×
محاضرة ألقاها فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - في الجامع الكبير بالرياض بعنوان " مكانة الزكاة في الإسلام " .

 الزكاة

بسم الله الرحمن الرحيم

 مكانة الزكاة في الإسلام( )

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فموضوع المحاضرة كما قال المقدم: (مكانة الزكاة في الإسلام)، كل مسلم له أدنى بصيرة يعلم أن الزكاة أمرها عظيم، وأنها من أركان الإسلام الخمسة، بل هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وقد جمع الله بينها وبين الصلاة في مواضع كثيرة من كتابه العظيم، وهكذا جمع بينهما الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة، ومن ذلك قول الله جل وعلا: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾( )، وقوله سبحانه: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ

لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾( )، وقوله عز وجل: ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾( )، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾( )، في آيات أخرى. 

ولقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، ورواه غيرهما أيضاً من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت))( ).  وفي لفظ آخر: ((بني الإسلام على خمس: على أن يعبد الله وحده ويكفر بما دونه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ...))( ) الحديث،  وهذا

يبين لنا عظم شأن الزكاة وأنها في كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام قرينة الصلاة، والصلاة لا يخفى عظم شأنها فهي عمود الإسلام، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين، وقد قال الله فيها جل وعلا: ((حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين))( ).

وقال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر))( ).

وقال فيها النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة))( ) فالصلاة عمود الإسلام وأهم أركانه وأعظمها بعد الشهادتين، والزكاة أختها وقرينتها، فالصلاة حق لله تتعلق بالبدن فهي عبادة بدنية يقوم فيها العبد بين يدي ربه، يناجيه ويذكره ويدعوه ويقرأ كتابه سبحانه، فأمرها عظيم وتأثيرها في القلوب عظيم، وهي التي من أقامها وأدى حقها نهته عن الفحشاء والمنكر، وصارت سبب سعادته وسلامته ونجاته وصلاح قلبه وعمله، وهي التي قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام لما ذكرها بين أصحابه في

بعض أيامه قال فيها عليه الصلاة والسلام: ((من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف))( ) خرجه الإمام أحمد وغيره بإسناد حسن.

قال بعض أهل العلم في هذا الحديث: إنما يحشر مضيع الصلاة مع هؤلاء الكفرة الكبار الدعاة إلى النار، إنما يحشر معهم؛ لأنه شابههم في أعمالهم الخبيثة، فالذي ضيعها من أجل الرياسة والملك والسلطان قد شابه فرعون؛ فإنه شغله كبره وملكه وعلوه في الأرض حتى كذَّب موسى وطغى وبغي فأهلكه الله، فيحشر معه من شابهه يوم القيامة إلى النار، وإنما يحشر من ضيع الصلاة مع هامان وزير فرعون إذا شغله عنها الوظيفة أو الوزارة وأعمال الوزارة فإنه يحشر مع هامان وزير فرعون إلى النار؛ لكونه شابهه في اشتغاله بالوزارة وحق الرياسة على طاعة الله ورسوله، وإنما يحشر من ضيعها من أجل المال والشهوات مع قارون؛ لأنه شابهه في ذلك، فقارون شغل بالمال والشهوات وتكبر عن الحق وطغى وعصى نبي الله موسى فخسف الله به وبداره الأرض وصار إلى النار فمن شابهه باشتغاله بالشهوات والمآكل والمشارب والمراكب

ونحو ذلك حشر معه إلى النار نعوذ بالله، ومن شغل عن الصلاة بالبيع والشراء والمعاملات والأخذ والعطاء والدفاتر وغير ذلك فقد شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة فيحشر معه إلى النار نعوذ بالله.

وإذا كانت الصلاة هذا شأنها وهذا عظمها وخطرها، فالزكاة أيضاً شأنها عظيم وهي أختها وقرينتها، فمن شغل عنها بالبخل وحب المال حشر مع أعداء الله الذين آثروا المال على طاعة الله ورسوله.

ومما جاء في ذلك عن النبي صلى اله عليه وسلم أنه قال لما بعث معاذاً إلى اليمن: ((ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم))( ) وهذا يدل على أنها فرضت للمواساة والإحسان، فهي حق مالي ينبغي للمؤمن أن يُعنى به ويحرص عليه حتى يؤديه إلى مستحقيه، ومن هذا حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:

((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله))( ).

فدل هذا الحديث وما جاء في معناه على أن الذي يبخل بالزكاة ويمتنع منها ويقاتل دونها ولا يؤديها فإنه يباح قتاله، كما قاتل الصديق رضي الله عنه مانعيها؛ لأنه لا يكون معصوم الدم إلا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولهذا لما امتنع بعض العرب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم من الزكاة قاتلهم الصحابة حتى يؤدوها، فإن بعض العرب لما توفي النبي عليه الصلاة والسلام ارتدوا عن الإسلام وتنوعت ردتهم، فبعضهم قال: لو كان نبياً ما مات، وجهل أن الأنبياء ماتوا قبله عليه الصلاة والسلام. وبعضهم قال: هذه الزكاة لن نؤديها. وبعضهم ارتد بأنواع أخرى، فقام أبو بكر في الناس خطيباً رضي الله عنه وأرضاه، وحث الصحابة على قتالهم حتى يدخلوا في الإسلام كما خرجوا منه، فراوده عمر في ذلك وقال له: (كيف تقاتل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟) فقال أبو بكر: (إنا قد أمرنا أن نقاتل الناس حتى

يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإذا فعلوا ذلك عصموا منا دماءهم وأموالهم إلا بحقها).

قال الصديق رضي الله عنه: (أليست الزكاة من حق لا إله إلا الله، والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، والله لو منعوني عقالاً) وفي لفظ (عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها). قال عمر: (فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق)( ).

فأجمع الصحابة على هذا وقاتلوا المرتدين وجاهدوهم جهاداً عظيماً حتى أدخلوهم في الإسلام كما خرجوا منه، إلا من سبقت له الشقاوة فقتل على ردته نعوذ بالله من ذلك كمسيلمة الكذاب وجماعة معه، وجماعة من بني أسد، وجماعات غيرهم، استمروا في كفرهم فقاتلهم الصحابة حتى قتلوهم، وهدى الله من هدى منهم من بقاياهم.

فالحاصل والخلاصة أن الزكاة مكانتها عظيمة في الإسلام وأنها الركن الأعظم بعد الصلاة والشهادتين، وأن الواجب على المسلمين أداؤها إلى مستحقيها، وإذا طلبها ولي الأمر وجب أن تؤدى إليه، فإن لم يطلبها وزعها المؤمن بين الفقراء والمستحقين لها، والله بيَّن

أهلها في قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾( ) هؤلاء أهلها.

الفقراء والمساكين: هم الذين ليس عندهم مال يكفيهم؛ والفقير أشد حاجة، والمسكين أحسن حالاً منه، وإذا أطلق أحدهما دخل فيه الآخر، فإذا قيل: الفقراء دخل فيهم المساكين، وإذا قيل المساكين دخل فيهم الفقراء، وهم من لم يكن عندهم كفاية، يعني عندهم بعض الشيء ولكنه يسير لا يكفيهم ولا يقوم بحالهم فيعطون من الزكاة ما يكفيهم سنتهم، كل سنة يعطون ما يكفيهم ويكفي عوائلهم في حاجاتهم الضرورية  سنة كاملة.

أما العاملون عليها: فهم العمال الذين يوكلهم ولي الأمر في جبايتها والسفر إلى البلدان والمياه التي عليها أهل الأموال حتى يجبوها منهم، فهم جباتها وحفاظها والقائمون عليها يعطون منها بقدر عملهم وتعبهم على ما يراه ولي الأمر.

