×
بحث مقدم إلى ندوة ترجمة السنة والسيرة النبوية والتي عُقدت بالرياض في الفترة من 23، 25/صفر/1429هـ، يذكر ضوابط ترجمة مصطلحات علوم السنة والسيرة، مع بيان أهم المؤثرات على ترجمة مصطلحات علوم السنة والسيرة، وأهم سبل التغلب عليها، مع ذكر نماذج من ترجمة مصطلحات علوم السنة المضمنة في كتاب: معجم لغة الفقهاء.

ضوابط ترجمة مصطلحات علوم السنة والسيرة النبوية مع نماذج لما ورد منها في كتاب " معجم لغة الفقهاء "

بحث مقدم

لندوة ترجمة السنة والسيرة النبوية

الواقع التطوير المعوقات

إعداد:

الدكتور عاصم بن عبد الله الخليلي القريوتي

عضو هيئة التدريس بقسم السنة بكلية أصول الدين – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض – المملكة العربية السعودية

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الْحَمد لله، نَحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يَهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن مُحمَّداً عبده ورسوله، أرسله ربه رحْمَةً للعالَمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فإن اللغة العربية لها أهمية كبيرة لدى المسلمين، لأنها لغة الإسلام، فهي الأداة والوسيلة التي توصل المسلم إلى فهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونهج السلف من الصحابة والتابعين.

ويقرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ فيقول:

" إن نفس اللغة العربية من الدين, ومعرفتها فرض واجب, فإن فهم الكتاب والسنة فرض, ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية, وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"([1]).

ويؤكد العلامة الشيخ الدكتور تقي الدين الهلالي - رحمه الله – على ضرورة اعتناء المسلمين باللغة العربية فيقول:

"أجمع السلف و الخلف على وجوب اجتماع المسلمين كلهم، على أن تكون لغة الدين فيما بينهم هي لغة القرآن و الرسول الكريم، وكذلك فعل السلف حين فتحوا البلدان في الزمن الأول"([2]).

ولكن لما كان مئات الملايين يدينون بدين بالإسلام في أنحاء المعمورة، يتكلمون بلغات مختلفة غير اللغة العربية التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكثير منهم لا يعرف العربية، وليس عنده إمكانية لتعلمها؛ لعدة عوامل تختلف من شخص إلى آخر، ومن مكان إلى آخر، وهم في الوقت نفسه يحتاجون إلى تعلم السنة والسيرة النبوية، وصولاً إلى فهمها والعمل بهما، كان من المهم جداً، بل من المتعين ترجمة السنة والسيرة النبوية وما يخدمها للعالم أجمع.

كما أن الحاجة ملحة لبيان السنة والسيرة النبوية العطرة للعالم أجمع، ولنشرها باللغات العالمية؛ دعوة وتوضيحاً لحقيقة الإسلام ووسطيته، ولما يدعو إليه نبينا صلى الله عليه وسلم من الرحمة والعدل والإحسان، ولتبليغ الدين لكل الأمم بلسانها. ([3])

ويتأكد ذلك لدفع الشبهات والأباطيل التي ألصقها أعداء الإسلام به، ولبيان زيف المغرضين والمستهزئين بالإسلام و بنبي الهدى صلى الله عليه وسلم.

وأما معنى الترجمة ففي " لسان العرب ":

"ترجم التُّرْجُمانُ، والتَّرْجَمان: المفسِّر للسان، وفي حديث هِرَقْلَ قال لتُرْجُمانه: الترجمان بالضم والفتح هو الذي يُتَرْجِم الكلام أَي ينقله من لغة إلى لغة أُخرى، والجمع التَّراجِم، والتاء والنون زائدتان، وقد تَرْجَمه وتَرْجَم عنه، وتَرْجُمان هو من المثل التي لم يذكرها سيبويه. قال ابن جني: أَما تَرْجُمان فقد حكيت فيه تُرْجُمان بضم أَوله ومثاله فُعْلُلان كعُتْرُفان ودُحْمُسان، وكذلك التاء أَيضاً فيمن فَتَحها أَصلية، وإن لم يكن في الكلام مثل جَعْفُر؛ لأَنه قد يجوز مع الأَلف والنون من الأَمثلة ما لولاهما لم يجز، كعُنْفُوان وخِنْذِيان ورَيْهُقان أَلا ترى أَنه ليس في الكلام فُعْلُو ولا فِعْلي ولا فَيْعُل؟([4]).

وفي الصحاح([5]):

يقال: قد تَرْجَمَ كلامه، إذا فسَّره بلسان آخر. ومنه التَرجَمان، والجمع التراجم. ويقال تَرجُمانٌ. ولك أن تضم التاء لضمَّة الجيم فتقول تُرْجُمانٌ. قال الراجز:

إلاّ الحَمامَ الوُرْقَ والغَطاطا

فهُنَّ يُلْغِطْنَ به إلْغاطا

كالتُرجُمانِ لقيَ الأَنْباطا.

وقال الزبيدي في (تاج العروس) _ بعد نقله كلام الجوهري السابق _([6]):

ورأيت في هامش الكتاب (يعني: القاموس المحيط) ما نصه: ترجمان بفتح الجيم من مناكير الجوهري وليس بمسموع من العلماء الأثبات.

وقال ابن الأثير:

الترجمان بالضم والفتح: هو الذي يترجم الكلام أي ينقله من لغة إلى لغة أخرى، وفد وردت كلمة ترجمان في عدة أحاديث،والجمع التراجم. والتاء والنون زائدتان، وقد تكرر في الحديث([7]).

ومن هذه المواطن التي ذكر فيها ترجمان في الحديث ما رواه البخاري ([8])عن عدي بن حاتم – رضي الله عنه - قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه ".

كما يُقالُ للمفسر أيضاً الترجمان ([9]).

ومنه لقب ابن عباس - رضي الله عنهما - بترجمان القرآن ([10]).

ومما سبق يظهر لنا أن الترجمة في لغة العرب هي: نقل الكلام وتفسيره من لغة إلى لغة أخرى، وأن من يقوم بالترجمة يطلق عليه (المُترجِم )أو (الترجمان) بضم التاء وفتحها ([11]).

