×
الإعجاب هي تلك العلاقة المحرمة بين فتاة وأخرى وتعلقها بها تعلقا شديدا بل ربما قدمت هذه المحبة على محبة الله، وهذا الكتيب يبين بعض صور وأساليب الإعجاب، وبعض أسبابه، وكيفية الخلاص منه.

 يحبونهم كحب الله [ الإعجاب صوره وأساليبه - أسبابه وعلاجه ]

إعداد: سعاد الغامدي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد..

فمن صفات المؤمنين محبة الله –سبحانه وتعالى- لا يقدمون على محبته محبة شيء غيره ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾.

فهذا إبراهيم - عليه السلام - (لما سأل الولد فأعطيه وتعلق حبه بقلبه، فأخذ منه شعبة وغار الحبيب على خليله أن يكون في قلبه موضع لغيره؛ فأمر بذبحه، وكان الأمر في المنام ليكون تنفيذ المأمور به أعظم ابتلاء وامتحانا، ولم يكن المقصود ذبح الولد ولكن المقصود ذبحه من قلبه ليخلص القلب للرب..

فلما بادر الخليل إلى الامتثال وقدم محبة الله على محبة ولده حصل المقصود فرفع الذبح.

نذكر هذه المقولة الطيبة عن ابن القيم لنفهم منها أن الله سبحانه وتعالى أمر بعدم الإشراك معه وإفراده بالمحبة الخالصة وكامل العبودية، نذكر هذا في زمن نأسف فيه على فتياتنا مربيات الأجيال عندما استشرى بينهن مرض "الإعجاب" وانتشر في مدارس المراحل المتوسطة والثانوية بل والمراحل العليا من التعليم..

"والإعجاب" هي تلك العلاقة المحرمة بين فتاة وأخرى وتعلقها بها تعلقا شديدا.. بل ربما قدمت هذه المحبة على محبة الله ﴿يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾ بلسان حالها لا بلسان مقالها، وهذا قادح في أصل العقيدة.

وسنكتفي بمعرفة صور وأساليب الإعجاب، ونعرج على أسبابه وكيفية الخلاص منه.

* * *


 أساليب الإعجاب

من هي الفتاة المعجبة؟!

إن من سقطت في وحل الإعجاب نعرفها بالعلامات التالية:

(1) السرحان وشرود الذهن في المنزل: كثيرة التفكير، تجيد الكتابات في كل مكان من الحروف والأشعار الساقطة والكلمات الفاحشة البذيئة.. كثيرة الحديث عن هذه "العشيقة"، لا يكاد لسانا يفتأ عن ذكرها لحظة واحدة، حتى عند الزيارات نراها تكثير الكلام حولها وحول ملابسها في ذلك اليوم، وعن المواقف التي حدثت معها بل وحتى نردد بعض العبارات التي وجهتها إليها وإن كانت ساخرة منها.. لا بهم.. المهم أنها خرجت كلماتها موجهة إليها..

(2) شغل الوقت فيما لا فائدة فيه: كأن تطيل البحث في الأسواق لنوع الهدية التي تختارها لعشيقتها، أو تطيل الحديث في الهاتف خاصة في ساعات متأخرة من الليل.. ثم نتوقف عند هذا.. لنرى ونتوقع ما نوع الحديث الذي يدور في سماعة الهاتف.. الماطر بكلمات الحب والغرام.. والعشق والهيام..

(3) مراقبة "المعجب بها" داخل المدرسة: منذ الصباح الباكر.. وهل حضرت اليوم للمدرسة أم لا؟.. وإن لم تحضر فيا ترى ما السبب؟ ثم نراها تعد الدقائق والساعات عدا من أجل العودة إلى المنزل ومن ثم الاتصال بها..

وإن كانت "العشيقة" معلمة، فهي ترقب تحركاتها وسكناتها بل وتلاحقها.. فالنظرات تلو النظرات.. فهي تطيل النظر من أجل التمعن.. وللنظر حرمته وإن كانت فتاة تنظر إلى فتاة..

