عندما يكون العم سام ناسكا! : دراسة تحليلية نقدية لموقف مراكز البحوث الأمريكية من الصوفية
التصنيفات
الوصف المفصل
التعريفُ بموضوعِ الكِتاب
إنَّ ممَّا ذاع صِيتُه وشاع خَبرُه في هذا الزَّمانِ تلك المراكِزَ البحثيَّةَ الأمريكيَّةَ، التي راج سُوقُ أبحاثِها عن العالَم الإسلاميِّ، وبلَغَتْ تلك الأبحاثُ الغايةَ في السُّوءِ؛ إذ لم تَحْفَظْ للمسلمينَ دِينًا ولا كرامةً، وبدأَتْ تَبُثُّ الأفكارَ والتَّوْصياتِ الموجَّهةَ لبَنِي قَوْمِها حولَ كيفيَّة ترويضِ المُسْلمين عبْرَ تطويعِ الإسلام، فكان ممَّا جادت به قريحةُ مَكْرِهم التَّوصيةُ بِدَعمِ الصُّوفيَّة في العالَم.
وهذا الكتاب يَكْشِفُ حَقائقَ ومعلوماتٍ مُهِمَّةً عن مراكزِ البحوثِ الأمريكيَّة، وجهودها في دَعْم التصوُّف ورعايةِ الطُّرُق الصوفيَّة؛ من أجْل مواجَهَةِ مذهب أهلِ السُّنَّة والجماعة.
وقد قَسَّم المؤلِّفُ الكتاب إلى: مقدِّمَةٍ، وتمهيدٍ، وأربعَةِ فصولٍ:
في الفصل التمهيديِّ عرَّف بالاستشراقِ والتصوُّف، وأورد تحتَه ثلاثة مباحِثَ:
في المبحث الأول: عرَّف تعريفًا موجزًا بالاستشراقِ ذاكرًا معناه، ودوافِعه، وأهدافه.
وفي المبحث الثاني: تحدَّث عن مراكز البُحُوثِ الأمريكيَّة؛ عن نشأتها وتطوُّرها، مقسِّمًا تطوُّرَ هذه المراكز إلى مراحل؛ فبعضهم قسَّمَها إلى أربعةِ مراحلَ، والبعض الآخَر قسَّمها إلى خمسَةِ مراحلَ:
المرحلة الأولى: (1865- 1900م)، وذكر أنَّ مِن أبرزِ مراكزِ هذه المرحلَةِ: (اللَّجنة الصِّناعيَّة الأمريكيَّة)، و(الاتحاد المَدَني الوطني).
المرحلة الثانية: (1901-1945م)، ومِن أبرَزِ مراكزِ هذه المرحلةِ: (مؤسَّسَة رسل سيج)، و(مؤسسة كارنيجي الوقفيَّة للسَّلام الدَّولي).
المرحلة الثالثة: (1946-1970م)، ومِن أبرز المراكِزِ في هذه المرحلة: (مؤسسة راند) و(معهد ميسون)، و(المعهد المدني).
المرحلة الرابعة: (1971-1991م)، وذَكَرَ من أبرز المراكز التي نشأت في هذه المرحلةِ: (مؤسسة التُّراث)، و(مؤسَّسة الكونجرس الحر).
المرحلة الخامسة: (1992- الوقت الحاضر)، وذكر مِن أبرزِ وأهَمِّ المراكزِ البحثيَّة في هذه المرحلة: (مشروع القَرْن الأمريكي الجديد).
ثم تحدَّث عن اهتمامِ مراكزِ البُحُوثِ الأمريكيَّةِ المعاصِرَة بالعالَم الإسلامي، وبيَّن أنَّ هناك خطَّينِ متوازيينِ لدِراساتِ العالَمِ الإسلاميِّ في أمريكا؛ الخط الأول: يُمثِّله المستشرقون التقليديُّون والأكاديميُّون، وهؤلاء في الغالب أقلُّ حِدَّةً من غيرهم على العالَم الإسلاميِّ، وأما الخط الثاني: فيُمثِّلهم خُبراءُ مراكزِ البحوثِ، وهؤلاء يُنعَتون بالمستشرقينَ الجُدُد، وهم المَعْنِيُّون بالدرجة الأولى في هذا البحثِ.
وفي المبحث الثالث: ذكر نُبذةً عن نشأةِ الصوفيَّة وتطوُّرِها؛ وتحدَّث عن اشتقاقِ لَفْظ التصوُّف، وتعريف التصوُّف، ونشأته ومصادره، ومراحِل تطوُّرِه، وأبرَزِ طُرُقِه المعاصِرَة، وذَكَر مِن هذه الطُّرُق: الطريقة القادريَّة، والطريقة الشاذليَّة، والطريقة الرفاعيَّة، والطريقة النقْشَبَنْديَّة، والطريقة الختميَّة، والطريقة البكتاشيَّة، والطريقة التيجانيَّة.
