×
بحث مختصر في الرد على حجج الأشاعرة العامة على ما نفوه من الصفات والعلو، ومناقشتها.

 حجج الأشاعرة العامة على ما نفوه من الصفات والعلو والجواب عن أدلتهم العقلية

د. عبد المجيد بن محمد الوعلان

 المقدمة

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

 فهذا مختصر في الرد على حجج الأشاعرة العامة على ما نفوه من الصفات والعلو، ومناقشتها والجواب عنها([1]).

 سبب نفي المتكلمين للصفات:

لم يكن نفي المتكلمين للصفات بناء على موقفهم من نصوص الصفات، من أنهم رأوا أنه لا بد من تأويله، أو أن دلالته غير واضحة، أو غير ذلك من الأمور المتعلقة بتفاصيل الأدلة، وإنما كان نفيهم لذلك وتأويله بناء على أدلة عقلية رأوا أنها دالة على وجوب النفي، وضرورة اللجوء إلى التأويل، ثم أثرُ تصحيحهم لهذه الأدلة العقلية على موقفهم من الأدلة والنصوص مفصلة.

ويمكن عرض أدلتهم كما يلي:

 أولا: أدلتهم وحججهم العقلية:

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن جماع أدلتهم حجتان أو ثلاث([2]):

أ - حجة الأعراض، والاستدلال بها على حدوث الموصوف بها أو ببعضها كالحركة والسكون، وهذه الحجة مبنية على أن ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، وعلى امتناع حوادث لا أول لها.

فهؤلاء نفوا الصفات الاختيارية عن الله تعالى بناء على أن إثبات ذلك يقتضي أن يكون الموصوف جسما، وهذا ممتنع لأن الدليل على إثبات الصانع إنما هو حدوث الأجسام، ولو أثبت الله الصفات لاقتضى ذلك أنه جسم قديم، فلا يكون كل جسم حادثا فيبطل دليل إثبات حدوث العالم والعلم بالصانع ([3]).

ب - حجة التجسيم والتركيب، حيث زعموا أن إثبات بعض الصفات كالوجه واليدين، أو الاستواء، أو العلو، أو النزول، أو غيرها، يلزم منه التجسيم، أو التركيب، وبنوا نفي الجسم على أن الأجسام متماثلة فيلزم من إثباتها أن يكون الله مثل الأجسام. كما بنوا نفي التركيب على أنه لا بد له من مركب، وعلى أن المركب مفتقر إلى جزئه([4]).

ج - حجة الاختصاص، وخلاصتها أنهم قالوا: إن أجزاء العالم مفتقرة إلى ما يخصصها بما لها من الصفات الجائزة لها، وكل ما كان كذلك فهو محدث. وبنوا ذلك إما على تناهي الأجسام وأنه لا بد لها من شكل معين ومقدار معين، أو على اجتماع الأجسام وافتراقها بناء على مسألة الجوهر الفرد([5]). وقالوا كل ما كان مفتقرا إلى المخصص فهو محدث، فالأجسام والجواهر حادثة([6]). ثم قال هؤلاء إن اختصاص الباري بالقدر والحد يقتضي مخصصا، واختصاصه بالجهة يقتضي مخصصا، وهذا باطل.

 ثانيا: موقفهم من أدلة السمع المثبتة للصفات:

وقد بنوا ذلك على أدلتهم العقلية، حيث إنهم قالوا بتقديم العقل على السمع عند التعارض، ومن ثم كان خلاصة موقفهم من الأدلة السمعية التي جاءت بإثبات الصفات التي نفوها أو أولوها:

أ - من ناحية الثبوت - قالوا عن أخبار الآحاد: إنها لا يحتج بها في العقيدة.

ب - من ناحية الدلالة - وذلك في مثل دلالة القرآن - الذي لا يشك أحد في ثبوته - أو الحديث عند من يرى الاحتجاج به في العقائد - فقد قالوا فيها: إنها من المتشابه، وحينئذ فسبيلها أحد أمرين:

- إما التفويض.

- أو التأويل عن طريق المجاز وغيره.


 مناقشة الأدلة العقلية:

 الدليل الأول: دليل الأعراض وحدوث الأجسام:

أما دليل الأعراض وحدوث الأجسام، فهو دليل فاسد وباطل، وكثير من الأشاعرة من المتقدمين كالأشعري، والمتأخرين كالرازي بينوا أن هذا الدليل لم تدع إليه الرسل وأن ثبات حدوث العالم لا يتوقف عليه.

ومن الأصول المنهجية عند المتكلمين تقديم العقل على النقل عند تعارضهما، وقد جعل المتكلمون دليل حدوث الأجسام من الأصول العقلية التي عارضت مدلول السمع، فوجب تقديمها عليه.

وخلاصة الدليل أن هؤلاء قالوا: لا يعرف صدق الرسول حتى يعرف إثبات الصانع، ولا يعرف إثبات الصانع حتى يعرف حدوث العالم، ولا يعلم حدوث العالم إلا بما به يعلم حدوث الأجسام، ثم استدلوا على حدوث الأجسام بأنها لا تخلو من الحوادث- أو بعبارة أخرى مستلزمة للأعراض أو بعضها، ثم قالوا وما لم يخل من الحوادث فهو حادث، ثم إن هؤلاء احتاجوا إلى أن يقولوا: ما لم يسبق الحوادث فهو حادث، ثم منهم من تفطن إلى أن هذا لا يكفي لإثبات الصانع فاضطر أن يقول بإبطال حوادث لا أول لها ([7]).

فلما استقر الدليل عندهم قالت المعتزلة يجب نفي جميع الصفات عن الله تعالى لأن ما قامت به الصفات قامت به الأعراض، وما قامت به الأعراض فهو حادث، فجاءت الكلابية والأشعرية فقالوا بإثبات الصفات، وقالوا لا نسميها أعراضا. لكن الصفات الاختيارية حوادث فيجب نفيها طردا لهذا الدليل.

وقد بين شيخ الإسلام خطورة هذا الدليل وذم السلف له، فقال: "إن هذه الطريقة هي أصل الكلام الذي ذمه السلف والأئمة وتوسعوا في الكلام في ذلك من وجهين: أحدها: أنهم - أي أهل الكلام- جعلوا ذلك أصل الدين، حتى قالوا:

إنه لا يمكن معرفة الله وتصديق رسوله إلا بهذه الطريق. فصارت هذه الطريق أصل الدين، وقاعدة المعرفة، وأساس الإيمان عندهم، لا يحصل إيمان ولا دين ولا علم بالصانع إلا بها، وصار المحافظة على لوازمها والذي فيها أهم الأمور عندهم.

الوجه الثاني: وهو الكلام بذلك في حق الله سبحانه وتعالى فإنه كان من لوازم هذه الطريقة نفي ما جعلوه من سمات الحدوث عن الرب تعالى، فإن تنزيهه عن الحدوث ودلائله أمر معلوم بالضرورة، متفق عليه بين جميع الخلق لامتناع أن يكون صانع العالم محدثا، لكن الشأن فيما هو من سمات الحدوث، فإن في كثير من ذلك نزاعا بين الناس" ([8]).

ويرد عليهم بما يلي:

1- أن الأشاعرة وأهل الكلام القائلين بهذا الدليل، مختلفون في كثير من تفاصيله، وإذا كان الدليل مبنيا على مقدمات يترتب بعضها على بعض، ثم جاء من يعارض في بعض المقدمات، فهو في هذه الحال يرد على من سلم بها، وخصمه أيضا يرد عليه ما أتى به من مقدمات بديلة عنها، وهكذا.