كما أنه هناك كلمات مما في كتب العلم، وضعت للتعبير عن المعاني الجديدة، التي تستمد معانيها من لغة القرآن والسنة، وهكذا نشأت طائفة من الكلمات سميت ب" المصطلحات".

ولما كان لكلّ علْم أو عالم مصطلحاتُه من الكلمات ذات الدّلالات الخاصة، مما قد يخالف ما اصطلح عليه أصحاب المعاجم اللغوية كانت الحاجة تدعو لبيان وتوضيح هذه المصطلحات([12]).

ومن البدهي أيضاً أن ننبه بهذه المناسبة أنه كان " من أعظم أسباب الغلط فى فهم كلام الله ورسوله أن ينشأ الرجل على اصطلاح حادث فيريد أن يفسر كلام الله بذلك الاصطلاح ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها"([13]).

وأما المقصود بمصطلحات علوم السنة والسيرة فهو أنواع علوم الحديث، والقواعد التي تعارف عليها المحدثون في تناول الحديث الشريف وتدوينه وتصنيفه وتعلمه وتعليمه روايةً ودرايةً، إضافةً لما في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.

ولقد أُلِّفت عدة كتب باللغة العربية في بيان المصطلحات الحديثية ([14])، وأما ترجمتها إلى لغة أخرى فالذي وقفت عليه ترجمة كتاب "معجم مصطلحات الحديث ولطائف لأسانيد" للدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي، إلى اللغة الأردية، ترجمة الدكتور سهيل بن عبدالغفار.

ولقد صنف كتاب "معجم لغة الفقهاء" عربي انجليزي – كما هو على طرّته –، من تأليف الدكتور محمد رواس قلعة جي، و الدكتور حامد صادق، عام 1405هـ - 1985م، وهو مشروع بلا شك من متطلبات العصر الحاضر وحوائجه، لما للغة العربية من مكانةٍ ساميةٍ وأهمية عالمية.

ولقد تناول المعجم ضمنه عدداً قليلاً من مصطلحات علوم السنة بلغت ثلاثة وثلاثين مصطلحاً فقط لكونه يختص بالفقه.

ولما كانت ( الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها ) تنظم - مشكورةَ مأجورةَ - في مدينة الرياض ندوة بعنوان( ندوة ترجمة السنة والسيرة النبوية وعلومها.الواقع التطوير المعوقات) أسهمت بالمشاركة فيها ببحث بعنوان:

"ضوابط ترجمة مصطلحات علوم السنة والسيرة النبوية، مع نماذج لما ورد منها في كتاب " معجم لغة الفقهاء ".

ولقد قسمته إلى ثلاثة فصول كالتالي:

الفصل الأول: ضوابط ترجمة مصطلحات علوم السنة والسيرة.

الفصل الثاني: المؤثرات على ترجمة مصطلحات علوم السنة والسيرة، وأهم سبل التغلب عليها.

الفصل الثالث: نماذج من ترجمة مصطلحات علوم السنة المضمنة في كتاب "معجم لغة الفقهاء".

ثم أتبعتها بما ظهر لي من توصيات.

والله أسأل أن ينفع بهذا البحث وغيره من بحوث الندوة، وأن يكتب الأجر لي وللقائمين عليها، ولكل من أسهم في إقامتها ودعمها، وأن يوفقنا لكل ما يخدم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويساعد في نشرها والذب عنها في أقطار الدنيا، وأن يجعلنا ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:

( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ) ([15]) إنه سميع مجيب.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

الفصل الأول ضوابط ترجمة مصطلحات علوم السنة والسيرة النبوية

الترجمة كما تدل عليها لغة العرب هي نقل الكلام وتفسيره من لغة إلى لغة أخرى كما سبق بيانه.

وإن ترجمة معاني القرآن الكريم لها أحكام خاصة، وقد كتب عنها الكثير([16])، وأما ما يتعلق بترجمة نصوص السنة النبوية فمظنتها مباحث رواية الحديث بالمعنى، المسطورة في ثنايا كتب علوم الحديث الشريف([17]).

وللعلماء في جواز رواية الحديث بالمعنى أقوال، وتفصيل ذلك ليس من صميم بحثي، ولكني أشير إلى أن جواز ذلك مقيدٌ بمن يكون عالماً بلغات العرب، بصيراً بالمعاني، عالماً بما يحيل المعنى وما لا يحيله، كما نص على ذلك الإمام محمد بن إدريس الشافعي – رحمه الله - وغيره([18]).

كما أن من أقوى حجج جواز ترجمة النصوص الإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانهم؛ للعارف به، فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى؛ فجوازه باللغة العربيّة أولى، كما حرر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله ([19]).

وقال العلامة الشيخ محمد أمين الشنقيطي – رحمه الله -:"أجمعت الأمة على قبول قول المترجم والرسول والمعرف والمعدل، وإن اختلفوا في جواز الاكتفاء بواحد ([20]) ".

ويقرر شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- أهمية الترجمة عند الحاجة إليها ووقعها في نفوس من لا يحسن لغة الإسلام فيقول:

" يجوز ترجمة القرآن والحديث للحاجة إلى الإفهام وكثير ممن قد تعود عبارة معينة إن لم يخاطب بها لم يفهم، ولم يظهر له صحة القول وفساده، وربما نسب المخاطب إلى أنه لا يفهم ما يقول.

وأكثر الخائضين في الكلام والفلسفة من هذا الضرب، ترى أحدهم يذكر له المعاني الصحيحة بالنصوص الشرعية فلا يقبلونها، لظنهم أن في عبارتهم من المعاني ما ليس في تلك، فإذا أخذ المعنى الذي دل عليه الشرع وصيغ بلغتهم، وبين به بطلان قولهم المناقض للمعنى الشرعي خضعوا لذلك وأذعنوا له، كالتركي والبربري والرومي والفارسي الذي يخاطبه بالقرآن العربي ويفسره فلا يفهمه، حتى يترجم له شيئا بلغته، فيعظم سروره وفرحه، ويقبل الحق ويرجع عن باطله، لأن المعاني التي جاء بها الرسول أكمل المعاني وأحسنها وأصحها، لكن هذا يحتاج إلى كمال المعرفة لهذا، كالترجمان الذي يريد أن يكون حاذقاً في فهم اللغتين" ([21]).

