء – مثلاً -.
• قد تكون من النوع الذي يطيل في الدرس ويسهب في المواضيع ، حتى يمل الناس ، فلماذا لا تختصر كلامك فالعبرة ليست بالإطالة والاسترسال ولكن ماذا استفاد الناس ؟
• قد يكون سلوكك وأخلاقك مع الناس غير حسنة ولهذا هم لا يحبونك بالطبع لن يجلسوا لك.
• قد تكون من النوع الذي يمدح نفسه ويقول أنا ، وعندي ، ولي وفعلت ، والناس لا يحبون هذا الصنف من الناس مهما كان علمه.
• قد تكون كلمات متكررة ولا فائدة فيها ، وأحاديثك قد سمعوها منك مراراً ، وقصصك متكررة والناس يملون من التكرار.
• قد يكون أسلوبك فيه جرح للمشاعر وطعن في بعض الناس ، ولهذا الناس لا يحبون سماع كلماتك.
• قد تكون من النوع الذي يخرج عن الموضوع فهو يبدأ في موضوع ولكنه لا يلبث دقائق وإذا به في موضوع آخر وهكذا , يخرج الناس ولا يدرون ما هو الموضوع الذي جاءوا من أجله .
الرجال يصنعون الرجال
إن هناك صُنّاع للأجهزة الالكترونية ، وهناك صُنّاع للطائرات والصواريخ النووية ويوجد من يصنع القنابل الذرية والعنقودية ، نعم إنه يوجد من يصنع السيارات والقطارات والسفن وغيرها من إنتاجات هذا الزمن.
ولكن يا ترى ، أين الذين يصنعون الرجال البارزين والمبدعين والعباقرة ؟
أين الذين يخرجون للأمة رجالاً على مستوى القيادة والريادة والإبداع ؟
أين الذين يصنعون لنا دُعاةً على منهج الصحابة والتابعين ؟
أين الذين يخرجون لنا قادة مثل خالد بن الوليد وعمرو بن العاص ؟
نريد علماء يصنعون من طلابهم علماء.
لقد خرج ابن القيم من مدرسة ابن تيمية وخرج البخاري من حلقة إسحاق بن راهوية وهكذا نجد أن الرجال يصنعون الرجال.
إن الأمة تحتاج إلى إيجاد أصحاب المواهب وتربيتهم والعناية بهم لكي يكونوا خير خلف لنا.
إن المدرس يستطيع أن يخرج من الطلاب قادة ورجال يُغيروا مجرى التاريخ ويضعوا بصمة على ذاكرة الزمان.
إن ذلك الداعية قادر على أن يخرج للأمة رجالاً يحملون همًّ الدعوة ويبلغونها للناس في الآفاق.
إن خطيب الجمعة يستطيع أن يربي المجتمع تربية صالحة ويخرج للأمة من أبناءها من ينقذها من ظلمات الجهل إلى نور العلم.
والله ثم والله إن هناك طاقات في شبابنا وفي فتياتنا وعندهم مواهب وإبداع ، وهمة عالية ولكنهم لم يجدوا من يستخرج تلك الهمم ويرعاها ويعتني بها.
وإذا انتقلنا إلى عالم النساء فإننا نرى أن هناك نساء أخرجوا للأمة الأبطال والقادة والعلماء ، فهذا الشافعي يخرج على يد والدته وهذا أحمد بن حنبل تعتني به والدته وهذا سفيان الثوري وغيرهم من سلف الأمة خرجوا قادة وعلماء و أفذاذ على أيادي أولئك النسوة.
ولا زالت الأرحام تقذف لنا نساء يحملن همًّ الأمة ويخرجن للأمة رجال يصنعون لنا الرجال.
وأقول لتلك المرأة : إن كنت مُدرُّسة فلماذا لا تخرجين لنا طالبة تحمل الشهادات العالية في الأخلاق والحفظ للقران والتبليغ لدين الإسلام ؟
نريد منك استخراج طالبات يصبحن بعد سنوات مُربيات وداعيات وموجهات.
وإن كنت طبيبة فنريد أن تخرج تلك المريضة من ذلك المستشفى وهي تحمل التوكل واليقين في قلبها , نريد تلك المريضة أن تخرج من تحت يدك وهي ذات طموح في الاستقامة والثبات.
نريد أن تخرج المريضات وهُنُّ تائبات , نريد العناية بقلب تلك الفتاة قبل جرحها ومرضها.
وإن كنت أماً، فنريدك أن تعتني بتربية الأبناء والبنات على معالي الأمور، ومحاسن الأخلاق ، نريد أن يخرج من تحت يدك ذلك الحافظ للقران ، وذلك العالم البصير بدينه ، ونريد أن تخرج تلك الفتاة التي تعتبر شمعة تنير للأخوات الطريق وتأخذ بأيديهن إلى شواطئ الهداية.
قصة إمام المسجد مع كتاب رياض الصالحين
منذ زمان طويل ، ونحن نرى أئمة المساجد بعد صلاة العصر يأخذون كتاب رياض الصالحين ويقرءون منه بعض الأحاديث ، وليسمح لي أولئك بهذه الخاطرة التي كنت أود أن أكتبها منذ سنين فأقول :
أخي إمام المسجد أتمنى أن تقبل كلمتي بصدر رحب وإن كانت ثقيلة عليك ولكن كما تعلم أن الحق دائماً ثقيل في طرحه وثقيل في قبوله.
لعلك تتفق معي أن القصد والهدف من قراءتك هو النفع والفائدة هل هذا صحيح ؟
ونحن نتفق أيضاً على أن الطريقة إذا كانت غير سديدة أنه يجب تغييرها مراعاة لمصلحة الدعوة.
ونتفق أيضاً على أن الطريقة إذا كانت مصلحتها قليلة فإنه يجب البحث عن طريقة أخرى مصلحتها أعظم.
ونتفق أيضاً على أن المقصود هو نفع العامة أكثر من الخاصة لأن الخطاب غالباً يسمعه عامة الناس ، فلا نراعي طلاب العلم أو الدعاة لأن المجال هو دعوة العامة.
الحل في نظري : هو أن تقرأ حديث واحد أو اثنين ثم تغلق الكتاب وتنظر إلى الناس ، وتبدأ بتعليق يسير لا يتجاوز خمس إلى عشر دقائق ، وقد جربتُ هذه الطريقة فوجدتها نافعة ، وسألتُ كثير عن فائدتها فأثنوا خيراً ، و بإمكانك أن تبدأها وتسأل جماعة مسجدك عن مدى فائدتها وكن صريحاً وصادقاً في طلب النقد منهم.
يا أخي لقد سمع الناسُ كثيراً من الأحاديث التي نقرأها , وهم بحاجة إلى فهم المعاني والمقاصد.
ملاحظات على قراءة الإمام:
1. السرعة عند القراءة , فلا يفهم الناس شياً من كلامه.
2. الخطأ في القراءة وقد تتغير معاني بعض الكلمات.
3. عدم تقريب الميكرفون عند القراءة.
4. عدم اختيار الكتاب المناسب.
5. الإكثار من القراءة حتى يمل الناس.
خواطر:
· القراءة بعد صلاة العصر لا أراها مناسبة وإن كنا قد تعودنا عليها لأن الغالب أن الناس قد ناموا قبل الصلاة ولازال العقل فيه ضعف في الاستيعاب لغلبة الكسل والتعب من أثر الدوام اليومي , ولذا اقترح أن تكون القراءة بعد صلاة العشاء ولمدة خمس دقائق وذلك لأن الجميع قد يناسبهم ذلك.
· القراءة بين الأذان والإقامة جيدة ، ولكن هناك فئة وهم الذين يؤدون تحية المسجد قد تشغلهم القراءة عن صلاتهم ، ولأن الحضور غالباً يكون قليل لأن أكثر الناس لا يأتون المسجد إلا عند الإقامة فتفوتهم الفائدة التي تمت قراءتها بين الأذان والإقامة.
* بكل صراحة ، أخي الإمام : إن كنتَ غير قادر على أن تقرأ على جماعة مسجدك فأعتقد أنك تستطيع أخذ دورات تطويرية وتدريبية في فن الإلقاء لكي تؤهلك إلى ذلك المقصد العظيم.
لو كانت هناك مرتبة وظيفية تريد الوصول لها وهي صعبة المنال فسوف تبذل كل ما تستطيع لأجل الوصول لها.
تستطيع أن تكون داعية وخطيباً ناجحاً إذا لبست ثياب الصدق وشربت من كأس الهمة , وركبت طائرة الإبداع لتحلق في سماء الدعاة .
كيف تتعامل مع تائب جديد ؟
كثير من الدعاة وأهل الخير يحتارون في كيفية التعامل مع التائب الجديد ، ولهذا كتبت هذه الاقتراحات وهي رءوس أقلام في هذا الموضوع :
1- أخذه بالأحضان.
2- الابتسامة له.
3- إخباره بفرح الله لتوبته وتذكيره بفضائل التوبة.
4- الدعاء له بالثبات.
5- زيارته في البيت.
6- إهدائه أشرطة تناسبه.
7- أخذ رقم جواله ومراسلته.
8- حثه على طلب العلم.
9- إقناعه بالالتفاف حول رفقه صالحة.
10- أخذه للعمرة.
11- الذهاب معه في رحلات دعوية.
12- إكرامه ، كصنع وليمة غداء أو مناسبة عشاء.
13- الرفق واللين.
14- شراء هدية له .
15- إقناع بضرورة إزالة الجاهلية وآثارها .
16- البحث عن أوضاعه المادية ومساعدته.
17- زيارة مديره في العمل والتوصية به.
18- أخذه في زيارة لمغسلة للأموات.
19- أخذه في زيارة للمستشفيات.
20- تبادل الزيارات العائلية إن أمكن.
21- حسن التوجيه في طريق الاستقامة.
22- إلصاقه بالدعاة والمشايخ.
23- مداومة الزيارة له وعدم الانقطاع.
24- التدرج في التوجيه للاستقامة وعدم مطالبته بكل مظاهر الاستقامة من أول الأمر.
25- أخذه لمجالس الذكر والمحاضرات.
26- عدم ذكر المسائل الخلافية أمامه.
27- إخباره بأن الاستقامة تحتاج إلى الصبر وأن هناك فتن ومصائب على هذا الطريق.
28- إخباره بالفرق بين حلاوة الإيمان ولذة المعصية.
من يربي المربي؟
في عالم التربية والدعوة والإصلاح نركز دائماً إلى إصلاح الأبناء والبنات ، ونهتم بواقع الشباب والفتيات ولكن بعضنا يغفل عن دعوة الآباء والأمهات وننسى توجيه المعلمين والمعلمات ولا نفكر بإعداد معاهد لتربية الكبار .
إن صلاح الأبناء فرعُ عن صلاح الآباء ، وإن صلاح الطلاب جزء من صلاح المدرسين .
قصة أسطورية : يقولون إنه كان هناك شاب عمره ( 20 ) عام وقام بقتل صديق له ، ولما قبض عليه ، وحكمت المحكمة بقتل هذا الشاب ، وجاء وقت القصاص ، صاح أحد الناس وقال: لا تقتلوه بل اقتلوا والده ، لأنه لم يقم بتربية ابنه ؟
إن ذلك الابن القاتل ، لم يجد من وسائل التربية التي تمنعه من القتل , نعم ، قد يقول الأب : والله لقد ربيته , فنقول له: نعم، ولكن على أي منهج وبأي أسلوب .
إن كثيراً من الآباء والأمهات يربون أولادهم ولكن تربية على ما تعلموه وهم صغار أو على عادات القبيلة التي ينتسبون إليها ولهذا نحن نرى بعض صور الفساد في الأبناء والبنات.
إذاً ، أليس هؤلاء الآباء والأمهات بحاجة إلى تربية وتزكية وإصلاح ؟ بلى والله.
إننا بحاجة إلى تربيتهم وتوضيح معالم التربية لهم وإقناعهم بأن الذي يصنعونه مع أبناهم وبناتهم يحتاج إلى تغيير .
إن المربي في زماننا يحتاج إلى تربية فمن الذي يستولى هذه المهمة ؟
إنها مسؤولية كبيرة ولكنها في نظري في نظري سرِّ نجاح هذه الأمة .
إن أمتنا تنتظر من رجالها ونسائها أن يخرجوا لها أجيالاً تنفعهم في الدين والدنيا فوصيتي للجميع بأن يبادروا بإعداد أجيالاً على المنهج التربوي الصحيح ، وذلك يستلزم بذل الجهد في البحث عن الوسائل التربوية النافعة لكي نقوم بها.
أخي الداعية كيف تخاطب الشباب؟
أخي الداعية إن مدير تلك الثانوية يريد منك زيارة لكي تلقي كلمة توجيهية للطلاب، فهل توافق ؟
إن هذا النوع من الطلب يتكرر عند فئة ليست بالقليلة من الدعاة المباركين ، وإذا بذلك الداعية يرسل الموافقة على تلك الكلمة ويبدأ يُرتب لها وقتاً ويفرح المدير والطلاب بقدوم ذلك الشيخ.
ولكن يتفاجأون وإذا بالشيخ لا يجيد مخاطبة الشباب فيبدأ بمقدمة في كلامه وكأنه في خطبة جمعة ، ويسمعُ الطلاب منه عبارات راقية وجميلة ولكن أكثرهم لا يفهم منها شيء.
أما الموضوع الذي تكلّم عنه فهو بعيد كل البعد عن واقع الشباب ، ولهذا ترى الطلاب أنواعً شتى , فمنهم النائم ومنهم المشغول بالنظر للطلاب ، ومنهم من يتحدث ومنهم ومنهم.
أخي الداعية إن مخاطبة الشباب تحتاج إلى " فن " ودراية وتدريب.
إن الشباب يحبون أن يسمعوا إلى رجل يعرف همومهم ويعرف مواطن التأثير فيهم.
يحبون ذلك الداعية الذي يبدأ كلمته بابتسامة صادقة ، مع كلمة رقيقة وقصة هادفة.
إنهم لا يحبون ذلك الداعية بليغ اللسان صاحب المقدمات العقلية والألفاظ العلمية.
إن الشباب لهم طرق ووسائل تجعلهم يتأثرون بما يسمعون ونحن عندما نتقن فن مخاطبة الشباب " الغافل " فإننا عندها سننجح في توجيههم إلى ما يحبه الله ويرضاه.
أيها الداعية لابد أن تحفظ بعض القصص المؤثرة الواقعية لكي تؤثر في قلوب الشباب.
ولابد من إدخال روح الابتسامة في كلمتك ، ولو بنسبة (10%).
ولا يعني من ذلك سرد النكت والطرائف المخالفة للكتاب والسنة، وإنما القصد إدخال السرور على الشباب بالطريقة المناسبة.
أخي الكريم إن مخاطبة الشباب ليست كمخاطبة الرجال الكبار، أو كمخاطبة الناس في يوم الجمعة.
لابد أن نتدرب في كيفية مخاطبة الشباب حتى نصل إلى قلوبهم وعقولهم.
أحبتي الدعاة إن الشباب تغزوهم القنوات والأفلام فلابد لنا أن نجيد التأثير في شبابنا , والأمر يسير على من يسر الله عليه.
(30) كلمة للدعاة
1 - إذا كان هناك برامج للناس عامة ، فنريد برامج لإعداد الدعاة.
2- إقبال الناس للدعاة أمر رائع ، ولكن أين القدوات ؟
3- لابد للدعاة من دراسة وسائل التأثير في النفوس وحضور دورات نفسية لمعرفة حقيقة التأثير في الناس.
4- لابد من معرفة الأفكار والتيارات المعادية للدعوة ، وأن يكون مصدر ذلك مصدر موثوق.
5- لابد للداعية أن يعيش عالمية الدعوة ، وليس لبلد معين أو جنس معين .
6- البعد عن الانفعالات والعواطف الدعوية ، والانتقال إلى التخطيط و التنظيم.
7- اعلم أن الدعوة لا تتكاثر إلا عن طريق الدعوة ، فاحرص على الاستفادة من العناصر الجديدة.
8- الأجر على ممارسة الدعوة دون النظر إلى النتائج .
9- أنت حريص على إزالة العقبات في طريق الدعوة ؛ ولكن اعلم أن سوء الخلق أكبر عقبة فاحذر منه.
10- ما أجمل الاستفادة من الوسائل الحديثة في الدعوة.
11- إذا كان جهدك قليل ، فكيف تطالب بالنتائج الكبار ؟
12- تقوية الإرادة أيها الدعية مطلب مهم.
13- ضرورة نقد النفس ، قبل سماع نقد الآخرين.
14- أنت تمثل الدعوة ، والدعوة تمثلك.
15- الناس إذا رأوا ثبات الدعاة عند المحن ، جاءوا إلى الدعوة.
16- الدعاة بعضهم يكمل البعض.
17- متابعة الدعوة لا تقل أهمية عن البدء في برامجها.
18- المصارحة مع النفس في وضوح الأهداف من الدعوة.
19- التقييم للأعمال الدعوية من أسباب النجاح الدعوي.
20- تقوية الصلة بالله تمنح الداعية التوفيق الرباني.
21- الدعوة نوع من الجهاد ، والدعوة هي جهاد في الداخل كما أن القتال هو جهاد الخارج.
22- الدعوة هي الوسيلة الأولى لكسب الأنصار.
23- الداعية الصادق لا ينتظر ثناء من الناس.
24- لابد للداعية أن يحرص على مصدر رزقه ، لكي يستغني عن سؤال الناس.
25- الداعية المبدع حريص على فن كسب قلوب المدعوين.
26- الداعية الناجح يكسب الصغار والكبار.
27- لابد من ضبط ردود الأفعال في ميادين الدعوة.
28- لابد من معرفة الجمهور الذي يتعامل معه الداعية.
29- البعد عن اليأس والإحباط مطلب ضروري.
30- التفريق بين المداراة والمداهنة.
يموت الداعية وتبقى الدعوة
أحياناً نقع في أخطاء في طريق الدعوة ونحن لا شعر، ولعل من تلك الأخطاء المخفية عند بعض الدعاة خطأ " التعلق بالأشخاص ".
إنه مرض خفي وقد ننكره أحياناً ولا نعترف به.
أيها الداعية إن الدعاة ورجال الإصلاح والقائمون على التربية والتوجيه لهم أثر كبير على الأمة ، ولهم نفع لا ستطيع أحد أن ينكره.
ولكن لا يعني ذلك أن نتعلق بهم ونظن أنهم هم كل شي وأن فقدهم سيترتب علية ضياع الدين أو انحراف المجتمع أو ارتداد الناس عن دينهم.
صحيح أن خسارة فقد الدعاة لا يستطيع أحد أن يتجاهلها ، ولكن القاعدة تقول " يموت الداعية وتبقى الدعوة " .
ولقد مات سيد الدعاة وقائد الأمة صلى الله علية وسلم واستمرت قافلة الدعوة في سيرها بعد موته عليه الصلاة والسلام.
ويموت أبو بكر رضي الله تعالى عنه ، ويحصل الانتشار الأكبر للإسلام في زمن عمر رضي الله تعالى عنه .
وهكذا على مر التاريخ مات الخلفاء والعلماء والمجاهدين ، ومع ذلك لازال الدين قائماً لماذا ؟
لأن الله تكفل بحفظ هذا الدين ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) [الحجر:9] وربنا تبارك وتعالى لابد أن يحفظ دينه ، ويحفظ الرجال والنساء الذين ينصرون دينه.
وإذا مات هؤلاء المصلحون فإننا نعتقد أن الله تبارك وتعالى سيغرس أناساً ويستخرج لنا رجالاً ونساءً يحملون همَ هذا الدين لكي يبلغونه للناس.
التوازن يا معاشر الدعاة
في زحمة الانشغال بأمور الدعوة ، وفي خضم ازدحام البرامج الدعوية قد يغيبُ عنا خُلقُ عظيم إنه ( التوازن ) .
وتأمل هذه الأمثلة :
1- ذلك الداعية المدرس وجد إقبالاً من الطلاب وبدأ معهم ببعض البرامج بدون ترتيب فوقع في خلاف مع أسرته ، ولكنه لو أنه راجع وقته وتشاور في كيفية ترتيب الوقت المناسب لما وقع في ذلك الخطأ.
2- أحد الدعاة خرج بشباب إلى النزهة ، وقد كانت زوجته مريضة ولم يخبرها بأنه قد خرج مع الشباب ، فاستغربت ذلك منه ، وتأثرت نفسياً بخروجه ، فأين حقوق الأهل؟
3- بعض الدعاة يسهر مع الشباب في رحلة دعوية ويترتب على ذلك :
أ – فوات قيام الليل.
ب – قد تفوته صلاة الفجر.
ج – قد يتأخر عن علمه الوظيفي .
فأين التوازن يا أيها الدعاة ؟
4- بعضهم يحرص على تأليف القلوب ، والمرح والمزاح ، والابتسامات والبرامج الترفيهية ويغفل عن الجوانب الجادّة والعلمية والتربوية الهادفة , فأين التوازن ؟
5- بعض الدعاة ينفق ماله في أمور الدعوة وتوزيع المطويات والأشرطة ، وقد لا ينتبه لنفسه فيقع في الديون مستقبلاً بسبب قلة المال ، والواجب أن يكون هناك توازن بين إنفاق المال في أمور الدعوة وبين الانتباه للوضع المالي الشخصي.
6- قد تجد من ينفق أمواله في الخير، ولكنه قد يبخل على ولده وأسرته ، فأين التوازن ؟
7- بعض الدعاة قد تجده حريصاً على الدعوة والتضحية من أجل الدين ، ولكنه غافلاً عن الجوانب العلمية ، فتجده مقصراً في طلب العلم وحضور مجالس العلم.
8- بعض الدعاة قد يسافر لأجل الدعوة ولكنه مقصراً في السفر لزيارة والديه .
9- بعضهم قد تجده متميزاً في إلقاء الابتسامات للناس ، ولكن زوجته لا ترى ذلك منه.
10- هناك بعض الدعاة حريص على زيارة الناس في بيوتهم لأجل دعوتهم ، لكن إخوانه وأخواته لم يروه منذ زمن طويل.
11- أحيانا ومع تراكم الأعمال الدعوية نغفل عن قراءة القران وتدبر معانيه ، حتى إنه ربما يمر على بعض الدعاة بعض الأيام وهو بعيد عن القران ، ونحن نجزم أنه مشغول بتلك البرامج الدعوية ، ولكن ليس على حساب تدبر القران .
12- بعض الدعاة قد تراه يقضي حوائج الناس ويسعى في خدمة المحتاجين ، ولكنه غافل عن والديه الذين ينتظرون الإحسان منه.
13- إن القلب ليحزن عندما يسمع عن بعض الدعاة أنه يتورع عن بعض المباحات ، ولكنه يقع في كثير من الشبهات المالية وفي البيع والشراء , فأين التوازن ؟ ولماذا التناقض ؟
14- رأيتُ على بعض الدعاة الحرص على جمال الظاهر والاعتناء بحسن الملبس ، ولكني وقفتُ على مرض الحسد والحقد عنده , والواجب أن نكون على عناية بجمال الباطن الذي يراه الله.
15- بعض رجال الدعوة قد يمارس إنكار المنكرات على الناس ، ولكن بيته يضج من وجود المنكرات ، فلماذا يا ترى ؟
16- نحن بحاجة إلى أن يكون عندنا توازن في مسألة العزلة والخلطة لأن بعض الدعاة لا تراه إلا مع الناس أو في البرامج الدعوية ، وهذا أمرُ محمود ، ولكن لا بد من البعد عن الناس بعض الوقت لمحاسبة النفس ولكي تخلو بربك وتناجيه وتدعوه.
17- نحتاج إلى التوازن في مسألة القوة واللين فالداعية يحتاج إليهما جميعاً ، والداعية الحكيم هو الذي يستخدم كل أمر فيما يناسبه فليس هو بالقوي الغليظ ، وليس هو باللين السهل بل وسط بينهما.
18- نحتاج إلى التوازن في طريقة الاستفادة من الوسائل الحديثة في المجالات الدعوية كالانترنت ، القنوات الفضائية , وغيرها .
وأنت ترى أن بعض المنتسبين للدعوة قد اعتنى بهذه الوسائل عناية فائقة حتى غلبت عليه ، وهذا إفراط ، ومن ناحية أخرى تتعجب من بعض الدعاة الذي لا يعرف كيف يتعامل مع وسائل التقنية .
والتوازن مطلوب ومرغوب حتى نتمكن من خدمة الدين بطريقة سهلة ونافعة.
19- قد تجد بعض الدعاة يحرص على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ، ولكن قد يترتب على ذلك الغياب عن المنزل ، وضياع الأبناء وسهرهم خارج المنزل ، وهذا بلا شك أنه تفريط لا يرضاه الشرع , ولو أنه نظر في برنامج أسرته ثم اعتكف لكان خيراً له ولهم .
داعية يحبو على ركبتيه
كنت في أحد المساجد في مدينة الرياض في عام (1417هـ)، ورأيت منظراً غريباً , رأيت رجلاً يقارب (70 ) سنة ، ولحيته بيضاء وعليه علامات الكهولة ، رأيته يحبو على ركبتيه وهو متجه إلى إمام المسجد.
فظننتُ أنه صاحب حاجة ، وأنه سيطلب من الناس أن يساعدوه بالمال.
ولكن الأمر كان أعظم من ذلك ، لقد رأيت ذلك العجوز، لما وصل إلى قرب الإمام ، نظر إلى الناس وبدأ يُلقي كلمة وموعظة عن الصلاة .
لقد تعجبتُ كثيراً ، وحزنتُ على نفسي ، وعلى حال بعض رجال الاستقامة الذين يبحثون عن الأعذار في التخلي عن تبليغ الدين وخدمة الناس.
إنه عجوز يحبو على ركبتيه لماذا ؟ هل يريد مالاً ؟ أو صدقه ؟ إنه يريد تبليغ الدين ، إنه يُبلِّغ الدعوة إلى الناس إنه عجوز.
يا شباب إنه لم يعتذر بأنه عجوز أو أنه لا يستطيع القيام.
هذا هو شأن الدعاة المخلصين يتجاوزون جميع الصعاب لأجل خدمة الدين ، فيا شباب ، الأمة تنتظركم.
امدح البرامج الدعوية
تأملتُ في بعض البرامج الدعوية فرأيتُ أن من أجمل الوصايا للقائمين على تلك البرامج هو ( المدح ) .
إن المدح كلمة من حروف قصيرة ولكن نتائجها الإيجابية رائعة جداً.
وإليك هذه المواقف :
1- ذلك الملتقى الدعوي ساهم في تربية الشباب وعالج بعض الظواهر السلبية ، فلماذا لا نمدح ذلك الملتقى ونشكر القائمين عليه ؟
إن مدحنا له سبب كبير للاستمرار في النجاح لدى العاملين عليه.
2- بعض الشباب يذهبون للأرصفة لدعوة الشباب فلماذا لا نشجعهم ونمدحهم ونشكرهم على هذا الجهد ؟
إنها كلمات ولكن أثرها في نفوس أولئك الشباب سيكون دافعاً للمزيد من الإنتاج الدعوي.
3- ذلك الداعية ذهب لبعض القرى ، وبدأ ببعض البرامج الدعوية والتربوية ، فلماذا لا نقوم نحن الدعاة بالثناء عليه وتشجيعه على الاستمرار على عمله ذلك ؟
4- في ذلك الحي إمام لأحد المساجد ، وله أنشطه بارزة وواضحة في دعوة الناس وتعليمهم ونفعهم , فلماذا لا تقوم وزارة الشئون الإسلامية أو من ينوب عنهم بتشجيع ذلك الإمام وإعطاءه خطاب شكر على جهوده الدعوية.
إنني أجزم أن ذلك الإمام لا يحتاج إلى ذلك ولكن تشجيعنا ودعمنا المعنوي له , سيكون دافعاً للمزيد من الحرص والاجتهاد.
5- في كلية البنات جاءنا خبر عن إحدى المعلمات أو الطالبات أن عندها حرص كبير على الدعوة ونشر الخير في تلك الكلية ، رغم ما تواجه من بعض الصعوبات من بعض الفتيات.
فلماذا لا نشجع تلك الفتاة على حرصها ذلك ؟
لماذا لا نرسل لها رسالة شكر وعلى هذه الرسالة توقيع وختم من مكتب الدعوة في تلك المدينة ؟
إنها ورقة ، ولكنَّ هذه الورقة ستكون سبباً لاستمرار الدعوة والخير في تلك الكلية.
أليس كذلك أيها الدعاة؟
6- أحد التجار دفع مبلغاً كثيراً لإحدى البرامج الدعوية وكان سبباً لنجاحه ، فلماذا لا نكتب له خطاب شكر، أو هدية من القائمين على ذلك البرنامج ؟
والأمثلة كثيرة يا أحبتي الدعاة ، وقديماً قيل : امدح على قليل الصواب وسيكثر من الممدوح الصواب.
الدعاء للمدعو قبل دعوته
أحياناً نكون حريصين على هداية فلان أو فلانة ونبذل وسائل كثيرة في التأثير عليه لعله يهتدي ويعود إلى ربه.
ولعل من أشهر تلك الوسائل الدعوية التي يبذلها الكثير في التأثير في الآخرين هذه الوسائل : الشريط ، الكتيب ، المطوية , وفي الحقيقة أن هذه الوسائل نفعت الكثير، واهتدى بسببها خلقُ كثير – ولله الحمد -.
ولكننا قد ننسى وسيلة عظيمة ، تعتبر من أعظم الوسائل في التأثير في الآخرين ألا وهي وسيلة " الدعاء " .
إني أجزم أن بعض الذين يمارسون الدعوة إلى الله قد يغفلون عن الدعاء للمدعو قبل دعوته.
أحبتي الدعاة ، إن الدعاء سلاح قوي ، وله تأثير واضح في الأشخاص والأحوال والأمراض ، لقد أمرنا الله تعالى بأن ندعوه ( وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر:60] فانظر في هذا الأمر ادعوني وانظر إلى الوعد الرباني " استجب لكم " .
لنتأمل :
1- ذلك الشاب يشتكي من والده الذي يؤذيه بسبب استقامته ، فأقول لك : يا أخي أين أنت عن الدعاء لوالدك ؟
2- تلك المرأة تُعاني من ذلك الزوج القاسي الذي يمارس القوة والغضب والسب والشتم لها ولأبنائها ، يا أختي أين أنت عن الدعاء لزوجك لعل الله أن يهديه ؟
3- ذلك الزوج يتألم من حال زوجته لأنها مقصرة في صلاتها ودينها وحجابها ، وقد نصحها كثيراً ولكنها لم تستجب ، بل إنه فكَّر في طلاقها مراتٍ كثيرة .
أخي الزوج : هل مارست الدعاء لزوجتك في سجودك ؟
4- في ذلك البيت شاب قد سقط في شباك المخدرات ، وهو يسبح في بحار الشهوات ، أما والده فهو كبير السن قد بلغ من الكبر عتيا وقد نصح ولده ولكن دون جدوى.
أيها الأب أين أنت عن الدعاء لولدك ، وما يدريك لعل الله أن يفتح باباً من أبوابه فيستجيب لك ، ويفتح قلب ولدك و يمنحه الهداية .
أيها الأب إن دعاءك لولدك خيرُ من دعاءك عليه.
5- ذلك الأخ قد منَّ الله عليه بالهداية ، ولكنه يتمنى لأصدقائه أن يذوقوا لذة الهداية التي ذاقها فبدأ يدعوهم ، وينصحهم .
أخي : استمر على النصيحة ولكن لا تنس أن تدعو لهم .
متى نصارح العلماء والدعاة ؟
لا أحد يشك في أن كل واحد منا يصيب ويخطئ ، والقاعدة في هذا الباب ما قرره الإمام مالك رحمه الله تعالى : كل يؤخذ من قوله ويُترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إن المتأمل للنصوص الواردة في باب النصيحة يجدها تمتاز بالشمول والعموم لكل أحد ولعل من أشهر هذه النصوص حديث جرير رضي الله تعالى عنه أنه قال ( بايعت الرسول صلى لله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم )([17]).
إنه نصُ عام " والنصح لكل مسلم " .
وعندما تأملتُ واقع الدعوة والدعاة رأيتُ أمراً منتشراً وخفياً على البعض ألا وهو مناصحة العلماء الكبار والدعاة وكثيراً ما نسمع علمائنا ودعاتنا يدعون إلى التناصح وطرح الرأي , ولكننا نحن معشر شباب الصحوة نتجاهل مناصحتهم .
إن العالم بشر يصيب ويخطئ وكذلك ذلك الداعية المشهور يصيب ويخطئ.
وحتى يتضح هذا الموضوع فسأبينه من خلال هذه المسائل:
1. نحن نحب العالم لما فيه من الخير والعلم والدين وعندما يقع في الخطأ فنحن نكره الخطأ ولا نكره صاحب الخطأ.
2. لا بد من التأكد من وقوع ذلك العالم أو الداعية في الخطأ.
3. الذي يحكم على خطأ العالم أو الداعية ليس صغار الطلاب أو العامة إنما الذي يحكم هم العلماء وطلاب العلم العارفين للخطأ والصواب .
4. مناصحة العلماء والدعاة من الضروريات في الدين لأن خطأهم ينتشر بسرعة وقديماً قيل زلةُ العِالم زلةٌ العَالم.
5. لا بد من التزام الأدب عند المناصحة لأن قدر العلماء والدعاة كبيرُ جداً.
6. إذا سكتنا عن تلك العيوب فمن سيبينها ؟
7. قد نكون فهمنا المسألة فهماً سيئاً فعندما نناصحهم فإنهم سيوضحون لنا ما أشكل علينا.
8. ينبغي أن لا نطعن في العلماء ونغتابهم في المجالس لأجل ذلك الخطأ.
9. لو ثبت أن ذلك العالم أخطأ فلا تنس أنه بشر والخطأ متوقع منه كغيره من الناس.
10. لابد أن نعرف أدب التعامل مع خلاف العلماء ونلتزم به.
أيها الداعية " نريد كيف "
تأملت في كثير من توجيهات الدعاة وكلماتهم وأشرطتهم فرأيت فيها الخير الكثير ولكني أقول بكل صراحة : إننا بحاجة إلى أن يكون من ضمن التوجيهات التي يسمعها الناس منا هو " كيف ".
