الجهاد في سبيل الله في ضوء الكتاب والسنة
التصنيفات
الوصف المفصل
- الجهاد في سبيل الله في ضوء الكتاب والسنة
- المقدمة
- المبحث الأول: تعريف الجهاد لغة وشرعاً
- المبحث الثاني: حكم الجهاد في سبيل الله
- المبحث الثالث: مراتب الجهاد في سبيل الله
- المبحث الرابع: ضوابط الجهاد في سبيل الله تعالى
- المبحث
الخامس: أنواع الجهاد في سبيل الله
- الجهاد في سبيل الله أنواع منها ما يلي :
- النوع الأول:جهاد الكفار وهو نوعان:جهاد الطلب، وجهاد الدفع([76]).
- النوع الثاني: جهاد المنافقين، والمرتدين([77]).
- النوع الثالث: جهاد البغاة المعتدين الذين يخرجون على الإمام المسلم ولهم تأويل سائغ وشوكة، وفيهم منعة وقوة([78])، والأصل في ذلك قوله تعالى: ]وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الـْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الـْمُقْسِطِينَ* إِنَّمَا الـْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[([79])، وعن عرفَجَة t قال: قال رسول الله ﷺ: ((إنه ستكون هناتٌ وهناتٌ([80]) فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان))، وفي لفظ: ((من أتاكم وأمرُكُم جميعٌ على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه))([81]).
- الجهاد في سبيل الله أنواع منها ما يلي :
- المبحث السادس: أهداف الجهاد والحكمة من مشروعيته
- المبحث
السابع: فضل الجهاد في سبيل الله تعالى
- 1- الجهاد في سبيل الله تجارة رابحة:
- 2- فضل الرباط في سبيل الله تعالى:
- 3- فضل الحراسة في سبيل الله تعالى:
- 4- فضل الغدوة أو الروحة في سبيل الله:
- 5- فضل من اغبرَّت قدماه في سبيل الله:
- 6- الجنة تحت ظلال السيوف:
- 7- الجهاد لا يعدله شيء:
- 8- درجات المجاهدين في سبيل الله:
- 9- ضيافة الشهداء عند ربهم:
- 10- دم الشهيد يوم القيامة:
- 11- تمني الشهيد أن يقتل عشر مرات:
- 12- أرواح الشهداء تسرح في الجنة:
- 13- ما يجد الشهيد من ألم القتل:
- 14- فضل النفقة في سبيل الله تعالى:
- 15- الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون:
- 16- الجهاد باب من أبواب الجنة:
- 17- ما يُبلِّغ منازل الشهداء:
- 18- فضل المجاهدين على القاعدين:
- 19- الرحمة والمغفرة للشهداء:
- 20ـ القتل في سبيل الله يُكفِّر كل شيء إلا الدَّين:
- 21- المجاهد بنفسه وماله أفضل الناس:
- 22- من خرج من بيته مجاهدًا فمات، فقد وقع أجره على الله:
- 23- مثل المجاهد في سبيل الله تعالى:
- 24- ذروة الإسلام الجهاد في سبيل الله تعالى:
- 25- سياحة أمة محمد ﷺ الجهاد في سبيل الله:
- 26- الرمي بسهم في سبيل الله يعدل إعتاق رقبة:
- 27- عمل قليلاً وأجر كثيرًا:
- 28- من جهّز غازيًا فقد غزا:
- المبحث الثامن: الترهيب من ترك الجهاد
- المبحث التاسع: الشهداء في غير المعركة
- المبحث
العاشر: أسباب النصر على الأعداء
- 1- الإيمان والعمل الصالح:
- 2- نصر دين الله تعالى:
- 3- التوكل على الله والأخذ بالأسباب:
- 4- المشاورة بين المسؤولين لتعبئة الجيوش الإسلامية:
- 5- الثبات عند لقاء العدو:
- 6- الشجاعة والبطولة والتضحية:
- 7- الدعاء وكثرة الذكر:
- 8-ـ طاعة الله ورسوله ﷺ:
- 9- الاجتماع وعدم النزاع:
- 10- الصبر والمصابرة:
- 11- الإخلاص لله تعالى:
- 12- الرغبة فيما عند الله تعالى:
- 13- إسناد القيادة لأهل الإيمان:
- 14- التحصّن بالدعائم المنجيات من المهالك والهزائم ونزول العذاب:
الجهاد في سبيل الله في ضوء الكتاب والسنة
تقديم معالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء
تأليف الفقير إلى الله تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حقَّ جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم يبعثون، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد.
فهذه كلمات مختصرات في ((الجهاد في سبيل الله تعالى))، بَيَّنْتُ فيها: مفهوم الجهاد، وحكمه، ومراتبه، وضوابطه، وأنواع الجهاد في سبيل الله، وأهدافه، والحكمة من مشروعيته، وفضله، والترهيب مِن ترك الجهاد في سبيل الله، وبيان شهداء غير المعركة، وأسباب وعوامل النصر على الأعداء، والله ﷻ أسال أن ينصر المجاهدين في سبيله في كل مكان، وأن يوفقهم للعمل بعوامل النصر وأسبابه، والإخلاص في القول والعمل، والرغبة فيما عند الله من الثواب العظيم، والتجارة الرابحة، والفوز بسعادة الدنيا والآخرة.
وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل القليل مباركًا، وأن ينفعني به في حياتي، وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه سبحانه أكرم مأمول وخير مسؤول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المؤلف
الرياض في 6/2/1411هـ
المبحث الأول: تعريف الجهاد لغة وشرعاً
أولاً: تعريف الجهاد لغة:
هو:بذل واستفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أو فعل([1]).
ثانياً: تعريف الجهاد شرعاً:
هو: بذل الجهد من المسلمين في قتال الكفار المعاندين المحاربين، والمرتدين، والبغاة ونحوهم؛ لإعلاء كلمة الله تعالى([2]).
المبحث الثاني: حكم الجهاد في سبيل الله
الجهاد فرض كفاية إذا قام به من يكفي من المسلمين سقط الإثم عن الباقين([3]). قال الله تعالى: ]وَمَا كَانَ الـْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ[([4]).
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في فرضية الجهاد: ((لابد فيه من شرط، وهو أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال، فإن لم يكن لديهم قدرة، فإن إقحام أنفسهم في القتال إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة؛ ولهذا لم يوجب الله I على المسلمين القتال وهم في مكة؛ لأنهم عاجزون ضعفاء، فلما هاجروا إلى المدينة، وكوَّنوا الدولة الإسلامية، وصار لهم شوكة أُمروا بالقتال، وعلى هذا فلابد من هذا الشرط، وإلا سقط عنهم كسائر الواجبات؛ لأن جميع الواجبات يشترط فيها القدرة؛ لقوله تعالى: ]فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[([5])، وقوله: ]لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا[([6]))) ([7]). انتهى كلامه رحمه الله.
ويكون الجهاد فرض عين في ثلاث حالات([8]):
1 - إذا حضر المسلم المكلَّف القتال والتقى الزحفان وتقابل الصفان، قال الله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[([9]). وقال سبحانه: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ*وَمَن يُوَلـِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الـْمَصِيرُ[([10]). وذكر النبي ﷺ أن التولي يوم الزحف من السبع الموبقات([11]).
2 - إذا حضر العدو بلداً من بلدان المسلمين تَعيَّن على أهل البلاد قتاله وطرده منها، ويلزم المسلمين أن ينصروا ذلك البلد إذا عجز أهله عن إخراج العدو ويبدأ الوجوب بالأقرب فالأقرب([12])، قال الله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الـْمُتَّقِينَ[([13]).
3 - إذا استنفر إمام المسلمين الناس وطلب منهم ذلك، قال الله تعالى: ]انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ[([14])، وقال الله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالـْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ[([15]).
وعن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: قال رسول الله ﷺ: ((لا هجرة بعدَ الفتحِ ولكن جهادٌ ونِيَّةٌ، وإذا استُنْفِرْتُم فانفِروا))([16]).
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ((ولا يشترط أن يكون إماماً عاماً للمسلمين؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة، والنبي ﷺ قال: ((اسمعوا وأطيعوا ولو تأمَّر عليكم عبد حبشي))([17])، فإذا تأمر إنسان على جهة ما صار بمنزلة الإمام العام، وصار قوله نافذاً، وأمره مطاعاً، ومن عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان t والأمة الإسلامية بدأت تتفرق، فابن الزبير في الحجاز، وابن مروان في الشام، والمختار بن عبيد وغيره في العراق، فتفرقت الأمة، ومازال أئمة الإسلام يدينون بالولاء والطاعة لمن تأمر على ناحيتهم، وإن لم تكن له الخلافة العامة، وبهذا نعرف ضلال ناشئة نشأت تقول: إنه لا إمام للمسلمين اليوم فلا بيعة لأحد، نسأل الله العافية، ولا أدري أيريد هؤلاء أن تكون الأمور فوضى ليس للناس قائد يقودهم؟ أم يريدون أن يقال كل إنسان أمير نفسه؟ هؤلاء إذا ماتوا من غير بيعة فإنهم يموتون ميتة جاهلية؛ لأن عمل المسلمين من أزمنة متطاولة: على أن من استولى على ناحية من النواحي وصارت له الكلمة العليا فيها فهو إمام فيها، وقد نصَّ على ذلك العلماء مثل صاحب سبل السلام، وقال: إن هذا لا يمكن الآن تحقيقه؛ ولأن الناس لو تَمرَّدُوا في هذا الحال على الإمام لحصل الخلل الكبير على الإسلام، إذ إن العدو سوف يقاتل ويتقدم إذا لم يجد من يقاومه، ويدافعه))([18]).
وجنس الجهاد فرض عين: إما بالقلب، وإما باللسان، وإما بالمال، وإما باليد. فيجب على المسلم أن يجاهد في سبيل الله بنوع من هذه الأنواع حسب الحاجة والقدرة. والأمر بالجهاد بالنفس والمال كثير في القرآن والسنة، وقد ثبت من حديث أنس t أن النبي ﷺ قال: ((جاهدوا المشركين بألسنتكم، وأنفسكم، وأموالكم، وأيديكم))([19]).
وأضاف العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله حالة رابعة: وهي إذا احتيج إلى المسلم في الجهاد وجب عليه([20]).
المبحث الثالث: مراتب الجهاد في سبيل الله
الجهاد له أربع مراتب: جهاد النفس، والشيطان، والكفار، والمنافقين، وأصحاب الظلم والبدع والمنكرات:
المرتبة الأولى: جهاد النفس:
وله أربع مراتب:
1 - جهادها على تعلّم أمور الدين والهدى الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به.
2 - جهادها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها.
3 - جهادها على الدعوة إليه ببصيرة، وتعليمه من لا يعلمه، وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات، ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله.
4 - جهادها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله، وأذى الخلق، وأن يتحمل ذلك كله لله. فمن عَلِمَ، وعَمِلَ، وصبر، فذاك يُدعى عظيماً في ملكوت السموات.
المرتبة الثانية: جهاد الشيطان وله مرتبتان:
1 - جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان.
2 - جهاده على دفع ما يلقي إليه من الشهوات والإرادات الفاسدة، فالجهاد الأول بعد اليقين والثاني بعد الصبر، قال الله تعالى: ]وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لـَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ[([21])، والشيطان أخبث الأعداء، قال الله تعالى: ]إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّــمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ[([22]).
المرتبة الثالثة: جهاد الكفار والمنافقين:
وله أربع مراتب:
1 - بالقلب.
2 - اللسان.
3 - المال.
