×
كتاب قيم عبارة عن جملةٌ من المسائل والأحكام المهمة المتعلقة بالأذان والإقامة، جمعها المؤلف - أثابه الله - للحاجة إليها، وافتقار كثير ممن تولَّى تلك العبادة الجليلة إلى معرفتها.

 أَحْكَامُ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ

عَلَى رَأيَّ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ

تَألِيفُ

آزَادَ بْنِ فَائِق الْكُرْدِيّ

رَاجَعَهُ وَقَدَّمَ لَهُ

الشَّيْخُ مُحَمَّد بْنِ طَاهِرِ البَرزَنْجِيِّ

الشَّيْخُ مَرْوَانَ بْنُ عَزيْزِ الْكُرْدِيِّ

الشَّيْخُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الرَّازِيِّ

أَحْكَامُ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ

عَلَى رَأيِّ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ


اسْمُ الْكِتَاب: أَحْكَامُ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ عَلَى رَأْيِّ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ

تَألِيْفُ: آزَادَ بْنِ فَائِقِ الْكُرْدِيِّ

مُرَاجَعَةُ وَتَقْدِيْم:  الشَّيْخُ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرِ الْبَرْزِنْجِيِّ وَالشَّيْخُ مَرْوَانَ بْنِ عَزِيْزِ الْكُرْدِيِّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الرَّازِيِّ

الْغِلَاف:

سَنَةُ الْطَبْعِ:

عَدَدُ الْنَّسْخِ: نُسْخَة


رَقَمُ الْإِدَاعِ فِي الْمُدِيرْيَّةِ الْعَامَّةِ لِلْمَكتَبَاتِ الْعَامَّةِ- إِقْلِيمِ كُرْدُسْتَان(1425) لِسَنَةِ (2019م).

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ للهِ، وَالْصَّلَاةُ وَالْسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ مُحَمَدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

قَالَ تَعَالَى: [[وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَآ إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ]] [فصلت: ٣٣].

قَالَ رَسُولُ اللهِh: ((الـمـُــؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَومَ القِيَامَةِ))([1]).

وَقَالَ h: ((لَايَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌّ وَلاَ شَيءٌ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))([2]).


اهْدَاءُ

أُهْدِيَ هَذَا الْجُهْدَ الْمُتَوَاضِعَ:

·       إِلَى جَمِيْعِ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ.

·       إِلَى كُلِّ مَنْ يَعْمَلُ لِتَقَدُّمِ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْنُّهُوضِ بِهَا, وَيَعْمَلُ لِحِفْظِ كِيَانِهَا وَصِيَانَةِ هُويَّتِهَا مَعَ أَبْنَائِهَا.

·       إِلَى الشُّيُوخِ الْأَجِلَّةِ الَّذِيْنَ رَاجَعُوا الْكِتَابَ وَأَعْطُوهُ مِنْ نَفِيْسِ أَوْقَاتِهِم.

·        إِلَى أَسَاتِذَتِي النُّجَبَاءِ وَمَشَايِخِي الْفُضَلَاءِ, وَإِلَى كُلِّ مَنْ تَعَلَّمْتُ مِنْهُ حَرْفًا.

·       إِلَى وَالِدَيَّ الْكَرِيْمَيْنِ وَزَوْجَتِي الصَّابِرَة.


مُقَدِّمَةُ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرِ الْبَرْزنْجِيِّ(حَفِظَهُ اللهُ)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

بِسْمِ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.

وَبَعْدُ:

فَقَدْ رَاجَعْتُ هَذَا الْكُتَيْبِ الْقَيِّمِ لِابْنِ أَخِي (الشَّيْخ آزادَ البِنْجُويْنِيِّ الكُرْدِيِّ)، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَ الْكَثِيْرُ مِنْ مَعَاصِيْرِهِ فِي جَمْعِ الأَدِلَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَحْكَامِ الأَذَانِ وَالْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ فِي الْبَابِ، وَقَدْ تَحَلَّى بِطُولِ النَّفْسِ فِي جَمْعِ الرِّوَايَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالأَحْكَامِ التَّفْصِيْلِيَّةِ، وَذَكَرَ النِّقَاشُ الْعِلْمِيُّ الَّذِي دَارَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ الأَقْدَمِيْن.

وَحَسَبَ عِلْمِي فَإِنَّ أَخِي (الشَّيْخُ مَرْوَانَ الْكُرْدِيِّ) قَدْ رَاجَعَهُ قَبْلِي، وَنَاقَشَ بَعْضُ مَسَائِلِهِ مَعَ الْمُؤَلِّفِ، وَكَأَيِّ عَمَلٍ بَشَرِيّ فَإِنَّ هَذَا الْمُؤَلِّفْ بِحَاجَةٍ إِلَى تَقْيِيمِ وَنَقْدُ أَهْلِ الاِخْتِصَاصِ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَشُكْرٌ للهِ سَعى مَنْ رَاجَعَ وَنَقَدَ وَأَرْشَدَ، وَفَّقَ اللهُ مُؤَلِّفِهِ (الشَّيْخ آزاد) لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى سُبْحَانَهُ وَزَادَهُ عِلْمًا وَحِرْصًا.

                                                                                  وَكَتَبَهُ:

 مُحَمَّد الشَّيْخ طَاهِرِ الْبَرْزِنْجِيِّ ١٧ مُحَرَّم عَام ١٤٤٢

لِلْهِجْرَةِ الْمُشَرَّفَةِ

                                                                                                 قَطَر

مُقَدِمَةُ الشَّيْخِ مَرْوَانَ الْكُرْدِيِّ(حَفِظَهُ اللهُ)

 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الحمدُللهِ الَّذِي جعلَ الأذانَ شَعِيرَةً من شَعَائِرِ الإِسلامِ، وصيَّرَهُ إِعلاءً لِكَلِمَتِهِ وَإقامةً لِذكْرِهِ بينَ الأَنام، والصَّلاةُ والسَّلامُ على مَنْ جاءَنَا بالحُجَجِ العِظامِ، نبيِّنَا محمَّدٍ الَّذِي شَيَّدَ صَرْحَ الشَّرائِعِ والأَحكَامِ، وَعَلى آلِهِ وصحَابتِهِ الكِرَامِ، وَمَنْ تَبِعَهُم بإِحسانٍ إِلَى يومِ لُقيانَا بالَملِكِ العَلَّامِ.

أمَّابعدُ:

فَلا يخفَى مَا للأذانِ مِن دورٍ للإِيذَانِ بشُروعِ الصلاةِ والتَّجمُّعِ لهَا، وَالتَّذكِيرِ باللهِ تَعالَى، ولكنْ وَا أَسَفَاهُ لا يحسُّ بهذِهِ الأَهميةِ إلَّا مَنْ عَاشَ في الدُّولِ الَّتي لا يُقامُ فيهَا الأذانُ ولا يُسمَعُ صوتُ المؤذِّنِ فيهَا، وَلَا تُرْفَعُ تَكبيرَةُ (اللهُ أكبرُ..) وَلَا شَدْوُ (لَا إِلهَ إلَّا اللهُ) وَلَا تَغرِيْدُ (مُحمَّدٌ رَسُولُ اللهُ)، فَهذِهِ الكَلِمَاتُ بِحَقٍّ هِيَ حَادِي الأَروَاحِ وَبَهْجَتُهَا وَسُرُورُ القُلُوبِ وَاطْمِئنَانُهَا، وَانشِرَاحُ الصُّدورِ وَانفِتَاحُهَا!

وَكمَا أنَّ له أهميةً كُبرَى فِي حَياةِ الـمُسلِمِ فلهُ أحكامٌ تتعلَّقُ بهِ وأمُورٌ شرعيَّةٌ تُلاحِقُهُ، فَلا بُدَّ من معرِفَتِهَا والوقُوفِ على حَقِيقَتِهَا للمُؤذِّنينَ خاصَّةً وللمُسلِمينَ عامَّةً.

فَانطِلاقًا من هذا الشُّعُورِ السَّنِيِّ قامَ أَخُونَا وَحِبُّنا المـُقرِئُ الْمُؤَذِّنُ(الأُستاذُ آزادَ البينجوينيُّ الكُرْدِيُّ) – ثَبَّتَهُ اللهُ تَعَالَى على دِينهِ- بجمعِ مَادَّةٍ من هذِهِ الأحكامِ على قَدْرٍ لا بأسَ بهِ فأحسنَ وَأجادَ، وَلعلَّهُ يُضِيفُ عليهِ أكثرَ إِنْ رَأى فِيهِ خيرًا وَإقبَالًا عندَ النَّاسِ، وَفُسْحَةً وَانفِتَاحًا فِي وَقتِهِ، فجزاهُ اللهُ خيرًا وباركَ في عملِهِ كُلِّهِ، إنَّهُ وليُّ ذلكَ والقادِرُ عليهِ.

وَصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ.

أملاهُ الفقيرُ إلى رَحمَةِ اللهِ تعالى: مروانُ الكرديُّ السُّليمانيَّةُ /24ذُو الحِجَّةِ/1439ه


مُقَدِمَةُ الشَيْخِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الرَّازِيِّ(حَفِظَهُ الله)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُللهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِالإِيْمَان، وَأَزَالَ ظُلْمَ الشُّكُوكِ بِنُورِ الإِيْقَان، وَجَعَلَ كَلِمَتَهُ مَسْمُوعَةً فِي كُلِّ إِقَامَةٍ وَأَذَان، وَخَضَعَ لِجَبَرُوتِهِ جَمِيْعُ الإِنْسِ وَالْجَان.

وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ بَيَّنَ تَأْذِيْنَهُ أَيَّمَا بَيَان، وَجَاهَدَ بِإِذْنِهِ رُؤُسَ الطُّغْيَان، حَتَّى أَذْعَنُواْ لِأَذَانِهِ أَيَّمَا إِذْعَان.

أَمَّا بَعْد:

فَقَدْ اطَّلَعْتُ عَلَى مَاكَتَبَهُ أَخُونَا الْفَاضِل، الـمُقْرِءُ الْمُنَاضِل: (آزَادُ البِينْجُوِيْنِي الكُرْدِي) فِي أَحْكَامِ الأَذَانِ وَالإِقَامَة، فَأَحْسَنَ فِيْمَا كَتَبَ وَأَجَاد، وَجَمَعَ مَاقِيْلَ فِي أَحْكَامِهِمَا بِالإِجْمَاعِ وَالاِجْتِهَاد، وَكَانَ قَدْ كَتَبَ أَصْلَهَا بِلُغَةِ آبَائِهِ الأَمْجَاد، وَحَرِصَ عَلَى الإِنْتِفَاعِ بِهِ غَيْرُ الأَكْرِاد، فَقَامَ بِتَرْجَمَتِهِ إِلَى لُغَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالـمِيْعَاد.

فَأَحَلَّنَا اللهُ وَإِيَاهُ دَارَ الأَمَانَة، وَصَلَّى وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ خَصَّهُ بِشَرَفِ الشَّفَاعَةِ وَأَدَاءِ الأَمَانَة، وَقَرَنَ اسْمَهُ بِاسْمِهِ فِي كُلِّ أَذَانٍ وَإِقَامَة، صَلاَةً تَعُمُّ بَرَكَتُهَا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةْ.

                                                                                       كَتَبَهُ:

أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الرَّازِيِّ

الـمدينة المنورة 14/1/1442

 الْمُقَدِّمَةُ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الَلَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَثِيْرًا كَمَا تُنْعِمُ كَثِيْرًا، أَحْمَدُ اللهَ تَعَالَى وَأَشْكُرُهُ، وَأَسْتَعِيْنُهُ وَأَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُاللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفِيِّهُ وَخَلِيْلُهُ، الَلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِ بَيْتِهِ وَصَحَابَتِهِ وَالتَّابِعِيْن، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أمَّا بعدُ:

فَلاَ يَخْفَى أَنَّ الأَذَانَ وَالإِقَامَةَ يُرِيْحَانِ الْأَسْمَاعَ وَيُنَوِّرَانِ الْقُلُوبَ وَيُزِيْلَانِ ظُلْمَةَ الْإِثمِ وَالْضَّلَالَةِ عِنْدَ اِسْتِجَابَتِهِمَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: [وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباًۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٌ لَّا يَعۡقِلُونَ]. [المائدة:58]، وَقَالَ رَسولُ اللهِ h:- ((لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيئٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))([3])، وَقَالَ h:- ))الْمــُـــؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَومَ الْقِيَامَةِ))([4])، وَقَالَh:- ((إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيؤَذِنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ))([5]).

وَقَالَ حَسَّانُ بنُ ثَابِتc:

"وَضَمَّ الإِلَهُ اسْمَ النَّبِيِّ إِلَى اسْمِهِهِ ***  إِذْقَالَ الخَمْسُ الـمـُـــؤَذِّنُ أَشْهَدُ"([6]).

بَلِ الْأَذَانُ هُوَ سَبَبٌ وَضَعَهُ اللهُ لِانْتِشَارِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِبَادَاتِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: [وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَآ إِلَى اللهِ]، أَيْ: دَعَا عِبَادَ اللهِ إِلَيْهِ، [وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ]، [فصلت: ٣٣]، أَيْ([7]): وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مُهْتَدٍ بِمَا يَقُولُهُ، فَنَفْعُهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ لَازِمٌ ومُتَعَدٍّ، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَأْتُونَهُ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَأْتُونَهُ، بَلْ يَأْتَمِرُ بِالْخَيْرِ وَيَتْرُكُ الشَّرَّ، وَيَدْعُو الْخَلْقَ إِلَى الْخَالِقِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَهَذِهِ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ دَعَا إِلَى خَيْرٍ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مُهْتَدٍ، وَرَسُولُ اللهِh أَوْلَى النَّاسِ بِذَلِكَ، كَمَا قَالَه مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالسُّدِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا الْمُؤَذِّنُونَ الصُّلَحَاءُ، كَمَا قَالَ الْنَّبِيُّh:- ((الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَومَ الْقِيَامَةِ))([8] أَيْ: أَحْسَنُ النَّاسِ وَ أَفْضَلُهُمْ عَمَلًا الْمُؤَذِّنُونَ.

فَإنَّني بعدَ المـُشَاوَرَةِ مَعَ مَجْمُوعَةٍ مِنَ الْأَسَاتِذَةِ وَخُطَبَاءِ الْمَسَاجِدِ، قُمْتُ بِزِيَادَةٍ عَنِ الْبَحْثِ الَّذِي قَدَّمْتُهُ سَابِقًا إِلَى جَامِعَةِ السُّلَيْمَانِيَّةِ تَحْتَ عِنْوَانِ (أَحْكَامُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) في الـمَرحَلةِ الجامعِيَّةِ، وَأَلَّفْتُهُ بِاللُّغَتَيْنِ: الْعَرَبِيَةِ وَالْكُرْدِيَةِ، وَتَمَّتْ تَرْجَمَتُهُ بِلُغَةِ الفَارِسِيِّةِ.

فَأَسْأَلُ اللهَ الْجَنَّةَ لِعُلَمَائِنَا جَمِيْعًا سَلَفِهِمْ وَخَلَفِهِمْ وَلَاسِيَّمَا الَّذِيْنَ يَجْتَهِدُونَ لِوَجْهِ اللهِ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَيَنْصُرُونَ الإِسْلَامَ، وَيَشْرَحُونَ الْعُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ لَنَا، وَالمـُــؤَذِّنِيْنَ المـُــتَطَوِّعِيْنَ الَّذِينَ يُؤَذِّنُونَ بِلَا عُجْبٍ وَلَاتَكَبُّرٍ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَأَسْأَلُ الْمَوْلَى الْعَزِيْزَ أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيْم، وَأَنْ يُوَفِّقَنِي فِيْهِ وَأَنْ يَجْزِيَ جَمِيعَ أَسَاتِذَتِي، وَزَوْجَتِي الْكَرِيْمَةَ، وَجَمِيْعَ أَصْدِقَائِي الأَعِزّاء، وَجميعَ الـمُسلِمينَ، اللَّهُمَّ آمِين.

إِنْ أَصَبْتُ  فِيْمَا كَتَبْتُ فَمِنَ اللهِ تعَالَى، وَإِنْ أَخْطَأْتُ فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ.

وَصَلَى اللهُ وَسَلَمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

آزادَ بْنِ فَائِقِ الْبِينْجُوِيْنِيِّ الْكُرْدِيِّ

كُرْدُسْتَانُ الْعِرَاق| الْسُّلَيْمَانِيَةُ|  ئازادي

لَيْلَةَالأَربِعَاء

                                                 9/ذُو الحِجَّةِ/1439ه

19 \10\ 2018م

Email: azadpenjweny151@gmail.com

قَالَ إِسْمَاعِيْل بَرِيْك فِي دِيْوَانِهِ (بُوْحُ الْقَصِيْدِ):

"صَوْتُ الأَذَانِ بِمَسْمَعِي مَوْصُولُ *** لَفْظُ الجَلَالَةِ في دَمِي مَحْمُولُ

(اللهُ أَكْبَرُ)    كُلَّمَا     رَدَّدْتُهَا *** يَحْلُو  لِسَانِي  وَالْهُمُومُ   تَزُولُ

فَأَرُوحُ  أَهْتِفُ  بِالنّدَاءِ  مُهَرْوِلًا *** نَحْوَ  المـَسَاجِدِ  دَاعِياً  وَأَقُولُ

      رَبِّي   تَقَبَّلْ  يَا غَفُورُ  صَلَاتَنَا *** إنَّ   الصَّلَاةَ   لَشَاهِدٌ  وَدَلِيلُ

      تَمْحُو  ذُنُوبَ  الْعَابِدينَ  لِرَبِّهِمْ *** وَاللهُ  دَوْمَاً   عَفْوُهُ   مَأْمُولُ".


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

 إِجَازَةٌ فِي الأَذانِ وَالإِقَامَةِ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا مُحَمَّدٍ، وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْن.

أَمَّابَعْدُ:

فإن الله سبحانه وتعالى قد خصَّ هذه الأمَّة بخصائص عدّة ومنها الأذان وقد أفرد الفقهاء له أبوابا وأقساما في مصنفاتهم ومن نعمة الله علينا أن نرويه بالأسانيد المتصلة إلى منتهاه, وبعد أن طلب منّي الأخ الفاضل: (آزاد فائق توفيق الكُردي) الإجازة بالأذان والإقامة أقول وبالله التوفيق إنّي قد أجزتُه بالرواية عنّي وأخبره بأنّي أروي أحاديث الأذان عن الشيخ (رعد محسن حاوي السامرائي) حفظه الله، وهو عن المحدّث الشيخ (صبحي السامرائي) رحمه الله تعالى عن أبي الصاعقة عن نعمان خير الدين أفندي الآلوسي ابن المفسر أبى ثناء عن أبي ثناء محمود بن عبدالله الآلوسي صاحب التفسير (روح المعاني) عن علي بن محمد سعيد السويدي عن أبيه راوية العراق أبي عبدالله محمد سعيد السويدي عن ابن عقيلة المكي (وقد ورد بغداد) عن عبدالله بن سالم البصري عن الملا إبراهيم بن حسن الكوراني (صاحب الأمم لإيقاظ الهمم) عن صفيّ الدين أحمد المدني عن الرملي عن زكريا الأنصاري عن ابن حجر عن أبي محمد عبدالله بن محمد بن محمد بن سليمان النيسابوري الأصل, المكي عن إمام المقام رضي الدين أبي محمد إبراهيم بن محمد بن أبي بكر الطبري عن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي حرمي عن أبي الحسن علي بن حميد بن عمار الطرابلسي أنبأنا أبو مكتوم عيسى بن الحافظ أبي ذر عبد بن محمد الهروي أنبأنا أبي قال أنبأنا العلامة أبو اسحاق إبراهيم بن أحمد المستعلي قال أنبأنا الفِرَبْري أبو عبدالله محمد بن يوسف بن مَطر أنبأنا (البخاري أبو عبدالله محمد إسماعيل بن إبراهيم) قراءة عليه وأنا أسمع قال حدثنا محمود بن غَيلان قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج قال أخبرني نافع أن ابنَ عمر كان يقول كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحيّنون الصلاة ليس ينادى لها فتكلم يوم في ذلك فقال بعضُهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النّصارى وقال بعضهم بل بوقاً مثل قرن اليهود فقال عمر: أولا تبعثون رجلاً ينادي بالصّلاة فقال رسول اللهﷺ: {يا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ}، وأخبره بأنّي أروي حديث الأذان في مسند الإمام أحمد بنفس الإسناد إلى (الحافظ ابن حجر عن الحافظ العراقي وأبي الحسن الهيثمي) قالا: أخبرنا (محمد بن إسماعيل بن إبراهيم) الأنصاري الدمشقي ابن الخباز وأبي الحسن علي بن أحمد بن إبراهيم العرضي بالقاهرة قال الأول أخبرنا مسلم بن علان وقال الثاني قُرئ على زينب بنت مكي وأنا أسمع وأجازنا الفخر بن البخاري إن لم يكن سماعا قالوا أنبأنا حنبل بن عبدالله المـُكثِر أخبرنا أبو القاسم عبدالله بن محمد بن الحصين قال أخبرنا أبو علي الحسن بن علي التميمي الواعظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطِّيعي حدثنا عبدالله بن الإمام أحمد قال حدثنا أبي قال حدثنا يونس حدثنا فَليح عن زيد بن أبي أُنيسة عن عمرو بن مُرّة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال وأحيل الصيام ثلاثة أحوال فأما أحوال الصلاة فان النبيﷺ قدم المدينة وهو يصلي سبعة عشر شهراً إلى بيت المقدس ثم إنّ الله أنزل عليه:  [قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ]. [البقرة: 144] قال فوجَّهَهُ الله الى مكة قال: فهذا حول. قال: وكانوا يجتمعون للصلاة ويؤذِن بها بعضهم بعضاً حتى نقسوا أو كادوا ينقسون. قال ثم أن رجلاً من الأنصار يقال له عبدالله بن زيد أتى رسول اللهﷺ  فقال: يا رسول الله اني رأيت فيما يرى النائم ولو قلت إنّي لم أكن نائماً لصدقت، إذ رأيتُ شخصاً عليه ثوبان أخضران فاستقبل القبلة فقال: {اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَر}، {أَشْهَدُ أنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا الله} (مَثْنَى مَثْنَى) حتى فرغ من الأذان ثمّ أمهل ساعة قال: ثم قال مثل الذي قال غير أنه يزيد في ذلك قد قامت الصلاة فقال رسول اللهﷺ: {عَلِّمْهَا بِلالاً فَلْيؤَذِّنْ بِهَا}، فكان بلالٌ أولَ مَن أَذَّنَ بِها. (15جملة).

وأخبره أنِّي أروي حديث الأذان لأبي محذورة في صحيح الإمام مسلم بنفس الإسناد الى الحافظ ابن حجر قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ياسين الجزولي المقرئ إجازة مكاتبةً قال أنبأنا الشريف موسى بن علي بن أبي طالب العلوي الموسوي قراءة عليه وأنا حاضر إجازةً منه قال أنبانا العلامة تقي الدين أبو عمرو عثمان ابن صلاح الشافعي والحافظ الحسن بن محمد بن محمد البكري سماعا عليهم لجميعه قالوا أنبانا المؤيد ابن محمد الطوسي قال أنبأنا فقيه  الحرم أبو عبد الله محمد ابن الفضل الصاعقي الفراوي قال أنبأنا أبو الحسين عبد الغافر ابن محمد الفارسي قال أخبرنا أبو أحمد محمد ابن عيسى الجلودي قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد ابن سفيان قال أخبرنا الإمام مسلم بن الحجاج القشيري رحمه الله قال حدثني أبو غسان المِسمعيُّ مالك ابن عبدالواحد وإسحاق ابن إبراهيم قال أبو غسان حدثنا مُعاذ وقال إسحاق أخبرنا معاذ ابن هشام صاحب الدّستوائي وحدثني أبي عن عامر الحول عن مكحول عن عبدالله مُحيريز عن أبي محذورة أنّ نبي اللهﷺ علّمه هذا الأذان: {الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله الاّ الله، أشهد أن لا إله الاّالله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله}، ثم يعود فيقول: {أشهد أن لا إله الاّ الله، أشهد أن لا إله الاّ الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، حيّ على الصلاة - مرتين- حيّ على الفلاح – مرتين}، زاد إسحاق {الله أكبر الله أكبر، لا إله إلاّ الله}. (17جملة)([9]).

وأوصي المجاز أعلاه ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته ولزوم أوامره واجتناب نواهيه واتباع سنة رسوله واجتناب البدع.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه وعلى آله وصحبه أجمعين.

حررها في مدينة حلبجة الجديدة حماها الله:

سيروان حامد الشهرزوري توطنا البغدادي تولدا 28/ ربيع الثاني1440هـ الموافق لـ (5/1/2019) م.

 الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مَفْهُومُ الْأَذَانِ

الْأَذَانُ لُغَةً: هُوَ اسْمٌ لِلْتَّأْذِينِ.

وَالتَّأْذِيْنُ مَصْدَرُ أَذَّنَ- يُؤَذِّنُ- أَذَانًا- وَمُؤَذِّنًا.

·       "وَهُوَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَالْإِعْلَامِ، تَقُولُ: أَذَّنْتُ بِهَذَا الْأَمْر، أَي عَلِمْتُ، وَتَقُولُ: آذَنَنِي فُلَانٌ، أَي: أَعْلَمَنِي"([10]).

كَمَا قَاَلَ تَعَالَى: [وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ ٢].[الحج: ٢٧] أَي: أَعْلِمْهُمْ بِهِ.

·       "الأَذَانُ، وَالْأَذِيْنُ وَالتَأْذِيْنُ كُلُّهَا بِمَعْنَى النِّدَاءِ إِلَى الْصَّلَاةِ"([11]).

وَالْأَذَانُ شَرْعَاً: "ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ شَرَّعَهُ الْإِسْلَامُ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ المــَفْرُوضَةِ، وَدَعْوَةِ الْمُسْلِمْيِنَ إِلَى الْاِجْتِمَاعِ إِلَيْهَا"([12]).

·       "قَوُلٌ مَخْصُوصٌ يُعْلَمُ بِهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ"([13]).

·      "التَّعَبُّدُ للهِ تَعَالَى لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِذِكْرٍ مَخْصُوصٍ"([14]).

·      وَالصَّوَابُ أَنَّ الأَذَانَ: قَولٌ مَخْصُوصٌ لِلْإِعْلاَمِ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلاَةِ الْمَفْرُوضَةِ.

*******


 الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مَشْرُوعِيَّةُ الْأَذَانِ وَفَضْلُهُ:

دَلَّ الْقُرْآنُ الكَرِيمُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ، وَأَنَّ فِيْهِ فَضْلًا كَبِيْرًا وَأَجْرًا عَظِيْمًا، وكَذَا الْعَقْلُ وَالقِيَاسُ دَلَّا عَلَى وُجُوبِيَتِهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَاتَتِمُّ إِلَّا بِهِ وَمَا لَا يَتِمُّ الوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ كَمَا قَالَهُ الأُصُولِيونَ.

فَمِنَ الْقُرْآنِ: قَوُلُهُ تَعَالَى: [وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ ٥٨] [المائدة:58].

وَمِنَ السُّنَّةِ: أَحَادِيْثُ كَثِيْرَةٌ، مِنْهَا خَبَرُ الصَّحِيْحَيْنِ: ((إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيؤَذِنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ([15])))([16])، وَدَلَّ حَدِيْثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيِدٍ عَلَى كَيْفِيَةِ الْأَذَانِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْرُؤْيَا الَّتِي أَيَّدَ فِيْهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي حَدِيْث طَوُيْلٍ، فَقَالَ الْنَّبِيُّh:(( إِنَّهَا لَرُؤْيا حَقٌ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَقُمْ مَعَ بِلالٍ فَأَلْقِ عَلَيهِ مَارَأَيْتَ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوتاً مِنْكَ))([17]).

وَفِي صَحِيْحِ الْبُخَارِي(رَحِمَهُ اللهُ): ((عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَانَ، يَقُولُ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ:- ((يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ))(([18].

وَفِي الْأَذَانِ ثَوَابٌ كَبِيْرٌ: بِدَلِيْلِ قَوُلِهِh: ((لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّداءِ([19])، وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ([20])، ثُمَّ لَمْ يَجِدُواْ إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُّوا([21]) عَلَيِه، لَاسْتَهَمُّوا عَلَيِه وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَافِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُواْ إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَافِي الْعَتْمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُما، وَلَوْ حَبْوًا))([22]).

وَقَوْلِهِ h: ((لَايَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌّ وَلاَ شَيءٌ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))([23]).

وَفِي حَدِيْثٍ آخَرَ: ((الْمــُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَومَ القِيَامَةِ))([24]).

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَc قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ :h (( الإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ))([25]((الضَّمَانُ)) أَي: الْكَفَالَةُ وَالْحِفْظُ وَالرِّعَايَةُ، وَ((الْمُؤْتَمَنُ)) أَي: الْأَمِيْنُ عَلَى مَوَاقِيْتِ الصَّلَاةِ.

·       وَاعْتُبِرَ الْأَذَانُ مَعَ الْإِقَامَةِ عِنْدَ الشَّافِعِي فِي الْأَصَحِّ وَالْحَنَابِلَةِ أَفْضَلَ مِنَ الْإِمَامَةِ([26] لِقَوْلِهِ تَعَالَى:  [وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ٣٣]، [فصلت: ٣٣].

·       وَقَالَ الْحَنَفِيَةُ: "الْإِقَامَةُ وَالْإِمَامَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْأَذَانِ([27])، لِأَنَّ الْنَّبِيَh وَخُلَفَاءَهُ تَوَلَّوُاْ الْإِمَامَةَ، وَلَمْ يَتَوَلَّوُا الْأَذَانَ"([28]).

*******


 الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَة أَحْكَامُ الْأَذَانِ:

الْأَذَانُ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) عَلَى أَهْلِ الْمُدُنِ وَالْقُرَى، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَقَولُ مُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَولٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَولُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَابْنُ تَيْمِيَّةَ([29])، وَدَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ، وَأَبو الْوَلِيْدِ الْبَاجِيُّ، وَمِنَ الْمُعَاصِرِيْنَ ابْنُ بَازٍ، وَابْنُ عُثَيْمِين، وَالْأَلْبَانِي(رَحِمَهُمُ اللهُ)([30])، لِقَوْلِهِh:- (( إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَليؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ))([31]).

·       وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْأَذَانَ (سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ).

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ(رَحِمَهُ اللهُ):- "قَالَ الزَيْنُ بْنُ الْمُنِيْرِ(رَحِمَهُ اللهُ): أَعْرَضَ الْبُخَارِيُّ عَنِ التَّصْرِيْحِ بِحُكْمِ الْأَذَانِ بِقَوْلِهِ (بَابُ بِدْءِ الْأَذَانِ) لِعَدَمِ إِفْصَاحِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِيْهِ عَنْ حُكْمٍ مُعَيَّنٍ، فَأَثْبَتَ مَشْرُوعِيَتَهُ وَسَلِمَ مِنَ الْأَعْرَاضِ، وَقَد اختُلِفَ فِيْهِ وَمَنْشَأُ الاِخْتِلَافِ: أَنَّ مَبْدَأَ الْأَذَانِ لَمَّا كَانَ عَنْ مَشُورَةٍ أَوْقَعَهَا النَّبِيُّh بَيْنَ أَصْحَابِهِ حَتَّى اسْتَقَرَّ بِرُؤْيَا بَعْضِهِمْ فَأَقَرَّهُ، كَانَ ذَلِكَ بِالْمَنْدُوبَاتِ أَشْبَهَ، ثُمَّ لَمَّا وَاظَبَ عَلَى تَقْرِيْرِهِ وَلَمْ يَنْقُلْ أَنَّهُ تَرْكَهُ وَلَا أَمَرَ بِتَرْكِهِ وَلَا رَخَّصَ فِي تَرْكِهِ كَأَنَّ ذَلِكَ بِالْوَاجِبَاتِ أَشْبَهُ، اِنْتَهَى"([32]).

وَقَالَ الْشَّرَنْبَلَالِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ): "سُنَّ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً لِلْفَرَائِضِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً سَفَرًا أَوْ حَضَرًا لِلْرِّجَالِ, وَكُرِهَا لِلْنِّسَاءِ"([33]).

حُكْمُ الْأَذَانِ بِالْنِّسْبَةِ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْجَمَاعَةِ:

·       فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ(رَحِمَهُمَا اللهُ)([34]): الأَوْلَى أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيْمَ.

·        وَقَالَ مَاِلكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ(رَحِمَهُمَا اللهُ): يُقِيْمُ وَلَايُؤَذِّنُ([35]).

·       وَقَالَ أَبُوحَنِيْفَةَ وَأَصْحَابُهُ(رَحِمَهُمُ اللهُ): لَايُؤَذِّنُ وَلَايُقِيْمُ([36]).

قَالَ السَّيْد سَالِم(رَحِمَهُ اللهُ): "مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدَاً بِبَلْدَةٍ أَذَّنَ بِهَا، فَإِنِ اكْتَفَى بِأَذَانِهِم أَجْزَأَهُ، وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ فَقَدْ أَحْسَنَ لِإِدْرَاكِ فَضِيْلَةِ الْأَذَانِ، وَلِحَدِيْثِ أَبِي سَعِيْدٍ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي(فَضَائِلِ الْأَذَانِ)، وَكَذَلِكَ إِذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ، وَحَضَرَ فِي مَسْجِدٍ قَدْ صَلَّى فِيْهِ أَهْلُهُ، فَإِنْ اِكْتَفَى بِأَذَانِهِمْ أَجْزَأَهُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيْمَ، كَذَا فِعْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍc: (فَعَنْ عُثْمَانَc قَالَ: أَتَانَا  أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي مَسْجِدِ بَنِي ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ: قَدْ صَلَّيْتُمْ؟ وَذَلِكَ صَلَاةُ الْغَدَاةِ- فَقُلْنَا: نَعَمْ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: أَذِّنْ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ ثُمَّ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ)([37]) ([38]).

*******

 الْمَسْأَلَةُ الْرَّابِعَةُ حُكْمُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِالتَّسْجِيْلِ الصَّوْتِي:

الْأَذَانُ وَالإِقَامَةُ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ الْقَوْلِيَّةِ، وَيَجِبُ أَنْ يَقُومَ بِهِ الأَشْخَاصُ الَّذِينَ لَهُمُ الأَهْلِيَّةُ فِيهِ، أَي: أَنْ يَكُونَ أَذَانُهُمْ مُوافِقًا لِلأَذَانِ الَّذِي جَاءَ فِي الشَّرِيعَةِ وَيَكُونَ بِصَوْتٍ جَمِيل.

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلأَذَانِ وَالإِقَامَةِ بِالتَّسْجِيلِ الصَّوْتِيِّ..فَإنَّ لِلْعُلَمَاءِ المـُعَاصِرِينَ عِدَّة آرَاءٍ؛ فَقَالَ العَدِيْدُ مِنْهُم: لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ التَّسْجِيلُ الصَّوْتِيُّ لِلأَذَانِ وَالإِقَامَةِ فِي المـَسَاجِدِ؛ لِأَنَّ الأَذَانَ يَكُونُ مَعَهُ نِيَّةٌ وَلَا تَتَحَقَّقُ بِالتَّسْجِيْلِ، وَقَالُوا إِنَّ لِلْمُؤَذِّنِ أجرًا عَظِيمًا وَثَوابًا جَزِيلًا، فَإِذَا نُودِيَ بِالتَّسْجِيْلِ الصَّوْتِيِّ يَفُوتُهُمْ ذَلِكَ الأَجْرُ، وَهَذَا رَأيُ مَجْمَع مِنَ العُلَمَاءِ بِرَابِطَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ، وَرَأيُ ابْنُ عُثَيْمِيْن([39]).

وَهَذَا نَصُّ فَتْوَى الْمَجْمَعِ الْفِقْهِيِّ الْإِسْلَامِيِّ بِرَابِطَةِ الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ فِي هَذَا الْبَاب: "الْحَمْدُ للهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مَجْلِسَ الْمَجْمَعِ الْفِقْهِيِّ الْإِسْلَامِيِّ بِرَابِطَةِ الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ الْمُنْعَقِدَ بِدَوْرَتِهِ التَّاسِعَةِ فِي مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ مِنْ يَوْمِ السَّبْتِ 12\ 7 \ 1406ه إِلَى يَوْمِ السَّبْتِ 19\ 7\ 1406ه.... وَبَعْدَ اِسْتِعْرَاضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ بُحُوثٍ وَفَتَاوِي، وَالمـُدَاوَلَةِ فِي ذَلِكَ.. وَبِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ مَجْلِسَ المـَجْمَعِ الفِقْهِيِّ الإِسْلَامِيِّ يُقَرِّرُ مَايلِى: أَنَّ الاِكْتِفَاءَ بِإِذَاعَةِ الأَذَانِ فِي المـَسَاجِدِ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِوَاسِطَةِ آلَةِ تَسْجِيلٍ وَنَحْوِهَا لايُجْزِئُ وَلَا يَجُوزُ فِي أَدَاءِ هَذِهِ العِبَادَةِ, وَلَا يُحَصَّلُ بِهِ الأَذَانُ المـَـشْرُوعُ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى المـُسْلِمِينَ مُبَاشَرَةً الأَذَانُ لِكُلِّ وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ عَلَى مَا تَوَارَثَهُ المـُسْلِمُونَ مِنْ عَهْدِ نَبِيِّنَا وَرَسُولِنَا مُحَمَّدٍ إِلَى الآنَ. وَاللهُ المـُوَفِّقُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعَيْ" ([40]) .

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَابْأَسَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ التَّسْجِيلُ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ الَّتِي لَا يُوجَدُ فِيْهَا مُؤَذِّنٌ أَمِينٌ وَ مُؤَذِّنٌ يَحْضُرُ لِكُلِّ الصَّلَوَاةِ.

*******

 الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ شُرُوطُ الْأَذَانِ:

قَدِ اشْتَرَطَ الْعُلَمَاءُ شُرُوطًا كَثِيْرَةً فِي صِحَّةِ الْأَذَانِ

وَنَحْنُ نَذْكُرُ هُنَا سَبْعَةَ شُرُوطٍ:

1- أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ مُسْلِمًا ذَكَرًا عَاقِلًا.

2- تَرْتِيْبُ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ لِلاِتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ تَرْكَ التَّرْتِيْبِ يُوهِمُ اللَّعِبَ وَيُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ.

3- الْمُوالَاةُ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ، بِحَيْثُ لَايَقُومُ فَاصِلٌ كَبِيْرٌ بَيْنَ الْكَلِمَةِ وَالْأُخْرَى([41]).

4- رَفْعُ الصَّوْتِ إِنْ كَانَ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ، أَمَّا إِنْ كَانَ يُؤَذِّنُ لِمُنْفَرِدٍ فَيُسَنُّ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيْهِ جَمَاعَةٌ، أَمَّا إِنْ أَذَّنَ لِمُنْفَرِدٍ فِي مَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيْهِ جَمَاعَةٌ فَيَسُنُّ خَفْضُ الصَّوْتِ لِئَلَّا يَتَوَهَمَّ السَّامِعُونَ دُخُولَ الصَّلَاةِ الأُخْرَى)([42]).

إِنَّ النَّبِيَّh قَالَ لِأَبِي سَعِيْدٍ الْخُدْرِيِّc: (( إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنِّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌّ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))([43]).

5- دُخُولُ الْوَقْتِ: لِقَوْلِهِh: ((إِذَا حَضَرَتِ الْصَّلاةُ فَلْيؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ))([44]).

وَلَاتَحْضُرُ الْصَّلَاةُ إِلَّا بِدُخُولِ وَقْتِهَا وَلِأَنَّ الْأَذَانَ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُبِالْإِجْمَاعِ، إِلَّا فِي الصُّبْحِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ.

قَالَ الْخَطِيْبُ الشَّرْبِيْنِيُّ(رَحِمَهُ اللهُ): "وَشَرْطُ الْمُرَتَّبِ لِلْأَذَانِ عِلْمُهُ بِالْمَوَاقِيْتِ دُونَ مَنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِجَمَاعَةٍ مَرَّةً، أَي: فَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِهَا، بَلْ إِذَا عُلِمَ دُخُولُ الْوَقْتِ صَحَّ أَذَانُهُ بَدَلِيْلِ صِحَّةِ أَذَانِ الْأَعْمَى"([45]).

6- يُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ إِسْمَاعُ بَعْضِ الْجَمَاعَةِ، وَإِسْمَاعُ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ مُنْفَرِدَاً([46]).

7-"أَنْ يَكُونَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ: فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِهَا إِنْ أَذَّنَ لِجَمَاعَةٍ، فَإِنْ أَذَّنَ غَيْرُ الْعَرَبِيِّ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَايُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، جَازَ عِنْدَ الشَّافِعِيَةِ(رَحِمَهُمُ اللهُ)، وَلَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالْحَنَفِيَّةِ(رَحِمَهُمُ اللهُ) لِوُرُودِهِ بِاللِّسَانِ العَرَبِيِّ كَالْقُرْآنِ"([47]).

*******

 الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ الْكَلَامُ أَثْنَاءَ الْأَذَانِ:

يَجُوزُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَثْنَاءَ الْأَذَانِ خَاصَّةً إِذَا كَانَ الْكَلَامُ مَشْرُوعًا، كَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيْتِ الْعَاطِسِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِh: (( أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ لِلْعَسْكَرِ، فَكَانَ يَأْمُرُ غُلَامَهُ فِي أَذَانِهِ بِالْحَاجَةِ))([48]).

وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ(رَحِمَهُ اللهُ): "وَرَخَّصَ فِيْهِ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ"([49]).

قَالَ أَبُو دَاوُد (رَحِمَهُ اللهُ): "قُلْتُ لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ فِي أَذَانِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقِيْلَ: يَتَكَلَّمُ فِي الْإِقَامَةِ؟ قَالَ: لَا".

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ (رَحِمَهُ اللهُ): ( ثُمَّ الْكَلَامُ الْمُبَاحُ كُلُّهُ جَائِزٌ فِي نَفْسِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ).

*******

 الْقِسْمُ الثَّانِي الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى كَيْفِيَّةُ الْأَذَانِ وَصِيْغَتُهُ:

وَرَدَ الْأَذَانُ بِكَيفيَّاتٍ مُختَلفةٍ([50])نَذكُرُ الصِّيغَةَ الرَّاجِحَةَ، وَهِيَ([51]):

تَرْبِيْعُ الْتَّكْبِيْرِ الْأَوَّلِ وَتَثْنِيَةُ بَاقِي الْأَذَانِ بِلَا تَرْجِيْعٍ مَاعَدَا كَلِمَةَ الْتَّوْحِيْدِ، فَيَكُونُ عَدَدُ كَلِمَاتِهِ (خَمْسَ عَشْرَةَ) كَلِمَةً([52])، لِحَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ([53]):

اللهُ أَكْبَرُ1 اللهُ أَكْبَرُ2

اللهُ أَكْبَرُ3 اللهُ أَكْبَر4

أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ5.....أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ6

أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَّسُولُ الله7.....أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَّسُولُ الله8

حَيَّ عَلَی الصَّلَاةِ9...... حَيَّ عَلَی الصَّلَاة10

حَيَّ عَلَی الْفَلَاحِ11...... حَيَّ عَلَی الْفَلَاح12

اللهُ أَكْبَرُ13  اللهُ أَكْبَر14

     لَا إِلَهَ إِلَّا الله15([54]).

 الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ سُنَنُ الْأَذَانِ:

1- "أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ صَيِّتًا (عَالِيَ الصَّوْتِ)، وَ حَسَنَ الْصَّوْتِ: يَرْفَعُ صَوْتَهُ لِلْأَذَانِ، عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ وَبِقُرْبِ الْمَسْجِدِ، لِقَولِهِh فِي خَبَرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الْمُتَقَدِّمِ: ((أَلْقِه عَلَى بِلَالٍ، فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْكَ صَوْتًا))([55]) أَي: أَبْعَدُ، وَلِزِيَادَةِ الْإِبْلَاغِ، وَلِيُرَقِّقَ قَلْبَ الْسَّامِعِ، وَيَمْيِلَ إِلَى الْإِجَابِةِ، وَلِأَنَّ الدَّاعِيَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُلْوَ الْمَقَالِ، وَرَوى الدَّارمِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ:- ((أَنَّ رَسُولَ اللهِh أَمَرَ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ رَجُلًا فَأَذَّنُوا، فَأَعْجَبَهُ صَوْتُ أَبِي مَحْذُورَةَ، فَعَلَّمَهُ الأَذَانَ))([56])"([57]).

2- أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ مُتَوَضِّأً، وَإِنْ أَذَّنَ وَهُوَ مُحْدِثٌ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ أَجْزَأَ عِنْدَ جَمِيْعِ الْفُقَهَاءِ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ جُنُبًا عَلَى الْصَّحِيْحِ لِعَدَمِ الْدَّلِيْلِ عَلَى الْمَنْعِ وَلِأَنَّ الْجُنُبَ لَيْسَ بِنَجَسٍ، وَقَدْ مَنَعَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ([58]).

3- أَنْ يَتَرَسَّلَ فِي الْأَذَانِ، وَيُسْرِعَ فِي الْإِقَامَةِ([59]).

4- يُسْتَحَبُّ وَضْعُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ: لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي إِحْدَى رِوَايَاتِ الْحَدِيْثِ: ((رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ، وَيَدُورُ، وَيُتْبِعُ فَاهُ هَهُنَا وَهَهُنَا، وَإِصْبَعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ))([60]).

قَالَ الْعُلَمَاءُ([61]): وَفِي ذَلِكَ فَائِدَتَانِ([62]):

إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَرْفَعَ لِصَوْتِهِ.

ثَانِيْهِمَا: أَنَّهُ عَلَامَةٌ لِلْمُؤَذِّنِ لِيَعْرِفَ مَنْ رَآهُ عَلَى بُعْدٍ أَوْ كَانَ بِهِ صَمَمٌ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ.

5- الاِلْتِفَاتُ بِالرَّأْسِ يَمِيْنًا عِنْدَ قَوْلِهِ (حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ)، وَيَسَارًا عِنْدَ قَوْلِهِ (حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ)([63]): لِحَدِيْثِ أَبِي جُحَيْفَةَc: (أَنَّهُ رَأَى بِلَالًا يُؤَذِّنُ)، قَالَ: (( فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَهُنَا وَهَهُنَا بِالأَذَانِ))([64]).

فَيُسَنُّ أَنْ يَلْتَفِتَ بِرَأْسِهِ وَبَدَنِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ خِلَافًا لِمَالِكٍ فَقَدْ أَنْكَرَهُ، وَقَيَّدَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ بِمَنْ يُؤَذِّنُ عَلَى الْمَنَارَةِ يُرِيْدُ أَنْ يُسْمِعَ النَّاسَ([65]).

6- أَنْ يُؤَذِّنَ قَائِمًا عَلَى حَائِطٍ أَوْ مَنَارَةٍ لِلْإِسْمَاعِ: قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ(رَحِمَهُ اللهُ): أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُؤَذِّنَ قَائِمًا([66]).

وَجَاءَ فِي حَدِيْثِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّh قَالَ لِبِلَال: ((قُم ْفَأَذِّنْ))([67])، وَكَانَ مُؤَذِّنُو رَسُولِ اللهِh يُؤَذِّنُونَ قِيَامًا.

فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَمَرَضٍ، أَذَّنَ قَاعِدًا،  كَذَلِكَ يُسَنُّ أَنْ يُقِيْمَ قَائِمًا.

7- عَدَمُ الْتَمْطِيْطِ بِالْأَذَانِ، أَي: تَمْدِيْدِهِ وَالْتَّغَنِي بِهِ، بَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ([68]).

8- يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ هُناكَ مُؤَذِّنَانِ فِي الْمَسْجِدِ لِأَذَانِ الْفَجْرِ([69])، يُؤَذِّنُ وَاحِدٌ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَالْآخَرُ بَعْدَهُ، وَدَلِيْلُهُ حَدِيْثُ الْنَّبِيِّh: ((إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيِلٍ، فَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى تَسْمَعُواْ أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ))([70]).

9- يُسَنُّ لِلْمُؤَذِّنِ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيْدِ أَوِ اللَّيْلَةِ الْمَطِيْرَةِ وَنَحْوِهِمَا أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَيَّعَلَتَيْنِ، أَوْ بَعْدَ الْأَذَانِ مَا ثَبَتَ فِي الْسُّنَّةِ: ((أَلَا صَلُّواْ فِي الرِّحَالِ))([71] أَوْ يَقُولَ: ((صَلُّواْ فِي بُيُوتِكُمْ))([72] أَوْ يَقُولَ: ((وَمَنْ قَعَدَ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ))([73]).

10- يُسَنُّ أَنْ يَتَوَلَّى الْأَذَانَ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَالْمُؤَذِّنُ أَمْلكُ بِالْأَذَانِ([74]).

11- يُسَنُّ لِمَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: (أَشْهَدُ أَنْ لآ إِلَهَ إِلاَّ الله، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَّسُولُ الله ) فِي الْأَذَانِ أَنْ يَقُولَ: (وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لآ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيْتُ بِاللهِ رَبَّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِيْنًا)([75] وَإِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: (حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاَح) أَنْ يَقُولَ: (لَاحَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ)([76] وَإِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ) أَنْ يَقُوْلَ: (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ)، وَإِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ فِي الإِقَامَةِ: (قَدْ قَامَةِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَةِ الصَّلَاة) أَنْ يَقُوْلَ: (قَدْ قَامَةِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَةِ الصَّلَاة)؛ لِحَدِيْثِ الرَّسُولh: ((إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُواْ مِثْلَ مَايَقُولُ))([77]).

*******


 الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ مَعَانِي كَلِمَاتِ الْأَذَانِ:

مَعْنَى أَلْفَاظِ الْأَذَانِ:

·       هُوَ قَوْلُهُ (اللهُ أَكْبَرُ): أَي: أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيِءٍ، أَوْ: أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيِهِ مَالَا يَلِيْقُ بِجَلَالِهِ، أَوْ هُوَ بِمَعْنَى كَبِيْرٍ.

·       وَقَوْلُهُ: (أَشْهَدُ) أَي: أَعْلَمُ.

·       وَقَوْلُهُ: (حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) أَي: أَقْبِلُواْ إِلَيْهَا، أَوْ أَسرِعُواْ.

·       وَقَولُهُ: (الْفَلَاحُ) أي: "الْفَوُزُ وَالْبَقَاءُ، لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَيَبْقَى فِيْهَا وَيَخْلُدُ، وَالدَّعْوَةُ إِلَى الْفَلَاحِ مَعْنَاهَا: هَلُمُّواْ إِلَى سَبَبِ ذَلِكَ"([78]).

·       وَخَتَمَ بـِـــ(لَا إِلَهَ إِلَّا الله) لِيَخْتِمَ بِالتَّوْحِيْدِ وَبِاسْمِ اللهِ تَعَالَى، كَمَا ابْتَدَأَ بِهِ([79]).

******

 الْمَسْأَلَةُ الْرَّابِعَةُ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فِي الْأَذَانِ:

اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيْهِ: كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ(رَحِمَهُ اللهُ): "وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ) هَلْ يُقَالُ فِيهَا أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ: إِلَى أَنَّهُ يُقَالُ ذَلِكَ فِيهَا.

وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ لَا يُقَالُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْأَذَانِ الْمَسْنُونِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: اخْتِلَافُهُمْ هَلْ قِيلَ ذَلِكَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ h أَوْ إِنَّمَا قِيلَ فِي زَمَانِ عُمَرَc؟"([80]).

وَقَالَ الشَّوكَانِيُّ(رَحِمَهُ اللهُ): "وَقَدْ رُوِيَ إثْبَاتُ التَّثْوِيبِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ cقَالَ: ((عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ h الْأَذَانَ وَقَالَ: إذَا كُنْتَ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ فَقُلْتَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَقُلْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ))([81]) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ مُطَوَّلًا مِنْ حَدِيثِهِ وَفِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ، وَفِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفِ الْحَالِ وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَفِيهِ مَقَالٌ.

وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقٍ آخرَ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ.

وَرَوَاهُ النَّسَائِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ خُزَيْمَةَ وَرَوَاهُ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ وَرَوَى التَّثْوِيبَ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: ((كَانَ الْأَذَانُ بَعْدَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ))([82] قَالَ الْيَعْمُرِيُّ: وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ.

وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْفَجْرِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ الْيَعْمُرِيُّ: وَهُوَ إسْنَادٌ صَحِيحٌ"([83]).

وَقَالَ ابْنُ حَجَرِ الْعَسْقَلَانِيُّ(رَحِمَهُ اللهُ): حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ: ((عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ h الْأَذَانَ وَقَالَ إذَا كُنْتَ فِي([84]) الصُّبْحِ فَقُلْتَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَقُل الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ))([85]) قَالَ الرَّافِعِيُّ ثَبَتَ انْتَهَى، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ مُطَوَّلًا مِنْ حَدِيثِهِ وَفِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ([86]) وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفِ الْحَالِ وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَفِيهِ مَقَالٌ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد([87]) مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ مِنْهَا مَا هُوَ مُخْتَصَرٌ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ([88]) مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ([89]) أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ السَّائِبِ أَخْبَرَنِي أَبِي وَأُمُّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ وَقَالَ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ سَمِعْتُ أَبَا مَحْذُورَةَ قَالَ كُنْتُ غُلَامًا صَبِيًّا([90]) فَأَذَّنْتُ بَيْنَ يَدَي رَسُولِ اللهِ h الْفَجْرَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إلَى حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ أَلْحِقْ فِيهَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ([91]) مِنْ وَجْهٍ آخِرَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سَلْمَانَ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ"([92]).

أَقْوَالُ العُلَمَاءِ الْمُعَاصِرِيْنَ حَوْلَ التَّثْوِيْبِ فِي الْأَذَانِ الأَوَّلِ وَالثَّانِي:

قَالَ الشَّيْخُ الْأَلْبَانِيُّ(رَحِمَهُ اللهُ): "إِنَّمَا يُشْرَعُ التَّثْوِيْبُ فِي الْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلصُّبْحِ الَّذِي يَكُونُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِنَحْوِ رُبْعِ سَاعَةٍ تَقْرِيْبًا لِحَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا) قَالَ: (( كَانَ في الْأَذَانِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْفَلاَحِ: الصَّلاةُ خَيرٌ مِنَ النَّوم مَرَّتَيْنِ))([93])" ([94]).

وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَاز(رَحِمَهُ اللهُ): "قَوْلُ(الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ)جَائِزٌ فِي الأَذَانِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَكِنْ فِي الثَّانِي أَوْلَى"([95]).

وَقَالَ الشَّيْخُ الْعُثَيْمِيْنُ(رَحِمَهُ اللهُ): "قَوْلُهُ: قَائِلًا بَعْدَهُمَا فِي أَذَانِ الْصُّبْحِ: (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ)، قَائِلًا بَعْدَهُمَا- أَي: بَعْدَ الْحَيَّعَلَتَيْنِ(الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ) فِي أَذَانِ الصُّبْحِ (مَرَّتَيْنِ).

وَهَذَا الْقَوْلُ يُسَمَّى التَثْوِيْبَ، مِنْ (ثَابَ- يَثُوبُ) إِذَا رَجَعَ، لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ ثَابَ إِلَى الدَّعْوَةِ إِلَى الصَّلَاةِ بِذِكْرِ فَضْلِهَا.

وَقَوْلُهُ: (فِي أَذَانِ الْصُّبْحِ) (أَذَان) مُضَافٌ وَ(الصُّبْح) مُضَافٌ إِلَيِهِ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الشَّيِءِ إِلَى سَبَبِهِ، أَي: الأَذَانُ الَّذِي سَبَبُهُ طُلُوعُ الصُّبْحِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الشَّيِءِ إِلَى نَوْعِهِ، أَي: الأَذَانُ مِنَ الْصُّبْحِ، وَأَذَانُ الْصُّبْحِ: هُوَ الْأَذَانُ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَاخْتُصَّ بِالتَّثْوِيْبِ لِأَنَّ كَثِيْرًا مِنَ النَّاسِ يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ نَائِمًا، أَوْ مُتَلَهِّفًا لِلنَّوْمِ.

وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الْعَصْرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَذَانِ الَّذِي يُقَالُ فِيْهِ هَاتَانِ الْكَلِمَتَانِ هُوَ الْأَذَانُ الَّذِي قَبْلَ الْفَجْرِ، وَشُبْهَتُهُمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيْثِ: (( وَإِذَا أَذَّنْتَ بِالْأوَّلِ مِنَ الصُّبْحِ فَقُل: الصَّلَاةُ خَيرٌ مِنَ النَّوم))([96] فَزَعَمُواْ: أَنَّ التَّثْوِيْبَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَذَانِ الَّذِي يَكُونُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُمْ يَسُمُّونَهُ (الْأَوَّلَ)، وَقَالُواْ: إِنَّ التَّثْوِيْبَ فِي الْأَذَانِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الْفَجْرِ بِدْعَةٌ).

فَنَقُولُ([97]): إِنَّ الرَّسُولَ h يَقُولُ: ((إِذَا أَذَّنْتَ الْأوَّلَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ) فَقَالَ: ((لِصَلَاةِ الصُّبْحِ))، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَذَانَ الَّذِي فِي آخِرِ اللَّيِلِ لَيْسَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّh: ((لِيُوَقِّظَ النَّائِم وَيَرْجِعَ الْقَائِمُ))([98]).

أَمَّا صَلَاةُ الصُّبْحِ فَلَا يُؤَذِّنُ لَهَا؛ إِلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الصُّبْحِ، فَإِنْ أَذَّنَ لَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الصُّبْحِ فَلَيْسَ أَذَانًا لَهَا؛ بِدَلِيْلِ قَوْلِهِh: ((إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ))([99])، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَحْضُرُ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، فَيَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي قَوْلِهِ: (( إِذَا أَذَّنْتَ الْأَوَّلَ)).

فَنَقُولُ([100]): لَا إِشْكَالَ، لِأَنَّ الْأَذَانَ هُوَ الْإِعْلَامُ فِي اللُّغَةِ، وَالْإِقَامَةُ إِعْلَامٌ كَذَلِكَ، فَيَكُونُ الْأَذَانُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا أَذَانًاأوَّلًا.

وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ صَرِيْحًا فِيْمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ(رَضِيَ اللهُ عَنْهَا)فِي صَلَاةِ النَّبِيِّh فِي اللَّيْلِ قَالَتْ: (( كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيِلِ وَيُحْيِيَ آخِرَهُ، ثُمَّ إِنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى أَهْلِهِ قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَنَامُ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْنِّدَاءِ الأَوَّلِ (قَالَتْ) وَثَبَ (وَلَا وَاللهِ: مَا قَالَتْ: قَامَ) فَأَفَاضَ عَلَيِهِ الْمَاءَ (وَلَا وَاللهِ: مَا قَالَتِ اغْتَسَلَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُبَاً تَوَضَّأَ وُضُوءَ الرَّجُلِ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ))([101]).

وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهَا: ((عِنْدَ النِّدَاءِ الأَوَّلِ)) أَذَانُ الْفَجْرِ بِلَا شَكٍّ، وَسُمِّيَ أَوَّلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِقَامَةِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّh: ((بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ))([102])، وَالْمُرَادُ بِـــــــ((الْأَذَانَيْنِ)): الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ.

وَقَالَ الْبُخَارِي(رَحِمَهُ اللهُ): "((زَادَ عُثْمَانُ الأَذَانَ الثَّالِثَ فِيِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ))"([103])، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجُمُعَةَ فِيْهَا أَذَانَانِ وَإِقَامَةٌ؛ وَسَمَّاهُ أَذَانًا ثَالِثًا، وَبِهَذَا يَزُولُ الْإِشْكَالُ، فَيَكُونُ التَّثْوِيْبُ فِي أَذَانِ صَلِاةِ الصُّبْحِ"([104]).

وَمِنْ عُلَمَاءِ كُردُسْتَانِ الْعِرَاقِ قَالَ الشَّيْخُ نُورِي فَارس(حَفِظَهُ اللهُ): قَوْلُ(الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ) فِي الأَذَانِ الثَّانِي(أَي: فِي الأَذَانِ الْأَخِيْرِ)، وَذَلِكَ يَقِفُ عَلَى اعْتِقَادِ الْمُؤَذِّنِ: إِنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ فِي الْأَذَانِ الْأَوَّلِ فَبِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ جَائِزٌ، وَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ فِي الْأَذَانِ الْأَخِيْرِ فَهُوَ جَائِزٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ.

·       وَالرَّاجِحُ قَولُ مَنْ يَقُولُ: (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ) فِي الْأَذَانِ الثَّانِي(أَي: فِي الأَذَانِ الْأَخِيْرِ) كَمَا يَتَبَيَّنُ مِنْ شَرْحِ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ لِأَلْفَاظِ الْحَدِيْثِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِرَأْي جُمْهُورِ الأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِيْنَ، وَلِقَوْلِ أَبِي دَاوُدَ الَّذِي يَقُولُ: حَدِيْثُ مُسْنَدٍ أَبْيَنُ، وَلَكِنْ لَابَأْسَ فِي الأَذَانِ الأَوَّلِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَاز، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

******

 الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ مَايُسْتَحَبُّ بَعْدَ الْأَذَانِ:

1- الدُّعَاءُ بَعْدَ الْأَذَانِ([105]): لِحَدِيْثِ جَابِرٍc: ((مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ،آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيْلَةَ وَالْفَضِيْلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَّهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ))([106]).

قَالَ الْحَافِظُ ابنُ حَجَر(رَحِمَهُ اللهُ): "((حَلَّتْ لَهُ)) أَي: اسْتَحَقَّتْ وَوَجَبَتْ أَوْ أَنْزَلَتْ عَلَيِهِ، وَوَقَعَ فِي الطَحَاوِي مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُودٍc: ((وَجَبَتْ لَهُ))"([107]).

وَلِحَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍوc مَرْفُوعًا: ((إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُواْ مِثْلَ مَايَقُولُ، ثمَّ صَلُّواْ عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُّواْ اللهَ لِيَ الْوَسِيْلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَاتَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي حَلَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))([108]).

وَقَالَ الْحَافِظُ ابنُ حَجَرَ(رَحِمَهُ اللهُ): "يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرادُ مِنَ النِّدَاءِ بِتَمَامِهِ وَيُؤَيِّدُهُ لَفْظُ مُسْلِمٍ: (( قُولُواْ مِثْلَ مَايَقُولُ ثُمَّ صَلُّواْ عَلَيَّ...))([109])"([110]).

2- الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ: لِأَنَّ الدُّعَاءَ حِيْنَئِذٍ مُسْتَجَابٌ([111])، فَعَنْ أَنَسٍc أَنَّ النَّبِيَّh قَالَ: ((إِنَّ الدُّعَاءَ لاَيُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، فَادْعُوا))([112]).

*******

 الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّh بَعْدَ الْأَذَانِ:

قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ حَجَرِ الْهَيْتَمِيُّ الْفَقِيْهُ الشَّافِعِي(رَحِمَهُ اللهُ): "لَمْ نَرَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا التَّعَرُّضَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَذَانِ، وَلَا إلَى (مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ) بَعْدَهُ وَلَمْ نَرَ أَيْضًا فِي كَلَامِ أَئِمَّتِنَا تَعَرُّضًا لِذَلِكَ أَيْضًا، فَحِينَئِذٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ فِي مَحَلِّهِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، فَمَنْ أَتَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ مُعْتَقِدًا سُنِّيَّتَهُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ نُهِيَ عَنْهُ وَمُنِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيعٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ؛ وَمَنْ شَرَّعَ بِلَا دَلِيلٍ يُزْجَرُ عَنْ ذَلِكَ وَيُنْهَى عَنْهُ"([113]).

قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ(رَحِمَهُ اللهُ): "الصَّلَاةُ عَلَيْهِ هِيَ دُعَاءٌ مِنَ الْأَدْعِيَةِ... وَالسُّنَّةُ فِي الدُّعَاءِ كُلِّهِ لِمَخَافَتِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَبَبٌ يُشَرِّعُ لَهُ الْجَهْرُ:  قَالَ تَعَالَى:  [ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةًۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ ٥٥] [الأعراف: 55].

وَقَالَ تَعَالَى: [إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيّٗا ٣] [مريم: 3].

وَقَالَ تعالى: [وَٱذۡكُر رَّبَّكَ فِي نَفۡسِكَ تَضَرُّعٗا وَخِيفَةٗ وَدُونَ ٱلۡجَهۡرِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ ٢٠٥] [الأعراف: 205]"([114]).

*******

 الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مَفْهُومُ الْإِقَامَةِ:

الْإِقَامَةُ لُغَةً: "مَصْدَرُ أَقَامَ الشَّيْءَ إِذَا جَعَلَهُ مُسْتَقِيْمًا وَلَهَا عِدَّةُ مَعَانٍ:(الْاِسْتِقْرَارُ، وَالْاِظْهَارُ، وَالنِّدَاءُ)"([115]).

"وَالْإِقَامَةُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ أَقَامَ وَحَقِيْقَتُهُ: إِقَامَةُ الْقَاعِدِ أَوِ الْمُضْطَجِعِ فَكَأَنَّ الْمُؤَذِّنَ إِذَا أَتَى بِأَلْفَاظِ الْإِقَامَةِ أَقَامَ الْقَاعِدِيْنَ، وَأَزَالَهُمْ عَنْ قُعُودِهِمْ"([116]).

وَالْإِقَامَةُ شَرْعًا: "التَّعَبُدُ للهِ بِالْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ وَالشُّرُوعِ فِيْهَا بِذِكْرٍ مَخْصُوصٍ"([117]).

·       أَوْ: "هِيَ الْإِعْلَامُ بِالْقِيَامِ إِلَى الْصَّلَاةِ بِذِكْرٍ مَخْصُوصٍ"([118]).

وَالصَّوَابُ أَنَّ الإِقَامَةَ هِيَ: قَوْلٌ مَخْصُوصٌ لِلإِعْلاَمِ بِقِيَامِ الـمُصَلِّيْن إِلَى الصَّلاَةِ.

******


 الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَحْكَامُ الْإِقَامَةِ: 

الْإِقَامَةُ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِكُلِّ صَلَاةِ فَرْضٍ مِنَ الصَّلَوَاْتِ الْخَمْسِ، سَوَاءٌ كَانَتْ صَلَاةً حَاضِرَةً أَوْ فَائِتَةً([119])، لِقَولِهِh: ((مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ))([120]).

وَقَولِهِh: ((إِذَا أَنْتُمَا خَرَجْتُمَا فَأَذِّنَا ثُمَّ أَقِيْمَا ثُمَّ لِيُؤَمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا))([121])، وَتَصِحُّ الْصَّلَاةُ مِنْ غَيْرِ إِقَامَةٍ.

وَقَولِ أَنَسٍc: (( أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ))([122]).

أَحْكَامُ الْإِقَامَةِ كَأَحْكَامِ الْأَذَانِ السَّابِقَةِ، وَيُزَادُ عَلَيْهَا مِمَّايَأْتِي:

1- يُسَنُّ إِدْرَاجُ الْإِقَامَةِ أَوْحَدْرُهَا، أَي: الْاِسْرَاعُ بِهَا مَعَ بَيَانِ حُرُوفِهَا، فَيَجْمَعُ بَيْنَ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ مِنْهَا بِصَوْتٍ، وَالْكَلِمَةِ الْأَخِيْرَةِ بِصَوْتٍ([123]).

2- إِنْ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَأَقَامَ، يُسْتَحَبُّ لِسَائِرِ النَّاسِ أَنْ يُؤَذِّنَ كُلٌ مِنْهُمْ أَوْ يُقِيْمَ، وَإِنَّمَا يَقُولُ مِثْلَ مَايَقُولُ الْمُؤَذِّنُ، لِأَنَّ الْسُنَّةَ وَرَدَتْ بِهَذَا([124]).

3- الْإِقَامَةُ مَشْرُوعَةٌ لِلْإِعلَامِ بِقِيَامِ الصَّلَاةِ، فَيُشْرَعُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِيُعْلِمَ النَّاسَ ذَلِكَ، فَيَحْضُرواْ وَيَقُومُوا لِأَدَاءِ الْصَّلَاةِ([125]).

4-أَنْ يَعْلَمَ الْمُؤَذِّنُ أَنَّهُ مَسْؤُولٌ عَنِ الْإِعْلَامِيْنَ جَمِيْعًا، لَكِنْ لَا يُقِيْمُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ إِشَارَتِهِ، لِأَنَّ بِلَالًاcكَانَ لَا يُقِيْمُ حَتَّى يَخْرُجَ الْنَبِيُّh، وَحَتَّى كَانُواْ يُرَاجِعُونَهُ إِذَا تَأَخَّرَ يَقُولُونَ: ((الصَّلاَةَ، يَا رَسُولَ اللهِ))([126]).

إِنَّ الْمُؤَذِّنَ يَتَوَلَّى الْإِقَامَةَ، وَإِنْ كَانَ نَائِبًا عَنِ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ، مِثْلُ أَنْ يُوَكِّلَ الرَّاتِبُ مَنْ يُؤَذِّنُ عَنْهُ لِعُذْرٍ ثُمَّ يَحْضُرُ قَبْلَ الْإِقَامَةِ فَيَتَوَلَّى الْإِقَامَةَ الْمُؤَذِّنِ دُونَ الرَّاتِبِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ إِنْ صَحَّ فَهُوَ، وَإِنْ لَمْ يَصِحْ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَوَلَّى الْإِقَامَةَ الْمُؤَذِّنُ الرَّاتِبُ: لِأَنَّهُ أَصْلٌ وَالْوَكِيْلُ فَرْعٌ نَابَ عَنْهُ لِغَيِبَتِهِ، فَإِذَا حَضَرَ زَالَ مُقْتَضَى الْوَكَالَةِ.

*******

 الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ صِيْغَةُ الْإِقَامَةِ وَكَيْفِيَّتُهَا([127]):

صِيْغَةُ الْإِقَامَةِ الْثَّابِتَةُ فِي الْسُّنَّةِ([128]).

الإِقَامَةُ (إِحْدَى عَشْرَةَ) جُمْلَةً، وَهِيَ إِقَامَةُ بِلَالٍc الَّتِي كَانَ يُقِيْمُ بِهَا بَيْنَ يَدِي النَّبِيِّh حَضَرًا وَسَفَرًا، وَهِيَ أَفْضَلُهَا، وَهَذَا قَولٌ رَاجِح([129]).

وَهِيَ([130]):

اللهُ أَكْبَرُ1،  اللهُ أَكْبَر2،

أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله3،

أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَّسُولُ الله4،

حَيَّ عَلَی الصَّلَاةِ5،

حَيَّ عَلَی الْفَلَاح6،

قَدْ قَامَتِ الْصَّلَاةُ7،  قَدْ قَامَتِ الصَّلَاة8،

اللهُ أَكْبَرُ9، اللهُ أَكْبَر10،

لَا إِلَهَ إِلَّا الله11([131]).

*******


 الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ سُنَنُ الْإِقَامَةِ:

وَسُنَنُ الْإِقَامَةِ هِيَ أَيْضًا سُنَنُ الْأَذَانِ، وَتُزَادُ هَذِهِ النِّقَاطُ التَّالِيَةُ:

1- يَسُنُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ هُوَ الْمُقِيْمَ.

2- الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ بَعْدَ الْأَذَانِ، لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنِ النَّبِيِّh: ((إِنَّ الدُّعَاءَ لاَيُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، فَادْعُوا))([132]).

3- يُسَنُّ أَنْ يَتَوَلَّى الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ، فَلَا يُقِيْمُ الْمُؤَذِّنُ إِلَّا بِإِشَارَتِهِ أَوْ رُؤْيَتِهِ أَوْ قِيَامِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ([133])، وَيَجُوزُ  أَيْضًا أَنْ يَتَوَلَّى  الْأَذَانَ رَجُلٌ وَالْإِقَامَةَ رَجُلٌ آخَرُ.

******

 الْقِسْمُ الرَّابِعُ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَسْمَاءُ مُؤَذِنِي الرَّسُولِh وَحَيَاتُهُم.

وَكَانُواْ أَرَبَعَةً:

 اِثْنَانِ فِي الْمَدِيْنَةِ، وَ وَاحِدٌ فِي قُبَاء، وَ وَاحِدٌ فِي مَكَّةَ.

1-بِلاَلُ بنُ رَبَاحٍ:

"اسْمُهُ (بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ الْحَبَشِيُّ)، وَمَوْلَاهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ، وَأُمُّهُ: حَمَامَةُ.

وَهُوَ مُؤَذِّنُ رَسُوْلِ اللهِ h، مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ الَّذِيْنَ عُذِّبُوا فِي اللهِ، شَهِدَ بَدْراً، وَشَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ hعَلَى التَّعْيِيْنِ بِالجَنَّةِ، وَحَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ.

حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَالأَسْوَدُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى، وَجَمَاعَةٌ.

وَعَاشَ بِضْعًا وَسِتِّيْنَ سَنَةً،  يُقَالُ: إِنَّهُ حَبَشِيٌّ، وَقِيْلَ: مِنْ مُوَلَّدِي الحِجَازِ.

وَفِي وَفَاتِهِ أَقْوَالٌ، أَحَدُهَا: بِدَارَيَّا، فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ.

عَنْ عَاصِمٍ: عَنْ زَرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلاَمَهُ سَبْعَةٌ: رَسُوْلُ اللهِ h وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّارٌ، وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ، وَبِلاَلٌ، وَصُهَيْبٌ، وَالمِقْدَادُ.

عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ  hلِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ:((حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ، فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خشفَةَ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ، قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى مِنْ أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُوْراً تَامّاً فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ إِلاَّ صَلَّيْتُ لِرَبِّي مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّي))([134]).

عَنْ ثَابِتٍ: عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعاً: ((دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فَسَمِعْتُ خشفَةً. فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ قِيْلَ: بِلاَلٌ))([135]) .

قَالَ المـَسْعُوْدِيُّ: عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِلاَلٌ([136]).

وَفِي كُنْيَةِ بِلاَلٍ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ: (أَبُو عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو عَمْرٍو).

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ([137]) إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيْرُ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ بِلاَلٌ سَنَةَ عِشْرِيْنَ بِدِمَشْقَ، وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ

قَالَ الوَاقِدِيُّ: وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيْرِ، وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.

وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ: دُفِنَ بِبَابِ كِيْسَانَ([138]).

وَقَالَ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ فِي (تَارِيْخِ دَارَيَّا): سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ خَوْلاَنَ يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ قَبْرَهُ بِدَارَيَّا، بِمَقْبَرَةِ خَوْلاَنَ.

وَأَمَّا عُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ([139] فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ الحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: مَاتَ بِلاَلٌ بِحَلَبَ، وَدُفِنَ بِبَابِ الأَرْبَعِيْنَ.

جَاءَ عَنْهُ: أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً، مِنْهَا فِي (الصَّحِيْحَيْنِ): أَرْبَعَةٌ، المـُــتَّفَقُ عَلَيْهَا: وَاحِدٌ, وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثَيْنِ، وَمُسْلِمٌ بِحَدِيْثٍ مَوْقُوْفٍ"([140]).

2- ابْنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ القُرَشِيُّ العَامِرِيُّ:

"اُخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ: فَأَهْلُ المـَدِيْنَةِ يَقُوْلُوْنَ: (عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ بنِ زَائِدَةَ بنِ الأَصَمِّ بنِ رَوَاحَةَ القُرَشِيُّ، العَامِرِيُّ، وَأَمَّا أَهْلُ العِرَاقِ: فَسَمَّوهُ عَمْراً).

وَأُمُّهُ أُمُّ مَكْتُوْمٍ: هِيَ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَنْكَثَةَ بنِ عَامِرِ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ يَقَظَةَ المـَخْزُوْمِيَّةُ.

 مِنَ السَّابِقِيْنَ المـُهَاجِرِيْنَ، وَكَانَ ضَرِيْراً، مُؤَذِّناً لِرَسُوْلِ اللهِ h مَعَ بِلاَلٍ، وَسَعْدٍ القَرَظِ، وَأَبِي مَحْذُوْرَةَ، مُؤَذِّنِ مَكَّةَ، هَاجَرَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ بِيَسِيْرٍ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: اسْتَخْلَفَ النَّبِيُّ hابْنَ أُمِّ مَكْتُوْمٍ مَرَّتَيْنِ عَلَى المـَدِيْنَةِ، وَكَانَ أَعْمَى([141]).

وَرَوَى: مُجَالِدٌ([142] قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَنَّ النَّبِيَّ h اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُوْمٍ عَلَى المـَدِيْنَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ([143] عَنِ البَرَاءِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ، ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُ عَمْرُو بنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ، فَقَالُوا لَهُ: مَا فَعَلَ مَنْ وَرَاءكَ؟

قَالَ: هُمْ أُوْلاَءِ عَلَى أَثَرِي([144]).

فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيْلَ أَتَى رَسُوْلَ اللهِ h وَعِنْدَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ، فَقَالَ: (مَتَى ذَهَبَ بَصَرُكَ؟)، قَالَ: وَأَنَا غُلاَمٌ.

قَالَتْ عَائِشَةُ:  كَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ مُؤَذِّناً لِرَسُوْلِ اللهِ h وَهُوَ أَعْمَى([145]).

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ h:((إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُوْمٍ)) .

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: قَالَ الوَاقِدِيُّ: شَهِدَ القَادِسِيَّةَ مَعَهُ الرَّايَةُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الـمَدِيْنَةِ، فَمَاتَ بِهَا، وَلَمْ نَسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ بَعْدَ عُمَرَ"([146]).

3- أَبُو مَحْذُوْرَةَ الجُمَحِيُّ أَوْسُ بنُ مِعْيَرٍ: "مُؤَذِّنُ المـَسْجِدِ الحَرَامِ، وَصَاحِبُ النَّبِيِّ h(أَوْسُ بنُ مِعْيَرِ بنِ لَوْذَانَ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ سَعْدِ بنِ جُمَحٍ، وَقِيْلَ: اسْمُهُ:(سُمَيْرُ بنُ عُمَيْرِ بنِ لَوْذَانَ بنِ وَهْبِ بنِ سَعْدِ بنِ جُمَحٍ)، وَأُمُّهُ خُزَاعِيَّةٌ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بنُ السَّائِبِ، عَنْ أُمِّ عَبْدِ المـَلِكِ بنِ أَبِي مَحْذُوْرَةَ، عَنْ أَبِي مَحْذُوْرَةَ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّhمِنْ حُنَيْنٍ، خَرَجْتُ عَاشِرَ عَشْرَةٍ مِنْ مَكَّةَ نَطْلُبُهُم، فَسَمِعْتُهُم يُؤَذِّنُوْنَ لِلصَّلاَةِ، فَقُمْنَا نُؤَذِّنُ نَسْتَهْزِئُ، فَقَالَ النَّبِيُّh: ((لَقَدْ سَمِعْتُ فِي هَؤُلاَءِ تَأْذِيْنَ إِنْسَانٍ حَسَنِ الصَّوْتِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا، فَأَذَّنَّا رَجُلاً رَجُلاً، فَكُنْتُ آخِرَهُم، فَقَالَ حِيْنَ أَذَّنْتُ: (تَعَالَ)، فَأَجْلَسَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِي، وَبَارَكَ عَلَيَّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: (اذْهَبْ، فَأَذِّنْ عِنْدَ البَيْتِ الحَرَامِ)، قُلْتُ: كَيْفَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ فَعَلَّمَنِي الأُوْلَى كَمَا يُؤَذِّنُوْنَ بِهَا، وَفِي الصُّبْحِ: (الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ)، وَعَلَّمَنِي الإِقَامَةَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ))([147]).

قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ أَبُو مَحْذُوْرَةَ يُؤَذِّنُ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ، فَبَقِيَ الأَذَانُ فِي وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ إِلَى اليَوْمِ بِمَكَّةَ([148]).

وَأَنْشَدَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ لِبَعْضِهِم:ـ

أَمَا وَرَبِّ الكَعْبَةِ المـَـسْتُوْرَهْ ** وَمَا تَلاَ مُحَمَّدٌ مِنْ سُوْرَهْ

وَالنَّغَمَاتِ مِنْ أَبِي مَحْذُوْرَهْ ** لأَفْعَلَنَّ فِعْلَةً مَنْكُوْرَهْ

قَالَ حَاتِمُ بنُ أَبِي صَغِيْرَةَ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ h أَعْطَى أَبَا مَحْذُوْرَةَ الأَذَانَ، فَقَدِمَ عُمَرُ، فَنَزَلَ دَارَ النَّدْوَةِ، فَأَذَّنَ، وَأَتَى يُسَلِّمُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَنْدَى صَوْتَكَ! أَمَا تَخْشَى أَنْ يَنْشَقَّ مُرَيْطَاؤُكَ([149]) مِنْ شِدَّةِ صَوْتِكَ؟

قَالَ: يَا أَمِيْرَ المــُــؤْمِنِيْنَ، قَدِمْتَ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُسْمِعَكَ صَوْتِي.

قَالَ: يَا أَبَا مَحْذُوْرَةَ، إِنَّكَ بِأَرْضٍ شَدِيْدَةِ الحَرِّ، فَأَبْرِدْ عَنِ الصَّلاَةِ، ثُمَّ أَبْرِدْ عَنْهَا، ثُمَّ أَذِّنْ، ثُمَّ أَقِمْ، تَجِدْنِي عِنْدَكَ.

قَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ: حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ بنُ ثَابِتٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ بَحْرَةَ([150]): أَنَّ أَبَا مَحْذُوْرَةَ كَانَتْ لَهُ قُصَّةٌ فِي مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، فَإِذَا قَعَدَ أَرْسَلَهَا، فَتَبْلُغُ الأَرْضَ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَقُوْلُوْنَ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: أَذَّنَ مُؤَذِّنُ مُعَاوِيَةَ، فَاحْتَمَلَهُ أَبُو مَحْذُوْرَةَ، فَأَلْقَاهُ فِي زَمْزَمٍ"([151]).

4- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسر:

"سَعْدٌ الْقُرَظِيُّ: مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ قُبَاءَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ h، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ الْخِلَافَةَ وَلَّاهُ أَذَانَ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَكَانَ أَصْلُهُ مَوْلًى لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَحْمِلُ الْعَنَزَةَ بَيْنَ يدي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ إِلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ وَبَقِيَ الْأَذَانُ فِي ذُرِّيَّتِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً" ([152]).

قَال َابْنُ تَيْمِيَّةَ: "إِنَّمَا أَذَّنَ بِالْمَدِينَةِ سَعْدٌ الْقُرَظِيُّ مُؤَذِّنُ أَهْلِ قُبَاءَ"([153]).

·       "كَانَ أَبُو مَحْذُورَةَ مِنْهُمْ يُرَجِّعُ الْأَذَانَ، وَيُثَنِّي الْإِقَامَةَ، وَبِلَالٌ لَا يُرَجِّعُ، وَيُفْرِدُ الْإِقَامَةَ، فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ(رَحِمَهُ اللهُ) وَأَهْلُ مَكَّةَ بِأَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَإِقَامَةِ بِلَالٍ، وَأَخَذَ أَبُوحَنِيْفَةَ(رَحِمَهُ اللهُ)، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ بِأَذَانِ بِلَالٍ، وَإِقَامَةِ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَأَخَذَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ(رَحِمَهُ اللهُ)، وَأَهْلُ الْحَدِيْثِ، وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ بِأَذَانِ بِلَالٍ وَإِقَامَتِهِ، وَخَالَفَ مَالِكٌ(رَحِمَهُ اللهُ)فِي الْمَوْضِعَيِنِ: إِعَادَةُ التَّكْبِيِرِ: وَتَثْنِيَةُ لَفْظِ الْإِقَامَةِ، فَإِنَّهُ لَايُكَرِّرُهَا"([154]).

وَمِنَ الْمُعَاصِرِيْنَ: هُنَاكَ مُؤذِّنُونَ كَثِيرونَ فِي شَتَّى الْبِلَادِ الإِسْلَامِيَةِ، أَصْوَاتُهُمْ جَمِيْلَةٌ وَ أَذَانُهُمْ صَحِيحٌ، يَخْدِمُونَ هذا الدِّيْنَ عَنْ طَرِيْقِ صَوْتِهِم، وَلَدَينا فِي كُردُسْتَانِ التُّرْكِيَا كَثِيْرٌ مِنَ الْمُؤَذِّنِيْنَ الَّذِيْنَ يَخْدِمُونَ عَنْ طَرِيْقِ أصوَاتِهِمُ الطَّيِّبَةِ النَّدِيَّةِ، أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُطَهِّرَ نِيَّةَ الْمُؤَذِّنِيْنَ لِخِدْمَةِ الإِسْلَامِ.

*******


 الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ صِفَاتُ الْمُؤَذِّنِيْنَ

1- الإِخْلَاصُ فِي النِّيَّةِ: يَنْبَغِي أَنْ يُحْسِنَ النِّيَّةَ فِي أَذَانِهِ، لِأَنَّ الأَعْمَالَ كُلُّهُم مُرْتَبِطٌ بِالنِّيَّةِ، وَالإِخْلاَصُ فِي النِّيَّةِ مُسْتَحَقٌّ لِلْثَّوابِ الزِيَادةِ، وَقَالَ رَسُولُ اللهh: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ))([155]).

2- حُكْمُ الطَّهَارَةِ أَثْنَاءَ الْأَذَانِ: "يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ مِنَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ، لَكِنَّهُ إِنْ أَذَّنَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ فَأَذَانُهُ صَحِيْحٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّh كَانَ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْوَالِهِ"([156]).

3- أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْوَقْتِ: "لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الْأَذَانِ فِي أَوَّلِهِ، وَيُؤْمَنَ خَطَؤهُ، وَيَجُوزُ لِمَنْ لَايَعْلَمُ الْوَقْتَ بِنَفْسِهِ (كَالْأَعْمَى) أَنْ يُؤَذِّنَ إِذَا كَانَ مَعَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ بِهِ، فَقَد (( كَانَ ابْنُ مَكْتُومٍ (وَهُوَ أَعْمَى) لاَيُؤَذِّنُ حَتَّى يُقَالُ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ))([157])"([158]).

4- أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ فِي إِقَامَتِهِ صَيِّتًا (عَالِيَ الصَّوْتِ)،حَسَنَ الصَّوْتِ: يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْأَذَانِ، عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ وَبِقُرْبِ الْمَسْجِدِ، لِقَولِهِh فِي خَبَرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الْمُتَقَدِّمِ: (( أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ، فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْكَ صَوْتًا))([159]) أَيْ: أَبْعَدُ([160]).

*******

 الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ بَعْضُ أَخْطَاءِ الْمُؤَذِّنِيْنَ:

إِنَّ بَعْضَ الْمُؤَذِّنِيْنَ يَقَعُونَ فِي أَخْطَاءٍ وَمُخَالَفَاتٍ فِي أَذَانِهِمْ، سَبَبُهَا الْجَهْلُ بِالدِّيْنِ أَحْيَانًا وَالْاِجْتِهَادُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ أَحْيَانًا، مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى الْخَيْرِ وَاجْتِهَادِهِمْ فِيْهِ، وَهَذِهِ الْأَخْطَاءُ وَالْمُخَالَفَاتُ بَعْضُهَا حَدَثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْقَرِيْبِ وَبَعْضُهَا وُجِدَ مُنْذُ زَمَانٍ مُتَقَدِّمٍ وَلَا يَزَالُ مَوْجُودًا حَتَّى فِي زَمَانِنَا هَذَا، وَمَا هَذَا إِلَّا لِقِلَّةِ حِرْصِ النَّاسِ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ وَتَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيْمِهِ.

وَمِنْ أَخْطَاءِ الْمُؤَذِّنِيْنَ:

1- التَّمْطِيْطُ وَالتَّغَنِي بِالْأَذَانِ.                    

قَالَ الشَّيْخُ عَلِي مَحْفُوظ(رَحِمَهُ اللهُ) فِي كِتَابِهِ (الْإِبْدَاعُ فِي مَضَارِّ الْاِبْتِدَاعِ): "وَمِنَ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ تَحْرِيْمًا: التَّلْحِيْنُ، وَهُوَ التَّطْرِيْبُ أَي: التَّغَنِي بِهِ بِحَيْثُ يُؤَدِّي إِلَى تَغْيِيْرِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَكَيْفِيَاتِهَا بِالْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ وَنَقْصِ حُرُوفِهَا أَوْ زِيَادَةٍ فِيْهَا مُحَافَظَةً عَلَى تَوْقِيْعِ الْأَلْحَانِ فَهَذَا لَا يَحِلُّ إِجْمَاعًا فِي الْأَذَانِ كَمَا لَا يَحِلُّ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلَا يَحِلُّ أَيْضًا سَمَاعُهُ لِأَنَّ فِيْهِ تَشَبُّهًا بِفِعْلِ الفَسَقَةِ فِي حَالِ فِسْقِهِمْ فَإِنَّهُمْ يَتَرَنَّمُونَ، وَخُرُوجًا عَنِ الْمَعْرُوفِ شَرْعًا فِي الْأَذَانِ وَالْقُرْآنِ"([161]).

وَذَكَرَ الإِمَامُ الْبُخَارِيُّ(رَحِمَهُ اللهُ) فِي صَحِيْحِهِ تَعْلِيْقًا: "أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيْزِ(رَحِمَهُ اللهُ) قَالَ لِمُؤَذِّنٍ: أَذِّنْ أَذَانًا سَمْحًا وَإِلَّا فَاعْتَزِلْنَا، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ(رَحِمَهُ اللهُ): وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ مِنَ التَّطْرِيْبِ، الْخُرُوجَ عَنِ الْخُشُوعِ"([162]).

وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ بْنُ جِبْرِيْن(رَحِمَهُ اللهُ): "التَّطْرِيْبُ وَالتَّلْحِيْنُ هُوَ تَرْقِيْقٌ وَتَرْدِيْدُ الصَّوْتِ وَتَقْطِيْعُهُ حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لِشِدَّةِ تَلْحِيْنِهِ وَتَطْرِيْبِهِ يُصْبِحُ كَأَنَّهُ يُغْنِيِّ-أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ - وَهَذَا مَكْرُوهٌ، نَعَمْ مَطْلُوبٌ تَحْسِيْنُ الصَّوْتِ فِي الْأَذَانِ، لَكِنْ لَا يَصِلُ إِلَى الْحَدِّ الْخَارِجِ عَنِ الْعَادَةِ"([163]).

2- اللَّحْنُ وَالْخَطَأُ اللُّغَوِيُّوَالنَّحْوِيُّ فِي الْأَذَانِ.

وَالْمَقْصُودُ بِاللَّحْنِ مَا يَقَعُ فِي أَدَاءِ بَعْضِ الْمُؤَذِّنِيْنَ مِنْ خَطَأٍ وَتَحْرِيْفٍ وَتَغْيِيْرٍ فِي نُطْقِ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ، وَذَلِكَ بِنُطْقِ حَرْفٍ مَكَانَ حَرْفٍ أَوْ مَدٍّ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْمَدِّ، أَوْ مُبَالَغَةٍ فِي الْمَدِّ فِي مَوْضِعِ مَدٍّ طَبِيْعِيٍ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِمَّا نَسْمَعُهُ منهُم.

وَمِنْ ذَلِكَ:

أ- مَدُّ هَمْزَةِ (الله) فَتَتَحَوَّلُ الْجُمْلَةُ إِلَى جُمْلَةٍ اسْتِفْهَامِيَةٍ(آللهُ)، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ هَلِ (اللهُ أَكْبَرُ؟).

ب- مَدُّ حَرْفِ الْبَاءِ مِنْ قَولِهِ (أَكْبَرُ) فَيَقُولُ: (أَكْبَارُ)، مَعَ أَنَّ كَلِمَةَ  (أَكْبَرُ) فِي الْأَصْلِ أَفْعَلُ تَفْضِيْلٍ أَي: (اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)، فَإِذَا قَلَّبَهَا الْمُؤَذِّنُ إِلَى (أَكْبَارُ) اِخْتَلَفَ الْمَعْنَى.

ج- مَدُّ هَمْزَةِ (أَشْهَدُ) فَيَقُولُ (آشْهَدُ) فَتَتَحَوَّلُ الْجُمْلَةُ إِلَى جُمْلَةٍ اسْتِفْهَامِيَةٍ كَأَنَّهُ يَقُولُ (أَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله؟)!.

د- مَدُّ الضَّمَّةِ فِي قَولِهِ (أَشْهَدُ) فَتُصْبِحُ كَالإشبَاعِ (أَشْهَدُواْ) وَهَذَا يُغَيِّرُ مَعْنَى الْجُمْلَةِ مِنْ خَبَرٍ بِالشَّهَادَةِ إِلَى الْفِعْلِ الْمَاضِيِّ لِأَّنَّ الْأَمْرَ (اَشْهِدُواْ)

ه- تَشْدِيْدُ النُّونِ فِي قَولِهِ (أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا الله)، مَعَ أَنَّهَا فِي الأصْلِ سَاكِنَةٌ وَهِيَ (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله).

و- وَفَتْحُ لَامِ (رَسُولُ) فِي قَولِهِ (أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَّسُولُ الله) مَعَ أَنَّهَا فِي الصَّحِيْحِ (مَضْمُومَةٌ) رَسُولُ خَبَرُ (أَنَّ) وَبِهِ يَتِمُّ الْكَلَامُ وَهَذَا اللَّحْنُ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَهُوَ يَقَعُ كَثِيرًا عِنْدَ الْعَوَامِ.

وَأَكْثَرُ مَنْ يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَخْطَاءِ هُمُ الْمُؤَذِّنُونَ الَّذِيْنَ يَتَكَلَّفُونَ التَّطْرِيْبَ وَالتَّغَنِّي فِي الْأَذَانِ، فَتَأَمَّلْ كَيْفَ أَنَّهُ لَمَّا تَسَاهَلَ بِالْمُخَالَفَةِ الْأُولَى، جَرَّتْهُ إِلَى أَخَوَاتٍ لَهَا.

ز- وَكَذَلِكَ مُدَاوَمَةُ بَعْضِهِم عَلَى قَولِ (لَا إِلَهَ إِلَّا الله) قُبِيْلَ الْأَذَانِ، فَتُصْبِحُ كَأَنَّهَا مُقَدِمَةٌ لِلْأَذَانِ.

ح- حَذْفُ (الْهَاءِ) فِي قَولِ (أَشْهَدُ)، يَقُولُونَ (أَشَدُ) الَّذِي هُوَ خَطَأٌ.

ط- ضَمُّ حَرْفِ (الدَّالِ) فِي (مُحَمَّدًا) يَقُولُونَ (مُحَمَّدٌ) وَهُوَ خَطَأٌ.

ي- حَذْفُ (الْحَاءِ) فِي قَولِ (الْفَلَاحِ) يَقُولُونَ (الْفَلَا) وَهُوَ خَطَأٌ.

ك- إِبْدَالُ (الْكَافِ) بــــِ(الطاف) فِي (أَكْبَرُ) وَهُوَ خَطَأٌ.

ل-إِسْقَاطُ (الْهَاءِ) مِنْ لَفْظِ الْجَلَالَةِ، أَوْ قَلْبُهَا (وَاوًا) فَتُصْبِحُ الْجُمْلَةُ (الْلَّاوْ أَكْبَرُ).

3- عَدَمُ دِقَّةِ بَعْضِ الْمُؤَذِّنِيْنَ فِي وَقْتِ الْأَذَانِ فَتَجِدُ بَعْضَهُمْ يُؤَذِّنُ قَبْلَ الْوَقْتِ بِدَقَائِقَ وَهَذَا يُوهِمُ مَنْ لَايُصَلُّونَ فِي الْجَمَاعَةِ مِنَ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِم دُخُولَ الْوَقْتِ فَيُصَلُّونَ الصَّلَاةَ قَبْلَ وَقْتِهَا.

4-بَعْضُ الْمُؤَذِّنِيْنَ يَتَأَخَّرُونَ فِي الْأَذَانِ حَتَّى يَمْضِيَ عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ زَمَنٌ قَدْ يَمْتَدُّ إِلَى خَمْسِ دَقَائِقَ أَحْيَانًا فَيَضِيْعُ عَلَى الْمُصَلِّيْنَ سُنَّةَ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ.

5-أَحْيَانًا قَدْ يَتَعَمَّدُ بَعْضُ الْمُؤَذِّنِيْنَ التَّبْكِيْرَ بِالْأَذَانِقَبْلَ الْوَقْتِ، خَاصَّةً فِي أَذَانِ الْفَجْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَهَذَا فِيْهِ مَحَاذِيْرُ كَثِيْرَةٌ، مِنْهَا: أَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْسَّنَّةِ وَأَنَّ هَذَا التَّقْدِيمَ يَجْعَلُ الْمُسْلِمَ يَمْتَنِعُ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ الَّتِي أَحَلَّهَا اللهُ لَهُ وَكَذَلِكَ أَيْضًا إِيْقَاعُ السُّنَّةِ الْقَبْلِيَّةِ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَيُؤَدِّي كَذَلِكَ إِلَى مُخَالَفَةِ سُنَّةِ تَأْخِيْرِ السُّحُورِ بِأَنْ يُعَجِّلَهُ النَّاسُ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ وَقْتَ الْإِمْسَاكِ قَدْ بَدَأَ.

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ(رَحِمَهُ اللهُ): "وَمِنَ الْبِدَعِ الْمُنْكِرَةِ مَا أُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ إِيْقَاعِ الْأَذَانِ الثَّانِي قَبْلَ الْفَجْرِ بِنَحْوِ ثُلُثِ سَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ، وَإِطْفَاءِ الْمَصَابِيْحِ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَامَةً لِتَحْرِيْمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَى مَنْ يُرِيْدُ الصِّيَامَ، زَعْمًا مِمَّنْ أَحْدَثَهُ أَنَّهُ لِلاِحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَةِ، وَلَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ آحَادُ النَّاسِ، وَقَدْ جَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ صَارُواْ لَا يُؤَذِّنُونَ إِلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ بِدَرَجَةٍ لِتَمْكِيْنِ الْوَقْتِ زَعَمُواْ، فَأُخَرُواْ الْفُطُورَ وَعَجَّلُواْ السُّحُورَ وَخَالَفُواْ السُّنَّةَ، فَلِذَلِكَ قَلَّ عِنْدَهُمُ الْخَيْرُ وَكَثُرَ فِيْهِمُ الشَّرُّ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ"([164]).

6- زِيَادَةُ الْمُؤَذِّنِيْنَ- فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ (الصَّلَاة عَلَى النَّبِيِّ h) بَعْدَ الْاِنْتِهَاءِ مِنَ الْأَذَانِ، حَيْثُ يَرْفَعُ الْمُؤَذِّنُ صَوْتَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّh وَآلِهِ وَأَزْوَاجِهِ... بِصَوْتٍ وَتَرَنُّمٍ كَهَيْئَةِ الْأَذَانِ.

قَالَ صَاحِبُ السُّنَنِ وَالْمُبْتَدعَاتِ (رَحِمَهُ اللهُ): "وَالصَّلَاةُ وَالتَّسْلِيْمُ بَعْدَ الْأَذَانِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ"([165]).

7- زِيَادَةُ لَفْظَةِ (أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا وَلِيُّ الله)، هَذِهِ الْعِبَارَةُ يَزِيْدُهَا الشِّعَةُ فِي الْأَذَانِ، لَا أَصْلَ لَهَا.

8- زِيَادَةُ لَفْظَةِ (أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا حُجَّةُ الله)، هَذِهِ الْجُمْلَةُ لَا أَصْلَ لَهَا.

وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ بْنُ جِبْرِيْن(رَحِمَهُ اللهُ): هَذِهِ الزِّيَادَةُ تُبْطِلُ الْأَذَانَ لِأَنَّهُ زَادَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا.

9- زِيَادَةُ لَفْظَةِ (حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ).

هَذِهِ الجُمْلَةُكَذَلِكَيَزِيدُهَا الشِّيعَةُ فِي لأَذَانِ، وَلَا أَصْلَ لَهَا.

قالَ الْقَاضِي زَكَريَا الأَنْصَارِيُّ(رحمه الله): "إِنَّ المـَذَاهِبَ الأَرْبَعَةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الجُمْلَةَ لَاتُقَالُ فِي الأَذَانِ، وَإِنْ قِيلَ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ فَقَدْ نُسِخَ وَ لَمْ يَبْقَ، وَهَذِهِ الجُمْلَةُ لَمْ تَرِدْ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَا وجُودَ لَهَا، لِذَا يَجِبُ أَنْ لَايُقَالَ(حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ) فِي الأَذَانِ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ"([166]) ([167]).

10- الْجَهْلُ بِأَحْكَامِ الْأَذَانِ.

تَجِدُ فِي أيَّامِنَا أَنَّ بَعْضَ الْمُؤَذِّنِينَ لَوْ عَرَضَ لَهُ شَيءٌ فِي أَذَانِهِ لَمَّا عَرَفَ كَيْفَ يَتَصَرَّفُ، لِأَنَّهُ جَاهِلٌ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الْأَذَانِ، وَلَا يعرِفُ مَا يتعلَّقُ بِهِ مِنْ أحكَامٍ حَتَّى يُؤدِّيهُ عَلَى وَجْهِهِ.

11- أَنَّ بَعْضَ الْمُؤَذِّنِيْنَ إِذَا أَحْدَثَ (كَأَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ رِيْحٌ أَوْ صَوْتٌ) أَثْنَاءَ أَذَانِهِ قَطَعَهُ، مَعَ أَنَّ الْحَدَثَ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْأَذَانِ، فأذَانُهُصَحِيْحٌ وَليسَ عليهِ قَطْعَهُ وَلكنَّهُ لا يعرِفُ كيفَ يَتَصرَّفُ بسبَبِ عَدَمِ معرِفَتِهِ بأحكَامِ الأذَانِ.

قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ الْجِبْرِيْنُ(رَحِمَهُ اللهُ): "أَذَانُ الْمُؤَذِّنِ وَهُوَ عَلَى حَدَثٍ صَحِيْحٌ وَلَكِن الأَولَى أَنْ يَكُونَ مُتَوَضِّئًا".

*******


 الْقِسْمُ الْخَامِسُ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى حُكْمُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِلْعِيدَيِنِ:

قَالَ العَزَّازِيُّ(رَحِمَهُ اللهُ): "ثَبَتَ فِي الصَّحِيْحَينِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا) قَالَا: ((لَمْ يَكُنْ يُؤَذِّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمَ الْأَضْحَى))([168]).

وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرٌc: ((أَنْ لَّاأَذَانَ لِصَلَاةِ يَوْمِ الْفِطْرِ حِيِنَ يَخْرُجُ اِلإِمَامُ، وَلَا بَعْدَ مَا يَخْرُجُ وَلَا إِقَامَةَ وَلاَنِدَاْءَ وَلاَشَيِءَ، لَا نِداءَ يَوْمَئِذٍ وَلَا إِقَامَةَ). أخرجه مسلم.

وَهَذِهِ الْأَحَادِيْثُ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ"([169]).

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمُ(رَحِمَهُ اللهُ): "كَانَh إِذَا انْتَهَى إِلَى الْمُصَلَّى أَخَذَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَلَا قَولِ: ((الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ))، وَالسُّنَّةُ أَنْ لَا يُفْعَلَشَيءٌ مِنْ ذَلِكَ([170]).

*******


 الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ:

قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: "الْإِقَامَةُ سُنَّةٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَذَانِ فَفِيْهِ خِلَافٌ بَيْنَهُم، فَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَابْنُ حَزْمٍ: أَذَانٌ وَاحِدٌيَكْفِي لِلصَّلَاتَيْنِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ جَمْعِ التَّقْدِيْمِ  أَو التَّأْخِيْرِ"([171]).

وَدَلِيْلُهُم:

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي حِجَّةِ الْإِسْلَامِ قَالَ: ((فَرَاحَ النَّبِيُّhإلَى الْمَوْقِفِ بِعَرَفَةَ فَخَطَبَ النَّاسَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ أَخَذَ النَّبِيُّh فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ فَفَرَغَ النَّبِيُّ h مِن الْخُطْبَةِ وَبِلَالٌ مِنْ الْأَذَانِ، ثُمَّ أَقَامَ بِلَالٌ وَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ وَصَلَّى الْعَصْرَ))([172]).

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى كَانَبَعْدَ الْمَغْرِبِ بِهَوِيٍّ مِن اللَّيْلِحَتَّى كُفِينَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﱡﭐ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴﱵ  ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱠ. [الأحزاب: 2٥].

فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِh بِلَالًا فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا فَأَحْسَنَ صَلَاتَهَا كَمَاكَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ أَيْضًا، قَالَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ تَعَالَى فِي صَلَاةِالْخَوْفِ:  [فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانٗاۖ ٢٣٩]. [البقرة: ٢٣٩].

قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ): "وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ، وَفِيْهِ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الْأُوْلَى مِنْهُمَا أَقَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَأَذَّنَ لِلْأُولَى وَفِي الْآخِرَةِ يُقِيْمُ بِلَا أَذَانٍ، وَكَذَلِكَ كَلُّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهِا كَمَا وُصِفَتْ"([173]).

*******


 الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّأْذِيِنِ

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِc قَالَ: ((آخِرُ مَاعَهِدَ إلَيَّ رَسُولُ اللهِh أَنْ أَتَّخِذَ مُؤَذِّنًا لاَ يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا))([174]).

قَالَ الشَّافِعِيُّ(رَحِمَهُ اللهُ): "أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُونَ مُتَطَوِّعِينَ، قَالَ: وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرْزُقَهُمْ وَهُوَ يَجِدُ مَنْ يُؤَذِّنُ مُتَطَوِّعًا مِمَّنْ لَهُ أَمَانَةٌ إِلَّا أَنْ يَرْزُقَهُمْ مِنْ مَالِهِ"([175]).

وَقَالَ مَالِكٌ(رَحِمَهُ اللهُ): "لَابَأْسَ بِأَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى ذَلِكَ".

وَقَالَ النَّوَوُيُّ(رَحِمَهُ اللهُ): "قَالَ أَصْحَابُنَا: فَلَوْ وَجَدْنَا مُؤَذِّنًا حَسَنَ الصَّوْتِ يَطْلُبُ عَلَى أَذَانِهِ رِزْقًا وَآخَرَ يَتَبَرَّعُ بِالْأَذَانِ لَكِنَّهُ غَيْرُ حَسَنِ الصَّوْتِ، فَأَيُّهُمَا يُؤْخَذُ؟ فِيْهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا يُرْزَقُ حَسَنُ الصَّوْتِ وَهُوَ قَولُ ابْنِ شُرَيْحٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ"([176]).

أَمَّا مِنْ المُعَاصِرِينَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ عَبْد العَزِيز بْنُ بَاز(رَحِمَهُ اللهُ) حِيْنَمَا سُئِلَ عَنْ رَاتِبِ الـمُؤَذِّنِ: "ذَكَرَ العُلَمَاءُ أَنَّ الَّذِي يُعْطِى مِنْ بَيْتِ الـمـَالِ مَا يُعِينُهُ عَلَى ذَلِكَ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بَيْتَ المـَالِ لِمَصَالِحِ المـُسْلِمِينَ، وَهَكَذَا الأَوْقَافُ الَّتِي يُوقِفُهَا المـُسْلِمُونَ عَلَى المـُؤَذِّنِينَ وَالأَئِمَّةِ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ إِذَا أَخَذُوا مِنْهَا مَا يُعِينُهُمْ عَلَى العَمَلِ الصَّالِح، فَإِذَا أَخَذْتَ-أَيُّهَا السَّائِلُ- مِنْ بَيْتِ المـَالِ مِنْ وِزَارَةِ الأَوْقَافِ مَا يُعِينُكَ فَلَا حَرَجَ عَلَيْكَ وَنَرْجُو أَنْ يَكُونَ لَكَ الأَجْرُ كَامِلًا؛ لِأَنَّكَ تَأْخُذُ شَيْئًا يُعِينُكَ عَلَى هَذَا الوَاجِبِ وَعَلَى هَذَا العَمَلِ الصَّالِحِ وَرُبَّمَا لَوْ تَرَكْتَ ذَلِكَ لَتَرَكْتَ هَذَا العَمَلَ لِاِلْتِمَاسِ الرِّزْقِ قَدْ يَتَعَطَّلُ الْعَمَلُ"([177]).

*******


 الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ:

جَاءَنَا فِي ذلِكَ فَتوى للصَّحَابِيِّ الجليلِ أبِي هُرَيرَةَ كَمَا ذَكَرَهَا أبُو الشَّعْثَاءِ وَقَالَ: ((كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسِجِدِ يَمْشِيِ فَأَتْبَعَهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَبُوهُرَيْرَةَc: أَمَّا هَذا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِh))([178]).

قَالَ النَّوَوِيُّ(رَحِمَهُ اللهُ): "فِيْهِ كَرَاهَةُ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ حَتَّى يُصَلَّيَ الْمَكْتُوبَةَ إِلَّا لِعُذْرٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ"([179]).

·       "وَلَقَدْ كَانَ أَئِمَّةُ الحَدِيثِ المـُتَقَدِّمُونَ كَالبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِي فِي الوَقْتِ عَيْنِهِ فُقَهَاءَ قَدْ سَبَرُوا أَغْوَارَ النُّصُوصِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ وَبَوَّبُوا لَهَا نِسْبَةً إِلَى الفِقْهِ الَّذِي اِسْتَنْبَطُوهُ مِنْ أَلْفَاظِ الأَحَادِيثِ فِي كُلِّ بَابٍ، وَقَدْ بَوَّبَ التِّرْمِذِيُّ هُنَا فَقَالَ: (بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الخُرُوجِ مِنَ المـَسْجِدِ بَعْدَ الأَذَانِ) ثُمَّ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ قُوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ الآنِفَ الذِّكْرِ مَوْقُوفًا فِي النَّهْيِ عَنْ خُرُوجِ المـُصَلِّي مِنَ المـَسْجِدِ بَعْدَ سَمَاعِ الأَذَانِ، ثُمَّ عَلَّقَ الـمـُـبَارَكْفُورِي عَلَى مَا ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ فَقَالَ -أَي: الْمُبَارَكْفُورِي-: وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ قَوْلِأَبِي هُرَيْرَةَ وَزَادَ ثُمَّ قَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ h: ((إِذَا كُنْتُمْ فِي المـَسْجِدِ فَنُودِيَ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَخْرُجْأَحَدُكُمْ حَتَّى يُصَلِّيَ))([180]) وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَالحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الخُرُوجُ مِنَ المـَسْجِدِ بَعْدَمَا أُذِّنَ فِيْهِ، لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَنْ لَيْسَ لَهُ ضَرُورَةٌ, يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ h خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَعُدِلَتِ الصُّفُوفُ حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ اِنْتَظَرْنَا أَنْ يُكَبِّرَ اِنْصَرَفَ، قَالَ: عَلَى مَكَانِكُمْ فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً وَقَدْ اِغْتَسَلَ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، فَهَذَا الحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ البَابِ مَخْصُوصٌ بِمَنْ لَيْسَ لَهُ ضَرُورَةٌ فَيَلْتَحِقُ بِالجَنْبِ الـمُحدِثِ وَالرَّاعِفِ وَالحَاقِنِ وَنَحْوِهِمْ، وَكَذَا مَنْ يَكُونُ إِمَامًا لِمَسْجِدٍ آخَرَ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ"([181]).

وَقَالَ الْإِمَامُ التِّرْمِذِيُّ(رَحِمَهُ اللهُ): "وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّh وَمَنْ بَعْدَهُمْ: أَلَّا يَخْرُجَ أَحَدٌ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ: أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ أَمْرٍ لَابُدَّ مِنْهُ"([182]).

*******

 الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ يَومَ الْجُمُعَةِ:

تُفِيدُ بَعْضُ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الأَذَانَ الأَوَّلَ سُنَّةُ عُثمَانَc فِي خَلَافَتِهِ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ وَتَبَاعَدَتْ أَمَاكِنُهُمْ فَصَارَ سُنَّةً، وَتَوْضِيحًا لِهَذَا الكَلَامِ نَذْكُرُ كَلَامَ العَلَّامَةِ اِبْنِ بَازٍ(رَحِمَهُ اللهُ)كَمَاجَاءَ فِي فَتَاوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ لِلبُحُوثِ وَالإِفْتَاءِ: ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ hأَنَّهُ قَالَ: ((عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المـَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالْنَوَاجِذِ))([183])... وَالنِّدَاءُ يَوْمَ الجُمُعَةِ كَانَ أَوَّلُهُ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ عَلَى المِنْبَرِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ h وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمْرَ(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا)، فَلَمَّا كَانَتْ خَلَافَةُ عُثمَانَ وَكَثُرَ النَّاسُ؛ِ أَمَرَ عُثْمَانُ يَوْمَ الجُمُعَةِ بِالأَذَانِ الأَوَّلِ -الآنَ- وَلَيْسَ بِبِدْعَةٍ لَمَّا سَبَقَ مِنَ الأَمْرِ بِاتِّبَاعِ سُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ.

وَالأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَأَبُودَاوُدَ وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيد: أَنَّ الأَذَانَ كَانَ أَوَّلُهُ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّh وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمْرَ(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا) فَلَمَّا كَانَ خَلَافَةُ عُثمَانَ وَكَثُرَ النَّاسُ أَمَرَ عُثمَانُ يَوْمَ الجُمُعَةِ بِالأَذَانِ الثَّالِثِ، فَأَذَّنَ بِهِ عَلَى (الزَّوْرَاءِ).

وَاسْتَقَرَّ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ هَذَا الأَذَانُ لَمَّا كَثُرَ المـُـسْلِمُونَ فَزَادَهُ اجْتِهَادًا مِنْهُ، وَوَافَقَهُ سَائِرُ الصَّحَابَةِ لَهُ بِالسُّكُوتِ وَعَدَمِ الإِنْكَارِ؛ فَصَارَ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا.

وَ خُلَاصَةُ القَوْلِ وَاللهُ أَعْلَمُ: أَنَّ الأَمَرَ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ، عَنْدَ أَهْلِ العِلْمِ فَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى أَذَانٍ وَاحِدٍ فَهُوَ مُتَّأَسٍّ إِنْ شَاءَ اللهُ بِرَسُولِ اللهِ h ومُقْتَدٍ بَأَبِي بَكْرٍ وَعُمْرَ، وَمَنْ أَذَّنَ أَذَانَيْنِ فَهُوَ بِذَلِكَ مُقْتَدٍ بِسُنَّةٍ سَنَّهَا الخَلِيفَةُ الرَّاشِدُعُثمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَمَنْ وَافَقُهُ مِنْ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ المـُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي عَهْدِهِ فِي مُقَدِّمَتِهِمْ عَلَيُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُالرَحْمَنُ بْنُ عَوْفٍ وَطَلْحَةُ(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أجمَعِينَ) وَقَدْ صَارَ بِذَلِكَ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًا وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمَ.

*******

تَمَّت الْحَمْدُ للهِ

 الْخَاتِمَةُ

وَفِي خِتَامِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُتَوَاضِعِ أَشْكُرُ اللهَ تَعَالَى وَأَحْمَدُهُ عَلَى أَنْ مَنَّ عَلَيَّ بِإِتْمَامِهِ.

وَقَدْ تَوَصَّلْتُ فِيْهِ إِلَى النَّتَائِجِ الْآتِيَةِ:

أَوَّلًا: الْأَذَانُ هُوَ عِبَادَةٌ للهِ تَعَالَى لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِذِكْرِ مَخْصُوصٍ.

ثَانِيًا: يَرى الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْأَذَانَ فَرْضُ كِفَايَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَمَاعَةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْدِ سُنَّةٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَاللهُ أَعْلَمُ، وَذَهَبَ بَعُضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.

ثَالِثًا: الْإِقَامَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِكُلِّ صَلَاةِ فَرْضٍ مِنَ الصَّلَواتِ الْخَمْسِ، سَوَاءً كَانَتْ صَلَاةً حَاضِرَةً أَوْ فَائِتَةً.

رَابِعًا: وَرَدَ الْأَذَانُ بِكَيْفِيَّاتٍ ثَلَاثٍ: فَفِي وَجْهٍ: (خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً)، وَفِي وَجْهٍ: (تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً)، وَفِي ثَالِثٍ: (سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً).

وَاخْتَلَفُواْ فِي التَّرْجِيْعِ: وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ سِرًّا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا جَهْرًا، فَأَثْبِتَهُ الْمَالِكِيَةُ وَالشَّافِعِيَةُ(رَحِمَهُمُ اللهُ)، وَأَنْكَرَهُ الْحَنَفِيَةُ وَالْحَنَابِلَةُ(رَحِمَهُمُ اللهُ)، لَكِنْ قَالَ الْحَنَابِلَةُ(رَحِمَهُمُ اللهُ): لَوْ أَتَى بِالتَّرْجِيْعِ لَمْ يُكْرَهْ.

خَامِسًا: وَرَدَتِ الْإِقَامَةُ أيضًا بِكَيْفِيَّاتٍ ثَلَاثٍ: فَفِي وَجْهٍ: (إِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً)، وَفِي وَجْهٍ: (سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً)، وَفِي ثَالِثٍ: (عَشْرَ كَلِمَاتٍ).

سَادِسًا: إِنَّ الْفُقَهَاءَ الْأَرْبَعَةَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ(حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ) وَ(أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا وَلِيُّ الله) وَ(أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا حُجَّةُ الله) زِيَادَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ(رَحِمَهُ اللهُ): فَنَحْنُ نَكْرَهُ الزِّيَادَةَ فِي الْأَذَانِ.

سَابِعًا: اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَولِ (الصَّلَاةُ خَيِرٌ مِنَ النَّوْمِ) فِي أَذَانِ الْفَجْرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي كونهِ هَلْ هُوَ فِي الْأَذَانِ الأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي أَيْضًا، وَمِنَ المـُعَاصِرِيْنَ: قَالَ الشَيْخُ الأَلْبَانِيُّ: فِي الْأَذَانِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ الشَّيْخُ العُثَيْمِيْن، فِي الْأَذَانِ الثَّانِي، وَمِنْ عُلَمَاءِ كُردُسْتَانِ الْعِرَاقِ قَالَ الشَّيْخُ نُورِي فَارس: فِي الأَذَانِ الثَّانِي(أَي: فِي الأَذَانِ الْأَخِيْرِ)، وَذَلِكَ يَقِفُ عَلَى اعْتِقَادِ الْمُؤَذِّنِ: إِنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ فِي الْأَذَانِ الْأَوَّلِ فبالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ جَائِزٌ، وَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ فِي الْأَذَانِ الْأَخِيْرِ فَهُوَ جَائِزٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ.

وَالرَّاجِحُ مَاذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ ابْنُ بَاز وَالشَّيْخُ العُثَيْمِيْنَ وَالشَّيْخُ نُورِي فَارس الَّذِيْنَ قَالُوا (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ) فِي الْأَذَانِ الثَّانِي، كَمَا يَتَبَيَّنُ مِنْ شَرْحِ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ لِأَلْفَاظِ الْحَدِيْثِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرَأْي جُمْهُورِ الأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِيْنَ وَالْمُتَأَخِّرِيْنَ وَلِقَوْلِ أَبِي دَاوُدَ الَّذِي يَقُولُ: حَدِيْثُ مُسْنَدٍ أَبْيَنُ، وَلَكِنْ لَابَأْسَ فِي الأَذَانِ الأَوَّلِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَاز، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ثَامِنًا: يَجِبُ أَنْ تَتَوَفَّرَ  شُرُوطٌ فِي الْمُؤَذِّنِ، هِيَ: (أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ: مُسْلِمًا، عَاقِلًا، وَحَسَنَ الصَّوْتِ، مُجْتَنِبًا لِلأَخْطَاءِ فِي كَلِمَاتِ الْأَذَانِ، أَنْ يَكُونَ قَائِمًا، وَأَنْ يَكُونَ رَفِيْعَ الصَّوْتِ).

تَاسِعًا: الْأَذَانُ وَالإِقَامَةُ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ الْقَوْلِيَّةِ، وَيَجِبُ أَنْ يَقُومَ بِهِ الأَشْخَاصُ الَّذِينَ لَهُمُ الأَهْلِيَّةُ فِيهِ، أَي: أَنْ يَكُونَ أَذَانُهُمْ مُوافِقًا لِلأَذَانِ الَّذِي جَاءَ فِي الشَّرِيعَةِ وَيَكُونَ بِصَوْتٍ جَمِيل, أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلأَذَانِ وَالإِقَامَةِ بِالتَّسْجِيلِ الصَّوْتِيِّ.. لِلْعُلَمَاءِ المـُعَاصِرِينَ عِدَّةُ آرَاءٍ، وَكَتَبْنَا قَبْلُ عَنْ هَذَا الْمَوْضُوعِ وَكَتَبْنَا فِيْمَا سَبَقَ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَذَكَرْنَا أَقْوالَ الْعُلَمَاءِ الْمُعَاصِريْنَ فِيْهَا.

·       وَأَقْتَرِحُ لِلْمُؤَذِّنِيْنَ أَنْ يَسْعَواْ وَيُحَاوِلُواْ تَحْسِيْنَ أَصْوَاتِهِم فِي الْأَذَانِ لِمَا فِيْهِ مِنْ فَضْلٍ كَبِيْرٍ وَأَجْرٍ عَظِيْم، وَأَطْلَبُ مِنْ شُيُوخِنَا وَعُلَمَائِنَا فِي الْمَسَاجِدِ أَنْ يُعَلِّمُواْ طُلَّابَ الْعِلْمِ كَيْفِيَةَ الْأذَانِ الصَّحِيْحَةَ وَأدَاءَهَا، وَأَيْضًا عَلَى أَسَاتِذَةِ الدِّرَاسَاتِ الْأَكَادِيمِيَةِ أَنْ يُعَلِّمُواْ طُلَّابَ الْعِلْمِ الأَذَانَ بِافْتِتَاحِ الدَّوْرَاتِ لِتَشْجِيْعِهِم، فَمَا أَحْوَجَنَا إِلَى أَصْحَابِ الْأَصْوَاتِ الْجَمِيْلَةِ لِتَسمُوَ بِجُملِ الأَذَانِ الجَمِيلَةِ عَلَى المنَابِرِ.

·       كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُؤَذِّنِيْنَ أَنْ يَتَحَلَّوا بِالصِّفَاتِ الْجَمِيْلَةِ الرَّفِيْعَةِ وَلَا يَنْسَوا الْاِخْلَاصَ فِي الْأَذَانِ.

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْن، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

سُبْحَانَ رِبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِيْنَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ.

آزادَ بْنِ فَائِقِ الْكُرْدِيِّ

كُرْدُسْتَانُ الْعِرَاق|الْسُّلَيْمَانِيَةُ|ئازادي

لَيْلَةَ الأَربِعَاء

                                                 9/ذُو الحِجَّةِ/1439ه

       19 \10\ 2018م

..



[1]-  أخرجه مسلم: (387).

[2]-  أخرجه البخاري: (3296).

[3]- أخرجه البخاري: (609) وغيره.

[4]- أخرجه مسلم:(389)، (585).

[5]- أخرجه البخاري: (628)، ومسلم: (1533)، والنسائى: (631)، (635).

[6]- ديوان حسان بن ثابت: شاعر رسول اللهh، ص54.

[7]- تفسير ابن كثير الدمشقي: (7| 179).

[8]- أخرجه مسلم: (387).

[9]- وروى هذا الحديث الإمام النسائي في سننه الكبرى بنفس الإسناد المتقدم في صحيح مسلم, ولكن بتفصيل أكثر وببيان حال الترجيع وهو ضمن الإجازة. عن أبي محذورة قال: علمني رسول اللهﷺ الأذان فقال: { اللهُ أكبرُ الله أكبر، اللهُ أكبرُ الله أكبر، أشهد أن لا إله الاّ الله، أشهد أن لا إله الاّالله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله}، ثم يعود فيقول: {أشهد أن لا إله الاّ الله، أشهد أن لا إله الاّ الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، حيّ على الصلاة حيّ على الصلاة, حيّ على الفلاح, حيّ على الفلاح, الله أكبر الله أكبر، لا إله إلاّ الله}.(19جملة).

[10]- مقاييس اللغة: لِأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، ص33.

[11]- القاموس المحيط: للعلامة اللغوي مجد الدين، محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، المتوفى سنة(817ه)، ج1، ص1185.

[12]- الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي: ج1، ص114.

[13]-  مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج: ج1، ص317.

[14]- صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة: ج1، ص270.

[15]- وفي حديث آخر قال رسول اللهﷺ: ((يَؤُمُّ الْقَوْمُ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً، فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ سَوَاءٌ، فَالْيَؤُمُهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُواْ فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءٌ، فَالْيَؤُمُّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا)). أخرجه مسلم: (673).

[16]- أخرجه البخاري:(628)، (1533)، والنسائى:(631)، (635).

[17]- أخرجه أبو داود:(420)، (499)، حسنه شعيب الأرنؤوط، وصححه الألباني في صحيح أبي داود:(512).

[18]- أخرجه البخاري:(603)، ومسلم(835).

[19]- والنداء: هو الأذان.

[20]- والصف الأول: يراد به المبادرة إلى الجماعة.

[21]- والاستهام: الاقتراع.

[22]- متفق عليه: البخاري: (653)، (615)، ومسلم (980).

[23]- أخرجه البخاري: (3073)، (3296).

[24]- أخرجه مسلم: (389)، (859).

[25]- أخرجه الترمذي: (191)، (207)، وأبوداود: (517)، وصححه الألباني في إرواء الغليل: (217).

[26]- شرح العمدة لابن تيمية: (3\140)، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج: (2\173)، الفقه الإسلامي وأدلته: ج1، ص693.

[27]- "وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كِلَاهُمَا فَاضِلٌ وَالْأَفْضَلِيَةُ تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُرِ حَالِ الشَّخْصِ: فَإِنْ ظَنَّ المُسْلِمُونَ فِي رَجُلٍ وَظَنَّ هُوَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ يَنْفَعُ الْمُسْلِمِيْنَ بِقِرَاءَتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يَأُمُّهُمْ وَإِتْمَامِ خُشُوعِ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا فَالإِمَامَةُ فِي حَقِهِ أَفْضَلُ، وَمَنْ ظَنَّ فِي نَفْسِهِ وَظَنَّ المُصَلُّونَ فِيْهِ أَنَّهُ يَنْفَعُ المُسْلِمِيْنَ بِصَوْتِهِ الْمُؤَثِّرُ وَأَذَانِهِ الْجَمِيْلِ الصَّحِيْحِ فَالْأَفْضَلِيَةُ فِي حَقِهِ الْأَذَانُ، فاَلْأَوَّلُ دَلِيْلُ أَفْضَلِيَّتِهِ مِنَ السُّنَةِ الفِعْلِيَةِ لِلْنَّبِيِّ h إِذْ أَنَّ النَّبِيَّ اخْتَارَ الإِمَامَةَ وَالنَّبِيُّ h يَخْتَارُ الأَفْضَلَ فِي الْعِبَادَةِ، وَكَذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَمَنْ رَأَى فِي نَفْسِهِ أَوْ رَأَى الْمُسْلِمُونَ فِيْهِ الأَفْضَلِيَّةَ فِي أَذَانِهِ أَوْ رَأَوا الأَفْضَلَ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنًا لَا إِمَامًا فَلَهُمْ سَنَدٌ مِنَ السُنَّةِ الْقَوْلِيَّةِ لِلْنَّبِيِّ h وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ"، قول بعض  الفقهاء". قول: الشيخ: (محمد بن طاهر البرزنجي(حفظه الله)).

[28]- شرح العمدة لابن تيمية: (3\140)، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج: (2\173)، الفقه الإسلامي وأدلته: ج1، ص693.

[29]- مجموع الفتاوى: ج22، ص64.

[30]- تمام المنة في التعليق على فقه السنة: ص144.

[31]- أخرجه البخاري:(628)، (1533)، والنسائي(631)، (635).

[32]- فتح الباري شرح صحيح البخاري: ج2، ص101.

[33]- نور الإيضاح ونجاة الأرواح في الفقه الحنفي: ج1، ص47.

[34]- الأم: (1\84)، و المغني: (1\418)، والأوسط: (3\60-62).

[35]- الأم: (1\84)، و المغني: (1\418)، والأوسط: (3\60-62).

[36]- الأوسط في السنن والاجماع والاختلاف: ج3، ص60-62.

[37]- متفق عليه: البخاري: (590)، (623)، ومسلم: (1836)، (1094).

[38]- صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة: ج1، ص275.

[39]- القول راجح.

[40]- أحكام الأذان والنداء والإقامة لسامي فراج الحازمي: ص176-177.

[41]- الحاجة نجاح الحلبي: فقه العبادات على المذهب الحنفي: ج1، ص74.

[42]- الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي: ج1، ص116.

[43]- أخرجه البخاري: (3073)، (3296).

[44]- أخرجه البخاري:(628)، (1533)، والنسائي(631)، (635).

[45]- المغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج: ج1، ص323.

[46]- موسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة: ج1، ص599.

[47]- موسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة: ج1، ص 599.

[48]- أخرجه البيهقي:(1\398)، وابن حزم في المحلى: (3\192).

[49]- المغني لابن قدامة المقدسي: ج1، ص424.

[50]- وَرَدَ الأَذَانُ بِكَيْفِيَاتٍ ثَلَاثٍ، سَنُبَيِّنُ الصِّيغَةَ الرَّاجِحَةَ، وَنَذْكُرُ بَاقِي الْكَيْفِيَاتِ الأُخْرَى الَّتي ذَكَرَهَا الْعُلَمَاءُ:

أ- تَثْنِيَةُ التَّكْبِيْرِ، مَعَ تَرْجِيْعِ الشَّهَادَتَيْنِ فَيَكُونُ عَدَدُ كَلِمَاتِهِ (سَبْعَ عَشْرَةَ) كَلِمَةً، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِh عَلَّمَهُ هَذَا الْأَذَانَ، أخرجه مسلم: (379)، وهذا لفظ حديثه: ((اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ»، ثُمَّ يَعُودُ فَيَقُولُ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ» زَادَ إِسْحَاقُ: «اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)).

ب- تَرْبِيْعُ التَّكْبِيْرِ، وَتَرْجِيْعُ كُلٍّ مِنَ الْشَّهَادَتَيْنِ، بِمَعْنَى أَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِنُ:((أَشْهَدُ أَنْ لّآ إِلَهَ إِلاَ الله، أَشْهَدُ أَنْ لآ إِلَهَ إِلاَ الله، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَّسُولُ الله، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَّسُولُ الله))، يَخْفَضُ بِهَا صَوْتَهُ، ثُمَّ يُعِيْدُهَا مَعَ الصَّوْتِ، فَعَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ: أَنَّ النَّبِيَّh عَلَّمَهُ الْأَذَانَ (تِسْعَ عَشْرَةَ) كَلِمَةً، أخرجه أحمد: (15381)، أبو داود: (500)، (503)، الترمذي: (192)، وقال شعيب الأرنؤوط في (مسند أحمد): "صحيح بطرقه، وهذا إسناد حسن، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح"، وحسنه الألباني من المعاصرين في الثمر المستطاب: ص120، وهذا لفظ الحديث تسع عشرة كلمة: ((اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، تَرْفَعُ بِهَا صَوْتَكَ، ثُمَّ تَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، تَخْفِضُ بِهَا صَوْتَكَ، ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَكَ بِالشَّهَادَةِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، فَإِنْ كَانَ صَلَاةُ الصُّبْحِ قُلْتَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)).

[51]- فقه السنة: ج1، ص112.

[52]- اللباب في شرح الكتاب: ج1، ص59، ومابعدها.

[53]- وهو حديث أذان الملك النازل من السماء، رواه أبو داود في سننه نصب الراية:(1|259).

[54]- أخرجه البخاري: (603)، ومسلم: (378)، وهذا لفظ حديثهما: ((فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ)).

[55]- صحيح: أخرجه البيهقي: (1708)، (1| 399)، والبدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير: (3|392).

[56]- صحيح: أخرجه الدارمي: (1172)، (1196)، والبدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير: (3|393).

[57]- موسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة: ج1، ص603.

[58]- الأوسط في السنن والاجماع والاختلاف: ج3، ص28.

[59]- فقه العبادات على المذهب الحنفي: ج1، ص74.

[60]- حسن صحيح: أخرجه الترمذي: (181)، (197)، التحفة: (11807)، ونصب الراية: (1|277)، وفي صحيح مسلم برواية أخرى برقم: (504)، (728).

[61]- تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة:ج1، ص188.

[62]- ويستفاد منه أن الداعي إلى الخير والحق لا يلتفت ولا يستمع إلى ما يقال حوله، بل يضم أذنيه مدح الناس وذمهم ويرتفع صوته بقول الخير، والله أعلم.

[63]- فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة: ج1، ص285.

[64]- أخرجه البخاري: (601)، (634).

[65]- الأوسط في السنن والإجماع والإختلاف: ج3، ص27،26.

[66]- موسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة: ج1, ص604.

[67]- أخرجه البخاري: (563)، (595).

[68]- الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي: ج1، ص118.

[69]- الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي: ج1، ص118.

[70]- متفق عليه: البخاري: (585)، (617)، و مسلم: (1834)، (1093).

[71]- متفق عليه: البخاري: (599)، (632)، و مسلم (700)، (1132).

[72]- متفق عليه: البخاري:(855)، (901)، و مسلم (1303)، (780).

[73]- صحيح لغيره: أخرجه أحمد: (17582)، (17475). تخريج الحديث ببرنامج: (جوامع الكلم).

[74]- الموسوعة الفقهية: ج1، ص86.

[75]- أخرجه مسلم: (1\290).

[76]- أخرجه البخاري: (1\152)، و مسلم: (1\288).

[77]- أخرجه البخاري: (614)، والبيهقي: (48)، (49).

[78]-  موسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة:ج1، ص602.

[79]- كشاف القناع عن متن الإقناع: ج1، ص273.

[80]- بداية المجتهد ونهاية المقتصد: ج1، ص114.

[81]- البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير: (3|365).

[82]- التلخيص الحبير ط العلمية: (1|502).

[83]- نيل الأوطار للشوكاني: ج2، ص45-46.

[84]- زاد في الأصل: أذان.

[85]- حديث أبي محذورة مطولاً.

[86]- عبد الملك بن أبي محذورة الجمحي، روى عن أبيه، وعن عبد الله بن محيريز، ذكره ابن حبان في الثقات.

[87]- أخرجه أبو داود من طرق عدة في السن: (1/136- 137- 138)، حديث(505-500) من حديث أبي محذورة.

[88]- أخرجه ابن خزيمة في صحيحه:(1/200، 201، 202)، حديث (385)، وأحمد (3/408)، والنَّسائي: (2/7-8)، حديث (633)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار:( 1/134)، والبيهقي في السننالكبرى(1/422).

[89]- سقط في الأصل.

[90]- في الأصل: صيتاً.

[91]- أخرجه النسائي: (2/13- 14)، حديث (647).

[92]- التلخيص الحبير ط العلمية: ج1, ص501.

[93]-  إتحاف المهرة: (11323)، (10794)، وحسنه ابن حجر في التلخيص الحبير:(1\502).

[94]- تمام المنة في التعليق على فقه السنة: ج1، ص146.

[95]- فتاوى نور على الدرب: ج6، ص311.

[96]- أخرجه أحمد: (15376)، وقال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح بطريقه.

[97]- الشرح الممتع على زاد المستقنع: ج2، ص61.

[98]- أخرجه البخاري: (621).

[99]- أخرجه البخاري: (631).

[100]- الشرح الممتع على زاد المستقنع: ج2، ص61.

[101]- أخرجه البخاري:(1146).

[102]- أخرجه البخاري:(627)، ومسلم:(838)، من حديث عبد الله بن بريدة.

[103]- أخرجه البخاري: (913) عن السائب بن يزيد.

[104]- الشرح الممتع على زاد المستقنع: ج2، ص61.

[105]- الوجيز في الفقه: ص461.

[106]- أخرجه البخاري: (582)، (614).

[107]- فتح الباري شرح صحيح البخاري:ج2، ص122.

[108]- أخرجه البخاري: (614)، والبيهقي: (48)، (49).

[109]- أخرجه مسلم: (847)، والبيهقي: (48)، (49).

[110]- فتح الباري شرح صحيح البخاري: ج2، ص120.

[111]- صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة: ج1، ص287.

[112]- أخرجه أحمد: (12584)،  الترمذي: (196)، (212)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي: (2843).

[113]- مجموع الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي: ج1، ص313.

[114]- مجموع الفتاوى ابن تيمية: ج22، ص274.

[115]- القاموس المحيط: ص434، وصحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة: ج1، ص270.

[116]- السنن الكبرى للبيهقي: ج1، ص230.

[117]- صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة: ص270.

[118]- فقه العبادات على المذهب المالكي:ج1، ص128.

[119]- منهاج المسلم كتاب عقائد وآداب وأخلاق وعبادات ومعاملات: ص188.

[120]- أخرجه أبو داود: (547)، والنسائي(838)، (847)، وحسنه الألباني في الثمر المستطاب: ص117.

[121]- أخرجه البخاري: (597)، (630).

[122]- أخرجه البخاري: (571)، (602)، ص175.

[123]- موسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة: ج1، ص615.

[124]- موسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة: ج1، ص617.

[125]- موسوعة الفقه الإسلامي: ج2، ص394.

[126]- أخرجه البخاري: (137)، (139).

[127]- وَرَدَتِ الإِقَامَةُ بِكَيْفِيْاَتٍ ثَلَاثٍ, سَنُبَيِّنُ الصِّيغَةَ الرَّاجِحَةَ، وَنَذْكُرُ بَاقِي الْكَفِيْاتِ الأُخْرَى الَّتِي ذَكَرَهَا الْعُلَمَاءُ:

أ- سَبْعَ عَشْرَةَ جُمْلَةً، وَهِيَ إِقَامَةُ أَبِي مَحْذُورَةَc. أخرجه أحمد: (15381)، الترمذي: (192)، وابن حبان: (1681)، وقال شعيب الأرنؤوط في صحيح ابن حبان: "إسناده حسن"، وحسنه الألباني من المعاصرين في الثمر المستطاب: ص120، وقال النووي في (المجموع): "قال أبو حنيفة والثوري وابن المبارك هو سبع عشرة كلمة مثل الأذان عندهم مع زيادة قد قامت الصلاة مرتين واحتج لأبي حنيفة وموافقيه بحديث أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم "علمه الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة"، (3/94).

ب- عَشْرُ كَلِمَاتٍ، تَقُولُ (( قَدْ قَامَتِ الصَّلَاة)) مَرَّةً وَاحِدَةً، لِـمَا رُويَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: (( أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ)). هذا الحديث: (أي: حديث أنس) فمقيد بحديث ابن عمر. مختصر الأحكام: (2/6)، والمدونة: (1\158)، وموسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة: ج1، ص615، وقال الطُوسي في (مختصر الأحكام): " يُقَالُ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ "، وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد): " قلت: روى له ابن ماجه: كان بلال يؤذن مثنى مثنى، والإقامة منفردة فقط"، (1856)، وقال النووي في (المجموع): "قال مالك عشر كلمات جعل قوله قد قامت الصلاة مرة "، (3/94).

[128]- موسوعة الفقه الإسلامي: ج2، ص402.

[129]- فتح الباري لابن حجر: (2\84)، الثمر المستطاب: (1\209).

[130]- موسوعة الفقه الإسلامي: ج2، ص402.

[131]- أخرجه أحمد: (16478)، أبو داود: (499)، وقال شعيب الأرنؤوط في (مسند أحمد): "حديث حسن"، وقال الألباني في (سنن أبو داود): "حسن صحيح"، وقال النووي في (المجموع): "مذهبنا المشهور أنها (إحدى عشرة كلمة) كما سبق وبه قال عمر بن الخطاب وابنه وأنس والحسن البصري ومكحول والزهري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور ويحيى بن يحيى وداود وابن المنذر قال البيهقي وممن قال بإفراد الإقامة سعيد بن المسيب وعروة ابن الزبير والحسن وابن سيرين ومكحول والزهري وعمر بن عبد العزيز ومشايخ جلة من التابعين سواهم قال البغوي هو قول أكثر العلماء"، (3\94).

[132]- أخرجه أحمد: (12584)، الترمذي: (196)، (212)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي: (2843.)

[133]- الموسوعة الفقهية: ج1، ص86.

[134]- أخرجه البخاري: (1149)، ومسلم: (2428)

[135]- أخرجه البخاري: (3679)، وأحمد: (3 / 179، 263).

[136]- أخرجه ابن سعد: (3 / 1 / 167).

[137]- سقطت لفظة (بن) من المطبوع.

[138]- منسوب إلى كيسان مولى معاوية، وهو بالقرب من الباب الشرقي، وانظر (تاريخ دمشق) لابن عساكر: (1 / 185).

[139]- هو عثمان بن عبد الله، بن محمد بن خرزاذ بضم الخاء وتشديد الراء بعدهما زاي. ثقة، مات سنة (281)هـ، وقد تحرفت في المطبوع إلى (جرزاد ).

[140]- سير أعلام النبلاء: (1\ 347-360(.

[141]- أخرجه هكذا مرسلا ابن سعد: (4 / 1 / 151)، ووصله أحمد: (3 / 132، 192)، وأبو داود: (595).

[142]- هو مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني.

[143]- أخرجه ابن سعد: (4 / 1 / 151).

[144]- أخرجه ابن سعد: (4 / 1 / 151).

[145]- أخرجه ابن سعد: (4 / 1 / 152).

[146]- سير أعلام النبلاء: (1\ 360-365).

[147]- أخرجه أبو داود: (501)، والنَّسائي: (2 / 7- 8)، وأحمد: (3 / 408) بهذا الإسناد.

[148]- ابن سعد: (5 / 450).

[149]- المريطاء بوزن الحميراء: أسفل البطن ما بين السرة والعانة.

[150]- بحرة: بفتح الباء الموحدة وسكون الحاء المهملة كما في (المشتبه ) 1 / 50، و(الإكمال) 1 / 191، و( تبصير المنتبه ) 1 / 66، و( توضيح المشتبه).

[151]- سير أعلام النبلاء: (3/ 117-119).

[152]- البداية والنهاية ط الفكر: (7\321).

[153]- فتاوى الكبرى لابن التيمية: (3\42).

[154]- زاد المعاد في هدي خير العباد: ج1، ص120.

[155]-  متفق عليه: من حديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وهو أول حديث في صحيح البخاري.

[156]- أخرجه مسلم: (373)، وأبو داود: (18)، والترمذي: (3381)، وابن ماجه: (302).

[157]- أخرجه البخاري: (585)، (617).

[158]- فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة: ج1، ص281.

[159]- صحيح: أخرجه البيهقي: (1708)، (1| 399)، تخريجه ببرنامج: (جوامع الكلم).

[160]- موسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة: ج1، ص603.

[161]- الإبداع: ص176.

[162]- فتح الباري: (2 / 87 – 88).

[163]- من سؤال وجه إليه في درس من دروس شبرا (ربيع الآخر 1414هـ) .

[164]- فتح الباري: 4 / 199.

[165]- السُنن والمبتدعات للشقيري: ص40.

[166]- أسنى المطالب في شرح روض الطالب: ج1، ص133.

[167]- آل رسول الله وأولياؤه: ج1، ص177.

[168]- أخرجه البخاري: رقم(960)، ومسلم: رقم(886).

[169]- تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة: ج1، ص42.

[170]- زاد المعاد: (1|442).

[171]- الإشراف على مذهب العلماء لابن منذر: (3\310)، أحكام الأذان والإقامة: ص326-327، الموسوعة الفقهية الكويتية: (2\370).

[172]- أخرجه مسلم: (2941).

[173]- الأم للشافعي: ج1، ص106.

[174]- أخرجه الترمذي بسند صحيح: (209)، وابن ماجة:(714)، ولفظ النسائي وأبي داود: قال موسى بن إسماعيل: ((إنَّ عُثْمَانَ بنَ أَبِي العَاص قال: يَارَسُولَ اللهِhاجَعَلَنْيِ إمَامَ قَوميِ؟ قَالَ: أَنْتَ إِمَامُهُمْ وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنَاً لاَ يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرَاً))، وصححه الألباني في الثمر المستطاب: ص146.

[175]- الأم: (2|64).

[176]- شرح مسلم لشرح حديث: رقم(385).

[177]- فتاوى نور على الدرب: (2/ 297 - 299) موقع ابن باز.

[178]- أخرجه مسلم: (1487)، وابن ماجه: رقم(532).

[179]- شرح مسلم: ج5، ص159.

[180]- أخرجه أحمد: (10717)، (10550).

[181]- تحفة الأحوذي: ص 518.

[182]- جامع الترمذي: رقم(204).

[183]- أخرجه الترمذي: (2679)، والألباني في صحيح الترغيب والترهيب: رقم(37).