أقول: وإذا كان الصحابة –رضي الله عنهم- يحتاطون في رواية الحديث بالمعنى، حيث جاء عن جمع من الصحابة كابن مسعود وأبي الدرداء وأنس – رضي الله عنهم - أنهم كانوا يحدثون عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم يقولون:" أو نحو هذا "، أو " شبهه "، " أو قريباً منه "، وكان أنس -رضي الله عنه - يقول: أو كما قال ([22])، فمن باب أولى الاحتياط والدقة البالغة في ترجمة سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته.

وإن ترجمة علوم السنة والسيرة النبوية – وقد يعم الأمر العلوم الشرعية الأخرى - من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى لها ضوابط عامة، وأهم هذه الضوابط:

1- الأمانة العلمية من المترجم، فعليه أن يترجم النص دون تدخل في معنى النص المراد ترجمته، فإن كان النص منقولاً عن إمام وظهر له من وجهة نظر أمر فلينبه على ذلك بائناً عن النص الأصلي، إن كان في صلب الترجمة، أو يثبت ذلك في الحاشية وهو أجود.

2- التمكن التام من اللغة العربية وأساليبها.

3- المعرفة التامة باللغة المراد الترجمة إليها، من حيث التمكن منهما.

4- اختيار الأسلوب العلمي للغة المراد الترجمة إليها بما يتناسب مع عصر المترجم.

5- الدقة في الترجمة على وجهها مع الوضوح، بما يؤدي المعنى المراد، وإلا لاحتاج الأمر إلى ترجمة أخرى بديلة.

6- التمكن من قواعد الشريعة الإسلامية، مع سلامة المعتقد الصحيح، ليؤدي المعنى على الوجه الشرعي دون مخالفة لمقاصد الشرع.

7- مراجعة الترجمة من المترجم نفسه، ومن غيره أيضاً من الأفراد أو الجهات المعتمدة والموثوق بها علمياً.

وتعد مراجعة الترجمة عنصراً مهمّاً لضمان ترجمة جيدة وموفقة، وظاهرة مراجعة الترجمات و تقويمها قديمة في تراثنا، ففي عصر هارون الرشيد – مثلاً- تم إصلاح بعض الترجمات المنجَزة أيام المنصور، وفي عهد المأمون وقعت مراجعة بعض الكتب المترجمة زمن الرشيد ([23]).

وأما الضوابط الخاصة بالمصطلحات الواردة في علوم السنة والسيرة النبوية، فيزاد فيها على ما سبق من ضوابط ما يلي:

1- تمكن المترجم من معرفة معاني المصطلحات الحديثية العامة عند المحدثين، بمراجعة كتب علوم الحديث، وما ألف في المصطلحات الخاصة بالسنة والسيرة([24]).

2- توضيح المترجم للمصطلح والتأكد من دلالاته، لأن بعض المصطلحات قد تكون له عدة دلالات واستخدامات عند الأئمة في كتبهم.

ومن أمثلة ذلك: مصطلح ( لا أصل له) أو (ليس له أصل) (فهذا يطلقه المحدثون على ثلاثة معان:

الأول: بمعنى لا إسناد للحديث. كما نقله السيوطي ([25])عن شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا الإطلاق كثير عند المتأخرين.

الثاني: بمعنى لا أصل صحيح للحديث، فهو يرادف الموضوع.

الثالث: بمعنى لا أصل للحديث أي من هذا الطريق، لا من كل الطرق([26]).

ومثله مصطلح:( منكر الحديث ) ([27])،و( المقطوع ) ([28]) فلهما استخدامات متعددة.

3- ضرورة معرفة المترجم للمصطلحات الخاصة بأئمة معينين([29])، حتى لا يحمل المصطلح على غير المراد من ذلك الإمام، وذلك لأن لعدد من الأئمة مصطلحات خاصة، فلا بد من معرفتها، وإلا كانت تبعاً لظاهر الألفاظ التي وقع الاتفاق عليها.

ومن أمثلة ذلك (منكر الحديث ) عند الإمام البخاري.

إذ نقل ابن القطان أن البخاري قال: كل من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه([30]).

وكذا مصطلح (لا بأس به ) عند الإمام ابن معين، فإنه يعني التوثيق في بعض الأحايين ومثاله:

قال أبو زرعة قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم ما تقول في علي بن حوشب الفزاري؟ قال: لا بأس به، قال: قلت: ولم لا تقول ثقة ولا نعلم إلا خيراً؟ قال: قد قلت لك إنه ثقة([31]).

وكذا مصطلح ( الحديث الشاذ ) عند الإمامين الحاكم والخليلي.

إذ قال الحاكم في النوع الثامن والعشرين من علوم الحديث: "هذا النوع منه معرفة الشاذ من الروايات، وهو غير المعلول، فإن المعلول ما يوقف على علته، أنه دخل حديثا في حديث، أو وهم فيه راو أو أرسله واحد، فوصله واهم، فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات، وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة"([32]).

وأما أبو يعلى الخليلي فقال: "والذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به ثقة, أو غيره فما كان عن غير ثقة فمتروك وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به"، فجعل الشاذ مطلق التفرد, لا مع اعتبار المخالفة كما عند الأئمة الآخرين ([33]).

4- ضرورة تبيان المترجم لوحدات الكيل والوزن الموجودة في نصوص السنة والسيرة النبوية مثل الصاع والمد وغيرها بمصطلحات العصر الحاضر، فعليه أن يُعَرِّف إضافة لما في كتب أهل العلم بما هو متداول اليوم من وحدات الكيل والوزن.

ويستعان على ذلك بكتاب: (الخراج في الدولة الإسلامية) للدكتور ضياء الدين الريس، وكتاب: (النظم الإسلامية) للدكتور صبحي الصالح، وكتاب: (الإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان) لابن الرفعة الأنصاري، وكتاب: (الفقه الإسلامي وأدلته) للدكتور وهبة الزحيلي، و (الأموال في دولة الخلافة لعبد القديم زلوم).

5- ضرورة أن يُعَرِّف المترجم بأسماء البقاع والأماكن المذكورة في السنة والسيرة بالمتعارف عليه هذا الزمن ([34])جغرافياً، إضافة لما هو موجود في كتب معاجم البلدان، مع مراعاة التقسيمات الإقليمية القديمة([35]) كاليمن وبلاد الشام والبحرين وفلسطين.

