وسيلة الحصول إلى مهمات الأصول
التصنيفات
الوصف المفصل
- وَسِيلَةِ
الْحُصُولِ إِلَى مُهِمَّاتِ الأُصُولِ
- [ البابُ الأَوَّلُ ] : مُقَدِّماتٌ ثَلاثٌ
- [ البَابُ الثَّانِي : كِتابُ أُصُولِ الأَدَلِّةِ ]
- فَصلٌ فِي لُزُومِ الْحُجَّةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الثَّبتِ
- الْكَلامُ
عَلَى وُجُوهِ الْخِطَابِ
- الْفَصلُ الأَوَّلُ : فِي الأَوَامِرِ
- الْفَصلُ الثَّانِي : فِي النَّواهِي
- الْفَصْلُ الثَّالِثِ : فِي الْمَنطُوقِ وَالْمَفْهُومِ
- الْفَصْلُ الْرَّابِعُ : فِي الْعُمُومِ
- الْفَصْلُ الْخَامِسُ : فِي الْخُصُوصِ
- الْفَصْلُ السَّادِسُ : فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ
- الفَصْلُ السَّابِعُ : فِي الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ
- الْفَصْلُ الثَّامِنُ : فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ
- فَصْلٌ : فِي السُّنَّةِ فِي الأَفعالِ
- فَصلٌ فِي التَّقْرِيرِ وَالتَّرْكِ
- القَولُ فِي عَوَارِضِ الأَدَلِّةِ
- اِسْتِصْحَاب الأَصلِ
- الاجْتِهادُ وَالْفُتْيَا
- [ مَا يَجِبُ على الجَاهِلِ ]
- الْفَرقُ بَينَ الاِتِّباعِ وَالتَّقليدِ
- مَوقِفُ الإِنْصَافِ فِي مَثَارَاتِ الْخِلافِ
- [ الْخَاتِمَةُ ]
مَنظُومَةُ
وَسِيلَةِ الْحُصُولِ إِلَى مُهِمَّاتِ الأُصُولِ
للشَّيخِ: حَافِظِ بنِ أَحمدِ الْحَكَمِي
رَحِمَةُ اللهُ عَلَيهِ
[ اعتَمَدتُ على طَبعَةِ شَرحِهِ المُسَمَّى (الْجُهدُ الْمَبذُولُ فِي تَنوِيرِ العُقُولِ بِشَرحِ مَنظُومَةِ وَسِيلَةِ الحُصُولِ إِلَى مُهِمَّاتِ الأُصُولِ) للشَّيخِ: زَيدِ بنِ مُحمَّدِ بنِ هادِي الْمَدخَلِي
(ط : مكتَبَة الفُرقان1421 ﻫ - 2001 م) فِي مُجَلَّدَينِ . ]
[ مَدخَلٌ ]
الْحَمدُ لِلْعَدلِ الحَكِيمِ الْبَارِي | [1] | الْمُستَعانِ الوَاحِدِ القَهَّارِ |
ذِي الْحِكَمِ الْبالِغَةِ الْعَلِيَّهْ | [2] | وَالْحُجَّةِ الدَّامِغَةِ القَوِيَّهْ |
قَضَى بِكَونِ مَا يَشَا فَأَبْرَمَهْ | [3] | وَشَرَعَ الشَّرعَ لَنَا وَأَحْكَمَهْ |
بِأَنَّهُ الرَّبُّ بِلا مُنَازَعَهْ | [4] | وَهْوَ الإِلَهُ الْحَقُّ لا نِدَّ مَعَهْ |
فَبِالْقَضَا نُؤْمِنُ وَالتَّأَلُّهُ | [5] | بِشَرعِهِ ، فَالْخَلْقُ وَالأَمْرُ لَهُ |
وَكُلُّهَا تَصدُرُ عَنْ مَشِيئَتِهْ | [6] | وَعِلْمِهِ وَعَدْلِهِ وَحِكمَتِهْ |
أَحْكَمَ كُلَّ الْخَلقِ بِالإِتْقَانِ | [7] | وَالأَمرِ بِالعَدْلِ وَبِالإِحْسَانِ |
أَحْمُدُهُ وَالْحَمدُ مِن إِنْعَامِهِ | [8] | إِذْ ذِكْرُنَا إِيَّاهُ مِنْ إِلْهَامِهِ |
ثُمَّ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ الْمُسْتَمِرْ | [9] | عَلَى الَّذِي اِسْتَقَامَ مِثْلَ مَا أَمَرْ |
نََبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَالآلِ | [10] | وَصَحْبِهِ ومَنْ بِخَيرٍ تَالِ |
• وَبَعدُ : إِنَّ الْعِلمَ خَيرُ مُقْتَنَى | [11] | وَالفِقهُ أَولَى مَا بِهِ العَبدُ اِعتَنَى |
حَضَّ عَلَيهِ اللهُ وَالرَّسُولُ | [12] | فِي جُمَلٍ شُرُوحُهَا تَطُولُ |
فَدُونَهُ لا يُمكِنُ اِتِّباعُ | [13] | أَمرٍ ، وَلا بِالعِظَةِ اِنْتِفاعُ |
مَنْ لَم يَكُنْ يَفْقَهُ كَيفَ يَعْمَلُ | [14] | بِمُوجِبِ الأَمرِ الَّذِي لا يُعقَلُ |
• ثُمَّ أُصُولُ الْفِقهِ كُلِّيَّاتُ | [15] | ثَابِتَةُ الأَساسِ قَطْعِيَّاتُ |
وَهَا أَنَا أُخرِجُ مِن مُنتَخَبِهْ | [16] | قَواعِداً نَافِعَةً لِلْمُنتَبِهْ |
تَجمَعُ مِن مَقصُودِهِ أَهَمّهْ | [17] | مَعْ قِصَرِ الوَقتِ وضَعفِ الْهِمَّهْ |
وَاللهُ أَرجُو مِنهُ عِلْماً نَافِعَا | [18] | إِلَى عَلِيِّ الدَّرَجاتِ رَافِعَا |
[ البابُ الأَوَّلُ ] : مُقَدِّماتٌ ثَلاثٌ
الأُوُلَى : فِي تَعريفِ (الأُصُولِ) وَ(الأَحْكامِ)
• أَدِلَّةُ الفِقهِ عَلَى الإِجمالِ | [19] | وَصِفَةُ الْوُجُوهِ لاِسْتِدلالِ |
تُعرَفُ ذِي : فَنَّ أُصُولِ الفِقهِ ، مَنْ | [20] | أَدْرَكَهَا فَهْوَ الأُصُولِي فَاعْلَمَنْ |
وَالفِقهُ عِلمُ حُكمِ شَرعِ اللهِ مِنْ | [21] | أَدِلَّةٌ تَفصِيلُهُ فِيهَا زُكِنْ |
• والحُكمُ : مُقتَضَى خِطابِ اللهِ | [22] | لِلْعَبدِ تَكْلِيفاً بِلا اِشْتِباهِ |
إِنِ اِقتَضَى الْجَزْمَ بِفِعلٍ : يَجِبُ | [23] | وَغَيرُ مُقتَضٍ لِجَزمٍ : يُندَبُ |
ومُقتَضَى التَّركِ : حَرَامٌ إِنْ جُزِمْ | [24] | بِهِ وَإِلاَّ مَكْرُوهٌ عُلِمْ |
وَالعَفْوُ أَو مَا رَفَعَ الجُناحُ | [25] | فِي الفِعلِ وَالتَّركِ هُوَ : الْمُباحُ |
وَإِنْ ذَرِيعَةً فَحُكمُهُ اِنْجَلَى | [26] | حُكمُ الَّذِي بِهِ لَهُ تَوَصَّلاَ |
• وَيَلْزَمُ التَّكلِيفُ كُلَّ مُدرِكِ | [27] | بِعَقلِهِ مِن مُسلِمٍ ومُشرِكِ |
لِكِنَّما الكَافِرُ سَعْيُهُ هَبَا | [28] | وََهْوَ مُؤَاخَذٌ بِجَحدٍ وَإِبَا |
• وَالوَضعُ شَرطٌ مَانِعٌ والسَّبَبُ | [29] | كَذَا صَحيحٌ فَاسِدٌ قَدْ لَقَّبُوْ |
فَالشَّرطُ : مَالْحُكمُ بِفَقدِهِ اِنتَفَى | [30] | فِي صِحَّةٍ أَو فِي كَمالٍ عُرِفَا |
وَالسَّبَبُ : الَّذِي بِهِ الحُكمُ وُجِدْ | [31] | وَالْمَانِعُ الَّذِي بِوَجْدِهِ فُقِدْ |
وَمَا بِهِ النُّفُوذُ واِعتِدادُ | [32] | هُوَ الصَّحيحُ ؛ غَيرُهُ الْفَسَادُ |
والرُّخصَةُ : التَّيْسِيرُ لِلْحُكمِ لَدَى | [33] | عُذْرٍ وَإِلاَّ فَعَزِيمَةٌ بِدَا |
فَصْلٌ
وَالْفَرضُ تَعرِيفاً : رَدِيفُ مَا يَجِبْ | [34] | كَالسُّنَّةِ التَّطَوُّعِ النَّدبِ اُستُحِبْ |
وَقَد يَكُونُ : عَيناً أَو كِفَائِيْ | [35] | فِي شَيءٍ أَو وَاحِدٌ مِنْ أَشْياءِ |
مُرَتَّباً يَجِيءُ أَو مُخَيَّرَا | [36] | مُؤَقَّتاً وَمُطلَقاً ما قُدِّرَا |
فَالأَوَّلُ : الفَرضُ عَلَى الأَعيانِ | [37] | يُفعَلُ مِنْ جَمعٍ ومِن أَعْيانِ |
مِثالُهُ التَّوحيدُ وَالصَّلاةِ | [38] | وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ |
وَالثَّانِي فَرضُهُ عَلَيهِمْ وَالأَدَاْ | [39] | يَكفِي إِذَا مِنْ بَعضِهِمْ قَدْ وُجِدَاْ |
كَـ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُم﴾ ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَا﴾ | [40] | وَمِثلُهُ سَدُّ الثُّغُورِ قَد جَرَى |
وَحَيثُ كَانَ الْفَرضُ شَيْئاً عُيِّنَا | [41] | فِفِعلُهُ لا شَكَّ قَد تَعَيَّنَا |
كَـ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلاةِ﴾ وَ﴿كُتِبْ | [42] | عَلَيكُمُ الصِّيامُ﴾ عَينُهُ يَجِبْ |
وَمَا تَرَتَّبَ اِفْرِضْ الْمُقَدَّمَاْ | [43] | فِي حَقِّ مُستَطِيعٍ مَا تَقَدَّمَا |
كَالنَّصِّ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ | [44] | وَتَوبَةِ القَاتِلِ خِطْئاً جَارِي |
وَغَيرَهُ اِفرِضْ وَاحِداً مِنْهَا فَقَطْ | [45] | مَا كَانَ وَالْبَاقِي بِفِعلِهِ سَقَطْ |
كَآيَةِ التَّكْفِيرِ فِي الإِقْسَامِ | [46] | وَحالِقٍ لِلْعُذرِ فِي الإِحْرَامِ |
فِي الوَقْتِ فِي الْمُؤَقَّتِ : الأَدَاءُ | [47] | وَالْفِعلُ بَعدَ وَقتِهِ : قَضَاءُ |
وَثَانِياً فِي وَقتِهِ : إِعادَهْ | [48] | لِمُوجِبٍ لِلْعَودِ فِي الْعِبادَهْ |
ومُطلَقُ الفَرضِ الَّذِي مَا حَدَا | [49] | يَفعَلُهُ مَتَى وَحَيثُ أَدَّى |
وَهَكَذَا الْمَسنُونُ قَد تَقَسَمَّا | [50] | وَبِالْمِثالِ تُدْرِكُ الْمُسْتَبهَمَا |
الْمُقَدِّمَّةُ الثَّانِيَةُ : فِي الْوَضْعِ
وَالْوَضعُ : جَعلُ الَّلْفظِ لِلْمَعْنَى يَدُلْ | [51] | أُفْرِدَ أَو رُكِّبَ فِي جُزءٍ وكُلْ |
وَلا يَجُوزُ وَضعُ لَفظٍ شَائِعِ | [52] | فِي غَيرِ مَعنَاهُ لَدَى الشَّرائِعِ |
وَالَّّلفظُ وَالْمَعنَى حَيثُ اِتَّحَدَا | [53] | فَذَاكَ جُزْئِيٌّ وَكُلِّيٌّ بَدَا |
كَنَحْوِ : زَيدٌ صَالِحٌ لِمَن سُمِي | [54] | وَيَشمَلُ الإِنْسَانُ جِنسَ الآدَمِيْ |
وَالْمُتَبَاينُ الَّذِي قَد اِستَقَلْ | [55] | لِكُلِّ مَعْنَى لَفظُهُ عَلَيهِ دَلْ |
وَمَا لِواحِدٍ بِهِ الْمَعنَى اِتَّحَدْ | [56] | مِن دُونِ لَفظٍ مُتَرادِفٌ يُعَدْ |
وَعَكْسُهُ : مُشتَرَكٌ ثُمَّ العَلمْ | [57] | إِمَّا لِشَخص أَو لِجِنسٍ أَو لاِسِمْ |
وَرَدُّهُم لَفظاً إِلَى سِواهِ | [58] | مِمَّا لَهُ نَاسَبَ فِي مَعْناهِ |
وَفِي حُرُوفِهِ الأُصُولِ أَو وَقَعْ | [59] | تَغْيِيرُ بَعضٍ فَاشْتِقاقٌ اِتَّسَعْ |
فَمِنهُ مُختَصٌّ وَمِنهُ مُطَّرِدْ | [60] | وَالْمَعنَوِيُّ كَمُرَادِفٍ يَرِدْ |
[ وَأَيُّمَا ] لَفظٍ [ يَسْتَعْمِلْهُ ] ([1]) العَرَبْ | [61] | مِنْ غَيْرِ وَضْعِهِم هُوَ الْمُعَرَّبْ |
لا عَلَماً ، وَفِي القُرآنِ الْمُمْكِنُ | [62] | مِمَّا تَوَاطَأْتْ عَلَيهِ الأَلْسُنُ |
ثُمَّ اِنْتِقاءُ مَا سِواهُ اِعْتَبِرِ | [63] | كَمَا نَفَاهُ الشَّافِعِي والطَّبَرِي |
وَالعُرفُ إِنْ فِي الُّلغَويِّ وَالشَّرْعِيْ | [64] | تَعَارَضَا قُدِّمَ عُرفُ الشَّرْعِ |
كَعُرْفِهِ فِي الصَّومِ وَالصَّلاةِ | [65] | أَوْلَى مِنَ الدُّعاءِ وَالإِصْمَاتِ |
فَصْلٌ
ثُمَّ الْكَلامُ كُلُّهُ قَد يَنقَسِمْ | [66] | لِخَبَرٍ فَاعْلَمْ وَإِنْشاءٍ وُسِمْ |
مَاْ لَهُمَا مِنْ ثَالِثٍ ، فَالْخَبَرُ | [67] | فِي النَّفْيِ وَالإِثْباتِ قُلْ يَنْحَصِرُ |
وَالوَعدُ وَالْوَعِيدُ فِي ذَينِ دَخَلْ | [68] | وَقَصَصٌ تَعَجُّبٌ كَذَا الْمَثَلْ |
