×
بحث مقدم إلى ندوة ترجمة السنة والسيرة النبوية والتي عُقدت بالرياض في الفترة من 23، 25/صفر/1429هـ، يذكر تاريخ ترجمة صحيح الإمام البخاري وشروحه إلى اللغة الأردية.

 صحيح الإمام البخاري تراجمه وشروحه باللغة الأردية

بحث مقدم إلى

ندوة ترجمة السنة والسيرة

الواقع - التطوير - المعوقات

تحت إشراف الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها

ما بين فترة 21-23/11/1428هـ

إعداد

رفيق أحمد بن إقبال أحمد السلفي

الباحث

في مؤسسة دار الدعوة التعليمية الخيرية بدلهي الجديدة


بسم الله الرحمن الرحيم

صحيح الإمام البخاري

و تراجمه و شروحه باللغة األأردية

إعداد

رفيق أحمد بن إقبال أحمد السلفي

الباحث في مؤسسة دار الدعوة التعليمية الخيرية بدلهي الجديدة

 مقدمة البحث:

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على رسوله الأمين، و على آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فقد تنوعت عناية أهل الإسلام بالسنة المشرفة حسب الإمكانات والوسائل المتاحة في كل عصر ومصر، ونلحظ هذا الاهتمام بحديث رسول الله × في عصر النبوة، و كذلك في عصور الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى قرون متأخرة حفظاً، وكتابةً، وروايةً، وفهماً، وعملاً ونشراً بين الأمة، و برز في هذا الباب أهل العلم بالحديث على وجه الخصوص فاشتهر عدد كبير من أصحاب رسول الله × ممن حفظوا عن النبي ×، ورووا عنه، واشتهر أمر المكثرين منهم في باب الرواية مثل أبي هريرة، و أبي سعيد الخدري، وعبدالله بن عمر، و جابر، وأنس، وعائشة، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.

ثم انتقل هذا العلم إلى التابعين، برز منهم أمثال محمد بن مسلم الزهري (ت124هـ)، وقتادة بن دعامة السدوسي البصري (ت 126هـ)، وعمرو بن دينار المكي (ت126هـ)، وأبي إسحاق عمرو بن عبدالله السبيعي الكوفي (ت 127هـ)، وسليمان بن مهران الأعمش الكوفي (ت 148هـ).

ثم برز من اتباع التابعين أمثال مالك بن أنس عالم المدينة (ت 179هـ)، ومحمد بن إسحاق المدني (ت 151هـ)، و عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج المكي (ت151هـ)، و سفيان بن عيينة المكي (ت 198هـ)، وحماد بن سلمة البصري (ت170هـ)، وسعيد بن أبي عروبة البصري (ت 158هـ)، ومعمر بن راشد (ت154هـ)، وسفيان بن سعيد الثوري (ت 161هـ)، وعبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي الشامي (ت 151هـ)، وهشيم بن بشير الواسطي (ت 183هـ).

ثم برز من تلاميذهم يحيى بن سعيد القطان (ت 185هـ)، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة الكوفي (ت 182هـ)، ووكيع بن الجراح الكوفي (ت 197هـ).

وبرز من تلاميذ هؤلاء ممن نقل أحاديث رسول الله × إلى كبار أصحابهم أمثال عبدالله بن المبارك (ت 181هـ) وعبدالرحمن بن مهدي(ت 198هـ)، ويحيى بن آدم (ت203هـ)، وأحمد بن حنبل (ت 241هـ)، وابن أبي شيبة (ت 235هـ)، وأمثالهم من أئمة الدين الذين نقلوا هذا العلم إلى أصحابهم من أئمة الدين أمثال البخاري (ت256هـ)، ومسلم (ت 261هـ)، وأبي داود (ت 275هـ)، والنسائي (ت 303هـ)، والترمذي (ت 279هـ)، والدارمي (255هـ)، و ابن ماجه (ت 273هـ)، وابن خزيمة (ت 311هـ)، وغيرهم([1]) ممن يرجع إليهم في العلم، والدين، ودراسة أحوالهم وسيرتهم تبين لنا جهودهم العظيمة لخدمة السنة المشرفة([2]).

وقد كتب الله للبخاري ومسلم شهرة عظيمة، ولكتابيهما الصحيحين مكانة مرموقة بين كتب السنة حتى أجمعت الأمة على أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله، وصحيح البخاري أصح الصحيحين. وقد نسبوا من يخالف هذا الاتفاق إلى البدعة ومخالفة إجماع الأمة([3]).

ومما يبين جلالة قدر صحيح البخاري وعظمته أن أهل العلم من قديم الزمان إلى يومنا هذا على اختلاف مذاهبهم وتنوع مشاربهم مازالوا يخدمون هذا الكتاب شرحا لأحاديثه وترجمة لرواته وبحثا في أبوابه الفقهية و تخريجا لأحاديث المعلقة وحلا للكلمات الغريبة والواردة فيه، ومستخرجا على أحاديثه وشارحا لشروطه وتحقيقا في جميع جوانب الصحيح خدمة لأحاديث رسول الله ×، فمن الصعب جدا أن يستقصي المرء كل تلك الشروح أو الدراسات التي تتعلق بهذا الكتاب العظيم

وقد قامت السيدة غزالة في رسالتها (للماجسيتر التي قدمتها إلى جامعة بنجاب) بإحصاء تراجم صحيح البخاري وشروحه، و بلغ العدد حوالي (207) ونعتقد أن هذا العدد أيضا ناقص لاننا لا نجد فيه ذكر عدة كتب في هذا الصدد([4]).

 عناية علماء الهند و باكستان بترجمة  و شرح صحيح البخاري بالعربية و الفارسية

اتجهت همم علماء شبه القارة الهندية إلى خدمة العلوم الإسلامية وخاصة علم الحديث من قديم، فنجد أنهم اهتموا بخدمة صحيح البخاري، وأقدم مَن قام بشرح صحيح البخاري في الهند باللغة العربية المحدث رضي الدين الصغاني أحد علماء القرن السادس الهجري حيث كانت اللغة العربية هي اللغة السائدة آنذاك للتأليف والشرح، ولما راجت اللغة الفارسية في الهند بعد قدوم الملوك الايرانيين والأفغانيين إلى الهند بدأ العلماء بخدمة هذا الصحيح باللغة الفارسية أيضا، فكتبوا في ترجمته وشرحه وحواشيه كثيرا([5]) وفيما يلي نذكر بعض علماء الهند البارزين في مجال خدمة صحيح البخاري:

1- العلامة المحدث رضي الدين الصغاني (ت 650هـ)

2- السيد عبدالأول بن علي بن العلاء الحسيني الزيد فوري الجونفوري (ت 968هـ).

3- الشيخ محمد بن طاهر الفتني الكجراتي (ت986هـ)

4- الشيخ عبد الحق المحدث الدهلوي (ت 1054هـ).

