الفضل الكبير في الصلاة على البشير النذير
التصنيفات
الوصف المفصل
- الفضل
الكبير في الصلاة والسلام على البشــير النذير صلى الله عليه وسلم
- المقدمة
- المبحث الأول: الأمر بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
- المبحث الثاني: فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
- المبحث الثالث: مواضع ومواطن وأحوال وأوقات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
- المبحث الرابع: الفوائد والثمرات التي تحصل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
- المبحث الخامس: صفات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
- المبحث السادس: شرح الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
- المبحث السابع: المصنفات في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
الفضل الكبير في الصلاة والسلام على البشــير النذير صلى الله عليه وسلم
تأليف الفقير إلى الله تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
المقدمة
إن الحمد للَّه، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده، لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخليله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، صلى اللَّه عليه وسلَّم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فهذه رسالة لطيفة في الصلاة والسلام على النبي الكريم، البشير، النذير، خاتم الأنبياء والمرسلين؛ محمد بن عبد اللَّه، عليه أفضل الصلاة، وأتمّ التسليم، بيّنت فيها أمر اللَّه ، وأمر رسوله بالصلاة، والسلام عليه تسليماً ، وذكرتُ الأحاديث في فضل الصلاة والسلام عليه ، التي تدل على أن المكثرين من الصلاة والسلام عليه، لهم الفضل والأجر الكبير العظيم، والثواب الجزيل، وأن أكثر الناس عليه صلاة أولاهم به يوم القيامة، ثم ذكرت المواضع، والمواطن، والأحوال، والأوقات التي يُصلَّى عليه فيها ، فبلغت خمساً وعشرين موطناً ثبتت في الأحاديث التي ذكرتها، وبيّنت الفوائد، والثمرات التي يحصل عليها المصلِّي والمسلِّم على النبي تسليماً، وقد بلغت تسعاً وثلاثين ثمرة، الثمرة الواحدة خير من الدنيا، وما فيها، ثم بيّنت أربع صفات، وكيفيات من صفات الصلاة والسلام عليه تسليماً، ثم شرحت الصلاة والسلام على النبي ، وبيّنت معانيها التي ينبغي لكل مسلم أن يفهمها، وترسخ في ذهنه، ثم ختمت ذلك كله بذكر المصنفات التي بلغتني في الصلاة والسلام على النبي الكريم تسليماً؛ ليعلم المسلم اهتمام العلماء، وعنايتهم الفائقة بالصلاة والسلام عليه ، فقد بلغت المؤلفات التي اطلعت على عناوينها مائة وسبعة وثمانين «187» مصنفاً، المطبوع منها فيما أعلم تسعة وثلاثين «39» مؤلفاً، ثم عملت فهرساً للأحاديث، والآثار التي أوردتها في هذه الرسالة، فبلغت مائة وسبعة 107 أحاديث، وعملت فهرساً مفصلاً للموضوعات، وسميته: «الفضل الكبير في الصلاة والسلام على البشير النذير ».
وحقوقه على أمته كثيرة، وهذا من أقل القليل من حقوقه علينا صلى اللَّه عليه وسلّم تسليماً كثيراً.
واللَّه تعالى أسأل بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلا أن يجعل هذا العمل مباركاً مقبولاً، نافعاً، خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي، وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا، ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم، وصلّى اللَّه على عبده، ورسوله، وخيرته من خلقه، نبينا محمد بن عبد اللَّه ، وعلى آله، وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
كتبه
الفقير إلى اللَّه تعالى أبو عبد الرحمن
سعيد بن علي بن وهف القحطاني
حرر في يوم السبت الموافق 19/ 3/ 1436هـ
المبحث الأول: الأمر بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
أمر اللَّه بالصلاة والسلام على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وبدأه بنفسه ، فصلى عليه ، وثنَّى بملائكته، وبين أنهم يصلون عليه .
أولاً: أمر اللَّه بالصلاة والسلام على النبي : قال اللَّه تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾( ).
أ- قال الإمام ابن كثير :: «وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ عِبَادَهُ بِمَنْزِلَةِ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ عِنْدَهُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى، بِأَنَّهُ يُثْنِي عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ تَعَالَى أَهْلَ الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، لِيَجْتَمِعَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعَالَمِينَ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ جَمِيعًا»( ).
ب- وقال أيضاً :: «قَالَ النَّوَوِيُّ: إِذَا صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ فَلْيَجْمَعْ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ، فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَلَا يَقُولُ: «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَطْ»، وَلَا «عَلَيْهِ السَّلَامُ» فَقَطْ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُنْتَزَعٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَهِيَ قَوْلَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا»( ).
ج- وقال العلامة السعدي : في تفسير هذه الآية: «وهذا فيه تنبيه على كمال رسول اللَّه ، ورفعة درجته، وعلو منزلته عند اللَّه، وعند خلقه، ورفع ذكره، و﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ تعالى ﴿وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ﴾ عليه، أي: يثني اللَّه عليه بين الملائكة، وفي الملأ الأعلى، لمحبته تعالى له، وتثني عليه الملائكة المقربون، ويدعون له ويتضرعون.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اقتداء باللَّه، وملائكته، وجزاء له على بعض حقوقه عليكم، وتكميلاً لإيمانكم، وتعظيمًا له ، ومحبة وإكرامًا، وزيادة في حسناتكم، وتكفيرًا من سيئاتكم، وأفضل هيئات الصلاة عليه، عليه الصلاة والسلام، ما علَّم به أصحابه: «اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد»، وهذا الأمر بالصلاة والسلام عليه مشروع في جميع الأوقات، وأوجبه كثير من العلماء في الصلاة»( ).
ثانياً: أمر النبي بالصلاة عليه في أحاديث كثيرة، منها:
1- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا»( ).
2- وعَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ :، أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَأْتِي كُلَّ غَدَاةٍ، فَيَزُورُ قَبْرَ النَّبِيِّ ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ، وَيَصْنَعُ ذَلِكَ مَا اشْتَهَرَهُ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: أُحِبُّ التَّسْلِيمَ عَلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: هَلْ لَكَ أَنْ أُحَدِّثَكَ حَدِيثًا عَنْ أَبِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَلا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ، وَسَلِّمُوا حَيْثُمَا كُنْتُمْ، فَسَيَبْلُغُنِي سَلامُكُمْ وَصَلاتُكُمْ»( ).
وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة المذكورة في هذا الكتاب وفي غيره.
المبحث الثاني: فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
جاءت الأدلة الثابتة التي تدل على فضل الصلاة والتسليم على النبي عليه الصلاة والسلام، في أحاديث كثيرة، تبين الفضل العظيم الكبير في ثواب من صلى عليه وسلم، عليه الصلاة والسلام، ومنها الأحاديث الآتية:
3- 1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ب، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ»( ).
4- 2- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ عَشْرًا»( ).
5- 3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً وَاحِدَةً، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ»( ).
6- 4- وعَنْ عامر بن ربيعة ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَخْطُبُ يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا صَلَّى عَلَيَّ، فَلْيُقِلَّ عَبْدٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ»( ).
7- 5- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً، صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيئَاتٍ»( ).
8- 6- ولفظ سنن النسائي عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ»( ).
9- 7- وفي النسائي في السنن، عن أَبِي طَلْحَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالْبِشْرُ يُرَى فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: «إِنَّهُ جَاءَنِي جِبْرِيلُ ، فَقَالَ: أَمَا يُرْضِيكَ يَا مُحَمَّدُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إِلَّا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَلَا يُسَلِّمَ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إِلَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا»( ).
10- 8- ولفظ أحمد عن أَبِي طَلْحَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالْبِشْرُ يُرَى فِي وَجْهِهِ، فَقُلْنَا: إِنَّا لَنَرَى الْبِشْرَ فِي وَجْهِكَ، فَقَالَ: «إِنَّهُ أَتَانِي مَلَكٌ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ رَبَّكَ يَقُولُ: أَمَا يُرْضِيكَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ، إِلَّا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ إِلَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا»( ).
11- 9- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ نَخْلًا فَسَجَدَ، فَأَطَالَ السُّجُودَ حَتَّى خِفْتُ - أَوْ خَشِيتُ - أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ تَوَفَّاهُ - أَوْ قَبَضَهُ - قَالَ: فَجِئْتُ أَنْظُرُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ» قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قال: فَقَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِي: أَلا أُبَشِّرُكَ إِنَّ اللهَ يَقُولُ لَكَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ»( ).
12- 10- وفي لفظ لأحمد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَتَوَجَّهَ نَحْوَ صَدَقَتِهِ فَدَخَلَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَخَرَّ سَاجِدًا، فَأَطَالَ السُّجُودَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ قَبَضَ نَفْسَهُ فِيهَا، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، ثُمَّ جَلَسْتُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» قُلْتُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَجَدْتَ سَجْدَةً خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ قَبَضَ نَفْسَكَ فِيهَا، فَقَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ ، أَتَانِي فَبَشَّرَنِي، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْرًا»( ).
13- 11- ولفظ لأحمد، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا طَيِّبَ النَّفْسِ، يُرَى فِي وَجْهِهِ الْبِشْرُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ طَيِّبَ النَّفْسِ، يُرَى فِي وَجْهِكَ الْبِشْرُ، قَالَ: «أَجَلْ، أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ مِنْ أُمَّتِكَ صَلَاةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ، وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا»( ).
14- 12- وفي النسائي في السنن الكبرى عَنْ أَبِي بردة بن نيار ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِنْ أُمَّتِي صَلَاةً مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَرَفَعَهُ بِهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ»( ).
15- 13- ولفظ الطبراني عن أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَا صَلَّى عَلَيَّ عَبْدٌ مِنْ أُمَّتِي صَلَاةً صَادِقًا بِهَا فِي قَلْبِ نَفْسِهِ إِلَّا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَرَفَعَ لَهُ بِهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ بِهَا عَشْرَ سيئاتٍ»( ).
16- 14- وعن أنَس، وَمَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ ب، أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ يَتَبَرَّزُ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَتْبَعُهُ، فَخَرَجَ عُمَرُ فَاتَّبَعَهُ بِفَخَّارَةٍ، أَوْ مِطْهَرَةٍ، فَوَجَدَهُ سَاجِدًا فِي مِسْرَبٍ( )، فَتَنَحَّى فَجَلَسَ وَرَاءَهُ، حَتَّى رَفَعَ النَّبِيُّ رَأْسَهُ فَقَالَ: «أَحْسَنْتَ يَا عُمَرُ حِينَ وَجَدْتَنِي سَاجِدًا فَتَنَحَّيْتَ عَنِّي، إِنَّ جِبْرِيلَ جَاءَنِي فَقَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ»( ).