نعم ، ذلك الداعية يتكلم عن التقوى ويحث الناس عليها ويورد الآيات والأحاديث ثم الأبيات والقصص وبعد ذلك يختم كلامه، ولكن لو أنه ذكر في نهاية كلمته : كيف تكون من المتقين ؟
وما هي الوسائل التي تعين على تحقيق التقوى لكان أجمل وأفضل.
موقف 2 : ذلك الخطيب يخطب للجمعة ويتكلم في خطبته عن فضل الدعوة إلى الله ، ومكانتها , ولكن لو أنه ذكر : كيف تدعو إلى الله ، وكيف تكون ممن يحمل هم الإسلام ، لكان أجمل وأفضل.
موقف 3 : ذلك الداعية يتكلم عن فضل العلم وعلو همة السلف فيه ولكنه يختم كلمته تلك بإرسال عبارات العتاب للناس ويلومهم في تقصيرهم في طلب العلم، ويودعهم.
يا أخي والله إن الناس يحتاجون إلى " كيف " .
لماذا لم تتكلم عن كيفية طلب العلم وما هي الطرق الميسرة لأجل الوصول للعلم ؟
لا تقل إن الناس يعرفون ويفهمون , والله إنهم يحتاجون إلى إشعارهم بأن طلب العلم سهل ويسير وهم بحاجة إلى أن نوضح لهم كيفية طلب العلم بدل أن نرسل العتاب واللوم على مسامعهم.
موقف 4: يأتي أحد الفضلاء إلى ذلك المسجد ، ويتحدث عن فضل التوبة ومكانتها ، ويبدأ بسرد القصص المؤثرة والمبكية ، ثم يعود إلى بيته .
أقول وبلا تردد إن الناس سمعوا الكثير من تلك القصص وذلك الكلام ولكنهم قلّ أن يسمعوا من يبين لهم كيفية التوبة وما هي شروطها ، وما هي الوسائل العملية لها .
إن الناس عندهم أسئلة على كلمتك أخي الداعية وأنت تستطيع الإجابة عليها إذا استخدمت " كيف ".
إذن كيف لو رجموك بالحجارة ؟
أخي الداعية إنك تمارس عملاً جليلاً وعظيماً عند الله تعالى ، ولا بد أن تواجه بعض العقبات والصعوبات ، فيا ترى ماذا تعمل عند هذه العقبات ؟
إنه الصبر , نعم , إنه الصبر، إن الذي يخالط الناس ويدعوهم وينصحهم قد يعادونه أو يتكلمون عليه ، وقد يصدر منهم بعض الصور من الأذى لذلك الداعية.
أيها الداعية لا بد أن تعلم علم اليقين أن طريق الدعوة والإصلاح مليء بالأشواك ، ألم تعلم بأن رسولنا صلى الله عليه وسلم رجموه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه ؟
وأريدك أن تقف معي وقفة يسيرة حول هذا المشهد: يذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ليبلغهم دين الله وينصحهم ، فلما وصل إليهم ردوه ورفضوه وطردوه.
ويا ليتهم توقفوا عند هذا الحد ، ولكنهم أرسلوا الصبيان والمجانين لكي يرجموه بالحجارة ، وفعلاً ذهب الصبيان والمجانين ومعهم الحجارة وبدءوا يرمون بها إلى ذلك النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
ما أعجب ذلك المشهد , الداعية الكبير والإمام الرحيم يُرجم بالحجارة !
ولا زال الصبيان يرجمون ولا زال الصبر يزيد والرحمة والشفقة لدى ذلك النبي تزيد ، فعجباً لصبر ذلك النبي.
يا ترى كيف كان شعور النبي صلى الله عليه وسلم والحجارة تأتي إليه ؟ كيف كان يفكر؟ كيف كان ينظر إلى هؤلاء؟
إنه الصبر يا أيها الدعاة ، إنه القلب النقي والتقي الذي لا يعرف الانتقام ولا الإساءة.
والقصة لم تنته ؛ ويستمر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا زالت قطرات الدم تسيل ، وفجأة إذا بجبريل عليه السلام ومعه ملك الجبال يقفان أمام الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم ملك الجبال على رسولنا الكريم ويقول : يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك ، فإن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين .
ومعنى ذلك الكلام أي: يا محمد إن الله يراك ويرى الأذى الذي تعرضت له والإصابات التي نزلت بك ، وإن الله أرسلني لكي أنتقم لك وأدافع عنك ، فهل تريد أن أغلق عليهم الجبلين اللذين يحيطان بمدينة الطائف ؟ فيا ترى ماذا قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرحمة المهداة ، ذلك الرسول المختار؟ لقد قال: ( لا لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً ) ([18]).
إنه الصبر والتفاؤل والنظرة البعيدة لما وراء الحدث , وهذه المعاني لابد أن يتأملها الدعاة جيداً .
وصايا لإمام المسجد
1- جدد النية لله تعالى.
2- التفقه في أحكام الصلاة لحديث ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ([19]).
3- كن حسن الخلق مع الناس كلهم.
4- عليك بالالتزام بالسنة في قولك وعملك.
5- التواضع مع الناس.
6- زيارة المصلين في بيوتهم.
7- الحرص على البرامج الدعوية في المسجد.
8- التنسيق مع الدعاة والعلماء لإلقاء الكلمات والدروس في المسجد.
9- العناية بنظافة المسجد والأجهزة وملحقات المسجد كدورات المياه ونحوها.
10- عدم الغياب عن المسجد إلا لحاجة.
11- إذا غبت عن المسجد فلتضع بديلاً عنك.
12- لابد في الوكيل أن يكون في محل الثقة وحسن الأداء.
13- عدم السهر حتى لا تفوت صلاة الفجر.
14- المشاركة مع جماعة المسجد في أفراحهم وأحزانهم.
15- التواصل مع المصلين والجلوس معهم.
16- ماذا قدمت من وسائل دعوية لنفع الناس ؟
17- الشفاعة الحسنة للمحتاجين والغرباء.
18- عدم الفتوى إلا بعلم.
19- إيجاد مكتبة للمسجد.
20- تفعيل حلقات التحفيظ في المسجد.
21- العناية بتوعية النساء ووضع البرامج الدعوية لهن.
22- التفقه في أحكام المناسبات ؛ مثال ذلك: التفقه في أحكام الصيام قبل دخول رمضان، التفقه في أحكام الحج .
23- التواصل مع التجار وأهل البذل ؛ لأجل خدمة المسجد وإصلاح ما يحتاج إلى إصلاح.
24- توزيع المطويات النافعة في المسجد بشكل منتظم ومدروس ومراعاة أحوال الناس في ذلك.
25- العناية بأطفال الحي ووضع برامج دعوية لهم.
26- الاتفاق مع جماعة المسجد للخروج إلى نزهة في الشهر ولو مرة.
27- ترتيب الذهاب للعمرة مع جماعة المسجد في السنة ولو مرة.
28- وضع المسابقات الأسرية وترتيب الجوائز للفائزين.
29- التنسيق مع المحلات التجارية للمشاركة في وضع الجوائز للفائزين في الحلقات والمسابقات.
30- العناية بلوحة المسجد التي عند الأبواب وتخصيص أحد الشباب لها ليضع فيها كل جديد.
31- التواصل مع مكاتب الدعوة لوضع إعلانات المحاضرات في المسجد.
32- العناية بالجاليات والحرص على دعوتهم ، ووضع البرامج الدعوية لهم ، والتنسيق مع مكاتب توعية الجاليات.
ومضة : قد تناسب هذه الوسائل في بلد دون بلد ، والحكيم هو من يعرف ما يناسبه منها فيطبقه .
أين أنت عن نوح ؟
من السهل جداً أن نتكلم عن الصبر في طريق الدعوة والتضحيات التي لابد أن يقدمها الدعاة في سبيل نصرة الدين.
إنه كلام جميل أخي الداعية ، ولكن ما رأيك أن نطوي صفحات من التاريخ ونقف على صورة من صور الصبر العجيب ؛ إنه صبر نوح عليه الصلاة والسلام .
لقد مكث (950) سنة ليلها ونهارها في سبيل تبليغ هذا الدين ، إنه عدد كبير، وعظيم لمن تأمله.
إن الواحد منا لو بقي في برنامج دعوي لمدة أسبوع واحد يقضي نصف يومه في هذا البرنامج إنه لو فعل ذلك لرأى أنه قدم الكثير والكثير؛ ربما لأنه يغفل عن سير الأنبياء في ذلك ، وربما لأنه لم يعان من هموم الدعوة والمدعوين إلا القليل.
لقد تعجبتُ من ذلك الشاب الذي يتضجر من والده ، فلما قلت له: كم مكثت في دعوته ونصيحته ؟ قال : لي معه أسبوع ، ولم يتغير.
سبحان الله ، أين أنت عن نوح ؟
وآخر عنده ملاحظات على زوجته ، قلت له : هل قدمت لها همسات دعوية ؟ وكم لك معها تنصح وتعلم ؟ قال: لي معها سنة لم يفد فيها شيء.
سبحان الله ، أين أنت عن نوح ؟
وتلك المرأة تعاني من ضعف الدين لدى زوجها وقلة تقواه، تقول: تعبت منه لا يفيد فيه شيء.
يا ترى كم لك معه يا أختاه ؟ وما هي الوسائل الدعوية التي قدمتيها له ؟ إنك لو كنت تحملين همّ هدايته لتعرفت على وسائل التأثير فيه لكي تساعدي في هدايته ، فأين أنت عن نوح ؟
وهناك في ذلك المسجد إمام فاضل قدم لجماعته شيئاً يسيراً من وقته ومن علمه بعد صلاة العصر فقط ، وتجده يتأفف من المنكرات لدى الناس والأخطاء عند المصلين .
يا ترى كم هي الفوائد التي قدمتها لهم ؟ وكم هي الزيارات التي قمت بها لهم ؟ وكم , وكم . فأين أنت عن نوح ؟
إنها نماذج كثيرة إخوتي الدعاة، إننا بحاجة أن ننظر في سير الأنبياء والمرسلين نعم ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ )[الأنعام:90].
لماذا تركنا ذلك ؟
لعل الكثير من شباب الاستقامة وأهل الغيرة وأصحاب الإيمان يحزنون عندما يرون المنكرات تزداد وتنتشر، ولاشك أننا جميعاً نحزن لذلك ولا نحب أن يُعصى الله في الأرض.
ولكن دعونا ننتقل إلى باب من أبواب التغيير وعنوان من عناوين الإصلاح ومفتاح من مفاتيح النجاة إنه الإنكار، نعم , لماذا تعود بعضنا على ترك إنكار المنكر؟
بصراحة : إننا نمر على كثير من المخالفات في كل يوم ولكن القليل منا من يمارس تغيير المنكر.
فمثلاً : ذلك الرجل لما رأى تلك المرأة متبرجة لماذا لم ينكر عليها بكلمة يسيرة لا تتجاوز اتق الله يا أختاه , إنها كلمة قليلة لعلها لم تأخذ ثوان معدودة ولكنها عظيمة ؛ لأنها في تغيير المنكر.
إن المرأة لما سمعت تلك الكلمة لاشك ولا ريب أنها تأثرت بها - مهما تظاهرت بعدم المبالاة - ومهما تكبرت وتغطرست وسوف تضعها على بالها كلما خرجت.
ولو أن كل من مرّ بهذه المرأة قال لها مثل ما قال لها الرجل الأول لزال المنكر بإذن الله تعالى أو ندر وجوده ، ولكن المشكلة أن الذي ينكر المنكر واحد من عشرات من أهل الاستقامة.
بصراحة: نحن نحتاج إلى رجال يسخرون طاقاتهم إلى إنكار المنكرات ولو باللسان ؛ لأننا إذا سكتنا فالخسران لنا جميعاً .
ذلك المدخن يا ترى كم رآه من رجل ولم ينكر عليه أحد ، لو أن خمسة فقط أنكروا عليه هل سيستمر في ذلك المنكر ؟
والأمثلة كثيرة وليس مقصودي حصرها ، ولكن هذه إشارة إليكم يا شباب الاستقامة .
إن الأمة تنتظر منكم كلمة رقيقة تخرج من قلب رقيق على جناح الحكمة مع عبير الصدق لتصل إلى القلوب.
وأذكركم بأن ربكم الذي خلقكم يقول: ( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ )[الحج:40].
لا تسب الظلام
قد يستطيع الواحد منا أن يسب الظلام ولكن هل يستطيع أن يوقد شمعة ؟
إن الواقع مرير وفيه من المخالفات العقدية والفقهية والاجتماعية والسياسية الشيء الكثير، وفي كل يوم يزداد البلاء ويشتد الخطب ويتسع الخرق على الراقع , وهذا ليس بغريب ، بل إنه من السنن الربانية التي جاءت في النصوص , ففي صحيح البخاري ( لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم )([20]).
لكن وبصراحة كم هي الفوائد المترتبة من الكلام عن المنكرات وسرد الحكايات والقصص المبكية في عالم الفتن والشهوات ؟
نعم , قد نستفيد من سردنا لتلك المنكرات " الحرص على التغيير أو مخاطبة المسئولين ".
ولكن في الحقيقة وبكل صراحة إننا في كثير من الأحيان نخرج من ذلك المجلس بلا فائدة عملية تذكر.
والله لو أننا وبعد أن استمعنا لبعض المنكرات صدقنا مع الله وبدأنا بوضع برنامج عملي ومرتب لكيفية القضاء على ذلك المنكر، أو تخفيفه أو مناصحة القائمين عليه.
والله لو فعلنا ذلك لكان خيراً من أن نسب الظلام.
بصراحة , كم جلستُ في مجالس ، الكل يسرد من القصص التي فيها معاني اليأس من الإصلاح والتغيير، وبعد تلك الجلسة نأكل طعام العشاء وننصرف , وهكذا في كل لقاء.
فنصيحتي لمن يحملون همّ الإسلام ليكن عملك في الإصلاح أكثر من سردك للمنكرات ، والذي يوقد شمعة خير من الذي يسب الظلام.
فأوقد شمعة في بيتك وفي مدرستك وفي السوق وفي الفندق وفي المسجد وفي متجرك وفي المطار وفي الاستراحة وفي السفينة وفي الطائرة وفي كل مكان.
والذي يوقد شمعة خير من الذي يسب الظلام.
وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى
يا ترى ما شعور موسى عليه الصلاة والسلام وهو يستمع لهذه الكلمة " وأنا اخترتك " ؟
أي شرف وأي جلال وأي كمال وأي رفعة أن يختار الله جل في علاه واحداً من البشر الضعفاء ليحمل رسالة الله إلى البشرية ؟
إنها منزلة عالية إنها كرامة لا تعدلها كرامة ، فهنيئاً لك يا موسى هذا الاختيار وتلك المنزلة.
ولكن يا ترى لماذا لا أكون أنا وأنت ممن اختارهم الله تعالى لتبليغ دينه ونصرة رسالته ونفع عباده ؟
نعم ، صحيح أن الوحي انقطع من السماء ، ولكن الدعوة إلى الله تعالى ونصرة الدين باقية على مر الزمان ولا تنقطع ، وتستطيع أخي المسلم وأنت يا أختاه أن نكون ممن يحمل رسالة الإسلام وتبليغ الدين ، فنكون من أنصار الله الذين ناداهم الله بقوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ )[الصف:14].
إن همّ الأنبياء هو الدعوة وتبليغ الدين ، وإرشاد الضال ، وتعليم الجاهل ، وبيان الحق ، وهذا الأمر لن يصعب على من صدق مع الله تعالى وبدأ في الدعوة إلى الله تعالى.
وتاريخنا مليء بأولئك النخبة التي اختارت طريق الدعوة منهجاً وطريقاً ووسيلة تتقرب بها إلى ربها تبارك وتعالى.
والكلام عن فضائل الدعوة يطول ولكنها إشارة إلى أن نجاهد أنفسنا لنكون ممن سار في قافلة الدعاة لعلنا أن ندخل في ( وأنا اخترتك ) .
يا شيخ عندي ملاحظة
بكل صراحة أخي الداعية , أخي مُعلم الناس ، أخي الشيخ ، بعد تلك المحاضرة الرائعة إذا بشاب يستوقفك ويلقي عليك السلام ويريد معانقتك ما شعورك ؟
إنك تتوقع منه عبارة مدح أو كلمة ثناء.
بكل صراحة هذا هو الواقع ، ولكن سوف تتفاجأ إذا قال لك : يا شيخ عندي ملاحظة ، أليس كذلك ؟
بكل صراحة إخواني الدعاة لماذا نكره النقد ؟
إن التعامل مع النقد بطريقة إيجابية ليس أمراً صعباً ، ولكن بالتمرين والصدق والمجاهدة سنصل إلى ما وصل إليه عمر رضي الله عنه لما قال: رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا.
لقد اعتبرها عمر الفاروق هـديـة بل ودعا لصاحب النقد.
إنه تفكير الخلفاء والأولياء , إن الرضا عن النقد سُــنَّة من سُنَن عمر، وفي الحديث ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين )([21])، كما أننا نقتدي بالخلفاء في عبادتهم وسيرتهم ، فلماذا لا نقتدي بعمر في محبة النقد وال ناقد؟
بكل صراحة : إنني أعتقد أن واقع الدعاة والمصلحين يحتاج إلى أن ينقدوا أنفسهم ويطلبوا من غيرهم – من الأقربين والفضلاء - النقد بالطريقة المناسبة.
أيها الداعية ، أحببت التذكير بأنك لن تسلم من العيب وعندك أخطاء قد لا يظهرها لك العامة ؛ لأنهم يحبونك ، ولكن لو أظهرها لك أحد فابتسم له وصافحه ، وقل له: رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا.
لا نريد كلمة
أحياناً يخطئ بعض الدعاة في بعض المفاهيم وهم لا يشعرون .
ومن ذلك الفهم الذي أظنّ أنه متأصّل في بعض النفوس هو مفهوم ( يا شيخ نريد كلمة ).
إن هذا الطلب نسمعهُ كثيراً ما يقدم للدعاة وللمشايخ ، وهذا يدل على حرص الطالب سواء كان الطلب جاء من منسق البرامج في ذلك الجامع أو من ذلك القطاع العسكري أو المدني أو من تلك المدرسة أو غير ذلك .
ولاشك أن الذي قدم هذا الطلب حريص على سماع الكلمة وتلك المحاضرة من ذلك الشيخ ولهذا تجده يستعد لها ويرتب لها ويعلن عنها.
وفي الطرف الآخر نجد ذلك الداعية حريص أيضاً على إجابة الدعوة والحضور لإفادة أولئك الناس ، ولكني أهمسُ بهذه الخواطر على مسامع بعض الدعاة الذين يتعرضون لمثل هذا الطلب فأقول:
- أتمنى أن تستعد لتلك الكلمة وترتب لها وقتاً للتحضير لها والإكثار من المراجع حتى تكون تلك الكلمة نافعة.
- إياك أن تكون ممن يستخدم أرشيف المعلومات عنده ، فيأتي بالقديم من العبارات والقصص التي سمعها الناس عشرات المرات .
- أتمنًّى - أخي الداعية - أن تحرص على موعد الكلمة أو المحاضرة , ولا تكن ممن يعتذر عند أدنى عذر يطرأ عليه .
والله لو أن منصراً وقسيساً يجتمع له نصف العدد الذي سيجتمع لك لطار فرحاً بذلك ، فاحرص رعاك الله على الموعد أشد حرصاً من أي موعد آخر.
- تذكر - أخي الحبيب - أن الناس سيسمعون منك الكلمة ، ولكنهم في نفس الوقت سينظرون إلى فعلك وخلقك ، فيا ترى هل سيكون قولك مثل فعلك أم لا؟
- الإطالة على الناس أمرٌ غير محمود ، فلا تطل ؛ لأن خير الكلام ما نفع وليس ماكثر.
- أوصيك بالعناية بالقصص الهادفة في ضمن كلامك ، فهي من المؤثرات في عالم الدعوة .
نعم , نحن لا نريد كلمة فقط، بل نريد متكلماً إذا جالسناه انتفعنا بفعله وهديه وسمته أكثر من كلمته التي ألقاها .
إلى زوجة الداعية
إن من النعم عليك يا أختاه أن الله اختار لك هذا الداعية ليكون زوجاً لك وأباً لأبنائك ، ولكنك قد لا تشعرين بهذه النعمة ؛ لأن العادة أن " أزهد الناس في الدعاة هم أقرب الناس لهم ".
أختي المؤمنة ، لابد أن تعلمي أن هناك نساء يشكين من أزواجهن ، فهذه زوجها مدمن مخدرات وصاحب فساد ، وهذه زوجها مدخن ، وهذه زوجها مصاب بداء المعاكسات.
وأخرى زوجها من عشاق القنوات الفضائية فهو أمام القنوات في الليل والنهار لا يفتر عنها إلا إذا وضع رأسه للنوم ، وهكذا حالات غريبة من الرجال والأزواج.
يا أختاه ، هل عرفت قدر زوجك الذي يمارس الدعوة إلى الله في ليله ونهاره ؟
هل استشعرت نعمة ذلك الداعية الذي يسعى في كل لحظة إلى تبليغ دين الله تعالى ؟
أختاه ، لو أن زوجك هذا الذي هو من الدعاة , لو أنه مات أو حصل طلاق بينكم ثم تزوجت زوجاً آخر، وتفاجأت بأن الزوج الآخر من أصحاب الذنوب والشهوات ، بصراحة ماذا تتمنين في هذه اللحظة ؟ بلا شك سوف تبكين وتحزنين ، وتعودين بذاكرتك إلى ذلك الزوج الأول الداعية وتعاهدين نفسك لو أنه يعود لأكون خادمةً له ، صابرة على ما يصدر منه.
أختي ، يا زوجة الداعية ، اعلمي أن زوجك من البشر، والخطأ وارد منه ، ولا يتعجب من صدور الذنب منه ، وقد يقصر معك في بعض الأمور، وقد يتأخر عليك وقد يسافر كثيراً , فلماذا يا أختي لماذا لا تحتسبين الأجر والثواب من الله تعالى ؟
لماذا لا تقفين معه في نصرة دين الله تعالى ؟ لماذا لا تأخذي بيده في سبيل تبليغ دين الله تعالى ؟
أختاه ، لماذا نساء التجار يصبرن على سفر أزواجهن وأنت لا تصبرين على سفر زوجك في أمور الدعوة إلى الله تعالى ؟
لماذا نساء الغرب تصبر على رحيل زوجها لأجل البحث عن وظيفة وأنت لا تصبرين على رحيل زوجك إلى بعض القرى للدعوة إلى الله؟
يا مسلمة ، ألا تحمدين الله تعالى أن رزقك مثل هذا الزوج ؟
والله إن بعض زوجات الدعاة تتمنى أن يقف زوجها عن الدعوة لكي يبقى معها ومع أطفالها لكي يتجولون في الأسواق والمدن وعلى شواطئ البحار؛ وهذا الصنف من النساء يُعتبرون من العوائق في طريق الدعوة إلى الله تعالى ؛ لأن الداعية إذا وجد كثرة الجدال من زوجته وكثرة العتاب فإن هذا سيؤثر بلا شك في نشاطه الدعوي.
إن الرجل الداعية يحتاج إلى أن تقف زوجته بجانبه لكي تحفزه وتشجعه لكي يمارس الأعمال الدعوية ، وهكذا كانت خديجة رضي الله تعالى عنها مع الرسول صلى الله عليه وسلم .
ومضة أخرى ، أخي الداعية لا بد لك من أمور:
1- احرص على أن تكسب زوجتك في أمور الدعوة0
2- رتب وقتك واعلم بأن أهلك لهم حق عليك.
3- ابدأ بدعوة أهلك ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )[الشعراء:214].
4- املأ وقت الفراغ لدى زوجتك لكي لا تمل من غيابك عنها.
5- اعلم بأن الزوجة تريدك لها ولكن الله يريدك لدينه.
6- قد تجد زوجتك عائقاً كبيراً في طريق دعوتك فلا تحزن؛ فهذا نوح عليه الصلاة والسلام كانت زوجته تقول للناس : لا تطيعوه إنه مجنون ، وهذا لوط نوح عليه الصلاة والسلام كانت زوجته في عداء لدعوته ، ومع ذلك فإن نوح ولوط عليهما السلام لم يتركا الدعوة إلى الله تعالى.
كيف تتعامل مع منتكس ؟
1- احمد الله أنّ من عليك بالهداية.
2- عليك بالعتاب الهادئ مع النصيحة الصادقة.
3- تذكيره بأيامه الأولى.
4- الدعاء له بظهر الغيب.
5- معرفة الأسباب التي كانت سبباً لانتكاسته ومساعدته في علاجها.
6- عدم الكلام في عرضه والتشهير به.
7- جاهد نفسك حتى لا تقع في الأسباب التي انتكس بسببها.
8- تأليف قلبه بالابتسامة والهدية وغير ذلك من وسائل التأثير في النفس.
9- فتح باب التوبة له.
10- عدم تقنيطه من رحمة الله تعالى.
11- إخباره بأن الجميع معرض للوقوع في الذنوب.
12- تأصيل مبدأ " التائب من الذنب كم لا ذنب له ".
13- عدم السخرية به.
14- ما يدريك لعله يتوب فيكون خيراً من مئات من الناس.
15- لابد أن يشعر بأنك تريد له الهداية.
16- تأصيل قاعدة " ما حملك على ما صنعت قبل العتاب ".
17- النظر في وضعه المادي فقد يكون من أسباب انتكاسته.
18- كتابة رسالة مؤثرة له لعلها تنفع.
19- الحرص على متابعته والتواصل معه فهو كالغريق الذي يحتاج إلى إنقاذ.
الابتسامة
قال أحد الغرب : إذا كنت لا تستطيع الابتسامة فلا تفتح محلاً .
والمعنى : أن من أعظم وسائل كسب المشتري " حسن تعامل البائع معه ".
وهذا شيء واضح فالابتسامة مفتاح القلوب ، وكم من إنسان يحبك بمجرد ابتسامتك له حتى لو لم يكن يعرفك من قبل.
فينبغي للمسلم أن يتخلق بهذا الخلق الكريم ألا وهو التبسّم ، وهو خلق نبيّنا محمد عليه الصلاة والسلام حتى قال جرير البجلي رضي الله تعالى عنه : ( ما رآني الرسول صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي )([22]).
فكذلك ينبغي للداعية إلى الله أن يكثر من التبسم في وجوه الناس لكي يحبوه ، وإذا أحبوه أحبوا كلامه وفعله وقبلوا دعوته وتوجيهاته.
وما أجمل ما قاله أحدهم : الابتسامة أقلَّ كلفة من الكهرباء، ولكنها أكثر إشراقاً.
الدفاع الرباني عن رجال الهيئة
كنتُ في زيارة لأحد الإخوة من رجال الهيئة في إحدى المحافظات في شمال المملكة في يوم الأربعاء.
ولما جلسنا سوياً قال لي : أريد أن أريك شيئاً غريباً.
قلت: تفضل.
فذهبت معه إلى مكتبه في مقر العمل في مبنى الهيئة و أخرج لي طلاسم سحرية مع أوراق و.. فقلت له : و كيف كشفت هذا ؟
قال: جاءني بعض أطفال الحي في مساء الثلاثاء و طرقوا الباب ، فلما فتحت قالوا: يا شيخ ، جاءت امرأة أمس يعني مساء الاثنين وبدأت تحفر بجانب درج الباب عند مبنى الهيئة ووضعت أشياء فنريد أن تخرج هذه الأشياء.
يقول صاحبي : فلما ذهبت معهم إلى المكان و حفرنا وجدنا هذا العمل السحري الذي ظهر لنا من الكتابات المكتوبة عليه إيذاء أحد رجال الهيئة.
وتم إبطاله بحمد الله تعالى وصدق الله ( فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ )[الأعراف:119].
فيا سبحان الله ! المرأة تضع السحر مساء الاثنين ويكشفه الله بعد ليلة ، إنه الحفظ الرباني للدعاة المخلصين ، وهذا يؤكد لنا وعد الله القائل: ((وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ ))[الحج:40].
البناء عند الداعية
أخي الداعية ، هل تعلم أنك ممن يبني في هذه الحياة ؟
نعم . إنك تبني فيا ترى ماذا تبني ؟
إنك تبني الإيمان في قلوب الناس ؛ فكم من رجل وامرأة لم يكن الإيمان قد بني على أرض قلوبهم وإذا بك تبنيه بفضل الله تعالى.
لقد أصبح ذلك الشاب على أحسن حال من الهداية والنور ( يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ )[النور:35] .
ولقد كنت أخي الداعية المشعل لذلك النور، لقد بنيت الإيمان في قلبه وروحه ، وهو الذي سيكمل البناء في مستقبل عمره وبقية حياته.
لعل تلك الموعظة وتلك الكلمة أو ذلك الشريط أو تلك الرسالة، بل لعل تلك الابتسامة لعل ذلك أو بعضه هو القاعدة الأولى في بناء قصر الإيمان في ذلك القلب ، لقد رأينا أثر الإيمان على ظاهره والحمد الله أولاً وآخراً.
أخي الداعية ، إن الناس يتأثرون بك وينتفعون بك وأنت لا تشعر، وليس شرطاً أن يأتي الناس إليك ليخبروك بذلك ، فلو تعلم كم يحملون لك من الحب والتقدير لعرفت عظيم نعمة الله عليك.
فأوصيك أن تستمر في البناء ولا تستعجل ثمرة هذا البناء ؛ لأن البناء يحتاج إلى وقت .
ولا بد من الصبر ليقوى البناء ليكون قوياً على مواجهة العواصف والرياح.
فعليك بالبناء وبعد سنين سترى أنت أو سيرى المجتمع ثمرة ذلك البناء عندما ينتشر الخير بين المجتمع وتعم الفائدة ويزداد الحب والخير والتضحية من أجل الدين ، حينها تعرف قدر ذلك البناء.
وأخيراً: أخي الداعية ، لنبدأ ولا ننتهي إلا عند سكرات الموت لنبدأ ولا ننتظر النتائج ، لنبدأ ولا نطالب ولا نخاصم ولا نجادل من أجل رؤية البناء .
عند الموت ستعرف قيمة البناء ، وفي القبر سيصلك أجر البناء ، وفي أرض المحشر ستحمد الله أنك كنت ممن عمل في وظيفة البناء.
دع الأعمال تتحدث
من عجائب ما يلفت نظري في تاريخ الصحابة رضي الله عنهم , علو الهمة في العمل دون القول ، وكثرة الأعمال وتنوعها ، وقلة الأقوال وندرتها ؛ حتى إنه قد يصعُب عليك جمع أقوال أبي بكر أو عمر رضي الله عنهما في صفحات يسيرة ، ولكنك عندما ترغب في كتابة أعمالهم فقد ينكسر قلمك لعجزه عن تسطير أعمالهم.
ويمضي التاريخ وتتحرك عجلة الزمن لتقف في عصرنا لنرى الإبداع في الكلمات والإعجاز البلاغي ، وحسن انتقاء المقدمات مع الخواتم وروعة خطب الجمعة ، وجمال الرسائل والمطويات ، وقوة ما يكتبه حملة الماجستير والدكتوراه.
ولكنك تقف عند هذا الحد عند بعضهم وسوف لا تجد عند بعض هؤلاء أعمالاً فيها نصرة للدين ، ودعماً لأبواب الخير، وإنتاجاً لإحياء الإسلام في القارات الست.
سوف تنزعج أذنك من اعتذارات بعضهم عن المشاركة العملية في النُصرة ولكنه مبادر للنصرة الكلامية وشتان ما بينها.
ولك أن تجرب مع بعض هؤلاء المشاهير في برنامج عملي لا لفظي ، وأخبرني بما يقول.
إن أزمة العمل أزمة كبيرة وأما فن القول فيجيده صغار السن .
إن التاريخ استحى من أعمال صغار الصحابة لقوتها وعظمتها ، ولكن التاريخ صُدم من غياب الأعمال لدى من نراهم كباراً في العلم والدعوة.
إن الناظر في واقع المسلمين ليوقن بأن المرحلة القادمة مرحلة عمل وإنتاج وإرساء لثوابت الإسلام عبر مشاريع كبرى .
ولو انتقلنا إلى جانب مظلم في تاريخ العالم فسنرى التنصير يجوب البلاد ليثبت لنا أن الكنائس تجيد اختيار العاملين والصابرين بل والعاملات الصابرات لخدمة التنصير، وستشاهد أعمالاً لهؤلاء يعجز عن بعضها فئام من المسلمين؛ ومنها:
بناء المدارس ، والمستشفيات ، وإطعام الجوعى , وكل ذلك لأجل التنصير.
إذاً: هم يعملون , لا يتكلمون كحال أفرادنا بل وثلة من أهل العلم في عصرنا.
إن المصارحة في النقد وخاصة لأهل العلم والدعوة ثقيلةُ جداً ؛ لأننا نشأنا على إهداء أجمل الألفاظ لهم ، ونجيد اختيار المقدًمات في محاضراتهم ، ونتج من وراء ذلك كراهية النصح والبيان ولو أظهر بعضهم محبته لأنه كل امرئ على ما تعود عليه .
وختاماً: أتركك لتبحث عن مجال جديد من الأعمال لعلها تتحدث عنك .
وأهمسُ لك همسة: لا أعني ترك القول فهو مُهم والكلمة قد تصنع في الأمة الكثير، ولكن ليكن العمل عندك أولى .
الداعية والترتيب
تزدحم على الداعية الأعمال ويرغب الناس في الالتقاء به ويطالبونه بوقت لكلمة أو زيارة أو شفاعة أو غيرها.
ويمتلئ جواله بالرسائل من أسئلة تطلب فتوى ، وأخرى تبحث عن حل لمشكلة ، وأخرى طلب لقاء.
هذا غير مواعيد الأسرة والأقارب وطلبات القنوات أو البحوث العلمية والمشاركة في المؤتمرات أو الكتابة في الانترنت ، وسيل كثير من الالتزامات والطلبات التي لا يحيط بها قلم.
ومع كل هذا الازدحام في الأعمال إلا أن جودة الترتيب والتدرب عليه كفيل بإذن الله تعالى على الوفاء بكل تلك الأعمال بل وغيرها مما لا يتصوره أحد.