يقول ابن القيم: "إن العشق ربما أفسد الحواس أو بعضها، فإن القلب إذا فسد فسدت العين والأذن واللسان.. فيرى القبيح حسنا منه ومن معشوقه، فهو يعمى عين القلب عن رؤية مساوئ المحبوب وعيوبه، فلا ترى العين إلا ذلك" انتهى كلامه.

ثم إن كانت معلمة فإنها تمعن النظر فيها وفي ملابسها ومقتنياتها الشخصية وحركاتها ثم تبدأ في التطبيق العملي لكل ما رأت منها، والأدهى من هذا.. أن تكون هذه المعلمة غير صالحة، فما أقبحه من تقليد، والله المستعان.

(4) التأخر أثناء الدوام الرسمي: إن كانت هذه المعلمة "مناوبة" لذلك اليوم.. لتمعن النظر فيها بل وتتحدث إليها وكلها خجل ووجل وحياء وطأطأة الرأس.. وبئس الحياء..

(5) مراقبة "المعجب بها" عند خروجها من المدرسة: وترقب سيارتها بل ولا ترى بأسا في أن تكشف عن عينيها لتمعن النظر في محرم هذه "المعجب بها" وما شكله؟ وما نوع سيارتها؟ حتى تغيب عن عينيها..

(6) كثرة السرحان وشرود الذهن في الحصص.. فهي تفكير في "المعجب بها" وسير الحصة في واد آخر بعيد عنها..

(7) كثرة الكتابة على الكتب المدرسية: وكذلك طاولتها التي لم تسلم من كلمات الحب والغرام.. وكلمات العشق والهيام والحروف والرسوم التي تنم عن فكر معطل مليء بالأوهام.. بل وتنم عن الثقافة الساذجة التي تحملها هذه الفتاة.. فكأنها لم تخلق إلا لأجل هذه العشيقة ومحبتها تفوق محبة الجميع.. بل وتفوق محبة الوالدين.. والأدهى من هذا أن تكون محبتها لهذه العشيقة تفوق محبة الله ﴿يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾، فهي بذلك خالفت سبيل المؤمنين ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾.

(8) كثيرة الإرهاق من طول السهر وكثرة المكالمات: ومن ثم تتأخر عن النهوض المبكر للمدرسة.. وما ذاك إلا من أجل هذه "المعجب بها" في مكالماتها أو كتابة الأشعار أو الكلمات الفاحشة البذيئة وتغليف الهدايا القيمة لها..

(9) كتابة رسائل الجوال الواحدة تلو الأخرى.. ولا ترعى حرمة هذا المال الذي صرف في غير حق..

(10) معرفة أسرار هذه "المعجب بها" وكم عدد أفراد عائلتها، بل وتسأل بإلحاح عن إخوتها وحتى زوجها لتتمكن من معرفة المزيد عنهم.. بل ونراها في المجالس يشرئب عنقها عن ذكر اسم عائلتها في أي مكان..

(11) كثرة الهدايا والأعطيات في المناسبات وغير المناسبات: ثم لا تسأل عن قيمة هذه الهدية ونوعها..

وكلمات الحب والغرام المفعمة بها، ووضع المال في غير حقه.. ونسبت أو تناست قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن أربع.. وذكر منها: وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه».

(12) تكثر الغيرة على "المعجب بها" فلا ترضى بأن تصاحبها صديقة أخرى غيرها أو تحادث غيرها أو تأخذ منها الهدايا.. وإن فعلتها فإنها تضعها تحت التهديد والوعيد، ثم لا تلبث تلك الصداقة أن تتحول إلى عداوة. وصدق الله القائل: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: 67]..

(13) الغياب عن المدرسة من أجل أن تحظى بسلام "المعجب بها" والسؤال عنها.. فكم من فائدة أضاعتها في ذلك اليوم من أجل أن تسلم عليها.

(14) التأخر الدراسي والفشل بصفة مستمرة: والسبب وراءه التفكير والإهمال والانشغال بمن أحبتها وسلبت لبها.. بل وإعادة السنة الدراسية حتى تصبح هي وتلك المحبوبة في نفس المستوى الدراسي، ثم يعاود الفشل الكرة في تلك السنة لكثرة الانشغال بها في داخل الفصل أو خارجه.

(15) كثرة البكاء والحزن: في نهاية اليوم الدراسي، إما بسبب أو لغيره، وهذا إما باختلاف المشاكل أن من أجل أن تلفت النظر إليها وكذلك في آخر يوم من نهاية العام وكأنها فجعت بقريب أو صديق.. ثم تبقى بعد ذلك تفكر فيها طيلة أيام الإجازة وهي تحن لبدء الدراسة لرؤيتها وتجديد الحب والعذاب والمعاناة وما يترتب على ذلك من كثرة الزيارات والاتصالات.

(16) نقش اسم أو حروف "المعجب بها" على اليدين أو الكف: وهي بذلك تدخل في حكم الوشم لاسيما إن استخدمت الإبرة أو النار..

(17) قد تحمل "المعجبة" الدفتر الصغير المسمى "بدفتر الذكريات" وهو دفتر مليء بكلمات الحب والغرام.. وكل من تكتب فيه تنافس الأخرى في أجمل و"أبشع" الكلمات.. وكثرة الورد الأحمر..

(18) يوم "عيد الحب" هو يوم مشهود بالنسبة لها.. وهو خاص بها ويعنيها.. فما أن يبدأ حتى نرى الورود الحمراء والشرائط الحمراء والهدايا حمراء وباستمرار.. لا يهمها كلمة "هذا عيد مبتدع" المهم أنه اليوم الذي يجمعها بمن تريد.

(19) كثرة الإمساك بها والملاصقة الجسدية: لاسيما بوضع اليدين في بعضهما أو الإمساك بخاصرتها..

(20) عندما تغضب "المعجب بها" نرى هناك من تقوم بدور الوساطة للإصلاح بينهما، ولكن لنا أن نتساءل هل هذا الإصلاح في محله؟ بمعنى: هل من وراء هذا الإصلاح فائدة تذكر أم مفسدة؟ لاسيما ما عرفناه من هذه العلاقة.

(21) ملاحقتها في كل مكان، والوقوف لها على الأبواب أثناء انتهاء الحصص لتحظى بشرف رؤيتها.. وإن كانت معلمة لا يهمها إن تلقت كلمات التوبيخ منها للدخول في الصف.

أو إن كانت "المعجب بها" من فصل آخر تتحايل تلك "المعجبة" على معلمتها للخروج من الفصل حتى تطرق فصل تلك "المعجب بها" وما ذاك إلا لتحظى برؤيتها..

(22) إذا كانت المعجب بها "معلمة" فلا تسأل عن ألوان الدفاتر باهظة الثمن وكثرة الملصقات، بعكس بقية المواد الأخرى.

(23) إن كانت "المعجب بها" معلمة التربية الإسلامية أو معلمة صالحة.. نرى الرياء في الأعمال الصالحة كأن تصلي صلاة الضحى وحضور الحلقات الصباحية والندوات باستمرار في هذا.. وهذا في ظاهره جيد.. لكن عند غياب هذه المعلمة لا نرى أثرا لهذه الأعمال ولا حتى المداومة عليها، والله المستعان.

وكل هذا تبرره بعض الطالبات تحت مسمى "الحب في الله" هذه الكلمة المظلومة من بعض الطالبات والتي يفهمن حقيقة هذه الكلمة.


 للعبرة فقط

في أحد الأيام عندما كنت طالبة في الكلية وفي آخر سنة.. ذهبت برفقة صاحبات لي إلى أحد الأقسام للتحدث إلى أحدى أعضاء هيئة التدريس للمناقشة حول المادة التي تدرسها، ووقفنا في ممر للكلية ينتهي "بدورة مياه" ونحن نتحدث إذا بخمس طالبات من المستويات الأخرى يصرخن أمام دورة المياه ويتراجعن إلى الخلف.. أثرن بذلك ضجة جعلت من يمر بذلك الممر يستطلع ما الأمر.. وماذا هناك..؟

أما أنا ورفيقاتي فقط ننظر عن بعد ودون محاولة لمعرفة السبب.. في بداية الأمر طلبت مني إحدى رفيقاتي الذهاب.. رفضت لأننا وللأسف اعتدنا على تلك الصرخات بدون سبب في تلك الكلية.. ثم أكملنا نقاشنا مع "دكتورتنا" وإذا بنا نلاحظ تزايد الصراخ من تلك المجموعة بل وكل طالبة تدخل إلى دورة المياه..

أحسسنا بأن الأمر ليس بالهين..لابد من الذهاب.. اقتربنا من تلك الدورة.. وسألنا من بخارجها.. ماذا حدث؟ أجبن الطالبات.. شيء مخيف عند الباب رقم (3).. وبصراحة لم تكن لدي تلك الشجاعة حتى أخوض غمار التجربة لأكتشف.. ألحت علي صديقتي بأن نذكر الله ثم ندخل.. ذهبت معها وقد انتابن أمر غير طبيعي.. دخلنا وإذا بالباب رقم (3) كما ذكر لنا مغلق ويد إحدى الطالبات قد ظهرت من أسفل الباب ونحن نسمع أنين خلف الباب.. استدعينا مجموعة من أعضاء هيئة التدريس وأخذنا في كسر الباب.. ياللهول.. ماذا نرى؟؟

طالبة ملقاة على الأرض وبجوارها كأس في منتصفه مادة مطهرة لدورات المياه.. ويبدو من هيئة الطالبة أنها شربت نصف المادة، ولم تستطع إكمالها فسقطت.

تم نقلها إلى المستشفى ثم أخذت اسم هذه الفتاة وفرقتها وكذلك اسم عائلتها.. عدت إلى منزلي وأنا أفكر في ذلك اليوم وفي الفتاة.. وماذا فعلت الفتاة.. ومن الذي تركها على ذلك الحال.. طلبت رقمها واتصلت بوالدتها: سألتها في بداية المكالمة أين ابنتك فلانة؟ أخبرتني أنها في المستشفى وهي ذاهبة إليها، ثم ألحت علي ماذا حدث لها.. فقلت: كانت تتوضأ وفجأة سقطت ولكنها بخير.. وبطبع الأم الحنون ألحت في أسئلتها مشوبة بالبكاء.. وطلبت منها أن تطمئنني عليها، ثم طالت الاتصالات بيننا حتى حادثتني الطالبة بنفسها.. سلمت عليها، ثم عرفتها بنفسي.. وسألتها ماذا حدث لها؟ فلم تذكر لي شيء سوى أنه أغمي عليها.. طمأنتها بأنني لن أبوح بسرها لأحد، ثم ذكرت لي القصة التالية:

فقالت: عند الساعة العاشرة استدعتني إدارة الكلية لإجراء تحقيق معي لشكوى ضدي، ثم أمرت عمادة الكلية بفصلي (3) أيام بعد مجلس تأديبي.. ثم عدت إلى قاعة المحاضرات وكلي هم وغم من هذا القرار لو علم به أهلي..

طلبت من "الدكتورة" الخروج إلى دورة المياه ثم لم أجد بد من الإقدام على شرب تلك المادة.. ولم أدري ما حدث بعد ذلك إلا وأنا في المستشفى، ثم سألتها بعد ذلك.. ما هي مشكلتك مع الإدارة؟ وبعد إلحاح عليها وتحفظ على عدم البوح لأي طالبة أو دكتورة، قالت لي:

 "وهنا أخية لب القصة"

ذهبت بالأمس إلى صديقتي "فلانة" -وذكرت اسمها وفرقتها- بعد انتهاء المحاضرة الأولى، ثم قدمت لها "باقة ورد حمراء" بمناسبة "عيد الحب" ثم رأتني إحدى المعجبات بها وأخذت بها وأخذت باقة الورد من يد صديقتي وأنا أنظر ثم مزقتها ورمتها أمامي "دون أن تراعي مشاعري".. وهنا قمت بضربها على الوجه ثم ذهبت لإدارة الكلية وقدمت شكوى ضدي بعد سيل من السباب والشتائم..

وهكذا تم استدعائي وحدث ما حدث بعدها..

ثم ذكرتها بالله.. وسألتها: ألست نادمة على ذلك؟ قالت: إنني أعيش في قلق وأمي بل وعائلتي لا يعلمون شيء.. ثم طلبت مني ألا أخير أهلها بكل هذا.. ثم بقيت على اتصال دائم معها لمدة أسبوعين وأنا أطلب من عميدة الكلية ورئيسة اللجنة الدينية بالكلية التجاوز وألا تصل الشكوى لعمادة الكليات بالمنطقة، وأن الطالبة نادمة وتائبة إلى الله وخاصة أنها في الفرقة الأولى وأنا ستقطع علاقتها بمن كان السبب وراء ذلك..

ولكن عميدة الكلية أخبرتني بسوابق لها..

انتهزت الفرصة وذكرت الطالبة بالله وأخبرتها أن الإدارة ستتنازل عن كل هذا إذا تم تعديل سلوكها.. وأنها تحت الرقابة..

ثم بقيت على اتصال بين وحضور الحلقات الصباحية والمحاضرات والندوات التي تقام في الكلية فترة بقائي في هذه الكلية.. ثم بدأت أربطها برئيسة اللجة الدينية ومجموعة من الأخوات المستقيمات حتى تكون علاقة معهن بعد تخرجي..

وبعد التخرج ما زلت أتربص أخبارها وهي كما عهدتها. وعلمت أنها بقيت للإعادة في نفس المستوى بسبب إخفاقها في (6) مواد وبعد (3) سنوات سألت عنها فأخبرت أنها عادت إلى وضعها السيئ ولم تعد تبالي بأي سلوك ترتكبه بل وأصبحت مصدر خطر في الكلية وعلى الطالبات.

ثم رأيتها في إحدى المناسبات بملابس سيئة، وقلت نفسي صدق الله ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص:56].


 أسباب الإعجاب وعلاجه

وبعد.. فهناك عدة أسباب تؤدي بالفتاة إلى طريق الإعجاب المحرم، نذكر منها:

(1) الإعراض عن الله عز وجل: فإن من خلا قلبها من ذكر الله ومحبته استبدلته بمحبة غيره من المخلوقين.. لأن الشيطان تمكن من قلبها وقذف فيه كل سيء.. قال ابن القيم رحمه الله في (الفوائد): (كل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته ببلي بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته). وقال الشاعر:

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوا

فصادف قلبا خاليا فتمكنا

لذلك نجد أن علاج هذا السبب في التقرب إلى الله بالطاعات والنوافل والإكثار من تلاوة القرآن الكريم، فإنه نور يبدد ظلام المعاصي والإعجاب..

(2) الفراغ: نجد بعض الفتيات من لديها فراغ كبير، فهي تشغله بالسيئ كالنظر إلى المجلات الهابطة، والاستماع إلى الغناء الماجن وكلمات الفحش والحب والغرام، لذلك نجد أنها لم تشغل نفسها بالطاعة فشغلتها النفس بالمعصية.. وعلى من سقطت في هوة الإعجاب.. أن تنتصر على نفسها وأن تخلص لله وأن تملأ وقتها بالنافع المفيد وترتيب جدول مليء بالأنشطة والندوات وأعمال المنزل وبذلك لن يكون لديها وقت للفراغ.

(3) الفراغ العاطفي الأسري: فالفتاة التي تعيش في جو أسري متفكك ومليء بالمشاكل والهموم والقسوة ينشأ عندها فراغ عاطفي، فتبدأ بالبحث عمن يشبع هذه الغريزة، فتبدأ بتعلقها بالمعلمة أو طالبة وتسمع منا كلمات الحب والحنان التي حرمتها في ذلك الجو.. لذلك على الوالدين تهيئة جو أسري مفعم بالحب والود والحنان مبني على الترابط، فإن من تعيش في كنف والدين أغدقا عليها كل مشاعر الحب تترفع عن هذا المرض.. لأنها منذ الصغر اعتادت على سماع تلك العبارات فلا حاجة لها بهذه الكلمات من غير مصدرها الأصلي وهما الوالدين.

(4) التقليد الأعمى وعدم الثقة في النفس: فالمعجبة كالإمعة إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أساءت دون تفكر في عواقب هذا الحب من تأخر دراسي وضياع للأوقات فيما لا فائدة فيه، أو ضياع الأساس وهو الدين والأخلاق.

