×
صلاح القلوب: رسالةٌ ذكر فيها الشيخ - حفظه الله - أمورًا ينبغي على كل مسلم الاعتناء بقلبه لأجلها، ونبَّه على الآفات الخمس المُهلِكة للقلب، ثم ذكر الدواء لهذه الآفات، فجاءت رسالةً جامعةً لكل ما يخص القلب والعناية به.

 صلاح القلوب

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله وخيرته من خلقه، بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، فبلَّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصـح الأمة، وجاهد في الله حقّ الجهاد حتى أتاه اليقين وهو على ذلك، فصلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع بإحسان سُنّته إلى يوم الدين، أما بعد:

            فإن الناظر في أحوال أكثر الناس يرى أمراً عجباً، يرى اعتناءً فائقاً بتحسين الظواهر وتجميلها وتزيينها بأنواع المحسنات والمجملات، وفي الوقت نفسه يرى غفلةً مطبِقة، وذُهولاً تاماً عن تزيين البواطن وإصلاحها، فكم هي الأوقات والجهود والطاقات التي تُصرف لتحسين المظاهر مع الغفلة التامة عن إصلاح القلوب والبواطن، حتى غدا كثير من الناس ليس له همّة إلا في جمال مظهره وحسن مطلعه، فصدق فيهم ما ذكره الله جلّ وعلا في وصف المنافقين حيث قال: ] وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [ (المنافقون: 4).

            فهذه حال قوم كانت مناظرهم بهيَّة، وأقوالهم خلابة، ولم يخرجهم ذلك عن كونهم خُشباً مسنَّدة، لا نفع فيها، فتلك مناظر لا مخبر لها، وأجرام لا أفهام لها، وهذه حال دنية لا يرضاها مؤمن لنفسه. بل لا يتم إيمان المؤمن ولا يصحُّ إلا بإصلاح باطنه وتزكية قلبه وتطييبه، فجمال الظاهر وحسنه لا يغني عن العبد شيئاً إذا كان باطنه وقلبه فاسداً قبيحاً، قال الله جلّ وعلا في الردِّ على قوم غرّهم حسن أحوالهم وجمال مظاهرهم، فجعلوا ذلك دليلاً على جمال عاقبتهم: ] وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِئْياً[ (مريم: 74) فأخبر سبحانه وتعالى بأنه أهلك أقواماً من قبل كانوا هم أحسن صوراً، وأكثر أموالاً، وأجمل أشكالاً فما أغنى عنهم ما كانوا يُمتعون ] أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[ (غافر: 82) فجمال الباطن وسلامة القلب هو الأصل والأساس الذي يُبنى عليه الفلاح في هذه الدنيا وفي الآخرة يوم المعاد، قال الله سبحانه وتعالى: ] يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ[ (الأعراف: 26).

            فأخبر جلَّ شأنه أن لباس التقوى وزينتها خيرٌ من جمال الظاهر بالريش وغيره، فلن يتحقق للعبد التزين بلباس التقوى والتحلي به إلا بإصلاح قلبه وتزكيته وتطييبه، فإن التقوى محلها القلب، قال الله تعالى: ] ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ[ (الحج: 32) فجعل الله جلَّ وعلا تعظيم شعائر الدين وشرائع الإسلام دليلاً على قيام التقوى في قلب العبد، وفي صحيح مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ‬ فيما يرويه عن ربِّه: ((يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنَّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في مُلكي شيئاً، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنَّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً))([1]) وهذا يدل على أن الأصل في التقوى تقوى القلب، وكذا الفجور فجوره، فقد أضاف النبي ﷺ‬ التقوى والفجور إلى محلها، وهو القلب. وقد صرَّح النبي ﷺ‬ بذلك، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة – t – قال: قال النبي ﷺ‬: ((التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، وأشار إلى صدره ﷺ‬))([2]) وإنما أشار النبي ﷺ‬ إلى صدره لأنه محل القلب الذي هو محل التقوى وفيه أصلها.

أيها الأخ الكريم: إن قلبك أمره عظيم، وشأنه جليل، فإن الله تعالى قد أنزل الكتب لإصلاحه، وبعث الرسل لتزكيته وتطييبه وتطهيره، قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ[ (يونس: 57) وقال سبحانه وتعالى: ]لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ والحِكْمَةَ[ (آل عمران: 164)

فأعظم ما جاء به الرسول صلوات الله وسلامه عليه إصلاح القلوب، ولذلك فإنه لا سبيل إلى تزكية القلوب وإصلاحها إلا من طريقه ﷺ‬.

