أدب الفتوى وخطر القول على الله بلا علم
أدب الفتوى وخطر القول على الله بلا علم: وإن من الافتراء على الله تعالى والكذب على شريعته وعباده: ما يفعله بعضُ من رغِبوا في الأغراض الدنيوية العاجلة والأعراض الدنيئة الزائلة من التسرُّع إلى الفُتْيا بغير علم، والقول على الله تعالى بلا حُجَّة، والإفتاء بالتشهِّي والتلفيق، والأخذ بالرُّخَص المخالفة للدليل الصحيح، وتتبُّع الأقوال الشاذة المُستنِدة إلى أدلَّةٍ منسوخة أو ضعيفة، والتي لا يخفى على من له أدنى بصيرةٍ مفاسدُها الكثيرة، وآثارها السيئة العظيمة على الإسلام وأهله، والتي لا يقول بها إلا من فَرَغ قلبه من تعظيم الله وإجلاله وتقواه، وعُمِّر بحب الدنيا والتقرب إلى الخلق دون الخالق.
يقول بعض السلف: «أشقى الناس من باع آخرته بدنياه، وأشقى منه من باع آخرته بدنيا غيره».
ألا فليتذكَّر هؤلاء يومًا تُكَعُّ فيه الرجال، وتشهد فيه الجوارح والأوصال، ويحصل يومئذٍ ما في الصدور كما يُبعثَر ما في القبور، وهناك يعلم المخادعون أنهم لأنفسهم كانوا يخدعون، وبدينهم كانوا يلعبون، {وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [الأنعام: 123]، {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ} [النحل: 25].
هذه المحاضرة ألقاها سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز بالجامع الكبير بالرياض.