17- 15- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا»( ).
18- 16- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ»( ).
19- 17- وعَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ :، أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَأْتِي كُلَّ غَدَاةٍ، فَيَزُورُ قَبْرَ النَّبِيِّ ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ، وَيَصْنَعُ ذَلِكَ مَا اشْتَهَرَهُ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: أُحِبُّ التَّسْلِيمَ عَلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: هَلْ لَكَ أَنْ أُحَدِّثَكَ حَدِيثًا عَنْ أَبِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَلا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ، وَسَلِّمُوا حَيْثُمَا كُنْتُمْ، فَسَيَبْلُغُنِي سَلامُكُمْ وَصَلاتُكُمْ»( ).
20- 18- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ»( ).
21- 19- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ»( ).
22- 20- عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا بِها مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا حَتَّى يُبْلِغْنِيهَا»( ).
23- 21- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَوْلَى النَّاسِ( ) بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاَةً»( ).
24- 22- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ب، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ، خَطِئَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ»( ).
25- 23- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :«مَنْ نَسِيَ الصَّلاَةَ عَلَيَّ خطئ( ) بِهِ طَرِيقُ الْجَنَّةِ»( ).
26- 24- عن عبد الله بن عمرو ب قال: قال رسول اللَّه : «من صلَّى عليَّ أو سألَ ليَ الوسيلةَ حقَّتْ عليه شفاعتي يومَ القيامة»( ).
27- 25- وعن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول اللَّه «...ورَأيْتُ رَجلاً مِنْ أمَّتِي يَزْحَفُ على الصِّرَاطِ مرَّةً، ويَحْبُو مَرَّةً، فَجاءَتْهُ صلاتُهُ عَلَيَّ فأَخَذَتْ بِيَدِهِ، فأقامَتْهُ على الصّرَاطِ حَتّى جازَ...»( ).
المبحث الثالث: مواضع ومواطن وأحوال وأوقات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
الصلاة والسلام على النبي دلت النصوص على أنها تقال في أوقات، ومواضع، ومواطن، وأحوال معينة، كما دلت النصوص على أنه يُصلَّى ويُسلَّم على النبي مطلقاً في أي وقت، بدون تحديد، ومن هذه الأمور ما يأتي:
الأول: الصلاة على النبي في التشهد الأخير:
28- 1- ولفظ آخر للبخاري: عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا السَّلاَمُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»( ).
29- 2- ولفظ آخر للبخاري أيضاً: عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ ، فَقَالَ: أَلاَ أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ إِنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «فَقُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»( ).
30- 3- ولفظ مسلم: عن ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ ، فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْنَا: قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»( ).
31- 4- وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ، حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ»( ).
32- 5- ولفظ البخاري: عن أَبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ ، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»( ).
33- 6- وعند الدارقطني عنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّه وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا فِي صَلَاتِنَا؟ قَالَ: فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى أَحْبَبْنَا أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»( ).
34- 7- ولفظ أحمد عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّه وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ، فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا فِي صَلَاتِنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى أَحْبَبْنَا أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَسْأَلْهُ، فَقَالَ: «إِذَا أَنْتُمْ صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَقُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»( ).
35- 8- عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ [ابن أبي ليلى]: وَنَحْنُ نَقُولُ وَعَلَيْنَا مَعَهُمْ»( ).
36- 9- وعند البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا التَّسْلِيمُ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ»، قَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنْ اللَّيْثِ: «عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ»، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ، وَقَالَ: «كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَآلِ إِبْرَاهِيمَ»( ).
37- وعند البخاري أيضاً عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا السَّلَامُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَآلِ إِبْرَاهِيمَ»( ).
38- 10- وعند الطحاوي عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّه، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ»( ).
39- 11- وعن عَائِشَةَ لقَالَتْ: «كُنَّا نُعِدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ لِمَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَسْتَاكُ، وَيَتَوَضَّأُ، وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ، لَا يَجْلِسُ فِيهِنَّ إِلَّا عِنْدَ الثَّامِنَةِ، وَيَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ ، وَيَدْعُو بَيْنَهُنَّ، وَلَا يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا، ثُمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَةَ، وَيَقْعُدُ، وَذَكَرَ كَلِمَةً نَحْوَهَا، وَيَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ ، وَيَدْعُو، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِد»( ).
الثاني: الصلاة عليه في آخر التشهد الأول على الصحيح.
40- 1- عنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّه وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا فِي صَلَاتِنَا؟ قَالَ: فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى أَحْبَبْنَا أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»( ).
41- 2- ولفظ أحمد عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّه وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ، فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا فِي صَلَاتِنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى أَحْبَبْنَا أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَسْأَلْهُ، فَقَالَ: «إِذَا أَنْتُمْ صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَقُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»( )،( ).
الثالث: الصلاة عليه في آخر دعاء القنوت:
42- عن عبد اللَّه بن الحارث : أَنَّ أَبَا حَلِيمَةَ مُعَاذًا الْقَارِيَّ : «كَانَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ فِي الْقُنُوتِ»( ).
الرابع: الصلاة عليه في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثانية،
43- 1- عن الزهري :، قال: سمعت أبا أمامة بن سهل بن حنيف ، يحدث سعيد بن المسيب : قال: إن السنة في صلاة الجنازة، أن يقرأ بفاتحة الكتاب، ويصلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم عن الشعبي، قال: «أول تكبيرة من الصلاة على الجنازة ثناء على الله ، والثانية صلاة على النبي ، والثالثة دعاء للميت، والرابعة السلام( ).
44- 2- عن ابن عمر ب: أنه يكبر على الجنازة ويصلي على النبي ثم يقول : «اللهم بارك فيه وصل عليه واغفر له وأورده حوض نبيك »( ).
45- 3- عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ :، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ تُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : «أَنَا، لَعَمْرُ اللَّهِ أُخْبِرُكَ. أَتَّبِعُهَا مِنْ أَهْلِهَا. فَإِذَا وُضِعَتْ كَبَّرْتُ، وَحَمِدْتُ اللَّهَ، وَصَلَّيْتُ عَلَى نَبِيِّهِ». ثُمَّ أَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنَّهُ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا، فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا، فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ»( ).
الخامس: الصلاة على النبي في الخطب:
46- 1- لحديث أبي هريرة عن النبي أنه قال: «كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء»( ).
47- 2- عن عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ : قَالَ: كَانَ أَبِي مِنْ شُرَطِ عَلِيٍّ ، وَكَانَ تَحْتَ الْمِنْبَرِ، فَحَدَّثَنِي أَبِي: أَنَّهُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ - يَعْنِي عَلِيًّا - فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ، وَقَالَ: «خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَالثَّانِي عُمَرُ، وَقَالَ: يَجْعَلُ اللهُ تَعَالَى الْخَيْرَ حَيْثُ أَحَبَّ»( ).
48- 3- قال الإمام ابن القيم :: «فمن أوجب الصلاة على النبي في الخطبة دون التشهد، فقوله في غاية الضعف»( )، وذكر : آثاراً عن بعض الصحابة والتابعين تدل على الصلاة على النبي في الخطبة، ثم قال: «فهذا دليل على أن الصلاة على النبي في الخطب كان أمراً مشهوراً، معروفاً عند الصحابة أجمعين، وأما وجوبها فيعتمد دليلاً يجب المصير إليه، وإلى مثله»( ).
السادس: الصلاة على النبي بعد إجابة المؤذن
49- 1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ب، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ»( ).
السابع: الصلاة على النبي بعد إجابة المؤذن في الإقامة:
50- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، ثَلَاثًا، لِمَنْ شَاءَ»( )؛ لأن الإقامة أذان، فيُصلَّى على النبي في نهايتها، كما دل عليه حديث عبد اللَّه بن عمرو ب في متابعة الأذان.
الثامن: الصلاة على النبي عند الدعاء: في أوله وفي آخره:
51- 1- عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ، قَالَ: «إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّكَ »( ).
52- 2- عنْ عَلِيٍّ قَالَ: «كُلُّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ »( ).
53- 3- عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ، حَدَّثَنَا أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعَ رَسُولُ اللهِ رَجُلًا يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «عَجِلَ هَذَا» ثُمَّ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ، ثُمَّ لِيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ»( ).
وله ثلاث مراتب( ):
المرتبة الأولى: يصلى عليه بعد حمد اللَّه تعالى قبل الدعاء.
المرتبة الثانية: يصلى عليه في أول الدعاء، وأوسطه، وآخره.
المرتبة الثالثة: يصلى عليه في أول الدعاء، وآخره ويجعل حاجته بينهما.
التاسع: الصلاة والسلام على النبي عند دخول المسجد؛
54- 1- عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله إذا دخل المسجد قال: «بسم اللَّه، اللَّهمّ صلّ على محمّد»، وإذا خرج قال: «بسم اللَّه، اللَّهمّ صلّ على محمّد»( ).
55- 2- وعن أبي هريرة أن رسول اللَّه قال: «إذا دخل أحدكم المسجد - أو أتى إلى المسجد - فليسلم على النبي ، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليسلم على النبي ، وليقل: اللهم أعذني من الشيطان الرجيم». وقال ابن مكرم في حديثه: «واعصمني»( ).
56- 3- ولفظ أبي داود، في الرواية الثانية له: عن أَبي حُمَيْدٍ، أَوْ أَبي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ ، َقالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، فَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ»( ).
57- 4- وعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ل، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَقُولُ: «بِسْمِ اللَّهِ، وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي, وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ»، وَإِذَا خَرَجَ, قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ»( ).
العاشر: الصلاة على النبي والسلام عليه عند الخروج من المسجد،
58- 1- لفظ ابن ماجه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ ، وَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ، وَلْيَقُل: اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»( ).
59- 2- وعَنْ فَاطِمَةَ لبِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَقُولُ: «بِسْمِ اللَّهِ، وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي, وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ»، وَإِذَا خَرَجَ, قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ»( ).
الحادي عشر: الصلاة على النبي على الصفا:
60- قال الإمام ابن القيم :: «روى إسماعيل بن إسحاق في كتابه: ثنا هدبة، ثنا همام، بن يحيى، ثنا نافع، عن ابن عمر ب أن النبي كان يكبر على الصفا ثلاثاً يقول: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، ثم يصلِّي على النبي ، ثم يدعو، ويطيل القيام والدعاء، ثم يفعل على المروة نحو ذلك»( ).