وقد جرَّبت كل ذلك وغيره فتبين أن " الإتقان " و " الإحسان " في الترتيب والتنظيم يساهمان في إنجاز كل الأعمال والمواعيد والطلبات.
والقضية تحتاج :
- إخلاص القصد للرب تعالى. - دراسة الأولويات في الأعمال.
- التأني في الموافقة على المواعيد. - نبذ المجاملات في الحياة الدعوية.
- الدعاء بأن يرزقك الله البركة في الوقت. - الاستعانة بالله تعالى وتفويض الأمور إليه.
ومضة: ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )[الأنعام:162]
إشراقة : حياتك ليست لك بل للأمة .
القناعة بالدعوة
في كثير من مجالسنا نجد من يوقظ في نفوسنا " الحماس الدعوي " ويشعل فتيل الهمة وبعد ذلك ننطلق لممارسة بعض الأنشطة الدعوية ، وما هي إلا أيام إلا وتنطفئ شمعة الحماس ، ويضعف داعي الهمة ، وهكذا نحتاج لمن يعظنا مرة أخرى لننطلق مرة أخرى.
إن الأمة تنتظر أي مشاركة مني ومنك على سبيل الدوام والاستمرار ولو على القليل لا على سبيل ردود الأفعال.
إن الداعية الصادق هو من يملك قناعة راسخة بضرورة الدعوة ووجوب الإصلاح اقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام وانطلاقاً من آيات الكتاب العزيز ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ )[النحل:125] ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ )[آل عمران:104].
إننا نريد الداعية الذي بنى حياته كلها على " الدعوة " ورسم الخطة لهذه الغاية العظيمة ، ولا نريد الداعية الذي بنى برامجه ردوداً لأفعال أو حماسة لمواجهة منكر معين.
إن كل عمل جليل يفتقر إلى توفيق إلى الله تعالى , ونحن نجزم أن تعليم الخلق ونصح الآخرين من أهم الأمور التي يجب أن تبنى على ذلك.
إننا نرى برامج تبدأ ونفرح لها ولكن سرعان ما تتوقف , بالطبع هناك عوامل تساهم في الاستمرار ولكني أجزم أن القناعة ووضوح الهدف كفيلة بالاستمرار ولو على الشيء اليسير.
ونحن نرى ونسمع عن بعض الدعاة ينشط في مسجد أو حي أو قرية ولكن بعد أيام ينتقل إلى مكان آخر أو يتزوج وبعد ذلك " يودع الدعوة " وكأنها وظيفة مؤقتة أو عمل مضى وذهب.
لقد سبرتُ حياة العلماء على مر الزمان فظهر لي أنهم كانوا " دعاة حتى الممات ".
فتأمل في حياة الإمام أحمد وطالع في سيرة ابن تيمية وانظر في الأئمة ابن باز وابن عثيمين والألباني وابن جبرين رحمهم الله أجمعين هل كانوا إلا دعاةً حتى الممات ؟!.
لقد كانوا مقتنعين بالهمّ الدعوي وساروا في تحقيقه ونجحوا , وهكذا ننجح.
لوحة المسجد 16 فكرة دعوية
لا يخلو مسجد في الغالب من وجود لوحة داخلية تكون عند الأبواب ، وفي الغالب توضع عليها بعض الملصقات الدعوية ، ولي حول هذه اللوحة عدة همسات :
1- اختيار المكان المناسب لها حيث تكون بجانب الأبواب بطريقة مناسبة ، وقد توضع على الجدار على هيئة لوحة خشبية ويوضع عليها قماش قطني ليتم وضع الملصقات عليها بطريقة سهلة حيث توضع الورقة وتثبت عبر " دبوس صغير " يسهل إزالته.
وهذا أحسن من طريقة وضع الملصقات على الجدار أو على الأبواب بلصق يؤثر على جمال المسجد وجدرانه وأبوابه.
2- يلاحظ على بعض المساجد إهمال اللوحة الدعوية ، فلا تتعجب حينما ترى بعض الإعلانات الدعوية وقد مر عليها عام كامل ولم تستبدل ، وهذا دليل على غفلة القائمين على اللوحة الدعوية.
3- ينبغي تخصيص أحد الإخوة من جماعة المسجد أو المشرفين أو طلاب الحلقات ليتولى تجديد لوحة المسجد كل أسبوع ، ولا بد من إشراف الإمام أو المؤذن على اللوحة ومتابعة ذلك.
4- بعض أئمة المساجد يحرص على إبراز أسماء المتفوقين في الحلقات فقط ويغفل عن تعليم عامة الناس عبر لوحة المسجد.
5- ينبغي أن يكون المحتوى الموجود في لوحة المسجد مناسباً ومتنوعاً حتى يستفيد القارئ منه.
6- تفيدك كثيراً المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت لتأخذ المناسب وتطبعه ثم تضعه على لوحة المسجد.
7- ضرورة وجود جهاز كمبيوتر في مكتب الإمام أو مكتب الحلقة .
8- يلاحظ في بعض المساجد العناية بالبنرات الكبيرة التي تحوي أقوال السلف وبعض الكلمات التي في الغالب قد لا يفهما العامة.
وأذكر أنني وجدت في أكثر من مسجد بنراً كبيراً " مقاس متر في نصف متر " ومكتوب فيه كلام لابن القيم من كتابه " طريق الهجرتين " الذي يحتاج لوقت طويل في فهمه وتأمله.
فيا ترى هل سيستفيد منه القارئ بسهولة ؟
9- بعض الملصقات تكون كثيرة الكلام بحيث تجد صعوبة في قراءتها ، هذا فضلاً عن صغر الخط في الغالب.
10- لا بد من العناية بالمواسم ، ففي أيام رمضان تكون الملصقات عن رمضان ، وفي الحج عن الحج ، وفي موسم الإجازة تكون عن السفر والإجازة ومسائل الزواج , وهكذا.
وهذا الإبداع في اختيار نوعية الملصقات ناتج عن جودة التفكير لدى المشرف على هذه اللوحة الدعوية.
11- في مصلى النساء لا نجد في الغالب أي عناية بلوحة مصلى النساء، وهذا تقصير كبير؛ لأن النساء يصلين في الغالب في المسجد ، وقد تكون اللوحة سبباً في هداية إحدى الأخوات أو على الأقل رفع الجهل عنها في بعض شئونها.
12- في بعض المساجد يكثر وجود بعض الجاليات الإسلامية ، فما أجمل أن تكون هناك ملصقات خاصة بهم ، ولا شك أن السعي لنفعهم أجره كبير.
13- في بعض المساجد ومع تطور التقنية وضع بعض الأئمة شاشة تلفزيونية كبيرة ، وتكون فيها معلومات إسلامية مهمة، وبعض الإعلانات الدعوية، وهذه فكرة جميلة جداً.
14- عند تغيير أوراق وملصقات اللوحة لا بد من وضعها في مكان محترم أو حرقها ؛ لأن بعض الإخوة قد يهمل ذلك ويرميها في سلة النفايات مع احتواء تلك الملصقات على الآيات والأحاديث.
15- في مصلى المدرسة أو الجامعة لا بد من العناية باللوحة الدعوية ، ولعل هذه من مهام مدرسي الثقافة الإسلامية أو اللجان الدعوية في المدرسة أو الجامعة.
16- كذلك في مصلى النساء في المدارس والجامعات لا بد من تفعيل العناية باللوحة الدعوية التي سيكون لها الأثر الكبير في توعية الطالبات والمدرسات.
17- في المراكز الإسلامية في الدول غير الإسلامية لا بد من العناية باللوحات والتصاميم الدعوية في المركز نفسه ، أو المصليات التابعة له.
وهذا له أثر كبير وملموس في نفع المسلمين هناك ، حيث يجدون الفائدة والخير بكل سهولة في عرض جميل في تلك اللوحات.
الدعاة بين القنوات والمساجد
عندما تنظر إلى الحياة تجد التقدم والتطور في جميع وسائل الحياة ، ولعل ذلك ليس بغريب ، فنحن في زمن " سباق التقنية " .
ولعل كل داعية صادق يحب أن يستخدم كل ما هو متاح ومباح لنشر دعوته وما يحمل من مبادئ ومناهج.
وها هو " الإعلام الفضائي " يكتسح العالم ليدخل كل بيت سواء في مدينة أو قرية صغيرة أو على سفح جبل أو زاوية نهر، فعجباً لهذا الإعلام.
ولندخل إلى " لب القصيد " وجوهر المقال :
إن الداعية الذي يحمل همّ الدعوة والإصلاح والتغيير يجب أن يبادر إلى الدخول إلى عالم القنوات الفضائية لكي:
1- يملأ القنوات بما هو مفيد. 2- يزاحم وسائل الفساد بطرق الإصلاح.
3- يفوز بأكبر عدد من الأجور والحسنات لكثرة من يتابعه وينتفع به. 4- لتصحيح المفاهيم والمبادئ التي ملأت العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه.
5- ليظهر للناس المنهج الوسط الذي قام عليه الإسلام في ظل التشويه الذي أحاط به من قبل الأعداء والمخالفين.
وقصدي بالقنوات " القنوات الإسلامية الهادفة " لا القنوات التي امتلأت بالفسق والفجور.
والذي يرى الخروج في تلك القنوات الأخرى " مجتهد " وله أجره وله رأيه ونظرته وأسأل ربي له التوفيق وأهمس لكلا الرأيين همسات :
* همسات للدعاة الذين يخرجون في القنوات الإسلامية المحافظة :
1- احرص على فقه الأولويات فيما تتحدث عنه أمام الجمهور .
2- لابد من الإعداد الجيد في طرحك الذي تتحدث عنه .
3- تذكر أن جمهور القنوات كثير, لذا عليك أن تتصف بالصفات العالية والرائدة للداعية الصادق .
4- اختر الكلمة المناسبة للحدث المناسب .
5- اعتمد على أدلة الكتاب والسنة في خطابك .
6- كلمة الحق يحتاجها الناس في ظل غيابها أو تمييعها من بعض الرموز .
7- العناية بجمال لباسك ومظهرك يؤثر على قبول ما تطرح , والله جميل يحب الجمال .
8- استشارة العلماء والدعاة الكبار قبل نزولك للقنوات أمر مهم ومطلب ضروري .
9- لتكن لك خطة طويلة المدى في برامجك التلفزيونية .
10- اقبل النقد ممن يهديك إياه عبر لقاء مباشر أو رسالة جوال أو بريد الكتروني , واعلم أن جمهور القنوات مليء بالمنتفع وأهل النقد .
11- عندما تسأل عن مسألة عظيمة والفتوى فيها تحتاج لبحث واستشارة للعلماء الكبار فلا تجب ، واحذر من فتنة القناة والجمهور، واعلم أن ربك يسمع ما تقول ولعلك تعرف قيمة الفتوى وخطورتها .
* همسات للدعاة الذين يخرجون في القنوات الأخرى :
1- إياك أن تميّع الدين وتظهره بصورة " اليسر " في قالب" التمييع " ولعلك تعرف الفرق بين الأمرين.
2- قد يكون جمهورك كثير؛ وذلك لشهرة تلك القناة على المستوى العالمي أو على مستوى المتابعين من المسئولين والحكام وأصحاب القرار , فعليك بالتقوى التي هي مفتاح التوفيق .
3 - لا تسمح بأن تكون " امرأة " معك في البرنامج ولا يخفى عليك " تحريم النظر " وأثر القرب الجسدي منها .
وأنت تعلم أخي الداعية أن تكرار النظر يضع الصورة في القلب ، وكم من نظرة جلبت مصائب والعين تزني وزناها النظر.
5- كن حازماً في الرد على أي منكر يحيط بك في البرنامج ؛ سواء موسيقى في الفواصل الإعلانية ، أو في بداية البرنامج ونهايته.
6- عند ورود اتصال تشم منه رائحة الباطل فلا تتساهل في رده وبيان فساده.
أخي الداعية يا من شاركت في القنوات , لا تهمل المسجد .
أيها الداعية المبارك , نحن نطالبك بأن تعطي المسجد حظاً من العناية بدعوتك وشيئاً من دروسك وكلماتك.
وإذا كانت القنوات لها جمهورها وانتشارها فالمسجد له جمهوره وله كيانه.
وإليك بعض الفوارق بين المسجد والقناة من ناحية الدعوة والبيان.
الفوارق بين المسجد والقناة من وجهة نظري :
1- فضائل مجالس الذكر المعروفة لا تكن – والله أعلم – عبر أثير القناة .
2- القرب من الناس جسدياً وأثر ذلك في الانتفاع بالداعية من لدى الجمهور، وملاحظتهم لأفعاله وأدبه وسمته أمر يتيح وصول قدر كبير من التأثير كما كانت مجالس النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الكرام من بعده .
3- الاتصال المباشر بالناس بالرؤية والسماع والجلوس بينهم وقضاء حوائجهم له دور كبير في أثر الدعاة على المجتمع.
4- في المسجد هيبة وإجلال وإحياء للدور المنتظر له في الواقع الدعوي.
5- في المسجد إمكانية التدرب على الصبر في التعامل مع الناس ومعاينة ما يجري منهم وأثر ذلك في عامة الناس.
- مهمات:
لا يعني هذا التقليل من جانب القنوات بل نفعها كبير ولا يحيط به أحد، ولكنها إشارة إلى ضرورة إحياء دور المسجد في دعوة الناس والقرب منهم وسماع أسئلتهم وقضاء حوائجهم ، وإبراز الآثار الدعوية لهم التي لن تتمكن الشاشات من إبرازها.
ومضة : في كل خير وكلانا على خير.
المساجد ودعوة الجاليات
أعجبتني فكرة رأيتها في بعض المساجد ؛ وهي مجموعة كتب للجاليات توضع في دولاب المصاحف الأمامي وتتكون هذه الكتب من مجموعة عناوين بعدة لغات.
وقد رأيت أحد الإخوة باكستاني الجنسية وهو يقرأ بنهم وشغف في مصحف بلغته ، فحمدت الله تعالى أن المساجد لها دور في تعليم الناس دينهم.
والحق يقال: إن هناك مساجد غافلة عن هذا الباب الكبير؛ وهو دعوة الجاليات مع أن تواجدهم قد يفوق أحياناً بعض العرب في بعض الأحياء.
فيا ترى هل من وقفة انتباه في دعوة الجاليات ؟!.
ومضة: الجاليات قدموا إلى بلادنا فلمَ لا نقدِّم لهم الدين صافياً نقياً ؟!.
الإمام .. الإمام
إنه إمام المسجد وهو نفسه " إمام " للأمة فيه صفات الأئمة الذين هم من سلف الأمة ، إنه منقطع القرين عزيز النظير، قليل المثيل، نسيج وحده ، واحد عصره ، لا يبارى ولا يجارى ، لا يلحق شأوه ولا يدرك غباره.
هو ممن تلحظه الأعين وتذكره الألسن ، وتبتهج بمنظره لجلال أعماله ، فأعماله سيرة تكتب في السطور وحديثه ملئ الصدور.
له منهج في التعامل مع الحياة ؛ عنوانه " الحياة حياة " فهو من صناع الحياة.
لا يرضى إلا بأحسن الأهداف ولا يرتدي إلا لباس الهمة ، إذا اقتربت منه أحرقتك نيران همته فاحرص على نفسك من أنفاسه.
تعلقت به الآمال ورغبت فيه عقول الأجيال ، فعجباً له كيف كانت نفسه هكذا.
هو الرجل المناسب في المكان المناسب ، اختياره لأعماله اختيار موفق ، ومعروفه سرى في الجيل وتدفق.
هو سيد في الإخلاص قائم بالاتباع.
رأس في الأخلاق حميد الفعال ، يعشق الإحسان ، صادق الود ، صافي السريرة.
إنه إمام تتمنى أن له نسخة أخرى في كل حي ، فإن عُدم ففي كل بلد.
هو مفتاح التفاؤل وصديق البذل ، وصاحب التنافس ، لا ينظر إلى من هو أدنى منه ، وضع نصب عينيه ( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى )[طه:84].
إنه إمام يشارك في قيادة الأمة ، ويرى في وظيفته صناعة للحياة فلا تسأل عن أهدافه وأمانيه.
فيا أيها الإمام : هل أنت إمام ؟!
الداعية والاختراق الاجتماعي
الداعية شخص لا بد أن ينضم إلى فئات المجتمع بمختلف أصنافها؛ مع الأمراء والوزراء والكبراء ، والعامة والضعفاء.
والهدف من هذا الانضمام " الاختراق " هو كسب الناس لا لأجل مصالحه ، بل لأجل دعوتهم إلى الله وتقريبهم للدين.
ولقد كان من طريقة الأنبياء " الاختراق الاجتماعي " والدخول لجميع الفئات بدون حياء أو خجل ، وانظر لصراحة الأنبياء مع أقوامهم ( اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ )[الأعراف:59].
والمواقف عنهم كثيرة ، وفي مجموعها تجد القوة في الدخول مع المجتمع ، والإخلاص لله في هذا الدخول ، والحرص على المجتمع بكل صوره.
ومما يندى له الجبين تأخر الدعاة عن هذا الاختراق الاجتماعي بسبب الحياء أو الخجل ، بينما تجد بعض أهل الفساد قد يكون لهم دخول على المجتمع بكافة أطيافه.
وقد يوجد بعض أنصاف الدعاة وأنصاف المتعلمين يتقنون فن الدخول للمسئولين لأجل مصالح لهم خاصة مع لبسهم لباس أهل الاستقامة , مما يجعل أولئك المسئولين يقبلونهم ؛ لأنهم في الظاهر " أصحاب استقامة " فيكون ذلك سبباً في تنمية الحب بينهم وتبادل الخدمات التي قد يحرم منها الدعاة الصادقون ؛ لأجل بعدهم واختفائهم.
فيا داعية الإسلام انزل للميدان ، وكن جريئاً في " الاختراق " وحينها تحقق مكاسب للدعوة ، ومن جرب عرف.
أكثر من 20 همسة للعاملين في المجال الدعوي
1- الإخلاص هو طريق التوفيق ومفتاح النجاح ، فلا بد من تجديد النية والحذر من آفات العمل.
2- الصبر على هذا المجال الذي تحيط به المصاعب والمتاعب وفيه اختلاط بعامة الناس الذين في الغالب تظهر منهم بعض التصرفات الغير منضبطة.
وفي الحديث: ( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم )[ صحيح الجامع: 3159 ].
3- استشعار محبة الله لهذا العمل ؛ لأنه مما يحبه الله وهو باب من الإحسان والله يقول : ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ))[البقرة:195] . وفي الحديث : ( وخير الناس أنفعهم للناس ) السلسلة الصحيحة [ 1/712 ].
4- الحذر من الغرور بالنفس ورؤية العمل لئلا يحبط العمل ويذهب أدراج الرياح.
5- علو الهمة في باب نفع الناس ؛ لأنه من الطرق المؤدية لرضا الرب.
6- السير على نظام دقيق في ضبط الأعمال والأموال وعدم الفوضوية التي تمحق بركة العمل.
7- التعاون والتكاتف في سبيل الارتقاء بالعمل والتنازل عن بعض الهفوات التي قد تصدر من البعض , ومن طلب أخاً بلا عيب بقي بلا أخ.
8- الاستفادة من التقنية في تطوير العمل والارتقاء به نحو الأفضل ، ومتابعة الجديد من البرامج والتقنيات التي تساهم في إبراز العمل الخيري في أحسن صورة.
9- توثيق الأعمال والبرامج عبر تصوير ثابت وفيديو وإخراجه مستقبلاً في عرض برجكتر ليتم عرضه في الحفل السنوي مما سيكون له أثر إيجابي على نفوس الناس ، وسيدرأ كثيراً من الظنون والشكوك حول العمل الخيري وخاصة ممن ينسبون الإرهاب إليه.
10- الحذر من فتنة النساء إذ لا يسلم أي عمل خيري من توارد النساء لمزاحمة القائمين عليه بالطلب والمساعدة، والحذر من الثقة بالنفس عند سماع أصواتهن أو زيارة منازلهن لتفقد أحوالهن.
وفي الحديث: ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) متفق عليه .
وأعرف بعض الذين تساهلوا في ذلك قد وقعوا ف مصائب لا يعلمها إلا الله .
11- الحذر من فتنة المال ، فقد يُزين الشيطان للبعض الأخذ من المال بحجة الحاجة إليه مع إمكانية السداد بعد حين ، والمرء لا يدري متى يفاجئه الموت ، فالله الله في الانتباه لذلك.
12- مراعاة التوازن في الواجبات الأخرى ، فمن الناس من يشغله العمل الخيري عن أسرته أو وظيفته ، أو حتى بعض العبادات كالنوافل أو القرآن أو طلب العلم ، والتوازن وإعطاء كل ذي حق حقه يكفل لك الطمأنينة في حياتك وعدم حدوث مشاكل أو اضطرابات مع الحقوق الأخرى.
13- الدفاع عن العمل الخيري في أبواب الإعلام ؛ كالجرائد والمجلات والقنوات، وهذا الدفاع من واجبات الإدارة العامة في العمل الخيري , ونتائج ذلك : إيقاف السيل الذي يلمز بالعمل الخيري ويلصق به التي لا أصل لها.
14- إظهار صورة العمل الخيري الحقيقية لعامة الناس عبر وسائل الإعلام من صحف ومجلات وقنوات ، وإثبات ذلك بالصور والأرقام حتى يتبين للناس حقيقة العمل الخيري وأنه قد قام بخدمة المجتمع ونفع الناس بكافة مستوياتهم.
15- السعي في تطوير العاملين وتدريبهم في مراكز متخصصة ليكونوا في أحسن حال من العمل والإنتاج.
16- تصميم موقع على الشبكة العالمية في الإنترنت لتلك الجهة الخيرية ، ويكون الهدف من هذا الموقع : إبراز النتائج والأهداف التي حققها هذا المركز أو تلك الجمعية الخيرية ، ولا مانع من وجود أهداف أخرى في الموقع مما يخدم أمور تلك الجمعية أو ذلك المركز الخيري.
17- ضبط الأموال الواردة عبر الحوالات البنكية أو الصدقات المباشرة أو الزكوات ، وهذا الضبط يحمي العمل والعاملين من الاتهامات ويحقق الهدف من العمل الخيري وهو نفع الناس ومساعدتهم.
18- الحرص على سلامة الأجهزة والممتلكات التي في حوزة كل موظف وعدم إهمال أي شيء من ذلك.
19- قبول النقد الذي يرد إليكم سواء من المراجعين أو حتى من المخالفين إذا كان النقد في الموضع الصحيح.
20- العناية بالفتاوى المتعلقة بالعمل الخيري والحرص على ضبط الأعمال وآليات العمل على المنهج الشرعي ، والحكم الصحيح المبني على الدليل , مثال: كفارة اليمين كيف تصرف ، زكاة الفطر متى وقتها ؟ الزكاة هل تعطى لطالب العلم ، هل يصح بناء المساجد من أموال الزكاة ؟ وغير ذلك من المسائل المتعلقة بالعمل الإغاثي والخيري.
21- عدم توسيع رقعة العمل إلا بعد التخطيط الجيد والدراسة المتأنية لكل فروع العمل.
22- زيارة المكاتب الخيرية الأخرى للاستفادة من الخبرات وتبادل المعلومات.
23- إحسان الخُلق في التعامل مع المراجعين وبذل المعروف إليهم ؛ لأنهم في الغالب أصحاب حاجات وضعفاء، وفي الحديث: ( الراحمون يرحمهم الرحمن ) [ صحيح الجامع: 3522 ].
24- الحرص على بناء الوقف الدعوي الذي سيخدم الجمعية أو ذلك المركز الخيري.
25- ضبط الأسرار والمعلومات الخاصة بالعمل وعدم إظهارها.
26- حفظ أسرار الفقراء والمحتاجين وعدم إخبار الناس بأسماء أو أوصاف رواد الجمعية، وفي ذلك حفظ لمكانتهم وتقديراً لمشاعرهم.
27- جودة العلاقات العامة مع الآخرين وخاصة المسئولين ، وفي ذلك بقاء ودعم للعمل الخيري.
التأصيل للضعف
" لا حول ولا قوة إلا بالله " " حسبنا الله ونعم الوكيل " " إنا لله وإنا إليه راجعون " .
إنها كلمات جميلة ذات معانٍ عقدية متينة ، فيها من التفويض والتسليم للرب عز وجل والانقياد له.
ولكن مما يؤسف له أن يستخدمها بعض أصحاب الاستقامة في تأصيل ضعفه عن مواجهة الباطل ، ويسردها لك عندما تطالبه بمشروع أو مشاركة في نصرة الدين.
عجباً لنفرٍ ممن سار في عالم الهداية وهو متأخر ضعيف متكاسل يساهم في تأصيل الضعف فيمن يعاشر ولا تكاد تراه و تسمع أحاديثه إلا وتهبط الهمة لديك إلى أسفل سافلين.
يا هذا انزع عنك ثوب الكسل واحذف من قاموسك عبارات الاعتذار، واسلك سبيل المجد وزاحم الأبطال وانظر في تاريخك المشرق الذي سار به إخوانك نحو الآفاق شرقاً وغرباً مع ضعف الإمكانيات.
يا هذا ارتفع بهمتك وشارك في النجاح ، وإياك وتأصيل الضعف في نفوس الأمة ، فالجراح كثيرة ولا نريد المزيد.
إشراقة ربانية ( خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ )[البقرة:63].
مشروعك القادم
لك أنت هذا العتاب " يا ترى ما هو مشروعك القادم " ؟
لقد تجرأتُ على هذا العتاب لأرسله لك يا من أجزم أن لديه الهمة العالية لطلب النجاح له وللأمة.
إني أجزم أن لديك من قوة الإرادة ما يجعل لديك " مشروعاً قادماً " مخفي في ذاكرتك ولم يخرج ، ولعله لن يخرج إلا بعد أن تبدأ أنت بصياغة التفكير الإيجابي لديك ليكون من ورائه المشروع القادم.
إن أمتنا حفَلت بعدة مشاريع كان لها الأثر البالغ في صناعة الحياة والنهوض بالأمة فتأمل:
- مشروع جمع القرآن على يد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه . - مشروع جمع القرآن الثاني في عهد عثمان رضي الله عنه . . - مشروع البدء بتدوين السنة في عهد عمر بن عبد العزيز.
- مشروع تأليف الصحاح وفي مقدمتهم الإمام البخاري ومسلم. - مشروع نشر السنة وشروحاتها وتلخيصاتها. - مشروع الردود في علم العقائد دفاعاً عن منهج السلف.
- مشروع المكاتب التعاونية للجاليات وتطبيقه بعد أن كان فكرة. - مشروع المواقع الإسلامية على الشبكة العالمية.
- مشروع دور التحفيظ النسائية.
- مشاريع الأوقاف الدعوية التي تخدم الإسلام. - بناء المراكز الإسلامية في الدول الفقيرة، والتي لم تصلها رسالة الإسلام بشكل واضح ومتميز.
أركان المشاريع : 1- إخلاص القصد للرب تعالى. 2- استشارة العلماء والدعاة قبل البدء في أي مشروع. 3- التخطيط الجيد لكل تفاصيل المشروع.
4- البحث عن الدول والمدن الأكثر حاجة. 5- إقناع التجار بتمويل المشاريع.
6- الاستفادة من المشاريع السابقة في الخطة والهدف.
7- اختيار اللجان التي تدير المشروع. 8- توعية المجتمع بضرورة المشاريع.
9- لا يعني العناية بالمشاريع أن نهمل الأعمال الأخرى التي تستنزف الأموال كالإغاثة والمحاضرات والبرامج، ولكن نقصد وضع احتياط مالي يخدم مشاريعنا القادمة.
الاستسلام لمبدأ القدرات
كنت مع صاحب لي فسألته : لم لا تكتب في المواقع الإسلامية ؟
فقال: لم يُفتح لي في هذا الباب.
قلت: ومن أقنعك بهذا ؟ فقال: أنا أعرف نفسي.
وبعد يوم من اللقاء تفاجأت بأنه قدَّم بحثاً في كلية الشريعة ، فتعجبت أنه لم يعتذر عن كتابة البحث لأنه لم يفتح له كما في سؤالي له.
بكل صراحة : إننا قد ننجح في مخادعة أنفسنا ونعتذر لكسلها بحجج واهية ، فتأمل أن صاحبي هنا اعتذر عن الاحتساب في الكتابة في المواقع , ولكنه لم يعتذر عن البحث الجامعي لأجل الدرجات ، فيا ترى لم هذا التناقض؟
إننا قد نعتذر عن أبواب كثيرة من الخير بحجة " أنا لم يفتح لي " أو " أنا أعرف نفسي " ويقول هؤلاء بأن الناس قدرات وطاقات وليسوا على منزلة واحدة.
وأنا مقتنع بصحة " تفاوت القدرات " .
ولكني أجزم أننا نستطيع أن نكتشف مالدينا من قدرات خفية إذا صدقنا مع الله وكان هدفنا واضحاً وعالياً .
التثبيت أو التثبيط
إنه حرف " ت " أو " ط " وبينهما تشابه في النطق ولكن التفاوت في المعنى كبير جداً.
مرادي هل يا ترى نحن في حياتنا مع هذه الصحوة المباركة علمية كانت أو دعوية أو تربوية أو غير ذلك ، هل نحن نمارس التثبيت أو التثبيط ؟
يا ترى هل وسائل الإعلام بأنواعها القنوات والإذاعة والصحف وغيرها هل هي تقصد إلى تثبيت معالم الدين وحملته وتدافع عنهم ، أم أنها تمارس التثبيط وإسقاط الرموز ، وزرع الإحباط في النفوس ؟
هل يا ترى خطيب الجمعة عندما يرتقي درجات المنبر يغرس في نفوس المستمعين له الأمل والطموح وبث المعنويات العالية أم أنه صاحب " ط " الذي يثبط ويطعن في النوايا ويسرد السلبيات بلا ضوابط.
وتلك الزوجة يا ترى هل هي تمارس مع زوجها صاحب الهم الدعوي تثبيتاً ودعماً له وتشجيعاً على البقاء في خطى الدعوة وتقوي من عزمه ، أم أنها ستتهمه بالتقصير في البيت وتسرد له بين حين وآخر حديث " خيركم خيركم لأهله " وقصدها الميل به من هدفه العالي إلى أن يتحول إلى رجل لا طموح له ولا غاية له إلا في حدود طعام أسرته وحوائجهم فقط ؟
وإني أتساءل هل ذلك الشيخ مع طلابه يحقق مبدأ " التثبيت " والتشجيع لهم ويزرع فيهم الأمل لقيادة الأمة أم أنه لا يحمل هذا المبدأ، وقصاراه أن يلقي درسه ثم يسير إلى بيته غافلاً عن دور " ت " في صناعة الحياة.
وهل مدرس الحلقة ينظر إلى دور التثبيت لطلابه وأنه هدف كبير يجب التخطيط له والإعداد له أم يكتفي فقط بأن يسمع منه المحفوظ من القرآن ؟
وبعد هذه الجولة بين " ت " و " ط " أرجو أن أكون قد نجحتُ في إقناعك بأهمية تثبيت من حولنا.
إمام المسجد والهم الدعوي
لا يخلو بلد في العالم الإسلامي والعربي بل والعالم كله من وجود مسجد بل مساجد ، وفي الحي الواحد في بعض البلاد العربية أكثر من خمسة مساجد.
ولو افترضنا مثلاً واحداً ، وهو عدد المساجد في المملكة العربية السعودية لوجدنا أنها تتجاوز سبعين ألف مسجد ، ولكن سؤالي : هل يعقل إمام المسجد الدور الدعوي له في هذا المسجد الذي يصلي بالناس فيه؟.
إن بعض المساجد يصلي فيها في كل فرض نحو خمسة صفوف أي ما يعادل (200) شخص تقريباً.
ومعنى ذلك: أنه في اليوم الواحد نحو 400 مصل - إذا أنقصنا عددهم في صلاة الفجر والله المستعان- أي: أنه في الحي الواحد وُجدت فُرصة لعشرة أئمة من دعوة ثلاثة آلاف رجل تقريباً ، فيا ترى هل فهم ذلك الأئمة ؟.
إن المصلين يحملون الخير الكثير؛ ولذلك صلوا باختيارهم ، وحضروا بأبدانهم وقلوبهم , فلم لا نستغل نحن الأئمة هذا الخير لنحركه وننميه ونقويه بالدعوة إلى الله تعالى؟.
إن الدعوة فنُّ وذوق ومهارة ، والإبداع فيها لذلك الإمام واجب لا ريب فيه.
ولكن يا ترى ما الأسباب التي أوقعت ذلك الإمام في التقصير الدعوي في مسجده ؟.
1- الجهل بحكم الدعوة إلى الله تعالى ، وأنها واجبة كما رجحها جمع من أهل العلم ؛ لأن فرض الكفاية لم يقُم لها ، فوجب على كل قادر أن يقوم بها، وهو اختيار ابن باز رحمه الله تعالى.
2- الجهل أو الغفلة عن فضائل الدعوة ، وأنها سبب الفلاح ، كما قال تعالى: ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )[آل عمران:104].
وأنها سبب الخيرية ، كما قال تعالى: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ )[آل عمران:110]، وأنها سبيل أهل الإيمان: ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ )[التوبة:71].
وأنها منهج الأنبياء وطريقة الأولياء ، وأنها سبب لزيادة الحسنات: ( من دل على خير فله مثل أجره ) [ صحيح مسلم: 5129].
وأنها تبقى أجورها بعد الموت.
وأنها سبب لثناء الرب واستغفار الملائكة والمخلوقات، كما في الحديث: ( إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير ) [ صحيح الترغيب: 81].
وأنها سبب الثبات على الدين: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )[محمد:7].
وأن الدعوة لإصلاح الناس تُواجه تيار الفساد والإفساد الذي ملأ الأرض وتنافست فيه قوى الشر.
3- ولعل من أسباب تفريط بعض الأئمة الاحتجاج بعدم وجود الدعم المادي لإقامة البرامج الدعوية ، وهذا عذر له اعتباره ، ولكن لا بد أن نعلم أن هناك وسائل دعوية لا تحتاج إلى مال ، مثل :
1- إلقاء كلمات توجيهية تتراوح بين خمس وعشر دقائق. 2- إلصاق بعض المطبوعات المفيدة من الانترنت لتعليقها في لوحة المسجد.