ويستعان على ذلك ببعض الكتب المعاصرة مثل "بلدان الخلافة الشرقية "لكي لسترنج" و"المعالم الجغرافية في السيرة النبوية"، و"المعالم الأثيرة في السنة والسيرة "لمحمد محمد حسن شراب ,و"معالم الحجاز "لعاتق البلادي "وغيرها.

6- ضرورة أن يُعَرِّف المترجم بالمصطلحات المذكورة في كتب السنة والسيرة في المسافات والتباعد بين الأماكن ونحوها، إضافةً لما هو في تلك الكتب مثل (الفرسخ، والبريد، والميل )([36]).

7- ضرورة معرفة مراتب الجرح والتعديل ودلالاتها عند الأئمة. فينظر لها كلام ابن أبي حاتم في مقدمة كتابه "الجرح والتعديل"، والذهبي في مقدمة كتابه "ميزان الاعتدال"، والعراقي في شرح الألفية، وابن حجر في مقدمة "تقريب التهذيب"، وكذا في عدد من كتب علوم الحديث ([37]).

8- ضرورة معرفة الألفاظ النادرة في الجرح والتعديل عند الأئمة ومعانيها.

وذلك مبسوط في ثنايا عدد من كتب الرجال، مثل "ميزان الاعتدال" للذهبي، و"هدي الساري" لابن حجر، و"التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل" للمعلمي، وألف الدكتور سعدي الهاشمي " شرح ألفاظ التجريح النادرة أو قليلة الاستعمال".

9- ضرورة معرفة القرائن الموصلة إلى مقاصد الأئمة في مصطلحاتهم في الجرح والتعديل.

ومن أشهرها: أن ينص إمام ناقد على بيان مراده من تلك العبارة، أو ينص تلميذ من تلاميذه أو مَن بعده مِن الأئمة على بيان المراد، أو يُعلم بالتتبع والاستقراء لعبارة الإمام مقصده، أو يعلم مراد الإمام بمعرفة حال الراوي مع النظر في سياقه لعبارته أو عن طريق الرجوع إلى كتب اللغة والأمثال، أو عن طريق معرفة عوائد الأئمة في ذلك، أو من خلال جمع كلام الأئمة في الراوي، أو بسبر أحاديث الراوي، وهذا لا ينهض له إلا جهبذ ناقد ([38]).

10- معرفة طبقات الصحابة والرواة([39])، واختلاف العلماء في مناهجهم فيها، وهي تحتاج إلى معرفة المواليد، والوفيات، ومعرفة شيوخ الراوي وتلاميذه، وفائدتها: الأمن من تداخل المتشابهين، كالمتفقين في الاسم، أو الكنية أو نحو ذلك.

فيحتاج على سبيل المثال أن ينظر لمصطلح ابن سعد في كتابه "الطبقات"، والحاكم في "معرفة علوم الحديث"، والفسوي في كتابه: "المعرفة والتاريخ"، وابن حجر في كتابيه: "الإصابة في تمييز الصحابة" و"تقريب التهذيب".

11- معرفة الرموز المستخدمة في كتب الحديث والتراجم ودلالاتها في كل كتاب، لوجود بعض الفروق بينها بين مؤلف وآخر.

ومثال ذلك أننا نجد من يرمز ب الرمز (ق) ويريد بذلك أن الحديث متفق عليه، أي رواه البخاري ومسلم، كما عند السيوطي في كتابه "الجامع الصغير" وغيره، بينما نجد هذا الرمز عند المزي في كتابه "تحفة الأشراف" وغيره، وكذا في "تهذيب الكمال وما تعلق به من مؤلفات يدل على ابن ماجه القزويني.

12- البقاء على صيغ الرواية الواردة في التحمل والتحديث، مع عدم التصرف فيها، لأن ذلك مما قد يؤثر على الحكم بصحة الحديث.

ومثال ذلك ما كان بصيغة التحديث والسماع ونحو ذلك، فيبقى على وجهه، وما كان بصيغة (عن) فيبقيها المترجم على هيئتها وهكذا، لأثر ذلك في رواية المدلسين الثقات الذين لا تقبل رواياتهم إلا إذا صرحوا بالتحديث في الرواية.

13- الحرص على المعنى التام للمصطلح، وعدم الترجمة الحرفية له، لأنها قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى معنى مغاير للمراد.

14- إبقاء الكلمة أو المصطلح باللغة العربية، مع ترجمة المعنى ؛ ليتمكن الناظر والمراجع من البحث في أصل لغة المصطلح من فهمه والاطمئنان لصحة الترجمة.


الفصل الثاني المؤثرات على ترجمة مصطلحات علوم السنة والسيرة وأهم سبل التغلب عليها

يمكننا القول وفق أغلبية الضوابط السابقة في الفصل الماضي -دون الحاجة لضرب الأمثلة- إن المؤثرات على الترجمة في علوم السنة والسيرة النبوية تؤول إلى أسباب عدة، أهمها:

1- ضعف المستوى العلمي للمترجم في اللغة العربية.

2- ضعف مستواه العلمي في اللغة المراد ترجمتها.

3- عدم معرفة المصطلحات الحديثية عموماً، وأن لبعضها عدة معانٍ.

4- عدم معرفة وفهم المصطلحات الخاصة بالأئمة من أقوال وإشارات في الجرح والتعديل.

5- الترجمة الحرفية للنص دون فهم لمعناه الاصطلاحي، إذ هي تؤدي إلى معنىً مغاير.

6- ضعف الجانب العقدي من المترجم، مما يؤدي به إلى ترجمة تتنافى مع ما يجب أن يعتقده المسلم.

7- انحراف نهج المترجم في الجانب العقدي عن طريقة أهل السنة والجماعة.

8- عدم اللجوء إلى الطبعات المحققة والمعتمدة عند أهل الفن والمختصين.

9- عدم مراجعة الكتب المبينة والموضحة للمصطلحات الحديثية ومعانيها.

10- عدم مراجعة الكتب المعاصرة في تحديد المعالم الجغرافية والوحدات في الكيل والوزن المذكورة في كتب السنة والسيرة النبوية.

