×
تشنيف الآذان في أحكام الأذان: هذا الكتاب يحتوي على آداب الأذان والإقامة وأحكامها، وفضل الأذان وصفته، وما حدث فيه من البدع وتسمية تلك المُحدثات، والدعاء بعد الأذان ومعه، ونحو ذلك. وقد قرأ الكتاب وقدَّم له: فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -، وأضاف إليه بعض الكلمات للتكميل والتعقيب اليسير.

  تشنيف الآذان في أحكام الأذان

عبد الله بن راضي الشمري


بسم الله الرحمن الرحيم

 تقديم الشيخ/ عبد الله بن جبرين - رحمه الله -

الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه، وبعد:

فقد قرأت هذا البحث المتعلق بالأذان فوجدته مفيدًا في بابه محتوياً على آداب الأذان والإقامة وأحكامها وفضل الأذان وصفته وما حدث فيه من البدع وتسمية تلك المحدثات والدعاء بعد الأذان ومعه ونحو ذلك وكلها بحوث قيِّمة وقد أضفت إليه بعض الكلمات للتكميل والتعقيب اليسير وفق الله الكاتب للخير.

وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

26/6/1423هـ


 المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1].

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:

فإن الأذان من أجل العبادات وأعظمها وهو من شعار المسلمين الذي هو من أعظم ما يعرف به المسلمون وتعرف به بلدانهم ولا أدل على أهميته من أنه إذا تركه أهل بلد فإنهم يقاتلون ويقاتلهم إمام المسلمين حتى يقيموا هذه الشعيرة العظيمة والسمة البارزة ([1]).

وإن الناظر لحال المسلمين يجد من حالهم عجبًا، فيرى من الأخطاء التي تبطل الأذان فضلاً عن كونها تنقص من أجره الشيء الكثير، وهذه العبادة لا ينبغي للمسلم أن يهمل أحكامها لأنها مرتبطة بأعظم ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين ألا وهي الصلاة، وإنك إذا نظرت في حال بعض المسلمين وجدت أن الكثير وقد دخل الوقت منذ زمن ولكن لا تجد منهم من يؤذن إما جهلاً، وإما خوفًا أو حياءً نابعًا من جهل وعدم ثقة بالنفس.

ولهذا وبعد بحث ودراسة لهذا الباب وتدريس له مراجعة كثير من أهل العلم في ذلك، وقد عرضت هذا البحث على العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين فقرأه وعلق عليه بتعليق مفيد، على كثرة مشاغله، فأحسن الله إليه وجزاه خير الجزاء وأوفره، رأيت أن أكتب بحثًا مختصرًا في هذا الموضوع المهم جدًا، واقتصرت فيه على المهم من المسائل وحذفت الكثير مما أراه ليس مهما جدًا ومن أراد الاستزادة فليراجع كتب الفقه فإن العلماء رحمهم الله قد عقدوا بابًا خاصًا وأسموه: «باب الأذان والإقامة» وكذلك شروح الأحاديث المتعلقة بالأذان والإقامة([2]).

وقد جاء هذا البحث في تسعة مباحث، والله أسأل أن ينفع به كاتبه وقارئه وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم إنه هو السميع العليم، والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبـه

أبو عبد الرحمن عبد الله المعيدي

المدرس بالمعهد العلمي في حائل


المبحث الأول

 تعريف الأذان والإقامة

تعريف الأذان في اللغة: الإعلام، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [التوبة: 3].

وفي الشرع: التعبد لله بالإعلام بدخول وقت الصلاة أو قربه بذكر مخصوص.

والإقامة لغة: مصدر أقام من أقام الشيء إذا جعله مستقيمًا.

وفي الشرع: التعبد لله بالإعلام بالقيام للصلاة بذكر مخصوص([3]).

وأضفنا كلمة «التعبد» في التعريف ليتبين أن هذا الفعل عبادة وكل تعريف لا يذكر فيه «التعبد لله» فهو تعريف قاصر.

*     *     *

المبحث الثاني

 حكم الأذان ومتى شرع؟([4])

حكم الأذان فرض كفاية على الصحيح إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين.

واختلف في السنة التي شرع فيها.

فقيل: في السنة الأولى.

وقيل: في السنة الثانية.

وقيل: قبل الهجرة بسنة.

وقيل: ليلة الإسراء والمعراج.

وسبب مشروعية الأذان ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة ليس ينادى لها، فتكلموا يومًا في ذلك. فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى. وقال بعضهم: بل بوقًا مثل قرن اليهود. فقال عمر: أو لا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا بلال، ثم فناد بالصلاة»([5])، وقصة عبد الله بن زيد فيه معروفة ([6]).

مسألة: حكم الأذان في السفر: اختلف العلماء في وجوب الأذان على المسافر إذا كان في جماعة والصحيح أنه يجب عليه لأدلة كثيرة منها:

1- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لم يكونوا يتركون الأذان في أسفارهم.

2- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمالك بن الحويرث وصحبه: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم» [متفق عليه]، وهم قوم على سفر.

3- أن هذا هو المنقول عن جماعة من السلف فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يقيم لكل صلاة إقامة إلا الصبح فإنه يؤذن لها ويقيم.

وقال إبراهيم النخعي رحمه الله: «إذا ما كانوا رفاقًا أذنوا وأقاموا وإذا كان وحده أقام الصلاة»([7]).

واختار هذا القول الشيخ محمد بن إبراهيم في فتاويه، والشيخ عبد الرحمن السعدي، والشيخ محمد بن عثيمين ([8]) رحمة الله على الجميع.

*     *     *

المبحث الثالث

 فضل الأذان

وردت أحاديث كثيرة فيها بيان فضل الأذان في الصحاح وغيرها منها ما أخرجه مسلم من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المؤذنون أطول الناس أعناقًا بيوم القيامة»([9]).

مسألة: اختلف العلماء رحمهم الله في أيهما أفضل الأذان أم الإمامة؟

فذهب الحنفية والمالكية: إلى أن الإقامة أفضل من الأذان.

وذهب الشافعية والحنابلة: إلى أن الأذان أفضل.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: «وهو – أي الأذان – أفضل من الإمامة وهو أصح الروايتين عن أحمد واختيار أكثر أصحابه وأما إمامته - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين y فكانت متعينة عليهن فإنها وظيفة الإمام الأعظم ولم يكن الجمع بينها وبين الأذان فصارت الإمامة في حقهم أفضل من الأذان لخصوص أحوالهم وإن كان لأكثر الناس الأذان أفضل»([10]).

*     *     *

المبحث الرابع:

  كيفية الأذان والإقامة

ورد للأذان عدة صفات وكيفيات وهي كالتالي:

الأولى: تربيع التكبير الأول وتثنية باقي الأذان إلا كلمة التوحيد بلا ترجيع وصفته كالتالي:

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله.

أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله.

حيي على الصلاة، حي على الصلاة.

حي على الفلاح، حي على الفلاح.

الله أكبر،  الله أكبر.

لا إله إلا الله ([11]).

ويكون عدد جمل الأذان هنا خمس عشرة جملة وهذا هو أذان بلال - رضي الله عنه - كما في حديث عبد الله بن زيد المشهور وقد أخذ به الإمام أحمد رحمه الله.

الثانية: نفس الصفة الأولى تمامًا لكن مع الترجيع في الشهادتين.

