×
العقيدة الطحاوية : متن مختصر صنفه العالم المحدِّث: أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي، المتوفى سنة 321هـ، وهي عقيدةٌ موافقة في جُلِّ مباحثها لما يعتقده أهل الحديث والأثر، أهل السنة والجماعة، وقد ذَكَرَ عددٌ من أهل العلم أنَّ أتْبَاعَ أئمة المذاهب الأربعة ارتضوها؛ وذلك لأنها اشتملت على أصول الاعتقاد المُتَّفَقِ عليه بين أهل العلم، وذلك في الإجمال لأنَّ ثَمَّ مواضع اُنتُقِدَت عليه، وفي هذه الصفحة ملف يحتوي على تعليقات واستدراكات كتبها الشيخ ابن باز - رحمه الله - على متن العقيدة الطحاوية.

 [متن العقيدة الطحاوية]

قال العلامةُ حجة الإسلام أبو جعفر الوراق الطَّحاوي بمصْرَ –رحمهُ الله-:

هذا ذكرُ بيانِ عقيدةِ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ على مذهبِ فقهاءِ الملةِ: أبي حنيفة النعمانِ بن ثابت الكوفي، وأبي يوسُف يعقوب بن إبراهيم الأنصاريّ، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين، وما يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين.

1-             نقُولُ في تَوحيدِ الله([1]) مُعتَقدينَ بتوفيق الله: إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ.

2-             وَلا شيءَ مثْلُهُ.

3-             وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ.

4-             وَلا إلهَ غَيْرُهُ.

5-             قَديمٌ بلا ابتدَاء([2])، دَائمٌ بلا انْتهاء.

6-             لا يَفنَى ولا يَبيدُ.

7-             ولا يكونُ إلا ما يُريدُ.

8-             لا تَبلُغُه الأوْهَامُ، ولا تُدْركُهُ الأفْهَامُ.

9-             وَلا يُشْبِهُ الأنَامَ.

10-         حَيٌّ لا يَمُوتُ، قَيُّومٌ لا يَنَامُ.

11-       خَاِلقٌ بِلا حَاجَة، رَازقٌ بلا مُؤْنَة.

12-       مُمِيتٌ بِلا مَخَافَةٍ، بَاعِثٌ بِلا مَشَقَّةٍ.

13-       مَا زالَ بِصِفَاتِهِ قَديماً قَبْلَ خَلْقِهِ، لم يَزدَدْ بِكَوْنِهِم شَيْئاً، لم يكنْ قَبلَهُم مِنْ صِفَتِهِ، وكما كانَ بصفاته أزَليًّا، كذلك لا يزالُ عَلَيْها أبديًّا.

14-       ليسَ منذُ خَلَقَ الخلْق اسْتَفَادَ اسمَ ”الخَالِق“، ولا بِإحْدَاثِ البريَّةَ استفادَ اسمَ ”الباري“.

15-       له معنى الرُّبُوبيَّةِ ولا مَرْبُوبَ، ومعنى الخالق ولا مخلُوقَ.

16-       وكما أنَّه مُحيِي الموْتَى بَعْدَما أَحْيَا، استحقَّ هَذَا الاسْمَ قَبْلَ إِحْيَائِهم، كذلِكَ استحقَّ اسْمَ الخَالِق قبْلَ إنْشَائِهم.

17-       ذلك بأنَّهُ على كلِّ شَيْءٍ قديرٌ، وكلُّ شَيْءٍ إليهِ فَقِيرٌ، وكلُّ أمْرٍ عَلَيْهِ يَسيرٌ. لا يحتاجُ إلى شَيْءٍ، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى:11].

18-       خَلَقَ الخَلْقَ بعِلْمِهِ.

19-       وَقَدَّرَ لهمْ أَقْدَارًا.

20-       وَضَرَبَ لهم آجَالاً.

21-       ولم يَخْف عَليهِ شَيْءٌ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُم. وَعَلِمَ ما هُمْ عَامِلُونَ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَهُم.

22-       وأَمَرَهُم بِطَاعَتِهِ، ونَهَاهُم عَنْ مَعْصِيتِهِ.

23-       وَكُلُّ شَيْءٍ يَجْرِي بِتقْديرِهِ ومَشيئتِهِ, ومَشيئتُهُ تَنْفُذُ، لا مَشيئَةَ للعبادِ إلا ما شاءَ لهم، فما شاءَ لهم كان، وما لم يَشأ لم يَكُن.

24-       يَهْدي مَنْ يشاءُ، وَيَعْصِمُ ويُعَافِي فَضْلاً، ويُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ويَخْذلُ ويَبْتلي عَدْلاً.

25-       وكُلُّهُم يتقلَّبُون في مَشيئتِهِ بَيْنَ فَضْلِهِ وَعَدْلِهِ.

26-       وَهُوَ مُتَعَالٍ عَن الأضداد والأندَاد.

27-       لا رَادَّ لقضَائِه، ولا مُعَقِّبَ لحُكْمِه، ولا غالبَ لأمرِه.

28-       آمَنَّا بذلِك كُلِّهِ، وأَيْقَنَّا أنَّ كُلاًّ مِنْ عِنْدِهِ.

29-       وأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ المصطَفى، ونبيُّه المجْتَبى، ورَسُولُهُ المُرْتَضَى.

30-       وأنَّه خَاتمُ الأنبياءِ، وإِمَامُ الأتْقِيَاءِ، وسيِّدُ المرسَلينَ، وحَبيبُ ربِّ العالَمين.

31-       وكُلُّ دَعْوى النُّبوةِ بَعدَهُ فَغَيٌّ وَهَوى.

32-       وَهُو المبعوثُ إلى عَامَّةِ الجِنِّ وكَافَّة الوَرَى بالحقِّ والهدى، وبالنُّور والضِّياء.