وبيان ذلك أن هؤلاء بعد أن سلموا بأن إثبات الصانع لا يعلم إلا بحدوث العالم، وحدوث العالم لا يعلم إلا بما به يعلم حدوث الأجسام- اختلفوا في كيفية تقرير دليل حدوث الأجسام:

فطائفة: قالت: إن الجسم لا يخلو عن الحوادث، وما لم يخل من الحوادث فهو حادث.

وطائفة: قالت: إن الجسم لا يخلو من كل جنس من أجناس الأعراض وقالوا: إن القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده، ثم قالوا والعرض لا يبقى زمانين، فتكون الأعراض كلها حادثة شيئا بعد شيء، والأجسام لا تخلو منها.

ومنهم: من قال: إن أجزاء العالم مفتقرة إلى ما يخصها بما لها من الصفات الجائزة لها، وكل ما كان كذلك فهو محدث، فالعالم محدث.

ومنهم: من قال: كل جسم متناهي القدر، وكل متناهي القدر محدث.

ومنهم: من قال: لو كان الجسم أزليا لكان في الأزل مختصا بحيز معين، لأن كل موجود مشار إليه حسا بأنه هنا أو هناك يجب كونه كذلك، والأزلي يمتنع زواله، فامتنعت الحركة عليه، وقد ثبت جوازها.

ومنهم: من قال: كل ما سوى الواحد ممكن بذاته، وكل ممكن بذاته فهو مفتقر إلى المؤثر، والمؤثر لا يوثر إلا في الحادث لا في الباقي.

ومنهم: من قال: لو كان الجسم قديما لكان قدمه، إما أن يكون عين كونه جسما، وإما مغايرا لكونه جسما، والقسمان باطلان، فبطل القول بكون الجسم قديما([9]).

والقائلون بقول الطائفة الأولى والثانية، تنازعوا في بعض مقدمات دليلهم:

* ففي المقدمة الأولى وهي: أن الجسم لا يخلو عن الحوادث، اختلفوا فيها:

ففريق: منهم قال: الجسم لا يخلو من الحركة والسكون، وهما حادثان([10]).

وفريق: قال: إن الأجسام لا تخلو من الاجتماع والافتراق، وهما حادثان، وهذا القول مبني على القول بالجوهر الفرد الذي يقوم على أن الأجسام مركبة من الجواهر المفردة- من جوهرين فأكثر- فالجواهر إما مجتمعة أو متفرقة. ومن لم يقل بالجوهر الفرد لا يلزمه هذا الدليل.

والطائفة الثانية: قالت- موافقة على المقدمة الأولى-: إن الجسم لا يخلو من كل جنس من أجناس الأعراض، فخالفوا أقوال الطائفة الأولى لأن كل فريق ألزم الجسم أنواعا محددة من الأعراض، وكذا قولهم- وهي المقدمة الثانية للطائفة الثانية- إن العرض لا يبقى زمانين، كثير من العقلاء قالوا: إن هذا باطل ضرورة.

* وفي المقدمة الثانية وهي قولهم: ما لم يخل من الحوادث فهو حادث.

فقد تنوعت عباراتهم فيها:

فتارة: يقولون: ما لم يخل من الحوادث لم يسبقها، وما لم يسبق الحوادث فهو حادث. وتارة: يقولون: ما لم يسبق الحوادث- أو ما لم يخل منها- لا يكون الا معها أو بعدها، وما لا يكون الا مع الحوادث أو بعدها فهو حادث.

ثم بعض هؤلاء: لا يقرر هذه المقدمة بناء على ظهورها لأنهم يفهمون من "الحوادث" أن جملتها حادثة بعد أن لم تكن.

وفريق منهم: انتبه إلى أن الدليل لم يستكمل بعد، لأن ما ذكروه من الدليل لم يدل إلا على أن الأجسام مقارنة لجنس الحوادث، لا تكون إلا ومعها حادث، فإذا قدر أن الحوادث دائمة، توجد شيئا بعد شيء دائما لم يلزم أن يكون ما لم يسبقها حادثا. فلهذا صار كثير منهم يحتاجون إلى بيان امتناع حوادث لا أول لها ([11]).

فتبين أنهم لم يتفقوا على مقدمة واحدة من مقدمات دليلهم:

- فاختلفوا في الأعراض والحوادث هل تكون شاملة أو مخصوصة بأنواع منها.

- واختلفوا في الجوهر الفرد.

- واختلفوا هل الصفات أعراض فيجب نفيها، أو ليست بأعراض.

- واختلفوا هل العرض يبقى زمانين أم لا؟

2- كما أن بعض المتكلمين صرحوا ببطلان مسالك أئمتهم وإخوانهم في تقرير دليل حدوث الأجسام، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن الآمدي والرازي: " والمقصود هنا ذكر ما قاله الآمدي، وذلك أنه لما ذكر مسالك الناس في إثبات حدوث الأجسام أبطل عامتها، واختار الطريقة المبنية على أن الجسم لا يخلو من الأعراض، وأن العرض لا يبقى زمانين، فتكون الأعراض حادثة، ويمتنع حدوث ما لا نهاية له، وما لا يخلو من الحوادث التي لها أول فله أول. وذكر أن هذه الطريقة هي المسلك المشهور للأشعرية وعليه اعتماده.

والرازي وأمثاله لم يعتمدوا هذا المسلك، لأنه مبني على أن الأعراض ممتنعة البقاء، وهذه مقدمة خالف فيها جمهور العقلاء، وقالوا: إن قائليها مخالفون للحس ولضرورة العقل، فرأى أن الاعتماد عليها في حدوث الأجسام في غاية الضعف ([12])، والآمدي قدح في الطرق التي اعتمد عليها الرازي كلها" ([13]).

3- كما أن بعض المتكلمين قد ذموا هذه الطريقة لطولها وغموضها وكثرة مقدماتها، ولأن الأنبياء لم يدعوا اليها، ومن هؤلاء أبو الحسن الأشعري، والغزالي، والخطابي، والبيهقي، والحليمي، والقاضي أبو يعلى، وابن عقيل، وغيرهم([14]).

4- وهذا الدليل يجب أن يكون باطلا لوجوه:

أ- أنه دليل طويل، كثير المقدمات التي لا يفهمها كثير من الناس.

ب- أنه دليل مبتدع في دين الله لم يدع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه من بعده، ولا أئمة السلف، وإنما هو قول مبتدع، حدث بعد المائة الأولى وانقراض عهد التابعين.

ج- أنه يلزم عليه لوازم فاسدة، من نفي صفات الله، ونفي قدرته على الفعل، والقول بأنه فعل بعد أن كان الفعل ممتنعا عليه، وأنه رجح أحد المقدورين على الآخر بلا مرجح، وكل هذا خلاف المعقول الصحيح، وخلاف الكتاب والسنة.

د- أن هذا أوجب تسلط الفلاسفة على المتكلمين في مسألة حدوث العالم إلى غير ذلك من الوجوه ([15]).

5- أما احتجاجهم على صحة دليل حدوث الأجسام بقصة الخليل عليه الصلاة والسلام، وأنه قال: { ﱩ ﱪ ﱫ} [ الأنعام:76]، وقولهم: إن إبراهيم الخليل "استدل على حدوث الكواكب والشمس، والقمر بالأفول، والأفول هو الحركة، والحركة هي التغير، فلزم من ذلك أن كل متغير محدث، لأنه لا يسبق الحوادث، لامتناع حوادث لا أول لها، وكل ما قامت به الحوادث فهو متغير فيجب أن يكون محدثا، فهذه الطريق التي سلكناها هي طريقة إبراهيم الخليل" ([16]).

