×
شرح الصدر في السؤال عن أول هذا الأمر: قال المُصنِّف - وفقه الله -: «فهذه جمل جمعتها وفوائد انتخبتها في شرح حديث سؤال أهل اليمن عن أول هذا الأمر، ... وقد بذلتُ وسعي في جمع ألفاظ الحديث والكلام على علله واختلاف ألفاظه بعد تخريجه من كتب الحديث، ثم بيان المعنى الذي دلَّ عليه، وخطأ من تأوَّله على غير تأويله، وحل مشكله بردِّ متشابهه إلى محكمه، وذكر ما في السنة من شواهده».

 شرح الصدر في السؤال عن أول هذا الأمر

 مقدمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونسغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ‬، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار؛ فلقد تركنا رسول الله ﷺ‬ على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فترك فينا ما إن تمسكنا به فلن نضل بعده: كتاب الله وسنته، فلم يترك خيرًا إلا ودلنا عليه، ولا شرًا إلا وحذرنا منه، فبلغ البلاغ المبين في جميع أمور الدين الظاهرة والباطنة، العملية والعلمية، الأحكام والعقائد، حتى تبين الرشد من الغي، والهدى من الضلال، والحلال من الحرام، والمعروف من المنكر، والحق من الباطل، وطريق الجنة من طريق النار، فليس لأحد أن يعدل عما جاء به الرسول ﷺ‬، بل على الناس أجمعين أن يتبعوه ويسلموا لحكمه، قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [سورة النساء، الآية: 65].

فهذه جمل جمعتها وفوائد انتخبتها في شرح حديث سؤال أهل اليمن عن أول هذا الأمر، وسميتها «شرح الصدر في السؤال عن أول هذا الأمر»، وقد بذلت وسعي في جمع ألفاظ الحديث والكلام على علله واختلاف ألفاظه بعد تخريجه من كتب الحديث، ثم بيان المعنى الذي دل عليه، وخطأ من تأوَّله على غير تأويله، وحل مشكله برد متشابهه إلى محكمه، وذكر ما في السنة من شواهده.

والله أسأل أن يجعله خالصًا لوجهه، وأن ينفعني به وينفع من قرأه، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

وكتب

أبو عبد العزيز منصور بن عبد العزيز

السماري

في المدينة النبوية


ورد في صحيح الإمام البخاري رحمه الله في كتاب:

 «التوحيد والرد على الجمهية» باب:{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}

قال: حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن جامع بن شداد، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: إني عند النبي ﷺ‬، إذ جاءه قوم من بني تميم، فقال: «اقبلوا البشرى يا بني تميم» قالوا: بشرتنا فأعطنا، فدخل ناس من أهل اليمن فقال: «اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم» قالوا: قبلنا، جئناك لنتفقه في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان؟ قال: «كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء».

ثم أتاني رجل فقال: يا عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت، فانطلقت أطلبها فإذا السراب ينقطع دونها، وايم الله لوددت أنها قد ذهبت ولم أقم ([1]).

وقال في كتاب بدء الخلق في الباب الأول منه:

حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، فذكره بنحو حديث أبي حمزة السكري، ولكن قال فيه: «كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض»([2]).

فرواه بمثل رواية أبي حمزة السكري، عن الأعمش شيبان بن عبد الرحمن ([3]) وكذلك محمد بن خازم أبو معاوية الضرير، ولكن بلفظ: «كان الله قبل كل شيء، وكان عرشه على الماء..»([4]). ورواه بمثل رواية حفص بن غياث، عن الأعمش: أبو إسحاق الفزاري([5])، وكذلك أبو عبيدة بن معن([6])، وأبو بكر بن عياش([7])، ومحمد بن عبيد ([8])، ورواه خالد بن الحارث ([9])، والنضر بن شميل ([10])، عن المسعودي، عن جامع بن شداد بمثل رواية أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن جامع ([11]).

وبهذا يعلم أن الحديث روي بألفاظ متعددة، والمجلس كان واحدًا، وسؤال أهل اليمن وجوابه ﷺ‬ كان في ذلك المجلس، وعمران t الذي روى الحديث لم يقم منه حين انقضى المجلس، بل قام لما أخبر بذهاب راحلته قبل فراغ المجلس، وهو المخبر بلفظ الرسول ﷺ‬، فدل ذلك على أنه إنما قال أحد الألفاظ، والباقي روي بالمعنى، فكأن أشبه الألفاظ بقول رسول الله ﷺ‬، قوله: «كان الله ولم يكن شيء قبله» لما ثبت عن رسول الله ﷺ‬، أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: «اللهم رب السموات السبع ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين واغنني من الفقر»([12]).

وهذا الحديث مفسر لقوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} وكذلك حديث عمران t فيه تفسير لقوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ}؛ لأن أهل اليمن سألوا عن أول هذا الأمر، فأوضح لهم النبي ﷺ‬ أولية الله المطلقة التي ليس لها بداية، قبل أن بشرع في الإجابة عن بداية خلق هذا العالم الذي سألوا عن أوله، فكلا الحديثين قد فسر قوله: {هُوَ الْأَوَّلُ} فلزم التشابه بين التفسيرين، وأقرب الألفاظ لحديث أبي هريرة t أولى بالترجيح، وهو قوله: «كان الله ولم يكن شيء قبله». والباقي في الألفاظ إنما روي بالمعنى، فما اشتبه من معناه رد إلى هذا اللفظ الراجح.