5- المفتي نورالحق بن عبدالحق بن سيف الدين  البخاري أبوالسعادات جمال الدين الدهلوي المحدث (ت 1073هـ).  

6- الشيخ محمد أعظم بن سيف الدين بن محمد معصوم الحنفي العمري  السرهندي (1066- 1114هـ)

7- الشيخ أبو الحسن بن عبد الهادي السندي (ت 1136هـ).

8- الشيخ شيخ الإسلام بن فخرالدين(ت: 1180هـ)

9- الشيخ سلام الله بن شيخ الإسلام الرامفوري (ت: 1233هـ)

10- الشيخ أحمد علي السهارنفوري (مصحح صحيح البخاري) (ت: 1297هـ)([6]).

هولاء العلماء و غيرهم ممن لهم جهود مشكورة في خدمة صحيح البخاري باللغة العربية حيث هي لغة العلم والدين أو باللغة الفارسية قبل أن تكون اللغة الأردية في ربوع الهند لغة الترجمة والتأليف.

 التأليف و الترجمة باللغة الأردية

يرجع تأريخ التأليف والترجمة باللغة الأردية إلى بداية القرن الثالث عشر الهجري حيث قام الشاه عبد القادر(ت 1243هـ) والشاه رفيع الدين(ت 1249هـ) من أبناء الشاه ولي الله الدهلوي (ت 1176هـ) بترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأردية، وترجمة الشاه رفيع الدين لمعاني القرآن الكريم بالأردية تابعة لتراكيب اللغة العربية وهي ترجمة حرفية، و أما ترجمة الشاه عبد القادر فهي طبق تراكيب الجمل الأردية، فيمكن أن نقول: هي بالأردية الجديدة على أسلوب  ذلك العهد الذي يعتبر عهد التكوين والإنشاء للغة الأردية. ثم أقبل أهل العلم على نقل العلوم الإسلامية وخاصة الحديث إلى اللغة الأردية التي صارت لغة التفاهم بين أهل القارة الهندية شرقا وغربا.

 بداية عمل الترجمة بالأردية لكتب السنة

كتاب «مشارق الأنوار» للشيخ المحدث رضي الدين الصغاني(ت 650هـ)، أول كتاب من كتب السنة نقل إلى اللغة الأردية والذي يشتمل على الأحاديث القولية وهو أول مؤلف لأحد محدثي الهند في فن الحديث، جاء به إلى دهلي تلميذه الشيخ برهان الدين محمود (ت: 676هـ) وسط القرن السابع الهجري، و هذا الكتاب الوحيد في السنة كان موجودا في الهند في عهد السلطان محمد بن تغلق (724-752هـ) فكان السلطان يأخذ العهود والمواثيق من موظفي الدولة على هذا الكتاب، كما كان هذا الكتاب الوحيد من كتب الحديث مقررا في المنهج الدراسي في المدارس الدينية، ويلاحظ أن المناهج التعليمية للمدارس الدينية آنذاك كان يغلب عليها تدريس كتب الفقه الحنفي و علوم المنطق والفلسفة اليونانية، و علم الهيئة، و إدخال كتاب مشارق الأنوار في المنهج الدراسي ما كان إلا للتبرك، لا للاستنباط من السنة، والاحتجاج بها في غالب الأمر،  هكذا كان موقف عامة العلماء والطلبة من دراسة السنة المشرفة إلى القرن الثالث عشر الهجري في شبه القارة الهندية فيقاس على هذا بُعد عامة الناس عن دراسة الحديث والعمل به، وفي هذه الظروف الصعبة قام الشيخ خرم على البلهوري بترجمة هذا الكتاب إلى اللغة الأردية باسم «تحفة الأخيار» لينتفع به عامة المسلمين، ويعملوا بسنة نيهم، وطبعت الترجمة في المطبع المحمدي بمدينة لكنؤ تحت إشراف الأستاذ محمد حسين اللكنوي.

ذكر الشيخ البلهوري في مقدمة هذا الكتاب أهمية السنة النبوية، و عرّف بكتب الحديث، وذكر أن عامة علماء الهند لايهتمون بالحديث، ولا يعملون به، وبيّن أهمية ترجمة هذا الكتاب إلى الأردية، فقال:

«علم الحديث هو أشرف العلوم الدينية لأنه كلام أشرف الناس، كما هو مشهور  في المثل أن كلام الملوك ملوك الكلام، فجميع العلوم الدينية محتاجة إلى الحديث حتى لايوثق بالتفسير الذي لايعتمد على الحديث النبوي، ولا قيمة لكتب العقيدة، والفقه، والسلوك، و التأريخ التي لا تعتمد على الحديث النبوي على صاحبه ألف ألف تحية وسلام، ومع أهمية السنة ليس لها رواج في الهند حتى في صفوف العلماء فماذا يكون حال عامة الناس، فمن المناسب جدا أن يترجم كتاب إلى اللغة الأردية العامة، فكتاب الصغاني «مشارق الأنوار» أنسب كتاب لهذا الغرض؛ لأنه كتاب مختصر جامع، متفق على صحة أحاديثه، وليس فيه حديث ضعيف، بخلاف «مشكاة المصابيح» ففيه أحاديث من كل نوع (صحيح وضعيف وموضوع)، وكتب المترجم -رحمه الله- في المقدمة أيضا عن مصطلح الحديث وما يحتاج إليه، ثم كتب ترجمة الإمامين الهمامين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج -رحمهما الله-، كما كتب ترجمة الإمام الصغاني أيضا.

وذكر في آخر المقدمة شيئا عن خطته في الترجمة، وقبل بداية أصل الكتاب أثبت أبياتا من قصيدة أحد الشعراء حول مكانة السنة في الإسلام، ثم أثبت المتن العربي والترجمة الأردية له، وشرح أحاديث الكتاب بإيجاز، وذكر ما يستنبط منها من الأحكام والدروس، ولغة الترجمة والشرح سهلة ومفهومة لكل من يعرف اللغة الأردية، وحيث تطورت اللغة الأردية ومرّ عليها أكثر من قرن صار أسلوب الترجمة الآن صعبا إلى حد ما لعامة الناس.

 ثم قام بعده الشيخ النواب قطب الدين الدهلوي (ت 1289هـ) بترجمة «مشكاة المصابيح» إلى اللغة الأردية، كانت بدايتها من الشاه محمد إسحاق المحدث الدهلوي (ت 1267هـ)، ثم أشار الشيخ الدهلوي على النواب قطب الدين أن يترجم الكتاب، فأكمل النواب قطب الدين  هذا العمل، جزاهما الله عن محبي الحديث و صاحبه.