الثاني عشر: الصلاة على النبي على المروة:
61- قال الإمام ابن القيم :: «روى إسماعيل بن إسحاق في كتابه: ثنا هدبة، ثنا همام، بن يحيى، ثنا نافع، عن ابن عمر ب أن النبي كان يكبر على الصفا ثلاثاً يقول: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، ثم يصلِّي على النبي ، ثم يدعو، ويطيل القيام والدعاء، ثم يفعل على المروة نحو ذلك»( ).
الثالث عشر: الصلاة على النبي عند اجتماع القوم قبل تفرقهم
62- 1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ، إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً، فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ»، وهذا لفظ الترمذي( ).
63- 2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَا قَعَدَ قَوْمٌ مَقْعَدًا لَا يَذْكُرُونَ فِيهِ اللَّهَ ، وَيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ، إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنْ دَخَلُوا الْجَنَّةَ لِلثَّوَابِ»( ).
64- 3- عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْ غَيْرِ ذِكْرِ اللهِ ، وَصَلاَةٍ عَلَى النَّبِيِّ ، إِلاَّ قَامُوا عَنْ أَنْتَنِ جِيفَةٍ»( ).
65- 4- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي مَجْلِسٍ ، فَتَفَرَّقُوا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ ، وَالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ ، إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ»( ).
66- 5- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قال رسول اللَّه : «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يُصَلَّ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ إِلاَّ كَانَتْ عَلَيْهِمْ حَسْرَةٌ وَإِنْ دَخَلُوا الْجَنَّةَ»( ).
الرابع عشر: الصلاة على النبي عند ذكره
67- 1- عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ رَقَى الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ»، قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كُنْتَ تَصْنَعُ هَذَا؟ فَقَالَ: «قَالَ لِي جِبْرِيلُ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ، أَوْ أَحَدَهُمَا لَمْ يُدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ»( ).
68- 2- عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ، قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ أَحَدَ وَالِدَيْهِ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَمَاتَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأُدْخِلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ»( ).
69- 3- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ رَقَى الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا رَقَى الدَّرَجَةَ الْأُولَى قَالَ: «آمِينَ»، ثُمَّ رَقَى الثَّانِيَةَ فَقَالَ: «آمِينَ»، ثُمَّ رَقَى الثَّالِثَةَ فَقَالَ: «آمِينَ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْنَاكَ تَقُولُ: آمِينَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ؟ قَالَ: «لَمَّا رَقِيتُ الدَّرَجَةَ الْأُولَى جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: شَقِيَ عَبْدٌ أَدْرَكَ رَمَضَانَ، فَانْسَلَخَ مِنْهُ وَلَمْ يُغْفَرْ لَه، فَقُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: شَقِيَ عَبْدٌ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يُدْخِلاَهُ الْجَنَّةَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: شَقِيَ عَبْدٌ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ»( ).
70- 4- عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «احْضَرُوا الْمِنْبَرَ»، فَحَضَرْنَا، فَلَمَّا ارْتَقَى دَرَجَةً، قَالَ: «آمِينَ»، فَلَمَّا ارْتَقَى الدَّرَجَةَ الثَّانِيَةَ، قَالَ: «آمِينَ»، فَلَمَّا ارْتَقَى الدَّرَجَةَ الثَّالِثَةَ، قَالَ: «آمِينَ»، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ سَمِعْنَا مِنْكَ الْيَوْمَ شَيْئًا مَا كُنَّا نَسْمَعُهُ، قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَرَضَ لِي فَقَالَ: بُعْدًا لِمَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَغْفَرْ لَهُ، قُلْتُ: آمِينَ، فَلَمَّا رَقِيتُ الثَّانِيَةَ قَالَ: بُعْدًا لِمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، قُلْتُ: آمِينَ، فَلَمَّا رَقِيتُ الثَّالِثَةَ قَالَ: بُعْدًا لِمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ عِنْدَهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَمْ يُدْخِلاَهُ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: آمِينَ»( ).
71- 5- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، فَلَمْ يُدْخِلاَهُ الْجَنَّةَ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ، ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ»( ).
72- 6- عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه : «البَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ»( ).
73- 7- عن عَلِيِّ بن حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حُسَيْنِ بن عَلِيّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَخَطِئَ الصَّلاةَ عَلَيَّ، خَطِئَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ»( ).
74- 8- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ب، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ، خَطِئَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ»( ).
75- 9- عَنْ أَبِي ذَرٍّ قال: قال رسول اللَّه : «إنَّ أَبْخَلَ النَّاسِ لَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ»( ).
الخامس عشر: الصلاة على النبي عند زيارة قبره
76- 1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ :، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ «يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ ، فَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ، وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ»( ).
77- 2- عَنْ نَافِعٍ :: «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَتَاهُ»( ).
78- 3- عن عبد اللَّه بن دينار :، قال: «رأيت ابن عمر بإذا قدم من سفر دخل المسجد، فقال: السلام عليك يا رسول اللَّه، السلام على أبي بكر، السلام على أبي، ويصلي ركعتين»( ).
السادس عشر الصلاة على النبي يوم الجمعة
79- 1- عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ - يَعْنِي: بَلِيتَ - فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قد حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ»( ).
80- 2- وعن أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُهْبِطَ، وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَاتَ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ وَهِيَ مُسِيخَةٌ( ) يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ حِينَ تُصْبِحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شَفَقًا مِنَ السَّاعَةِ، إِلاَّ الْجِنَّ وَالإِنْسَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ حَاجَةً إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهَا»، قَالَ كَعْبٌ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ، فَقُلْتُ: بَلْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، قَالَ: فَقَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ، فَقَالَ: صَدَقَ النَّبِيُّ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ثُمَّ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلاَمٍ، فَحَدَّثْتُهُ بِمَجْلِسِي مَعَ كَعْبٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ قَدْ عَلِمْتُ أَيَّةَ سَاعَةٍ هِيَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَأَخْبِرْنِي بِهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ: هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لاَ يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ يُصَلِّي»، وَتِلْكَ السَّاعَةُ لاَ يُصَلَّى فِيهَا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ فَهُوَ فِي صَلاَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ»، قَالَ: فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ هُوَ ذَاكَ»( ).
81- 3- وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ؛ فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا»( ).
82- 4- عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :«أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ فَإِنَّ صَلاَةَ أُمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلاَةً كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً»( ).
السابع عشر: الصلاة على النبي عند الهم إذا أراد أن يكفيه الله ما أهمَّه:
83- 1- عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ، اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ»، قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟( )، فَقَالَ: «مَا شِئْتَ»، قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: النِّصْفَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلَّهَا، قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ»( ).
الثامن عشر: الصلاة على النبي يكفيه الله بها ما أهمه في الدنيا والآخرة:
84- عن أبي بن كعب ، قال: قال رجل يا رسول اللَّه، أرأيت إن جعلت صلاتي كلَّها عليكّ؟ قال: «إِذَاً يكْفِيكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا هَمَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ»( ).
التاسع عشر: الصلاة على النبي عند طلب المغفرة:
85- 1- عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ، اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ»، قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟( )، فَقَالَ: «مَا شِئْتَ»، قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: النِّصْفَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلَّهَا، قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ»( ).
العشرون: الصلاة على النبي عند تبليغ العلم إلى الناس:
86- الصلاة على النبي : عند التذكير، وإلقاء الدروس، وتعليم العلم في أول ذلك وآخره، ويؤيده ما كتبه عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ :: من عبد اللَّه عمر أمير المؤمنين، إلى أمراء الأجناد، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أُنَاسًا مِنَ النَّاسِ الْتَمَسُوا الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ، وَإِنَّ أُنَاسًا مِنَ الْقُصَّاصِ قَدْ أَحْدَثُوا مِنَ الصَّلاَةِ عَلَى خُلَفَائِهِمْ وَأُمَرَائِهِمْ عِدْلَ صَلاَتِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ ، فَإِذَا أَتَاك كِتَابِي هَذَا، فَمُرْهُمْ أَنْ تَكُونَ صَلاَتُهُمْ عَلَى النبي ، وعلى النَّبِيُّينَ، وَدُعَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً، وَيَدَعُوا مَا سِوَى ذَلِكَ»( ).
الحادي والعشرون: الصلاة على النبي أول النهار وآخره
87- عن أبي الدرداء ، عن النبي قال: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ حِينَ يُصْبِحُ عَشْراً، وَحِينَ يُمْسِي عَشْراً، أَدْرَكَتْهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ»( ) .
الثاني والعشرون: الصلاة على النبي عقب الذنب إذا أراد أن يُكفَّر عنه:
88- 1- قال الإمام ابن القيم :: «قال ابن أبي عاصم في كتاب «الصلاة على النبي »: حدثنا الحسن بن البزار، حدثنا شبابة، حدثنا مغيرة بن مسلم، عن أبي إسحاق، عن أنس ، قال: قال رسول الله : «صلُّوا عليَّ، فإنَّ الصلاةَ عليَّ كفارةٌ لكم، فمَن صلَّى عليَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ عشراً»( ).
الثالث والعشرون: الصلاة على النبي في أثناء صلاة العيد:
89- 1- عن علقمة : «أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا مُوسَى، وَحُذَيْفَةَ خَرَجَ عَلَيْهِمُ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ قَبْلَ الْعِيدِ يوماً، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا الْعِيدَ قَدْ دَنَا، فَكَيْفَ التَّكْبِيرُ فِيهِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «تَبْدَأُ فَتُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً تَفْتَتِحُ بِالصَّلاَةَ، وَتَحْمَدُ رَبَّكَ، وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ، ثُمَّ تَدْعُو، وَتُكَبِّرُ، وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَقْرَأُ، ثمَّ تُكبِّر وَتَرْكَعُ، ثُمَّ تَقُومُ فَتَقْرَأُ وَتَحْمَدُ رَبَّكَ، وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ، ثُمَّ تَدْعُو، وتُكَبِّرُ اللّهَ، وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِك، ثُمَّ تَرْكعُ» فقال حذيفة، وأبو موسى: صدق أبو عبد الرحمن»( ).
90- 2- وعن عبد اللَّه بن أبي بكر :، قال: كنا بالخيف، ومعنا عبد اللَّه بن أبي عتبة :، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ، وصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ، وَدَعَا بِدَعَوَاتٍ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بَنَا( ).