إذا تقرر ذلك، لم يكن في هذا اللفظ تعرض لابتداء الحوادث ولا لأول مخلوق، وأنه ليس مراد الرسول ﷺ‬ هذا، بل إن الحديث يناقض هذا، ولكن مراده الإخبار عن خلق هذا العالم المشهود الذي خلقه الله في ستة أيام ثم استوى على العرش، كما أخبر الله بذلك في كتابه في غير موضع، ويدل على هذا أن قول أهل اليمن: «جئناك لنسألك عن أول هذا الأمر» إما أن يكون الأمر المشار إليه هذا العالم، أو جنس المخلوقات، فإن كان المراد هو الأول كان النبي ﷺ‬ قد أجابهم؛ لأنه أخبرهم عن أول خلق هذا العالم، وإن كان المراد الثاني لم يكن قد أجابهم؛ لأنه لم يذكر أول الخلق مطلقًا، وإنما ذكر خلق السموات والأرض، ولم يذكر خلق العرش، فعلم أنه أخبر بأول خلق هذا العالم لا بأول الخلق مطلقًا، وإخباره بخلق السموات والأرض بعد أن كان عرشه على الماء يقصد به الإخبار عن ترتيب بعض المخلوقات على بعض وهذه زيادة إيضاح، وإلا فهم لم يسألوه عن مجرد الترتيب وإنما سألوه عن أول هذا الأمر، وإذا كان إنما أجابهم بهذا علم أنهم إنما سألوه عن هذا، لم يسألوه عن أول الخلق مطلقًا؛ فإنه لا يجوز أن يكون أجابهم عما لم يسألوه عنه ولم يجبهم عما سألوا عنه، بل هو ﷺ‬ منزه عن ذلك.

وقولهم: «هذا الأمر» إشارة إلى حاضر موجود، ولو سألوه عن أول الخلق مطلقًا لم يشيروا إليه «بهذا» فإن ذاك لم يشاهدوه، بل لم يعلموه، فلا يشيرون إليه «بهذا» فعلم أن سؤالهم كان عن أول هذا العالم المشهود ([13]).

وهذا إذا تحتم الترجيح بين الروايات، وأما مع إمكان الجمع – وهو أولى – فإن قوله: «كان الله»: (كان) هنا تفيد الأزلية، وهي ما لا بداية له؛ أي: لا بداية له سبحانه، وكذلك قوله: «ولم يكن شيء غيره» معناه نفي الأزلية عما سواه، أي: لم يكن شيء غيره ككونه سبحانه؛ إذ كل مخلوق كان بعد أن لم يكن؛ فالحديث فيه تقرير التوحيد، وهو من معنى (لا إله إلا الله)؛ ففيه نفي وإثبات؛ نفي للأزلية عن كل مخلوق بعينه، فهي من صفات الألوهية، وإثباتها له سبحانه، وقوله: «ولم يكن شيء قبله» هو تأكيد لمعنى الأزلية في قوله: «كان الله».

وهذا المعنى لا يوجد أي إشكال بين ألفاظ الحديث المتعددة، فيكون أقرب وأولى من غيره، وأما من قال بأن قوله: «ولم يكن شيء غيره» أي لم يوجد شيء معه، فهو معنى فاسد من وجهين:

أحدهما: أنه اختلف معنى (كان) في أول الحديث عن معناها في آخره من غير دليل، والأصل اتحاد المعنى.

ثانيهما: أن في هذا المعنى تنقصًا للخالق سبحانه، بأنه خلق ذاك المخلوق بعينه بعد أن لم يكن خلق شيئًا قبله، فجعله معطلاً عن الخالقية ثم صار كاملاً بعد خلقه لذاك المخلوق.

والله عز وجل يقول: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ}؛ فلله الكمال المطلق في الاتصاف بالخالقية، فلا يجوز أن ينفك عن هذه الصفة، فهي قديمة أزلاً وأبدًا كقدم ذاته سبحانه.

فإن قيل: وصف ذاك المخلوق بأنه أول المخلوق مطلقًا لا يمنع من القول بأنه الله يخلق في الأزل، فيقال: بل يمتنع ذلك إلا إذا جعل ذاك المخلوق مقارنًا لله أولاً وأبدًا، فيمتنع حينئذ أن يكون مخلوقًا لله؛ لأن الخالق لابد أن يتقدم على المخلوق، فإن كون الفاعل مقارنًا لمفعوله أزلاً وأبدًا مخالف لصريح المعقول ولصحيح المنقول، إلا إذا أردت أنه لا يمنع من القول بأن الله قادر على أن يخلق في الأزل، فيقال: هذا القول فيه إثبات القدرة على الخلق وليس فيه إثبات الفعل، وهو أنه يخلق.

فإذا تقرر ذلك ثبت أن الله عز وجل كان يخلق في الأزل، والأزل ليس شيئًا محدودًا بل معناه عدم الأولية.

فإذا ظن الظان أن هذا يقتضي قدم شيء معه، كان ذلك من فساد تصوره؛ لأن الله خالق كل شيء؛ فكل ما سواه مخلوق مسبوق بالعدم، فليس معه شيء قديم بقدمه، فإذا قلنا: لم يزل يخلق، كان معناه: لم يزل يخلق مخلوقًا بعد مخلوق، كما لا يزال في الأبد يخلق مخلوقًا بعد مخلوق، فكل مخلوق له ابتداء لا نجزم أن يكون له انتهاء؛ لأن الله يكتب الخلود لما يشاء من مخلوقاته، وهذا قد تواترت النصوص من الكتاب والسنة على إثباته، وهذا فرق في أعيان المخلوقات، وهو فرق صحيح لكن يشتبه على كثير من الناس (النوع) بـ (العين) كما اشتبه ذلك عليهم في كلام الله، فلم يفرقوا بين كونه كلامه قديمًا بمعنى أنه لم يزل متكلمًا إذا شاء، وبين كون الكلام المعين قديمًا، وكذل لم يفرقوا بين كون الفاعل يفعل شيئًا بعد شيء دائمًا وأبدًا، وبين كون الفعل المعين قديمًا.