وقد طبعت ترجمة المشكاة عدة مرات، و في الآونة الأخيرة قام بعض مدرسي دارالعلوم بديوبند بتجديد اللغة الأردية القديمة التي استخدمت في هذه الترجمة والشرح باسم «معارف المشكاة» وقد طبع، ووضعوا في البداية مقدمة شرحوا فيها ما يحتاج إليه الباحث و المستفيد من علوم الحديث.

 ترجمة الكتب الستة

وفي القرن الثالث عشر الهجري اتجه العلماء إلى التأليف والترجمة باللغة الأردية، وظهرت مكتبة إسلامية كبيرة ومنوعة، وكانت الريادة في هذا الباب لمحي السنة ومجدد العلوم الإسلامية في عصره الإمام النواب صديق حسن خان البوفالي (ت 1307هـ) ففكر في ترجمة الكتب الحديثية الستة (صحيح البخاري، وصحيح مسلم، والسنن لأبي داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه) فكلف لهذا العمل الكبير العالمين الشقيقين: النواب بديع الزمان الحيدرآبادي، والنواب وحيد الزمان الحيدرآبادي و قرر لكل منهما خمسين روبية هندية على هذا العمل، يقول النواب وحيد الزمان الحيدرآبادي في مقدمة ترجمة موطأ الإمام مالك:

«بعد الحمد لله و الصلاة على نبيه يقول العبد العاجز الفقير: إنه في سنة 1294هـ لما امتلأت الهند بالبدع و الخرافات و أعرض الناس عن الكتاب و السنة هاجرت مع الأسرة من حيدر آباد إلى الحرمين الشريفين فلما وصلت إلى مدينة بونا تلقيتُ من قبل الشقيق الشيخ بديع الزمان خطابا من مدينة بوفال، مفاده أن قامع البدعة ومحي السنة الأمير البوفالي النواب صديق حسن خان([7]) قد سُرّ من خبر هجرتنا من مدينة حيدرآباد، وكلفنا بترجمة الكتب الستة إلى اللغة الأردية، وقرر المعاش خمسين روبية شهريا، وسرنا هذا الخبر السارّ فشكرنا الله الجبار الغفار، وزيادة على هذا قد نقوم بهذه الخدمة في أرض الحرمين الشريفين، فظننا هذا تصديق قوله تعالى:+وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً" (النساء: 100) ولله الحمد على أننا قد وصلنا مكة المكرمة مع الأهل والعيال و سكننا هناك، ولأن الأخ المكرم (بديع الزمان) كان قد بدأ بترجمة جامع الترمذي قمت أنا بترجمة موطأ الإمام مالك لأن الكتابين مختصر وسهل، وسوف ينتهي هذا العمل في سنة 1295هـ إن شاء الله.

 وسمى النواب بديع الزمان ترجمة سنن الترمذي بـ «جائزة الشعوذي بترجمة جامع الترمذي»، وطبعت أول مرة بالمطبع المرتضوي بدهلي في سنة 1296هـ.

وفي نفس المدة تمت ترجمة جامع الترمذي، وكان بودِّ النواب وحيد الزمان بعد الفراغ من الموطأ أن يبدأ بترجمة صحيح البخاري، ولكنه نظرًا إلى عدم توفر المراجع والمصادر لشرح أحاديث هذا الكتاب لم يتجرأ لهذا العمل، وبدأ بترجمة سنن أبي داود، وأكملها وسماها «الهدي المحمود بترجمة سنن أبي داود»، وطبع الكتاب في عام 1301هـ بالمطبع الصديقي بلاهور.

يقول النواب وحيد الزمان في مقدمة هذه الترجمة: « قد انتهينا من ترجمة الموطأ وسنن الترمذي في سنة 1296هـ، وكان بودنا أن نقوم بترجمة صحيح البخاري، وهذا كان بود النواب البوفالي أيضًا، ولكن لم نتجرأ على ترجمة صحيح البخاري لعدم توفر المراجع الضرورية لها؛ فبدأنا بترجمة سنن أبي داود، وانتهينا منها في 24/من شهر ربيع الآخر سنة 1297هـ» وبعد الفراغ من هذا العمل بدأ الشيخ بترجمة سنن النسائي باسم «روض الربى من ترجمة المجتبى» وأكملها في مجلدين ضخمين، وطبع الكتاب لأول مرة في سنة 1302هـ بالمطبع الصديقي بلاهور، وهكذا تمت تراجم أربع كتب من دواوين السنة إلى اللغة الأردية: موطأ الإمام مالك، وجامع الترمذي، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وانتشرت بين الناس، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

 ترجمة صحيح البخاري إلى اللغة الأردية

وبعد الفراغ من ترجمة السنن الأربعة كان بود النواب وحيد الزمان -رحمه الله- أن يبدأ بترجمة صحيح البخاري، وفي نفس الوقت قد شرع النواب البوفالي في طباعة فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر بالقاهرة، فانتظر النواب الحيدرآبادي صدور فتح الباري لكي يتوفر له أهم مرجع لهذا العمل، ولذا بدأ بترجمة صحيح مسلم، وأكملها في سنة 1305هـ، وسماها بالمعلم بترجمة صحيح مسلم، وطبعت في سنة 1306هـ بالمطبع الصديقي بلاهور.

وفي الوقت الذي كان النواب الحيدرآبادي مشغولاً بترجمة صحيح مسلم تبنى التاجر المعروف السيد فقير الله طباعة ترجمة صحيح البخاري، فكلف لذلك العمل الشيخ أبا الحسن السيالكوتي تلميذ السيد نذير حسين المحدث الدهلوي؛ فقام الشيخ السيالكوتي بترجمة الكتاب وأنهاها في وقت قصير، وبدأ الشيخ فقير الله بطبع الترجمة باسم فيض الباري في أجزاء، وقال الشيخ فقيرالله في مقدمة الترجمة بعد ذكر أهمية علم الحديث على العلوم الأخرى: «يود العبد العاجز أن يترجم أصح الكتب بعد كتاب الله صحيح البخاري إلى اللغة الأردية مع شرحه، ليكون مفيدا لعامة المسلمين إلى يوم القيامة، ويكون ذريعة لمغفرة العبد العاجز الفقير العاصي في يوم الحساب، آمين، فكلفت لهذا العمل الشيخ أبا الحسن محمود الحسن السيالكوتي أحد تلامذة فخر المفسرين وسند المحدثين السيد نذير حسين المحدث الدهلوي مد ظله تعالى، وعم فيضه الغالي في سنة 1303هـ»، وطبعت ترجمة الكتاب في ثلاثين جزءا، وصرفت عليه مبالغ كبيرة.

وبهذا انتهى العالم السلفي الشيخ أبو الحسن السيالكوتي بترجمة صحيح البخاري قبل الشيخ النواب وحيد الزمان الحيدرآبادي و سبقه في هذا العمل، وحاول بعده غير واحد من العلماء بتراجم جديدة لصحيح البخاري إلى الأردية فقام الشيخ عبدالأول الغزنوي، والشيخ فضل حق الدلاوري، والشيخ النواب وحيد الزمان الحيدرآبادي، وغيرهم بترجمة صحيح البخاري و لا تزال تبذل الجهود في ترجمة صحيح البخاري إلى الآن، والحمد لله.