ومما يؤكد ضرورة العناية بالقلب أنه تلك المضغة اللطيفة التي اصطفاها الله عزَّ وجلَّ بحكمته وعلمه فجعلها محلاً لنوره، ومقراً لهداه، وقد ضرب الله سبحانه وتعالى لذلك مثلاً في كتابه فقال سبحانه: ] اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ (النور: 35).

فالقلب محل المعارف، به يعرف العبد ربَّه ومولاه، وبه يعرف أسماء الله جلَّ وعلا وصفاته، وبه يتدبر آيات الله الشرعية كما قال الله سبحانه وتعالى: ] أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا[ (محمد: 24) أي: بل على قلوب أقفال تمنع من التدبر والتفكر، وبه يتدبر آيات الله الكونية الخلقية في الآفاق وفي الأنفس، قال الله تعالى:

]أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ[ (الحج: 46)

فبيَّن سبحانه وتعالى أن المعتبر في الانتفاع بالآيات الخلقية والكونية في الأنفس والآفاق عقل القلوب وإبصارها.

ومما يؤكد ضرورة العناية بالقلب أنه هو المطية التي يقطع بها العبد سفر الآخرة، فإن السير إلى الله تعالى سير القلوب لا سير الأبدان.

قطع المسافة بالقلوب إليـه لا

                        بالسير فـوق مقاعـد الرُّكبـانِِِ

روى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: رجعنا من غزوة تبوك مع النبي ﷺ‬ فقال: ((إنّ أقواماً خلفنا بالمدينة ما سلكنا شِعباً ولا وادياً إلا وهم معنا، حبسهم العذر)) وفي رواية مسلم من حديث جابر رضي الله عنه: ((إلا شركوكم في الأجر، حبسهم المرض))([3]) فهؤلاء قوم من الصحابة حُبستْ أجسادهم في المدينة بسبب العذر أو المرض، فلم يخرجوا مع رسول الله ﷺ‬ في تلك الغزوة ولكن خرجوا بقلوبهم وهممهم، فهم مع رسول الله ﷺ‬ بأرواحهم وبدار الهجرة بأشباحهم، وهذا من الجهاد بالقلب. قال ابن القيم رحمه الله: "وهذا من الجهاد بالقلب، وهو أحد مراتبه الأربع وهي: القلب، واللسان، والمال، والبدن، وفي الحديث: ((جاهدوا المشركين بألسنتكم وقلوبكم وأموالكم))([4]) ([5]).

فكان هؤلاء الصحابة الذين لم يخرجوا من المدينة للمرض أو العذر هم ومن خرج بنفسه وماله في الأجر سواء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. فالسبق إلى الله سبحانه وتعالى إنما يكون بالهمم وصدق الرغبة والعزيمة الجازمة، ولو تخلف العمل لعذر، قال ابن رجب رحمه الله: ((ليست الفضائل بكثرة الأعمال البدنية، لكن بكونها خالصة لله عز وجل، صواباً على متابعة السنة، وبكثرة معارف القلوب وأعمالها))([6])، ولهذا قال بكر بن عبدالله المُزني – رحمه الله - في بيان سرِّ سبق أبي بكر الصديق سائر الصحابة – رضي الله عنهم –: ماسبقهم أبوبكر بكثرة صوم ولا صلاة، ولكن بشيء وقر في صدره.

مـن لـي بمثـل سيـرك المدلـَّل

                         تمشـي رويـداً وتجـي في الأول

أيها الأخ المبارك: إن التقوى في الحقيقة هي تقوى القلوب لا تقوى الجوارح، يدل لذلك أن الله سبحانه وتعالى قال فيما يُذبح له من الهدايا والأضاحي: ] لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ[ (الحج: 37)، فتقوى القلوب هي التي تنال الله تعالى كما قال سبحانه وتعالى: ]إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه[ (فاطر: 10)، فالمقصود من العمل كله تقوى القلوب لله، وهي عبادتها له وحده دون ما سواه محبة وتعظيماً.

فالفضـل عنـد الله ليـس بصـورة الـ

 أعمـال بـل بحقائـق الإيمـان

وتفاضـل الأعمـال يتبـع مـا يقـو

                         م بقلـب صاحبـها مـن البرهـان

حتـى يكـون العامـلان كلاهمـا

                        فـي رتبـة تبـدو لنــا بعيــان

هـذا وبينهمـا كمـا بين السمـا

                         والأرض في فضـل وفـي رجحـان

ومما يؤكد ضرورة العناية بالقلب إصلاحاً وتزكية وتخلية من الآفات وتحلية بالفضائل: أن الله تعالى جعل محلَّ نظره من عباده قلوبهم، فعن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه – قال: قال رسولﷺ‬: ((إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم، وأشار بأصبعه إلى صدره))([7]).

فالأصل في الإيمان والكفر، والأصل في الهدى والضلال، والأصل في الصلاح والغيّ، إنما هو ما يقوم بقلب العبد، ولذلك ذهب عامة علماء الأمة إلى أن من أُكره على قول الكفر فإنه لا يُؤاخذ بذلك ما دام منشرح الصدر بالإسلام، مطمئن القلب بالإيمان، كما قال الله جلَّ ذكره: ] مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ[ (النحل106-107).

فإن هذه الآية قد نزلت-على قول أكثر المفسرين- في عمار بن ياسر رضي الله عنه، فإنه لما أسلم عذَّبه المشركون ونالوا منه نيلاً عظيماً، حتى أعطاهم بعض ما أرادوا من الكفر بالله والنيل من النبي ﷺ‬. فشكا عمار رضي الله عنه إلى النبي ﷺ‬ ما كان منه، وهو يبكي، فقال النبيﷺ‬: ((كيف تجد قلبك؟)) فقال عمار: مطمئناً بالإيمان، فقال النبي ﷺ‬ مبشراً ميسراً: ((فإن عادوا فعد))([8]) فالحمد لله الحميد المجيد.

ومما يؤكد ضرورة العناية بالقلب أن قلب الإنسان هو الملك المتوّج وهو الرئيس المتَّبع، فصلاحه وسلامته واستقامته رأس كل خير، وسبب كل فلاح في الدنيا والآخرة، ففي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))([9]).

وهذا يُظهر بجلاء أن عبادة القلب هي الأصل الذي تبنى عليه جميع العبادات، فصلاح الأجساد موقوف على صلاح القلوب، فإذا صلحت القلوب بالتقوى والإيمان صلح الجسد كله بالطاعة والإذعان. روى الإمام أحمد من حديث أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ﷺ‬:

 ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه))([10]).

فإيمان العبد لا يستقيم ولا يصلح إلا باستقامة قلبه وصلاحه، ولذلك علق العليم الخبير النجاة يوم القيامة على سلامة القلب وصحته وطيبه، فقال جلَّ وعلا: ]يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88)إِلاّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ[ (الشعراء: 88-89).

ومما يؤكد ضرورة العناية بالقلب أن من أبرز صفاته وأخص سماته التقلب والتصرف.

ومـا سمـي الإنسـان إلا لأنسـه

                        ولا القلـب إلا أنـه يتقلَّـب

فالقلب سريع التقلب، سريع التحول والتصرف. روى الإمام أحمد في مسنده من حديث المقداد بن الأسود – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((لقلب ابن آدم أشد انقلاباً من القِدر إذا اجتمعت غلياناً))([11]). ثم قال المقداد: إن السعيد لمن جُنِّب الفتن، يرددها ثلاثاً وهو يشير بذلك إلى أن سبب هذا التقلب ورود الفتن على القلوب، ولذلك كان أكثر دعاء النبي ﷺ‬: ((اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)). ففي مسند الإمام أحمد من حديث أم سلمة - رضي الله عنها– قالت: كان رسول الله ﷺ‬ يكثر في دعائه: ((اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك))([12]). وكان من دعائه ﷺ‬: ((وأسألك قلباً سليماً))([13]).

كل هذا لأن زلل القلب عظيم وزيغه خطير، فإن أهونه ميلٌ عن الله تعالى، ومنتهاه ختمٌ وطبعٌ وموتٌ، قال تعالى: ( كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ[ (الروم: 59) وقال جلَّ ذكره: ]أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ[ (الجاثـية: 23).

وهذا كله يبيِّن مكانة القلب ومنزلته وما له من خطر وأثر في سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.

أفلا تستحق هذه المضغة وقفة نظر وتأمل؟ !

أفلا يستحق هذا القلب وقفة تفتيش وتحقيق؟ !

أفلا يستحق هذا القلب وقفة تمحيص واختبار وامتحان؟

تَخْبُر فيها ما حواه صدرك وما وقر في قلبك قبل يوم تُبلى فيه السرائر، ويبدو فيه مكنون الضمائر]أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ[ (العاديات: 9-11).

أخي الكريم: اجتهد في حفظ قلبك وإصلاحه وحسن النظر فيه، دون كلل، ولا ملل. فإن قلبك أعظم أعضائك خطراً، وهو أكثرها أثراً، وأدقها أمراً, وأشقها إصلاحاً.

واعلم أن صلاح القلوب واستقامتها لا يحصل إلا بتخليتها من الأمراض، وحفظها من الآفات التي تفسدها.

وهذه الأمراض وتلك الآفات ترجع إلى خمس آفات هي أصول الداء ومصدر كل بلاء، من سلم منها فقد سلم.