فمن اهتدى في هذا الباب إلى الفرق بين (النوع) و (العين)([14]) تبين له فصل الخطأ من الصواب في مسألة الأفعال والكلام ([15]).

بقي حديث قد يشكل ظاهره على من لم يتدبره ويجمع طرقه واختلاف ألفاظه، وهو ما روى عبادة بن الصامت t عن رسول الله ﷺ‬، قال: «إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: يا رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة»([16]).

ورواه ابن المبارك عن رباح بن زيد، عن عمر بن حبيب، عن القاسم بن أبي بزة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ‬، قال: «أول شيء خلق الله تعالى القلم، فأمره فكتب كل شيء يكون»([17]).

ورواه سفيان الثوري عن أبي هاشم عن مجاهد قال: قلت لابن عباس: إن ناسًا يكذبون بالقدر فقال: «إنهم يكذِّبون بكتاب الله، لآخذن بشعر أحدهم فلأنصونه، إن الله تعالى ذكره كان على عرشه قبل أن يخلق شيئًا، فكان أول ما خلق الله القلم، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة، وإنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه»([18]).

فدل هذا اللفظ على أن الله خلق القلم بعد خلقه عرشه، وأن الأولية التي ذكرت للقلم هي بالنسبة لهذا العالم المشهود من السموات والأرض وما بينهما، ويؤيد ذلك قوله في الحديث: «حتى تقوم الساعة» أو «إلى يوم القيامة» فهو يدل على أنه إنما أمره حينئذ أن يكتب مقدار هذا الخلق إلى قيام الساعة، ولم يكتب حينئذ ما يكون بعد ذلك، فدل ذلك على أن القلم أول المخلوقات من هذا الخلق الذي أمر بكتابته ([19]).

ويؤيد هذا ما جاء في حديث عمران بن الحصين – الذي تقدم – فيما رواه أبو إسحاق الفزاري وأبو عبيدة بن معن، عن الأعمش، عن جامع، عن صفوان، عن عمران، فذكر الحديث، وجاء فيه:

أن النبي ﷺ‬، قال: «كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء، ثم كتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السموات والأرض». و «ثم» تفيد الترتيب مع التراخي. وبمعنى حديث عمران جاء حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما إذ يقول: سمعت رسول الله ﷺ‬، يقول: «كتب» وفي لفظ: «فرغ» وفي لفظ: «قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء»([20]).

ويشهد لما تقدم من أنه لا ابتداء لخالقيه الله في الماضي ما رواه حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس ([21]) عن عمه أبي رزين العقيلي t أنه قال: يا رسول الله، أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: «كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء ثم خلق عرشه على الماء»([22]).

وقوله: (عماء): هو السحاب الأبيض ([23])، وهو شبه الدخان يركب رؤوس الجبال ([24]). وقيل: السحاب الكثيف المطبق ([25]).

فدل الحديث على أن هذا العماء مخلوق قبل العرش، لقوله: «ثم خلق عرشه على الماء» فالله أعلم بما كان قبل هذا العماء من مخلوقات، وإنما ننتهي إلى ما علمنا سبحانه.


فائدة مهمة

وهي أن من عرف ذلك عرف عظم التسبيح الذي أخبر به رسول الله ﷺ‬، أم المؤمنين جويرية، لما خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة في مصلاها، فقال: «مازلت على الحال التي فارقتك عليها؟» قالت: نعم، قال النبي ﷺ‬: «لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته»([26]).

فإن ما يقوم بقلب الذاكر حين يقول: «سبحان الله وبحمده عدد خلقه» من معرفته وتنزيهه وتعظيمه لله بهذا القدر المذكور من العدد، أعظم مما يقوم بقلب القائل: «سبحان الله وبحمده» وهذا يسمى الذكر المضاعف، وهو أعظم ثناء من الذكر المفرد المجرد، وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه، فإن الذاكر لله بهذا الذكر يخبر أن ما يستحقه الرب من التسبيح وهو تنزيه الله وتعظيمه والثناء عليه، هو تسبيح يبلغ هذا العدد العظيم، الذي لا يبلغه العادون، ولا يحصيه المحصون، ولو كان في العدد ما يزيد عليه لذكره، فإنه ليس لخالقية الله ابتداء، فالله يخلق في الأزل، والأزل ليس شيئًا محدودًا، وكذلك لا أحد يحصي الحاضر من خلقه، وتجدد المخلوقات لا ينتهي عددًا.

وأما قوله: (ورضا نفسه) فإن المراد: تسبيحًا هو في العظمة والجلال مساوٍ لرضا نفسه سبحانه، ولا ريب أن رضا نفس الرب أمر لا نهاية له في العظمة والوصف.

وأما قوله: «وزنة عرشه» فالمراد: تسبيحًا هو في العظم والثقل وكبر المقدار مساوٍ لزنة العرش الذي هو أثقل المخلوقات على الإطلاق، فلم يحمله حملة العرش بقوتهم وبشدة أسرهم، ولكن بقوة الله وتأييده.

وأما قوله: «مداد كلماته» فهذا يعم الأقسام الثلاثة ويشملها، فمداد كلماته سبحانه لا نهاية لعدده ولا لصفته وعظمته ولا لثقله وقدره ([27]).

فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

تمت الرسالة بحمد الله وفضله ومنه وكرمه



([1]) الفتح (13/403) ح7418، ورواه ابن منده بسنده إلى أبي حمزة السكري في كتاب التوحيد (1/83) ح9.