سبل التغلب عليها:

إن سبل التغلب على تلك المعوقات والمؤثرات على الترجمة عديدة، أوجزها بما يلي:

1- استشارة أهل العلم قبل الشروع في أي مشروع للترجمة لمعرفة الأسلم في ذلك.

2- إن من أمثل السبل أن تتولى اختيار الكتاب المراد ترجمته مؤسسة علمية أكاديمية موثوق بها أو بإشارة أهل العلم والاختصاص.

3- اختيار لجنة لتقوم بأعمال الترجمة، حتى لا تكون فردية، وتتولى المراجعة فيما بينها لضمان السلامة في الترجمة.

4- يتولى الترجمة متمكن من الباحثين، ممن له دراية باللغتين العربية واللغة المراد الترجمة إليها، ويكون له الباع في أساليبها اللغوية.

5- يقوم بالترجمة متمكن من فهم المصطلحات الحديثية، ومن المصطلحات المعاصرة؛ لتلافي الأخطاء في الترجمة أو الإقلال منها.

6- على المترجم الاستشارة المستمرة، وعدم التردد في سؤال المختصين عمَّا يشكل عليه.

7- تتولى لجنة علمية مختصة خارج نطاق المترجمين مراجعة الترجمة بعد ذلك.

8- تقييد أسماء المترجمين والمراجعين؛ لتحمل المسؤولية في ذلك، وليكون حافزاً على الإتقان في العمل.

9- عقد دورات علمية متمكنة في علوم الحديث للمترجمين قبل الشروع في الترجمة فيما يتعلق بالمصطلحات حتى يكونوا على بصيرة بها.

10- الحرص على إبقاء النص العربي في المصطلح مع دلالاته واستخداماته أمناً من الخطأ، وليكون وثيقة علمية أصيلة يرجع إليها عند الحاجة.


الفصل الثالث نماذج من ترجمة مصطلحات علوم السنة المضمنة في كتاب "معجم لغة الفقهاء"

لقد تناول كتاب "معجم لغة الفقهاء" المؤلف باللغتين العربية والإنجليزية كما هو على طرّته([40] من تأليف كل من: الدكتور محمد رواس قلعة جي، والدكتور حامد صادق، المصطلحات الخاصة بلغة الفقهاء.

ولقد أحسنا - جزاهما الله خيراً - في هذا الطرح، كما أجادا جداً في الجمع بين المصطلح وتعريفه باللغة العربية إلى جانب ترجمته إلى اللغة الإنجليزية.

وكان من ضمن ذلك عددٌ من مصطلحات علوم السنة النبوية، ولهذا رأيت إدراج دراسة لنماذج منها في هذا البحث، علها تكون عوناً للتأكيد على مراعاة الضوابط الخاصة بترجمة مصطلحات الحديث.

ولقد بلغت المصطلحات الحديثية في المعجم المذكور (33) مصطلحاً، وذلك لكون الكتاب منصباً على المصطلحات الفقهية، وهناك مصطلحات حديثية كثيرة جداً لم تذكر بالمعجم المذكور، لكونه كاسمه مختصاً بلغة الفقهاء.

وأما المصطلحات التي ذكرت فهي:

الآحاد، اتصال السند، الأثر، الحديث المرسل، أهل الأثر، أهل السنة، التابعي، التدليس، الحديث عند المحدثين، الحديث القدسي، السنة عند المحدثين: إما قولية، وإما فعلية، وإما تقريرية وإما وصفية، سند الحديث، الحديث الشاذ، الصحابي، الحديث الصحيح، الضابط، الحديث الضعيف، الإسناد العالي، العدل، المتابعة، الحديث المتروك، الحديث المتصل، الحديث المتواتر، المحدث، المرسل، الحديث المسلسل، المسند، الحديث المسند، المشهور، الحديث المعل، المعنعن، الحديث المقطوع، الحديث المنكر، وضع الحديث.

وبعد النظر في المصطلحات السابقة، وشرح المؤلفين الفاضلين لها باللغة العربية، وترجمتها إلى للغة الإنجليزية، يمكننا قول ما يلي:

أولاً: صحة التعريف بالمصطلح باللغة العربية كما في تعريفاتهم لحديث الآحاد، والحديث، والسنة عند المحدثين، والحديث الصحيح.

ثانياً: عدم ذكر ما يحمل المصطلح من جميع المعاني والأقسام عند أهل الاختصاص أصالة باللغة العربية.

فالأثر مثلاً عندما عرفوه قالوا:

الأثر: ما نسب إلى الصحابة من الأقوال أو الأفعال. معجم لغة الفقهاء ( ص 42).

فحصل بهذا التعريف تقييده بأقوال وأفعال الصحابة فقط، وهذا القول عزاه ابن الصلاح – رحمه الله - إلى الخراسانيين فإنهم يسمون الموقوف أثراً، وكذا يسميه كثير من الفقهاء والمحدثين أيضاً، وعن أبي القاسم الفوراني أنه قال: الخبر ما كان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأثر ما كان عن الصحابي([41]).

ولذا يسمي كثير من العلماء الكتاب الجامع لما كان عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة بالسنن والآثار " ككتابي " السنن والآثار " للطحاوي، والبيهقي وغيرهما. والله أعلم.

كما يطلق أيضاً أهل الحديث الأثر على المرفوع والموقوف، لأنه مأخوذ من أثرت الحديث أي رويته([42]).

فظهر بذلك أن الأثر له استخدامات عند المحدثين فقد يشمل المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يختص بالموقوف على الصحابي وغيره.

وعند تعريفهم للضابط قالوا:

الضابط: الحافظ المتقن، معجم لغة الفقهاء ( ص 281).

فلم يذكروا في التعريف الضبط وأقسامه.

إذ الضبط: ضبط الصدر وهو أن يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء، وضبط كتب وهو صيانته لديه منذ سمع فيه وصحبه، إلى يؤدي منه "([43]).

ولما ذكروا الإسناد العالي قالوا:

الإسناد العالي في الحديث: الذي قل عدد رجال سنده في الطريق. معجم لغة الفقهاء ( ص 301).

فقد اقتصروا على قلة عدد رجال الإسناد فقط، بينما العلو عند المحدثين يتناول عدة جوانب منها([44]):

القرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها العُلُو النِّسبي وهو القرب إلى إمام حافظ، أو مصنف، أو بتقدم السماع.