فـإن تنـج منهـا تنج مـن ذي عظيمة

                   وإلا فإنـي لا إخــالك ناجيــا

الآفة الأولى: الشرك بالله تعالى دقيقهُ وجليله، صغيره وكبيره. فإن الشرك ظلم عظيم، وهو أصل كل فساد وشر، يظلم به القلب ويموت ويهلك]فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ[ (الأنعام: 125)، وقال جلّ ذكره: ]الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ[ (الأنعام: 82)، فالمؤمنون الذين صدقوا في إيمانهم فلم يخلطوا إيمانهم بشرك، أولئك لهم الأمن التام والاهتداء التام من ربِّ العالمين، وقال جلّ وعلا: ]سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً[ (آل عمران: 151).

فالقلب لا سلامة له ولا صلاح إلا بتوحيد الله وحده لا شريك له. فبقدر ما مع الإنسان من صدق التوحيد وسلامة الاعتقاد بقدر ما يحصل له من سلامة الصدر وصلاح القلب. فالقلب إنما خلق لمعرفة فاطره ومحبته وتوحيده، وأن يكون أحب إليه مما سواه وأرجى عنده من كل ما سواه وأجل، فصلاح القلب في أن يحصل له وبه المقصود الذي خلق له من معرفة الله ومحبته وتعظيمه، وفساده في ضدِّ ذلك، فلا صلاح للقلوب بدون ذلك قطُّ([14]).

الآفة الثانية: البدعة ومخالفة السنَّة. فإ ن البدع لا تزيد

صاحبها من الله إلا بُعداً, و هي تفسد القلوب و تعطلها عما ينفعها و يزكيها, فخير الهدي هدي محمد , و شرُّ الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة, وكل بدعةٍ ضلالة. فإذا امتلأ القلب بالبدع أظلم و فسد تصوره فأنَّى تحصل له السلامة, و لذ لك تواطأت كلمات السلف في التحذير من مصاحبة أهل البدع لما تورثه مصاحبتهم من فساد القلب, قال الفضيل بن عياض-رحمه الله: ((من جلس إلى صاحب بدعة أورثه الله العمى)) يعني في قلبه نعوذ بالله من ذلك.

إذا أنت لم تسقم و صاحبت مسقماً

      وكنت لـه خدنـاً فأنت سقيـم

وقد جعل النبي ﷺ‬من أسباب طهارة القلب من الغلِّ والهوى ـ وهما من أعظم أمراض القلوب وأدوائه الكبار ـ لزوم جماعة المسلمين وذلك بعدم الخروج عنهم ببدعة أو ضلالة أو فرقة أو مشاقة.

الآفة الثالثة: اتباع الشهوات ومواقعة السيئات. فالشهوات والسيئات من أعظم أسباب فساد القلب وهلاكه، قال الله تعالى في بيان أثر محبة الشهوات واتباعها: ]أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ[ (الجاثـية: 23)، فانظر كيف كان اتباع الشهوات سبباً للختم على القلب، ثم انظر وتأمَّل وتفكّر وتدبّر كيف سرى أثر هذا الختم والغطاء الذي على القلب إلى سائر أعضاء الجسد: ]وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ[ (الجاثـية: 23).

فاحذر يا من ترجو سلامة قلبك، احذر مرض القلب بالشهوة فإنه يورد المهالك والمعاطب، قال الله جلّ وعلا: ]كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[ (المطففين: 14).

فالذنوب تعمي القلوب، فالحذر الحذر من المعاصي فإنها سيئةُ العواقب.

رأيت الذنـوب تمـيت القلـوبَ

                        وقـد يـورث الذَّل إدمانـها

وتـرك الذنـوب حيـاة القلوب

                        وخـير لنفسـك عصيانهـا

روى الإمام مسلم من حديث حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله ﷺ‬ يقول: ((تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأيّ قلبٍ أُشربها نُكت فيه نكتة سوداء، وأيُّ قلبٍ أنكرها نُكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مُربادّاً كالكوز مجخِّياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه))([15]).

فالمعاصي تحيط بالقلب من كل جانب، فإذا اتبع الرجل هواه وارتكب المعاصي دخل قلبه بكل معصية يتعاطاها ظلمة، فإذا أصرَّ ولم يتب توالت عليه الظلمات وزادت فتزداد بذلك حيرته، وتتمكن شقوته، ويقع في المهلكات وهو لا يشعر، وتقوى ظلمة القلب حتى تعلو وجه صاحبها وتصير سواداً يراه كل أحد، قال ابن عباس – رضي الله عنه -: ((إن للحسنة لنوراً في القلب، وضياءً في الوجه، وقوة في البدن، وسعةً في الرزق، ومحبةً في قلوب الخلق، وإن للسيئة لظلمة في القلب، وسواداً في الوجه، ووهناً في البدن، وبغضاً في قلوب الخلق)). وهذه الأمور – هذا البياض وذلك السواد اللذان ذكرهما النبي ﷺ‬ في الحديث – قد يدركها ذوو البصائر في هذه الدنيا إلا أنها تظهر في وجوه أصحابها ظهوراً تاماً بيِّناً لا لبس فيه ولا غبش يوم القيامة، يوم تُبلى السرائر ويظهر مكنون الضمائر كما قال جل ذكره: ]وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60) وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ[ (الزمر60-61).