 التراجم الكاملة لصحيح البخاري

وفيما يلي ذكر جهود علماء شبه القارة الهندية في ترجمة وشرح صحيح البخاري باللغة الأردية، أورد أولا ما وجدت من الأعمال الكاملة حول هذا الكتاب وبالله التوفيق.

1- فيض الباري: ترجمة وشرح صحيح البخاري، للشيخ أبي الحسن السيالكوتي (ت 1325هـ)، تلميذ شيخ العرب والعجم السيد نذير حسين المحدث الدهلوي، وترجمته وشرحه لصحيح البخاري أول ترجمة كاملة لصحيح البخاري اعتمد فيها على شروح البخاري مثل فتح الباري، وإرشاد الساري، وعمدة القاري، وحاشية السندي، والسيوطي، والكواكب الدراري.

والمجلد الأول كان مشتملاً على ثمانية أجزاء من ثلاثين جزءا (معروفا بالهند في تجزية صحيح البخاري) لكن الناشر الشيخ فقير الله لم يرض بهذا القدر القليل من الشرح، ولذا أضاف الشيخ السيالكوتي إلى الشرح كثيرا من الفوائد والاستنباطات، فطلع الكتاب ثلاثة أضعاف من الأصل، وطبعه الشيخ فقيرالله بهذه الزيادات في سنة 1313هـ بالمطبع المحمدي بلاهور، توجد نسخة منه في المكتبة العامة لجامعة همدرد بدلهي الجديدة.

تمتاز هذه الطبعة الثانية بالخط العربي الواضح، أثبتت الترجمة تحت المتن العربي وجاء الشرح على هامشه، واتبع الشيخ السيالكوتي في الترجمة والشرح منهج السلف الصالح، وكما تقدم أن الشيخ فقير الله أثبت مقدمة في بداية الكتاب شرح فيه مكانة السنة، وشرح فيها حاجة ترجمة صحيح البخاري إلى الأردية وفائدتها للناس، وما واجه في إعداد هذه الترجمة والشرح وطباعتها من مشاكل و أتعاب، وأثبت أيضًا شيئًا من مصطلح الحديث من المصادر والمراجع المعتبرة، وكتب بإيجاز عن حياة الإمام البخاري، ومكانة جامعه، وحاجة ترجمته وشرحه باللغة الأردية.

2- تيسير الباري: للنواب وحيد الزمان الحيدرآبادي (1267-1338هـ)، بدأ النواب بترجمة صحيح البخاري في جمادى الأولى سنة 1321هـ، وأكملها في ربيع الأول في سنة 1323هـ، أكملها في مدة سنة وثمانية أشهر وست وعشرين يومًا، وطبعها الشيخ أحمد بن محي الدين في سنة 1312هـ، وعدد صفحات الكتاب 3396 صفحة.

وضع متن صحيح البخاري كاملا بحروف كبيرة وترجمة السند والمتن تحت كل سطر من المتن، وفي بداية الكتاب مقدمة، أثبت فيها المترجم سلسلة سنده إلى الإمام البخاري، وفيها بينه وبين البخاري عشرة رجال فحسب، وهذه الترجمة مطبوعة في الهند وباكستان، ومتداولة بين الناس.

3- ترجمة صحيح البخاري: للميرزا حيرت الدهلوي: هذه الترجمة سَلسة جدا وفق لغة ذلك العصر، شرح فيها المواضع المشكلة بين القوسين، واستعان في الشرح والفوائد بفيض الباري للسيالكوتي، والقسطلاني، وطبع الكتاب في ثلاث مجلدات بمطبع كرزن بدهلي، ومطبع نور محمد أصح المطابع بكراتشي، يحتوي المجلد الأول على (627) صفحة، والمجلد الثاني على (672) صفحة، والثالث على (599) صفحة، وأثبتت الفهارس في الأخير.

4- ترجمة وشرح صحيح البخاري: للشيخ محمد داود راز الدهلوي، هذه الترجمة سهلة سَلسة وفق الأسلوب الجديد للغة الأردية الفصيحة، طبعت هذه الترجمة أولاً في جريدة نور الإيمان الشهرية بدهلي، ثم طبعت في سنة 1389هـ في أجزاء  على تقسيم الكتاب في ثلاثين جزءا كل جزء على حدة، واستمرت هذه الطباعة إلى سنة 1398هـ، وبعد إكمال طباعتها في جريدة نور الإيمان قامت المكتبة القدوسية بلاهور بطباعتها في شكل الكتاب، وفي الأخير قامت جمعية أهل الحديث المركزية بدلهي بطباعتها، وهي أحسن من الطبعة القديمة، يحتوي الكتاب على ثمان مجلدات، ومجموع صفحاته (4850) صفحة، وفي بداية الكتاب مقدمة نافعة حررها الشيخ المترجم رحمه الله.

وليست هذه ترجمة لصحيح البخاري إلى الأردية فحسب، بل هو شرح وجيز، علق الشيخ محمد داود راز الدهلوي فيها على كل حديث يحتاج إلى شرح وتعليق، اتبع فيها طريق المحدثين في شرح العقيدة، و بيان المنهج، وشرح فيه ما يحتاج إليه الطالب والباحث من مطابقة الحديث للباب، مستعينًا بالمراجع القديمة والحديثة، ولله در المترجم الشارح، فجزاه الله خيرا على هذا العمل الجليل.

5- ترجمة صحيح البخاري: للشيخ عبدالدائم الجلالي من علماء الحنفية في ثلاث مجلدات، طبعت بالمطبعة الحميدية بدهلي، يحتوي المجلد الأول على عشرة أجزاء، وعدد صفحاته (634) صفحة، وعدد أحاديثه (3054) حديث.

يحتوي المجلد الأول على المقدمة في (21) صفحة، كتب فيها عن حياة الإمام البخاري، وعن تأليف صحيحه وشروحه وفي آخره فهرس الموضوعات، والمجلد الثاني يبتدئ من الجزء الحادي عشر، وعدد صفحاته (648) صفحة. وفي الأخير فهرس الموضوعات، والمجلد الثالث يحتوي على (568) صفحة، وعدد أحاديثه (12510) حديث، وفي الأخير فهرس الموضوعات.

والجدير بالذكر أن هذه الترجمة بدون إثبات المتن العربي، وبدون ذكر أي فائدة في الحواشي، والترجمة يبتدئ من الصحابي والتابعي الراوي للحديث.

