×
مقالة للدكتور سعيد بن علي بن وهف القحطاني - أثابه الله -، يبين فيها أن المعاصي تسبب الهلاك والدمار، والهزائم، والخذلان، والأمراض التي لم تكن في الأسلاف، ويبين فيها أقسام المعاصى، وأسبابها، وأثارها، وكيفيه العلاج منها، وأسباب السلامة.

 

 الهلاك والدمار والهزائم والخذلان بارتكاب المعاصي والمنكرات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول اللَّه وعلى آله وأصحابه، ومن والاه. أما بعد:

فإن المعاصي تسبب الهلاك والدمار، والهزائم، والخذلان، والأمراض التي لم تكن في الأسلاف، والمعاصي في الاصطلاح الشرعي: هي ترك المأمورات، وفعل المحظورات، فتبين بذلك أن المعاصي هي ترك ما أمر الله به أو أمر به رسوله ﷺ‬، وفعل ما نهى الله عنه، أو نهى عنه رسوله ﷺ‬: من الأقوال، والأعمال، والمقاصد الظاهرة والباطنة([1] قال الله ﷻ‬: +وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾([2] وقال I: +وَمَا كَانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَـهُمُ الْـخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا_([3] وقال ﷻ‬: +وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا_.

والمعاصي لها أسباب كثيرة تحصل بسببها، وتكثر وتقل بذلك، وهذه الأسباب نوعان، على النحو الآتي:

الابتلاء بالخير والشر، والابتلاء بالمال والولد، وقد تكون الفتنة أعمَّ مما تقدّم، قال الله ﷻ‬: +وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا_([4])، وهذه الفتن وغيرها مما في معناها تكون من أسباب النجاة عند النجاح في الاختبار، وتكون من أسباب المعاصي والهلاك عند الإخفاق والرسوب في الامتحان، والله نسأل التوفيق والعفو والعافية في الدنيا والآخرة، والمعاصي لها أسباب، منها: ضعف الإيمان واليقين بالله ﷻ‬، والجهل به سبحانه، والشبهات، والشهوات، والشيطان من أعظم أسباب وقوع المعاصي: لأنه أخبث عدو للإنسان.

ولا شك أن أصول المعاصي ثلاثة: الكِبْر: وهو الذي أصار إبليس إلى ما أصاره، والحِرْص: وهو الذي أخرج آدم من الجنة، والحَسَد: وهو الذي جرَّأَ أحد ابني آدم على أخيه، فمن وُقِيَ شر هذه الثلاثة فقد وُقِيَ الشر، فالكفر من الكِبْر، والمعاصي من الحِرص، والبغي والظلم من الحسَد ‏»‏‏([5]).

والمعاصي لها أقسام:

القسم الأول: أن يتعاطى الإنسان ما لا يصلح له من صفات الربوبية: كالعظمة، والكبرياء، والجبروت، والقهر، والعلو، واستعباد الخلق، ونحو ذل.

والقسم الثاني: الذنوب التي يتشبه الإنسان بالشيطان في عملها، فالتشبه بالشيطان: في الحسد، والبغي، والغش، والغل، والخداع، والمكر، والأمر بمعاصي الله، وتحسينها، والنهي عن طاعة الله، وتهجينها، والابتداع في الدين، والدعوة إلى البدع والضلال، وهذا القسم يلي القسم الأول في المفسدة، وإن كانت مفسدته دونه.

والقسم الثالث: ذنوب العدوان، وهي الذنوب التي يشبه الإنسان في فعلها السباع، وهي ذنوب العدوان، والغضب، وسفك الدماء، والتوثّب على الضعفاء والعاجزين، ويتولّد من هذا القسم أنواع أذى النوع الإنساني، والجرأة على .

والقسم الرابع: وهي الذنوب التي يشبه الإنسان في فعلها البهائم، مثل: الشره، والحرص على قضاء شهوة البطن والفرج، ومنها يتولّد الزنا، والسرقة، وأكل أموال اليتامى، والبخل، والشحّ، والجبن، والهلع، والجزع، وغير ذلك، وهذا القسم أكثر ذنوب الخلق؛ لعجزهم عن الذنوب الملكية، والسبعية، ومن هذا القسم يدخلون إلى سائر الأقسام، فهو يجرّهم إليها بالزّمام([6]).

ولا شك أن المعاصي نوعان: كبائر وصغائر، قال الإمام ابن القيم :: ‏«‏وقد دلّ القرآن، والسنة، وإجماع الصحابة والتابعين بعدهم، والأئمة على أن من الذنوب كبائر وصغائر‏»‏‏([7] قال الله ﷻ‬: +إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا_([8] وقال ﷻ‬: +الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إلاَّ اللَّمَمَ_([9] وعن ابن مسعود t قال: سألت رسول الله ﷺ‬: أيّ الذنب أعظم عند الله؟ قال:«‏أن تجعل لله نِدّاً وهو خلقك‏»‏‏، قلت: إن ذلك لعظيم. قال قلت: ثم أيُّ؟ قال:«‏ثم أن تقتل ولدَك مخافةَ أن يَطعمَ معك‏»‏‏، قال: قلت: ثم أيُّ؟ قال:«‏ثم أن تزاني حَليلةَ جارك‏»‏‏([10]).