فقد رد عليهم شيخ الإسلام من وجوه:

أ- "أن قول الخليل { ﱣ ﱤ} [ الأنعام:76] - سواء قاله على سبيل التقدير لتقريع قومه، أو على سبيل الاستدلال والترقي، أو غير ذلك- ليس المراد به: هذا رب العالمين القديم الأزلي، الواجب الوجود بنفسه، ولا كان قومه يقولون: إن الكواكب أو القمر أو الشمس رب العالمين الأزلي الواجب الوجود بنفسه، ولا قال هذا أحد من أهل المقالات المعروفة التي ذكرها الناس " ([17]).

ب- ولو قالوا: إن إبراهيم عليه السلام أراد بقوله: { ﱣ ﱤ} رب العالمين "لكانت قصة الخليل حجة على نقيض مطلوبهم؛ لأن الكوكب والقمر والشمس ما زال متحركا من حين بزوغه إلى عند أفوله وغروبه، وهو جسم متحرك متحيز صغير، فلو كان مراده هذا للزم أن يقال: ان إبراهيم لم يجعل الحركة والانتقال مانعة من كون المتحرك المنتقل رب العالمين، بل ولا كونه صغيرا بقدر الكواكب والشمس والقمر. وهذا- مع كونه لا يظنه عاقل ممن هو دون إبراهيم صلوات الله وسلامه عليهـم فإن جوزوه عليه كان حجة عليهم لا لهم" ([18]).

ج- أن مقصود إبراهيم عليه الصلاة إثبات التوحيد لله، لا إثبات الصانع. بخلاف ما ظنه هؤلاء ([19]).

د- أن إبراهيم- عليه السلام- "قال: { ﱩ ﱪ ﱫ} فنفي محبته فقط ولم يتعرض لما ذكروه"([20]).

هـ- "أن الأفول هو المغيب والاحتجاب، ليس هو مجرد الحركة والانتقال، ولا يقول أحد- لا من أهل اللغة ولا من أهل التفسير- إن الشمس والقمر في حال مسيرهما في السماء: إنهما آفلان، ولا يقول للكواكب المرئية في السماء، في حال ظهورها وجريانها: إنها آفلة، ولا يقول عاقل لكل من مشى وسافر وسار وطار: إنه آفل" ([21]).

وقد اعترف العز بن عبد السلام بأن استدلال المتكلمين بهذه الآية مشكل غاية الإشكال، وبين ذلك بما ينقض استدلالهم ([22]).

كما "أن هذا القول الذي قالوه لم يقله أحد من علماء السلف، أهل التفسير، ولا من أهل اللغة، بل هو من التفسيرات المبتدعة في الإسلام كما ذكر ذلك عثمان بن سعيد الدارمي وغيره من علماء السنة، وبينوا أن هذا من التفسير المبتدع" ([23]).


 الدليل الثاني: دليل التركيب والتجسيم:

وأما دليل التركيب والتجسيم، فهو من أشهر أدلتهم وأكثرها دورانا في كتبهم، وقد بين شيخ الإسلام بطلان حجتهم من خلال الوجوه التالية:

1- أن لفظ الجسم والتركيب فيه إجمال، وهذا الإجمال هو الذي أوقع هؤلاء في التخبط والاضطراب، والإجمال – وكثيرا ما يكون سببا في قول الباطل أو رد الحق.

ومن ذلك لفظ "الجسم" و"المركب" هنا، القائل: إن إثبات الصفات، أو إثبات الاستواء أو العلو أو النزول أو الوجه أو اليدين وغيرها، يلزم منه التجسيم، أو التركيب.

يقال له: ما تعني بالتجسيم أو التركيب، لأن هناك أقوالا عديدة في كل منهما:

فالجسم فيه أقوال:

- في اللغة هو البدن والجسد.

- وعند أهل الكلام: قيل: هو المركب من الجوهر الفرد، إما جوهران أو أربعة، أو ستة، أو ثمانية، أو ستة عشر، أو اثنان وثلاثون.

- وقيل: هو المركب من المادة والصورة، كما تقوله الفلاسفة.

- وقيل: هو الموجود أو القائم بنفسه، أو ما يمكن أن يشار إليه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر الأقوال في الجسم: "إذا قال القائل: إن الباري تعالى جسم. قيل له: أتريد أنه مركب من الأجزاء كالذي كان متفرقا فركب؟ أو أنه يقبل التفريق، سواء قيل: اجتمع بنفسه، أو جمعه غيره؟ أو أنه من جنس شيء من المخلوقات؟ أو أنه مركب من المادة والصورة؟ أو من الجواهر المنفردة؟

فإن قال هذا. قيل: هذا باطل.

وإن قال: أريد به أنه موجود أو قائم بنفسه. أو أنه موصوف بالصفات، أو أنه يرى في الآخرة، أو أنه يمكن رؤيته، أو أنه مباين للعالم، فوقه، ونحو هذه المعاني الثابتة بالشرع والعقل.

قيل له: هذه معان صحيحة، ولكن اطلاق هذا اللفظ على هذا بدعة في الشرع، مخالف للغة، فاللفظ إذا حمل المعنى الحق والباطل لم يطلق، بل يجب أن يكون اللفظ مثبتا للحق نافيا للباطل.

وإذا قال: ليس بجسم.

قيل: أتريد بذلك أنه لم يركبه غيره، ولم يكن أجزاء متفرقة فركب، أو أنه لا يقبل التفريق والتجزئة كالذي ينفصل بعضه عن بعض؟ أو أنه ليس مركبا من الجواهر المنفردة، ولا من المادة والصورة، ونحو هذه المعاني.

أو تريد به شيئا يستلزم نفي اتصافه بحيث لا يرى، ولا يتكلم بكلام يقوم به، ولا يباين خلقه، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل منه شيء، ولا تعرج إليه الملائكة ولا الرسول، ولا ترفع إليه الأيدي، ولا يعلو على شيء، ولا يدنو منه شيء، ولا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين ولا محايث له، ونحو ذلك من المعاني السلبية التي لا يعقل أن يتصف بها إلا المعدوم.

فإن قال: أردت الأول:

قيل: المعنى صحيح، لكن المطلقون لهذا النفي أدخلوا فيه هذه المعاني السلبية، ويجعلون ما يوصف به من صفات الكمال الثبوتية مستلزمة لكونه جسما، فكل ما يذكر من الأمور الوجودية يقولون: هذا تجسيم، ولا ينتفي ما يسمونه تجسميا إلا بالتعطيل المحض؛ ولهذا كل من نفى شيئا يقول لمن أثبته: إنه مجسم: فغلاة النفاة من الجهمية والباطنية يقولون لمن أثبت له الأسماء الحسنى: إنه مجسم. ومثبتة الأسماء دون الصفات من المعتزلة ونحوهم يقولون لمن أثبت الصفات: إنه مجسم. ومثبتة الصفات دون ما يقوم به من الأفعال الاختيارية يقولون لمن أثبت ذلك: إنه مجسم، وكذلك سائر النفاة.

وكل من نفى ما أثبته الله ورسوله بناء على أن إثباته تجسيم يلزمه فيما أثبته"([24]). والتفصيل في الأمور المجملة ومنها الجسم هو منهج السلف رحمهم الله تعالى، مع ترجيحهم عدم إطلاق الألفاظ والمصطلحات غير الواردة في الشرع ([25]).

أما القول بأن الجسم مركب من المادة والصورة فهذا قول الفلاسفة وقد رده جمهور العلماء بما فيهم الأشاعرة.