4 - اليد.
وجهاد الكفار أخص باليد وجهاد المنافقين أخص باللسان.
المرتبة الرابعة:جهاد أصحاب الظلم والعدوان،والبدع والمنكرات:
وله ثلاث مراتب:
1 - باليد إذا قدر المجاهد على ذلك.
2 - فإن عجز انتقل إلى اللسان.
3 - فإن عجز جاهد بالقلب، فعن أبي سعيد t عن النبي ﷺ أنه قال: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان))([23]).
فهذه ثلاثة عشرة مرتبة من الجهاد، وأكمل الناس عند الله من كمَّل مراتب الجهاد كلها، والخلق متفاوتون في منازلهم عند الله تفاوتهم في مراتب الجهاد؛ ولهذا كان أكمل الخلق وأكرمهم على الله محمد ﷺ خاتم أنبيائه ورسله؛ فإنه كمّل مراتب الجهاد وجاهد في الله حق جهاده([24])، فصلوات الله وسلامه عليه ما تتابع الليل والنهار.
ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعاً على جهاد العبد نفسه في ذات الله كما قال النبي ﷺ في حديث فضالة بن عبيد الله t: ((ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب))([25]): كان جهاد النفس مقدَّماً على جهاد العدو في الخارج وأصلاً له؛ فإنه ما لم يجاهد نفسه أولاً لتفعل ما أمرها الله به وتترك ما نهاها الله عنه ويحاربها في الله، لم يمكنه جهاد عدوّه في الخارج، فكيف يمكنه جهاد عدوّه والانتصار عليه وعدوّه الذي بين جنبيه غالب له وقاهر له؟ ولا يمكنه الخروج إلى عدوّه حتى يجاهد نفسه على الخروج. فهذان عدوان([26]) وبينهما عدو ثالث لا يمكن للعبد أن يجاهدهما إلا بجهاده، وهو واقف بينهما يُثبِّط الإنسان عن جهادهما ويخوِّفه ويخذله، ولا يزال يُخَوِّفه ما في جهادهما من المشاق، وفوات اللذات، والشهوات، فلا يمكنه أن يجاهد هذين العدوين إلا بجهاد هذا العدو الثالث وهو الأصل لجهادهما وهو الشيطان([27]).
المبحث الرابع: ضوابط الجهاد في سبيل الله تعالى
الضابط الأول : فقه شروط وجوب الجهاد:
قد ذكر العلماء رحمهم الله تعالى شروطاً للجهاد منها ما ذكره الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى بقوله: ((ويشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والذكورية، والسلامة من الضرر، ووجود النفقة))، ثم شرح ذلك بالتفصيل والتحقيق رحمه الله تعالى([28]).
الضابط الثاني:استئذان الوالدين في الخروج إلى الجهاد:
لا شك أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظم دعائم الإسلام؛ لأن النبي ﷺ أخبر بذلك، ورتبه بثمَّ التي تعطي الترتيب والمهلة([29])، فعن عبد الله بن مسعود t، قال: سألت رسول الله ﷺ: أيُّ العمل أفضل؟ قال: ((الصلاة لوقتها)) قال: قلت: ثم أيٌّ؟ قال: ((ثم بر الوالدين)) قال: قلت: ثم أيٌّ؟ قال: ((ثم الجهاد في سبيل الله))([30])؛ ولأهمية بر الوالدين، وأنه من أعظم القربات، قال النبي ﷺ لِـمَن استأذنه في الجهاد: ((أحيٌّ والداك؟)) قال: نعم، قال: ((ففيهما فجاهد))([31])، أيّ خَصِّصهما بجهاد النفس في رضاهما([32])، وقد بيَّن الحافظ ابن حجر رحمه الله: أن هذا الرجل استفصل ((... عن الأفضل في أعمال الطاعات؛ ليعمل به؛ لأنه سمع فضل الجهاد فبادر إليه، ثم لم يقنع حتى استأذن فيه فَدُلَّ على ما هو أفضل منه في حقه))([33])، فقوله ﷺ: ((ففيهما فجاهد))، قال الحافظ ابن حجر أيضاً: ((أي إن كان لك أبوان فبالغ جهدك في برهما، والإحسان إليهما؛ فإن ذلك يقوم مقام الجهاد))([34])؛ لأن المراد بالجهاد في الوالدين: بذل الجهد، والوسع، والطاقة في برهما؛ ولأهمية ذلك بيَّن العلماء أنه لا يجوز الخروج للجهاد إلا بإذن الأبوين بشرط أن يكونا مسلمين؛ لأن برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية؛ فإن تعيّن الجهاد وكان فرض عين فلا إذن؛ لأن الجهاد أصبح فرضاً على الجميع: إما باستنفار الإمام، أو هجوم العدوِّ على البلاد، أو حضور الصف([35])، أما إذا كان الجهاد فرض كفاية فلا يجوز الخروج إليه إلا بإذن الوالدين؛ ولهذا جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: ((رِضَى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد))([36])، وجاء في حديث جاهمة أنه جاء إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله أردت أن أغزوَ وقد جئت أستشيرك، فقال ﷺ: ((هل لك من أُمٍّ؟))، قال: نعم، قال: ((فالزمها فإن الجنة تحت([37]) رجليها))([38])، وعن أبي الدرداء t قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ((الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضِعْ ذلك الباب أو احفظه))([39])؛ ولهذه الأحاديث لا يجوز الخروج إلى جهاد التطوع، وفرض الكفاية إلا بإذن الوالدين، والبقاء معهما، والإحسان إليهما أفضل من الخروج بإذنهما، أما إذا تعين الجهاد فلا؛ لأنه أصبح فرضاً على الجميع.
الضابط الثالث: أمر الجهاد موكول إلى إمام المسلمين واجتهاده:
ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك؛ لقول الله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[([40])؛ ولقول النبي ﷺ: ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني))([41])، وفي حديث حذيفة t عن النبي ﷺ أنه قال له: ((تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع))([42]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمر واجبة؛ لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم: فما له في الآخرة من خلاق))([43]).
ومن طاعة ولي الأمر عدم الجهاد إلا بإذنه؛ لحديث عبد الله بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ يستأذنه في الجهاد فقال: ((أحي والداك))؟ قال: نعم، قال: ((ففيهما فجاهد))([44])؛ ولحديث أبي هريرة t عن النبي ﷺ قال: ((إنما الإمام جُنَّة يُقاتل من ورائه، ويُتَّقَى به، فإن أمر بتقوى الله ﷻ وعدل كان له بذلك أجر، وإن أمر بغيره كان عليه منه))([45]) ومما يُفَسِّر ذلك قول الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى: ((وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك))([46])، وقال الإمام الخرقي رحمه الله: ((وواجب على الناس إذا جاء العدو أن ينفروا: المقلّ منهم والمُكثر، ولا يخرجون إلى العدوِّ إلا بإذن الأمير، إلا أن يفجأهم عدوٌّ يخافون كلبَهُ – أي شره وأذاه – فلا يُمْكِنهم أن يستأذنوه))([47])، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((فإذا ثبت هذا فإنهم لا يخرجون إلا بإذن الأمير؛ لأن أمر الحرب موكول إليه، وهو أعلم بكثرة العدو وقِلَّتهم، ومكامن العدو، وكيدهم، فينبغي أن يُرجع إلى رأيه؛ لأنه أحوط للمسلمين إلا أن يتعذر استئذانه؛ لمفاجأة عدوهم لهم، فلا يجب استئذانه؛ لأن المصلحة تتعين في قتالهم، والخروج إليه؛ لتعيّن الفساد في تركهم، ولذلك لما أغار الكفار على لقاح النبي ﷺ([48]) فصادفهم سلمة بن الأكوع خارجاً من المدينة تبعهم فقاتلهم من غير إذن، فمدحه النبي ﷺ بقوله([49]): ((وخير رجَّالتنا سلمة)) فأعطاه النبي ﷺ سهمين: سهم الفارس وسهم الراجل([50])، وذكر الإمام الخرقي وابن قدامة أيضاً أنه لا يجوز حتى الخروج من العسكر إلا بإذن الأمير، ولا يحدث حدثاً إلا بإذنه([51])؛ لقول الله تعالى: ]إِنّـَمَا الـْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لـَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لـَهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[([52])؛ ولأن الأمير أعرف بحال العدو، ومكامنهم، ومواضعهم، وقربهم، وبعدهم فإذا خرج خارج بغير إذنه لم يأمن أن يصادف كميناً للعدوِّ فيأخذه...))([53]).
ولمِا تقدم لا يجوز لأحد من أفراد رعية الإمام المسلم – وإن كان عاصياً – أن يخرج إلى الجهاد إلا بإذنه على حسب ما تقدم. قال الإمام الخرقي رحمه الله: ((ويُغزى مع كل برٍّ وفاجرٍ))، قال ابن قدامة: ((يعني مع كل إمام))([54]).
ولا يجوز لأحد من رعية الإمام أن يدعو الناس إلى الجهاد بدون إذن الإمام؛ لما في ذلك من المفاسد، والأضرار، ومخالفة إمام المسلمين الذي أمرنا الله بطاعته. وعلى كل مسلم أن يسأل أهل العلم إن لم يعلم؛ ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((والواجب أن يُعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح، في الباطن الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا، فأما أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين فلا يؤخذ برأيهم، ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا))([55]).
ومما يؤكد أهمية السمع والطاعة ما حصل للصحابة مع رسول الله ﷺ في صلح الحديبية حينما اشتد عليهم الكرب بمنعهم من العمرة، وما رأوا من غضاضة على المسلمين في الظاهر، ولكنهم امتثلوا أمر رسول الله ﷺ فكان ذلك فتحاً قريباً، وخلاصة ذلك أن سهيل بن عمرو قال للنبي ﷺ حينما كتب: بسم الله الرحمن الرحيم: أكتب باسمك اللهم، فوافق معه النبي ﷺ على ذلك، ولم يوافق سهيل على كتب محمد رسول الله، فتنازل النبي ﷺ وأمر أن يكتب محمد بن عبد الله، ومنع سهيل في الصلح أن تكون العمرة في هذا العام، وإنما في العام المقبل، وفي الصلح أن من أسلم من المشركين يرده المسلمون، ومن جاء من المسلمين إلى المشركين لا يُردُّ، وأول من نُفِّذ عليه الشرط أبو جندل بن سهيل بن عمرو، فردّه النبي ﷺ بعد محاورة عظيمة، وحينئذ غضب الصحابة لذلك حتى قال عمر t للنبي ﷺ: ألست نبي الله حقّاً؟ قال: ((بلى))، قال: ألسنا على الحقّ، وعدوُّنا على الباطل؟ قال: ((بلى))، قال: فَلِمَ نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: ((إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري))، قال عمر: فَعَمِلْتُ لذلك أعمالاً، فلما فرغ الكتاب أمر النبي ﷺ الناس أن ينحروا ويحلقوا فلم يفعلوا، فدخل على أم سلمة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فشكا ذلك فقالت: انحر واحلق فخرج فنحر، وحلق، فنحر الناس وحلقوا حتى كاد يقتل بعضهم بعضاً([56])، فحصل بهذا الصلح من المصالح ما الله به عليم، ونزلت سورة الفتح، ودخل في السنة السادسة والسابعة في الإسلام مثل ما كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر، ثم دخل الناس في دين الله أفواجاً بعد الفتح في السنة الثامنة.