33-       وأَنَّ القرآنَ كَلامُ الله، منْهُ بَدَأ بلاَ كَيْفِيَّة قَوْلاً، وأنْزله على رَسُولِهِ وَحْياً، وَصَدَّقهُ المؤمنون على ذلك حَقًّا، وأَيْقَنُوا أنه كلامُ الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوقٍ ككلام البَرِيَّةِ، فمن سمِعَهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ كلامُ البشرِ، فَقَدْ كَفَرَ، وقد ذمَّهُ الله وعابَهُ وأوعَدهُ بسَقَر، حيث قال تعالى: ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾[المدثر:26]، فَلَمَّا أَوْعَدَ اللهُ بِسَقَرٍ لمنْ قال ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾[المدثر:25]، عَلِمْنَا وأَيْقَنَّا أنه قولُ خالقِ البَشرِ، ولا يُشْبِهُ قولَ البشر.

34-       وَمَنْ وَصَفَ الله بِمعنَى مِنْ مَعاني البشر، فقدْ كَفَر، فمن أبْصَرَ هذا اعْتَبر، وعَنْ مِثْلِ قول الكفَّارِ انْزَجَر، وعَلِمَ أنَّه بصفاته ليسَ كالبشر.

35-       والرؤْيةُ حقٌّ لأهلِ الجَنَّةِ، بِغَيْرِ إحَاطَةٍ ولا كَيْفيَّةٍ، كما نَطق به كتابُ ربّنا ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22)إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾[القيامة:22-23]، وتَفْسيرُهُ عَلى ما أرادَهُ الله تَعالَى وَعَلِمَهُ.

وكلُّ ما جاءَ في ذَلك مِنَ الحديث الصَّحيح عَن الرسولِ صلى الله عليه وآله وسلم فهو كما قال، وَمَعناهُ على ما أراد، لا نَدْخلُ في ذلك مُتَأَوِّلين بِآرَائنا، ولا مُتَوَهِّمِينَ بأهْوَائنَا، فإنَّهُ مَا سَلِم في دينه إلاَّ مَنْ سَلَّمَ لله عَزَّ وَجَلَّ ولرسُولِه صلى الله عليه وآله وسلم، وردَّ علْمَ ما اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إلى عَالِمِهِ.

36-    ولا تَثْبتُ قَدَمُ الإسلام إلاَّ على ظَهْرِ التَّسْليم والاسْتِسْلاَمِ. فَمَنْ رَامَ عِلْمَ مَا حُظِرَ عَنْهُ عِلْمُه، ولم يَقنعْ بالتَّسلِيم فَهْمُهُ، حَجَبَه مَرامُهُ عَنْ خَالِصِ التَّوْحِيد، وصَافي المعرِفةِ، وصَحيح الإيمانِ؛ فيَتَذَبْذَبُ بينَ الكُفرِ والإيمانِ، والتَّصْدِيقِ والتَّكْذِيبِ، والإقْرارِ والإنكارِ، مُوَسْوَسًا تَائِهًا، شَاكًّا، زائِغًا، لا مُؤْمِنًا مُصَدِّقًا، ولا جَاحداً مُكَذِّباً.

37-    وَلا يَصحُّ الإيمانُ بالرُّؤْية لأهْل دارِ السَّلامِ لِمن اعْتَبَرَهَا مِنْهُم بِوَهْمٍ أوْ تأوَّلَها بِفَهْمٍ إذْ كانَ تأويلُ الرؤْية وتأويلُ كل مَعْنَى يُضَاف إلى الرُّبُوبيَّة بِتَرْكِ التَّأْويلِ ولُزوم التَّسْليمِ. وعليه دينُ المسْلِمين. ومن لم يَتَوقَّ النَّفْيَ والتشْبِيهَ، زلَّ ولمْ يُصِب التنْـزِيهَ. فَإنَّ رَبَّنا جّلَّ وعَلا موصوفٌ بصفاتِ الوحْدَانِيَّةِ، مَنْعُوتٌ بِنُعوتِ الفَرَدَانِيَّةِ، ليسَ في معناهُ أحَدٌ من البَرِيَّةِ.

38-    وتَعالَى عَنِ الحدُودِ والغَاياتِ([3])، والأرْكانِ والأعْضَاءِ والأدَواتِ، لا تَحويهِ الجِهَاتُ السِّتُّ كسَائِرِ المُبْتَدَعَاتِ.

39-    والمِعْرَاجُ حقٌّ، وقَدْ أُسْرِيَ بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وَعُرِجَ بِشَخْصِهِ في اليقَظَةِ إلى السَّماءِ، ثُمَّ إلى حيث شاءَ الله مِنَ العُلا، وأكْرَمَهُ الله بِمَا شَاءَ، وأوْحَى إليْهِ مَا أَوْحَى ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾[النجم:11]. فَصَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ في الآخِرَةِ والأولَى.

40-    والحوْضُ الذِي أكرَمَهُ الله تعالَى به –غِيَاثاً لأُمَّتِهِ- حَقٌّ.

41-    والشفَاعَةُ التي ادَّخَرَهَا لَهُم حَقُّ، كما رُويَ في الأخْبارِ.

42-    والميثاقُ الذي أخَذَهُ الله تعالَى مِنْ آدمَ وذُريَّتهِ حَقٌّ.

43-    وقَدْ عَلِم الله تعالَى فيما لم يزلْ عَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ، وعَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ النارَ جُمْلَةً وَاحِدَةً، فَلا يزْدَادُ في ذلك العَدَدُ، ولا يَنقُصُ مِنْهُ.

44-    وَكَذَلك أَفْعالُهم فيمَا عَلِمَ مِنْهُم أَنْ يفْعلُوه، وكُلٌّ مُيَسرٌ لما خُلِقَ لَه، والأعْمَالُ بالخواتيمِ، والسَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ بقضَاءِ الله، والشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ بِقَضَاءِ الله.