6- الجامع الصحيح للبخاري (المترجم بالأردية): للشيخ عبدالحكيم أختر الشهاجهان فوري، يحتوي على ثلاث مجلدات، المجلد الأول يبتدئ من باب بدء الوحي، وينتهي إلى باب الشروط في الطلاق، وفيه (2531) حديث، والمجلد الثاني يبتدئ من باب الشروط مع الناس، وينتهي إلى باب القراء من أصحاب النبي ×، وفيه (2113) حديث.

والمجلد الثالث يبتدئ من باب فضل فاتحة الكتاب، وينتهي إلى باب نضع الموازين بالقسط، وفيه (2408) حديث، ومجموع صفحات المجلدات الثلاث (2854) صفحة.

بدأ المترجم عمل الترجمة من 24 من شهر شوال من سنة 1400هـ، وأكملها في (13) شهرًا في 26 من شهر ذي القعدة من سنة 1401هـ، وطبعته مؤسسة حامد وشركاه في سنة 1403هـ بالتعاون مع مكتبة فريد بلاهور.

مقدمة ترجمة الكتاب بقلم الشيخ غلام رسول السعيدي اللاهوري تحتوي على (55) صفحة، وتشتمل على حياة الإمام البخاري، وبيان سبب تأليف الصحيح، وتسميته بالجامع الصحيح، ووجه قبوله عند الأمة، وذكر فيها حسب منهجه البدعي تسامحات البخاري، وما في صحيحه من  الأخطاء في السند والمتن، وفي استنباط المسائل، وحاول أن يثبت أن صحيح البخاري توجد فيه أحاديث ضعيفة وموضوعة ومنكرة، وأن في رواته عددا كبيرا من الرافضة، والجهمية، والقدرية، وكذا فيه رواة ضعفاء من أهل الوهن والضعف.

وأثبت الأحاديث بأسانيدها، واكتفى بإثبات ترجمة الأحاديث لوحدها، وذكر اسم الصحابي أو التابعي فقط، وترجم الأبيات الواردة في الصحيح بالأشعار الأردية، وقام بتصحيح الترجمة وتهذيبها السيد حامد لطيف الحسني.

والمترجم عبدالحكيم أختر عداده من غلاة الصوفية القبورية المعروفين بالبريلوية المبتدعة، وهو أول من ترجم صحيح البخاري إلى الأردية من مبتدعة الهند، وحيث لم يشرح هذا المبتدع أحاديث الكتاب فلم يستطع إدخال عقائده وبدعه في الكتاب في غير المقدمة، ولا يستبعد منه ومن أمثاله إدخال بعض خرافاته عن طريق الترجمة أحيانا، ومن هنا الحاجة ماسة إلى تدقيق هذه الترجمة للتنبيه على التحريف المعنوي عند وجوده عمليا.

7- نزهة القاري شرح صحيح البخاري: للمتفي شريف الحق الأمجدي، المدرس بالجامعة الأشرفية بمباركفور، وطبع الكتاب في تسع مجلدات في دائرة البركات بكهوسي (أعظم كره)،و شرح الأحاديث شرحا متوسطا مع ذكر مطابقة الحديث للباب،   وحذف الأحاديث المكررة، وأثبت الحديث في باب واحد حيث ظن أن هذا الباب أنسب بالحديث كما حذف الأبواب المكررة، وأشار في شرح الحديث إلى مسائل مستنبطة من تلك الأحاديث المكررة.

وحيث هذا المترجم أيضا من غلاة القبورية البريلوية، ومن متعصبة المذهب الحنفي ذكر في مقدمة ترجمة الكتاب حياة الإمام أبي حنيفة، وخصائص الفقه الحنفي، ولم يكتب شيئا عن حياة البخاري وصحيحه إلا أنه لم ينس ذكر أوهام الإمام البخاري وأخطائه (حسب ظنه).

هذه سبع تراجم وشروح كاملة لصحيح البخاري وكلها مطبوعة، أربعة منها التي جاء ذكرها أولا صدرت بأقلام علماء أهل الحديث في الهند ممن عرفوا بنشر السنة المشرفة للعمل بها والدعوة إليها، وقد استفاد منها كثير من الناس الذين هداهم الله إلى طريق الحق والصواب، والترجمة الخامسة لعالم من علماء الحنفية الديوبندية، وهو الشيخ عبدالدائم الجلالي، ويشكر على منهجه في الترجمة أنه أبعد نفسه عن التعصب المذهبي، والمترجمان الأخيران هدفهما واضح من خلال ما أظهروا وصرحوا، هدانا الله وإياهم إلى الحق والصواب.

 التراجم الناقصة لصحيح البخاري

وهناك جهود أخرى كثيرة حول خدمة صحيح البخاري إلا أن هذه الأعمال بقيت ناقصة، وفيما يلي ذكرها، وبالله التوفيق:

1- نصرة الباري بترجمة صحيح البخاري: للشيخ عبدالأول حفيد العلامة عبدالله الغزنوي (ت 1313هـ)، كان الشيخ عبدالأول عالما كبيرا في الحديث وعلومه، وأخذ الحديث عن شيخ العرب والعجم السيد نذير حسين الدهلوي، وقضى حياته في خدمة الكتاب والسنة، قام بترجمة صحيح مسلم باسم «إنعام المنعم بترجمة صحيح مسلم»، وترجمة المشكاة باسم «الرحمة المهداة إلى من يريد ترجمة المشكاة»، وترجمة رياض الصالحين، وكلها قد طبعت في عدة مطابع.

كما ترجم صحيح البخاري، وطبعت الترجمة في سنة 1319هـ، بمطبع القرآن والسنة بأمرتسر (فنجاب)، أثبت المتن مع السند بالخط الجلي مشكولا، ثم أتيت الترجمة تحت المتن، وأثبت على هامشه فوائد مختصرة مأخوذة من فتح الباري، و إرشاد الساري، وحاشية السندي، و هذه الفوائد تمثل منهج السلف الصالح.

ويقع الكتاب في ست مجلدات، يحتوي المجلد الأول على 544صفحة من القطع المتوسط، جاء فيه شرح الكتاب من باب «كيف كان بدء الوحي» ينتهي إلى «باب ما ينهى عن سب الأموات» مع فهارس الموضوعات، وفي آخر المجلد وقبل الفهارس كتب نبذة عن مكانة السنة، و مكانة صحيح البخاري في كتب الحديث، وحاجة ترجمته وشرحه باللغة الأردية.

2- تسهيل القاري: للنواب وحيدالزمان الحيدرآبادي: تقدم ذكر ترجمة صحيح البخاري له كاملة، وأما هذا الشرح المفصل مع الترجمة فهو ناقص، استفاد فيه من فتح الباري، وإرشاد الساري، ونيل الأوطار، وغيرها من المصادر القديمة و الحديثة، ولغة الترجمة والشرح سهلة سلسة، وركز في هذا الشرح المطول على ذكر مطابقة الحديث بالباب، وأجرى المحاكمة بين أقوال الشراح، إلا أن هذا الشرح المفيد لم يكتمل، وهو يقع في خمسة أجزاء، و قد حصل الخطأ أو الوهم أن الناشر أثبت اسمه هو على الجزء الخامس الذي اكتمل في سنة (1311هـ).

