الطريق إلى الامتياز
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن الطريق إلى الامتياز في النجاح الدراسي هو منهج له أسس وقواعد قاسمها المشترك دائمًا هو الجد والاجتهاد والطموح والمثابرة.
وبقليل من التنظيم الحازم، وكثير من الجد المتواصل يستطيع الطالب – أي طالب – أن ينال مراده ويظفر بمبتغاه.
فما هو الطريق إلى نيل الامتياز؟
العزيمة
أخي الطالب: إن العزم والمثابرة هما شرطان لا غنى لطالب الامتياز عنهما. فمهما تكن العوائق التي تواجهك في مسيرتك العلمية فإنك إذا عقدت النية على الجد، وعزمت على الصبر والتحمل وعرفت كيف تحافظ على وقتك وتنظم أعمالك واستعنت بالله في ذلك – فإنك إن شاء الله تنال الامتياز.
فدرب الامتياز خطوات محسوبة معدودة، أولها ومبدؤها العزيمة والصبر..
ولذلك قال الشاعر:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم | ||||
وتأتي على قدر الكرام المكارم | ||||
وتعظم في عين الصغار صغارها | ||||
وتصغر في عين العظيم العظائم | ||||
التنظيم
التنظيم سمة أساسية في الطالب الراغب في الحصول على الامتياز ويشمل التنظيم ما يلي:
1- تنظيم وقته: فلا تجد أوقاته إلا مقسمة على مهامه وواجباته، يعرف جيدًا كيف
يصرفها، وكيف يغتنمها، فوقت الحفظ والمراجعة عنده مسطر في برنامجه، ووقت الراحة والزيارة والاهتمامات الشخصية عنده محدود معين، فلا يخلط بين أوقاته ولا يجهل قيمتها.. وهو بذلك يمتثل لقول رسول الله ﷺ: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وصحتك قبل سقمك، وحياتك قبل موتك» [رواه الحاكم].
2- تنظيم جهده: وذلك بالحرص على بذل الجهد الأكبر في المهام الكبيرة، والاهتمام أكثر بالواجبات الصعبة التي يتضاعف معاملها وتستحق منه طاقة مضاعفة.
فبعض الطلاب رغم اعتنائهم بتنظيم أوقاتهم يعيشون في فوضوية ملحوظة حينما يبذلون جهدهم الكبير في المواد الثانوية لقدرتهم عليها، بينما يهملون المواد الأساسية لما تقتضيه من الصبر والحرص، وهذا يؤدي في النهاية إلى قصورهم العلمي.
3- تنظيم الدروس: وهو عنصر مهم من عناصر النجاح وبلوغ درجة الامتياز، فإن الاعتناء بكتابة الدروس وترتيبها وتوضيحها يساعد بشكل كبير على المذاكرة والتركيز، ويفتح النفس للحفظ.
والطلاب بالنسبة لترتيب دروسهم أصناف ثلاثة:
الصنف الأول: لا يعتني بالكتابة مطلقًا، ويعتمد في ذلك على نسخ المذكرات من غيره في الأيام الأخيرة قبل الامتحان، وهذه الفئة لا تعد من أهل الامتياز قطعًا.
الصنف الثاني: صنف يكتب الدروس لكن يفوته معظمها، وليس له اعتناء بتنظيم دروسه لذلك فهو يجد صعوبة بالغة في التركيز، ويشكو من شتات أفكاره كلما هم بالمذاكرة والمراجعة.
أما الصنف الثالث: فصنف دقيق في كتابة دروسه أولاً بأول، ينظم أوراقه، ويعتني بتسجيل الملاحظات والفوائد، ولا يفوته شيء يخص دروسه إلا ويقيده بنظام متقن، فدفاتره تعكس اجتهاده وتمكنه من التركيز واستحضار الدروس وحفظها.
وفرق كبير بين طالب مثابر على الحضور والكتابة وتنظيم أفكاره مما يمكنه من سهولة الحفظ وقراءة الخط واستحضار ما كتبه، وبين طالب يحفظ من خط غيره في لحظات الضيق والحرج.
العلم صيد والكتابة قيده | ||||
قيد صيودك بالحبال الواثقة | ||||
فمن الحماقة أن تصيد غزالة | ||||
وتفكها بين الخلائق طالقة | ||||
أخي الطالب: فإذا كنت تحب نيل الامتياز فلا تهمل دفاترك وكن السباق إلى كتابة دروسك وحضور محاضراتك، والاجتهاد في تنظيمها والتنسيق بين فقراتها.
3- تنظيم الأعمال الشخصية: ومن سمات الطالب الناجح أيضًا أن يكون متوازنًا في نفسه ومظهره ،وأعماله؛ لذلك فهو يعتني بترتيب مكتبته وسطح مكتبه، فلا تجد نفسيته إلا منشرحة للمبادرة إلى أداء واجباته، بعكس الطالب الفوضوي فإنه وإن عزم على مراجعة دروسه فإنه يجد نفسه أمام خليط من الأوراق والكتب مما يبعث في نفسه الملل فيتثاقل عن البحث ومباشرة مسؤولياته.
ومن سماته أيضًا – أي الطالب الناجح – أنه ينظم أفكاره، ويستعين على ذلك بمفكرته الجيبية يسجل فيها مهامه.. أين سيذهب؟ ومتى سيعود؟ وماذا سيفعل؟ فلا تجده متخبطًا في سيره ولا حائرًا في أمره لأنه يعرف وجهته، ويعلم جيدًا ماذا يريد بكل خطوة يخطوها.
كيف تحضر دروسك؟
أخي الطالب: إن عملية تحضيرك للدرس قبل تحصيله في الفصل، تساعدك بشكل كبير في فهم المعوقات التي تعوق فهمك، كما تعطيك تصورًا واضحًا عن محاور الدرس واتجاهاته.
لنقل مثلاً أنك على موعد يوم غد مع درس جديد في مادة من المواد التي تحتاج إلى تحضير، ولنختر مثالين في هذا الباب.
المثال الأول: درس في مادة النحو: ولتحضير هذا الدرس عليك اتباع الخطوات التالية:
1- قراءة الدرس من الكتاب – بتأمل – مرة ومرتين وثلاثًا حتى الفهم.
2- إذا واجهتك إشكالات في الفهم، فسجلها على ورقة خاصة، وحاول أن تحل الإشكال بالاستفسار عنها ممن هو أعلم منك في البيت، أو بالاستعانة بمراجع أخرى في مكتبك لا سيما الكتب الميسرة، وإذا اضطررت إلى شرائها – وكنت قادرًا – فهو حسن.
3- بعد القيام بهذا الجهد سجل كل الاستفسارات التي واجهتك أثناء تحضيرك لتطرحها على المدرس في الفصل إن لم يتطرق إليها بالشرح والتحليل، واجعلها عمدتك في المشاركة.
وتأكد أن هذه الطريق ستكسبك مهارة في تحضير الدروس، وستجعلك أكثر فهمًا للدرس وستسهل عليك عملية الحفظ وتوفر لك الوقت وتضمن لك بإذن الله النجاح.
المثال الثاني: درس في المواد العلمية كالفيزياء مثلاً:
1- قم بقراءة الدرس قراءة متأنية.
2- حاول تلخيص الدرس مركزًا على القواعد الجديدة المهمة فيه.
3- حاول فهم الأمثلة وحفظها، وكذلك الأمر بالنسبة للتجارب إذا كان الأمر يتعلق بمادة الكيمياء أو الفيزياء مثلاً.
4- حاول حلَّ التمارين المتعلقة بالدرس – ولا بأس إذا فشلت بعد الجهد والمحاولة لأن ذلك سيدفعك إلى التركيز أكثر مع الأستاذ في الفصل لتعرف أين كان الخلل؟!
5- سجل الإشكالات التي تواجهك لتكون قاعدة لمشاركتك في الفصل.
وبالمداومة على هذه الطريق ستجد نفسك ماهرًا في تحضير دروسك، بل وستكتشف أنك الأستاذ الأول لنفسك! وأنه لا يلزمك إلا الشيء القليل لاستيعاب درسك بالكامل.
وعلى المثال الأول تقاس جميع التخصصات الأدبية، كما أن على المثال الثاني تقاس جميع التخصصات العلمية.
كيف تحفظ دروسك؟
عملية حفظ الدروس عملية متفاوتة بحسب قدرات الطلاب وهممهم، ولكن الذي لا شك فيه أن الحفظ في متناول الجميع. فكل درس يستطيع أن يحفظه كل طالب إذا هيأ نفسه لذلك.
وإليك أخي نصائح مهمة في حفظ الدروس:
1- عليك أن تحرص على الفهم أولاً، ويعني ذلك الحرص على تحضير الدرس قبل حضوره، والتركيز في الفصل أثناء إلقاء الأستاذ للدرس، ثم الحرص على كتابته بخطك فإن ذلك من أكبر العوامل على الاستذكار.
2- إن بدأت في الحفظ ولم تكن بعد قد فهمت الدرس، فحاول أولاً فهمه بقراءته قراءة متأنية، وتمعن محاوره وفقراته فقرة فقرة.
3- بعد فهم الدرس فهمًا جيدًا حاول قراءته مرتين أو ثلاثًا.
4- قسّم الدرس إلى أجزاء يمكن حفظها بسهولة ثم قم بتسجيل ذلك الجزء في ذهنك بقراءته وترداده دون نظر في الكتاب أو الورق، ثم كرر ما حفظته مرات عديدة حتى تطمئن فإن إصرارك على التكرار بتركيز سيؤدي إلى ترسيخ المعلومة مهما كنت تشتكي من قلة الحفظ فلا تيأس.
5- إذا حفظت مقطعين متفرقين، فحاول تكريرهما مجتمعين حتى تطمئن نفسك لحفظهما.. وهكذا تقوم بعملية الحفظ لأجزاء الدرس جزءًا جزءًا جامعًا اللاحق بالسابق حتى تنتهي من الأجزاء كلها، فتستظهر الدرس كله، وتطمئن على حفظه.
6- استخرج أسئلة لكافة نقاط الدرس وقم بتدوينها في ورقة مصاحبة للدرس، واطرح على نفسك تلك الأسئلة ثم أجب عنها في كل مراجعة، فإنها غالبًا ما تكون تلك هي أسئلة الامتحان.
7- أما إذا كان تخصصك علميًا فتضيف إلى جانب حفظ القواعد والقوانين الرياضية والفيزيائية ونحوها، دراسة التمارين، والتمرس عليها من خلال الكتب المتاحة التي تحتوي على التمارين وحلولها.
إن الطالب ذا التخصص العلمي لا ينبغي له أن يقنع بالتمارين التي في كتب المقرر بل عليه أن يبحث عن الكتب الموسعة، لا سيما الأجنبية منها فإنها تفيد كثيرًا في تغذية مدارك الطالب العلمي.
كيف تواجه الامتحان؟
1- إذا اقترب موعد الامتحان، فلابد أن تعد له العدة في وقتها المناسب وذلك بوضع برنامج عملي جديد لمدة معينة، تنتهي فيها من مذاكرة كل دروسك قبل أسبوع من مجيء الامتحان، وهذا سيجعلك قادرًا على اكتساب وقت كاف لتدارك أي نقص محتمل في دروسك، كما يهيئك نفسيًا للامتحان.
2- حاول أن تكون المدة التي تجهز فيها نفسك للامتحان لا تقل عن شهر.
3- حاول أن تطلع على أسئلة متنوعة للسنوات السابقة دون أن تعتمد عليها، ولكن فقط لتأخذ صورة عن كيفية ورود الامتحان.
4- استعن بالله جلَّ وعلا فإن من توكل على الله كفاه، قال تعالى: }وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{، واحرص على الإلحاح على الله في الدعاء حتى ولو كنت مهيأً تهيؤًا تامًا للامتحان فإن التوفيق بيد الله وحده.
5- حاول أن لا تسهر ليلة الامتحان بل نم مبكرًا، واستيقظ مبكرًا، حتى لا يصيبك الإجهاد ويعوقك عن الجواب.
6- إذا أنهيت الامتحان ففوض أمرك إلى الله، وارض بما قسم لك، ولا تقل لو فعلت كذا لكان كذا وكذا فإن (لو) تفتح عمل الشيطان.
خاتمة
إن الامتياز في النجاح الدراسي لا ينتهي بانتهاء الدراسة ومواسمها، بل إن الطموح يقتضي من الطالب اجتهادًا متواصلاً حتى في أوقات العطل والإجازات.. فالامتياز يفتح لصاحبه آفاق البحث على فروع العلم ودقائقه.. فتجد الطالب المتميز في علوم الرياضيات مثلاً لا يشبع من المسائل التي تقع عليها عينه أثناء دراسته للمقرر.. ولأن الرياضيات متسلسلة في مواضيعها مترابطة في مسائلها، فإن الطالب الناجح يستغل أوقات فراغه في الإجازات والعطل ليطلع ويتعمق في كل المسائل التي لم يدرك وقتًا للاطلاع عليها في موسم الدراسة.. وهو بهذا الطموح والبحث والمثابرة يفتح لنفسه آفاقًا جديدة للامتياز في سنواته القادمة.
وهذا يصدق أيضًا على كل التخصصات العلمية.. سواء كان تخصصًا في الاقتصاد.. أو الأدب.. أو اللغة.. أو الدراسات الاجتماعية.. أو الإسلامية.. كما يصدق على كل المستويات الدراسية.
وإليك أخي نصائح مهمة للاستفادة من أوقات الإجازة دعمًا لطموحك إلى الامتياز في المستقبل.
1- حاول أن تراجع مقرراتك السابقة لا سيما مقررات التخصص الذي أنت عازم على المضي فيه.
2- حاول أن تتقن الوسائل التي تدعم تخصصك وأعني بذلك الحاسب الآلي وسائر البرامج التطبيقية التي تدعمك في تعليمك وذلك من خلال المشاركة في الدورات التعليمية المناسبة لطموحك، فمن المعلوم أن سائر العلوم البحتة أصبحت لا تستغني إطلاقًا عن الحاسوب فإذا أتقن الطالب استعمالاته فقد قطع شوطًا في نيل الامتياز، وهذا كما يصدق على العلوم الرياضية والهندسية والإدارية والاقتصادية يصدق أيضًا على العلوم الأخرى.
3- حاول أن تضع برنامجًا ثقافيًا لنفسك من خلال تحديد كتب للمطالعة وأخرى للدراسة أو المدارسة مع الأصدقاء ذوي الهم نفسه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* * * *