لذلك يجب على الفتاة أن تقوي من عزيمتها وأن تترفع عن الغافلات اللاتي لا هم لهن سوى قتل الأوقات بالسيئ الضار، وأن تعلي من همتها وأن تعلم أن هذا الإعجاب لن يجلب لها سوى الهم والقلق لتأخذ من غيرها عبرة قبل أن يعتبر بها.

(5) صديقات السوء: فهن يأزونها إلى الشر أزا... "فكل قريب بالمقارن يقتدي" فهي تأخذ منهن الأساليب المختلفة المتنوعة للإعجاب، فتارة تتعلم من فلانة كيفية اختيار الهدايا، ومن أخرى أجمل وأعذب كلمات الحب والغرام، ومن تلك: رسائل الجوال التي تنم عن فكر ساذج... وهكذا دواليك، والأسلم لها أن تصاحب الصالحات، ولتعمل أن كل صداقة بنيت على غير محبة الله تنتهي في الدنيا بالعداوة والمشاجرة على أتفه الأسباب، أما في الآخرة فلا شك في انقطاعها وجحودها ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: 67].

(6) إطلاق البصر: فإن إطلاق البصر من جانب الفتاة إلى أخرى وإمعان النظر والتأمل فيها وفي ملبسها أمر خطير وبداية إلى هذا المرض.. وزيادة تعلق المعجبة بهذه الفتاة.. والواجب عليها غض البصر ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ [النور: 31]. فالمؤمنة أمرت بغض البصر عما حرم الله.. وعليها مجاهدة النفس وعدم اتباع الهوى واستغلال وقتها بالنافع الذي يشغلها عن التفكر..

(7) كثرة الهموم والمشاكل الأسرية: التي تزج بالفتاة إلى الوحدة والابتعاد عن جو الأسرة، وبالتالي تبحث عن متنفس لهذه الهموم والمشاكل عندها لا تجد بد من ذكرها لصديقتها والبوح إليها بما تحمله..

والواجب أن يكون هناك جو عائلي مبني على أساس التفاهم والترابط وأن تبوح الفتاة بمشاكلها وهمومها لوالدتها أو إحدى أخواتها، ولا شك أنهما سيرشدانها إلى الطريق الصحيح.

(8) التبرج والتعري وعدم الحشمة في الملابس بين أوساط الفتيات: وهذا مما يجعل بعضهن يفتتن ببعض، وقد ذكر الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله عندما سئل عن حكم الرقص في الأوساط النسائية؟ قال رحمه الله: (الرقص في الوقت الحالي يحدث فتنة للنساء، وبلغنا أن من النساء من تقبل الراقصة وتضمها). انتهى كلامه.

(9) القنوات الفضائية: وما تبثه من السم الرعاف وإثارة للشهوة والغرائز نتيجة ما يعرض فيها مما يجعل الفتاة تبحث عن بديل لإطفاء هذه النار المتأججة بداخله.. ولعل في برنامج "ستار أكاديمي" –وهو عار أكاديمي- ما يجعلنا نتوقف عند آثار هذه القنوات، ولعل في مراقبة الله في الخلوات والانشغال بالأعمال الصالحة ومحاسبة النفس على دقيقة في غير طاعة الله كافي للعزوف عن هذا السم الذي يبث من مشارق الأرض ومغاربها، والله المستعان.


 الخاتمـة

﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾

اعلمي أن مصيبة العاقل ضياع وقته فيما لا فائدة فيه، وأن اللحظة التي تمر به لن تعود وسيسأل عنها يوم القيامة، وتنظيم الوقت هو سبب للارتقاء إلى المعالي.. فانظري ما يسرك أن يكون شخصك في مجتمعك عالية الهمة أم دنيئة الهمة وأعيذك أن تكوني منهن، وعليك بالتوبة والدعاء أن يحميك الله من هذا المرض.. فبالصبر والمجاهدة والإخلاص أولا وأخيرا تبلغين المنى.. واعلمي أن الأمة تنتظرك.. وتنتظر أجيال صالحين حماة للدين يتربون تحت يديك. وتذكري دائما قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين