×
قال المؤلف في مقدمة كتابه: وقفات على طريق الحق ..، ومعالم في سبيل الصدق ..، أزفُّها لكل مسلم ومسلمة، علَّها أن تكون مشعلَ حقٍّ في حياتنا ..، أزفُّها باردة مبردة لغُنمها، وعليّ غُرمها.

 على الطريق

محمد بن سرار اليامي

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده..، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده.. وبعد:

فهذه وقفاتٌ على طريق الحق..، ومعالم في سبيل الصدق..، أزُفها لكل مسلم، ومسلمة عَلَّها أن تكونَ مشعل حق في حياتنا..، أزفها باردة مبردة لغُنْمها، وعَلَيَّ غرمها.. فإلى الوقفات:

* * * *


 الوقفة الأولى: شمعة في طريق السالكين

عندما يُظلِمُ الليل، يحلو لك الظلام.. تتطايرُ أوراق المبادئ الزائفة، وتسقط الأقنعةُ، ويكثر اللصوص.

وبعدها:

تُشعُّ شمسُ الحُرية على كون كله مُجاملات، ومداهنات، وقبلَ ذلكَ مبادئ خرافية خدَّاعة.. كسراب بقيعة.

فَتغسلُ خُيوط النور تلك الأوحال العالقة.. إنها خيوط نور حرية الإسلام، وسماحته، ويسره، إنها أعظم مبادئ وُضِعَتْ للحرية في هذا الوجود.

فالمسلم حرٌّ في حياته، وحريَّـته هذه لا تتجاوز حدود ما شَرعهُ له ربه جَلَّ وعَزَّ. وكذلك المسلمة، وهذا ضمانٌ من هذا الدين العظيم لهذه الحريات وتكفلٌ بحمايتها، فيا له من دين عظيم!! لا كما يزعُمُ المُتَهَوكون المُتَحَررون من الحياء والدين.. الساقطون السفلة.

أخي الحبيب.. إذا شعَّ لك هذا النور، وأنت في مكان محلوك الظلام، فتمسك به، وإياكَ ثم إياكَ، أن تُفرِّطَ في حياتك، فهو السبيلُ للحياة السعيدة.


 الوقفة الثانية: الدَّاء العُضَال

كُنا ملوك الدنيا، يوم عشنا بـ (لا إله إلا الله)، وكان صفُّنا واحداً في سبيل الله، فلما نكصنا على أعقابنا.. أصابنا ما أصابنا من الفرقة والنزاع، والتفرق والشقاق.

كل ذلك بسبب أننا تركنا – إلا مَن رحمه الله – مبادئنا وأهدافنا، ومُقَدَّراتنا، وكلها في شريعتنا.. على صاحبها أفضل الصلاة وأتم وأزكى التسليم.. هو حاملها، وأنا وأنت- أخي الحبيب- المحمولة إليه عبرَ مَرِّ القرون، وعبرَ التاريخ الطويل..

أخي الحبيب.. أختي الكريمة.

والله ثم والله يمينًا مكررة، لو تمسكنا بدين ربنا، وبما أمرنا ربنا على لسان نبينا، لَحُزْنا الصلاة والفلاح في الدنيا والآخرة.

ولكن:

ولو أهل العلم صانوهُ صانهم

ولو عظَّموهُ في النفوس لعُظما

إن مَن يريدُ الحق عليه أن يُجهدَ نفسه في طلابه.. إن مَن يريد الحق عليه أن يتجرد من الهوى، والشهوة المأفونة، حتى يصل إلى بَرِّ الأمان.. قال الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «حُجبت النارُ بالشهوات وحُجبت الجنةُ بالمكاره...».

أخي الباحث عن الحقيقة:

عليك قبل القيام بالبحث عن الحقيقة أن تحرص على ألا يكون في قلبك مبدأ مأفونٌ مدفونٌ فيه؛ فإنك لن تستطيع للحقِّ طلبًا، حتى تتخلص منه، أعني من المبدأ المأفون.

ثم احرص – رعاني الله وإياك – على استشفاف الحق من قول الله جَلَّ وعَزَّ، من المَعين الكَبير، والمنهل العذب المورود من القرآن الكريم.

ثم طالع مِنْ كُتُبِ الحديث كُل مُنيف، واعلم أن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، مقدمٌ على قول أي بشر كان؛ فقوله - صلى الله عليه وسلم - كما قيل:

يحتج بقوله، ولا يحتج لقوله.

أما مَن يريدُ أن يلويَ عُنُقَ النَّص حتى يوافق هواه وشهواتهُ فلا، وألفُ لا.

ثم الوَرَعَ، والوَرَعَ، أعني: الوَرَعَ الحَيَّ من القول على الله بغير علم، فذلك إثمهُ عظيم، وغرمهُ عميم.

أبو بكر - رضي الله عنه - وأرضاه يوم سُئلَ عن معنى كلمة في كتاب الله قال: أيُّ سماء تُظلني، وأيُّ أرض تُقلني؟ إن أنا قلتُ في كتاب الله ما لا علم لي به.

والبعض يقول: هاتوا.. وهل من مزيد..؟

ثم أقول لك يا أخي الحبيب، اسمع هذه النصيحة من أخ لك؛ إذا وقعتَ في معصية، فاعلم أن الله توابٌ رحيم، ولكن إياكَ ثم إياكَ والإصرار، فإن عاقبتهُ البوار.

فلا كبيرةَ مع الاستغفار، كما أنه لا صغيرة مع الإصرار؛ فهي كبيرةٌ بإصرارك عليها.

ثم أخي:

إذا عصيت فتب، ولا تقل: أنا لست عاص أنا... أنا... من المبررات الممجوجة، وإياك ثم إياك- أخي- من أن تبحث عن حجة لك على معصيتك.

ثم عليك أخي الحبيب:

بسماع نُصح الناصح، ومتابعة الحق والقول الصالح، واعلم أنك حين تردّ أو تُجادل من بادركَ بالنصيحة، فاعلم أن هذا هوى في قلبك، فأمطهُ عن قلبك، وتوعَّ النصيحة.

أما سمعت بفرعون وهو يجادلُ موسى - عليه السلام - ويردُ عليه بعدما علم أن موسى أتى ليُخَلِّص بني إسرائيل من قبضته وتنزع الملك من يده، قال لموسى مهددًا ومذكرًا: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ...﴾ وأنتَ يا فرعون يا أبا الفعائل ما فعلتَ شيئًا؟!

أخي الحبيب:

إذا سمعت: قال الله، أو قال رسول الله، فارعَ لها سمعكَ، ولا تكابر، ثم لا تنظر لمن ينصحكَ، ولكن انظر بماذا ينصحكَ، ثم تدبَّر.

أخي: أعطني قلبك، واجعل كلامي هذا يُلامسُ شِغافهُ قبل وصوله إلى أذنك.

ألا تعلم أخي إلى أين نمضي.

قال ابن حزم رحمه الله:

إلى تبعاتٍ في المعاد وموقفٍ

نَوَدُّ إليه أَنَّنا لم نكن كُنَّا

حَصلنا على هَمٍّ وإثم وحسرة

وفات الذي كُنَّا نَلدُّ به عنا

فما نحن إلا عبيدٌ لربنا جَلَّ وعَزَّ.. والعبدُ إذا أمرَهُ سيدهُ، كان عليه أن يبادر للتنفيذ، والله جَلَّ وعَزَّ يقول: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا﴾ [النور: 31].

