×
يتناول الكتاب مؤامرة قسطنطين ضد آريوس الموحد لرفضه فكرة تأليه السيد المسيح.

 مؤامرة قسطنطين ضد الموحدين

بقلم الدكتور: سليمان خليل    

حقوق الطبع والتوزيع والترجمة والنقل محفوظة لكل إنسان ولكن بشرط عدم التغيير.

www.islamic-invitation.com

 مقدمه تاريخية

        في عهد الإمبراطور قسطنطين الكبير ظهرت فكرة أن السيد المسيح هو رب مساوِ لله، وبدأت   هذه الفكرة تحقق توسعاً ملحوظاً، وكان وعظ ألكساندروس الأول  Alexander Iبابا الإسكندرية بأن السيد المسيح مساوِ لله بخلاف وعظ القس آريوس  Ariusبأن السيد المسيح عبد الله ورسوله ومخلوق من مخلوقاته. وأنكر آريوس أزلية يسوع فاعتقد بأنه كان هناك وقت لم يكن يسوع موجودا فيه، واعتبره رفيعا بين مخلوقات الله ومِنْ صُنْعِهِ، كما اعتبر أن الروح القدس من صُنْعِ الله أيضاً.

 كانت الأسئلة التي تتردد على ألسنة العامة في ذلك الوقت هى:

إلى من كان السيد المسيح يوجه صلاته؟

هل كان السيد المسيح يصلي لله الخالق أم كان يوجه صلاته إلى نفسه باعتباره جزءاً من الألوهية؟

هل قال السيد المسيح يوماً ما: "أنا الله... فاعبدوني"؟

لماذا ظهرت فكرة أن السيد المسيح إله مساوِ لله بالرغم أنه إنسان ورسول الله؟

هل من المعقول أن يوجد ابن قبل ولادته من أمه؟

هل يمكن أن يوجد إله مولود من رحم أنثى؟

إذا كان السيد المسيح إله مساوِ لله، فهل كان الله أيضاً منفوثاً به في رحم مريم العذراء أُم المسيح؟ وهل كان يتم نموهما كجنين واحدين في رحم العذراء مريم؟ وإذا كان الأمر كذلك... فلماذا ولدت العذراء مريم السيد يسوع المسيح وحده فقط ولم تلد الله الخالق؟

إذا كان السيد المسيح بشراً فلم يعبد؟ وإذا كان إلهاً ففيم البكاء على آلامه؟

لماذا يكون إله المسيحيين "إثنان" وإله اليهود "واحد"؟

من هو الفارقاليط الآخر؟ وهل هو آخر الأنبياء؟

               أدى هذا الخلاف العميق إلى المواجهات الحادة بين أتباع كلاً من البابا  ألكساندروس الأول والقسيس آريوس حتى إن مجمعاً كنسياً عُقد بالإسكندرية عام 321م وتم فيه خلع آريوس وطرده.

كان آريوس ذا موهبة في الخطابة فصيحاً بليغاً قادراً على توصيل أفكارة بسلاسة بين العامة والمفكرين. أعلن آريوس بأن الخالق وحده هو الله الذي خلق الأشياء كلها (الكون كله وما فيه) قبل مجيء السيد المسيح، واعتقد آريوس بأن السيد المسيح مخلوق وأن الله خالق كل شيء وخالق الروح القدس.

أنكر آريوس ما ذهب اليه ألكسندروس من أن السيد المسيح إله مساوِ لله وأن طبيعة المسيح هي من نفس طبيعة الله، ورفض آريوس ألوهية السيد المسيح، واعتقد بأنه كان هناك وقت لم يكن السيد المسيح موجوداً فيه، واعتبره رفيعاً بين مخلوقات الله ومِنْ صُنْعِهِ، فهو نبي ورسول الله، وعلاقته مع الله هي علاقة بنوة مجازية، لأن بني إسرائيل كانوا يدعون أنفسهم أبناء الله وذلك ليس مساواة أو مشاركة في ذات الطبيعة الإلهية. كان لآريوس مؤيدون كثيرون خارج مصر، فكثير من الأساقفة البارزين مثل العلامة المؤرخ " أوسابيوس" الفلسطيني من مدينة قيسارية  و "أوسابيوس"- عالم اللاهوت -  أسقف مدينة نيكوميديا.

ورفع آريوس في العديد من الكنائس شعار "لا إله إلا الله... المسيح رسول الله".

غير أن الجدل المستمر والصراع في الأقاليم الرومانية حيّر الإمبراطور قسطنطين الأول، ولكي يضفي على موقفه صفة الشرعية، ولجمع شمل الرعية ولحسم الصراعات والفتن الداخلية، دعى قسطنطين في سنة 325م كافة أساقفة الكنيسة المسيحية إلى "نيقيه" Nicaea (وموقعها الحالي في تركيا).