([2]) الفتح (6/286) ح3191، ورواه يعقوب البسوي عن شيخ البخاري في المعرفة والتاريخ (3/195) ثم البيهقي في سننه الكبرى (9/2-3) كتاب السير، وفي الاعتقاد له (ص55) باب في ذكر صفة الفعل.

([3]) رواه ابن حبان في صحيحه: الإحسان (14/11) ح6142 وابن منده في التوحيد (1/85) ح10، (3/185) ح636 والبيهقي في الكبرى (9/2) مبتدأ الخلق.

([4]) رواه أحمد في مسنده (4/431-432) ثم أبو نعيم في الحلية (2/216)، ورواه ابن جرير في تاريخه (1/38)، والطحاوي في مشكل الآثار (14/299) ح5629، وأبو الشيخ في العظمة (2/571) ح207، والبيهقي في الصفات (1/563) ح489.

([5]) رواه عثمان الدارمي في رده على الجهمية (ص28) ح40 وفي رده على المريسي (ص86-87)، والطحاوي في مشكل الآثار (14/300-301) ح5630، والآجري في الشريعة (ص176-177) والطبراني في الكبير (18/204-205) ح500 وأبو نعيم في الحلية (8/259-260) وابن منده في التوحيد (1/82) ح8، (3/185) ح636 والبيهقي في الصفات (2/234) ح800، وفي الاعتقاد (ص55).

([6]) رواه ابن حبان في صحيحه (الإحسان) (14/7)، ح6140.

([7]) رواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في العرش (ص51 ح1، ثم الطبراني في الكبيير (18/203) ح497.

([8]) رواه ابن أبي عاصم في الأوائل (ح157).

([9]) رواه النسائي في الكبرى (6/363) ح11240 كتاب التفسير (سورة هود).

([10]) رواه ابن جرير في تفسيره (12/4) وفي تاريخه (1/38).

([11]) اختلفت الروايات عن المسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وذلك بسبب اختلاطه، وخلاصة قول أهل العلم فيه أنه ثقة اختلط بآخره، وأن سماع من سمع منه قديمًا صحيح، والقدم هنا هو: من سمع منه بالكوفة أو البصرة أو في أول قدومه بغداد، أو من سمع في زمان أبي جعفر المنصور، وقد ذكروا فيمن سمع منه قديمًا: خالد بن الحارث، والنضر بن شميل، وفيمن سمع منه بعد اختلاطه: يزيد بن هارون.

انظر: الكواكب النيرات (ص282-298).

والحديث رواه يزيد بن هارون، عن المسعودي، عن جامع بن شداد، عن ابن بريدة الأسلمي عن بريدة بن حصيب الأسلمي t أخرج هذه الطريق أبو الشيخ في العظمة (2/574-575) ح208، ورواه عبد الله بن يزيد المقرئ عن المسعودي عن جامع بن شداد عن رجل عن بريدة t أخرج هذه الطريق أيضًا أبو الشيخ في العظمة (2/577-578) ح211.

ورواه روح بن عبادة، عن المسعودي، عن جامع بن شداد، عن صفوان بن محرز، عن بريدة t أخرج هذه الطريق ابن خزيمة في التوحيد (2/884) ح593، والحاكم في المستدرك (2/341) كتاب التفسير (سورة هود).

وهذا الاختلاف سببه اختلاط المسعودي، رحمه الله، والصواب ما رواه خالد بن الحارث والنضر بن شميل، عن المسعودي، عن جامع، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما فخالد والنضر رويا عن المسعودي قبل اختلاطه، وروايتهم عن المسعودي عن جامع وافقت رواية الأعمش وغيره عن جامع.

([12]) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (10/251) ح9362، وأحمد في المسند (2/381، 404، 536)، والبخاري في الأدب المفرد (2/619) ح1212، ومسلم في صحيحه (4/2084) ح2713، وأبو داود في سننه (5/301) ح5051، وابن ماجه في سننه (2/1274-1275) ح3873، والترمذي في جامعه (5/472) ح3400 وقال: حسن صحيح، والنسائي في الكبري في عمل اليوم والليلة (6/197، ح 10626، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 2666 - 268) ح 168، 169، 170، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (12/348) ح5537، وابن السني عن النسائي في عمل اليوم والليلة (ص333-334) ح715 وابن منده في التوحيد (2/57، 83) ح200، 224، وفي (3/ 268 - 269) ح 828، 829، 830، والبيهقي في الصفات (1/38) ح12.

من طرق عن سهيل بن أبي صالح عن أبي صالح عن أبي هريرة t به.

ورواه مسلم في صحيحه، والترمذي في جامعه (5/518) ح3481 وقال: حسن غريب، وفي علله الكبير (2/915) باب (409)، وابن خزيمة في التوحيد (1/265-266) ح167، وابن منده في التوحيد (2/82) ح223، والبيهقي في الصفات (1/98) ح53، والخطيب في تاريخه (6/98-99)، وأبو إسماعيل الهروي في الأربعين في دلائل التوحيد (ص57-60) ح15 من طرق عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة t قال: أتت فاطمة النبي ﷺ‬، تسأله خادمًا، فقال لها: (قولي: اللهم رب السموات..) بمثل حديث سهيل عن أبيه. قلت: هذه الزيادة مشكلة، إذ المحفوظ في جواب النبي ﷺ‬ لها ولعلي رضي الله عنهما بعد مجيئها وسؤالها الخادم، أنه علمهما التسبيح ثلاثًا وثلاثين والتحميد ثلاثًا وثلاثين والتكبير أربعًا وثلاثين، وذلك مروي في الصحيحين من حديث علي t من طرق، ومن حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة t عند مسلم وغيره، ومجيء فاطمة رضي الله عنها تسأل خادمًا إنما كان مرة واحدة كما هو ظاهر، ولعل هذا هو الذي جعل البخاري يعل هذه الرواية باختلاف الرواة على الأعمش، فاعتد بمخالفة قائد الأعمش عبيد الله بن سعيد أبو مسلم – مع ضعفه – لمن هو أوثق منه، كما في علل الترمذي الكبير، وأعلها أيضًا الدارقطني في علله (10/209) س1980. ورواه النسائي في الكبرى (6/197) ح10625، وعنه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص346-347) ح744، وأبو يعلي في مسنده (8/210) ح4774، من طريقين عن الشعبي عن عائشة رضي الله عنها وظاهر طريق النسائي الصحة، فهو يرويه عن محمد بن قدامة بن أعين، عن جرير بن عبد الحميد عن مطرف عن الشعبي عن عائشة رضي الله عنها، وقد خالفه إسحاق بن راهويه وأبو خيثمة زهير بن حرب، فروياه عن جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة t كما هو المحفوظ، فقد رواه عن سهيل بهذا الإسناد وهيب وحماد بن سلمة وعبد العزيز المختار، وخالد الطحان، وإسماعيل بن أبي عياش، وقد يكون الحديث محفوظًا عند جرير من الطريقين، والله أعلم، وأما طريق أبي يعلي فواهية. ورواه الطبراني في الكبير (23/316-317، 352) ح717، 825، وفي الدعاء له (3/1436- 1437 ، 1465) ح1356، 1422، والبيهقي في الصفات (1/39) ح13 وعلقه البخاري في التاريخ (6/479) من طريق عاصم بن أبي عبيد عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي ﷺ‬ كان يدعو بهؤلاء الكلمات: «اللهم أنت الأول لا شيء قبلك، وأنت الآخر لا شيء بعدك، أعوذ بك من شر كل دابة ناصيتها بيدك.. الحديث». ولفظه مغاير، وإنما ذكرته لمحل الشاهد منه وهو قوله: «اللهم أنت الأول لا شيء قبلك». وعاصم هذا ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وذكر البخاري في تاريخه عاصمًا هذا وذكر حديثه عن أم سلمة، والحديث فيه اختلاف؛ فمرة يروى عن موسى بن عقبة عن عاصم عن زينب بنت أبي سلمة، أو عن أمها، ومرة يروى عن موسى بن عقبة عن عاصم عن أم سلمة، وعاصم فيه جهالة.

([13]) انظر: مجموع الفتاوى (18/212-213).

([14]) التفريق بين (النوع) و (العين) أصل عظيم في باب التكفير، والتبديع، والتفسيق، واللعن، وغيرها، وقد ضلت الخوارج وغيرهم بسبب جهلهم لهذا الأصل. والله المستعان.

([15]) انظر: الفتاوى (18/239-240).

([16]) رواه أحمد في المسند (5/317)، والبخاري في تاريخه (3/2/92)، وابن أبي عاصم في السنة (1/50) ح107، والبزار في مسنده (2/50) مخطوط، وابن جرير في التفسير (29/17)، وفي تاريخه (1/32)، والدولابي في الكنى (ص103)، والآجري في الشريعة (ص83-84، 177-178). من طريق عن معاوية بن صالح، عن أيوب بن زياد أبي زيد الحمصي، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه الوليد، عن أبيه عبادة به.

قال علي بن المديني عن هذا الإسناد: (إسناد حسن). ذكره ابن حجر في النكت على الأطراف (4/261). ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده (ص79) ح577 ومن طريقه أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (1/49) ح105، والترمذي في جامعه (4/457 -458 ) ح2155 وقال: حديث غريب من هذا الوجه، وفي (5/424) ح3319 وقال: حديث حسن غريب، وفي تحفة الأشراف وكذلك في تحفة الأحوذي قال: حسن صحيح غريب، وابن أبي حاتم في تفسيره (7/79) من تفسير ابن كثير، واللالكائي في شرح الاعتقاد (2/218) ح357.

ورواه ابن جرير في تفسيره (29/16) وفي تاريخه (1/ 32 - 33 ) من طريق عباد بن العوان، ورواه علي بن الجعد في مسنده ح (3444) ومن طريقه أخرجه البخاري في تاريخه (3/2/92)، واللالكائي في شرح الاعتقاد (4/615) ح1097، ثلاثتهم عن عبد الواحد بن سليم، عن عطاء بن أبي رباح عن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عبادة به. وقد تابع عبد الواحد، عبد الله بن السائب عند ابن أبي عاصم في السنة (1/48 -49 ) ح104 وفي الأوائل (ص26) ح2، ولكن في سنده بقية بن الوليد وهو يدلس التسوية وقد عنعن، ورواه ابن وهب في القدر (ص121-122) ح27، وأحمد في المسند (5/317) عن موسى بن داود، وابن أبي عاصم في السنة (1/48) ح103، وفي الأوائل (ص25) ح1 من طريق مروان بن محمد، ثلاثتهم عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب، قال ابن وهب: عن عبادة به، وقال موسى ومروان عن الوليد بن عبادة: عن عبادة به. وفيه: ابن لهيعة. ورواه ابن وهب في القدر (ص121) ص26 من طريق الأعمش قال: قال عبادة بن الصامت به، وهذا منقطع ولعل الواسطة بين الأعمش وعبادة: ابنه الوليد. والله أعلم.

ورواه أبو داود في سننه (5/76) ح4700، ثم البيهقي في الاعتقاد (ص86)، وأبو نعيم في الحلية (5/248) من طريق يحيى بن حسان عن الوليد بن رباح – كذا قال وهو خطأ، والصواب: رباح بن الوليد عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن أبي حفصة حبيش بن شريح الحبشي الشامي عن عبادة به.

ورواه ابن أبي عاصم في السنة (1/48) ح102 من طريق مروان بن محمد، عن رباح بن الوليد بن يزيد، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن أبي عبد العزيز الأردني، عن عبادة به.

وأبو عبد العزيز هذا لعله هو حبيش بن شريح، فإن كان هو، فهي الطريق المذكورة قبل، وإسناده لا بأس به، ورواه الآجري في الشريعة (ص84، 178) من طريق معاوية بن يحيى الصدفي، عن الزهري، عن محمد بن عبادة عن أبيه عبادة بن الصامت به، والصدفي ضعيف.

([17]) رواه عثمان الدارمي في رده على الجهمية (ص121) ح 253، وفي رده على المريسي (ص198)، وابن أبي عاصم في السنة (1/50) ح108، وفي الأوائل (ص26) ح3 وابن الإمام أحمد في السنة (2/393) ح854، وأبو يعلي في مسنده (4/217) ح2329، وفي معجمه (ص82-83)، وابن جرير في تفسيره (29/16) وفي تاريخه (1/32)، وابن حبان في روضة العقلاء (ص157)، والطبراني في الأوائل (ص22) ح1، وأبو نعيم في الحلية (8/ 181 -182)، والبيهقي في الكبرى (9/3) وفي الصفات (2/237) ح803 من طرق عن عبد الله بن المبارك به.

وهذا الحديث رجاله كلهم ثقات. قال ابن كثير في تفسيره (7/79) عن هذه الطريق: «غريب من هذا الوجه، ولم يخرجوه» أي أصحاب الكتب الستة، وحديث ابن عباس لم يرو مرفوعًا عنه إلا من هذه الطريق.

فقد رواه ابن جرير في تفسيره (29/15) وفي تاريخه (1/34، 51 - 52)، والآجري في الشريعة (ص84، 178)، والطبراني في الكبير (11/433) ح 12227، من طرق عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى مسلم بن صبيح عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا بنحوه، وقال فيه: (... اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) وفيه زيادة.

وروى وكيع في نسخته عن الأعمش ح(4)، وابن جرير في تفسيره (29/14) وفي تاريخه (1/33، 50، 51) والآجري في الشريعة (ص85، 179) وأبو الشيخ في العظمة (4/1380) ح897، وابن منده في التوحيد (1/93 - 94) ح 14، 15، والحاكم في مستدركه (2/498) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، والبيهقي في الكبرى (9/3) وفي الصفات (ص481) من طرق عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا بنحوه، وقال فيه: «... فجرى بما هو كائن من ذلك اليوم إلى قيام الساعة» وفيه زيادة.

ورواه الآجري في الشريعة (ص85، 178) من طريق عصمة أبو عاصم عن عطاء بن السائب عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا بنحوه وفيه ألفاظ غريبة، وعصمة أبو عاصم، هذا لم أعثر على من ترجم له.

ورواه ابن جرير في تفسيره (29/17) وفي تاريخه (1/35) من طريق شعبة عن أبي هاشم المكي عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا بنحوه.

ورواه ابن أبي عاصم في السنة (1/49) ح106، والآجري في الشريعة (ص175)، والطبراني في مسند الشاميين (1/389) ح673، من طرق عن بقية قال: حدثنا أرطاة بن المنذر عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ‬، بمعنى حديث ابن عباس، وفيه زيادة، وفي سنده بقية ولم يصرح بالتحديث عن شيخ شيخه وهو يدلس التسوية، وقد رواه الدارقطني في كتاب الصفات (ص35) ح14 من طريق عتبة بن السكن الفزاري قال: حدثنا أرطاة بن المنذر قال: حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر به، فظهر أن الواسطة هو ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف.

ورواه الطبراني في مسند الشاميين (2/397) ح1572 من طريق أخرى عن ابن عمر، بمثل حديث ابن عباس، وفي سنده نصر بن محمد بن سليمان، وهو ضعيف.

ورواه الآجري في الشريعة (ص83، 177) من حديث أبي هريرة t وفي سنده الحسن بن يحيى الخشني: ليس بشيء، وشيخه لا يعرف.

ورواه الخطيب في تاريخه (13/40) من حديث علي t وسنده مظلم.

([18]) رواه عثمان الدارمي في رده على الجهمية (ص31) ح44، وفي رده على بشر المريسي (ص87)، وابن جرير في تفسيره (29/17) وفي تاريخه (1/34) والآجري في الشريعة (179، 293) من طرق عن سفيان الثوري به.