وهذا ببركة طاعة الله ورسوله؛ ولهذا قال سهيل بن حنيف t: ((اتهموا رأيكم، رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع أن أردّ أمر النبي ﷺ لرددته))([57]). وهذا يدل على مكانة الصحابة y وتحكيمهم رسول الله ﷺ، فحصل لهم من الفتح والنصر ما حصل ولله الحمد والمنة.
الضابط الرابع: الاعتصام بالكتاب والسنة وخاصة أيام الفتن:
يجب على المسلم أن يعتصم بالكتاب والسنة وخاصة في أيام الفتن؛ ولهذا حذَّر النبي ﷺ من الفتن واستعاذ منها، وأمر بلزوم جماعة المسلمين، فقال ﷺ: ((تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن))([58])، وعن أبي هريرة t عن النبي ﷺ قال: ((يتقارب الزمان، وينقص العمل، ويُلقى الشح، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج)) قالوا: يا رسول الله، أيما هو؟ قال: ((القتل، القتل)). وفي لفظ: ((يتقارب الزمان، وينقص العلم...))([59]).
وقد بيّن النبي ﷺ أنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده أشرّ منه، فعن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج فقال: ((اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم)) سمعته من نبيكم ﷺ([60]).
وحث النبي ﷺ على الأعمال الصالحة قبل الانشغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة، فقال: ((بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظلمِ، يُصبحُ الرَّجلُ مُؤمِناً ويُمْسِي كَافراً، أو يُمْسِي مُؤمِناً ويُصْبِحُ كَافراً، يَبيعُ دِينَه بعَرَضٍ مِنَ الدُّنيا))([61]).
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: ((ستكون فتنٌ القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن تشرَّف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به))([62]).
والمخرج من جميع الفتن المضلة التمسك بالكتاب والسنة، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم؛ لأن من خالف ذلك فهو من الضالين.
قال الله ﷻ: ]وَمَا كَانَ لـِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لـَهُمُ الْـخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا[([63])، وقال I: ]فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا[([64]).
وقال تعالى: ]وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لـِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى[([65])، وقال تعالى فيمن يخالف أمر النبي ﷺ: ]فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[([66]).
وثبت عن النبي ﷺ أنه قال: ((وَجُعِلَ الذُّلُّ والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم))([67])، وجاء في السنن والمسانيد ما أُثر عن النبي ﷺ أنه قال: ((لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكة([68]) يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: بيننا وبينكم هذا القرآن، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرَّمناه، ألا وإني أُوتيتُ الكتاب ومثله معه ألا وإنه مثل القرآن أو أعظم))([69]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: ((فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلا تبعاً لما جاء به الرسول ﷺ، ولا يتقدم بين يديه، بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعاً لقوله، وعمله تبعاً لأمره، فهكذا كان الصحابة y، ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين؛ فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله، ولا يؤسس ديناً غير ما جاء به الرسول ﷺ، وإذا أراد معرفة شيء من الدين نظر فيما قاله الله والرسول ﷺ فمنه يتعلم، وبه يتكلم، وفيه ينظر، وبه يستدل، فهذا أصل أهل السنة))([70]).
ولا شك أن الاختلاف يسبب الشرور الكثيرة، والفرقة، والعذاب؛ ولهذا قال الله تعالى: ]وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لـَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[([71]).
وقد بيّن النبي ﷺ بقوله: ((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة))، قيل: من هم يا رسول الله، قال: ((هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي)) وفي لفظ: ((الجماعة))([72]) أي: هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي.
وعن حذيفة t قال: ((كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كُنَّا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: ((نعم)) قلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: ((نعم وفيه دخن))، قلت: وما دخنه؟ قال: ((قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر)) فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: ((نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها)). فقلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: ((نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا))، قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم))، فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: ((فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك))([73]).
قال الإمام النووي – رحمه الله -: ((وفي حديث حذيفة هذا: لزوم جماعة المسلمين، وإمامهم، ووجوب طاعته، وإن فسق، وعمل المعاصي: من أخذ الأموال، وغير ذلك فتجب طاعته في غير معصية، وفيه معجزات لرسول الله ﷺ، وهي هذه الأمور التي أخبر بها وقد وقعت كلها))([74]).
ولا شك أن أمة محمد ﷺ لا تزال فيهم طائفة على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى تقوم الساعة؛ لحديث معاوية t، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ((لا تزال طائفةٌ من أمتي قائمةً بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، أو خالفهم حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس))([75]).
المبحث الخامس: أنواع الجهاد في سبيل الله
الجهاد في سبيل الله أنواع منها ما يلي :
النوع الأول:جهاد الكفار وهو نوعان:جهاد الطلب، وجهاد الدفع([76]).
النوع الثاني: جهاد المنافقين، والمرتدين([77]).
النوع الثالث: جهاد البغاة المعتدين الذين يخرجون على الإمام المسلم ولهم تأويل سائغ وشوكة، وفيهم منعة وقوة([78])، والأصل في ذلك قوله تعالى: ]وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الـْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الـْمُقْسِطِينَ* إِنَّمَا الـْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[([79])، وعن عرفَجَة t قال: قال رسول الله ﷺ: ((إنه ستكون هناتٌ وهناتٌ([80]) فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان))، وفي لفظ: ((من أتاكم وأمرُكُم جميعٌ على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه))([81]).
النوع الرابع: الدفاع عن الدين، والنفس، والأهل، والمال. ويدخل في هذا النوع جهاد قطاع الطرق([82])، وعن سعيد بن زيد t قال: قال رسول الله ﷺ: ((من قُتِل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتِل دون أهله فهو شهيد، ومن قُتِل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتِل دون دمه فهو شهيد))([83])، وعن عبد الله بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنه قال لخالد بن العاص: أما علمت أن رسول الله ﷺ قال: ((من قُتِلَ دون ماله فهو شهيد))([84]).
وعن مخارق t قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: الرجل يأتيني يريد مالي؟ قال: ((ذكِّرهُ بالله)) قال فإن لم يذكر؟ قال: ((فاستعن عليه من حولك من المسلمين))، قال: فإن لم يكن حولي أحد من المسلمين؟ قال: ((فاستعن عليه السلطان)) قال: فإن نأى السلطان عني [وعجل عليَّ] قال: ((قاتل دون مالك حتى تكون من شهداء الآخرة أو تمنع مالك))([85]).
وعن أبي هريرة t قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: ((فلا تعطه مالك)) قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: ((قاتله)) قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: ((فأنت شهيد)) قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: ((هو في النار))([86]).
المبحث السادس: أهداف الجهاد والحكمة من مشروعيته
بيَّن الله ﷻ الحكمة والغاية من الجهاد في سبيل الله تعالى، قال سبحانه: ]وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للَّهِ فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[([87])، وقال ﷻ: ]وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لله فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ[([88]).
قال الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله في المقصود من الجهاد: ((الجهاد نوعان: جهاد طلب وجهاد دفاع والمقصود منهما جميعاً هو تبليغ دين الله، ودعوة الناس إليه، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وإعلاء دين الله في أرضه، وأن يكون الدين كله لله وحده...)) ثم قال رحمه الله تعالى بعد أن أورد الآيتين السابقتين، وقال عز وجل في سورة التوبة: ]فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْـحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الـْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لـَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[([89])، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقال النبي ﷺ: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله ﷻ))([90])، انتهى كلامه رحمه الله([91])، فعلى هذا تكون أهداف الجهاد، والحكمة من مشروعيته على النحو الآتي:
الهدف الأول: إعلاء كلمة الله تعالى؛ لحديث أبي موسى الأشعري t قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليُذكر، والرجل يقاتل ليُرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله))([92]).
الهدف الثاني: نصر المظلومين، قال تعالى: ]وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالـْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالـِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا[([93]).
الهدف الثالث: رد العدوان وحفظ الإسلام، قال الله تعالى: ]الشَّهْرُ الْـحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْـحَرَامِ وَالْـحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ[([94]). وقال سبحانه: ]الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا الله وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لـَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ[([95]).
المبحث السابع: فضل الجهاد في سبيل الله تعالى
جاء في فضل الجهاد نصوص كثيرة وأنواع من الثواب الجزيل ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:
1- الجهاد في سبيل الله تجارة رابحة:
قال الله تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الـْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالـَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الـجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[([96])، وقد بيّن الله تعالى الصفات الجميلة، والأعمال الجليلة لهؤلاء الأبطال الذين وعدهم الله بهذه البشارة، فقال تعالى: ]التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْـحَامِدُونَ السَّائِحُونَ([97]) الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالـْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الـْمُنكَرِ وَالْـحَافِظُونَ لـِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الـْمُؤْمِنِينَ[([98])، وقال تعالى في تجارة المجاهدين الرابحة: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِــــــــــكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الـْمُؤْمِنِينَ[([99])، وقال I: ]فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الـْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا[([100]).
2- فضل الرباط في سبيل الله تعالى:
الثغور التي يمكن أن تكون منافذ ينطلق منها العدو إلى دار الإسلام يجب أن تُحصَّن تحصينًا منيعًا حتى لا تكون جانب ضعف يستغله العدو، ويجعله منطلقًا له؛ ولهذا جعل الله للمرابطين في سبيله الثواب العظيم، فعن سلمان t قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ((رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأُجري عليه رزقه، وأمن الفُتَّان([101])))([102]).
3- فضل الحراسة في سبيل الله تعالى:
عن أبي ريحانة t قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ((حُرّمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله، وحُرِّمت النار على عين سهرت في سبيل الله))([103])، وعن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ((عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله))([104]).
4- فضل الغدوة أو الروحة في سبيل الله:
عن سهل بن سعد t عن النبي ﷺ قال: ((رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عيها))([105])، وعن أنس t عن النبي ﷺ قال: ((لغدوةٌ في سبيل الله أو روحةٌ خير من الدنيا وما فيها))([106]) ([107]).
5- فضل من اغبرَّت قدماه في سبيل الله:
عن عبد الرحمن بن جبر t أن رسول الله ﷺ قال: ((ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار))([108])، وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: ((لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع على عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم))([109]).
6- الجنة تحت ظلال السيوف:
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: ((أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف))([110]).
7- الجهاد لا يعدله شيء:
عن أبي هريرة t قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: دلّني على عمل يعدل الجهاد؟ قال: ((لا أجده))، قال: ((هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر))؟ قال: ومن يستطيع ذلك؟([111]).
8- درجات المجاهدين في سبيل الله:
عن أبي هريرة t عن النبي ﷺ أنه قال: ((إن في الجنة مائة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجَّر أنهار الجنة))([112]).
9- ضيافة الشهداء عند ربهم:
عن المقدام بن مَعْدِيكرب، عن رسول الله ﷺ قال: ((للشهيد عند الله ستُّ خصال: يغفرُ له في أول دُفعة من دمه، ويُرى مقعده من الجنة، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويُحلَّى حلية الإيمان، ويُزوّج من الحور العين، ويُشفَّع في سبعين إنسانًا من أقاربه))([113])، وفي حديث أنس t عن النبي ﷺ أنه قال في وصف الحور العين: ((ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحًا، ولنصيفها([114]) على رأسها خير من الدنيا وما فيها))([115]).
10- دم الشهيد يوم القيامة:
عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ قال: ((والذي نفسي بيده لا يُكلم([116]) أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يُكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم والريح ريح المسك))([117]).
11- تمني الشهيد أن يقتل عشر مرات:
عن أنس t عن النبي ﷺ قال: ((ما من عبد يموت له عند الله خير يسره أن يرجع إلى الدنيا وأن له الدنيا وما فيها، إلا الشهيد؛ لما يرى من فضل الشهادة...)). وفي لفظ: ((ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء، إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات؛ لما يرى من الكرامة))([118]).
12- أرواح الشهداء تسرح في الجنة:
سُئل عبد الله بن مسعود t عن هذه الآية: ]وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ[([119])، قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك، فقال: ((أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع عليهم ربهم اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا))([120]).
13- ما يجد الشهيد من ألم القتل:
عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ قال: ((الشهيد لا يجد مَسَّ القتل إلا كما يجد أحدكم القرصة يُقرصُها))([121]).
14- فضل النفقة في سبيل الله تعالى:
قال تعالى: ]مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالـَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لـِمَن يَشَاءُ واللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ[([122])، وعن خزيم بن فاتك t قال: قال رسول الله ﷺ: ((من أنفق نفقة في سبيل الله كتبت له سبعمائة ضعف))([123])، وعن أبي مسعود الأنصاري t قال: جاء رجل بناقةٍ مخطومةٍ فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله ﷺ: ((لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة([124])))([125]).
15- الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون:
قال الله تعالى: ]وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ*فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لـَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الـْمُؤْمِنِينَ[([126]).
16- الجهاد باب من أبواب الجنة:
عن عبادة بن الصامت t عن النبي ﷺ قال: ((جاهدوا في سبيل الله، فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة، ينجي الله به من الهمّ والغمّ))([127]).
17- ما يُبلِّغ منازل الشهداء:
ويحصل هذا الخير العظيم لمن سأل الله الشهادة بصدق، فعن سهل بن حنيف t أن النبي ﷺ قال: ((من سأل الله الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه))([128])، وعن أنس t قال: قال رسول الله ﷺ: ((من طلب الشهادة صادقًا أُعطيها، ولو لم تُصبه))([129]).
18- فضل المجاهدين على القاعدين:
قال الله تعالى: ]لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الـْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالـْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالـِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهِ الـْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالـِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الـْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الـْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا[([130]).
19- الرحمة والمغفرة للشهداء:
قال الله تعالى:]وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لـَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ* وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ[([131]).
20ـ القتل في سبيل الله يُكفِّر كل شيء إلا الدَّين:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: قال رسول الله ﷺ: ((يُغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَّيْن))([132]).
وعن أبي قتادة t عن رسول الله ﷺ أنه قام فيهم فذكر لهم: ((أن الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله أفضل الأعمال))، فقام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله تُكفَّر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله ﷺ: ((نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر))، ثم قال رسول الله ﷺ: ((كيف قلت))؟، فقال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفَّر عني خطاياي؟ فقال رسول الله ﷺ: ((نعم وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إلا الدَّين، فإن جبريل u قال لي ذلك))([133]).
21- المجاهد بنفسه وماله أفضل الناس:
عن أبي سعيد الخدري t قال: قيل يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ فقال: ((مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله))، قال: ثم من؟ قال: ((ثم مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ربه، ويدع الناس من شرّه))([134]).
22- من خرج من بيته مجاهدًا فمات، فقد وقع أجره على الله:
قال الله تعالى: ] وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الـْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا[([135])، وعن أبي هريرة t عن النبي ﷺ قال: ((انتدب([136]) الله لمن خرج في سبيله، لا يخرج إلا إيمانٌ بي وتصديقٌ برسلي، أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة، أو أدخله الجنة، ولولا أن أشقّ على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أُقتل في سبيل الله، ثُمَّ أحيا، ثم أُقتل، ثُمَّ أحيا، ثُمَّ أُقتل))، وفي لفظ: ((تَكَفَّل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته، أن يدخله الجنة، أو يُرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجرٍ أو غنيمةٍ))([137])، والأعمال بالنيات، وقد روي في مسند الإمام أحمد: ((من خرج من بيته مجاهدًا في سبيل الله ﷻ فخرَّ عن دابته ومات، فقد وقع أجره على الله تعالى، أو لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على الله، أو مات حتف أنفه، فقد وقع أجره على الله ﷻ))([138]).
وقال النبي ﷺ فيمن مات في الرباط في سبيل الله: ((وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأُجري عليه رزقه وأمن الفتان))([139])، وهذا يؤكد فضل الموت في سبيل الله تعالى مرابطًا، والمعنى والله أعلم: ((إن مات في حال الرباط أجري عليه أجر عمله الذي كان يعمله في حال رباطه، فينمو له عمله، وأجري عليه رزقه فيرزق في الجنة كما يرزق الشهداء الذين تكون أرواحهم في حواصل الطير، تأكل من ثمر الجنة، ويُؤمَنُ من كل فتنة، وقيل: من فتاني القبر))([140]).
23- مثل المجاهد في سبيل الله تعالى:
عن أبي هريرة t أن النبي ﷺ قال: ((مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاةٍ، ولا صيامٍ، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله))([141]).
24- ذروة الإسلام الجهاد في سبيل الله تعالى:
عن معاذ بن جبل t أن النبي ﷺ قال له: ((رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد))([142]).
25- سياحة أمة محمد ﷺ الجهاد في سبيل الله:
عن أبي أمامة t أن رجلاً قال: يا رسول الله، ائذن لي في السياحة، قال النبي ﷺ: ((إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله ﷻ))([143])، عندما كان الإسلام لا يأمر بالذهاب في الأرض، ومفارقة الوطن والأحباب قهرًا للنفس بمفارقة المألوف، وهجر المباحات بيّن النبي عليه الصلاة والسلام: ((أن الإسلام دين الحياة والجهاد في سبيل الله في هذه الأرض، ولن يعدم المسلم بابًا من أبوابه))([144]).
26- الرمي بسهم في سبيل الله يعدل إعتاق رقبة:
عن أبي نجيح عمرو بن عبسة السلمي t قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ((من رمى بسهم في سبيل الله فهو له عدل محررٍ))([145])، ولفظ ابن ماجه: ((من رمى العدو بسهم، فبلغ سهمه العدوَّ، أصاب، أو أخطأ، فيعدل رقبة))([146]).
27- عمل قليلاً وأجر كثيرًا:
عن البراء t قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ مُقَنَّعٌ([147]) بالحديد، فقال: يا رسول الله، أقاتل أو أسلم؟ فقال ﷺ: ((أسلم ثم قاتل))، فأسلم ثم قاتل فقتل، فقال رسول الله ﷺ: ((عمل قليلاً، وأجر كثيرًا))([148]).
28- من جهّز غازيًا فقد غزا:
عن زيد بن خالد t أن رسول الله ﷺ قال: ((من جهَّز غازيًا فقد غزا([149])، ومن خلف غازيًا في أهله فقد غزا))([150]).
المبحث الثامن: الترهيب من ترك الجهاد
عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: ((من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من نفاق))([151]).
وعن أبي أمامة t عن النبي ﷺ قال: ((من لم يغز، أو يُجهِّز غازيًا، أو يخلف غازيًا في أهله بخير، أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة))([152]).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ((إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد، سلّط الله عليكم ذلاًّ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم))، أو كما قال ﷺ([153]).
وللحثّ على الاستعداد للجهاد في سبيل الله تعالى ثبت من حديث عقبة بن عامر t يرفعه للنبي ﷺ: ((من عَلِمَ الرمي ثم تركه فليس منا، أو قد عصى))([154]).
المبحث التاسع: الشهداء في غير المعركة
بيّن النبي ﷺ الشهداء في غير المعركة في عدة أحوال، وخصال، وأدلة هذه الخصال ثابتة في السنة، فعن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ قال: ((الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغَرِقُ، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله))([155])، وعن أنس t عن النبي ﷺ أنه قال: ((الطاعون شهادة لكل مسلم))([156]).
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: ((ما تعدّون الشهيد فيكم))؟ قالوا: يا رسول الله، من قُتِلَ في سبيل الله فهو شهيد، قال: ((إن شهداء أمتي إذًا لقليل))، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: ((من قُتِل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد))، وفي رواية: ((والغريق شهيد))([157]).
وعن جابر بن عتيك t عن النبي ﷺ أنه قال: ((الشهداء سبعة، سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغَرِقُ شهيد، وصاحب ذات الجَنبِ شهيد، والمبطون شهيد، والحَرِقُ شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجُمعٍ شهيد))([158]).
وعن عبادة بن الصامت t يرفعه إلى النبي ﷺ: ((إن في القتل شهادة، وفي الطاعون شهادة، وفي البطن شهادة، وفي الغرق شهادة، وفي النفساء يقتلها ولدها جمعاء شهادة))([159]).
وعن راشد بن حبيش أن رسول الله ﷺ دخل على عبادة بن الصامت يعوده في مرضه، فقال رسول الله ﷺ: ((أتعلمون من الشهيد من أمتي))؟ فقال عبادة t: يا رسول الله، الصابر المحتسب، فقال رسول الله ﷺ: ((إن شهداء أمتي إذًا لقليل: القتل في سبيل الله ﷻ شهادة، والطاعون شهادة، والبطن شهادة، والنفساء يجرها ولدها بسره إلى الجنة، والحرق، والسِّلُّ))([160]).
وعن سعيد بن زيد t يرفعه إلى النبي ﷺ: ((من قُتِلَ دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد))([161])، وعن سويد بن مقرن يرفعه: ((من قتل دون مظلمته فهو شهيد))([162]).
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -: ((والذي يظهر أنه ﷺ أعلم بالأقل، ثم أعلم زيادة على ذلك، فذكرها في وقت آخر، ولم يقصد الحصر في شيء من ذلك، وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة، فإن مجموع ما قدمته مما اشتملت عليه الأحاديث التي ذكرتها أربع عشرة خصلة))([163])، قلت: وهي التي اشتملت عليها هذه الأحاديث التي ذكرتها هنا، وهي على النحو الآتي:
1- من قُتِلَ في سبيل الله تعالى فهو شهيد.
2- من مات في سبيل الله تعالى فهو شهيد، يعني لم يباشر الحرب ولو لم يشاهده، وبأي صفة مات.
3- المطعون شهيد، وهو الذي يموت بالطاعون، وهو الوباء.
4- المبطون شهيد، وهو الذي يموت من علة البطن، كالاستسقاء وهو انتفاخ الجوف، والإسهال، وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقًا.
5- الغَرِقُ شهيد، وهو الذي يموت غريقًا في الماء، يروى بغير ياء كحذِر، ويروى بالياء، وهو للمبالغة: كعليم.
6- وصاحب الهدم شهيد، وهو الذي يموت تحت الهدم.
7- والحريق شهيد، وهو الذي يموت بحرق النار، ومن فرَّط في هذه الثلاثة ولم يتحرّز حتى أصابه شيء من ذلك فمات، فهو عاصٍ وأمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه([164]).
8- صاحب ذات الجنب شهيد، وهي قرحة تكون في الجنب، وورم شديد باطنًا.
9- المرأة تموت بجُمع شهيدة، ويقال بضم الجيم وكسرها، وهي المرأة تموت حاملاً، وقد جمعت ولدها في بطنها، وقيل: هي البكر، وصحح القرطبي والنووي الأول([165]).
10- من قُتِل دون ماله فهو شهيد.
11- من قتل دون أهله فهو شهيد.
12- من قتل دون دينه فهو شهيد.
13- من قتل دون دمه فهو شهيد.
14- من قتل دون مظلمته فهو شهيد.