الرابع والعشرون: الصلاة على النبي أثناء صلاة الاستسقاء:
91- 1- لحديث ابن عباس ب قال: ((… خرج رسول الله متبذّلاً، متواضعًا، متضرعًا، متخشّعًا، مترسّلاً، حتى أتى المصلى ولم يخطب كخطبتكم هذه( )، ولكن لم يزل في الدعاء، والتضرع، والتكبير، ثم صلى ركعتين كما كان يصلي في العيد))( ).
92- 2- وهذا يؤكد قول الجمهور أن صلاة الاستسقاء تُصلَّى كما تُصلَّى صلاة العيد: في العدد، والجهر بالقراءة، والتكبيرات، والصلاة على النبي بين التكبيرات، وجواز الخطبة في الاستسقاء بعد الصلاة؛ لأنها في معناها إلا أنه لا وقت لصلاة الاستسقاء، ولكنها لا تفعل في وقت النهي بلا خلاف( )، والأفضل أن تُصلّى في وقت صلاة العيد؛ لحديث عائشة ل( ) وغيره.
93- 3- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النبي : ((التكبير في الفطر: سبع في الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما))( )؛ ولحديث عائشة رضي الله عنها((أن رسول الله كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمساً سوى تكبيرتي الركوع))( ). وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز : يقول: ((هذه السبع التكبيرات مع تكبيرة الإحرام، وفي الركعة الثانية يأتي بخمس غير تكبيرة النقل))( ).
94- 4- ويقول بين التكبيرات في صلاة الاستسقاء، كما يقول في صلاة العيد: ما ثبت عن ابن مسعود بحضرة حذيفة وأبي موسى ، أن الوليد بن عقبة قال: إن العيد قد حضر فكيف أصنع؟ فقال ابن مسعود: تقول: الله أكبر، وتحمد الله، وتثني عليه، وتصلي على النبي ، وتدعو الله، ثم تكبر، وتحمد الله وتثني عليه، وتصلي على النبي ، ثم تكبر، وتحمد الله، وتثني عليه وتصلي على النبي ، وتدعو الله، ثم تكبر، وتحمد الله، وتثني عليه، وتصلي على النبي وتدعو الله ثم تكبر، فقال حذيفة وأبو موسى: أصاب))( ).
الخامس والعشرون: الصلاة على النبي مطلقاً:
95- 1- عن أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَا صَلَّى عَلَيَّ عَبْدٌ مِنْ أُمَّتِي صَلَاةً صَادِقًا بِهَا فِي قَلْبِ نَفْسِهِ إِلَّا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَرَفَعَ لَهُ بِهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ بِهَا عَشْرَ سيئاتٍ»( ).
المبحث الرابع: الفوائد والثمرات التي تحصل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
يحصل المصلي على النبي على فوائد عظيمة، وثمرات جليلة كثيرة، منها الثمرات الآتية:
1- امتثال أمر اللَّه تعالى.
2- امتثال أمر النبي في الأمر بالصلاة عليه.
3- موافقة الله في الصلاة على النبي .
4- موافقة الملائكة في الصلاة على النبي .
5- حصول عشر صلوات من الله على المصلي مرة.
6- يرفع للمصلي على النبي عشر درجات.
7- يكتب له عشر حسنات.
8- يُمحى عنه عشر سيئات.
9- يُرجى إجابة دعائه إذا قدمها أمامه وختم بها، فهي تصعد إلى رب العالمين.
10- سبب لشفاعة النبي إذا قرنها بسؤال الوسيلة له.
11- من صلى على النبي حقَّت له الشفاعة.
12- سبب لغفران الذنوب.
13- سبب لكفاية الله العبد ما أهمه.
14- سبب لقرب العبد من النبي يوم القيامة.
15- سبب لصلاة اللَّه على المصلي وصلاة ملائكته عليه.
16- المصلي على النبي ينجو من دعاء النبي عليه بإلصاق أنفه بالتراب.
17- أولى الناس بالنبي يوم القيامة أكثرهم عليه صلاة.
18- تصلي الملائكة على المصلي على النبي .
19- استمرار الملائكة في الصلاة على المصلي ما دام يصلي على النبي .
20- صلاة الله وسلامه على من صلى على النبي .
21- إبلاغ النبي من الملائكة بصلاة وسلام من صلى عليه وسلم.
22- سبب لرد النبي الصلاة والسلام على المصلِّي والمسلم عليه.
23- سبب لطيب المجلس وأن لا يعود حسرة على أهله يوم القيامة.
24- تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلى عليه عند ذكره.
25- ترمي بصاحبها على طريق الجنة وتخطئ بتاركها عن طريقها.
26- تنجي من نتن المجلس الذي لا يذكر اللَّه ولا يصلَّى على رسوله فيه.
27- سبب لتمام الكلام الذي ابتُدئ بحمد اللَّه والصلاة على رسوله .
28- يخرج العبد بالصلاة والسلام على النبي عن الجفاء.
29- سبب لإبقاء اللَّه الثناء الحسن للمصلي على النبي بين السماء والأرض؛ لأن المصلي طالب من اللَّه أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه والجزاء من جنس العمل، فلا بد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك.
30- سبب للبركة في ذات المصلي، وعمله، وعمره، وأسباب مصالحه، لأن المصلي داعٍ ربَّه يُبارك عليه وعلى آله وهذا الدعاء مستجاب، والجزاء من جنس العمل.
31- سبب لنيل رحمة الله له، فلابد للمصلي من رحمة تناله.
32- سبب لدوام محبة العبد للرسول ، لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه، واستحضار محاسنه استولى على جميع قلبه والمثل المشهور من أحب شيئاً أكثر من ذكره.
33- الصلاة على النبي سبب لمحبته للعبد، فإنها إذا كانت سبباً لزيادة محبة المصلى عليه له، فكذلك هي سبب لمحبته هو للمصلي عليه.
34- سبب لهداية العبد وحياة قلبه، فإنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره استولت محبته على قلبه.
35- سبب لعرض اسم المصلي على النبي .
36- سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه.
37- الصلاة على النبي أداء لأقل القليل من حقه على العبد.
38- الصلاة على النبي متضمنة لذكر الله وشكره.
39- الصلاة على النبي من الدعاء، ودعاء العبد وسؤاله من ربه نوعان:
أحدهما: سؤاله حوائجه ومهماته وما ينوبه، فَهَذَا دُعَاء وسؤال وإيثار لمحبوب العَبْد ومطلوبه.
وَالثَّانِي: سُؤَاله أَن يُثْني على خَلِيله، وحبيبه، وَيزِيد فِي تشريفه، وتكريمه، وإيثاره ذكرّه، وَرَفعَه، وَلَا ريب أَن اللَّه تَعَالَى يحبّ ذَلِك، وَرَسُوله يُحِبهُ، فالمصلي عَلَيْهِ قد صرف سُؤَاله، ورغبته، وَطَلَبه إِلَى محابِّ اللَّه وَرَسُوله، وآثر ذَلِك على طلبه حَوَائِجه، ومحابَّه هُوَ، بل كَانَ هَذَا الْمَطْلُوب من أحب الْأُمُور إِلَيْهِ، وآثرها عِنْده، فقد آثر مَا يُحِبهُ اللَّه وَرَسُوله على مَا يُحِبهُ هُوَ، فقد آثر اللَّه ومحابَّه على مَا سواهُ، وَالْجَزَاءُ من جنس الْعَمَل، فَمن آثر اللَّهَ على غَيره، آثره اللَّهُ على غَيره، وَاعْتبِرْ هَذَا بِمَا تَجِدُ النَّاسَ يعتمدونه عِنْد مُلُوكهمْ، وَرُؤَسَائِهِمْ إِذا أَرَادوا التَّقَرُّب إليهم، والمنزلة عِنْدهم؛ فَإِنَّهُم يسْأَلُون المطاع أَن ينعم على من يعلمونه أحبَّ رَعيته إِلَيْهِ، وَكلّما سَأَلُوهُ أَن يزِيد فِي حِبائِه، وإكرامه، وتشريفه علت مَنْزِلَتُهمْ عِنْده، وازداد قربُهم مِنْهُ، وحظَوا بهم لَدَيْهِ؛ لأَنهم يعلمُونَ مِنْهُ إِرَادَة الإنعام والتشريف والتكريم لمحبوبه؛ فأحبُّهم إِلَيْهِ أَشَّدُّهم لَهُ سؤالاً، ورغبة أَن يُتمَّ عَلَيْهِ إنعامَه، وإحسانَه، هَذَا أَمر مشَاهَد بالحسّ، وَلَا تكون منزلَةُ هَؤُلَاءِ ومنزلةُ المطاع حَوَائِجه( ) هُوَ، وَهُوَ فارغ من سُؤَاله تشريف محبوبه، والإنعام عَلَيْهِ وَاحِدَة، فَكيف بأعظم محبٍّ، وأجلِّه لأكرم مَحْبُوبٍ، وأحقِّه بمحبة ربه لَهُ، وَلَو لم يكن من فَوَائِد الصَّلَاة عَلَيْهِ إِلَّا هَذَا الْمَطْلُوب وَحده، لكفى الْمُؤمن بِهِ شرفاً، وَهَا هُنَا نُكْتَة حَسَنَة لمن علّم أمته دينه، وَمَا جَاءَ بِهِ، ودعاهم إِلَيْهِ، وحَضَّهم عَلَيْهِ، وصبر على ذَلِك، وَهِي أَن النَّبِي لَهُ من الْأجر الزَّائِد على أجر عمله مثل أجور من اتبعهُ، فالداعي إِلَى سنته وَدينه، والمعلِّم الْخَيْرَ للْأمة، إِذا قصد توفيرَ هَذَا الْحَظّ على رَسُول اللَّه ، وَصَرفه إِلَيْهِ، وَكَانَ مَقْصُودُه بِدُعَاء الْخلق إِلَى اللَّه التَّقَرُّبَ إِلَيْهِ بإرشاد عبادَه، وتوفير أجور المطيعين لَهُ على رَسُول اللَّه ، مَعَ توفيتهم أُجُورهم كَامِلَة، كَانَ لَهُ من الْأجر فِي دَعوته، وتعليمه بِحَسب هَذِه النِّيَّة، وَذَلِكَ فضل اللَّه يؤتيه من يَشَاء، وَاللَّه ذُو الْفضل الْعَظِيم»( ).