والمؤلفة قلوبهم: هم الذين يطاعون في العشائر، وهم السادات من الرؤساء والكبار، والذين يطاعون في عشائرهم بحيث إذا أسلموا أسلمت عشائرهم وتابعوهم، وإذا كفروا،

كفروا معهم، وهم الكبار والرؤساء الذين يتألفون في الإسلام، ويعطون من الزكاة ليقوى إيمانهم، أو ليسلم نظيرهم، أو ليحموا جانب الإسلام من الأعداء، فيعطون من الزكاة ما يكون سبباً لقوة إيمانهم، أو لدفاعهم عن الإسلام، أو لإسلام من وراءهم وأشباه ذلك.

وفي الرقاب: هم الأرقاء الذي يعطون من المال ما يعتقون به رقابهم، وهم المكاتبون الذين يشترون أنفسهم من سادتهم بأموال منجمة مرتبة فيعطون من الزكاة ما يقضي به دينهم وتعتق به رقابهم، ويجوز على الصحيح أيضاً أن يشترى منها أرقاء فيعتقون، فيشتري صاحب الزكاة منها أرقاء فيعتقهم منها، فإن هذا داخل في الرقاب، ويدخل في ذلك على الصحيح أيضاً عتاق الأسرى، أسرى المسلمين بين الكفار، يدفع من الزكاة للكفار الفدية حتى يطلقوا المسلمين وحتى يفكوا أسرهم.

أما الغارمون: فهم أهل الدين الذين يستدينون الأموال في حاجاتهم المباحة، وحاجات عوائلهم أو لإصلاح ذات البين، يتحملون المال ليصلحوا بين الناس عند قيام الفتن والشرور والعداوات والشحناء، يقوم الإنسان ليصلح بين الناس ويتحمل أموالاً للإصلاح بينهم، فيعطى هذا المتحمل ولو كان غنياً يعطى ما تحمله من الزكاة؛ لأنه قد سعى في خير وقام في

خير، كما يعطى المدين العاجز عن قضاء الدين في حاجات نفسه وحاجات عياله يعطى من الزكاة ما يُسَدُّ به الدين.

والسابع: في سبيل الله: هم أهل الجهاد، وهم المجاهدون الغزاة يعطون في غزوهم ما يقوم بحاجاتهم من السلاح والمركوب والنفقة إذا لم يحصل لهم هذا من بيت المال، يعطون من الزكاة ما يقيم حالهم ويعينهم على جهاد أعدائهم من الخيل والإبل وأنواع الآلات من ذلك والنفقة والسلاح حتى يجاهدوا أعداء الله.

والثامن ابن السبيل: وهم الذين ينتقلون من بلاد إلى بلاد فينقطعون في الطريق إما لذهاب نفقتهم في الطريق إذا طال السفر عليهم، أو لأن عدواً من قطاع الطريق أخذهم وأخذ أموالهم، أو لأسباب أخرى ذهبت نفقاتهم، فيعطون من الزكاة ما يوصلهم إلى بلادهم ولو كانوا أغنياء؛ لأنهم في الطريق ليس عندهم ما يقوم بحالهم ولا يلزمهم الاقتراض، بل يجب أن يعطوا في الطريق ما يسد حاجاتهم إلى أن يصلوا بلادهم التي فيها أموالهم.

فالزكاة فيها خير عظيم ومصالح جمة للمسلمين في صرفها في هذه الجهات الثمان، فلها أثر عظيم في كفاية الناس وإعانتهم على ما أوجب الله عليهم، والتخفيف مما يثقل عليهم من الديون وغير ذلك مما يهمهم كعتق الرقاب، وتزويد المجاهدين بما يعينهم، ومساعدة أبناء السبيل

إلى غير ذلك مما يدخل في الأصناف الثمانية، وهذا من لطف الله ومن عظيم إحسانه إلى عباده حيث جعلهم متعاونين غنيهم يساعد فقيرهم، فيتعاونون على البر والتقوى مما أعطاهم الله.

وفي إخراج الزكاة شكر لله على ما أحسن إليهم فهو سبحانه المحسن المتفضل، ومن شكره عليك أيها المسلم أن تؤدي الزكاة وأن تحمد الله الذي جعلك تعطي ولا تأخذ، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((اليد العليا خير من اليد السفلى))( ) واليد العليا هي المعطية وهي المنفقة، والسفلى هي الآخذة والسائلة، فاحمد الله الذي جعلك صاحب يد عليا تنفق وتحسن وتجود على عباد الله، ثم في الزكاة الطهرة لك والطهرة لمالك، والزكاة لك ولمالك كما قال الله سبحانه: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ﴾( ) فهي خير لك في الدنيا والآخرة تطهر بها مالك وتحفظ بها مالك وتطهر بها أنت، كما قال الله سبحانه في الآية السابقة:﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ والمسكين الفقير إذا ساعدته وأعطيته مما أعطاك الله كان لك في ذلك خير عظيم وفضل كبير؛ لأنك أزلت شدته

وفرجت كربته، وواسيته بمالك، فلها عنده منزلة عظيمة وربما دعا لك بدعوة يقبلها الله يكون فيها سعادتك ونجاتك في الدنيا والآخرة، وأنت تعطي من خير كثير لا يضرك، وهو ينتفع بذلك نفعاً عظيماً، وتفرج بها الكروب وتحسن بها إلى الأطفال وإلى الشيوخ الكبار وإلى العجائز وإلى المنقطعين فيحصل بك بهذا فضل عظيم واجر كبير، وقد توعد اله سبحانه من بخل بالزكاة ولم يؤدها، فقال عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ﴾( ).

وهذه عاقبة من بخل بالزكاة عاقبته النار يعذب بهذا المال الذي جمعه وبخل به وتعب عليه، يكون عذاباً عليه يوم القيامة، يعذب به يوم القيامة جزاءً وفاقاً؛ لما بخل به ولم يؤد حقه صار بلاءً عليه، وكل مال لا يؤدى حقه وما أوجب الله فيه هو كنز، والذي تؤدى زكاته ليس بكنز، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز))( ) فالمال عندك ولو كان في الأرض السابعة إذا أديت حقوقه ليس بكنز

عليك، ولا يضرك، والذي على وجه الأرض وبين يديك كنز، إذا لم تؤد حقه تعذب به يوم القيامة.

وصح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها – وفي لفظ: زكاتها – إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب إبل لا يؤدي حقها إلا بسط لها بقلع قرقر تطأه بخفافها وتعضه بأفواهها كلما مرت عليه أخراها عادت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب بقر أو غنم لا يؤدي زكاتها – وفي لفظ: حقها – إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر تمر عليه تطأه بأظلافها وتنطحه بقرونها، كلما مرت عليه أخراها عادت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار))( ). وهذا وعيد عظيم يدل على عظم الخطر في البخل بالزكاة وعدم أدائها، وأن ماله يوم القيامة شر عليه وبلاء عليه سواء كان نقوداً أو حبوباً أو ثماراً أو إبلاً أو بقراً أو غنماً، كلها يعذب بها يوم القيامة، في الإبل والبقر والغنم بيَّن النبي

كيف عذابه وفي الذهب والفضة كذلك، وما سواها يلحق بها، نسأل الله العافية والسلامة.

