×
بدع شهر رجب : إننا مطالبون بإتباع شرع الله وسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإن ذلك جماع الصلاح والهداية، وضده الشقاوة والضلالة؛ وذلك لأن الأعمال لا تقبل إلا بشرطين: الإخلاص، ومتابعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - كثير الأمر بلزوم سنته، شديد التحذير من البدع والمحدثات، وأقوال السلف في ذلك كثيرة مشهورة. وإن من هذه البدع: بدعة تخصيص ليلة السابع والعشرين من شهر رجب بالعبادة والطاعات والأفراح؛ وغيرها من البدع التي بينها الشيخ - أثابه الله -.

إن من البدع المحدثة في الإسلام، ما يعتقده بعض الناس في شهر رجب من أن له خاصية على غيره من الشهور، فيفعلون فيه أموراً محدثة، ويعتقدون فيه اعتقاداتٍ جاهلية، ويخصونه بأنواعٍ من العبادات، كالعمرة والصوم والأذكار والصلوات، ويسمونها باسم هذه الشهر، كالصلاة الرجبية، والعمرة الرجبية، والأذكار الرجبية ونحوها، وتخصيص شهر رجب، أو بعض أيامه ولياليه بصيامٍ أو قيامٍ أو نحوهما، أمرٌ محدث ليس له أصلٌ في شريعة الإسلام فيما نعلم.

قال الإمام الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: "لم يرد في فضل شهر رجب ولا صيامه ولا في صيام شيءٌ منه معين، ولا في قيام ليلةٍ مخصوصة، حديثٌ صحيحٌ يصلح للحجة". وله رحمه الله رسالةٌ قيمةٌ في ذلك، ونحو قوله هذا قال علماء الإسلام، كشيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم، والحافظ ابن رجب، والإمام النووي، وغيرهم - رحمهم الله جميعا -ً.

 وبأي دليلٍ بعد ذلك يحتج من يفعل هذه المحدثات، لم يبق إلا الاعتماد على الأحاديث الموضوعة المكذوبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والآثار الواهية التي لا تقوم بها حجة، وفوق ذلك كله، داءان خطيران، منتشران بين صفوف المسلمين، هما داء الجهل بدين الله، وداء التعصب للهوى، وكم جر ذلك على المسلمين من شرورٍ وفتن، لا خلاص منها إلا بإتباع كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

فاتقوا الله - أيها المسلمون - وتمسكوا بدينكم واتبعوا هدي نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، واحذروا الوقوع في كل ما يخالف سنته وسنة خلفائه الراشدين مما أحدثه المتأخرون في دين الله بغير سلطان أتاهم:

فخير الأمور السالفات على الهدى     وشر الأمور المحدثات البدائع

نسأل الله تعالى أن يهدي المسلمين إلى الصراط المستقيم، وأن يمنحهم الفقه في الدين، ويجنبهم طرق المبتدعين.