وأما القول بأن الجسم ما ركّب من جوهرين، وأن الأجسام تنتهي إلى جزء لا يتجزأ وهو الجوهر الفرد، فقد أبطله بعض المتكلمين، كما أبطله وناقشه شيخ الإسلام، وبين أن الراجح أن الأجسام تنتهي إلى الاستحالة، أي تستحيل إلى أجسام أخرى ([26]).

أما "التركيب" ففيه إجمال أيضا:

فالفلاسفة جعلوه خمسة أنواع: التركيب من الوجود والماهية، والتركيب من العام والخاص، والتركيب من الذات والصفات، وتركيب الجسم من الجواهر المفردة، أو من المادة والصورة ([27]).

أما المعاني الأخرى للمركب:

- فقيل هو ما ركبه غيره، كما قال تعالى: {ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ} [ الانفطار:8] (الانفطار:8)، ويقال: ركبت الباب، وهذا هو معنى المركب في اللغة.

وقد يقال: المركب: ما كان مفترقا فركبه غيره، كما تركب المصنوعات من الأطعمة والثياب والأبنية، وهذا قريب من السابق.

- وقد يقال: المركب ماله أبعاض مختلفة كأعضاء الإنسان، وأخلاطه، وإن خلق ذلك مجتمعا.

- وقد يقال المركب: ما يقبل التفريق والانفصال وإن كان شيئا بسيطا كالماء.

- وقد يقال المركب: ما يعلم منه شيء دون شيء، كما يعلم كونه قادرا، قبل أن يعلم كونه سميعا بصيرا ([28]).

ويلاحظ ما بين الجسم والمركب من تداخل.

وحينئذ فمن نفى الصفات لأجل شبهة التركيب يقال له: ما تعني بالتركيب؟ إن كنت تقصد به ما ركبه غيره، أو ما كان مفترقا فاجتمع أو ما يمكن تفريق بعضه عن بعضن فلا ريب أن هذا باطل والله منزه عنه.

أما إن كنت تقصد به ما تميز منه شيء عن شيء، كتميز العلم عن القدرة، وتميز ما يرى مما لا يرى، ونحو ذلك، أو ما ركب من الوجود والماهية، أو من الذات وصفاتها، فهذا حق، لكن تسمية هذا تركيبا إنما هو اصطلاح اصطلحوا عليه ليس موافقا للغة العرب، ولغة أحد من الأمم، وإذا كان مثل هذا مركبا فما من موجود إلا ولا بد أن يعلم منه شيء دون شيء، والجسم الذي له صفات لا يعرف في اللغة إطلاق كونه مركبا، فإن التفاحة التي لها لون وطعم وريح، لا يعرف في اللغة إطلاق كونها مركبة من لونها وطعمها وريحها، كما لا يعلم في اللغة القول: إن الإنسان مركب من الطول والعرض، أو من حياته ونطقه" ([29]).

2- إن شبهة التركيب والتجسيم التي اعتمدها جميع النفاة للصفات، سوءا كانوا نفاة لها كلها كالفلاسفة والمعتزلة، أو نفاة لبعضها كالأشاعرة - قد طعن كل فريق في أدلة الفريق الآخر عليها.

ومن الأمثلة على ردود بعض من يحتج بالتجسيم أو التركيب على بعض:

أ- أن الغزالي رد على الفلاسفة لما احتجوا بالتركيب على نفي الصفات وقالوا: متى أثبتنا معنى يزيد على مطلق الوجود كان تركيبا، وجعلوا التركيب خمسة أنواع فرد عليهم وقال: "ومع هذا فإنهم يقولون في الباري تعالى: إنه مبدأ، وأول، وموجود، وجوهر، وواحد، وقديم، وباق، وعالم، وعقل، وعاقل، ومعقول، وفاعل، وخالق، ومريد، وقادر، وحي، وعاشق، ومعشوق، ولذيذ، ومتلذذ، وجواد، وخير محض، فزعموا أن كل ذلك عبارة عن معنى واحد، لا كثرة فيه وهذا من العجائب" ([30]).

ب- كما أن الغزالي رد على الفلاسفة في مسألة الجسم، وبين أنه لا دليل لهم على نفيه إلا بالاستدلال على حدوث الجسم، ثم إن الغزالي والأشعري وغيرهما قد بينوا فساد ما احتجت به المعتزلة على حدوث الأجسام، والرازي أيضا بين فساد هذا الدليل في المباحث الشرقية والمطالب العالية ([31]).

يقول الغزالي في رده على الفلاسفة: "مسألة في تعجيزهم عن إقامة الدليل على أن الأول ليس بجسم، فنقول: هذا وإنما يستقيم لمن يرى أن الجسم حادث، من حيث إنه لا يخلو من الحوادث، وكل حادث فيفتقر إلى محدث، فأما أنتم إذا عقلتم جسما قديما، لا أول لوجوده، مع أنه لا يخلو من الحوادث، فلم يمتنع أن يكون الأول جسما، إما الشمس وإما الفلك الأقصى، وإما غيره". ثم ذكر حجتهم وردها فقال: "فإن قيل: لأن الجسم لا يكون إلا مركبا منقسما إلى جزأين، بالكمية، وإلى الهيولي والصورة بالقسمة المعنوية، وإلى أوصاف يختص بها لا محالة حتى يباين سائر الأجسام وإلا فالأجسام متساوية في أنها أجسام، وواجب الوجود واحد لا يقبل القسمة بهذه الوجوه كلها.

قلنا: وقد أبطلنا هذا عليكم  وبينا أنه لا دليل لكم عليه، سوى أن المجتمع إذا افتقر بعض أجزائه إلى البعض كان معلولا، وقد تكلمنا عليه، وبينا أنه إذا لم يبعد تقدير موجود لا موجد له، لم يبعد تقدير مركب لا مركب له، وتقدير موجودات لا موجد لها" ([32]).

ج - ومن الذين تناقضوا في مسألة "التركيب" الآمدي، وبيان ذلك أن الآمدي والأشاعرة جعلوا إثبات واجب الوجود موقوفا على إبطال التسلسل، فرد عليهم الفلاسفة بأن الممكن لا بد له من مرجح مؤثر، ثم إما أن يتسلسل الأمر حتى يكون لكل مرجح ممكن، فتتسلسل العلل والمعلولات الممكنة، أو ينتهي الأمر إلى واجب بنفسه. وقالت الفلاسفة: لم لا يجوز أن يكون التسلسل جائزا؟ فلما رد عليهم الأشاعرة وغيرهم وجميع الناس بأن التسلسل باطل ضرورة انتهاء الحوادث إلى واجب بنفسه، قالت الفلاسفة - وهو من أعظم أسئلتهم: لم لا يكون المجموع [أي مجموع الحوادث] واجبا بأجزائه المتسلسلة، وكل منها واجب بالآخر؟ ومضمونه: وجوب وجود أمور ممكنة بنفسها، ليس فيها ما هو موجود واجب بنفسه لكن كل منها معلول للآخر، والمجموع معلول بالأجزاء ([33]).

هـ - والفخر الرازي رد على الفلاسفة في مسألة التركيب، وبين أنه حتى قولهم بالصور العقلية فيه تركيب. وقد أيده شيخ الإسلام مع بيانه أن الرازي لم يجب عن شبهة التركيب وبيان فسادها ([34]).