وَانْقَسَمَ الإِنْشَا إِلَى اِسْتِفهَامُ | [69] | عَلَى مَعانٍ جَاءَ فِي الكَلامِ |
أَمرٌ وَنَهيٌ قَسَمٌ دُعَاءُ | [70] | شَرطٌ تَمَنٍّ وَكَذَا الرَّجَاءُ |
وَقَدْ يَجِيْ الإِنْشَا بِمَعنَى الخَبَرْ | [71] | وَعَكْسُهُ تَوَسُّعاً فَاعْتَبِرِ |
وَبَحثُهَا يَدرِيهُ مَنْ يُعَانِي | [72] | لِعِلْمَيِ البَيانِ الْمَعَانِي |
الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ : فِي أَدَواتِ الْمَعانِي
الأَدَواتُ مِن حُرُوفٍ عُلِمَت | [73] | فَلِلْجَوابِ وَالْجَزَا (إِذَنْ) ثَبَتْ |
وَ(إِنْ) لِشَرطٍ وَلِنَفْيٍ وَ صِلَهْ | [74] | تُفِيدُ قُوَّةَ الْمَعَانِي الْحاصِلَهْ |
لِلَّشَّكِّ وَالتَّخْييرِ وَالإِبهامِ (أَوْ) | [75] | جَمعٌ وَتَقسِيمٌ وَإِضْرَابٌ رَأَوْ |
وَقَد تَجِي مَكَانَ (حَتَّى) و(إِلَى) | [76] | لِغَايَةٍ كَذَا لِتَقريبٍ تَلا |
(أَيْ) : لِتَفْسِيرٍ أَتَتْ وَلِلْنِّدَا | [77] | قَرِيبا أَوْ لِلْوِسطِ أَوْ مَن بَعُدَا ([2]) |
وَشُدِّدَتْ ([3]) : لِلْشَّرطِ وَاِسْتِفهامِ | [78] | كَذَا اِسمِ مَوْصُولٍ وَلِلإِعْظامِ ([4]) |
وَ وِصْلَةٌ إِلَى نِدَا مَا فِيهِ أَلْ | [79] | وَ(إِذْ) لِماضٍ : ظَرفٌ مَفعُولٌ بَدَلْ |
لَهَا إِضَافَةُ الزَّمَانِ قَد وَضَحْ | [80] | وَقَد تَجِي مُسْتَقْبَلاً عَلَى الأَصَحْ |
كَذَاكَ للتَّعلِيلِ حَرْفاً فِيهِ | [81] | وَفِي فُجاءَةٍ لِسَيبَوِيهِ |
(إِذَا) أَتَتَ حَرفَ فُجاءَةٍ عَلَى | [82] | رَأْيٍ وَقَدْ أَتَتْ [ بِهِ ] مُسْتَقْبَلاَ |
تَضَمَّنَتْ شَرطِيَّةً فِي الغَالِبِ | [83] | وَالحَالَ وَالْمَاضِي نُدُوراً أُجْتُبِي |
وَ(البَا) لِلاِلْصَاقِ تَعَدٍّ سَبَبُ | [84] | وَالبَدَلُ الظَّرْفُ وَعَوْناً أُطلُبِ |
قَابَلَ أَو جَاوَزَ وَالْمُصَاحَبَهْ | [85] | كَذَا لِلاسْتِعلاَ لَدَى مَن اِنْتَبَهْ |
وَالغَايَةُ التَّوكِيدُ تَبعِيضٌ قَسَمْ | [86] | وَ(بَلْ) لِعَطفٍ ولِلاِضْرابِ اِنْقَسَمْ |
إِمَّا لإِبطالٍ أَو اِنْتِقالِ | [87] | مِنْ غَرَضٍ لآخَرٍ فِي الْمَقَالِ |
(بِيَدْ) بِمَعنَى غَيرٍ أَو مِن أَجلِ | [88] | كَبِيَدِ أَنِّيْ قُرَشِيّ النَّجْلِي ([5]) |
وَ(ثُمَّ) حَرفٌ عاطِفٌ فِي الْجُملَهْ | [89] | يَجِيءُ لِلْتَّرتِيبِ بَعدَ الْمُهلَهْ |
(حَتَّى) تَجِيءُ لانْتِهاءِ الغَائِيْ | [90] | كَذَا لِتَعلِيلٍ ولاسْتِثناءِ |
وَ(رُبَّ) للتَّقليلِ والتَّكثِيرِ | [91] | دُونَ اِخْتِصاصِهِ لَدَى الكَثِيرِ |
(عَلَى) تَكونُ اِسْماً وَحَرْفاً لِلْعُلُوْ | [92] | وَصَاحَبُوا وَجاوَزُوا وَعَلَّلُوا |
بِهَا ولِلْظَّرفِ ولاِسْتِدْرَاكِ | [93] | فِعلِيَّةٌ عَلاَ عَلَى الأَراكِ |
وَ(الفَاءُ) للتَّرتِيبِ فِي الْمَعنَى وَفِي | [94] | ذِكرٍ وَتَعقِيبٍ بِكُلِّهَا يَفِي |
وَسَبَبِيَّةٌ تَجِيْ للرَّابِطَهْ | [95] | وَفِي جَوابِ الشَّرطِ تَأتِي رَابِطَهْ |
فِي جَاءَ للظَّرفَينِ وَالْمُصاحَبَهْ | [96] | تَوكِيدُ تَعليلُ وَتَعويضُ هِبَهْ |
مِثلُ (عَلَى) تَجِيءُ لاِسْتِعلاءِ | [97] | مَعنَى (إِلَى) وَ(مِن) وَمَعنَى (البَاءِ) |
وَ(كَيْ) لِتَعليلٍ أَتَى وَمَصدَرِ | [98] | (كُلٌّ) لِلاِستِغراقِ فِي الْمُنَكَّرِ |
وَفِي مُعَرَّفٌ مِنَ الْجَمعِ وَفِي | [99] | أَجزَاءِ كُلِّ الْمُفرَدِ الْمُعَرَّفِ |
وَ(الَّلامُ) للتَّعليلِ وَاِسْتِحقاقِ | [100] | وَالْمِلكِ وَالتَّملِيكِ وَالوِفاقِ |
عَاقِبَةٌ تَوكِيدٌ نَفْيٌ ([6]) تَعدِيَهْ | [101] | كَذَا لِتَأكِيدٍ بِأَخْبارٍ هِيَهْ |
مَعنَى (إِلَى) وَ(فِي) وَ(عِندَ) وَ(عَلَى) | [102] | وَ(مِنْ) وَ(عَنْ) وَ(بَعدُ) تَأتِي بَدَلاَ |
(لَوْلاَ) أَتَتْ فِي الْجُمْلَةِ الإِسْمِيَّهْ | [103] | مَاض مُضارِع مِنَ الفِعْلِيَّهْ |
حَرفُ اِمْتِناعٍ لِوُجودٍ أَوْ لاَ | [104] | وَالثَّانِ تَوبيخٌ وتَحضيضٌ تَلاَ |
(لَو) جاءَ لاِمْتِناعِ مَا يَلِيهِ | [105] | حُكْماً مَعَ اِستِلْزَامِهِ تَالِيهِ |
وَلِمُسَاواةٍ تَمَنٍّ عَرْضِ | [106] | كَذَا لِتَقْلِيلٍ أَتَتْ وَحَرضِ |
وَ(لَنْ) لِنَفْيِ الفِعلِ فِي الْمُستَقبَلِ | [107] | لا تَقتَضِي التَّأبيدَ كَالمُعتَزِلِيْ |
(مَنْ) لاِبْتِدَاءٍ وَعَلَى التَّبعيضِ دَلْ | [108] | كَذَا لِتَبْيِينٍ وَتَعليلٍ بَدَلْ |
تَخصِيصُ مَا عَمَّ وَفَصلٌ اِنْجَلَى | [109] | كَـ(البَا) وَ(عَنْ) وَ(فِي) وَ(عِندَ) وَ(عَلَى) |
(مَنِ) اِسمُ مَوصُولٍ وَتَأْتِي عَامَّهْ | [110] | نَكِرَةٍ مَوصُوفَةٍ أَو تَامَّهْ |
تَجِيءُ لاِستِفهامٍ أَو شَرطِيَّهْ | [111] | وَهيَ بِكُلِّ حالَةٍ إِسْمِيَّهْ |
وَ(هَلْ) أَتَتْ لِطَلَبِ التَّصدِيقِ | [112] | وَ(الوَاوُ) لِلْجَمعِ عَلَى التَّحقيقِ |
فَهِذِهِ وَسِيلَةُ اِبْتِداءِ | [113] | وَلْتُطْلَبُ البَاقِي بِالاِستِقْرَاءِ |
[ البَابُ الثَّانِي : كِتابُ أُصُولِ الأَدَلِّةِ ]
[ مَدْخَلُ ]
أَدِلَّةُ الشَّرعِ الشَّرِيفِ أَربَعَهْ : | [114] | مُحكَمُ آيٍ ، سُنَّةٌ مُتَّبَعَهْ |
وَالثَّالِثُ : الإِجماعُ حَيثُ يَنجَلَي | [115] | وَالرَّابِعُ : القِياسُ ، وَاُخصُصِ الجَلِيْ |
وَلا رَأيَ فِي الدِّينِ وَلا اِسْتِحْسَانَا | [116] | فَاللهُ قَد أَكمَلَهُ تِبْيَانَا |
وَمَا لِغَيرِ اللهِ حُكمٌ أَبَدَا | [117] | وَلا سِوَى الشَّرعِ سَبِيلٌ لِلْهُدَى |
فَالشِّركُ فِي التَّشريعِ مِنهُ يَنفَجِرْ | [118] | شِركُ العِبادِ بِالعَزِيزِ الْمُقتَدِرْ |
الدَّليلُ الأَوَّلُ : الْكِتابُ
أَمَّا الكِتابُ فَهُوَ القُرآنُ | [119] | بَينَ الضَّلالُ وَالهُدَى فُرقانُ |
الْمُعجِزُ الْمُفحِمُ لِلأَضْدَادِ | [120] | بِرهانُ حَقٍّ أَبَدُ الآبادِ |
كَلامُ رَبِّ مُنْزَلٌ تَنْزِلاَ | [121] | لا يَقبَلُ الْخُلفَ وَلا التَّبدِيلاَ |
بِهِ الإِلَهُ خَلَقَهْ تَعَبُّداَ | [122] | تِلاوَةً تَدَبُّراً ثُمَّ اِهْتِدَا |
[ يَقُولُ ] جَلَّ : ﴿اِتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا﴾ | [123] | ﴿لِتُرْحَمُوا﴾ ﴿وَاستَمسِكُوا بِهِ﴾ ثِقُوا |
فِيهِ بَيَانُ مَا مَضَى فِي الأَوَّلِ | [124] | وَنَبَأُ الْحَاصِلِ فِي الْمُستَقبَلِ |
وَفَصلُ أَحكَامِ الْعُبُودِيَّاتِ | [125] | فِي القَولِ وَالأَعْمَالِ وَالنِّيَّاتِ |
وَإِنَّمَا يَأتِي عَلَى مَعلُومِهِ | [126] | مَن أَحرَزَ الْجُملَةَ مِن عُلُومِهِ |
وَأَمعِنِ الفِكرَةَ فِي السِّياقِ | [127] | مَعْ حِفظِ مَا جَاءَ عَنِ السِّباقِ |
مِمَّن أَتَوا فِيهِ عَلَى البَيَانِ | [128] | بِالنَّقلِ وَالإِيضَاحِ لِلْمَعَانِي |
فَمِنهُ ذُو تَشابُهٍ وَالْمُحكَمُ | [129] | وَمُجمَلٌ مُفَصَّلٌ لا يُبهَمُ |
وَعَامٌّ عُمُومُهُ يُرَادُ | [130] | وَمِنهُ مَا خُصُوصُهُ الْمُرادُ |
وَجَامِعُ العُمُومِ وَالخُصُوصِ | [131] | وَعَامٌّ أُرِيدَ بِالْمَخصُوصِ |
وَظَاهِرٌ يُعرَفُ مِن سِيَاقِهِ | [132] | إِرَادَةُ البَاطِنِ بِاسْتِحقَاقِهِ |
وَحَذفُ مَا مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُذْكِرَا | [133] | وَمَا لَهُ التَّقدِيمُ ثُمَّ أُخِّرَا |
إِمَّا مِنَ الْمَنطُوقِ أَو مَفهُومِهِ | [134] | فَلْتَعلَمِ الَّلازِمَ مِنْ مَلْزُومِهِ |
وَلتَعلَمِ الأَمرَ كَذَا النَّهيَ وَمَا | [135] | تَجِيءُ مِنْ مُقتَضِياتٍ لَهُمَا |
وَالْعِلمُ بِالنَّاسِخِ وَالْمَنسُوخِ | [136] | مِمَّا بِهِ اِعتَنَى أُلُو الرُّسُوخِ |
وَسَبَبُ النُّزولِ وَالتَّأرِيخِ لَهْ | [137] | مِمَّا يُبَيِّنْ فِقهَ حُكمِ الْمَسألَهْ |
وَكُلُّهُ تَوَاتُرٌ قَد وَصَلا | [138] | وَاللهُ بِالْحِفظِ لَهُ تَكَفَّلاَ |
الدَّلِيلُ الثَّانِي : الْسُّنَّةُ
وَثَانِيُّ الْوَحيَينِ : سُنَّةُ النَّبِي | [139] | بَيَانُهُ عَن رَبِّ لا تُرَتِّبِ |
فَإِنَّهُ قَد أُتِيَ القُرْآنَا | [140] | حَقّاً وَمِثْلَيهِ لَهُ تِبْيَانَا |
وَتِلْكُمُ الْحِكمَةُ حَيثُ تُذْكَرُ | [141] | مَعَ اِقْتِرَانِ بِالْكِتابِ فَسَّرُوا |
إِذْ وَضَعَ الرَّحمَانُ مِنْ كِتابِهِ | [142] | وَدِينِهِ رَسُولِهِ بِمَا بِهِ |
لَنَا أَبانَ مِنهُ أَعلَى مَنْزِلَهْ | [143] | وَعَلَماً لِدِينِهِ قَد جَعَلَهْ |
مُفتَرِضاً طَاعَتَهُ مَعْ طَاعَتِهْ | [144] | كَذَا بِمَا حَرَّمَ مِن مَعصِيَتِهْ |
وَ قَرَنَ اٌِيمَانَ بِالإِيمَانِ بِهْ | [145] | وَفِي الشَّهَادَتَينِ ذَا لِلْمُنتَبِهْ |
وَشَهَدَ اللهُ لَهُ بِالعِصمَهْ | [146] | وَبِهُداهُ لِلنَّجَاةِ الأُمَّهْ |
وَأَلْزَمَ الْخَلقَ اِتِّبَاعَ أَمرِهِ | [147] | فَلا طَريقَ لِلْهُدَى عَن غَيرِهِ |
وَلَم يَدَعْ خَيراً إِلَيهِ مَا هَدَى | [148] | كَمَا نَهَى عَن كُلِّ أَسبَابِ الرَّدَى |
حَتَّى أَتَمَّ دِينَهُ وَأَكمَلاَ | [149] | مُبَيَّناً مُوَضَّحاً مُفَصَّلاَ |
مَحَجَّةً نَيِّرَةَ الْمَسَالِكِ | [150] | بَيضَاءَ لا يَزِيغُ إِلاَّ هَالِكِ |
فَصْلٌ
وَأَوجُهُ السُّنَّةِ مِنهَا مَا تَلاَ | [151] | بِمِثلِ مَا فِيهِ الكِتابُ أُنْزِلاَ |
كَالْجَلدُ لِلْقَاذِفِ فِي الرِّوايَهْ | [152] | مَا زَادَ أَنْ نَفَّذَ نَصَّ الآيَهْ |
وَمِنهُ مَا فِيهِ الكِتابُ جُملَهْ ([7]) | [153] | بَيَّنَتِ السُّنَّةُ مَا سِيقَتْ لَهْ |
فَصَّلَهُ رَسُولُهُ وَزَادَهْ | [154] | مُبَيِّناً عَنْ رَبِّنَا مُرَادَهْ |