3- زيارة المصلين وحسن العلاقة بهم والتواصل معهم في بيوتهم أو مجلس الحي. 4- إقامة دورة في شرح بعض المسائل العلمية اليسيرة لعامة المسجد.
4- ومن العوائق لدى بعض الأئمة :
أنه لا يجيد فن الإلقاء ومخاطبة الجمهور، وهذا العذر يستطيع ذاك الإمام أن يتغلب عليه - إذا صدق مع الله - بأخذ دورات تدريبية في فن الإلقاء واستشارة من سبقه في هذا الباب ، واليقين بأن البداية تحتاج إلى مجاهدة ، وأنه لا يولد الإنسان خطيباً بارعاً ، وأن ألف خطوة تبدأ من خطوة.
ويا إمامنا لو قيل لك: إن شرط بقائك في المسجد مقرون بحسن خطابك وإلقائك بعض الكلمات، فإننا لا نشك بأنك ستبذل المزيد من الجهد لفعل ذلك لتبقى في وظيفتك، أليس هذا هو الحق ؟.
5- وبعضهم يحتج بأنه مشغول ببعض الأعمال الأخرى ولا يجد الوقت لإعداد البرامج أو حتى التفكير فيها ، وهذا صحيح ، ولكن يجب أن يجاهد الواحد نفسه ليخدم دينه بما يستطيع.
6- وبعضهم يعتذر بأنه ليس لديه العلم ليبلغه للناس ؛ ولهذا أقول: ألم تقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بلغوا عني ولو آية ) [ صحيح البخاري: 3461 ].
فهل يعجزك أن تقرأ بعض الأحاديث أو المقالات النافعة أو الفتاوى المناسبة بعد صلاة العصر أو العشاء ؟ وهل هذه القراءة تتطلب مزيداً من الشهادات العلمية والدورات المكثفة ؟
وليسمح لي هذا النوع من الأئمة بهذا العتاب: ألم تقرأ قوله تعالى عن الجن: ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ )[الأحقاف:29].
فتأمل : لقد حضر الجن لاستماع بعض الآيات ، فما إن انتهى السماع إلا وذهبوا ، بل فروا إلى قومهم منذرين ودُعاة ، فعجباً لحالهم ، ويا حسرتاه على حال بعضنا الذي يحفظ الجزء والاثنين بل والقرآن كله ولم يحقق الإنذار لقومه !
أيكون الجن أغير على دين الله تعالى منا ؟
أيكون الجن أحرص على الدعوة منا ؟
7- ومن العوائق لدى بعضهم : الخوف الزائد من بعض الجهات الأمنية والحس الأمني الذي لا مبرر له ، وفي الحقيقة أن الإمام يستطيع إيصال رسالته الدعوية بدون أن يقتحم بعض القضايا السياسية والأمنية.
8- ومنهم من يتواضع ويرى أنه لا شيء ، وأن الناس لو عرفوا ذنوبه لما قدر أحد أن يجلس إليه ، وهذا الهضم للنفس لو فعله كل الدعاة لما دعا أحد ، ولقعد كل داعية في بيته يبكي ذنوبه ، والواجب أن نتوازن بين هضم الذات وبين وجوب الدعوة ومواجهة تيار الفساد.
9- وبعض الأئمة يُفرِّط في الدعوة ؛ لقصور همته وضعف الحس الدعوي لديه ، وإلا فلو علت همته لكان هو الإمام الإمام ، ولتأثر به كل من اقترب منه أو رآه.
والعوائق أكثر من ذلك ، وأنا لم أرد الإحاطة بل الإشارة ، والإعانة تصل من الكريم لمن صدق.
رشاقة القلم
من طبع القلم أن يكون سهلاً عند التناول ، وعند التأمل في صفته تجد " رشاقة " ممزوجة بلطافة.
وتكتمل رشاقته وجماله حينما تضمه أصابع صادقة متصلة بالقلب العامر بالحب للكبير المتعال ، والقلب له اتصال بفكر راق وعقل مضاء بنور الوحي المبين.
إنني أهمس إليك أن لا تترك القلم على مكتبتك وحيداً ، فالغربة قاتلة ، والعزلة لا تليق به ، بل سارع لاحتوائه لتلك الأصابع لعله يجد حلاوة الاجتماع فيكتب قصته.
إن إشارة القلم ترفع وتخفض ، وتبين الحق المبين وتدافع عن بيضة الدين .
إن عرائس الفكر لا تستوي على الأرض إلا عبر سطور القلم.
إن قلمك لا يعجبنا صمته ، ولا نحب وقوفه ، بل يسرنا جريانه ليعظم الأثر وليبق الذِّكر، فهيا نحوه ليكون أداة للحق وسلاحاً في معركة الغزو الفكري ، ومجاهداً في ساحة الحوار الصحفي.
انزل أيها القلم برشاقتك المعتادة وأرنا خير ما عندك كما عودتنا ، فالشوق لدموعك ملأ الفؤاد .
إن الأمة ترجو بشغف " شجاعة القلم " الذي يخسف بالباطل ، أو على الأقل يصيبه بجراح.
ويؤلمنا " مرض القلم بداء الجُبن " أو " الخوف " وكلاهما مزمنان ويساهمان في علو الباطل وانتشار الطعن في الثوابت.
أيا قلم الحق أما آن لك أن ترشق أعداء الحق بسلاحك الهادئ ؟
إن عليل الهم والطموح وموعوك التقدم والنجاح قد سرى داؤه إلى قلمه فالكل عليل موعوك ، ومن تجاوز ذلك وبرئ من دائه ، وأفاق من مصابه هو المقدام وقلمه الساري في كل أوان.
أيا قلم الدفاع انتفض من مكانك وزلزل صاحبك ، وأقنعه بأن المسألة " فرض عين " .
إن رشاقة القلم لا بد أن ترشق كل مخالف وترمي كل ضال معاند ، وتناصح من قارب العدو جاهلاً أو عالماً .
إن لروحك أثر على رشاقة قلمك ، فمداده من الروح وبقاء المداد من ذات الروح.
سر يا قلم وأثلج الصدر وابسط النفس ، وجدد الأنس وانفث الروح في الأموات من المشاهدين .
أيا قلم ، هيا فالعدو أعلن الحرب وجهز العتاد والمداد.
يا قلم الحق على خطى الأبرار ليكن مسارك وعلى ذات الطريق لتكن إشاراتك .
أيا قلم الحق قم فالقيام شرط في الإمام.
الزم طريق الجادين واسكن في مكتبة الصادقين وأنخ في رياض المجاهدين .
انتهز فرصة الإمكان فقد يأتي الوقت الذي تتعذر فيه المشاركة.
يا قلم ، اضرب سطور الورق بقوة الحق وانشر حكمتك عبر فضاء الانترنت لتستحوذ على الجمهور قبل أن يسبق العدو .
هيا لتسد الخلة وتصلح الشأن ، وتقوِّم الاعوجاج وتلم الشعث وتقنع القارئ بأن الإسلام هو دين السلام.
يا قلم ، إن سلطانك قوي متين ، فاهبط به على أرض الواقع ولا تنتظر فقد مللنا الانتظار.
هيا لمنزلة الاحتساب من بوابة القلم الذي علت همته وتعالت حكمته.
هيا يا قلم لتستولي على العقول والقلوب فإن ضعفت همتك فقد يكسب المعركة صاحب القلم الآخر.
يا قلم الصدق إن عليك حقوق واجبة وأخرى مستحبة.
ألم تتذكر أن لك رحماً بعلماء الإسلام فأين أثر الصلة يا قلم ؟
لقد لاح الحق وأسفر الصبح وانكشف القناع ، وذهب الامتراء وظهر للجميع أن العداء قائم فأين الأقلام ؟!
الكل ينتظر أن تفصح له وتوضح له وتصرح له ؛ لأن الشبه ملأت الفضاء عبر قنوات الفضاء.
نحن نترقب إسعافك يا قلم ، فالمرضى كثير والداء تملكه فلا تبخل ولا تكسل .
يا قلم الحق قم ، فالأمة تنتظر إحسانك عبر كلمة أو إشارة لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.
قم يا قلم مرتدياً النية الجميلة والكلمة الطيبة الحكيمة عبر قانون الاتباع لا الابتداع ، قم بالدعوة والبيان وابذل وسعك وغايتك.
قم يا قلم وقارع لتغلب وجاري لتسبق ، وناصر لتنتصر، وبارز لتقهر، وقاوم لتبقى ، وخاصم كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.
قم يا قلم وجاهد غوغاء الناس ولفيفهم وأراذلهم وهمجهم وسقَّاطهم وسفلتهم وحثالتهم فقد زاد أثرهم وكثر شرهم ، والمستعان الله.
إن شيعة الباطل وحزب الضلالة وجنود إبليس قد سخروا الأقلام لمناصبة العداء فأين الأقلام المجاهدة ؟!.
يا أولياء الله يا حزب الهدى يا أنصار الدين يا سيوف الله ، يا كتائب النصر، نحن نرجو إفاقة القلم ونهضته ليقاوم ويصلح ما فسد .
هيا ليشرف القلم بالانضمام إلى أقلام علماء و دعاة الحق كأحمد وسفيان وابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وغيرهم .
قم يا قلم ألا تغار من أقلام السابقين ، قم يا قلم أما أقلقتك أقلام المنافقين ؟.
انهض يا قلم ، فالدين ينتظر رشاقتك وشجاعتك وحكمتك ودموعك.
والله لقد سرني وأبهجني ورفع ناظري ما نراه من أقلام ناصرة للدين ، مدافعة عن بيضته من شباب وفتيات آثروا مراد الرب وسلكوا طريق المجد ، واختاروا جهاد القلم عبر مشاركات في فضاء الانترنت إذ هو السبيل المتاح المباح لهم .
فيا عشاق القلم استقيموا على الطريق وواصلوا المسير، فالقلم المدافع عن الدين هو الباقي ( وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ )[الرعد:17].
وتاريخنا شاهد فأين أقلام رؤوس الابتداع وسدنة السلطان وأعداء الإسلام ، لقد زالت وزالوا ، أما أقلام العلماء والأولياء فسارت كالشمس وأشرقت في الأرض ، وبقيت لتسقي الرواد من الطلاب ، فسقوا وصحت عقائدهم ومبادئهم وارتووا بماء العلم عبر بوابة القلم.
فعجباً لقلم هو الدواء والغذاء والسقاء.
هيا اعزم المسألة وتشبه بأقلام العلماء واشحن العقول بالحكمة واملأ القلوب بالموعظة.
قم بلا خوف ولا جزع ولا هلع ، قم بالحكمة لا بالعجلة ، واختر حروفك من بين القائمة لترشد من له نفس قائمة.
أيها القلم لا مستراح لك إلا عند السكرات ، وبعد السكرات سيبقى ذكرك في المدن.. في الدول.. في القارات.
وفي أرض المحشر ستعرف حقاً معنى " رشاقة القلم " .
رجال غيروا التاريخ
إن التاريخ ذو عِبَر ولكن من الذي يفقه استنباط العبر؟!. إن التاريخ تغيَّر والتغيير سنة جارية سواء كان التغيير للأحسن أو للأسوأ.
إن أفذاذاً رجالاً أو نساء بل قد يكونوا غلماناً كانت لهم بصمة على التاريخ وممن وضع " أثراً " في حياته , يرى هذا الأثر كل من يجيد النظر.
فهذه سير الأنبياء بين يديك ألم يغيروا في تاريخ العالم ؟
ولسِّيدهم رسولنا صلى الله عليه وسلم قصب السبق ، فهو الذي يتبعه الآن نحو مليار ونصف مسلم فضلاً عن المسلمين في القرون السابقة ، إنه رجل واحد ولكن بهمته وإرادته واستعانته بربه وصبره حصل له ما يريد ، فأين المتشبهين به من أحبابه ؟!.
وانظر في وقفة أبي بكر رضي الله عنه يوم الردة ليثبت للتاريخ أن الإسلام دين عظيم ولا يرتبط بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته بل هو ثابت على مر الزمن ، فيقاتل المرتدين ويدحرهم ويوقف مدهم.
وانظر في وقفة ابن حنبل رحمه الله تعالى يوم فتنة في خلق القرآن وما تعرض له من الفتن والجلد والسجن ولكنه واثق من منهجه وطريقته ، فيثبت ويسجل التاريخ بكل شرف موقفه.
وهذا أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى رجل بأمة ، يكتب التاريخ لقباً له " شيخ الإسلام " لمواقفه وأعماله التي يعجز المئات أن يقوموا بها ، وتكون خاتمته أسيراً ويموت في سجنه ، ليعرف الناس أن للحق رجال يموتون لأجله .
وهكذا يموت لينتشر علمه في الآفاق وعلى مر القرون تكون كتاباته مناهج للتعليم والتربية . فأي روح كان يحمل ذلك الرجل ؟
وتأمل في سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى لتقف على أحد المجددين في التاريخ ، ولكنه مجدد في تاريخ المعتقد ، ومذكراً بمنهج الرسل " التوحيد " ويضحي لمنهجه ومبدئه ويرحل ويدعو ويرمونه بالاتهامات ومع ذلك كله ثبت وصمد ، وكتب التاريخ إنجازاته بكل سرور ليكون سبباً في تصحيح عقائد مئات الآلاف ممن جاء بعده، فعجباً لرجال غيروا التاريخ.
وانظر في حال " ابن باز " رحمه الله تعالى العلامة البحر الذي جدد في العلم والتعليم وخدمة الإسلام ، فسار الاسم في الآفاق ، فكان اسمه كافياً في إقناع الناس بالحلال والحرام ، وكانت رؤيته طاردة لكل باطل ومنكر، فرحمك الله يا فقيد العصر.
ولن أنسى المجدد في علم الحديث " محمد ناصر الدين الألباني " رحمه الله تعالى الذي جعل حياته مع الحديث تصحيحاً وتضعيفاً ونشراً وشرحاً وحواراً ورداً ، فكانت ساعاته في التخريج والتحقيق وبين الكتب والمخطوطات فأخرج العشرات من الكتب التي تميز الصحيح من الضعيف ، وجدد للناس مبدأ التحقيق للنصوص النبوية ، ويكفيك أن ترى اسمه عند تخريج غالب الأحاديث.
فعجباً لذلك الألباني ماذا صنع في التاريخ ؟
ورحم الله رجلاً ارتبط اسمه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا يكون الشرف وإلا فلا ، وعلى مثله فلتبك البواكي.
وانتقل معي إلى أعجوبة المحاورين في باب دعوة غير المسلمين " أحمد ديدات " رحمه الله تعالى الرجل الذي أقلق مجلس الكنائس العالمي ، الذي سافر وحاور المئات من القساوسة ، وأسلم على يديه المئات ، وزعزع عقيدة الآلاف فماذا صنعت يا ديدات ؟!.
رحمك الله رحمة واسعة ، وجعل تلك الحوارات والنقاشات في ديوان الحسنات.
وتعال معي إلى أفريقا المنسية إذ رحل إليها رجل واحد ولكنه يحمل هم أمة بأسرها إنه د. عبد الرحمن السميط رحمه الله تعالى الذي اختار أفريقيا لتكون هناك بصمته فمكث فيها نحو ربع قرن، داعية ومعلماً ففتح الله على يديه وأسلم على يديه نحو سبعة ملايين ممن عاصر، فكيف بالعدد بعد سنوات ممن سيخرج من نسلهم، وبنى نحو أربع جامعات ، وتخرج عليه آلاف الدعاة ، وبنى المراكز الصحية .
يا الله أحقاً ما صنع السميط ؟
إنه رجل واحد اختاره الله ليكون مصححاً لعقائد الملايين ، وهكذا يكون الاختيار والاصطفاء ، هذا كله مع ضعف الإمكانات ، وقلة التقنيات وندرة المعين من البشر، مع صعوبة الطرق وتنوع الديانات والثقافات وقلة موارد الحياة إلا أن هذه العقبات لم تقف في وجه البطل الصادق السميط.
لقد سار شرقاً وغرباً ، لقد خاض الأنهار التي تمتلئ بالتماسيح ودخل الغابات التي فيها الحيوانات ولكن الله علم صدقه فحفظه ورعاه وأيده وسدده ، وفي قصته عجائب وحياته عبرة لكل متخاذل كسلان ، فعجباً لرجل يُغيِّر قارة بأكملها.
إن الحديث يطول عن الأبطال الذين كانت لهم بصمة حسنة في تغيير التاريخ ، والنماذج بحمد الله عديدة ، وما ذكرت إلا نزراً يسيراً وتركت الكثير ولم أقصد إلا الإشارة ، لعلها تثير من تلحف بالكسل ورضي بالحال واحتج بالعوائق ووضع الصوارف.
والله الذي لا إله غيره إن الكثيرين لهم مقدرة على تغيير التاريخ وإضافة الجديد في الواقع الإسلامي ، ولكن من يجرؤ على ركوب البحر، ومزاحمة الأقوياء ومسابقة الأبرار؟ إن الذي بقي من عمرك لا بأس به فليكن هو سلمك للفردوس ، فانهض فقلم التاريخ يكتب.
الداعية والتجديد
جميلة تلك الوظيفة التي تقلدتها أيها الداعية ، والناس في حاجة كبرى لينهلوا من " دعوتك " لتحيا قلوبهم وتزداد معرفتهم وتسمو أرواحهم.
ولعل من روائع برامجك الدعوية " السعي للتجديد الدعوي " ومحاولة إتقان عوامل التأثير في ممارساتك الدعوية والبحث عن كل فكرة لها دورها في الارتقاء بهذه الدعوة ليكون أثرها أقوى وأبقى , وتأمل معي :
1- إن كنتَ خطيباً فلتكن بحّاثاً عن كل وسيلة جديدة تضفي على خطبتك نوعاً من القوة والتأثير سواء في طريقة الإلقاء أو في اختيار عنوان جديد أو ابتكار مقدمات متميزة.
2- إن كنت كاتباً في موقع فابحث عن الجديد من أساليب التأثير في الكتابة والبيان ، واقتنص الجديد من الأبيات والحكم والقصص التي ستجعل لمقالك تأثيراً بيناً.
3- لعلك ممن يمتلك موقعاً على الشبكة فرسالتي لك جدد موقعك وغير تصميمه في كل خمس سنوات على الأقل ، وطوّر برنامج الإدارة لديك واتصل بالشركات الجديدة في عالم التصميم والإخراج لتسألهم عن إمكانية التجديد والتطوير في الموقع.
4- يا إمام المسجد أما آن لك أن تخترق الوسائل الحديثة لتملأ بها مسجدك ليكون منطلقاً دعوياً متميزاً؟.
5- وأقول لتلك المرأة الداعية: إن عالم النساء ميّال لكل جديد فلا بد من مواكبة التجديد والبحث عن كل مفيد في دعوة النساء.
6- يا مدير المكتب التعاوني إن جهودكم مشكورة والمجتمع يشكر تلك الجهود، ولا زلنا نطمح للجديد في البرامج الدعوية ولا زال الجمهور يتطلع إلى فكرة رائدة في المجال الدعوي على اختلاف أنواعه.
وبعد هذه الجولة في التذكير بالتجديد الدعوي وضرورته آمل أن أكون قد نجحت في إقناعك بهذه الفكرة وبقي عليك أن تعشق التجديد وتبحث عن المصادر التي تفتح لك الأبواب وتضيء لك الأنوار فابدأ وسترى خيراً وسنرى نحن خيراً.
الداعية وانشراح الصدر
من عجيب ما يلمحه المتدبر لطلبات موسى عليه السلام في سورة " طه " قوله: ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي )[طه:25] .
فيا ترى لم طلب موسى عليه السلام هذا الطلب من ربه وهو في بداية الدعوة والمواجهة لطغيان فرعون وقومه ؟.
إن الداعية يحتاج إلى عدة وسائل تعينه على إنجاح دعوته والسير بها نحو الأمام ، ومن أعظم تلك الوسائل " انشراح الصدر وطيب النفس " لأن القلق والاكتئاب والحالة النفسية المتأزمة لا تعين صاحب الدعوة بل تقعده عن كثير من البرامج .
ولهذا أرى لزاماً على كل داعية يرغب في التميز ويطمح للنجاح أن يكون فقيهاً في إدارة نفسه مراعياً لها ذكياً في جلب ما يسعدها بعيداً عن كل سبيل يؤرق النفس ويجلب الهمّ والاضطراب النفسي.
ولعل هذا يحتاج إلى نوع معرفة ودربة في فقه النفوس ولكن وراء ذلك انطلاقة عظيمة في خدمة الدين.
في العمل الإسلامي الإشادة بالآخرين
إنها صفة رائدة وخصلة رائعة في محيط العمل الإسلامي أن نثني على العاملين في هذا الحقل ونشيد بهم ونذكرهم بالجميل وندعو لهم بظهر الغيب.
إن مما أعجب منه تفاعل بعض كتاب الصحف مع البعض وثناء الواحد للآخر مع أن الموضوع " رواية أدبية " أو " أطروحة ثقافية هزيلة " .
ولكنك قد لا تجد مثل هذا الثناء في الحقل الدعوي بسبب شرارة حسد ونزغة شيطان وتفوق قرين.
ولعل المتأمل في سير العلماء الربانيين بجد عكس ذلك.
تأمل معي هذه النماذج :
- قال الإمام أحمد ابن حنبل : يحيى بن معين أعلمنا بالرجال. [ تذكرة الحفاظ : 1/430].
قلت : فهل نرى في واقع طلاب العلم أو الدعاة من يثني على قرينه ويصفه بالجودة والإتقان في تخصصه ؟ أم أن الحسد الغالب سيخفي محاسن الأقران ؟
- قال عمرو الناقد: قدم الشاذكوني بغداد فقال لي أحمد بن حنبل: اذهب بنا إلى سليمان الشاذكوني نتعلم منه نقد الرجال. [ تذكرة الحفاظ : 1/488].
قلت : فالعجب من هذا الإمام في حضوره لمجالس العلم مع إمامته وتقدمه في العلم , ولكنه التواضع وعشق العلم .
وفي باب الثناء على القرين وحث الطلاب للتحصيل منه , تأمل :
- قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : قال لي أبي : امض إلى إبراهيم الحربي حتى يلقي عليك الفرائض.[ تذكرة الحفاظ : 2/585].
- الإمام القعنبي روى عن مالك ومع ذلك فقد روى أحدهم أن القعنبي قدم من سفر فقال مالك : قوموا بنا إلى خير أهل الأرض. [ تذكرة الحفاظ : 1/384].
إن النفس تحب الثناء وتميل لسماع جميل الإطراء ، فما أروع أن ننطق بكلمات المديح وأن نتفوه بألفاظ الثناء على داعية متميز أو طالب علم جاد ، أو مؤسسة دعوية رائدة ، أو موقع على الانترنت نافع ، وليكن هذا الثناء محاط بقانون " الاعتدال " وسياج الوسطية لعل هذا الثناء وتلك الكلمات تكون سبباً لثبات عمل أو عامل والتجربة حكت لي صدق ذلك.
الاستعداد في البرامج الدعوية
مما رأيت في بعض الدعاة ضعف الاستعداد للبرامج الدعوية والتسويف الكبير للتخطيط والتنظيم مما ترتب على ذلك " التقصير في إقامة البرنامج أو تأجيله بالكلية أو ضعف الإتقان في الأداء " وتأمل هذه النماذج :
1- عندما يُطلب من ذلك الداعية برنامجاً لكي يُعرض في إحدى القنوات وإذا به يوافق مبدئياً ولكنه لا يبادر بالتخطيط له والاستعداد له، فلما حان الوقت إذا بصاحبنا إما أن :
أ- يعتذر بعدم الاستعداد ويعتذر بظروف صحية أو غيرها. ب- الإقدام على أداء البرنامج ولكن بضعف في التحضير وفوضى في العناصر، والواقع شاهد.
2- بعض خطباء الجمعة لا يبدأ بالتحضير لها إلا في ليلة الخميس أو صباح الجمعة ، ولهذا قلّ أن ترى التأثير في خطب الكثيرين؛ لأن الخطيب ذاته ليس متأثراً بما يحمل من فكر ويدل لذلك عدم الاستعداد لها والواقع شاهد.
3- ضعف الأداء للمحاضرات والكلمات والمؤتمرات ؛ لأن الاستعداد لم يكن في قائمة جدول أعمال ذلك الداعية.
4- عندما نقيم حفل تخرج لحلقة تحفيظ أو دورة علمية تجد عند البعض اضطراب في ترتيب الحفل وتعطل في عروض البروجكتر ونقص في الجودة.
5- تأمل في بعض المواقع الإسلامية تجد الخلل في البرمجة والضعف في التصميم والإخفاق في الاختيار للمحتوى المناسب، وما ذاك إلا لأن الاستعجال سمة للقائمين عليه، وقديماً قيل: " النجاح مع الأناة " .
وإذا انتقلنا لبعض المقالات والبحوث التي تنزل عبر شبكات الانترنت فإنك قد تلمس من بعضها الشح في التميز والضعف في التأثير ولعل ضعف الاستعداد من أكبر الأسباب والواقع شاهد.
فالواجب على كل عاقل بصير أن يوقن أن النجاح الدعوي هو الهدف والمقصد ، وأن الاستعداد من أبرز مقوماته ، فلنتربى على الاستعداد والإعداد والتخطيط والتنظيم.
ويجب أن نُربي من يعمل معنا في برامجنا على ذلك لكي نجني الثمار ويتحقق المقصود وهو " نصرة الدين " .
ومضة : في الحديث ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) [ السلسلة الصحيحة: 1113 ].
التهيئة النفسية للداعية
قضية الدعوة ومواجهة الناس ومحاربة تيار الفساد والإفساد تكتنفه بعض الصراعات النفسية والهموم الأسرية ، ونقد الأقارب والزملاء ، ونزغات الشيطان وجنوده في التقليل والدعوة للقعود، وكل ذلك يساهم في إضعاف الحالة النفسية لذلك الداعية.
وإذا استسلم الداعية لتلك الطوارئ وهذه الصدمات سيصاب بألم نفسي ينتابه بين الفترة والأخرى ويشتد في حالة ازدياد الحوادث والآلام ، ثم يقرر ذلك الداعية الاستسلام والقعود , والالتفات لهموم أخرى كالمنزل والمستقبل والأمان الوظيفي وغيرها من هموم الدنيا التي هي من خدع الشيطان ومن خطواته التي تريد من صاحبنا أن يتوقف ويهاجر بهمته وطموحه إلى مجالات أخرى.
إن الناظر لما جرى للأنبياء عليهم الصلاة والسلام من ألوان المصائب والتحديات حتى من الأقارب ليرى أن في تلك صدمات نفسية كبيرة ، فهذا إبراهيم عليه السلام مع والده ، ونوح عليه السلام مع زوجته وولده ، ولوط عليه السلام مع زوجته ، وموسى عليه السلام مع تعنت قومه ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم مع فقد خديجة وعمه وهجرة أصحابه وتعذيب الكفار لهم وغير ذلك كثير.
وكل ذلك له أثر على النفس ولكن النفوس كانت أقوى والطموح كان للعلي الأعلى.
وربنا يخبرنا بهم: ( وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا )[الأنعام:34].
لقد وقفوا أمام الصعاب ، وكانت مواقفهم ثابتة ، لا ضعف فيها ولا هوان ولا استسلام ، والأدب الرباني لأهل أحد في شدة البلاء: ( وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ )[آل عمران:139]
وبعد تاريخ الأنبياء طالع صفحات الصحابة ثم انظر في حياة العلماء تجد أن ألوان المصائب أحاطت بهم ، ولكن النفوس قويت على مواجهة كل بلاء وخطب وثبتوا على ذلك ، ولم تكن تلك الضغوط النفسية طريقاً لهم للتراجع عن الطريق أو حتى التخلي عن الثوابت والركائز , وكل ذلك يمنحه الرحمن الرحيم لمن صدق معه، ولتعلمن نبأه بعد حين.
أيها الداعية , كن قوياً , وخذ قوتك من القوي العزيز سبحانه وتعالى .
27 فكرة دعوية عبر الإنترنت
لعل من الواضح لكل عاشق للتقنية أن قضية الانترنت أصبحت من ضروريات الحياة , وأنه قد لايخلو بيت أو حتى غرفة من أجهزة الحاسب , وفي زحمة هذا الانتشار الواسع للمواقع الجيدة والسيئة , كان لابد للدعاة أن يدخلوا هذا الباب بكل ذكاء وخبرة وقوة وحكمة , وبين يديك - هنا - بعض الأفكار التي جادت بها القريحة في سبيل خدمة الدين عبر الانترنت :
1- التفكير في إنشاء مواقع إسلامية تخدم قضايا لم تطرح في مواقع أخرى أو التخصص في جانب معين من أمور الإسلام.
2- تكوين فريق عمل يخدم المواقع الموجودة بالكتابة أو غير ذلك من وسائل الخدمة .
3- من له لمسة إبداع في التصميم للفتوشب أو الفلاش أو الفيديو فلينزل للمواقع ويبدأ في الخدمة والتعاون ولو كان بمبلغ مالي.
4- دعم المواقع مادياً وهذه مهمة أصحاب الأموال ؛ لأن المواقع تدفع أموالاً للشركة المستضيفة لها وللموظفين وللإعلانات وغيرها من حاجيات المواقع ، علماً أن هناك فتاوى لبعض العلماء صدرت بجواز دفع الزكاة للمواقع الإسلامية ومن هؤلاء فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله تعالى .
5- فتح مجال التخفيض لأجل الإعلانات لأصحاب المواقع الإسلامية في القنوات أو بعض المواقع الإعلانية.
6- دعوة المشايخ وأصحاب الأقلام للكتابة في المواقع والمشاركة بالإجابة على الفتاوى والاستشارات.
7- توضيح أنشطة المواقع ودورها في نفع الناس عبر وسائل الإعلام.
8- الاستفادة من المقالات والفتاوى الموجودة في المواقع ونقلها إلى المنتديات والمواقع الأخرى لينشر الخير.
9- نقل الصلوات والمحاضرات عبر البث المباشر، ولقد انتفع بهذه الوسيلة المئات ، وخاصة المسلمين في البلاد البعيدة.
10- رفع المواد الصوتية من تلاوات ومحاضرات لتتم الاستفادة منها بالسماع .
11- العناية بمقاطع الوسائط القصيرة من صوت وفديو وصور , وتطويرها وإنتاج الجديد والمتميز الذي يواكب التقنية الجديدة.
12- الاستفادة من البريد الإلكتروني في نشر المفيد من الأخبار والمقالات والصور وغيرها، مع الحرص على عدم نشر المواد غير الموثوق منها أو التي تحوي مبالغات أو أحاديث لا تصح.
13- مراسلة المواقع بالنقد والنصيحة ، مع التزام الأدب والإنصاف في النقد.
14- الإعلان عن المحاضرات والأنشطة عبر المواقع مما يكون سبباً في نشر الوعي بها ومعرفتها.
15- الإعلان عن المواقع المتميزة في المجالس واللقاءات.
16- الاهتمام بالمرأة عبر المواقع المتخصصة لها ، والتي تراعي حاجياتها وشئونها ومسائلها كل ذلك بتصميم متميز وبرمجة رائقة تناسب متطلبات التقنية .
17- العناية بالرد على أصحاب الفكر الضال من علماني أو ليبرالي أوتكفيري أو مبتدع منحرف وتأصيل الرد بأدلة الكتابة والسنة مع مراعاة فقه التعامل مع المخالف.
18- الاهتمام بأحوال المسلمين وأخبارهم مع الحرص على الخبر الموثوق الذي يعتمد على الدليل القاطع.
19- تحميل بعض الفلاشات المؤثرة من المواقع وجمعها في سيدي أو في موقع واحد متميز فقط بالفلاشات والفيديو.
20- اجتماع سنوي مع المشرفين على المواقع الإسلامية الكبرى في مؤتمر ترعاه جهة حكومية ويحضره بعض المسئولين الكبار في الدولة للاطلاع على دور المواقع في الدعوة إلى الله ونفع الناس.
21- جمع الفتاوى المتناثرة في المواقع في سيدي واحد أو كتاب واحد ولو على أجزاء لينتفع بها الناس.
22- تحميل المقالات المتميزة على صيغة كتاب pdf ليتم نشرها عبر الجوالات .
23- رفع الكتب الجديدة في المواقع التي تهتم بالكتب.
24- الاقتباس من الكتب التي في المواقع وتنزيلها على هيئة مقالات في المواقع مع الإشارة إلى المصدر والعزو للكتاب والكاتب.
25- إنشاء ملفات خاصة بحَدث معين أو موسم معين كما تفعله بعض المواقع ، وفائدته: " جمع أهم ما يتعلق بالحدث من مواد مكتوبة أو صوتية " .
26- العناية باللغات الأخرى والتخصص في ذلك ، وفي ذلك نشر كبير للإسلام ودفاعاً عن الشبهات التي تحيط به ولا بد من الدقة في الترجمة لهذه اللغات ووجود اللجان العلمية الدقيقة لمتابعة سير العمل.
27- تصميم مجلة سنوية تعتني بإبراز المواقع المتميزة والمقالات وما يخدم قضية المواقع .
دعاة ولكن من الجن
كنتُ أقرأ في آخر سورة الأحقاف , فتوقفت طويلاً عند قوله تعالى: ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ )[الأحقاف:29](( قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا ))[الأحقاف:30]
لقد زاد عجبي , من هذا الموقف من الجن , فتأمل :
لقد حضروا للاستماع فاستمعوا للقران ولمرة واحدة , ولكن بعد هذا الاستماع انطلقوا دعاة إلى قومهم وانظر في لفظ الآية : ( فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ )[الأحقاف:29] .
إنها ألفاظ تدل على الانطلاق بقوة وبهمة وإرادة عالية , إن فيها معاني الحرص والشفقة على الآخرين والغافلين: ( إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ )[الأحقاف:29] .
لقد توجهوا إلى قومهم وعشيرتهم , وحملوا همّ الإنذار والدعوة لهم , هذا كله لم يكن إلا بعد الاستماع لمرة واحدة للقران .
فلا إله إلا الله , ما أعجب حال الجن , وما أعجب حالنا نحن الإنس , تجد فينا من يحفظ القرآن , بل منا من يجيد القراءات ولديه إجازات في الحفظ , ولكنه لم ينذر قومه وليس لديه الهمة في الدعوة إلى الله تعالى.