                بدأ مجمع "نيقيه" بحث النزاع الخاص بالعلاقة بين الله والسيد المسيح وهل هو إله أم هو مخلوق وهل هو رسول الله؟ وتمت المناظرة الكبرى بين ألكسندروس وآريوس وأتباعهما، وبعد مداولات مستفيضة...مارس قسطنطين سلطته السياسية في إدارة المداولات لكي يحمل الأساقفة على قبول موقفه اللاهوتي والأخذ برأى القائلون بألوهية المسيح، وبعبارة أخرى أيد قسطنطين "عقيدة نيقيه" بأن الابن مساوِ للرب، ولقد وقّع 218 أسقفاً على هذه العقيدة بينما كانت فعلاً من صنع أقلية.

                  مكان مدينة نيقيه Nicaea بإقليم مرمرة بتركيا

ولقد لخصت الموسوعة البريطانية 1968 إجراءات مجمع نيقيه كالآتي: انعقد مجمع نيقيه في 20 مايو 325م . وتولى قسطنطين رئاسة المجلس بنفسه، وبهمة أدار النقاش، واقترح بنفسه ولاشك في دور "أوسيوس" الذي قام بتلقين قسطنطين الصيغة الصليبية الحاسمة التي عبّرت عن العلاقة بين المسيح والرب في العقيدة التي صدرت عن المجمع "من جوهر واحد مع الآب" وتحت ضغط و إرهاب الإمبراطور، وباستثناء اثنين من الأساقفة، وقع الأساقفة على العقيدة وكثير منهم كانت العقيدة ضد ميولهم. اعتبر قسطنطين أن قرار مجمع نيقية جاء بإلهام رباني، وطوال ما كان على قيد الحياة لم يجرؤ أحد أن يتحدى بصراحة عقيدة نيقيه. إلا أن الإتفاق الذي كان منتظراً لم يتحقق فيما بعد.

الإمبراطور قسطنطين الأول في الوسط، يرافقه القساوسة القائلون

بألوهية المسيح في مجمع نيقيه.

 ماهى عقيدة نيقيه؟

نؤمن بإله واحد الآب، سلطانه مطلق. خالق الأشياء كلها المرئية وغير المرئية – و برب واحد يسوع المسيح - ابن الله -المولود من الآب - مولود فقط - أي من جوهر الآب ، إله من إله ، نور من نور، إله حقيقي من إله حقيقي، مولود وليس مخلوقاً من جوهر واحد مع الآب الذي من خلاله خُلقت كل الأشياء، أشياء في السماء وأشياء على الأرض، والذي - من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا- نزل وصُنع من لحم، وأصبح رجلاً، وتعذب وقام في اليوم الثالث وصعد إلى السموات وسوف يأتي ليحاكم الأحياء والأموات، و نؤمن بالروح القدس.

وإن الذين يقولون "كان حينما لم يكن" "وقبل أن يولد لم يكن" وأنه "جاء من كون مالم يكن" أو هؤلاء الذين يزعمون أن ابن الله "من مادة أخرى أو جوهر آخر "  ، أو " مخلوق " ،  أو " قابل للتغيير" ، أو " قابل للتبديل" ، هؤلاء تلعنهم الكنيسة الكاثوليكية والرسولية.

 المناظرة الكبرى بين ألكسندروس وآريوس وأتباعهما

أدلة ألكسندروس وأتباعه بأن السيد المسيح إله مساوِ لله

تفنيد آريوس وأتباعه لهذه الأدلة.

الدليل الأول

"في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله".

(يوحنا 1:1)

تفنيد الدليل الأول

 إن المتكلم لم يكن  السيد المسيح،  وإنما على الأرجح كان يوحنا. و هذا النص المفرد كتبه يهودي اسمه فيلو من الأسكندرية بمصر قبل مجيء عيسى ويوحنا المعمدان (عليهما السلام).

الدليل الثاني

"أنا والآب واحد" (يوحنا 30:10).

"أنا في الآب والآب فيّ". (يوحنا 10:14)

"أنا في أبي وأنتم فيّ وأنا فيكم". (يوحنا 20:14)

تفنيد الدليل الثاني

إن المؤمنين  بأن  السيد المسيح   إله مساوِ لله متحدان في جسد واحد

لا يعلمون أنه لو اتبعنا حججهم فسوف تكون النتيجة وجود مجموع من 14 بدن في جسد واحد. إنها "عملية رياضية بسيطة" يحسبها أي تلميذ صغير! الله إله والسيد المسيح إله متحدين في إله واحد يضاف إليهم الـ12 تلميذاً الأصيليين بنفس الطريقة التي يفهم بها  النص (يوحنا 20:14) مما سوف ينتج عنه مجموع 14 كائناً متحداً في جسد واحد.

الدليل الثالث

"ليكون الجميع واحدا كما أنك أنت أيها الآب فيّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضا واحدًا فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحداً. كما أننا نحن واحد أنا فيهم وأنت فيّ ليكونوا مكمَّلين إلى واحد."

(يوحنا 17-23:21)

تفنيد الدليل الثالث

العبارتان ليس لهما معنى مقصود سوى "وحدة الغرض" كمؤمنين حقيقيين، ومن جانب آخر فإن  السيد المسيح  لم يدَّعِ في العبارة (يوحنا 31:10-36) أنه (إله) أو (الإله الابن) (باعتباره متحداً مع الله (الإله)) بل يقر بأنه شخص مستقل.

