التغيرات والتطورات التدريجية التي حدثت على رسالة يسوع بعد رفعه على مدى عدة قرون
هذا البحث يبين كيف أن الله سبحانه بعث عبدَه ورسولَه وكلمتَه المسيح ابن مريم صلوات الله وسلامه عليه إلى بني إسرائيل، فجدَّد لهم الدين، وبيَّـن لهم معالمه، ودعاهم إلى عبادة الله وحده، فعادَوهُ بنو إسرائيل وكذَّبوه، ورمَوه وأُمَّه بالعظائم، وحاولوا قتله، فعصمه الله تعالى منهم ورفعه إليه، فلم يصِلوا إليه بسوء، ثم أخذ دين المسيح في التبديل والتغيير حتى تناسخ واضمحلَّ، ولم يبق بأيدي النصارى منه شيء، بل ركَّـبوا دينًا بين دين المسيح ودين الفلاسفة الرومان عُــبَّاد الأصنام، فنقلوهم من عبادة الأصنام الـمُجسَّدة إلى عبادة الصور التي لا ظِل لها، ونقلوهم من السجود للشمس إلى السجود إلى جهة المشرق، ونقلوهم من القول باتحاد العاقل والمعقول والعقل إلى القول باتحاد الأب والابن وروح القدس، واستمر الأمر على التغيير والتبديل على مدى عشرة قرون من خلال مجامع كنائسية حتى صارت النصرانية نفسها فرقا وأحزابا، كل طائفة تلعن الأخرى، وتُـكَـفِّـر الأخرى، كل حزب بما لديهم فرحون، ثم بعث الله محمدا (صلى الله عليه وسلم) بدين الإسلام، فبين لهم الذي اختلفوا فيه، فدخل فيه من دخل، وأعرض من أعرض، فقامت الحجة، وظهرت المحجة.