فعلينا أيها الإخوة وعلى جميع المسلمين التواصي بهذا الأمر العظيم، علينا أن نتواصى في حق الله وأن نجتهد في ذلك وأن نذكَّر بالله من غفل، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، فأمر الزكاة واضح، وأمر الصلاة واضح، وأمر الصيام واضح، ولكن الإنسان قد يغفل ويرين على قلبه كثير من الذنوب وتثقل عليه الطاعات وتسهل عليه المعاصي مثل تزيين الشيطان ونواب الشيطان حتى يغفل عن الله والدار الآخرة، وحتى يثقل عليه أداء حق الله في المال وغير المال، وحتى تسهل عليه طاعة الشيطان والسير مع إخوان الشياطين سير الجهل والغفلة واستيلاء حب المال والشهوات على قلبه وقلة الجليس الصالح، وكثرة الجليس المنحرف، فالواجب التذكير بالله، والله يقول: ﴿وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين﴾( )، ويقول سبحانه: ﴿فذكر إنما أنت مذكر﴾( ) فالمؤمن يذكِّر أخاه ولا يقول: أخي عنده علم يدري عن هذا، لا، إذا رأيت منه شيئاً من التفريط والتساهل أو ظهر لك شيء من الغفلة والإعراض فانصح أخاك وذكره بالله بالعبارات الحسنة والأسلوب القيم الذي يتضمن العطف عليه

والخوف عليه والحرص على نجاته وسعادته، فأخوك من نصحك ونبهك، وليس أخوك من غفل عنك وأعرض عنك وجاملك، ولكن أخاك في الحقيقة هو الذي ينصحك والذي يعظك ويذكرك، يدعوك إلى الله، يبين لك طريق النجاة حتى تسلكه ويحذرك من طريق الهلاك ويبين لك سوء عاقبته حتى تجتنبه ولا تيأس ولا تقل هذا ما فيه خير ما ينفع فيه شيء، ولا تيأس فالله سبحانه يقول: ﴿وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ﴾( )، ويقول سبحانه: ﴿لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ﴾( ) فكم من مجرم، وكم من عاص مضى عليه سنون وهو في غفلته وفي سكرته وطاعة الشيطان ثم يوفق لمن يرشده وينبهه ويدعوه إلى الخير فينتبه ويدعو للذي نبهه، فيهديه الله ويرجع إلى الصواب ويتوب إلى الله مما سلف منه فيغفر الله له ويكفر سيئاته الماضية، فلا تيأسوا ولا تقنطوا أيها الإخوة، الآن شخص من إخوانكم بعد صلاة المغرب تكلم في أذني وقال: إني جئت من مسجد النصيري مسجد التركي والأسواق ملأى ولم يصلوا، ويبكي ويقول: هذا أمر لا يصبر عليه، فالأمر يحتاج إلى تناصح وتعاون ولا يقال: الهيئة تكفي. الهيئات عليها واجب عظيم، وهي مسئولة عن تقصيرها ونسأل الله لها العون والتوفيق

وصلاح النية والعمل، وولاة الأمور عليهم واجب عظيم وهم مسئولون أكثر، وعلى كل مسلم وعلى طالب العلم وعلى العلماء وعلى القضاة كل عليه نصيبه في إنكار المنكر والدعوة إلى الخير، ولو أن الناس تعاونوا وتكاتفوا وتواصوا بالحق لقلَّ الشر وكثر الخير، فالأسواق فيها من يضيع الصلاة ويجلس والناس يصلون، والصلاة تقام وهو حول المسجد جالس، فهذا ينبه ويذكر بالله ويتكلَّم عليه، كل واحد، ما هو بواحد فقط، كل واحد يمر عليه يستنكر هذا، ألا تتقي الله ألا تخاف الله، الناس يصلون وأنت جالس، حتى ولو كان مسافراً ليس له أن يجلس أمام الناس بل عليه أن يقوم ليصلي مع الناس ولو نافلة، لا يجلس أمام الناس ويتظاهر بعمل الكفار، فالنبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على رجل والصلاة تقام ولم يقم فقال: ((ألست برجل مسلم))( ) وأمره أن يصلي مع الناس ولو كان قد صلى، وفي صلاة الفجر في منى في حجة الوداع قال له بعض الناس: يا رسول الله إن هناك رجلين ما صليا معنا، فدعا بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال لهما: ((ما منعكما أن تصليا معنا؟)) قالا: يا رسول الله قد صلينا في رحالنا. قال: ((لا

تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الإمام يصلي فصليا معه، فإنها لكما نافلة))( ) فإذا أتى الرجل المسجد والناس لم يصلوا فالمشروع له ألا يجلس وراء الناس، بل يدخل معهم في الصلاة، إذا دخل من أولها كملها وإن فاته شيء منها قضى بعد ذلك وكانت له نافلة.

ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها، قال للسائل: ((صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل معهم ولا تقل صليت فلا أصلي، بل صل معهم ولو أنك قد صليت فتكون لك نافلة))( )، فهؤلاء الذين يجلسون في الطرقات وقت الصلاة يجب أن ينكر عليهم ذلك، ولو قال أحدهم: إني صليت، فقل له: ولو كنت صليت لا تجلس والناس يصلون عند المسجد وحول المسجد، اختف عن الناس إذا كنت صليت وإلا صل مع الناس تكن لك نافلة ولا تجلس أمام الناس فتكون باباً للكسالى والمنحرفين وأصحاب التثاقل عن

الصلاة بل سارع إلى الصلاة وصل مع إخوانك وتكون لك نافلة إذا كنت قد صليت، ولا تخرج من محل صلاتك حتى يصلي الناس.

وينبغي للناس أن تكون صلاتهم متقاربة من الأئمة وأهل المساجد حتى لا يحتج المتكاسل والمفرط بأنه صلى في كذا أو صلى في كذا، والمقصود أن الواجب هو التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق، والله أخبر سبحانه عن عباده الرابحين الناجين السعداء بأنهم يتواصون بالحق والصبر، فقال سبحانه: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر ﴾( ).

فأخبر سبحانه أن هؤلاء هم الرابحون، وهم السعداء الذين اجتمعت فيهم الصفات الأربع: الإيمان الصادق بالله ورسوله، ثم العمل الصالح، يعني إيمان له ثمرة، إيمان أثمر وظهرت آثاره في أعمال الإنسان، فالإيمان بالقلب وحده ما يكفي فلابد من إيمان بالقلب مع إيمان بالجوارح، فيؤمن بقلبه ويعمل بجوارحه، فإذا آمن أن الصلاة حق فعليه أن يصلي، وإذا آمن أن الزكاة حق فعليه أن يزكي، وإذا آمن أن الصوم حق فعليه أن يصوم، وهكذا، العمل من الإيمان والقول من الإيمان، فالإيمان قول وعمل وعقيدة، والسعداء الرابحون هم الذين جمعوا بين الإيمان الصادق والعمل الصالح والتواصي

بالحق والتواصي بالصبر، هؤلاء هم الرابحون، وهم السعداء؛ لأنهم آمنوا بالله ورسوله إيماناً صادقاً ووحدوا الله وصدَّقوا رسولهم محمداً عليه الصلاة والسلام، وصدَّقوا بأخبار الله ورسوله الثابتة، وأتبعوا هذا بالعمل فأدوا فرائض الله وتركوا محارم الله وكفوا عنها، ثم تواصوا بالحق مع إخوانهم، لم يكسلوا ولم يضعفوا، تواصوا بالحق وتعاونوا على البر والتقوى ودعوا إلى الله، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، ثم مع ذلك صبروا؛ لأن هذه الأمور لن تحصل إلا بالصبر، من أراد هذه الأمور بدون صبر فقد طلب المحال، لابد من صبر ولابد من الاستعانة بالله في ذلك، تستعين بربك على هذه الأمور، وتشكره وتستعين به وتجتهد فيما أوجب الله عليك، وتنصح وتدعو على ذلك، عليك بالتعب، لاشك أن فيه تعب ومشقة، لكن طريق الجنة محفوف بالمكاره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((حفَّت النار بالشهوات وحفَّت الجنة بالمكاره))( ) فطريق الجنة فيه عقبات لابد من تجاوزها بالصبر، وأعظمها هوى نفسك وشيطانك، ودعاة السوء هم أعظم العقبات، شيطان مزين ونفس أمارة بالسوء وأعوان مفسدون وأصحاب

مفسدون وأخدان ضالون، يضرونك ويضلونك، فلابد من صبر على مخالفتهم، ولابد من صبر على طاعة الرحمن وعلى عصيان الشيطان، ولابد من صبر في مخالفة الهوى، فالهوى يردي ويهوي بصاحبه إلى النار، فلا يتم لك أمر السعادة إلا بالله ثم بالحذر من الهوى والاستقامة على طريق الهدى والصبر على ذلك.