وقد روى شعبة هذا الخبر عن أبي هاشم – كما تقدم – ولم يقل فيه ما قال سفيان من أن الله عز وجل كان على عرشه قبل أن يخلق شيئًا، وما زاده الثوري مقبول فهو زيادة ثقة بل هو أولى من رواية شعبة، فقد روى وكيع عن شعبة قال: سفيان أحفظ مني وإذا خالفني في حديث فالحديث حديثه، وقال رجل لشعبة: خالفك سفيان، فقال: دمغتني، وقال يحيى القطان: ليس أحد أحب إلى من شعبة، ولا يعدله أحد عندي، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان، وقال أيضًا: سفيان أثبت من شعبة وأعلم بالرجال، وقال أيضًا: ما رأيت أحدًا أحفظ من سفيان ثم شعبة، وذكر شعبة وسفيان مرة فقال: سفيان أقل خطأ؛ لأنه يرجع إلى كتاب. وقال يحيى بن معين: ما خالف أحد سفيان في شيء إلا كان القول قول سفيان. وقال إسحاق بن هانيء: قلت لأحمد: إن اختلف سفيان وشعبة في الحديث، فالقول قول من؟ قال: سفيان أقل خطأ، وبقول سفيان آخذ، وقال أيضًا: سفيان أحفظ للإسناد وأسماء الرجال من شعبة. وقال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: ليس يختلف سفيان وشعبة في شيء إلا يظفر به سفيان، خالفه في أكثر من خمسين حديثًا القول فيها قول سفيان، وقال أبو حاتم الرازي: سفيان فقيه حافظ زاهد إمام، هو أحفظ من شعبة، وقال صالح جزرة: سفيان أحفظ من شعبة وأكثر حديثًا. وقال أبو زرعة الرازي: سفيان أحفظ من شعبة في الإسناد والمتن.

([19]) وروى ابن منده أبو القاسم عبد الرحمن في جزء (الرد على من يقول «الم» حرف لينفي الألف واللام والميم عن كلام الله عز وجل) (ص77-79) ح35 بسنده عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (إن قبلنا هاهنا أقوام يتكلمون في القدر) فكتب إليه عمر: (بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس الأشعري، أما بعد: فإن الله تبارك وتعالى أبرم أمره وأنفذ حكمه وقدر مشيئته وأخذ بالحجة على خلقه فيما أمرهم به من طاعته ونهاهم عنه من معصيته، فإذا أحب الله تبارك وتعالى عبدًا نصره، وإذا أبغضه خذله، جعلنا الله وإياك من عباده المنصورين العاملين بطاعته، فإذا وصل كتابي هذا إليك فادعهم، وأوعز إليهم، وانههم عن المعاودة بالخوض في أمر قد أحكمه الله عز وجل وفرغ منه، واعلم أن أول ما خلق الله تبارك وتعالى القلم فقال له: اجر. فجرى القلم بما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، فقد فرغ الله عز وجل من السعادة والشقاء على عباده، فانههم عن الخوض فيما كانوا يخوضون فيه من أمر قد فرغ الله عز وجل منه، ومرهم بالاشتغال بتلاوة كتاب الله عز وجل فإن الله تعالى يكتب لمن تلا القرآن بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول (آلم) ولكن يكتب له بالألف عشرًا وباللام عشرًا وبالميم عشرًا، فالاشتغال بهذا الذي بين الله فضله أنفع لهم، وأعود عليهم في دنياهم وآخرتهم من الخوض في أمر قد فرغ الله تبارك وتعالى منه وأحكمه) وهذا الأثر عن عمر صحيح يؤكد ما سبق ذكره في قوله (إلى يوم القيامة). والله الموفق.

([20]) رواه ابن وهب في القدر (ص101) ح17، وأحمد في المسند (2/169) ح6579، وعبد بن حميد في المنتخب (1/305) ح 343، ومسلم في صحيحه (4/2044) ح 2653، والبسوي في تاريخه (2/513 - 514)، والدارمي في رده على المريسي (ص 199) وفي الرد على الجهمية (ص122، 126) ح 254، 262، والبزار في مسنده (2/18) مخطوط، وابن الإمام أحمد في السنة (2/ 387 - 388) ح 842، والترمذي في جامعه (4/458) ح 2156 وقال: حسن صحيح غريب، والآجري في الشريعة (ص176)، وابن منده في التوحيد (1/92 - 93) ح12، 13، واللالكائي في شرح الاعتقاد (4/580) ح1025، 1026، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/327)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/234) ح799 وفي الاعتقاد (ص 86)، والخطيب في تاريخه (2/252) ت721، والبغوي في شرح السنة (1/123) ح67، من طرق عن حميد بن هانئ أبو هانئ الخولاني، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن زيد المعافري، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما به.

([21]) ويقال: عدس، وقد رجح أنه (حدس) بالحاء الإمام أحمد كما في المسند (4/11) ح 16234 قال: الصواب حدس، وقال أبو داود في سؤالاته لأحمد ص175 س42: سمعت أحمد يقول: «رأيت في كتاب الأشجعي عن سفيان عن يعلي بن عطاء عن وكيع بن حدس، يوافق حمادًا بن سلمة» وقال في (العلل ومعرفة الرجال) رواية ابنه عبد الله (3/429): الصواب ما قال حماد بن سلمة وأبو عوانة وسفيان، قالوا: وكيع بن حدس، وقال: هشيم يتابع شعبة، وكذا نقله ابن ماكولا في الإكمال (2/400)، وقال الآجري عن أبي داود: قال: سمعت عيسى بن يونس يقول: رأيت رجلاً من ولد وكيع فسألته عنه فقال: ابن حدس، وقال ابن حبان في كتاب مشاهير علماء الأمصار (ص124) ت 973: أما شعبة وهشيم فقالا: وكيع بن عدس، وقال حماد بن سلمة وأبو عوانة: ... وكيع بن حدس، والصواب بالحاء، والله أعلم، وقال في الثقات (5/496): أرجو أن يكون الصواب: حدس بالحاء، سمعت عبدان الجواليقي، يقول: الصواب حدس، وإنما قال شعبة: عدس، فتابعه الناس، وقال في صحيحه (1/482) ح 247: شعبة واهم في قوله عدس، إنما هو حدس كما قاله حماد بن سلمة وأولئك.

ورجح الترمذي في جامعه (5/288) أن الصواب: عدس، وكذا قال موسى بن هارون كما روى النقاش عنه، ونقله ابن ماكولا في الإكمال (2/400).