وعن أبي بكرة t قال: قال النبي ﷺ‬: ‏«‏ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟‏»‏‏ ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال:«‏الإشراك بالله، وعقوق الوالدين‏»‏‏، وجلس وكان متكئاً فقال:«‏ألا وقول الزور‏»‏‏، فمازال يكرّرها حتى قلنا: ليته سكت([11]).

وعن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال: ‏«‏الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مُكفِّرات لما بينهن إذا اجتُنِبَتِ الكبائر‏»‏‏، وفي رواية:«‏ما لم تُغْشَ الكبائر‏»‏‏([12]).

وعن أبي هريرة t عن النبي ﷺ‬ أنه قال: ‏«‏اجتنبوا السبع الموبقات‏»‏‏، قالوا: يا رسول الله وما هنّ؟ قال:«‏الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحقّ، وأكل الرّبا، وأكل مال اليتيم، والتولّي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات‏»‏‏([13]).

والصواب: أن الكبائر كل ذنب ترتّب عليه حدٌّ في الدنيا، أو تُوعِّد عليه بالنار، أو اللعنة، أو الغضب، أو العقوبة، أو نفي إيمان، وما لم يترتّب عليه حدٌّ في الدنيا، ولا وعيدٌ في الآخرة، فهو صغيرة([14])، ولكن قد تكون الصغائر من الكبائر لأسباب، منها:

1 - الإصرار والمداومة عليها، كما في قول ابن عباس ب:«‏لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار‏»‏‏([15]

2 - استصغار المعصية واحتقارها، فعن عائشة ل قالت: قال لي رسول الله ﷺ‬: ‏«‏يا عائشة إيَّاكِ ومُحقرَاتِ الأعمال فإن لها من الله طالباً‏»‏‏([16] وعن سهل بن سعد t قال:قال رسول الله ﷺ‬:‏«‏إياكم ومحقرات الذنوب، كقوم نزلوا في بطن وادٍ فجاء ذا بعودٍ،وجاء ذا بعودٍ،حتى أنضجوا خبزتهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه‏»‏‏([17] وعن عبد الله بن مسعود t قال:«‏إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه فقال به هكذا‏»‏‏، قال أبو شهاب: بيده فوق أنفه([18]).

3 - الفرح بالصغيرة والافتخار بها، كأن يقول ما رأيتني كيف مَزَّقت عِرض فلان، وذكرت مساويه حتى خجَّلته، أو خدعته، أو غبنته.

4 - أن يكون عالماً يُقتدى به.

5 - إذا فعل الذنب ثم جاهر به؛ لأن المجاهر غير معافى([19])، فينبغي لكل مسلم أن يبتعد عن جميع الذنوب صغيرها وكبيرها؛ ليكون من الفائزين في الدنيا والآخرة.

ولا شك أن المعاصي لها أضرار على الفرد والمجتمع، منها: آثارها على القلب: 1 - ضرر المعاصي على القلب كضرر السموم على الأبدان، على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا والآخرة شرٌّ وداءٌ إلا سببه الذنوب والمعاصي؟([20])، 2 - حرمان العلم؛ فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، والمعصية تُطفئ ذلك النور، وتُعمي بصيرة القلب، وتسدُّ طرق العلم، وتحجب موارد الهداية، قال الله ﷻ‬: +فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ_([21])، ولما جلس الشافعي بين يدي مالك، وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته، وتوقّد ذكائه، وكمال فهمه، فقال:«‏إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً، فلا تطفئه بظلمة المعصية‏»‏‏([22] وقال الشافعي ::

شكوتُ إلى وكيعٍ سُوءَ حِفظي

فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبرني بأن العلم نورٌ

ونورُ الله لا يُهدَى لعاصي([23])

3 - الوحشة في القلب بأنواعها: وحشة بين العاصي وبين ربه، وبينه وبين نفسه، وبينه وبين الخلق، وكلّما كثرت الذنوب اشتدّت الوحش.

4 - الظلمة في القلب؛ فإن العاصي يجد ظلمة في قلبه حقيقة يُحسّ بها كما يُحسّ بظلمة الليل البهيم، فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسِّية لبصره؛ فإن الطاعة نور، والمعصية ظلمة، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته، حتى يقع في البدع، والضلالات، والأمور المهلكة، وهو لا يشعر، وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين، ثم تقوى حتى تعلو الوجه، وتصير سواداً فيه يراه كل أحد([24]قال عبد الله بن عباس ب:«‏إن للحسنة ضياءً في الوجه، ونوراً في القلب، وسعةً في الرزق، وقوةً في البدن، ومحبةً في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمةً في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضةً في قلوب الخلق‏»‏‏([25]).

5 - تُوهن القلب وتُضعفه.

6 - تحجب القلب عن الربّ في الدنيا، والحجاب الأكبر يوم القيامة، كما قال الله ﷻ‬: +كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ*كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّـمَحْجُوبُونَ_([26])، فكانت الذنوب حجاباً بينهم وبين قلوبهم، وحجاباً بينهم وبين ربهم وخالقهم([27]).

7 - يألف المعصية، فينسلخ من القلب استقباحها فتصير له عادة.