وكان بود الشارح أن يشرح الكتاب جزءا جزءا حسب التجزئة المعروفة في ثلاثين مجلدا، وطبع الجزء الأول منه (833) صفحة في المطبع الصديقي بلاهور، ذكر في مقدمة الكتاب التي تحتوي على (41) صفحة نبذة عن حياة الإمام البخاري و عن شروح الصحيح، و أتيت فيها أيضا سلسلة سنده للصحيح، فهو يصل إلى الإمام البخاري بواسطة اثنى عشر راويا.

3- فضل الباري بترجمة صحيح البخاري: للشيخ فضل الحق الدلاوري، ترجم لأجزاء من الصحيح مع الشرح، وطبعت بلاهور، وكان بود الشيخ الدلاوري أن يؤلف شرحا كبيرا، و لكن لم يكمله.

4- فيض الباري في شرح صحيح البخاري: للشيخ فضل أحمد الأنصاري، ذكره الشيخ عبد الحي الحسني في الثقافة الإسلامية في الهند.

5- العين الجاري في شرح صحيح البخاري: للشيخ هداية العلي اللكنوي، طبع في سنة (1309هـ) بمطبع غلزار محمدي بمراد آباد، و قام بتصحيحه الشيخ محمد إبراهيم الشاه جهانفوري، يوجد عنه المجلد الثاني الذي يبتدئ من كتاب الغسل إلى «باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه»، وعدد صفحاته (113) صفحة، ولاندري عن بقية الأجزاء هل أكملها ثم هل طبع شيء منها أم لا.

6- ترجمة صحيح البخاري (في سبعة أجزاء): للشيخ محمد بن هاشم السورتي (ت 1315هـ).

7- صحيح البخاري: للشيخ أمير علي اللكنوي (ت 1337هـ) من مشاهير الهند، ومن تلاميذ السيد نذيرحسين المحدث الدهلوي، وكان سريع الكتابة وكثير التأليف وله تفسير باسم مواهب الرحمن في ثلاثين مجلدا.

8- أنوار الباري في شرح صحيح البخاري: للشيخ أنور شاه الكشميري (ت1352هـ)، وهو عبارة عن دروس الشيخ الكشميري في دار العلوم بديوبند، رتبها تلميذه الخاص الشيخ السيد أحمد رضا البجنوري، وهو ليس مقتصرا على دروس الكشميري فحسب، بل استفاد البجنوري من تأليفات شيخه و دروسه الأخرى، كما استفاد أيضا من كتب و دروس مشايخ ديوبند: الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي، و الشيخ شبير أحمد العثماني، والشيخ أحمد حسين المدني الديوبندي.

وطبع منه عشرون جزءا، كل جزء يقع في (200) صفحة سوى الجزء الأول فهو يقع في (550) صفحة، ولم يكمل بعد.

وكتب الشيخ البجنوري في بداية المجلد الأول مقدمة؛ فصل القول في حياة الإمام البخاري و غيره من أئمة الحديث، ويبدأ الشرح من المجلد الثاني.

ويعتبر الشيخ البجنوري من غلاة الحنفية الديوبندية على طريقة العلامة محمد زاهد الكوثري، ففيه غلو في الدفاع عن المذهب الحنفي في الأصول والفروع، ومن هنا حمل حملة شعواء على الإمام البخاري، ومذهبه، ومذاهب المحدثين الذين نصروا الدليل، وخدموا العلم بالحرية، والمتانة، والأدب، (غفرالله الجميع) وقام بالدفاع عن الإمام البخاري، وعن منهجه، ومناهج المحدثين شيخنا الشيخ محمد رئيس الندوي أستاذ الحديث في الجامعة السلفية ببنارس، و ردّ على هفوات المرتب وأخطاءه العلمية والمنهجية باسم كتاب «اللمحات إلى مافي كتاب أنوار الباري من الظلمات»، وطبع الكتاب باللغة الأردية في أربع مجلدات من الجامعة السلفية ببنارس، ومجموع صفحاته (2153) صفحة، والمجلد الخامس تحت الإعداد، يسرالله إتمامه وطبعه.

9- ترجمة صحيح البخاري: للشيخ عبد الوهاب الملتاني (ت: 1326هـ) من تلاميذ السيد نذير حسين المحدث الدهلوي، وله إجازة أيضا من العلامة راغب الطباخ الشامي، و قد اعترف بأعماله في نشر كتب السنة وخدمتها علامة الشام العلامة محمد منيرالدمشقي في كتابه نموذج من الأعمال الخيرية، وصل الشيخ عبدالوهاب في الترجمة إلى خمسة أجزاء من ثلاثين جزءا من أجزاء الصحيح من التجزئة المعروفة في الهند.

10- تشريحات صحيح البخاري: لمشايخ الديوبندية: رشيد أحمد الكنكوهي، والسيد حسين أحمد المدني، ومحمد زكريا الكاندهلوي، رتبها الشيخ محمد عبدالقادر القاسمي، و طبع الكتاب بـ المكتبة المجيدية بملتان (باكستان) ويقع  في (805) صفحة، شرح (490) حديثا إلى باب المرأة تطرح من المصلى من الأذى، وذكر في مقدمة الكتاب شيئا من مصطلح الحديث وتاريخه وكتبه، وذكر  مراتب كتب الحديث، أثبت فيه متن الحديث مع الترجمة، وهي ترجمة سهلة سلسة بدون التقيد بالسياق  العربي، وأثبت فيه شروح  الشيخ حسين أحمد المدني، والشيخ رشيد أحمد الكنكوهي، والشيخ زكريا الكاندهلوي-رحمهم الله-.

11- دروس من صحيح البخاري: للشيخ شبير أحمد العثماني: (ت: 1369هـ) رتبها الشيخ عبدالوحيد الصديقي المدرس بالمدرسة الإسلامية بـ فتح فور، وقامت بنشرها الجامعة الإسلامية بـ دابهيل بولاية غوجرات.

طبع المجلد الأول منه فقط، وهو يشتمل على شرح الصحيح من أوله إلى باب كتابة العلم، و يقع في (444) صفحة.

هذه الدروس ألقاها الشيخ العثماني في الجامعة الإسلامية بـ دابهيل في سنة 1353هـ بعد وفاة شيخه الشيخ أنور شاه الكشميري -رحمهما الله-، ويظهر من ترتيب جامع الدروس أن الكتاب يكمل في أربع مجلدات.

