أين تذهبون؟
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
- أين تذهبون ؟
أين تذهبون ؟
القسم العلمي بمدار الوطن
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله الذي هو للحمد أهل، والصلاة والسلام على ذي المحاسن والفضل؛ أما بعد: فإنَّ الناسَ جميعًا في هذه الدنيا على جناح سفر، وينبغي للمسافر أن يتجهَّز لسفره ويتزوَّد بما يوصله إلى غايته.
فالسعيدُ مَنْ جَعَلَ الدُّنيا مَعْبرًا لا مَقَرًّا، وتَزَوَّدَ لآخرته بالطَّاعات والأعمال الصالحات، والشَّقيُّ مَنْ جَعَلَها وطنَه الذي يَظُنُّ البقاء فيه، والعاقل مَنْ عمل لما بعد الموت، وتجاوز بنظره تلك المرحلة القصيرة التي هي عمره إلى ما بعد ذلك من مراحل الرحلة الحقيقية التي تبدأ بالموت وتَمُرُّ بالقبر والحياة البرزخيَّة ثم البعث ثم الحساب وما يحدث فيه من عجائب تطيش لها العقول، ثم يتحدَّدُ بعد ذلك المصيرُ المحتوم.
يا أهل الجنة! خلودٌ بلا موت.. ويا أهل النار! خلود بلا موت..
فإلى أيِّ الفريقين نصير؟ وفي أي الطريقين نسير؟
وقد قصدنا بهذا الكتاب تقريبَ مراحل هذه الرِّحْلَة الأُخْرَويَّة للجميع، وعرضنا لما فيها من أهوال وعظائم ومدلهمات بصورة موجَزة ومركَّزة، معتمدين في ذلك كلِّه على القرآن الكريم، وصحيح السُّنَّة، وأقوال السَّلَف؛ لعلَّ ذلك يكون سببًا في تذكير غافل، أو توبة مذنب، أو هداية عاص، أو تثبيت طائع.
نسأل الله – تعالى - أن ينفع بهذا العمل؛ إنه جواد كريم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
بدايةُ الرِّحلة:
الموت
فوائد ذكر الموت
الموت هو بداية رحلتنا إلى الدار الآخرة، كما أنَّ ميلادَنا هو بدايةُ رحلتنا في الحياة الدُّنيا، والموتُ هو الحقيقة الكبرى التي لا يجادل فيها أحد، ولا يختلف عليها اثنان؛ قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران: 185].
والإنسان لا يحب الموت: فالمؤمن لا يحب الموت؛ لأنه يرى نفسه مقصِّرًا في طاعة الله، ولم يقدم لنفسه من الأعمال الصالحة ما يجعله مستعدًّا للقدوم على الله - عز وجل، والكافر يكره الموت لأنَّه يأخذه من دنياه وشهواته وأهله وأمواله ويسكنه قبرًا ضيِّقًا مظلمًا موحشًا؛ ولكنَّ المؤمنَ يحب لقاء الله؛ لما يرجوه من العفو والإحسان والكرامة، والكافر يكره لقاء الله لما ينتظره من العذاب والنَّكَال والإهانة، ولذلك فإنَّ المؤمنَ يتذكَّر الموتَ دائمًا ويستعدُّ له في كلِّ وقت.
ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكيس الناس وأحزمهم قال: «أكثرهم ذكرًا للموت، وأكثرهم استعدادًا له؛ أولئك الأكياس؛ ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة»([1]) .
الموت بابٌ وكل الناس داخله | ||
فليتَ شعري بعد الباب ما الدارُ | ||
والموت هو المصيبة العظمى: والرَّزيَّة الكبرى؛ به تُطوى صحائف الأعمال، ويُغلق باب التوبة، ويتحدد مصير العبد: إما إلى الجنة دار النعيم، وإما إلى جهنم - والعياذ بالله - دار الجحيم.
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجمعة: 8].
لا تتمنوا الموت
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت فقال عليه الصلاة والسلام: «لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنيًا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي»([2]) .
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدْعُ به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا»([3]) .
وأعظم من الموت الغفلةُ عنه والإعراض عن ذكره، وقلة التفكر فيه، وترك العمل له، وهذا يدل على خفَّة التَّدَيُّن وقلة العقل؛ فإن العاقل من ينظر إلى ما بعد الموت؛ حيث الحياة الحقيقية التي ليس بعدها موت ولا فناء؛ كما قال سبحانه: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: 64].
فوائدُ ذكر الموت
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أكثروا من ذكر هاذم اللذات»([4]) .
وفي الإكثار من ذكر الموت فوائد منها:
1- أنه يحث على الاستعداد للموت قبل نزوله.
2- أنه يُقَصِّرُ الأمل في طول البقاء، وطول الأمل من أسباب الغفلة.
3- أنه يُزَهِّد في الدنيا ويُرَغِّب في الآخرة.
4- أنه يهون على العبد مصائب الدنيا، ويمنع من الأشر والبطر.
5- أنه يحث على التوبة واستدراك ما فات.
6- أنه يرقق القلوب، ويدمع الأعين ويسل السخائم ويدعو إلى التواضع وترك الكبر.
سكرات الموت وشدته
قال تعالى: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق: 19]، وقال: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾ [الأنعام: 93]؛ وسكرات الموت وغمراته هي شدته وكربه وفظاعته؛ قالت عائشة رضي الله عنها: كان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ركوة - أو علبة - فيها ماء، فجعل يدخل يده في الماء، فيمسح بها وجهه ويقول: «لا إله إلا الله.. إن للموت سكرات»([5]) . وفي رواية أنه كان يقول عند موته: «اللهم أعنِّي على سكرات الموت»([6]) .