ومن خلال الأمثلة السابقة يتبين كيف أن مسألة التجسيم أو التركيب عند هؤلاء ليست من الأمور العقلية الثابتة والمستقرة الواضحة - ولذلك يرد بعضهم على بعض، بل يتناقض الواحد منهم في كلامه - وإنما هي شبه تلقفوها عن أسلافهم من الفلاسفة والمعتزلة، وصاروا يحتجون بها على ما يريدون نفيه من العلو أو الصفات.

3- أما حجج المتكلمين على نفي الجسم: فإن شيخ الإسلام ابن تيمية قد بين أولا ما في ذلك من الإجمال والاشتباه، وأن النزاع بين مثبتيه ونفاته من ناحية اللفظ، ومن ناحية المعنى.

أما من ناحية اللفظ: فقد رد شيخ الإسلام على الآمدي وغيره حين منعوا من إطلاق لفظ الجسم والجوهر، مع أنهم يطلقون أيضا لفظ: قديم، وواجب الوجود، وذات، وغيرها مما لم يرد به الشرع، فكما أنه من نازع الأشعري في إثبات قدم الباري أو وجوب وجوده، قال رادا عليه مخبرا عما يستحقه: إن الله قديم واجب الوجود، فكذلك بعض مثبتة الصفات، إذا نفي أحد الصفات عن الله ضمن نفيه للجسم أو الجوهر فإنه يقول رادا عليه: إنه جسم أو جوهر.

وهذا مثل لفظ قديم، وواجب الوجود، وذات، سواء بسواء.

وإذا كان الأمر كذلك كان الأولى أن يكون الفيصل في ذلك التزام ما أورده الشارع في الصفات، والسكوت عما سكت عنه، والتفريق في الأسماء الحسنى بين ما يخبر عنه، وما يدعى به ([35]).

وأما من ناحية المعنى: فإن النزاع بين مثبتة الجوهر والجسم، ونفاته يقع في ثلاثة أشياء:

الأولى: في تماثل الأجسام والجواهر، على قولين. فمن قال إنها متماثلة، قال كل من قال بها قال بالتجسيم. ومن قال إنها غير متماثلة لم يلزمه ذلك.

فالذين ألزموا من قال بالتجسيم بأنهم مشبهةٌ بناء على اعتقادهم أن الأجسام متماثلة. لكن هذا لا يلزم أولئك لأنهم يقولون إنها غير متماثلة، ولا يجوز إلزامهم بما لم يلتزموه.

والثاني: أنهم تنازعوا في مسمى الجسم وكل من فسر الجسم بتفسير - ككونه مركبا من المادة والصورة، أو من الجواهر المفردة - ألزم من قال بالجسم بالتفسير الذي قصده هو، لكن خصمه ينفي هذا المعنى الذي فسر به الجسم كما ينفي اللزوم الذي ألزمه به. بل قد يكون في المجسمة من يقول: إنه جسم مركب من الجواهر المنفردة، ويقول لا دليل على نفي ذلك ولا على امتناعه.

الثالث: وهناك نزاع في أمور أخرى، مثل كونه تعالى فوق العالم، أو كونه ذا قدر، أو كونه متصفا بصفات قائمة به.

فنفاتها يقولون لا تقوم هذه إلا بجسم، والمعارضون لهم من المثبتة ينازعونهم في انتفاء هذا المعنى الذي سموه جسما، وهم إما أن يقولوا: لا يلزم منها التجسيم، أو يقولوا بها وإن لزم التجسيم ([36]).

4- ومن حجج نفاة التركيب المشهورة: أن المركب مفتقر إلى جزئه، وهو محال على الله، وقد بين شيخ الإسلام ما في لفظ "الافتقار" من الإجمال فقال: "ولفظ الافتقار هنا. أن أريد به افتقار المعلول إلى علته كان باطلا، وإن أريد به افتقار المشروط إلى شرطه - فهذا تلازم من الجانبين، وليس ذلك ممتنعا. والواجب بنفسه يمتنع أن يكون مفتقرا إلى ما هو خارج عن نفسه، فأما ما كان صفة لازمة لذاته، وهو داخل في مسمى اسمه فقول القائل: إنه مفتقر إليها، كقوله: إنه مفتقر إلى نفسه، فإن القائل إذا قال: دعوت الله، أو عبدت الله، كان اسم "الله" متناولا للذات المتصفة بصفاتها، ليس اسم "الله" اسما للذات مجردة من صفاتها اللازمة لها.

وحقيقة ذلك أن لا تكون نفسه إلا بنفسه، ولا تكون ذاته إلا بصفاته، ولا تكون نفسه إلا بما هو داخل في مسمى اسمها، وهذا حق. ولكن قول القائل: إن هذا افتقار إلى غيره، تلبيس، فإن ذلك يشعر أنه مفتقر إلى ما هو منفصل عنه، وهذا باطل ([37]) ولفظ الافتقار مثل لفظ الغير، ومثل لفظ الانقسام والجزء والتحيز وغيرها كلها ألفاظ مجملة، محتملة للحق والباطل. وتسمية الحق باسم الباطل لا ينبغي أن يؤدي إلى ترك الحق، بل لا بد من الاستفصال([38]).

5- والذين يدعون أن في إثبات العلو أو الوجه واليدين تركيبا، يرد عليهم بأنه يلزمهم التركيب فيما أثبتوه من الصفات كالحياة والعلم، يقول شيخ الإسلام: "فإن قال من أثبت هذه الصفات التي هي فينا أعراض كالحياة والعلم والقدرة، ولم يثبت ما هو فينا أبعاض كاليد والقدم: هذه أجزاء وأبعاض تستلزم التركيب والتجسيم.

قيل له: وتلك أعراض تستلزم التجسيم والتركيب العقلي، كما استلزمت هذه عندك التركيب الحسي، فإن أثبَتَ تلك على وجه لا تكون أعراضا، أو تسميتها أعراضا لا يمنع ثبوتها، قيل له: وأثبِت هذه على وجه لا تكون تركيبا وأبعاضا، أو تسميتها تركيبا وأبعاضا لا يمنع ثبوتها.

فإن قيل: هذه لا يعقل منها إلا الأجزاء. قيل له: وتلك لا يعقل منها إلا الأعراض. فإن قال: العرض ما لا يبقى وصفات الرب باقية.

قيل: والبعض ما جاز انفصاله عن الجملة، وذلك في حق الله محال، فمفارقة الصفات القديمة مستحيلة في حق الله تعالى مطلقا، والمخلوق يجوز أن تفارقه أعراضه وأبعاضه.

فإن قال: ذلك تجسيم، والتجسيم منتف. قيل: وهذا تجسيم، والتجسيم منتف".

وإذا كان هؤلاء المتكلمون قد استدلوا على حدوث الأجسام بقصة الخليل، وقوله: {ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ} [ الأنعام:76]  فإن منهم من احتج أيضا على نفي التجسيم - وأنه لازم للاستواء على العرش - بقوله تعالى في قصة موسى والسامري حيث قال تعالى: {ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮﲯ} [ الأعراف:148]، وقالوا في احتجاجهم بها: ذم الله من اتخذ إلها جسدا، والجسد هو الجسم، فيكون الله قد ذم من اتخذ إلها هو جسم، وإثبات هذه الصفات - كالاستواء وغيره - يستلزم أن يكون جسما، وهذا منتف بهذا الدليل الشرعي ([39]).

وقد رد شيخ الإسلام على هذا الاستدلال من عشرة أوجه، منها:

أ- أن هذا إنما دل على نفي أن يكون جسدا، والجسم في اصطلاح نفاة الصفات أعم من الجسد.

 ب- أن الله منزه أن يكون من جنس شيء من المخلوقات، من بني آدم أو من الحيوانات أو غيرها، والله تعالى ذكر أن العجل كان جسدا بمعنى أنه لا حياة فيه - وقد قيل إنه خار خورة - والمقصود أنه كان مسلوب الحياة والحركة، وهذا أشد في النقص. ولو أخرج لهم عجلا كسائر العجول، أو آدميا أو فرسا حيا لكان أيضا له بدن وجسم، ولكانت الفتنة به أشد.

ت- أن الله تعالى قال: {ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮﲯ} [ الأعراف:148] "فلم يذكر فيما عابه كونه ذا جسد، ولكن ذكر فيما عابه به أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا، ولو كان مجرد كونه ذا بدن عيبا ونقصا لذكر ذلك، فعلم أن الآية تدل على نقص حجة من يحتج بها على أن كون الشيء ذا بدن عيبا ونقصا. وهذه الحجة نظير احتجاجهم بالأفوال فإنهم غيروا معناه في اللغة، وجعلوه الحركة، فظنوا أن إبراهيم احتج بذلك على كونه ليس رب العالمين، ولو كان كما ذكروه لكان حجة عليهم لا لهم" ([40]).

ث- أن الله ذكر أن العجل كان جسدا، وأن له خوارا، والخوار هو الصوت، وخوار الثور صوته، فلو كان الصوت لبيان نقصه لذكره مع الجسد، ولبطل الاستدلال بآخر الآية وهي قوله {ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ} [ الأعراف:148]، فإن تكليمه لو كلمهم لكان بصوت يسمعونه.

فعلم أن التصويت لم يكن صفة نقص فكذلك ذكر الجسد. فصارت الآية دالة على نقيض قولهم.

ج- "أن الله تعالى ذكر عن الخليل - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: {ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ} [ مريم:42] ، وقال تعالى: {ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ} [ الشعراء:72-74] فاحتج على نفي إلهيتها بكونها لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر، مع كون كل منهما له بدن وجسم، سواء كان حجرا أو غيره.

فلو كان مجرد هذا الاحتجاج كافيا لذكره إبراهيم الخليل وغيره من الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام، بل إنما احتجوا بمثل ما احتج الله به من نفي صفات الكمال عنها: كالتكلم والقدرة والحركة وغير ذلك" ([41]).

و"أنه إذا كان كل جسم جسدا، وكل ما عبد من دون الله تعالى من الشمس والقمر والكواكب والأوثان وغير ذلك: أجساما، وهي أجساد فإن كان الله ذكر هذا في العجل لينفي به عنه الإلهية: لزم أن يطرد هذا الدليل في جميع المعبودات. ومعلوم أن الله لم يذكر هذا في غير العجل، إنما ذكر كونه جسدا لبيان سبب افتتانهم به، لا أنه جعل ذلك هو الحجة عليهم، بل احتج عليهم بكون لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا" ([42]).

ي- أن أدلة الكتاب والسنة على إثبات العلو والاستواء أكثر من أن تحصر، ودلالتها على ذلك جلية بينة مفهومة، وحينئذ فيقال:

- إن كان إثبات هذا يستلزم أن الله جسم وجسد، لم يمكن دفع موجب هذه النصوص بما ذكر من قصة العجل، لأن ليس فيها أن كونه جسدا هو النقص الذي عابه الله وجعله مانعا من إلهيته.

- وإن كانت إثبات الاستواء والعلو لا يستلزم أن يكون الله جسدا أو جسما، بطل أصل استدلالهم على أن إثباتهم يقتضي التجسيم ([43]).


 الدليل الثالث: دليل الاختصاص:

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا الدليل يمكن ارجاعه إلى الدليل الأول الذي هو دليل الأعراض([44]).

وخلاصة هذا الدليل أن كل جسم فهو متناه، وكل متناه فله شكل معين ومقدار معين، وحيز معين، قالوا وكل ما له شكل ومقدار وحيز معين فلا بد له من مخصص يخصصه به. وشرحوا ذلك بأن كل جسم يعلم بالضرورة أنه لا يجوز أن يكون على مقدار أكبر أو أصغر مما هو عليه، أو شكل غير شكله، أو حيز غير حيزه إما متيامنا عنه أو متياسرا.

وإذا كان كذلك فلا بد له من مخصص يخصصه بما يخصص به. ثم قالوا: كل مفتقر إلى المخصص فهو محدث، وبيان ذلك أن المخصص لا بد أن يكون فاعلا مختارا، وأن يكون ما يخصصه حادثا ([45]).

وغرضهم من هذا الدليل أن يقولوا: إن اختصاص الله تعالى بجهة العلو، والاستواء، وأنه مباين للعالم، يفتقر إلى مخصص، وهو محال على الله.

وقد رد عليهم شيخ الإسلام من خلال ما يلي:

1- أن الآمدي نفسه - الذي أورد هذا الدليل - قد ضعفه فقال: "وهذا المسلك ضعيف أيضا، إذ لقائل أن يقول: المقدمة الأولى وإن كانت مسلمة غير أن المقدمة الثانية وهي أن كل مفتقر إلى المخصص محدث، ممنوعة" ([46]) واحتج بجواز أن تكون الصفات متعاقبة على الجواهر والأجسام إلى غير النهاية، وقد علق شيخ الإسلام على هذا بأن هذا المسلك أضعف من مسلك الحركة والسكون، لأن هذا يفتقر إلى ما يفتقر إليه ذاك من غير عكس، ثم إن كليهما مفتقر إلى بيان امتناع حوادث متعاقبة دائمة ([47]).

2- أن قولهم لا بد له من قدر، أكثر العقلاء سلموا به، أما قولهم لا بد له من اجتماع وافتراق فهو مبني على مسألة الجوهر الفرد، وأكثر العقلاء ينكرونه.

ثم بعد ذلك يقال في مسألة "القدر" ما يقال في مسألة الصفات، لأن القدر صفة من صفات ذي القدر، كلونه وحياته وقدرته وسمعه وبصره وغيرها، "فإذا قال القائل: كل ذي قدر يمكن أن يكون قدره على خلاف ما هو عليه، كان بمنزلة أن يقول: كل موصوف يمكن أن يكون موصوفا بخلاف صفته، فإذا عرضنا على عقولنا ما نعلمه من الموجودات التي لها أقدار وصفات، كان تجويزنا لكونها على خلاف أقدارها كتجويزنا لها أن تكون عل خلاف صفاتها، بل القدر من الصفات" ([48]).

وهذه مسألة واضحة، لأن كل موجود لا بد له من قدر وصفة، فما يقال في أحدهما يقال في الآخر. والأشاعرة الذين فرقوا بينهما لأجل أن القدر يلزم منه نوع تجسيم إنما هذا تصور منهم، وإلا فلا فرق بينه وبين الصفة، فلو سلمت حجتهم في القدر لسلمت حجة الفلاسفة والمعتزلة في الصفات وأنه يلزم منها التجسيم.

ولهذا لم يفرق الرازي في إثبات الصانع بين القدر وغيره ([49]).

3- أن قول القائل: كل ذي قدر يمكن أن يكون أكبر أو أصغر، أو أن كل ذي وصف يمكن أن يكون بخلاف ذلك الوصف، ونحو ذلك. يقال له: أتريد الإمكان الذهني، أو الإمكان الخارجي؟ والفرق بينهما أن الإمكان الذهني معناه عدم العلم بالامتناع، والإمكان الخارجي معناه: العلم بالإمكان في الخارج.

"فإن قال: أريد به الإمكان الذهني، لم ينفعه ذلك، لأن غايته عدم العلم بامتناع كون تلك الصفة واجبة. وإن قال: أريد الإمكان الخارجي، وهو أني أعلم أن كل موصوف بصفة، أو كل ذي قدر يمكن أن يكون بخلاف ذلك، كان مجازفا في هذا الكلام؛ لأن هذه قضية كلية تتناول من الأفراد ما لا يحصيه إلا الله تعالى، وليس معه دليل يدل على إمكان ذلك في الخارج يتناول جميع هذه الأفراد. غايته أنه رأى بعض الموصوفات والمقدرات يقبل خلاف ما هو عليه، فإذا قاس الغائب على الشاهد كان هذا من أفسد القياس لاختلاف الحقائق.

ولأن هذا ينعكس عليه فيقال له: لم نر إلا ما له صفة وقدر، فيقاس الغائب على الشاهد.

ويقال: كل قائم بنفسه فله صفة وقدر، وهذا إلى المعقول أقرب من قياسهم، فإن هذا لا يعلم انتقاضه، وأما قول القائل: كل ما له صفة وقدر فيقبل خلاف ذلك فلا يعلم اطراده، فأين القياس الذي لا يعلم انتقاضه من القياس الذي لا يعلم اطراده؟. والناس متفقون على أنهم لم يروا موجودا إلا له قدر وصفة، وليسوا متفقين على أن كل ما رأوه يمكن وجوده على خلاف صفاته وقدره" ([50]).

ويلاحظ هنا أن نتيجة مقالتهم هذه في إنكار القدر يؤدي إما إلى إنكار الخالق، أو إنكار أي صفة له، وملاحدة الصوفية الذين قالوا بوحدة الوجود إنما قالوا بذلك لما رأوا تناقض هؤلاء، مثل قولهم: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه، وإنكار علو الله وبينونته عن خلقه.

وقولهم في "القدر" معارض بالحقائق في نفسها وصفاتها اللازمة لها، فإنه يمكن "أن يقال: كل موجود له حقيقة تخصه يمتاز بها عن غيره، فاختصاص ذلك الموجود بتلك الحقيقة دون غيرها من الحقائق يفتقر إلى مخصص. ويقال أيضا: كل موجود له صفات لازمة تخصه فاختصاصه بتلك الصفات دون غيرها يفتقر إلى مخصص" ([51]).

4- أن قولهم هذا يلزم في إثبات واجب الوجود، لأنه إذا كان من المعلوم بضرورة العقل واتفاق العقلاء أن هناك:

- واجب الوجود بنفسه، قديم أزلي.

- وممكن الوجود، محدث.

فإذا كان كلاهما موجودا، وواجب الوجود يختص بما لا يشركه فيه غيره، بل له ذات وحقيقة تخصه لا يشركه فيها غيره، فعلى قاعدة هؤلاء أن كل مختص يفتقر إلى مخصص مباين له - يلزم أن يقال هذا في واجب الوجود، ويقال: اختصاص واجب الوجود بما اختص به لا بد له من مخصص. فيلزم تعطيل وجود الخالق وأن تكون الموجودات كلها ممكنة. وهذا ظاهر الفساد ضرورة ([52]).

"وبالجملة اختصاص الشيء بما هو عليه من خصائصه، كاختصاصه بنفسه ووجوده، وصفاته كلها، لازمها وعارضها، فقول القائل: كل مختص لا بد له من مخصص مباين له، كقوله: كل موجود فلا بد له من موجد مباين له، وكل حقيقة فلا بد لها من محق مباين لها، وكل قائم بنفسه فلا بد له من مقوم مباين، وأمثال ذلك" ([53]).

5- إن هؤلاء متناقضون، لأنهم في مسألة وجود المحدثات والكائنات بعد أن لم توجد، إذا قيل لهم: لِمَ لمْ توجد قبل وقت وجودها، أو لِمَ لمْ تكن أكبر أو أصغر مما هي عليه، أجابوا وقالوا: القادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مخصص. وحينئذ فيقال لهم:

"هذا مع بطلانه يوجب تناقضكم؛ فإنكم قلتم: لا بد للتخصيص من مخصص، ثم قلتم: كل الممكنات مخصصة ووجدت بدون مخصص، بل رجح أحد المتماثلين على الآخر من غير مخصص.

وإذا جوزتم في الممكنات وجود المخصصات بدون مخصص، مع أن نسبة القادر إليها نسبة واحدة، فالموجود بنفسه أولى أن يستغنى عن مخصص مما اختص به من ذاته وصفاته"([54]).

وهذا تناقض ومحل إلزام لا محيد لهم عنه، فإن النصوص إذا وردت بإثبات صفاته وأنه على العرش استوى، وأنه في جهة العلو بائن من خلقه، وجب إثبات ذلك، فإذا اعترضوا بأن هذا يلزم منه أن يكون له قدر، واختصاصه بهذا القدر لا بد له من مخصص، كان هذا متناقضا مع قولهم في وجود المخلوقات وأنها لم توجد أكبر أو أصغر مما هي عليه بدون مخصص.

6- ومن أعظم تناقض المنكرين لعلو الله تعالى وصفاته الفعلية القائمة به في هذا الباب، تناقضهم في مسألة الصفات حين حدوده بسبع - أو ثمان - فإنه يقال لهم - كما يقول الشهرستاني نفسه - "بم تنكرون على من يقول: إن القادر الذي اختص به نهاية وحد، واجب له لذاته، فلا يحتج إلى مخصص. والمقادير التي هي في الخلق إنما احتاجت إلى مقدر لأنها جائزة، وذلك لأن الجواز في الجائزات إنما يعرف بتقدير القدرة، فلما كانت المقادير الخلقية مقدورة عرف جوازها، واحتاج الجواز إلى مرجح لها، فإذا لم يكن فوق الباري سبحانه قادر عليه لم تكن إضافة الجواز وإثبات الاحتياج له. ألسنا اتفقنا على أن الصفات ثمان؟ أفهي واجبة له على هذا العدد، أم جائز أن توجد صفة أخرى؟

فإن قلتم: يجب الانحصار في هذا العدد، كذلك نقول: الاختصاص بالحد المذكور واجب له، إذ لا فرق بين مقدار الصفات عددا وبين مقدار في الذات حدا. فإن قلتم جائز أن توجد صفة أخرى، فما الموجب للانحصار في هذا الحد والعدد، فيحتاج إلى مخصص حاصر" ([55]).

وقد أجاب الشهرستاني عن ذلك بذكر الخلاف في مسألة انحصار الصفات بثمان هل تسمى بالعدد أم لا، وبمسألة أخص وصف الإله، وكل ذلك ليس فيه جواب عن الإلزام والمعارضة التي أوردها لأن "اختصاص الصفات بعدد من الأعداد كاختصاص الذات بقدر من الأقدار، وإذا كان المسمى لا يسمى ذلك عددا، فمنازعه لا يسمى الآخر قدرا، وليس الكلام في الإطلاقات اللفظية، بل في المعاني العقلية. " ([56]) ثم إنه على كل قول من الأقوال فيما زاد على الثمانية ([57]) "فالمعارضة بالصفات ثاتبة على كل قول من الأقوال الثلاثة؛ إذ لا بد فيها من اختصاص، فإن كان كل مختص يفتقر إلى مخصص مباين، لزم افتقار صفات الله تعالى إلى مباين له" ([58]).

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



([1]) مختصر من كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة للشيخ عبد الرحمن المحمود: (3/984-995، 1096-1120) – مع تصرف يسير-.

([2]) انظر: درء التعارض (4/272، 6/183-184، 7/141).

([3]) انظر: درء التعارض (1/247، 306، 5/286-288، 7/178)، نقض التأسيس - مطبوع - (1/143)، والمسألة المصرية في القرآن - مجموع الفتاوى (12/184-185).

([4]) انظر: درء التعارض (4/272، 7/141-142).

([5]) الجوهر الفرد، ويسمى: الجزء الذي لا يتجزأ، أو الذرة، ويعرف بأنه: متحيز لا ينقسم لا بالفك والقطع، ولا بالوهم والغرض [الصحائف الإلهة: السمرقندي ص: 255]، أو هو: جوهر لا يقبل الانقسام أصلا، ولا بحسب الخارج، لا بحسب الوهم أو الغرض العقلي [التعريفات ص: 41]، وانظر: المعجم الفلسفي- مجمع اللغة- (ص: 88)، والمعجم الفلسفي- صليبا (1/588،427،400)، وانظر: مسألة في إثبات الجوهر الفرد للشهرستاني (ص: 505-511) - طبعت في ذيل نهاية الإقدام، وانظر أيضا مذهب الذرة عند المسلمين بينيس (ص: 1-16).

([6]) انظر: درء التعارض (3/351-353).

([7]) انظر: شرح الأصفهانية (ص: 264) - ت السعوي-، ودرء التعارض (1/302-303).

([8]) نقض التأسيس- مخطوط- (1/122-123).

([9]) انظر: درء التعارض (2/344،3/3، 4، 8، 18، 351، 448، 451)، وأبكار الأفكار ج- 2 ل 95- ب- 104- ب وما بعدها، الأربعين للرازي (ص: 13- 41).

([10]) انظر: الأربعين (ص: 13).

([11]) انظر: فيما سبق شرح الأصفهانية (ص: 264-267) - ت السعوي- مطبوع على الآلة الكاتبة. ودرء التعارض (1/302-303)، ونقض التأسيس- مطبوع- (1/141-144).

([12]) انظر: درء التعارض (2/389- 390، 3/30، 451-453)، ومجموع الفتاوى (5/215-216، 6/40-41، 16/275).

([13]) انظر: درء التعارض (4/267-275)، وانظر: شرح الأصفهانية (ص: 88) - ت السعوي.- ومجموع الفتاوى (12/ 140-141)، والنبوات (ص: 62).

([14]) الصفدية (1/275).

([15]) انظر: فيما سبق شرح حديث النزول- مجموع الفتاوى (5/541-545)، وشرح الأصفهانية (ص: 134-135) - ت السعوى-. ودرء التعارض (1/97-99، 105، 308 - 810، 7/ 71؛ 245،242، 9/170- 171، 10/135)، ومنهاج السنة (2/199-212) - المحققة.

([16]) درء التعارض (1/ 100- 101)، وانظر في احتجاج الأشاعرة بهذا الدليل: (ص: 534، 574-575 من كتاب موقف ابن تيمة من الأشاعرة)، والاعتقاد للبيهقي (ص: 40)، والشامل للجويني (ص: 246)، وأساس التقديس للرازي (ص: 21-22) - ط الحلبي-، وتفسير الرازي (سورة الأنعام آية 76 وما بعدها) (13/46) وما بعدها.

([17]) انظر: بغية المرتاد (المسمى بالسبعينية) (ص: 260) - ت الدويش-، ومنهاج السنة (2/142) - المحققة.

([18]) انظر: درء التعارض (1/313)، وانظر: منهاج السنة (2 / 144) - المحققة.

([19]) انظر: شرح الأصفهانية (ص: 137) - ت السعوي-.

([20]) بغية المرتاد (المسمى بالسبعينية) (ص: 360).

([21]) انظر: درء التعارض (1/313-314)، انظر في مادة أفل: الصحاح للجوهرى، ومعجم مقاييس اللغة (1/119).

([22]) انظر: فوائد في مشكل القرآن للعز بن عبد السلام (ص: 119).

([23]) انظر: درء التعارض (1/314).

([24]) منهاج السنة (2/211-214)، وانظر أيضا (ص:549).

([25]) انظر في لفظ "الجسم" وما فيه من الإجمال، والأقوال فيه، ومنهج السلف في إطلاقه: التسعينية (ص: 192-193)، نقض التأسيس - مخطوط - (1/121)، ونقض التأسيس - مطبوع - (2/498-499)، وشرح حديث النزول - مجموع الفتاوى (5/420-434)، درء التعارض (4/134-139) - ط جامعة الإمام، والرسالة الأكملية - مجموع الفتاوى (6/102-104).

([26]) انظر في مسألة الجوهر الفرد ورأى شيخ الإسلام في انقسام الأجسام: منهاج السنة (2/139-141) - ط جامعة الإمام، وشرح الأصفهانية (ص: 315) - ت السعوي، وتفسير سورة الإخلاص - مجموع الفتاوى (17/243-244، 230-325)، شرح حديث النزول - مجموع الفتاوى (50424-428)، نقض التأسيس - مطبوع - (1/280-281، 285-286)، درء التعارض (1/303، 2/190-191، 3/355، 442-447، 4/183-186، 5/145،196-203، 7/220-223،232-234، 8/322-325).

([27]) انظر: الصفدية (1/104-105)، ودرء التعارض (3/389، 5/142).

([28]) انظر: الصفدية (1/105-106)، ودرء التعارض (5/145-146).

([29]) انظر: درء التعارض (1/280-281، 5/146-147).

([30]) تهافت الفلاسفة (ص: 164) - ت دنيا. ط الرابعة، درء التعارض (3/392) وما بعدها.

([31]) انظر: درء التعارض (4/289-290).

([32]) تهافت الفلاسفة (ص: 193)، وقارن بالدرء (4/284-285)، انظر أيضا: درء التعارض (10/237)، ومجموع الفتاوى (5/290).

([33]) انظر: درء التعارض (4/232-233).

([34]) انظر: شرح الأصفهانية (ص: 70-71) - ت السعوي، وانظر: درء التعارض (6/295).

([35]) انظر: درء التعارض (4/139-140).

([36]) انظر: المصدر السابق (4/147-149).

([37]) انظر: المصدر السابق (1/282).

([38]) انظر: المصدر السابق (6/296-299).

([39]) انظر: مجموع الفتاوى (5/213).

([40]) انظر: مجموع الفتاوى (5/220).

([41]) انظر: المصدر السابق (5/222).

([42]) مجموع الفتاوى (5/223).

([43]) انظر عما سبق من الأوجه وغيرها، مجموع الفتاوى (5/213-225).

([44]) انظر: الدرء (7/141).

([45]) انظر: درء التعارض (3/351-354).

([46]) انظر: المصدر السابق (3/354)، وانظر أيضا (4/269).

([47]) انظر: المصدر نفسه (3/354-355).

([48]) انظر: درء التعارض (3/356).

([49]) انظر: المصدر السابق (3/358).

([50]) انظر: درء التعارض (3/359-360).

([51]) انظر: المصدر السابق (3/360).

([52]) انظر: المصدر نفسه (3/360-364).

([53]) انظر: درء التعارض (3/365).

([54]) انظر: المصدر السابق (3/370)، وأيضا (4/269-272).

([55]) نهاية الأقدام (ص:106)، وقارن بدرء التعارض (3/373-374).

([56]) انظر: درء التعارض (3/378).

([57]) وهي ثلاثة: إثبات ما زاد كالرضى والغضب واليدين والوجه والاستواء وغيرهما، والثاني نفي هذه الصفات والاقتصار على الثمان، وقول ثالث بالوقف. انظر: درء التعارض (3/380-383).

([58]) انظر: درء التعارض (3/385).