المبحث الخامس: صفات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
أفضل كيفيات الصلاة على النبي أربع صفات هي على النحو الآتي:
الصفة الأولى: إحدى الصفات التي علمها النبي لأصحابه عندما سألوه عن كيفية الصلاة عليه:
96- 1- عن عبد الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قال: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: أَلاَ أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِهَا لِي، فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»( ).
97- 2- عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»( ).
والثاني: سؤاله أن يثني على خليله وحبيبه( ).
98- 3- وعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»، قَالَ ابْنُ طَاوُسٍ: وَكَانَ أَبِي يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ( ).
الصفة الثانية: صلى اللَّه عليه وسلم تسليماً:
قال الإمام ابن كثير :: «قَوْلَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا»( ).
الصفة الثالثة: صلى الله عليه وسلم.
الصفة الرابعة: عليه الصلاة والسلام.
قال العلامة المحدث عبد المحسن العباد عن هاتين الصفتين الأخيرتين: «وقد درج السلف الصالح، ومنهم المحدثون بذكر الصلاة عليه عند ذكره بصيغتين مختصرتين إحداهما: صلى الله عليه وسلم، والثانية: عليه الصلاة والسلام، وهاتان الصيغتان قد امتلأت بهما ولله الحمد كتب الحديث، بل إنهم يدونون في مؤلفاتهم الوصايا بالمحافظة على ذلك على الوجه الأكمل من الجمع بين الصلاة والتسليم عليه»( ).
قال الإمام ابن الصلاح :: «يَنْبَغِي لَهُ [يعني كاتب حديث رسول اللَّه ] أَنْ يُحَافِظَ عَلَى كِتْبَةِ( ) الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَلَا يَسْأَمَ مِنْ تَكْرِيرِ ذَلِكَ عِنْدَ تَكَرُّرِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ الْفَوَائِدِ الَّتِي يَتَعَجَّلُهَا طَلَبَةُ الْحَدِيثِ، وَكَتَبَتُهُ، وَمَنْ أَغْفَلَ ذَلِكَ حُرِمَ حَظًّا عَظِيمًا... وَمَا يَكْتُبُهُ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ دُعَاءٌ يُثْبِتُهُ، لَا كَلَامٌ يَرْوِيهِ، فَلِذَلِكَ لَا يَتَقَيَّدُ فِيهِ بِالرِّوَايَةِ، وَلَا يَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ، وَهَكَذَا الْأَمْرُ فِي الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ ذِكْرِ اسْمِهِ، نَحْوُ ()، و(تَبَارَكَ وَتَعَالَى) وَمَا ضَاهَى ذَلِكَ، وَإِذَا وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَدْ جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ كَانَتِ الْعِنَايَةُ بِإِثْبَاتِهِ، وَضَبْطِهِ أَكْثَرَ، وَمَا وُجِدَ فِي خَطِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مِنْ إِغْفَالِ ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ اسْمِ النَّبِيِّ ، فَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى التَّقَيُّدَ فِي ذَلِكَ بِالرِّوَايَةِ، وَعَزَّ عَلَيْهِ اتِّصَالُهَا فِي ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَنْ فَوْقَهُ مِنَ الرُّوَاةِ.
قَالَ الْخَطِيبُ أَبُو بَكْرٍ: «وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ نُطْقًا لَا خَطًّا»، قَالَ: «وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي ذَلِكَ».
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيِّ، قَالَا: «مَا تَرَكْنَا الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي كُلِّ حَدِيثٍ سَمِعْنَاهُ، وَرُبَّمَا عَجَّلْنَا فَنُبَيِّضُ الْكِتَابَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْهِ»، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ لِيَتَجَنَّبْ فِي إِثْبَاتِهَا نَقْصَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكْتُبَهَا مَنْقُوصَةَ صُورَةٍ، رَامِزًا إِلَيْهَا بِحَرْفَيْنِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكْتُبَهَا مَنْقُوصَةً مَعْنًى، بِأَنْ لَا يَكْتُبَ (وَسَلَّمَ)، وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي خَطِّ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ»( ).
وقال الإمام النووي : في كتابه الأذكار: «إذا صلَّى على النبيّ فليجمعْ بين الصلاة والتسليم، ولا يقتصرْ على أحدهما، فلا يقل (صلّى اللَّه عليه) فقط، ولا (عليه السلام) فقط»( ).
وقال الفيروزابادي في كتابه الصلات والبشر: «ولا ينبغي أن ترمز للصلاة [على النبي ] كما يفعله بعض الكسالى، والجهلة، وعوام الطلبة، فيكتبون صورة (صلعم) بدلاً من »( ).
المبحث السادس: شرح الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
1- قوله: «اللهم صل على محمد»: اللهم: بِمَعْنَى: يَا أَلله( )، وصلاة اللَّه على رسوله: هي الثناء عليه في الملأ الأعلى.
99- قال البخاري :: «قال أبو العالية: «صَلَاةُ اللَّهِ: ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ، وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ الدُّعَاءُ»( ).
100- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ب: «يُصَلُّونَ: يُبَرِّكُونَ»( )، فظهر أن الصلاة من اللَّه على نبيه هي الثناء عليه في الملأ الأعلى أي: عند الملائكة المقربين، وإنما جاء ذكر النبي باسمه العَلَم فقط؛ لأن هذا من باب الخبر، قال الطيبي :: «عظَّمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دعوته، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته، وتضعيف أجره ومثوبته، وقيل: لما أمرنا اللَّه بالصلاة عليه، لم نبلغ قدر الواجب من ذلك، فأحلنا على اللَّه تعالى، وقلنا: اللهم صل أنت على محمد؛ لأنك أعلم بما يليق»( )، وقال الإمام ابن القيم :: «الصلاة المأمور بها فيها [أي: آية الأحزاب] هي: الطلب من اللَّه ما أخبر به عن صلاته، وصلاة ملائكته، وهي ثناء عليه، وإظهارٌ لفضله، وشرفه، وإرادة تكريمه، وتقريبه، فهي تتضمّن الخبر، والطلب، وسُمِّي هذا السؤال والدعاء منا نحن: صلاةً عليه لوجهين:
أحدهما: أنه يتضمن ثناء المصلي عليه، والإشادة بذكر شرفه، وفضله، والإرادة، والمحبة لذلك من اللَّه تعالى، فقد تضمَّنت الخبر، والطلب.
والوجه الثاني: أن ذلك سُمِّي منا صلاةً لسؤالنا من اللَّه أن يُصلِّيَ عليه، فصلاة اللَّه عليه ثناؤه، وإرادته لرفع ذكره، وتقريبه، وصلاتنا نحن عليه: سؤالنا اللَّه تعالى أن يفعل ذلك به»( ).
وذكر الحافظ ابن حجر : عن جماعة أقوالاً في شرح معنى صلاة اللَّه عليه بالمغفرة، وبالرحمة، ثم قال :: «وأَولَى الأَقوال ما تَقَدَّمَ عَن أَبِي العالِيَة: أَنَّ مَعنَى صَلاة اللَّه عَلَى نَبِيّه: ثَناؤُهُ عَلَيهِ، وتَعظِيمه، وصَلاة المَلائِكَة وغَيرهم عَلَيهِ طَلَب ذَلِكَ لَهُ مِنَ الله تَعالَى، والمُراد: طَلَب الزِّيادَة، لا طَلَب أَصل الصَّلاة»( )، وقال أيضاً: «وقالَ الحَلِيمِيّ فِي الشُّعَب: مَعنَى الصَّلاة عَلَى النَّبِيّ : تَعظِيمه، فَمَعنَى قَولنا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد: عَظِّم مُحَمَّدًا، والمُراد: تَعظِيمه فِي الدُّنيا بِإِعلاءِ ذِكره، وإِظهار دِينه، وإِبقاء شَرِيعَته، وفِي الآخِرَة بِإِجزالِ مَثُوبَته، وتَشفِيعه فِي أُمَّته، وإِبداء فَضِيلَته بِالمَقامِ المَحمُود، وعَلَى هَذا فالمُراد بِقَولِهِ تَعالَى: ﴿صَلُّوا عَلَيهِ﴾: ادعُوا رَبّكُم بِالصَّلاةِ عَلَيهِ. انتَهَى»( ).
2- قوله: «وعلى آل محمد»: الآل: تأتي للأتباع على الدين، ويدل على ذلك قول اللَّه : ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾( )، وإذا قُرن الآل بالأتباع كقولنا: «آله وأتباعه، فيُراد بالآل: المؤمنون من قرابته، وكذلك إذا قرن الآل، والأصحاب، والأتباع، فالآل قرابته المؤمنون، والأصحاب: صحابته، والأتباع: أتباعه على دينه، كقولنا: «اللهمّ صلِّ على محمد، وعلى آله، وأصحابه، وأتباعه بإحسان»، وقال القرطبي :: «اختلف في آله من هم؟ فقيل: أتباعه، وقيل: أمَّته، وقيل: آل بيته، وقيل: أتباعه من رهطه وعشيرته، وقيل: آل الرجل نفسه؛ ولهذا كان الحسن يقول: «اللهم صل على آل محمد»، واختلف النحويون: هل يضاف الآل إلى الْمُضْمَر، أم لا يضاف إلا إلى الظاهر؟ فذهب النَّحَّاس، والزبيدي، والكسائي، إلى أنه لا يقال إلا: «اللهم صلّ على محمد وآل محمد»، ولا يقال: وآله»( ).
وقال الإمام ابن القيم :: «واختُلف في آل النبي على أربعة أقوال، فقيل: هم الذين حرمت عليهم الصدقة... والقول الثاني: إن آل النبي هم ذريته، وأزواجه خاصة... والقول الثالث: إن آله اتباعه إلى يوم القيامة... والقول الرابع: إن آله هم الأتقياء من أمته... والصحيح هو القول الأول، ويليه القول الثاني، وأما الثالث والرابع فضعيفان؛ لأن النبي قد رفع الشبهة
101- بقوله : «إن الصدقة لا تحل لآل محمد»( ).
102- وقوله : «إنما يأكل آل محمد من هذا المال»( ).
103- وقوله : «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً»( )، وهذا لا يجوز أن يُراد به عموم الأمة قطعاً، فأولى ما حُمل عليه الآل في الصلاة: الآل المذكورون في سائر ألفاظه، ولا يجوز العدول عن ذلك»( ).