أخي الكريم إنَّ للموت ألمًا لا يعلمه إلا الذي يعالجه ويذوقه؛ فالميت ينقطع صوته وتضعف قوتُه عن الصياح لشدة الألم والكرب على القلب؛ فإنَّ الموتَ قد هَدَّ كلَّ جزء من أجزاء البدن، وأضعف كل جارحة من جوارحه؛ فلم يترك للمرء قوة للاستغاثة؛ أما العقل فقد غشيه وسوسةٌ، وأما اللسان فقد أبكمه، وأما الأطراف فقد أضعفها، ويَوَدُّ لو قدر على الاستراحة بالأنين والصياح، ولكنه لا يقدر على ذلك؛ فإن بقيت له قوة سمع له عند نزع الروح وجذبها خوارٌ وغرغرة من حلقه وصدره، وقد تغير لونه، ولكل عضو من أعضائه سكرة بعد سكرة، وكربة بعد كربة، حتى تبلغ روحُه إلى الحلقوم، فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها، وتحيط به الحسرة والندامة إن كان من الخاسرين، أو الفرح والسرور إن كان من المتقين.
موت المؤمن رحمة
عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن يموت بعرق الجبين»([7]) .
قال بعض العلماء: إنما يعرق جبينه حياء من ربِّه لما اقترف من مخالفته.
والموت كفارة للمؤمن بما يلقاه في مرضه من الآلام والأوجاع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حَطَّ الله به سيئاته كما تحط الشجر ورقها»([8]) .
أحسن الظَّنَّ بربك
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل وفاته بثلاثة أيام: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله»([9]) .
قال القرطبي: «حُسن الظن بالله تعالى ينبغي أن يكون أغلب على العبد عند الموت منه حال الصحة وهو أن الله يرحمه، ويتجاوز عنه، ويغفر له، وينبغي لجلسائه أن يذكروه بذلك.. قال ابن عباس: "إذا رأيتم بالرجل الموت فبشروه ليلقى ربه وهو حسن الظن به، وإذا كان حيًّا فخوفوه".
لقنوا موتاكم «لا إله إلا الله»
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقِّنوا موتاكم لا إله إلا الله»([10]) . وتلقين الميت يكون حال الاحتضار وليس بعد إدخال الميت في قبره كما يفعله بعض الجُهَّال، وفائدة التلقين أن يكون آخر كلام الموتى شهادة التوحيد؛ فيُختَم لهم بالسعادة؛ قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كان آخرُ كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة»([11]) .
علاماتُ حُسن الخاتمة
1- النطق بكلمة التوحيد عند الموت.
2- حُسن الظن بالله عند الموت.
3- الموت شهيدًا في سبيل الله.
4- أن يكون آخر عمله طاعة لله.
5- الموت ليلة الجمعة أو نهارها.
6- عرق الجبين عند الموت.
7- موت المرأة في نفاسها.
8- الموت محرمًا.
9- الموت متلبسًا بالطاعة كمن يموت ساجدًا، أو راكعًا أو تاليًا لكتاب الله تعالى.
علامات سوء الخاتمة
1- الموت بغير توبة.
2- الموت فجأة.
3- الموت حال التلبس بالمعصية كمن يموت وهو يعاقر الخمر، أو يتعاطى الدخان والمخدرات.
4- الموت منتحرًا.
5- الموت على غير السنة (البدعة).
6- الموت حال الفرار من الزحف.
7- الموت بسبب العشق.
8- عدم القدرة على النطق بكلمة التوحيد عند الموت.
9- التلفظ بعبارات تدل على الجزع وسوء الخاتمة.
القبر
إذا مات الإنسان انتقل من الحياة الدُّنيا إلى الحياة البرزخية في قبره؛ حيث يمكث فيه حتى يَأْذَنَ الله تعالى ببعث العباد ومجازاتهم على أعمالهم؛ قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون: 99، 100].
أول منازل الآخرة
عن هاني مولى عثمان قال: كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تَذْكُرُ الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «القبر أول منازل الآخرة، فإن ينج منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه». ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت منظرًا إلا والقبر أفظع منه»([12]) .
أخي الحبيب: ماذا أعددتَ لأول ليلة تبيتها في قبرك بين الجنادل والثَّرى.. أما علمت أنها ليلة شديدة بكى منها العلماء، وشكى منها الحكماء، وشمَّر لها الصالحون الأتقياء؟!
فارقت موضع مرقدي | يومًا ففارقني السكون | |
القبر أول ليلة | بالله قل لي ما يكون |
سؤال القبر
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الميت يصير إلى القبر فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا شعوف - أي غير خائف ولا مذعور - ثم يقال له: فيم كنت؟ فيقول: كنت في الإسلام. فيقال: ما هذا الرجل؟ فيقول محمد صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه. فيقال له: هل رأيت الله؟ فيقول: ما ينبغي لأحد أن يرى الله، فيفرَّج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضًا فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله، ثم يُفرَّج له قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: هذا مقعدك. ويقال له: على اليقين كنت، وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله».
قال: «ويجلس الرجل السوء في قبره فزعًا مشعوفًا، فيقال له: فيم كنت؟ فيقول: لا أدري. فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولا فقلته، فيُفرَّج له قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: انظر ما صرف الله عنك، ثم يفرج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يَحطم بعضها بعضًا فيقال له: هذا مقعدك، على الشَّكِّ كنت، وعليه مت، وعليه تُبعث إن شاء الله»([13]) .
عذاب القبر ونعيمه
ثبت عذاب القبر بالكتاب و السنة والإجماع؛ قال تعالى: ﴿سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ﴾ [التوبة: 101]، وقال - سبحانه: ﴿وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر: 45، 46].
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قوله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ قال: «نزلت في عذاب القبر، يقال له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم »([14]) .
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر»([15]) .
وعنه أيضًا قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، إنه ليسمع قرع نعالهم، قال: يأتيه ملكان فيقعدانه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدًا من الجنة. قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: فيراهما جميعًا».
وأما المنافق والكافر فيقال له: «ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أ دري، كنت أقول ما يقول الناس. فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحةً يسمعها من يليه غير الثقلين» ([16]) .
زوروا القبور
حث النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على زيارة القبور فقال: «زوروا القبور فإنها تذكر الموت»([17]) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى المقابر قال: «السلام عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين، أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع، أسأل الله لنا ولكم العافية»([18]) .
أسباب عذاب القبر
يكون عذاب القبر على معاصي القلب والعين والأذن والفم واللسان والبطن والفرج واليد والرجل والبدن كله، وقد ورد الوعيد بالعذاب في القبر على كثير من المعاصي والذنوب منها:
1- الغيبة والنميمة 2- الكذب
3- الخيانة. 4- عدم الاستبراء من البول.
5- إضاعة الصلاة. 6- الزنى.
7- السرقة. 8- أكل الرِّبا.
9- القتل. 10- إسبال الثياب تكبرًا.
11- البدعة. 12- سب الصحابة وبغضهم.
13- ترك الزكاة. 14- شرب الخمر.
أشراط الساعة
أشراط الساعة هي العلامات التي تظهر قبل قيام الساعة، فيكون وقوعها دليلاً على قرب يوم القيامة؛ قال تعالى: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾ [محمد: 18].
وقال تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: 1].
ووقت الساعة لا يعلمه إلا الله تعالى، ولم يُطْلع عليه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾ [الأعراف: 187].
ومع ذلك فقد ورد في الكتاب والسُّنَّة كثير من العلامات التي تنذر بقرب قيام الساعة وحصول الدَّمار الشَّامل لهذا الكون، وقد قَسَّم العلماء أشراط الساعة إلى قسمين:
1- أشراط صغرى. 2- أشراط كبرى.
أشراط الساعة الصغرى
أشراط الساعة الصغرى كثيرة جدًا منها ما ظهر ومنها ما لم يظهر، إلا أنها تتابع في الظهور يومًا بعد يوم، ومن ذلك:
أ- بعثة النبي صلى الله عليه وسلم: لقوله عليه الصلاة والسلام: «بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه السَّبَّابة والوسطى»([19]).
2- موت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام لعوف بن مالك رضي الله عنه: «اعدُدْ ستًّا بين يدي الساعة: موتي ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذ فيكم كعقاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يُعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا، ثم تكون فتنة بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية (راية) تحت كلِّ غاية اثنا عشر ألفًا»([20]) . وقد أشار هذا الحديث إلى بعض علامات الساعة.
3- قتال العجم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «تقاتلوا خوزًا وكرمان من الأعاجم»([21]) .
4- قتال اليهود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود؛ فيقتلهم المسلمون؛ حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهوديٌّ خلفي، ،فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود»([22]) .
5- انتشار موت الفجأة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من اقتراب الساعة.. أن يظهر موت الفجأة» ([23]) .
وقد ظهرت هذه العلامة بشكل كبير في هذا العصر، وزادت عدد حالات الموت بسبب ما يسمى «السكتة القلبية المفاجئة»؛ نسأل الله تعالى العفو والعافية والاستعداد للموت ولقاء الله عز وجل.
6- ضياع الأمانة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة»([24]).
7- ظهور الشرك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان» ([25]) .
8- رفع العلم وظهور الجهل.
9- انتشار شرب الخمر.
10- انتشار الزنى.
11- قلة الرجال وكثرة النساء.
ويدل على الأربعة السابقة ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم ويظهر الجهل، ويفشو الزنا، ويُشرب الخمر، ويذهب الرجال، وتبقى النساء، حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد»([26]) .
12- انتشار الربا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين يدي الساعة يظهر الربا» ([27]) .
13- تقارب الزمان: أي قلة بركة الوقت وقصر الزمان وسرعة مروره، وقيل: المراد هو الإخبار بوسائل الاتصال والمواصلات الحديثة التي اختصرت الأوقات ووفرت الأزمنة.
14- كثرة القتل.
15- إلقاء الشُّح في القلوب.
ويشهد لما سبق قوله صلى الله عليه وسلم: «يتقارب الزمان ويُقبض العلم، وتظهر الفتن، ويُلقى الشحُ ويَكثر الهرج». قالوا: وما الهرج؟ قال: «القتل»([28]) .
16- موت العلماء: لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء»([29]) .
17- كثرة الزلازل: لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل»([30]) . وقد كثرت الزلازل في هذا العصر بشكل كبير، نسأل الله السلامة والعافية.
18- زخرفة المساجد والتباهي فيها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد»([31]) .
19- ازدهار أرض العرب: لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا»([32]) .
20- ظهور جبل من ذهب: لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يحسر ا لفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه»([33]) .
21- انتشار التَّبرُّج بين النساء: لقوله صلى الله عليه وسلم: «سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرحال؛ ينزلون على أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات، على رؤوسهم كأسنمة البخت العجاف، العنوهن؛ فإنهن ملعونات»([34]) .
22- تركُ الحَجِّ: لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى لا يُحَجُّ البيت»([35]) .
23- انتشار الفُحش ومساوئ الأخلاق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أشراط الساعة: الفُحش والتَّفَحُّش، وقطيعة الرحم، وتخوين الأمين، وائتمان الخائن»([36]) .
أشراط الساعة الكبرى
أما علامات الساعة الكبرى فإنها تقع جميعًا في وقت متقارب جدًا قبل قيام الساعة؛ فلا يفصل بين العلامة والتي تليها إلا زمن يسير؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « خروج الآيات بعضها على إثر بعض يتتابعن كما تتابع الخرز في النظام »([37]) .
قال الحافظ ابن حجر: وقد ثبت أن الآيات العظام مثل السلك؛ إذا انقطع تناثر الخرز بسرعة ([38]) .
وقد ذكرت أغلب هذه الأشراط في حديث حذيفة بن أسيد - رضي الله عنه - قال: اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال: «ما تذاكرون؟» قالوا: نذكر الساعة، قال: «إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات» فذكر: «الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف، خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم»([39]) .
وأشراط الساعة الكبرى هي:
1- خروج المهدي
والمهدي: رجل من أهل البيت يخرج في آخر الزمان لنصرة الدين وقمع الفتن، ودحر أهل الكفر والزندقة، وفي زمنه تظهر البركة في الزروع والثمار، وتكثر الأموال، ويعود للدين قهره وسلطانه، ومن الأحاديث الصحيحة التي ذكرت المهدي:
1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي»([40]) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبشركم بالمهدي، يبعث على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما ملئت ظلمًا وجورًا»([41]) .
2- خروج المسيح الدجال
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بصفات المسيح الدجال وشكله وهيئته حتى يعرفه المؤمنون ولا يفتنون به، ولا يغترون بما يجريه الله على يديه من خوارق؛ فهو رجل كافر من بني آدم أعور العين اليمنى، مكتوب بين عينيه كافر، يقرأ ذلك كل مسلم.
وفتنة الدجال من أعظم الفتن؛ حتى قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال»([42]) .
ومن الأحاديث التي وردت في شأنه:
1- قوله صلى الله عليه وسلم: «ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب ألا أنه أعور، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور، مكتوب بين عينيه، ك ف ر»([43]) . وفي رواية لمسلم: «يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب».
2- وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الدجال يخرج وإن معه ماء ونارًا فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس نارًا فماء بارد عذب، فمن أدركه منكم فليقع في الذي يراه نارًا فإنه ماء عذب طيب»([44]) .
3- وقال صلى الله عليه وسلم: «لينفرن الناس من الدجال في الجبال»([45]) .
4- وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين تحرسهما»([46]).
3- نزول عيسى بن مريم
ينزل عيسى بن مريم أثناء وجود الدجال وإفساده في الأرض، فينضم إلى الطائفة المنصورة، ويجتمعون على قتال الدجال والانتصار للإسلام والبراءة من أهل الكتاب.
ومن الأدلة على نزوله:
1- قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ﴾ [الزخرف: 61] أي أن نزوله قبل يوم القيامة علامة على قرب قيام الساعة.
2- قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ [النساء: 159].
3- وقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عادلاً فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها»([47]) .
وقد بينت الأحاديث الصحيحة أن عيسى بن مريم هو الذي سيقتل الدجال بحربته عند باب لد بفلسطين، روى ذلك مسلم وغيره، وبقتل الدجال يستريح المؤمنون وينجِّيهم الله تعالى من فتنة عظيمة أهلكت أغلب الناس.
4- خروج يأجوج ومأجوج
ويأجوج ومأجوج: قوم من البشر يفسدون في الأرض، وخروجهم علامة من علامات الساعة الكبرى، ومن أدلة خروجهم:
1- قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ [الأنبياء: 96].
2- قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾ [الكهف: 94].
3- وقال صلى الله عليه وسلم: «.. ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون فيمر أولئك على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها»([48]) .
وقد أشارت الأحاديث الصحيحة إلى أن نبيَّ الله عيسى ومن معه من المؤمنين سيحصرون بسبب إفساد يأجوج ومأجوج في الأرض، ثم يستغيث عيسى وأصحابه بالله عز وجل، فيرسل الله عليهم دودًا صغيرًا يهلكهم به، حتى تمتلئ الأرض بجثثهم ونتنهم، ثم يبعث الله طيرًا فتحمل تلك الجثث وتطرحها حيث شاء الله.
5- وقوع الخسف
وهو خسوف ثلاث لم تقع بعد؛ واحد بالمشرق، وآخر بالمغرب، وثالث بجزيرة العرب، وهو دمار شامل يحدث بهذه النواحي قبل قيام الساعة، ووقوعها دليل على قرب القيامة، وقد ذكرت الحديث الذي دل عليها.
6- ظهور الدخان
قال تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الدخان: 10، 11] وهو دخان عظيم، وقوعه دليل على قرب قيام الساعة؛ قال صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال ستًا: الدجال، والدخان، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وأمر العامة، وخويصة أحدكم»([49]) .
7- طلوع الشمس من مغربها
وإذا طلعت الشمس من مغربها أغلق باب التوبة، ولم يقبل إيمان أحد لم يكن آمن من قبل؛ قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: 158].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون؛ فذاك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا»([50]) .
8- ظهور الدَّابة
وهي دابة يخرجها الله تعالى من الأرض تنصح الناس وتبين لهم فسادهم واشتغالهم بالفسق والمعاصي، ولكنها إذا خرجت لا ينفع بعد خروجها الإيمان والتوبة.
قال تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾ [النمل: 82].
قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث إذا خَرَجْن لا ينفعُ نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض»([51]) .