45-    وأصلُ القَدَرِ سِرُّ الله تعالى في خَلْقهِ، لمْ يَطَّلعْ عَلى ذَلِك مَلَكٌ مُقرَّبٌ ولا نَبيٌّ مُرْسَلٌ، والتَّعمُّقُ والنَّظَرُ في ذلكَ ذَرِيعَةُ الخِذْلاَنِ، وَسُلَّمُ الحِرْمَانِ، ودَرَجَةُ الطُّغْيَانِ، فالحذَرَ كُلَّ الحذَرَ مِنْ ذَلِكَ نَظَراً وفِكْراً وَوَسْوَسَةً، فإن الله تعالى طَوَى عِلْمَ القَدَر عَنْ أنَامِهِ، ونَهَاهُم عَنْ مرامِهِ، كما قال تعالى في كتابه: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾[الأنبياء:23]، فَمَنْ سَأَلَ: لِمَ فَعَلَ؟ فَقَدْ رَدَّ حُكْمَ الكِتَابِ؛ وَمَنْ رَدَّ حُكْمَ الكِتَاب كانَ مِنَ الكافِرين.

46-    فَهَذَا جُمْلَةُ ما يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ هُو مُنَوَّرٌ قَلْبُهُ مِنْ أَوْلياءِ الله تعالى، وهي دَرَجَة الرَّاسِخِينَ في العِلْمِ؛ لأنَّ العِلْمَ علمَان: عِلْم في الخَلْق مَوْجُودٌ، وَعِلْم في الخَلْقِ مَفْقُودٌ([4])، فإنكارُ العِلْمِ الموْجُودِ كُفْرٌ، وادَّعَاءُ العِلمِ المفقودِ كُفْرٌ، ولا يَثْبُتُ الإيمانُ إلا بقَبُولِ العِلمِ الموجودِ، وترْكِ طَلَبِ العِلْمِ المفْقُودِ.

47-    ونُؤْمِنُ باللَّوحِ والقَلَمِ وبِجَميعِ مَا فيه قَدْ رُقِم. فلَو اجتمعَ الخَلْقُ كلُّهم على شَيْءٍ كتَبَهُ الله تَعالى فِيه أنَّه كَائِنٌ، لِيجْعَلوهُ غيْرَ كَائِن -لمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. ولو اجْتَمَعُوا كُلُّهم عَلى شَيْءٍ لمْ يكْتُبه الله تعالى فيه، أنَّهُ غَيْرُ كَائِنٍ ليجعلُوهُ كائِناً- لم يقدروا عليه، جَفَّ القَلَمُ بما هُوَ كَائنٌ إلى يَوْمِ القِيامَة، ومَا أَخْطأَ العَبْدُ لمْ يَكُنْ ليُصِيبَهُ، وما أصَابَهُ لمْ يَكُن ليُخْطِئهُ.

48-    وعَلى العَبْد أن يَعلَمَ أَنَّ الله قَدْ سَبَقَ عِلْمُهُ في كُل كَائنٍ مِنْ خَلْقِه، فقدر ذلك تقديراً محكماً مبرماً، ليسَ فيه نَاقِضٌ، وَلاَ مُعَقِّبٌ، وَلاَ مُزِيلٌ، ولا مُغيّرٌ، ولا مُحَولٌ، ولا نَاقِصٌ، ولا زَائِدٌ مِنْ خَلْقِهِ في سَماوَاتهِ وأرْضِه.

وذلكَ مِنْ عَقْدِ الإيمَانِ، وأُصُولِ المعْرِفَةِ، والاعْترافِ بتوْحيدِ الله تعالى ورُبُوبِيَّتِهِ، كما قالَ تعالى في كتابهِ ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾[الفرقان:2]، وقال تعالى ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾[الأحزاب:38]. فَوَيْلٌ لمنْ صَارَ لله تَعالى في القَدَرِ خَصِيمًا، وأحْضَرَ للنَّظَرِ فيهِ قَلْباً سقيماً، لَقد الْتَمَسَ بوهْمِهِ في فَحْصِ الغَيْبِ سِرًّا كَتِيماً، وَعادَ بما قالَ فيهِ أَفَّاكاً أَثِيماً.

49-    والعرشُ والكرسيُّ حَقٌّ.

50-    وهُوَ مُسْتَغْنٍ عَن العرشِ ومَا دُونَه.

51-    مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وفَوْقَهُ، وقَدْ أعْجَزَ عَنِ الإحَاطَةِ خَلْقهُ.

52-    ونَقُولُ: إنَّ اللهَ اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وكَلَّمَ الله مُوسى تكْلِيماً، إِيمَاناً وتَصْدِيقاً وتَسْلِيماً.

53-    ونؤْمنُ بالملائكَةِ والنَّبيين والكُتُبِ المُنَـزَّلَةِ عَلى المرْسَلينَ ونَشْهَدُ أَنَّهُم كانوا على الحَقِّ المبين.

54-    ونُسمِّي أَهْلَ قِبْلَتِنَا مُسْلِمينَ مؤمِنينَ، مَا دَامُوا بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم مُعْتَرِفينَ، ولهُ بِكُلِّ ما قالَ وأَخْبَرَ مُصَدِّقِين.

55-    ولا نَخُوضُ في الله، ولا نُمارِي في دين الله.

56-    ولا نُجَادِلُ في القرآنِ، ونَشْهدُ أَنَّهُ كَلاَمُ ربِّ العالمينَ، نَـزَلَ به الروحُ الأمِينُ، فَعَلَّمَهُ سيِّدَ المرسلين مُحَمَّداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو كَلامُ الله تعالى لا يساويه شيءٌ مِنْ كلامِ المخْلُوقِين، ولا نَقُولُ بِخَلْقِهِ، وَلا نُخَالِفُ جَمَاعَةَ المسْلِمينَ.