يا حسرتاه على من فاز بشهادة الماجستير والدكتوراة ولكنه في دعوة قومه وأمته متأخر في آخر الصف.
إن نفراً من الجن استمعوا لآيات القرآن فتحركت الهمم , وشعروا أن القرآن نور, لا بد أن يصل لمن هو في الظلمات.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بأن يدعو قومهم كما في ظاهر الآيات , ولكنه الإيمان الذي يبعث في كل من استمع له أن ينطلق ليخرج الآخرين من الظلمات إلى النور.
الداعية وتدوين التجارب
لعلك في مسيرتك الدعوية المباركة وقفت على جملةٍ من الأحداث ، وجرت معك بعض القصص ، وتأصل لديك مجموعة من التجارب والخبرات ، وهذا كله من الكنوز الدعوية التي لا بد من إخراجها للجيل ؛ لكي يعتبر ويتبصر بخبرات الدعاة السابقين .
إن كتابة الذكريات الدعوية من أهم ما يفيد الدعاة ، ويكسب الحقل الدعوي الخبرات العظيمة التي تُفيد السائر ومن نوى المسير.
إن مما يؤسف له أن نرى العالم الغربي الكافر يحرص بعض قادته ورموزه على كتابة ما جرى في حياتهم ليكون تاريخاً لهم ، وقدوة لمن بعدهم ، ونحن الدعاة أولى بكتابة أعمالنا وتجاربنا وما نجحنا فيه وما فشلنا لعل في ذلك إيقاظ لنائم ، وتوجيه لحائر وإفادةً لمعتبر.
ولو افترضنا أن لدينا نحو (100) داعية وكتب كل واحد (10) تجارب لحصلنا على ألف تجربة دعوية في عام واحد ، فلو طُبعت في كتاب أو نزلت في المواقع النافعة لكان لها - بلا شك - نفعٌ كبير، ومن تأمَّل عرف.
فيا ترى هل سيلتفت الدعاة إلى كتابة الخبرات والتجارب ، أم أن توالي الأعمال والرغبة في إخفاء الأحوال ستزيل هذا المعنى من النفوس؟ هذا ما لا أريده.
الجمال في برامجنا الدعوية
الفطرة تنادي بالجمال وتعشقه وتتذوقه وديننا رغَّب في ذلك ، بل إن من أوصاف ربنا " الجميل " كما في الحديث الصحيح ( إن الله جميل يحب الجمال ) رواه مسلم (91).
وجميل بنا نحن الدعاة أن نُدخل الجمال في برامجنا ومشاريعنا.
فتأمل: - الجمال في أسلوب الإلقاء للخطب والكلمات والمحاضرات.
- الجمال في المظهر والملبس للداعية مما يضفي على دعوته وبرامجه قبولاً وارتياحاً عند الجمهور من المشاهدين.
- العناية بجمال المقال الذي نكتبه وإيصاله للمراد بأجمل طريق.
- جمال الكلمة التي نخاطب بها المدعوين ونتحاور معهم عبر أثيرها.
- جمال القلب من الأحقاد والضغائن وعمارته بالحب والوفاء والنقاء.
- جمال البرامج التلفزيونية من حيث العرض والإثارة والوضوح والصفاء.
- جمال الخُلُق في تعاملنا مع الآخرين.
ومضة: الجمال إذا تذوقناه أصبح مادةً مهمةً في حياتنا.
مجالس الدعاة
دعيت إلى أحد المجالس التي أقامها أحد الشباب في منزله فإذا لديه مجموعة من الشباب يتجاوزون العشرة ، وتحدثت معهم فرأيت الحرص على الخير والحماس للهداية ، والرغبة في تصحيح المسار، فأعجبني ذلك وفرحت له.
إن ذلك الشاب الذي فتح مجلسه كل مغرب سبت من كل أسبوع ليستقبل شباب الحي أو أبناء العم والأقارب ليكون الحديث بينهم دعوياً تربوياً مفيداً قد أحدث فيهم تغييراً واضحاً ، وقد زاحم بعمله قنوات الفساد التي ما فتأت تحارب الشباب وتمارس الغزو الفكري لهم.
إننا بحاجة إلى إحياء فكرة المجالس الدعوية التي تكون أسبوعية في المنازل بين المغرب والعشاء مثلاً لنحتوي الشباب والكبار لنتحدث معهم ونكسر الحواجز ونفتح لهم أبواب الخير ونسمع أسئلتهم .
إن الجلوس مع الآخرين هو منهج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في دعوته ، وقد نجح بذلك في كسب الأنصار لدعوته ، فهل يعقل الدعاة ضرورة تخصيص وقت في الأسبوع لعامة الناس ؟
إن مجرد إلقاء الكلمة في المسجد أو إمامة الناس أو خطب الجمعة ليس كافياً في دعوة الناس ؛ لأن المعاني الكبيرة والمبادئ العظيمة تحتاج إلى مجالسة ومشافهة ومحادثة. وكم من لقاء أعقب مشاريع كبرى وصاحبه لا يعلم ، وكم من مجلس فتح باب خير للجالس أو لأسرته.
أيها المبارك انظر في وقتك ورتب برامجك ، وخصص وقتاً في كل أسبوع لاستقبال الناس وأبشر بالتوفيق .
10 همسات إلى رجال الحسبة
1- تذكر فضل العمل الذي تمارسه وأنك من خير الناس كما قال تعالى: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ )[آل عمران:110].
وأوصيك بالقراءة في فضائل الدعوة وإنكار المنكرات ، وسيفضي هذا عليك زيادة في محبة عملك ووظيفتك.
2- الدعوة عنوانها " الحكمة " ( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا )[البقرة:269] .
ومن أجمل ما قيل في الحكمة : أنها فعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي.
3- ما أجمل أن تستصحب معك " الرفق " الذي ما كان في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه ، واحذر من العنف الذي لا يأتي بخير، ويفتح باباً للمخالفين ليسطروا ما يريدون في محاربة الدعوة والدعاة .
4- أنت من جملة بني آدم فالخطأ منك وارد ولا بأس أن تعترف به وتسعى في إزالته ، وأتمنى أن تجلس مع محبيك للمناقشة في سبل الحماية منه مستقبلاً.
5- كن حريصاً على تطوير نفسك والارتقاء بأسلوبك عبر حضور الدورات التدريبية التي تعتني بذلك أو عبر جلسات حوارية مع المتخصصين ووراء ذلك من النفع ما لا يحيط به قلم.
6- استفد من خبرات من سبقك من العاملين في الحسبة ، ومما يزيدك عقلاً إضافة الخبرات إلى عقلك.
7- أسرتك تحتاج إليك فلا تكن الحسبة مانعة من أن تصل رحمك وتربي ولدك ، وتكون ممن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم: ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله ) [ صحيح الجامع: 3314 ].
8- لن تسلم من ألسنة المفسدين والحمقى والحاقدين ، وهذه طريقة الصادقين ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ )[البقرة:155] فأغمض عينيك وابتسم لهم.
9- كثير من الناس يطلق عليك عبارة " رجال الهيئة قدوة " فهل أنت فعلاً " قدوة " ؟
10- ليكن لك درس علمي تقتبس منه ما يفيدك ويزيدك رفعة عند الله ولا تكن القضايا والمصائب حائلة دون " العلم " .
10 همسات إلى مؤذن
1- أخلص نيتك وأصلح سريرتك وليكن قصدك وجه الله ، ولا مانع أن تأخذ من بيت المال ما يكفيك أنت وأهلك.
2- اقرأ في فقه الأذان ، وتعلم الأحكام التي تحتاج إليها.
3- استشعر وأنت تؤذن أنك تدعو الخلق إلى الخالق ، وأن هذا النداء مما يحرك البشر لمناجاة رب البشر.
4- استفد من وقتك بين الأذان والإقامة في حفظ القرآن أو مراجعته.
5- ليكن لك مع الإمام برنامج دعوي في المسجد ولتساهم معه في نشر الخير والعلم في الحي الذي تسكنان فيه.
6- قد تواجه من بعض جماعة المسجد من يسيء خلقه أو ينقص أدبه فلا تقابل السيئة بالسيئة ، وكن خير مثال للتسامح والعفو والحلم.
7- احتسب الأجر في العناية بالمسجد من ترتيب وتنظيف ولا يخفى عليك قصة الأمة السوداء التي كانت تقم " تنظف " المسجد ، وأنها لما ماتت صلى عليها الرسول صلى الله عليه وسلم تقديراً لعملها الجليل.
8- احرص على الوقت واعلم أنك مؤتمن على صلاة الناس.
9- اعلم أن الناس ينظرون إليك ويقولون عنك " قدوة " فاحذر أن يرى منك الناس ما يشين وفي الحديث: ( وإياك وما يعتذر منه ) [ صحيح الجامع: 3776 ].
10- إذا أعجبتك هذه الهمسات فأعد قراءتها مرة أخرى.
مؤتمر المواقع الإسلامية
نداء إلى كافة المشرفين على المواقع الإسلامية بمختلف التخصصات الدعوية ,العلمية , التربوية , أدعوكم إلى اجتماع في مؤتمر " المواقع الإسلامية " .
الفكرة : 1- لقاء لجميع مشرفي المواقع الإسلامية مع اثنين من الأعضاء مع كل مشرف.
2- يكون الاجتماع في أحد القاعات الكبرى في الفنادق التي تحتوي قاعة مجهزة بأحدث التجهيزات.
3- يُدعى للمؤتمر بعض رجال الإعلام والتجار وبعض المسئولين .
أهداف المؤتمر: 1- التعريف بالمواقع الإسلامية. 2- عرض كل مشرف " تعريف موجز عن موقعه مع ذكر الإيجابيات".
3- الحديث عن إيجابيات المواقع من جميع النواحي. 4- توضيح نتائج وأثر المواقع الإسلامية على العالم كله.
5- إزالة الوهم بأن المواقع الإسلامية قليلة الفائدة. 6- إبراز دور رجال الأعمال في دعم المواقع وحاجة الموقع للجانب المادي.
7- الاتفاق على إنشاء أوقاف تخدم المواقع الإسلامية. 8- إبراز القنوات الفضائية للمواقع عبر الإعلانات المجانية لها.
9- الاستفادة من تجارب الآخرين الذين نجحوا , وسبب النجاح. 10- معرفة أسرار الدعم الفني والتقني وآخر ما توصلت له التقنية في الإنترنت.
11- هذه جملة من الأهداف العامة لهذا المؤتمر المنتظر, والله ربي أسأل أن يجعل موعده قريباً.
الداعية واتخاذ القرار
يمر الداعية بظروف دعوية مختلفة ويشعر بحاجة الناس له من خلال عدة برامج وقضايا , وبعض من نزل في ميدان الدعاة قد ينسى جودة اتخاذ القرار الدعوي قبل الإقدام عليه , وليسمح لي أولئك بهذه الخواطر حول برامج للدعاة تحتاج إلى دراسة القرار قبل البدء فيه :
- قرار الزواج من عدمه بسبب الظروف الدعوية.
- قرار الزواج من امرأة داعية وهل هي أحسن من غيرها.
- قرار حل المشاكل والاستشارات التي ترد على الداعية.
- قرار البدء في البرنامج الدعوي , وهل يناسب البدء فيه الآن أم بعد وقت.
- قرار مناصحة فلان أو جهة حكومية أو مؤسسة , وهل الأولى الجهر أو الإسرار.
- قرار إلقاء كلمة أو محاضرة في ذلك المكان أو ذلك البلد.
- قرار السفر لأجل الدعوة لتلك الدولة أو لذلك البلد , وهل المكان مناسب وما العنوان , وهل الوقت مناسب , وهل هناك تنسيق جيد مع أسرتك وعملك.
- قرار إخراج كتاب أو المشاركة في قناة سواءً كان برنامجاً كاملاً أو اتصالٍ فيه .
- قرار كتابة مقال لأجل الرد على فلان وإخراج ذلك في موقع .
- قرار البقاء مع الزوجة أو الفراق عند وجود العوائق التي قد تصدر منها في طريق دعوتك.
- قرار الهجر لفلان أو الصلة ، وهل هو يستحق الهجر أم أن تأليف القلوب أولى؟.
- قرار الموافقة على برنامج في مخيم دعوي ، وهل ذلك البرنامج يناسب وقتك أم أنك مشغول , وحينها لا تعد الناس ثم تخلف.
- قرار اختيار الوظيفة وهل هي مناسبة لطموحك الدعوي أم أنك ستحورها لصالحك مهما كانت العوائق.
- قرار اتخاذ فلان ليكون شريك لك في برنامجك الدعوي , وهل هو مناسب أم أنه سيكون عائقاً لك بسبب عدم استيعابه لطموحاتك ومشاريعك الدعوية.
- قرار البدء في تنفيذ المشروع الدعوي الكبير كإنشاء قناة أو موقع أو مبنى يخدم الدعوة , وضرورة التأني قبل إخراج الفكرة إلا بعد أن تتم دراستها دراسة جيدة , وكم من داعية أطلق فكرته ومشروعه ولكنه لم ولن ينفذه لعدم مقدرته المادية والإدارية والإستراتيجية.
- قرار الانتقال من بلد إلى بلد , وهل هذا الانتقال يناسب همك الدعوي من جميع الجوانب أم أن الاستعجال هو دافع الانتقال وحينها قد تضر بنفسك وبالجمهور الدعوي الذي طالما انتفع بك.
- وأخيراً : لا أستطيع أن أحصي القرارات التي تحتاج إلى تأن ودراسة في عالمنا الدعوي ؛ لأنها أكثر من أن تُذكر وأكبر من أن تُحصر, وهي في ازدياد بكل تأكيد.
ولكني أؤكد على التأني والدراسة والتفكير الطويل قبل الإقدام على أي عمل دعوي مهما كان صغيراً أو كبيراً ؛ لأن التجارب أخبرتني أن التوقف عن البرامج الدعوية بعد البدء فيها إنما هو نتيجة ضعف الدراسة والاستعجال وعدم طرح البدائل وضعف المستوى القيادي لذلك المشروع.
- ومضة: { التأني من الله والعجلة من الشيطان } حديث حسن . صحيح الجامع ( 3011).
السفر للدعاة قواعد وضوابط
إن حاجة الناس للعلم والدعوة أكبر من حاجتهم للطعام والشراب ؛ لأن الحاجة للطعام والشراب هي غذاء للجسد فقط ، أما العلم والدعوة فهي حياة الروح ، وهذا ما قرره جماعة من العلماء ومنهم الإمام أحمد وابن القيم عليهما رحمة الله.
إن السفر للدعاة مطلب ضروري ؛ وذلك لأمور منها: - أن الناس يحتاجون إلى العلم والمعرفة وقد يكونوا فاقدين لها في ذلك البلد.
- في بعض المدن والمحافظات الصغار يندر وجود الدعاة والبرامج الدعوية ؛ لهذا كان السفر ضرورياً.
- قد تكون بعض البلاد يسيطر عليها اتجاه عقدي أو فكري مخالف ؛ لهذا كان من المتأكد السفر لها لدعوة أهلها والاطلاع على الواقع الذي هم عليه.
- نقل الخبرات والتجارب الدعوية للدعاة في تلك المدن.
- معرفة أحوال الناس ومستوياتهم العلمية والاستفادة من ذلك في تجديد الخطاب المناسب لهم. - تثبيت الدعاة وشباب الاستقامة هناك وتعزيز المعاني السامية والأهداف النبيلة لديهم .
- رؤية المعالم الإسلامية والتراث الديني الذي يوجد في بعض المدن. - زيادة النظرة الإيجابية للمسلمين من خلال رؤية أعداد كثيرة من المسلمين.
- الاستفادة من مخالطة الناس في زيادة الثقافات والمعلومات والبرامج التي تفيد الداعية في دعوته.
- معرفه الفساد العقدي والسلوكي والكتابة عنه في المواقع بطريقة حكيمة من باب الإنكار والتصحيح والنصح لمن يراه أو يتساهل في التعامل معه.
- تنمية مهارة الاتصال بالآخرين وكسب أنصار للدعوة على مستوى كبير من الدول والمدن في مختلف أنحاء العالم.
- إضافة الجديد لثقافة الداعية من خلال رؤيته لبعض المعالم الدعوية والجلسات الحوارية مع الناس.
خطوات قبل سفرك أيها الداعية : - دراسة جدوى السفر وفائدته. - استشارة أهل البلد بالوقت الذي تعزم السفر إليهم فيه.
- التنسيق مع الأسرة وتأمين ما يحتاجون إليه قبل السفر. - الاستخارة وطلب العون الإلهي.
- الدقة في ترتيب الحجوزات والتبكير للمطار، وإحضار كافة الأوراق الرسمية للسفر. - ترتيب الأمور المالية جيداً.
- لتكن معك الأدوات المعينة على راحتك وخدمتك، مثل: شاحن الجوال، لاب توب، وصلات النت. - معرفة أحوال الطقس للبلد الذي ستسافر إليه.
- دراسة ثقافة البلد ونظامه وطبيعة أهله ومستوياتهم الفكرية والاجتماعية. - قد تحتاج إلى الترتيب مع بعض المراكز الإسلامية أو الجهات الخيرية ؛ لاستقبالك وتهيئة ما يلزم لك من فنادق وسيارة نقل. - احرص على توثيق رحلتك عبر التصوير بالفيديو والتصوير الثابت.
وأنت في رحلتك: - احرص على أن تكسب الناس بحسن خلقك. - كن دقيقاً في ترتيب برامجك مع المكتب أو الجهة التي رتبت معك اللقاء.
- زن ألفاظك وكلماتك قبل إخراجها . - احرص على المظهر الجميل . - كن صاحب ابتسامة وخلق حسن .
- عليك بالهمة العالية ومجاهدة النفس في سبيل الله، وأبشر بالأجور العظيمة.
- لا تفتِ بغير علم، وكن شجاعاً في قول: (لا أدري) وإن استطعت أن تبحث المسألة وأنت بينهم ؛ فهذا حسن.
- اعتنِ بفقه الأولويات ، وتقديم أهم المسائل التي يحتاجها أولئك القوم في بلدهم ؛ وهذا دليل الحكمة التي تسير عليها (( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا )) [البقرة:269].
- قم بزيارة للمسئولين في ذلك البلد وكبار الشخصيات - إن أمكن ذلك – واعلم أن وراء ذلك خيرٌ كثير.
- قد تدُعى لمجلس حوار مع أصحاب بدعة أو شهوة فلا توافق مباشرة ؛ بل استشر كبار العلماء ، وانظر في قرارك قبل أن توافق عليه، وتأمل فوائد ذلك وأضراره.
- احرص على أن تسأل عن الأشياء التي تراها ، مما يزيد ثقافتك وينير عقلك ، فقد ترى قبوراً بطريقة مخالفة ؛ فإذا سألت عن ذلك ، فسيخبرك المرافق أو المشرف الذي معك ، ومن خلال ذلك تستطيع التوعية لهم بطريقة حكيمة عبر لقاء أو خطبة جمعة ونحو ذلك.
- قد تسمع في حديث الناس ألفاظاً خاطئة ، فكن حريصا على السؤال عنها ، وعن مرادهم بها ؛ ومن خلال معرفتك يمكنك إرسال الرسائل التوجيهية لهم تجاه ذلك , وهكذا.
- كن حكيماً في السؤال عما ترى وتسمع مما يخدم قضيتك الدعوية. - أنت قدوة ، فانتبه لأفعالك وقراراتك ، ولا تتخذ موقفاً إلا بعد الدراسة والتأني.
- لا تتساهل في حضور أماكن المنكرات والمجامع المختلفة كالحدائق والمتنزهات والأسواق ؛ مهما أقنعك بذلك رجال ذلك البلد، وليشاهدوا فيك الغَيرة والعِفة.
- قد لا تجد استجابة من بعض الناس فلا تحزن ؛ فهذه مسيرة الأنبياء ( ومنهم من يأتي ومعه الرجل والرجلان ، ومنهم من يأتي وليس معه أحد ) [متفق عليه .
- إن كنت في بلد غير عربي ؛ فانتبه في حال المترجم، وأن يكون ثقةً متميزاً بجودة الترجمة. - قد يسأل أحدهم تعنتاً أو امتحاناً ؛ ليطعن في فتاوى علماء آخرين، فانتبه لذلك ، وكن أعقل من أن يخدعك سفيه.
- قد تجد عندهم فتاوى لأئمتهم تخالف المذهب الذي أنت عليه، فاحرص على الإجابة بالدليل الواضح مع الشرح ، وإحسان الظن بعلمائهم والثناء عليهم والاعتذار لهم.
قبل رحلة العودة: اكتب ما جرى لك في رحلتك مما تراه مفيداً ويستحق الكتابة ، لكي ترفعه للمواقع الإسلامية ، أو لإحدى المطابع لإخراجه في كتاب , وفي ذلك نفع كبير جداً ونشر لأحوال المسلمين.
عند عودتك من السفر : - رتِّب مع بعض القنوات الإسلامية؛ لتمنحك فرصة لتتحدث في أحد البرامج عن رحلتك وفوائدها.
- قد يناسب أن تخطب جمعة عن رحلتك وتتحدث فيها عن المشاهد التي تنفع المستمعين .
- قم بزيارة للعلماء والتجار والدعاة؛ لتحدثهم عن رحلتك، وما فيها؛ لعل ذلك يُحرّك النفوس لحمل رسالة الدعوة إلى الله.
- بعد قناعتك بضرورة السفر للدعوة ؛ نأمل أن تكرر ذلك، وتجعل ضمن برامجك السنوية ( الرحلات الدعوية ).
- احرص على أن تشكر زوجتك وبقية أفراد أسرتك على احتسابهم الأجر في رحلاتك الدعوية ، وحدِّثهم عما رأيت وعن حسناتك التي هم شركاء لك فيها.
صور الافتتان بالمرأة في المجتمع الدعوي
في نظرة لواقع القضايا الدعوية أصبحنا نشاهد ارتباطاً بين الداعية والمرأة عبر عدة مناشط , مع الغفلة عند بعض الدعاة عن الافتتان المتأصل في نفوس الرجال من النساء ، كما دل النص الصحيح ووافقته فطرة الرجال ( ما تركتُ بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) . [ رواه البخاري 4706] .
وقد لمستُ من خلال مشاهدتي لبعض المناشط بعض ما يجب إنكاره وبيانه فأقول: :
من مظاهر الافتتان بالمرأة في الساحة الدعوية :
1. التساهل في محادثة المرأة الأجنبية وسماع صوتها عبر الجوال أو الهاتف الثابت , أو المداخلات في القنوات , لأجل حل مشكلتها أو إجابتها على سؤال ، والواجب الحذر من فتنة الصوت الذي قد يأخذ بالألباب , والنفس أمارة , والشيطان يجري , وأنا هنا لا أحرم سماع صوتها ولكن أدعو للحذر من التساهل .
2. إرسال رسائل عبر الجوال أو البريد لبعض الأخوات الصالحات أو التائبات , لعل فيها نوعاً من تأليف القلوب أو التحفيز لصالح الأعمال , ثم يتفاجأ الداعية وإذا بالمرأة تبادله رسالة أخرى ألطف من رسالته ؛ لأنها بأصابع أنثى , فيرق القلب , ويفرح إبليس , وتبدأ الشرارة التي قد تحرق إذا غاب واعظ النفس , وزال أثر اسم الرقيب , والحل هنا : التوسط في هذا الباب والاعتدال في الإرسال والاعتدال في اختيار الكلمات التي لا تحمل إشراقات رومانسية .
3. الدخول في العمل الخيري من باب الدعوة ونفع الناس , وحين يبدأ المشوار في تفقد بيوت الأسر قد يقع صاحبنا على فريسةٍ زين الشيطان حالها , وساعدت ظروفها الاجتماعية والمادية في تقوية الافتتان فإذا بها أرملة أو مطلقة , ويبدأ صاحبنا في التعاطف معها لأجل الثواب والأجر في خدمتها ، ولكن غياب الضوابط يوقع في المهالك وفي الباب قصص تُدمي , فاحذر.
4. الدخول في عالم التطبيقات الحديثة ومراسلة الفتيات لأجل دعوتهن أو التعقيب على مشاركة الأخوات وكتابة الثناء العاطر على ما سطرتُه أناملهن , وهذا الثناء يحرك الغرائز , والغالب أن الفتاة تكتب رداً على تعقيبك , فيرقص صاحبنا طرباً لهذا التعقيب ؛ لأنه بقلم أنثى وهذا له دور في تقوية الافتتان , والقاعدة : من قارب الفتنة بعُدت عنه السلامة.
5. الانضمام لمنظومة " رجال الحسبة " سددَّهم الله نعمة جليلة , ولكن الافتتان بالنساء لدى من ينزل للأسواق أو من يواجه فتيات المدارس والجامعات أمرٌ لا يُنكر, وإن كان النزول للإنكار من مهام رجل الحسبة , ولكني أدعوه إلى ضرورة الانتباه من فتنة النظر والحذر من سهم إبليس ويستطيع رجل الحسبة أن يُنكر عليها بدون أن ينظر ويركز النظر إليها , وأهمسُ إلى المشرف على المركز أن يُجنب العُزَّاب من الموظفين النزول لمواطن النساء خوفاً عليهم من الافتتان , ودرء مفسدة الفتنة مُقدَّمٌ على إنكار المنكر .
6. عند سفر الداعية لبعض الدول التي تمتلئ بالمنكرات لأجل إقامة برامج دعوية هناك , فليحذر الداعية من إطلاق النظر ولا يثق بنفسه التي هي أمارة بالسوء ، وليبتعد قدر استطاعته من أماكن تواجد النساء: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا )[الطلاق:2].
7. نلاحظ على بعض الدعاء في القنوات التساهل في مخاطبة المذيعة ومقدمة البرنامج ولا يجد صاحبنا حرج في الجلوس معها في الاستديو, وكأن الشيطان مات , أو لعل صاحبنا بلغ مرتبةً لا تؤثر فيه النظرات المتتابعات لوجه المرأة التي تلاطفه الحديث , وتبتسم له بين فترةٍ وأخرى وليت شعري كيف استقبلته ؟ وكيف كان اللقاء الأول ؟ أم ليت شعري كيف هي لحظات الفواصل مع الجنس الناعم ؟ أَلا فليتق الله ذلك الداعية من أن يفتن نفسَهُ الضعيفة , أو يفتن الجمهور المشاهد له من إظهار ذلك الجلوس وكأنه أمرُ لا بأس به , مع أن نصوص الوحي باعدت بين الجنسين وحذرت من الاقتراب ، والشريعة راعت حراسة الفضيلة كما لا يخفى.
8. التساهل في إعطاء البريد الالكتروني للأخوات السائلات بحجة الوقوف معهن والإجابة عما يشكل لديهن , وتتطور القضية حتى يصبح التواصل عبر الجوال , ثم تتوالى الكلمات اللطيفة , والابتسامات الطريفة وبعد ذلك ينمو الحب وتقوى شجرة العشق والداعية في غفلة , وهو الضحية إن لم يتداركه الله برحمته.
ولعلنا نشير إلى أن بعض الأخوات إذا وجدت من الداعية بعض الاحتواء والتفاعل فإنها تتعلق به من حيث لا تشعر وتبدأ بالتواصل معه وتتصل به أو تراسله من باب الاستشارة والسؤال , وهذا إذا كان في حدود الاعتدال فلا بأس به , ولكن المصيبة أن بعضهن تتعلق به وتتعاطف معه بشكل يثير الدهشة , وصاحبنا قد أحسن الظن بنفسه أو بها , وهذا ينذر بخطرٍ كبير, وكم وقفتُ على قصص تدمي القلب في باب التعلق بين النساء وبين ( حاملي لواء الخير والدعوة ) واللبيب يحذر من الاقتراب ويفهم القضية ويبتعد عن المقدمات .
ولعل المظاهر في الافتتان بالمرأة في القطاع الدعوي أكثر من ذلك , ولكن هذا ما جرى به قلمي , وربنا نسأل أن يحمي الدعاة من كل فتنة في طريق دعوتهم .
الشيخ وموظفه الخاص
جلستُ مع كثير من الدعاة وطلاب العلم المتميزين والذين يملكون تراثاً علمياً كبيراً وخبرات في مجال الدعوة والتعليم.
ولكن الذي يؤسف له أنك عندما تبحث عن جهد هذا الشيخ أو هذا الداعية تجد أنه مبعثر في الغالب ، وفي فوضوية غريبة مع جلالة الأعمال التي يقوم بها.
والسبب في نظري عدم وجود موظف خاص لذلك الشيخ ولذلك الداعية.
وبيان هذا : أنك تجد لدى ذلك الشيخ بعض المقالات والبحوث التي كتبها أو في تخطيطه أن يكتبها ، ولكنه يفتقر إلى الموظف الخاص الذي يدير أعماله ويرتب برامجه وأهدافه ، ولأجل إيضاح بعض الغموض حول هذه الفكرة ، أقول :
- يجب أن يدرك الشيخ والداعية بضرورة وجود الموظف الخاص.
- يمكن أن يكون الموظف الخاص سائق للمنزل وكاتب ومنسق إذا كان يجيد ذلك كله ، فيستفيد الشيخ منه في قضاء أغراض المنزل، ويستفيد منه في طباعة المقالات والبحوث والخطب والرسائل ومتابعة الموقع الخاص بالشيخ – إن كان لديه موقع - .
- يمكن الحصول على الموظف عبر رخصة محل سارية المفعول كمكتب عقار أو خطاط ورسام أو وكالة دعاية وإعلان، وتكون الاستفادة منه في بعض الأوقات في الأعمال التجارية والأعمال الدعوية والعلمية.
- ضرورة الاختيار الجيد لهذا الموظف ووضع آلية مناسبة وخطة عمل في تطبيق البرامج التي تريد أن ينفذها لك.
- سؤال أصحاب الخبرة السابقة من أهل العلم الذين جربوا هذا الأمر.
- دراسة الميزانية التي ستصرف لهذا الموظف وتشمل : تكاليف الاستقدام ، والراتب الشهري ، وقيمة السكن إن كان السكن لديك غير متوفر، تأمين سيارة له ليتنقل بها لقضاء الحاجات.
- يجب أن يكون الموظف متدرب على استعمال الكمبيوتر ويتقن ذلك حتى لا تضيع وقتك في تدريبه.
- قد يكون من المناسب حفظه للقرآن لتستفيد منه في تحفيظ أبنائك القرآن إن كانت الصفات فيه تؤهله لذلك.
- مما يزيد قناعتك بضرورة الإتيان بالموظف الخاص لك: أن تنظر في الفوائد المترتبة على ذلك من :
- طباعة المقالات والبحوث.
- توفير الوقت الكثير في شراء الأغراض.
- إيصال أبناءك المدرسة أو المسجد الذي فيه حلقات التحفيظ.
- متابعة تطوير موقعك الخاص.
- تنسيق برامجك وترتيب أعمالك.
- احذر من الاستعجال في الإتيان به بدون دراسة لما سيقوم به.
- لا تلتفت إلى من ينتقدك في مشروع الإتيان بالموظف الخاص ؛ لأنه لا يعلم مدى بعد النظر لديك ، ولا يدرك الفوائد التي أنت تريدها من هذه الفكرة.
- يمكنك أن تتعاون أنت وبعض طلاب العلم في مصروفات موظف واحد ، وتستفيد أنت وإياه منه في برامجكم العلمية ، وبهذا تكون التكاليف المالية قليلة عليكما .
ومضة : كل مشروع عظيم تحيط به تضحيات.
مواقف على طريق الدعوة
هذه بعض المواقف والقصص التي حصلت معي في طريق الدعوة اقترح بعض الأحبة كتابتها لعل فيها عبرة وتذكير وتحفيز للعاملين .
1- تعودت إذا رأيت مدخناً أقول له : هل يجتمع الطيب والخبيث ؟ وأشير له وللسيجارة فكان منهم من يرمي السيجارة مباشرة حياء من السؤال , ومنهم من يجيب بـ لا , فقط .
2- كنت على الشاطئ ومعي أحد الأحبة , ولدي بعض الأشرطة المناسبة للشباب , ولما بدأت بزيارة الجالسين سمعتُ صوت غناء غربي قوي جداً , فاتجهتُ له , وإذا بهم أربعة شباب ولما اقتربنا ونزلنا لهم , أغلقوا الغناء , وجلسنا سوياً وتمت النصيحة , حصل موقف طريف , وهو أني قلت " لو جاء الموت لأحدكم ماذا..." فقال كبيرهم : يا شيخ لا تقل لو , لأن لو تفتح عمل الشيطان.
فقلت له: يا سبحان الله , وهل هذه الجلسات وما فيها من المعاصي إلا من الشيطان , ثم ودعناهم بسلام.
3- زرت مجموعة على أحد الجلسات , وكان معهم شيشة وعود وطرب ، فنزلنا لهم ، وغلبهم الحياء فرفعوا ما لديهم , وتحدثنا سوياً , ومن الطريف أني قلتُ لمن معي نزِّل العزبة – عزبة الشاي والقهوة – كانت معنا في السيارة – ونزلها صاحبي وصنع لنا شاي , وشربناه معهم , فرأيت فيهم آثار التعجب , ومرت الدقائق , وتركناهم , ولكن بفضل الله تعالى اهتدى واحد منهم وأصبح ملازماً للدروس عندي في الجامع.
4- زرتُ مجموعة على الرصيف الساعة الثالثة فجراً وكانوا يعزفون العود , وتمت مناصحتهم , وبفضل الله تعالى وبعد زمن قابلتُ رجلاً عرفني ولم أعرفه , وسلم علي بحرارة , فقال: أنا أحد الذين كانوا يعزفون العود , أبشرك من تلك اللحظة رجعتُ إلى الله تعالى.
5- زرتُ مجموعة وتبادلنا الحديث ورأيتُ شباب كثير فوزعنا أشرطة عليهم , فمنهم من قبلها , ووضعها في سيارته ورفع بها صوت المسجل حتى إنك تسمع الموعظة بصوت عالٍ جداً, ومنهم من أخذ الشريط , ورمى به أمامنا – هداه الله - .