والصواب عندي: هو القول الأول وهو: وكيع بن حدس  بالحاء، فإن شعبة كثيرًا ما يخطئ في الأسماء، وخالفه سفيان؛ فالقول قوله كما تقدم، فكيف إذا تابعه حماد بن سلمة وأبو عوانة؟ وأما متابعة هشيم لشعبة فكما قال الإمام أحمد أن هشيمًا يقلد شعبة، والله أعلم.

([22]) رواه أبو داود الطيالسي في مسنده (ص147) ح1093، وأحمد في مسنده (4/11، 12) ح16233، 16245، وابن ماجه في سننه (المقدمة) (1/64) ح182، وابن أبي عاصم في السنة (1/271-272) ح612، وابن الإمام أحمد في السنة (1/245) ح450، والترمذي في جامعه (5/288) ح3109 وقال: حديث حسن، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في العرش (ص54) ح7، وابن جرير في تفسيره (12/4) وفي تاريخه (1/37-38) والطبراني في الكبير (19/207) ح468، وأبو الشيخ في العظمة (1/363-366) ح83، 84، وابن عبد البر في كتاب التمهيد (7/137) وابن أبي زمنين في أصول أهل السنة، مخطوط (ص7) باب في الإيمان بالعرش، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/235، 303) ح801، 864، والذهبي في العلو (ص19) وحسن إسناده، والحديث رجاله ثقات، إلا ما يقال في وكيع بن حدس من جهالة وقد وثقه ابن حبان، بل قال عنه: إنه من الأثبات، كما في مشاهير علماء الأمصار، ووكيع من التابعين وقد روى عنه ثقة، ولم يرو ما ينكر، بل أحاديثه مشهورة ولم يقدح فيها، وقد وثق الأئمة كثيرًا ممن يشبه حال وكيع، وقد حسن حديثه الترمذي بل قد صحح الحديث ابن جرير في تاريخه (1/40)، وخرج ابن حبان أحاديث بهذا الإسناد في صحيحه، وقال الحاكم عن حديث بهذا الإسناد: (صحيح الإسناد). ووافقه الذهبي، وحسن سنده ابن حجر، وقال أبو القاسم بن سلام: «هذه الأحاديث صحاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم على بعض، وهي عندنا حق لا شك فيها». وقد ذكر فيها هذا الحديث (الصفات للدارقطني ح57).

([23]) قال محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب العرش (ص54) ح8: «حدثنا عبد الله بن مروان بن معاوية قال: سمعت الأصمعي يقول وذكر هذا الحديث فقال: العماء الممدود في كلام العرب السحاب الأبيض، وأما العمى المقصور ففي البصر وليس هو من معنى هذا».

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (2/8): «قوله: في عماء: في كلام العرب: السحاب الأبيض، ثم نقل قول الأصمعي والشواهد من كلام العرب إلى أن قال: وإنما تأولنا هذا الحديث على كلام العرب المعقول عنهم، ولا ندري كيف كان ذلك العماء وما مبلغه، والله أعلم، وأما العمى في البصر فإنه مقصور وليس هو من معنى هذا الحديث في شيء». وقال الأزهري في تهذيب اللغة (3/246): «القول عندي ما قاله أبو عبيد أنه العماء، ممدود، وهو السحاب».

([24]) قال الجوهري في الصحاح (6/2439): «والعماء ممدود: السحاب. قال أبو زيد: هو شبه الدخان يركب رؤوس الجبال».

([25]) قال أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين: «العماء: السحاب الكثيف المطبق، فيما ذكر الخليل» انظر: مخطوط أصول أهل السنة لابن أبي زمنين (ص7) وانظر الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (5/55).

وقال الأزهري «قال الليث: العماية والعماءة: السحابة الكثيفة المطبقة».

وقال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (4/135): «العماء: السحاب الكثيف المطبق، والقطعة منه عماءة».

وقال الخطابي في إصلاح غلط المحدثين (ص46) ح61: «يرويه بعض المحدثين في عمى (مقصور) على وزن: عصًا وقفًا. يريد أنه كان في عمى عن علم الخلق، وليس هذا شيئًا، وإنما هو في عماء (ممدود)، هكذا رواه أبو عبيد وغيره من العلماء. قال: والعماء: السحاب. قال غيره: الرقيق من السحاب».

([26]) رواه الحميدي في مسنده (1/232) ح496، وأحمد في المسند (1/258، 353) ح2334، 3308، (6/324-325، 429-430) ح26801، 27461، والبخاري في الأدب المفرد (2/102) ح647، ومسلم في صحيحه (4/2090) ح2726، وأبو داود في سننه (2/171) ح1503، وابن ماجه في سننه (2/1251-1252) ح3808، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/437-438) ح3106-3108، والترمذي في جامعه (5/556) ح3555 وقال: حسن صحيح، والنسائي في المجتبى (3/86-87) ح1351، وفي الكبرى (1/402) ح1275، (6/48-50) ح9989-9993، وأبو يعلى في مسنده (12/491) ح7068، وابن خزيمة في التوحيد (1/17) ح5، وابن حبان في صحيحه (3/110، 113-114) ح828، 832، والطبراني في الكبير (24/61-63) ح160-163، وفي الدعاء (3/1586-1587) ح1741، 1742، وابن منده في التوحيد (3/27-28، 137-139) ح378، 563، 564، 565، 566، 567، وأبو إسماعيل الهروي في الأربعين في دلائل التوحيد (ص52-53) ح10، والبغوي في شرح السنة (5/45) ح1267، وابن أبي حاتم في علله (2/207) ح2111.

([27]) انظر: المنار المنيف – لابن القيم.