و يظهر من أسلوب الكتاب أن المرتب حريص على أن يتقيد بألفاظ الشيخ العثماني، و قام بتصحيح المسودة الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، وقدم للكتاب الشيخ منظور أحمد النعماني مدير جريدة الفرقان الصادرة بلكنؤ.

12- فضل الباري في شرح صحيح البخاري: طبعه الشيخ القاضي عبد الرحمن بـ كراتشي، ونسبه للشيخ شبير أحمدالعثماني، و ادعى القاضي أن هذا الشرح قام به الشيخ شبير أحمد العثماني نفسه، كما ذكر في المقدمة أنه حصل على نسخة من هذا الشرح من ورثة الشيخ العثماني التي رتبها الشيخ عبد الوحيد الصديقي الفتح فوري باسم دروس من صحيح البخاري وقد تقدم ذكرها.

13- دروس من صحيح البخاري: للشيخ السيد أحمد حسين المدني (ت1377هـ) شيخ الحديث في وقته في دار العلوم بديوبند، رتبها الشيخ كفيل أحمد الكيرانوي، يقع المجلد الأول في (200) صفحة، شرح فيه كتاب الإيمان، طبعته المكتبة الإسلامية بديوبند في سنة (1957م) ولم يتسير لي الاطلاع على المجلد الثاني.

مرتب هذه الدروس من تلامذة الشيخ حسين أحمد المدني، رتبها من دروس شيخه، و قام بتصحيحها والدا لمرتب الشيخ عبد الجليل المدرس بدار العلوم بديوبند، وطبع الكتاب بعد وفاة شيخه.

14- دروس من صحيح البخاري للشيخ حسين أحمد المدني: رتبها تلميذه الشيخ نعمت الله الأعظمي شيخ الحديث بدار العلوم بديوبند، طبع منها المجلد الأول في (1417هـ) بولاية آسام (الهند) و ينتهي هذا المجلد على باب من أجاب السائل بأكثر مما سال من كتاب العلم.

واستفاد الشيخ نعمت الله في ترتيب هذا الكتاب من الدروس التي رتبها الشيخ علاء الدين المونغيري، والشيخ كفيل أحمد الكيرانوي، كما استفاد فيها أيضا من رسائل الشيخ المدني التي كتبها إلى تلاميذه،  وعلق على بعض المواضع، ولم يتيسر لي الاطلاع على بقية المجلدات منها.

15- فيوض الباري في شرح صحيح البخاري: للشيخ محمد محمود أحد شيوخ الفرقة القبورية البريلوية ومن خلفاء السيد أحمد البركات شيخ جمعية الأحناف بلاهور، طبع المجلد الأول من هذا الشرح بمكتبة رضوان بلاهور بباكستان في سنة 1378هـ=1958م.

16- إمداد الباري في شرح صحيح البخاري: للشيخ عبدالجبار الأعظمي، المدرس بالجامعة القاسمية بمدينة مراد آباد بالهند، طبع المجلد الأول من مكتبة الحرم بمراد آباد ويشتمل على (500) صفحة، فيه مقدمة طويلة في الحث على فضائل العلم، وذكر فضائل صحيح البخاري، و تراجم أعلام الحديث الثمانية، والمجلد الثاني يحتوي على (519) صفحة، أطال الكلام في ذكر أقسام الحديث والتعريف بها مع ذكر نماذج من الأحاديث الموضوعة، وتعريف علم الجرح والتعديل، وفيه إيضا من البحوث التي لاطائل تحتها، ولايحصل القارئ بعد قراءة هذين المجلدين على شيء حول صحيح البخاري، ولو استمر هذا الشرح على هذا المنوال لاندري إلى كم يطول.

17- بشير القاري: للشيخ السيد غلام الجيلاني من علماء الفرقة القبورية البريلوية (ت 1379هـ)، كان بود الشارح أن يقوم بشرح كبير لكنه لم يكمل، ووصل إلى آخر بدء الوحي في (24) صفحة.

18- نصرة الباري في شرح صحيح البخاري : للشيخ عبد الستار الدهلوي (ت1386هـ)، طبع أول مرة في المكتبة السعودية بكراتشي (باكستان)، أثبت المتن ومقابله الترجمة، ثم ذكر الحاشية تحت المتن، وذكر الشرح في الهامش، ولم يكمل، ويقوم الشيخ كرم الجليلي (بباكستان) حاليا بإكماله.

19- إيضاح البخاري: للشيخ السيد فخرالدين أحمد شيخ الحديث بدار العلوم بديوبند (ت: 1392هـ)، قام بتدوين و ترتيب دروسه تلميذه الشيخ رياست على البجنوري، وقام بمراجعتها الشيخ محمد لقمان الفاروقي، طبع منه أربع مجلدات إلى عام (1380هـ) من مكتبة معارف القاسم  بديوبند، ومجموع صفحاته (2235) صفحة، والمجلد الرابع ينتهي على باب السهو على الأنف في الطين.

وفي بداية المجلد الأول مقدمة تحتوي على (52) صفحة، فيها نبذة عن حياة الشيخ فخرالدين أحمد، والإمام البخاري، وهذا الشرح خلاصة للشروح السابقة مثل فتح الباري، وعمدة القاري، وإرشاد الساري.

20- ترجمة صحيح البخاري: للشيخ محمد حنيف الندوي (ت 1407هـ) نشرت الشركة العلمية المحدودة بلاهور (باكستان) من عام 1939م عدة أجزاء، و مع الأسف لم تكتمل الترجمة.

21- جامع صحيح البخاري(الترجمة مع الشرح): للشيخ زين العابدين ولي الله الشاه، طبعته إدارة المؤلفين بـ ربوه (باكستان)، أثبت المتن في أول السطر، ثم أثبتت الترجمة مقابل المتن، وجاء في هامشه شيء من الشرح، يوجد منه بعض الأجزاء في المكتبة العامة بجامعة همدرد بدلهي ولم يتيسر لي الاطلاع على بقية الأجزاء.

22- إرشاد الساري: للشيخ المفتي رشيد أحمد اللدهيانوي، طبعت منه أربع مجلدات.

و توجد هناك تراجم لمنتخبات و تجريدات صحيح البخاري و ثلاثياته، قام بها جماعة من العلماء يطول ذكرها واستيعابها، ومعظمها على غرار ما تقدم ذكره أو ما هو مأخوذ مما تقدم.