8 - هوان المعاصي على المصرّين عليها، فلا يزال العبد يرتكب المعاصي حتى تهون عليه، وتصغر في قلبه وعينه، وذلك علامة الهلاك؛ لأن الذنب كلما صغر في قلب العبد وعينه عَظُم عند الله.

9 - تُورث الذلّ، فإنّ العزّ كلّ العزّ في طاعة الله ﷻ‬ ،والذلّ كلّ الذلّ في معصية الله I،قال الله ﷻ‬:+مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلله الْعِزَّةُ جَمِيعًا _([28] وقال ﷻ‬: +وَللَّه الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْـمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ _([29]).

10 - تُفسد العقل وتُؤثر فيه؛ فإن للعقل نوراً، والمعصية تُطفئ نور العقل.

11 - تطبع على القلب، فإذا تكاثرت طبعت على قلب صاحبها، فكان من الغافلين.

12 - الذنوب تطفئ غيرة القلب؛ فإنّ أشرف الناس وأعلاهم همّةً أشدّهم غيرةً على نفسه وخاصته، وعموم الناس؛ ولهذا كان النبي ﷺ‬ أغير الخلق على الأمة، والله ﷻ‬ أشد غيرة منه؛ ولهذا قال ﷺ‬:«‏أتعجبون من غيرة سعد؟ فوالله لأنا أغير منه، والله أغير مني، من أجل غيرة الله حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شخص أغير من الله، ولا شخص أحبّ إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث الله المرسلين مُبشّرين ومُنذِرين، ولا شخص أحب إليه المدحة من الله، ومن أجل ذلك وعد الله الجنة‏»‏‏([30] وعن عائشة ل أن رسول الله ﷺ‬ قال:«‏يا أُمة محمد ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته يزني، يا أُمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً‏»‏‏([31])، وعن أبي هريرة t ، قال: قال رسول الله ﷺ‬: ‏«‏إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرَّم [الله] عليه‏»‏‏([32] وعن جابر بن عتيك مرفوعاً:«‏إن من الغيرة ما يـحـــب الله، ومنـــها ما يُبغض الله، ومن الخيلاء ما يحب الله، ومنها ما يُبغض الله، فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في ريبة، وأما التي يُبغض الله فالغيرة في غير الريبة، والاختيال الذي يحب الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة، والاختيال الذي يبغض الله ﷻ‬ الخيلاء في الباطل‏»‏‏([33] والمقصود بالغيرة في الريبة: الغيرة في مواضع التهمة والتردّد، فتظهر فائدتها، وهي الرهبة والانزجار، وإن كانت الغيرة بدون ريبة فإنها تورث البغض والفتن([34])، والاختيال في الصدقة أن يكون سخياً، فيعطي طيبة بها نفسه، فلا يستكثر كثيراً، ولا يعطي منها شيئاً إلا وهو مستقلّ، وأما الحرب: فأن يتقدم فيها بنشاط وقوة وعدم جبن([35]).

13 - الذنوب تذهب الحياء من القلب، وهو أصل كلّ خير، وذهابه ذهاب الخير كله، فعن عمران بن حصين t قال: قال رسول الله ﷺ‬: ‏«‏الحياءُ خير كله‏»‏‏، أو قال:«‏الحياءُ كله خير‏»‏‏([36] وعنه t عن النبي ﷺ‬ أنه قال:«‏الحياء لا يأتي إلا بخير‏»‏‏([37]).

14 - المعاصي تلقي الخوف والرعب في القلوب، فلا ترى العاصي دائماً إلا خائفاً .

15 - تُمْرِضُ القلب، وتَصْرِفُهُ عن صحته واستقامته إلى مرضه وانحرافه، وتأثير الذنوب في القلوب كتأثير الأمراض في الأبدان، بل الذنوب أمراض القلوب، ولا دواء لها إلا تركها.

16 - المعاصي تُصغّر النفوس، وتقمعها، وتدسِّيها، وتحقِّرها حتى تصير أصغر شيء وأحقره، كما أن الطاعة تنميها وتزكيها.

17 - خسف القلب ومسخه، وعلامة خسف القلب أنه لا يزال جوّالاً حول السفليات والقاذورات والرذائل، كما أن القلب الذي رفعه الله وقرَّبه إليه لا يزال جوالاً حول العر.

18 - المعاصي تُنكّس القلب حتى يرى الباطل حقاً والحق باطلاً، والمعروف منكراً، والمنكر .

19 - تُضَيِّق الصدر، فالذي يقع في الجرائم، ويُعرض عن طاعة الله يضيق صدره بحسب إعراضه، قال الله ﷻ‬: +فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ الله الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ_([38]).

والمعاصي لها آثار على الدين:

20 - تزرع المعاصي أمثالها، ويولد بعضها بعضاً، حتى يصعب على العبد التخلص منها، كما قال بعض السلف:«‏إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها‏»‏‏.

21 - تَحْرِمُ الطاعة وتُثَبِّطُ عنها.

22 - المعصية سبب لهوان العبد العاصي على الله وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري :: ‏«‏هانوا عليه فعصوه، ولو عزّوا عليه لعصمهم‏»‏‏([39])، وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد، كما قال الله ﷻ‬: +وَمَن يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ _([40]).

23 - تُدخل الذنوب العبد تحت لعنة رسول الله ﷺ‬، فإنه لعن على معاصٍ وغيرها أكبر منها، فهي أولى بدخول فاعلها تحت اللعنة، فلعن: الواشمة والمستوشمة، والواصلة والمستوصلة([41])، ولعن النامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى([42])، ولعن آكل الربا وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء([43] ومرَّ على حمار قد وُسِمَ في وجهه فقال:«‏لعن الله الذي وسمه‏»‏‏([44])، ولعن السارق يسرق البيضة فتُقطع يده، ويسرق الحبل فتُقطع يده([45])، ولعن من ذبح لغير الله، ومن آوى مُحدِثاً، ومن لعن والديه، ومن غيّر منار الأرض([46])، ولعن المتشبّهات بالرجال من النساء، والمتشبّهين بالنساء من الرجال([47])، ولعن الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه [وآكل ثمنها]([48])، ولعن من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً يرميه([49])، ولعن المصور([50])، ولعن من سبَّ أباه، ومن سبَّ أمه، ومن كمه أعمى عن الطريق، ومن وقع على بهيمة، ومن عمل بعمل قوم لوط([51])، ولعن الراشي والمرتشي([52])، ولعن زوّارات القبور والمتّخذين عليها المساجد والسُّرُج([53])، ولعن من أتى امرأة في دبرها([54])، وأخبر أن من باتت مهاجرة لفراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح([55])، وأخبر أن من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه([56])، وقد لعن الله ﷻ‬ في كتابه من آذاه وآذى رسوله ﷺ‬ ([57])، ولعن من أفسد في الأرض، ونقض عهد الله وقطع ما أمر الله به أن يوصل ([58])، ولعن من كتم ما أنزل الله من البينات والهدى ([59])، ولعن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات بالفاحشة([60])، ولعن من جعل سبيل الكافرين أهدى من سبيل المؤمنين([61])، ولعن الله ورسوله على أشياء غير هذه، فلو لم يكن في فعل ذلك إلا رضاء فاعله بأن يكون ممن يلعنه الله ورسوله وملائكته لكان في ذلك ما يدعو إلى تركه، فليبتعد العاقل عن كل معصية حتى ينجو،والله المستعان([62]).

24 - حرمان دعوة الرسول ﷺ‬ والملائكة، فإن الله سبحانه أمر نبيه أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات، وبيّن سبحانه أن الملائكة يستغفرون لهم.

25 - والمعاصي تُسبّب نسيان الله لعبده ونسيان العبد نفسه، فإذا نسي الله العبد فهناك الهلاك الذي لا يُـرجى معــه نجا.

26 - تخرج صاحبها من دائرة الإحسان، فإن من عقوبات المعاصي أن تمنع العاصي ثواب المحسنين.

27 - تفوِّت ثواب المؤمنين، ومن فاته ثواب المؤمنين وحسن دفاع الله عنهم فاته كل خير، رتبه الله في كتابه على الإيمان، وهو نحو مائة خصلة كل خصلة منها خير من الدنيا وما فيها.

28 - توجب القطيعة بين العبد والرب، وإذا وقعت القطيعة بين العبد وربه انقطعت عنه أسباب الخير، واتصلت به أسباب .

29 - المعاصي تجعل صاحبها أسيراً للشيطان، وفي سجن شهواته وقيود هواه، فهو أسير مسجون .

30 - المعاصي تجعل صاحبها من السفلة؛ فإن الله خلق خلقه قسمين: عُلية، وسفلة، وجعل عليين مستقرّ العلية، وأسفل سافلين مستقر السفلة، وجعل أهل طاعته الأعلين في الدنيا والآخرة، وأهل معصيته الأسفلين في الدنيا والآخرة([63]).

31 - المعاصي تُسْقِط الكرامة، فإن من عقوباتها: سقوط الجاه، والمنزلة والكرامة عند الله ﷻ‬ ؛ فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم([64]).

32 - كراهية الله للعاصي، قال الله ﷻ‬: +وَالله لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ_([65] وقال ﷻ‬: +إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا_([66]).

36 - المعاصي تحرم الرزق، ولا شك أن الرجل قد يُحرم الرزق بالذنب لحديث ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ‬: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ، وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ»([67] وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق كما قال سبحانه: +وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ _([68]).

37 - المعاصي تُزيل النعم، وتحلّ النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، ولا حلّت به نقمة إلا بذنب، كما ذُكر عن علي بن أبي طالب t أنه قال:«‏ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة‏»‏‏([69] قال الله ﷻ‬: +وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ_([70] وقال ﷻ‬: +ذَلِكَ بِأَنَّ الله لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ_([71])، فلا يغيّر الله تعالى نعمته التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه، فيغير طاعة الله بمعصيته، وشكره بكفره، وأسباب رضاه بأسباب سخطه، فإذا غيَّر غُيِّر عليه جزاءً وفاقاً، وما ربك بظلام للعبي، فإن غيّر المعصية بالطاعة غيَّر الله عليه العقوبة بالعافية، والذلّ بالعزّ، قال الله تعالى: +إِنَّ الله لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ الله بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَـهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ_، ولقد أحسن القائل:

إذا كنت في نعمة فارعها

فإن المعاصي تُزيلُ النِّعَم

وحطها بطاعة ربِّ العباد

فربُّ العباد سريع النقم([72])

38 – المعاصي تزيل البركة في المال، وقد تُتلفه، ومن ذلك أن من كذب في بيعه وشرائه، وكتم العيوب في السلعة، عُوقب بمحق البركة، فعن حكيم بن حزام t عن النبي ﷺ‬ قال:«‏البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا، فإن صدقا وبيّنا بُورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما‏»‏‏([73] وعن أبي هريرة t عن النبي ﷺ‬ قال:«‏من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله‏»‏‏([74])، والمعنى أن من أخذ أموال الناس يريد أداءها فإن الله يفتح عليه في الدنيا، فييسّر له أداءه، أو يتكفّل الله به عنه يوم القيامة، ومن أخذها يريد إتلافها وقع له الإتلاف في معاشه وماله، وقيل: المراد بذلك عذاب الآخرة([75]).

39 – والمعاصي من آثارها على الفرد أنها تمحق البركات: بركة العمر، وبركة الرزق، وبركة العلم، وبركة العمل، وبركة الطاع.

40 - والمعاصي مجلبة للذمّ، فإن من عقوباتها أن تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف، وتكسوه أسماء الذمّ والصَّغار.

41 - والمعاصي تجرِّئ على الإنسان أعداءه، وهذا من عقوباتها على فاعلها، فتجرِّئ عليه الشياطين بالأذى والإغواء، والوسوسة، التخويف، والتحزين، وإنسائه ما فيه مصلحته، وتجرئ عليه شياطين الإنس بما تقدر عليه من أذاه في غيبته وحضوره، وتجرئ عليه أهله، وخدمه وأولاده، وجيرانه، وهذا يكفي في قبح المعاصي، والله المستعان([76]).

42 – والمعاصي تضعف العبد أمام نفسه، وهذا من أعظم عقوبات المعاصي، فإنها تخون العبد أحوج ما يكون إلى نفسه، فإن كل أحد يحتاج إلى معرفة ما ينفعه وما يضره في معاشه ومعاده، وأعلم الناس أعرفهم بذلك على التفصيل.

43 – من أعظم أخطار المعاصي: مكر الله بالماكر، ومُخادعته للمُخادع، واستهزاؤه بالمستهزئ، وإزاغته لقلب الزائغ عن الحق، وكل ذلك من عقوبات المعاصي، وأضرارها، نسأل الله العفو والعافية([77].

44 – المعاصي تسبب المعيشة الضنك في الدنيا وفي البرزخ، والعذاب في الآخرة، كلّ ذلك من عقوبات المعاصي، قال الله ﷻ‬: +وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى_([78]).

45 – المعاصي تسبب للعاصي تعسير أموره عليه، وهذا من أعظم ما يصيب العاصي، فلا يتوجَّهُ لأمر إلا يجده مُغلقاً دونه، أو متعسّراً عليه، وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسراً.

46 - تُقصِّر المعاصي العمر، وتمحق بركته ولا بدّ؛ فإن البر كما يزيد في العمر، فالفجور يقصّر العم.

47 – بالمعاصي يرفع الله مهابة العاصي من قلوب الخلق،وهذا من بعض عقوبات المعاصي.

والمعاصي لها آثار على الأعمال: فلاشك أن الأعمال تتأثر في بعض الأحوال بالمعاصي.

48 - فعن ثوبان t عن النبي ﷺ‬ أنه قال:«‏لأعلمنَّ أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة، بيضاً فيجعلها الله ﷻ‬ هباءً منثوراً‏»‏‏، قال ثوبان t: يا رسول الله صفهم لنا، جَلِّهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال:«‏أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها‏»‏‏([79] قلت: ولعل هؤلاء استحلّوا هذه المحارم، أو عملوا عملاً يخرجهم عن الإسلام، أو لهم غرماء أُعطوا هذه الحسنات كلها، والله ﷻ‬ أعلم.

49 - وعن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال:«‏أتدرون ما المفلس؟‏»‏‏ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال:«‏إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة: بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخِذَ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طُرح في النار‏»‏‏([80]).

50 - إهلاك الأمم بسبب المعاصي ولاشك أن جميع الأضرار في الدنيا والآخرة تحصل بسبب المعاصي، فما الذي أخرج الأبوين من الجنة، دار اللذة، والنعيم، والبهجة، والسرور، إلى دار الآلام، والأحزان، والمصائب؟، وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده، ولعنه، ومسخ ظاهره وباطنه، فجعل صورته أقبح صورة وأشنعها، وباطنه أقبح من صورته وأشنع، وبُدِّل بالقرب بُعداً، وبالرحمة لعنة، وبالجمال قبحاً، وبالجنة ناراً تلظّى، وبالإيمان كفراً؟، وما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماءُ فوق رؤوس الجبال؟ وما الذي سلّط الريح على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية، ودمّرت ما مرّت عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابّهم، حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة؟ وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطّعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم؟ وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم، ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها، فأهلكهم جميعاً، ثم أتبعهم حجارة من السماء أمطرها عليهم، فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمة غيرهم، ولإخوانهم أمثالها، وما هي من الظالمين ببعيد؟ وما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل، فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم ناراً تلظّى؟ وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر، ثم نُقلت أرواحهم إلى جهنم: فالأجساد للغرق، والأرواح للحرق؟ وما الذي خسف بقارون، وداره، وماله، وأهله؟ وما الذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواع ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: 40]، لاشك أن الذي أصاب هؤلاء جميعاً وأهلكهم هي ذنوبهم.

51 - إزالة النعم، فالمعاصي تزيل النعم بأنواعها؛ فإن شكر الله على نعمه يزيدها، قال الله ﷻ‬: +وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد_([81])، ونعم الله على عباده كثيرة لا تُحصى، كما قال ﷻ‬: +وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الله لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ_([82])، +وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ_([83] ومن النعم على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي: نعمة الإيمان، وهي أعظم النعم على الإطلاق، ونعمة المال والرزق الحلال، ونعمة الأولاد، ونعمة الأمن في الأوطان، ونعمة العافية في الأبدان([84])، وهذه النعم وغيرها تزيد بالشكر، وتزول أو تنقص، أو لا يبارك فيها للعبد بالذنوب والمعاصي، والإعراض عن الله ﷻ‬. قال الله ﷻ‬: +وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ _([85]).

52 – ومن خطر المعاصي نزول العقوبات العامة المهلكة، من ظهور الطاعون، ونزول الأوجاع التي لم تكن في الأسلاف الذين مضوا، والأخذ بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان، ومنع القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، وتسليط الأعداء، ويجعل الله بأسهم بينهم، فعن عبد الله بن عمر ب قال: أقبل علينا رسول الله ﷺ‬ فقال: ‏«‏يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم‏»‏‏(.

53 - وحلول الهزائم، فإن ذلك بأسباب المعاصي والإعراض عن دين الله ﷻ‬ ، كما أن من أسباب النصر الطاعة والإقبال على الله I، قال الله ﷻ‬: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ الله كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ * وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله وَالله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ _([86] وقال سبحانه: +إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ _([87] وقال الله ﷻ‬: +وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْـمُؤْمِنِينَ _([88] وقال سبحانه: +وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ _([89] وقال الله ﷻ‬: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا الله يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لّـَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَـهُمْ_([90])، فالأخذ بهذه الأسباب من أعظم أسباب النصر، وتركها من أعظم أسباب حلول الهزائم والخسارة في الدنيا والآخرة([91]).

54 - المعاصي مواريث الأمم الظالمة، فليحذر المسلم أن يرث المعاصي عن الظالمين، فإن اللوطية: ميراث عن قوم لوط، وأخذ الحق بالزائد ودفعه بالناقص: ميراث عن قوم شعيب، والعلو في الأرض بالفساد: ميراث عن قوم فرعون، والتكبر والتجبر: ميراث عن قوم هود، وغير ذلك، فالعاصي لابس ثياب هذه الأمم، وهم أعداء الله ﷻ‬([92]).

55 - المعاصي تؤثر حتى على الدوابّ، والأشجار، والأرض وعلى المخلوقات.

56 - تسبب عذاب القبر، وعذاب يوم القيامة، وعذاب النار، نعوذ بالله من ذلك([93]).

أما العلاج، وأسباب السلامة، فتكون:

أولاً: بالتوبة النصوح والاستغفار من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها، قال الله ﷻ‬: +وَتُوبُوا إِلَى الله جَمِيعًا أَيُّهَا الْـمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ_([94] وقال سبحانه: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَةً نَّصُوحًا_([95] وقال ﷻ‬: +قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ_([96] وقد مدح الله المسارعين إلى التوبة فقال: +وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ الله فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ الله وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ_([97] وقال الله ﷻ‬: +وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّـمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِـحًا ثُمَّ اهْتَدَى_([98]).

ثانياً: تقوى الله ﷻ‬ ، في السر والعلن، وهي أن يعمل العبد بطاعة الله على نور من الله يرجو ثواب الله، ويترك معصية الله على نور من الله يخاف عقاب الله. ويجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه ومن غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك.

ثالثاً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله ﷻ‬: +وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْـخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ_([99] وقد ثبت عن النبي ﷺ‬ أنه قال:«‏والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتدعُنُّه فلا يستجيب لكم ‏»‏‏([100])، وقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ هَذِهِ الآيَةَ وَتَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ قَالَ عَنْ خَالِدٍ وَإِنَّا سَمِعْنَا النَّبِيَّ ﷺ‬ يَقُولُ « إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ»، وَقَالَ عَمْرٌو عَنْ هُشَيْمٍ وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ‬ يَقُولُ: « مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا ثُمَّ لاَ يُغَيِّرُوا إِلاَّ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ »، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ كَمَا قَالَ خَالِدٌ أَبُو أُسَامَةَ وَجَمَا، وَقَالَ شُعْبَةُ فِيهِ «مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِى هُمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَعْمَلُهُ»([101]) وقال الله ﷻ‬: +فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ_(.

رابعاً: الاقتداء بالنبي ﷺ‬، في جميع الاعتقادات، والأقوال والأفعال([102]).

خامساً: الدعاء والالتجاء إلى الله ﷻ‬: فالدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلَّف عنه أثره: إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله؛ لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله ﷻ‬، وإما لحصول المانع من الإجابة: من أكل الحرام، والظلم، ورين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة والسهو واللهو، وإما لعدم توافر شروط الدعاء المستجاب([103])، والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء: يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن([104] ومقامات الدعاء مع البلاء ثلاثة:

المقام الأول: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.

المقام الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفاً.

المقام الثالث: أن يتقاوما، ويمنع كل واحد منهما صاحبه([105] فعن ابن عمر ب عن النبي ﷺ‬ قال:«‏الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء ‏»‏‏([106] وعن سلمان t قال: قال رسول الله ﷺ‬: ‏«‏لا يردُّ القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العُمرِ إلا البر ‏»‏‏([107])، الإلحاح في الدعاء من أنفع الأدوية، فالمسلم الصادق يُقبل على الدعاء، ويلزمه، ويُواظب عليه، ويُكرره في أوقات الإجابة، وهذا من أعظم ما يُطلب به إجابة الدعاء([108]).

وآفات الدعاء التي تمنع ترتّب أثره، أن يستعجل العبد ويستبطئ الإجابة، فيستحسر ويترك الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرساً فجعل يتعهّده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله([109])، وأوقات إجابة الدعاء مهمة ينبغي أن يعتني الداعي في دعائه بها، ومن أعظمها: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تُقضى صلاة الجمعة، وآخر ساعة بعد عصر يوم الجمعة، فإذا حضر القلب في هذه الأوقات، وصادف خشوعاً وانكساراً بين يدي الرب، وذلاً له وتضرّعاً ورقّة، واستقبل الداعي القبلة؛ وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنَّى بالصلاة على محمد عبده ورسوله ﷺ‬، ثم قدّم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على اللَّه وألحّ عليه في المسألة، وتوسّل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته، وتوحيده، وقدّم بين يدي دعائه صدقة؛ فإن هذا الدعاء لا يكاد يُردّ أبداً([110]).

والله أسأل أن يوفق جميع المسلمين لما يحبه ويرضاه، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، وأن يوفق ولاة أمرنا لما يحبه ويرضاه، ويصلح بطانتهم، ويعينهم على أمور دينهم، ودنياهم، ويجعلهم هداة مهتدين، غير ضالين، ولا مضلين، وأن ينفع بهم الإسلام، والمسلمين، وصلى اللَّه، وسلم، وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

كتبه

د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني

حرر في يوم الخميس 13/ 2/ 1439هـ

([1]) انظر: الجواب الكافي ، ص221، والمعاصي وأثرها على الفرد والمجتمع، ص30 .

([2]) سورة النساء، الآية: 14 .

([3]) سورة الأحزاب، الآية: 36 .

([4]) سورة الفرقان، الآية: 20 .

([5]) الفوائد، ص105 .

([6]) انظر: الجواب الكافي ، ص222-223 .

([7]) الجواب الكافي ، ص223 .

([8]) سورة النساء، الآية: 31 .

([9]) سورة النجم، الآية: 32 .

([10]) البخاري، برقم 4477، ومسلم90، برقم 86 .

([11]) البخاري، برقم 2654، ومسلم، برقم 87 .

([12]) مسلم، برقم 2332 .

([13]) البخاري، برقم 2766، ومسلم، برقم 89 .

([14]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 2/444، وشرح العقيدة الطحاوية، ص418، والجواب الكافي، ص225-226 .

([15]) تقدم تخريجه.

([16]) ابن ماجه417، برقم 4243، وأحمد، 6/70، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 513، 2731 .

([17]) أخرجه أحمد في المسند، 5/331، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة،1/129، برقم 389.

([18]) البخاري، برقم 6308 .

([19]) انظر: مختصر منهاج القاصدين ، ص258 .

([20]) الجواب الكافي ، ص84 .

([21]) سورة الحج، الآية: 46 .

([22]) الجواب الكافي ، ص104، 148، 173، 212 .

([23]) ديوان الشافعي، ص88، وانظر: الجواب الكافي، ص104 .

([24]) انظر: الجواب الكافي، ص105-106 .

([25]) المرجع السابق، ص106 .

([26]) سورة المطففين، الآيتان: 14-15 .

([27]) انظر: الجواب الكافي، ص215 .

([28]) سورة فاطر، الآية: 10 .

([29]) سورة المنافقون، الآية: 8 .

([30]) البخاري، برقم 7416، ومسلم، برقم 1499 .

([31]) البخاري، برقم 5221 .

([32]) البخاري، برقم 5223، ومسلم، برقم 2761.

([33]) النسائي، برقم 2558، وأحمد في المسند، 5/445، وله شاهد عند ابن ماجه، برقم 1996، والحديث حسنه الألباني بطرقه في إرواء الغليل، 7/58، برقم 1999 .

([34]) انظر: حاشية السندي على سنن النسائي، 5/79 .

([35]) انظر: شرح السيوطي على سنن النسائي، 5/79 .

([36]) مسلم، برقم 37 .

([37]) البخاري، برقم 6117، ومسلم، برقم 37 .

([38]) سورة الأنعام، الآية: 125 .

([39]) المرجع السابق، ص112 .

([40]) سورة الحج، الآية: 18 .

([41]) البخاري، برقم 5933، ومسلم، برقم 2124 .

([42]) البخاري، برقم 5931، ومسلم، برقم 2125 .

([43]) مسلم، برقم 1597 .

([44]) مسلم، برقم 2117 .

([45]) مسلم، برقم 1687 .

([46]) مسلم، برقم 1978 .

([47]) البخاري، برقم 5885 .

([48]) أبو داود، برقم 3674، وابن ماجه، 2/1122، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/700، وما بين المعقوفين لابن ماجه.

([49]) مسلم، برقم 1958 .

([50]) البخاري، برقم 5962 .

([51]) أحمد في المسند،1/217، وصحح إسناده أحمد محمد شاكر في شرحه للمسند،3/266،برقم 1875 .

([52]) الترمذي، برقم 1336، وأبو داود، برقم 3580، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 2/34، وإرواء الغليل، برقم 2626، وفي صحيح سنن أبي داود، برقم 3055 .

([53]) أبو داود، برقم 3236، والترمذي، 2/136، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 1/308 .

([54]) أبو داود، برقم 2162، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/406 .

([55]) البخاري، برقم 5193 .

([56]) مسلم، برقم 2616.

([57]) انظر: سورة الأحزاب، الآية: 57 .

([58]) انظر: سورة الرعد، الآية: 25 .

([59]) انظر: سورة البقرة، الآية: 159 .

([60]) انظر: سورة النور، الآية: 23 .

([61]) انظر: سورة النساء، الآيتان: 51-52 .

([62]) انظر: الجواب الكافي ، ص115-119 .

([63]) انظر: المرجع السابق، ص161 .

([64]) ]إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ [ سورة الحجرات، الآية: 13 .

([65]) سورة البقرة، الآية: 276 .

([66]) سورة النساء، الآية: 107 .

([67]) مسند أحمد، 37/ 68، برقم 22386، وحسنه لغيره محققو المسند،. ورواه النسائي في الكبرى، برقم 11575، وابن ماجه، برقم 90.

([68]) سورة الطلاق، الآيتان: 2-3 .

([69]) المرجع السابق، ص142 .

([70]) سورة الشورى، الآية: 30 .

([71]) سورة الأنفال، الآية: 53 .

([72]) الجواب الكافي ، ص142 .

([73]) البخاري، برقم 2079، ومسلم، برقم 1532 .

([74]) البخاري، ،برقم 2387.

([75]) انظر: فتح الباري، لابن حجر، 5/54 .

([76]) انظر: الجواب الكافي، ص166 .

([77]) انظر: المرجع السابق، ص215 .

([78]) سورة طه، الآية: 124 .

([79]) أخرجه ابن ماجه، 2/1418، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 3/17، برقم 505، وفي صحيح ابن ماجه، 2/417 .

([80]) أخرجه مسلم، برقم 2581 .

([81]) سورة إبراهيم، الآية: 7 .

([82]) سورة النحل، الآية: 18 .

([83]) سورة إبراهيم، الآية: 34 .

([84]) انظر: الجواب الكافي، ص142، والمعاصي وآثارها على الفرد والمجتمع ، ص141-150 .

([85]) سورة الشورى، الآية: 30 .

([86]) سورة الأنفال، الآية: 45-47 .

([87]) سورة غافر، الآية: 51 .

([88]) سورة الروم، الآية: 47 .

([89]) سورة الحج، الآية: 40 .

([90]) سورة محمد، الآيتان: 7-8 .

([91]) انظر: المعاصي وآثارها على الفرد والمجتمع ، ص153-154 .

([92]) انظر: الجواب الكافي ، ص111 .

([93]) انظر: المرجع السابق، ص120-124، والمعاصي وآثارها على الفرد والمجتمع، ص164-222 .

([94]) سورة النور، الآية: 31 .

([95]) سورة التحريم، الآية: 8 .

([96]) سورة الزمر، الآية: 53 .

([97]) سورة آل عمران، الآية: 135 .

([98]) سورة طه، الآية: 82 .

([99]) سورة آل عمران، الآية: 104 .

([100]) الترمذي، برقم 2169، وأحمد في اللفظ له في مسنده، 5/388،وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/233 .

([101]) أبو داود، برقم 4338، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 286ـ برقم 2317.

([102]) انظر: المعاصي وآثارها على الفرد والمجتمع، ص303-322 .

([103]) انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ، ص22، 35 .

([104]) انظر: المرجع السابق، ص23-24 .

([105]) انظر: المرجع السابق، ص24، 35-37 .

([106]) الحاكم، 1/493، وأحمد في المسند، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، 3/151، برقم 3402 .

([107]) الترمذي، برقم 2139، بلفظه، وقال: «هذا حديث حسن غريب»، وأخرجه الحاكم بنحوه، 1/493، من حديث ثوبان وصححه ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 1/76، برقم 154.

([108]) انظر: الجواب الكافي لابن القيم، ص25، وشروط الدعاء وموانع الإجابة، لسعيد بن علي بن وهف [المؤلف]، ص51-52 .

([109]) انظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص26، وشروط الدعاء وموانع الإجابة، لسعيد بن علي بن وهف [المؤلف]، ص39.

([110]) انظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص27-28، وشروط الدعاء وموانع الإجابة، لسعيد بن علي بن وهف [المؤلف]، ص45-91 .