ثم اعلم -أيها العبدُ- أنك حين تقفُ في وجه النص الصريح من أحد الوحيين، إما رادًا له، أو طاعنًا فيه، أو مشككًا به حوله، فاعلم أنك مخطئ جدًا، وإنها عند الله أعظم، فانتبه حتى تسلم، وقديمًا قيل: أحبُ الحقَّ، وأحبُ فلانًا ما اجتمعا، فإذا افترقا كانَ الحقُّ أحبَّ إليَّ من فلان.

واعلم أن جماع الهزيمة كلها-كما هو واقعٌ للمسلمين- بالتخلي عن هذا الدين، ومَن تخلَّى عنه، فقد وَكَلَهُ الله إلى نفسه، فخسرَ في الدنيا والآخرة، ألا ذلك هو الخسران المبين.

* * * *


 الوقفة الثالثة: إلى مَن يهمه الأمر

إن من أعجب العجائب يا أخي في الله، أن تعرفه - أي الله – ثم لا تحبه، وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة، وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تتعامل مع غيره، وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له، وأن تذوق الألم في معصيته ثم لا تطلب الأنس والسعادة بطاعته، وأعجبت من هذا كله علمك أنك لابُدَّ لك منه، وأنك أحوج شيء إليه، وأنت عنه مُعْرِض، وفيما يبعدك عنه راغب.

كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول:

مَن كانَ حينَ تُصيبُ الشمسُ جبهتهُ

أو الغبارُ يخافُ الشينَ والشَّعثا

ويألفُ الظلَّ كي تَبقى بشاشتهُ

فسوفَ يسكنُ يومًا راغمًا جدثا

في قعر مظلمة غبراء موحشة

يُطيلُ في قعرها تحتَ الثرى اللبثا

ثم ماذا بعد؟

تَجهزي بجَهازٍ تَبلغينَ به

يا نفسُ قبلَ الردى لم تُخلقي عبثًا

تم القسم الأول من «وقفات على الطريق» علَّ الله جلَّ وعز أن يكتبها في ميزان الحسنات الباقيات الصالحات.. وصلى الله وسلم على محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه.

بسم الله الحمد لله رب العالمين.. قيوم السماوات، والأراضين، مدبِّر الخلائق أجمعين.. الحمد لله حمد الحامدين، والشكر له شكر الشاكرين.

حمدًا لك اللهم والشكر الأجل

ما غرد القمري ودمعُ الصَبِّ هَل

ثم صلاة الله تترى ما سرى

برقٌ على طيبة أو أم القرى

مع السلام يغشيان أحمد

وآله المستكملين الرشدا

وبعد..

أخي على طريق الحق.. هذه الرسالة الثانية من «على الطريق»..، علَّ الله جلَّ وعزَّ أن يكتبها في ميزان الحسنات وأن ينفع بها كاتبها وقارئها، وناشرها... آمين..، وأن تكون مشعل حق في طريق الحق لكل سالك.. إنهُ ولي ذلك والقادر عليه وإلى الوقفات:

* * * *


 الوقفة الأولى: جماع الدين وأصوله

أما سمعت أيها الحبيبُ لكلام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية وهو يقول: والعبادةُ، والطاعةُ، والاستقامةُ، ولزومُ الصراط المستقيم، ونحو ذلك من الأسماء مقصودها واحدٌ، ولها أصلان:

أحدهما: ألا يعبد إلا الله.

والثاني: لا يعبده إلا بما أمر وشرع، ولا يعبدهُ بغير ذلك من الأهواء، والظنون، والبدع.

قال جَلَّ وعَزَّ: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110].

قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك: 2]، قال: أخلصهُ وأصوابهُ.

قالوا: يا أبا علي، ما أخلصهُ وأصوبهُ؟

قال: إن العمل إذا كان خالصًا، ولم يكن صوابًا لم يُقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يُقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالصُ: أن يكون لله، والصوابُ: أن يكون على السُّنَّة المحمدية على صاحبها أفضلُ الصلاة وأتم التسليم.

وكلما ازدادَ العبدُ تحقيقًا للعبودية لله، ازداد كمالهُ، وعَلَت درجتهُ.

جعلني الله وإياكم عبيدًا له مخلصين، ولسُنَّة نبيه مقتفين.. والحمد لله رب العالمين.

 الوقفة الثانية: لمن العبودية والذلة؟

أخي على الطريق:

إن جماع الخير وأصلهُ، هو العبوديةُ الحقَّةُ لله تبارك وتعالى، فما نزع العبدُ من رقبته الرِق الذي لخالقه سبحانه، إلا ذلَّ لمنَ هو أذلُّ منه أعني للمخلوق.

قال شيخ الإسلام في «العبودية»: ولفظ العبودية يتضمن كمال الذل، وكمال الحب، فإنهم يقولون: قلبٌ متيم، إذا كان معبدًا للمحبوب.

اخضعْ وذُلَّ لمن تُحبُ، فليس في

شرعِ الهوى أنفٌ يشالُ ويُرفَعُ

ثم قال:

وكلما قوي طمع العبد في فضل الله ورحمته، ورجاؤه لقضاء حاجاته، ودفع ضرورته، قويت عبوديته له، وقويت حريته مما سواه، فكما أن طعمهُ في المخلوق يوجب عبوديتهُ له، فيأسه منه يوجب غنى قلبه عنه، وكما قيل:

استغن عمن شئت تكن نظيره، وأفضل على من شئت تكن أميره، واحتج إلى من شئت تكن أسيرهُ.

فكذلك طمع العبد في ربه، ورجاؤه له، يوجب عبوديتهُ له، وإعراض قلبه عن اطلب من الله والرجاء له، يوجب انصراف قلبه عن العبودية لله.

لا سيما مَن كان يرجو المخلوق، ولا يرجو الخالق.. وكل مَن عَلَّق قلبهُ بالمخلوقين، أن ينصروه، أو يرزقوه، أو يهدوه، خضع قلبه لهم، وصار فيه من العبودية لهم بقدر ذلك، والعبودية: الذلة للذي استعبد القلب، وكذلك الذُل بعد الشموخ والعز، والهوان، بعد الكرامة، ولا يحصل ذلك إلا بمعصية الله جلَّ وعزَّ.

أخي:

قد تستعْبدُكَ المعاصي والذنوب، فالحذر كل الحذر من ذلك حمانا الله وإياك من السوء.

أخي:

إن المعصية أذَلَّت عزة الإنسان، وكرامته يوم أمر الله الملائكة، فسجدت له، بقوله سبحانه: ﴿اسْجُدُوا...﴾ وكلنا ذوو خطا.

* * * *


 الوقفة الثالثة: ليكن شغلك الدائم هو...

أخي الحبيب.. اصغ لهذه الكلمات، وافهم، واعتبر.

قال ابن القيم: «إذا أصبحَ العبدُ وأمسى، وليس همهُ إلا الله وحده، تَحَمَّلَ الله سبحانهُ حوائجهُ كلها، وحمل عنه كل ما أهمهُ، وفَرَّغَ قلبهُ لمحبته، ولسانهُ لذِكره، وجوارحهُ لطاعته.

وإن أصبح وأمسى، والدنيا همهُ حَمَّلَهُ الله همومها، وغمومها، وأنكادها، ووكَّله إلى نفسه، فشغل قلبهُ عن محبَّته بمحبة الخلق، ولسانه عن ذكره بذكرهم، وجوارحهُ عن طاعته بخدمتهم، وأشغالهم، فهو يكدحُ كدح الوحش في خدمة غيره، كالكير ينفخُ بطنهُ ويعصرُ أضلاعهُ في نفخ غيره».

كل مَن أعرضَ عن عبودية الله، وطاعته، ومحبته، وخدمته فـ: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ [الزخرف: 36].

لأنهُ سيصرفُها إلى غير مَصرِفِها الصحيح، فهو واقعٌ لا محالة في شَرَكِ الشرك، وغارقٌ في الانحراف.

* * * *

 الوقفة الرابع: وقفة تأمل.. وما أحوجنا لها !

أخي الكريم:

ارع لي سمعك حفظك الله.

يا مَن يريدُ الفوز غدًا في الدار الآخرة، يا مَن يريدُ الدور الفاخرة، يا مَن يريد الفلاح، عليكَ بطريق الصلاح.

أخي، لا يكون المؤمن مؤمنًا حقًا حتى يصلح قلبهُ وقالبه.

أتدري كيف..؟

لا يصلح الظاهر إلا بصلاح الباطن، وصلاحُ الباطن هو:

أن يعمر المسلمُ قلبه بالإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ثم يرتقي الحال بالمؤمن حتى يعبد الله كأنه يراه، ولنا الظاهر والله يتولى السرائر.

ولذلك إذا جلس الإنسان مع الصالحين قام وقلبه معلَّقٌ بالله جَلَّ وعَزَّ.

أما صلاحُ الظاهر: فهو انطباع ما في القلب على ظاهر البدن، فيتقيدُ العبد بما شرع ربنا تبارك وتعالى، ويستنُّ بسنة الحبيب المعصوم عليه الصلاة والسلام، في كل شأن من شؤون حياته.

ومن أعظم الأدلة على صلاح الباطن والظاهر معًا هو صلاح القول والعمل؛ فلا ينطق إلا بحق، ويجعل هذا اللسان لله.

دَعْها سماويةً، تمشي على مَهَل

لا تُثْقِلنْها برأي منكَ منكوس

فيكثرُ التسبيخ والتهليل والتحميد، والقول الجميل؛ فإن الإنسانَ إذا أحبَّ شيئًا أصبح ذكرُه دائمًا على لسانه، في يقظته، ونومه، وفي شغله وفراغه، وفر راحته، وكده، دائمًا يذكر ذلك المحبوب، أيًّا كان ذلك المحبوب، وما أعظم أن يكون محبوبَكَ -يا أخي- هو الله: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة: 54] ومَن أحبَّ شيئًا أكثرَ من ذكره.

ولنستمع لأحد العُشَّاق يذكر محبوبهُ ويتأوه عند الفراق؛ فيقول:

ولو أنني أستغفر الله كلما

ذكَرتُك، لم تُكْتَب عليَّ ذنوبُ

ومن المعلوم قول الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «ومَن تعلَّقَ شيئًا فقد وكل إليه» وهذا العاشق تعلق قلبهُ بحب معشوقته، فافهم يا رعاك الله.

وما أجمل الحب، إذا كان لله جلَّ وعزَّ؛

فَلَو كَانَ حُبُّكَ صادقًا لأطَعتَهُ

إنَّ المحب لمنَ يُحبُ مطيعُ

طاعة الله باتباع أمره واجتناب نواهيه، ومتابعة سنة الحبيب المعصوم - صلى الله عليه وسلم -؛ قال الله جلَّ وعزَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [النساء: 59].

نَسينا في ودادكَ كل غالٍ

فأنت اليومَ أغلى ما لدينا

نُلامُ على محبتكم ويكفي

لنا شرفٌ نُلامُ وما عَلينا

ولمَّا نلقكم لكنَّ شوقًا

يُذكرنا فكيفَ إذا التقينا

تَسلى الناسُ بالدنيا وإنا

لعَمْرُ الله بُعدَكَ ما سَلينا

تم القسم الثاني من «وقفات على الطريق» علَّ الله جَلَّ وعَزَّ أن يكتبها خالصةً لوجهه الكريم، وأن يوفقنا لمواصلة العمل، وإخراج ما ينفع، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

تَمَّ الكلامُ وربنا محمودُ

ولهُ المكارمُ والعُلى والجود

أخوكم

محمد بن سرار بن علي اليامي

17/9/1420هـ

ص.ب: 122586

الرياض: 11731