وقال الحافظ بن حجر :: «واختُلِفَ فِي المُراد بِآلِ مُحَمَّد فِي هَذا الحَدِيث، فالرّاجِح أَنَّهُم مَن حُرِّمَت عَلَيهِم الصَّدَقَة ... ولِمُسلِمٍ مِن حَدِيث عَبد المُطَّلِب بن رَبِيعَة فِي أَثناء حَدِيث مَرفُوع:
104- «إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَة إِنَّما هِيَ أَوساخ النّاس، وإِنَّها لا تَحِلّ لِمُحَمَّدٍ، ولا لآلِ مُحَمَّد»، وقالَ أَحمَد: المُراد بِآلِ مُحَمَّد فِي حَدِيث التَّشَهُّد أَهل بَيته، وعَلَى هَذا فَهَل يَجُوز أَن يُقال أَهل عِوض آل؟ رِوايَتانِ عِندهم.
وقِيلَ المُراد بِآلِ مُحَمَّد: أَزواجه، وذُرِّيَّته؛ لأَنَّ أَكثَر طُرُق هَذا الحَدِيث جاءَ بِلَفظِ «وآل مُحَمَّد»، وجاءَ فِي حَدِيث أَبِي حُمَيدٍ مَوضِعه: «وأَزواجه وذُرِّيَّته»، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ المُراد بِالآلِ الأَزواج والذُّرِّيَّة، وتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ الجَمع بَين الثَّلاثَة كَما فِي حَدِيث أَبِي هُرَيرَة، فَيُحمَل عَلَى أَنَّ بَعض الرُّواة حَفِظَ ما لَم يَحفَظ غَيره، فالمُراد بِالآلِ فِي التَّشَهُّد: الأَزواج، ومِن حُرِّمَت عَلَيهِم الصَّدَقَة، ويَدخُل فِيهِم الذُّرِّيَّة، فَبِذَلِكَ يُجمَع بَين الأَحادِيث»( ).
وقال العلامة ابن عثيمين :: «وآل محمد، قيل: إنهم أتباعه على دينه؛ لأن آل الشخص: كلُّ مَنْ ينتمي إلى الشخص، سواءٌ بنسب، أم حَميَّة، أم معاهدة، أم موالاة، أم أتباع، كما قال اللَّه تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ ( )، فيكون «آله» هم أتباعُه على دينِهِ، وقيل: «آل النبي » قرابته المؤمنون، والقائل بذلك خَصَّ القرابة المؤمنين، فخرج بذلك سائر الناس، وخَرَجَ بذلك كُلُّ مَن كان كافراً مِن قرابة النبي ، ولكن الصحيح الأول، وهو أن الآل هم الأتباع، لكن لو قُرِنَ «الآل» بغيره، فقيل: على محمد، وآله، وأتباعه، صار المراد بالآل المؤمنين مِن قرابته»( ).
3- قوله: «كما صليت على إبراهيم»: الكاف هنا للتعليل، وليس للتشبيه؛ وذلك لأن المقرر هو أن المشبه أدنى من المشبه به، ومعلوم أن محمدًا وآله أفضل من إبراهيم وآله، وعلى هذا يكون المعنى أن هذا من باب التوسل بفعل اللَّه السابق وهو الفضل على إبراهيم وآله إلى تحقيق فضل اللَّه اللاحق وهو الفضل لمحمد وآله، قال العلامة ابن عثيمين: «وهذا هو القول الأصح الذي لا يرد عليه إشكال»( ).
4- قوله: «وعلى آل إبراهيم»: قال الحافظ ابن حجر :: «هم ذُرِّيَّته مِن إِسماعِيل، وإِسحاق، كَما جَزَمَ بِهِ جَماعَة مِنَ الشُّرّاح، وإِن ثَبَتَ أَنَّ إِبراهِيم كانَ لَهُ أَولاد مِن غَير سارَة، وهاجَر، فَهُم داخِلُونَ لا مَحالَة، ثُمَّ إِنَّ المُراد: المُسلِمُونَ مِنهُم، بَل المُتَّقُونَ، فَيَدخُل فِيهِم الأَنبِياء، والصِّدِّيقُونَ، والشُّهَداء، والصّالِحُونَ، دُون مَن عَداهُم، وفِيهِ ما تَقَدَّمَ فِي آل مُحَمَّد»( )، ويدخل في ذلك رسولنا الكريم ؛ لأنه من ولد إبراهيم ؛، وقال الإمام النووي :: «وَيَدْخُلُ فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي آلِ مُحَمَّدٍ نَبِيٌّ، فَطَلَبَ إِلْحَاقَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ الَّتِي فِيهَا نَبِيٌّ وَاحِدٌ بِتِلْكَ الْجُمْلَةِ الَّتِي فِيهَا خَلَائِقُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ»( ).
5- قوله: «إنك حميد»: أي: كثير المحامد فهو الحامد لعباده الذين اصطفاهم لإقامة شرعه ودينه، وهو المحمود من قبل أوليائه لما يتصف به من صفات الجلال والعظمة، قال الإمام النووي :: «الحميد: الذي تحمد فعاله، وهو بمعنى المحمود، واللَّه تعالى الحميد، المحمود، المستحمد إلى عباده»( )، وقال الإمام ابن القيم :: «فالحميد هو الذي له من الصفات، وأسباب الحمد ما يقتضي أن يكون محموداً، وإن لم يحمده غيره، فهو حميد في نفسه، والمحمود من تعلق به حمد الحامدين»( )، وقال الحافظ ابن حجر :: «أَمّا الحَمِيد: فَهُو فَعِيلَ مِنَ الحَمد بِمَعنَى مَحمُود، وأَبلَغُ مِنهُ، وهُو مَن حَصَلَ لَهُ مِن صِفات الحَمد أَكمَلُها، وقِيلَ: هُو بِمَعنَى الحامِد، أَي: يَحمَد أَفعال عِبادِهِ»( ).
6- قوله: «مجيد»: أي: متعاظم الأمجاد ومن ذلك كثرة الإحسان إلى عباده بما يفيض عليهم من الخيرات، قال النووي :: «والمجيد: الماجد، وهو ذو الشرف والكرم، يقال: مجد الرجل يمجد مجداً، ومجادة، ومجد يمجد لغتان، قال الحسن والكلبي: المجيد الكريم...المجيد: الرفيع، قال أهل المعاني: المجيد: الكامل الشرف، والرفعة، والكرم، والصفات المحمودة»( )، وقال الإمام ابن القيم :: «المجيد، والمُمَجَّد، والكبير، والمُكبَّر، والعظيم، والمُعظَّم، والحمد، والمجد إليهما يرجع الكمال كله؛ فإن الحمد يستلزم الثناء، والمحبة للمحمود، فمن أحببته، ولم تثن عليه، لم تكن حامداً له حتى تكون مثنياً عليه، محباً له، وهذا الثناء والحب تبع للأسباب المقتضية له، وهو ما عليه المحمود من صفات الكمال، ونعوت الجلال، والإحسان إلى الغير؛ فإن هذه هي أسباب المحبة، وكلما كانت هذه الصفات أجمع، وأكمل، كان الحمد والحب أتم، وأعظم، واللَّه سبحانه له الكمال المطلق الذي لا نقص فيه بوجه ما، والإحسان كله له ومنه، فهو أحق بكل حمد، وبكل حب من كل جهة، فهو أهل أن يُحَبَّ لذاته، ولصفاته، ولأفعاله، ولأسمائه، ولإحسانه، ولكل ما صدر منه ، وأما المجد، فهو مستلزم للعظمة والسعة والجلال، والحمد يدل على صفات الإكرام، واللَّه ذو الجلال والإكرام، وهذا معنى قول العبد: لا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، فلا إله إلا اللَّه دال على ألوهيته، وتفرّده فيها، فألوهيته تستلزم محبته التامة، واللَّه أكبر دالّ على مجده وعظمته، وذلك يستلزم تعظيمه، وتمجيده، وتكبيره؛ ولهذا يقرن سبحانه بين هذين النوعين في القرآن كثيراً، كقوله: ﴿رحمة اللَّه وبركاته عليكم أهل البيت، إنه حميد مجيد﴾( )»( )، وقال الحافظ ابن حجر :: «وأَمّا المَجِيد: فَهُو مِنَ المَجد، وهُو صِفَةُ مَن كَمُلَ فِي الشَّرَف، وهُو مُستَلزِم لِلعَظَمَةِ والجَلال، كَما أَنَّ الحَمد يَدُلّ عَلَى صِفَة الإِكرام»( ).
وقال الإمام ابن القيم : أيضاً: «ولما كانت الصلاة على النبي ، وهي ثناء اللَّه تعالى عليه، وتكريمه، والتنويه به، ورفع ذكره وزيادة حبه وتقريبه، كما تقدم، كانت مشتملة على الحمد والمجد، فكأن المصلي طلب من الله تعالى أن يزيد في حمده ومجده؛ فإن الصلاة عليه هي نوع حمد له، وتمجيد، هذا حقيقتها، فذكر في هذا المطلوب الاسمين المناسبين له، وهما أسماء الحميد والمجيد، وهذا كما تقدم أن الداعي يشرع له أن يختم دعاءه باسم من الأسماء الحسنى مناسب لمطلوبه، أو يفتتح دعاءه به، وتقدم أن هذا من قوله: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾( )»( )، قال الحافظ ابن حجر :: «ومُناسَبَة خَتمِ هَذا الدُّعاء بِهَذَينِ الاسمَينِ العَظِيمَينِ أَنَّ المَطلُوب تَكرِيم اللَّه لِنَبِيِّهِ، وثَناؤُهُ عَلَيهِ، والتَّنوِيه بِهِ، وزِيادَة تَقرِيبه، وذَلِكَ مِمّا يَستَلزِم طَلَبَ الحَمد والمَجد، فَفِي ذَلِكَ إِشارَة إِلَى أَنَّهُما كالتَّعلِيلِ لِلمَطلُوبِ، أَو هُو كالتَّذيِيلِ لَهُ، والمَعنَى: إِنَّك فاعِل ما تَستَوجِب بِهِ الحَمد مِنَ النِّعَم المُتَرادِفَة، كَرِيم بِكَثرَةِ الإِحسان إِلَى جَمِيع عِبادك»( )، واقتران الحميد مع المجيد بيان أن اللَّه محمود على مجده وعظمته وكمال صفاته، فليس كل ذي شرف محمود وكذلك ليس كل محمود يكون ذا شرف( ).