57-    ولا نُكَفِّرُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ بِذَنْبٍ، مَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ([5]).

58-    وَلا نَقُولُ: لا يَضُرُّ مَعَ الإيمَانِ ذَنْبٌ لمنْ عَمِلَه.

59-    نَرْجُو للمُحْسِنينَ مِنَ المؤْمِنينَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُم ويُدْخِلَهم الجَنَّة بِرَحْمَتِهِ، ولا نَأْمَنُ عَلَيْهِم، ولا نَشْهدُ لهم بالجَنَّة ([6])، ونَستَغْفرُ لِمُسِيئهِم، ونَخَافُ عَلَيْهِم، ولا نُقَنِّطُهُم.

60-    والأمْنُ والإياسُ يَنْقُلاَنِ عَنْ مِلَّةِ الإسْلاَمِ، وَسَبِيلُ الحقِّ بَيْنَهُما لأهلِ القبْلَةِ.

61-    ولا يَخْرُجُ العبْدُ مِنَ الإيمَانِ إلا بجُحُودِ ما أَدْخَلَهُ فيه. ([7])

62-    والإيمانُ: هو الإقْرارُ باللِّسانِ، والتصديقُ بالجَنَانِ. ([8])

63-    وَجَمِيعُ ما صَحَّ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مِنْ الشَّرْعِ والبَيانِ كُلّهُ حَقٌّ.

64-    وَالإيمانُ وَاحِدٌ، وأهْلُهُ في أَصْلِهِ سَواءٌ([9])، والتَّفَاضُلُ بَيْنَهُم بالخَشْيَةِ والتُّقَى، ومُخَالَفَةِ الهَوَى، ومُلازَمَةِ الأُولى.

65-    والمؤمنُونَ كُلُّهُم أَوليَاءُ الرَّحْمن، وأكْرَمُهُم عِنْدَ اللهِ أَطْوَعُهُم وَأَتْبَعُهُم لِلقُرْآنِ.

66-    والإيمانُ: هُو الإيمانُ باللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَرُسُلِهِ، واليومِ الآخِرُ، وَالقَدَرِ: خَيْرِهِ وشَرِّهِ، وحُلْوِهِ وَمُرِّهِ، مِنَ الله تَعالَى.

67-    ونَحْنُ مُؤْمِنُون بِذَلكَ كُلِّهِ، لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ، ونُصَدِّقُهُم كُلَّهُم عَلى مَا جَاءوا به.

68-    وَأَهْلُ الكَبَائِرِ ”مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم“ في النَّارِ لا يُخَلَّدُون، إِذَا مَاتُوا وهُمْ مُوَحِّدُونَ، وإِنْ لم يَكُونُوا تَائِبِينَ، بَعْدَ أَنْ لَقُوا اللهَ عَارِفينَ ”مُؤْمِنينَ“ وَهُمْ في مَشِيئَتِهِ وحُكْمِهِ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ وَعَفَا عَنْهُم بِفَضْلِهِ، كما ذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ فِي كتابِهِ: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء:48]، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُم في النَّارِ بعَدْلِهِ، ثُمَّ يُخْرجَهُم مِنْهَا بِرَحْمَتِه وَشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ مِن أَهْلِ طَاعَتِه، ثُمَّ يَبْعَثُهُم إلى جَنَّتِه، وَذَلِكَ بِأن الله تعالى تَولَّى أَهْلَ مَعْرِفتِهِ، وَلَمْ يَجْعَلَهُم في الدَّارَيْنِ كَأَهْلِ نُكْرَتِهِ، الذينَ خَابُوا مِنْ هِدَايَتِهِ، ولمْ يَنَالُوا مِنْ وِلاَيَتِهِ. اللَّهُمَّ يا وَلِيَّ الإسْلاَمِ وَأَهْلِهِ، ثَبِّتْنَا عَلَى الإسْلامِ حَتَّى نَلْقَاكَ به.

69-    ونَرَى الصَّلاةَ خَلْفَ كُلَّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ، وَعَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُم.

70-    وَلاَ نُنَـزِّلُ أحَداً مِنْهُم جَنَّةً ولا ناراً، ولاَ نَشْهَدُ عَلَيْهم بِكُفْرٍ وَلا بشرْكٍ وَلا بِنفَاقٍ، مَا لَمْ يَظْهَرْ منْهُم شَيْءٌ مِنْ ذَلك، وَنَذَرُ سَرَائِرَهُم إلى الله تعالى.

71-    وَلا نَرَى السَّيْفَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم إِلاَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّيْفُ.

72-    وَلاَ نَرَى الخُرُوجَ عَلى أَئِمتِنَا وَوُلاَةِ أُمُورِنَا وَإِنْ جَارُوا، وَلاَ نَدْعُو عَلَيْهِم، وَلاَ نَنْـزَعُ يَداً مِنْ طَاعَتِهم، وَنَرى طَاعَتَهُم مِنْ طَاعَةِ الله عَزَّ وَجَلَّ فَريضة، مَا لَمْ يَأْمُروا بِمَعْصِيَةٍ، وَنَدْعُوا لَهُم بِالصَّلاحِ والمعَافَاةِ.

73-    وَنَتَّبعُ السُّنَّةَ والجَمَاعةَ، وَنَجْتَنِبُ الشُّذُوذَ والخِلاَفَ والفُرْقَةَ.

74-    وَنُحِبُّ أَهْلَ العَدْلِ والأمَانَةِ، ونَبْغَضُ أَهْلَ الجَوْرِ والخِيَانَةِ.

75-    وَنَقُولُ: اللهُ أَعْلَمُ، فيما اشْتَبهَ عَلَيْنَا عِلْمُه.

76-    وَنَرَى المَسْحَ عَلى الخُفَّيْنِ، في السَّفَرِ والحَضَرِ، كَما جَاءَ في الأَثَرِ.