وكما قال سبحانه وتعالى: ]يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[ (آل عمران: 106- 107).

إن الذنوب كلَّها دقيقها وجليلها تفسد القلوب، وتعكر صفوها، ولذلك أمر الله تعالى بتركها، فقال جلَّ وعلا: ]وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُج[ (الأنعام: 120)، فواجب على كل مؤمن أن يترك الذنوب الظاهرة والباطنة، لا سيما آثام القلوب وخطاياها، فإنها شديدة الفتك عظيمة الأثر.

فمن ذلك الرياء الذي يحبط العمل، والعُجب الذي يُصيِّر الأعمال هباءً منثوراً، والغلّ والحقد والحسد التي تذهب بالحسنات وتكثر من السيئات.

وإن مما يفسد القلوب ويطفئ نورها إطلاق البصر في المحرَّمات، ولذلك أمر الله تعالى عباده المؤمنين بحفظ النظرات، فقال جلّ وعلا: ]قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ج ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ[ (النور: 30)، وقال تعالى في توجيهه لأصحاب النبي ﷺ‬ عند مخاطبة أزواج رسوله ﷺ‬ ]وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ[ (الأحزاب: 53).

فمن حفظ بصره أن يقع على محرم عوَّضه الله جلَّ وعلا بصيرة نافذة وقلباً صحيحاً سليماً قوياً. فاحفظ بصرك عن المحرمات، فَرُبَّ نظرة أورثت قلب صاحبها البلابل.

وإن مما يفسد القلوب ويعكر صفوها سماع المعازف والألحان، فالغناء يفسد القلب قال ابن مسعود – رضي الله عنه -: ((إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل)) فالغناء والمعازف يُثقل على قلبك التفكر في آيات الله تعالى، ويثقل على أذنك سماع الفرقان، ويثقل على بدنك الطاعة والإحسان.

قال الله تعالى: ]وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ[ (لقمان: 6)، وقد فسَّر غير واحد من السلف لهو الحديث في هذه الآية بأنه الغناء، وعلى هذا أكثر المفسرين. فالحذر الحذر من سماع المعازف والألحان، وإياك والاغترار بحال أكثر الناس، فإنه يصدق عليهم قول الله جلَّ وعلا: ]وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ج) (الأنعام: 116)، وأَكثر من قول: اللهم طهرني من خطاياي بالماء والثلج والبرد، فإن الخطايا صغيرها وكبيرها توجب للقلب كدراً وقذراً يحتاج معها إلى تطهير.

الآفة الرابعة: الشبهات التي تعمي عن الحق وتضل الخلق. فالشبهة داء خطير فتَّاك يذهب لذة الإيمان، ويذكي وساوس الشيطان، وتمنع صاحبها الانتفاع بالقرآن والسنة، قال الله جلَّ وعلا: ] فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ [ (آل عمران: 7) فهم لا ينتفعون من كتاب الله جلَّ وعلا ولا ينتفعون من سنة النبي ﷺ‬؛ لأن نظرهم في الكتاب والسنة لا لطلب الهدى بل للتشكيك والتضليل والتشبيه، وهذا يوجب الحذر من الشبه وأهلها، فإنها تتوارد على القلب حتى تورده المهالك، فمآلها إما إلى كفرٍ وإما إلى نفاق.

مازالت الشبهات تغزو قلبه        حتى تَشَحَّطَ بينهن قتيلا

فاحذر الشبهة وأهلها فلا تسمع لها ولا لأهلها، ولا تقرأ كتبهم، ولا تجلس إليهم، بل عاملهم بما أَمرك الله جلَّ وعلا في قوله: ]وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً[ (النساء: 140).

وأهل الشبهات من أعظم الخائضين في آيات الله بالباطل، قال الفضيل بن عياض – رحمه الله -: ((إياك أن تجلس مع من يفسد عليك قلبك، ولا تجلس مع صاحب هوى، فإني أخاف عليك مقت الله))، ولا عجب في ذلك، فإن أهل الشبهات يشككون المؤمن في دينه وفيما أخبر الله به رسوله، وهم جاهدون في تزيين مخالفة كتاب الله وسنة رسوله ﷺ‬ بآرائهم الفاسدة وشبههم الباردة وظنونهم الكاذبة]فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ[ (محمد: 21)، وقال

الله تعالى: ]أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً[ (النساء: 82)، وقال سبحانه: ]وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41)لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ[ (فصلت41-42).

الآفة الخامسة: الغفلة. وهي سهو يعتري القلب فيعميه عن أخذ ما ينفعه وترك ما يضره، فالغفلة أصل لكثير من الشرور، ومع ذلك فإنها من أكثر الخصال انتشاراً في الناس، قال الله جلَّ وعلا: ]وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ[ (يونس: 92)، هي والله داء خطير حذَّر الله منه ونهىعن صحبة أهله، فقال سبحانه وتعالى: ]وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ[ (الأعراف: 205)، وقال سبحانه: ]وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً[ (الكهف: 28)، فالغفلة تذهل القلب عما يزكيه، وعما ينفعه، وعما ينميه، وعما يصلحه ويطيبه.

أيها الأخ المبارك: هذه هي أصول الآفات والأمراض بين يديك قد نثرت، وباب نظرك قد طرقت، فالله الله في العزم على توقيها والأخذ بأسباب السلامة منها، فإن صلاح القلب واستقامته لا يأتي إلا بأسباب لابد من الأخذ بها، وأبواب لابد من طرقها وولوجها، فإن النتائج مربوطة بمقدماتها، فمن رجا النجاة من هذه الآفات الكبرى سلك مسالكها فإن السفينة لا تجري على اليبس ]وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً[ (الطلاق: 4)، فاحفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك.

روى البخاري في صحيحه من حديث أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((قال الله تعالى: إذا تقرّب العبد إلىّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إلىّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة))([16]).

وقال جلَّ شأنه: ]وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ[ (العنكبوت: 69)، فالعزم العزمَ والبدارَ البدارَ في طلب النجاة من هذه الأدواء والآفات، فقد قال الصادق المصدوق فيما رواه البخاري من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -: ((ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاء))([17]).

ولعَمر الله إن مَن أهمه أمر دينه، وانتبه من رقدة الغفلة، ورجا أن يكون يوم القيامة من الناجين؛ حرص غاية الحرص على معرفة أسباب سلامة قلبه، وطرائق علاجه، بعد توقي أسباب عطبه وهلاكه، ودونك

 بعض الأدوية التي تعينك على النجاة من هذه الآفات الكبرى والأمراض العظمى.

 الدواء الأول: القرآن العظيم والكتاب الحكيم.

فإن الله سبحانه وتعالى أنزله شفاءً لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، وقد خاطب الله جلَّ وعلا الناس جميعاً بذلك، فقال سبحانه وتعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ[ (يونس: 57-58) وقال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إلاَّ خَسَاراً) (الإسراء: 82)، فالقرآن أبلغ موعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وهو والله أنفع الأدوية لما في الصدور والقلوب من الآفات والأمراض، فيه الشفاء من أمراض الشهوات، وفيه الشفاء من أمراض الشبهات، وفيه ما يوقظ قلوب أهل الغفلات.

قال ابن القيم – رحمه الله -: ((جماع أمراض القلوب هي أمراض الشبهات والشهوات، والقرآن شفاء للنوعين، فيه من البينات والبراهين القطعية ما يبيِّن الحق من الباطل فتزول أمراض الشبهة. وأما شفاؤه لمرض الشهوات، فذلك بما فيه من الحكمة والموعظة الحسنة والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة)).

وإن من المهم لكل راغب في صلاح قلبه أن يعلم أن طريق الاستشفاء بالقرآن لا يحصل فقط بتلاوته، بل لابد من تدبره، والاعتبار بما فيه من الأخبار، والانقياد لما فيه من الأحكام ((اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا، و ذهاب همومنا وغمومنا)).

 الدواء الثاني: محبة العبد لله تعالى.

 فإنها من أنفع ما يعالج به القلب، ولا غرو فإن المحبة هي أصل العبودية، قال الله تعالى: ]وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ[ (البقرة: 165).

قال ابن القيم رحمه الله:

وصلاحـه وفلاحـه ونعيمـه

                         تجريـد هـذا الحب للرحمـن

أي صلاح القلب وفلاحه ونعيمه في إخلاص المحبة لله تعالى، فمحبة الله تعالى هي جنة القلب وقوتُه وحياته، فوالله إن القلب لا يفلح ولا يصلح ولا يستقيم ولا يتنعم ولا يبتهج ولا يلتذّ ولا يطمئن إلا بمحبة الله تعالى، روى البخاري ومسلم من حديث أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب الرجل لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار))([18]).

وبإنعام النظر في هذا الحديث يتبيَّن أن رحاه دائرة على محبة الله تعالى. فالمحبة أعظم واجبات الدين وأكثر أصوله وأجل قواعده، بل هي أصل كل عمل من أعمال الإيمان والدين، وقد قال الله جلَّ وعلا: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (التغابن: 11)، وعلامة المحبة ومعيارها الصادق قول الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (آل عمران: 31).

فبقدر ما معك من متابعة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً بقدر ما يكون معك من محبة الله تعالى التي تصلح بها القلوب

 الدواء الثالث: ذكر الله تعالى،

 قال الله سبحانه وتعالى: ]أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[ (الرعد: 28). وفي الصحيح من حديث أبي موسى – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت))([19]).

فالذكر للقلب كالماء للسمك فكيف يكون حال السمك إذا أخرج من الماء؟ فإن حاله كحال القلب إذا امتنع من الذكر، فالقلب إذا خلا من ذكر الله تعالى قسا وأظلم، قال الله تعالى: ]فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ[ (الزمر: من الآية22)، قال ابن القيم رحمه الله: ((لكل شئ جلاء، وإن جلاء القلوب ذكر الله تعالى)) قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوة قلبي، فقال أبو سعيد رحمه الله: ((أذبه بالذكر، فما أذيبت قسوة القلوب بمثل ذكر الله)).

ولذلك أمر الله تعالى المؤمنين بالإكثار من ذكره في مواضع عديدة منها قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً[ (الأحزاب41-42)، وقد كان النبي ﷺ‬ يذكر الله في كل أحيانه، كما أخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها، وقد وصف الله تعالى أولي الألباب فقال سبحانه: ]الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ[ (آل عمران: من الآية191)، وأقل ما يكون من ذلك المحافظة على الأذكار المقيدة: كأذكار الصباح والمساء، والأذكار التي في أدبار الصلوات، وغير ذلك من الأذكار التي لها أسباب أو جاءت في أحوال.

فاحرص بارك الله فيك على كثرة ذكر الله تعالى ما استطعت، فإن الذكر من أعظم أسباب الخروج من الظلمات إلى النور، وحصول الفضل والرحمة من رب العالمين، ولذلك فإن الله تعالى بعد أن أمر بذكره كثيراً وتسبيحه بكرة وأصيلاً ذكر جزاء ذلك فقال: ]هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً[ (الأحزاب: 43)، فجزاء الذاكرين إخراج من الظلمات إلى النور، وصلاة من رب العالمين ومن ملائكته.

 الدواء الرابع: التوبة النصوح وكثرة الاستغفار.

فالتوبة الصادقة المستوفية للشروط تجلو القلب، وتزيل عنه أوضار المعاصي والسيئات، فإن الإصرار على المعاصي يسوِّد القلب، فتجد قلب العاصي المصرِّ على العصيان في ظلمة وقسوة لا صفاء فيه ولا لذة، بل هو والله في عذاب وشقوة.

فالتوبة سعي من مساعي القلب لابد له منها ليصلح ويستقيم، فكثرة التوبة وتجديدها ودوام الاستغفار مما يصلح القلب ويطهره ويدفع لعمل الصالحات. وهذا رسول الله ﷺ‬ يقول في الحديث الصحيح: ((إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة))([20]) فأخبر ﷺ‬ أنه يزيل هذا الغين عن قلبه بالاستغفار، مع أنه ﷺ‬ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بغيره ممن أثقلت كاهله الذنوب، واستكثر من المعاصي والسيئات؟ أليس بحاجة إلى استغفار كثير يصلح به فساد قلبه؟ بلى والله ما أحوجنا جميعاً إلى ذلك، فإن العبد إذا تاب من الذنوب استفرغ من قلبه تخليطاته حيث خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً فإذا تاب من الذنوب تخلصت قوة القلب وإرادته للأعمال الصالحة، واستراح القلب من تلك الحوادث الفاسدة التي كانت فيه، قال تعالى: ]أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا[ (الأنعام: من الآية122).

فهذا مثل ضربه الله تعالى لمن كان ميت القلب بالكفر والجهل، فهداه الله بالتوبة من ذلك وأحياه بالإيمان، وآتاه نوراً يستضيء به، ويمشي به في الناس.

 الدواء الخامس: دعاء الله وكثرة سؤاله أن يصلح قلبك ويهديك

، فإن الدعاء باب عظيم من أبواب إصلاح القلوب، قال الله جلَّ وعلا: ]فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[ (الأنعام: 43).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((تأملت أنفع الدعاء، فإذا هو سؤال العون على مرضاته – أي مرضاة الله – ثم رأيته في الفاتحة في قوله تعالى: ]إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[ (الفاتحة: 5). وقد كان رسول الله ﷺ‬ يكثر من سؤال الله صلاح قلبه وثباته على الحق والهدى، ففي الترمذي بسند صحيح من حديث أم سلمة – رضي الله عنها – أن أكثر دعاء النبي ﷺ‬: ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك))([21] وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله ابن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء)) ثم قال ﷺ‬: ((اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك))([22]).

 الدواء السادس: كثرة ذكر الآخرة.

فإن الغفلة عن الآخرة عائق عن كل خير وبِرٍّ، وجالب لكل فتنة وشرٍّ، ولذلك قال النبي ﷺ‬: ((زوروا القبور فإنها تذكركم الموت))([23] وفي رواية ابن ماجه: ((فإنها تزهد في الدنيا، وتذكر الآخرة))([24]) فليس للقلوب أنفع من زيارة القبور وذكر الموت والآخرة، فإنها مقامع الشهوات، والموقظات من الغفلات؛ ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإكثار من ذكر هادم اللذات.

 الدواء السابع: مطالعة سير السلف الصالح.

 فإن في سيرهم وقصصهم عبرة لأولي الألباب، قال الله تعالى: ]وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ[ (هود: من الآية120).

فقصص أولياء الله من الأنبياء والمرسلين والصالحين والشهداء وغيرهم تثبت القلب وتورثه صلاحاً واستقامة، فإنه من نظر في سير القوم بعلمٍ وبصيرة أحيا الله قلبه، وأصلح سريرته لا سيما سيرة النبي محمد ﷺ‬؛ فإنها من أعظم ما يزيد الإيمان، ويصلح القلب والجنان.

 الدواء الثامن: صحبة الأخيار والمتقين الأبرار

؛ فإنهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، قال الله تعالى مخاطباً نبيه محمداً ﷺ‬: ]وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً[ (الكهف: 28)، وروى الإمام أحمد عن النبي ﷺ‬: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))([25] وقال مالك بن دينار: ((إنك أن تنقل الحجارة مع الأبرار خير من أن تأكل الحلوى مع الفجار)).

فاحرص على صحبة الأبرار والأخيار، احرص على

صحبة الذين إذا رؤوا ذكر الله تعالى، فإن صحبتهم حياة للقلوب، قال أحد السلف: ((إن كنت لألقى الرجل من إخواني فأكون بلقياه عاقلاً أياماً)). وقال الآخر: ((كنت أنظر إلى أخ من إخواني فأعمل على رؤيته شهراً)).

هذه أصول دواء القلب وأسباب صلاحه؛ فاحرص على فهمها وحسن العمل بها، فإن السعادة الحقيقية لا تحصل إلا بسلامة القلب وصحته، لا أكمل ولا أسعد ولا أطيب ولا ألذ ولا أنعم من حياة الذين صلحت قلوبهم وطابت سرائرهم.

أسال الله الكريم رب العرش العظيم أن نكون ممن يفد إليه جلَّ وعلا بقلب سليم: ]يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ[ (الشعراء 88-89)، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرزقني وإياكم الاستقامة على شرعه، وأن يرزقنا قلوباً خاشعةً وأعمالاً صالحة، وأن يؤتي نفوسنا تقواها، وأن يزكِّيها هو خير من زكَّاها، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على البشير النذير محمد وعلى آله وصحبه.

كتبه

خالد بن عبدالله المصلح

القصيم - عنيزة

ص ب: 1060

* * *



([1])  صحيح مسلم رقم (2577).

([2])  صحيح مسلم رقم (2564).

([3]) البخاري (4423)، مسلم (1911).

([4])  أخرجه أبوداود (2504)، النسائي (6/7)، وهو عند أحمد أيضاً (3/124 ، 153).

([5]) زاد المعاد (3/571) .

([6]) المحجة في سير الدلجة ص (52).

([7]) رواه مسلم  (2564) .

([8]) رواه الحاكم (2/357) وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي .

([9]) البخاري (52)، مسلم (1599).

([10]) المسند (13079).

([11]) المسند (24317).

([12])  المسند (27054).

([13])  أخرجه أحمد (4/123 ، 125)، والترمذي (3407)، والنسائي (1305).

([14])  مجموع الفتاوى (18/163).

([15])  صحيح مسلم (144).

([16])  صحيح البخاري (7405).

([17])  صحيح البخاري (5678).

([18])  البخاري (21)، مسلم (43).

([19])  البخاري (6407).

([20])  أحمد (18002).

([21]) سنن الترمذي (2140).

([22]) صحيح مسلم (2654).

([23]) رواه مسلم (976) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([24]) سنن ابن ماجه رقم (1571) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

([25]) المسند (2/303)، (8015) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.