15- السِّلُّ شهادة، بكسر السين وضمّها، وتشديد اللام، وهو داءٌ يحدث في الرئة يؤول إلى ذات الجنب، وقيل: زكام، أو سعال طويل مع حُمّى هادية، وقيل: غير ذلك([166]).
المبحث العاشر: أسباب النصر على الأعداء
من المعلوم يقينًا أن النصر على الأعداء له أسباب تحققه للمسلمين على عدوهم، بإذن الله تعالى، ومن هذه الأسباب ما يأتي:
1- الإيمان والعمل الصالح:
وعد الله المؤمنين بالنصر المبين على أعدائهم، وذلك بإظهار دينهم، وإهلاك عدوهم وإن طال الزمن، قال تعالى: ]إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الـْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالـِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلـَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلـَهُمْ سُوءُ الدَّارِ[([167])، وقال سبحانه: ]وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الـْمُؤْمِنِينَ[([168])، والمؤمنون الموعودون بالنصر هم الموصوفون بقوله تعالى: ]إِنَّـمَا الـْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ* أُوْلَـئِكَ هُمُ الْـمُؤْمِنُونَ حَقًّا لـَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ[([169])، وقال الله تعالى: ]وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[([170])، وقال الله تعالى: ]وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الـْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً[([171]).
2- نصر دين الله تعالى:
ومن أعظم أسباب النصر: نصر دين الله تعالى، والقيام به قولاً، واعتقادًا، وعملاً، ودعوة. قال الله تعالى: ]وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْـمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْـمُنكَرِ وَللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ[([172])، وقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لّـَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَـهُمْ[([173])، وقال الله ﷻ: ]وَإِنَّ جُندَنَا لَـهُمُ الْغَالِبُونَ[([174]).
3- التوكل على الله والأخذ بالأسباب:
التوكل على الله مع إعداد القوة من أعظم عوامل النصر؛ لقول الله تعالى: ]وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْـمُؤْمِنُونَ[([175])، وقال سبحانه: ]إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْـمُؤْمِنُونَ[([176])، وقال تعالى: ]فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْـمُتَوَكِّلِينَ[([177])، وقال سبحانه وتعالى: ]وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً[([178])، وقال سبحانه: ]وَتَوَكَّلْ عَلَى الْـحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا[([179])، وعن عمر بن الخطاب t قال: قال رسول الله ﷺ: ((لو أنكم كنتم تَوَكَّلُون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا))([180])، ولابد مع التوكل من الأخذ بالأسباب؛ لأن التوكل يقوم على ركنين عظيمين:
الركن الأول: اعتماد القلب على الله، والثقة بوعده، ونصره تعالى.
الركن الثاني: الأخذ بالأسباب المشروعة؛ ولهذا قال الله تعالى: ]وَأَعِدُّواْ لـَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْـخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ الله يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ[([181])، وعن أنس t أن رجلاً قال: يا رسول الله أعقلها وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ قال: ((اعقلها وتوكل))([182]).
4- المشاورة بين المسؤولين لتعبئة الجيوش الإسلامية:
كان رسول الله ﷺ يشاور أصحابه مع كمال عقله، وسداد رأيه، امتثالاً لأمر الله تعالى، وتطييبًا لنفوس أصحابه، قال الله تعالى: ]فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الَّلِه لِنتَ لَـهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَـهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْـمُتَوَكِّلِينَ[([183])، وقال سبحانه: ]وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ[([184]).
5- الثبات عند لقاء العدو:
من عوامل النصر الثبات عند اللقاء، وعدم الانهزام والفرار، فقد ثبت النبي ﷺ في جميع معاركه التي خاضها، كما فعل في بدر، وأُحُد، وحنين، وكان يقول في حنين حينما ثبت وتراجع بعض المسلمين: ((أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، اللهم نَزِّلْ نصرك))([185])، وهو ﷺ قدوتنا وأسوتنا الحسنة، قال الله ﷻ: ]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّـِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[([186])، وثبت أصحابه من بعده y.
وعن عبد الله بن أبي أوفى t عن النبي ﷺ قال: ((يا أيها الناس، لا تمنَّوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف))([187]).
6- الشجاعة والبطولة والتضحية:
من أعظم أسباب النصر: الاتصاف بالشجاعة والتضحية بالنفس، والاعتقاد بأن الجهاد لا يقدّم الموت، ولا يؤخّره، قال الله تعالى: ]أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْـمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ[([188]).
قال الشاعر:
من لم يمت بالسيف مات بغيره | تعددت الأسباب والموت واحد |
ولهذا كان أهل الإيمان الكامل هم أشجع الناس، وأكملهم شجاعة هو إمامهم محمد عليه الصلاة والسلام، وقد ظهرت شجاعته في المعارك الكبرى التي قاتل فيها، ومنها على سبيل المثال:
أولاً: شجاعته البطولية الفذَّة في معركة بدر، قال علي بن أبي طالب t: ((لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله ﷺ وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا))([189])، وقال t: ((كُنَّا إذا حمي البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله ﷺ فلا يكون أحد أدنى إلى القوم منه))([190]).
ثانيًا: في معركة أحد قاتل قتالاً بطوليًّا لم يقاتله أحد من البشر([191]).
ثالثًا: في معركة حنين: قال البراء: كنا إذا احمرَّ البأس نتَّقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذى به يعني النبي ﷺ([192])، وركوبه ﷺ على البغلة في معركة حنين وغيرها، يدلّ على شجاعته العظيمة؛ ولهذا ذكر العلماء أن ركوبه ﷺ البغلة في موطن الحرب، وعند اشتداد البأس: هو النهاية في الشجاعة والثبات؛ لأن ركوب الفحولة أو الفرس مظنة الاستعداد للفرار والتولِّي، وكذلك نزوله إلى الأرض حين غشوه يدلّ على المبالغة في الثبات، والشجاعة والصبر([193])، ومما يؤكّد ذلك رواية لمسلم عن سلمة t قال فيها: مررت على رسول الله ﷺ منهزمًا([194])، وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول الله: ((لقد رأى ابن الأكوع فزعًا))، فلما غشوا رسول الله ﷺ نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب الأرض، ثم استقبل به وجوه القوم فقال: ((شاهت الوجوه))([195])، فما خلق الله منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه تراباً بتلك القبضة، فولّوا مدبرين، فهزمهم الله، وقسم رسول الله ﷺ غنائمهم بين المسلمين))([196])، وقد ثبت أن النبي ﷺ غزا تسع عشرة غزوة قاتل في ثمان منهن([197])، بل ذكر النووي – رحمه الله – وغيره أنه كان عدد سراياه ﷺ التي بعثها ستًّا وخمسين سرية، وسبعًا وعشرين غزوة، وقاتل في تسع من غزواته([198]).
وهكذا أصحابه y ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان، فينبغي للمجاهدين أن يقتدوا بنبيهم ﷺ، قال الله تعالى: ] لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّـِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[([199]).
وقد كان ﷺ أشجع الناس، فعن أنس t قال: ((كان النبي ﷺ أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قِبَلَ الصوت، فاستقبلهم النبي ﷺ وهو يقول: ((لم تراعوا، لم تراعوا))، وهو على فرس لأبي طلحة عُرِيٍّ، ما عليه سرج...))([200]).
7- الدعاء وكثرة الذكر:
من أعظم وأقوى عوامل النصر: الاستغاثة بالله، وكثرة ذكره؛ لأنه القوي القادر على هزيمة أعدائه، ونصر أوليائه، قال تعالى: ]وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ[([201])، وقال الله تعالى: ]وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ[([202])، وقال ﷻ: ]إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْـمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ[([203])، وقد أمر الله بالذكر والدعاء عند لقاء العدو، قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ[([204])؛ لأنه سبحانه النصير، فنعم المولى، ونعم النصير، وقال I: ]وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْـحَكِيمِ[([205])؛ ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو ربه في معاركه، ويستغيث به، فينصره، ويمدّه بجنوده، ومن ذلك أنه نظر ﷺ يوم بدر إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل ﷺ القبلة، ورفع يديه، واستغاث بالله، وما زال يطلب المدد من الله وحده، مادًّا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله تعالى: ]إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْـمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ[([206])، فأمدّه الله بالملائكة([207])، وهكذا كان ﷺ يدعو الله في جميع معاركه، ومن ذلك قوله ﷺ: ((اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب [مجري السحاب] [هازم الأحزاب] اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم وانصرنا عليهم))([208])، وعن أنس t قال: كان رسول الله ﷺ إذا غزا قال: ((اللهم أنت عضدي([209])، وأنت نصيري، بك أحول([210])، وبك أصول، وبك أقاتل))([211])، وعن أبي بردة بن عبد الله أن أباه حدثه أن النبي ﷺ كان إذا خاف قوماً قال: ((اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم))([212])، وقال ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: ((حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم حين أُلقي في النار، وقالها محمد ﷺ حين قال له الناس: ]إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ[))([213])، وهكذا ينبغي أن يكون المجاهدون في سبيل الله تعالى؛ لأن الدعاء يدفع الله به من البلاء ما الله به عليم.
فعن سلمان t قال: قال رسول الله ﷺ: ((لا يَرُدُّ القضاء إلا الدعاءُ، ولا يزيدُ في العمر إلا البرُّ))([214]).
8-ـ طاعة الله ورسوله ﷺ:
طاعة الله ورسوله ﷺ من أقوى دعائم وعوامل النصر، فيجب على كل مجاهد في سبيل الله تعالى؛ بل على كل مسلم، أن لا يعصي الله طرفة عين، فما أمر الله تعالى به وجب الائتمار به، وما نهى عنه تعالى وجب الابتعاد عنه؛ ولهذا قال الله تعالى: ]وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[([215])، وقال I: ]وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ[([216])، وقال تعالى: ]وَمَا كَانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَـهُمُ الْـخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا[([217])، وقال تعالى: ]فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[([218])، وعن عبد الله بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: قال رسول الله ﷺ: ((بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعل رزقي تحت ظل رمحي، وجُعل الذلُّ والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم))([219]).
9- الاجتماع وعدم النزاع:
يجب على المجاهدين أن يحققوا عوامل النصر، ولا سيما الاعتصام بالله، والتكاتف، وعدم النزاع والافتراق، قال الله تعالى: ]وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[([220])، وقال ﷻ: ]وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ[([221])، وقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[([222]).
10- الصبر والمصابرة:
لابد من الصبر في الأمور كلها، ولا سيما الصبر على قتال أعداء الله ورسوله، والصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله ورسوله ﷺ، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة، قال الله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[([223])، وقال I: ]وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[([224])، وجاء في الخبر: ((واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا))([225])، وقال تعال: ]وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِـمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَـهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ* فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْـمُحْسِنِينَ[([226]).
11- الإخلاص لله تعالى:
لا يكون المقاتل والغازي مجاهدًا في سبيل الله إلا بالإخلاص، قال الله تعالى: ]وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ[([227]) الآية، وقال سبحانه: ]وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لـَمَعَ الْـمُحْسِنِينَ[([228])، وجاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله! الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر([229])، والرجل يقاتل ليُرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال ﷺ: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله))([230])، وقد ثبت عنه – عليه الصلاة والسلام – أن أول من يُقضى عليه يوم القيامة ثلاثة، وذكر منهم من قاتل ليقال: هو جريء – أي شجاع -([231]).