6- زرتُ تسجيلات غنائية , ونصحتُ العامل , وكان مستحياً من عمله في هذا المحل , وقال : والله قبل قليل جاء واحد قبلك ونصحني , وأعاهدك أني سأخرج من هذا المحل , وسأبحث عن باب رزق آخر . فقلت له: ((َمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ))[الطلاق:2].
7- كنت إذا ذهبت للصلاة ورأيت شباب جالسين أسألهم عن المسجد فيشيرون لي بأنه في المكان الفلاني , فأقول : نذهب سوياً, فيخجلون .
8- كنت في أحد الاستراحات وسمعنا صوت غناء في الخارج, وكنا (10) أشخاص فقمتُ مع صاحبي وخرجنا من الاستراحة وإذا بنا نرى اثنين من الشباب قد رفعوا صوت الغناء من السيارة ومباشرة أوقفوا الصوت لما رأونا , فسلمت عليهم وقلت : مرحباً بأحفاد الصحابة , وطأطئوا رءوسهم وقال أحدهم : لا تحرجنا يا شيخ .
9- كنتُ في مطعم ورأيت أحد العمال قد وضع سماعة الجوال , والله أعلم بما يسمع , فاقتربتُ وسلمت وقلت : هل لديك مقاطع جيدة ترسلها لي ؟ قال: لا . قلت: هل تسمح أن أرسل لك مقاطع مؤثرة , قال: تفضل , وأرسلتُ له وتقبلها بكل حب واستجابة.
10- كنت في دورة تدريس للقرآن , فجاء طالب , وقرأ عندي القرآن وكان صوته حسن , فلما انتهى قلت له : صوتك جميل بالقرآن ما رأيك أن تدخل في حلقة تحفيظ في مسجدي , فقال: أبشر . فلما صليت المغرب تفاجأت به وقد جاء للتسجيل في الحلقة .
11- كنت عند الإشارة وبجانبي رجل قد رفع صوت الغناء وبيده سيجارة , فسلمت عليه و قلت له : أين الطريق للجنة ؟ فابتسم , ورمى بالسيجارة وأغلق الغناء و دعا لي .
ومضة : لو أن كل داعية كتب المواقف التي تجري معه لرأينا الخير الكثير والنفع الكبير, فهذه دعوة إلى الكتابة يا معاشر الدعاة.
36 خاطرة في إلقاء الكلمات
أحبتي ، هذه بعض الفوائد والقواعد التي رأيت أنها تناسب ذلك الداعية الذي يقوم بإلقاء الكلمات الدعوية سواءً في المساجد أو المدارس أو أي ملتقى دعوي ، وهي بحاجة للمزيد من أصحاب الخبرات .
وفي نظري أن الداعية كلما كانت لديه هذه القواعد وغيرها كلما امتلك فنون التأثير في المستمعين له .
* الخواطر:
1 - تجديد النية لله تعالى قبل البدء بالعمل .
2 - تذكر وأنت تمشي إلى مكان الإلقاء الأجور الواردة في فضل الدعوة إلى الله تعالى .
3 - لا تنس أن هناك مئات من الفاسقين والكافرين يمارسون مهمة الإلقاء ليضلون الناس عن الصراط المستقيم ، سواء كان ذلك الإلقاء في قناة أو مركز أو مؤتمر أو قاعةٍ للغناء والفسق .
4 - تأكد أن الشيطان سيحاول تثبيطك عن هذه الكلمة ويذكرك ببعض العقبات في هذا العمل , فأوصيك أن لا تلتفت له واستعذ بالله من الشيطان الرجيم .
5 - الاستئذان مسبقاً من الإمام أو المؤذن .
6 - لابد أن نفرق بين الإلقاء في مسجدٍ صغير وبين جامعٍ كبير، وبين الإلقاء في مدرسة وبين الكلام في جامعةٍ كبيرة .
7 - ما أجمل أن تستشعر وأنت تدعو إلى الله تعالى أن الله يراك ويسمع صوتك .
8 - كن حسن اللباس ، طيب الرائحة .
9 - قبل البدء تأكد من مناسبة موضع المكرفون من فمك من ناحية القرب والبعد على حسب قوة الهندسة الصوتية وجمالها وعلى حسب قوة صوتك وضعفه .
10 - إذا كنت ستلقي في مكرفون الإمام فراع وزن الصوت ؛ لأن الغالب أن الأئمة يزيدون مستوى حاسة المكرفون الذي لهم أكثر من مكرفون المؤذن الذي يكون هو محل الإلقاء غالباً .
11 - ابدأ مستعيناً بالله تعالى .
12 - ابدأ بكل شجاعة .
13 - البدء بالبسملة والحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
14 - ألق السلام على الحضور .
15 - ادع للحضور بدعوات صادقة في بداية الكلمة .
16 - ابدأ بأسلوب فيه تشويق لموضوعك ، مثل :
١- هل تعلمون بالحديث الذي بكى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
٢- أتيت مبشراً لكم بخمس فضائل لعملٍ يسير.. ثم تكلم عن فضل ذكر الله .
٣- في ذلك المكان تجتمع الأسرة ، يضحكون ، يتحدثون ، إنه منزلك ، ثم تكلم عن وسائل إصلاح البيوت ، وهكذا حاول التجديد في مقدمات كلماتك .
17 - تجنب الإطالة بقدر ما تستطيع ، ولا تتجاوز عشر دقائق ونحوها .
18 - قد يكون الأنسب الإطالة في الكلمة في بعض الأماكن والأحوال .
19 - قد يناسب أن تدخل الابتسامة في موضوعك بطريقة لائقة .
20 - احرص على إيصال صوتك من خلال اعتداله بين الرفع والخفض .
21 - وزع نظراتك بطريقة متناسقة لأن للعيون لغة يفهمها الآخرون .
22 - ليشعر الناس برحمتك من خلال حروفك .
23 - انتق أجمل الكلمات التي في قاموسك لإيصال رسالتك الدعوية .
24 - استخدم حركات اليد في المواضع المناسبة في كلمتك .
25 - لتكن وقفتك متميزة ، لأن لغة الجسد مؤثرة جداً في الإلقاء .
26 - لا تجرح مشاعر المستمعين ببعض الكلمات القاسية .
27 - افتح للناس باب الأمل والتفاؤل والنجاح من خلال حروفك .
28 - عند الحديث عن العيوب والمخالفات لا تعمم ولا تقل " كثير من الناس " بل قل " بعض الناس هداهم الله ".
29 - اذكر قصة في ضمن حديثك ولتكن من حياة الأنبياء أو من القصص النبوية الصحيحة أو من حياة السلف أو من القصص الواقعية .
30 - الأبيات ذات الحكم لها تأثير ، فاحرص على حفظ بعض الأبيات .
31 - عند ذكر القصص إياك والقصص المكذوبة أو المخالفة للنصوص الصريحة أو القصص التي يُسرع الناس لتكذيبها من غرابتها ، وكما قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : ما أنت محدثاً قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة .
32 - عند ختم الكلمة كن ذكياً في تلخيص كلمتك بطريقة جذابة ثم ادع للحضور ثم اشكرهم على إنصاتهم .
33 - إذا لم تكن قد سلمت على إمام المسجد في بداية كلمتك فسلم عليه بعد نهاية كلمتك .
34 - هنيئاً لك الأجر بتعليمك هذا ونشرك للخير وأبشر بالثواب الجليل من الله الكريم .
35 - قد يأتي من يسلم عليك بعد كلمتك ، فاحرص على الاحتفاء به ومعانقته بحرارة .
36 - قد يسألك بعضهم بعد الكلمة فأجب إن كنت تعلم وإلا فقل لا أدري أو أعطه بعض أرقام من تثق أنهم يعرفون إجابته من أهل العلم .
مما يسرنا ويسر كل مؤمن ظاهرةٌ بدأت منذ زمن وهي " الملتقيات الشبابية الدعوية " على المنتزهات وفي الأحياء وعلى الأرصفة وعلى الشواطئ .
أسأل الله أن يسددك ويرفع درجاتك أيها الداعية المبارك .
الدعاة الشبابيون.. ومضات وإشارات
ولا شك أن النزول للشباب في أماكن تجمعاتهم مما يساهم في دعوتهم بشكل مباشر ومؤثر، والمهتدين والمنتفعين كثر بحمد الله بسبب تلك البرامج ؛ لأن بعض الشباب لا يحضرون المساجد ولا يسمعون الكلمات الدعوية ، فحينما ننزل لميادينهم ونجلس معهم ونخاطبهم وجهاً لوجه يسمعون منا تلك الكلمات التي ربما لأول مرةٍ يسمعونها .
وبما أن الدعاة لتلك الفئات في الغالب أنهم من فئة الشباب الصالحين ، أحببت أن أهمس لهم همسات تضيء لهم منارات على الطريق :
- لا بد من تجديد النية لوجه الله تعالى ، قال تعالى : ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ )[الزمر:3] والحذر من مزالق الشهوة الخفية في محبة الشهرة والأضواء والكاميرات ، ونحن بشر تنتابنا خطوات الشيطان ومزالق النفس الأمارة بالسوء .
- ما أجمل استشارة العلماء والشيوخ الذين سبقوك بالدعوة ، واحذر رعاك ربي أن تتفرد برأيك في إقامة برنامج تربوي أو منهج دعوي بحجة معرفتك بواقع الشباب ، وإذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم يأمره الله أن يمارس الشورى لأصحابه ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ )[آل عمران:159] فكيف بنا نحن ؟
- لا تكثر من الهزل والضحك الذي يجعل موعظتك مهرجاناً للضحك ، وبإمكانك أن تدخل السرور والبسمة اللطيفة بطريقة حكيمة لا تضعف شخصيتك ولا تزدري كلمتك ، فكن متميزاً يا محب بالاقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم الذي لم تكن دعوته قائمةً على النكت والضحك فقط ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )[الأحزاب:21] .
- لا تُحرج الناس وتطلب منهم التوبة أمامك وأمام الجمهور، وإحضار المخدرات والسجائر والسيديات المحرمة لأن هذا كشف لستر الله عليهم وإظهاراً لمعاصيهم " ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ".
وربما انتشرت الصور عنهم ورآها أقاربهم وغيرهم مما لا يعلم عنهم تلك الذنوب ، وهذا المنهج لم يكن على هدي رسولنا عليه الصلاة والسلام ولم يفعله خيار الناس من الدعاة على مر الزمن ، ولاتكن مقلداً لبعض من سبقك في هذا ، فالعبرة بالأصوب والأقرب للحق .
- القصص وسيلة مهمة ، ولكن لا تبالغ فيها وتزيد فيها ما ليس منها ، وأوصيك أن تقتبس من قصص الأنبياء ثم قصص الصالحين والدعاة الربانيين ، وخذ من القصص الواقعية ولكن احذر القصص التي تخالف العقل والمنطق . قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : " إنك لن تحدث قوماً بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ".
- يجب التفريق بين إلقاء كلمة في مخيم شبابي وبين إلقاءها في مسجد ؛ فلكل مقام مقال .
- حذار يا محب من الكلمات التي تخدش الحياء وتجرئ السفهاء على الدعوة والدعاة .
- احرص على التواصل مع المكاتب الدعوية الرسمية في مدينتك لكي تكون برامجك تحت الغطاء الدعوي الآمن الذي يحفظك من المساءلة لاحقاً من أي جهةٍ أخرى .
- أدخل دورات تدريبية لتساهم في تطوير برامجك ومهاراتك الدعوية .
- قد تأتيك تبرعات وأموال من بعض الحضور لتفاعلهم معك لإقامة برامج دعوية أخرى ، فاحرص على ضبط تلك الأموال ووضع خطة مناسبة لذلك.
- لا تحتقر جهود الآخرين من طلاب العلم والدعاة في المجالات الأخرى ، فالكل على خير ، والجميع في خدمة الدين ونفع الناس .
- رتب وقتك ولا تجعل حماسك الدعوي يفقدك مبدأ الأولويات ، ولا تغفل عن دراستك إن كنت طالباً أو وظيفتك إن كنت موظفاً ، ولا تهمل حقوق أسرتك بحجة أسفارك الدعوية واللقاءات الشبابية .
- استفد من الدعاة الآخرين واقتبس من خبراتهم وتجاربهم التي تنفعك في مشوارك الدعوي .
- بعض المواقف التي تصادفك تستحق أن تكتب وتنشر للناس " قصة مؤثرة لها دلالات عجيبة " فاستعن بالله واكتب تلك القصص بأسلوب شيق وانشرها في المواقع النافعة ليستفيد الناس منها ، وإن كنت تجد ضعفاً في الكتابة والأسلوب فأخبر بعض الدعاة بها لعلهم يكتبونها أو تكون زاداً لهم في محاضراتهم وخطبهم .
- توثيق أعمالك الدعوية أمر جميل ، بالتصوير والتسجيل ولكن لا تنشر كل ذلك شيء ترى أنه مناسب للنشر .
- لا تغضب من النقد البناء ، فكلنا نخطئ ، ومن لا يخطئ فلن ينجح ، واستفد من كل ملاحظة لتتفاداها مستقبلاُ ، ولا تظن أن كل ناقد إنما هو حاسد ، فربما كان من المحبين لك الراغبين في تميزك ولكنه رأى خللاً عندك من وجهة نظره .
- مشاهدات :
١- بعضهم يبالغ في تصوير كل لحظة في حياته وكل مكان ومع كل شخص وينشر ذلك رغبةً في زيادة المتابعين في تويتر وانستقرام والفيس وغيرها ، وأصبح التصوير عنده هاجساُ كبيراً وربما تأثرت نيته بذلك وهو لا يشعر ، وربما أصبح ممن يتكاثر بعدد متابعيه والمعجبين به ، ولاشك أن هذا لا يليق بالدعاة الصادقين .
٢- وآخرون تصدروا للتوجيه في القنوات بمجرد مرور سنة على توبتهم ، ونحن نعلم أن التوجيه مسألة مهمة لا تكون إلا لمن جمع بين العلم والخبرة ومعرفة الناس وكان حكيماً في توجيهاته ، ولقد تعجبت من أحدهم في لقاء تلفزيوني يتحدث عن القضايا الأسرية بشكل غريب ، مع أن ذلك يحتاج لمستشار أسري قضى حياته في الدراسات والبرامج التربوية .
٣- وآخرون يطيلون على الناس الوعظ بحجة أن الناس يستمعون لهم ، ولا شك أن الاقتصار في الوعظ والنصح هو المنهج النبوي .
٤- وآخرون يذكرون في كلماتهم أسماء المغنين وبعض الأغاني بشكل لا يناسب الوضع الدعوي الذي يقف فيه .
٥- وبعضهم قد يقرأ الآيات بشكل غير صحيح ويلحن فيها ، وبعضهم يذكر أثناء كلماته بعض الأحاديث الضعيفة نتيجة الجهل بها .
٦- وآخرون يتحدثون في الحلال والحرام بشكل جريء وهذا لا يجوز ، وقد حذرنا الله فقال: ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ))[الإسراء:36] ، والواجب الحذر من مزالق الإفتاء إلا بعد قضاء فترة في طلب العلم وملازمة العلماء .
٧- وآخرون قد يحرصون على كثرة الحضور لهم ويسألون كم المتوقع أن يحضر لي في برنامجكم ؟ وينشرون ذلك ويتفاعلون به ، بل قال بعضهم في تويتر : وقد حضر لي نحو عشرة آلاف .
وأقول له : لماذا تخبرنا ؟ وأين أنت من النبي الذي يأتي يوم القيامة وليس معه أحد . وكأني ببعضهم لو ذهب لمكان لم يحضر فيه إلا القليل لاستغرب واعتبر ذلك عدم اهتمام به وبطرحه .
واجبنا تجاه الدعاة الشبابيون :
- الدعاء لهم لأنهم من الدعاة إلى الله وممن يبذل كثيراً من وقته في نفع الناس ووعظهم ، بل منهم من يذهب بالشباب والتائبين إلى العمرة ويقضي كثيراً من وقته معهم .
- ذكرهم بالجميل والثناء عليهم ، وعدم الكلام في أعراضهم بحجة وقوع بعضهم في الخطأ .
- تثبيتهم ومناصرتهم وتحفيزهم بالكلمة الطيبة والزيارة والمؤانسة .
- الإنصاف في التعامل معهم وفي نقدهم ، ولا يحملنا رؤيتنا لخلل عندهم أن نهاجمهم ونطعن فيهم .
- مناصحتهم بالتي هي أحسن ، فهم بشر يقعون في الصواب والخطأ ، وكما أننا ننصح من يقع في الخطأ من عامة الناس فلا شك أن نصح الدعاة أولى لأن خطأهم أكبر وينتشر بشكل أوسع .
- لابد أن نفرق بين نقد القول أو الفعل وبين نقد الذات ، فلا بأس أن تنتقد أسلوبه مثلاً أو فكرته ، ولكن لا تتعرض لذاته ، فلا تقل مثلاً " فلان سيء القول " أو " جاهل بكذا ..".
وختاماً: هذه ومضات من محب، لم أقصد بها إلا النصح والتذكير لأحبتي " الدعاة الشبابيون ".
جعلنا الله وإياكم من أوليائه الصادقين .
معالم دعوية من حياة نوح عليه الصلاة والسلام
في حياة الأنبياء دروس وعبر وتأملات .. وفي صفحات حياتهم قصص ومنارات ، لابد للدعاة على مر التاريخ أن يشاهدوها ليستنيروا بها ، ويقتبسوا من نورها .
وبين أيدينا قصة أول رسول اختاره الله لحمل الرسالة ، إنه نوح عليه الصلاة والسلام .
نتجول في سيرته ، ونأخذ معالم من دعوته ، ونرى كيف واجهه قومه ، ونتأمل في قصة الانتقام الرباني لأعدائه .
- قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلها على التوحيد . رواه الحاكم وصححه الألباني .
وهذا دليل على بقاء الفطرة نقية في تلك الفترة التي لم تتلوث بالفجور والعصيان .
- بداية الشرك في قوم نوح كان في الغلو في الصالحين ومن أسماءهم " ود وسواع ويعوق ونسرا .." كانوا على صلاح وعبادة فلما ماتوا قام بعض الناس بتصويرهم نحتاً ورسماً لكي يشاهدهم الناس ويزدادوا نشاطاً في عبادتهم .
مضى ذلك الجيل وعظموا تلك الصور ، ثم جاء جيل آخر وشاهد تلك الصور فغلا فيها غلواً أكبر وعبدوهم من دون الله تعالى ، فأرسل الله نوح عليه السلام ليصحح عقيدة أولئك القوم .
- نتلمس من هذا الغلو درساً في خطر الغلو في الاعتقادات وفي الأقوال والأعمال .
وتأمل الغلو في الاعتقاد كيف جنح بالرافضة لتأليه علي رضي الله تعالى عنه والحسين ، ثم تتابع الغلو عندهم في الأئمة الإثني عشر حتى أوقعوا أنفسهم في تناقضات ومخالفات عقدية ، وانظر للغلو عند الخوارج كيف مال للتكفير واستحلال الدماء والخروج على السلطان .
وانظر للغلو في الأقوال كيف أخرج من بعضهم أقوالاً فيها رفعةً لبعض الناس تتجاوز الحد الميزان الشرعي .
وهناك غلو في الأعمال أودى ببعضهم للزيادة في الدين والوقوع في الابتداع .
والمنهج الوسط هو الميزان الحق الذي جاءت نصوص الكتاب والسنة بالحث عليه .
وحينما تتأمل العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ترى كلمات من الذهب تضيء معلم الوسطية في العقيدة والمنهج .
- الاصطفاء الرباني لنوح عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى " إن الله اصطفى آدم ونوحاً وال إبراهيم وال عمران على العالمين " وقال جل وعز " وربك يخلق ما يشاء ويختار " وأعظم مراتب الاختيار هو الاختيار للرسالة كما قال الله تعالى لموسى " وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى " وإذا كانت الرسالات ختمت برسولنا صلى الله عليه وسلم فإن تبليغ الدين باق حتى تقوم الساعة فيا ترى من سيختاره الله لمهمة الأنبياء ليواصل الطريق ويضيء الحياة بنور الوحي المبين ؟
- نوح هو أول رسول بعثه الله تعالى للعالمين ويدل لذلك ما جاء في حديث الشفاعة حينما يأتي الناس للرسل فيبدأون بنوح ويقولون " أنت أول رسول بعثه الله إلى الأرض ". رواه ابن حبان في صحيحه .
- دعوة نوح هي دعوة جميع الأنبياء ، وهي الدعوة للتوحيد وهي عبادة الله وحده لا شريك له " لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره ". وقال جل وعلى " ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ".
- توضيح مفهوم عبادة الله وشموليتها لكل نواحي الحياة ، وأنها لا تقتصر بجانب العبادة فقط دون بقية حياة الناس ، بل هي مهيمنة على كل شيء في واقع الناس وأخلاقهم واقتصادهم وسائر جوانبهم لتكون شريعة الله منطلقاً لكل تصرفاتهم .
- نوح عليه الصلاة والسلام يعتبر من أولي العزم من الرسل الذين جاء الحث على الاقتداء بهم كما قال تعالى " فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ".
- نوح يفوز بالثناء الرباني الكبير " إنه كان عبداً شكورا " ومما يجدر التنبيه له أن الكثير من الناس يعرفون الشكر القولي ويغفلون عن حقيقة الشكر العملي الذي هو الشكر الحقيقي كما قال تعالى " اعملوا آل داود شكراً وقليل من عبادي الشكور " وهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يقوم الليل ويبكي فيقال له ؟ لماذا تبكي يا رسول الله ؟ فيقول : " أفلا أكون عبداً شكوراً ". رواه البخاري .
فما أحوجنا إلى توضيح الشكر الحقيقي والتعبد لله تعالى في الليل والنهار لنكون من الشاكرين الذين يحبهم الرحمن .
أساليب نوح الدعوية :
عندما نتأمل في حياة نوح عليه الصلاة والسلام الدعوية نجد عدة طرق ومسارات سار عليها في دعوته ومنها :
- النصح والبيان ، كما قال تعالى عن نوح أنه قال لقومه " وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون " . والنصيحة هي إرادة الخير للمنصوح ، ونوح عليه السلام جاء بالتبليغ فقط ، كما قال تعالى " أبلغكم رسالات ربي " وفي هذا إشارة إلى أن الأنبياء هم رسل البلاغ فقط ، وليس بعد ذلك شيء ، لأن هداية القلوب إنما هي بيد الله تبارك وتعالى ، قال تعالى " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ".
- التجرد من حظوظ الدنيا ، وفي تأصيل هذا المبدأ يقول نوح " وياقوم لا أسألكم عليه مالاً إن أجري إلا على الله ".
وهذا مقصد كل الرسل عليهم الصلاة السلام ، صادقون ومخلصون ولا يريدون إلا نصرة الدين وهداية الناس فلا يتطلعون لمال ولا منصب ولا لشهرة ولا لأي حظ من حظوظ الدنيا .
وكذلك يجب على الدعاة إلى الله تعالى في كل عصر أن يراجعوا مبدأ التجرد الكامل من كل إرادات الدنيا وزينتها وشهواتها .
- الشفقة ، وهذا معلم لطيف في حياة نوح عليه الصلاة والسلام قال تعالى " إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون " وتأمل هنا قوله " ألا تتقون " ترى فيها الرفق والرحمة مع أنهم كفار ، وهذه الشفقة والرحمة يحتاجها كثير من الدعاة في دعوتهم وبرامجهم ، ويجب أن تكون صفةً لازمةً لهم في أقوالهم وأفعالهم .
وحينما تتأصل هذه الصفة فيهم فلاشك أنهم سيؤثرون في الكثير من الناس .
وسوف نتخلص بهذا من فكرة العنف التي بدأت تظهر في حياة وتصرفات بعض الداخلين في الصف الإسلامي .
توضيح : المقصود بالآية " أخوهم نوح " أخوة النسب لا الدين .
وهذه الأخوة بهذا السياق في هذه الآية تثير فيك الرابطة والعاطفة في الشفقة بهم والحرص على دعوتهم لأن هناك ارتباط وثيق بهؤلاء الناس فلابد أن تسعى لهدايتهم وإنقاذهم من الشرك .
وتأمل المشاعر التي كانت تختلج في قلب نوح حينما قال " إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ". وفي آية أخرى " عذاب يوم أليم ".
نعم إن الداعية الصادق ليخاف على المدعو من عذاب الله ولهذا تجد الداعية يبذل وقته وماله وحياته في دعوة الناس تصحيحاً لمسارهم لكي يسلموا من أسباب العذاب الرباني .
- علو الهمة في الدعوة ، وهذا المعلم ظاهر في حياة نوح عليه الصلاة والسلام فتأمل ماذا يقول ( إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً . ثم إني دعوتهم جهاراً . ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً ).
إنها الهمة العالية ، والجهد الكبير في الدعوة والإصلاح ، إنك تتأمل في حياة رجل عاش ٩٥٠ سنة كلها في الدعوة ، إنها سنوات طويلة ، ولحظات عصيبة ، وحينما يذهب الخيال لتوالي السنين وإذ بك ترى نوح في كل عام وهو باذل وقته وجهده في النصح والتبليغ ياعجباً لهذه الهمة التي سكنت في قلب ذلك الرسول !
والعجب أن تلك السنوات لم يتداخلها كسل ولا فتور ، بل نشاط واجتهاد وبذل وتضحية " ليلاً ونهاراً ..".
وإني أتساءل أين الدعاة في عصرنا من هذه الهمة ؟
أين هم من التشبه بنوح وصبره على طول الطريق ؟
أين طلاب العلم وأساتذة الجامعات من دعوة نوح وبرامجه وطموحاته ؟
هل اكتفينا بكلمة عابرة في كل أسبوع أو درس متقطع بين فترةٍ وأخرى ؟
أهكذا كانت همة نوح عليه الصلاة والسلام ؟
يا ترى متى يفيق الدعاة الكسالى من نومهم وفتورهم ويستيقظوا لحياة ملئها الجد والاجتهاد والاقتداء بالرسل الكرام " فبهداهم اقتده ".
- ومن المعالم الدعوية " الاهتمام بالغاية " وهذا ظاهر في قول نوح " وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم ..".
فتأمل هنا كيف أوضح نوح الهدف من دعوته " لتغفر لهم " إذن لا يريد نوح من الناس إلا أن يهتدوا ليغفر الله ذنوبهم .
وهذا ملحظ جميل وعجيب وتقف فيه على تلك القلوب الراقية النقية التي تحب الخير للناس ولا تريد منهم حظوظاً لأنفسهم .
- ومن المعالم في دعوة نوح : فتح باب التوبة والمغفرة للمدعوين ، وهذا ظاهر في قول نوح " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً .." إني ألمح من هذه الآية سعة مغفرة الله تعالى ورحمته وعظيم فضله .
إن هذا الخطاب لقوم كفار ومع ذلك جاء الاسم " غفار " وهو صيغة مبالغة من غافر .
وإذا كان الله تعالى غفار للذنوب وعلى رأسها الشرك ، فهو لما سواه أشد مغفرة .
والمدعو حينما يشعر بأن الله يقبل توبته ويغفر ذنوبه فإن هذا يدعوه للإقبال والتوجه إلى الله تعالى .
لهذا أدعو كل داعية ومربي ومصلح أن يركز على فتح أبواب الرجاء للناس وبيان سعة رحمة الله تعالى ، وهذا لا يعني أن نهمل الترهيب من النار ومن سخط الله ، ولكن يكون لدينا توازن بينهما ، وحسب المكان والحال والزمان والمخاطب .
- ومن المعالم العظيمة في دعوة نوح عليه الصلاة والسلام : الصبر الكبير .
حيث قال الله تعالى " فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ".
إنك حينما تسبح بخيالك لتلك السنوات التي قضاها نوح عليه الصلاة والسلام في دعوته لقومه لتقف على جبلٍ من الصبر عند ذلك النبي الكبير .
أي قوةٍ تحتمل هذا الصبر الطويل ، مع شدة الإعراض والتكذيب له ، ومع ذلك لم يزدد إلا ثباتاً وصبراً وتضحيةً لأجل الله تعالى .
وتستمر الليالي وتزداد السخرية والتكذيب واتهام النوايا والأتباع ومع ذلك يبقى نوح مرتدياً لباس الصبر ملتحفاً به لا ينزعه لحظةً واحدة .
- ومع إشراقةٍ أخرى في حياة نوح .. " وما آمن معه إلا قليل ".
إنها رسالة دعوية في حياة نوح تقول لكل داعية " لا تنتظر الأعداد " إنها ومضة تمنحك صدق الهدف في نصرة الدين ونفع العباد .
إن هؤلاء العباد - أيها الداعية - قد يستجيبوا وقد يرفضوا دعوتك .
فحينها لا يهمك هذا .
إن لغة الأرقام في حياة الدعاة يجب أن لا يلتفت إليها ، فهذه ٩٥٠ سنة من حياة نوح تكون الأرقام فيها " قليل " قال بعض المفسرين : عدد من آمن مع نوح ٨٠ رجل ، أي أنه يسلم رجل واحد كل ١١ سنة .
يا لله العجب كيف يكون هذا ؟
إنك حينما تفكر بذلك فستقف على كنزٍ من الصبر عظيم ، إنه في تلك السنوات كان يدعوهم ليلاً ونهاراً ، سراً وجهاراً ، ومع ذلك لم يؤمن معه إلا قليل .
إنك حينما تلتفت لبعض الدعاة وترى في أحوالهم سوف تشاهد بوناً شاسعاً بين صبرهم وصبر نوح ، وبين انتظار الأرقام والتطلع لها ..
فهذا يتوقف عن دروسه بسبب قلة الأعداد .
وهذا لا يسافر للقرى لدعوتهم ويقول العدد قليل .
وهذا يصاب بالفتور في برامجه الدعوية ويقول " الناس لا يحضر منهم إلا قليل ".
وهذا مدرس تحفيظ يترك الحلقة لأن الطلاب فيها قليل .
والمشاهد كثيرة في حياة بعض الدعاة وأهل العلم الذين يركزون على الأرقام في برامجهم .
هذا يفكر في عدد المتابعين له في تويتر .
وهذا يتمنى زيادة المشاهدين لصوره في انستقرام .
وهذا يركز على عدد المتابعين على اليوتيوب .
إن في يوم القيامة مشاهد عجيبة ، ومنها أن ترى نبياً لم يأت معه إلا رجل أو رجلان والمعنى لم يتبعه على دعوته إلا هذا العدد .
إنها رسالة لكل مصلح أن يمارس دعوته وتعليمه بدون أن يفكر في كم يهتدي أو ينتفع على يديه ، وربنا يقول عن أنبياءه ورسله " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ".
- ومن المعالم الدعوية في حياة نوح ، استعمال مبدأ " الترهيب " وهذا بين في قول نوح لقومه " مالكم لا ترجون لله وقارا ". والمعنى : مالكم لا تعظمون الله تعالى حق تعظيمه .
إنه عتاب يتضمن التخويف بالله والحذر من سخطه .
إن في النفوس نوع من الضعف والجهل والتمرد على العصيان ، وهذه النفوس قد لا ينفع معها داعي الترغيب ، فحينها لابد من جرعات من الترهيب والتخويف بالله تعالى .
وهذا منهج قرآني ، كما قال تعالى " نبئ عبادي أنا الغفور الرحيم . وأن عذابي هو العذاب الأليم " وفي القرآن كثيراً ما يأتي وصف الجنة وبعده وصف النار .
وقد وصف الله أنبياءه ورسله " مبشرين ومنذرين ".
وفي حياة بعض الدعاة تجد من يغلب جانب الترغيب ومنهم من يسلك مسلك الترهيب ، والتوسط في هذا الباب هو الحق ، وهو منهج القرآن وطريق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
- ومن المعالم في دعوة نوح " رفض الأقربين لدعوته فهذه زوجته وهذا ولده " ماتا على الكفر والعياذ بالله .
وهذا المعلم تجده واضحاً في سيرة بعض الأنبياء ، فهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام يحاول التأثير في والده ويدعوه إلى منهج الله ولكن والده يأبى ويرفض بل ويتوعد ولده بالرجم إن لم يقف عن دعوته هذه .
وهذا لوط عليه السلام يبتليه الله بزوجته التي كانت على انحراف شديد عن الدين حتى أهلكها الله مع القوم الكافرين .
وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يحاول دعوة عمه أبي طالب لعله يحظى بكلمةٍ منه وينادي ويقول " ياعم قل لا إله إلا الله كلمةً أحاج لك بها عند الله " فلم يقلها بل مات على الكفر .
وهذا الدرس التربوي يفتح للدعاة آفاقاً عظيمة في أنه لا يملك هداية القلوب إلا الله تبارك وتعالى ، ولا ينزل السكينة والإيمان في الصدور إلا هو جل وتعالى ، كما قال تعالى " إنك لا تهدي من أحببت " .
ومن ناحية أخرى فإن الداعية يجب أن لا يتأثر إن رفض دعوته أقرب الناس له ، ويجب أن لا يفتر عن الطريق ويترك المنهج بسبب خذلان الأسرة له .
إن التعلق بالمنهج والطريق يجب أن يكون في أعلى صوره وفي أقوى مواطنه .
فيا أيها الداعية ، واصل طريقك ، واثبت على منهجك ، حتى لو تخلى عنك أقرب الناس لك .
يكفيك أنك سائر في قافلة المرسلين ، تبتغي مرضاة رب العالمين .
تكفيك معية الله ورعايته ومحبته " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ".
مواجهات في طريق نوح :
إن كل الدعوات السابقة كتب الله لها أن تواجه الباطل ، ويصيبها من المواجهات والمصادمات الشيء الكثير ، وما من نبي إلا وتجرع في طريق دعوته الهموم والأذى على اختلاف بينهم في تفاصيل تلك المواجهات .
قال تعالى مبيناً هذه السنة الجارية " وكذاك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين ".
وفي سيرة نوح عليه الصلاة والسلام نقف على جملةٍ من المواجهات ومنها :
- " قالوا إنا لنراك في ضلال مبين ". إنه الاتهام الصريح والوصف المشين بالضلال بسبب ماذا ؟ بسبب دعوته لهم .