وصفة الترجيع هي: أن يقول المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله مرتين سرًا، ثم أشهد أن محمدًا رسول الله مرتين سرًا ثم يعيدهما رافعًا بهما صوته»([12]).

وعلى هذا يكون الأذان بهذه الصفة تسع عشرة جملة، وهذا هو مذهب الشافعي رحمه الله.

والدليل على هذا: حديث أُبي عند أصحب السنن.

الثالثة: تثنية التكبير مرتين مع ترجيع الشهادتين وهذا هو مذهب الإمام مالك رحمه الله.

وقد دل عليها حديث أبي محذورة عند مسلم ([13]) فيكون عدد جمل الأذان هنا سبع عشرة جملة.

أما صفات الإقامة ورد فيها ثلاث صفات وقيل أكثر وهي – أي الثلاث – كالتالي:

الأولى: تثنية التكبير الأول والأخير وقد قامت الصلاة وإفراد سائر كلماتها فيكون عددها إحدى عشرة جملة، وهذا مذهب الشافعي، وأحمد رحمهم الله واختيار أهل الحديث، وهي إقامة بلال - رضي الله عنه - التي كان يداوم عليها بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الثانية: تربيع التكبير الأول مع تثنية جميع كلماتها إلا الكلمة الأخيرة فتفرد فيكون عددها سبع عشرة جملة، وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله وقد دل عليها حديث أبي محذورة.

الثالثة: تثنية التكبير الأول والأخير وإفراد سائر كلماتها، فيكون عددها عشر كلمات، وهذا مذهب الإمام مالك رحمه الله وعليه أهل المدينة ([14]).

مسألة: أي صفات الأذان والإقامة أفضل؟ وهل يعمل بها كلها؟ وهل يستحب الترجيع أم لا؟.

أجاب عن هذا شيخ الإسلام رحمه الله فقال ([15]): (وأما الترجيع وتركه وتثنية التكبير وتربيعه وتثنية الإقامة وإفرادها فقد ثبت في صحيح مسلم والسنن حديث أبي محذورة الذي علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - الأذان عام فتح مكة وكان الأذان فيه وفي ولده بمكة ثبت أنه علمه الأذان والإقامة وفيه الترجيع وروى في حديثه التكبير مرتين كما في صحيح مسلم وروي أربعًا كما في سنن أبي داود وغيره.

وفي حديث: «أنه علمه الإقامة شفعًا».

وثبت في الصحيح عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «لما كثر الناس قال: تذاكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه، فذكروا أن يوروا نارًا أو يضربوا ناقوسًا، فأمر بلاب - رضي الله عنه - أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة».

وفي رواية للبخاري: «إلا الإقامة».

وفي سنن أبي داود وغيره: أن عبد الله بن زيد لما رأى الأذان أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلقيه على بلال، فألقاه عليه وفيه التكبير أربعًا بلا ترجيع وإذا كان كذلك فالصواب مذهب أهل الحديث ومن وافقهم وهو تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكرهون شيئًا في ذلك إذ تنوع صفة الأذان كتنوع صفة القراءات والتشهدات ونحو ذلك وليس لأحد أن يكره ما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته، وأما من بلغ به الحال إلى الاختلاف والتفرق حتى يوالي ويعادي ويقاتل على مثل هذا ونحوه مما سوغه الله تعالى كما يفعله بعض أهل المشرق فهؤلاء من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا... ثم قال: «وإن كان أحمد وغيره من أئمة الحديث يختارون أذان بلال وإقامته لمداومته على ذلك بحضرته - صلى الله عليه وسلم - فهذا كما يختار بعض القراءات والتشهدات ونحو ذلك وتمام السنة في مثل هذا أن يفعل هذا تارة وهذا تارة وهذا في مكان وهذا في مكان لأن هجر ما وردت به السنة وملازمة غيره قد يفضي جعل السنة بدعة والمستحب واجبًا»([16])([17]). أ.هـ.

*     *     *

المبحث الخامس

 في شروط المؤذن وآدابه ([18])

أولاً: أن يكون المؤذن حين الأذان على طهارة من الحدث الأكبر والأصغر ([19]) والمراتب عندنا في هذا الشرط ثلاث:

1- أن يكون متطهرًا من الحدثين وهذا هو الأفضل.

2- أن يكون محدثًا حدثًا أصغر وهذا مباح.

3- أن يكون محدثًا حدثًا أكبر وهذا مكروه.

ثانيًا: أن يكون المؤذن عاقلاً، فلا يصح من مجنون ولا طفل لأنهما من غير أهل العبادات.

ثالثًا: أن يكون ذكرًا فلا يصح الأذان من الأنثى والخنثى.

رابعًا: أن يكون ناطقًا فلا يصح من الأصم والأبكم لأن الغاية من الأذان الإعلام وغير الناطق لا يستطيع ذلك.

خامسًا: أن يكون أمينًا عالمًا بالوقت، والأمانة في المؤذن شرط واجب لابد منه وليس سنة كما قد يفهم من كلام بعض الفقهاء، وذلك لأن الأمانة أحد ركني العمل قال تعالى: ﴿خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: 26] فلا بد من القوة والأمانة، وأما كونه عالمًا بالوقت وذلك لأنه إذ لم يكن عالمًا لم يؤمن منه الغلط لكن هذا ليس بواجب بل يُعلَّم لأن ابن أم مكتوم كان رجلاً أعمى لا يؤذن حتى يقال: «أصبحت أصبحت» لكن الأفضل أن يكون كذلك ([20]).

سادسًا: أن يكون المؤذن عدلاً فلا يصح من كافر من باب أولى ولا يصح أيضًا من المعلن فسقه كحالق اللحية ومن يشرب الدخان([21]) جهرًا.

سابعًا: أن يكون مستقبلاً القبلة أثناء آذانه قال في المغني: «المستحب أن يؤذن مستقبل القبلة لا نعلم فيه خلافًا فإن مؤذني النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة»([22]).

ثامنًا: أن يكون المؤذن صيتًا أي رفيع الصوت لأنه أبلغ في الإعلام وأن يكون حسن الصوت أيضًا.

تاسعًا: أن يلتفت في الحيعلتين، في حديث أبي جحيفة: «وأذن بلال فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا يمينًا وشمالاً ثم يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح» متفق عليه ([23]).

ولأبي داود: «لوى عنقه يمينًا وشمالاً ويميل برأسه وعنقه وصدره»([24]).

كيفية الالتفات: أن يقول «حي على الصلاة» ملتفتًا عن يمينه في المرتين جميعًا ويقول: «حي على الفلاح» ملتفتًا عن يساره في المرتين جميعًا.

وقيل: أن يقول «حي على الصلاة» يمينًا ثم يعيده يسارًا ثم يقول: «حي على الفلاح» يمينًا ثم يعيده يسارًا والأول هو المشهور وهو ظاهر السنة ([25]).

فائدة: إذا التفت في الحيعلتين فإنه لا يستدير بل يكفي فقط بأن يلوي عنقه خلافًا لما يفعله بعض المؤذنين من الاستدارة كاملاً وأما ما ورد في بعض الأحاديث من أنه يستدير في الأذان فقد ذكر أهل الحديث أن هذه اللفظة لا تصح ([26][ولكن إذا كان مقابل لاقطة المكبر فنرى عدم التفاته فإنه يضعف صوته والمطلوب تكبير الصوت]([27]).

قال شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى: «السنة في الإقامة أن يقولها وهو مستقبل القبلة ولم يستثن من ذلك العلماء إلا الحيعلة»([28]).