الدليل الرابع

 "الذي رآني فقد رأى الآب" (يوحنا 9:14).

تفنيد الدليل الرابع

ألم يقل  السيد المسيح   صراحة "الله لم يره أحد قط". كما قال "والآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته".  (يوحنا  37:5).

هنا يقول السيد المسيح  بأنه رسول من عند الله وأن الله يشهد بذلك و أنهم لم يسمعوا صوت الله ولا أبصروا هيئته. فكل هذه الأقوال من  السيد المسيح لها معنى واحد فقط ألا وهو أن الله هو الخالق والسيد المسيح هو رسول الله و أنهما ليسا كائناً واحداً. إذ كيف يكون الله و السيد المسيح  واحداً ومتحدين جسدياً عندما يكون الله في السماء و السيد المسيح   على الأرض ؟

  الدليل الخامس

 في (يوحنا 28:29) "ربي وإلهي!"

تفنيد الدليل الخامس

  إن في هذه الظروف المعجزة يمكن لملاحظه توماس أن تكون صادرة كعلامة تعجب بسبب التعجب تجاه   السيد المسيح   بينما في الحقيقة هى علامة التعجب موجهة نحو الله إلى جانب أن توماس لا يعتبر  السيد المسيح إله مساوِ لله لأنه يعلم تمام العلم أن  السيد المسيح  لم يدَّع أبداً أن يكون الله أو  إله مساوِ لله بل هو  إنسان بشر ورسول من رسل الله "وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ. (يوحنا 3:17).

معنى النص بإختصار بأن السيد المسيح رسول الله يؤكد على أن الخلاص الحقيقى ودخول الملكوت مقرون بإخلاص العبادة لله الخالق دون سواه أى عدم إشراك أى مخلوق من مخلوقاته معه فى العبادة.

الدليل السادس

 في (يوحنا 35:6). يقول  السيد المسيح   "بل أحبوا أعداءكم وأحسنوا وأقرضوا وأنتم لاترجون شيئاً فيكون أجركم عظيماً وتكونوا بني العلي".

تفنيد الدليل السادس

كان بنو إسرائيل يسمون أنفسهم أبناء الله فهذا لايعني بأنهم أصبحوا آلهه!.

  وأن يكون إنسانٌ "ابن الله"  فهى علاقة بنوة مجازية وذلك ليس مساواة أو مشاركة في ذات الطبيعة الإلهية، ولا يرفعه كونه هذا إلى منزلة أو صفة أو مقام الألوهية.

الدليل السابع

"المخلّص" في (2 الملوك 5:13) السيد المسيح هو الإله الممسوح

 تفنيد الدليل السابع

قد مُنح لقب "المخلص" لبعض الأفراد دون أن يكونوا آلهة، وهناك أيضاً "قوروش" الملك الفارسي ويسمى "المسيح" أو "الممسوح بالزيت" وهو ليس إله (التكوين 13:31), (اللاويين 10:8), (صموئيل 10:2), (اشعياء 1:45).

الدليل الثامن

"هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد". (يوحنا 16:3)

تفنيد الدليل الثامن

إذا كان السيد المسيح مساوِ لله في الأزلية، وبدون بداية ولا نهاية، ومتساوون في الدرجة، فإذا كان هذا كذلك، فكيف يمكن أن يكون السيد المسيح ابناً وفي نفس الوقت في نفس قِدَم أبيه؟ ( متى 18:1)، لوقا (26:1)، يوحنا (9:4). بالنسبة لبذل ابنه الوحيد وواقعة الصلب المزعومة فيوجد أناجيل أخرى تنفي عملية الصلب مثل إنجيل نجع حمادي ومما جاء بها حرفياً: يقول المخلص: إن الذي رأيته سعيداً يضحك هو يسوع الحي، لكن من يدخلون المسامير في يديه وقدميه، فهو البديل، فقد وضعوا العار على الشَبيه، انظر إليه وانظر إليَ.

أدلة آريوس وأتباعه على توحيد الله الخالق القوي الواحد الأحد وإنكار أن السيد المسيح  إله مساوِ لله  وانخفاض درجة منزلته وضعفه وتبعيته الله و التاكيد بأنه مخلوق و رسول الله  

لقد تعرض الوحي النقي الصافي لعمليات تطوير حيث اندست فيه الأساطير والخرافات وعبادة الأوثان ومعتقدات المشركين، وهكذا ضاع دين الله الحق في خضم تعدد العبادات الباطلة.

            أكد السيد المسيح بأنه رسول الله فلم يَقُل إطلاقاً "أنا الله اعبدوني" والدليل على ذلك هذه النصوص المقدسة:

 "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يوحنا 3:17). إن تصريحات السيد المسيح تثبت وجود شخص واحد إلهي فقط "أنت الإله الحقيقي" فالسيد المسيح لم يدع أبداً بأنه مساوٍ للرب ولكنه قال بأنه رسول الله وهذا واضح جداً في كلمة "أرسلته".