- رفض الدعوة بسبب أنه من البشر ، قال تعالى عن قوم نوح " مانراك إلا بشراً مثلنا " إنه رفض كامل لكل الرسالة بسبب أنك من البشر ، يا لله العجب ، وهل من شروط الرسالة أن يكون الرسل من جنس آخر من غير البشر ، بل لو كان من غير البشر لقالوا لمَ لمْ يكن واحداً مثلنا نعرفه ونعرف نسبه وتاريخه من قبل .
- ومن أسباب رفض الدعوة من قوم نوح السخرية بالأتباع الذين آمنوا بنوح . قال الكفار " ومانراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي " وفي آيةٍ أخرى " قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ".
وهذا أمر غريب ، إذ لا علاقة للداعية بنوعية الأشخاص الذين يتبعون منهجه ، سواء كانوا فقراء أو أغنياء ، ولكن هذه حجة أهل الباطل دوماً وأبداً في رفض رسالة الدعاة .
ولهذا كان جواب نوح جواباً منطقياً " وماعلمي بما كانوا يعملون . إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون . وما أنا بطارد المؤمنين " وفي آية أخرى " ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم ".
- ومن الاتهامات التي رماها قوم نوح على نوح " الاتهام بالكذب " كما قال تعالى " بل نظنكم كاذبين ". وهذا التكذيب ليس لنوح في الحقيقة بل هو سنة جرت على كل الرسل ، قال تعالى " ولقد كذبت رسل من قبلك ".
وهذا التكذيب لم يضر الرسل لأنهم متعلقون بالله صابرون على كل شيء يعترضهم في سبيل ذلك .
- ومن أسباب رفض دعوة نوح " ضعف المكانة والجاه لدى نوح " قال الكافرين في نوح " وما نرى لكم علينا من فضل ".
وهذا أيضا من الباطل لأن الحق قيمته في ذاته وليس في مكانة الشخص الذي يحمله ، فقد يأتي بالحق الرجل الغني وقد يأتي به الفقير ، فهل سنقبله لأجل منصب حامله أو لأنه حق في نفسه .
وأيضا نوح له مكانته في قومه وهو أخوهم في النسب كما قال تعالى " إذ قال لهم أخوهم نوح ". فيا ترى لماذا يتهمونه ؟
إنه العداء الكبير للرسل والطعن في أنسابهم ومكانتهم .
- رفض الدعوة بسبب اتهام النيات " ماهذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ". وهذا الاتهام من غرائب التهم ، فكيف تحكمون على نية نوح وأنه يسعى للترفع عليكم ؟ هل لديكم برهان على ذلك ؟
" كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ".
إنها كلمات السوء التي تنال الدعاة على مر التاريخ باتهامهم في نواياهم ومقاصدهم بلا برهان .
وكم تسببت تلك الاتهامات في إلحاق الأذى بالصالحين والمصلحين على مر التاريخ .
- بداية الانتقام الرباني :
ويستمر نوح عليه الصلاة والسلام في المجادلة والمحاورة مع قومه حتى كانت النهاية " قالوا يانوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين . قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ".
- ثم يمارس نوح التحدي القوي لقومه ويقول " إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لايكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولاتنظرون ".
إنها رسالة تحمل في ذاتها قوةً وتوكلاً على الله في أنهم لن يقدروا على أن يمسوا نوح بسوء ولو اجتمعوا كلهم على ذلك .
- ثم تبدأ علامة الهلاك بالانطراح والدعاء بالهلاك ، قال الله " فدعا ربه أني مغلوب فانتصر " . " ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون " .
وكأني بنوح يتذكر تاريخه الدعوي وقد مضت ٩٥٠ سنة من عمره وهو يدعو وينصح ولكن لامجيب ولا مستجيب إلا الندرة ، وكأنه أراد أن يطهر الله الأرض من رجس هؤلاء الكفرة " رب لاتذر على الأرض من الكافرين ديارا ".
يارب انتصر لي منهم وانتقم منهم وأرنا قوتك في إلحاق الهلاك بهم .
- جاء الوحي مسلياً لنوح " لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلاتبتئس بماكانوا يفعلون ".
يانوح إنا نراك ونرى ضعفك وقلة حيلتك في مواجهة هؤلاء ، ونعلم بذلك وتعبك في سبيل الدعوة ، فتوقف الآن عنها ، واعلم أنه ليس هناك مزيد من الأتباع لدينك .
- ثم يأتي الأمر الرباني لنوح " واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ".
وبدأ نوح في صناعة السفينة في الصحراء من الخشب ويتم تثبيتها بالمسامير وجبريل عليه السلام يعلمه الصنعة ، وفي الآية الأخرى" وحملناه على ذات ألواح ودسر " دسر يعني مسامير .
وكان قومه يمرون عليه ويسخرون منه ، قال تعالى " ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون . فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ."
- وتحين ساعة الصفر والعذاب من الجبار .
" حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ".
كانت العلامة التي تدل على الهلاك هو خروج الماء من الفرن " التنور " وهذا غريب إذ كيف يخرج الماء من الفرن .
وجاء الأمر " احمل فيها من كل زوجين اثنين ".
أي احمل في السفينة أنواعاً من الحيوانات ليركبوا في السفينة ليبقى نسلها بعد ذلك .
" وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ".
أي خذ من أهلك المؤمنين فقط ولاتأخذ زوجتك الكافرة ولا ابنك الكافر .
" ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ".
قال بعضهم : عدد المؤمنين ٨٠ رجل .
" وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ".
وهنا درس في : التسمية والاستعانة بالله واستشعار رحمة الله في حمايته وحفظه من الغرق .
ثم تبدأ الكارثة ::
" ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر . وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر . وحملناه على ذات ألواح ودسر . تجري بأعيينا ".
ولك أن تتخيل الماء الذي يتفجر من السماء ومن الأرض بشكل هائل ليعم الأرض كلها .
والسفينة ذات الإمكانيات البسيطة تجري فوق تلك الأمواج ولكنها تجري بعناية الله وحفظه " تجري بأعيننا " ، ومادامت عين الله معهم فلن يمسهم سوء .
" وهي تجري بهم في موجٍ كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يابني اركب معنا ولاتكن مع الكافرين " .
- تخيل مشهد الأمواج الهائلة التي بلغ ارتفاعاتها كالجبال .
- وتأمل شفقة نوح على ابنه ومناداته له في زحمة الأمواج .
- وهنا يكون حزب الإيمان في السفينة وحزب الكفار خارجها .
ثم نلتفت لذلك الابن الذي يخاطب والده بقوله :
" قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ".
- هنا نجد أن الابن يتعلق بالأسباب الأرضية .
- ينسى الابن أن الجبار غضب على الكفار كلهم في تلك اللحظات.
- وفي سرعة الموج واضطراب المياه من كل مكان يغطي الموج تاريخ تلك الفئة الكافرة ويزول وجودهم من التاريخ .
ثم نجد نوح ينادي ربه بلطف " ونادى نوح ربه فقال إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين ".
- العاطفة تبقى تسري في الأبوين مهما كان ولدهم منحرف .
- نوح يتلمس الدعوات للرب بنجاة الابن وسلامته .
- لقد فهم نوح من قول الله له " وأهلك " أن هذا يشملهم كلهم حتى الكافر منهم .
فيأتي الجواب الرباني " قال يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ماليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين ".
- ابنك يانوح ليس على منهجك ولا على دينك إذن فليس هو من أهلك الذين يستحقون النجاة .
- وهذا درس في أن الأنساب لاتنفع حينما ينزل العذاب ، والنسب الحقيقي هو في الدين كما نص الله على ذلك بقوله " إنما المؤمنون إخوة ".
- مصاحبة المؤمنين لا تنفع إن لم يكن الصاحب مؤمناً .
- العتاب الرباني لنوح في دعاءه مالا يصح منه .
- من صور الجهل : الجهل في صيغة الدعاء .
ثم يعتذر نوح عليه الصلاة والسلام لربه ويقول :
" قال رب إني أعوذ بك أن اسألك ماليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ".
- هنا نوح يعترف ويعتذر لربه تبارك وتعالى .
- يطلب نوح من ربه المغفرة والعفو على ذلك الخطأ الذي بدر منه .
- الخوف الكبير في قلوب الأنبياء من أن يسخط عليهم ربهم .
وبعد ذلك يأتي الوحي من رب الأرباب لتلك السماء ولتلك الأرض :
" وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين ".
- يأتي الأمر الرباني للأرض أن تبلع ماءها ، وللسماء أن تتوقف عن المطر .
- وغيض الماء أي نقص .
- وقضي الأمر الرباني وتم الإهلاك من الجبار وتنتهي قصة الطغيان .
- الجودي جبل بالقرب من الموصل .
ثم يخاطب الله نبيه نوح بلطف ويقول :
" قيل اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك ".
- اهبط من السفينة فالآن أنتم في أمان .
- اللطف الرباني مع نوح وتسليمه عليه .
- البركات التي تنزلت على نوح ومن معه بسبب تمسكهم بدين الله .
وننتقل لسورة نوح التي تضمنت أسراراً عجيبة لنقف على معلم كبير وافتقار عظيم ، فها هو نوح يرفع الكلمات من قلبٍ منكسر بين يدي الله تعالى يختم بها مسيرة دعوته " رب اغفر لي ..".
فعجيب شأنك يانوح تقضي ٩٥٠ سنة ثم تسأل ربك المغفرة ..
وهكذا تنتهي قصة نوح بنجاته هو ومن آمن معه ، وينتهي الظلم الذي ملأ الأرض لسنواتٍ طوال .
يأتي النصر لنبيه وللمؤمنين بعد ما قاسى أهل الإيمان صوراً كبيرة من الظلم والإعراض عن الله والصد عن سبيله ، وفي هذا درس للدعاة أن المستقبل لهذا الدين ، وأن نصر الله قد يتأخر ولكنه سيأتي ولو بعد حين ، وأن الدعوات كلها جرت عليها صنوف من المحن والشدائد ولكن العاقبة للمتقين والفوز في النهاية لحزب الله الصادقين .
الدعاة إلى أنفسهم
في عالم الدعوة والإصلاح تكثر الفتن المتعلقة بحظوظ النفس وتتوارد شهوات الشهرة والتميز والبقاء في ذاكرة الناس .
ويحرص البعض على أن يكون هو الأول في مصاف الدعاة والمشاهير ويمارس في سبيل تحقيق ذلك عشرات الوسائل القولية والفعلية والتقريرية .
إن قضية الإخلاص وتصفية الأعمال عند الله تعالى من أصعب الأمور في عالمنا الدعوي والعلمي والتربوي .
وهذا ابن القيم رحمه الله تعالى يهمس ويقول في زمنه المليء بالتقوى واليقين " فلا إله إلا الله كم في النفوس من علل وأغراض وحظوظ تمنع الأعمال أن تكون خالصة لله وأن تصل إليه ".
رحمك الله يا ابن القيم ، لقد بتنا في زمن لابد أن نظهر كل يوم ماذا عملنا فيه من خلال برامج التواصل " توير . الفيس . انستقرام . الواتس ".
ياكرام ، لست اتحدث عن شخصية معينة ولا داعية محدد ولكن ارمي ببنات فكري وحبر قلمي لأحبتي الدعاة محذراً من شهوات النفس التي تختفي وراء القلوب .
وحول هذا أهمس وأقول :
- كلنا يسمع بالإخلاص وتجديد النية ومحاسبتها ولكن يغيب عن النفس اتهامها بالتقصير في ذلك وكأن المخاطب بالإخلاص هم قومٌ آخرون من صغار الدعاة والمبتدأين في طلب العلم وبعض العباد ، أما ذلك الداعية المشهور فهو غير مخاطب لأنه مشهور ولا يحتاج أن يحاسب نفسه على الإخلاص لعلمه بتعريف الإخلاص وأدلته ونحو ذلك .
- في نظرة لحياة السلف ومواقفهم مع الإخلاص وإظهار الأعمال تجد العجب فكل قارئ يمكنه أن يجزم بتواتر إخفاء الأعمال عند السلف والحذر من الشهرة ، وأقوالهم وأفعالهم في بيان ذلك منثورة في الكتب ، ولكن بعض الدعاة لا يقدر أن يخفي عمله ، وكأن الأصل هو أن يعمل لكي يعلم الناس به لكي يقتدوا به ويتأثروا به .
- وحتى تتضح مقاصدي هنا إليكم هذه المشاهد :
١ - صاحبنا يغرد عن قيام الليل في وقت السحر .
هذا يشعرنا بأنك من رواد الليل ، ولو لم تقصد .
يا أخي غرد في سجودك وابك على ذنوبك .
٢ - آخر يأمر مرافقه أن يصور كل لحظة في محاضرته وزيارته وينشرها للناس ويعلق ويقول : هذا أسلم على يدي ، وكتابي انتشر كثيراً ، وعدد متابعي صفحتي كذا وكذا ..
لاحظ هنا الحديث عن النفس بشكل واضح جداً .
يا ترى لم كل هذا الحرص ؟
٣ - وآخر يحضر المحاضرة ويأمر أحد طلابه بأن يصور عدد الحضور ثم ينشر ذلك الكم الهائل في موقعه ، أو صفحته على تويتر ، عجباً له لماذا يقوم بهذا ؟ هل لكي نعلم بأنك محبوب أو مؤثر ؟ هل تحب أن يتداول الناس تلك الصور لكي تزداد مكانتك في القلوب ويتحدثوا عن الحضور الكبير لك ؟
- إذن أنت تدعو لنفسك أي لترفعها في نفوس الخلق ، بمعنى لو أن الحضور لك يعدون بالأصابع هل ستصور ذلك العدد ، وهل سيضيق صدرك من قلتهم ؟
٤- وآخر يعيد تغريدات فيها الثناء على كتابه ومقاله ومحاضرته ، عجباً والله .
٥ - الشعور بالنقص عند قلة إعادة التغريدات أو نقصان المتابعين وكأننا في تعداد مهم في بلوغ المنازل العالية .
٦ - أحدهم يغرد ويذكر عدد المتابعين له في الفيس وفي اليوتيوب بشكل غريب ، لماذا تذكر العدد وماذا تستفيد الدعوة من الأعداد ، أليس للنفس حظوظ ؟ أليس ذلك من التكاثر المذموم ؟ ربما .
٧ - بعضهم يحرص على أن يكون حاضراً في أذهان الناس من خلال كل وسيلة متاحة وليس عنده مبدأ " الخفاء " أبداً ، ولو دخل قرية ليس فيها إلا القليل لوجد في نفسه شيء لأنهم لا يناسبون شهرته أو مكانته .
يا أخي نحن لا نتهمك ولكن عود نفسك أن تختفي أحياناً عن الأنظار وليكن لك نصيب من الحديث " إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي " رواه مسلم .
٨- إن بعض الدعاة يدعو لنفسه من خلال دعوته للدين ، وعلامة ذلك محبة انتشار الاسم في الآفاق .
يامحب ، إن من الثلاثة الذين تسعر بهم النار يوم القيامة " ذلك العالم الذي انتفع الناس بعلمه " .
تأمل ، إنه عالم ولعل الناس استفادوا من علمه ومحاضراته ولكن كل ذلك لم يكن مانعاً له من أن يتقلب في جهنم.
مرةً أخرى ، لاحظ معي إنه عالم أي لديه علم وانتفع الناس به واهتدوا بسببه ، وربما كان سبباً في إسلام البعض ولعل حسنات كثيرة لحقت به ، ولكن كل ذلك لم يشفع له وينجيه من حطب جهنم .
إن هذا الحديث مخيف جداً لمن كان له قلب .
- وتعال معي لذلك القارئ صاحب الصوت الحسن الذي انتشر صيته في الآفاق .
أقول له : يا ترى ماذا لو ذم الناس صوتك ؟
هل يستوي حامدك وذامك ؟
ماذا لو لم يمتلأ مسجدك كالعادة ؟
ماذا لو جاءه منعك من الصلاة بالناس ؟ هل ستتأثر ؟ ولماذا ؟
هل لأن صوتك اختفى من الشهرة والحضور في حياة الناس ؟ لماذا تحرص كل الحرص على تصوير صلاتك بالناس وخاصة وقت القنوت وخاصةً وقت الدموع ؟ ماذا تريد بالضبط ؟ هل لكي يعرف الناس مدى تأثير صوتك ؟ أو مدى تميزك في استجلاب الدموع ؟
إنها أسئلة دقيقة لابد من الانتباه لها .
وإذا كان السلف الذين هم أعلم واتقى وأنقى يخافون من مقدمات الشهرة ولم يكن لديهم يوتيوب ولا تصوير ولا تويتر التي ساهمت في نشر الأعمال .
إن البعض قد يستغرب من دقة هذه المحاسبة ولكن لابد منها في النصيحة لمن نحب .
فرق بين أن أحب أن يبقى اسمي عالياً في النفوس من خلال عباداتي ودعوتي وفرق بين أن احرص أن ينتفع الناس بي أو بغيري .
إن من أدلة صدقك أن تكره أن يعلم الناس بأعمالك لا أن تفرح .
قصة : قال بعضهم لي : أردنا إخراج شريط لأحد القراء فقال القارئ للممنتج " اجعل البكاء في مقدمة الشريط بشكل مميز " .
يا الله ، هل عرفتم كيف تكون الشهوة الخفية في رفعة النفس من خلال الأعمال الصالحة ؟
إشراقة : صحح مسارك يامحب وانتقد نفسك وتعلم كيف تخفي عملك ولا تعمل لكي تنشر عملك بل اعمل ليدخل معك العمل إلى قبرك .
تنبيه : لا تصور كل حركاتك وبسماتك فالناس مشغولون ، وأنت في واد الشهرة والرياء وملاحظة الخلق .
ومضة : لا يفهم من كلامي أنني اتهم فلان أو غيره لا والله ، بل هي ذكرى لي أولاً لأنني اكتشفت أن مريض ولدي بعض النفاق العملي الذي اسأل ربي فيه المسامحة .
إن هناك فرق بين أن تظهر عملاً واحداً فقط لكي يقتدي بك الناس وبين أن تجعل الغاية من كل عمل هو الإظهار ليقتدي بك الناس .
جولة في النصوص والإخلاص والإختفاء :
قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ) رواه مسلم .
تأمل الارتباط بين هذه الصفات وبين " الخفي ".
وتعال معي لنتأمل قصة أويس القرني رحمه الله .
قال صلى الله عليه وسلم : ( خير التابعين رجل يقال له أويس من رآه منكم فليأمره أن يستغفر له .. وذكر من شأنه أنه لو أقسم على الله لأبره ..
فكان عمر رضي الله عنه كلما أتت وفود اليمن يسأل أفيكم أويس ؟ فأتى ذلك الوفد وإذا فيه أويس ، فقال عمر لأويس : استغفر لي .
فقال : أنت أمير المؤمنين .
ثم أراد عمر أن يكرم وفادته فقال له : إلى أين أنت ذاهب ؟ أي بعد الحج .
فقال : إلى الكوفة .
قال : آمر عاملي هناك - أي آمر الأمير في الكوفة ليستقبلك ويعتني بك ؟
قال : لا ، أكون في غبراء الناس أحب إلي . يعني فقراء وصعاليك الناس .
فلما عرف الناس فضل أويس عن طريق عمر رضي الله عنه ، خاف أويس على نفسه وهام على وجهه ، فذهب واختفى لكي لا يشعر به أحد " .
تأمل جيداً كيف اختفى بشكل عجيب عن الناس وثناءهم ولو تأملت أنه اختفى عن الصحابة والتابعين الذين هم أعظم الناس وأكثرهم نفعاً .
والواحد منا في هذا العصر ربما يريد أن يكون هو البارز الواضح ، نسأل الله السلامة والعافية .
السلف والبعد عن الأضواء :
- كتب أبان بن عثمان إلى بعض إخوانه : إن أحببت أن يسلم لك دينك فقلل معارفك .
- ذكر ابن مفلح في " الآداب الشرعية " عن الإمام أحمد رحمه الله : قال أحمد لصاحبه عبد الوهاب أخمل ذكرك فإني قد بليت بالشهرة .
- قال الإمام أحمد رحمه الله : أشتهي ما لا يكون ، أشتهي مكانا لا يكون فيه أحد من الناس .
- هذا ابن تيمية لما مدحه بعض الناس قال : أنا إلى الآن أنا أجدد إسلامي .
- لعل بعضنا لا يقوى على أن يذم نفسه في الملأ لأنه سيختفي من القلوب والمتابعين .
يا محب ، اعلم أنك تعلم أكثر مني عن مثل تلك الآثار من حياة السلف وكراهيتم للشهرة ، ولكن ما بالك لا تخاف على نفسك من الافتتان ؟
هل أنت أكثر إيماناً منهم أو أن نفسك لا ولن تتأثر بالجمهور المحيط بك .
تنبيه : لا يفهم من كلامي أن نختفي وراء البيوت ونمنع العلم والتعليم ، لا ، بل ننزل للميدان ونسافر للبلدان ونعلم الجاهل وننشر الإسلام ولكن في مسيرتنا تلك نحذر أن نكون ممن يدعو إلى نفسه ولا يدعو إلى الله .
إن من أثقل الكلمات في نظري " هذا داعية إلى الله " ولقد نظرت في كتب السلف فلم أجدها في حياتهم .
إن الإسلام اسم سيبقى بك وبدونك ، فلا تستغل الإسلام لترتفع أنت واتق الله الذي يعلم حقيقة نيتك ، وتذكر " يوم تبلى السرائر ".
حلول للنقاء :
- ادع ربك دوماً وأبداً بالإخلاص .
- تذكر أن معرفة الناس بك لن تنفعك كثيراً وأنهم سينسونك بعد أيام ولكن المهم الإخلاص الذي يرفعك ويبقي ذكرك ويبارك في جهودك .
- لا تظن أن كثرة الناس حولك وشهرتك دليل على أنك ناجٍ يوم القيامة وتذكر العالم والقارئ والمجاهد والمتصدق الذين قاموا بأعمال جليلة وانتفع الناس بهم ومع ذلك هم أول من يسعر بالنار .
- أخف نفسك بعض الأحيان وتذوق حلاوة الاختفاء والعزلة .
- لايكن همك في كل عمل أن يراك الناس لينتفعوا بك وليكن همك صحة عملك وقبوله عند الله .
- تواضع في نفسك وفي لباسك وامش وعليك الوقار ، واجلس مع الضعفاء وامش مع الفقراء .
- عود نفسك أن تلغي ما يُسمى بالأعداد في مسيرتك الدعوية ، فلو لم يحضر لك إلا خمسة فلا تقلق ، ولو ذهب حسابك من تويتر أو تم عزلك من مكانك العلمي والدعوي وبقيت بلاشيء ، فلا حرج مادام أنك تعرف الواحد الأحد .
هذا ابن تيمية يدخل السجن مرات ومرات ولا قنوات ولا إعلام ، ويموت في السجن ، ولكن أبى الله إلا أن يرفع ذكره فوق كثيرٍ من العلماء على مر الزمن .
- تذكر أن الشهرة قد تكون استدراج من الله ليمتحنك الله في مواطن أخرى وقد قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى في قصة فتنة خلق القرآن لما قيل له إن الناس يدعون لك فقال : أخشى أن يكون هذا استدراج بأي شيء هذا .
ولو ابتلي أحدنا بمثل ذلك وقيل له ذلك لم يتهم نفسه بل اتهم الناس الذين تسببوا في سجنه ، وما أعظم الفرق .
- من سلبيات الاشتهار والأضواء :
١- أن المرء يصعب عليه قبول النقد والتصحيح لأنه يستقبل سيلاً كبيراً من المادحين والمعجبين فكيف يا ترى ينصت للناقدين ؟
بل لعله يتجاهل نقدهم ويصفهم بأنهم لا يدركون الدعوة ولا يحبون الدعاة !
وقد قيل في تعريف الإخلاص : أن يستوي عندك مادحك وذامك .
وما أصعبها والله .
وهذا أحد السلف لما كان يمشي وطأ قدم رجل في زحام الناس ، فقال الرجل : ياحمار . فقال الرجل التقي : ماعرفني إلا أنت .
وابن باز رحمه الله تعالى لما قيل له في أحد الدروس إن فلان يقول إنك مبتدع .
قال ابن باز : هو مجتهد .
ولم يطالب بكتابة مقال عن ذلك الرجل ولا رفعَ قضية عليه ولا دافع عن نفسه ولا قيل إن هذا الطاعن يرمي العلماء كما نلحظه في حياة بعض المعاصرين حينما ينتقده أحد من الناس .
٢- صعوبة الاعتراف بالخطأ أمام الملأ والبحث عن أعذار لتبرر خطأه .
٣- صعوبة قول لا أدري لأنها تنقص قدره أمام الشاشات والجماهير .
٤- شعور نفسي مستمر في محبة انتشار الصيت والأخبار عنك وعن جهودك .
٥- الشهرة تبعدك عن محاسبتك لنفسك غالباً وتقنعك بصحة مسيرتك وجودة برامجك وأنك أنت الصواب ، والبقية عندهم ملاحظات .
٦- ومن سلبيات الأضواء أنها تجعلك تعيش في عالم الثناء غالباً في كل مشهد ومحفل وهذا بلا شك يؤثر على النفس ولو بعد حين .
٧- قد تكره أن يتميز شخص غيرك بحب الناس له والتفافهم حوله وكثرة الحديث عنه لأنك تريد بقاء صورتك في الأذهان .
إشراقات :
- لاتنشر كل أعمالك في مواقع التواصل واكتم بعضها لتذوق مايسمى بإخفاء الأعمال .
- يمكنك إظهار بعض عملك بشرط أن يكون قصدك منه الانتفاع والاقتداء لا أن يرتفع اسمك في القلوب والفرق بينهما واضح .
- ابتعد عن قول " لي . عندي . قلت . نحن . أنا ".
" وأضف لها " : لي ذنوب . عندي عيوب . نحن الفقراء إلى الله . أنا المذنب الخطاء ". ولا أظنك ستقوى على ذلك .
- لا تتحدث عن نفسك كثيراً وربِ نفسك على الصمت حتى لو طلب منك الكلام .
قال عمر بن عبدالعزيز : إنه ليمنعني من الكلام مخافة المباهاة .
- لاتتحدث في كل مجلس حتى تعالج نفسك التي تحب الظهور دوماً في كل مجلس ، وتعلم أن تنصت لغيرك ولو كان من عامة الناس والبسطاء .
- تزداد القضية ألماً حينما ترى صغار الشباب من طلاب الجامعات أو الثانويات وغيرهم قد بدأوا ينزلون لمنازل الشهرة والتصدر ويوسعون دائرة نشر أعمالهم وبرامجهم اقتداءً بفلان وغيره ، وهم لازالوا في الطلب ولم يريشوا بعد ، وأنا هنا لست ضد احترام المواهب والقدرات وتفعيل الهمم ، ولكني احذر الشباب من النزول لمواطن الشهرة عبر النشر السريع ، ورسالتي لك ياطالب العلم : انتظر حتى ترسخ في العلم وتثبت قدمك وتفهم واقعك أكثر وتتشرب من الوحي أكثر لكي تكون أرسخ علماً وحكمةً وجودةً حينما تنزل للميدان .
- ابدأ بمن حولك وعلم جماعة مسجدك واقرأ واحضر الدورات وابن نفسك جيداً ولكن لاتمارس مع ذلك وسائل الشهرة عبر الصور والفديو وإرسالها للناس .
ولاتستعجل ، ففي الأيام القادمة سيكون لك موقعا لتعليم الناس وستحيط بك القنوات لتنشر علمك وخيرك ، وهذا منهج السلف الذين هم أعلم وأتقى .
- من المهم الجلوس مع العلماء الأخفياء والأتقياء والدعاة المخلصون الذين ترى في وجههم آثار الآخرة ، ولاشك أن المرء ينتفع بالرؤية والمخالطة أكثر من الانتفاع بقراءة الكتب .
ختاماً ، لاتخادع نفسك ولاتنخدع بالتفاف الناس حولك ومزاحمتهم حول رأسك لتقبيله ، ولاتفكر في عدد متابعيك في مواقع التواصل ولاتركز كثيراً على أعداد الحضور لك في الدروس ، واتصل بالله وانقطع إليه في فتراتٍ من عمرك وامنح نفسك العزلة في بعض الساعات لتذوق حلاوة الخلوة مع الله .
وتذكر أن القبر قد تم بناءه لي ولك وربما دخلته قريباً ، فاتخذ عملاً ينير لك قبرك .
ومضة : قال أحد الدعاة : اللهم لا تجعلني جسراً يعبر الناس به إلى الجنة ويُلقى بي في النار .
قم فأنذر
حينما أشرقت شمس الرسالة المحمدية ، يأتي النداء الرباني لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ )[المدثر:1] ( قُمْ فَأَنذِرْ )[المدثر:2].
خطاب عجيب ، يحمل في طياته نداء الهمة والاستيقاظ والتحرك ورفض القعود .
يامن تدثرت بثيابك ، يامن لزمت بيتك ، هيا قم ، قم من مكانك وتحرك ، قم وانطلق .
قم وامش نحو الرجال وباتجاه القبائل واعرض عليهم دعوة الإسلام .
يا محمد ، يا رسول الله ، لقد مضى عهد النوم ، الناس في ظلمات الكفر ، وفي أخلاق الفسق وفي عادات الجاهلية ينتظرون رسالتك ، الناس متشوقون لأن يستنيروا بنور الوحي الذي نزل معك .
قم ولاتبال بالعقبات التي تواجهك ، فلقد مرت على الرسل من قبلك " فصبروا ".
قم يا رسول الله وسافر للبلاد وأخبرهم بأن الله يريد لهم الهداية ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ )[النساء:27].
قم فأنذر ، وتحدث ، وبشر برسالة الإسلام وأنذرهم من عذاب الله ، قم ولا تكن ممن رضي بالصمت .
قم ولا تكن ممن يخاف من المواجهات ، قم ولا تكن ممن يفترض العقبات ويضع الصعوبات .
قم بالله ، مستعيناً به ، متوكلاً عليه ، قم يارسول الله ولاتلتفت للمخذلين ولا للمنافقين .
قم وانطلق نحو الدعوة إلى الله التي فيها حياة الأرواح ونور القلوب وسعادة النفوس ، قم يا محمد من غرفتك وانثر الخير للعالمين .
ويا دعاة الإسلام في كل بلد ، قوموا وأنذروا وبشروا ، أما مللتم من القعود والسكون ؟ متى يا ترى تنفضون غبار الكسل وترتدون ثياب الجد والعزم ؟
دعاة التنصير يجوبون البلاد ، والروافض يبنون الجامعات في أفريقيا ، ويستقبلون طلاب الجامعات في بلادهم ليعلمونهم التشيع .
معاشر الدعاة ويا طلاب العلم ، متى تكون الحركة هي عنواناً ؟. لماذا نحتاج إلى من يذكرنا بفضل الدعوة وأهميتها ؟
إننا نعلم الكثير من النصوص في أهمية الدعوة ، ولكن بعضنا لازال ملازماً لمكانه ومسجده وبلده ودولته ..
هذا لا يليق بمن يحمل شمعة الهداية .
ربنا يقول لنبيه " قم فأنذر " وأنت من أتباع نبيك ، إذن " قم فأنذر ".
هيا فلتقم بكل جد واجتهاد ، وذكاء وحكمة ، وشجاعة وصبر .
قم ولتقم معك صفات الداعية من الصدق والإخلاص والتجرد لله تعالى ، نعم قم ولتأخذ معك نور القرآن والكلمة الطيبة الصادقة ، قم بعاطفتك ورحمتك للناس لابقسوتك .
هيا قم في اتباعٍ لنبيك صلى الله عليه وسلم وليس ابتداع ، قم هنا ، لتسجل لك حسنات تجري لك بعد موتك .
قم واشحذ همم القاعدين للقيام ، قم مستشعراً أن الله يرى قيامك هذا وتعبك ونصبك لأجل دينه " قم فأنذر .".
فنون التنسيق الدعوي
في محيط الدعوة هناك فنون مهمة لابد من الإبداع فيها ، وهذا الإبداع يساهم في إنجاح البرامج الدعوية والرقي بها نحو الكمال .
وأغلب برامج الدعاة يحيط بها تنسيقات بين الشيخ والمكتب الدعوي في تلك المنطقة ، سواءً كان الشيخ في نفس المنطقة أو قدِم إليها من مدينة أخرى .
ومن خلال ارتباطي بالبرامج الدعوية وبمنسقي تلك البرامج وقعت لي تجارب وذكر لي بعض المشايخ بعض الأمور وهمس لي بعض المنسقين ببعض الخواطر فجمعتُ كل ذلك ، وأضفت بعض النقاط التي أحببت أن أهمس بها ، فإليكم هذه الهمسات التي قسمتها على أجزاء ، فجزء منها لذلك الضيف " الشيخ " وجزء للمكتب الدعوي ، وجزء للأخ المباشر في التنسيق ، وجزء لإمام الجامع .
أولاً :همسات للضيف " الشيخ " سواء قدم من مدينة أخرى أو في نفس المدينة .
1. الإخلاص مطلب مهم لك أيها الداعية في كل تحركاتك الدعوية ونحن نذكرك به لأنه من أعظم أسباب تأثيرك وقبولك عند الله وعند الناس .
2. بعض الشيوخ لديه زهد كبير في السفر والانتقال لأجل البرامج الدعوية وهذا بلا شك نقص كبير في الهمة في نصرة الدين ، ولعل البعض لديه ارتباطات ولكن بصراحة يوجد ضعف كبير لدى البعض الآخر ومن جهة أخرى لو قيل لبعضهم اذهب لتلك المدينة في زيارة عمل وسوف يكون لك انتداب مالي فإنه سيسافر بلاشك وتغيبُ الأعذار التي كانت تمنعه من السفر ، فيا لله العجب لماذا لا نسافر لله ولأجل تبليغ دينه ؟
متى يتحرك الدعاة وطلاب العلم وأساتذة الجامعات الذين ملئوا البلد ؟
متى يقوم بعض القضاة من كراسيهم لينطلقوا في القرى التي بجوارهم فضلاً عن المدن التي وراءهم ؟
ياحسرتاه أن نقرأ في قصص المُنصّرين والرافضة أنهم في تلك الدولة في أفريقيا ولهم عشرات السنين وبعض مشايخنا لم يرحل أبداً في الدعوة إلى الله .