ولما ذكروا المتابعة قالوا:

المتابعة في الحديث: أن يوافق راوي الحديث راوياً آخراً برواية ذلك الحديث عن شيخه أو عمن هو فوق شيخه. معجم لغة الفقهاء ( ص 401).

فلم يعرفوا المتابعة بأنواعها ([45])،إذ المتابعة إما أن تكون تامة وإما أن تكون قاصرة.

فالمتابعة التامة: مشاركة الراوي غيره في رواية حديث ما من أول السند إلى منتهاه.

والمتابعة القاصرة: مشاركة الراوي لغيره في رواية حديث ما خلال أي طبقة من طبقات الإسناد (من غير بدايته ) إلى منتهاه.

ولما عرفوا الحديث المعل قالوا:

الحديث المعل: الذي اطلع على علة فادحة في متنه مع أن الظاهر السلامة منها. معجم لغة الفقهاء (ص 442)

ففي هذا التعريف حصروا وجودها في المتن فقط.

بينما العلة عند المحدثين قد تكون في السند، وقد تكون في المتن، وقد تقع فيهما معاً، كما هو في كتب العلل والتخريج وعلوم الحديث وغيرها([46]).

ثالثاً: هناك تعريفات باللغة العربية على خلاف الصواب، مثل الحديث القدسي عرف بما يلي:

الحديث القدسي: ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه، ويكون معناه من الله أوحاه لرسوله بالإلهام أو المنام، ولفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فجعلوا بهذا التعريف لفظ الحديث القدسي من الرسول صلى الله عليه وسلم.

بينما الحديث القدسي الصحيح ([47]): ما يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى، من غير القرآن، ويكون لفظه ومعناه من الله سبحانه وتعالى.

ولا ينحصر الحديث القدسي في كيفية من كيفيات الوحي، بل يجوز أن ينزل بأي كيفية من كيفياته كرُؤيا النوم، والإلقاء في الروع، وليس هو بمعجز، ولم نؤمر بالتعبد بتلاوته، والحديث القدسي لم يبلغ إلينا كله بالتواتر، بل يوجد في الأحاديث القدسية ما لم يثبت أيضاً.

رابعاً: ترجمة صحيحة للمصطلح تدل على صحة معناه الاصطلاحي([48])، وقد يكون هناك مجال للاجتهاد في التعبير عن المقصود بالمصطلح من خلال الترجمة.

ومثالها: اتصال السند.

في المعجم ص 41: اتصال السند في الحديث: عدم سقوط أي راو منه.

Connected chain of transmission of Hadith

ويرى الأستاذ محمود مراد أن الأوضح في الدلالة لمن لم يعرف المصطلح باللغة العربية أن يقال:

Complete and unbroken chain of transmitters

ومثله بيانهم للسنة وأنواعها.

في المعجم ص 250 – 251:

السُّنَّة. بضم أوله وفتح ثانيه: ج سنن، الطريقة والسيرة.

وعند المحدثين: ما أثر عن رسول الله من قول أو فعل أو تقدير أو صفة وعلى هذا فالسنة إما قولية...Prophet,s sayings

وإما فعلية:...Prophet, s doing

وإما تقريرية:...Practica tacitly approved by the Prophet

وإما وصفية...Prophet,s descriptive

بينما يرى الأستاذ محمود أن الأنسب في الترجمة للقولية ب Verbal

· Practicalوللفعلية ب

· Descriptiveوللوصفية ب

· Sanctionedوللتقريرية ب

وكذا ترجمتهم ل ( سند الحديث)

في المعجم ص 251:

سند الحديث: سلسلة الرجال الذين نقلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله.

Chain of authorities on which tradition is

based

ومن وجهة نظر الأستاذ محمود أن الترجمة التي تعطي الدلالة الكافية للمعنى هي:

The chain of narrators who transmitted the Prophet's statements to others.

خامساً:

ترجمة للمصطلح باللغة الإنجليزية لا تدل على معناه.

مثل:ترجمة حديث الآحاد.

الآحاد:

في المعجم ص 36:

الآحاد: بالمد والتحريك من الواحد.

حديث الآحاد: الحديث الذي لم تبلغ طرقه حد التواتر. SingIe

فهذه الترجمة تدل على المفرد أو الفرد فقط، ولا تشمل ولا تفيد حديث الآحاد الاصطلاحي، وهو الحديث الذي لم يبلغ درجة التواتر، الذي يشمل العزيز والمشهور.

سادساً:

ترجمتهم للمصطلح فقط، دون توضيح لمعناه:

كما في ترجمتهم للحديث الشاذ.

في المعجم ص 255:

الحديث الشاذ: الحديث الذي خالف راويه الثقة سائر الرواة الثقاة في روايته له.

Irregular tradition

وهذه ترجمة لكلمتي (الحديث الشاذ) دون بيان لترجمة معنى المصطلح

وأما ترجمة الحديث الشاذ فهي:

Whose trustworthy transmitter disagrees with the rest of trustworthy transmitters.

مع ملاحظة أن الشاذ يكون أيضاً بمخالفة الثقة لمن هو أوثق منه.

وكذا ترجمة مصطلح (الحديث الضعيف).

في المعجم ص 284:

الحديث الضعيف: ما اختل فيه شرط من شروط الصحيح.

Doubtful tradition

فهذه ترجمة للمصلح دون ترجمة شرحه.

ومثله: ترجمة مصطلح (الحديث المتروك).

في المعجم ص 402:

الحديث المتروك: هو الذي يرويه من يتهم بالكذب ولا يعرف ذلك الحديث إلا جهته، ويكون مخالفا للقواعد العامة.

Disregarded hadith

وهي ترجمة لا تشمل تعريف الحديث المتروك اصطلاحاً:

والترجمة الموضحة لمعنى الحديث المتروك هي:

Dicarded tradition, which is transmitted by a person accused of lying

فهذه وأمثالها لا تعطي دلالة على التعريف الاصطلاحي، بل هي ترجمة للمصلح دون تبيان لمعناه.

سابعاً:

بعض المصطلحات لم تترجم إلى اللغة الإنجليزية، فكتبت بالفرنسية كما نصوا في المقدمة([49]) .

مثالها:

الإسناد العالي.

في المعجم ص301:

الإسناد العالي في الحديث: الذي قل عدد رجال سنده في الطريق.

