هداية الحيران في متشابه القرآن
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
بسم الله الرحمن الرحيم
إرشادات في بعض المتشابهات
يعد التشابه في آيات القرآن الكريم سمة من السمات الخاصة التي تميز بها كتاب الله، أولاها الكثير من الحفاظ والباحثين عناية فائقة تليق بها وبحاجتها في كل زمان ومكان، فألفوا ما ألفوا، لكنهم اختلفوا في الكيفية والأسلوب والطرح لهذه الطريقة التي يمكن أن تكون وسيلة ومنهجًا لضبط هذه المتشابهات بالنسبة للحفاظ، وحيث إن هذا التأليف السابق قد انتهج منهجًا محدودًا ومتكررًا اقتصر على مجرد ذكر الآيات المتشابهة والسور الواردة فيها دون الإشارة إلى كيفية تفادي هذا اللبس المتوقع والمتشابه من الآيات([1]) فإني وبناء على ذلك وبعد الاستعانة بالله أقدم هذا البحث البسيط المتواضع في صورته وطريقته الخاصة آملا في أن يعين الحفاظ على إتقان حفظهم، سائلا الله عز وجل المعونة والتوفيق ومشيرًا قبل ذلك إلى بعض التنبيهات التالية.
ترددت كثيرًا في إصدار هذا الكتيب، وخاصة بعدما سمعت من المثبطين ما سمعت وأنه لا حاجة للناس فيه.. فتساءلت لماذا هذا القول؟! ثم تذكرت مع قلة ما أعلم من أحاديث كتم العلم، وأحاديث النفع للعباد، وما سينفع الله به في هذا الباب فبادرت به دحضًا لمكايد الشيطان ونزغاته.
هذا البحث جهد المقل يحمل في ثناياه الإصابة والخطأ أسعد بعد الاطلاع عليه من أهله.. بنصح العارفين وملاحظة الحافظين على ما في رواية حفص عن عاصم.
أعلم أن الحفاظ على درجات متفاوتة في الإتقان وأن ما يناسب هذا الحافظ قد لا يناسب الآخر لكني أجزم بأن مثل هذا العمل نافع بإذن الله لكل حافظ ما دام أنه يعايشنا بكتاب الله منبهًا في ذلك إلى أنني لن أورد كل المتشابهات وإنما هي مفاتيح لبعض الآيات.
من وسائل ضبط المتشابهات النقاش المفتوح مع الحفاظ، إذ يفتح ذلك النقاش على الحفاظ والمراجعين خفايا هذه المتشابهات والاختلافات بينهم.
قلما تجد في هذا الزمن من له ورد يومي يراجع فيه ما حفظ، ولذلك أنصح من يراجع مقطعًا معينًا سيؤم به الناس وبخاصة في رمضان، أن يتتبع في نهاية مراجعته تلك المتشابهات التي قد تمثل إشكالًا عليه حتى لا تلتبس عليه في صلاته.
إذا كانت هناك آيات معينة تشكل لبسًا على الحافظ في أحيان كثيرة، فإني أنصحه بالتركيز عليها في الصلوات السرية من الفروض والسنن اليومية وقيام الليل.
الآيات والتشابه
قد يكون لنظم الكلمات الخاصة عند بعض الحفاظ دور في ضبط بعض المتشابهات، بحيث يكون للحافظ كلمة معينة يتخذها تساعده على هذا الضبط، فمثلا في سورة غافر ورد قوله تعالى: }مُسْرِفٌ كَذَّابٌ{ }مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ{ فيجعلها في الذهن (هو كذاب مرتاب) وهكذا في المواقع المشابهة.
تتميز بعض السور والآيات في مواضع معينة من القرآن بنظم وترتيب معين يجعلها تختص بشيء ما عن غيرها من المواضع الأخرى، فمثلا في سورة الأنعام وردت آية }لَعِبٌ وَلَهْوٌ{ في كل المواضع وليس }لَهْوٌ وَلَعِبٌ{ وفي سورة [آل عمران] تميزت في (21، 121، 181) بورود كلمة حق بدون "ال" عند قوله }بِغَيْرِ حَقٍّ{.
قوله }وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ{ وردت مرة واحدة في القرآن في سورة النور، وأما قوله تعالى: }فَبِئْسَ الْمَصِيرُ{ فوردت فقط في سورة المجادلة.
وفي سورة المجادلة تكرر }وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{ لكنها في الموضع الأخير }وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{.
