كيف تجعل سفرك سعيداً ؟
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
أخي المسلم: من المعلوم أن أكثر سفر الناس في أوقات فراغهم من العمل الوظيفي باختلاف بين وجهات السفر، فمن المسافرين مُنْ يسافر للطاعات والقُرُبات فيتوجه إلى البيت الحرام والمسجد النبوي في رحلة إيمانية رائعة، والبعض يسافر للنزهة مع الأهل أو الأصحاب وهذا السفر لا بأس به إذا خلا من المنكرات والمخالفات، ومن الناس مَنْ يسافر سفرًا مباركًا حيث يفيد ويستفيد ويُعَلم ويَتَعَلم فيسافر للعلم وطلبه، وآخرون – هدانا الله وإياهم لهم سفر آخر مع الشيطان لبعض البلدان لأغراض سيئة وهذا سفر محرم وهو في سخط الله وغضبه والعياذ بالله.
ويطيب لي هنا أن أبين مستعينًا بالله تعالى بعض ما ينبغي أن يفعله المسافر قبل سفره، وفيه، وبعده، ولكن قبل ذلك أذكر هذه القصة علها تكون مانعة لمَن يسافر للمحرمات: «ذهب رجل لبلاد الكفر فأدخل عليه أصدقاؤه زانية فاجرة، فلما عمل الفاحشة وعصى رب الأرض والسماء إذا بملك الموت يقبض روحه ومات على هذه الحال، نعوذ بالله من سوء الخاتمة».
آداب السفر
أولاً: إذا أراد السفر ينبغي عليه ما يلي:
أ- الاستخارة عند التردد في الأمر؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله ﷺ يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري – أو قال: عاجل أمري وآجله – فاقدره لي ويسره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري – أو قال: في عاجل أمري وآجله – فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني. قال: ويُسَمي حاجته» [رواه البخاري (1096)].
ب- اتخاذ الرفقة الصالحة؛ لقوله عليه السلام من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: «لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي» [رواه الترمذي (2318)، وأبو داود (4192)، وأحمد (10909)]، ولا يسافر وحده؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: «لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم؛ ما سار راكب بليل وحده» [رواه البخاري (2776)].
ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ «نهى عن الوحدة أن يبت الرجل وحده أو يسافر وحده» [رواه أحمد (15392)].
ج- توديع الأهل والأصدقاء؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله ﷺ إذا ودع رجلاً أخذ بيده فلا يدعها حتى يكون الرجل هو يدع يد النبي ﷺ، ويقول «أستودع الله دينك وأمانتك وآخر عملك» [رواه الترمذي (3364)]. وعند أبي داود (2233)، وأحمد (4259)، وابن ماجه (2816): «... وخواتيم عملك».
د- معرفة أحكام القصر والجمع ولو بقراءتها من كتاب.
ﻫ- رد الأمانات والودائع إلى أهلها.
و- أخذ ما يكفي من الطعام والمال.
ز- تفقد الراحلة وفحصها من أي خلل.
ح- كون السفر يوم الخميس؛ لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه كان يقول: «لقلما كان رسول الله ﷺ يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس» [رواه البخاري (2730) وغيره].
ط- السير ليلاً: لحديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «عليكم بالدلجة فإن الأرض تُطْوَى بالليل» [رواه أبو داود (2207)].
ي- جعل مسؤول على الراحلة؛ ليكون رأيهم واحدًا في النزول والارتحال ولا يعوق بعضهم البعض؛ لحديث أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» [رواه أبو داود (2608)، وقال الألباني: حسن صحيح].
ثانيًا: إذا بدأ بالسفر فعليه مراعاة ما يلي:
1- البدء بدعاء السفر؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر كَبر ثلاثًا ثم قال: «سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل، وإذا رجع قالهن وزاد: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون» [رواه مسلم (1342) وغيره].
2- بداية السفر بتلاوة شيء من القرآن؛ ليضفي على الرحلة روحًا إيمانية، وكذا الحوار في بعض الأمور التربوية والمسائل العلمية.
3- الترويح عن الرفقة؛ بالقصص الجميلة ذات المعاني الرائعة.
4- التفكر فيما يرى من خلق الله تعالى من جبال وبحار وصحاري وأنهار وحيوانات وزروع. قال تعالى: }أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ...{ [الأعراف: 185]، وقال تعالى: }إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ{ [آل عمران: 190].
قال الشاعر:
أرسل الفكر في فضاء بعيد | وسماء تعج بالنيرات | |
هل تأملت أنهرًا وبحورًا | كم بها من معالم سابحات | |
كم بهذا الوجود مما نراه | من صنوف بفضله شاهدات | |
لو تأملت صفحة الكون فيما | بث فيه من رائع المعجزات | |
أين عيناك عن تملي جمال | في أفانين فضله الناطقات؟ | |
في جمال الأكوان في كل همس | في بديع المسموع والمبصرات |
5- تقسم الأعمال على المسافرين: حتى لا يتعب بعضهم بالمهام ويكون البقية اتكاليين.
6- التوسيع على الأهل بالمال وعدم وصوله للإسراف.
7- إسماع الرفقة لشريط نافع في وقفة إيمانية.
8- اختيار بعض الألغاز والأسئلة وجعل جوائز ولو رمزية على ذلك.
9- المحافظة على الفرائض والسنن، ومن السنن: ركعتي الفجر والوتر، فالنبي ﷺ لم يتركها سفرًا ولا حضرًا.
10- «يستحب للمسافر أن يصلي التطوع على راحلته ليلاً أو نهارًا قبل أي جهة توجهت به راحلته؛ لفعل النبي ﷺ ذلك» [انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (1/329)]، ويستثنى من ذلك ما يتعارض مع سلامة القيادة فلا يجوز له ذلك؛ لأنه تعارض واجب وهو الانتباه للقيادة، ومستحب وهو صلاة التطوع، عند التعارض يقدم الواجب.
11- المحافظة على أذكار الصباح والمساء.
12- إذا نزل منزلاً يقول كما ورد في حديث خولة بنت حكيم السلمية تقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك» [رواه مسلم رقم (2708)].
13- إذا صعدت فوق مرتفع كبِّر، وإذا نزلت مهبطًا فسبِّح؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا» [رواه البخاري (2831)].
14- إذا أسحر قال كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي rكان إذا كان في سفر وأسحر يقول: «سَمعَ سَامعٌ بحَمْد الله وَحُسْن بَلائه علينا ربنا صاحبنا، وأفضل علينا، عائذًا بالله من النار» [رواه مسلم (2718) وغيره]. ومعنى «صاحبنا» أي: احفظنا وحظنا واكلأنا وأفضل علينا بجزيل نعمك. [انظر: "شرح مسلم" (17/43)].
15- الإكثار من الدعاء في السفر؛ لأن دعوة المسافر لا ترد إذا كان محققًا لأسباب الإجابة، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده» [رواه الترمذي (2448) وغيره، وحسنه الألباني].
16- أجعل معك بعض الكتب المتعلقة بالعقيدة والصلاة بمختلف اللغات؛ للاستفادة منها ولتوزيعها في طريقك.
17- إذا وصلت إلى مكة فحافظ على رفاقك وأهلك، واغتنم وقتك بقراءة القرآن والذكر والطواف والجلوس في حلق العلم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من طاف بالبيت وصلى ركعتين كان كعتق رقبة» [رواه ابن ماجه (2947)، وصححه الألباني]، والصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة لحديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» [رواه أحمد (1396)].
18- وإذا وصلت المدينة فصلِّ في المسجد النبوي؛ فالصلاة فيه خير من ألف صلاة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» [رواه البخاري (1116)، ومسلم (2469)، وغيرهما].
وإذا مررت بقبر النبي ﷺ فسلِّم عليه وعلى صاحبيه رضي الله عنهما.
واذهب إلى حلقات العلم في المسجد النبوي، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ...» [رواه ابن ماجه (223)، وأحمد (9051)، وغيرهما، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1/44)].
وصلِّ في مسجد قباء، فعن سهل بن حنيف قال: قال رسول الله ﷺ «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه ركعتين كان له كأجر عمرة» [رواه ابن ماجه (1402)، وغيره].
19- وإذا ذهبت للنزهة فلا مانع من الترفية المباح واللعب مع الأهل والأولاد وإدخال السرور عليهم، فقد أمر الإسلام بذلك، فالنبي عليه السلام سابقَ عائشة رضي الله عنها في السفر فسبقته، وسابقها مرة أخرى فسبقها، فقال: «هذه بتلك».
تنبيهات للجميع في السفر والإقامة:
1- لا تتجاوز النظام الذي وضعه ولي الأمر، قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ{ [النساء: 59]. من سرعة وقطع للإِشارة، أو غيرها من الأنظمة التي جعلت حفاظًا على الفرد والمجتمع، ولا تتشاغل أثناء القيادة بأي اشتغال حتى لا يحصل مكروه.
2- احذر من اصطحاب أشرطة الأغاني؛ فإن الملائكة لا تصحب من يحملها؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس» [رواه مسلم (2113)، وأحمد (7512)، وغيرهما]. والجرس هو الجلجل الذي يعلق على الدواب [النهاية في غريب الحديث (1/261)] وأيضًا هو صوت يسمع كالطبل [المرجع السابق (3/230)]، وهو من مزامير الشيطان، كذلك الغناء أعظم مزمار للشيطان، وهو محرم ومن كبائر الذنوب، وقد توعد الله تعالى من سمعه بالعذاب، قال تعالى: }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ{ [لقمان: 6]، وقال ابن القيم رحمه الله فيمن يستمع الغناء: «ومن لم يمسخ منهم في حياته فسوف يمسخ في قبره قردًا أو خنزيرًا» نعوذ بالله من الشرور والآثام.
3- احذر من التصوير لذوات الأرواح من إنسان أو حيوان أو مما له روح، فعن عبد الله قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون» [رواه البخاري (5494)، ومسلم نحوه (3943)].
4- على النساء أن لا يختلطن مع الرجال، ولا يلبسن النقاب ولا البرقع ولا الألبسة المحرمة التي غزتنا في عقر دارنا.
وعلى أخواتي النساء أن يحفظن أنفسهن؛ فلا يزاحمن الرجال في الحرم ولا في الأسواق ولا يكثرن من الخروج له، ولا يتبرجن في الحدائق والمتنزهات المختلطة، فإن الإسلام حفظ حق المرأة وأعطاها ما فيه عزها وشرفها في الدنيا والآخرة، فإن هي استمسكت به عزت، فهن الدرر المصونة والجواهر المكنونة.
5- لا تسكن في مكان غير آمن أو تقف في طريق غير مسلوكة، وابتعد عن النوم في أماكن الوديان وقرب طرق السيارات وكن على حذر.
6- لا تتركوا العبء على أحد معين، بل توزعوا المهمات وتعاونوا، ولا يفعل أحدكم كما فعل ذلك البليد لما سافر مع أصدقائه فلما نزلوا منزلاً قالوا له: قم فأوقد النار، فقال: إني أخاف منها، فأوقدوا النار وأنضجوا الغداء، ثم قالوا له: قم يا فلان فأحضر لنا الطعام وقدمه لنا، فقال: إني متعب ولا أستطيع القيام، فقاموا وهيئوا الطعام وقالوا: قم الآن فكل معنا، فقال: والله لقد استحيت من كثرة الاعتذار فقام وأكل.
7- لا تدع أثرًا بعد ذهابك من المكان الذي نزلت فيه من قمامات وأوساخ، فليس هذا من النظافة وتذكر مقولة: «دع المكان أفضل مما كان».
8- احذر من وضع بقايا الطعام مع القمامات والنفايات، أو في مكان تعلم أن عمال النظافة تحمله مع النفايات، فهذا أمر محرم، وهو كفر للنعمة التي أعطانا الله تعالى.
والذي ينبغي: أن توضع في مكان تأكل منه الحيوانات؛ ففيها أجر عظيم. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة- إلا كان له به صدقة» [رواه البخاري (2152)، ومسلم (2904)].
ووضع الطعام لتأكل منه الحيوانات داخل في هذا، «فإن رجلاً سقى كلبًا عطشانًا فشكر الله له فغفر له» [رواه البخاري (2190)]، فلا تحرم نفسك الأجر ولا تعرض نفسك للعقوبة، فالمحروم من حرم الثواب.
إذا قدم المسافر إلى بلده:
أ- لا تطرق أهلك ليلاً: لحديث جابر رضي الله عنه قال: «نهى النبي ﷺ أن يطرق أهله ليلاً» [رواه البخاري (1674)، ومسلم (1168)]، إلا أن يكون لديهم علم مسبق بوقت القدوم، فإن المحذور يزول، الذي ورد في حديث جابر عن النبي ﷺ «إذا دخلت ليلاً فلا تدخل على أهلك؛ حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة» [رواه البخاري (4845)].
ب- إذا أقبلت على بلدك أو رأيتها فقل: «آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون»؛ لحديث أنس رضي الله عنه: «... حتى إذا كانوا بظهر المدينة قال النبي ﷺ: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، فم يزل يقولها حتى دخل المدينة» [رواه البخاري (2856)]، وفي رواية في حديث أنس رضي الله عنه قال: «... فلما دنا -أو قال: رأى المدينة- قال: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون» [رواه البخاري (5511)].
ج- وابدأ بالمسجد إذا وصلت إلى بلدك فصلِّ ركعتين؛ لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة تخلفه عن غزوة تبوك: «... وأصبح رسول الله ﷺ قادمًا وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، فيركع فيه ركعتين...» الحديث [رواه البخاري (4418)، مسلم (2769)]. وهذه من السنن التي تكاد تكون مهجورة الآن.
د- يحسن بالمسافر أن يستقبله أهل البيت والصبيان؛ لحديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله ﷺ إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بيته» [رواه مسلم (4455)].
ﻫ- الإطعام عند القدوم؛ فعن جابر رضي الله عنه قال: «لما قدم النبي ﷺ المدينة نحر جزورًا أو بقرة» [رواه أبو داود (3255)، وأحمد (13697)].
و- ليتذكر المسلم إذا رجع إلى أهله وبلاده سفره إلى الآخرة الذي لا رجعة بعده، وكما تزود لهذا السفر بالمال فليتزود لسفر الآخرة بصالح الأعمال، وكما تفقد راحلته فليتفقد نفسه من المعاصي والذنوب وعن تقصيرها في بعض الواجبات والطاعات، وليعمل صالحًا لتلك الحياة الباقية وليعلم أن:
الموت يأتي بغتة ..
والقبر صندوق العمل ..
فانتبه لنفسك أخي، وابتعد عن خطوات الشيطان، وتعرض لرحمات الله، فبابه مفتوح، وعطاؤه ممنوح، وخيره يغدو ويروح.
هذه همستي إلى كل قلب | عاشق للرضا وهذي وصاتي | |
فاعمر الوقت بالتراتيل وانصب | تحت جنح الدجى وحين الغداة | |
واغنم العمر فالمنايا خفايا | كم دهى الخطب أنفسًا غافلات | |
ليس تغنيك توبة أو بكاء | حين تمنى بهجمة النازعات | |
إنه موعد وما عنه مأوى | لو سكنت البروج والناطحات | |
فلتبادر إلى اغتنام الليالي | ولحوق بالركب قبل الوفاة | |
حين نمضي إلى إله عظيم | وعليم بالجهر والخافيات |
هذه بعض التوجيهات، أسأل الله أن ينفع بها المجتمع، جعل الله سفرك سعيدًا وعودك حميدًا، وأن يجعل هذه الكلمات خالصة لوجهه الكريم فإني:
أبتغيها ليوم عظيم | لعل فيها نجاتي |
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخوكم
خالد بين سليمان الربعي
* * * *