قلت: وهذه فائدة مهمة قد يجهلها الكثير من المؤذنين.

عاشرًا: أن يؤذن قائمًا، قال ابن المنذر رحمه الله: «أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن السنة أن يؤذن قائمًا ([29]).

وفي الصحيحين قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لبلال: «قم فناد بالصلاة»([30]).

وكان مؤذنو الرسول - صلى الله عليه وسلم - يؤذنون قيامًا.

قال ابن حجر رحمه الله في التلخيص الحبير عن حديث بلال المذكور: «وفي الاستدلال به على استحباب الأذان قائمًا نظر؛ لأن معناه: اذهب إلى موضع بارز فناد فيه».

قال النووي رحمه الله: «وعند النسائي من حديث أبي محذورة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما علمه الأذان قال له: «قم فأذن بالصلاة» والاستدلال به كان بالذي قبله ([31]).

قلت: ولكن جرى العمل على أن المؤذن يؤدي الأذان قائمًا بل ذكره ابن المنذر كما سبق الإجماع على هذا ولهذا اختُلف في أجزاء أذان القاعد بغير عذر والصحيح جوازه.

الحادي عشر: أن يجعل أصبعيه مضمومة في أذنيه حاله الأذان، روى الترمذي من حديث أبي جحيفة عن أبيه قال: «رأيت بلالاً يؤذن ويدور ويتبع فاه ها هنا وها هنا وأصابعه في أذنيه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قبة له حمراء...» الحديث ([32]).

قال الترمذي: وعليه العمل عند أهل العلم يستحب أن يدخل المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان، وقال بعض أهل العلم وفي الإقامة أيضًا وقد ذكروا رحمه الله أن جعل المؤذن أصبعيه في أذنيه فيه فائدتان:

الأولى: أنه أقوى للصوت وقد ورد فيه حديث عن ابن ماجه([33]).

الثانية: يراه من كان بعيدًا فيعرف أنه يؤذن أو من كان لا يسمع.

*     *     *

المبحث السادس ([34])

 في معرفة الأدعية والأذكار المشروعة في إجابة المؤذن

لمن سمع الأذان فقد ورد في هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خمس سنن ينبغي معرفتها والمحافظة عليها وهذه السنن هي كالتالي:

1- إجابة المؤذن بما يقول إلا في موضعين وعلى هذا اتفقت أحاديث كثيرة ([35])، فمنها حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» متفق عليه([36]).

وهذان الموضعان هما:

أ- عند تلفظ المؤذن بالشهادتين فإن السامع مخير بين أن يقول: «أشهد أن لا إله إلا الله» أو أن يقول: «وأنا أشهد...» أو أن يقتصر على قوله: «وأنا»، وبعضهم قال: لا يقتصر على لفظ «أنا» لأن الرواية مختصرة لما قبلها وهذا الظاهر والله أعلم.

ودليل هذا ما ورد في حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًا وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً غفر له ذنبه»([37]).

مسألة: متى يقول هذا هل هو في التشهد الأول للمؤذن أم الأخير وهو قوله: «لا إله إلا الله».

الأكثر على هذا أن يقال في تشهد المؤذن الأول، وعلى هذا تدل كلمة بعض الشراح كما في شرح مسلم (4/117) ودليل الفالحين (3/543) وسياق ابن القيم في زاد المعاد (2/291) وابن قدامة في المغني (2/87) وفي عون المعبود (2/237) وهذا هو اختيار سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.

ويدل على هذا القول ما أخرجه أبو عوانة في شرحه على صحيح مسلم (1/340) عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع المؤذن – قال: وقال ابن عامر – من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله، رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا...» الحديث. فهذا الحديث صريح فيه أن السامع يقول بعد جواب المؤذن على الشهادتين «رضيت بالله ربًا...» الخ. أي مرة واحدة ([38]).

ب- عند الحيعلتين مخير السامع بأن يجيب بأحد الصفتين:

الأولى: أن يقول مثل ما يقول المؤذن فيقول عند قول المؤذن: «حي على الصلاة» مثل قوله: وعند «حي على الفلاح» مثل ذلك.

والثانية: أن يجيب المؤذن بالحوقلة فيقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله» وقد اختار بعض العلماء الجمع بينهما لكن لا دليل عليه.

2- أن يصلي ([39]) على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد فراغه من إجابة المؤذن وأكمل ما يصلي هي الصلاة الإبراهيمية كما علم أمته وإن صلى بغيرها حصل المقصود إن شاء الله..([40]).

3- أن يقول بعد صلاته على النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة: «اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا ([41]) الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد»([42]).

4- أن يقول: «وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً» وهذا الذكر كما مر يقال عند الشهادتين.

قال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى (فالسنة أن يقول ما ورد في الحديث بدون زيادة ويقول عند الشهادتين عندما يقول المؤذن: «أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله» يقول المجيب مثله، ويقول بعدها: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» ويقول عندها هذا: «رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولاً» هكذا جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - عند الشهادة – ثم ذكر حديث سعد بن أبي وقاص المذكور آنفًا – وقال: وهذا يدل على أنه عند الشهادتين أن يقول هذا الكلام.. وهذا فضل عظيم ينبغي العناية بسماع الأذان، فإن بعض الناس يسمع ولا يبالي وهذا حرمان من هذا الخير فالأفضل لك إذا سمعته أن تمسك عن الكلام وعن القراءة وتجيب المؤذن بأن تقول مثل ما يقول وتدعو كما أرشدك النبي - صلى الله عليه وسلم -)([43]).

5- أن يدعو لنفسه بعد ذلك ويسأل الله من فضله فإنه يستجاب له كما في السنن عنه - صلى الله عليه وسلم -: «قل كما يقولون – يعني المؤذنين – فإذا انتهيت فسل تعطه».

*     *     *

المبحث السابع

 في مؤذني الرسول - صلى الله عليه وسلم -

قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الهدي ([44]): وكانوا أربعة:

اثنان في المدينة:

بلال ابن رباح - رضي الله عنه -، وهو أول من أذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وعمرو بن أم مكتوم القرشي العامري الأعمي - رضي الله عنه -.

وبقباء:

سعد القرظ مولى عمار بن ياسر - رضي الله عنه -.

وبمكة:

أبو محذورة، واسمه: أوس بن المغيرة الجمحي - رضي الله عنه -.

المبحث الثامن

 في بيان الأخطاء في الأذان والإقامة والبدع القولية والفعلية ([45])

الأذان من شعائر الإسلام الظاهرة، «وعليه هيبة يشتد انزعاج الشيطان بسببها؛ لأنها لا يكاد يقع في الأذان رياء ولا غفلة عند النطق به»([46]).

وهو العبادة التي اختصت من بين العبادات بالجهر بها في كل يوم وليلة خمس مرات، ومع ذلك فقد نالها من الإحداث أمر عجيب، قبل الأذان، ومعه، وبعده، وكذا في الإقامة، سواء كان ذلك من المؤذن أم من غيره وقد بلغت هذه البدع والمحدثات في الأذان والإقامة نحو المائة، قولية، وفعلية، وكان نصيب البدع القولية منه في باب الدعاء والذكر نحو ستين محدثة وقد صار لبعضها من الشيوع والانتشار، ما يعادل شهرة الأذان، وانتشاره في بعض الآفاق، حتى كانت بعض تلك المحدثات من الملقبات، مثقل: «التسويد»، والتصلية([47])، و «التلحين»، و «التثويب»، و«التفكيرة»، و «الترقية»، و «التنعيم» قبل الأذان، و «التنعيم» بعد الإقامة، و «أمة خير الأنام»، و «التوحيش»، و «التأمين»، و«التصبيح»، و «التذكير» في مواضع، و «التسبيح» في مواضع، و«الترضي»، و «الإنشاد»، و «التبرير»، و «الجوق»، و«الصمدية»، و «التحضير».

وبيان ما أحدثه الناس من بدع في الأذان والإقامة – وهو إما لحديث لا يصح أو أنه لم يرو في الباب شيء أصلاً – وهو على ما يأتي:

* أولا: قبل الأذان:

أحدث الناس من القرن السابع فما بعد بدعًا ومحدثات، قبل الشروع في الأذان، منها:

1- التنعيم: أي قول: «نعم» يقولها المؤذن قبل دخول وقت العصر خاصة بنحو نصف ساعة ويقصدون بها: تذكير الغافل عن أداء صلاة الظهر بقرب انتهاء وقتها، وقرب دخول وقت العصر ليؤديها.

والتنعيم عند الإقامة: حينما يقول المؤذن في إقامته: «قد قامت الصلاة» يقول سامعه: «نعم قامت الصلاة» وهذه اللفظة: «نعم» لا أصل لها، فهي بدعة في الموضعين.

2- التسليم: أي قول المؤذن «السلام عليك يا رسول الله» بعد الأذان، وهو من بدع الروافض بمصر، وقد أنكرها العلماء، وأنها بدعة أحدثت بعد القرون المفضلة، ثم أنهم زادوا في الابتداع باسم التصلية قبل الأذان، انظرها بعد هذه.

3- ويلقبونه خطأ باسم: «التصلية» قبل آذان الفجر: وهي قول: «الصلاة والسلام عليك رسول الله» في أيام السلطان صلاح الدين بن أيوب بمصر، والشام، واستمر إلى سنة 767هـ، حتى نقله السلطان حاجي سنة 791هـ إلى آخر كل أذان، أو تلاوة قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: 56].

4- 16- «التذكير» و «التسبيح»، ويقال: «التسابيح» و «الإنشاد» و «الغزليات» و «الزهديات» و «التواشيخ» أحدثت في القرن الثامن، زمن السلطان صلاح الدين بن أيوب، تسمى «المرشدية» رتب لها جماعة قبل أذان الفجر.

و «التذكير»: قبل الأذان يوم الجمعة؛ ليتهيأ الناس لصلاتها، أحدث بعد عام 700 زمن الناصر ابن قلاوون، و «التذكير» قبل أذان العشاء ليلة الجمعة، وربما كان التذكير بقصيدة البرعي:

 يا زائر قبر الحبيب محمد

وبعضهم يقول: «التذكير»: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله».

وبعضهم يقول: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾ الآية. [الإسراء: 111]، وقوله: «يا عفوا بجاه المصطفى كرمًا»([48]).

و «الدعاء» و «القراءة بالتلحين» و «التطريب»، ولهم في ذلك صنوف من الوعظ والتذكير، نثرًا، ونظمًا وطولاً وقصرًا، وجماعةً وفرادى، وقبل كل أذان، أو إلا المغرب، أو قبل أذان الفجر خاصة أو قبل أذان الجمعة بما يسمى: «التفكيرة الأولى، والثانية» وهكذا، وهذه من أقبح البدع والتزيد على الشرع المطهر، وتغيير شعائره الظاهرة، وقد تتابع إنكار العلماء لها من كل مذهب، ومن كل أفق، وزالت بحمد الله من كثير من المساجد، لكن ما زال لها بقية في بعض مساجد الشام، ومصر، حتى يومنا هذا رغم صدور فتاوى العلماء الناصحين بإنكارها من أهل تلك البلاد وغيرها.

17- «الاستعاذة والبسملة» قبل الأذان: وكل منها من البدع المحدثة التي لا أصل لها في الشرع في ألفاظ الأذان.

18- «ضرب الطبول» قبل وقت الأذان لإعلام المسلمين بقرب وقت الصلاة، ثم أداء الأذان: وهي بدعة محدثة، استحدثها من لا بصيرة له في «الفليبين» في عصرنا» وقد تتابعت كلمة العلماء والدعاة المصلحين على إنكارها، فتقلصت فيما بلغنا، والحمد لله رب العالمين.

19- «التنويه»: قبل الأذان يقول المؤذن: «الصلاة، الصلاة» وهي زيادة لم يأذن بها الله ولم يأذن بها رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

* ثانيًا: في الأذان:

أدخل فيه من البدع والمحدثات ما يلي:

1- «التلحين والتطريب»: أي التغني به، وإيقاعه على نغم الألحان، وهذا محرم بالإجماع.

2- وهو «الأذان الجماعي»: وهو الذي كان يسمى: «أذان الجوق» أو «الأذان السلطاني» وهو أن يقوم أربعة من المؤذنين بأذان واحد، أحدث في خلافة هشام بن عبد الملك، وقد أبطله فاروق الأول في مصر، بفتوى الشيخ محمد مصطفى المراغي.

وكان الأذان الجماعي في المسجد الحرام، وفي المسجد النبوي الشريف، حتى أبطل في عام 1400هـ وقد أفردت في إنكاره جزءًا، والحمد لله رب العالمين.

3- «اللحن»: وهو أداء الأذان ملحونًا، لحنًا يحيل المعنى، فهذا محرم يبطل الأذان، وما دون ذلك فمكروه، وقد ذكرت سبعًا منها في أول حرف من «معجم المناهي اللفظية» عن الزركشي وغيرها في لفظ «الله أكبر» ومن اللحن في ألفاظ الأذان «حي على الصلاة» بكسر الياء وصوابه بفتحها مشددة اسم فعل أمر.

4- «المد الزائد عن الست حركات»: هذا غلط منتشر لدى عامة المؤذنين وهو الإفراط في المد ومعلوم أن أقصى المد ست حركات وما زاد عليها فهو تمطيط خارج عن حدود المشروع ولسان العرب فلينتبه لهذا.

5- «التثويب» هو الزيادة على ألفاظ الأذان في الإعلام بالصلاة ولا يثبت من هذا إلا لفظ «الصلاة خير من النوم» بعد الحيعلتين في الأذان الثاني للفجر وقد جرى الخلاف في جعل التثويب في الأذان الأول للفجر أو في الثاني والصحيح: أنه في الثاني وهو سنة، ويطلق التثويب على الإقامة للصلاة كما ورد في الحديث تسمية الإقامة تثويبًا.

ومن التثويب المبتدع: قول: «الصلاة خير من النوم» في غير أذان الفجر.

6- ومن «التثويب المبتدع: عود المؤذن إلى النداء بالصلاة بين الأذان والإقامة ببعض ألفاظ الأذان بأدائه فيكون إلحاق للأذان بما ليس منه أما الإيذان والإيقاظ والتنبيه بعد الأذان – وليس على هيئة الأذان – على الصلاة، فلا يدخل في التثويب المنهي عنه إذا لم يكن متصلاً بالأذان وقد ثبت أن بلالاً كان يؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة بعد الأذان وقبل الإقامة.

7- «التسويد»: أي زيادة لفظ: «سيدنا» في التشهد، واعلم أن لفظ «سيدنا» لم يرد في أي صيغة من صيغ الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يرد في التشهد بأن سيدنا محمدًا رسول الله لا في الأذان ولا غيره، وفي أسماء سور القرآن الكريم «سورة محمد» ولم يسمها أحد قط باسم «سورة سيدنا أو السيد محمد».

8- 11- «حي على خير العمل»: زيادتها في الأذان مثل زيادة: «أشهد أن عليًا ولي الله»، ومثل: «حي على عترة محمد» وقول: «حي على خير العتر» فجميعها من بدع الشعية الزيدية والروافض لا يصح فيهما شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكل ما روي فيها فموضوع مختلف مصنوع ولا يلتبس عليك بما رواه البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما من أنه كان ينادي للصلاة بلفظ: «حي على خير العمل» ونحوه عن علي بن الحسين رضي الله عنهما ففي صحة هذا نظر لمنزلتهما من العلم والفقه في الدين ولا يخفى عليهما هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - من فعل مؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة والمدينة وقباء الذي توارثته الأمة وجرى عليه عمل المسلمين في سائر الأمصار والأعصار، ولو فرض صحته عنهما متنًا وسندًا فالحجة في هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تجوز معارضته بغيره من أي كائنًا من كان ثم إن عليًا بن الحسين زين العابدين من أجلة التابعين رحمه الله تعالى فلا يعارض خبره المرسل بالهدي العام الموروث بين المسلمين، وأما المروي عن ابن عمر رضي الله عنهما فإن هذا كان منه بالسفر إذ كان لا يرى الأذان فيه ويفعله على سبيل الإيذان والتنبيه لا على أنه لفظ مسنون أما وقد أصبح شعارًا للرافضة فيجب هجره حتى ولو في المباح من الكلام وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -.

12- خلط الأذان بالتكبير والتسبيح.

* ثالثا: بعد الأذان:

ألحق بالأذن بعد الفراغ منه محدثات منها:

1- ما يلقبونه خطأً باسم «التصلية»: أي قول: «الصلاة والسلام عليك يا رسول الله» في آخر الأذان بعد كل أذان رافعًا صوته بها ومنهم من يقولها بلفظ: «الصلاة والسلام عليك يا أول الخلق وخاتم رسله» أو بألفاظ وصيغ أخرى.

أول من زادها في الأذان على المنابر: السلطان المنصور حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين بن محمد فلاوون وذلك في شهر شعبان سنة 791هـ.

وانظر ما ساقه الشيخ علي محفوظ رحمه الله تعالى عن «الخطط» للمقريزي وعن غيره من كلام نفيس في تاريخ هذه البدعة وإنكارها، ومن العجب استمرار هذه البدعة إلى عصرنا مع نشر السنة والدعوة إليها ولا يلتبس عليك هذا بمشروعية الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان سرًا بعد الإجابة وسؤال الوسيلة له - صلى الله عليه وسلم -.

2- «التثويب»: ومضى بيانه في البدع في الأذان.

3- «التصبيح»: هي قول المؤذن بعد الفراغ من أذان الصبح: «أصبح ولله الحمد» وهي بدعة أحدثت في المغرب في المائة السادسة وأفتى الشاطبي وغيره بإنكارها وإنها بدعة قبيحة.

4- «التحضير»: هي قول المؤذن بعد أذان الصبح: «حضرت الصلاة رحمكم الله» وهي من البدع المحدثة في المغرب يقولها المؤذنون جماعة بعد الأذان للفجر وهي بدعة لأنها إحداث ما لم يأذن به الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

ومنه قول بعض العامة بعد الفراغ من الأذان «الصلاة الصلاة» ويسمونه التنويه ومثله.

5- «التأهيب»: وهي قول المؤذن قبل صلاة الجمعة «الوضوء للصلاة» ويدورون بذلك على المنابر.

6- «الترقية»: وهي تلاوة المؤذن بعد الأذان الثاني يوم الجمعة لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾، ثم حديث: «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت فقد لغوت».

7- «أمة خير الأنام»: وهو نظم ينشده المؤذنون بعد أذان الفجر.

8- «الترضي»: وهي قول المؤذن بعد أذان الفجر.

9- «قراءة العشر»: أي بعد الأذان.

* رابعًا: بدع الإجابة:

تقدم بيان السنن الخمس المشروعة لإجابة المؤذن وهناك محدثات وبدع لم يرد فيها حديث أصلاً أو ورد فيها ما لا يصح، منها:

1- قول: «أهلاً بذكر الله» عند سماع الأذان: لا أصل له في المروي فترتيبه بدعة أمات لو قاله الإنسان هكذا بدون ترتيب فلا يظهر به بأس.

قول: «مرحبًا بالقائلين عدلاً وبالصلاة مرحبًا وأهلاً»: روي أن عثمان - رضي الله عنه - كان يقول ذلك عند سماع المؤذن رواه ابن منيع وابن أبي شيبة كلاهما بسند ضعيف.

3- 7- قول: «الله أعظم والعز لله»، أو: «الله أكبر على كل من طغى وتجبر»، أو: «الله أكبر على كل من ظلمنا»، أو: «الله أكبر على أولاد الحرام»، أو: «الله أكبر على كل ظالم وظالمة».

وهكذا من ألفاظ تقال عند سماع أول الأذان، وهذه ألفاظ في نفسها سليمة لا شيء فيها، لكن في هذه الحال، بدعة لم يرد فيها دليل شرعي.

8- قول: «مرحبًا بحبيبي وقرة عيني محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -» ثم يقبل إبهامه عند قول المؤذن: «أشهد أن محمدًا رسول الله»: ولا يصح في هذا حديث قط.

9- قول: «اللهم اجعلنا مفلحين» عند قول المؤذن: «حي على الصلاح»: وفيها حديث رواه ابن السني بسند غريب فيه متروك.

10-15- زيادة: «الدرجة الرفيعة»، أو: «الدرجة العلية الرفيعة»، أو: «الدرجة العلية الرفيعة في الجنة آمين، أو: «يا أرحم الراحمين»: لا يثبت شيء من الألفاظ في عداء الوسيلة المتقدم في إجابة المؤذن.

أو: «أعط سيدنا محمدًا الوسيلة» هكذا وردت هذه الألفاظ في «شرح معاني الآثار» وهي لفظة لا أصل لها في شيء من طرق الحديث الصحيح المتقدم، فهي مدرجة.

قول: «اللهم افتح لنا أقفال قلوبنا بذكرك وأتمم علينا نعمتك من فضلك واجعلنا من عبادك الصالحين»: هذا اللفظ في إجابة المؤذن رواه ابن السني بسنده عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - مرفوعًا: «إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا...» فذكره، وهو إسناد مسلسل بالمجاهيل، فلا يعمل به.

17- الزيادة في إجابة المؤذن بعد قوله: «وبالإسلام دينًا» بقول: «بالقرآن إمامًا، وبالكعبة قبلة، اللهم اكتب شهادتي في عليين..» وهي زيادة لدى البيهقي بسند غريب لا يعول عليه.

18- قول: «صدقت وبررت» زاد بعضهم: «وبالحق نطقت» في الجواب على التثويب في أذان الصبح: «الصلاة خير من النوم» ولا أصل لهذا الجواب، فلا يعمل به.

وأما الإقامة فقد علق بها أيضًا بعض البدع والمحدثات وهي كالتالي:

1- «الصمدية»: وهي: قراءة سورة الإخلاص، قبل الإقامة، بدعة لا أصل لها.

2- «التصلية» قبل الإقامة: أي قول: «اللهم صل على محمد» بدعة لا أصل لها.

3- «التسويد» أي زيادة لفظ: «سيدنا»([49]) عند قول المقيم: «أشهد أن محمدًا رسول الله» بدعة في الإقامة لا أصل لها.

وقد نبه أهل العلم على ألفاظ درجت بين الناس في إجابة الإقامة لا تصح ولا أصل لها، وهي:

1- «حقًا دائمًا وأبدًا لا إله إلا الله».

2- «صدقًا وعدلاً لا إله إلا الله».

3- «نعم لا إله إلا الله»، قول ذلك كله عند آخر الإقامة وأولها، في إجابتها، أو عند أول الأذان، أو آخره، بدعة لا أصل لها.

4- «أقامها الله وأدامها»، ويزيد بعضهم: «ما دامت السماوات والأرض»، ويزيد بعضهم: «واجعلني من صالح أعمالها» أو: «أهلها» قول ذلك في إجابتها عند قول المقيم: «قد قامت الصلاة» والحديث فيها ضعيف لا تقوم به حجة.

5- «اللهم رب هذه الدعوة التامة، وهذه الصلاة القائمة صل على محمد، وآته سؤله يوم القيامة»، روى ابن السني هذا الدعاء في «عمل اليوم والليلة» بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه كان يقول إذا سمع المؤذن يقيم... فذكره، وهو موقوف ضعيف الإسناد.

6- «قائمين لله طائعين» قول ذلك عند القيام للصلاة، بدعة ولا أصل لها.

*     *     *


المبحث التاسع

 في ذكر الأحاديث الضعيفة والموضوعة في الأذان والإقامة ([50])

1- أخرج الطبراني من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما قال: «لما أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أوحى الله إليه الأذان فعلمه بلالاً».

وفي إسناده طلحة بن زيد وهو متروك.

2- وعن أنس - رضي الله عنه -: «أن جبريل أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأذان حين فرضت الصلاة» (وإسناده ضعيف).

3- ولابن مردويه من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: «لما أسري بي أذن جبريل فظنت الملائكة أنه يصلي بهم فقدمني فصليت» (وفيه من لا يعرف).

4- وللبزار وغيره من حديث علي - رضي الله عنه - قال: «لما أراد الله أن يعلم رسوله الأذان أتاه جبريل بدابة يقال لها البراق فركبها...»، فذكر الحديث، وفيه: «إذ خرج ملك من وراء الحجاب فقال: الله أكبر، الله أكبر»، وفي آخره: «قم أخذ الملك بيده فأن بأهل السماء» (وفي إسناده زياد بن المنذر أبو الجارود وهو متروك).

5- ومن أغرب ما وقع في بدء الأذان ما رواه أبو الشيخ بسند فيه مجهول عن عبد الله بن الزبير قال: «أخذ الأذان من أذان إبراهيم» ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ...﴾ الآية. [الحج: 27]، قال: «فأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».

وما رواه أبو نعيم في الحلية بسند فيه مجاهيل: أن جبريل نادى بالآذان لآدم حين أهبط من الجنة».

قال ابن حجر بعد ما ساق هذه الأحاديث: «والحق أنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث»([51]).

6- إن بلالاً أخذ في الإقامة فلما قال: «قد قامت الصلاة» قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أقامه الله وأدامها»([52]).

قال الإمام الألباني رحمه الله: «وهذا إسناد رواه محمد بن ثابت وهو العبدي ضعيف ومثله شهر بن حوشب والرجل الذي بينهما مجهول»([53]).

قال شيخنا ابن جبرين رحمه الله: «لكنه دعاء حسن فيدعى به على أنه دعوة طيبة وإن ضعف الحديث».

تنبيه:

ومن هذا نعلم خطأ من يقول عند قول المؤذن: «قد قامت الصلاة» أقامها الله وأدامها» أو يقولها بعد الفراغ من الإقامة.

قال شيخنا ابن جبرين رحمه الله: «إلا إذا قصد مجرد الدعاء بقطع النظر عن ثبوت الحديث فالدعاء بابه واسع».

7- عن بلال - رضي الله عنه - قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أذنا وأقمنا أن لا نزيل أقدامنا عن مواضعها» قال الإمام الألباني رحمه الله: «ضعيف جدًا»([54]).

8- عن أم سلمة قالت: رضي الله عنها: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أذان المغرب: «اللهم إن هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعائك فاغفر لي».

قال الترمذي ([55]): «حديث غريب وأبو كثير لا نعرفه».

وضعفه الإمام الألباني رحمه الله في تمام المنة والإرواء»([56]).

9- «كان إذا قال: «قد قامت الصلاة نهض فكبر» ضعيف([57]).

10- كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - مؤذن يطرب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الأذان سمح فإن كان أذانك سمحًا سهلاً وإلا فلا تؤذن»([58]).

11- كان إذا سمع المؤذن يقول: «حي على الفلاح» قال: «اللهم اجعلنا مفلحين» موضوع ([59]).

12- «إن المؤذنتين والمبين يخرجون من قبورهم يؤذن المؤذن ويلبي الملبي»([60]).

13- «ما من مدينة يكثر أذانها إلا قل بردها»([61]).

14- «من أفرد الإقامة فليس منا»([62]).

15- «مسح العينين بباطن أعلى السبابتين عند قول المؤذن: أشهد أن محمدًا رسول الله...» الخ ([63]).

16- «من سمع المنادي بالصلاة فقال: مرحبًا بالقائلين عدلاً مرحبًا الصلاة وأهلا كتب الله له ألفي ألف حسنة...» الحديث. قال في التذكرة موضوع ([64]).

17- قول أنس في حكاية قصة: «رح يا بلال» ثم رجوعه إلى المدينة بعد رؤيته - صلى الله عليه وسلم - في المنام وأذانه بها وارتجاجًا بالمدينة ([65]).

18- «أظهروا الأذان في بيوتكم ومروا نساءكم فإنه مطرد للشيطان ونماء في الرزق»([66]).

19- «حديث: «اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله...» الخ.

رواه في المصابيح وضعفه وقال القزويني هو موضوع وصدره ليس بموضوع ([67]).

20- حديث: «بين كل أذانين صلاة إلا المغرب» رواه البزار عن بريده مرفوعًا وهو لا يصح، وفاته حيان بن عبيد الله به وهو بصري مشهور ليس به بأس ولكنه اختلط ولم يتابع على هذه الزيادة ثم هو مخالف لما ثبت في الصحيح من أمره - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة بعد أذان المغرب بقوله: «صلوا قبل المغرب ثلاثًا – ثم قال في الثالثة – لمن شاء»([68]).



([1]) فائدة: لا يعني جواز قتال من ترك الأذان أن دماءهم وأموالهم مباحة؛ فإنه ليس كل من جاز قتاله جاز قتله؛ فإنه لا تلازم بين القتال والقتل، فإن جواز القتال أوسع من جواز القتل وهذه قاعدة مهمة جدًا لطالب العلم انظر الشرح الممتع (2/43).

([2]) انظر الروض المربع بتحقيق الشيخ عبد الله الطيار، والشيخ إبراهيم الغصن، والشيخ خالد المشيقح، والشيخ عبد الله (2/31)، والشرح الممتع (2/35).

([3]) انظر الروض المربع شرح زاد المستقنع (2/32)، والشرح الممتع (2/37).