ومعلوم أن الواجب على كل إنسان أن يبادر بالصلوات الخمس في وقتها في الجماعة، ويحافظ عليها ويدع أشغاله وقت الصلاة، ويدع النوم وقت الصلاة وغير ذلك مما يصده عن الصلاة، ولاشك أن ذلك صعب على بعض النفوس، لكن الإنسان إذا روَّض نفسه وجاهدها صارت هذه الأعمال نعيماً يجده في قلبه، وصارت نفسه مطيَّةً له في هذا تطاوعه؛ لأنه روضها وجاهدها فتكون بعد ذلك مطية ذلولاً تساعده على طريق الخير؛ لأنه عودها الخير وروضها عليه، فإذا جاء وقت الصلاة نشط قلبك وارتحت لحضورها وبادرت بكل سرور وبكل راحة، وهكذا بقية العمال، وإذا تساهلت في ذلك وتهاونت بذلك وأطعت النفس الأمارة بالسوء في الجلوس على الملاهي، أو في التحدث مع الأصحاب، أو في النوم وقت صلاة الفجر أو وقت صلاة العصر إلى غير ذلك، لعب عليك الشيطان وتكاثف الحجاب عليك وعلى قلبك، واشتد الهوى وعظم وضعفت الرغبة فيما عند الله وصارت الصلاة ثقيلة

وشديدة؛ لأن القلب قد وهن بطاعة الهوى والشيطان وما زيَّنه للعبد من التثاقل والتعلل بما يضر العبد من الرجاء وقوله: إن الله غفور رحيم، إن الله عفو كريم، يحتج به على باطله، وينسى قوله تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم. وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ﴾( ) وينسى قوله تعالى: ﴿غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ﴾( ) هو غفور رحيم لمن تاب إليه وأناب، وهو عظيم العقاب شديد العذاب عظيم الانتقام لمن تهاون في حقه وتساهل.

رزق الله الجميع التوفيق والهداية، ووفقنا وإياكم لما يرضيه وهدانا صراطه المستقيم، وعلَّمنا ما ينفعنا وأعاننا على طاعة ربنا وعلى أداء حقه، وجعلنا جميعاً من المتعاونين على البر والتقوى، ومن المتواصين بالحق والصبر عليه إنه جل وعلا جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.

 وجوب الاهتمام بالزكاة كباقي أركان الإسلام

س: لماذا لا يهتم الناس الآن بالزكاة، ويعطونها حقها، كباقي أركان الإسلام الخمسة؟( )

ج: الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يهتما بصلاتهما وزكاتهما في جميع الأحوال، وان يحذر كل منهما التساهل في ذلك؛ لقول الله سبحانه: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾( )، وقوله عز وجل: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾( )، وقال سبحانه: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾( )، وقال عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ

تَكْنِزُونَ﴾( ).

وحكم جميع الأموال التي تجب فيها الزكاة حكم الذهب والفضة، فالواجب على جميع المسلمين الذين لديهم أموال تجب فيها الزكاة أن يتقوا الله وأن يؤدوا زكاتها، وأن يصرفوها في أهلها المستحقين لها، وأن يحذروا التشبه بمن بخل بها أو تساهل بشأنها. والله ولي التوفيق.

الزكاة هي الركن الخامس من أركان

الإسلام، وإخراج زكاة الفطر نقداً لا يجوز

س: يقدم المسلمون هذه الأيام زكواتهم، فما هو توجيه سماحتكم حول ذلك، وماذا عن زكاة عيد الفطر المبارك؟ وهل يجوز دفعها نقداً؟( )

ج: قد فرض الله سبحانه وتعالى على عباده زكاة أموالهم، وأمرهم بأدائها، وجعلها من أركان الإسلام الخمسة، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾( )،

وقال تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾( )، والآيات في ذلك كثيرة.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت))( ) متفق على صحته.

 فالواجب على جميع المسلمين أن يؤدوا زكاة أموالهم إلى مستحقيها رغبة فيما عند الله، وحذراً من عقابه، وقد بين الله مستحقيها في قوله عز وجل في سورة التوبة: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾( ). وأخبر سبحانه في سورة التوبة أيضاً أن الزكاة طهرة لأهلها، فقال سبحانه: ((خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها))( ). وتوعد من بخل بها بالعذاب الأليم،

حيث قال سبحانه:﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾( ). وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن كل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز، يعذب به صاحبه))( )، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم: ((أن كل صاحب إبل أو بقر أو غنم لا يؤدي زكاتها فإنه يعذب بها يوم القيامة))( ). وفرض الله على المسلمين أيضاً زكاة أبدانهم كل سنة، وقت عيد الفطر، كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر: صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على الذكر والأنثى، الحر والمملوك، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة)) ( ). هذا لفظ البخاري.

وفي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: ((كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من

شعير أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من أقط))( ).

ويلحق بهذه الأنواع في أصح أقوال العلماء كل ما يتقوت به الناس في بلادهم، كالرز والذرة والدخن ونحوها، وهي طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما خرجه أبو داود وابن ماجة وصححه الحاكم، فيجب على المسلمين أن يخرجوا هذه الزكاة قبل صلاة العيد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها قبلها.

ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعلون ذلك. وبذلك يعلم أنه لا مانع من إخراجها في اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين وليلة العيد، وصباح العيد قبل الصلاة؛ لأن الشهر يكون ثلاثين ويكون تسعة وعشرين كما صحت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ولا يجوز إخراج القيمة في قول أكثر أهل العلم؛ لكونها خلاف ما نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وقد قال الله عز وجل: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى

الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾( )، وقال سبحانه: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾( ). والله ولي التوفيق.

 النصاب من شروط وجوب الزكاة

س: دخل على رجل مقدار من النقود، وقبل أن يمضي عليه الحول اشترى بجزء منه أرضاً والباقي مكث عنده إلى تمام الحول، فهل تجب الزكاة فيما بقي من النقود، وهل تجب في الأرض، ومتى تجب فيها؟( )

ج: الباقي من النقود إلى تمام الحول فهذا فيه الزكاة إذا كان نصاباً أو أكثر، وهكذا لو كان أقل من النصاب إذا كانت الأرض المذكورة اشتريت للبيع وبلغت قيمة الجميع نصاباً حتى حال عليها الحول، وأما الأرض فإن كان اشتراها للفلاحة عليها أو لاتخاذها مسكناً أو للتأجير فليس فيها زكاة، أما إن كان

اشتراها للتجارة ففيها زكاة، إذا تم حول المال الذي بذل فيها، وبلغت قيمتها نصاباً بنفسها أو بضم المال الباقي إلى قيمتها  كما سبق بيان ذلك، وسبق بيان مقدار النصاب في جواب السؤال السابق. والله الموفق.

إذا بلغ الباقي بعد النفقة نصاباً ففيه زكاة

س: إذا كان عند رجل مبلغ من النقود وحال عليه الحول، وهو يصرف على بيته من دخله فهل تجب الزكاة في المبلغ المذكور؟

ج: تجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول، وبلغ النصاب، ومقداره ستة وخمسون ريالاً من الفضة أو ما يقوم مقامها من دراهم الورق، ولو كان المبلغ المذكور معداً للنفقة ولكن بقي منه بعد النفقة ما يبلغ النصاب أو أكثر، وحال عليه الحول فإنه تجب فيه الزكاة، والله ولي التوفيق.

كلما حال الحول على المال ففيه زكاة

س: هل تجب زكاة الأموال المدخرة بعد أداء زكاتها في البنك ولم يتجر فيها؟ ( )

ج: إذا كانت الأموال المذكورة نقوداً من الذهب والفضة أو الأوراق التجارية والعملة الورقية فإنها تجب فيها الزكاة كلما حال عليها الحول بإجماع أهل العلم في الذهب والفضة، والعمل الورقية ملحقة بهما في أصح أقوال أهل العلم، أما إن كانت الأموال المدخرة ليست من هذه الأجناس بل من العروض، كالأواني وأنواع الملابس والأخشاب وغير ذلك، فهذه لا زكاة فيها إذا كان مالكها لم يقصد إرصادها للتجارة وإنما أراد حفظها أو استعمالها. والله ولي التوفيق.