7- قوله: «اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد»: المراد بالبركة: هي الزيادة من الخير، والكرامة، وهي شاملة للبركة في العمل والبركة في الأثر المترتب على هذا العمل، قال القاضي عياض :: «معنى البركة هنا: الزيادة من الخير والكرامة والتكثير منهما، ويكون بمعنى الثبات على ذلك من قولهم: بركت الإبل، وتكون البركة هاهنا بمعنى: التطهير والتزكية من المعايب، ... نبينا سأل ذلك لنفسه وأهل بيته؛ ليتم النعمة عليهم والبركة كما أتمها على إبراهيم وآله، وقيل: بل سأل ذلك لأمته ليثابوا على ذلك، وقيل: بل ليبقى له ذلك دائمًا إلى يوم الدين، ويجعل له به لسان صدق في الآخرين، كما جعله لإبراهيم»( )، وقال الإمام ابن القيم :: «والبركة: النماء، والزيادة، والتبريك: الدعاء بذلك، ويقال: باركه اللَّه، وبارك فيه، وبارك عليه، وبارك له... فهذا الدعاء يتضمن إعطاءه من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم، وإدامته، وثبوته له، ومضاعفته، وزيادته، هذا حقيقة البركة»( ).
8- قوله: «كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد»: قال الإمام النووي :: «قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَى الْبَرَكَة هُنَا الزِّيَادَة مِنْ الْخَيْر وَالْكَرَامَة، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى التَّطْهِير، وَالتَّزْكِيَة، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْحِكْمَة فِي قَوْله: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم» مَعَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَفْضَل مِنْ إِبْرَاهِيم ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض :: أَظْهَر الْأَقْوَال أَنَّ نَبِيّنَا سَأَلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، وَلِأَهْلِ بَيْته؛ لِيُتِمّ النِّعْمَة عَلَيْهِمْ، كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى إِبْرَاهِيم، وَعَلَى آلِهِ، وَقِيلَ: بَلْ سَأَلَ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ، وَقِيلَ: بَلْ لِيَبْقَى ذَلِكَ لَهُ دَائِمًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَيَجْعَل لَهُ بِهِ لِسَان صِدْق فِي الْآخِرِينَ، كَإِبْرَاهِيم ، وَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ قَبْل أَنْ يَعْلَم أَنَّهُ أَفْضَل مِنْ إِبْرَاهِيم ، وَقِيلَ: سَأَلَ صَلَاة يَتَّخِذهُ بِهَا خَلِيلًا، كَمَا اِتَّخَذَ إِبْرَاهِيم ... وَالْمُخْتَار فِي ذَلِكَ أَحَد ثَلَاثَة أَقْوَال:
أَحَدهَا: ... أَنَّ مَعْنَاهُ صَــــــلِّ عَلَى مُحَمَّد، وَتَمَّ الْكَلَام هُنَا، ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ: وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، أَيْ: وَصَلِّ عَلَى آل مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم، فَالْمَسْؤُول لَهُ مِثْل إِبْرَاهِيم وَآلِهِ، هُمْ آلُ مُحَمَّد لَا نَفْسه.
الْقَوْل الثَّانِي: مَعْنَاهُ: اِجْعَلْ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَاة مِنْك، كَمَا جَعَلَتْهَا لِإِبْرَاهِيم وَآلِهِ، فَالْمَسْؤُول الْمُشَارَكَة فِي أَصْل الصَّلَاة لَا قَدْرهَ.
الْقَوْل الثَّالِث: أَنَّهُ عَلَى ظَاهِره، وَالْمُرَاد اِجْعَلْ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَاة، بِمِقْدَارِ الصَّلَاة الَّتِي لِإِبْرَاهِيم وَآلِهِ، وَالْمَسْؤُول مُقَابَلَة الْجُمْلَة؛ فَإِنَّ الْمُخْتَار فِي الْآلِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُمْ جَمِيع الْأَتْبَاع، وَيَدْخُل فِي آلِ إِبْرَاهِيم خَلَائِق لَا يُحْصُونَ مِنْ الْأَنْبِيَاء، وَلَا يَدْخُل فِي آلِ مُحَمَّد نَبِيّ، فَطَلَب إِلْحَاق هَذِهِ الْجُمْلَة الَّتِي فِيهَا نَبِيّ وَاحِد بِتِلْكَ الْجُمْلَة الَّتِي فِيهَا خَلَائِق مِنْ الْأَنْبِيَاء، وَاَللَّه أَعْلَم»( ).
وذكر الإمام ابن القيم $ الأقوال في ذلك، ثم قال: «وقالت طائفة أخرى: آل إبراهيم فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد مثلهم؛ فإذا طُلِب للنبي ولآله من الصلاة مثل ما لإبراهيم وآله، وفيهم الأنبياء، حصل لآل النبي من ذلك ما يليق بهم؛ فإنهم لا يبلغون مراتب الأنبياء، وتبقى الزيادة التي للأنبياء، وفيهم إبراهيم لمحمد ، فيحصل له بذلك من المزيَّة ما لم يحصل لغيره.
وتقرير ذلك: أن يجعل الصلاة الحاصلة لإبراهيم ولآله، وفيهم الأنبياء جملة مقسومة على: محمد وآله، ولا ريب أنه لا يحصل لآل النبي مثل ما حصل لآل إبراهيم، وفيهم الأنبياء، بل يحصل لهم ما يليق بهم، فيبقى قسم النبي ، والزيادة المتوفرة التي لم يستحقها آله مختصة به ، فيصير الحاصل له من مجموع ذلك أعظم، وأفضل من الحاصل لإبراهيم، وهذا أحسن من كل ما تقدمه.
وأحسن منه أن يقال: محمد هو من آل إبراهيم، بل هو خير آل إبراهيم، كما روى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ب في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾( )، قال ابن عباس ب: «محمد من آل إبراهيم»( )، وهذا نص؛ فإنه إذا دخل غيره من الأنبياء الذين هم من ذرية إبراهيم في آله، فدخول رسول اللَّه أولى، فيكون قولنا: كما صليت على آل إبراهيم متناولاً للصلاة عليه، وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم.
ثم قد أمرنا اللَّه أن نصلي عليه، وعلى آله خصوصاً بقدر ما صلينا عليه مع سائر آل إبراهيم عموماً، وهو فيهم، ويحصل لآله من ذلك ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له .
وتقرير هذا أنه يكون قد صلى عليه خصوصاً، وطلب له من الصلاة ما لآل إبراهيم، وهو داخل معهم، ولا ريب أن الصلاة الحاصلة لآل إبراهيم، ورسول اللَّه معهم، أكمل من الصلاة الحاصلة له دونهم، فيطلب له من الصلاة هذا الأمر العظيم الذي هو أفضل مما لإبراهيم قطعاً، ويظهر حينئذ فائدة التشبيه، وجريه على أصله، وأن المطلوب له من الصلاة بهذا اللفظ أعظم من المطلوب له بغيره؛ فإنه إذا كان المطلوب له بغيره، فإنه إذا كان المطلوب بالدعاء إنما هو مثل المُشبَّه به، وله أوفر نصيب منه، صار له من المشبه المطلوب أكثر مما لإبراهيم وغيره، وانضاف إلى ذلك مما له من المُشبَّه به من الحصة التي لم تحصل لغيره.
فظهر بهذا من فضله، وشرفه على إبراهيم، وعلى كلٍّ من آله، وفيهم النبيون، ما هو اللائق به، وصارت هذه الصلاة دالة على هذا التفضيل، وتابعة له، وهي من موجباته، ومقتضياته، فصلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً، وجزاه عنَّا أفضل ما جزى نبياً عن أمته، اللَّهمّ صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل براهيم، إنك حميد مجيد»( ).
وقال العلامة ابن عثيمين :: «وقوله كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، الكاف هنا للتعليل، وهذا من باب التوسل بأفعال اللَّه السابقة إلى أفعاله اللاحقة، يعني كما مننت بالصلاة على إبراهيم وآله، فامنن بالصلاة على محمد وآله ، فهي من باب التعليل، وليست من باب التشبيه، وبهذا يزول الإشكال الذي أورده بعض أهل العلم رحمهم اللَّه؛ حيث قالوا: كيف تلحق الصلاة على النبي وآله بالصلاة على إبراهيم وآله، مع أن محمداً أشرف من جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فالجواب أن الكاف هنا ليست للتشبيه، ولكنها للتعليل، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد: حميد يعني محمود، مجيد يعني ممجد، والمجد هو: العظمة، والسلطان، والعزة، والقدرة، وما إلى ذلك، «اللهمّ بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد»، كذلك أيضا التبريك: تقول: اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، أي أنزل فيهم البركة، والبركة هي الخير الكثير الواسع الثابت، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، هذه هي الصلاة على النبي ، وعلى آله وسلم، وهذه هي الصفة الفضلى، وإذا اقتصرت على قولك: اللهم صل على محمد، كما فعل العلماء في جميع مؤلفاتهم، إذا ذكروا الرسول لم يقولوا هذه الصلاة المطوَّلة؛ لأن هذه هي الكاملة، وأما أدنى مجزئ فأن تقول: اللهم صل على محمد»( ).
9- قوله: «وعلى أزواجه»: هن أمهات المؤمنين – رضي اللَّه عنهن، وقال ابن الجوزي :: «والأزواج جمع زوج، والفصيح من الْكَلَام أَن يُقَال لامْرَأَة الرجل زوج بِغَيْر هَاء، وبذلك جَاءَ الْقُرْآن»( ).
10- قوله: «وذريته»: الذرية هي النسل، وقد يختص بالنساء والأطفال، وقد يطلق على الأصل( )، وقال ابن الجوزي :: «والذرية فِيهَا قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنَّهَا من الذَّر، لِأَن اللَّه أخرج الْخلق من صلب آدم كالذر، وَالثَّانِي: أَن أَصْلهَا ذرورة... ثمَّ أدغمت الْوَاو فِي الْيَاء فَصَارَ ذُرِّيَّة»( )، قال الإمام ابن القيم :: «اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، وفي هذا الحديث يعني: حديث أبي حميد: «اللهم صل على محمد، وأزواجه، وذريته» قالوا: فهذا تفسير ذلك الحديث، ويبين أن آل محمد هم أزواجه، وذريته ... قالوا: والآل، والأهل سواء، وآل الرجل وأهله سواء، وهم: الأزواج، والذرية بدليل هذا الحديث»( ).
11- قوله: «وعلى أهل بيته»، قال في الفتح الرباني: «قال النووي :: اختلف العلماء في آل النبي على أقوال، أظهرها، وهو اختيار الأزهري وغيره من المحققين: أنهم جميع الأمة، والثاني: بنو هاشم، وبنو المطلب، والثالث: أهل بيته ، وذريته، واللَّه أعلم. اهـ. قال الشوكاني: وقد ذهب نشوان الحميري إمام اللغة إلى أنهم جميع الأمة»( ).
12- قوله: «السلام عليك أيها النبي»: أما السلام فهو من أسماء اللَّه ؛ لأنه هو السالم من كل عيب ونقص وآفة وفساد، والمعنى سلمك اللَّه من كل مكروه وسوء، وإنما جاء الخطاب بالنبوة رفعة لقدره ومقامه، وقال الحافظ ابن حجر :: «يَجُوز فِيهِ وفِيما بَعده أَي: السَّلام حَذف اللاَّم وإِثباتها والإِثبات أَفضَل وهُو المَوجُود فِي رِوايات الصَّحِيحَينِ... قالَ الطِّيبِيُّ: أَصل سَلام عَلَيك سَلَّمت سَلامًا عَلَيك، ثُمَّ حُذِفَ الفِعل وأُقِيمَ المَصدَر مَقامه، وعُدِلَ عَن النَّصب إِلَى الرَّفع عَلَى الابتِداء لِلدَّلالَةِ عَلَى ثُبُوت المَعنَى واستِقراره، ثُمَّ التَّعرِيف إِمّا لِلعَهدِ التَّقدِيرِيّ، أَي: ذَلِكَ السَّلام الَّذِي وُجِّهَ إِلَى الرُّسُل والأَنبِياء عَلَيك أَيّها النَّبِيّ، وكَذَلِكَ السَّلام الَّذِي وُجِّهَ إِلَى الأُمَم السّالِفَة عَلَينا وعَلَى إِخواننا، وإِمّا لِلجِنسِ والمَعنَى أَنَّ حَقِيقَة السَّلام الَّذِي يَعرِفهُ كُلّ واحِد وعَمَّن يَصدُر وعَلَى مَن يَنزِل عَلَيك وعَلَينا، ويَجُوز أَن يَكُون لِلعَهدِ الخارِجِيّ إِشارَة إِلَى قَولُهُ تَعالَى: ﴿وسَلام عَلَى عِباده الَّذِينَ اصطَفَى﴾( )، قالَ: ولا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ التَّقادِير أَولَى مِن تَقدِير النَّكِرَة، انتَهَى»( )، وقال الفيروز أبادي :: «وأما التسليم: وهو أن يقال: السلام عليك أيها النبي، وأيها الرسول، وفي التشهد: السلام عليك أيها النبي، ولو قال في هذا الوقت: الصلاة والسلام عليك لأغنى عن تجديد الصلاة بعد التشهد، ولو أخَّر السلام إلى وقت الصلاة فقال: اللَّهمّ صلّ وسلِّم على محمد لأغنى عن السلام في التشهد، ومعناه: السلام - الذي هو اسم من أسماء اللَّه تعالى – عليك، وتأويله: لا خَلَوْتَ من الخيرات، والبركات، وسَلِمت من المكاره، والآفات؛ إذ كان اسم اللَّه تعالى إنما يُذكر على الأمور توقعاً لاجتماع معاني الخير، والبركة فيها، وانتفاء عوارض الخلل، والفساد عنها، ويُحتمل أن يكون السلام بمعنى السلامة، أي: ليكن قضاء اللَّه تعالى عليك السلامة، أي: سلِمت من الملام والنقائض، فإذا قلت: اللهمّ سلِّم على محمد؛ فإنما تريد منه: اللهمَّ اكتب لمحمد في دعوته، وأمته، وذكره السلامة من كل نقص، فتزداد دعوته على ممر الأيام علواً، وأمته تكاثراً، وذكره ارتفاعاً»( ).
13- قوله: «ورحمة اللَّه»: الرحمة صفة من صفات اللَّه تعالى تليق بجلاله وكماله، يرحم بها عباده، وينعم عليهم بها( )، وليست رحمة اللَّه كرحمة خلقه، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾( )، قال العلامة ابن عثيمين :: «ورحمة اللَّه: رحمة معطوفة على (السَّلام عليك) يعني: ورحمة اللَّه عليك، فيكون عطف جملة على جملة والخبر محذوف، ويجوز أن يكون مِن باب عطف المفرد على المفرد، فلا يحتاج إلى تقدير الخبر، والرحمة إذا قُرنت بالمغفرة، أو بالسَّلامِ صار لها معنى، وإن أُفردت صار لها معنى آخر، فإذا قُرنت بالمغفرة، أو بالسلام صار المراد بها: ما يحصُل به المطلوب، والمغفرة والسلام: ما يزول به المرهوب، وإن أُفردت شملت الأمرين جميعاً، فأنت بعد أن دعوت لرسول الله بالسَّلام دعوت له بالرَّحمة؛ ليزول عنه المرهوب ويحصُل له المطلوبُ»( ).
14- قوله: «وبركاته»: البركة بمعنى النماء والزيادة من كل خير، وهذه البركة تشمل:
أ – البركة في حياته، ويدخل فيها البركة في طعامه، وشرابه، وكسوته، وأهله، وعمله.
ب – البركة بعد موته بكثرة أتباعه واتِّباعهم له فيما شرع( )، قال العلامة ابن عثيمين :: «وبركاته: جمع بَرَكَة، وهي الخير الكثير الثَّابت، لأن أصلها من الْبِرْكة - بكسر الباء – والْبِرْكة: مجتمع الماء الكثير الثابت، والْبَرَكَةُ: هي: النَّمَاءُ والزِّيادة في كلِّ شيء من الخير، فما هي البركات التي تدعو بها للرَّسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بعد موته؟ ففي حياته ممكن أن يُبارك له في طعامه، في كسوته، في أهله، في عمله، فأما البَرَكة بعد موته: فبكثرة أتباعه، وما يتبع فيه، فإذا قَدَّرنا أن شخصاً أتباعه مليون رَجُل، وصار أتباعه مليونين فهذه بَرَكَة، وإذا قَدَّرْنا أن الأتباع يتطوَّعون بعشر ركعات، وبعضهم بعشرين ركعة صار في الثاني زيادة، إذاً؛ نحن ندعو للرسول بالبَرَكَة، وهذا يستلزم كَثْرَة أتباعه، وكَثْرَة عمل أتباعه؛ لأنّ كلَّ عمل صالح يفعلهُ أتباع الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فله مثل أجورهم إلى يوم القيامة»( ).
15- قوله: «السلام علينا»: هذا شامل لجميع من حضر هذه الصلاة: إمامًا، ومأمومًا، وملائكة، قال ابن حجر :: «السَّلام عَلَينا استُدِلَّ بِهِ عَلَى استِحباب البُداءَة بِالنَّفسِ فِي الدُّعاء»( ).
16- قوله: «وعلى عباد اللَّه الصالحين»: هذا تعميم بعد تخصيص وهم كل عبد صالح في السماء والأرض، حي أو ميت: من بني آدم، ومن عالميَّ الملائكة والجن( ).
المبحث السابع: المصنفات في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
اعتنى العلماء والأئمة بالتأليف في الصلاة على النبي عناية فائقة جداً، وقد ذكر الإمام السخاوي : جملة كبيرة منها، بلغت سبعة وعشرين (27) مصنفاً( ).
وذكر الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان في مقدمته لتحقيقه لكتاب جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام للإمام ابن القيم : مائة وواحداً وثلاثين (131) مؤلفاً( )، وقد جمعتُ هذه العناوين المذكورة آ نفاً، ثم ذكرت ما ذكره السخاوي في كتابه: القول البديع، وما استطعتُ الاطلاع عليه من المصنفات الأخرى في كتاب كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لمؤلفه: مصطفى بن عبد اللَّه كاتب جلبي القسطنطيني، المشهور باسم حاجي خليفة، أو الحاج خليفة (ت 1067هـ)، وما ذكره إسماعيل بن محمد أمين بن مير سليم الباباني البغدادي،
(ت 1399هـ)، في كتابه إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، وفي كتابه: هدية العارفين: أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، فبلغت مائة وسبعة وثمانين «187» مؤلفاً، المطبوع منها تسعة وثلاثون (39) كتاباً.
ثم رأيت الاقتصار على ذكر الأعداد خشية إطالة الكتاب؛ ولأن بعضها من تأليف أهل البدع والخرافات.
ومن أعظم هذه المؤلفات ما يأتي:
1- فضل الصلاة على النبي لإسماعيل بن إسحاق الجهضمي القاضي المالكي (ت 282ﻫ)، حققه العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ونشره المكتب الإسلامي ببيروت، وله تحقيق لعبدالحق التركماني.
2- جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام ، للإمام محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبي عبد اللَّه ابن قيم الجوزية :: (691- 751هـ)، حققه: شعيب الأرناؤوط وعبدالقادر الأرناؤوط، دار العروبة، الكويت، الطبعة الثانية،
1407هـ – 1987م، وحققه أيضاً مشهور بن حسن سلمان، وهو كتاب عظيم في بابه، قال عنه مؤلفه ابن القيم : في مقدمته: «وهو كتاب فرد في معناه، لم يسبق إلى مثله في كثرة فوائده، وغزارتها، بيّنا فيه الأحاديث الواردة في الصلاة والسلام عليه ، وصحيحها من حسنها، ومعلولها، وبيّنا ما في معلولها من العلل بياناً شافياً، ثم أسرار هذا الدعاء، وشرفه، وما اشتمل عليه من الحكم، والفوائد، ثم في مواطن الصلاة عليه، ومحالّها، ثم الكلام في مقدار الواجب منها، واختلاف أهل العلم فيه، وترجيح الراجح، وتزييف المزيَّف، ومَخْبَر الكتاب فوق وصفه، والحمد للَّه رب العالمين»( ).
3- الصِّلات والبِشَر في الصلاة على خير البشر، للشيخ مجد الدين أبي طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817هـ) صاحب القاموس المحيط، حققه أبو أسماء إبراهيم بن إسماعيل آل عصر، نشرته دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1405هـ.
4- القَولُ البَدِيعِ في الصَّلاةِ عَلَى الحَبِيبِ الشَّفِيعِ، للإمام العلَّامة الحافظ شمُس الدينِ محمَّد بنِ عبد الرحمنِ السَّخَاوِي الشَّافِعِي
(ت 902 هـ)، حققه بشير عيون، وله عدة طبعات.
5- فضل الصلاة على النبي وبيان معناها، وكيفيتها، وشيء مما ألف فيها لفضيلة العلامة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر المدرس بالمسجد النبوي الشريف ـ حفظه اللَّه تعالى.
واللَّه أسأل التوفيق والقبول، وحسن العاقبة، وصلى اللَّه، وسلَّم تسليماً كثيراً على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، ولا حول، ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم.