×
كلمات مختصرة حول بعض فضائل الصلاة، وأهميتها، وبيان عقوبة تاركها.


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله تعالى واهب النِّعم الجزيلة، ورازق العطايا الجليلة، والصلاة والسلام على نبي الحق والفضيلة، وآله وأصحابه أهل المكارم النبيلة.

    أخي المسلم: قواعد هذا الدين العظيم؛ راسخة الأساس، تحكي لك عظمة هذا الدين وقوته..

    وكما أن للبنيان أساس وأركان يقوم بها؛ كذلك للإسلام أركان يقوم عليها، ويكتمل بها بنيانه..

    قال رسول الله ﷺ‬: «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان» [رواه البخاري ومسلم].

    أخي المسلم: لقد جعل الله تعالى هذه الأركان الخمسة معالم لدينه.. يعيش العباد من خلالها جمال الإسلام، وأهدافه السامية..

    وهذه لحظات من لحظات المحاسبة، ونحن على ظهر سفينة الإسلام الماخرة فوق لُجَّة هذه الحياة الدنيا!

    ومحاسبة هذا اللقاء؛ تتعلَّق بركن من تلك الأركان العظيمة.. (أركان الإسلام).

    إنه الركن الثاني بعد شهادة التوحيد.. لا صلاح لدين العبد إلا به!

    إنه: (الصَّلاة!) تلك العبادة الجليلة.. وذاك الرُّكن الرَّكين!

    من أقامها فقد قام له أمر دينه ودنياه.. ومن تركها فقد فسد أمره كله!

    أخي المسلم: إنها محاسبة لتلك النفس؛ التي إن أُعطيت مُناها؛ ازدادت مطالبها..

    ولا تزال تقول: هل من مزيد؟!

    فيا مَنْ ولدت في بساط الإسلام.. وتفيَّأت دوحته الوارفة. وأبصرت الهُدى والنُّور حولك!

    هلاَّ فتحت فؤادك لكلماتي هذه؟!

    إنها كلمات لن أكلُّفك فيها شططًا.. ولن أخاطبك فيها بغرائب الأمور!

    إنها كلمات منضوية تحت لواء مكتوب عليه:

    (هل أنت من المصلِّين؟!).

    وتحت هذا السؤال معانٍ كثيرة.. لا تخفى على اللبيب..

    فإذا كان الجواب: لا!

    سُئلتَ: لماذا لا تصلي؟!

    وإذا كان الجواب: نعم.

    سُئلت: هل أنت من المصلِّين حقًا؟!

    أخي المسلم: الصلاة نعمة عظيمة.. وعمل جليل.. لا يعرف حقيقته إلا من جرَّبه..

    قال رسول الله ﷺ‬: «استيقموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن» [رواه الحاكم وابن حبان/ صحيح الترغيب للألباني: 372].

    وجاء رجل إلى النبي ﷺ‬، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن شهدْتُ أن لا إله إلا الله، وأنكَّ رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته، فمَّمن أنا؟ قال: «من الصديقين والشهداء» [رواه البزَّار وابن خزيمة وابن حبان/ صحيح الترغيب للألباني: 355].

    أخي المسلم: إيَّاك أن تنسى أن النبي ﷺ‬ أخبرنا أن تارك الصلاة كافر!!

    فيا من حباك الله بالعقل.. وأكرمك بمعرفة الحق؛ هل هنالك زاجر؛ أكثر من أن يقال لك؛ إن تارك الصلاة كافر؟!

    فهذه أخي أول وقفة في أوراق هذه المحاسبة.. فأين أنت منها؟!

    * قال رسول الله ﷺ‬: «بين الرجل وبين الشرك والكفر؛ ترك الصلااة» [رواه مسلم وغيره].

    * وقال رسول الله ﷺ‬: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» [رواه أصحاب السنن وغيرهم/ صحيح الترغيب: 564].

    * ولما طُعن عمر بن الخطاب t وأخذه النَّزف، غُشي عليه، فحملوه، فادخلوه بيته، فما أفاق، نظر في وجوه من حضر، ثم قال: أصلَّى النَّاس؟! فأجابوه: نعم. فقال: لا إسلام لمن ترك الصلاة! ثم توضأ وصلَّى.

    * وقال ابن مسعود t: (من ترك الصلاة فلا دين له!).

    * وقال أبو الدرداء t: (لا إيمان لمن لا صلاة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له).

    * وعن عبد الله بن شقيق العقيلي، قال: (كان أصحاب محمد ﷺ‬ لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة).

    أخي المسلم: هذه الأدلة ترشدك إلى خطورة ترك الصلاة.. فإن كنت من المصلين؛ فاحمد الله تعالى.. واسأله الثبات على ذلك؛ فإن ذلك مما يغفل عنه الكثيرون.. فإن سؤاله الله الثبات على دينه؛ كان من ديدن النبي ﷺ‬، كما أخبرتنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله ﷺ‬ كان يكثر أن يقول: «يا مُثبِّت القلوب ثبِّت قلبي على دينك». قلت: يا رسول الله، إنك تُكثر أن تدعو بهذا الدعاء، فهل تخاف؟ قال: «نعم، وما يُؤمِّني أي عائشة وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن؟!» [رواه ابن أبي عاصم في السنة/ تصحيح الألباني: 233].

    أخي المسلم: حاسب نفسك.. فهذا رسولنا ﷺ‬ يدعو الله تعالى؛ أن يثبته على دينه! وقد رأى ﷺ‬ من الآيات وأمور الغيب ما يثبِّت فؤاده.. فكيف بك أنت؛ وحولك كل أسباب الفتنة والزِّيْغ!

    فاعتبر بذلك أخي؛ وداوم على سؤال الله تعالى الثبات على دينه.. وليس ذلك في الصلاة وحدها.. فما أحوجك إلى تثبيت الله تعالى وإعانته في أمرك كله..

    وإن كنت من أولئك المحرومين؛ الذين هجروا الصلاة، واتبعوا النفس الأمَّارة بالسوء؛ فراجع نفسك، وحاسبها، فإنك على خطر عظيم!!

    فإن تارك الصلاة محروم من خير عظيم.. ولو فكَّر في ذلك لعلم أنه في خسارة عظيمة!

    * تارك الصلاة محروم من نعمة الإيمان الكامل.. وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 2-4].

    وقال الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71].

    * تارك الصلاة؛ برئت منه ذمة الله ورسوله ﷺ‬..

    قال رسول الله ﷺ‬: «لا تترك الصلاة متعمدًا، فإنه من ترك الصلاة متعمدًا، فقد برئت منه ذمة الله ورسوله!» [رواه أحمد والبيهقي/ صحيح الترغيب للألباني: 573].

    * تارك الصلاة محروم من الخير والفلاح..

    فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].

    * تارك الصلاة ملطخ بأوحال المعاصي.. محروم من غسل الصلاة لأدران ذنوبه وخطاياه..

    قال رسول الله ﷺ‬: «أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟!» قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: «فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحُوا الله بهنَّ الخطايا» [رواه مسلم]ز

    الدَّرن: الوسخ.

    وقال رسول الله ﷺ‬: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهنَّ؛ إذا اجتنب الكبائر» [رواه مسلم].

    * تارك الصلاة بعيد عن رحمة الله تعالى..

    قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور: 56].

    * تارك الصلاة محروم عن سبب من أسباب تفريج الكربات..

    عن حذيفة t قال: «كان النبي ﷺ‬ إذا حَزَبَهُ أمر صلَّى» [رواه أبو داود/ صحيح الجامع للألباني: 4703].

    وقال وهب لن منبه رحمه الله: «إن الحوائج لم تُطلب إلى الله بمثل الصَّلاة، وكانت الكُرَب العظام تُكشف عن الأولين بالصَّلاة، قلَّما نزل بأحد منهم كُرْبة إلاَّ كان مفزعه إلى الصَّلاة».

    * تارك الصلاة محروم من الثواب والأمن يوم القيامة..

    قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 277].

    أخي المسلم: تلك هي حال تارك الصلاة.. وأسوأها حالاً؛ إذا كان يوم القيامة؛ كان من أهل النار، وفي أشد العذاب.. وأسوأ الدركات!

    وأما في الدنيا: فهو معذَّب بأنواع من العذاب؛ أقلها: قلق النفس، واضطراب أمره ... وأما ما سوى ذلك فكثير.. وأعظم ذلك: الغفلة، والإعراض عن الله تعالى، والدار الآخرة!

    وهذا عقاب أشد من أن يعاقب بأنواع العقوبات الدنيوية! فإن موت القلب، وبُعده عن الله تعالى؛ عقاب شديد! كما أن حياة القلب وسلامته وقربه من الله تعالى؛ لذَّة تفوق كل لذَّة.. يجدها أولئك الذين أنسَتْ قلوبهم بخدمة مولاهم تبارك وتعالى.. فهي عندهم أغلى من المال والولد!

    قال أبو الدرداء t: (لولا ثلاثٌ لأحببت أن أكون في بطن الأرض لا على ظهرها! لولا إخوان لي يأتوني ينتقون طيِّب الكلام؛ كما يُنْتقى طيِّب التمر، أو أُعفِّر وجهي ساجدًا لله، أو غدوة أو روحة في سبيل الله).

    أخي المسلم: فأين أنت من هذا الخير العظيم؟!

    فإنك لن تجد في اللذات أفضل لك من طاعة الله تعالى.. وإدمان مناجاته.. والتوجه إليه في العسر واليسر..

    والصلاة في الدرجة العالية في أعمال الطاعات.. وصاحبها أسعد الناس بالمناجاة..

    قال ثابت البناني رحمه الله: (الصلاة خدمة الله في الأرض، لو علم الله عز وجل شيئًا أفضل من الصلاة لما قال: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} [آل عمران: 39].

    فيا من أعرضت عن هذه النعمة الجليلة! أين ذهب عقلك عن كل هذه الفضائل؟!

    وبأي شيء تعوَّضتَ؟!

    فلتعلمن أنك لن تجد أسعد من تلك اللحظات؛ التي تقضيها وأنت بين يدي ربك تعالى؛ قائمًا تصلي..

    فلا تخدعنك الدنيا بآمالها الباطلة.. وزخرفها الفاني!

    وإذا مت وأن لا تصلي.. فأي خير ترجوه؟!

    وأي رحمة تطمع أن تجدها أمامك؟!

    فحاسب نفسك.. فإنك إن لم تحاسبها اليوم.. أهلكتك الغفلة؛ وأنت لا تشعر!

    وأي خاتمة أسوأ من أن تموت وأنت تارك للصلاة؟!

    فما أشد حسرتك يومها! وما أشد العذاب والنَّكال الذي ينتظرك!!

    فاتق الله ، واعلم أنَّك لن تخلد في الدنيا؛ فغدًا ستموت.. وتلقى ربك.. فماذا أعددت لذلك اليوم؟!

    أنسيتَ سكرات الموت وشدائدها؟! فيا ويلك يومها إن لم تكن من المصلِّين!!

    أنسيت القبر وفظائعه ..؟! فيا ويلك إن دخلته بغير صلاة!!

    أنسِيتَ الحشر والحساب وشدائد الموقف ...؟

    فيا ويلك إن كنت تاركًا للصَّلاة!!

    أنسيتَ النَّار وأغلالها، وشررها، وعقاربها، وحيّاتها؟! فيا ويلك يومها إن مررت على الصراط بغير صلاة!!

    فكم يومها من ساقط في النيران!!

    وكم يومها من صارخ ومستغيث!!

    عذاب شديد.. وأهوالٌ يشيب لها الوليد!!

    {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59].

    وغيٌ هذا جاء فيه عن ابن مسعود t قال: (الغي نهر أو واد في جهنم من قيح! بعيد القعر، خبيث الطعم، يُقذف فيه الذين يتبعون الشَّهوات!).

    فيا معرضًا عن الصلاة؛ احذر أن تكون من أهل هذا الوادي!

    أخي المسلم: أعاذني الله وإياك من ناره.. وجعلني وإياك برحمته في زمرة الناجين..

    أخي: كما قلت لك سابقًا : إن كنت من المصلين فاحمد الله تعالى على ذلك.. واسأله الثبات على ذلك.. فإنك على خير عظيم.. ستعرفه غدًا إذا وقف الناس أمام رب العالمين.. بل ستعرفه قبل يوم القيامة؛ في حياتك الدنيا.. ويوم أن تدخل قبرك؛ فلا تجد أنيسًا في تلك الوحشة إلاَّ عملك الصالح..

    فصلِّ لظلمة القبور.. وصلِّ لأهوال يوم النشور..

    وأنت أخي الشاب: لا تقولنَّ: إني قوي.. وأريد أن أستمتع بزهرة شبابي..

    فإنك تدري أن الموت لا يفرِّق بين صغير ولا كبير.. ولا الوزير.. ولا صاحب المنصب الكبير..

    فلتستغل زهرة أيامك في الطاعات.. ولتستثمر قوتك في فعل الصالحات..

    كان الإمام الثوري رحمه الله يصلي، ثم يلتفت إلى الشباب، فيقول: (إذا لم تصلوا اليوم فمتي؟!)

    أخي الشاب: الصلاة سر من أسرار سعادتك.. فأكثر منها؛ فأنت اليوم قوي.. كامل النشاط..

    فاجعل نشاطك وقوتك في الطاعات.. ولا تهدر ذلك في المعاصي والفاحشات..

    وحاسب نفسك في صباحها ومسائها.. تستقيم لك.. وتتبعك وهي طائعة..

    أخي المسلم: كانت تلك وقفات قصيرة على عتبة المحاسبة.. ومراجعة سريعة؛ حول ذلك الركن العظيم: (الصلاة).

    ولكن ليس في الوسع الإحاطة بكل أسرار تلك العبادة الرفيعة.. تالية الشهادتين..

    فلا تغفلنَّ.. وحاسب نفسك دائمًا:

    هل أنت من المصلِّين؟!

    والحمد لله تعالى.. والصلاة والسلام على النبي محمد وآله وصحبه وسلم..

    * * *