 كيفية ضبط الحول

س: إذا كان إنسان له مورد من المال يحصل له شيئاً بعد شيء، كالموظف والتاجر ونحوهما، وينفق من ذلك ولا يعرف الذي حال عليه الحول، فكيف يصنع بالزكاة؟ ( )

ج: على مثل هذا أن يحفظ أوقات دخول المال وأن يقيدها حتى يعرف حول الزكاة، ويجعل للنفقة مالاً مخصوصاً

كلما نفذ جعل مكانه غيره حتى لا يشتبه عليه أمر الزكاة، إلا أن تسمح نفسه بإخراج الزكاة عن المال المجتمع عنده كل سنة اعتباراً بأول المال الذي وصل إليه فلا بأس عليه ولا حاجة إلى أن يحفظ أوقات الوارد؛ لأنه إذا زكى الجميع برئت ذمته براءة كاملة، وما زاد على الزكاة فهو صدقة تطوع، وأجر الصدقة معروف وعظيم، جعلنا الله وإياكم من المتصدقين. والله الموفق

س: رجل يعتمد في دخله على المرتب الشهري، فيصرف بعضه ويوفر البعض الآخر، فكيف يخرج زكاة هذا المال؟ ( )

ج: عليه أن يضبط بالكتابة ما يدخره من مرتباته، ثم يزكيه إذا حال عليه الحول، كل وافر شهري يزكى إذا حال عليه الحول، وإن زكى الجميع تبعاً للشهر الأول فلا بأس به وله أجر ذلك، وتعتبر الزكاة معجلة عن الوفر الذي لم يحل عليه الحول، ولا مانع من تعجيل الزكاة إذا رأى المزكي المصلحة في ذلك، أما تأخيرها بعد تمام الحول فلا يجوز إلا لعذر شرعي، كغيبة المال أو غيبة الفقراء.

 حكم زكاة أموال الصدقة

س: لدي مبلغ من المال من أهل الخير لبناء مسجد وبقي عندي أكثر من سنة، فهل عليه زكاة أم لا؟( )

ج: ليس عليه زكاة مطلقاً، لأن أهله قد أنفقوه في سبيل الله، وعليك المبادرة بالتنفيذ والله الموفق.

 حكم زكاة أموال الصناديق الخيرية

س: لدينا في جامعة الملك سعود صندوق للطلبة، وهو عبارة عن جهاز مالي يتم تمويله من الجامعة، وباقتطاع جزء يسير من مكافآت الطلاب، ويتم من خلال هذا الصندوق إعانة الطلاب المحتاجين، فهل على المبالغ الموجودة في الصندوق زكاة؟ ( )

ج: ليس في مال الصندوق المذكور وأشباهه زكاة؛ لأنه

 مال لا مالك له، بل هو معد لوجوه الخير كسائر الأموال الموقوفة في أعمال الخير.

المال المجموع من عدة

أفراد للتعاون على الخير لا يزكى

س: إذا كان هناك جماعة يدفع كل منهم جزءاً من المال، ويدخرونه لقصد الاستفادة منه، عند وقوع حوادث لبعضهم لا سمح الله واحتاجوا إليه في شئونهم العامة، وحال الحول على هذا المبلغ، فهل فيه زكاة؟ ( )

ج: هذه الأموال وأشباهها التي يتبرع بها أهلها للمصالح العامة، وللتعاون على الخير فيما بينهم ليس فيها زكاة؛ لأنها قد أخرجت من أملاكهم ابتغاء وجه الله، ومنافعها مشتركة لغنيهم وفقيرهم، ولعلاج الحوادث التي تنزل بهم، فتعتبر بذلك خارجة عن أملاكهم في حكم الصدقات المجموعة لإنفاقها في سبيلها الذي أخرجت له.

المال غير الموثوق بحصوله ليس فيه زكاة

سماحة الوالد عبد العزيز بن عبد بن باز حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

نفيدكم علماً بأننا موظفون في إحدى شركات البترول في السعودية، وقد تم ابتعاثنا إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات، وبعد عودتنا من الابتعاث بخمس سنوات علمنا أنه لنا مستحقات بدل سكن عن سنوات الابتعاث، فتقدمنا بشكوى إلى المسئولين، ونحن في شك من صرفها لنا، وبعد سنة من تقديم الشكوى تم صرفها والحمد لله رب العالمين. لذا نرجو من سماحتكم إفادتنا:

هل على هذه المستحقات زكاة؟ وإذا كان هناك زكاة فهل تكون مدتها منذ عودتنا من الابتعاث حتى الآن وهي ست سنوات، أم تكون على سنة واحدة فقط وهي السنة التي تقدمنا فيها بالشكوى واستلمنا في نهايتها المستحقات؟ أفيدونا عن ذلك، جزاكم الله خيراً ( ).

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إذا كان الواقع هو ما ذكرتم في السؤال فليس عليكم زكاة؛ لأن هذا المال غير موثوق بحصوله، فهو يشبه الدين على المعسر، والصحيح أنه لا تجب فيه زكاة حتى يقبضه صاحبه ويستقبل به حولاً جديداً.. فهكذا المال الذي ذكرتم ليس فيه زكاة إلا إذا حال عليه الحول بعد القبض، وفق الله الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 حكم الزكاة في المبالغ المرصودة تعويضاً عن نزع ملكية العقار

س: بعض الناس يسألون عن إخراج الزكاة عن مبالغ نقدية ترصد لهم عن طريق نزع ملكيات العقار، علماً بأنهم لا يستلمون هذه المبالغ إلا بعد مضي سنين من رصدها فكيف تكون الزكاة على هذه المبالغ؟( )

ج: العقار الذي نزعت ملكيته وتم تقدير قيمته ولكن مالكه لم يتمكن من قبضها بسبب غير عائد إليه، ليس عليه زكاة حتى يقبض قيمته ويستقبل بها حولاً جديداً.

حكم زكاة المال الموصى به

س: رجل توفي وأوصى بمبلغ (2000) ريال لأحد إخوانه ليتزوج به وبين وفاة الرجل وزواج أخيه سنوات، فهل يجب على هذا المبلغ زكاة؟( )

ج: إذا كان أوصى به لشخص معين يكون مالاً للشخص المعين إذا قبضه ويزكيه إذا حال عليه الحول ولو تأخر الزواج. والله ولي التوفيق.

حكم زكاة الدين الذي لم يوف

س: بحمد الله وتوفيقه عملت عشر سنين، كانت حصيلتها ثلاث مبالغ، أقرضت قريبي قرضاً لأجل مسمى، والأيام تجري ولا أمل في تحصيله. والمبلغ الثاني لقريب آخر يعمل به ومرت سنون دون أن يعمل في هذا المبلغ. ومبلغ ثالث أحتفظ به لنفسي.

فما حكم زكاة الذي لم يوفّ؟ وحكم زكاة مال التجارة الذي لم يُعمل به؟ وحكم المبلغ الذي أصرف منه؟ أفيدوني أفادكم الله؟ ( )

ج: يجب عليك أن تزكي المبلغ الذي عندك، والمبلغ الذي عند قريبك للتجارة فيه ولم يفعل كلما حال عليه الحول، إلا أن يكون المبلغ الذي عند قريبك قد أنفقه في حاجته، وأعسر

برده فلا زكاة فيه حتى تقبضه ويحول عليه الحول.

 أما المبلغ عند القريب الأول ففيه تفصيل:

 فإن كان مليئاً باذلاً فعليك زكاته كلما حال عليه الحول، ولا مانع من تأخير إخراجه حتى تقبضه منه ثم تزكيه عما مضى من السنوات، ولكن زكاته كل سنة أفضل وأحوط حذراً من الموت أو النسيان.

أما إن كان معسراً أو مماطلاً فلا زكاة عليك في أصح قولي العلماء حتى تقبضه ثم تستقبل به حولاً جديداً؛ لأن الزكاة مواساة، ولا تجب المواساة من مال لا تدري هل تحصل عليه أم لا؟

س: لي دين عند أحد الإخوة، هل يلزمني زكاته، أو أن هناك وقتاً محدداً لذلك؟ ( )

ج: إذا كان الدين الذي لك على موسرين باذلين متى طلبته أعطوك حقك، فعليك أن تزكيه كلما حال عليه الحول، كأنه عندك وهو عندهم كالأمانة، أما إن كان من عليه الدين

معسراً لا يستطيع أداءه لك، أو كان غير معسر لكنه يماطلك ولا تستطيع أخذه منه، فالصحيح من أقوال العلماء أنه لا يلزمك أداء الزكاة عنه حتى تقبضه من هذا المماطل أو المعسر  فإذا قبضته استقبلت به حولاً وأديت الزكاة بعد تمام الحول من قبضك له، وإن أديت الزكاة عن سنة واحدة من السنوات السابقة التي عند المعسر أو المماطل فلا بأس، قال هذا بعض أهل العلم، ولكن لا يلزمك إلا في المستقبل متى قبضت المال من المعسر أو المماطل واستقبلت به حولاً ودار عليه الحول لزمك الزكاة هذا هو المختار.

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الخ المكرم أ. س. أ. وفقه الله آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:

يا محب خطابكم الكريم المؤرخ بدون وصل، وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من الأسئلة الثلاثة فهمته، وإليكم الجواب عنها.( )

الجواب: عن السؤال الثالث: وهو إذا كان لك على بعض الناس ديون وحال عليها الحول، فالواجب إخراج زكاتها بعد أن يحول عليها الحول إذا كانت الديون المذكورة على مليء، أما إن كانت على غير مليء فإنها لا تجب فيها الزكاة.

وفق الله الجميع للفقه في دينه والسلام.

رئيس الجامعة الإسلامية

س: إنه من مدة ست أو سبع سنوات استدان مني أحد أقربائي مبلغاً كبيراً وإلى الآن لم يستطع رد ذلك المبلغ لي؛ لظروفه القاسية جداً، وهو عليه دين لأناس غيري، وهو يريد رد هذا المبلغ لي ولكنه لا يستطيع. فهل تجب الزكاة في ذلك المال، وهل يزكي عنه هو أم أنا، وكيف تكون طريقة الزكاة عن ذلك المال؟( )

ج: ليس عليك زكاة في الدين الذي عند المعسر حتى تقبضيه ثم تزكيه في المستقبل كلما حال عليه الحول في أصح قولي العلماء

س: كان لي مبلغ من المال في مصرف فيصل الإسلامي، وقد كنت أقوم بإخراج الزكاة عليه في كل شهر رمضان، ولكن هذا العام وقبل أن يحل موعد إخراج الزكاة بحوالي خمسة عشر يوماً قمت بتديين هذا المبلغ لأحد أقربائي، فهل تجب علي الزكاة على هذا المال أم لا؟

عليك زكاة ذلك المال الذي دينتيه على أحد أقربائك كلما حال عليه الحول، إلا إذا كان معسراً فليس عليك زكاته حتى تقبضيه، ثم تزكيه بعد ذلك كلما حال عليه الحول، كما

تقدم في جواب السؤال السابق. وفق الله الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 حكم الزكاة في الدين المؤجل على أقساط

سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأرجو تكرم سماحتكم بالإجابة عن هذا الاستفتاء أثابكم الله وهو:

رجل باع بيتاً بالتقسيط، استلم جزءاً من القيمة والباقي (480) ألف على أقساط شهرية، مقدار القسط تسعة آلاف ريال، ومضى على البيع سنتان، والرجل منتظم في التسديد.

البائع يسأل: هل يدفع زكاة المبلغ الباقي في ذمة المستدين؟ وهل يدفع الزكاة عن هذا العام أو الأعوام السابقة مع هذا العام؟( )

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

على صاحب المبلغ المذكور أن يؤدي زكاته عند تمام الحول، والذي مضى عليه الحول ولم يؤد زكاته عليه أن يؤدي زكاته عما مضى، والله ولي التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المفتي العام للمملكة

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 أقوال العلماء حول كون الدين مانعاً من الزكاة

س: إذا كان عند رجل رأس مال يتجر به ويستدين من هذا ويأخذ من هذا حتى يصفي التجارة، فإذا حال عليه الحول هل يلزمه أن يزكي جميع ما عنده أو يحسب ما عليه من الدين ويزكي الباقي؟ وما هو الراجح لديكم من أقوال العلماء؟( )

ج: اختلف العلماء في كون الدين مانعاً من وجوب الزكاة على أقوال:

أحدها: أن الأموال الباطنة كالنقدين وعروض التجارة لا تجب فيها الزكاة إذا كان الدين ينقصها عن النصاب؛ لأن الزكاة شرعت للمواساة، ومن عليه دين ينقص النصاب أو يستغرقه لا يوصف بالغني، بل هو أهل لدفع الزكاة إليه.

أما الأموال الظاهرة كالمواشي والثمار فإنه لما كان المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه رضي الله عنهم إرسال السعاة لأخذ الزكاة منها دون أن يؤثر عنهم

الاستفسار هل على أهلها ديون أم لا، فإن الحكم فيها يختلف عن الأموال الباطنة، وبهذا قال مالك والأوزاعي، وهي إحدى الروايتين عن الإمام أحمد في الموال الظاهرة.

والقول الثاني: لا تجب فيها كالأموال الباطنة لما سبق.

والقول الثالث: تجب الزكاة في الجميع لما ذكرناه من الأدلة على وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة ولو كان على أربابها دين، ولأن الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة والباطنة ليس فيها ما يدل على مراعاة الدين، فوجب التعميم.

وهذا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وحماد بن أبي سليمان، والشافعي في الجديد، وهو الصواب.

وعلى هذا فمحلُّ السؤال تجب فيه الزكاة، عملاً بعموم الأدلة وعدم المخصص الذي يحسن الاعتماد عليه. والله أعلم.

الديون لا تمنع الزكاة

ولو كانت أكثر من المال الموجود

س: بالنسبة لإخراج الزكاة إذا كان على المزكي ديون أكثر مما لديه، فهل يخرج على الموجود زكاة أم لا؟ ( )

ج: يجب على من لديه مال زكوي أن يؤدي زكاته إذا حال عليه الحول ولو كان عليه دين في أصح قولي العلماء؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة على من لديه مال تجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول ولو كان عليه دين، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر عماله بأخذ الزكاة ممن عليه زكاة، ولم يأمرهم أن يسألوهم هل عليهم دين أم لا؟ ولو كان الدين يمنع لأمر النبي صلى الله عليه وسلم عماله أن يستفسروا من أهل الزكاة هل عليهم دين. والله ولي التوفيق.

س: الأخ م. ع. م. من حوطة بني تميم في المملكة العربية السعودية، يقول في سؤاله: لدي مبلغ من المال وجبت فيه الزكاة، ومن هذا المبلغ قسم هو دين عليَّ استدنته من مؤسسة عامة تقدم قروضاً من غير فائدة، وهذا الدين حال عليه الحول مع باقي المبلغ، فهل تجب الزكاة في المبلغ الذي هو دين علي؟( )

ج: يجب عليك إخراج الزكاة عن جميع النقود التي عندك إذا حال عليها الحول، والدين الذي للمؤسسة لا يمنع ذلك في أصح قولي العلماء، لكن لو سددت الدين من النقود

التي لديك قبل أن يحول عليها الحول لم يكن فيما صرفته في قضاء الدين زكاة، وإنما الزكاة فيما بقي منه بعد قضاء الدين إذا حال عليه الحول وهو نصاب. وأقل نصاب الفضة وما يقوم مقامها من العروض ستة وخمسون ريالاً من العملة الفضية العربية السعودية، أما الذهب فنصابه عشرون مثقالاً ومقدارها بالعملة السعودية أحد عشر جنيهاً وثلاثة أرباع الجنيه. والله الموفق.