           قال السيد المسيح لإبليس عندما حاول أن يجربه مُظهراً استنكاره ورفضه التام لتقديم العبادة للشيطان، على أساس أن العبادة هي للـه الخالق وحده فقط، "للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد" (متى 10:4). "أنه لا أحد يستحق العبادة الا الله وحده." ( لوقا 8:4).

    إذن فالعبادة تُقدَم فقط للـه وحده القوي الخالق ولا تُقدَم للشيطان ولا للملاك ولا للسيد المسيح ولا لبشر مهما كانت منزلته، (متى 10:4؛ رؤيا 20:19؛ 8:22،9). إذ لا يمكن أن يعطي اللـه مجده لآخر (إشعياء 8:42).

"ليس قدوس مثل الرب لأنه ليس غيرك وليس صخرة مثل إلهنا" (1صمويل 2:2).

وفي (يوحنا 24:4) يقر السيد المسيح بأن (الله روح) وبناء عليه كيف يمكن لأحد أن يرى الله ؟

 وفي يوحنا (18:1) نقرأ "الله لم يره أحد قط".

 بالإضافة إلى أن السيد المسيح قد قدم تمييزًا واضحاً بينه وبين الله في (يوحنا 1:14). "لا تضطرب قلوبكم أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي". وحرف (الفاء) هنا أساسي في الجملة لأنه يدل على أن الله منفصل تماماً أى (الذات العليا) عن السيد المسيح.

"إن أول كل الوصايا هى اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك" (مرقس 12-30:29).

 "وفي الشهر السادس أُرسِلَ جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الخليل اسمها ناصرة إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف واسم العذراء مريم" (لوقا 1-27:26).

أخبر الملاك جبريل مريم أم السيد المسيح قائلاً : "وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع". (لوقا 31:1).

إذن فالسيد المسيح كان روحاً مخلوقة في رحم مريم بقوة الله، ومن هنا تنتفي عقيدة الإله المجسد ويصبح هذا الإدعاء بدون أي أساس.

"ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي يسوع". (لوقا 21:2) فهل إذا كان السيد المسيح حقا هو الله الحق أتظن أنه يحتاج إلى الاختتان؟

 "وكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة وكانت نعمة الله عليه". (لوقا 40:2). أما الإله الحقيقي فإن حكمته لا تزيد ولا تنقص ولا يخضع للزمان ولا المكان لأنه في كل وقت كامل ومطلق.

          "ولما كان يسوع المسيح يصلي "صلاة الرب". (لوقا 11-4:2) هل يمكن لأحد أن يصلي لروح نفسه؟.

  كان السيد المسيح يصوم "فبعد ما صام أربعين نهارا وأربعين ليلة جاع أخيراً... (متى 2:4)، والصوم إحدى وسائل تكفير الذنوب وإظهار الطاعة والخضوع لمن هو في منزلة الأعلى.

"ولقد حضر جمع كبير من الناس لكي يستمعوا إلى السيد المسيح وأحضروا معهم كثيرا من المرضى فتحقق لهم الشفاء من آفاتهم" (متى 31:15) "ومجدوا إله إسرائيل" فكيف يكون إله المسيحيين "إثنان" وإله اليهود "واحد" ؟.

كان السيد المسيح دائماً شاكراً لله مما يثبت كامل عجزه وخضوعه لله . "ثم تقدم قليلا وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً ...". (متى 39:26) و(مرقس 14-36:35)، فإلى من كان السيد المسيح يوجه صلاته؟ هل كان السيد المسيح يوجه صلاته إلى نفسه باعتباره جزءاً من الألوهية؟ أم كان يصلي لله القوي الخالق؟ بالطبع الإجابة ستكون بأن السيد المسيح كان يصلي لله، فلماذ إذن يا أتباع ألكسندروس لا تُصَلون مثل السيد المسيح وتخرون على وجوهكم ساجدين في خضوع وعجز لله القوي الخالق.

أعلن السيد المسيح "لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب لأني أبي أعظم مني". (يوحنا 28:14( فإذا كان ما قاله السيد المسيح  حقاً أن الله أعظم منه فإن ذلك ينهى المسألة بأنهما غير متساويين!

يؤكد السيد المسيح أن لا أحد صالح غير الله، وبهذا مَيزَ بين الله وبين نفسه.

 "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب". (متى 36:24) (ومرقس 32:13).

"أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً، كما أسمع أدين، ودينونتي عادلة، لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني". (يوحنا 30:5).

الكلمات "أبي" و "ياأبتاه " و "الآب" لا تُضفي على السيد المسيح صفة الألوهية ولا ترفعه إلى مقام الله وكانت كلمات دارجة عند بني إسرائيل لأنهم كانوا يطلقون على أنفسهم أبناء الله فعلاقة السيد المسيح مع الله هي علاقة بنوة مجازية وذلك ليس مساواة أو مشاركة في ذات الطبيعة الإلهية.