([4]) راجع في السيرة النبوية لابن هشام (2/253) والبداية والنهاية (3/331) وفتح الباري (2/78) وانظر تحقيق الروض (2/31).

([5]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان برقم (604)، ومسلم كتاب الصلاة برقم (377).

([6]) انظر الإرواء (1/265) فقد تكلم فيها الألباني بكلام مفيد وحسن إسنادها.

([7]) انظر المغني (2/79).

([8]) انظر فتاوى محمد بن إبراهيم (2/114) والمختارات الجلية ص(33)، والشرح الممتع (2/37).

([9]) رواه مسلم.

([10]) انظر في أدلة المذاهب والراجح فيها الروض المربع (2/32)، والشرح الممتع (2/36).

([11]) انظر في هذا الروض المربع مع الحاشية (1/437)، والشرح الممتع (2/50)، والمنتقى من فرائد الفوائد لابن عثيمين (221).

([12]) هذه هي الصفة الصحيحة للترجيع خلافًا لمن قال أن صفة الترجيع أن يأتي بشهادة التوحيد أولاً ثم يأتي بها رافعًا صوته ثم يأتي بشهادة الرسالة، كذلك انظر فوائد الفوائد (221).

([13]) الوارد عند مسلم هو تثنية التكبير ولكن في صفة أذان أبي محذورة عند أصحاب السنن «تربيع الكبير مع الترجيع» وتثنية التكبير هي أكثر أصول مسلم وقال القاضي عياض رحمه الله: ووقع في بعض طرق الفارسي في صحيح مسلم أربع مرات وقد يقال أن الراوي لما ذكر تثنية التكبير ذكر الهيئة لا العدد حيث أن المؤذن جمع بين كل تكبيرتين عقدها الراوي اثنتين لا أربع وبما ذكره القاضي عياض أو بما ذكرنا تتفق رواية مسلم المذكورة مع بقية الروايات التي فيها ذكر تربيع التكبير.

ولهذا ذكر ابن القيم في الزاد فقال: «ولم يصح عنه الاقتصار على مرتين وصح التربيع صريحًا في حديث عبد الله بن زيد وعمر بن الخطاب وأبي محذورة y».

والتكبير أربعًا في الأذان هو مذهب الجمهور وعليه العمل، وانظر شرح مسلم (4/62)، وزاد المعاد (4/389)، والشرح الممتع (2/51).

([14]) انظر المنتقى من فرائد الفوائد للشيخ محمد بن صالح العثيمين فقد ذكر في صفحة (222) كلامًا مهمًا في أوجه الأذان وذكر قاعدة مهمة عندما ذكر حديث أنس: «أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة».

([15]) الفتاوى (22/67).

([16]) وهذه قاعدة في جميع العبادات التي ثبت فيها عن النبي ﷺ‬ وجوهًا كأنواع التشهدات ورفع اليدين في الصلاة ونحو ذلك فإن المسلم يفعل كل ما ثبت عن النبي ﷺ‬ إحياءً للسنة وإن كان بعضها أفضل من بعض وهذه قاعدة مهمة ينبغي أن ينبه عليها وهذا هو منهج الإمام أحمد رحمه الله في السنن المتنوعة، وقد نبه عليها شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى (22/335-337)، وذكرها الشيخ محمد العثيمين انظر الشرح الممتع (2/52).

([17]) الفتاوى (22/65-68).

([18]) انظر الشرح الممتع (2/53)، والمغني (2)، الروض المربع المحقق (2/31).

([19]) ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يصح الأذان من الجنب وهي رواية عن الإمام أحمد، والرواية الثانية أنه يصح وينعقد به وهذا مذهب أكثر العلماء وروي في هذا حديث عن أبي هريرة t عند الترمذي: «لا يؤذن إلا متوضئ» لكنه لا يصح مرفوعًا، لأنه من رواية الزهري عن أبي هريرة وهو أصح من المرفوع، انظر سبل السلام (1/266)ن وأما الحدث الأصغر فلا يشترط له الطهارة حين الأذان بلا نزاع، كما ذكره في الإنصاف (1/415).

([20]) انظر الشرح الكبير (1941) والشرح الممتع (2/46)، والروض المربع (2/40).

([21]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاختيارات ص(17): «وفي أجزاء الأذان من الفاسق روايتان أقواهما عدمه لمخالفة أمر النبي ﷺ‬ وإما ترتيب الفاسق مؤذنًا فلا ينبغي قولاً واحدًا». اهـ.

([22]) المغني (2/84).

([23]) البخاري برقم (634)، ومسلم (503).

([24]) سنن أبي داود رقم (520).

([25]) انظر الشرح الممتع (2/56)، والروض مع الحاشية (1/441).

([26]) انظر فتح الباري (2/36)، فقد تكلم عليها ابن حجر بل أنه مما يدل على ضعف هذه اللفظة ما ترجمه له ابن خزيمة في سننه فقال: «باب انحراف المؤذن عند قوله حي على الصلاة، حي على الفلاح بفمه لا ببدنه كله» انظر سنن ابن خزيمة وأما ما ورد عند الترمذي: «رأيت بلالاً يؤذن ويدور ويتبع فاه ها هنا وها هنا...» الحديث. فإن قوله «ويدور» زيادة مدرجة كما ذكر الحافظ في الفتح (2/136).

([27]) ما بين المعكوفين من تعليق العلامة عبد الله بن جبرين رحمه الله.

([28]) الفتاوى (22/71).

([29]) الإجماع لابن المنذر.

([30]) البخاري برقم (601)، ومسلم برقم (377)، وهذا الحديث ينسبه في المغني إلى أبي قتادة وتابعة على ذلك وقد راجعت الحديث في الصحيحين وعند أصحاب السنة لم أجده إلا عن ابن عمر وقد أشار من حقق المغني إلى أنهما خرجاه عند ذكر ابن قدامة له فراجعت ما أحالوا إليه فلم أجده ولعله وقعت نسبته سهواً والعلم عند الله.

([31]) التلخيص الحبير (1/214).

([32]) حديث أبي جحيفة أخرجه الترمذي تحفة (1/502) برقم (197)، وهو في المسند (4/308)، وقد ذكره البخاري تعليقًا بصيغة التمريض وأصله في الصحيح من غير زيادة إلى الصحيحين وهو وهم فيما ظهر لي والعلم عند الله وأثناء تبيضي لهذا البحث وقعت على كلام لابن حجر في الفتح (2/136) قال فيه أن نسبة حديث أبي جحيفة إلى الصحيحين وهم.

وقد اختلف أهل العلم هل يصح حديث في وضع الأصبعين في الأذنين أثناء الأذان أم لا، وقد ذكر ابن حجر للحديث شواهد في التعليق، فالأمر موقف على صحة الحديث فإن صح فهي سنة وإلا فلا ولهذا فقد ذكر البخاري في صحيحه عن ابن عمر معلقًا أنه كان لا يجعل أصبعيه في أذنيه وأثر ابن عمر عند عبد الرزاق وابن شيبة والمسألة تحتاج لمزيد من التأويل والله تعالى أعلم، انظر في هذا كتاب فتح الباري (2/136)، المغني (2/18).

([33]) ابن ماجه برقم (710).

([34]) انظر في هذا الكتب الحديثية وشروحها وزاد المعاد (2/391)، وكتاب الدعاء ص (370)، للشيخ بكر أبو زيد فقد استفدت منه كثيرًا.