س: إذا كان لدي مبلغ من المال وحال عليه الحول، وعليَّ التزام تسديد صندوق التنمية العقارية فهل أدفع زكاة المبلغ أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.( )

ج: عليك أداء الزكاة عما لديك من المال؛ لعموم الأدلة، أما الدَّين الذي عليك فلا يمنع الزكاة في اصح قولي العلماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث العمال لأخذ الزكاة، وما كانوا يسألون من عليه زكاة هل عليه دين، ولو كان الدَّين يمنع الزكاة لسأل عماله صلى الله عليه وسلم أصحاب الأموال هل عليهم دين ! وفق الله الجميع.

المقرض يزكي القرض إذا كان عند مليء

والمقترض يزكيه أيضاً إذا حال عليه الحول وهو بيده

 س: هل زكاة مال القرض الحسن على المقرض أم على المقترض؟( )

ج: إذا أقرضت مالاً وهو عند مليء فعليك زكاته، وإن كان على معسر فلا زكاة فيه، والمقترض يختلف، فإن كنت قد أعطيت إنساناً مليئاً مائة ألف ريال أو مائتي ألف أو أكثر أو أقل، وهو مليء غير مماطل بك متى طلبته أعطاك مالك، فهذا المال عليك زكاته وهو يزكي ما عنده من المال إذا كان المال عنده حتى حال عليه الحول، وإن كان قد أنفقه في وجوه أخرى فلا شيء عليه، أما أنت فتزكي المال الذي أقرضته إياه؛ لأنه مال مملوك لك عند مليء باذل فتزكيه أنت، أما إن كان عند معسر أو عند مماطل فليس عليك فيه زكاة كما سبق.

س: هل في القرض زكاة؟ ( )

ج: القرض إذا صار إليك وحال عليه الحول قبل أن تنفقه تزكيه؛ لأنه صار مالا لك لقبضك إياه، فإذا أخذت من زيد ألف ريال أو ألفين أو مائة ألف أو أكثر وحال عليه الحول وهو عندك فإنك تزكيه؛ لأنه بالقبض صار مالاً لك وصار ديناً عليك لأخيك، فعليك أن تزكيه كما تزكي الأموال الأخرى التي جاءتك بالعطاء والهبة أو بغير ذلك من الطرق الشرعية.

 بهيمة الأنعام إذا لم تكن سائمة أغلب الحول فلا زكاة فيها

س: رجل عنده مائة من الإبل لكن أغلب السنة يعلفها فهل فيها زكاة؟( )

ج: إذا كانت الماشية من الإبل أو البقر أو الغنم ليست سائمة جميع الحول أو أكثره فإنها لا تجب فيها الزكاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم شرط في وجوب الزكاة فيها أن تكون سائمة، فإذا أعلفها صاحبها غالب الحول أو نصف الحول فلا زكاة فيها إلا أن تكون للتجارة فإنها تجب فيها زكاة التجارة، وتكون بذلك من عروض التجارة كالأراضي المعدة للبيع والسيارات ونحوها، إذا بلغت قيمة الموجود منها نصاب الذهب والفضة  كما تقدم.

 حكم ضم بعض المواشي إلى بعض لتكمل نصاباً

س: رجل عنده عدد من أنواع المواشي لكن لا يبلغ كل نوع منها نصاباً بمفرده فهل فيه زكاة؟ وإن كان كذلك فكيف يخرجها؟( )

ج: المواشي من الإبل والبقر والغنم لها نصب معلومة لا تجب فيها الزكاة حتى تبلغها مع توافر الشروط التي من جملتها: أن تكون الإبل والبقر والغنم سائمة، وهي الراعية جميع الحول أو أكثره، فإذا كان نصاب الإبل أو البقر أو الغنم لم يكمل فلا زكاة فيها، ولا يضم بعضه إلى بعض. فلو كان عند إنسان ثلاث من ابل للقنية، وعشرون من الغنم للقنية، وعشرون من البقر للقنية لم يضم بعضها إلى بعض؛ لأن كل جنس منها لم يبلغ النصاب.

أما إذا كانت للتجارة فإنه يضم بعضها إلى بعض؛ لأنها والحال ما ذكر تعتبر من عروض التجارة، وتزكى زكاة النقدين

كما نص على ذلك أهل العلم، والأدلة في ذلك واضحة لمن تأملها.

 أحكام خلطة المواشي

س: هل يجوز للرجلين أو الثلاثة أن يجمعوا مواشيهم من أجل الزكاة؟ ( )

ج: لا يجوز جمع الأموال الزكوية أو تفريقها من اجل الفرار من الزكاة، أو من اجل نقص الواجب فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة)) ( ) خرجه البخاري في صحيحه. فلو كان عند رجل أربعون من الغنم ففرقها حتى لا تجب فيها الزكاة لم تسقط عنه الزكاة، ويكون بذلك آثماً؛ لكونه متحيلاً في ذلك على إسقاط ما أوجب الله.

 وهكذا جمع المتفرق خشية الصدقة لا يجوز. فلو كان

لرجل غنم أو إبل أو بقر تبلغ النصاب فضمها إلى إبل أو بقر أو غنم رجل آخر حتى ينقص الواجب عنهما بسبب الخلطة التي لا أساس لها وإنما اختلطا لقصد نقص الواجب عند مجيء عامل الزكاة لم يسقط عنهما الواجب، وكانا بذلك آثمين وعليهما إخراج بقية الواجب.

 فلو كان لأحدهما أربعون من الغنم، وللآخر ستون من الغنم، فاختلطا عند مجيء العامل حتى لا تجب عليهما إلا شاة واحدة، لم ينفعهما هذا الاختلاط ولم يسقط عنهما بقية الواجب؛ لكونه حيلة محرمة، وعليهما شاة أخرى تدفع للفقراء، خمساً قيمتها على صاحب الأربعين، وثلاثة أخماسها على صاحب الستين. وهكذا الشاة التي سلما للعامل بينهما على هذه النسبة. وعليهما التوبة إلى الله سبحانه، وعدم العودة إلى مثل هذه الحيلة.

أما إذا كانت الخلطة للتعاون بينهما وليست حيلة على إسقاط الواجب أو نقصه فلا بأس بها إذا توافرت شروطها الموضحة في كتب أهل العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المذكور آنفاً: ((وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية))( ).

 تجب الزكاة فيما أعد للتجارة من بهيمة النعام ولو كانت معلوفة

س: سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، مفتي عام المملكة العربية السعودية  حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أبعث لكم سؤالي هذا وأرجو فيه الفتوى منكم وهو كالتالي:

عندي تجارة أغنام، وكنت قد أشتريها ديناً عليَّ تكاثرت عندي وحال عليها الحول وفي كل سنة أزكيها، وفي هذه السنة كانت زكاتها 5700 ريال وعليَّ ديون تقدر بمبلغ 3 مليون وسبعمائة ألف ريال.

ومجموع استثماري وتجارتي سوى منزلي لا تغطي هذا المبلغ، أما إذا أدخلت منزلي في المسألة فهو يغطي هذا الدين، فهل يجب عليَّ زكاة أم لا؟ أفتونا مأجورين.( )

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

إذا كانت الأغنام راعية جميع السنة أو أكثرها، فالواجب زكاتها منها. إذا كانت تبلغ ربعين رأساً ففيها رأس واحد، جذع ضأن أو معز أنثى إلى مائة وعشرين، فإذا زادت واحدة وجب فيها رأسان إلى مائتين، فإذا زادت عن مائتين واحدة ففيها ثلاثة أرؤس. وبعد ذلك ففي كل مائة شاة.