 "وفي الصبح إذ كان راجعاً إلى المدينة جاع فنظر شجرة تين على الطريق وجاء إليها فلم يجد فيها شيئاً إلا ورقاً فقط". ( متى21-19:18) هل يمكن لإله أن يشعر بالجوع وأن يجهل مواسم الشجر لحمل الثمار؟.

اعترض السيد المسيح على أحد الحكام لأنه وصفه بأنه المعلم الصالح "فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحا؟ ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله". (لوقا 19:18).

 وهكذا يُقر السيد المسيح بأن عِلمه مقيد بخلاف الله العليم الخبير، وكذلك المحاكمة يوم القيامة هي ملك لله وحدة الذي يحتفظ بالأسرار لنفسه.

 "الحق الحق أقول لكم لايقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً". (يوحنا 19:5) فهكذا يقر عيسى بأنه تابع لله.

 "لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني". (يوحنا38:6). "تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني". (يوحنا 16:7). هنا يقر السيد المسيح بأنه رسول الله.

 "ولست أفعل شيئاً من نفسي بل أتكلم بهذا كما علمني أبي". (يوحنا 28:8).

  ويقول لمريم المجدلية "إذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد

 إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم". (يوحنا 1:20).

"إني أصعد إلى ربي وأبيكم وإلهي وإلهكم".(يوحنا17:20)

"ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله". (يوحنا 40:8).

 هنا يعترف السيد المسيح بأنه إنسان لا يعدو أن يكون رسولاً يؤدي رسالته المكلف بها من الكائن الأعلى.

وهكذا بكل وضوح يذكر السيد المسيح أنه ليست له تنقصه قدرة إلهية، فمن نفسه لا يستطيع عمل شيء حيث أن الله وحده هو مصدر القوة والسلطان.

إن السيد المسيح و كما هو مبين في (أعمال 21:2). "إنسان موافق عليه من الله"، وله دور خاص وفق الغاية الإلهية، وأن الفكرة الأخيرة عنه كإله مجسد يمارس عيشة بشرية ما هي إلا طريقة أسطورية أو شعرية للتعبير عن معناه لنا.

يشرح القديس بولس من هو الله (الأعمال 24:17)  "الإله الذي خلق العالم وكل ما فيه هذا إذ هو رب السماء والأرض لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي ولا يُخدم بأيادي الناس كأنه محتاج إلى شيء إذ هو يعطي الجميع حياة ونفساً وكل شيء".

هل يصعب على إدراك البشر تصور هذا الفرق بين الله والإنسان وبين الخالق والمخلوق وبين الأزلي والفاني ؟ بالتأكيد لا وإنما هي الغفلة والنفاق والتمرد التي تمنع الرغبة في الفهم.

لم يُشر إلى السيد المسيح  ولا مرة واحدة أنه "الإله الابن"، وإنما كانت الإشارة إليه على أنه "ابن الله". وتكررت هذه الإشارة في العهد الجديد 68 مرة مما يدل على أن السيد المسيح ليس إلهاً على وجه الإطلاق. أما القول بأن الإشارتين واحدة وبنفس المعنى فإنما ذلك يكون إبطالاً لقواعد اللغة واعتبارها بلا فائدة كأداة للاتصال بين الناس.

كانت للسيد المسيح بدايته لأنه مخلوق من الله، فلم يكن المساوي في الأزلية مع الله، أو المساوي لله تعالى بأي معنى من المعاني، فلقد كان دائماً خاضعاً لإرادة الله وظل خاضعاً لها.

"أما كأسي فتشربانها، وأما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أعطيه إلا للذين أُعدّلهم من أبي". (متى 23:20). ففيما يخص نفسه يفتقد السيد المسيح  القوة أو السلطان في منح أي شيء إلا ما يتقرر من قبل الله الذي يسميه "الآب".

"ثم تقدم قليلاً وخرَّ على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس ولكن ليس كماأريد ولكن كما تريد أنت". (متى 39:26), وهنا يلتمس السيد المسيح عون الله الذي يدعوه "بأبتاه" مؤكداً أنه ليس كما يريد هو وإنما حسب إرادة الله، وواضح من هذا أن إرادة الله مستقلة عن إرادته.

يلاحظ بأن اللفظ "ياأبتاه" لا يُضفي على السيد المسيح صفة الألوهية ولا يرفعه إلى مقام الله، و ذلك لأن بني إسرائيل كانوا يدعون أنفسهم أبناء الله  فعلاقة السيد المسيح مع الله هي علاقة "بنوة مجازية" وذلك ليس مساواة أو مشاركة في ذات الطبيعة الإلهية.

"إلهي إلهي لماذا تركتني". (متى 46:27) فإذا كان السيد المسيح مساوٍ لله فلماذا يستنجد ويطلب العون من الإله الخالق في السماء.

 "ياأبتاه في يديك استودع روحي". (لوقا 46:23) هذه الكلمات "إلهي" و "ياأبتاه" لا تصدر إلا من إنسان في شدة، فإذا كان السيد المسيح  إلهاً فمن ذا الذي يكون قد خذله؟ هل يكون قد خذل نفسه؟ كم يكون ذلك مضحكاً وسخيفاً ؟ الله لا يحتاج أن يخضع نفسه لإله آخر.

"وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الإبن إلا الآب". (مرقس 32:13) فإذا كان السيد المسيح  حقاً مساوياً لله أو جزءاً من الثالوث لعلم مايعلمه الله.

 "أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا". (يوحنا 39:5).

  "تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني". (يوحنا 16:7).

 في التصريحات الثلاثة بعاليه أوضح السيد المسيح  بأنه لاسلطان له و لاقدرة كامنة فيه، ومايدعو إليه فهو من تعاليم الله.

"وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يوحنا 3:17). فالسيد المسيح لم يشر أبداً إلى الله بصيغة الجمع، وإنما توجه إلي الله معترفاً بأنه رسول الله.

"إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم". (يوحنا 17:20). لم يكن السيد المسيح إلهاً لأنه كان له إله يسميه "الآب" مجازاً.

"لأنه يوجد إله واحد و وسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح".   (1 تيموثاوس 5:2) يفسر هذا البيان نفسه أن الله و السيد المسيح  متميزان بعضهما عن بعض  وأن السيد المسيح هو إنسان و رسول الله.

          إذن كل هذه النصوص تؤكد بأن السيد المسيح صادق بشأن أنه إنسان و بشر و رسول وأن الله واحد لا شريك له ولا إله معه و يتضح كذب وزيف وبطلان من يدعي بأن السيد المسيح هو الله الظاهر فى الجسد وأنه ابن الله.

إن عقيدة ألكسندروس انحراف واضح عن أصل تعاليم السيد المسيح، بينما عبادة الله طبقاً لإرادته سبحانه ما هي إلا رفض عقيدة ألكسندروس برمتها "لأن الله ليس إله تشويش بل إله سلام". (1 كورنثوس 33:14).

 أدلة آريوس وأتباعه بأن ما جاء به السيد المسيح ينطبق مع الأنبياء السابقين بأن الله هو الخالق القوي الواحد الأحد.

  إن الله المطلق في الحكمة والواسع في الرحمة يرسل من وقت لآخر أنبياء للتبشير

بطريق السلام والطاعة لله الإله الواحد الأحد الحق والإستسلام لإرادة الله.

قال السيد المسيح:

"لاتظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ماجئت لأنقض بل لأكمل فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لايزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل". (متى 5-18:17).

قال موسى النبي:

 "الآن علمت أن الرب أعظم من جميع الآلهه...". (الخروج 11:18) .

"الرب إلهنا واحد فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك." "ولتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك وقصها على أولادك وتكلم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم واربطها علامه على يدك ولتكن عصائب بين عينيك واكتبها على قوائم أبواب بيتك وعلى أبوابك."  ( التثنية 4:6 -9).

"احترزوا من أن تنسوا عهد الرب إلهكم الذي قطعه معكم وتصنعوا لأنفسكم تمثالاً منحوتاً صورة كل مانهاك عنه الرب إلهك. لأن الرب إلهك هو نار آكلة, إله غيور." (تثنية 23:4).

قال داود النبي في المزامير :

"ويعلمون أنك اسمك يهوه وحدك العلي على كل الأرض".  (18:83).

"باركي يا نفس الرب يارب إلهي قد عظمت جداً مجداً وجلالاً".(1:104).

"هو الرب إلهنا".(7:105).

"الرب هو الله وقد أنار لنا".(27:118).

"إلهي أنت فأحمدك إلهي". (28:118)

قال سليمان النبي:

"الخوف من الرب هو بداية الحكمة، ومعرفة القدوس بصيرة." (أمثال 10:9).

وهذه الكلمات منسوبة إليه "اتق الله واحفظ وصاياه لأن هذا هو الإنسان كله". (جامعة 13:12).

 قال إشعياء النبي:

"إله الدهر الرب خالق أطراف الأرض". (إشعياء 28:40).

  "أنا الله القدير".(التكوين 1:17).

"من مثلك بين الآلهة يارب؟ من مثلك معتزاً في القداسة؟ مخوفاً بالتسابيح صانعاً العجائب؟". (الخروج 11:15)

"أنا الرب إلهك". (الخروج 2:20).

"لا يكن لك آلهة أخرى أمامي. لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض لاتسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك إله غيور". (الخروج 20-5:3).

"أنا الرب إلهكم لا تلتفتوا إلى الأوثان وآلهة مسبوكة لا تصنعوا لأنفسكم أنا الرب إلهكم". (اللاويين 19-4:3).

"ليس الله إنسانا فيكذب ولا ابن إنسان فيندم". (العدد 19:23).

"إنك قد أريت لتعلم أن الرب هو الإله ليس آخر سواه". (تثنية 35:4).

"إسمع يااسرائيل الرب إلهنا رب واحد". (تثنية 4:6).

"انظروا الآن أنا أنا هو وليس إله معي". (تثنية 39:32).

"ليس قدوس مثل الرب لأنه ليس غيرك وليس صخرة مثل إلهنا". (1 صمويل 2:2).

وقال سليمان: "أيها الرب إله إسرائيل ليس إله مثلك في السماء من فوق ولاعلى الأرض من أسفل". (1 ملوك 22:8)

"لأنك عظيم أنت وصانع عجائب أنت الله وحدك". (مزامير 10:86)

"أما عرفت أم لم تسمع إله الدهر الرب خالق أطراف الأرض لا يكل ولا يعبأ ليس عن فهمه فحص". (إشعياء 28:40)

"أنا الرب هذا اسمي ومجدي لا أعطيه لآخر ولاتَسْبحي للمنحوتات". (إشعياء 8:42)

"أنتم شهودي يقول الرب وعبدي الذي اخترته لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا أني أنا هو قبلي لم يصور إله وبعدي لايكون أنا أنا الرب وليس غيري مخلص". (إشعياء 43-11:10).

"أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري". (إشعياء 6:44).

"أنا الرب وليس آخر، لا إله سواي لكي يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها أن ليس غيري أنا الرب وليس آخر". (إشعياء 45-6:5).

"لأنه هكذا قال الرب خالق السماوات هو الله مصور الأرض وصانعها هو قررها لم يخلقها باطلاً للسكن صورها أنا الرب وليس آخر". (إشعياء 18:45).

"أذكروا الأوّليّات منذ القدم لأني أنا الله وليس آخر الإله وليس مثلي". (إشعياء 9:46).

"أنا هو الأول وأنا الآخر ويدي أسست الأرض ويميني نشرت السماوات". (إشعياء 12:48).

"هكذا قال الرب السماوات كرسي والأرض موطيء قدمي". (إشعياء 1:66).

"أما الرب الإله فحق هو إله حي وملك أيدي هكذا تقولون لهم : الآلهة التي لم تصنع السماوات والأرض تبيد من الأرض ومن تحت هذه السماوات".(إرميا 10-11:10).

 أدلة آريوس وأتباعه بقدوم برقليطوس Perikleitos من بعد السيد المسيح وهو نبي مثله وابن إنسان ومن أمة أخرى

ركز السيد المسيح بقوة في يوحنا (13:16) على (أن روح الحق) مجرد نبي سوف يتلقى التعاليم من الله تعالى وبأنه "لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به"، وباعتباره نبيا فقط "وليس كائناً إلهياً أو روح قدس"، فليست له سلطة خاصة به وإنما ينزل عليه الوحي من الله في السماء.

ويقول السيد المسيح في يوحنا (26:14)  " وأما "المعزي الروح القدس" الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم".

في يوحنا (16-15:12) يبشر السيد المسيح بمجيء "فارقليط آخر" والذي سماه "الروح الحق" فقال  "إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك، روح الحق (الفارقليط)، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لايتكلم من نفسه، بل كل مايسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم. كل ماللآب هو لي. لهذا قلت إنه يأخذ مما لي ويخبركم".

" لكني أقول لكم الحق : إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم الفارقليط، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم. ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة."  (يوحنا 16-8:7). ويلاحظ أن السيد المسيح في يوحنا (13:16) يقول عن "روح الحق" إنه "يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم".

 إذ قال "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم  إلى الأبد". (يوحنا 16:14)، ولقد قال السيد المسيح أيضاً لتلاميذه في (يوحنا 26:15) "ومتى جاء المعزي (الفارقليط) الذي سأرسله أنا إليكم من الآب حتى روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي".

فإذا كانت كلمة: (الفارقليط) هي تعريب للكلمة اليونانية "بَرَقليطوس" Parakletos  فمعناها بالتأكيد  ليست  الروح القدس ولا شخصاً إلهياً ولا جبريل أو غيره من الملائكة وليس معزِّياً ولا محامياً أو وسيطاً بين الله والبشر.

أما إذا كانت كلمة: (الفارقليط) تعريب للكلمة اليونانية "بِرِقليطوس" Perikleitos فإن الاسم مركب من مقطعين الأول Peri   والثاني   kleitos مشتق من التمجيد والثناء ويكتب أيضاً Periqlytos  أو    Periqleitos  مما يعني تماماً اسم أحمد باللغة العربية أي أكثر ثناءً وحمداً والتي تعني من الناحية اللغوية البحتة (الأمجد والأشهر والمستحق للمديح).

المسيح لم يستخدم كلمة (باراكالون  parakalon) اليونانية قطعاً لأن لغته الأصلية هي العبرية أو الآرامية.  كلمة  Perikleitos هي الترجمة الحرفية للكلمة الآرامية Mauhamana  أو العبرية Mauhmnna  والتي استخدمها المسيح بنفسه وكلاهما بمعنى أحمد و محمد Muhammad النبي الخاتم.

 من هي الأمة الأخرى التي تحدث عنها المسيح؟

يجب إمعانْ التفكير في قول السيد المسيح في متى (21-43:42) "لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطي لأمة تعمل ثماره"، فهذا تحذير موجه إلى اليهود بعد أن إرتدوا وعبدوا آلهة أخرى مع الله بأن ملكوت الله سينزع منهم ويعطي لأمة أخرى.

 الله أنزل هذا التحذير أيضاً في التكوين (10:49) ليعقوب النبي لتحذير يهوذا. كان ذلك هو تحقيق النبوءة القديمة التي ذُكرت في تثنية (21:32) حيث يقول الله: "هم أغاروني بما ليس إلهاً، أغاظوني بأباطيلهم، فأنا أغيرهم بما ليس شعباً، بأمة غبية أغيظهم".

كانت أُمة العرب قبل الإسلام توصف بالأُمة الغبية، وأنهم "بهائم بجلد إنسان"، وبعد أن جاءهم نبي الإسلام أصبحت أُمة العرب (أُمة التوحيد الخالص). فقد أزال الفارقليط الآخر "بِرِقليطوس" Perikleitos نبي الإسلام كافة آثار الوثنية والشرك وعلّم العالم وحدانية الله تعالى- الخالق الواحد الأحد.

ما هي نهاية آريوس والأريسيين؟

         ذكر "ديورانت" المؤرخ الأمريكي في موسوعة قصة الحضارة انه قد تم دس السم لآريوس وقتله من قبل القساوسة مؤلهى السيد المسيح في آسيا الصغرى، وقاسى الآريسيون الموحدون أصحاب المذهب الآريوسى وسائر الموحدين المخالفين لمذهب الإمبراطور قسطنطين من التعذيب والمذابح والمطاردة وحرق الكتب.

حرق كتب وأناجيل الأريسيين الموحدين والذين تم تسميتهم جوراً وظلماً بالهراطقة!

تعرض الأريسيون للقتل والذبح في عهد الرومان حتى ان الكتب القلائل التي أشارت إليهم أكدت أن أكثر من 12 مليون منهم قتلوا على يد الذين يومنون بالثالوث المقدس: الآب والابن والروح القدس. وكان أغلب سكان مصر وشمال افريقيا وإسبانيا وبعض مناطق في البلقان مثل البوسنة والهرسك وألبانيا وقبائل جرمانية كانت كلها تدين بالتوحيد وكان يتم قتلهم أو اضطهادهم لأنهم أَرِيسِيِّينَ... شهادتهم هي: لا إله الا الله وأن عيسى رسول الله.

لماذا كانت الفتوحات الإسلامية؟ لم تكون الفتوحات الإسلامية من أجل تكوين إمبراطورية إسلامية أو بالسيف كما يزعم البعض، والدليل على ذلك وجود العديد من المسيحيين في بلاد إسلامية. كانت الفتوحات الإسلامية من أجل الدفاع عن الدولة الإسلامية الفتية؛ إذ كانت مهدَّدة بالقضاء عليها من الدولة الفارسية من جهة الشرق، والدولة الرومانية من جهة الغرب، ومن أجل تبليغ رسالة الإسلام، ولإنقاذ شعوب الدنيا من ذل عبوديتهم للحكام إلى عزِّ عبوديتهم لله، ولإيقاف مذابح الرومان والنصارى الذين كانوا على التثليث في حق النصارى الموحدين الأريسيين.

ولتقرأوا معي نص رسالة النبي إلى الإمبراطور "هرقل" والذي جاء للحكم بعد الإمبراطور "قسطنطين" بعدة قرون.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى . أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ.، وَ (( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ )) .

صورة من رسالة الرسول صلى الله وعليه وسلم إلى الإمبراطور "هرقل" الذي كاد أن يسلم، لولا أنه خاف على نفسه من قومه، وخاف على ذهاب ملكه. الدائرة في الصورة حول كلمة الأريسيين.

يقول أبو الحسن الندوي، وأبو جعفر الطحاوي بأن الأريسيين الذين ورد ذكرهم في رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم هم الأريسيون الموحدون الذين كانوا مضطهدون في الدولة الرومانية لأنهم يؤمنون بأن الله واحد وأن عيسى عليه السلام مخلوق وليس كما يؤمن الرومان بأن عيسى ابن الله تعالى أو هو الأقنوم الثاني !!! واستبعدوا بأن يكون المراد بكلمة "الأريسيين" الفلاحين.

هل انضم الأريسيون للجيوش الإسلامية؟ انضم الموحدون الأريسيون في مصر بسرعة لجيش القائد عمرو بن العاص المكون من أربعة ألاف جندي فقط والسبب هو أنهم كانوا على التوحيد مثلهم وليشهدوا مع المسلمين بأن لا إله الا الله وأن عيسى رسول الله وأن محمد رسول الله.

ولذلك انتشر الاسلام بين كل سكان البلاد الأصليين من الأريسيين في الشام ومصر وفلسطين والمغرب العربي وإسبانيا وبعض المناطق في البلقان مثل البوسنة والهرسك...وذلك لأن الإسلام رفع عن الأريسيين المذابح والمظالم وانتشر بينهم بالإقناع والعدل فدخلوا في دين الله أفواجا.

الدكتور: سليمان خليل