النصيرية: حقيقتها - تاريخها - عقائدها
ترجمات المادة
التصنيفات
الوصف المفصل
النصيرية: حقيقتها - تاريخها - عقائدها
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذه صفحات يلقى من خلالها الضوء على طائفة النصيرية، وذلك من خلال المباحث التالية:
-تعريف النصيرية، وسبب تسميتها بذلك، وأسماؤها الأخرى.
-نشأة النصيرية.
-أشهر رجالات النصيرية.
-عقائد النصيرية.
-العلامات التي يعرف بها النصيريون بعضهم بعضاً.
-اليمين عند النصيرية.
-تعاليم النصيرية.
-أعياد النصيرية.
-كتب النصيرية، ونماذج منها.
-طريقة الدخول في عقيدة النصيرية.
-فرق النصيرية.
-عداء النصيرية للمسلمين.
-حكم الإسلام في النصيرية([1]).
فإلى تلك المباحث، والله المستعان، وعليه التكلان.
تعريف النصيرية، وسبب تسميتها، وأسماؤها الأخرى
أولاً: تعريف النصيرية: هي طائفة باطنية غالية، انبثقت من الشيعة الاثني عشرية في القرن الثالث الهجري على يد رجلٍ يُقال له: محمد بن نصير.
ثانياً: سبب التسمية([2]): سميت النصيرية بهذا الاسم نسبة إلى محمد بن نصير النميري الفارسي الأصل الذي عاش في القرن الثالث الهجري؛ فهو الذي أسس المذهب، ودعا إليه، ونظَّم شؤونه.
ثالثاً: أسماء النصيرية الأخرى([3]): يُطلق على النُصيرية أسماء أخرى منها:
1_ النميرية: نسبة إلى محمد بن نصير النميري؛ حيث قيل: إنه مولى من موالي بني نمير؛ فنُسب إليهم([4]).
2_ المعنوية: لأنهم يقولون في علي بن أبي طالب ÷: إنه هو المعنى، أي الإله؛ فالمعنى رمز للألوهية المجردة عندهم؛ فيُقرون بأنه الإمام في الظاهر، والإله في الباطن([5]).
3_ العلويون أو العلوية: نسبة إلى تأليههم عليَّ بن أبي طالب ÷.
وهم يحبِّذون هذه التسمية، وقد قيل: إن الفرنسيين أثناء احتلالهم لسوريا عام 1920م أطلقوا عليهم هذا الاسم إما للتمويه وستر حقيقتهم، أو لاستمالتهم، ومكافأتهم، وحفزهم على مزيد من موالاتهم([6]).
4_ العلي إلهية: نسبة إلى قولهم بألوهية علي بن أبي طالب ÷.
5_ المؤمنون وأهل التوحيد: فهم يُطلقون على أنفسهم هذا الاسم([7]).
6_ الحشاشون: فقد عرفوا في التاريخ بذلك الاسم؛ لأن كبراءهم كانوا يستهوون مريديهم بالتخدير بالحشيش([8]).
ويبدو أن هذه التسمية ليست خاصة بالنصيرية فحسب، بل تشمل بعض طوائف الباطنية.
هذه _ بإيجاز _ أسماء النصيرية.
ولعل أكثر هذه الأسماء شهرة هي النصيرية، والعلوية أو العلويون.
نشأة النصيرية
النصيرية _ كما مر _ فرقة باطنية غالية، انبثقت من الشيعة الإمامية الاثني عشرية، وخرجت عنها.
وتكاد المصادر التي تناولت النصيرية بالدراسة والبحث تجمع على أن النصيرية نشأت في القرن الثالث الهجري على يد مؤسسها محمد بن نصير النميري الفارسي الأصل؛ فصارت فيما بعد تُنسب إليه.
هذه هي نشأة النصيرية بإجمال.
أما بسط ذلك فيحتاج إلى نظرة في مسألة الإمامة والغَيبة عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية، ثم يُتوصل من خلال ذلك إلى كيفية انبثاق النُّصيرية منها.
وبيان ذلك أن يُقال: إن الشيعة سُميت بالإمامية الاثني عشرية؛ لأنهم يرون أن الإمامة ركن من أركان الدين، وأن من لا يقر بها لا إيمان له، وأن الإمامة منصب إلهي كالنبوة، وأنها ثبتت لعلي ÷ بعد النبي " وأن الإمامة منصوص عليها من الله _ عز وجل _ وأن الأئمة معصومون، وأن الأئمة محصورون باثني عشر إماماً، وهم:
1_ علي بن أبي طالب÷ ولد قبل البعثة بعشر سنوات، واستشهد سنة أربعين.
2_ الحسن بن علي (الزكي) ( 3 _50هـ) .
3_ الحسين بن علي (سيد الشهداء) (4 _61هـ).
4_ أبو محمد علي بن الحسن (زين العابدين) (38 _95 هـ).
5_ أبو جعفر محمد بن علي (الباقر) (57_114 هـ).
6_ أبو عبدالله جعفر بن محمد (الصادق) (83 _ 148 هـ).
7_ أبو إبراهيم موسى بن جعفر (الكاظم) (128_183هـ).
8_ أبو الحسن علي بن موسى (الرضا) (148_202 أو 203 هـ).
9_ أبو جعفر محمد بن علي (الجواد) (195_220 هـ).
10_ أبو الحسن علي بن محمد (الهادي) (212_254هـ).
11_ أبو محمد الحسن بن علي (العسكري) (232_260هـ).
12_ أبو القاسم محمد بن الحسن (المهدي).
ولكن هل استمرت على النحو الذي ذكروه، وهل سارت في طريقها الذي زعموه؟
الجواب لا؛ لأن إمامهم الحادي عشر _ الحسن العسكري _ توفي سنة 260هـ بلا عقب، كما قاله كبار المؤرخين، واعترفت به كتب الشيعة بأنه لم يُرَ له خلف، ولم يعرف له ولد ظاهر؛ فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر وأمه.
ولقد تحير الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري بلا ولد، وتفرقوا _ فيمن يخلفه _ فرقاً شتى، بلغت _ كما قال المسعودي _ عشرين فرقة، أو خمس عشرة فرقة _كما يقول القمي_([9]).
=حتى إن بعضهم قال: إن الإمامة انقطعت، وكاد أن يكون موت الحسن بلا عقب نهاية للشيعة والتشيع؛ حيث سقط عموده وهو الإمام+([10]).
إلا أن فكرة الغيبة _ غيبة الإمام _ وهي عقيدة يهودية([11]) _ =كانت هي القاعدة التي قام عليها كيان الشيعة بعد التصدع، وأمسكت ببنيانه عن الانهيار؛ ولهذا أصبح الإيمان بغيبة ابن الحسن العسكري هي المحور الذي تدور عليه عقائدهم، ودان بها أكثر الشيعة بعد تخبط واضطراب؛ فلم يكن لهم من ملجأ إلا ذلك+([12]).
ومن هنا ادعوا أن للحسن العسكري ولداً، وقالوا: =إنه غاب عن الأعين، وله غيبتان: الغيبة الصغرى، والغيبة الكبرى.
كما كذبوا على جعفر أنه قال: للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة، والأخرى طويلة، والغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه+([13]).
ولقد اضطربت الشيعة في مسألة غيبة الإمام؛ فهي =في أركان المذهب الشيعي من المسائل التي حيرت كثيراً من الشيعة؛ لشكهم في أمره، وطول غيبته، وانقطاع أخباره+([14]).
ولعل هذا الاضطراب في مسألة غيبة الإمام يرجع إلى أن الأسباب التي يذكرها الشيعة عِلَّةً لغيبته لا يقتنع بها عاقل؛ فالشيعة يعللون سبب غيبته بأنه يخاف القتل، مع أنهم يقولون: بأن الأئمة يعلمون متى يموتون، ولا يموتون إلا باختيار منهم؛ فكيف يحتجب خوفاً، وأمر الموت بيده؟! ([15]).
أما مكانه الذي غاب فيه فيزعمون أنه في سرداب سامراء؛ حيث دخل فيه وسيخرج منه في آخر الزمان.
ويرون أنه حي غائب منتظر، وسيعود ليملأ الأرض عدلاً ومعروفاً كما مُلئت جوراً وطغياناً.
وبعد أن شاعت تلك العقيدة _ أي عقيدة الغَيْبَة _ خرج مجموعة من غلاة الشيعة كلٌّ يدَّعي أنه الواسطة بين هذا الإمام الغائب في السرداب _ في زعمهم _ وبين الشيعة.
ومن هؤلاء محمد بن نصير الذي سُمي أتباعه فيما بعد بالنصيرية.
ومنذ ذلك الوقت نشأت النصيرية كما نشأت طوائف أخرى كل طائفة اتَّبعت أحد هؤلاء النواب، وأنكرت ما سواه؛ لذلك فإن النصيرية يقولون: إن محمد ابن نصير هو باب الله الذي لم يتَّخذ باباً غيره، وهو بعد غيبة الاسم _ محمد ابن الحسن العسكري _ أصبح هو الاسم _ أي النبي _ فالاسم شخصان: هما المهدي صاحب الزمان، والسيد أبو شعيب محمد بن نصير([16]).
وبعد ذلك تطورت النصيرية، وغلا ابن نصير في علي ÷، وقال بالتناسخ، وادعى النبوة، وقال بالإباحية كإباحة نكاح المحارم، ونكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم، زعماً منه أن ذلك من التواضع والتذلل في المفعول به، وأنه من الفاعل والمفعول به إحدى الشهوات والطيبات؛ وأن الله لم يُحرِّم شيئاً من ذلك([17]).
وهكذا نشأت النُصيرية، وتطوَّرت، إلى أن صارت على ما هي عليه من الباطل، والخرافة _ كما سيتبين خلال المباحث التالية _.
أشهر رجالات النُصيرية ([18])
1_ محمد بن نصير: فقد اتفقت الغالبية العظمى من المصادر على أن المؤسس الحقيقي لهذا المذهب هو محمد بن نصير بن بكر النميري.
ويُكنى بأبي شعيب من بني نمير، وهو فارسي من خوزستان.
وكان معاصراً لاثنين من أئمة الشيعة، وهم: علي الهادي الإمام العاشر 214_254، والحسن العسكري الإمام الحادي عشر 230_260هـ.
وكان من أنصار الإمام الحادي عشر، ثم انحرف عنه، ووضع لنفسه ولجماعته مذهبه في الغلو؛ فقيل: إنه ادَّعى النبوة، والرسالة، وغلا في حق الأئمة؛ إذ نسبهم إلى الألوهية.
وقيل: إنه كان إباحياً قد اشتهر بالخلاعة والفجور.
وكانت وفاته سنة 270هـ.
2_ محمد بن جندب: وهو الذي خلف ابن نصير، ولا تكاد المصادر تذكر عنه إلا أنه كان من بلاد فارس.
3_ الجنبلاني: هو أبو محمد عبدالله بن محمد الجنان من بلاد جنبلا بفارس.
وقد اشتهر بـ: العابد، والزاهد، والفارس.
وقد أجمعت المصادر على أنه ترك بلدته جنبلا، وسافر إلى مصر، وعرض دعوته على الخصيبي، وتمكن من استمالته وجعله يعتنق المذهب النصيري.
وكان الجنبلاني قد ترأس المذهب النصيري في المدة ما بين سنة 235_287هـ.
ومن هنا نلاحظ أن المؤسسين الأوائل لهذا المذهب كانوا من الفرس.
4_ الحسين بن حمدان الخصيبي: فبعد وفاة الجنبلاني تولى زعامة النصيرية تلميذه الخصيبي المولود في مصر سنة 260هـ.
وبعد وفاة الجنبلاني أصبح الخصيبي هو المرجع الأعلى للمذهب النصيري، حيث جعل مقره مدينة بغداد، وأخذ يتجول بين الأتباع، ثم استقرَّ أخيراً في شمال مدينة حلب السورية؛ حيث توفي بها سنة 346، وقيل: سنة 358هـ.
ويُعد الخصيبي واحداً من أكثر زعماء النصيرية حجية في الديانة؛ فهو الشارح، وهو المرسِّخ للمذهب، وإليه يُنسب الشكل النهائي للعقيدة، والصلوات، والأدعية النصيرية، وما إلى ذلك.
وقد ساعده عمره الطويل حيث عاش 260_358هـ، وذكاؤه وقدرته على التأليف في المذهب والتطوير فيه حتى كان يُلقب بـ: شيخ الدين.
5_ شخصيات نصيرية أخرى: هناك شخصيات أخرى أقل ممن ذُكروا، ومنهم محمد علي الجلي، وعلي الجسري، ومنهم سليمان أفندي الأَذَنِي صاحب كتاب الباكورة السليمانية الذي تلقى التعاليم على أيدي النصيرية، ثم تنصر على يد أحد المبشرين، وهرب إلى بيروت، وكشف أسرار الديانة النصيرية؛ فاستدرجوه حتى رجع، فوثبوا عليه، وخنقوه، وأحرقوا جثته.
وكتابه المذكور يكاد يكون مفقوداً، وسترى نقولاً كثيرة منه في الصفحات التالية.
ومن رجالات النصيرية سليمان الأحمد، وسليمان المرشد.
عقائد النصيرية
عقائد النصيرية خليط من عقائد شتى، فهي تتألف من عقائد شيعية، ومجوسية، ونصرانية تدور حول الحلول، والاتحاد، والقول بالتناسخ، والتأويل الباطني.
وفيما يلي بيان لشيء من تلك العقائد:
1_ القول بألوهية علي بن أبي طالب ÷: فالعقيدة الأساسية عند النصيريين هي تأليه علي ÷ فيزعمون أن علياً إله، أو حلت فيه الألوهية.
وهم _ كذلك _ يؤلفون ثالوثاً من علي ومحمد " وسلمان الفارسي، ويتخذون من ذلك شعاراً يتكون من الحروف الثلاثة (ع _ م _ س).
وهذا الثالوث يفسر عندهم بـ (المعنى والاسم والباب).
فالمعنى: هو الغيب المطلق، أي الله الذي يرمز إليه بحرف (ع).
والاسم: هو صورة المعنى الظاهر، ويرمز إليه بحرف (م).
والباب: هو طريق الوصول للمعنى، ويرمز إليه بحرف (س)([19]).
ويزعم النصيريون =أن مسكنَ عليٍّ السحابُ، وإذا مر بهم السحاب قالوا: السلام عليك يا أبا الحسن.
ويقولون: إن الرعد صوته، والبرق سوطه، وهم من أجل ذلك يعظمون السحاب+([20]).
=ومنهم من يعتقد أن علياً حالٌّ في القمر+([21]).
ويعتقد النصيرية =أن علي بن أبي طالب قد خلق محمداً، ومحمد قد خلق سلمان الفارسي، وسلمان قد خلق المقداد، والمقداد قد خلق الناس، ولذلك يدعونه رب الناس+([22]).
والنصيريون متناقضون =فهم تارة يجعلون علياً إلهاً، وتارةً أخرى يجعلونه شريكاً لمحمد " في الرسالة+([23] ).
=مع أن بعض النصيرية مثل الكلازية لا تقول بربوبية محمد " لأنه في نظرهم لايجوز أن ننسب الربوبية تارة لعلي، وتارة لمحمد.
ولكن الفريق الآخر وهم الشمالية يجيب أن محمداً وعلياً متصلان بعضهما ببعض وليسا منفصلين، وأن الغاية الكبرى هي علي، وأن محمداً _أيضاً_ خالق ولو اعتقدنا بربوبيته فلا نخطئ؛ لأن اعتقادنا واعتقادكم بالثالوث واحد+([24]).
2_ تناسخ الأرواح: يعد القول بالتناسخ =من الدعائم الرئيسة والأركان المهمة في المذهب النصيري، فهذا عندهم بديل البعث والقيامة+([25]).
فالنصيرية تؤمن بتناسخ الأرواح =وأن الأرواح عندما تفارق الجسم بالموت تتقمص ثوباً آخر، وهذا الثوب يكون على حسب إيمان هذا الشخص بديانتهم أو كفره بها.
وعلى هذا فهم يرون أن الثواب والعقاب ليسا في الجنة والنار، وإنما في هذه الدنيا+([26]).
ويعتقدون أن المؤمن بديانتهم =يتحول عندهم سبع مرات قبل أن ياخذ مكانه بين النجوم+([27]).
ومن هنا فإنهم يزعمون أن جميع ما في السماء من الكواكب فهي أنفس المؤمنين الصالحين منهم.
ومن هنا _ أيضاً _ فإنهم يلقبون علي بن أبي طالب بأمير النحل: أي أمير المؤمنين، أو أمير الكواكب والنجوم التي هي أرواح المؤمنين الصالحين+([28]).
وأما الأرواح الشريرة فيعتقد النصيريون أنها تحل بالحيوانات النجسة كالكلاب، والذئاب، والخنازير، والقرود، وبنات آوى.
وقد تمسخ هذه الأرواح الشريرة في صور جامدة من معدن وحجر مثلاً، فَتُذاقُ بذلك حر الحديد، والحجر، وبرْدَه؛ فالجبال في معتقدهم: الجبابرة، والطواغيت الذين ظلموا أهل الحق الذين هم في زعمهم النصيرية.
وهناك نوع من أنواع التناسخ والتقمص عندهم وهو اعتقادهم بأن مرتكب الآثام منهم يعود إلى الدنيا بالتناسخ يهودياً، أو نصرانياً، أو مسلماً سنياً.
ويعتقدون _ أيضاً _ بأن الإنسان إذا ارتقى في كفره، وعتوه، وتمرده، وتناهى في ضلاله _ صار إبليساً على الحقيقة لا على سبيل التشبيه والمجاز.
وبناءاً على هذا فإنهم يحكمون على كل من هو ليس بنصيري بأنه إبليس، وقد تدثر بقمصان الآدمية والبشرية([29]).
يقول صاحب الباكورة سليمان الأذني([30]): =إن النصيرية كافةً تعتقد بأن شرفاء المسلمين الراسخين في العلم إذا ماتوا تَحُلُّ أرواحهم في هياكل الحمير، وعلماء النصارى في أجسام الخنازير، وعلماء اليهود في هياكل القرود، وأما الأشرار من طايفتهم تَحُلُّ أرواحهم في المواشي التي توكل، ولكن الخاصة المشكون في الديانة فبعد موتهم يصيرون قروداً، والممتزجون إما ذو الخير والشر يتقمصون إلى هياكل بشرية عند الطوايف الخارجة عنهم+([31]).
ولاشك أن هذا الاعتقاد الباطل _ وهو القول بالتناسخ بكل صوره _ يهدم ركناً من أركان الإيمان، وهو الإيمان باليوم الآخر بما فيه من حساب، وعقاب، وجنة، ونار، وغير ذلك من أمور الآخرة.
وعدم الإيمان باليوم الآخر كفر مخرج عن الإسلام، وقد تظاهرت الآيات على ذلك كما في قوله _تعالى_: [وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً] (النساء:136).
3_ معاداة الصحابة: فالنصيريون يقفون من الصحابة _ باستثناء الذين يقدسونهم _ موقف العداء والحقد =باعتبارهم أبالسة ظالمين لعلي _ وخاصة أبا بكر وعمر وعثمان _ فيصبون عليهم اللعنات والشتائم+([32]).
ذلك لأنهم يرون أنهم تعدوا على علي، واغتصبوا الخلافة منه؛ لذلك فهم =يبغضون هؤلاء الثلاثة بغضاً شديداً، ويلعنونهم، ويسبونهم بأقسى وأقذع ألفاظ وأساليب اللعن والسباب+ ([33]).
=ولهم في الطعن على أبي بكر وعمر _رضي الله عنهما_ هيام خاص حيث يزعمون أنهما رجسان ملعونان، وهما الجبت والطاغوت، وهما فرعون هذه الأمة وهامانها، وهما أشد أهل النفاق نفاقاً وعداءاً للنبي "، وضرراً للإسلام.
ويزعمون أن أبا بكر هو أب لكل الشرور، وأنه لم يسمَّ صديقاً إلا بعد أن شاهد من النبي " في الغار معجزات أدهشته وحيرته، فأضمر في قلبه: الآن صدَّقتُ يا محمد أنك ساحر عظيم+([34]).
ومن شدة حقدهم على عمر ÷ أنهم يحتفلون بعيد مقتله ويسمونه (يوم مقتل دلام _لعنه الله_).
وهذا اليوم هو اليوم التاسع من ربيع الأول من كل سنة.
ثم إن الجهاد عند النصيرية هو ذكر الشتائم على أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة([35]).
وينقل صاحب الباكورة السليمانية أنه روى عن محمد بن نصير أنه قال: =من أراد النجاة من حر النيران فليقل: اللهم العن فيئة أسست الظلم والطغيان الذين هم التسعة رهط المفسدين الذين أفسدوا وما أصلحوا بالدين الذين هم إلى جهنم سايرين، وإليها صالين، أولهم أبو بكر اللعين، وعمر بن الخطاب الضد الأثيم، وعثمان بن عفان الشيطان الرجيم، وطلحة، وسعد، وسعيد، وخالد ابن الوليد صاحب العمود الحديد، ومعاوية وابنه يزيد، والحجاج بن يوسف الثقفي النكيد، وعبد الملك بن مروان البليد، وهارون الرشيد، خلد عليهم اللعنة تخليد ليوم الوعيد يوم يقال لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد، ثم إنك يا علي بن أبي طالب تفعل ما تشاء وتحكم بما تريد+([36]).
هذا هو موقف النصيرية ممن نشروا الإسلام في أصقاع المعمورة ومن الذين زكاهم الله في كتابه العزيز في آي كثير منها [مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ](الفتح:29).
وقال فيهم الرسول ": =خير الناس قرني ثم الذين يلونهم+([37]).
ولكن إذا عرف السبب بطل العجب؛ فهؤلاء لم تقم ديانتهم إلا على تعطيل الشريعة، وترك العمل بها، ووجدوا أن الطعن في الصحابة منفذ لذلك.
4_ تعظيم ابن ملجم: ففي مقابل بغض النصيرية للصحابة _رضي الله عنهم_ نجد أنهم يعظمون ويحبون عبد الرحمن بن ملجم _قاتل علي بن أبي طالب ÷_ وتعده النصيرية =أفضل الناس؛ لأنه خلص اللاهوت من الناسوت بقتله، وبذلك تخلص اللاهوت من ظلمة الجسد وكدره+([38]).
ومن هنا فإنهم يُخطِّئون من يلعنه أو يذكره بسوء، فيا لها من مفارقات عجيبة ومتناقضات غريبة! تلك التي يعتقد بها النصيريون أنهم يحبون، ويكرهون، ويمدحون، ويقدحون، ويحاربون، ويسالمون بحسب تقلبات أهوائهم، ورغباتهم، ونزواتهم دون وازع من عقل، أو منطق، أو حتى دين([39]).
5_ تعظيمهم للخمر: فللخمر عند النصيرية مكانة خاصة، وهي في نظرهم =مقدسة أيما تقديس؛ لأنها تُقدم بسر النقباء والنجباء خلال دخول الجاهل في أسرار عقيدتهم؛ لذلك يطلقون عليها اسم عبد النور باعتبار أن الخمر خلق من شجرة النور وهي العنب+([40]).
=وهي شعيرة مهمة ومقدسة في حياة كل النصيريين؛ فهي ركن مهم من أركان قدَّاساتهم، وأعيادهم، وحفلاتهم+([41]).
ولذلك يكثر ذكرها في أشعارهم ومن ذلك =شعر الشيخ إبراهيم الطوسي يمدح به الست زينب:
اسقياني أحبتي واطرباني | في هوى زينب زين المعاني | |
اسقياني من الصبوح رحيقاً | عنقت في دنانها الإرجواني([42]) |
ومن ذلك _ أيضاً _ قول الشيخ محمد بن كلازو يمدح الخمر:
يا خليلي أن تكون عليلا | ظامي القلب والفؤاد غليلا | |
اشرب الخمر إن فيه شفاء | حيث كان مزاجها زنجبيلا | |
وإذا ما شربتها وهي صِرْفٌ | فكل داء يعود عنك رحيلا | |
وإنها في كؤوسها تتلالا | في الدياجي كأنها قنديلا | |
إن موسى الكليم حين رآها | في دجا الليل والركام هطيلا | |
قال إني آنست جذوة نار | جانب الطور في ضياء شعيلا |
إلى أن يقول:
ثم نوح النبي لما طغى الماء | شربها فنال خيرا منيلا | |
وكذا السيد الرسول احتساها | حين أُلْقِيْ عليه قولاً ثقيلا | |
قال يا أيها المزمل قم في الـ | ليل طوعاً ورتل الترتيلا | |
ناشية الليل أشد وطأ | وهي للعارفين أقوم قيلا([43]) |
ومن ذلك قول =إبراهيم شيخ العيدية من سلالة الشيخ يوسف أبي ترخان:
نديمي هات لي الزين من العلكوم يا عيني | أنا وإياك نتمشى إلى دير الرهابين | |
ننادي راهب الرهبان هات الخمر واسقيني | ونلقي هذه الأحزان في حكم الملاعين+ ([44]) |
وهكذا تحتل الخمر عندهم هذه المكانة، بل إنهم يزعمون أن الله =حللها لهم بصفتهم أولياء الله الذين آمنوا به وعرفوه بشخص: علي، وحرمها على الجاحدين لله المنكرين له _ أي الذين لم يؤمنوا بعلي _ فهي نوع من الأغلال والآصار وضعت عليهم؛ لعدم إيمانهم بعلي+([45]).
وما تقديسهم للخمر واستحلالهم لها إلا امتداد لتلك العقائد الباطلة التي يهدف من ورائها إلى تعطيل الشريعة واستحلال المحرمات.
ولذا نجد =تسمية بعض صلواتهم بـ (القدَّاس) إنما يعود إلى تقديسهم للخمر؛ لأن القداس في اعتقادهم هو تقديس الشراب، وشربه بسر النقباء والنجباء+([46]).
6_ احتقار المرأة: فالنصيريون يحتقرون المرأة =فهي في نظرهم نوع من أنواع المسخ الذي يصيب غير المؤمن؛ فهي كالحيوان؛ لأنها مجردة عن وجود النفس الناطقة؛ لذلك فهم يعتقدون أن نفوس النساء تموت بموت أجسادهن؛ لعدم وجود أرواح خاصة بهن+([47]).
وبناء على ذلك =فإن النصيريين لا يُعَلِّمون نسائهم صلوات، ويحرمونهن من ممارسة شعائر الديانة، وطقوسها+([48]).
=والمرأة النصيرية لاحق لها في الميراث من والدها لاسيما إذا كان لها إخوة ذكور، ولكن من الممكن أحياناً أن يعطى لها جزءٌ يسيرٌ جداً من التركة على سبيل المساعدة.
وعند الزواج قد تعطى البنت بديلة _ أي أن والدها يزوجها من رجل لقاء أخذ أخته أو بنته لنفسه أو لولده _.
وفي هذه الحالة لا تستفيد البنت من مهرها ألبته؛ لأنها غدت سلعة تجارية للمقايضة+([49]).
7_ إباحية نكاح المحارم: فالنصيريون لا يحرمون نكاح المحارم، بل إنهم يقولون بشيوعية النساء، وقد قال عنهم القلشندي: =وهي طائفة ملعونة، مرذولة، مجوسية المعتقد، لا تحرم البنات، ولا الأخوات، ولا الأمهات، قال: ويحكى عنهم في هذا حكايات+([50]).
ولما كانت المرأة محتقرة عندهم فإنهم =يستبيحون الزنا بنساء بعضهم بعضاً، لأن المرأة _ بزعمهم _ لا يكمل إيمانها إلا بإباحة فرجها لأخيها المؤمن، وفي ذلك اشترطوا أن لا يباح ذلك للأجنبي، ولا لمن هو ليس داخلاً في دينهم.
وهذا يفسر لنا ظاهرة كون المرأة جزءاً من الضيافة المقدمة عند الدخول في أسرار العقيدة، وكذلك الإباحية المطلقة التي تظهر خلال أعيادهم الكثيرة كالنوروز، والميلاد، وغيرهما؛ حيث تدار كؤوس الخمرة، ويختلط الحابل بالنابل من نساء ورجال+([51]).
والنصيرية يسمون تقديم النساء للضيف إذا كان من أهل المذهب: الفرض اللازم، والحق الواجب.
يقول صاحب الباكورة السليمانية سليمان الأذني في معرض حوار له مع أحد مرشدي النصيرية، يقول: إنه قال له: =والفرض اللازم، والحق الواجب يجوز لك تقديمُه.
ثم بعد أيام قليلة سافرتُ إلى مدينة أنطاكية إلى قرية اسمها وادي الجرب، فصادفت شيخاً من الخاصة، وأضافني عنده، ولما أقبل الليل فرشوا لي فراشاً في موضع غرفةٍ خالية فلما كانت نحو الساعة الثانية وإذا بطارق يطرق الباب، ففتحته وإذا بامرأة دخلت إليَّ، وغلقت الباب، واضطجعت بجانبي وأنا متحيِّر منها ما أعلم ماذا كان غرضها، ثم بعد قليل جعلت تحادثني وقالت: أما تقبل الفرض اللازم، والحق الواجب؟
حينئذٍ جالت في عقلي كلمة الإمام المرشد، وعرفت أن الفرض اللازم والحق الواجب هو تقديم نسائهم لبعضهم.
وفي اليوم التالي كنت أفتكر في نفسي وأقول: إني خاطب بنت إمامهم، وكلما أتاني شيخ منهم فأنا ملتزم أن أقدمها لهُ حسب الفرض اللازم والحق الواجب؛ فهذا أمر عسير جداً، ولا أستطيع قبوله أبداً+([52]).
ومن الطبيعي _ أيضاً _ أن ترجعنا هذه العقائد لأقوال المؤرخين عن إباحة المحارم والنساء التي نادى بها ابن نصير في بداية دعوته، وكذلك إباحته لنكاح الرجال بعضهم بعضاً لأن هذا نوع من التذلل+([53]).
واستباحة المحارم والإباحية المطلقة معروف عند الباطنية عموماً كالحشاشين =تلامذة الحسن ابن الصباح الذي كان يُخدِّر تابعيه، ويدخلهم إلى جنات ملأى بالنساء؛ ليفرض عليهم ما يريد.
وكذلك القرامطة الذين كان لهم يوم يجتمعون فيه في مكان مظلم رجالاً ونساء، فينكح الرجل أخته، أو أمه، أو أي امرأة تقع في يده+([54]).
ولذلك نجد الشاعر علي بن الفضل القرمطي قال قصيدة على منبر الجامع تقطر إباحية وفساداً وتعطيلاً للشريعة ومنها:
خذي الدف يا هذه واضربي | وغني هزازيك ثم اطربي | |
تولَّى نبي بني هاشم | وهذا نبيُّ بني يعرب | |
لكل نبي مضى شرعه | وهذي شريعة هذا النبي | |
فقد حط عنا فروض الصلاة | وفرض الصيام فلم نتعب | |
إذا الناس صلوا فلا تنهضي | وإن صوموا فكلي واشربي | |
ولا تطلبي السعي عند الصفا | ولا زورة القبر في يثرب | |
ولا تمنعي نفسك المعرسين | من الأقربين أو الأجنبي | |
بماذا حللت لهذا الغريب | وصرت محرمة للأب | |
أليس الفراس لمن ربه | وأسقاه في الزمن المجدب | |
وما الخمر إلا كماء السماء | أبيحت فقدست من مذهب([55]) |
8_ التقية: فهم يتسترون، ويخفون مذهبهم عن غير أهل ملتهم، ويتظاهرون أمام الناس بغير ما يبطنون.
يقول سليمان الأذني صاحب الباكورة: =وأنهم يتظاهرون في جميع الطوايف وإذ لقوا المسلمين يحلفون لهم ويقولون: نحن مثلكم نصوم ونصلي؛ فالصوم يوجهونه على الرضاعة، وإذا دخلوا المسجد مع المسلمين فلا يتلون من الصلاة شيئاً بل يخفضون ويرفعون مثلهم، ويشتمون أبا بكر وعمر وعثمان وغيرهم، ويسمون التظاهر في الطوايف بمَثَلٍ وهو قولهم: إننا نحن الجسد وباقي الطوايف هم لباسٌ؛ فأي نوع يلبس الإنسان لا يضرُّه، ومن لا يتظاهر هكذا فهو مجنون؛ لأنه ليس عاقل يمشي عرياناً في السوق لكني أوضع علامة يُعرف بها المراءي، وهي متى قال: إني بريءٌ من أن أعبد عليّ بن أبي طالب فحينئذٍ يعرف أنه جحد معتقده؛ فلا يمكنه أن يقول هذه الكلمة إلا إن ترك ديانته، أو متى ما باح بصلاته فقد خرج من مذهبه، لأنه هكذا يقول سيدهم الخصيبي: من باح بشهادتنا فحرمت عليه جنَّتنا، وإن قال لكم أحدٌ بيحوا وتبرَّأوا فعجَّلوا بمد أعناقكم+([56]).
ويقول صاحب الباكورة في معرض مجادلة لهم: = وصرت أجادلهم، وقلت لهم: إن هذه الديانة مضادة للقرآن؛ لأن القرآن يقول [إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ].
فإن تكن ديانتكم هذه هدى فلماذا تكتمونها وتتجاسرون على احتمال هذه اللعنة، ثم اعلموا _ أيضاً _ أن كل إلهٍ يأمر بكتمان عبادته عن الناس لا يكون ذلك إلا لإحدى غايتين: إما أنه يخاف من إله غيره، ويخشى قصاصه، أو أنه يكون غشاشاً، وهذا لا يليق بخالق الناس أن يخاف خليقته، أو أن يغشهم حاشا الإله العادل أن يشرع هذه الشريعة الفاسدة.
ومن هذه لا يقتضي أن يعذب الذين لا يؤمنون به وإن عذبهم يكون إلهاً ظالماً ما أغلظ هذا الكفر العظيم الذي تكاد السموات والأرض تتزعزع منه+([57]).
9_ التأويل الباطني: التأويل الباطني، أو القول بأن نصوص الشرع لها ظاهر، وباطن هو أحد مرتكزات العقيدة النصيرية، ويزعم النصيرية أنهم وحدهم هم العالمون ببواطن الأسرار والأمور.
وفي اعتقاد النصيرية أن معرفة المراتب ظاهراً وباطناً هو ذروة العبادة، وتُغْنيهم عن الفروض والعبادات؛ لأنها في نظرهم أغلال للجاهلين والمقصِّرين([58]).
فالنصيريون يرون أن =من عرف الباطن سقط عنه عمل الظاهر، وخرج من حد المملوكية ورق العبودية إلى حد الحرية+([59]).
ومن هذا المنطلق ذهب النصيريون إلى تأويل العبادات كلها تأويلاً بعيداً عن فهم العقل، ومنطق اللغة، ومنهج الدين.
_ وإليك بعض تأويلاتهم:
أ_ الشهادة: التي هي أول ركن من أركان الإسلام ماهي عند النصيرية؟
=هي أن تشير إلى صيغة (ع _ م _ س) التي هي رموز لـ (علي بن أبي طالب÷، ومحمد "، وسلمان الفارسي ÷ على الترتيب+([60]).
ب _ الصلاة: التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عمود الدين ما هي عند النصيرية؟
=يزعمون _إجمالاً_ أنها معرفة النصيريين بأسرار دينهم، وهذا لا يكون إلا بالولاء لخمسة أشخاص هم: علي، ومحمد، والحسن، والحسين، وفاطمة التي يدعونها بـ فاطر، وهؤلاء الخمسة معروفون في المذهب النصيري بنعت _ الخمسة المصطفون _ أو يُذكرون بدلاً من محمد مُحسناً+([61]).
ج _ الصيام: الصيام المفروض عندهم هو كتمان أسرارهم، وهو _ أيضاً _ حفظ السر المتعلق بثلاثين رجلاً تمثلهم أيام رمضان، وثلاثين امرأة تمثلهن ليالي رمضان؛ فمعرفة هذه الأسماء الستين وتلاوتها يُجْزيهم عن الصيام([62] ).
د _ الزكاة: أما الزكاة عندهم فهي رمز لسلمان الفارسي؛ فمجرد ذكر سلمان الفارسي يغني عن دفع الزكاة([63]).
هـ _ الحج: أما الحج فيزعمون أن جميع مناسكه وشعائره ما هي إلا رموز لأشخاص معينة، وما الحج عندهم إلا مجرد التوصل إلى معرفة الأشخاص بأسمائهم([64]).
يقول سليمان الأذني صاحب الباكورة السليمانية في تفسير السورة الرابعة عشرة واسمها البيت المعمور =اعلم أن هذه السورة قد رتبها سلفاؤهم بإقامة الحج وهو أن البيت المأمور في القرآن زيارته، وأركان البيت وسقفه وحيطانه هو كناية عن معرفة أولئك الأشخاص كقول الشيخ إبراهيم الطوسي في عينيته:
أيا قلب بيت الله وهو حجابه | وأما الصفي المقداد للضد قامع | |
ومروة مذكور أبو الدر شخصها | شعايره سلسل إلى الذات خاضع | |
وعتباته الحآت أيا قلب شخصها | وحلقة باب البيت جعفر طالع |
البيت هو: الحجاب السيد الميم، والصفي هو: المقداد، والعتبتان هما: الحسن والحسين، وحلقة الباب هي: معرفة جعفر الصادق، والمروة: معرفة أبي الدر، والمشعر الحرام: معرفة سلمان الفارسي، ويوجد ذلك مصرحاً في أكثر كتبهم، ومعرفة هؤلاء الأشخاص هو نهاية حجهم ومعنى معرفتهم.
وأما سعي المسلمين إلى مكة فهو باطل عندهم ومذموم كما قال بعض شيوخهم في هذا المعنى:
ولقد لعنت لمن يحرم شربها | وجميع أهل الشام والحجاج([65]) |
و_ الجهاد: أما الجهاد عند النصيرية فهو على نوعين ذكرها صاحب الباكورة السليمانية =أولها الشتائم على أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، وعلى جميع الطوائف المعتقدين بأن علي بن أبي طالب أو الأنبياء، أكلوا، أو شربوا، أو تزوجوا، أو ولدوا من نسائهم؛ لأن النصيرية يعتقدون بأنهم نزلوا من السماء بدون أجسام، وأن الأجسام التي كانوا فيها إنما هي أشياء، وليست هي بالحقيقة أجسام.
والنوع الثاني إخفاء مذهبهم عن غيرهم، ولا يظهرونه ولو أصبحوا في أعظم خطر، ولو خطر الموت+([66]).
ز_ الجنابة: =هي موالاة الأضداد والخصوم، والجهل بالعلم الباطني+([67]).
ح _ الطهارة: =هي معاداة الأضداد والخصوم، ومعرفة العلم الباطني+([68]).
يقول الدكتور محمد الخطيب معلقاً على تلك التأويلات الباطنية: =وهكذا نتبين أن جميع الفرائض والعبادات الإسلامية لا اعتبار لها عند هذه الطائفة بأفعالها وأعمالها الظاهرة، وإنما ذِكْر بعض الأشخاص يغني عن كل هذه الأعمال التي يقوم بها الجهلة المقصرون من أهل الظاهر.
وهذا يفسر لنا عدم وجود المساجد في قراهم ومدنهم حيث يقيمون الصلاة في أماكن خاصة وسرية؛ لأن الصلاة _ كما ذكرنا _ من قبل لا تؤدى وفق الأسلوب المعروف عند المسلمين، ولكنها مجموعة رموز تدل على أشخاص معينين يرددها النصيري في مواقف العبادة والابتهال+([69]).
ويضيف قائلاً: =ولهذا فهم لا يشترطون الطهارة في صلاتهم هذه؛ فالجماع، والاحتلام لا يفسدان الطهارة، وإنما الذي يفسدها موالاة الأضداد والجهل بالعلم الباطني؛ فتكون الطهارة _ إذن _ معاداة الأضداد، ومعرفة العلم الباطني+([70]).
ط _ يوم القيامة: =أما يوم القيامة عندهم فهو ظهور القائم (محمد بن الحسن العسكري) الذي يقتل جميع أعدائهم+([71]).
العلامة التي يعرف بها النصيريون بعضهم بعضاً
قال صاحب الباكورة السليمانية: =وأما العلامة التي بها يعرف بعضهم بعضاً فهي إن أتى غريب إلى بين النصيرية يسألهم ويقول: لي قريب فهل تعرفونه؟ فيجيبون: ما اسمه؟ الحسين، فيجيبونه: ابن حمدان، فيقول: الخصيبي.
والعلامة الثانية: يقولون للغريب: شاش عمك كم دور؟ فإن أجاب: ستة عشر يقبلوه.
العلامة الثالثة: إن عطش عمك من أين تسقيه؟ الجواب: من عين العلوية.
العلامة الرابعة: إن غاط عمك فماذا تهديه؟ الجواب: لحية معاوية.
العلامة الخامسة: إن ضاع عمك فأين تلاقيه؟ الجواب: بالنسبة.
العلامة السادسة: أربعة وأربعتَين وثلاثة واثنين وقدرهم مرتين في دينك أين؟ الجواب: بالمسافرة.
سؤال اقسم لي ايَّاهم جواب منهم سبعة عشر عراقي، وسبعة عشر شامي وسبعة عشر مخفي سؤال أين يوجدون؟ جواب: على باب مدينة حرَّان، سؤال: ما يعملون؟ جواب: يأخذون بالحق ويعطون بالحق+([72]).
اليمين عند النصيرية
قال صاحب الباكورة السليمانية: =أما اليمين عند النصيرية كافَّة فهي أن تضع يدك في يده، وتقول: احلفك بأمانتك عقد علي أمير المؤمنين وبعقد ع م س، فلا يمكنه بعد هذا اليمين أن يكذب.
و _أيضاً _ بلّ أصبعك بريقك، واجعلها في عنقه، وتقول تبريتُ من خطاياي وأوضعتها في عنقك وأحلفك _ أيضاً _ بأساس دينك بسر عقد ع م س أن تخبرني عن صحة أمر كذا، فلا يمكنه الكذب بعد هذا.
وهذه اليمين ثابتة عند الشمالية أكثر من شركائهم، ويظن الحالف بهذه اليمين كاذباً أنه قد أخذ كل خطايا المستحلف له+([73]).
تعاليم النصيرية ([74])
أورد الدكتور عبد الرحمن بدوي خلاصة لتعاليم النصيرية، استخلصها من كتيب صغير لهم بعنوان (كتاب تعليم الديانة النصيرية) وهو مخطوط في المكتبة الأهلية بباريس وهو على طريقة السؤال والجواب، ويتألف من 101 سؤال.
وقد أورد الدكتور صابر طعيمة خلاصة لبعض الأسئلة والأجوبة، على ضوء ما جاءت عند الدكتور عبد الرحمن بدوي، وهي كما يلي:
1_ من الذي خلقنا؟
ج _ علي بن أبي طالب أمير المؤمنين.
2_ من أين نعلم أن علياً إله؟
ج _ مما قاله هو عن نفسه في خطبة البيان وهو واقف على المنبر إذ قال: =أنا سر الأسرار، أنا شجرة الأنوار، أنا دليل السموات، أنا سائق الدعوة، أنا شاهد العهد، أنا زاجر القواصف، أنا محرك العواصف، أنا مزن السحائب، أنا حجة الحجج، أنا جوهر القدم، أنا الأول والآخر، أنا الباطن والظاهر، أنا نور الأئمة البررة+.
3_ من الذي دعانا إلى معرفة ربنا؟
ج _ محمد كما قال هو في خطبة ختمها بقوله: =إنه _ أي علي _ ربي وربكم+.
4_ إذا كان هو _أي علي_ الرب فكيف تجانس مع المتجانسين؟ أي اتخذ صورة إنسانية.
ج _ إنه لم يتجانس بل احتجب في محمد في دور تحوُّله، واتخذ اسم علي.
5_ كم مرة تحول ربنا؛ ليتجلى في صورة إنسانية؟
ج _ سبع مرات فقد احتجب:
أ _ في شخص آدم باسم هابيل.
ب _ وفي شخص نوح باسم شيث.
ج _ وفي شخص يعقوب باسم يوسف.
د _ وفي شخص موسى باسم يوشع.
هـ _ وفي شخص سليمان باسم آصف.
و _ وفي شخص عيسى باسم باطرة.
ز _ وفي شخص محمد باسم علي.
6_ كيف احتجب هكذا ثم ظهر؟
ج _ هذا سر تحوله الذي لا يعلمه إلا الله _ تعالى _ كما قال هو.
7_ هل سيظهر مرة أخرى؟
ج _ نعم كما هو بدون تحول في مجده وجلاله.
8_ ما الظهور الإلهي؟
ج _ هو ظهور الباري بواسطة الاحتجاب بالإنسانية، وألطف غلاف في جوف غلاف.
9_ وضح هذا أكثر؟
ج _ لما دخل (المعنى) في (الباب) احتجب (بالاسم) واتخذه لنفسه كما قال مولانا جعفر الصادق.
10_ لكن ما (المعنى) وما (الاسم) وما (الباب)؟
ج _ هؤلاء الثلاثة لا ينفصلون كما في قولنا: بسم الله الرحمن الرحيم؛ فالله هو (المعنى) والرحمن هو (الاسم) والرحيم هو(الباب) وهكذا...
11_ ما القرآن؟
ج _ هو البشرى بظهور مولانا في صورة بشرية.
12_ من الذي علم محمد القرآن؟
ج _ مولانا الذي هو (المعنى) على لسان جبريل.
13_ هل يحق للمؤمن أن يبوح لإنسان آخر بسر الأسرار؟
ج _ لا يبوح به إلا لإخوانه في الدين وإلا باء بسخط الله.
14_ ما هو القدَّاس الأول؟
ج _ هو الذي يقام قبل دعاء النوروز.
15_ وما دعاء النوروز؟
ج _ تقديس الخمر في الكأس.
16_ مَنْ مِن شيوخنا نشر الدعوة في كل البلاد؟
ج _ أبو عبد الله الحسين بن حمدان.
17_ لماذا نسمى نحن باسم (الخصيبية)؟
ج _ لأننا نتبع تعاليم شيخنا أبي عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي.
أعياد النصيرية
للنصيرية أعياد كثيرة، يقول عنها الدكتور محمد الخطيب: =وأما أعيادهم فيمكن تقسيمها إلى: إسلامية، وشيعية اثني عشرية، ونصرانية، وفارسية.
وهذا يبين أن النصيرية تتكون من عناصر غير متجانسة، وهياكل اعتقادية مختلفة استقت منها ومن غيرها عقائدها وتقاليدها، بينما نرى هذه الطائفة تحتفل بعيدي الفطر والأضحى نراها تذهب بعيداً بعد ذلك وتحتفل بعيدي الميلاد والبربارة النصرانيين+([75]).
وأهم تلك الأعياد عندهم ما يلي([76]):
1_ عيد الغدير: ويحتفلون به في 18 من ذي الحجة، وهو عيد عند الشيعة عامة، وسبب اتخاذهم هذا اليوم عيداً ما ذكروه من مؤاخاة النبي " يوم غدير (خُمّ) وهو غدير على ثلاثة أميال من الجحفة حول شجر كثير، وهي الغيضة التي تسمى (خماً)، وذلك في أثناء رجوعه من حجة الوداع؛ حيث نزل بالغدير وآخى بين الصحابة، ولم يؤاخ بين علي وأحد منهم؛ فرأى النبي " منه انكساراً، فضمه إليه وقال: =أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي+.
والتفت إلى أصحابه وقال: =من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه+([77]).
وكان ذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة سنة عشر من الهجرة، وقد ذكر المحققون من رجال الحديث أن عبارة =اللهم وال من والاه وعاد من عاداه+ كذب، ودعاء النبي " مستجاب، وهذا الدعاء ليس بمجاب؛ فقد قاتل علياً من كان من السابقين ممن بايع تحت الشجرة، فعلم أن هذا الدعاء ليس من دعاء النبي "([78]).
وأحاديث المؤاخاة لعلي كلها موضوعة، والنبي " لم يؤاخ أحداً ولا آخى بين مهاجري ومهاجري، والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار كانت في السنة الأولى من الهجرة، أما قوله " =أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي+([79] ) فقد قاله في غزوة تبوك ولم يتكرر منه.
2_ عيد الفراش: ويحتفلون به في ذكرى مبيت علي ÷ في فراش النبي " حيث تآمرت قريش على قتل النبي ".
3_ عيد عاشوراء: وذلك في العاشر من محرم شأنهم في ذلك شأن سائر الشيعة، وهو ذكرى مصرع الحسين بن علي ÷ في كربلاء.
ولكن النصيرية يعتقدون أن الحسين لم يمت، بل اختفى مثل عيسى بن مريم _ عليه السلام _.
4_ عيد النيروز: أي اليوم الجديد بالفارسية، ويحتفلون به طول الربيع، وهو عيد فارسي الأصل قيل: إنه اليوم الذي خلق فيه النور، وبعضهم يزعم أنه أول الزمان الذي ابتدأ الفلك فيه بالدوران، والنصيرية يحتفلون به.
5_ عيد المهرجان: ويحتفل به في أول الخريف، وهو عيد فارسي كذلك.
6_ عيد الميلاد: في الليلة الرابعة والعشرين من كانون أول وهي آخر السنة الرومية.
7_ أعياد شعبية: وهي أعياد نصرانية الأصل مثل عيد القامة أو الفصح، وعيد الغطاس، وعيد السعف، وعيد العنصرة.
وقد قام أحد رؤسائهم أبو سعيد الطبري بتأليف كتاب حول هذا الموضوع أسماه (مجموع الأعياد) وقد أورد الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتابه مذاهب الإسلاميين عنوانات فصول هذا الكتاب وأنموذجاً من مواضيعه، ومن تلك العناوين التي ذكرها:
1_ أخبار شهر رمضان وما ورد فيه عن الموالي منهم السلام.
2_ دعاء شهر رمضان.
3_ ذكر عيد الفطر.
4_ خطبة عيد الفطر.
5_ دعاء عيد الفطر.
6_ ذكر عيد الأضحى.
7_ دعاء عيد الأضحى.
8_ خطبة عيد الأضحى.
9_ أخبار يوم الغدير.
10_ ذكر عيد الفراش.
11_ عيد المباهلة.
12_ ذكر عيد عاشوراء.
13_ في معرفة يوم كربلاء وما رواه رجال التوحيد، ويتلوه قصائد لأبي عبدالله الخصيبي.
14_ مقتل دلام _ لعنه الله _.
15_ دعاء مقتل دلام.
16_ دعاء ليلة الميلاد.
17_ خبر المهرجان والنوروز.
إلى غير ذلك من الأعياد التي ذكر([80]).
=ومما يذكر أن النصيريين في هذه الأعياد يقدمون الخمور والنبيذ ويخرجون مع نسائهم وأطفالهم إلى خارج مدنهم وقراهم، بين الأشجار، والبساتين، حيث تتحول هذه الأعياد بعد ذلك إلى مهرجان للفسق والدعارة+([81]).
نماذج من كتب النصيرية
كما مر بنا أن العبادات، والفرائض عند النصيرية تعني =ذكر بعض الأشخاص المقدسين لديهم في قداسات، وأذكار، تؤدى في مواقف معينة.
وفي هذه القداسات والأذكار يتضح لنا تأليه علي بن أبي طالب، وكذلك تقديس الحروف الثلاثة (العين، والميم، والسين).
والحقيقة أن مفهوم كلمة (قدَّاس) يدل على تأثر النصيرية بالنصرانية؛ فهذه الكلمة مألوفة تماماً عند النصارى؛ لأنها من جملة الطقوس التي يعتقدون بها.
والنصيرية تقدم أثناء هذه القداسات كؤوس النبيذ والخمر، وهذه القداسات والأذكار لها صفة مقدسة لدى النصيرية؛ لأنها بمثابة الكتب المقدسة عندهم+([82]).
ويعلق الدكتور الخطيب على هذه القداسات مبيناً أهمية قراءتها لمن يريد معرفة عقيدة هؤلاء القوم فيقول: =وقراءتها _ في الواقع _ ضرورية لأي باحث منصف، حيث يتبين له بشكل واضح وكامل الهيكل العام لهذه العقيدة، وحقيقتها من خلال كتبهم، ومخطوطاتهم التي لم تستطع النصيرية أن تنكرها+([83]).
وقد ذكر صاحب الباكورة السليمانية هذه القداسات منها:
1_ قداس الطيب: وقد جاء فيه: =يا أيها المؤمنون انظروا إلى مقامكم هذا الذي أنتم به مجتمعون، وانزعوا الغل من قلوبكم، والشك والحقد من صدوركم؛ ليكمل لكم دينكم بمعرفة معينكم، ويستجاب منكم دعاؤكم، ويكرم مثواكم مولانا ومولاكم.
اعلموا أن علي بن أبي طالب قائم معكم، وحاضر بينكم، ويسمع ويرى ويعلم ما فوق السماوات السبع، وما تحت الثرى، وهو عليم بذات الصدور العزيز الغفور، إياكم إياكم يا إخوان من الضحك والقهقهة في أوقات الصلاة مع الجهال؛ فإنها بئس الفعال، وتقرب الآجال، وتحبط صالح الأعمال.
ولكن اصغوا واسمعوا لمقال السيد الإمام؛ لأنه قائم فيكم كقيام الفرد الصمد العلي العلام.
إنا مَزَجْنا لكم هذا الطيب على هذه النية كما مُزجت السماوات في السبعة الإمامية في خالص عقد النفوس الجوهرية؛ تنزيهاً للصورة البشرية المرية الأنزعية، طيبوا بها أنفسكم الطاهرة الزكية من سائر الأفعال الردية، لقد خص بها من الميم للسين في كل وقت وحين أليَّا أليَّا فهو علياً إله له الدين الخالص إنما يدعون من دونه باطل، وعبادة المخلوقات هي الرأي العاطل؛ لأنه _ تعالى عز شأنه _ في علو مكانه السميع العليم العلي العظيم+([84]).
2_ القداس الثاني واسمه قداس البخور =وهو هذا: قداس البخور وروايح تدور في البيت المعمور في محل الْهَنَا والفرح والسرور، قال: إنه كان شيخنا وسيدنا محمد بن سنان الزاهري علينا سلامه يقوم إلى صلاة الجماعة في كل يوم وليلة مرة أو مرتين، ويأخذ بيده ياقوته حمراء، وقيل صفراء، وقيل خضراء تنزيهاً لفاطمة الزهراء، ويبخر الأقداح، وتتم الأفراح، ويبخر بها عبد النور، في وقت الزينة والزهور.
اعلموا يا مؤمنين أن النور محمد، والليل سلمان، بخروا أقداحكم، وأنيروا مصباحكم، وقولوا بأجمعكم: الحمد لله الذي جعل لنا فضله تام، وسره كاتم؛ إنه جواد كريم علي عظيم، آمنوا وصدقوا يا مؤمنين أن شخص عبد النور حلال معكم حرام مع غيركم+ا.هـ. والمراد (بعبد النور: الخمر)([85]).
3_ القداس الثالث واسمه قداس الأذان، وهذا هو: =الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، وجهت وجهي إلى السيد محمد المحمود، وطالب سره المقصود، وعينه الودود مقراً بالمعرفة والتجليات، ومنزهاً المعنى بالذات هو عين العلوية الذاتية الأنزعية([86]) هو المعنى علي المتعال، وأما فاطر ذو الجلال والحسن ذو الكمال، ومحسن سر الخفي المفضال إني عبد يا مؤمنين مقر بما مَرَّ به السيد سلمان في وقت النداء والأذان، أذن المؤذن في المأذنة وبلغ القدم في آذانه وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر أشهد بأن ليس إله إلا علي أمير النحل الأصلع المعبود، ولا حجاب إلا السيد محمد الحميد الآجل الأعظم المحمود، ولا باب إلا السيد سلمان الفارسي المقصود، وأن السيد محمد حجابه المتصل ونبيه المرسل، وكتابه المنزل، وعرشه العظيم، وكرسيه المتين، وأن السيد سلمان سلسل سلسبيل بابه الكريم ونهجه القويم الذي لا يؤتى إليه إلا منه، وسفينة النجاة وعين الحياة حيَّ على الصلاة حيَّ على الصلاة صلوا يا معشر المؤمنين تدخلوا الجنة التي أنتم بها موعودين، حيَّ على الفلاح حيَّ على الفلاح تفلحون يا مؤمنين وتخلصون من كثايف الأبدان وظلمة الأجسام، وتسكنون بين الحور والولدان، وتعاينون مولاكم أمير النحل العلي الكبير الله أكبر الله أكبر مولاكم أمير النحل علي أكبر ممن تكبر، وأعظم ممن تجبر، صمداً لا يرام، عزيزاً لا يضام، قيوماً لا ينام، الله أكبر الله أكبر قد قامت الصلاة على أربابها وثبتت الحجة على أصحابها.
أسألك يا أمير النحل يا علي بن أبي طالب أن تقيمها وتديمها كما دامت السماوات والأرض، واجعل السيد محمد ختامها وصيامها وصلاتها، والسيد سلمان سلامها وزكاتها والمقداد يمينها ومعينها، وأبو الدر شمالها وكمالها، والعالمين سبيلها والمؤمنين دليلها إلى الأبد آمين+([87]).
هذا وقد ذكر صاحب الباكورة _أيضاً_ ست عشرة سورة هي خلاصة المعتقدات النصيرية، وهذه السور تحمل العناوين التالية:
السورة الأولى | واسمها الأول |
السورة الثانية | واسمها تقديسة ابن الولي |
السورة الثالثة | واسمها تقديسة أبي سعيد |
السورة الرابعة | واسمها النسبة |
السورة الخامسة | واسمها الفتح |
السورة السادسة | واسمها الجود |
السورة السابعة | واسمها السلام |
السورة الثامنة | واسمها الإشارة |
السورة التاسعة | واسمها العين العلوية |
السورة العاشرة | واسمها العقد |
السورة الحادية عشرة | واسمها الشهادة، والعامة تسميها الجيل |
السورة الثانية عشرة | واسمها الإمامية |
السورة الثالثة عشرة | واسمها الساخرة |
السورة الرابعة عشرة | واسمها البيت |
السورة الخامسة عشرة | واسمها الحجابية |
السورة السادسة عشرة | واسمها النقيبية |
وإليك نماذج من بعض تلك السور:
السورة الأولى واسمها الأول: =قد أفلح من أصبح بولاية الأجلح استفتح بأني عبد استفتحت بأول إجابتي بحب قدس معنوية أمير النحل علي ابن أبي طالب المكنى بأبي حيدرة أبي تراب فيه استفتحت، وفيه استنجحت، وبذكره أفوز، وفيه أنجو، وإليه ألجأ، وفيه تباركت، وفيه استعنت، وفيه بدأت، وفيه ختمت بصحة الدين وإثبات اليقين([88])...إلخ+.
السورة الثالثة واسمها تقديسة أبي سعيد:=أسألك يا مالك الملك يا أمير النحل يا علي يا وهاب يا أزل يا تواب يا داحي الباب، أسألك بالخمسة المصطفية والستة التجلية بالسبعة الكواكب الدرية بالثمانية حمالة العرش القوية، وبالتسعة المحمدية، وبالعشر دجاجات الذكية، وبالأحد عشر مطالع البابية، وبالاثني عشر سطر الإمامية بحقهم عندك يا غاية الكلية، يا أمير النحل، يا صاحب الدولة العالية، يا من أنت الأحد، واسمك الواحد، وبابك الوحدانية، يامن ظهرت في السبع قباب الذاتية _ بأن تجعل قلوبنا وجوارحنا ثابتة على معرفتك الزكية وخلِّصنا من هذه الهياكل الناسوتية، ولبسنا القمصان النورانية بين الكواكب السماوية+([89]).
السورة الخامسة واسمها الفتح([90]): =إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا. أشهد بأن مولاي أمير النحل علي اخترع السيد محمد من نور ذاته، وسماه اسمه ونفسه وعرشه وكرسيه وصفاته، متصل به، ولا منفصل عنه ولا متصل به بحقيقة الاتصال ولا منفصلاً عنه في مباعدة الانفصال، متصل به بالنور منفصل عنه بمشاهدة الظهور، فهو منه كحس النفس من النفس أو كشعاع الشمس من القرص، أو كدوى المآء من المآء، أو كالفتق من الرتق، أو كلمع البرق من البرق، أو كالنظرة من الناظر، أو كالحركة من السكون، فإن شآء علي بن أبي طالب بالظهور أظهره، وإن شاء بالمغيب غيبه تحت تلالي نوره.
وأشهد بأن السيد محمد خلق السيد سلمان من نور نوره، وجعله بابه، وحامل كتابه؛ فهو سلسل وسلسبيل، وهو جابر وجبرائيل، وهو الهدى واليقين، وهو بالحقيقة رب العالمين، وأشهد بأن السيد سلمان خلق الخمسة الأيتام الكرام؛ فأولهم اليتيم الأكبر والكوكب الأزهر والمسك الأذفر والياقوت الأحمر والزمرد الأخضر المقداد بن الأسود الكندي، وأبو الذر الغفاري، وعبد الله بن رواحة الأنصاري، وعثمان بن مظعون النجاشي، وقنبر بن كادان الدوسي هم عبيد مولانا أمير المؤمنين لذكره الجلال والتعظيم، وهم خلقوا هذا العالم من مشارق الشمس إلى مغربها، وقبلتها وشمالها، وبرها وبحرها، وسهلها وجبلها، ما حاطت الخضراء، وحوت الغبراء من جابلقا إلى جابرصا، إلى مراصد الأحقاف إلى جبل قاف، إلى ما أحاطت به قبة الملك الدوار إلى مدينة السيد محمد السامرة التي اجتمع فيها المؤمنون، واتفقوا على رأي السيد أبي عبد الله ولا يشكون ولا يشركون، ولا في سر على بن أبي طالب يبيحون، ولا يخرقون له حجاباً، ولا يدخلون إليه إلا من باب، اجعل المؤمنين مؤمنين ومطمانين ومؤيدين مجبورين على أعدائهم وأعدائنا منصورين، واجعلنا بجملتهم مؤمنين مؤمَّنين ومطمانين مستورين مجبورين على أعدائنا وأعدائهم منصورين بسر الفتح، ومن فتح الفتح، ومن كان الفتح على يده اليمين بسر سيدنا محمد وفاطر _أي فاطمة_ والحسن والحسين ومحسن سر الخفي وأشخاص الصلوة وعدَّة العارفين علينا من ذكرهم السلام صلوة الله عليهم أجمعين+.
السورة الثالثة عشرة واسمها الساخرة([91]): =سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم، أصبحنا وسبحنا وأصبح الملك لله، وسبح الملك لله بسم الله، وبالله، وسر السيد أبي عبد الله سر الشيخ وأولاده المختصين الشاربين من بحر (ع.م.س) فهم واحد وخمسون منهم سبعة عشر عراقياً، وسبعة عشر شامياً، وسبعة عشر مخفي، وهم واقفون على باب مدينة حران يأخذون بالحق، ويعطون بالحق ومن يتدين بديانتهم، ويعبد عبادتهم وفقه الله إلى معرفته، ومن لا يتدين بديانتهم ولا يعبد عبادتهم فعليه لعنة الله بسر الشيخ وأولاده المختصين بسرهم أسعدهم الله أجمعين+.
السورة الرابعة عشرة واسمها البيت المعمور([92]): =والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور بسر طالب وعقيل وجعفر الطيار هم أخوة علي بن أبي طالب نور من نور، وجوهر من جوهر، وعلي بن أبي طالب منزه عن الإخوة والأخوات والآباء والأمهات أحداً أبداً موجود باطن بغير غمود سر البيت وسقف البيت وأرض البيت وأربع أركان البيت.
أما البيت فهو السيد محمد، وسقف البيت أبو طالب، وأرض البيت فاطمة بنت أسد وأربع أركان البيت محمد وفاطر والحسن والحسين سر الزاوية الغامضة الخفية التي هي في نصف البيت هي محسن سر الخفي سر صاحب البيت العلوي الشريف الهاشمي الذي هشم القرون وكسر الأصنام علينا من ذكره الرضى والسلام+.
طريقة الدخول في عقيدة النصيرية ([93])
تُقسِّم النصيرية أتباعها إلى عقَّال وجُهَّال.
وإذا أراد أحد من جهال النصيرية الدخول في سلك عُقَّالهم فإنه يمر بعدة مراحل؛ حتى يتيقنوا من خلالها من إخلاصه وصدقه؛ فلا يلقنون الداخل جميع الأسرار دفعة واحدة، بل يكون ذلك تدريجياً ومن خلال جلسات.
وتبدأ عملية الدخول بأن يتخذ الشاب الذي يريد ذلك أستاذاً من مشايخهم يلقبونه والداً روحياً أو دينياً يكون الواسطة له بينه وبين مجلس مشايخهم.
وهذا هو الوالد الحقيق بزعمهم؛ لأنه يقوده إلى السعادة والخير.
أما والداه الحقيقيان فلا فضل لهما عليه؛ لأنهما أنجبا الولد؛ إشباعاً لشهوتهما، وتسببا في خروجه لدار الشقاء.
لذا فإن الخضوع التام، والتذلل مطلوب من التلميذ أمام شيخه، وإلا لا يمكن أن يُلَقَّن أسرار الدين؛ لأنها بزعمهم لا تلقن إلا للمتواضع الذليل لأخيه المؤمن.
والتواضع عندهم يمر في مرحلتين:
الأولى: وضع أحذية المشايخ على رأس الشاب الراغب في دخول العقيدة يتبعها تقبيل أقدام هؤلاء المشايخ.
الثانية: تتم في الجلسة الثانية من جلسات التلقين وهي قبوله مناكحة الرجال له؛ لأن هذا عندهم يدل على عدم التكبر والتذلل للأخ المؤمن _كما يزعمون_.
وإذا رجعنا إلى مبادئ ابن نصير مؤسس فرقتهم والتي دعا إليها، وطبقها عملياً نجد هذا التواضع من جملة المبادئ التي حملها؛ ففي رواية سعد القمي =أن يحيى بن عبد الرحمن بن خاقان رأى ابن النصير ، وغلامٌ له _أي لابن نصير_ على ظهره _أي على ظهر ابن نصير_ قال _أي ابن خاقان_: فلقيت ابن نصير؛ فعاتبته بذلك فقال: إن هذا من اللذات؛ وهو من التواضع لله وترك التجبر+([94] ).
وهذا الشيء يطبق عملياً في الجلسة الثانية من التلقين (السماع) وذلك بعد أن تدور الخمرة في الرؤوس، وتكمل المرأة عملها الشيطاني ينام الحاضرون بجانب بعضهم بعضاً حتى السحر حيث يحين _ وفي ذلك الوقت بالذات _ عملية التلقين الثانية بعد أن يصبح التلميذ ذليلاً قولاً وفعلاً.
والمرأة والخمر أمران مهمان ومتلازمان يقدمان للشاب الداخل في أسرار الدين باعتبارهما جزءاً من الضيافة للدخول في الفردوس.
ويعلق الدكتور الخطيب على ذلك بقوله: =وفي نظري أن تلقين أسرار النصيرية في جو الخمرة والمرأة، يوضح لنا عملية التخدير النفسي والجسدي والعقلي التي تقع على الشاب وهو يلقن أسرار دينه؛ فكؤوس الخمر تدار بين وقت وآخر، فتلعب دورها في تخدير عقل الشاب، وتأتي الأنثى لتكمل الدور الذي بدأته الخمرة؛ فيكون الشاب حينذاك في وضع لا يمكنه أن يرفض أي شيء من أسرار الدين، وخاصة أنه أصبح في الفردوس: الخمر والمرأة+([95]).
وهكذا تمر عملية الدخول في النصيرية بطقوس عديدة يحصل فيها للداخل أمور كثيرة ومتنوعة من الذلة والمهابة، وبعد تلك الخطوات يُفضى إليه بأسرار العقيدة، وبعدها تُؤخذ عليه الأيمان المغلظة بكتم الأسرار وعدم البوح بها.
وفيما يلي نموذج لشخص يروي قصة دخوله في النصيرية وهو صاحب كتاب الباكورة السليمانية سليمان الأذني الذي دفع حياته ثمناً لإذاعته الأسرار.
ومع أن فيما يرويه الأذني بعض الاختلافات اليسيرة عما جاء في الطريقة التي مر معنا شيء منها إلا أنه في الإمكان أن نأخذ الخطوط العريضة التي يسير عليها النصيريون في كلتا الطريقتين.
وفيها _ أيضاً _ بيان لما يصيب الشاب من أساليب نفسية رهيبة.
يقول سليمان الأذني متحدثاً عن قصته =إني ولدت في مدينة أنطاكية سنة 1250هجرية، وأقمت فيها نحو سبع سنين ثم انتقلت إلى أدنه، ولما بلغت السنة الثامنة عشرة من العمر أخذ بنو طائفتي يطلعونني على أسرارهم الباطنة التي لا يكشفونها إلا لمن بلغ هذا السن أو سن العشرين.
وفي ذات يوم اجتمع منهم جمهور من الخاصة والعامة، واستدعوني إليهم، وناولوني قدح خمر ثم وقف النقيب بجانبي وقال لي: قل بسرِّ إحسانك يا عمي، وسيدي، وتاج رأسي أنا لك تلميذ، وحذاؤك على رأسي.
ولما شربت الكأس التفت إلي الإمام قائلاً لي: هل ترضى أن ترفع أحذية هؤلاء الحاضرين على رأسك؛ إكراماً لسيدك فقلت: كلا بل حذاء سيدي فقط؛ فضحك الحاضرون؛ لعدم قبولي القانون، ثم أمروا الخادم فأتى بحذاء السيد المذكور، فكشفوا رأسي، ووضعوه عليه، وجعلوا على الحذاء خرقة بيضاء، ثم أخذ النقيب يصلي عليّ لكي أقبل السر، ولما فرغ من الصلاة رفعوا الحذاء عن رأسي، وأوصوني بالكتمان، وانصرفوا؛ فهذه الجمعية يسمونها المشورة.
ثم بعد أربعين يوماً اجتمع جمهورٌ آخر، واستدعوني إليهم، ووقف السيد بجانبي وبيده كأس خمر، فسقاني الكأس وأمرني بأن أقول سر ( ع م س) أما العين فهي علي ويسمونه المعنى، وأما الميم فهي محمد ويسمونه الاسم والحجاب، وأما السين فهي سليمان الفارسي ويسمونه الباب.
ثم بعد ذلك قال لي الإمام: أنه فرض عليك أن تتلو هذه اللفظة كل يوم خمسمائة مرة وهي سرّ عمس، ثم أوصوني بالكتمان وانصرفوا وهذه الجمعية الثانية يسمونها بجمعية المليك.
ثم بعد سبعة أشهر _ والمدة للعامة تسعة أشهر _ اجتمع جمهور آخر _أيضاً_ واستدعوني حسب عادتهم وأوقفوني بعيداً عنهم، ونهض وكيل من بين الجماعة والنقيب عن يمينه، والنجيب عن شماله، وبيد كل واحد منهم كأس خمر واستقبلوا نحو الإمام مترنمين الترنيمة الثالثة التي هي للحسين بن حمدان الخصيبي، وسيأتي ذكرها بعد انتهاء صلاة أعيادهم، وبعد ذلك توجهوا نحو المرشد الثاني مترنمين له هذه الترنيمة:
سألت عن المكارم أين حلُّوا | بعض الناس دلوني عليكا | |
بحق محمد مع آل بيته | ارحم من أتى يقبل يديكا | |
قصدتك لا تخيب فيك ظني | نحن اليوم محسوبين عليكا |
ثم وضعوا أياديهم على رأسه وجلسوا، وأما هو فنهض قائماً، وأخذ القدح مع الوكيل، وخر ساجداً، وقرأ سورة السجود، وهي الفصل السادس، ورفع رأسه، وقرأ سورة العين، وهي الفصل التاسع ثم شرب الكأس وقرأ سورة السلام، وهي الفصل السابع، وسيأتي ذكر هذه السور في مكانه.
ثم قام متوجهاً نحو الإمام قائلاً: نعم نعم نعم يا سيدي الإمام.
فقال له الإمام : ينعم عليك وعلى من حواليك، لقد عملت ما لم تعمله هذه الجماعة؛ لأنك أخذت القدح بيدك، وشربت، وسجدت، وسلمت ولله السجود، فما هي حاجتك؟ وماذا تريد؟
فقال: أريد أن أتمسى بوجه مولاي، ثم انصرف ونظر نحو السماء ورجع إليه قائلاً: نعم نعم نعم يا سيدي، فأجابه الإمام كالأول، وما حاجتك؟ وماذا تريد؟
فقال: لي حاجة أريد قضاءها، فقال: اذهب اقضيها، ثم انصرف عنهم ودنا مني لكي أقبل يديه ورجليه فقبلتهما، ورجع إليه _ أيضاً _ وقال: نعم نعم نعم يا سيدي الإمام.
فقال له الإمام: ما مرادك؟ وماذا تريد؟
فأجابه: أنه تراءى لي شخص بالطريق، فقال: ألم تسمع ما قال سيدنا المنتجب الدين العاني: الليل يجزع منه كل صنديد، فأجاب لي قلب قوي ولا خوف علي.
ثم نظر إلي _ أيضاً _ والتفت إليهم وقال هذا الشخص اسمه فلان، وهو قد أتى؛ ليتأدب أمامكم.
فقال: من دله علينا؟ فأجاب: المعنى القديم، والاسم العظيم، والباب الكريم، وهي لفظة عمس .
فقال الإمام: إيت به؛ لنراه فأخذ المرشد بيدي اليمنى، وذهب بي إلى الإمام، فلما دنوت منه مد لي رجليه فقبلتهما، ويديه _ أيضاً _ وقال لي: ما حاجتك؟ وماذا تريد أيها الغلام؟ ثم نهض النقيب ووقف بجانبي، وعلمني بأن أقول بسر الذي أنتم فيه يا معشر المؤمنين.
ثم نظر إلى بعبوسة وقال ما الذي حملك على أن تطلب منا هذا السر المكلل باللؤلؤ والدر، ولم يحمله إلا كل ملك مقرب أو نبي مرسل؟
اعلم يا ولدي أن الملائكة كثيرون، ولا يحمل هذا السر إلا المقربون والأنبياء كثيرون، وليس منهم من يحمل هذا السر إلا المرسلون.
والمؤمنون كثيرون وليس منهم من يحمل هذا السر إلا الممتحنون.
أتقبل قطع الرأس واليدين والرجلين ولا تبيح بهذا السر العظيم؟ فقلت له: نعم.
فقال لي أريد منك ماية كفيل، فقال الحاضرون: القانون ياسيدنا الإمام، فقال إكراماً لكم ليكن اثني عشر كفيلاً.
ثم قام المرشد الثاني، وقبل أيدي الاثني عشر كفيلاً، وأنا _ أيضاً _ قبَّلت أيديهم ثم نهض الكفلاء، وقالوا: نعم نعم نعم يا سيدي الإمام؟
فقال الإمام ما حاجتكم أيها الشرفاء؟ قالوا أتينا لنكفل فلاناً.
فقال: إذا باح بهذا السر أتأتوني به لكي نقطعه تقطيعاً، ونشرب دمه؟
فقالوا: نعم، فأجاب وقال: لست أكتفي بكفالتكم فقط بل أريد اثنين معتبرين يكفلانكم، فجرى واحد من الكفلاء وأنا وراءه وقبل أيدي الكفيلين المطلوبين وقبلتهما أنا _ أيضاً _ ثم نهضا قائمين وأيديهما موضوعة على صدريهما، فالتفت إليهما الإمام وقال: الله يمسيكما بالخير أيها الكفيلان المعتبران الطاهران أهل البرس والكرش، فما تريدان؟ فأجابا: إننا قد أتينا لنكفل الاثني عشر كفيلاً، وهذا الشخص _أيضاً_.
قال: فإذا هرب قبل أن يكمل حفظ الصلاة، أو باح بهذا السر هل تأتياني به لنعدم حياته؟ فقالا: نعم.
قال الإمام: إن الكفلاء يفنون وكفلا الكفلا يفنون، وأنا أريد منه شيئاً لا يفنى، فقال له: افعل ما شئت.
فالتفت إلي وقال: ادن مني يا غلام، فدنوت منه، وحينئذ استحلفني بجميع الأجرام السماوية بأني لا أبيح بهذا السر ثم ناولني كتاب المجموع في يدي اليمنى، وعلمني النقيب الواقف بجانبي أن أقول: تفضل حلفني يا سيدي الإمام على هذا السر العظيم، وأنت بريء من خطيئتي.
فأخذ الكتاب مني، وقال: يا ولدي احلّفك ليس لأجل مال ولا جوار، بل لأجل سر الله فقط كما حلفنا مشايخنا وساداتنا.
وهكذا تكرر العمل والقول ثلاث مرات، ثم وضعت يدي على المجموع ثلاث مرات حالفاً به أن لا أبيح بهذا السر ما دمت حياً.
وأما العامة فيستحلفونهم أكثر من ذلك لا سيما نصيرية أيالة اللاذقية.
ثم قال الإمام: اعلم يا ولدي أن الأرض لا تقبلك فيها مدفوناً إن أبحت بهذا السر، ولا تعود تدخل القمصان البشرية، بل حين وفاتك تدخل قمصان المسوخية وليس لك منها نجاة أبداً.
ثم أجلسوني بينهم وكشفوا رأسي، ووضعوا عليه غطاء، ثم إن الكفلاء وضعوا أيديهم على رأسي وأخذوا يصلون، فقرأوا أولاً سورة الفتح، والسجود، والعين، ثم شربوا خمراً، وقرأوا سورة السلام، ورفعوا أيديهم عن رأسي وأخذني عمُّ الدخول وسلمني إلى مرشدي الأول ثم أخذ بيده كأس خمر وسقاني، وعلمني أن أقول بسم الله وسر السيد أبي عبد الله العارف بمعرفة الله سر تذكاره الصالح سره أسعده الله ، ثم انصرفت الجماعة، وأخذني السيد إلى بيته واسمه أحمد أفندي بن رضوان أغا من أعيان مدينة أدنه، والمرشد الثاني اسمه الشيخ صالح الجبلي رئيس الرمالين.
ثم ابتدأ السيد يعلمني أولاً التبرِّي، وهي سورة الشتائم الآتي ذكرها في الباب الثاني في باءة صلاة أعيادهم، وحينئذٍ أطلعني على صلاتهم المشهورة فيها عبادة علي بن أبي طالب، وهي ستة عشر سورة+.([96])
مواطن انتشار النصيرية ([97])
يسكن النصيريون في منطقة جبال النصيريين في اللاذقية بسوريا، وانتشروا مؤخراً في المدن السورية المجاورة لهم.
ومنهم من يسكن في جنوب تركيا، وأطراف لبنان الشمالي، وفارس، وتركستان الروسية.
ولهم أسماء محلية يعرفون بها في أماكن سكناهم، ويعرفون باسم: (التختجية والحطابون) في غربي الأناضول، ويعرفون بـ: (القزلباشية) شرقي الأناضول، و(العلي إلهية) في فارس، وتركستان، وكردستان.
والنصيرية الآن ينتشرون في جميع أنحاء البلاد السورية، والعشائر النصيرية في سوريا موزعة في أربع مجموعات:
1_ الخياطون: نسبة إلى جدهم علي الخياط، وهذه المجموعة تستوطن في (سرقب) مع الصرامته، والمخاليصة، والقفاورة، والعمامرة.
2_ الحدادون: وهم عشيرة الأمير حسن بن المكزون السنجاري، ومعهم المحالبة، وبنو علي، والياشوطية، والعطاوية، والمثلبة.
3_ المثاورة: نسبة إلى قرية مثور في قضاء جبلة، ومعهم الجواهرة، والصوارمة والميلاتية، والدراوسة، والبشارغة، والعراجنة، والمحاذرة.
4_ الكلبية: وتستوطن قرداحة مع النواصر والقراصلة، والجليقية، والرشاونة والشلاهمة، والرسالنة، والجروية، وبيت محمد، والدراوية.
أما عددهم فقيل إنه يبلغ مائة وستين ألفاً، ولكن يبدو أن هذا التقدير كان قديماً، وذكر مؤخراً أن آخر التقديرات تشير إلى أن عددهم قد جاوز المليون نسمة سنة 1979م.
فرق النصيرية ([98])
انقسمت النصيرية إلى فرق شتى، ولا غرو في ذلك؛ فالاجتماع لا يكون إلا على الحق، والهدى، وأنى للنصيرية ذلك؟ فقد افترقوا واختلفوا فيما بينهم.
ومن أهم تلك الفرق ما يلي:
1_ فرقة الشمالية أو الشمسية: وهم يسكنون السواحل في لواء اللاذقية، ويسبلون اللِّحى ولا يجوز حلقها عندهم، وهم يعتقدون كسائر النصيرية بألوهية علي ÷ وأنه متحد في السماء، إلا أنهم يفترقون عن بقية أبناء المذهب بقولهم: إن علياً يتخذ من الشمس التي يمثلها محمد " مسكناً له.
لذلك فهم يتوجهون إلى الشمس في عبادتهم؛ لاعتقادهم أن علياً فيها، ومن هنا فهم عبدة الشمس، ولذا يسمون بالشمالية وبالشمسية.
وهم _ أيضاً _ يعتقدون بأن الكواكب والنجوم تعد أماكن المؤمنين والصالحين من أبناء الطائفة النصيرية؛ لذلك فهم يعظمونها، ويطلقون على عليِّ ÷ أمير النحل.
2_ فرقة الكلازية أو القمرية: وهي تنتسب إلى محمد بن الكلازي، وهؤلاء يسكنون الجبال، وهم يحلقون لحاهم بلا استثناء، ويعتقدون بألوهية علي ÷ ويقولون بأنه: بعد أن خلع رداء الآدمية صعد إلى القمر الذي هو سلمان، واستقر فيه، وأن علياً هو الجزء المعتم من القمر، ومن هنا فإنهم يقدسون القمر ويعبدون علياً ممثلاً فيه، ولذلك فهم معروفون بـ: (عبدة القمر).
3_ فرقة الحيدرية: ويبدو أن اسم (الحيدرية) هذا يرجع إلى لقب (حيدرة) وهو الأسد، ذلك اللقب الذي كان يلقب به علي ÷ لشجاعته.
وهذه الفرقة يسكن أفرادها فضاء اللاذقية، وهي حزب ديني انبثق عن بعض العشائر العلوية في محافظة اللاذقية، وهم يعتقدون بأن محمداً هو الشمس، وسلمان الفارسي هو القمر.
4_ فرقة الغيبية: وهم يعتقدون أن الله يتجلى ويستتر أو يظهر ويغيب، والأزمنة الحالية هي أزمنة الستر والغيبة، وهم يعتقدون أن الله _ تعالى _ في كل مكان دون أن يراه أحد؛ إذ الإله عندهم هو الهواء.
ومن هنا فإنهم عندما يقرأون من كتاب المجموع عبارة: يا علي بن أبي طالب أنت هو فإنهم يقرأونها بشيء من التحريف فيقولون: أنت الهواء، ومن هنا فهم يلقبون بعابدي الهواء.
عداء النصيرية للمسلمين ([99])
النصيرية فرقة باطنية خبيثة نبتت في بلاد المسلمين، وأبرز هدف لقيامها ونشأتها تعطيل شريعة الإسلام، وهدمه وتقويض أطنابه.
ولذلك نجدهم يقفون مع كل عدو للمسلمين في القديم وفي الحديث، ومن ذلك وقوفهم مع الصليبيين، ومع التتار، ومع الصفويين، ومع الفرنسيين، ومع الصهاينة؛ فلقد كانت النصيرية أثناء الهجمة الصليبية على العالم الإسلامي عوناً للصليبيين على المسلمين، ولما استولى الصليبيون على بعض البلاد الإسلامية قربوهم وأدنوهم، ولما تمكن المسلمون من طرد الصليبيين اعتصم النصيريون بجبلهم، واقتصر عملهم على تدبير المكائد والفتن.
ولما أغار التتار على الشام، كان للنصيرية أيادٍ بيضاء في ذلك، فمكنوا التتار من رقاب المسلمين، ولقد كان للنصيريين دور في تحريض تيمور لنك زعيم التتار على غزو دمشق.
كذلك وقف النصيريون مع الصفويين ضد العثمانيين وأيدوا الصفويين؛ لارتباطهم بهم عقائدياً وفكرياً ومادياً.
وبعد أن تجزأ الوطن العربي في مطلع القرن العشرين على يد المستعمرين _ بحث المستعمرون عن النصيريين، وأدنوهم، ومكنوهم؛ فكان النصيريون عند حسن ظن أسيادهم المستعمرين، وكانوا خيرَ مُخْلِصٍ للانتداب الفرنسي.
أما وقوفهم مع الصهاينة فواضح كل الوضوح ويبرز ذلك في التنازلات تلو التنازلات التي قدمها النصيريون للصهاينة.
ولا أدل على ذلك من مهزلة تسليم مرتفعات الجولان السورية لليهود سنة 1967م.
وإن ينسى المسلمون شيئاً من مخازي النصيرية فلن ينسوا المجزرة الرهيبة التي قام بها النصيريون في مدينة حماة _ وذلك عندما قتلوا الآلاف من المسلمين، وانتهكوا الأعراض حتى تخضبت أرض حماة بالدماء من جراء تلك المجزرة([100]).
حكم الإسلام في النصيرية
بعد تلك الجولة في معتقدات النصيرية يتضح لنا أن أولئك القوم بعيدون كل البعد عن دين الإسلام.
فالنصيرية يعتقدون بألوهية علي، ويقولون بالتأويل الباطني، ويدعون إلى تعطيل الشريعة.
=وهم بالإضافة إلى ذلك فقد اعتقدوا بالتناسخ، وكفروا بالبعث والحساب؛ فهدموا بذلك ركناً من أركان الإيمان، وأباحوا المحرمات بشرب الخمر والزنا.
وهذا كله بل واحد منه مخالف للإسلام وخروج عنه، بل هو كفر به واستهانة بما فرض+([101]).
ومن هنا يتبين لنا أن النصيرية لا علاقة لها بالإسلام ألبتة، بل هي بعيدة كل البعد عنه.
ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية × فلقد كان أوائل من عرف حقيقة هذه الطائفة فحاربها، ووقف ضدها باللسان والسنان.
ولقد استفتي عنهم فأجاب عن ذلك إجابة مطولة جاء فيها:
=الحمد لله رب العالمين، هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية وسائر أصناف القرامطة أكفر من اليهود والنصارى بل أكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمة محمد "أعظم من ضرر الكفار المحاربين، مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم.
فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع، وموالاة أهل البيت، وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله، ولا برسوله، ولا بكتابه، ولا بأمر، ولا بنهي، ولا ثواب، ولا عقاب، ولا جنة، ولا نار، ولا بأحد من المرسلين قبل محمد "، ولا بملة من الملل السالفة، بل يأخذون كلام الله ورسوله المعروف عند علماء المسلمين يتأولونه على أمور يفترونها+.
ثم قال ×: =ومن المعلوم عندنا أن السواحل الشامية إنما استولى عليها النصارى من جهتهم وهم دائماً مع كل عدو للمسلمين+.
وقال: =وأما أوانيهم وملابسهم فكأواني المجوس، على ما عرف من مذهب الأئمة+.
=والصحيح في ذلك أن أوانيهم لا تستعمل إلا بعد غسلها، فإن ذبائحهم ميتة، فلابد أن يصيب أوانيهم المستعملة ما يطبخونه من ذبائحهم فتنجس بذلك+.
وقال فيهم _ أيضاً _: =لا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين، ولا يصلى على من مات منهم، فإن الله _سبحانه وتعالى_ نهى نبيه عن الصلاة على المنافقين كعبدالله بن أبي ونحوه، وكانوا يتظاهرون بالصلاة، والزكاة، والصيام، والجهاد، مع المسلمين، ولايظهرون مقالة تخالف دين الإسلام لكن يُسرون ذلك فقال الله _ تعالى _ : [وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ](التوبة:84).
فكيف بهؤلاء الذين هم مع الزندقة والنفاق يظهرون الكفر والإلحاد.
وأما استخدام مثل هؤلاء في ثغور المسلمين أو حصونهم أو جندهم فإنه من الكبائر، وهو بمنزلة من يستخدم الذئاب لرعي الغنم؛ فإنهم من أغش الناس للمسلمين، ولولاة أمورهم، وهم أحرص الناس على فساد المملكة والدولة، وهم شر من المخامر الذي يكون في المعسكر؛ فإن المخامر مرتد يكون له غرض إما مع أمير العسكر وإما مع العدو، وهؤلاء مع الملة ونبيها ودينها وملوكها وعلمائها وعامتها وخاصتها، وهم أحرص الناس على تسليم الحصون إلى عدو المسلمين، وعلى إفساد الجند على ولي الأمر، وإخراجهم عن طاعته.
والواجب على ولاة الأمور قطعهم من دواوين المقاتلة؛ فلا يتركون في ثغر ولا في غير ثغر؛ فإن ضررهم في الثغر أشد، وأن يستخدم بدلهم من يحتاج إلى استخدامه من الرجال المأمونين على دين الإسلام، وعلى النصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، بل إذا كان ولي الأمر لايستخدم من يغشه وإن كان مسلماً، فكيف بمن يغش المسلمين كلهم؟
ولايجوز تأخير هذا الواجب مع القدرة عليه، بل أي وقت قدر على الاستبدال بهم وجب عليه ذلك+([102]).
[1] _ كتبتُ هذه الصفحات قبل عشرين عاماً، ثم خرجت ضمن كتابي (رسائل في الأديان والفرق والمذاهب) عام 1426هـ، ثم خرجت الطبعة الثانية عام 1430هـ، وبعد الأحداث الحاصلة في سوريا، وما قام به النظام البعثي النصيري من جرائم تفوق الوصف _ كثُر السؤال عن حقيقة هذه الطائفة؛ فرغبتُ في إفرادها ههنا.
[2]_2_3 انظر الحركات الباطنية في العالم الإسلامي عقائدها، وحكم الإسلام فيها د. محمد أحمد الخطيب ص321، والنصيرية د. سهير الفيل ص16_20.
[5]_ انظر النصيرية ص17 و48_58.
[6]_ انظر النصيرية ص18_19.
[7] _ انظر النصيرية ص17.
[8] _ انظر تاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة ص638، والنصيرية ص17.
[9]_ انظر منهاج السنة 4/87 و1/113_114 ومسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة د.ناصر القفاري 1/350.
[10]_ مسألة التقريب 1/350.
[11]_ انظر بذل المجهود في مشابهة الرافضة لليهود، لعبدالله الجميلي.
[12]_ مسألة التقريب 1/350_351.
[13]_ الشيعة والتشيع للشيخ إحسان إلهي ظهير ص351_352، وانظر الثورة الإيرانية في ميزان الإسلام للشيخ منظور نعماني ص146_147.
[14]_ مسألة التقريب 1/254.
[15]_ انظر مسألة التقريب 1/354.
[16]_ الحركات الباطنية ص350.
[17]_ انظر الحركات الباطنية ص324.
[18] _ انظر الموسوعة الميسرة الندوة العالمية للشباب ص511_512، وحركات الغلو والتطرف في الإسلام لأحمد الشاذلي ص89_91، والنصيرية د. سهير الفيل ص22_29.
[19] _ الحركات الباطنية ص341.
[20] _ دراسات في الفرق د.صابر طعيمة ص42.
[21] _ الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة د.ناصر العقل، ود.ناصر القفاري ص138.
[22] _ الحركات الباطنية ص321.
[23]_ دراسات في الفرق ص42.
[24] _ الحركات الباطنية ص347.
[25] _ النصيرية. سهير الفيل ص76.
[26] _ الحركات الباطنية ص355.
[27] _ دراسات في الفرق ص14.
[28] _ 4 _ 5 _ النصيرية ص 77_ 79.
[29] _ انظر النصيرية ص 77_79.
[30] _ ملحوظة: ما ينقل من الباكورة السليمانية فيه أخطاء نحوية، ولغوية، وأسلوبية، وذلك حسب ما هو موجود في الكتاب، نشر دار الصحوة للنشر _ القاهرة _ الطبعة الأولى 1410هـ، 1990م.
[31] _ الباكورة السليمانية ص96.
[32] _ الحركات الباطنية ص364.
[33] _ 4 _ النصيرية ص110_111.
[35] _ انظر الحركات الباطنية ص365.
[36] _ الباكورة السليمانية ص54.
[37] _ رواه البخاري (3651)، ومسلم (1533).
[38] _ الحركات الباطنية ص365.
[39] _ انظر النصيرية ص119.
[40] _ الحركات الباطنية ص369.
[41] _ النصيرية ص108.
[42] _ الباكورة السليمانية ص75. يلاحظ أن معظم الأبيات مكسورة ومشتملة على أخطاء نحوية أو لغوية.
[43] _ الباكورة السليمانية ص81، 82.
[44] _ الباكورة السليمانية ص 94.
[45] _ الحركات الباطنية ص370.
[46] _ الحركات الباطنية ص370.
[47] _ الحركات الباطنية ص 370.
[48] _ النصيرية ص118.
[49] _ النصيرية ص118.
[50] _ دراسات في الفرق صابر طعيمة ص45 نقلاً عن صبح الأعشى للقلشندي 13/50.
[51] _ الحركات الباطنية ص 370_371.
[52]_ الباكورة السليمانية ص108.
[53] _ الحركات الباطنية ص371.
[54] _ الحركات الباطنية ص371.
[55] _ انظر الحركات الباطنية ص66، وكشف أسرار الباطنية للشيخ محمد بن مالك ابن أبي الفضائل الحمادي اليمني ص55.
[56] _ الباكورة السليمانية ص97.
[57] _ الباكورة السليمانية ص109_110.
[58] _ انظر الحركات الباطنية ص349.
[59] _ 4 _ النصيرية ص87.
[61] _ 2 _ انظر النصيرية ص 87_89.
[63] _ انظر النصيرية ص89.
[64] _ انظر النصيرية ص89.
[65] _ الباكورة السليمانية ص40_41.
[66] _ الباكورة السليمانية ص34_35.
[67] _ 3 _ النصيرية د. سهير الفيل ص91.
[69] _ 5 _ الحركات الباطنية ص 392_393.
[71] _ الحركات الباطنية ص375.
[72] _ الباكورة السليمانية ص98.
[73] _ الباكورة السليمانية ص98.
[74] _ انظر دراسات في الفرق، د. صابر طعيمة ص46_49.
[75] _ الحركات الباطنية ص410.
[76] _ انظر دراسات في الفرق ص 49_51.
[77] _ انظر إلى كلام ابن تيمية عن حديث الغدير في منهاج السنة ج7ص313، وما بعدها، والإمامة في ضوء السنة عند الجعفرية د. علي السالوس، والشيعة من خلال كتب أهل السنة للمؤلف، مبحث _أخبار الغدير_ (مخطوط).
[78] _ انظر منهاج السنة ص318 ج7، ودراسات في الفرق ص49_51، وأضواء على دراسة السيرة صالح الشامي ص109.
[79] _ أخرجه البخاري (3706،4416)، ومسلم (2404).
[80] _ انظر الحركات الباطنية ص412_415.
[81] _ الحركات الباطنية ص415.
[82] _ 4 _ الحركات الباطنية ص394.
[84] _ الباكورة السليمانية ص48_49.
_ يلاحظ على القداسات كثرة الأخطاء اللغوية والنحوية.
[85] _ الباكورة السليمانية ص49_52.
[86] _ الأنزع: صفة لعلي ÷.
[87] _ الباكورة السليمانية ص51_52.
[88] _ الباكورة السليمانية ص18.
[89] _ الباكور السليمانية ص22.
[90] _ الباكورة ص28_30.
[91] _ الباكورة السليمانية ص39.
[92] _ الباكورة السليمانية ص49.
[93] _ انظر الحركات الباطنية ص373_380.
[94] _ الحركات الباطنية ص384، نقلاً عن المقالات والفرق :سعد القمي ص100_101.
[95] _ الحركات الباطنية ص369.
[96] _ الباكورة السليمانية ص13_18.
[97] _ انظر الحركات الباطنية ص323، النصيرية ص39، الموسوعة ص516.
[98] _ انظر النصيرية د. سهير الفيل ص93_103.
[99] _ انظر الحركات الباطنية ص 326_335، والنصيرية ص29_36، وطائفة النصيرية _ تاريخها وعقائدها _ تأليف د. سليمان الحلبي ص106_109.
[100] _ ولما هلك حافظ الأسد خلفه ابنه بشار، فكان كما قال الأول:
تلك العصى من هذه العصية | لا تلد الحيَّة إلا حيَّة |
وأنا أكتب هذه الكلمات في تاريخ 25/3/1433هـ وجيش نظام الأسد يضرب أغلب مدن سورية الأبيَّة التي انتفض شعبها الحرُّ الكريم على نظام الأسد، وظُلْمه دون سلاح إلا سلاح الكلمة؛ فلم يقابلهم الأسد وزبانيته إلا بأبشع أنواع القصف والقتل، والانتهاك للأعراض دون أن يسلم من ذلك شيخ، أو طفل، أو امرأة، حتى المساجد والمآذن لم تسلم من ذلك على مرأى من العالم، فلعل الله يعجل فرج إخواننا الأباة، ويعجل بهلاك هذا النظام الذي ينعم بالتأييد الكامل من إيران، هذا النظام البعثي الذي لم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل، بل ادخرها لصدور شعبه الأعزل.
[101] _ الحركات الباطنية ص417.
[102] _ مجموع الفتاوى 35/145_160.