 حاجة ماسة لعمل جديد حول شروح و تراجم كتب الحديث باللغة الأردية وغيرها من اللغات

و يلاحظ على طريقة العلماء في هذه التراجم و الشروح أن معظمهم توخوا تقديم تعاليم رسول الإسلام × إلى شعوبهم لكي يستفيد المسلمون من هذا المنهل الصافي، و يأتسوا بالرسول × إلا أنه يوم انتشرت دعوة العمل بالسنة المشرفة، والعودة إلى الكتاب و السنة في جميع أمور الدين على أيدي رجال الدعوة و الإصلاح و الجهاد الذين اجتمعوا حول قيادة الإمامين المجاهدين السيد أحمد بن عرفان(ت 1246هـ)،  ومحمد إسماعيل بن عبد الغني بن ولي الله الدهلوي(ت 1246هـ) المعروفَين عند أهل الهند بالشهيدين –جعلهماالله وأصحابهم من الشهداء حقا و من المغفورين صدقا- وكذلك على أيدي الإمامين النواب صديق حسن القنوجي البوفالي(ت 1307هـ) والمحدث السيد نذيرحسين الدهلوي(ت 1320هـ) وأصحابهما و تلاميذهما -رحمهما الله جميعا- فيوم انتشرت هذه الدعوة المباركة في شبه القارة الهندية لم يعجب هذا الخير مَن كان نشأ على التقليد والتمذهب و التصوف، وكذلك من كان مشهورا بمجاهرة البدع والخرافات فقام هولاء بخدمة السنة تدريساً، و تأليفاً، وترجمةً و نشراً لإيقاف هذا المد المبارك، و صرف الناس منه إلى التقيد بالمذهب الفقهي والجمود عليه أو التصوف المتغلغل في المجتمع الهندي و لو على حساب رفض الحديث الصحيح أو الاستنباط المسدد، بل وصل الأمر إلى إخضاع النصوص و ليّ أعناقها لتأييد المذهب المقصود نصرته وتأييده، وتفصيل هذه الأمور يوجد في كتابات عديدة منها كتاب حركة الانطلاق الفكري وجهود الشاه ولي الله الدهلوي للشيخ العلامة محمد إسماعيل السلفي بتعريب شيخنا الدكتور مقتدى حسن الأزهري رئيس الجامعة السلفية ببنارس، وشيخنا العلامة محمد رئيس الندوي في كتاباته الكثيرة و خاصة في كتابه اللمحات إلى ما في كتاب أنوار الباري من الظلمات، و جهود مخلصة في خدمة السنة المطهرة للدكتور عبدالرحمن بن عبدالجبار الفريوائي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

ونظرا إلى ما تقدم وما نلمس من احتياجات أهل شبه القارة الهندية إلى كتب إسلامية جديدة مناسبة لأفهامهم و مستوياتهم وضعت مؤسسة دار الدعوة التعليمية الخيرية بدلهي الجديدة تحت إشراف مؤسسها ورئيسها فضيلة الدكتور عبدالرحمن بن عبدالجبار الفريوائي خطة لتحقيق هذا المطلب باسم مشروع نقل علوم السلف إلى لغات الهند، ويضم هذا المشروع ترجمة بعض كتب التفسير إلى الأردية، و كذلك إعداد موسوعة الأحاديث النبوية باللغة الأردية التي تشتمل على الصحيحين والسنن الأربعة و الموطأ وسنن الدارمي، وقد أوشك المجلس العلمي على إعدادها، وكاتب هذه السطور أحد العاملين في هذا المشروع، والحمد لله أولاً وآخراً، روعي فيه أن تكون الترجمة سهلة ميسرة، و مفهومة لدى أهل اللغة الأردية والهندية في زماننا هذا، وتكون  الهوامش على الأحاديث بقدر الحاجة والضرورة تساعدهم على فهم النص النبوي، وتحثهم على العمل به، ويكون المتن العربي مقابلا على النسخ المعتمدة والمشهورة، و نرجو بعد طباعة صحيح البخاري مع غيره من كتب السنة الأصلية على هذه الخطة أن تتحقق -بإذن الله- أمنية كثير من الإخوة حول هذا المشروع المبارك، وتزامن ندوة ترجمة السنة والسيرة تحت إشراف الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها عمل مؤسسة دار الدعوة التعليمية الخيرية حول هذا المشروع فيه تأكيد مزيد على أهمية تقريب السنة و السيرة إلى جميع الشعوب الإسلامية، بل إلى جميع الناس، و فقنا الله وإياكم لما فيه خير وسعادة، وصلى الله على نبينا محمد و على آله وصحبه وسلم.



([1])     انظر لقائمة أئمة الحديث: شروط الأئمة لابن منده 33-43.

([2])     يراجع لمعرفة جهود المحدثين في مجال تدوين السنة: السنة قبل التدوين للدكتور محمد عجاج الخطيب، و دراسات في الحديث النبوي وتأريخ تدوينه للدكتور محمد مصطفى الأعظمي.

([3])     يراجع عامة كتب المصطلح في مبحث الصحيح عند ذكر الصحيحين، و سيرة الإمام البخاري للعلامة عبدالسلام المباركفوري، وتراث المسلمين العلمي في نظر شيخ الإسلام ابن تيمية تأليف الدكتور عبدالرحمن ابن عبدالجبارالفريوائي (مبحث مكانة الصحيحين)

([4])     انظر للاطلاع على ما يتعلق بشروح صحيح البخاري و الدراسات عنه وعن مؤلفه: كشف الظنون لحاجي خليفة (1/365)، الحطة بذكر الصحاح الستة (212)، وسيرة الإمام البخاري للعلامة عبدالسلام المباركفوري (1/363-458)، تأريخ التراث العربي لفواد سزكين،ط. جامعة الإمام، واستدراكات على تأريخ التراث ط. دار ابن الجوزي

([5])     يراجع لها: إتحاف النبلاء، و أبجد العلوم و الحطة في ذكر الصحاح الستة  كلها  للنواب صديق حسن القنوجي البوفالي و الثقافة الإسلامية في الهند و نزهة الخواطر كلاهما للشيخ عبد الحي الحسني، و سيرة الإمام البخاري للشيخ عبدالسلام المحدث المباركفوري، و جهود مخلصة في خدمة السنة المشرفة للدكتور عبدالرحمن ابن عبد الجبار الفريوائي.

([6])     يراجع لتراجم هؤلاء الأعلام: نزهة الخواطر، والثقافة الإسلامية للشيخ عبدالحي الحسني، وجهود مخلصة في خدمة السنة المطهرة للدكتور عبدالرحمن بن عبدالجبار الفريوائي.

([7])     يراجع للتعرف على العلامة صديق حسن: الحطة بذكر الصحاح الستة، وأبجد العلوم، والتاج المكلل كلها بالعربية، ومن تأليف العلامة صديق حسن، وكذلك ظهرت دراسات جامعية عديدة وهي مطبوعة ومتوفرة مثل دراسة الدكتور أختر لقمان من جامعة أم القرى حول عقيدة الشيخ صديق حسن وجهوده في نشر العقيدة، ورسالة الدكتور على الأحمد من جامعة الإمام حول جهود الشيخ صديق حسن في الدعوة والاحتساب، ورسالة الدكتور السيد اجتباء الندوي حول جهود الشيخ صديق حسن في مجال الأدب العربي واللغة العربية.