3. بعض الشيوخ يتم الاتصال به والإرسال ولايرد أبداً وهذا بلاشك قصور وتجاهل لرسائل المكاتب الدعوية وللمنسقين ، وقد نقبل عذره في عدم الرد على الاتصال ولكن كيف نقبل العذر في عدم الرد على الرسائل ، ألم يقرأها ؟
4. بعضهم يرد ويخبرك بالموعد المناسب له ولكن لايضبط الموعد في سجل مواعيده مما يجعلك تتفاجأ بالاعتذار منه عند قرب الموعد مما يؤثر في البرنامج في تلك المدينة .
5. منهم من يشترط عند الاتصال به أن تحجز له في الدرجة الأولى ويشترط فندق مميز وأحياناً يطلب حجز لزوجته على حساب المكتب الدعوي وهذا لا يجوز في نظري لأن هذا أكل للمال الدعوي بغير حق فالمقصود بالحضور هو وليست زوجته ويمكنه أن يحجز هو لها وليس المكتب .
6. منهم من يتأخر عن موعد الرحلة وتفوته الرحلة ثم يعتذر عن البرنامج الدعوي مما يؤثر سلبياً على المنسقين في تلك المدينة وقد يقعوا في حرج بسبب غياب ذلك الضيف ، خاصةً وأنه قد تم الإعلان عن المحاضرة أو الكلمة وقد يأتي لتلك المحاضرة بعض الناس من القرى المجاورة لتلك المدينة.
7. منهم من يصل للمدينة ولكنه غير صبور على قلة الإمكانيات لدى ذلك المكتب مما يشعرك بأنه في ترف دعوي وهذا يقدح في كمال الصبر على الدعوة ، فليس كل المدن فيها الفنادق المميزة أو الخدمات المناسبة .
8. بعض الشيوخ لديه جفاف عاطفي حينما يقابله المنسق أو إمام المسجد فلا تجد منه البشاشة ولا الترحيب وهذا لا يليق بالداعية لأن قدوتنا النبي صلى الله عليه وسلم في ابتسامته وبشاشته .
9. بعض الضيوف همته ضعيفة في البرامج ويرغب في الراحة ، فيا سبحان الله لقد تحملت أخي الداعية أعباء السفر فلماذا لا تتحمل بعض البرامج البسيطة التي فيها نفع بلا شك لتلك المنطقة التي زرتها .
10. بعض الدعاة إذا نزل بالمنطقة يشترط أموراً قد لا يمكن للمسجد إحضارها مثل بعضهم يشترط تصوير بكاميرا احترافية وقد يكون المسجد لا توجد لديه مثل تلك الإمكانيات ، فمن الجميل أن تكون أيها الشيخ الفاضل خفيف الظل على إخوانك الذين فرحوا بزيارتك وأن تتنازل عن بعض الأمور .
11. بعض الشيوخ يقرر في لحظات إلغاء برامجه لمستجدات غير ضرورية ، مثل بعضهم كان ضيفاً على مدينة جدة وكان ذلك في يوم الجمعة ، ولديه برامج في المغرب والعشاء ولكن الشيخ المحترم ألحّ على المنسق أن يذهب به لمكة للبقاء في المسجد الحرام لإدراك ساعة الاستجابة ، ألا يعلم الشيخ بأن البرنامج الدعوي ونفع الناس محاطٌ بالأجر كذلك ، ومن ناحية أخرى فإن الإخوة في المكتب قد حجزوا لك ورتبوا برامجك لكي تنفع المنطقة لا لتذهب لتتفرغ للعبادة في الحرم .
12. بعض الدعاة يتكلف العبارات في كلمته والذي ينبغي أن يكون عليه الداعية أن يستخدم العبارات السهلة والبسيطة التي يفهمها عامة الناس ، وليس المعنى هو الحديث بلهجة عامية لا ، بل نحن ندعو إلى العناية باللغة العربية ولكن بدون تعقيد وهذا ممكن لمن تدرب على مثل ذلك .
13. بعض الفضلاء من الدعاة لا يعتني بجمال مظهره ، مع العلم بأن العناية بذلك تؤثر كثيراً على كلمته .
14. بعض الشيوخ لا يلقي كلمته إلا إذا كان هناك إعلام وزحمة تصوير ومساجد كبيرة وقنوات ، وأما أن يلقي في أحياء بسيطة أو مساجد متواضعة فمستحيل لأنه لا يوجد زحام عليه ، وهذا قد يكون فيه إشكال من ناحية الإخلاص ، لأن الداعية هدفه الكبير هو الدعوة ونفع الناس ، وحينما يذهب بك المنسق لبعض المساجد غير المشهورة فلماذا تقلق وربما ترفض إلا أن يكون جامعاً كبيراً ، وما يدريك أخي الشيخ فلربما انتفع بك في المسجد الصغير أقوام أكثر من المساجد الكبار .
15. ومن الغريب خروج بعض الدعاة الشبابيون - الذين ليس لهم في عمر الدعوة إلا بضعة أشهر أو سنوات قليلة - الذين بدأت المكاتب الدعوية في التنسيق معهم وربما ليسوا على جانب من الرسوخ في التوجيه والحكمة ولكن بسبب شهرتهم في الانستقرام تم التنسيق معهم ، وأرجو أن لا يفهم كلامي خطأ فبعض الدعاة الشبابيون لهم جهود مشكورة ونفع الله بهم نفعاً كبيراً ، وأنا اقصد هنا من هو في بداياته الدعوية ولم تكن له تجارب كبرى في طريق الدعوة ، فيا أيها المنسق عليك بالتأني قبل التنسيق مع الدعاة الشبابيون إلا بعد اليقين التام بمناسبة ذلك الداعية للبرنامج الذي ترغب في مشاركته لكم ، فإذا كان برنامجكم يتعلق بالأسرة فهل يناسب أن تنسق مع ذلك الداعية الذي لم يُعرف إلا بالكلام في التوبة وما حولها ؟
أظن هذا ليس من الحكمة ، ولا يعني كلامي الزهد في الوعظ بل هو أساس مهم في الدعوة ولكن مرادي هو التدقيق في التنسيق ، إذاً فاحرص أنتَ أيها المكتب الدعوي وأنت أيها المنسق على ذلك الفن لكي لا توقع الداعية في الإحراج في طرحه ذاك .
16. أقترح على الشيخ أن يُثبّت له منسق واحد في تلك المنطقة حتى يتعرف عليه ويعرف ذلك المنسق طبيعة الشيخ ومنهجيته في الترتيب ، وهذا أفضل من اختلاف المنسقين لك الذين ربما وقعوا في الإحراج معك .
17. أيها الشيخ إن أغلب برامجك هي كلمات تلقيها ، ولكن تأكد أن أخلاقك التي تظهر منك خلال زيارتك لتلك المنطقة هي أعظم أثراً في نفوس الناس من كلماتك ، فاحرص بارك الله فيك على إحسان خلقك مع الناس أكثر من تحسين كلماتك .
18. ستأتيك طلبات بتكرار الزيارة ، فكن لبقاً في الرد على تلك الطلبات وقم بشكر الناس على حفاوتهم وحرصهم .
همسات للمنسق الشاب :
بداية نشكر الشباب المنسقين للبرامج الدعوية فلهم والله جهد كبير في خدمة الدعوة وهذه الهمسات لا تعني أنني ألغي كل الجهود ولكن هي إشارات لتصحيح الخلل الذي ربما يقع من بعض المنسقين .
1. عليكم بالإخلاص لله تعالى قبل البدء بالتنسيق لإقامة البرامج ، وأن يكون هدفكم هو نفع الناس ابتغاء الأجر من الله تعالى ، ولنفع الناس ، ومزاحمة الباطل الذي انتشر وللأسف .
2. من الخلل عند بعض المنسقين عدم الذوقيات في الاتصال والتنسيق ، فهو لا يتقن الكلام مع الدعاة وقد يختار الوقت غير المناسب أو العبارات التي تدل على ضعف الخبرة في التنسيقات ، وهذه مسؤولية المكتب الدعوي الذي يختار مثل هذا الشاب غير المميز .
3. الدعاء للشيخ والتلطف معه في العبارات التي تجعل الداعية يرغب في البرنامج .
4. بعضهم يُلحّ في الرسائل مع أن الضيف قد اعتذر ولديه ظروف .
5. ومنهم من يتأخر عن استقبال الضيف في المطار مما يوقع الحرج على الضيف وربما مضت الساعة وهو في المطار وهذا بلا شك خلل كبير ، وبعض الضيوف من الدعاة قد لا يعرف أحد في تلك المنطقة مما يجعله ينتظر وينتظر .
6. وبعض الشباب يستقبلك بسيارته " وهي غير نظيفة " لأنه لم يفكر في فنون الاستقبال للضيوف ، وربما تجد في سيارته رائحة الفصفص والبروست والسمك ، فماذا يضر هذا الأخ أن يغسل سيارته ويعطرها قبل ذهابه لاستقبال الشيخ ، أليس هذا من الذوقيات الرائعة ؟
7. ومنهم من يأخذ الضيف من المطار إلى ذلك المسجد لإلقاء تلك الكلمة ، وربما احتاج الضيف للراحة ، أو تغيير ملابسه أو الحاجة لدورة المياه ، وكان الأولى أخذ الضيف ليرتاح قليلاً من عناء السفر ثم البدء بالبرامج بعد ساعة من راحته .
8. وبعض المنسقين يستقبل الشيخ ويبدأ بسرد المنكرات له في البلد ويشعرك بأنك في بلاد السوء والفسق ، مهلاً يا أخي ، اذكر للضيف إيجابيات المنطقة التي أنت فيها وحدثه بأحسن ما لديك من أخباركم التي تبعث التفاؤل .
9. ومن المنسقين من يستأجر للضيف مكاناً غير جيد حيث أنه لم يستعد من قبل لتلك الزيارة ، ويدخل الشيخ لتلك الشقة ولا يجد في القرب منها مغسلة للملابس ولا بقالة وربما لم تكن نظيفة وروائحها تنبعث من كل مكان ، وهذا لا يعني أن نستأجر أفخم الفنادق لا ، ولكن لو أن المنسق رتب جيداً وبحث عن شقق مناسبة للضيف لوجد مكاناً يليق بالشيخ الذي سافر من بلده إلى هذه المنطقة لإقامة ذلك البرنامج ، ولعل المكتب الدعوي يتحمل جزء من ذلك لأنه لم يوكل شاباً مميزاً في اختيار السكن المناسب المميز الذي تتوافر فيه الخدمات المناسبة ، ويجب أن نعطي موضوع السكن جانباً من الأهمية لأن الشيخ ضيف على المنطقة كلها .
10. وبعض المنسقين ليس بحكيم في ضبط الحجوزات وقطع التذاكر وقد يوكل صديقه لإكمال الحجز فينسى هذا وينسى هذا وتفوت الفرصة لقطع التذكرة مما يترتب عليه إلغاء الحجز وتفوت المحاضرة ويضطر الجميع للواسطة لحجزٍ جديد وهكذا ، وكل ذلك بسبب أن المنسق لم يحجز ولم يقطع بطاقة الصعود للشيخ .
11. ومن المنسقين من يرهق الشيخ بالبرنامج بطريقة مزعجة ، فيتنقل به من مسجد لمسجد ومن مجلس لمجلس بلا أدنى فنون .
يا محب لابد من ترتيب برنامج الشيخ بطريقة متناسقة ومتوازنة بين وقت للكلمات ووقت للراحة ووقت لترتيب نفسه وأغراضه ، ولا يعني هذا أن نفرط في الاستفادة من الشيخ بل لابد من إعداد جدول مناسب ومتوازن يمكنكم من خلاله من الاستفادة من الشيخ وفي نفس الوقت لاتوقعون الشيخ في زحمة المواعيد التي تنسيه الاستجمام والراحة ولو لبضع دقائق .
12. من الجميل تنويع البرامج للشيخ ، فجزء لكلمات في المساجد وزيارة للسجن وزيارة لدور التحفيظ ولقاء مع الدعاة ولقاء مع مشرفي الحلقات ، وكلمة لدور تحفيظ النساء ، وزيارة لدور الملاحظة ، وزيارة لمحافظ المنطقة ، وهكذا في تنوع جميل يذهب الملل وينوع الجمهور الذي يخاطبه الشيخ .
13. من الجميل أن ترسل للشيخ برنامجه على جواله أو على البريد قبل أن يصل لمدينتكم لكي يرتب نفسه في الموضوعات التي سيتحدث عنها ولكي يعرف طبيعة وأوقات البرنامج ومدة كل برنامج .
14. بعض المنسقين يحصل بينهم نوع حسد لأن المنسق " س " يحضر المشايخ الكبار ، والمنسق " ص " لا يتم التواصل معه من ذلك الشيخ .
15. يكفي المنسق شرف وفخر أنه أقام مجلس ذكر وانتفع الناس بذلك البرنامج الذي كان سبباً فيه .
16. المنسق هو البطل المجهول الذي قد لا يعرفه الكثير ، فنقول له : حتى لو لم يعرفك الناس فيكفيك أن الله يعلم بأنك السبب في إقامة هذا البرنامج الدعوي .
17. حبذا إرسال رسالة تذكير للشيخ قبل الموعد بيوم أو في نفس اليوم إن كان في داخل المدينة .
18. إرسال رسالة شكر للشيخ بعد الانتهاء من كلمته أو برنامجه الدعوي الذي أقامه .
19. بعض المنسقين لا ينسق إلا محاضرات فقط ، والأفضل التنويع في التنسيق فمرة ينسق كلمات في المسجد ومرة كلمات في السجن أو لدور التحفيظ أو على الشواطئ أو في الاستراحات .
20. التبكير في التنسيق مع الشيخ قبل موعد البرنامج بشهرين أو أكثر أحياناً ، لأن بعض الدعاة لديهم مواعيد أخرى ، فمن الجميل أن تحجز الموعد معه مبكراً .
21. قد يكون هناك تصاميم دعوية من أجل برنامج الشيخ فاحرص على متابعة المصمم قبل وصول الشيخ وهل تمت طباعة التصميم وهل تم التوزيع وما هي آلية التوزيع .
22. التزم بمواعيدك مع الشيخ في التبكير لإحضاره لمكان البرنامج قبل الموعد بوقت مناسب ، أقول ذلك لأن بعض المنسقين يتأخر في إحضار الشيخ من الفندق مما يجعلهم يتأخرون عن المسجد وربما وقعوا في زحام الطريق .
همسات للمكتب الدعوي :
1. بعض المكاتب ضعيفة إدارياً من جهة التنسيق مع الدعاة وتعتذر بأنه ليس لديها مال مع أن أكثر المكاتب لديهم دعم من جهاتٍ من هنا وهناك وبعضهم لديهم أوقاف ، فيجب على المكتب الدعوي أن يبذل همته في التنسيقات مع الدعاة وكم من داعية نفع الله به تلك المنطقة أو المحافظة وما كان هذا ليكون لولا الله ثم جهود المكتب التعاوني في هذه المنطقة .
2. لو أن المكتب الدعوي نسق مع أحد الفنادق المميزة أو الشقق المفروشة المناسبة ويكون كل الضيوف في هذا السكن لكان هذا التريتب مُعيناً لهم ، ويمكنهم أن يخاطبوا مدير الفندق أو صاحب الشقق ليعمل لهم خصم وربما جعل لهم ذلك مجاناً كما رأينا في بعض المدن وهذا يرجع إلى فنون العلاقات مع التجار وأصحاب الشقق والفنادق .
3. بعض المكاتب الدعوية إذا جاءهم شيخ مشهور استأجروا له فندق مميز جداً قد يكلفهم ألف ريال في الليلة الواحدة وأما إن كان غير مشهور فهذا يحجزون له في شقة مفروشة ب ١٥٠ ريال فلماذا التفريق ؟
قد يقول قائل " انزلوا الناس منازلهم " فأقول : صحيح ، ولكن لا يصح أن نجعل الفارق كبير جداً حتى في نوعية السكن والسيارة وطريقة الاستقبال ، فيا مدراء المكاتب اتقوا الله ، وإنه لشيء غريب أن تخرج الأموال حينما يأتي الضيف المشهور وأما إن كان غير مشهور فيقول مدير المكتب ما عندنا مال .
4. من الجميل أن يكون مدير المكتب أو نائبه في استقبال الشيخ في المطار أو في الفندق وهذا بلا شك يعطي انطباع للشيخ بالاحترام والذوق لدى ذلك المكتب .
5. لا تختار أيها المدير لاستقبال الشيخ إلا أفضل الشباب أدباً .
6. من الجميل تسجيل محاضرة الشيخ صوتياً أو عبر الفيديو وتنزيلها في اليوتيوب لنفع الناس ، واذكر أن أحد المشايخ زارنا في تبوك في يومٍ علمي وأقام أربعة دروس وتم تسجيلها وعند توديعه أعطيناه سيدي كامل لكل دروسه فاستغرب من هذا الترتيب والإعداد .
7. إعداد وجبة العشاء للشيخ شيء جميل واقترح أن يكون من ضمن الحضور نخبة من الشباب الجادين والمتميزين في المنطقة أو المحافظة ليستفيدوا من الشيخ ولا تختصر الحضور فقط ببعض زملاءك يا مدير المكتب .
8. إكرام الشيخ بهدية مناسبة قبل توديعه شيء جميل ، ومن وجهة نظري فإن الاقتصار في الإهداء على " درع تذكاري " شيء ممل ولا فائدة منه غالباً وربما أخذ حيزاً من حقيبة الشيخ ومكتبته .
9. من المناسب أخذ الشيخ في جولة سياحية ولو لساعة من ضمن البرنامج في منطقتكم وإدخال السرور عليه وتعريفه ببعض المزايا والمرافق والمناظر .
همسات لإمام المسجد الذي سيكون فيه البرنامج الدعوي أو العلمي :
1. لابد أن يكون هناك ترتيب بين الإمام والمؤذن في استقبال الشيخ عند الباب .
2. بعض الأئمة غير مميز في التقديم للشيخ ، فعبارته جافة وطريقته باردة في التقديم ، ولا يعني هذا أن نبالغ في المديح للضيف ، ولكن من وجهة نظري فإن هناك فنون في التقديم للمحاضرات وللمحاضرين .
3. بعض الأئمة بمجرد أن يقوم الضيف لإلقاء الكلمة أو المحاضرة إذ بالإمام يخرج مباشرة ولا يجلس لسماع المحاضرة ، وربما نعذره أحياناً ، وأما أن نعرف أن هذا الإمام لم يجلس ولا مرة لسماع المحاضرات مع أنها ربما تكون أسبوعية فيا ترى ما هذا الكِبر عن سماع المحاضرات ؟ والله إني لأجلس لكل من يلقي كلمات في مسجدي وبعضهم من طلابي .
4. ترتيب طاولة المحاضرات وتجهيزها ووضع كأس ماء وفاين ، ومن الطريف أني حضرت لألقي محاضرة ولم يعلم بها المؤذن والإمام غائب بقلبه وقالبه عن مسجده ، فقام المؤذن وأخرج طاولة من مكان قديم والغبار مليء وقام بمسحها أمام الناس ثم وضع سجادةً عليها مما يدل على عدم الإعداد والترتيب المسبق بينه وبين الإمام .
مواقف وقصص :
1. نسق معي المكتب الدعوي في ذلك الحي وأتيت لجامعٍ كبير ولم يتصل بي لا الإمام ولا المؤذن لتأكيد الموعد مع أن برنامجي وكلمتي رسمية ومعلقه عند الأبواب ، فلما انتهينا من الصلاة انتظرت ثواني وإذ بالإمام يخرج من الباب الأمامي ويلحقه المؤذن ويغلقون الباب عليهم فترددت هل أقوم ؟ وهل ألقي كلمتي بدون أن يقدم لي أحدهم ؟ وهل افتح الجهاز بعدما أغلقوه ؟ ومع ذلك قمت وألقيتها ومن الطريف أن عنوان كلمتي تلك " إنا وجدناه صابراً " ، قلت في نفسي : ماذا يضير الإمام أو مؤذنه المميز أن يستقبل الضيف ويرحب به .
2. مما يدخل في ذوقيات الاستقبال أن يدخل الضيف من المدخل الأمامي – إذا كان هناك باب أمامي - وليس من باب الناس وخاصة إذا كان الضيف من كبار أهل العلم ، ومن العجيب أن أحد أعضاء الإفتاء جاء لأحد الجوامع في مدينة " ع " وقال المنسق لمسؤول الجامع : افتح الباب الأمامي ورتبوا مكان للشيخ في الصف الأول خلف الإمام ، فقال المسؤل : خل الشيخ يدخل من باب المساكين ، أليس هذا من سوء الأدب مع أهل العلم ؟ أليس من الذوقيات أن تستقبل هذا الشيخ في مقدمة الجامع ويتم إكرامه بالقهوة والشاي والبخور والاستقبال المميز ؟
3. ومن المهمات في التنسيق في داخل المسجد أن يتم ترتيب لواقط الصوتيات والنظر فيها ، ولعل بعضكم يستغرب من هذه الإشارات ، وإليكم بعض ماجرى لي شخصياً من مواقف في مثل ذلك :
- أتيت لجامع في مدينة " ج " وتم التنسيق معي لخطبة الجمعة ، وجاءت إحدى القنوات ووضعت شعار القناة على لاقط الجامع وكان مغلق على خانة of ، ولما دخلت للجامع كان المؤذن ساهي أو نائم .. فلم يفتح الجهاز فسلمت والمكرفون مغلق ، ولما بدأت في الخطبة كان اللاقط مغلق بسبب شعار تلك القناة التي وضعت شعارها محيط باللاقط ، ومضت الثواني وأنا أتكلم بلا مكرفون والمؤذن يشير إلي من الأسفل أن افتح اللاقط وأنا لا أعرف كيف افتحه ، وبعد لحظات قام المؤذن - الساهي - بتحريك شعار القناة وتشغيل المكرفون وأكملت خطبتي التي كانت بعنوان " قواعد التعامل مع المصائب ".
- ومن المواقف أتيت لجامع في مدينة " ع " وكان في شدة الصيف ودخلت المنبر وكان ضيق جداً والمكيف مغلق بداخله وبدأت الخطبة وبدأ العرق يتصبب من وجهي ويسيل على عيوني .. وحاولت أن التفت لأجد مكان تشغيل المكيف ولكن لم أعثر عليه .. وبدل أن أقلب الأوراق بيدي مضى وقتي وأنا امسح العرق بشماغي حتى ابتل بالعرق .. بصراحة يا كرام ، هل يضير المؤذن أو المنسق أن يفتح المكيف أو يجهز مروحة صغيرة في المنبر لأجل خطب الجمعة ؟
ومضة : مما يسعدني وأتشرف به أنني حينما استضيف في جامعي أحد المشايخ فإني في الغالب أنا الذي أستقبله عند الباب وقد سبق ذلك تجهيز الشاي والقهوة والتمر والحلا والبخور ونتحدث معه دقائق قبل الكلمة ثم نصلي ، ثم إذا بدأ في كلمته أحضر له قارورة ماء وافتحها له وأقرب له " الفاين " .
صدقوني أنني أشعر أن هذا الفعل قربة إلى الله وخدمة يستحقها هذا الضيف الذي جاء عندي لينفع الناس ويذكرهم .
يا فضلاء .. هل يعجز أئمة المساجد ومنسقي الدعاة عن مثل هذه الذوقيات في استقبال أهل العلم والدعوة ؟ متى يرتقي هؤلاء ؟
ومن المواقف أني ألقيت كلمة في أحد المساجد ولما فرغت لم يقم الإمام ليسلم علي لانشغاله بالأذكار !!
فصليت الراتبة ثم خرجت من المسجد ، وبعد مضي خمس دقائق من خروجي إذ بالإمام المتميز يتصل بي ويقول وين رحت يا شيخ ؟؟
ياحبيبي وينك من ربع ساعة .. أبعد أن تركتني أصلي وأخرج تتصل بي .
شيء غريب عند بعض من ينتسب للعلم والدعوة ، الذوقيات في واد وهو في وادٍ آخر.
ومن الطريف أني أتيت لخطبة جمعة وكان الخطيب الرسمي قصير وقد وضع اللاقط في موضع ثابت لا يتحرك على حافة منصة الخطيب ، ولما بدأت في الخطبة كنتُ في حالة انحناء طوال الخطبة لكي اقترب من اللاقط وكان موقفاً طريفاً ومحرجاً للغاية ، والحل لمثل هذا أن يضع الخطيب قاعدة متحركة في منصة الخطيب تتناسب مع جميع من يخطب من الدعاة لاختلافهم في الطول والقصر ، وهذه فنون فمن يدركها ؟
ختاماً يا كرام هذه همساتي لك أيها الشيخ ولك أيها المنسق وأنت يا مدير المكتب وأنت يا إمام المسجد .
همسات من محب لعلها ترتقي بعالمنا الدعوي لبعض التميز .
دفعني لكتابتها ما رأيت وسمعت من إضاءات حول هذا الجانب .
وأقسم لكم بالله أني أحب كل العاملين في ميدان الدعوة ولا أحمل لهم إلا الحب والدعاء الصادق ، فأتمنى أن لاتجدوا علي في بعض حروفي .
الدعاة وهاجس الأرقام
تحظى الدعوة في زمننا بحمد الله بحضور طيب من الناس في المساجد وفي الملتقيات الشبابية ، حيث إن الناس متعطشون لذكر الله وللعلم النافع والموعظة الحسنة.
وهذا شيء يبشر بخير ، ولقد تطورت متابعات الناس للدعاة فتابعوهم في مواقع التواصل " تويتر . السناب . انستقرام ..". وغيرها .
وهذه المتابعة دليل على محبة الناس للدعاة وللخير، ولكن يا ترى ما الذي يقلق هاجسي ؟
1- أخشى أن يكون هاجس المتابعات متوفر لدى ذلك الداعية ؛ فيصبح ويمسي على محبة زيادة أرقام الناس الذين يتابعونه ، وهذا قد يكون لاشيء فيه أصلاً من الناحية الشرعية ، ولكن الخلل أن تبحث النفس عن الشهرة في عالم المواقع من خلال القيام بالبرامج الدعوية ، فنصبح نقدم البرامج لأجل الناس ولشهرتنا عندهم لا لأجل الدعوة نفسها ، وهذا ملمح خفي .
2- هاجس الأرقام قد يضع في قلب ذلك الداعية الحسد على أقرانه الذين فازوا بأعداد أكثر ، فيصبح القلب مليء بالحقد والحسد على أخيه ، وهذا الحسد قد لا يسلم منه إلا القليل ، ولقد وجد مثله في زمن العلماء سابقاً وتكلموا في حسد الأقران وأن كلامهم في بعض يطوى ولا يروى .
3- البعض ربما يحزن لا لهموم المسلمين بل لأن عدد متابعيه لا زالوا في المئات أو آلاف بينما صاحبه تجاوز المليون ، فعجباً لشرارة الحسد كيف تكون نتائجها.
4- مشكلة الأرقام أنها ربما جعلت صاحبنا يقع في الغيبة إذا ذكر صاحبه الذي تجاوزه في عدد المتابعين ، وهذا وارد حتى إن ابن تيمية رحمه الله تعالى ذكر أن من أسباب الغيبة هو إسقاط الطرف الآخر الذي ربما تفوق عليك .
5- بعض أصحاب الأرقام قد يشعر بنشوة الشهرة مما تجعله يترفع عن الناس وربما نزلت به ذرات من الكبر فحينها يقع في " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ".
والدواء لذلك أن تتواضع لربك وللناس وتقنع نفسك أن التوفيق الذي أحاط بك إنما هو فضل من الله تعالى لا من جهدك ولا من جهد أبيك .
6- حذار أن تكون الأرقام التي لديك تجعلك تقع في مسايرة الواقع " في المحرمات " فتتساهل في تمييعها لمتابعيك لكي لا تخسرهم ، ولا يعني كلامي هذا أن لا تدخل الدعابة لمتابعيك ، ولكن كلامي هنا هو في التحذير من تمييع قضايا الدين لأجل الناس ، وقد يزين الشيطان أن هذا يزيدك شهرةً ويجعل الناس يثبتون على متابعتك ويكثرون من " لايك " لصورك أو " رتويت لتغريداتك ".
7- لا تظن أنك لما كثر متابعوك أنه يجب أن تلبي رغباتهم كلها - وخاصةً في التنازلات في الدعوة - .
8- أنت داعية أو طالب علم أو مربي ، اعرف نفسك ، ولا تظن نفسك مفتياً للعالم وموجهاً لكل ما يسألون ، ومرادي بذلك أن تقف عند حدود تخصصك وأن لا تهجم على الفتاوى الكبار والنوازل العظام بحجة أن هذا هو ما يطلبه المتابعون .
9- قبل أن تغرد أو تصور نفسك في مواقع الفيديو ، احترم مشاهديك ولا تُخرج إلا المفيد ، ولا أعني هنا أن تكون " رسمياً " بل " كن عفوياً سهلاً " ولكن احرص على جودة المادة ونفعها ومناسبتها للناس .
10- احتسب الأجر في تغريداتك التي ربما انتشرت بالرتويت وبالتصوير لها والانتشار عبر الواتس وغيرها من وسائل التواصل .
11- احتسب الأجر في مقاطع الصور والفيديو التي ربما شاهدها في اليوم الواحد عشرات الآلاف .
12- الأرقام يجب أن لا تنسيك نفسك الضعيفة الفقيرة إلى توفيق ربها ومولاها .
13- في زحمة الأرقام سوف تجد منافسين من التافهين فلا تشغل نفسك بهم ، واستمر على تميزك في طرحك .
14- احتسب الأجر في نشر الإعلانات الدعوية والفوائد العلمية عبر حسابك ، ولطالما حدثتَ الناس عن الاحتساب ، فلماذا لما زاد متابعوك بدأت تطلب المال على الإعلانات الدعوية ، أليس هذا تناقضاً ؟
15- وأنت تتقلب في أرقام الألوف أو الملايين ، تأكد أنك قد تكون من أوائل من تسعر بهم النار يوم القيامة ولعلك تعرف الحديث الذي رواه مسلم في الثلاثة الذين تسعر بهم النار ومنهم العالم الذي تعلّم وعلّم لكي يمدحه الناس ويثنون عليه ، فلاحظ أنه مؤثر واستفاد منه الكثير ومع ذلك لم تكن تلك الحسنات وتلك الشهرة مانعةً له من أن يتقلب في جهنم .
16- تأكد أن بعض عشاق الأرقام قد يغفلون عن الصلاة في الصف الأول لأنه مشغول " بردود تويتر ولايكات انستقرام وملاحقة المعجبين في الواتس " فلاتكن منهم يا مسكين وبادر للصلاة وللصف الأول وكن قدوة حسنة في علاقتك بربك وليس في صورك التي ملأت بها حسابك .
17- لا تظن أن من لم يُعرف تويتر ولا السناب ولا انستقرام أنه محروم .. وأنك الفائز بالفردوس ، وتأكد أن هذه الشهرة وهذه البرامج محل ابتلاء ، وربما كان ذلك العجوز الذي لا يملك حتى الجوال ، ربما كان عند الله خير منك ومن ملايين المشاهير .
18- يا صاحب الأرقام ، لن يلحقك بعد موتك ولا رقم ، إنما تلاحقك الحسنات التي قبلها الله منك ، فاجتهد في عمرك القصير على عملٍ صالح خالصٍ لوجه الله لعله ينير قبرك .
19- كثرة المتابعين لا تدل على صحة منهجك ؛ لأن الكثرة في الغالب هم العامة الذين لا يدركون المنهج السديد ، ولذا لم يكن أتباع الأنبياء إلا القلة على مر الزمن ، ويأتي نبي وليس معه أحد .
20- جلستُ مع بعض من تجاوزوا المليون في انستقرام ويشتكون من إزعاج النساء عبر الرسائل ، فاتق الله واحذر من النساء اللواتي ربما كان إعجابهن بك شديداً ، وربما نالك شيء من عباراتهم التي تحمل في طياتها شهوات الجنس الناعم ، ولا تثق بنفسك في التساهل معهم ، بل كن حازماً في إغلاق ملف التواصل معهم ليسلم لك دينك .
قال سعيد بن المسيب : لقد بلغتُ الثمانين وفقدتُ إحدى عينين وأخوف ما أخاف على نفسي " النساء ".
21- وقتك يا صاحب الأرقام لا تجعله فقط في التكاثر الرقمي ، فعندك واجبات أخرى " والديك . زوجتك . أولادك . قراءة القرآن . طلبك للعلم . البرامج الدعوية المباشرة مع الناس ". فرتب نفسك لتحقق أهدافاً أخرى .
22- ادعم حساب الدعاة الآخرين وانشر تراثهم وبذلك تكسبهم لصفك وهذا مهم لك ، ومن فوائد ذلك : أنك تحفزهم للعمل الدعوي ، وفي نفس الوقت تكسب أجر في متابعة الناس لهم .
23- حاول أن تنشر فوائد متنوعة من فتاوى العلماء الثقات واختر منها ما يناسب عامة الناس ؛ لأن متابعيك ربما كان فيهم من يحتاج للفتاوى التي تصحح عقائدهم وعباداتهم .
اسأل ربي أن يحفظك ويرعاك ..
([1]) صحيح مسلم [1/ 182].
([2]) صحيح البخاري [ 9/291 ].
([3])صحيح البخاري [1/69].
([4]) صحيح البخاري [9/ 404].
([5]) صحيح البخاري [11/ 277].
([6]) السلسلة الصحيحة [4/311].
([7]) صحيح البخاري [13/ 239]، صحيح مسلم [1/ 111].
([8]) صحيح مسلم [12/ 487].
([9]) صحيح البخاري [7/ 76].
([10]) صحيح مسلم [13/ 212].
([11]) شرح العقيدة الطحاوية للألباني [1/ 446].
([12]) صحيح مسلم [13/ 97].
([13]) صحيح البخاري [18/ 468].
([14]) السلسلة الصحيحة – مختصرة للألباني [2/ 614].
([15]) صحيح الجامع ( 1838).
([16]) صحيح البخاري [11/ 277].
([17]) صحيح البخاري [1/ 98]، صحيح مسلم [1/183].
([18]) صحيح البخاري [2992].
([19]) أخرجه البخاري [595].
([20]) صحيح البخاري [6541].
([21]) صحيح الترغيب والترهيب: [37].
([22]) صحيح البخاري [ 2809 ].