الواحد

Le hadith haut(F)

وكذا التدليس.

في المعجم ص 126:

عند المحدثين: أن يروي عمن لقيه ولم يسمع منه، أو يروي عن شخص يوهم أنه غيره.

Maquillage(F)

ثامناً:

مصطلحات لم تترجم إلى اللغة الإنجليزية.

مثل المتابعة في ص 401.

وخلاصة ما ظهر لي فيما يتعلق بالترجمة من خلال ترجمتهم للمصطلحات الحديثية بالإنجليزية، أنهم حرصوا على ترجمة المصطلح، دون توضيح لمعناه، فالترجمة بهذا بحاجة إلى شرح لهذا المصطلح، مع التأكيد على ضرورة اختيار شرح المصطلح ودلالاته، كما هو عند أهل الاختصاص، والله الموفق.


توصيات الباحث:

يوصي الباحث في ختام هذا البحث بعدة أمور يلخصها فيما يلي:

1- ضرورة عناية المسلمين باللغة العربية والحرص عليها، لتكون عوناً لهم على فهم القرآن وتدبره، وفهم السنة والسيرة النبوية، ونهج سلف الأمة.

2- تتولى الترجمة مؤسسات أكاديمية موثوق بسلامة منهجها، ومختصة بالسنة والسيرة النبوية، وحبذا لو أُسند هذا الأمر إلى الجمعية العلمية للسنة والسيرة النبوية طالما أنها تولت إقامة هذه الندوة المباركة.

3- ضرورة قيام لجنة علمية تعنى بتحرير المصطلحات الحديثية وأبرزها تمهيداً لترجمتها، ثم اعتمادها من أهل الاختصاص تمهيداً لترجمتها للغات الأخرى.

4- الرجوع إلى أهل الاختصاص في انتقاء الكتب وتحديد طبعاتها في السنة والسيرة النبوية لترجمتها.

5- ضرورة العناية بمصطلحات علوم السنة والسيرة النبوية في هذا العصر وترجمتها إلى اللغات الحية، لتكون عوناً على فهم الكتاب والسنة، والإسلام الصافي مما علق به.

6- ضرورة معرفة القائمين على الترجمة لمصطلحات علوم الحديث، وتوضيح معانيها المحتملة أو المتعددة، ومعرفة الكتب والوسائل المعينة على ذلك.

7- الحرص على الرجوع للمصدر الأصلي، لزيادة التوثيق، لمن يريد الفهم الحقيقي للمصطلحات، لأن الاطمئنان للترجمة مهما بلغ لا يغني الإنسان عن مراجعة الأصل.

8- إقامة دورات علمية خاصة لمن تُسند إليهم الترجمة حسب طبيعة المادة المراد ترجمتها.

ختاماً:

أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفق هذه الندوة ويكللها بالنجاح لما ينفع الإسلام والمسلمين في كل مكان، وأن تكون عوناً على فهم غيرهم للإسلام على الوجه الصحيح، وأن يوفق القائمين على"الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها" للمزيد من خدمة السنة والسيرة النبوية في مجالات متعددة في أنحاء المعمورة، وأن يكتب لهم ولكل من أسهم في إقامة هذه الندوة الأجر والمثوبة.

والحمد لله رب العالمين.



([1]) اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم: 1 / 527.

([2]) من مقدمته ل"معاني القرآن الكريم مقتبس من تفسير الطبري وتفسير ابن كثير وصحيح البخاري"ص 2.

([3]) وكان هذا من بواعث إقامة ندوة ترجمة السنة والسيرة النبوية من قبل الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها زادها الله توفيقا.

([4]) لسان العرب (ج 6 / ص 426).

([5]) الصحاح في اللغة (ج 5/ ص 1928).

([6])(ج311 / ص 327).

([7])النهاية في غريب الأثر (ج 1 / ص 186).

([8]) صحيح البخاري (ح2007).

([9]) منهاج السّنّة 2 / 612.

([10]) رواه الطبري في تفسيره (ج 2 / ص 313 ) فقال:حدثني يحيى بن داود الواسطي، قال: حدثنا إسحاق الأزرق، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود، قال:" نعم تَرْجمانُ القرآن ابنُ عباس "، ورواه من طريق أخرى فقال: وحدثني محمد بن بشار، قال: حدثنا جعفر بن عون، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق عن عبدالله، بنحوه.

ورواه الحاكم في:" المستدرك على الصحيحين " (3/537) وقال: « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه ». وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إسناد صحيح.مجموع الفتاوى (ج 2 / ص 313).

([11]) انظر: المعجم الوسيط:(ج 1 / ص 175).

([12])انظر البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها - (ج 1 / ص 630).

([13]) انظر " مجموع الفتاوى" (ج 12 / ص 107).

([14]) ومن ذلك "معجم مصطلحات الحديث ولطائف الأسانيد " للدكتور الأعظمي، و"معجم مصطلحات توثيق الحديث" للدكتور علي زوين، و"معجم المصطلحات الحديثية" للدكتور العتر، و"معجم علوم الحديث النبوي " للدكتور عبدالرحمن الخميسي.

([15]) أخرجه الترمذي في جامعه: (كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع) ح:2658( وقال: هذا حديث حسن صحيح، وله طرق عديدة وذكر غير واحد أنه: حديث متواتر، وقد أفرده شيخنا العلامة عبدالمحسن البدر بتصنيف ماتع بعنوان "دراسة حديث:نضر الله امرأً.. رواية ودراية"، وهو مطبوع.

([16]) للشيخ المراغي بحث في ترجمة القرآن الكريم وأحكامها , ولمحمد فريد وجدي بحث بعنوان ( الأدلة العلمية على جواز ترجمة القرآن إلى اللغات الأجنبية )نشر في ملحق بالجزء الثاني من مجلة الأزهر سنة 1355 هـ، وهناك رسالة ماجستير بعنوان: "ترجمة القرآن الكريم بين الحظر والإباحة" للباحث: محمد محمود كالو.

([17]) انظر مبحث صفة رواية الحديث في "تدريب الرَّاوي" (ج 2 / ص 6)، و"قواعد التحديث"( ص 198) و"المحدث الفاصل "(ج 1 / ص 530).

([18]) شرح علل الترمذي (ج 1 / ص 53).