77-    وَالحَجُّ والجِهَادُ مَاضِيَانِ مَعَ أُولي الأمْرِ مِنَ المسْلِمينَ: بَرِّهِم وفَاجِرِهِم، إلى قِيَامِ السَّاعَةِ، لا يُبْطِلُهُمَا شَيْءٌ ولاَ يَنْقُضُهُمَا.

78-    وَنؤْمِنُ بالكِرَامِ الكَاتِبينَ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَهُم عَلَيْنَا حَافِظِين.

79-    وَنُؤْمِنُ بِمَلِكِ المَوْتِ، الموكَّلِ بِقَبْضِ أَرْوَاحِ العَالَمينَ.

80-  وَبِعَذَابِ القبْرِ لمنْ كَانَ لَهُ أَهْلاً، وسُؤَالِ مُنْكَرٍ ونَكِيرٍٍ في قبْرِه عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنَبِيَّهِ، عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الأخْبَارُ عنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وَعن الصَّحَابَةِ رضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم.

81-    وَالقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجنَّةِ، أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ.

82-    وَنُؤْمِنُ بِالبَعْثِ وَجَزَاءِ الأعْمَالِ يَوْمَ القِيَامَةِ، والعَرْضِ والحِسَابِ، وقِرَاءَةِ الكِتَابِ، والثَّوابِ والعِقَابِ، والصِّرَاطِ والميزَانِ.

83-    وَالجَنَّةُ والنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ، لا تَفْنَيانِ أَبَداً وَلاَ تَبِيدَانِ، فَإنَّ اللهَ تعالى خَلَقَ الجَنَّةَ والنَّارَ قَبْلَ الخَلْقِ، وَخَلَقَ لَهُمَا أَهْلاً, فَمنْ شَاءَ مِنْهُم إلى الجَنَّةِ فَضْلاً مِنْهُ. وَمَنْ شَاءَ مِنْهُم إلى النَّارِ عَدْلاً مِنْهُ, وَكُلٌّ يَعْمَلُ لما قَدْ فُرِغَ لَهُ، وَصَائِرٌ إلى مَا خُلِقَ لَهُ.

84-    والخَيْرُ والشَّرُّ مُقدَّرَانِ عَلى العِبَادِ.

85-    والاسْتِطاعَةُ التي يَجبُ بِهَا الفِعْلُ، مِنْ نَحْوِ التَّوفيقِ الَّذِي لا يَجُوزُ أنْ يُوصَفَ المخْلُوقُ بِهِ –فهي مَعَ الفِعْلِ، وأمَّا الاسْتِطاعَةُ مِنْ جِهَةِ الصِّحةِ وَالوُسْعِ، والتَّمكينِ وَسَلاَمَةِ الآلاتِ– فَهِيَ قَبْلَ الفِعْلِ، وَبِهَا يَتَعَلَّقُ الخِطَابُ، وهُوَ كَمَا قال تعالى ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾[البقرة:286].

86-    وَأَفْعَالُ العِبَادِ خَلْقُ اللهِ، وَكَسْبٌ مِنَ العِبَادِ.

87-    ولمْ يُكَلِّفْهُم اللهُ تعالى إِلاَّ مَا يُطِيقُون، وَلا يُطيقُونَ إِلاَّ مَا كَلَّفَهُمْ([10]) وَهُوَ تَفْسير: ”لا حول ولا قوة إلا بالله“. نقول: لا حِيلَةَ لأَحَدٍ، وَلاَ حَرَكَةَ لأحَدٍ ولا تَحَوُّلَ لأحَدٍ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلاَّ بِمعونَةِ اللهِ، وَلاَ قُوَّةَ لأحَدٍ على إِقَامَةِ طَاعَةِ اللهِ والثَّبَاتِ عَلَيْهَا إلاَّ بِتَوفِيقِ الله.

88-    وَكُلُّ شَيْءٍ يَجْرِي بمَشِيئَةِ الله تعالَى وَعِلْمِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ. غَلَبَتْ مَشيئتُهُ المَشِيئَاتِ كُلَّهَا، وَغَلَبَ قَضَاؤُهُ الحِيَلَ كُلَّهَا، يَفعَلُ مَا يَشَاءُ وَهُو غَيْرُ ظَالمٍ أَبَداً، تَقَدَّسَ عَنْ كُلِّ سوء وحين، وتَنَـزَّهَ عَن كلِّ عَيْب وشَيْن. ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾[الأنبياء:23].

89-    وفي دُعَاءِ الأَحْياءِ وَصَدَقَاتِهم مَنْفَعَةٌ لِلأَمْوَات.

90-    واللهُ تَعالَى يَسْتَجِيبُ الدَّعَوَاتِ، وَيَقْضِي الحَاجَاتِ.

91-    وَيَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلاَ يَمْلِكُهُ شَيْءٌ، وَلاَ غِنَى عَنِ اللهِ تَعَالى طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَمَنِ اسْتَغْنَى عَنِ اللهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَقَدْ كَفَرَ وَصَارَ مِنْ أَهْلِ الحَيْنِ.

92-    واللهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى، لاَ كَأحَدٍ مِنَ الوَرَى.

93-    وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رسُولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وَلاَ نُفرطُ في حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُم؛ وَلاَ نَتَبَرَّأَ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُم، وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُم، وَبِغَيْرِ الخَيْرِ يَذْكُرُهُم، ولا نُذْكُرُهُم إِلاَّ بِخَيْرٍ, وَحُبُّهُم دِينٌ وإيمَانٌ وإحْسَانٌ، وَبُغْضُهُم كُفْرٌ ونِفَاقٌ وطُغْيَانٌ.

94-    وَنُثْبِتُ الخِلاَفَةَ بَعْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أَوَّلاً لأبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضيَ اللهُ عَنْهُ، تَفْضِيلاً لَهُ وتَقديماً عَلَى جَمِيعِ الأُمَّةِ، ثُمَّ لعُمَرَ بن الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ثُم لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ثُمَّ لِعَلِيٍّ بن أبي طَالبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُمُ الخُلَفَاءُ الرَّاشدُونَ والأئِمَّةُ المُهْتَدُون.

95-    وَأَنَّ العَشرَةَ الَّذينَ سَمَّاهُم رَسُولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَبشَّرَهُم بِالجَنَّةِ، نَشْهَدُ لَهُم بِالجَنَّةِ، عَلَى مَا شَهِدَ لَهُم رَسُولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وَقَوْلُهُ الحقُّ، وَهُمْ: أَبُوبَكْرٍ، وَعُمَرُ، وعُثْمَانُ، وَعَليٌّ، وَطَلْحَة، والزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَسَعِيدٌ، وَعَبْدُالرَّحمنِ بن عَوْفٍ، وأبُوعُبَيْدةَ بنُ الجَرَّاحِ وَهُوَ أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أَجْمَعِين.

96-    وَمَنْ أَحْسَنَ القَوْلَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأَزْوَاجِهِ الطَّاهِرَاتِ مِنْ كُلِّ دَنَسٍ، وَذُرَّيَّاتهِ المقدسينَ مِنْ كُلِّ رِجْسٍ؛ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ النِّفَاقِ.

97-    وعُلماءُ السَّلَفِ مِنَ السَّابِقِينَ، وَمَنْ بعْدَهُم مِنَ التَّابِعِينَ –أهْلُ الخَيْرِ والأَثَرِ، وأَهْلُ الفِقْهِ والنَّظَرِ- لا يُذكَرُونَ إِلاَّ بِالجَمِيلِ، وَمَنْ ذَكَرُهُم بِسُوءٍ فَهُوَ عَلى غَيْرِ السَّبِيلِ.

98-    وَلاَ نُفَضِّلُ أَحَداً مِنَ الأوْلِيَاءِ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهمُ السَّلامُ، ونقولُ: نَبِيٌّ وَاحِدٌ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الأوْلِيَاءِ.

99-    وَنُؤْمِنُ بِمَا جَاءَ مِنْ كَرَامَاتِهِم، وَصَحَّ عَنِ الثِّقَاتِ مِنْ رِوَايَاتِهِم.

100-  وَنُؤْمِنُ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ: مِنْ خُرُوجِ الدَّجَّال، ونُزُولِ عِيسَى بنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنَ السَّماءِ، وَنُؤْمِنُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجِ دَابَّةِ الأرْضِ مِنْ مَوْضِعِهَا.

101-  وَلاَ نُصَدِّقُ كَاهِناً وَلاَ عَرَّافاً، وَلاَ مَنْ يَدَّعِي شَيْئاً يُخَالِفُ الكِتَابَ والسُّنَّةَ وإجْمَاعَ الأُمَّةِ.

102-  وَنَرَى الجَمَاعَةَ حَقًّا وَصَوَاباً، والفُرْقَةَ زَيْغاً وَعَذَاباً.

103-  وَدِينُ الله في الأرضِ وَالسَّماءِ وَاحِدٌ، وهُو دينُ الإسْلاَمِ، قال الله تعالى ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾[آل عمران:19]، وقال تعالى ﴿وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾[المائدة:3].

104-  وَهُو بَيْنَ الغُلُوِّ والتَّقْصِيرِ، وَبَيْنَ التَّشْبِيهِ والتَّعْطِيلِ، وَبَيْنَ الجَبْرِ وَالقَدَرِ، وَبَيْنَ الأَمْنِ وَالإيَاسِ.

105-  فَهَذَا دينُناً واعْتِقَادُناً ظَاهِراً وَبَاطِناً. وَنَحْنُ بُرَآءٌ إلى الله مِنْ كُلِّ مَنْ خَالَفَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وبَيَّنَّاهُ.

وَنَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الإيمانِ، ويَخْتمَ لَنَا بِهِ، وَيَعْصِمَنَا مِنَ الأهْوَاءِ المُخْتَلِفَةِ، والآرَاءِ المُتَفَرِّقَةِ، وَالمَذَاهِبِ الرَّدِيَّةِ، مِثْلَ المشبَّهَةِ، والمعْتَزِلَةِ، والجَهْمِيَةِ، والجَبْرِيَّةِ، والقَدَرِيَّة وَغَيْرِهم، مِنَ الَّذِينَ خَالَفُوا السُّنَّةَ والجَمَاعَةِ، وَحَالَفُوا الضَّلالَةَ, ونَحْنُ مِنْهُم بَرَاءٌ، وَهُمْ عِنْدَنَا ضُلاَّلٌ وأَرْدِيَاءُ. وَبِالله العِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ.



([1])  قوله (نقُولُ في تَوحيدِ الله...) إلخ.

اعلم أن التوحيد الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب ينقسم إلى أقسام ثلاثة حسب استقراء النصوص من الكتاب والسنة وحسب واقع المكلفين:

القسم الأول: توحيد الربوبية، وهو توحيد الله بأفعاله سبحانه، وهو الإيمان بأنه الخالق، الرازق، المدبر لأمور خلقه، المتصرف في شؤونهم في الدنيا والآخرة، لا شريك له في ذلك، كما قال تعالى ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾[الرعد:16، الزمر:62]، وقال سبحانه ﴿رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾[يونس:3] الآية، وهذا النوع قد أقر به المشركون عباد الأوثان، وإن جحد أكثرهم البعث والنشور، ولم يدخلهم في الإسلام لشركهم بالله في العبادة وعبادتهم الأصنام والأوثان معه سبحانه وعدم إيمانهم بالرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

القسم الثاني: توحيد العبادة، ويسمى توحيد الألوهية، وهي العبادة وهذا القسم هو الذي أنكره المشركون فيما ذكر الله عنهم سبحانه بقوله ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ(4)أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾[ص:4-5] وأمثالها كثير، وهذا القسم يتضمن إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه المستحق لها، وأن عبادة ما سواه باطلة. وهذا هو معنى لا إله إلا الله؛ فإن معناها لا معبود بحق إلا الله، كما قال الله هز وجل ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾[الحج:62]الآية.

القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات وهو الإيمان بكل ما ورد في كتاب الله العزيز وفي السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، من أسماء الله وصفاته ، وإثباتها لله سبحانه على الوجه الذي يليق به ، من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل ، كما قال الله سبحانه ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1)اللَّهُ الصَّمَدُ(2)لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3)وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ(4)[الإخلاص]، وقال سبحانه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى:11]، وقال عز وجل ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾[الأعراف:180]، وقال سبحانه في سورة النحل ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[النحل:60] والآيات في هذا المعنى كثيرة، والمثل الأعلى هو الوصف الأعلى الذي لا نقص فيه، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأتباعهم بإحسان يُمِرون آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت ، ويثبتون معانيها لله سبحانه إثباتا بريئا من التمثيل، وينزهون الله سبحانه عن مشابهة خلقه تنزيها بريئا من التعطيل، وبما قالوا تجتمع الأدلة من الكتاب والسنة ، وتقوم الحجة على من خالفهم ، وهم المذكورون في قوله سبحانه ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾[التوبة:100] جعلنا الله منهم بمنه وكرمه. والله المستعان.

([2])  قوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء):

هذا اللفظ لم يرد في أسماء الله الحسنى، كما نبه عليه الشارح رحمه الله وغيره، وإنما ذكره كثير من علاء الكلام، ليثبتوا به وجوده قبل كل شيء، وأسماء الله توقيفية لا يجوز إثبات شيء منها إلا بالنص من الكتاب العزيز أو السنة الصحيحة، ولا يجوز إثبات شيء منها بالرأي، كما نص على ذلك أئمة السلف الصالح ولفظ القديم لا يدل على المعنى الذي أراده أصحاب الكلام لأنه يقصد به في اللغة العربية المتقدم على غيره وإن كان مسبوقا بالعدم، كما في قوله ﴿حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾[يس:39] وإنما يدل على المعنى الحق بالزيادة التي ذكرها المؤلف وهو قوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء) ولكن لا ينبغي عده في أسماء الله الحسنى؛ لعدم ثبوته من جهة النقل، ويغني عنه اسمه سبحانه الأول، كما قال عز وجل ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ﴾[الحديد:3] الآية. والله ولي التوفيق.

([3])  قوله (وتَعالَى عَنِ الحدُودِ والغَاياتِ، والأرْكانِ والأعْضَاءِ والأدَواتِ، لا تَحويهِ الجِهَاتُ السِّتُّ كسَائِرِ المُبْتَدَعَاتِ.)

هذا الكلام فيه إجمال قد يستغله أهل التأويل والإلحاد في أسماء الله وصفاته، وليس لهم بذلك حجة؛ لأن مراده –رحمه الله- تنزيه البارئ سبحانه عن مشابهة المخلوقات؛ لكنه أتى بعبارة مجملة تحتاج إلى تفصيل، حتى يزول الاشتباه، فمراده بالحدود يعني التي يعلمها البشر، فهو سبحانه لا يعلم حدوده إلا هو سبحانه؛ لأن الخلق لا يحيطون به علما كما قال عز وجل في سورة طه ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾[طه:110] ومن قال من السلف فإثبات الحد في الاستواء أو غيره فمراده حد يعلمه الله سبحانه ولا يعلمه العباد.

وأما (والغَاياتِ، والأرْكانِ والأعْضَاءِ) فمراده –رحمه الله- تنزيهه عن مشابهة المخلوقات في حكمته وصفاته الذاتية من الوجه واليد والقدم ونحو ذلك، فهو سبحانه موصوف بذلك؛ لكن ذلك ليست صفاته مثل صفات الخلق، ولا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه، وأهل البدع يطيقون مثل هذه الألفاظ ؛ لينفوا بها الصفات بغير الألفاظ التي تكلم الله بها وأثبتها لنفسه حتى لا يفتضحوا وحتى لا يشنع عليهم أهل الحق ، والمؤلف الطحاوي –رحمه الله- لم يقصد هذا المقصد ؛ لكونه من أهل السنة المثبتين لصفات الله÷ وكلامه في هذه العقيدة يفسر بعضه بعضا، ويصدق بعضه بعضا ويفسر مشتبهه بمحكمه.

وهكذا قوله (لا تَحويهِ الجِهَاتُ السِّتُّ كسَائِرِ المُبْتَدَعَاتِ) مراده: الجهات الست المخلوقة، وليس مراده نفي علو الله واستوائه على عرشه؛ لأن ذلك ليس داخلا في الجهات الست، بل هو فوق العالم ومحيط به ، وقد فطر الله عبادة على الإيمان بعلوه سبحانه، وأنه في جهة العلو، وأجمع أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأتباعهم بإحسان على ذلك، والأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة المتواترة كلها تدل على أنه في العلو سبحانه؛ فتنبه لهذا الأمر العظيم أيها القارئ الكريم، واعلم أنه الحق، وما سواه باطل. والله ولي التوفيق.

([4])  مراده رحمه الله بالعلم المفقود هو علم الغيب، وهو مختص بالله هز وجل، ومن ادعاه من الناس كَفَر؛ لقوله سبحانه ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾[الأنعام:59]، وقوله عز وجل ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾[النمل:65]، وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم «مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله» ثم تلا قوله سبحانه ﴿ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ...﴾[لقمان:34]الآية ولأحاديث صحيحة كثيرة وردت في الباب تدل على أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يعلم الغيب ؛ مع أنه أفضل الخلق وسيد الرسل÷ فغيره من باب أولى. وهو صلى الله عيه وعلى آله وسلم لا يعلم من ذلك إلا ما علمه إياه سبحانه، ولما تكلم أهل الإفك في عائشة رضي الله عنها ، لم يعلم براءتها إلا بنزول الوحي ، ولما ضاع عقدها في بعض أسفاره صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، بعث جماعة في طلبه، ولم يعلم مكانه، حتى أقاموا البعير ، فوجدوه تحته، والأدلة من الكتاب والسنة في هذا كثيرة والحمد لله.

([5])  قوله (ولا نُكَفِّرُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ بِذَنْبٍ، مَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ) مراده رحمه الله أن أهل السنة والجماعة لا يكفرون المسلم الموحد المؤمن بالله واليوم الآخر بذنب يرتكبه كالزنا وشرب الخمر والربا وعقوق الوالدين وأمثال ذلك ما لم يستحل ذلك؛ فإن استحله كفر، لكونه بذلك مكذبا لله ولرسوله، خارجا عن دينه، أما إذا لم يستحله ذلك؛ فإنه لا يكفر عند أهل السنة والجماعة؛ بل يكون ضعيف الإيمان ، وله حكم ما تعاطاه من المعاصي في التفسيق وإقامة الحدود وغير ذلك حسبما جاء في الشرع المطهر، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سلك مسلكهم الباطل، فإن الخوارج يكفرون بالذنوب، والمعتزلة يجعلونه في منزلة بين المنزلتين، يعني بين الإسلام والكفر في الدنيا، وأما في الآخرة فيتفقون مع الخوارج بأنه مخلد في النار ، وقول الطائفتين باطل بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، وقد التبس أمرهما على بعض الناس؛ لقلة علمه، ولكن أمرهما بحمد الله واضح عند أهل الحق كما بينا . وبالله التوفيق.

([6])  مراده رحمه الله : إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالجنة، كالعشرة ونحوهم، كما يأتي ذلك في آخر كلامه. مع العلم بأن من عقيدة أهل السنة والجماعة الشهادة للمؤمنين والمتقين على العموم بأنهم من أهل الجنة ، وأن الكفار والمشركين والمنافقين من أهل النار ، كما دلت على ذلك الآيات الكريمات والسنة المتواترة عن رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ومن ذلك قوله سبحانه ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ﴾[الطور:17]، وقوله عز وجل ﴿وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾[التوبة:72]، في آيات كثيرات تدل على هذا المعنى، وقوله سبحانه في الكفار ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ﴾[فاطر:36], وقوله سبحانه ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا﴾[النساء:45]، في آيات أخرى تدل على هذا المعنى. وبالله التوفيق.

([7])  هذا الحصر فيه نظر ، فإن الكافر يدخل في الإسلام بالشهادتين إذا كان لا ينطق بهما ، فإن كان ينطق بهما دخل في الإسلام بالتوبة مما أوجب كفره، وقد يخرج من الإسلام بغير الجحود لأسباب كثيرة بيَّنها أهل العلم في باب حكم المرتد، من ذلك طعنه في الإسلام ، لأو في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو استهزاؤه بالله ورسوله أو بكتابه، أو بشيء من شرعه سبحانه؛ لقوله سبحانه ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65)لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾[التوبة:65-66]، ومن ذلك عبادته للأصنام أو الأوثان أو دعوته الأموات والاستغاثة بهم وطلبه منهم المدد والعون ونحو ذلك؛ لأن هذا يناقض قول: لا إله إلا الله، لأنها تدل على أن العبادة حق لله وحده، ومنها : الدعاء والاستغاثة والركوع والسجود والذبح والنذر ونحو ذلك ، فمن صرف منها شيئا لغير الله من الأصنام والأوثان والملائكة والجن وأصحاب القبور وغيرهم والمخلوقين ؛فقد أشرك بالله ولم يحقق قول: لا إله إلا الله، وهذ المسائل كلها تخرجه من الإسلام بإجماع أهل العلم ، وهي ليست من مسائل الجحود ، وأدلتها معلومة من الكتاب والسنة ، وهناك مسائل أخرى كثيرة يكفر بها المسلم، وهي لا تسمى جحودا ، وقد ذكرها العلماء في باب حكم المرتد، فراجعها إن شئت. وبالله التوفيق.

([8])  هذا التعريف فيه نظر وقصور ، والصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة: أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر ، وقد ذكر الشارح أبي العز جملة منها، فراجعها إن شئت، وإخراج العمل من الإيمان هو قول المرجئة، وليس الخلاف بينهم وبين أهل السنة فيه لفظيا؛ بل هو لفظي ومعنوي، ويترتب عليه أحكام كثيرة يعلمها من تدبر كلام أهل السنة وكلام المرجئة. والله المستعان.

([9])  قوله (وَالإيمانُ وَاحِدٌ، وأهْلُهُ في أَصْلِهِ سَواءٌ)

هذا فيه نظر؛ بل هو باطل، فليس أهل الإيمان فيه سواء؛ بل هم متفاوتون تفاوتا عظيما، فليس إيمان الرسل كإيمان غيرهم، كما أنه ليس إيمان الخلفاء الراشدين وبقية الصحابة رضي الله عنهم مثل إيمان غيرهم، وهذا التفاوت بحسب ما في القلب من العلم بالله وأسمائه وصفاته وما شرعه لعباده، وهو قول أهل السنة والجماعة؛ خلافا للمرجئة ومن قال بقولهم. والله المستعان.

([10])  هذا غير صحيح؛ بل المكلفون يطيقون أكثر مما كلفهم به سبحانه، ولكنه عز وجل لطف بعباده ويسَّر عليهم، ولم يجعل عليهم في دينهم حرجا، فضلا منه وإحسانا . والله ولي والتوفيق.