12- الرغبة فيما عند الله تعالى:
مما يعين على النصر على الأعداء هو الطمع في فضل الله، وسعادة الدنيا والآخرة؛ ولهذا نصر الله نبيه ﷺ وأصحابه من بعده، ومما يدلّ على الرغبة فيما عند الله تعالى ما يأتي:
أولاً: ما فعل عمير بن الحمام في بدر حينما قال عليه الصلاة والسلام: ((قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض))، فقال يا رسول الله، جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: ((نعم))، قال: بخٍ بخٍ([232])، فقال ﷺ: ((ما يحملك على قولك بخ بخ؟))، قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: ((فإنك من أهلها))، فأخرج تمرات من قرنه([233])، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل([234]).
ثانيًا: ما فعل أنس بن النضر – عمّ أنس بن مالك – يوم أحد، تأخر t عن معركة بدر، فشق عليه ذلك، وقال: أول مشهد شهده رسول الله ﷺ غبت عنه، وإن أراني الله مشهدًا فيما بعد مع رسول الله ﷺ ليرانيَ الله تعالى ما أصنع([235])، فشهد مع رسول الله ﷺ يوم أحد، فاستقبل سعد بن معاذ، فقال له أنس: يا أبا عمرو، واهاً لريح الجنة([236])، أجده دون أحد، فقاتلهم حتى قتل، فَوُجِدَ في جسده بضع وثمانون: من بين ضربة، وطعنة، ورمية، فما عرفته أخته – الرُّبيع بنت النضر – إلا ببنانه، ونزلت هذه الآية: ]مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً[([237])، فكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه([238]).
والمسلم المجاهد في سبيل الله تعالى إذا رغب فيما عند الله تعالى، فإنه لا يبالي بما أصابه، رغبة في الفوز العظيم.
فلست أبالي حين أقتل مسلمًا | على أي جنب كان في الله مصرعي |
13- إسناد القيادة لأهل الإيمان:
من أسباب النصر تولية قيادة الجيوش، والسرايا، والأفواج، والجبهات لمن عُرفوا بالإيمان الكامل، والعمل الصالح، ثم الأمثل فالأمثل؛ لقول الله تعالى: ]إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ[([239])، والله ﷻ يحب أهل التقوى، ومحبته سبحانه للعبد من أعظم الأسباب في توفيق عبده، وتسديده، ونصره على أعدائه، قال الله تعالى: ]بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْـمُتَّقِينَ[([240]).
14- التحصّن بالدعائم المنجيات من المهالك والهزائم ونزول العذاب:
إن العباد لهم منجيات ودعائم تنجيهم من المهالك والهزائم إذا حلّت بهم، وهذه الأمور هي من أعظم العلاج لمن أصيب بالمهلكات، أو الحروب والأوبئة، وهي كذلك وقاية من حلول المصائب قبل نزولها، وتتلخّص في اتباع الدعائم المنجيات الآتية:
أولاً: التوبة، والاستغفار من جميع المعاصي والذنوب كبيرها وصغيرها، ولا تقبل التوبة إلا بشروط على النحو الآتي:
1- الإقلاع عن جميع الذنوب، وتركها.
2- العزيمة على عدم العودة إليها.
3- الندم على فعلها، فإن كانت المعصية في حق آدمي فلها شرط رابع، وهو التحلل من صاحب ذلك الحق، ولا تنفع التوبة عند الغرغرة، أو بعد طلوع الشمس من مغربها، ولا شك أن التوبة النصوح والاستغفار من أعظم وسائل النصر، قال الله تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَـهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ[([241])، وقال الله I: ]وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ[([242]).
ثانيًا: تقوى الله تعالى، وهي أن يجعل العبد بينه وبين ما يخشاه من ربه، ومن غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك، وهي كما قال طلق بن حبيب – رحمه الله –: ((أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله))([243]).
ثالثًا: أداء جميع الفرائض، وإتباعها بالنوافل؛ لأن محبة الله لعبده تحصّل بذلك، فإذا أحبّه نصره، ووفّقه، وسدّده وأعانه؛ لحديث أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: ((من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرّب إليَّ عبدي بشيء أحبّ إليَّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما تردّدت في شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته))([244]).
رابعًا: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ لحديث حذيفة t عن النبي ﷺ قال: ((والذي نفسي بيده، لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقابًا من عنده، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم))([245])، وقال الله تعالى: ]فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ[([246]).
خامسًا: الاقتداء بالنبي ﷺ في جميع الاعتقادات، والأقوال والأفعال.
سادسًا: الدعاء والضراعة إلى الله تعالى([247]).
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
([1]) انظر النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، 1/319، باب الجيم مع الهاء، والمصباح المنير، مادة ((جهد))، 1/112.
([2]) انظر: فتح الباري، لابن حجر، 6/2، ومنتهى الإرادات، لمحمد بن أحمد الفتوحي، 2/203، والإقناع لطالب الانتفاع، للحجاوي، 2/61، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 4/253، وسبل السلام للصنعاني، 7/237، ونيل الأوطار للشوكاني، 5/6، والمغني لابن قدامة، 13/10، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، 10/12، والشرح الممتع لابن عثيمين،8/8.
([3]) انظر: المغني لابن قدامة، 13/6.
([4]) سورة التوبة، الآية: 122.
([5]) سورة التغابن، الآية: 16.
([6]) سورة البقرة، الآية: 286.
([7]) الشرح الممتع على زاد المستقنع، 8/9، وانظر: المحلى لابن حزم، 7/291، وفتح الباري لابن حجر، 6/38.
([8]) انظر: المغني لابن قدامة، 13/8.
([9]) سورة الأنفال، الآية: 45.
([10]) سورة الأنفال، الآيتان: 15- 16.
([11]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: ]إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا...[ ،برقم 2766، ومسلم، في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، برقم 89.
([12]) الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص448.
([13]) سورة التوبة، الآية: 123.
([14]) سورة التوبة، الآية: 41.
([15]) سورة التوبة، الآية: 38.
([16]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الجهاد والسير، باب فضل الجهاد والسير، برقم2783، ومسلم، في كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد، برقم 1353.
([17]) أخرجه البخاري، في كتاب الأذان، باب إمامة العبد والمولى، برقم 693.
([18]) الشرح الممتع على زاد المستقنع، 8/12.
([19]) أخرجه أبو داود، في كتاب الجهاد باب كراهية ترك الغزو، برقم 2504، والنسائي، في كتاب الجهاد باب وجوب الجهاد، برقم 3098، وأحمد، في المسند، 3/124، 153، 251، والحاكم، 2/81، وصححه. وكذا صححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 3090، وفي صحيح سنن أبي داود، 2/ 475.
([20]) انظر: الشرح الممتع، 8/ 12.
([21]) سورة السجدة، الآية: 24.
([22]) سورة فاطر، الآية: 6.
([23]) أخرجه مسلم، في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص، برقم 49.
([24]) انظر زاد المعاد لابن القيم، 3/10 و12.
([25]) أحمد في المسند، 6/21،والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/11،قال الألباني عن إسناد الإمام أحمد: ((وهذا إسناد صحيح))، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة، 2/89-90، برقم 549.
([26]) النفس، والعدو في خارجها.
([27]) انظر زاد المعاد، 3/6.
([28]) المغني لابن قدامة، 13/8.
([29]) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، 10/243.
([30]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، برقم 527، ومسلم، في كتاب الإيمان، باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، برقم 85.
([31]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الجهاد، باب الجهاد بإذن الأبوين، برقم 3004، ومسلم، في كتاب البر والصلة والآداب، باب بر الوالدين وأنهما أحق به، برقم 2549.
([32]) انظر: فتح الباري لابن حجر، 6/140.
([33]) فتح الباري، 6/140.
([34]) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر، 10/403.
([35]) انظر: مشكل الآثار للطحاوي، 5/563، ومعالم السنن للخطابي، 3/378، والمفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 6/509.
([36]) أخرجه الترمذي، في كتاب البر والصلة، باب ما جاء من الفضل في رضا الوالدين، برقم 1899، والحاكم وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، 4/152، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 516، وفي صحيح الأدب المفرد، ص 33، برقم 2.
([37]) تحت رجليها: أي نصيبك من الجنة لا يصل إليك إلا برضاها، وكأنه لها وهي قاعدة عليه، فلا يصل إليك إلا من جهتها، [حاشية السندي على سنن النسائي، 6/11].
([38]) أخرجه النسائي، في كتاب الجهاد، باب الرخصة في التخلف لمن له والدة، برقم 3104، وأحمد في المسند، 3/429، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، 4/151، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/138: ((رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات))، وحسنه عبد القادر الأرنؤوط في جامع الأصول، 1/403.
([39]) أخرجه الترمذي، في كتاب البر والصلة، باب ما جاء من الفضل في رضا الوالدين، برقم 1900، وقال: ((هذا حديث صحيح))، وقال عبد القادر الأرنؤوط في حاشيته على جامع الأصول، 1/404: ((وهو كما قال)).
([40]) سورة النساء، الآية: 59.
([41]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الأحكام، باب قول الله تعالى: ]أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [ (رقم 7137)، ومسلم، في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم 1835.
([42]) أخرجه مسلم، في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال، رقم 1847/52.
([43]) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 35/16-17.
([44]) متفق عليه: البخاري، برقم 3004، ومسلم، برقم 2549، وتقدم تخريجه في استئذان الوالدين في الخروج إلى الجهاد في سبيل الله تعالى.
([45]) أخرجه مسلم، في كتاب الإمارة، باب الإمام جنة يقاتل به من ورائه أو يتقى به، برقم 1841.
([46]) المغني لابن قدامة، 13/16.
([47]) مختصر الخرقي المطبوع مع المغني، 3/33.
([48]) لقح: اللقحة واللقوح: ذات اللبن من النوق، والجمع لقاح . ومنه حديث أبي ذر t : إنه خرج في لقاح رسول الله ﷺ. انظر: الفائق في غريب الحديث للزمخشري، 3 / 328.
([49]) المغني لابن قدامة، 13/33-34.
([50]) أخرجه مسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة ذي قرد وغيرها، برقم 1807.
([51]) المغني لابن قدامة، 13/37.
([52]) سورة النور، الآية: 62.
([53]) المغني لابن قدامة، 13/38.
([54]) المرجع السابق، 13/14.
([55]) الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص449.
([56]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد، برقم 2731، 2732، ومسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية، برقم 1784.
([57]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الجزية والموادعة، باب رقم 18، برقم 3181، ومسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية في الحديبية، برقم 1785/95.
([58]) أخرجه مسلم، في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، برقم 2867.
([59]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الفتن، باب ظهور الفتن، برقم 7061، ومسلم، في كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان، برقم 157/12، بعد حديث رقم 2672.
([60]) أخرجه البخاري، في كتاب الفتن، باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه، برقم 7068.
([61]) أخرجه مسلم، في كتاب الإيمان، باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن، برقم 118.
([62]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم 3601، ومسلم، في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب نزول الفتن كمواقع القطر، برقم 2886.
([63]) سورة الأحزاب، الآية: 36.
([64]) سورة النساء، الآية: 65.
([65]) سورة طه، الآيات: 124 – 126.
([66]) سورة النور، الآية: 63.
([67]) أخرجه أحمد، 2/50، 92، وعبد بن حميد، برقم 848، والطبراني في مسند الشاميين، برقم 216، وابن الأعرابي في معجمه، برقم 1137، وعلق البخاري الجزء الأول منه في صحيحه بصيغة التمريض في كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في الرماح ويذكر عن ابن عمر عن النبي ﷺ: ((جعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري)). وأخرج أبو داود آخر الحديث في كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة، برقم 4031، وصحح إسناده العلامة أحمد بن محمد شاكر في شرحه وترتيبه للمسند، برقم 5114، 5115، 5667 من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصحح الحديث أيضاً الشيخ الألباني في صحيح الجامع، برقم 2831.