كَفُرقَةِ الْلِّعَانِ مَعْ نَفْيِ الْوَلَدْ | [155] | وَالوَقفِ فِي خَامِسَةِ زَيدٍ وَرَدْ |
وَبَانَ فِي الإِرثِ اِخْتِلافُ الْمِلَّهْ | [156] | وَالرِّقُّ وَالْقَتلُ مَوَانِعٌ لَهْ |
وَأَحكَمَ اللهُ الصَّلاةَ مُجمَلَهْ | [157] | فَرضِيَّةً ثُمَّ الرَّسُولُ فَصَّلَهْ |
فَبَيَّنَ الْمَفرُوضَ فِي الأَوقَاتِ | [158] | وَعَدَدَ الرُّكُوعِ وَالْهَيئَاتِ |
وَهَكَذَا الزَّكَاةُ وَالصِّيامُ | [159] | وَالْحَجُّ وَالجِهادُ وَالأَحكَامُ |
أَحكَمَ بِالكِتابِ فَرضِيَّتَهَا | [160] | وَبَانَ بِالسُّنَّةِ كَيْفِيَّتَها |
وَثَالِثٌ قَد سَنَّهُ لا نَعْلَمُ | [161] | نَصُّ الْكِتابِ فِيهِ وَهْوَ أَعلَمُ |
وَهْوَ بِحُكمِ رَبِّهِ مُتَّحِدُ | [162] | لا يَنصِبُ الخِلافَ إِلاَّ مُلحِدُ |
فَكَم أُمُورٌ حُكمُهَا فِي الأَثَرِ | [163] | كَمِثلِ تَحرِيمِ لُحُومِ الْحُمرِ |
أَهلِيَّةٍ وَحَضْرِهِ الْمُفتَرِسَا | [164] | طَيراً سِباعاً وكَمُتعَةِ النِّسَا |
وَغَيرُ ذِي لَولا مَجِيءُ حَظْرِهَا | [165] | عَنِ الرَّسُولِ مَا اُهْتُدِي لأَمْرِهَا |
فَصلٌ فِي لُزُومِ الْحُجَّةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الثَّبتِ
وَالْخَبَرُ : اِعلَمْ مِنهُ ما تَوَاتَرَا | [166] | وَمِنهُ آحَادٌ إِلَينَا أُثِرَا |
فَذُو تَواتُرٍ بِهِ العِلمُ حَصَلْ | [167] | وَثَابِتُ الآحادِ يُوجِبُ العَمَلْ |
بَلْ يُوجِبُ العِلمَ عَلَى التَّحقِيقِ | [168] | عِندَ قِيَامِ مُوجِبِ التَّصْدِيقِ |
فَالْتَزِمِ القَولَ بِهِ فَإِنَّهْ | [169] | بِهِ يَقُولُ كُلُّ أَهلِ السُّنَّهْ |
كَمْ أَرْسَلَ الرَّسُولُ مِنْ آحَادِ | [170] | يَدْعُونَ فِي الآفَاقِ للرَّشَادِ |
مِثلُ مُعَاذٍ وَعَلِي وَالأَشْعَرِيْ | [171] | وَرُسْلِهِ إِلَى الْمُلُوكِ اِعْتَبِرِ |
وَأَلْزَمَ الْمُبَلَّغِينَ الْحُجَّهْ | [172] | بِهِمْ وَبَانَت لَهُمُ الْمَحَجَّهْ |
وَخَبَرُ القِبلَةِ فِي أَهلِ قِبَا | [173] | فَانْصَرَفُوا فَوراً بِمُطلَقِ النَّبَا |
وَبَادَرَ الشّرب بِنَثْرِ الْخَمرِ ([8]) | [174] | حِيْنَ أَتَاهُمْ مُخبِرٌ بِالْحَظْرِ |
وَأَمرُ رَبِّنَا بِنَصٍّ بَيِّنِ | [175] | فِي خَبَرِ الفَاسِقِ بَالتَّبَيُّنِ |
يُشعِرُ أَنَّ خَبَر الأَثْبَاتِ | [176] | يُؤخَذُ بِالقَبُولِ وَالإِثبَاتِ |
بَلْ لا سَبِيلُ لاِقْتِفَا الرَّسُولِ | [177] | إِلاَّ التَّلَقِّي عَنهُ بِالقَبُولِ |
وَاشْتَرَطُوا شَرَائِطاً فِي الْمُخبِرِ | [178] | وَمُخْبَرٌ عَنهُ كَذَا فِي الْخَبَرِ |
فَخَمسَةٌ فِي أَوَّلٍ : تَمَامُ | [179] | أَعَمُّهَا التَّكلِيفُ وَالإِسْلامُ |
عَدَالَةٌ وَالضَّبطُ وَالأَمَانَهْ | [180] | وَتَركُ تَدليسٍ أَخُو الْخِيَانَهْ |
وَبِاخْتِبَارٍ : يُعرَفُ الْعَدلُ الثِّقَهْ | [181] | أَوْ عَدَمُ الْجَرحِ وَحَبْرٌ وَثِقَهْ |
أَو اِسْتَفاضَ عِلمُهُ وَاشْتَهَرَا | [182] | مِنْ غَيرِ قَادِحٍ عَلَيهِ اِعْتَبَراَ |
أَو عَمَلِ القَومِ بِمَا بِهِ اِنْفَرَدْ | [183] | أَو عَنهُ رَاوٍ مَا رَوَى عَمَّنْ يَرِدْ |
وَشَرطُ ثَانٍ : عَدَمُ اِسْتِحَالَتِهْ | [184] | وَنَقضُ أَقْوَى مِنهُ فِي دَلالَتِهْ |
وَلا يَضُرُّ خُلفُهُ القِياسِ أَوْ | [185] | كَونُ الْجَمَاهِيرِ خِلافُهُ رَأَوْا |
أَو كَونُ أَهْلِ البَيتِ خَالَفُوهُ | [186] | أَو سَاكِنُوا يَثْرِبَ لَمْ يَقْفُوهُ |
أَو عَمَّتِ البَلْوَى بِهِ وَمَا اِشْتَهَرْ | [187] | أَو قَولُ رَاوِيهِ بِخُلفِهِ ظَهَرْ |
أَو اِقْتَضَى كَفَّارَةً أَو حَدَّا | [188] | أَو نَقلَهُ زِيادَةً قَدْ أَدَّى |
أَو خَارِجاً فِي مَخرَجِ الأَمْثَالِ | [189] | الْكُلُّ لا يَسُوغُ فِي الإِعْلالِ |
وَالشَّرطُ فِي ثَالِثِهَا : التَّقَصِّي | [190] | وَحَافِظُ الَّلْفظِ يَجِيْ بِالنَّصِّ |
فَإنْ يَرِدْ حَذْفاً أَوِ اِخْتِصارَا | [191] | وَأَخْذُ بَعضِ الْخَبَرِ اِقْتِصَارَا |
جَازَ بِشَرطِ عَدَمِ الإِخْلالِ | [192] | وَكَونُ مَا يُحذَفُ ذَا اِسْتِقْلالِ |
وَإِنَّمَا يَصْلُحُ لِلْفَقِيهِ | [193] | كَيْلاَ يُحِيلُ أَيَّ مَعْنَى فِيهِ |
وَمَنْ نَسِيْ الْلَّفظَ وَبِالْمَعنَى قَطَعْ | [194] | فَالحُكمُ فَلْيُؤَدِّهِ كَيْ يَتْبَعْ |
وَإِنْ يَرِدْ تَفسِيرُ لَفظٍ فُصِلاَ | [195] | مَقُولُهُ مِن لَفظِ مَرْفُوعٍ عَلاَ |
فَنَقلُ عَدلٍ تَامٍّ الضَّبطَ اِتَّصَلْ | [196] | عَنْ مِثْلِهِ وَلَم يُشَذّ أَو يُعَلْ |
هُوَ الصَّحيحُ عِندَهُم مِنَ السُّنَنْ | [197] | فَإنْ يَخِفَّ الضَّبطُ فَالقِسمُ الْحَسَنْ |
كِلاهُمَا فِي عَمَلٍ بِهِ اِشْتَرَكْ | [198] | وَهْيَ عَلَى مَراتِبٍ بِدُونِ شَكْ |
فَكُلَّمَا صِفَاتُ قُوَّةٍ أَشَدْ | [199] | فِيهِ فَمن سِواهُ أَعلَى وَأَسَدْ |
وَيُقبَلُ الْمُرسَلُ حَيثُ اِعْتَضَدَا | [200] | أَو عَنْ سِوَى مُرسَلِهِ قَد أُسْنِدَا |
أَوْ عَمَلَ الصَّحبُ بِمُقْتَضَاهُ | [201] | أَو قَولُ جُمهُورٍ وَلا سِواهُ |
وَغَيرُ مَا يُقبَلُ أَقْسَامٌ تُعَدْ | [202] | فَرُدَّ مَا شَرْطُ قَبُولٍ قَد فُقِدْ |
وَلِتَفَاصِيلِ بُحُوثُ الْخَبَرِ | [203] | عِلمٌ بِهَا يُخْتَصُّ فَلْيُعْتَبَرِ |
وَبَحثُ سُنَّةٍ عَلَى التَّحريرِ | [204] | فِي القَولِ وَالْفِعْلِ وَفِي التَّقْرِيرِ |
والبَحثُ فِي الأَقْوَالِ فَلْيُقَدَّمُ | [205] | مُشْتَرِكاً مَعَ الْكِتابِ الْمُحْكَمِ |
إِذْ سَابِقُ الأَنْوَاعِ فِي الْكِتَابِ | [206] | فِي سُنَّةٍ تَجرِي بِلا اِرْتِيابِ |
الْكَلامُ عَلَى وُجُوهِ الْخِطَابِ
وَفِيهِ فُصُولٌ
الْفَصلُ الأَوَّلُ : فِي الأَوَامِرِ
أَربَعُ أَلفَاظٍ بِهَا الأَمرُ دُرِي | [207] | إِفْعَلْ لِتَفْعَلْ اِسمُ فِعْلٍ مَصْدَرِ |
وَقَدْ يُسَاقُ فِي مَساقِ الْخَبَرِ | [208] | وَبِالْجَزَا وَنَحْوِهِ فَاْعْتَبِرِ |
وَأَصلُهُ الوُجُوبُ ثُمَّ قَد وَرَدْ | [209] | إِلَى مَعَانٍ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُعَدّْ |
نَدبٌ إِبَاحَةٌ وَتَهدِيدٌ أَتَى | [210] | قَصدُ اِمْتِثالٍ ثُمَّ إِذْنٌ ثَبَتَا |
تَأْدِيبٌ اِمْتِنانٌ الإِنْذَارُ | [211] | تَسخِيرٌ التَّكْوِينُ الاِحْتِقَارُ |
تَسْوِيَةٌ إِهانَةٌ إِكْرَامُ | [212] | تَمَنٍّ الدُّعاءُ وَالإِنعَامُ |
تَعجِيزُ تَفْوِيضُ تَعَجُّبٌ خَبَرْ | [213] | شُورَى وَتَكْذِيبٌ تَطَلُّبُ الْعِبَرْ |
وَالأَمرُ بِالأَمرِ بِهِ أَمرٌ كَمَا | [214] | فِي آيَةِ الْحِجابِ جَاءَ مُحكَمَا |
وَيَدخُلُ الْمُبَلَّغُ الْمَأمُورُ فِي | [215] | لَفظٍ بِهِ تَنَاولٌ لا يُنْتَقَى |
وَيُوجِبُ الْمُطلَقُ فِعلاً مُطْلَقَا | [216] | أَدَاءُ مَأمُورٍ بِهِ تَحَقَّقَا |
لا يُوجِبُ الفَورَ وَلا التِّكْرَارَا | [217] | وَالاِمْتِثالُ يَقْتَضِي البِدَارَا |
وَيَقْتَضِي الأَمرُ بِشَيءٍ عُيِّنَا | [218] | نَهْياً عَنِ الضِّدِّ لَهُ تَضَمَّنَا |
ويَلزَمُ الْمَأمُورُ أَمرٌ لا يَتِمْ | [219] | بِدُونِهِ كَشَرطِ صِحَّةٍ حُتِمْ |
وَيَسقُطُ الْمَأمُورُ بِالأَدَا عَلَى | [220] | وَجهٍ بِهِ وِفَاقَ أَمرٍ حُصِّلاَ |
وَيَقْتَضِي الْمَوقُوتُ بِالزَّمَانِ | [221] | قَضَاءَهُ أَو ذَا بِأَمرٍ ثَانِ |
وَالأَمرُ بَعدَ الأَمرِ مَعْ تَمَاثُلِ | [222] | تَأكِيدُ أَوَّلاً فَتَأسِيْسٌ جَلِي |
الْفَصلُ الثَّانِي : فِي النَّواهِي
وَالنَّهيُ دَاعِي الْكَفِّ وَالصِّيغَةُ لاَ | [223] | تَفعَلْ وَتَحرِيمٌ بِهِ تَأَصَّلاَ |
يَكُونُ عَنْ فَردٍ وَذِي تَعَدُّدِ | [224] | جَمْعاً وَفَرْقاً ([9]) فَافْهَمَنَّهْ تَرْشُدِ |
وَيَقتَضِي الدَّوامَ لا إِنْ قُيِّدَا | [225] | ثُمَّ لِغَيرِ أَصلِهِ قَدْ وَرَدَا |
كُرْهٌ وَإِرْشَادٌ وَتَعْلِيلٌ دُعَاْ | [226] | صَيْرُورَةٍ تَحْقِيْرٌ الْيَأسُ مَعَاْ |
وَنَحوُ (مَا كَانَ لَهُمْ) وَ(مَا يُحِلْ) | [227] | (لا يَنبَغِي) وَبِالجَزَا النَّهْيُ عُقِلْ |
وَفِيهِ مَافِي الأَمرِ مِنْ حُكمٍ سَبَقْ | [228] | مِنَ الْتِزامٍ وَمَفَاهِيمٍ وَحَقّْ |
وَنَهيُ حَضْرٍ يَقْتَضِي فَسَادَهْ | [229] | كَالنَّفْيِ للأَجْزَاءِ فِي العِبَادَهْ |
إِنْ كَانَ ذَا النَّهْيُ لأَمرٍ يَدخُلُهْ | [230] | أَو جُزْئِهِ أَوْ لازِماً أَو نَجْهَلُهْ |
أَمَّا لأَمرٍ خَارِجِيِّ عَنهُ | [231] | فَفِي الفَسَادِ الْخُلفُ فَاعْلَمَنَّهْ |
الْفَصْلُ الثَّالِثِ : فِي الْمَنطُوقِ وَالْمَفْهُومِ
مَنطُوقُهُ : مَدلُولُ لَفْظٍ فِي مَحَلْ | [232] | نَطَقَ بِهْ نَصٌّ لِغَيْرِ مَا احتُمِلْ |
وَظَاهِرٌ : مَا احتَمَلَ الْمَرجُوحَ ثُمْ | [233] | الْلَّفظُ مُفرَدٌ مُرَكَّبٌ لَهُمْ |
صَرِيْحُهُ مُطَابِقٌ دَلَّ عَلَى | [234] | مَعْنَاهُ ، وَالْجُزءُ تَضَمُّناً تَلاَ |
ثُمَّ عَلَى لازِمِهِ اِلْتِزِامُ | [235] | ذِيْ أَوجُهٍ ثَلاثَةٍ تَمَامُ |
وَاْلالْتِزامُ : حَيثُ الاِضْمَار اِقْتَضَى | [236] | صِدْقاً وَصِحَّةً دَلالَةُ اِقْتِضَا |
أَوْ لا وَقَدْ دَلَّ لِمَا لَمْ يُقصَدِ | [237] | فَهْيَ إِشَارَةٌ تُسَمَّى فَاحْدُدِ |
أَو دَلَّ لِلْمَقْصُودِ دُونَ مُضْمَرِ | [238] | فَذَاكَ إِيماءٌ وَتَنْبِيهٌ دُرِيْ |
وَقُوبِلَ الْمَنطُوقُ بِالْمَفهُومِ | [239] | وَافَقَ أَو خَالَفَ فِي الْمَحْكُومِ |
أَوَّلٌ إِنْ كَانَ أَولَى حُكْمَا | [240] | فَإِنَّهُ فَحْوَى الْخِطابِ يُسْمَى |
وَحَيثُ سَاوَى حُكمَ مَنطُوقٍ سُمِيْ | [241] | لَحنُ الْخِطَابِ عِندَ أَهلِ الْحُكمِ |
وَالثَّانِ : مَفْهُومٌ مِنَ الْمُخَالَفَهْ | [242] | لا مَعَ مَخصُوصٍ ، وَذَا إِمَّا صِفَهْ |
أَو عِلَّةٌ أَو ظَرفٌ أَو حَالُ عَدَدْ | [243] | أَو شَرطٌ أَو غَايَةٌ أَو حَصرٌ وَرَدْ |
وَمِنهُ الاِسْتِثْنَا بِـ(إِلاَّ) بَعدَ (مَا) | [244] | كَأَنَّمَا يَخْشَى الإِلَهَ العُلَمَا |
وَمِنهُ حَصرُ مُبْتَدَا فِي الْخَبَرِ | [245] | مُضَافاً اَوْ مُعَرَّفاً بِهِ اُحْصُرِ |
وَالكُلُّ مِنْهَا حُجَّةٌ غَيرُ الْلَّقَبْ | [246] | وَغَيْرُ مَا خُصَّ بِذِكرٍ لِسَبَبْ |
الْفَصْلُ الْرَّابِعُ : فِي الْعُمُومِ
الْعَامُّ مَا يَستَغرِقُ الَّذِي صَلُحْ | [247] | لِلَفظِهِ مِنْ دُونِ حَصْرٍ فِي الأَصَحْ |
وَشَامِلُ الأَشْخَاصِ للأَحوَالِ | [248] | يَشمَلُ وَالْبِقاعِ وَالأَجْيَالِ |
وَ(كُّلُّ) وَ(الَّذِي) (الَّتِي) (أَيُّ) وَ(مَا) | [249] | (مَتَى) وَ(أَينُ) (حَيثُمَا) قَدْ عُمِّمَا |
وَالْجَمعُ بِالَّلامِ حَوَى تَعرِيفاَ | [250] | كَالْعَهدِ مِثلُ مَا أُضِيفَا |
وَمُفرَدٌ حُلِّيَ بِالَّلامِ لَهُمْ | [251] | نَكِرَةٌ تُسَاقُ فِي النَّفْيِ تَعُمْ |
ثُمَّ عُمُومُ السَّلبِ نَفيٌ بَعدَ كُلْ | [252] | وَقَبْلُهَا سَلبُ العُمُومِ أَنِ يَحُلْ |
تَقُولُ : (كُلَّ بِدعَةٌ لا تُقبَلُ) | [253] | وَلَيسَ كُلُّ مَن يَقُولُ يَفعَلُ |
وَقَدْ يَعُمُّ الَّلفظُ فِي الْمُعتَبَرِ | [254] | عُرْفاً وَعَقلاً عِندَ أَهلِ النَّظَرِ |
مِنْ ذَلِكَ الْفَحوَى وَنَحْوُ (حُرِّمَتْ | [255] | عَلَيكُمُ أُمَّهَاتُكُمْ) قَدْ عُمِّمَتْ |
أَو رُتِّبَ الْحُكمُ بِهِ عَلَى الصِّفَهْ | [256] | وَمِثلُهُ مَفَاهِمُ الْمُخَالَفَهْ |
وَكُلُّ مَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَثنَى ([10]) | [257] | مِنهُ ؛ فَقَدْ عَمَّ بَحسْبِ الْمَعنَى |
وَفِي الْخِطَابِ لِلْنَّبِيِّ يُدْخَلُ | [258] | أُمَّتُهُ ؛ إِلاَّ إِذَا يُفَصَّلُ |
وَ(أَيُّهَا النَّاسُ) تَنَاوَلَ الرُّسُلْ | [259] | لَوْ مَعْ قَرِينَةِ البَلاغِ نَحْوَ (قُلْ) |
وَمَا لأُمَّةِ الْكِتابِ قَدْ شُرِعْ | [260] | يَنَالُنَا خِطابُهُ لا مَا رُفِعْ |
وَيَدخُلُ الإِناثُ كَالذُّكُورِ | [261] | فِي لَفظِ (مَنْ) حُكْماً عَلَى الْمَشْهُورِ |
لا فِي خِطَابِ الْجِنسِ بِالوَصفِ الأَخَصّْ | [262] | فَلا يُنَالُ ضِدُّ إِلاَّ بِنَصّْ |
وَتَركُ الاسْتِفْصَالِ فِي اِحْتِمَالِ | [263] | يَنْزُلُ كَالْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ |
وَبِعُمُومِ الَّلفظِ فِي الْحُكمِ اِعْتَبِرْ | [264] | لا بِخُصُوصِ سَبَبٍ إِذَا ذُكِرْ |
الْفَصْلُ الْخَامِسُ : فِي الْخُصُوصِ
تَخْصِيصُ مَا يَعُمُّ قَصْرُهُ عَلَى | [265] | بَعضٍ مِنَ الَّذِي لَهُ تَنَاوَلاَ |
قَابَلَهُ الْحُكمُ الَّذِي قَد ثَبَتَا | [266] | لِمُتَعَدِّدٍ بِلاَ قَصرٍ أَتَى |
ثُمَّ يُقَالُ : عَامٌّ الْخُصُوصُ قَدْ ([11]) | [267] | أُرِيْدَ بِهْ إِِخْتَصَّ بِالَّذِي قَصَدْ ([12]) |
ثُمَّ الْعُمُومُ حُجَّةٌ فِيمَا بَقِي | [268] | مَا نَالَهُ الْمُخَصَّصُ الَّذِي بَقِيْ |
ثُمَّ الْمُخَصِّصَاتُ قِسْمَانِ هُمَا | [269] | مُتَّصِلٌ مُنْفَصِلٌ قَدْ فُهِمَا |
فَذُو اِتِّصَالٍ خَمسَة الاسْتِثْنَا | [270] | يُثْبِتُ لِلْممُخْرَجِ ضِدُّ الْمََعنَى |
فَهْوَ مِنَ الْمَنفِيِّ إِثبَاتٌ كَمَا | [271] | يُنفَى مِنَ الْمُثبَتِ مَا قَد عُمِّمَا |
وَحُكمُ الاِسْتِثناءِ بَعدَ الجُمَلِ | [272] | يَعُودُ لِلجَمِيعِ مَا لَم يُفْصَلِ |
وَقِيلَ : رَاجِعٌ لِمَ يَلِيهِ | [273] | وَلِلأُصُولِيِّينَ بَحْثٌ فِيهِ |
وَالشَّرطُ بِالحَدِّ الَّذِي تَقَدَّمَا | [274] | وَصِفَةٌ لَو ذِكْرُهَا مُقَدَّمَا |
وَغَايَةٌ بَعدَ الَّذِي يَشمَلُهَا | [275] | لَو لَمْ تَجِيْ فِي الْحُكمِ مَا كَانَ اِنتَهَى |
أَمَّا الَّتِي كَنَحْوِ (حَتَّ مَطلَعِ) | [276] | فَهْيَ لِتَحقِيقِ العُمُومِ فَاسْمَعِ |
وَتِلكَ فِي حُكمِ الْمُغَيَّا تَدخُلُ | [277] | لا هَذِهِ فَإِنَّهَا تَنفَصِلُ |
وَبَدَلُ البَعضِ مِنَ الكُلِّ وَذَا | [278] | أَهْمَلَهُ قَومٌ ، وَذُو الفَصلِ خُذَا |
يُخَصَّصُ الكِتابُ بِالكِتابِ | [279] | وسُنَّةٍ صَحَّتْ بِلا اِرْتِيابِ |
وَسُنَّةٌ صَحِيحَةٌ بِمِثْلِهَا | [280] | وَبِالكِتَابِ إِنْ أَتَى بِفَصْلِهَا |
فَحَيثُمَا جَاءَ الكِتابُ مُجمَلاَ | [281] | فَإنَّهُ فِي مَوضِعٍ قَد فُصِّلاَ |
إِمَّا بِمَنطُوقٍ أَوِ الْمَفْهُومِ | [282] | فَحْوًى وَلَحْناً لِذَوِي الْفُهُومِ |
أَو خُذْ بَيَانَهُ عَنِ النَّذِيرِ | [283] | بِالقَولِ وَالفِعلِ أَوِ التَّقْرِيرِ |
فَإِنَّهُ مُبَيِّنٌ للنِّاسِ مَا | [284] | أَنْزَلَهُ اللهُ لَهُمْ مُعَلِّمَا |
وَالْحَقُّ أَنَّ عَطفَ مَا عَمَّ عَلَى | [285] | مَا خُصَّ أَوْ عَوْدُ كِتَابَةٍ إِلَى |
بَعضٍ وَذِكْرُ البَعضِ مِنْ أَفْرَادِ مَا | [286] | عَمَّ وَمَذهَبٌ لِرَاوٍ لَوْ سَمَا |
بِصُحبَةِ جَمِيعِ هَذِي قَد يُخَصّْ | [287] | بِهَا عُمُومٌ كَانَ ثَابِتاً بِنَصّْ |
وَحَيثُ عَمَّ سَائِلٌ أَو خَصَّهُ | [288] | وَأُطْلِقَ الْجَوابُ نَزِّلْ نَصَّهْ |
وَإِنْ تَأَخَّرَ الْخُصُوصُ عَنْ عَمَلْ | [289] | فَنَسْخُ حُكْمٍ بِعُمُومِهِ شَمَلْ |
ثُمَّ العُمُومُ خُصَّ بِالأَقْوَالِ | [290] | فَافهَمْ ، وَلا عُمُومَ لِلأَفْعَالِ |
الْفَصْلُ السَّادِسُ : فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ
الْمُطلَقُ : الَّلفْظُ الَّذِي دَلَّ عَلَى | [291] | حَقِيقَةِ الْجِنْسِ بِلاَ قَيدٍ تَلا |
وَالْحُكمُ فِي الْمُطلَقِ مَعْ مَا قُيِّدَا | [292] | حُكمُ العُمُومِ مَعْ خُصُوصٍ وَرَدَا |
وَحَيثُ كَانَا مُثْبَتَيْنِ اِتَّحَدَا | [293] | جِنْساً وَعِلَّةً وَمَا قَدْ قُيِّدَا |
عَنْ عَمَلٍ بِمُطلَقٍ تَأَخَّرَا | [294] | فَنَاسِخٌ أَوَّلا حَملُهُ ([13]) يُرَى |
عَلَى مُقَيَّدٍ كَذَا إِنْ نُفِيَا | [295] | قَيِّدْ بِمَفهُومٍ يُرَى مُقْتَضِيَا |
أَو كَانَ إِثْبَاتاً وَنَفْياً حُقِّقَا | [296] | قَيِّدْ بِضِدِّ الوَصفِ مَا قَد أُطْلِقَا |
وَفِي اِخْتِلافِ سَبَبٍ أَو حُكمِ | [297] | قَوْلانِ فِي الْحَملِ لأَهلِ الفَهْمِ |
أَمَّا الَّذِي هَذَينِ فِيهِ اِخْتَلَفَا | [298] | فَالْحَملُ فِيهِ بِاتِّفاقٍ اِنْتَفَا |
الفَصْلُ السَّابِعُ : فِي الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ
الْمُجمَلُ : الَّلفظُ الَّذِي قَدْ اُحتُمِلْ | [299] | لَمْ يَتَّضِحْ تَحْدِيدُ مَا عَلَيهِ دَلْ |
يَكُونُ فِي مُرَكِّبٍ وَمُفْرَدِ | [300] | تَصَرُّفاً أَو أَصْلَ وَضْعِهِ اُبْتُدِي |
كَـ(قَالَ) مِنْ (قَولٍ) وَمِن (قَيلُولَهْ) | [301] | (يُضَارُّ) ([14]) لِلْمَعْلُومِ أَوْ مَجْهُولِهِ |
(عَسعَسَ) للإِقْبَالِ وَالإِدْبَارِ | [302] | وَ(الْقُرْءُ) لِلْحَيضِ وَلِلأَطْهَارِ |
وَكَحْتِمالِ الْحَذْفِ ([15]) مَعْنَيَيْنِ | [303] | وَنَحوِ (إِلاَّ) بَعدَ جُملَتَينِ |
وَكَاخْتِلافِ مَرجِعِ الضَّمِيرِ | [304] | وَالْحَذفِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ |
وَخَبَرٌ يَعْنِي بِهِ الأَمرَ اِعلَمِ ([16]) | [305] | وَقِلَّةُ اِسْتِعمَالِ بَعضِ الكَلِمِ |
بَيَانُهُ : إِخرَاجُهُ بِالْحَلِّ | [306] | مِنْ حَيِّزِ الإِشْكَالِ لِلتَّجَلِّي |
وَهْوَ عَلَى مَراتِبٍ فَلْتَنجَلِي | [307] | أَوَّلُهَا : التَّأكِيدُ بِالنَّصِّ الجَلِي |
فَمَا بِفَهمِهِ اِسْتَقَلَّ العِلْمَا | [308] | فَسُنَّةٌ تُوْضِحُ مِنهُ الْمُبْهَمَا |
فَمُبْتَدَا السُّنَّةُ بِاسْتِقْلالِ | [309] | إِيْمَاؤُهُ يُدْرَكُ بِاسْتِدْلالِ |
أَوْضَحُهَا : دَلالَةُ الْخِطابِ | [310] | فِعلُ إِشَارَةٍ فَبِالْكِتابِ |
ثُمَّ بِتَنبِيهٍ لِوَجهِ العِلَّهْ | [311] | وَلَيسَ يَبقَى مُجمَلٌ فِي الْمِلَّهْ |
فِيْمَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْعَمَلِ | [312] | قِيلَ : وَقَدْ يَبقَى بِغَيرِ العَمَلِ |
ثُمَّ البَيَانُ قَد أَتَى مُتَّصِلاَ | [313] | بِمُجْمَلٍ وَقَدْ أَتَى مُنْفَصِلاَ |
وَلَم يَجُزْ تَأخِيرُهُ عَنْ فِعلِهِ | [314] | وَلَمْ يَقَعْ ([17]) إِلاَّ بِنَسخٍ أَوْلِهِ |
الْفَصْلُ الثَّامِنُ : فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ
وَالْمُحكَمُ الْمُتَّضِحُ الْمَعنَى بِهِ | [315] | وَاسْتَأثَرَ اللهُ بِذِي التشابُهِ ([18]) |
أَعنِي بِذِي التَّشابُهِ : الْحَقِيقِي | [316] | لَيسَ الإِضافِيِّ على التَّحقيقِ |
نَحوُ الْحُروفِ فِي أَوائِلِ السُّوَرْ | [317] | على تِلاوَةٍ لَها فَلْيُقتَصَرْ |
نَقُولُ آمَنَّا بِهِ وَالكُلُّ | [318] | مِن عِندِ رَبِّنَا فَلا نَضُلُّ |
مَعَ اِعتِقَادٍ إِنْ أَرادَ اللهُ | [319] | مَعنًى بِهِ لَم يَدرِهِ سِواهُ |
وَعُدَّ مِنهُ الافتِتاحُ بِالقَسَمْ | [320] | كَـ(الذَّارِياتِ) (الْمُرسَلاتِ) تِلوِ (عَمّْ) |
شَاهِدُهُ مَا لِصُبَيغٍ قَدْ جَرَى | [321] | مَعْ عُمَرٍ إِذْ عَاقَبَهْ وَهَجَرَا |
وَلَم يَقَعْ فِي دِينِنَا الْحَنِيفِ | [322] | فِي حَقِّ مَا أُنِيطَ بِالتَّكلِيفِ |
فَإِنَّهُ أَناطَهُ بِالوِسعِ | [323] | كَمَا اسْتَبَانَ بِالدَّلِيلِ القَطعِي |
أَمَّا الإِضَافِيُّ : فَعِندَ العُلَمَا | [324] | بِالرَّدِّ لِلمُحكَمِ عَادَ مُحكَمَا |
نَحوُ الَّذِي أَوضَحَهُ إِذْ سُئِلاَ | [325] | عَنهُ ابنُ عَبَّاسٍ فَبَانَ وَاجَلَى |
كَذِكرِ خَلقِ أَرضِهِ مُقَدَّمَا | [326] | وَبَعدُهُ ثُمَّ اِستَوى إِلَى السَّمَا |
مَعْ ذِكرِهِ فِي آيَةٍ سِواهَا | [327] | أَنْ بَعدَ رَفعِهِ السَّمَا دَحَاهَا |
فَما يَراهُ النَّاظِرُ اِختِلافَا | [328] | فَلْيَعْزُهُ لِفَهمِهِ مُضافَا |
وَكُلُّ مَنْ يَعتَقِدِ التَّنَاقُضَا | [329] | فِي مُحكَمِ النَّصَّينِ إِنْ تَعَارَضَا |
فَلَيسَ تَخلُو هَذِهِ القَضِيَّهْ | [330] | مِنْ فَرطِ جَهلٍ أَو لِخُبثِ نِيَّهْ |
وَلا يَجُوزُ قَطُّ فِي القُرآنِ | [331] | وُرُودُ أَلفاظٍ بِلا مَعانِ |
وَصَرفُ ظَاهِرٍ بِلا دَليلِ | [332] | مِن طُرُقٍ تُفضِي إِلَى التَّضليلِ |
وَلَيسَ فِي القُرآنِ بَاطِنٌ أَتَى | [333] | عَلَى خِلافِ ظَاهِرٍ قَدْ ثَبُتَا |
فَذَاكَ قَولٌ ظَاهِرُ الإِلحادِ | [334] | بِكُفرِ مِن قَالَ بِهِ يُنادِي |
فَصْلٌ : فِي السُّنَّةِ فِي الأَفعالِ
الرُّسْلُ مَعصُومُونَ مِن كَبِيرَةِ | [335] | قَطعاً وَإِصرارٍ عَلى صَغيرَةِ |
كَذَاكَ مَعصُومُونَ مِن إِقرارِ | [336] | عَلَى اِجتِهادٍ غَيرِ حُكمِ البَارِي |
وَكُلُّ فِعلٍ ليسَ بالتَّعَبُّدِيْ | [337] | بَل كَانَ مِن جِبِلَّةٍ لِلْجَسَدِ |
كَالنَّومِ وَالقُعودِ وَالقِيَامِ | [338] | لِحاجَةٍ لا قَصدَ الائْتِمامِ |
فَهوَ مُباحُ الفِعلِ مِن دُونِ اِقْتِدَا | [339] | وَهْوَ الَّذِي الفَارُوقُ مِنهُ شَدَّدَا |
وَمَا عَلَى كَيفِيَّةٍ قَد فَعَلاَ | [340] | مُواضِباً فَالاقتِداءُ احتُمِلاَ |
وَالظَّنُّ أَنَّهُ إِلَيهِ قَد نَدَبْ | [341] | إِذْ هُوَ لا يُعدَمُ فَضلاً فِي أَدَبْ |
وَما بِهِ اِختِصاصُهُ قَد عُلِمَا | [342] | فَلا اشتِراكَ فِيهِ إِلاَّ مَا سَمَا |
بِأَنَّهُ فَرضٌ عَلَيهِ ، وَلَنَا | [343] | نَدبٌ ؛ وَهَذا قَد أُبِيْنَ عَلَنَا |
وَكُلَّمَا أَبهَمَهُ مُنتَظِراَ | [344] | لِلوَحْيِ لا اقْتِداء حَتَّى يَظهَرَا |
وَفِعلُهُ مَعْ غَيْرِهِ عِقَابَا | [345] | فَالوَقفُ حَتَّى نَعلَمَ الأَسْبَاباَ |
فَنَقتَدِي أَوْ لاَ ([19]) فَوَقفٌ يُرتَضَى | [346] | إِلاَّ إِذَا مَا كَانَ مِن بَابِ القَضَا |
وَمَا سِوَى ذَا إِنْ أَتَى بَيَانَا | [347] | فَليُعطَ حُكمَ مَا بِهِ اِستَبَانَا |
فَمَا أَبَانَ الفَرضَ كَانَ فَرضَا | [348] | وَهَكَذَا مُبِيْنَ نَدبٍ يُقضَى |
أَو لَم كَذَاكَ بَل كانَ ابْتِدَا | [349] | فَلْيَدْرِ كَيفَ للرَّسُولِ وَرَدَاْ |
فَلِلْوُجُوبِ مَا عَلَيهِ وَجَبَا | [350] | وَمَا لَهُ نَدبٌ لَنَا قَدْ نُدِبَا |
وَهَكَذا الْمُباحُ لا مَا خُصَّا | [351] | وَلا خُصُوص غَير ما قَد نُصَّا |
وَغَيْرُ مَا فِي حَقِّهِ قَدْ وُصِفَا | [352] | إِنْ ([20]) لَم يَكُن لِقُربَةٍ قَدْ عُرِفَا |
فَهْوَ عَلَى النَّدبِ أَقَلُّ حالِهِ | [353] | وَقِيلَ : لاَ تَفْصِيلُ فِي اِحتِمَالِهِ |
وَمَا بِهِ هَمَّ وَلَمْ يَفْعَلْ : فَلا | [354] | يَسُوغُ فِي اِتِّبَاعِهِ [ أَنْ ] يُفْعَلاَ |
إِلاَّ إِذَا أَبَانَ أَمْراً مَنَعَهْ | [355] | فَزَالَ لا بَأْسَ عَلَى مَن صَنَعَهْ |
فَصلٌ فِي التَّقْرِيرِ وَالتَّرْكِ
وَمَا بِعِلمٍ مِنهُ قِيلٌ أَو فِعِلْ | [356] | وَلَم يُغَيِّرْهُ فَكَالْفِعلِ جُعِلْ |
وَقَولُ بَعضِ الصّحبِ : (كُنَّا نَفعَلُ | [357] | فَمَا نُهِيْنَا وَالقُرآنُ يَنِْزِلُ) |
ظَاهِرٌ التَّقرِيرُ لَو لَم يَذكُرُوا | [358] | لِلْعِلمِ إِذْ بِالوَحْيِ قَدْ يَذَّكَّرُ |
وَإِنْ يَكُنْ مِنهُ السُّرُورُ اِقْتَرَنَا | [359] | فَهْوَ عِبادَةٌ كَـ(لَوْ أَخْبَرَنَا) |
وَتَركُهُ لِمُقْتَضٍ كَالفِعلِ | [360] | وَيَقْتَضِي إِبَاحَةً فِي الْجِبْلِي |
وَقَدْ ([21]) يَكُونُ التَّركُ لِلْتَّنَزُّهِ | [361] | كَتَركِهِ البَقلَ لِخُبثِ رِيحِهِ |
وَمَعَ تَركٍ قَدْ يَوَدُّ العَمَلاَ | [362] | خَوفاً على أُمَّتِهِ أَن تُبْتَلَى |
فَهْوَ بِأَرجَحِيَّةٍ تَحَقَّقَا | [363] | إِمَّا لِعِلَّةٍ وَإِمَّا مُطلَقَا |
القَولُ فِي عَوَارِضِ الأَدَلِّةِ
1- فَصلٌ فِي مُختَلفِ الْحَديثِ
وَلا تُنَافِي سُنَّةٌ قُرآنَا | [364] | وَإِنَّمَا جَاءَتْ لَهُ تِبْيَانَا |
وَمَا يُرَى مِنْ سُنَّةٍ تَختَلِفُ ([22]) | [365] | فَإِنَّهُ فِي ذَاتِهِ مُؤتَلِفُ |
إِذْ هُوَ صَادِرٌ عَنِ الْمَعصُومِ | [366] | لا يَحمِلُ النَّقِيضَ فِي الْمَحكُومِ |
إِلاَّ لِنَسْخٍ أَو لِضَعفٍ بَيِّنَا | [367] | وَغَيرُهُ الْجَمعُ بِهِ تَعَيَّنَا |
فَمِنهُ تَخصيصُ عُمُومٍ وَرَدَا | [368] | وَحَملُ مُطلَقٍ على مَا قُيِّدَا |
كَالعُشرِ وَالنِّصفِ يَعُمُّ مَا سُقِيْ | [369] | وَخَصَّهُ بِخَمسَةٍ مِن أَوْسُقِ |
وَهَكَذَا إِطلاقُ حَظرِ الْحُمْرِ | [370] | قُيِّدَ بِالأَهْلِيِّ فِي الْمُشتَهِرِ |
وَمِنهُ مَا بِحَسَبِ الحَالاتِ | [371] | مِثلُ صَلاةِ الْخَوفِ فِي الْهَيئَاتِ |
وَمِنهُ مَا مَعْنَاهُ كَالْمُتَّحِدِ | [372] | نَحْوَ اِختِلافِ الَّلفظِ فِي التَّشَهُّدِ |
وَمِنهُ مَا يَحتَمِلُ اِختِلافَا | [373] | فَرُدَّ لِلمُوافِقِ ائْتِلافَا |
كَـ(لا رِبَا إِلاَّ نَسِيئَةٍ) حُمِلْ | [374] | على اختِلافِ الْجِنسِ لا مِثْل يقلْ |
وَمِنهُ مَا لِمَعْنَيَيْنِ أُطْلِقَا | [375] | فَكَا أَوْلاَهَا بِنَصٍّ أَوفَقَا |
كَـ(أَسفِرُوا بِالفَجرِ) حَيثُ حُمِلاَ | [376] | عَلَى اِنشِقَاقِهِ لِـ(حافِظُوا علَى) |
وَمِنهُ مَا فِي مَحمَلَيهِ يَختَلِفْ | [377] | إِلَيهِمَا رُدَّ بِمَعنًى يَأتَلِفْ |
كَـ(شَرِّقُوا وَغَرِّبُوا) تَبَيَّنَا | [378] | فِي حاجَةِ الصَّحْرَا لِرُخصَةِ البِنَا |
وَمِنهُ مَنهِيٌّ أَحَلَّ الشَّارِعُ | [379] | سَبَبَهُ الْمُفْضِي لِوَجهٍ نافِعُ |
كَالقَتلِ لِلنِّساءِ وَالذَّرَارِيْ | [380] | يُنْهَى سِوَى بَيَاتِ أَهلِ الدَّارِ |
وَمِنهُ ظَاهِرُ الوُجوبِ بَيِّنَا | [381] | فِي مَوضِعٍ تَخفِيفُهُ وَعُيِّنَا |
كَفَرضِ غُسلِ جُمعَةٍ قَد صُرِفَا | [382] | بِأَنْ كَفَى مَن بِوَضُوئِهِ اِكْتَفَى |
كَذَلِكَ الْمَنهِيُّ بِالقَولِ إِذَا | [383] | بِفِعْلِهِ ([23]) دَلَّ على الرُّخْصَةِ ذَا |
كَنَهْيِ شُربٍ قَائِماً قَدْ جُزِمَا | [384] | أَجَازَهُ بِشُرْبِهِ مِن زَمْزَمَا |
وَمِنهُ مَا لِعِلَّةٍ قَد حُكِمَا | [385] | ثُمَّ بِضِدِّهِ لِمَن قَدْ عُدِمَا |
كَقُبلَةِ الصَّائِمِ عَنهَا قَد نُهِيْ | [386] | ذُو شَهْوَةٍ ، وَرُخِّصَت لِغَيْرِهِ |
وَمِنهُ مَا فِي أَصلِهِ قَد فَضُلاَ | [387] | كَالفَضلِ فِي تَضعِيفِ أَجرِ الفُضَلاَ |
وَمِنهُ مَا النَّهيُ لأَمرٍ قُيِّدَا | [388] | فَظَنُّ ضِدِّ القَيدِ خُلفٌ وَرَدَا |
كَنَهْيِ خِطْبَةٍ عَلَى الْخِطبَةِ فِي | [389] | قَيْدِ الرِّضَا جَائِزَةٌ إِذْ يَنْتَفِي |
وَمِثلُهُ : السَّومُ عَلَى السَّومِ مَعَا | [390] | حَدِيثِ بَيعِ مَن يَزيدَ اتَّبَعَا |
وَمِنهُ مَا يُشبِهُ مَعْنًى فَارَقَهْ | [391] | مِن أَوجُهٍ فَظُنَّ خُلْفاً مُطلَقَهْ |
كَنَهْيٍ عَنْ صَلاةٍ بَعدَ الفَجرِ | [392] | وَحالِ الاسْتِوا وَبَعدَ العَصرِ |
مِثلُ العُمُومِ [ وَمَعَ ] ([24]) الْمَكتُوبَهْ | [393] | قَد فَارَقَتْهُ فَاعْلَمَنْ وُجُوبَهْ |
لِلْذِّكْرِ فَلْتَقُم لأَيِّ وَقْتِ | [394] | إِذْ مُوجِبٌ تَأْخِيرُها لِلمَقتِ |
فَمِنهُ ([25]) مَنهِيٌّ عُمُوماً خُصَّا | [395] | بِرُخصَةٍ فِي بَعضِ شَيءٍ نُصَّا |
كَنَهْيِهِ عَنْ بَيعِ تَمرٍ بِرُطَبْ | [396] | كَيْلاً ، وَعَن بَيعِ الزَّبِيبِ بِالعِنَبْ |
نَصُّ العَرَيَا دُونَ خَمسِ أَوسُقِ | [397] | بِخَرصِهَا كَيْلاً ، وَغَيرُهُ اُتُّقِي |
وَمِنهُ ([26]) مَا فِي عِلَّةٍ قَدِ اُختُلِفْ | [398] | كَحَظْرِ بَيعِ الغَيبِ مَعْ حِلِّ السَّلَفْ |
فَأَوَّلٌ جَهلٌ وَعَجزٌ وَغَرَرْ | [399] | وَالثَّانِ مَوصُوفٌ وَمَضمُونٌ فَبَرْ |
وَمِنه فِعلُ مَن خَصَّصُو الْمُصطَفَى | [400] | فَظُنَّ تَشْرِيعاً بِهِ مَنِ اِقْتَفَى |
كَفِعلِهِ السُّبحَةِ بَعدَ العَصْرِ | [401] | قَضَاءَ مَافَاتَ عُقَيبَ الظُّهْرِ |
لَكِنَّهُ أَبَانَ حِينَ سُئِلا | [402] | عَن فِعلِهَا لِغَيْرِهِ ؛ فَقَالَ : لا |
وَمِنهُ ما خُصَّ بِهِ سِواهُ | [403] | فَظُنَّ لِلعُمُومِ مَن رآهُ |
مُخْتَصَراً إِطلاقُهُ فِي مَوضِعِ | [404] | نَحوُ بِهِ ضَحَّ لِمَعْزٍ جَذْعِ |
لَكِنَّهُ عَلَى البَيانِ قَد وَرَدْ | [405] | ضَحِّ وَلا بَعدَكَ يُجْزِي عَن أَحَدْ |
وَمِثلُهُ الْمُستَثنَياتُ تُحْذَفْ | [406] | فعمها لكن بذكرٍ تُعرَفُ |
وَمِنهُ أَمرٌ فِعلُهُ تَكَرَّرَا | [407] | كُلٌّ رَوَى بِنَحوِ مَاقَدْ حَضَرَا |
كَمَوضِعِ الإِهلالِ كُلٌّ عَيَّنَهْ | [408] | بِمَ رَأَى وَالْحَبرُ فَصلاً بَيَّنَهْ |
وَمِنهُ ما لِلفِعلِ وَالتَّركِ جَمَعْ | [409] | كُلٌّ رَوَى مَا مِن حُضُورُهُ وَقَعْ |
مِثلُ القُنُوتِ وَالضُّحَى وَالبَسمَلَهْ | [410] | فِسِرِّهَا وَالْجَهرِ ، قِسْ مَا مَاثَلَهْ |
وَإِنَّمَ يَبِينُ ذَا مَنْ لازَمَهْ | [411] | وَشَهِدَ الْجَميعُ بِالْمُلازَمَهْ |
وَمِنهُ حُكمٌ وَارِدٌ عَلَى سَبَبْ | [412] | فَزَالَ عَنهُ فَقدُ ذَلِكَ السَّبَبْ |
كَالنَّهْيِ عَنْ كَتْبِ سِوَى القُرآنِ | [413] | خَوف اِلْتِباسِهِ بِهِ فِي الآنِ |
وَعِندَ أَمنِ ذَاكَ جَاءَ الإِذْنُ بِهْ | [414] | وَانعَقَدَ الإِجماعُ إِذْ لا يَشْتَبِهْ |
فَهِذِهِ عِشْرُونَ وَجْهاً فَاحْوِهَا | [415] | وَاضْمُمْ إِلَيهَا مَأَتَى مِن نَحوِهَا |
وَاسْتَعْمِلَنْ كُلاًّ مِنَ النَّصَّينِ فِي | [416] | مَدلُولِهِ لَكِن بِلا تَعَسُّفِ |
فَصلٌ فِي النَّسْخِ
وَالنَّسخُ رَفعُ الحُكمِ تَشريعاً جَرَى | [417] | بِنَصِّ شَرعٍ عَنهُ قَد تَأَخَّرَا |
فِي العَمَلِيَّاتِ بِلا إِنكارِ | [418] | وَلا يَجُوزُ النَّسخُ فِي الأَخبارِ |
يَكونُ بِالْمِثلِ وَخَيرٍ مِنْهُ | [419] | أَشَدُّ أَو أَخَفُّ فَاحْفَظَنْهُ |
كَقِبلَةٍ بِقِبْلَةٍ مُتَّبَعَا | [420] | وَمِنهُ إِتمامُ الصَّلاةِ أَربَعَا |
وَالْحَطُّ مِن عَشرَةِ أضعافٍ إِلَى | [421] | مِثْلَيْنِ فِي قِتَالِ كُفَّارِ الْمَلا |
وَيُنْسَخُ الْكِتابُ بِالْكِتابِ | [422] | وَسُنَّةٌ بِمِثْلِهَا فِي البَابِ |
فَقَولُهُ لِلْقَولِ وَالفِعلِ رَفَعْ | [423] | وَخُلْفُهُم فِي القَولِ بِالفِعْلِ اِتَّسَعْ |
وَنَسْخُهُ الفِعلَ بِتَرْكِهِ ثَبَتْ | [424] | لا القَولُ إِنْ فِي مَوضِعٍ عَنهُ سَكَتْ |
وَاَحْتُمِلَ النَّسخُ سُكُوتٌ اِقْتَضَى | [425] | تَقريرُ فِعلٍ حَظْرُهُ فِيهِ مَضَى |
وَسُنَّةٌ نَسخُ الْكِتابِ قَد تَبِيْنْ | [426] | وَمَعَهَا نَصُّ كِتَابٍ مُسْتَبِيْنْ |
[ وَ ] هَكَذَا الكِتابُ لا بُدَّ مَعَهْ | [427] | مِنْ سُنَّةٍ فِي نَسْخِهَا مُجْتَمِعَهْ |
النَّسخُ فِي الكِتابِ أَنواعٌ وَقَعْ | [428] | فَمِنهُ مَتْلُوٌّ وَحُكمُهُ اُرْتَفَعْ |
[ وَ ] مِنهُ مَحكومٌ بِهِ لا يُتْلَى | [429] | وَمِنهُ مَرْفوعُ الْجَميعِ أَصلاَ |
[ وَ ] مِنهُ فِي السِّياقِ نَسخُهُ [ يَلِي ]([27]) | [430] | كَـ(آيَةِ القِيَامِ) فِي الْمُزَّمِّلِ |
فَمَا بِتَأخيرِ نُزولٍ عُلِمَا | [431] | وَإن يَكُنْ سِياقُهُ الْمُقَدَّمَا |
كَـ(عِدَّةِ الوَفاةِ) فَالْمُؤَخَّرَهْ | [432] | مَنسُوخَةٌ كِلاهُمَا فِي البَقَرَهْ |
وَمِنهُ تَصريحٌ مِنَ الرَّسُولِ | [433] | بِنَسخِهِ فِي سَبَبِ النُّزولِ |
كَـ(الْجَلدِ للبِكرِ) سَبِيلُ الزَّانِي | [434] | مَعْ غُربَةٍ وَرَجمِ ذِي الإِحْصَانِ |
كَذاكَ بِالتَّصريحِ مِن صَحابِي | [435] | مُشَاهِدٌ مَواقِعَ الكِتابِ |
وَاَعْرِفهُ فِي السُّنَّةِ بِاسْتِتْمَامِ | [436] | سِيَاقِ قِصَّةٍ عَلَى التَّمَامِ |
كَالنَّهْيِ عَن أَكلٍ مِنَ الأَضَاحِي | [437] | فَوقَ ثَلاثٍ جاءَ بِالإِفْصَاحِ |
نَسخٌ لَهُ عَن أَنَسٍ تَحْقِيقَهْ | [438] | فِي نَقلِ عُمرَةٍ عَنِ الصِّدِّيقَهْ |
وَمِنهُ مَا بِهِ الرَّسُولُ صَرَّحَا | [439] | (كُنتُ نَهَيتُ فَافعَلُوهُ) مُفْصَحَا |
كَذاَ بِتَصريحٍ مِنَ الصَّحابِي | [440] | كَـ(جَمعِهِ الصَّلاةَ فِي الأَحزابِ) |
قَالَ أَبُو سَعيدٍ - أَعنِي ناقِلَهْ - | [441] | قَبلَ صَلاةِ الْخَوفِ تِلكَ النَّازِلَهْ |
وَمِنهُ ما حُجَّتُنَا عَلَيهِ | [442] | بِأَنَّهُ الآخِرُ مِنْ أَمْرَيهِ |
كَالأَمرِ أَنْ يَجلُسَ ذُو اُئْتِمامِ | [443] | إِنْ عَجَزَ الإِمامُ عَن قِيامِ |
وَجالِساً صَلَّى هُوَ الإِمامُ | [444] | فِي مَرَضِ الْمَوتِ وَهُم قِيَامُ |
وَمِنهُ مَنسُوخٌ بِوَجهٍ مُحكَم | [445] | مِن آخَرٍ وَبِالْمِثالِ يُعلَم |
نَسخُ حَدِيثِ الْمَا مِنَ الْمَاءِ بِمَا | [446] | فِي الْوَطْئِ لَكِنْ فِي اِحتِلامٍ أُحْكِمَا |
وَلَيسَ الاِجْماعُ عَلَى تَركِ العَمَلْ | [447] | بِنَاسِخٍ لَكِن علَى النَّاسِخِ دَلْ |
وَدُونَ عِلمِ مَن بِمَنسُوخٍ عَمَلْ | [448] | يُثابُ لا مع عليه فلا يُحَلْ |
فَصْلٌ : فِي التَّرْجِيحِ
وَحَيثُ لا بَينَهُما ([28]) قَد أَمكَنا | [449] | جَمعٌ وَلا النَّاسِخُ قَد تَبَيَّنَا |
فَهِذِهِ مُرَجِّحاتٌ تُعلَمُ | [450] | وَمَنْ ([29]) حَوَاهَا فَهُوَ الْمُقَدَّمُ |
فَبَعضُهَا يَرجِعُ لِلإِسنَادِ | [451] | وَالبَعضُ لِلمَتنِ لَدَى التَّضادِّ |
وَالبَعضُ للمَدلولِ مِنْهَا يُرجَعُ | [452] | أَو خارِجٌ وَكُلُّهَا تُنَوَّعُ |
فَكَثرَةُ الرُّواةِ فِيهِ قَدَّمُوا | [453] | وَالأَتقَنُ الأَحفَظُ فِيهِ الأَحْكَمُ |
وَمَن على تَعدِيلِهِ قَدِ اُتُّفِقْ | [454] | أَو بَالِغاً حَالَ تَحَمُّلٍ وُفِقْ |
أَو غَيْرَ سَمعٍ حَملُهُ لا يَحتَمِلْ | [455] | أَو كَونَهُ مُبَاشِراً لِمَا نُقِلْ |
أَو صَاحِبُ القِصَّةِ أَو سِياقُهْ | [456] | أَحسَنُ إِذْ تَقَصِّياً قَد ساقَهْ |
أَوْ أَقرَبُ الْمَكَانِ أَو هُوَ الْزَمْ | [457] | أَو مِنَ الشُّيُوخِ ([30]) بِحُلاهُم أَعلَمْ |
أَو كَثُرَت مَخَارِجٌ أَو يُسنَدُ | [458] | عَنِ الْحِجَازِيِّينَ أَو هُو أَسنَدُ |
أَو شَاهِدٌ شَافَهَ مَن عَنهُ نَقَلْ | [459] | أَو عُدِمَ اِختِلافُ مَن عَنهُ حَمَلْ |
أَو كَونُهُ لَم تَضطَرِبْ أَلفاظُهُ | [460] | تَوَافَقُوا فِي رَفعِهِ حُفَّاظُهُ |
أَو ([31]) مَا عَلَى اِتِّصَالِهِ مُتَّفِقَا | [461] | أَو كانَ مَن يَرْوِيهِ بِاللَّفظِ اِنتَقَى |
أَو كانَ رَاوِيهِ فَقِيهاً يَجمَعُ | [462] | أَو ذُو كِتَابٍ إِذْ إِلَيهِ يُرجَعُ |
أَو كَانَ نَصّاً أَو مَعَ اِقْتِرانِ | [463] | بِالفِعلِ أَو أَوفَقِ لِلقُرآنِ |
أَو سُنَّةٍ أَوِ القِيَاسِ [ قَدْ ] ([32]) عَضَدْ | [464] | أَو عَمَلٍ لِلْخُلَفَا بِهِ اِعتَضَدْ |
أَو أَكثَرِ الأُمَّةِ أَو مَنطُوقَا | [465] | وَالضِّدُّ مَفهُومٌ يُرَى مَفُوقَا |
أَو كَونِهِ مَقرُونَ حُكمٍ بِصِفَهْ | [466] | أَو كَانَ بِالتَّفسِيرِ رَاوٍ عَرَفَهْ |
أَو كَانَ قَولاً أَوْ بِلاَ تَخصيصَ عَمْ | [467] | أَو غَيرَ مُشعِرٍ بِقَدحٍ يُتَّهَمْ |
أَو كَانَ نَصُّهُ على الإِطلاقِ | [468] | أَو دَلَّ لِلحُكمِ بِالاِشْتِقاقِ |
أَو قَد حَوَى زِيادَةً مُهِمَّهْ | [469] | أَو اِحتِياطاً أَوْ بَراءِ الذِّمَّهْ |
أَو كَانَ سَاوَى وِفقَ حُكْمٍ الْمِثْلِ | [470] | أَو قَد أَتَى مُقَرِّراً لِلأَصلِ |
أَو دَلَّ دَلَّ لِلحَظْرِ ؛ وَهَلْ يُرَجَّحْ | [471] | إِنْ أَسقَطَ الْحَدَّ عَلَى مَا يُفصَحْ |
أَو كَان إِثْبَاتاً ، أَوِ النَّاقِلِ لَهُ | [472] | مُفَضَّلاً فِي فَنِّ تِلكَ الْمَسألَهْ |
وَبَعضُهُ فِيهِ الْخِلافُ عَن فِئَهْ ش | [473] | وَعَدَّهَا الْبَعْضُ إِلَى فَوقَ مِئَهْ |
وَحَيثُ لا جَمعَ وَلا نَسخَ يَصِحْ ش | [474] | وَلا مُرَجِّح فَقِفْ حَتَّى يَتَّضِحْ ([33]) |
الدَّليلُ الثَّالِثُ : الإِجْماعُ
إِجمَاعُهُم : هُوَ اِتَّفاقُ الكُلِّ ش | [475] | مِن عُلَماءِ العَقدِ ثُمَّ الْحَلِّ |
فِي حُكمِ أَمْرٍ مِن أُمُورِ الدِّينِ ش | [476] | مِن فِعلٍ أَو مُعتَقَدٍ يَقِينِي |
مَضبُوطُهُ : إِجْماعُ صَحبِ الْمُصطَفَى ش | [477] | فَبَعدُهُ الإِجماعُ مِمَّن اِقْتَفَى |
وَهْوَ لَدَيْنَا حُجَّةٌ قَطعِيَّهْ ش | [478] | وَثَالِثُ الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّه |
وَبَعدُ أَفضَلِ القُرُونِ مُمكِنُ ش | [479] | بَل حَصرُهُم يَعسُرُ أَو لا يُمكِنُ |
وَمِنهُ ([34]) : قَولُ الفُضَلا لا نَعلَمُ | [480] | فِيهِ خِلافاً . هَكَذَا لَم يَجزِمُوا |
كَالشَّافِعِي وَأَحمَدَ وَلَم يَرَوا ش | [481] | إِطلاقَهُ مُصَوَّبَاً مِمَّن جَرَوا |
وَمَالِكٌ بِأَهلِ دَارِ الهِجْرَهْ ش | [482] | يَحتَجُّ إِجماعاً كَكُلِّ الأُمَّهْ |
وَالحَرَمَينِ عِندَ سَحنونَ وَقَدْ ش | [483] | أَشارَ نَحوَهُ البُخارِيْ أَو قَصَدْ |
وَ الأَكثَرُونَ نَحوَهُ لَم يَجنَحُوا ش | [484] | لَكِن بِهِ عِندَ الخِلافِ رَجَّحُوا |
هَذا لَدَى أَفاضِلِ القُرُونِ ش | [485] | لا مُطلَقُ التَّرجيحِ بِالسُّكُونِ |
وَبِالسُّكُوتِيِّ مِنَ الإِجماعِ ش | [486] | قَومٌ قَدِ احتَجُّوا على نِزاعِ |
بِأَن يَقُولَ بَعضُ أَهلِ العَصرِ ش | [487] | وَيَسكُتُ البَاقُونَ دُونَ نُكرِ |
فَإن يَكُن فِي الحُكمِ نَصٌّ يُعدَمُ ش | [488] | فَإِنَّهُ مِن مَحضِ رَأْيٍ أَقْدَمُ |
وَلَيسَ كَالصَّريحِ فِيما قَد سَبَقْ ش | [489] | إِنْ كَانَ نَصٌّ بِخِلافِهِ نَطَقْ |
وَيَخرُمُ الإِجماعَ حَبرٌ اِنفَرَدْ ش | [490] | فِي عَصرِهِم عَنهُم مُصَرَّحاً بِرَدْ ([35]) |
وَسَبَقْ خُلْفٌ بَعدَهُ قَد يَتَّفِقْ ش | [491] | وَلا يَجُوزُ خُلفُ إِجْمَاعٍ سَبَقْ |
وَالْخُلفُ فِي اِنقِراضِ أَهلِ العَصْرِ ش | [492] | وَالحَقُّ لا يُشرَطُ ؛ فَافهَم تَدرِ |
وَالْحَبْرُ فِي الصَّحبِ مِنَ الأَتْبَاعِ ش | [493] | وِفَاقَهُ يُشرَطُ فِي الإِجْماعِ |
وَصَاحِبُ البِدعَةِ لا يُعتَدُّ بِهْ ش | [494] | وَالْخُلفُ فِي الْبِدْعِ الَّذِي يُرَدُّ بِهْ |
كَالْخُلفِ فِي قَواعِدِ الرِّوايَهْ ش | [495] | رُجِّحَ نَبذُ صَاحِبِ الدِّعَايَهْ |
أَوْ مَن يُخالِفْ مَا عَلَيهِ أُجْمِعَا ش | [496] | لَو لَم يَكُنْ إِلَى اِبتِداعِهِ دَعَا |
فَفِي ذَهَابِهِ إِلَى ما اِبْتَدَعَا ش | [497] | غَيرُ سَبيلِ الْمُؤمِنِيْنَ اِتَّبَعَا |
وَجَاحِدُ الْمُجْمَعِ قَطْعاً يَكفُرُ ش | [498] | مَع عِلمِهِ لا جَاهِلاً فَيُعذَرُ |
الدَّليلُ الرَّابِعُ : القِياسُ
أَمَّا القِياسُ فَلَدَى الجَمَاهِرِ | [499] | أَصلُ ؛ وَشَذَّ بَعضُ أَهلِ الظَّاهِرِ |
مَع كَونِ دَاودَ بِهِ قَد قَالاَ | [500] | وَإِنَّمَا سَمَّاهُ الاِسْتِدلاَلاَ |
وَهُوَ : رَدُّ الفَرعِ لِلأُصُولِ | [501] | مِن حُكمِ رَبِّنَا أَوِ الرَّسُولِ |
لِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ فِي الْحُكمِ | [502] | بَينَهُمَا عِندَ أُهَيلِ الفَهمِ |
وَالشَّرطُ فِي الأَصلِ : الثُّبُوتُ وَالْبَقَا | [503] | وَكَونُهُ مُعَلَّلاً مُتَّفَقَا |
وَشَرطُ فَرعٍ : أَنْ يُسَاوِي الأَصْلاَ | [504] | فِي مُوجَبٍ أَو كَانَ مِنهُ أَوْلاَ |
مَعَ اِنْتِفَا أَصلٍ بِهِ قَدْ خُصَّا | [505] | فَلا تَقِسْ فِيمَا يَرُدُّ النَّصَّ |
وَالشَّرطُ فِي العِلَّةِ : جَلبُ الْحُكمِ | [506] | وَيِانْتِفَائِهَا اِنْتَفَى بِالْجَزْمِ |
وَالشَّرطُ فِي مَعلُولِها أَنْ تُوجِبَهْ | [507] | تَعلِيلاً أَوْ دَلالَةً أَوِ الشَّبَهْ |
1- وَقَدْ يَجِيْ مَنطُوقاً أَو مَعقُولاَ | [508] | مَسْلِكُ عِلِّيَّتِها فَالأَولَى |
كَالوَصفِ أَوْ (مِن أَجْلِ) أَو بِـ(الَّلامِ) | [509] | أَو (كَيْ) وَ(فَا) عُلِّقَ بِالكَلامِ |
(لَعَلَّ) وَ(البَاءُ) وَ(إِذْ) وَ(حَتَّى) | [510] | وَنَحوِها رَاجِعَهْ إِن أَرَدْتَا |
مِنَ الحُرُوفِ وَالقُيُودِ السَّابِقَهْ | [511] | فِي النَّصِّ مِنْ رِوايَةِ العَدلِ الثِّقَهْ |
2- وَعُدَّ مِنْهَا : مَسلِكُ الإِجْمَاعِ | [512] | لَدَى الْجَمَاهيرِ عَلَى نِزاعِ |
ثَالِثُهَا : الإِيْما مَعَ التَّنْبِيهِ | [513] | يَدخُلُ أَنواعٌ كَثِيرٌ فِيهِ |
وَهْوَ اِقتِرانُهُ بِوَصفٍ مِشْعِرْ | [514] | بِأَنَّهُ العِلَّةُ لَو لَم يُذْكَرْ |
رَابِعُهَا : بِالسَّبرِ وَالتَّقسِيمِ | [515] | وَعَلَّلُوهُ بِانتِفَا ([36]) القَسِيمِ |
خَامِسُهَا : اِستِدلالُنَا بِفِعلِهِ | [516] | مِن بَعْدِ مَا الفِعلُ يُرَى مِن أَجلِهِ |
سَادِسُهَا : الْمَصلَحَةُ الْمَرعِيَّهْ | [517] | رِعايَةَ الْمَقاصِدِ الشَّرعِيَّهْ |
وَهْيَ بِتَخريجِ الْمَناطِ تُعرَفُ | [518] | إِذَا بَدَا تَنَاسُبٌ لا يُصْرَفُ |
ثُمَّ الْمُناسَبَاتُ فِي الْمَقَاصِدِ | [519] | ضِمْنَ ثَلاثٍ وَهِيَ القَواعِدِ |
ضَرُورَةٌ حَاجِيَّةٌ تَحْسِينِي | [520] | أَوَّلُهَا : خَمسٌ بِلا تَوْهِينِ |
وَهْيَ الْمُرَاعَاةُ لِحِفظِ خَمْسِ | [521] | فَرَاعِ حِفظَ الدِّيْنِ ثُمَّ النَّفسِ |
وَالعَقلِ وَالنَّسلِ وَلِلْمَالِ دَرَى | [522] | وَالعِرضِ إِذْ بِالْمَالِ وَالنَّفسِ دَرَى |
فَكُلُّ هَذِهِ دِفَاعاً وَقَعَتْ | [523] | عَنْهَا العُقُوبَاتُ الَّتِي قَد شُرِعَتْ |
كَقَتْلِ مُرْتَدِّ جِهَادِ مَنْ كَفَرْ | [524] | وَقَطعِ سَارِقِ وَحَدِّ مَن فَجَرْ |
وَلَيسَ فِي عُقُوبَةٍ تَنحَصِرُ | [525] | بَلْ ذَا مِثَالٌ مِن أُمُورٍ تَكثُرُ |
فَانظُرْ لِحِفْظِ النَّفسِ عَن قَتْلٍ نُهِي | [526] | وَشُرِعَ القَصَاصُ فِي العَمدِ بِهِ |
مَعْ مَا أَتَى فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ | [527] | مُقْتَرِنَاً بِالشِّركِ وَالتَّندِيدِ |
وَفُرِضَت إِعَانَةُ الْمُضْطَرِّ | [528] | وَبَذْلُ مَا يُجْدِي لِدَفْعِ الضُّرِّ |
كَذَا لَهُ تَنَاوُلُ الْمَحظُورِ | [529] | إِنْ هُوَ فِي بَقَائِهَا ضَرُورِيْ |
وَلِلدِّفَاعِ شُرِعَ الْجِهادُ | [530] | وَنُصِبَ الْوُلاةُ وَالأَجْنَادُ |
لِيَرْعَوِي العَدُوُّ بِالإِرهابِ | [531] | وَتَأمَنُ الأَنْفُسُ فِي الأَسْرَابِ |
مَعْ حِفظِهِ لِلِّدينِ وَالإِيْجَادِ | [532] | لَهُ بِهِ وَالقَطعُ لِلفَسَادِ |
فَهِذِهِ وَغَيْرِهَا مَرْعِيَّهْ | [533] | فِي حِفظِ نَفسٍ وَقِسِ البَقِيَّهْ |
وَالأَمرُ بِالْعُرْفِ وَنَهْيُ الْمُنكَرِ | [534] | يَضْمَنُ حِفْظَهَا جَمِيعاً فَاحْصُرِ |
وَمِثلُ ذِي مَا دُونَهُ لا تَكمُلُ | [535] | كَالْمَنعِ للفِتْنَةِ أَن يَقْتَتِلُوا |
وَمَا بِهِ الْحَاجَةُ قَد تَرتَفِعُ | [536] | نَحوَ إِجازَةٍ بِهَا يَنتَفِعُ |
فَذَلِكَ الْحَاجِيْ وَمَا سِواهُمَا | [537] | مَحَلُّ تَحْسِينٍ لَدَيهِمْ رُسِمَا |
نَحْوُ كِتابَةُ العَبِيدِ ذَكَرُوا | [538] | وَفِي التُّرُوكِ : تَركُ ما يُستَقذَرِ |
فَمَا تَرَى الشَّرعَ لَهُ يَعتَبِرُ | [539] | بِذَلِكَ الْمُلائِمِ الْمُؤَثِّرُ |
وَهْوَ عَلَى مَرَاتِبٍ فَكُلَّمَا | [540] | يَكُونُ أَجلَى فَبِقُوَّةٍ سَمَا |
نَحوُ مُثَقَّلٍ عَلَى مَا حَدَّدَا | [541] | إِنْ قِسْتَ فِي قَصَاصِ عَمدٍ وَاِعْتِدَا |
وَدُونَهُ وِلايَةُ الأَقَارِبِ | [542] | قَد قِيسَ كَالإِرثِ عَلَى مَرَاتِبِ |
وَدُونَهُ شَارِبُ خَمْرٍ عُزِّرَا | [543] | لِحَدِّ قَذفٍحَيثُ إِنْ يَهْذِ اِفْتَرَى |
وَأَلْغِ مَا الشَّرعُ لَهُ مَا اِعْتَبَرَا | [544] | كَيَاسِرِ الْعِتقِ بِصَومٍ كُفِّرَا |
سَابِعُهَا : الدَّورُ إِذَا الْحُكمُ وَقَعْ | [545] | بِوَجدِ وَصفٍ وَبِرَفعِهِ اِرتَفَعْ |
كَالْخَمرِ إِنْ بِنَفْسِهَا تَخَلَّلَتْ | [546] | قَالُوا تَحِلُّ مِثلُ قَبلٍ إِنْ غَلَتْ |
ثَامِنُهَا : إِلْغاءُ فَارِقٍ عُلِمْ | [547] | وَذَاكَ تَنقِيحُ الْمَناطِ قَد وُسِمْ |
كَعِتقِ شركِ العَبدِ فِي البَاقِي سَرَى | [548] | وَمِثلُهُ لا فَرقَ فِي الأُنْثَى جَرَى |
وَهَكَذَا التَّنصِيفُ فِي الْحُدُودِ | [549] | عَلَيهِمَمَا مِن غَيرِ مَا صُدُودِ |
وَعِلَّةٌ بِالنَّصِّ أَو إِجماعِ | [550] | إِثْبَاتُهَا فِي مَورِدِ النَّزَاعِ |
فَذَا بِتَحقِيقِ الْمَناطِ حُقِّقَا | [551] | كَالْحُكمِ فِي النَّبَّاشِ أَنْ قَد سَرَقَا |
وَالشَّبَهُ : الفَرعُ الَّذِي تَرَدَّدَا | [552] | لأَقْرَبِ الأَصْلَينِ شَبْهاً فَارْدُدَا |
كَالعَبدِ شِبهُ الحُرِّ حَيثُ كُلِّفَا | [553] | وَكَبَهِيمَةٍ بِهِ تَصَرَّفَا |
فَمِلْكِهِ بِالنَّظَرِ الأَوَّلِ صَحْ | [554] | وَالثّانِ لا مِلكَ لَهُ ؛ وَهْوَ الأَصَحْ |
اِسْتِصْحَاب الأَصلِ
يُستَصحَبُ الأَصلُ بِشَيْئَيْنِ هُمَا | [555] | فِعلُ مُكَلَّفٍ وَتَكلِيفٌ سُمَا |
فَالثَّانِ إِنْ تَشرِيعُهُ قَد ثَبَتَا | [556] | وَفِي اِرْتِفَاعِهِ النِّزَاعُ قَد أَتَى |
فَأَصلُهُ الثُّبُوتُ حَتَّى يَرفَعَهْ | [557] | مَا لا يَشِكُّ فِي بَقَائِهِ مَعَهْ |
وَلْيَنفِ مَا إِثْبَاتُهُ قَد يُدعَى | [558] | حَتَّى يُرَى صِحَّةً أَنْ قَد شُرِعَا |
أَوْ لاَ ([37]) فَفِي الْمَنَافِعِ الحِلِّ كَمَا | [559] | فِي مَحْضِ مَا يَضُرُّ أَنْ ([38]) قَدْ جَرُمَا |
وَمَا بِهِ الأَمرانُ إِنْ نَفْعٌ رَجَحْ | [560] | قَدِّمْ ، وَإِنْ تَكَافُئاً فَالْحَضرُ صَحْ |
وَهَكَذَا فِعلُ مُكَلَّفٍ جَرَى | [561] | يَقِينُهُ الأَصلُ ، وَشَكٌّ مَا طَرَا |
فَالأَصْلُ فِي الْمُحْدِثِ هَلْ تَطَهَّرَا | [562] | [ مِنْ ] حَدَثِهْ وَالعَكسُ مَنْ قَدْ طَهُرَا ([39]) |
وَالْمِلكُ أَصلٌ لَيسَ عَنهُ يُنتَقَلْ | [563] | حَتَّى يُرَى ثُبُوتُ مَا عَنهُ نُقِلْ |
وَهَكَذَا الأَصلُ : بِراءَةُ الذِّمَمْ | [564] | وَالأَصلُ : شُغلُهَا إِذَا بِهَا أَلَمْ |
الاجْتِهادُ وَالْفُتْيَا
الاِجْتِهادُ : بَذلُكَ الْمَجْهُودَ فِي | [565] | مَعرِفَةُ الْحَقِّ بِبُرهانٍ يَفِي | |
وَإِنَّمَا يَجتَهِدُ الْمُدرِكُ مَا | [566] | قَدْ مَرَّ تَفصِيلاً بِمَا تَقَدَّمَا | |
مَعْ عِلمِ حُكمِ اللهِ وَالرَّسُولِ | [567] | ذُو بَصَرٍ بِطُرُقِ النُّقُولِ | |
إِحاطَةٍ بِمُحكَمٍ وَنَاسِخِ | [568] | فِي عِلمِ إِجماعٍ وخُلفٍ رَاسِخِ | |
مُضْطَلِعاً مِنَ الِّلسانِ الْعَرَبِي | [569] | وَلَو تَمَكُّناً بِحالِ الطَّلَبِ | |
فَلْيَعرِضَ الْفُتْيَا عَلَى : الكِتابِ | [570] | فَسُنَّةٌ صَحِيحَةٌ فِي البَابِ | |
مَنْطُوقُ نَصٍّ كَانَ أَو مِنهُ فُهِمْ | [571] | فَفِعلٌ أَو تَقرِيرٌ مَا بِهِ عُلِمْ | |
مُلاحِظاً مَواقِعَ الإِجماعِ | [572] | وَمُتَحَرِّياً لَدَى النِّزَاعِ | |
[ فَإِنْ فُقِدْ فَلِلْقِياسِ ] ([40]) يُرجَعُ | [573] | إِمَّا لِنَصٍّ أَو عَلَى مَا أَجمَعُوا | |
إِذْ لَيسَ فِي البَابِ سِواهُ يَنْجَلِي | [574] | ثُمَّ عَلَى الخَفِيِّ قَدِّمِ الْجَلِي | |
ثُمَّ إِلَى البَرَاءَةِ الأَصْلِيَّهْ | [575] | حَتَّى يَقُومَ شَاهِدُ الشُّغْلِيَّه | |
هَذَا هُوَ الْمُجتَهِدُ الحَقِيقِيْ | [576] | وَلَيسَ مَرفُوعاً على التَّحقِيقِ | |
حَتَّى يُرِيدَ رَبُّنَا ارتِفاعَهْ | [577] | وَذَاكَ مِن قُربِ قِيَامِ السَّاعَه | |
أَمَّا الإِضافِيُّ فَلا يَفتَقِرُ | [578] | لِهَذِهِ الأُمُورِ بَلء يَقتَصِرُ | |
فِيهِ عَلَى أَهلِيَّةِ الْمُشتَغِلِ | [579] | بِهِ كَتَقْوِيمِ وَإِرشِ الْمِثلِ | |
وَرُبَّمَا احْتَاجَ لَهُ الْفَقِيهُ فِي | [580] | تَحقِيقِهِ مَنَاطَ حُكمٍ قَد خَفِيْ |
[ مَا يَجِبُ على الجَاهِلِ ]
وَجَاهِلُ الْحُكمِ الَّذِي يَلْزَمُهُ | [581] | عَلَيهِ أَنْ يَسأَلَ مَن يَعلَمُهُ |
ثُمَّ عَلَى عالِمِهِ الإِبانَهْ | [582] | لِحُكمِ شَرعِ رَبِّنَا سُبْحَانَهْ |
فَإِنْ يَكُنْ يَحفَظُ نَصَّ الَّلفظِ فِي | [583] | فُتْيَاهُ أَدَّاهُ بِلا تَصَرُّفِ |
أَوْ لاَ ([41]) فَبِالْمَعنَى ، وَوَيلُ مَن كَتَمْ | [584] | عِلْماً وَأَخْذُ سَائِلٍ بِه اِنْحَتَمْ |
وَإنْ يَكُ الْحَقُّ عَلَى سِواهُ | [585] | فَإِثْمُهُ عَلَى الَّذِي أَفْتَاهُ |
وَقَولُ (لا أَعلَمُهُ) فِيمَا خَفِيْ | [586] | أَقرَبُ مَخرَجٍ مِنَ التَّكَلُّفِ |
الْفَرقُ بَينَ الاِتِّباعِ وَالتَّقليدِ
وَحَيثُ قُلْنَا فِي اتِّفاقِ السَّلَفِ | [587] | يَلزَمُ حُجَّةً لِكُلِّ مُقتَفِ |
فَخُلفِهِم يُحصَرُ فِيهِ الْمَنهَجُ | [588] | وَالْحَقُّ عَن جُملَتِهِم لا يُخْرَجُ |
فَيَحرُمُ اِختِراعُ قَولٍ مَا سَبَقْ | [589] | لَهُم ، ومَنْ يُحْدِثُهُ لِلْمَقتِ اِسْتَحَقّْ |
بَلْ يَلزَمُ الرَّدُّ إِلَى الأَدِلَّهْ | [590] | فِي ذَا ؛ وَإِلاَّ اِخْتِيرَ قَولُ الْجِلَّهْ |
وَالْخُلَفَا قَدِّم عَلَى سِواهُمْ | [591] | فَالاهْتِداءُ وَالرُّشدُ مِن حِلاهُمْ |
وَقَدِّمِ الشَّيخَيْنِ إِذْ كَانَ الأَجَلْ | [592] | عَصرُهُمَا وَخُلفُهُ كَانَ أَقَلْ |
وَبَعدَهُم أَئِمَّةٌ مِمَّن مَضَى | [593] | مِمَّنْ بِنُورِ هَديِهِم قَدِ اِسْتَضَا |
فَاعرِفْ لَهُمْ مَنْصِبَهُم لا تَسْتَهِنْ | [594] | وَبِفُهُومِ القَومِ فِي الفِقهِ اِسْتَعِنْ |
وَهَكَذَا فَاسْلُكْ سَبِيلَ الاقْتِدَا | [595] | مُقْتَفِيَ الآثَارِ لا مُقَلِّدَا |
وَهْوَ الَّذِي يَأْخُذُ قَولَ الْقَائِلِ | [596] | مُسْلِماً لَوْ عَارَضَ لِلدَّلائِلِ ([42]) |
فَلْنَأخُذُ الدَّلِيلَ بِافْتِقَارِ | [597] | لا لِتَعَصُّبٍ وَلا اِسْتِظْهَارِ |
وَغَيرُ خَافٍ طُرُقُ التَّرْجِيحِ | [598] | لِتَعلَمَ الْوَاهِيْ مِنَ الصَّحِيحِ |
وَجَرِّدِ الإِخْلاصَ فِي الْمَقَاصِدِ | [599] | ثُمَّ اِستَقِمْ عَلَى السَّبِيلِ القَاصِدِ |
وَلِلرَّسُولِ جَرِّدِ الْمُتَابَعَهْ | [600] | وَالحَقَّ فَاقْبَلْ مَعَ مَن كَانَ مَعَهْ |
وَلَيسَ إِلاَّ للرَّسُولِ العِصْمَهْ | [601] | فَاعْلَمْ وَإِلاَّ لاِجْتِمَاعِ الأُمَّهْ |
مَوقِفُ الإِنْصَافِ فِي مَثَارَاتِ الْخِلافِ
وَحَيثُ قَد أَفضَى بِنَا القَولُ إِلَى | [602] | ذِكرِ الْخِلافِ يَنبَغِي أَنْ نَصِلاَ |
بَحْثاً بِخُلفِ عُلَمَاءِ الأُمَّهْ | [603] | يَبِينُ مِنهُ الْعُذرُ لِلأَئِمَّهْ |
وَالاِتِّباعِ كُلُّهُم يَرُمُوا | [604] | وَمَن يَلُومُهُم هُوَ الْمَلُومُ |
وَلِلْمُصِيبِ مِنهُمُ أَجرَانِ | [605] | وَالأَجرُ إِنْ أَخْطَأَ مَعَ الغُفْرَانِ |
وَلَيسَ تَركُ بَعضِهِم شَيئاً أُثِرْ | [606] | إِلاَّ لأَمْرٍ عِندَهُم بِهِ عُذِرْ |
فَمِنهُ مَا يَرجِعُ لِلْمَنقُولِ | [607] | وَمَا إِلَى مُصطَلَحِ الأُصُولِ |
فَالأَوَّلُ الَّذشي إِلَيهِ لَم يَصِلْ | [608] | أَو عِندَهُ بِصَحَّةٍ لَم يَتَّصِلْ |
أَو شَرطُهُ فِي خَبَرِ العُدُولِ | [609] | أَثقَلُ مِن سِواهُ لِلقَبُولِ |
أَوْ صَحَّ عِندَهُ وَلَكِنْ وَهَلاَ | [610] | أَو ظَنَّ نَسخَهُ بِحُكمٍ قَد تَلاَ |
أَو كَانَ قَد عَارَضَ مَا لا يَقْوَى | [611] | عَلَيهِ أَو فِيهِ اِحتِمالِ الأَقوَى |
وَغَيرُهُ فِي هَذِهِ الأُمُورِ | [612] | خَالَفَهُ فَكَانَ كَالْمَعذُورِ |
وَلا يَسُوغُ عُذرُهُ لِمَن ظَهَرْ | [613] | لَدَيهِ فِي ذَلِكَ بُرهانٌ بَهَرْ |
أَمَّا الَّذِي إِلَى الأُصُولِ يُرْجَعُ | [614] | فَهْوَ إِلَى نَوعَينِ قَد يُنَوَّعُ |
تَأْصِيلُهُ الَّذِي بِهِ يَختَصُّ | [615] | وَالثَّانِ فَهمُ مَا اِقْتَضَاهُ النَّصُّ |
فَأَوَّلٌ : نَحوَ الْخُصُوصِ قُدِّمَا | [616] | عَلَى العُمُومِ ، وَفَرِيقٌ عَمَّمَا |
وَمِثلُهُ الْمُطْلَقُ إِذْ يُقَيَّدُ | [617] | أَطْلَقَهُ قَومٌ وَقَومٌ قَيَّدُوا |
وَنَحوُ مَا قُلْنَاهُ مِن أَسْبَابِ | [618] | يُعلَمُ بِاسْتِقرَاءِ هَذَا البَابِ |
والثَّانِ : خَمسٌ فَاحْوِهَا بالْحِفْضِ | [619] | أَوَّلُهَا : تَرَدُّدٌ فِي اللَّفظِ |
بَينَ العُمُومِ وَالْخُصُوصِ أَو مَا | [620] | عَمَّ خُصُوصاً وَخُصُوص عمَّا |
ثَانِيهِ : الاشْتِراكُ فِي اللَّفظِ وَذَا | [621] | فِي مُفرَدٍ كَـ(القُرْءِ) طُهْراً وَأَذَى |
أَو طَلَبٌ وَفِي الْمُرَكَّبِ اِحْتَمَلْ | [622] | وَمِنهُ الاِسْتِثْناءُ مِن بَعدِ الْجُمَلْ |
وَمَا عَلَى الوَصفِ أَو الحَقِيقَهْ | [623] | يَحْمِلُهُ كُلٌّ عَلَى طَرِيقَهْ |
وَخُلفُ إِعرابٍ وَمَا تَعَارَضَا | [624] | مِن حُجَجٍ عَلِمتُهَافِيمَا مَضَى |
وَالْحَقُّ وَاحِدٌ بِكُلِّ مَسأَلَهْ | [625] | فِي مُجْمَعٍ أَو فِي خِلافٍ فَاقْبَلَهْ |
وَفِي اِخْتِيارِ وَاحِدٍ قَد يَنحَصِرْ | [626] | وَرُبَّمَا أَطرَافُهُ قَدْ تَنتَشِرْ |
وَجَامِعِ الأَطرافِ مِن حَقِّ مُحِقْ | [627] | وَهْوَ الَّذِي لاِسْمِ (الفَقِيهِ) يَستَحِقْ |
وَكُلُّ خُلفٍ لا إِلَى بُرهانِ | [628] | وُجوُدُهُ وَنَفْيُهُ سِيَّانِ |
وَلا يُعَدُّ الْخُلفُ ذُو الوِفَاقِ | [629] | كَمَا الْخِلافُ لَيسَ بِاتِّفَاقِ |
وَبِالفُرُوعِ اِخْتَصَّ خُلفُ الْمُعتَبَرْ | [630] | أَي خُلفُ أَهلِ الاجْتِماعِ وَالأَثَرْ |
أَمَّا أُصُولُ الدِّينِ والإِِيمَانِ | [631] | فَلَيسَ فِيهَا بَينَهُم قَولانِ |
[ الْخَاتِمَةُ ]
وَتَمَّ ذَا النَّظمُ بِحَمدِ البَارِي | [632] | مُوَضَّحاً بِأَقرَبِ اِختِصَارِ |
كَافٍ عَنِ البَسطِ الْمُمِلِّ وَافِ | [633] | يَجمَعُ مَا فُرِّقَ فِي أَطرافِ |
فِي جُمَلٍ قَرِيبَةِ الْمَنَالِ | [634] | مَنظُومَةٌ كَالعِقْدِ مِن لآلِيْ |
مَا شَانَهَا ([43]) مُقَدِّمَاتُ الْمَنطِقِ | [635] | وَلا تَعَقَّدَت بِضَعفِ الْمَنطِقِ |
سَمَّيْتُهَا (وَسِيلَةَ الْحُصُولِ | [636] | إِلَى الْمُهِمَّاتِ مِنَ الأُصُولِ) |
ثُمَّ اِنْتِفاءُ نَقْصِنَا مُحَالُ | [637] | وَجَلَّ وَجْهُ مَنْ لَهُ الْكَمَالُ |
ثُمَّ الصَّلاةُ مِنهُ والسَّلامُ | [638] | مُتَّصِلاً مَا جَرَتِ الأَقْلامُ |
عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ الأَمِينْ | [639] | وَالآلِ ؛ وَالْحَمدُ لِرَبِّ العالَمِيْنْ |
جُملَتُهَا مَشْرِقُ تَارِيخٍ جَرَى | [640] | جَوَازُهَا عَونُ شَكُورٍ غَفَرَا |
(مَشرق) 640 | (ج) 3 (ع) 70 (ش) 300 (غ) 1000 سَنَةُ : 1373 هِجرِيَّةٌ |
وَكَتَبَهُ ابنُ سَالِمٍ
غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلِوالِدَيهِ وأَهلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ
آمِيْن
([1]) فِي طَ : (وَأَيُّ لَفْظٍ اِسْتَعْمَلَتْهُ …) .
([2]) وقَد تَكُونُ : (قَرِيبا أَوْ لِلْوَسَطِ أَوْ بَعُدَا) .
([3]) يَعْنِي - غَفَرَ اللهُ لَهُ - : أَيٌّ المُشَدَّدَة .
([4]) أَيْ التَّعظِيمُ .
([5]) قَالَ فِي (التَّلخِيصِ الحَبِيرِ) : (1658 قولُهُ : رُوِيَ عَن النَّبِيِّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أنَّهُ قالَ : « أنا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمٍ ؛ بِيَدْ أَنِّي مِن قُرَيشٍ … » ويُروَى : « أَنَا أَفصَحُ العَرَبِ بِيَد أَنِّي مِن قِرَيشٍ … » . روى الطَّبَرانِيُّ في الكَبيرِ من حديثِ أَبِي سعيدٍ الخُدَرِي رَفعَهُ : « أنا النَّبِيُّ لا كَذِبْ … » وفِي إسنادِه (مُبَشِّرُ بنُ عُبَيدٍ) وهو متروكٌ . ورَوى ابنُ أبِي الدُّنيا فِي (كِتابِ الْمَطَرِ) وأبو عُبَيدٍ فِي (الغَريبِ) والرَّامهُرمُزي في (الأمثالِ) مِن حديثِ : موسى بنِ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ التَّيمِي عَن أَبِيهِ عَن جَدِّه قالَ : كانوا عِندَ رسولِ الله صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يومٍ [ بِلَفظٍ لَيسَ فيهِ مَحَلُّ الشَّاهِد هُنا ] ) ﻫ مُختَصَراً .
([6]) فِي ط : (وَفِي) .
([7]) أُجْمِلَهْ .
([8]) (وَبَادَرُ الشُّرَّبَ نَثْرَ الْخَمْرِ) .
([9]) في ط : (فُرقَاناً) .
([10]) في ط : (استثنى) .
([11]) فِي ط : (يُقَالُ عَامٌّ بِه الْخُصُوصُ قَدْ) .
([12]) فِي طِ : (أُرِيْدَ ثُمَّ اِخْتَصَّ بِالَّذِي قُصِدْ) .
([13]) فِي ط : (فَحَملُهُ) .
([14]) مِن قَولِهِ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ ﴾ [ سُورَةُ البَقَرَةِ : 282 ] .
([15]) فِي ط : (الْحَرفِ) .
([16]) أَي خَبَرٌ مَعناهُ إِنْشاءٌ كَالأَمر .
([17]) أَيْ : وَلَم يَقَع جَوازُ تَأخِيرِ البَيانِ عَنْ فِعْلِهِ إلاَّ فِي النَّسخِ ؛ فَيَجُوزُ تَأخِيرُ بَيانِ النَّسخِ - دُونَ غَيرِهِ - ؛ بِحَيثُ يَتَعَيَّنُ الأَخْذُ بِالْمَنسُوخِ قَبلَ وُرُودِ النَّاسِخِ .
([18]) فِي ط : (تَشابُهِ) .
([19]) في طَ : (أَوَّلاً) .
([20]) فِي ط : (فَإنْ) بِالفَاءِ .
([21]) فِي ط : (قد) .
([22]) في ط : (يختلفُ) .
([23]) في ط : (فعله) .
([24]) بُدُونِها فِي ط .
([25]) في ط : (منهُ) .
([26]) في ط : (منهُ) .
([27]) في ط : (تلى) .
([28]) في ط : (لاينهما) .
([29]) في ط : (وما) .
([30]) في ط : (شُيوخ) .
([31]) في ط : (يو) .
([32]) في ط : (أوو) .
([33]) في ط : (يضح) .
([34]) في ط : (عَنهُ) .
([35]) لَعَلَّهُ : وَرَدْ .
([36]) في ط : (بانتفاء) .
([37]) في ط : (أوَّلاً) .
([38]) في ط : (ما يضرّان) .
([39]) أَي : الطَّاهِرُ الَّذي شَكَّ فِي الْحَدَثِ .
([40]) فِي ط : (مَا لم فَلِلقِياسِ فِيها) .
([41]) في ط : (أوَّلاً) .
([42]) في ط : الدَّلائل .
([43]) في ط : (شأنها) .