نجد في سورة الأنبياء تكرر }يَعْبُدُونَ{ في مواضعها المتشابهة مع سورة المؤمنون كقوله }قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ{ وقوله: }وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ{ وقوله: }وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ{ إذ نجدها في المؤمنون }وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ{.
إذا اجتمع في موضع }يُنْصَرُونَ{ و }يُنْظَرُونَ{ أو }يَسمعُونَ{ و }يُبصرونَ{ فإنه يقدم دائمًا }يُنصَرُونَ{ و}يَسمعُونَ{ على }يُنْظَرُونَ{ و}يُبصرُونَ{ كما في سورة البقرة والأنبياء والسجدة والقصص.
قوله: }يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ{ }لِأَجَلٍ مُسَمًّى{ وردت }إِلَى أَجَلٍ{ في لقمان فقط، أما فاطر والرعد والزمر: }لِأَجَلٍ مُسَمًّى{ .
ورد قوله تعالى: }سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا{ في القرآن مرات عديدة ولم ترد }سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا{ إلا مرة واحدة في سورة الزمر.
قوله تعالى: }إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ{ تشابه مع }إِلَّا يَخْرُصُونَ{ وما وردت } يَظُنُّونَ{ إلا مرة واحدة في سورة الجاثية باعتبار أن السياق الوارد شك من الكافرين في البعث، وأما } يَظُنُّونَ{ التي في سورة البقرة فلا تشابه فيها أصلاً.
في قصص الأنبياء لفتة عجيبة.. فعند قوله تعالى: }قَالَ يَا قَوْمِ {، } فَقَالَ يَا قَوْمِ{ في سورة الأعراف وهود لم ترد }فَقَالَ يَا قَوْمِ{ إلا عند قصة نوح فقط، وأما بقية المواضع فوردت }قَالَ يَا قَوْمِ{ وهو يختلف عما ورد في سورة العنكبوت لقصة شعيب }فَقَالَ يَا قَوْمِ{.
كل ما ورد في القرآن }فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ{ إلا موضع واحد ورد }سَوْفَ تَعْلَمُونَ{ في سورة هود وأما ما ورد في سورة التكاثر فليست محل صعوبة ولا تشابه عند الحفاظ.
تكرر في القرآن قوله تعالى: }إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ وهي تلتبس على الحفاظ بقوله تعالى: }سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ{ وضابط ذلك أن هذه الأخيرة لم ترد في القرآن إلا مرة واحدة في سورة المائدة.
في قوله تعالى: }بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ{ وردت في البقرة في مواضع عديدة وفي النساء والتوبة وغيرها وكلها فيما ورد من تشابه، وردت }وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ{ إلا موضع البقرة الثاني }وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ{ (264) بدون الباء.
إذا ورد لفظ (الفلك) في قصة نوح كما في سورة الأعراف ويونس والشعراء فإن لفظ (آمنوا) لا يأتي في سياق الآيات وإنما ترد فقط (الذين معه- ومن معه) بدون آمنوا أما إذا كان السياق في ذكر الأنبياء كما في سورة هود، أو ذكر النبي ﷺ فإنها تكون }آَمَنُوا مَعَهُ{ كما في سورة التوبة، ومحمد والتحريم.. إلخ.
لا يوجد في القرآن }أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ{ إلا موضع واحد في سورة الأنعام .
أما قوله تعالى: أما قوله تعالى: }تَذَكَّرُونَ{ , }تَتَذَكَّرُونَ{ إذا كانت الآية تبدأ }أَفلاَ{ فيكون ما بعدها في ستة مواضع }تَذَكَّرُونَ{ إلا ما ورد في سورة الأنعام والسجدة }أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ{ وأما قوله تعالى: }تَذَكَّرُونَ{ فوردت في ثلاثة مواضع من الأعراف، النمل، الحاقة، لأن ما قبلها }قَلِيلًا{ إلا ما ورد في سورة غافر فإنها }قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ{.
في سورة إبراهيم }وَلِيَذَّكَّرَ{ أما }لِيَتَذَكَّرَ{ ففي سورة ص، ولم ترد }إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى{ إلا مرة واحدة في سورة الأنعام، أما قوله تعالى: }إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ{ بدون مد فوردت ثلاث مرات (يوسف، ص، التكوير)
في سورة الأعراف وعند قوله تعالى: : }رِسَالَةَ{ , }رِسَالَاتِ{ قال المفسرون: لم يؤت الله صالحًا إلا آية واحدة وهي الناقة ولذلك ورد قوله: }رِسَالَةَ{.