ثم في الفصل الأول ذكَر موقف المستشرقينَ من الصوفيَّة، ونَقَدَه، وأورَدَ تحته أربعةَ مباحِثَ:
في المبحث الأوَّل تحدَّث عن موقِفِ المستشرقينَ من تعريف الصوفيَّة ونشأَتِه ونَقْده، ذكَر فيه عنايةَ المستشرقين بالتصوُّف، وتعريف التصوُّف عند المُسْتَشرقين، وأوضحَ أنَّ المستشرقين رجَّحوا أنَّ اشتقاقَ التصوُّف من الصُّوف، وضَعَّفوا ما عداه مِن أقوال، ثم ذكَر نشأة التصوُّف في المفهوم الاستشراقي.
وفي المبحث الثاني: تناوَلَ موقِفَ المُسْتَشرقين من عقائِدِ الصوفيَّة، ونَقَدَه؛ مبيِّنًا من خلاله أنَّ المُسْتَشْرقين يُدْرِكون تمامًا حقيقةَ عقائدِ الصوفيَّة، ومع هذا فلا يُذكَرُ عنهم ذمٌّ أو انتقاصٌ للصوفيَّة؛ لأنَّهم وجدوه مُنسجِمًا مع مصلحة الغَرب الاستعماريَّة، التي قَبِلَت التصوُّف وسانَدتْه، بعد أن وَجَدَت أنَّه يَهْزِم رُوحَ المقاوَمَة والبناء لدَى أتباعه، بل إنَّه يجعل من جميع الأديانِ شيئًا واحدًا؛ كنتيجةٍ طبيعيَّةٍ لعقيدةِ وَحْدة الوجود.
وفي المبحث الثَّالث: تكلَّم عن موقِفِ المُسْتَشرقين من مؤلَّفات الصوفيَّة، ونَقَدَه؛ فأوضَحَ فيه اجتهادَ المُسْتشرقين في تحقيقِ تُراثِ التصوُّف ونَشْرِه، وأنَّه كان لهم قَصَبُ السَّبْق في ذلك، وفاقوا المتصوِّفَة أنفسَهم، ثم ذكَر نماذِجَ من عنايةِ المُسْتَشرقين بالتصوُّف.
وفي المبحث الرابع: بيَّن المؤلِّف موقِفَ المُسْتَشرقين من بعض رموز التصوُّف، ونَقَدَه؛ ملخِّصًا مَوْقِفَهم في أمرين: الأوَّل: في تحقيقِ وترجمةِ ونَشْر كُتُب الصوفيَّة، والثاني: في التَّأليف عنهم، ونَشْر سِيَرِهم. وذَكَر أمثلةً على موقِفِ المُسْتَشْرقين من بعض رُمُوزِ التَّصوُّف؛ ومن هؤلاء: (الحلَّاج)، وذكر أنَّ المُسْتَشْرق (ماسينيون) أفنى سنينَ طويلةً في حياته في تتبُّع أخبارِ الحلَّاج والتأليف فيه، حتى رسالته للدكتوراه كانتْ عن الحلَّاج، بل إنه شَبَّه الحلَّاج بالمسيح عيسى ابن مريمَ عليه السَّلام، وخلَع عليه لقب (شهيد التصوُّف)!
وفي الفصل الثاني بيَّن موقِفَ الصوفيَّةِ من بعض القضايا المهِمَّة في العالَم الإسلاميِّ، ونَقَدَه؛ ذكَر فيه خَمْسةَ مباحث: في المبحث الأوَّل: ذكَر موقِفَ الصوفيَّةِ من السَّلفيَّة، ونَقَدَه؛ بيَّنَ فيه مفهومَ مُصْطلَح السلفيَّة، ثم ذكَر الموقِفَ الصوفيَّ المعاصِرَ من السَّلفيَّة، مقسِّمًا موقِفَ المتصَوِّفة المعاصِرينَ بينَ مُناوِئٍ للسَّلفيَّة بجفاءٍ، أو مُخالِفٍ لها بِدَهاءٍ، وذكر أمثلةً لِفِئَة المُناوئينَ للسلفيَّة بجفاءٍ: أحمد زيني دحلان؛ الذي كان من أشد المُناوِئين للشَّيخ محمد بن عبد الوهاب، وعلاء الدين ماضي أبو العزائم، شيخ الطريقةِ العَزْمية بمصرَ، وذكَر نماذِجَ للمُخالفين للسلفيَّة بِدَهاءٍ؛ ومن أبرزهم: محمد علوي المالكي، وعمر عبد الله كامل، وعبد الله بن بيه، والحبيب علي الجفري.
أمَّا المبحث الثاني فذكَر فيه موقِفَ الصوفيَّة من العَلمانيَّة، ونَقَدَه؛ أوضح فيه عُمْقَ العَلاقة بين الصوفيَّة والعَلمانيَّة، وأنَّ موقِفَ الصوفيَّة من العَلمانيَّة كان مَوْقِفًا سلبيًّا مُسايرًا لها، وأنَّ الصوفيَّة عقيدةً وسُلوكًا أسهَمَتْ بشكلٍ مُباشرٍ وغير مباشِرٍ في تغلغُلِ العلمانيَّة إلى جَسَد العالَم الإسلامي، وأسهمَتْ في ترسيخِ قواعِدِ العَلمانيَّة.
وفي المبحث الثالث: تحدَّث عن الوَلاء والبَرَاء عند الصُّوفيَّة، ونَقَدَه؛ ذكَر فيه أهميَّة الوَلاء والبرَاء، وأنَّ شأنَه عظيمٌ في الإسلامِ، وبيَّن أنَّ ضَعفَ عقيدةِ الوَلاء والبَراء في نفوس المُسْلمينِ لبُعدهم عن نورِ الاقتداءِ وانتشارِ البِدَعِ والتصوُّفِ بين المسلمينَ.
وفي المبحث الرابع: تناوَلَ موقِفَ الصوفيَّةِ من الجهاد، ونقَدَه؛ ذكر فيه منزلَةَ الجهادِ وأهميَّتَه في حِفْظ الإسلامِ والمُسْلِمين، ثم ذكَرَ مكانةَ الجهادِ في الفِكْر الصُّوفي، خلَص فيه إلى أنَّ تَرْك الصوفيَّةِ للجِهادِ لم يكُنْ فقط بسببِ طريقَتِهم الزُّهْدية البِدْعِيَّة، وإنَّما أيضًا بسببِ الانحرافاتِ العَقَديَّة الخطيرة التي باتتْ عمادَ التصوُّف، فانتظم في التصوُّف مُقَوِّماتُ تركِ الجهادِ اعتقادًا وسلوكًا.
ثم في المبحث الخامس ذكَر موقِفَ الصوفيَّة من الاستعمارِ الغربيِّ، ونَقَدَه، وبيَّن أنَّ الصوفيَّة كان موقِفُهم مواليًا وداعمًا للاستعمارِ الغربيِّ الذي دَهَم العالَم الإسلاميَّ.
وخصَّص الفصل الثَّالث: للحديثِ عن مَوْقِف مراكِزِ البحوث الأمريكيَّة من السَّلَفيَّة والصوفيَّة، ونَقَدَه؛ أورد تحتَه أربعة مباحِثَ: المبحث الأوَّل: في السَّلفيَّة في تَقاريرِ مراكِزِ البُحوث الأمريكيَّة، وكان الحديثُ في هذا المبحث عبْرَ مسألتينِ: الأولى: عن نظرة عامَّة على مَوْقِف المُسْتَشْرقين من دعوة الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب، والثانية: موقِف مراكزِ البُحُوث الغربيَّة من السَّلَفيَّة المعاصِرَة، وخلَصَ الباحِثُ إلى أنَّ السلفيَّة عند مراكزِ البحوثِ الأمريكيةِ تعني العُنْفَ والتطرُّف والإرهابَ، وأنَّ تلك المراكِزَ تتعاملُ مع هذا المعنى المغلوطِ للسلفيَّة كواقع مُسَلَّمٍ به. وفي المبحث الثاني: ذكَر مفهومَ التصوُّف في تقاريرِ مراكزِ البُحوث الأمريكيَّة، ونَقَدَه؛ بيَّن من خلاله أنَّ التصوُّف عند مراكِزِ البحوث الأمريكيةِ عبارةٌ عن حركةٍ رُوحيَّةٍ داخلَ الإسلام لا تَحمِلُ في طِيَّاتها أصوليَّةً ولا عُنفًا بمفهومهم؛ كما تَصِفُ بعضُ المراكز التصوُّفَ بالإسلام الرُّوحيِّ، أو الإسلام الشَّعبيِّ، وأنَّ التصوُّف عندهم عبارةٌ عن رُوحانيَّةٍ إسلاميَّةٍ يُقابِلها ويُعاديها تطرُّفٌ إسلاميٌّ يتمثَّل في السلفيَّة أو الوهابيَّة!