([19]) "نزهة النظر" للحافظ ابن حجر ص 129.

([20])أضواء البيان (ج 7 / ص 503)

([21]) "منهاج السّنّة" (2 / 612).

([22]) انظر" الجامع لأخلاق الراوي" (ج 2 / ص 35)، و"شرح علل الترمذي" (ج 1 / ص 53).

([23])"الأدب المقارن و مطالعات أخرى" لمجدي وهبة، ص 76، نقلاً من"ترجمة المصطلح الأجنبي وجهود المغاربيين فيها"، بقلم فريد أمعضشو ورشيد سوسان، منشور في مجلة واتا(الالكترونية) للترجمة واللغات العدد الرابع. http://www.arabswata.info/mag/Researches/4.html

([24]) ومن ذلك "معجم مصطلحات الحديث ولطائف الأسانيد " للدكتور الأعظمي، و"معجم مصطلحات توثيق الحديث" للدكتور علي زوين، و"معجم المصطلحات الحديثية" للدكتور نور الدين العتر، و"معجم علوم الحديث النبوي " للدكتور الخميسي، وعلى موقع الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها (سنن)،عبر الإنترنت www.sunnah.org.sa طائفة منها.

([25]) "تدريب الرَّاوي" (1/501).

([26]) انظر مثال ذلك في "العلل"لابن أبي حاتم (1/131).

([27]) ينظر:"شرح علل الترمذي (2/582)،والموقظة للذهبي ص 77- 88".

([28]) ينظر: "الشذا الفياح "(ج1/ص 141)، و"النكت على مقدمة ابن الصلاح" (ج 2 / ص 514)، و"تدريب الراوي" (ج 1 / ص 135)،و "توجيه النظر إلى أصول الأثر" ( ص 177).

([29]) انظر من المراجع لذلك على سبيل المثال: "الرفع والتكميل في الجرح والتعديل" لعبدالحي اللكنوي، و"ضوابط الجرح والتعديل" للشيخ د. عبدالعزيز العبد الطيف، و"ضوابط الجرح والتعديل عند الإمام الذهبي" لمحمد الثاني بن عمر بن موسى، و"مصطلحات الأئمة الخاصة" تأليف إبراهيم المديهش.

([30]) "ميزان الاعتدال" (ج 1 / ص 6).

([31]) "الشذا الفياح" (1 / ص 269)

([32]) "معرفة علوم الحديث "للحاكم (ص 119).

([33]) انظر "تدريب الراوي (1/367).

([34]) انظر "مقدمة المعالم الأثيرة في السيرة" ص11.

([35]) انظر المصدر السابق.

([36]) انظر مقدمة "المعالم الأثيرة في السيرة" ص11.

([37]) انظر: "الجرح والتعديل": (2/37)، و "علوم الحديث" لابن الصلاح (ص: 133-137)، و"الميزان" للذهبي (1/4)، و"شرح التبصرة والتذكرة" للعراقي (2/2-12)، و"فتح المغيث" للسخاوي (1/361-376)،و"ضوابط الجرح والتعديل" للدكتور عبد العزيز العبداللطيف (ص: 171-173).

([38]) ينظر للقرائن: "مصطلحات الجرح والتعديل المتعارضة"، للدكتور جمال أسطيري،و"ألفاظ وعبارات الجرح والتعديل بين الإفراد والتكرير والتركيب ودلالة كل منها على حال الراوي والمروي"، للدكتور أحمد معبد عبدالكريم.

وجمع طائفة منها الشيخ إبراهيم بن عبد الله المديهش، في كتابه: "مصطلحات أئمة الحديث الخاصة ويليها القرائن الموصلة إلى فهم مقاصدهم في عبارات الجرح والتعديل".

([39]) انظر: الباعث الحثيث (2/504)، وفتح المغيث (3/387-391)،وبحوث في تاريخ السنة المشرفة (ص 174 ـ 184)،و معجم الدكتور الأعظمي.

([40]) وقالوا أيضاً في المقدمة ص5: وقد رددنا هذه الكلمات الاصطلاحية إلى أصولها اللغوية، وأثبتنا تعريفها اللغوي، ثم أردفناه بمراد الفقهاء اصطلاحا، ثم حاولنا إثبات ما يقابل هذه المصطلحات قديمها وحديثها باللغة الانجليزية أولاً، فإن أعيانا المراد الانكليزي لجأنا إلى ما توفر لدينا من المصطلح الفرنسي.

([41])تَدْريب الرَّاوِي (ج 1 / ص 125).

([42]) المصدر السابق (ج 1 / ص 125).

([43]) "نخبة الفكر" ص 83، وانظر لمباحث الضبط:"توضيح الأفكار" (1/8)، و"نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر" ص 83، و"فتح الغيث" ص 16، و"الكفاية في علم الرواية" ص 93.

([44]) انظر: "الباعث الحثيث"، و"تدْريب الرَّاوي": النوع التاسع والعشرون معرفة العالي والنازل، و"قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث" (ص93).

([45])انظر لها: "تدريب الرَّاوي" (ج 1 / ص 182)، و"توجيه النظر إلى أصول الأثر"(ص 493).

([46])انظر:"النكت على مقدمة ابن الصلاح" (ج 2 / ص 746)، و"قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث"(ج 1 / ص 107).

([47])انظر: "فتح المغيث" (1/8)، و"تدريب الراوي" (1/42)، و"الرسالة المستطرفة" (ص 184 ـ 185)، و"معجم مصطلحات الحديث " للدكتور الأعظمي ص 131-132، وبحث الدكتور عبدالغفور البلوشي في الحديث القدسي.

([48]) ما حررته في رابعاً وخامساً تفضل بمراجعته، وإعطاء البديل للترجمة إلى الإنجليزية الأستاذ الشيخ محمود مراد - جزاه الله خيراً -، وهو مختص بالترجمة للإنجليزية،وتولى مراجعة عدد من الكتب بالانجليزية من منشورات وزارة الشؤون الإسلامية، ويقدم برنامج تفسير القرآن الكريم بالإنجليزية في القناة الأولى بالسعودية.

([49]) ص5 حيث قالوا:...فإن أعيانا المراد الانكليزي لجأنا إلى ما توفر لدينا من المصطلح الفرنسي.