نسأل الله أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
9- ظهور النار
وآخر علامات الساعة الكبرى هي ظهور نار عظيمة تخرج من اليمن، فتطرد الناس وتسوقهم إلى أرض المحشر؛ وهذا الحشر عبارة عن تجميع الناس في مكان واحد وهو الشام كما في الأحاديث، ويكون ذلك قبل النفخ في الصور وصعق العباد جميعًا، وقد مرَّ الحديث الذي عدد أشراط الساعة الكبرى، وفيه: «وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم»([52]) .
النفخ في الصور
قال تعالى: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ [المدثر: 8-10] قال ابن عباس: الناقور هو الصور.
وقد جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما الصور؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قرن ينفخ فيه»([53])، وقال صلى الله عليه وسلم: «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، واستمع الإذن حتى يؤمر بالنفخ فينفخ».
فكأن ذلك ثقل على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم: «قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل»([54]).
الموكَّل بالنفخ في الصور
ذهب بعض العلماء إلى أن النافخ في الصور هو إسرافيل، وذهب آخرون إلى أنه غير إسرافيل، وجمع ابن حجر - رحمه الله - بين القولين بأن أحد الملائكة ينفخ نفخة الصعق، وإسرافيل ينفخ نفخة البعث؛ فيكون كلاهما قد نفخ في الصور، وتجتمع بذلك الأدلة.
عدد النفخات
قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النازعات: 6، 7]، قال ابن عباس: الراجفة: النفخة الأولى، والرادفة: النفخة الثانية.
يرى بعض العلماء أنهما نفختان فقط: الأولى: نفخة الصعق، والثانية: نفخة البعث.
أما نفخة الفزع فيرى أصحاب هذا الرأي أنها نفخة الصعق؛ لأنهم إذا فزعوا صعقوا وماتوا، وصحح هذا الرأي القرطبي في التذكرة.
ويرى البعض الآخر من العلماء أنها ثلاث نفخات؛ فيزيدون نفخة الفزع مستدلين عليها بقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ *﴾ [النمل: 87]، ومن هؤلاء الحافظ ابن كثير - رحمه الله ؛ فقد قال في تفسيره: «يخبر تعالى عن هول يوم نفخة الفزع في الصور، وهو كما جاء في الحديث قرن ينفخ فيه، وفي حديث الصور أن إسرافيل هو الذي ينفخ فيه بأمر الله تعالى، فينفخ فيه أولاً نفخة الفزع ويطولها؛ وذلك في آخر عمر الدنيا حين تقوم الساعة على شرار الناس من الأحياء».
نفخة الصعق
وهذه النفخة تكون بعد حشر الناس في الدنيا إلى أرض المحشر بالشام؛ وبهذه النفخة يموت الخلق جميعًا؛ قال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ﴾ [الزمر: 68].
قال ابن كثير: هذه النفخة هي الثانية؛ وهي نفخة الصعق؛ وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السموات والأرض إلا من شاء الله؛ كما جاء مصرحًا به مفسراً في حديث الصور المشهور، ثم يقبض أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت ملك الموت، وينفرد الحي القيوم الذي كان أولا، وهو الباقي آخرًا بالديمومة والبقاء، ويقول: «لمن الملك اليوم؟» ثلاث مرات، ثم يجيب نفسه بنفسه فيقول: «لله الواحد القهار».
نفخة البعث
قال ابن كثير: «ثم يحيي الله أول من يحيي إسرافيل ويأمره أن ينفخ في الصور مرة أخرى وهي النفخة الثالثة نفخة البعث؛ قال الله عز وجل: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر: 68]؛ أي أحياء؛ بعدما كانوا عظامًا ورفاتًا صاروا أحياء ينظرون إلى أهوال يوم القيامة».
قال تعالى: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا﴾ [النبأ: 18]، وقال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾ [يس: 51، 52].
كيف يبعث الناس؟
عن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يُبعث كل عبد على ما مات عليه»([55]).
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله بقوم عذابًا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم»([56]).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده، لا يكلم أحد في سبيل الله - والله أعلم بمن يكلم في سبيله - إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا؛ اللون لون الدم، والريحُ ريح المسك»([57]).
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رجلاً كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمًا فوقصته ناقته فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبه، ولا تمسوه بطيب، ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا»([58]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب»([59]).
أهوال القيامة
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ و ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾و ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾»([60]).
قال القرطبي: وإنما كانت هذه السور الثلاث أخص بالقيامة؛ لما فيها من انشقاق السماء وانفطارها، وتكوُّر شمسها وانكدار نجومها، وتناثر كواكبها؛ إلى غير ذلك من أفزاعها وأهوالها، وخروج الخلق من قبورهم إلى سجونهم أو قصورهم بعد نشر صحفهم وقراءة كتبهم وأخذها بأيمانهم أو شمائلهم أو من وراء ظهورهم ([61]).
قال تعالى: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ *﴾ [الزلزلة: 1-7].
كيف ننجو من الأهوال؟
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة»([62]).
وعن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً مات فدخل الجنة، فقيل له: ما كنت تعمل؟ فقال: إني كنت أبايع الناس، فكنت أُنظر المعسر، وأتجاوز في السّكة. أي في قبض المال؛ فغفر له ([63]).
وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - أنه طلب غريمًا له فتوارى عنه، ثم وجده فقال: إني معسر، قال: آلله؟ فقال: آلله؟ قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سرَّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفِّس عن معسر أو يضع عنه»([64]).
الحشر
بعد أن ينفخ في الصور نفخة البعث يقوم الناس من قبورهم للحساب والجزاء؛ قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: 6]، وقال تعالى: ﴿وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا﴾ [طه: 102]، وقال تعالى: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾ [مريم: 85، 86].
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال: «أيها الناس؛ إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا - أي غير مختونين - ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: 104] ألا وإن أول الناس يُكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام، ألا وإنه يؤتي برجال من أمتي، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا تدري ما أ حدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: 117، 118]، فيقال: إنهم لم يزالوا مدبرين مرتدين على أعقابهم مذ فارقتهم»([65]).
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يُحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا». قلت: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعًا ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال: «يا عائشة! الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض»([66]).
الحساب
الحساب هو عرض أعمال العباد عليهم وتقريرهم بها؛ قال تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ *﴾ [الزلزلة: 7، 8]، وسمي يوم القيامة بيوم الحساب لأن الباري سبحانه وتعالى في هذا اليوم يعدِّد على الخلق أعمالهم من إحسان وإساءة ثم يعدد عليهم نعمه ويحاسبهم عليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من نوقش الحساب عذب». فقالت عائشة: قلت يا رسول الله! أليس يقول: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا *﴾ [الانشقاق: 8]، قال: «ليس ذاك الحساب، ذلك العرض» ([67]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «يلقى الله العبد فيقول: أي فُل أي : يافلان، ألم أكرمك وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى، فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتني. ثم يلقى الثاني فيقول له، ويقول هو مثل ذلك بعينه، ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك، فيقول: يا رب، آمنت بك وبكتابك وبرسلك، وصليت وتصدقت وصمت. ويثني بخير ما استطاع، فيقول: الآن نبعث عليك شاهدًا عليك. فيقول في نفسه: من ذا الذي يشهد علي؟ فيختم على فيه، ويقال لفخذه: انطقي. فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله، وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق الذي سخط الله عليه»([68]).
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه، ويقرره بذنوبه، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم إي رب. حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم. ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه، وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد: ﴿ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾»([69]).
الصلاة الصلاة
عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء»([70]).
الميزان
بعد عرض أعمال العباد عليهم وتقريرهم بها، يتم وزن هذه الأعمال بقدرة الله عز وجل وسلطانه.
قال تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: 47].
وقال تعالى: ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: 102، 103].
وهو وزن حقيقي وميزان حقيقي له كفتان كما في حديث البطاقة، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول له: أتنكر من هذا شيئًا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: ألك عذر أو حسنة؟ فبهت الرجل فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة واحدة، لا ظلم اليوم فخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فيقول: أحضروه فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم، قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، قال: فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء»([71]).
وهذا الرجل من عُصاة الموحدين، وهؤلاء تحت المشيئة إن شاء الله عذبهم وإن شاء غفر لهم، ولا ينبغي الركون إلى مثل هذا الحديث؛ فهذا الصديق رضي الله عنه كان يقول: «لو كانت إحدى قدمي في الجنة ما أمنت مكر الله» فكيف بك أنت يا مضيع؟!
الشفاعة
الشفاعة هي المقام المحمود الذي ورد في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الليْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: 79]. وقد ورد في الصحيحين وغيرهما أن الناس يوم القيامة يكونون في كرب وغم وضيق بعد أن يجمعهم الله في صعيد واحد، وتدنو الشمس من رؤوسهم فيقولون: ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيأتون الأنبياء فكلهم يقول: نفسي نفسي. ثم يأتون نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: «فيأتوني فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربي، ثم يفتح الله علي، ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه لأحد غيري من قبلي، ثم يقول: يا محمد ارفع رأسك سل تُعطه، واشفع تُشفَّع، فأرفع رأسي فأقول: يا رب أمتي أمتي»([72]).
وهذه هي الشفاعة العامة التي خُصَّ بها نبيُّنا صلى الله عليه وسلم؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام: «لكل نبي دعوة مستجابة فتَعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي»([73]).
وهذه الشفاعة العامة لأهل الموقف إنما هي ليعجل حسابهم، ويراحوا من هول الموقف وشدته.
أنواع الشفاعة
ثبت بالأدلة الصحيحة أن للنبي صلى الله عليه وسلم عدة شفاعات هي:
1- الشفاعة العامة وهي التي مرت.
2- شفاعته فيمن تساوت حسناتهم وسيئاتهم، فيشفع لهم ليدخلوا الجنة.
3- شفاعته في إدخال فريق الجنة بلا حساب.
4- شفاعته في رفع درجات بعض أهل الجنة فوق ما يقتضيه ثواب أعمالهم.
5- شفاعته في تخفيف العذاب عمن يستحقه.
6- شفاعته في أن يؤذن لجميع المؤمنين بدخول الجنة.
7- شفاعته في أناس أمر بهم إلى النار ألا يدخلوها.
8- شفاعته في أهل الكبائر.
تطاير الصحف
قال تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ [الإسراء: 71]، وقال تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: 13، 14]، وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾ [الانشقاق: 7-13].
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ذكرت النار فبكيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يبكيك؟» قالت: ذكرت النار فبكيت، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ فقال: «أمَّا في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحدًا، عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل، وعند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه أم في شماله، أم من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم حتى يجوز»([74]).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾، قال: «يُدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه، ويمد له في جسمه ستون ذراعًا، ويبيض وجهه، ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ، فينطلق إلى أصحابه، فيرونه من بعد فيقولون: اللهم آتنا بهذا، وبارك لنا في هذا. حتى يأتيهم، ويقول أبشروا: لكل مسلم مثل هذا. قال: وأما الكافر فيسودُّ وجهُه ويُمدُّ في جسمه ستون ذراعًا ويُلبس تاجًا من نار، فيراه أصحابه، فيقولون: نعوذ بالله من شر هذا، اللهم لا تأتنا بهذا. قال: فيأتيهم فيقولون: اللهم أخزه، فيقول: أبعدكم الله؛ فإن لكل رجل منكم مثل هذا»([75]).
الحوض
يقف النبي صلى الله عليه وسلم على الحوض والناس في عطش شديد، وينادي على أمته أن هلُّموا، فيأتي إليه الموفقون ويشربون منه شربة لا يظمؤون بعدها أبدًا؛ أما العُصاة فإنهم يُدفعون عنه ولا يقربونه، ويحال بينهم وبين الشرب منه؛ نسأل الله السلامة، وللنبي صلى الله عليه وسلم حوضان أحدهما هذا، والآخر نهر الكوثر في الجنة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا فرطكم على الحوض؛ من ورد شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدًا، وليردن عليَّ أقوامٌ أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم»([76]). وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم يقول: «إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما عملوا بعدك. فأقول: سحقًا سحقًا لمن بدَّل بعدي»([77]). ونهر الكوثر يصب في هذا الحوض عن طريق ميزابين من الجنة؛
قال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده لآنيتُه أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها.. يشخب - أي يسيل - فيه ميزابان من الجنة، من شرب منه لم يظمأ، عرضه مثل طوله، ما بين عمان إلى أيلة، ماؤه أشدُّ بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل» ([78]).
الصراط
ويضرب الصراط على متن جهنم: وهو جسر ممدود أحدُّ من السيف وأدقُّ من الشعرة؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا﴾ [مريم: 71].
ويمر الناس جميعًا مؤمنهم وكافرهم على هذا الصراط؛ فأما المؤمنون فيجتازونه ويصلون إلى الجنة، وتكون سرعتهم في اجتيازه بحسب أعمالهم، وأما الكفار فيتساقطون في النار والعياذ بالله؛ قال تعالى: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ [مريم: 72]؛ فتوهم نفسك يا أخي إذا صرت على الصراط، ونظرت إلى جهنم تحتك سوداء مظلمة قد لظى سعيرها، وعلا لهيبها، وأنت تمشي أحيانًا وتزحف أخرى.
وفي حديث حذيفة قال النبي صلى الله عليه وسلم: «.. وترسل الأمانة والرحم إلى جنبتي الصراط يمينًا وشمالاً فيمر أولكم كالبرق، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير وشد الرجال، تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفًا»؛ قال: «وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة، مأمورة تأخذ من أمرت به؛ فمخدوش ناج، ومكدوسٌ في النار»([79]).
الجزاء
بعد هذه الرحلة الشاقة التي تنخلع من هولها القلوب، وتطيش العقول، وتشيب الرؤوس، يعرف كل إنسان مصيره؛ قال تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: 105-108].
الجنة دار السعداء
قال تعالى: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران: 185].
وقال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ [الحجر: 45-48].
وقال تعالى: ﴿يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [الزخرف: 68-73].
وقال صلى الله عليه وسلم: «يأكل أهل الجنة فيها ويشربون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون، ولا يبولون، ولكن طعامهم ذاك جشاء كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتكبير، كما يلهمون النفس»([80]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر»([81]).
أول من يدخل الجنة
قال صلى الله عليه وسلم: «أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة.. أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة – عود الطيب- أزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعًا في السماء»([82]).
أدنى أهل الجنة منزلة
عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سأل موسى ربَّه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: ادخل الجنة. فيقول: أي رب كيف، وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلك مَلك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب. فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فيقول في الخامسة: رضيت رب، فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك، ولذَّت عينك. فيقول: رضيت رب، قال: رب فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي، وختمتُ عليها، فلم تر عين ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر»([83]).
شجر الجنة
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة سنة ما يقطعها»([84]).
خيام أهل الجنة
عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مُجوفة طولها في السماء ستون ميلاً، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضًا»([85]).
رؤية الله
عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى: تريديون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيِّض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجِّنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أُعطوا شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إلى ربهم»([86]).
جهنم دار الشقاء
قال تعالى: ﴿وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾ [الرعد: 35]، ويا حسرة من كانت النار مأواه، ويا ندامة من كانت جهنم عقباه.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ [النساء: 56].
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ *﴾ [إبراهيم: 48-50].
وقال تعالى: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾ [الكهف: 29].
وقال تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا * إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا * وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا * لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ [الفرقان: 11-14].
وقال تعالى: ﴿هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ * هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ * قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾ [ص: 55-60].
عظم جهنم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بجهنم يومئذ ولها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها»([87]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «نارُكم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم»([88]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «لو أن قطرة من الزقوم مطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه»([89]).
من أصناف أهل النار
قال صلى الله عليه وسلم: «يخرج عنق من النار يوم القيامة، له عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق يقول: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلهًا آخر، وبالمصورين»([90]).
هيئة الكافر في النار
قال صلى الله عليه وسلم: «ضرس الكافر مثل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث»([91]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاث للراكب المسرع»([92]).
توبيخ الكافر
قال صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابًا يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم، فيقول: أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم، أن لا تشرك بي شيئًا فأبيت إلا الشرك» ([93]).
أهون أهل النار عذابًا
قال صلى الله عليه وسلم: «إن أهون أهل النار عذابًا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحدًا أشد منه عذابًا، وإنه لأهونهم عذابًا»([94]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «أهون الناس عذابًا أبو طالب، وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه»([95]).
أشدُّ الناس عذابًا
قال صلى الله عليه وسلم: «إن أشدَّ الناس عذابًا عند الله يوم القيامة رجل قتل نبيًا أو قتله نبي، أو مُصور يصور التماثيل»([96]).
درجات العذاب
قال صلى الله عليه وسلم: «منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه إلى حُجزته - أي وسطه - ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته - أي أسفل النحر»([97]).
ذبح الموت
قال صلى الله عليه وسلم: «يُجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار، فيقال: يا أهل الجنة! هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون فيقولون: نعم، هذا الموت. ثم يقال: يا أهل النار! هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت، قال: فيؤمر به فيُذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة، خلودٌ بلا موت، ويا أهل النار! خلود بلا موت»، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [مريم: 39]» ([98]).
أسبابُ دخول الجنة والنجاة من النار
هناك أسباب كثيرة لا يمكن حصرها في هذا المقام توجب دخول الجنة والنجاة من النار، وبالجملة فكل طاعة لله تعالى سبب من أسباب دخول الجنة، والنجاة من النار، وكل معصية لله تعالى سبب من أسباب دخول النار، وعدم الفوز بالجنة، وقد ذكر في الأحاديث الصحيحة كثير من تلك الأسباب، منها:
1- التوحيد والإيمان والعمل الصالح.
2- الصلاة والزكاة والصوم والحج على الكيفية المشروعة عن النبي.
3- من مات له ثلاثة من الولد وصبر.
4- من عال ثلاث بنات أو أخوات وأحسن إليهن.
5- من ذَبَّ عن عرض أخيه المسلم.
6- من صلى أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأولى.
7- من كان سهلاً لينًا حسن الخلق.
8- من حافظ على صلاة الفجر و العصر في جماعة.
9- من جاهد في سبيل الله.
10- من أحصى أسماء الله الحسنى.
11- من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة.
12- من أكثر من قراءة سورة تبارك.
13- من أكثر من الصدقة وكفالة الأيتام ابتغاء وجه الله.
14- من ترك سؤال الناس شيئًا.
15- من حفظ لسانه وفرجه عن المحارم.
16- من أماط الأذى عن طريق المسلمين.
17- من تجاوز عن المعسر أو وضع عنه.
18- من مات بريئًا من الكبر والغلول والدَّين.
19- من صلت خمسها وصامت شهرها وأطاعت زوجها وحصنت فرجها.
20- من ماتت في نفاسها.
نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة، وأن ينجينا من النار، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
([1]) رواه الطبراني وحسنه المنذري.
([2]) متفق عليه.
([3]) رواه مسلم.
([4]) رواه الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه.
([5]) رواه البخاري
([6]) رواه أحمد والترمذي وحسنه.
([7]) رواه ابن ماجه والترمذي وصححه الألباني.
([8]) رواه مسلم.
([9]) متفق عليه.
([10]) رواه مسلم.
([11]) رواه أبو داود.
([12]) رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني.
([13]) ابن ماجه وصححه البوصيري.
([14]) متفق عليه.
([15]) رواه مسلم.
([16]) متفق عليه.
([17]) رواه مسلم.
([18]) رواه مسلم.
([19]) متفق عليه.
([20]) رواه البخاري.
([21]) رواه البخاري.
([22]) متفق عليه.
([23]) رواه الطبراني وحسنه الألباني.
([24]) رواه البخاري.
([25]) رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
([26]) متفق عليه.
([27]) رواه الطبراني وقال المنذري: رواته رواة الصحيح.
([28]) متفق عليه.
([29]) متفق عليه.
([30]) رواه البخاري.
([31]) رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني.
([32]) رواه مسلم.
([33]) متفق عليه.
([34]) رواه أحمد وصححه أحمد شاكر.
([35]) رواه الحاكم وصححه الألباني.
([36]) رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني.
([37]) رواه الطبراني وصححه الألباني.
([38]) فح الباري.
([39]) رواه مسلم.
([40]) رواه أبو داود والترمذي وأحمد وصححه الألباني.
([41]) رواه أحمد ووثق إسناده المنذري.
([42]) رواه مسلم.
([43]) متفق عليه.
([44]) متفق عليه.
([45]) رواه مسلم.
([46]) رواه مسلم.
([47]) متفق عليه.
([48]) رواه مسلم.
([49]) رواه مسلم.
([50]) متفق عليه.
([51]) رواه مسلم.
([52]) رواه مسلم.
([53]) حسنه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم.
([54]) رواه الترمذي وحسنه.
([55]) رواه مسلم.
([56]) متفق عليه.
([57]) متفق عليه.
([58]) متفق عليه.
([59]) رواه مسلم.
([60]) رواه الترمذي وحسنه.
([61]) التذكرة.
([62]) رواه مسلم.
([63]) متفق عليه.
([64]) رواه مسلم.
([65]) متفق عليه.
([66]) متفق عليه.
([67]) متفق عليه.
([68]) رواه مسلم.
([69]) متفق عليه.
([70]) رواه النسائي.
([71]) رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
([72]) متفق عليه.
([73]) متفق عليه.
([74]) رواه أبو داود.
([75]) رواه الترمذي وقال: حسن غريب.
([76]) متفق عليه.
([77]) متفق عليه.
([78]) رواه مسلم.
([79]) رواه مسلم.
([80]) رواه مسلم.
([81]) متفق عليه.
([82]) متفق عليه.
([83]) رواه مسلم.
([84]) متفق عليه.
([85]) متفق عليه.
([86]) رواه مسلم.
([87]) رواه مسلم.
([88]) رواه مسلم.
([89]) رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح.
([90]) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
([91]) رواه مسلم.
([92]) رواه مسلم.
([93]) متفق عليه.
([94]) رواه مسلم.
([95]) رواه مسلم.
([96]) متفق عليه.
([97]) رواه مسلم.
([98]) رواه مسلم.