لم يرد في القرآن }مُبَيِّنَاتٍ{ إلا ما جاء في سورة النور والطلاق، وما عداها في نفس السياق فإنها ترد (بينات) بدون ميم.
في أول السور ورد }الْكِتَابِ الْمُبِينِ{ إلا سورة يونس ولقمان }آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ{ ونفرق سورة لقمان عن النمل في بدايتها أن آياتها الثلاث الأول }حَكِيمُ- رَحْمَةً - مُحْسِنِينَ{.
ليس في سورة يوسف عند نهاية الآيات }يَفْعَلُونَ{ وإنما }يَعْمَلُونَ{ وما ورد بقوله }يَفْعَلُونَ{ المشابهة لها إنما هو في سورة هود }فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ{.
في قصة فرعون مع موسى إذا جاء اسم فرعون في الآية يكون معه }آَمَنْتُمْ بِهِ{ وإذا لم يرد الاسم تكون الآية }آمَنتُمْ لَهُ{.
في سورة القصص وسورة يس لبس في الآية }وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ{ }وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ{ ففي سورة يس تحدث ربنا جل وعلا عن القرية، فكان مناسبًا عن الآية الأخرى بأن تكون }مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ{.
في قوله تعالى: }وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ{ ورد ثلاث مرات في آل عمران ومريم والزخرف، ولم ترد إلا مرة واحدة }هُوَ رَبِّي{ في سورة الزخرف.
في قوله تعالى: }نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ{ وقوله تعالى: }نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ{ الخطاب في الأنعام ورد }قُلْ تَعَالَوْا{ فناسب أن يرد فيها }نَرْزُقُكُمْ{ وأما الإسراء فحدث عن الأبناء فناسب أن تكون }نَرْزُقُهُمْ{ .
قوله تعالى: }وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ{ ورد مرة واحدة فقط في سورة يوسف، وأما قوله تعالى: }وَعَلَى اللَّهِ{ فمختلف عنها.
لم يرد }إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{ إلا مرة واحدة فقط في سورة التوبة، وكذلك: }إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا{ وقوله تعالى: }وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{ فقط مرة واحدة في النساء.
لا يوجد قوله تعالى: }وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا{ إلا مرة واحدة في سورة الأحزاب ومثله }وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ{ فلم يرد إلا في سورة التغابن فقط.
في قصة موسى مع سحرة فرعون في سورة يونس والشعراء كان الابتداء من موسى، أما الأعراف وطه كان منهم الابتداء ولما كان في آية الأعراف }فسَوفَ{ بدون لام كان معها }ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ{ أما في سورة طه والشعراء فهي باللامات }فَلسَوفَ، لأقَطعَنَّ، لأُصلبنَّكُم، وَلتَعلمُنَّ{.
في قوله تعالى: }بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ{ , }بَلْ طَبَعَ اللَّهُ{ وردت ثلاث مرات إلا أنها لم ترد }بَلْ طَبَعَ اللَّهُ{ إلا مرة واحدة في النساء، ومثلها قوله تعالى: }فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ{ , }فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا{ الضابط لها في سورة النساء أنها ورد فيها مد عوض }إِلَّا قَلِيلًا{ لأن أكثر نهايات الآيات في هذه السورة مد عوض.
في سورة النساء والمائدة عند آية الغسل والوضوء }وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا{ زاد في آية المائدة قوله تعالى: }منهُ{ تناسبًا مع ذكر شأن الطهارة التي تكون من الوضوء ومن الغسل الواردة في الآية.
يلتبس على الحفاظ قوله تعالى: }لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{ , }لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{وناسب ذكر }تَهْتَدُونَ{ في آل عمران لأن الحديث في الهداية، أما المائدة فيسر الله في الآية أبواب الكفارة، فناسب أن يكون }تَشْكُرُونَ{ كما نلحظ مثل ذلك والتي وردت في قوله تعالى: }الْمُفْلِحُونَ{ , }الْمُضْعِفُونَ{ في سورة الروم حيث ناسب ذكر المضعفون مع ذكر الربا كما هو وارد في سورة آل عمران }لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً{.
في مواضع عدة جاء قوله تعالى: }وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ{ إلا موضع واحد }لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{ في سورة النحل.
في قوله تعالى: }وَلَقَدْ صَرَّفْنَا{ وردت في مواضع، ولكنها وردت مرة واحدة فقط، }وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا{ بسورة الإسراء في الموضع الأخير.
في قوله تعالى: }وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا - وَلَقَدْ ضَرَبْنَا{ كما في سورة الإسراء والروم والزمر، عند ذكر الناس فيها، يتقدم ذكر الناس على لفظ القرآن إلا موضع سورة الكهف.
في قوله تعالى: }لَمُخْرَجُونَ - لَمَبْعُوثُونَ{ وردت }لَمَبْعُوثُونَ{ مرات عديدة كما في سورة الإسراء والمؤمنون والصافات، والواقعة، في حين لم ترد }لَمُخْرَجُونَ{ إلا في سورة النمل تمشيًا مع الآيات الكونية السابق ذكرها.
في قوله تعالى: }وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ - فَأَمْلَيْتُ - فَحَاقَ{ وردت في سورة الأنعام والرعد والأنبياء (فحاق) ولم ترد }فَأَمْلَيْتُ{ إلا في الرعد.
لم يرد في سورة النحل في موضعيها إلا قوله: }بُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ{ وليس للمؤمنين.
في قوله تعالى: }وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{ لم ترد إلا مرة واحدة في سورة يونس مع }أَكُونَ{ أما }الْمُسْلِمِينَ{ فوردت مرتين في سورتي يونس النحل.
في قوله تعالى: }وَمَا أُهِلَّ بِهِ{ وردت }أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ{ وقوله }فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ{ فقط في البقرة، على خلاف ما في المائدة والأنعام والنحل }لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ{.
قوله: }فَلاَ- ولا تَكُ{ تلتبس مع }تَكُن{ ففي سورة النحل، وهود في موضعيها }تَكُ{ وهذا يختلف عن السياقات الأخرى المشابهة. ويمكن ربط ما في سورة النحل بقوله تعالى: }لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{.
قوله: }إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ - عَليكَ{ وردت كذلك في مواضع كثيرة لكنه لم ترد }إليكَ{ إلا في سورتي النساء والمائدة وفي الزمر فقط وردت }عَليكَ{ بالموضع الثاني ولا نظر لما في سورة العنبكوت لعدم التشابه، و أما قوله (عليك مع (وما) في النحل طه فهي رؤوس آية.
قوله: }أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ - وَابْعَثْ{ ففي الأعراف قالوا: وَأَرسل ففي سورة الشعراء بين ربنا أنه هرب منهم ثم عاد بخلاف سياق آيات الأعراف فكأنه خاطب مارًا لوقت قليل كما لو قلنا لأحد أرسل لفلان يأتي.
قوله في سورة الإسراء: }وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا{ في سورة النساء نجدها }فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا{ لأن الله بين فيما قبلها من الآية بقوله: }وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا{ وأما في الأنعام فوردت }وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا{ لأن الله تحدث في السياق عن المشركين.
قوله: }وَاللَّهُ يَعْلَمُ - وَاللَّهُ يَشْهَدُ{ في ثلاث مواضع إلا أنها وردت في التوبة }يَعلمُ{ في الموضع الأول منها ويمكن ضبطها بالآية التي بعدها حيث وردت }وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ{.
ورد قوله: }فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ - تَكُونَ{ مرات في سور عديدة، لكنها وردت في آل عمران }تَكُن{ بنون واحدة.
قوله: }أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ{ وردت فقط في التوبة وأما غيرها فوردت }جَاءَتْهُمْ{.
لم ترد }وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ{ إلا مرة واحدة في البقرة، بعد قوله: }عَابِدُونَ{ لأن المطلوب عبادة ثم إخلاص ولذلك ورد لفظ }مُخلصون{ مع قوله: }أعمالُنا{.
إذا ورد قوله تعالى: }لِأَهْلِهِ امْكُثُوا{ يكون معها }لَّعَلِّي { كما في سورة طه- والقصص، أما سورة النمل فوردت }سَيِّئَاتِكُمْ{ وبدون }امْكُثُوا{ ويلاحظ في المواضع الثلاثة وردت }آَنَسْتُ نَارًا{.
في قوله: }إِلَّا إِبْلِيسَ{ ففي الأعراف ورد }لَمْ يَكُنْ مِنَ{ وفي الحجر }أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ{ لأن سورة الأعراف ورد السياق فيها دون بيان مفصل، بعكس الذي في سورة الحجر كانت بعد سرد للحال فناسب ذكر }أبى{.
في قوله: }عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ{ , }لَعْنَتِي{ وردت في موضعين لكنها ناسبت أن تكون }لَعْنَتِي{ في سورة ص. تمشيًا مع قوله: }لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ{.
في قوله تعالى: }حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا - رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا{ لم يرد في سورة الأعراف }رَغَدًا{ بعكس موضعي في سورة البقرة، وهذا كقوله }إِحْسَانًا{ إذ لم ترد في سورة لقمان إنما وردت في سورة العنكبوت والأحقاف }وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{.
لم ترد في نهاية الآية }لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا{ إلا في سورة فاطر، أما قوله تعالى: }تَبْدِيلًا{ وردت في الأحزاب وفاطر والفتح.
لا توجد }وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى{ إلا في سورة فصلت فقط، بعكس }وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ{.
لم يرد قوله تعالى: }أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ{ إلا مرة واحدة فقط في سورة الزمر.
في قوله تعالى: }يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ{ وردت في الأعراف }يَقْتُلُونَ{ لأنه ورد في الآيات السابقة قوله: }سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ{ ولم ترد بالواو إلا في سورة إبراهيم }وَيُذَبِّحُونَ{.
لم ترد }إِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ- يَقوم{ إلا في سورة المائدة وسورة البقرة في موضعها الأول، وما عداها فوردت }إِذْ قَالَ مُوسَى{ بدون }يَا قَوْمِ{.
في قوله تعالى: }مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ{ وردت في سورة الأعراف ويوسف والنجم إلا أنها في الموضع الأول }مَا نُزِّلَ{ وفي الآخريين }مَا أَنْزَلَ{ لأن في هاتين الآيتين ورد لفظ إلا.
قوله: }فَانْظُرُوا كَيْفَ - ثُمَّ انْظُرُوا{ وردت في هذا السياق في أربعة مواضع إلا أنها لم ترد }ثُمَّ انْظُرُوا{ إلا مرة وفي سورة الأنعام.
في قوله تعالى: }آَبَاءَنَا - آَبَاؤُنَا{ إذا ورد في الآية }حَسبُنَا مَا وَجَدنا{ فإنه يأتي بعدها }آَبَاءَنَا{ كما في سورة المائدة والأعراف والأنبياء والشعراء ولقمان ويونس والزخرف فلم يرد مع قوله: }حسبُنَا{}آَبَاؤُنَا{.
في قوله: }يَتَضَرَّعُونَ{ ورد التشابه في سورة الأنعام والمؤمنون والأعراف لكنها لم ترد }يَضَّرَّعُونَ{ إلا في سورة الأعراف، وهو كقوله: }سَعَوْا - يَسْعَوْنَ{ إذ لم ترد }يَسْعَوْنَ{ إلا في سورة سبأ في الموضع الثاني وكأن المعنى في السورة أن من سعى أو يسعى سابقًا أو ما زال فإن العذاب موعده.
قوله تعالى: }فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ - وَلِيَتَمَتَّعُوا{ في سورة النحل والروم والعنكبوت لكنها لم ترد }وَلِيَتَمَتَّعُوا{ إلا في سورة العنكبوت وهذا كقوله }مِنْ بَعْدِ{ في سياق }فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ{ لم ترد أيضًا إلا في سورة العنكبوت.
قوله تعالى: }وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ - الله{ إذ لم ترد }رَبُّكَ{ إلا في سورتي هود والأنعام.
وختامًا أسأل الله الإخلاص والسداد والتوفيق فيما ذكر.. مشيرًا إلى أن هذا الجهد سيلحقه في القريب العاجل إن شاء الله بيان مكمل لبعض المتشابهات الأخرى الباقية.. راجيًا ممن رأى عليه شيئًا أن يستدركه وينبه له إكمالاً لمسيرة الخير.
والله الموفق.
الفقير إلى عفو ربه
ناصـر بن عبـد الله العبيـد
([1]) عندما أذكر كلمة (المتشابهة، الاختلاف، اللبس) فلا يرد في ذهن القارئ الكريم أن القرآن فيه إشكالات بل كله صدق بعضه بعضاً لا يعتريه النقص والخطأ في وجه من الوجوه وإنما أريد بالمتشابه: الآيات المتشابهة المكررة في أكثر من موضع وسورة في كتاب الله وكيف يضبطها الحافظ أثناء قراءته ومراجعته دون خطأ والتباس فليتنبه القارئ!