([68]) الأريكة: السرير في الحجلة، ولا يسمى منفرداً أريكة، وقيل: هو كل ما اتكئ عليه، وقوله: ((لا ألفين)) يقال: ألفيت الشيء إذا وجدته، وصادفته. جامع الأصول، لابن الأثير، 1/282.
([69]) أخرجه أبو داود، في كتاب السنة، باب لزوم السنة، برقم 4604، 4605، وابن ماجه، في المقدمة، باب تعظيم حديث رسول الله ﷺ، والتغليظ على من عارضه، برقم 12، وصححه الألباني من حديث أبي رافع، وأبي ثعلبة، وأبي هريرة y في صحيح أبي داود، 3/318، وانظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، 19/85.
([70]) مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 13/63.
([71]) سورة آل عمران، الآية: 105.
([72]) أخرجه أبو داود، في كتاب السنة، باب شرح السنة، برقم 4596، 4597، والترمذي، في كتاب الإيمان، باب افتراق هذه الأمة، برقم 2641، وابن ماجه، في كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، برقم 3992، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 1 / 55، وسلسة الأحاديث الصحيحة، برقم 1492.
([73]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة، برقم 7084، ومسلم، في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة، برقم 1847.
([74]) شرح النووي على صحيح مسلم، 12/479، وانظر: فتح الباري، لابن حجر، 13/37.
([75]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب المناقب، باب رقم 28، برقم 3641، ومسلم، في كتاب الإمارة، باب قوله ﷺ: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم)) برقم 1037/174.
([76]) جهاد الطلب: هو أن يغزو الكفار في بلادهم لدعوتهم إلى الله تعالى؛ فإن أبوا قبول الدعوة والإسلام، دعوا إلى دفع الجزية، فإن أبوا فالقتال.
وجهاد الدفع: هو دفع الكفار عن دخول بلاد المسلمين. انظر: المغني لابن قدامة، 12/ 10، ومجموع فتاوى ابن باز، 18/ 70- 86، و 18/ 101- 144.
([77]) انظر: التفصيل في ذلك زاد المعاد، 3/100 و3/6-11، والمغني لابن قدامة، 12/264.
([78]) انظر: المغني، 12/237.
([79]) سورة الحجرات، الآيتان: 9- 10.
([80]) الهنات: أي شُرُورٌ وفساد . يقال: في فلان هَنَاتٌ . أي: خِصَالُ شَرّ، ولا يقال في الخَيْر، وواحِدُها: هَنْتٌ، وقد تُجْمع على هَنَواتٍ، وقيل: واحِدُها: هَنَةٌ تأنيثُ هَنٍ، وهو كِنَاية عن كُلّ اسْمِ جنْس. النهاية لابن الأثير، 5 / 651.
([81]) أخرجه مسلم، في كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، برقم 1852.
([82]) انظر: المغني لابن قدامة، 12/474، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 34/241.
([83]) أخرجه أبو داود، في كتاب السنة، باب في قتال اللصوص، برقم 4772، والنسائي، في كتاب المحاربة، باب من قاتل دون أهله، برقم 4091، وفي باب من قاتل دون دينه، برقم 4092، والترمذي، في كتاب الديات، باب من قاتل دون ماله، برقم 1421، وقال: ((هذا حديث حسن صحيح))، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 6445.
([84]) أخرجه مسلم، في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق كان القاصد مهدر الدم في حقه، برقم 141.
([85]) أخرجه النسائي، في كتاب تحريم الدم، باب ما يفعل من تعرض لماله، برقم 4086، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 4293، وفي صحيح النسائي، 7/ 113.
([86]) أخرجه مسلم، في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق كان القاصد مهدر الدم في حقه، برقم 140.
([87]) سورة الأنفال، الآية: 39.
([88]) سورة البقرة، الآية: 193.
([89]) سورة التوبة، الآية: 5.
([90]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الإيمان، باب ]فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ[، برقم 25، ومسلم، في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، برقم 22.
([91]) مجموع فتاوى ابن باز، 18/70، وانظر: 18/70-86، ومحاضرة له رحمه الله بعنوان: ((ليس الجهاد للدفاع فقط)) في مجموع الفتاوى، 18/101-144، وانظر: المغني لابن قدامة، 12/10، والمقنع مع الشرح الكبير، والإنصاف، 10/12.
([92]) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب العلم، باب من سأل وهو قائم عالماً جالساً، برقم 123، ومسلم، في كتاب الإمارة، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، برقم 1904.
([93]) سورة النساء، الآية: 75.
([94]) سورة البقرة، الآية: 194.
([95]) سورة الحج، الآية: 40.
([96]) سورة التوبة، الآية: 111.
([97]) فسرت السياحة هنا بالصيام. ابن كثير، 2/393، ولها معان أخرى، انظر: تفسير السعدي، 3/304.
([98]) سورة التوبة، الآية: 112.
([99]) سورة الصف، الآيات: 10- 13.
([100]) سورة النساء، الآية: 74.
([101]) الفُتَّان: جمع فاتن، أي يُؤمَن من كل ذي فتنة، ورواه الطبراني بفتح الفاء، يعني به: فتَّان القبر، ورواه أبو داد مفسرًا بالإضافة إلى القبر ((وأمن من فتاني القبر))، شرح النووي على صحيح مسلم، 13/65، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 3/756.
([102]) مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرباط في سبيل الله ﷻ، برقم 1913.
([103]) أحمد 4/134، بلفظه، والنسائي، كتاب الجهاد، باب ثواب عين سهرت في سبيل الله، برقم 3119، ولفظه: ((حرمت على النار عين سهرت في سبيل الله))، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 2/653.
([104]) الترمذي، كتاب الجهاد، باب ما جاء في فضل الحرس في سبيل الله، برقم 1639، وحسنه، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/127.
([105]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب الغدوة والروحة في سبيل الله، برقم 2794، ولفظه من الطرف رقم 2892، وأخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، برقم 1881.
([106]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب الغدوة والروحة في سبيل الله، برقم 2792، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، برقم 1880.
([107]) الغدوة: مأخوذ من الغدُوِّ: وهو سير أول النهار، والروحة، رواح العشي، وهو من زوال الشمس إلى الليل، النهاية في غريب الحديث، باب الغين مع الدال، 3/346، وباب الراء مع الواو، 2/273، وتفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي، ص346.
([108]) البخاري، كتاب الجهاد، باب من اغبرت قدماه في سبيل الله، برقم 2811.
([109]) الترمذي، كتاب الجهاد، باب ما جاء في فضل الغبار في سبيل الله، برقم 1633، وقال: ((حسن صحيح))، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 2/126.
([110]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب الجنة تحت بارقة السيوف، برقم 2818، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب كراهية تمني لقاء العدو، والأمر بالصبر عند اللقاء، برقم 1742.
([111]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل الجهاد والسير، برقم 2785، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى، برقم 1878.
([112]) البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب درجات المجاهدين في سبيل الله، برقم 2790.
([113]) ابن ماجه، كتاب الجهاد، باب فضل الشهادة في سبيل الله، برقم 2799، والترمذي، كتاب الجهاد، باب ثواب الشهيد، برقم 1663، وقال: ((حسن صحيح))، وأخرجه أحمد، 4/131، 4/200، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 2/129، وفي مشكاة المصابيح، برقم 2834.
([114]) نصيفها: يعني الخمار كما في رواية البخاري، برقم 6568.
([115]) متفق عليه: البخاري واللفظ له، كتاب الجهاد، باب الغدوة والروحة في سبيل الله، برقم 2792، ولفظه من الطرف رقم 2796، وأخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، برقم 1880.
([116]) يكلم: يجرح، قال العلماء: الحكمة في بعثه كذلك: أن يكون معه شاهد بفضيلته ببذله نفسه في طاعة الله تعالى. فتح الباري، لابن حجر، 6/20.
([117]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب من يجرح في سبيل الله ﷻ، برقم 2803، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، برقم 1876.
([118]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب الحور العين وصفتهن، برقم 2795، والطرف رقم 2817، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الشهادة في سبيل الله، برقم 1877.
([119]) سورة آل عمران، الآية: 169.
([120]) مسلم، كتاب الإمارة، باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة، وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، برقم 1887.
([121]) النسائي، كتاب الجهاد، باب ما يجد الشهيد من ألم القتل، برقم 3163، وابن ماجه، كتاب الجهاد، باب فضل الشهادة في سبيل الله، برقم 2802، وقال الألباني في صحيح سنن النسائي، 2/665، وفي صحيح سنن ابن ماجه، 2/130: ((حسن صحيح)).
([122]) سورة البقرة، الآية: 261.
([123]) سنن الترمذي، كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل النفقة في سبيل الله، برقم 1625، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/124.
([124]) مخطومة: خِطَام البعير أن يُؤْخذ حَبْل من ليف أو شَعر أو كَتَّان فيُجْعَل في أحَد طَرَفيه حَلْقة، ثم يُشَدّ فيه الطَّرف الآخر حتى يَصِير كالحْلقة، ثُم يُقَاد البَعير، ثم يُثَنَّى على مَخْطِمه. النهاية في غريب الحديث، 2 / 120.
([125]) مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الصدقة في سبيل الله وتضعيفها، برقم 1892.
([126]) سورة آل عمران، الآيات: 169 – 171.
([127]) أحمد، 5/314، 316، 319، 326، 330، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، 2/75، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد، 5/272، وقال: ((رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، وأحد أسانيد أحمد وغيره ثقات))، وحسن إسناده شعيب وعبد القادر الأرنؤوط في حاشيتهما على زاد المعاد لابن القيم، 3/77.
([128]) مسلم، كتاب الإمارة، باب استحباب طلب الشهادة في سبيل الله تعالى، برقم 1908.
([129]) مسلم، كتاب الإمارة، باب استحباب طلب الشهادة في سبيل الله تعالى، برقم 1908.
([130]) سورة النساء، الآيتان: 95- 96.
([131]) سورة آل عمران، الآيتان: 157- 158.
([132]) مسلم، كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدَّين، برقم 1886.
([133]) مسلم، كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين، برقم 1885.
([134]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، برقم 2786، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والرباط، برقم 1888.
([135]) سورة النساء، الآية: 100.
([136]) انتدب: أسرع بثوابه وحسن جزائه، وقيل: معناه أجاب إلى المراد، وقيل: معناه تكفل بالمطلوب. فتح الباري لابن حجر، 1/93.
([137]) متفق عليه: البخاري واللفظ له، كتاب الإيمان، باب الجهاد من الإيمان، برقم 36، ورقم 2787، ورقم 3123، ورقم 7457، ورقم 7463، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، برقم 1876.
([138]) أحمد في المسند، 26/340، برقم 16414، والحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي، 2/ 88، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، 5 / 503: ((رواه أحمد، والطبراني، وفيه محمد بن إسحاق مدلس، وبقية رجال أحمد ثقات)).
([139]) مسلم، برقم 1913، وتقدم تخريجه في فضل الرباط في سبيل الله تعالى.
([140]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 3/756.
([141]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل الجهاد والسير، برقم 2785، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الشهادة في سبيل الله، برقم 1878.
([142]) الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء أن الحياء من الإيمان، برقم 2616، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب كف اللسان في الفتنة، برقم 3973، وأحمد، 5/230، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 2/359، وإرواء الغليل، برقم 413، 2/138.
([143]) أبو داود، كتاب الجهاد، باب في النهي عن السياحة، برقم 2486، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/472.
([144]) انظر: دليل الراغبين إلى رياض الصالحين، ص652.
([145]) عِدل محرَّرُ: أي أجْرُ مُعْتَقٍ. المحَرَّر : الذي جُعِل من العَبيد حُرًّا فأُعْتِق. انظر: النهاية في غريب الحديث، 1 / 931.
([146]) الترمذي، كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الرمي في سبيل الله، برقم 1638، وقال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح، وأبو نجيح: هو عمرو بن عبسة السلمي))، وأخرجه ابن ماجه، كتاب الجهاد، باب الرمي في سبيل الله، برقم 2812، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/126.
([147]) مقنع بالحديد: مغطى بالسلاح، وقيل: هو الذي على رأسه خوذة، انظر: النهاية لابن الأثير، باب القاف مع النون، 4/114، وتفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي، ص130.
([148]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب عمل صالح قبل القتال، برقم 2808، ومسلم، كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، برقم 1900.
([149]) من جهز غازيًا: تجهيز الغازي: تحميله، وإعداد ما يحتاج إليه في غزوه، ومعنى خلف غازيًا في أهله: أي قام مقامه في مراعاة أحوال أهله. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، باب الجيم مع الهاء، 1/321، وباب الخاء مع اللام، 2/66.
([150]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب فضل من جهّز غازيًا، برقم 2843، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله، مركوب وغيره، وخلافته في أهله بخير، برقم 1895.
([151]) مسلم، كتاب الإمارة، باب من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو، برقم 1910.
([152]) أبو داود، كتاب الجهاد، باب كراهية ترك الغزو، برقم 2503، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/75.
([153]) أبو داود، كتاب البيوع، باب في النهي عن العينة، برقم 3462، ومسند الإمام أحمد، 2/84، وصححه الألباني لمجموع طرقه في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 11.
([154]) مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرمي والحث عليه وذم من علمه ونسيه، برقم 1919.
([155]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب الشهادة سبع سوى القتل، برقم 2829، ومسلم، كتاب الإمارة، باب بيان الشهداء، برقم 1914.
([156]) مسلم، كتاب الإمارة، باب بيان الشهداء، برقم 1916.
([157]) مسلم، كتاب الإمارة، باب بيان الشهداء، برقم 1915.
([158]) مالك في الموطأ، كتاب الجنائز، باب النهي عن البكاء على الميت، 1/334، واللفظ له، وأبو داود، كتاب الجنائز، باب فضل من مات في الطاعون، برقم 3111، والنسائي، كتاب الجنائز، باب النهي عن البكاء على الميت، برقم 1847، وقال النسائي في المرأة: ((شهيدة)) بالتاء المربوطة، وصححه النووي في شرح صحيح مسلم، 13/66، والألباني في أحكام الجنائز، ص40.
([159]) أحمد، 5/314، 315، 317، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 5/300: ((رواه الطبراني وأحمد بنحوه، ورجالهما ثقات)).
([160]) أحمد، 3/489، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 5/299: ((رواه أحمد ورجاله ثقات))، وصحح إسناده الألباني في أحكام الجنائز، ص39.
([161]) أبو داود، برقم 4772، والنسائي، برقم 4099، والترمذي، برقم 1418، وابن ماجه، برقم 2580، وأحمد، برقم 1652، وتقدم تخريجه.
([162]) النسائي، كتاب المحاربة، باب من قتل دون مظلمته، برقم 4101، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 3/858.
([163]) فتح الباري، 6/43، وذكر: من وقصه فرسه في سبيل الله، أو لدغته هامة، أو مات على فراشه على أي حتف شاء الله تعالى، فهو شهيد، وصحح الدارقطني ((موت الغريب شهادة))، ولابن حبان: ((من مات مرابطًا مات شهيدًا)).
([164]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 3/757.
([165]) كل هذه الشروح للكلمات من المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي، 3/756-758، وشرح النووي على صحيح مسلم، 13/66-67، وانظر: فتح الباري، لابن حجر، 6/43.
([166]) الترغيب والترهيب للمنذري، 2/309.
([167]) سورة غافر، الآيتان: 51- 52.
([168]) سورة الروم، الآية: 47.
([169]) سورة الأنفال، الآيات: 2- 4.
([170]) سورة النور، الآية: 55.
([171]) سورة النساء، الآية: 141.
([172]) سورة الحج، الآيتان: 40- 41.
([173]) سورة محمد، الآيتان: 7- 8.
([174]) سورة الصافات، الآية: 173.
([175]) سورة المائدة، الآية: 11.
([176]) سورة آل عمران، الآية: 160.
([177]) سورة آل عمران، الآية: 159.
([178]) سورة الأحزاب، الآية: 3.
([179]) سورة الفرقان، الآية: 58.
([180]) الترمذي، كتاب الزهد، باب في التوكل على الله، برقم 2344، وابن ماجه كتاب الزهد، باب التوكل واليقين، برقم 4164، ومسند أحمد، 1 / 332، برقم 201، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 2/274.
([181]) سورة الأنفال، الآية: 60 .
([182]) الترمذي، كتاب صفة القيامة، باب حديث اعقلها وتوكل، برقم 2517، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/309.
([183]) سورة آل عمران، الآية: 159.
([184]) سورة الشورى، الآية: 38.
([185]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من قاد دابة غيره في الحرب، برقم 2864، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين، برقم 1776 عن البراء بن عازب t.
([186]) سورة الأحزاب، الآية: 21.
([187]) متفق عليه: البخاري، برقم 2818، ومسلم، برقم 1742، وتقدم تخريجه.
([188]) سورة النساء، الآية: 78 .
([189]) أحمد في المسند، 1/86، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، 2/143.
([190]) الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي، 2/143، ومسند الإمام أحمد، برقم 1347، وعزاه ابن كثير في البداية والنهاية، 3/279 إلى النسائي، وهو في السنن الكبرى للنسائي، كتاب السير، باب مباشرة الإمام الحرب بنفسه، 5/ 191، برقم 8585.
([191]) انظر: زاد المعاد، 3/199.
([192]) مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين، برقم 1776.
([193]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 12/358، وفتح الباري لابن حجر، 8/32.
([194]) قال العلماء: قوله: ((منهزمًا)) حال من ابن الأكوع، وليس النبي ﷺ، انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 12/364.
([195]) شاهت الوجوه: أي قبحت، والله أعلم. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 12/365.
([196]) مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين، برقم 1777.
([197]) مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب عدد غزوات النبي ﷺ، برقم 1814.
([198]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 12/436، وانظر: البداية والنهاية لابن كثير، 3/241، و5/216-217، وزاد المعاد لابن القيم، 3/5.
([199]) سورة الأحزاب، الآية: 21.
([200]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل، برقم 6033، ومسلم، كتاب الفضائل، باب في شجاعة النبي ﷺ وتقدمه للحرب، برقم 2307.
([201]) سورة البقرة، الآية: 186.
([202]) سورة غافر، الآية: 60.
([203]) سورة الأنفال، الآية: 9.
([204]) سورة الأنفال، الآية: 45.
([205]) سورة آل عمران، الآية: 126.
([206]) سورة الأنفال، الآية: 9.
([207]) متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب قول الله تعالى: ]إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ[، برقم 3953، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة، برقم 1763.
([208]) مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو، برقم 1742، من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما.
([209]) أنت عضدي: يعني عوني. سنن الترمذي، برقم 3584.
([210]) أحول: أي أتحرك، قيل: احتال، وقيل: أدفع وأمنع، من حال بين الشيئين إذا منع أحدهما عن الآخر. النهاية في غريب الحديث، باب الحاء مع الواو، 1/462، وانظر: عون المعبود، 7/296.
([211]) أبو داود، كتاب الجهاد، باب ما يدعى عند اللقاء، برقم 2632، واللفظ له، والترمذي بنحوه، كتاب الدعوات، باب في الدعاء إذا غزا، برقم 3584، وحسنه، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/499، وفي صحيح الترمذي، 3/183.
([212]) أبو داود، كتاب الوتر، باب ما يقول الرجل إذا خاف قوماً، برقم 1537، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، 2/142، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 10/286.
([213]) البخاري، كتاب التفسير، سورة آل عمران، باب قوله I: ]الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ[، برقم 4563، 4564.
([214]) الترمذي، كتاب القدر، باب ما جاء: لا يرد القدر إلا الدعاء، برقم 2139، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/225، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 154.
([215]) سورة الأنفال، الآية: 46.
([216]) سورة النور، الآية: 52.
([217]) سورة الأحزاب، الآية: 36.
([218]) سورة النور، الآية: 63.
([219]) أحمد بلفظه، 2/92، والبخاري معلّقًا، كتاب الجهاد، باب ما قيل في الرماح، في ترجمة الباب، قبل الحديث، رقم 2914. وسمعت الإمام عبد العزيز ابن باز – رحمه الله تعالى – أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 2914، يقول: ((إسناده حسن)).
([220]) سورة الأنفال، الآية: 46.
([221]) سورة آل عمران، الآية: 103.
([222]) سورة النساء، الآية: 59.
([223]) سورة آل عمران، الآية: 200.
([224]) سورة الأنفال، الآية: 46.
([225]) مسند أحمد، 1/307، وقد تكلم على الحديث الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم، 2/459، فينظر.
([226]) سورة آل عمران، الآيتان: 146-148.
([227]) سورة الأنفال، الآية: 47.
([228]) سورة العنكبوت، الآية: 69.
([229]) يقاتل للذكر: أي ليذكر بين الناس، ويُوصَفَ بالشَّجاعة . والذِّكْر : الشرف والفَخْر. انظر: النهاية لابن الأثير، 2 / 410.
([230]) متفق عليه: البخاري، برقم 2810، ومسلم، برقم 1904، وتقدم تخريجه.
([231]) مسلم، كتاب الإمارة، باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار، برقم 1905.
([232]) بخ،بخ:كلمة تقال عند المدح،والرِّضَى بالشيء،وتُكَرر للمبالغة. النهاية لابن الأثير، 1 / 250.
([233]) قَرَنه:أي:جَعْبَته،ويُجْمَع على:أقْرُن،وأقْران،كجَبَل وأجْبُل وأجبال. النهاية لابن الأثير، 4 / 81.
([234]) مسلم، كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، برقم 1901.
([235]) أي: ليرين الله الناس ما أصنع، ويبرزه لهم، وقال القرطبي كأنه ألزم نفسه إلزاماً مؤكداً، ولم يظهره مخافة ما يتوقع من التقصير في ذلك. عمدة القاري، للعيني، 14 / 103.
([236]) واهاً : قاله إما تعجباً، وإما تشوقاً إلى الجنة. انظر: فتح الباري لابن حجر، 6 / 23.
([237]) سورة الأحزاب، الآية: 23.
([238]) متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة أحد، برقم 4048، ومسلم، واللفظ له، كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، برقم 1903.
([239]) سورة الحجرات، الآية: 13.
([240]) سورة آل عمران، الآية: 76.
([241]) سورة الرعد، الآية: 11.
([242]) سورة الأنفال، الآية: 33.
([243]) جامع العلوم والحكم لابن رجب، 1/400.
([244]) البخاري، كتاب الرقاق باب التواضع، برقم 6502.
([245]) الترمذي، كتاب الفتن، باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، برقم 2169، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/223، وصحيح الجامع، 6/99.
([246]) سورة الأعراف، الآية: 165.
([247]) وتقدم في السبب السابع من أسباب النصر.