وفي المبحث الثَّالث: بيَّن موقفَ مراكِزِ البُحوث الأمريكيةِ من رُموز التَّصوُّف، ونَقَدَه؛ أوضحَ فيه الباحِثُ عنايةَ هذه المراكِز واهتمامَها برُموزِ التصوُّف؛ سواء أكان ذلك بالثَّناء عليهم ووَصْفِهم بالاعتدالِ بمفهومهم، أم بمحاولة البَحْث عنهم، واكتشافِهم والكتابَة عنهم، كما لا تُوجدُ في تقاريرِ هذه المراكِزِ التحذيرُ من رموزِ التصوُّف أو القَدْح فيهم، بل على العكس من ذلك.
وفي المبحث الرَّابع: ذكَر توصِيَاتِ مراكزِ البُحوثِ الأمريكيَّة المتعلِّقةَ بالصوفيَّة، ونَقَدَها؛ تحدَّثَ فيه عن توصِياتِ مراكزِ البُحوثِ الأمريكيَّة بِدَعْم الصوفيَّة، وذكَر أمثلةً بيَّنَ مِن خِلالها أنَّ مراكِزَ البُحوثِ الأمريكيَّة تَشترِك في التَّوصيَة بدَعْم التصوُّفِ وإعادةِ إحيائِه؛ ليكونَ المُهَيمِنَ على التوجُّهِ الدِّينيِّ في العالَم الإسلاميِّ، وذلك- من وِجْهَةِ نَظَر تلك المراكِزِ- هو ما يَخدُمُ الأمنَ والمصلَحةَ الأمريكيَّة والغربيَّة في العالَم الإسلاميِّ.
ثم تحدَّثَ عن موقِفِ المتصوِّفَة من توصياتِ مراكِزِ البحوثِ الأمريكيَّة، ذكر فيه أمثلةً للمَوقِف الصوفيِّ مِن توصياتِ مراكزِ البُحُوث الأمريكيَّة بدَعْم الصوفيَّة، ومن هذه المواقِف: مَوقفُ (مؤسَّسة طابة الصوفيَّة) وبيَّنَ مِن خلال ذِكْر الأمثلة إدراكَ المتصوِّفَة لتَوْصِياتِ مراكزِ البُحوث الأمريكيَّة، ومَعْرِفَتهم بها؛ فَهُم ما بينَ مُخْفٍ لها عن الأَعْيُن، أو مُقَلِّل مِن شَأنِها، وما بين مُقِرٍّ بها وتارِكٍ لنَقْدِها.
وفي الفصل الرَّابع والأخير: تكلَّمَ عن الحِراك الصُّوفي المعاصِرِ في العالَم الإسلاميِّ، واشتمَل على أربعَةِ مباحِثَ: المبحث الأول: في الدَّعْم الأمريكي المعاصِر للصوفيَّة، ذكَر فيه أمثلةً مِن رُموز المتصَوِّفة يُقِرُّون بالتوجُّه الأمريكي نحوَ الصوفيَّة، واستنتج الباحِثُ من خلال ما ذكَره من النَّماذج أنَّ أمريكا اختارَتِ الصوفيَّة لتكونَ حليفًا لها في العالَم الإسلاميِّ، وشريكًا معها في حَرْبِها ضدَّ الإرهابِ الذي بات بِزَعْمهم يعني السَّلفيَّة، ويؤَكِّد ما حَظِيَت به الصوفيَّة مِن دَعْمٍ وإحياءٍ مِن قِبَل الولايات المتَّحِدة؛ سواء أكان ذلك بشكلٍ رَسْميٍّ مباشِر، أم بشكلٍ غيرِ مباشِر.
ثم تحدَّث في المبحث الثاني: عن الدَّعْم الإعلاميِّ للصوفيَّة، وما حَظِيَت به الصوفيَّةُ في العالَم الإسلاميِّ خِلالَ السَّنواتِ القليلةِ الماضيةِ مِن دَعْم إعلاميٍّ كبيرٍ.
وفي المبحث الثالث: تحدَّث عن الدَّعْوة الصوفيَّةِ المعاصِرَة، ذكَر فيه ثمانيةَ مَضامينَ تُحدِّد الدَّعْوة الصوفيَّة المعاصِرَة، ثم تحدَّث عن الدعوة الصوفيَّة بعد أحداث 11 سبتمبر، وما حَظِيَت به مِن دَعْمٍ كبير ومتنوِّع؛ سواء من مراكِزِ البُحُوثِ الأمريكيَّة، أو من الحُكومة الأمريكيَّة، وتحدَّثَ عن أبرز التطوُّراتِ التي ظَهَرت في الدَّعْوة الصوفيَّةِ بعد 11 سبتمبر.