([35]) وروي في هذا الباب أحاديث كثيرة جدًا منها حديث أبي سعيد المذكور وحديث أم حبيبة في المسند وغيره وحديث معاوية عند البخاري وغيره وحديث عمر بن الخطاب t في مسلم وغيره وحديث الحارث ابن نوفل وابن رافع وأنس ومعاذ بن أنس وانظر في هذا كتاب الدعاء.

([36]) البخاري برقم (611)، ومسلم ح (383).

([37]) مسلم برقم (386).

([38]) انظر كتاب الدعاء صفحة (75).

([39]) حرصت على ترتيب هذه الأذكار كما ورد فحديث أبي سعيد الخدري وحديث عمر بن الخطاب مع أن الكثير من الناس قد لا يكون ينتبه لهذا الترتيب وهذا ما ذكره ابن القيم في الزاد (1/391).

([40]) زاد المعاد (2/391).

([41]) لفظه: «مقامًا محمودً» هكذا وردت في الحديث منكرة خلافًا لمن يقولها معرفة انظر زاد المعاد (2/392).

([42]) «إنك لا تخلف الميعاد» هذه الزيادة اختلف في تصحيحها وتضعيفها فهناك من أهل العلم من يرى أنها زياد لا بأس بها كما هو رأي الإمام ابن باز رحمه الله وعند بعض العلماء أن هذه اللفظة شاذة وممن قال بهذه الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله والأقرب أنها شاذة وسبب شذوذها تفرد محمد بن عوف الطائي كما عند البيهقي في السنن الكبرى (1/140) قال شيخنا ابن جبرين معلقًا عند هذا الموضع: ولكنها بعض آية من سورة آل عمران فيجوز الإتيان بها كوسيلة لإجابة الدعاء.

([43]) مجموع فتاوى ابن باز رحمه الله تعالى (4/174).

([44]) زاد المعاد (1/124).

([45]) وهذا الفصل ذكره الشيخ العلامة الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله  – والشيخ معروف بالتحقيق والتدقيق ولأهمية هذا الفصل رأيت أن أذكره مع تصرف يسير.

([46]) كشف المشكل لابن الجوزي (3/372)، وفتح الباري (2/87).

([47]) نعت محدث للصلاة على النبي ﷺ‬ وهو مما ينهى عنه لاشتراكه مع المعنى المتبادر: التصلية بالنار ومن حق النبي ﷺ‬ على أمته اجتناب اللفظ الموهم ولذا قالوا: تصلية في حقه تجتنب، وانظر المناهي اللفظية.

([48]) وهذا من جنس التوسل البدعي كما لا يخفى.

([49]) والنبي ﷺ‬ سيد ولد آدم كما قال عن نفسه: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر»، غير أنه لم يكن يحب أن ينادى بها بل ناداه الله تعالى في القرآن بما يحبه، وهي مقام العبودية فقال: }تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ{ [الفرقان: 1]، وقال }سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ{ [الإسراء: 1] وغير ذلك من الآيات.

ولكن التقيد في الأذكار بما جاء عن النبي ﷺ‬ هو السنة المعمول بها دون زيادة ولا نقصان عنه وأهل العلم قاطبة.

([50]) انظر: رسالة إلى مؤذن صفحة (52) فقد استفدت من ترتيب مؤلفها وفقه الله للأحاديث وزدت عليها والأحاديث الضعيفة والموضوعة في هذا الباب كثيرة جدًا ولكني اكتفيت بالمشهور مما هو في نظري مهم جدًا ومن أراد الاستزادة فليرجع لكتب الأحاديث التي اهتمت بذلك خصوصًا كتاب الفوائد المجموعة للعلامة الشوكاني رحمه الله وأما التخريج فراجعته بنفسي وما لم أجده أشرت إليه.

([51]) انظر: فتح الباري (2/94)، وهذه الأحاديث (1-5) جميعها ذكرها الحافظ في الفتح وما ذكرته بعد كل حديث منها فهو من كلامه رحمه الله.

([52]) سنن أبي داود حديث (52/528)، والبيهقي حديث (411).

([53]) انظر: الإرواء (1/258).

([54]) المرجع السابق.

([55]) سنن الترمذي.

([56]) انظر: تمام لمنة صفحة (149)، والإرواء صفحة (1/241)، وقال شيخنا ابن جبرين رحمه الله : «هو دعاء حسن مناسب ذكره في الوابل الصيب وأقره».

([57]) ضعيف الجامع برقم (4420)، والضعيفة (4210).

([58]) رواه ابن حبان عن ابن عباس مرفوعًا وقال لا أصل له وإسحاق بن أبي يحيى الكعبي لا تحل الرواية عنه قال السيوطي: رجع ابن حبان وذكره في الثقات والحديث أخرجه الدارقطني في سننه انظر: الفوائد المجموعة للشوكاني صفحة (16).

([59]) ضعيف الجامع برقم (4420)، والضعيفة (706).

([60]) وهو حديث طويل ساقه ابن شاهين بطوله، وهو موضوع في إسناده سلام الطويل عن عبادة بن كثير وهما يرويان الأكاذيب وانظر: الفوائد المجموعة صفحة (17).

أما الملبي فقد ثبت أنه يبعث يوم القيامة ملبيًا لما ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عباس في قصة الرجل الذي وقصته ناقته، مسلم حديث (1206).

([61]) رواه الأزدي عن علي t مرفوعًا وقال: موضوع وانظر الفوائد المجموعة للشوكاني صفحة (17).

([62]) رواه الجوزقاني عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا، ورجاله بين مجهول ومجروح وانظر رسالة إلى مؤذن صفحة (56).

([63]) قال ابن طاهر في التذكرة: لا يصح. أ.هـ. ومتن الحديث يدل على وضعه وانظر المصدر السابق صفحة (19).

([64]) رسالة إلى مؤذن صفحة (56).

([65]) هذا الأثر رواه أبو أحمد الحاكم في تاريخه ومن طريقه رواه ابن عساكر في تاريخه أيضًا وهو أثر لا أصل له قال في اللسان (1/108): «هي قصة بينة الوضع»، وقال الذهبي سير أعلام النبلاء (1/358): «إسناده لين وهو منكر» وقال الحافظ ابن عبد الهادي في الصارم المنكي صفحة (314) متعقبًا قول السبكي: «إن إسناده جيد»، إنه أثر غريب وإسناده مجهول وفيه انقطاع، وقد تفرد به محمد بن الفيض الغساني عن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال عن أبيه عن جده، وإبراهيم بن محمد هذا شيخ لم يعرف بثقة وأمانة ولا ضبط وعدالة بل هو مجهول غير معروف بالنقل ولا مشهور بالرواية ولم يرو عنه غير محمد بن الفيض روى عن هذا الأثر المنكر، انظر شفاء الصدور في الرد على الجواب المشكور للشيخ ابن إبراهيم صفحة (16).

([66]) في إسناده كذاب وانظر الفوائد المجموعة (21).

([67]) قال المعلمي رحمه الله في التحقيق للفوائد المجموعة: الحديث عن الترمذي وأوله: «إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر واجعل...» الحديث وقد رواه غيره وهو على كل حال ضعيف راجع تلخيص الجيد، وأما ما ورد في آخره: «لا تقوموا حتى تروني» فهذه الجملة فهي في الصحيحين وانظر الفوائد المجموعة صفحة (20).

([68]) المصدر السابق بتصرف ص (19).