أما إن كانت تعلف وليس سائمة فإن الواجب زكاة قيمتها، وهي ربع العشر؛ لأنها والحال ما ذكر تكون من عروض التجارة والواجب فيها ربع العشر من قيمتها كل سنة. فإذا بلغت قيمتها أربعة آلاف ففيها مائة ريال وهي ربع العشر، وإذا بلغت أربعين ألفاً أعني قيمتها وجب فيها ألف واحد وهو ربع العشر، وهكذا. أما الدين المذكور الذي عليكم فلا يمنع زكاة الغنم، ونسأل الله أن يوفي عنكم وأن يعينكم على كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مفتي عام المملكة

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 حكم ضرب الوالي قيمة محددة لعين ما يجب إخراجه من بهيمة الأنعام

س: عندما يأتي العامل لأخذ زكاة بهيمة الأنعام يكون معه مضروب محدد (قيمة محددة) وهذا المضروب أقل من قيمة العين، بحيث إن صاحبها لو باعها فإن قيمتها أكثر من المضروب المحدد، فهل يكتفي بدفع المضروب المحدد؟ ( )

ج: لا بأس إذا دفع لولاة الأمور ما ضربوه عليه عن بنت المخاض وبنت اللبون وغيرهما؛ لأن الواجب الوسط، فلا حرج إن اجتهد ولي الأمر وقدر القيمة.

 حكم زكاة الفواكه والخضروات

س: تنتج بعض المزارع أنواعاً من الفواكه والخضروات فهل فيها زكاة؟ وما هي الأشياء المزروعة التي تدخلها الزكاة؟( )

ج: ليس في الفواكه ونحوها من الخضروات التي لا تكال ولا تدخر كالبطيخ والرمان ونحوهما زكاة إلا إذا كانت للتجارة فإنه يزكى ما حال عليه الحول من قيمتها إذا بلغت النصاب كسائر عروض التجارة. وإنما تجب الزكاة في الحبوب والثمار التي تكال وتدخر كالتمر والزبيب والحنطة والشعير ونحو ذلك، لعموم قوله تعالى: ﴿وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾( )، وقوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ﴾( ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر ولا حب صدقة)) ( ) متفق على صحته، فدل على

وجوبها فيما بلغ ذلك من الحبوب التي تكال وتدخر، ولأن أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الزكاة من الحنطة والشعير يدل على وجوبها في أمثالها, والله ولي التوفيق.

س: هل على الخضار والفواكه زكاة؟( )

ج: ليس فيها زكاة، لكن إذا تجمع منها دراهم وبلغت النصاب وحال عليها الحول تزكى.

الزكاة تجب في الحبوب

والثمار التي تكال وتدخر وينتفع بها حالاً ومآلاً

س: يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾( ) الآية، بهذه الآية يستدل بعض الناس بأنها تجب الزكاة في كل أنواع الزروع ولو كان عمره قصيراً مثل القوطة والخس والجزر والجرجير... إلى آخره؟ وما هو نصاب الزكاة في الذهب؟( )

ج: الرب جل وعلا نبَّه على وقت إعطاء زكاة الحبوب وأنه يوم حصادها فإذا حصدها وذراها وتحصل على ما يبلغ النصاب وجب إخراج الزكاة، والزكاة عبادة لا تثبت بالرأي، ولم يرد في الخضروات زكاة، إنما جاءت الزكاة في الحبوب والثمار التي تكال وتدخر وينتفع بها حالاً ومآلاً، هذه هي محل الزكاة، وأما الفواكه التي تؤكل في الحال ولا تدخر ولا تكال ولا توزن فهذه ليست فيها زكاة، كالبطيخ وأنواع الفواكه ما عدا العنب فإن فيه الزكاة كالتمر، إذا بلغ النصاب خمسة أوسق.

 حكم الزكاة في التين والزيتون

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ع. ع. ق. سلمه الله ( ).

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 4888 وتاريخ 24/10/1408 الذي تسأل فيه عن عدد من الأسئلة.

وأفيدك بأن التين والزيتون لا تجب فيهما زكاة في أصح قولي العلماء؛ لأنهما من الخضروات والفواكه. وفق الله الجميع لما فيه رضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

 حكم الزكاة في البصل

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة المكرم ع. م. سلمه الله( ).

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 483 وتاريخ 5/2/1408هـ الذي تسأل فيه عن وجوب الزكاة في البصل الذي تنتجه مزرعتك، وفي العربة التي تستعملها في نقل البضائع.

وأفيدك بان البصل لا زكاة فيه إلا إذا أردت به التجارة وحال عليه الحول، أو حال على ثمنه وهو يبلغ النصاب فإن فيه الزكاة، وكذلك السيارة أو نحوها إذا أريد بها التجارة، أما تأخير إخراج الزكاة عن وقتها فإنه لا يجوز إلا لمصلحة شرعية، وعليك التوبة والاستغفار عما مضى من التأخير، وعدم العود إليه مرة

أخرى. وفق الله الجميع لما فيه رضاه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

 ما يشترط لوجوب الزكاة في محصول المزرعة

س: م. ض. جدة – السعودية يقول في سؤاله: لنا مزرعة تأكل الطيور نصف محصولها، فهل تجب الزكاة على النصف الآخر عند بيعه أو ادخاره؟( )

ج: تجب الزكاة فيما تحصَّل من المزرعة إذا بلغ النصاب، وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان المزروع فيها مما تجب فيه الزكاة من الحبوب والثمار، كالحنطة والشعير والأرز والتمر والعنب والذرة ونحو ذلك. والله ولي التوفيق.

ما يسقى بالأمطار والأنهار فيه العشر

وما يسقى بالمكائن فيه نصف العشر

س: هناك بعض المزارع يعتمد أصحابها في الزراعة على الأمطار فهل في محصول هذه الزراعة زكاة؟ وهل

يختلف عن غيره الذي يسقى بالمكائن والمواطير؟( )

ج: ما يسقى بالأمطار والأنهار والعيون الجارية من الحبوب والثمار كالتمر والزبيب والحنطة والشعير ففيه العشر.

وما يسقى بالمكائن وغيرها ففيه نصف العشر؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالسواني أو النضح نصف العشر))( ). رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

 ما اشتري من الحبوب قوتاً لا تجب فيه الزكاة

س: أخذت كمية من الحبوب من بعض المزارعين، وقد خزنتها على أساس أنها قوتاً لأولادي حاضراً ومستقبلاً 

بإذن الله فهل عليها زكاة؟ ( )

ج: هذه الحبوب وأشباهها من الأموال المدخرة لحاجة الإنسان ليس فيها زكاة، وإنما الزكاة فيما أعد للتجارة أو كان من النقدين الذهب والفضة أو ما يقوم مقامهما من العملة الورقية. وهذا من فضل الله وإحسانه ولطفه بعباده، فله الحمد والشكر على ذلك.

العمدة في معرفة الأنصبة

صاع النبي صلى الله عليه وسلم

س: اختلفت المكاييل التي تعرف بها الأنصبة في الزكاة فما هو المعتمد في معرفتها في هذا الوقت حيث نجد اختلافاً بين علمائنا المعاصرين في تحديدها؟ ( )

ج: العمدة في ذلك على صاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خمسة أرطال وثلث بالعراقي، وأربع حفنات

باليدين المعتدلتين المملوءتين، كما نص على ذلك أهل العلم وأئمة اللغة. والله ولي التوفيق.

 نصاب النقدين( )

فائدة مهمة:

النصاب الذي تجب فيه الزكاة من الذهب مقداره عشرون مثقالاً، ومن الفضة مائة وأربعون مثقالاً، وزنة المثقال اثنتان وسبعون حبة شعير متوسطة، فإذا بلغت قيمة الأوراق النقدية والعروض المعدة للتجارة نصاب الذهب والفضة وجبت فيها الزكاة، وما كان أقل من النصاب المذكور ليس فيه زكاة لما ورد من الأحاديث النبوية في ذلك، ومقدار النصاب بالجنيه السعودي والإفرنجي حتى يمكن تقدير الأوراق النقدية والعروض التجارية بذلك أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه؛ لأن زنة الجنيه المذكور مثقالان إلا ربع مثقال، وبالله التوفيق.

وللطلب جرى تحريره.

رئيس الجامعة الإسلامية

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

س: أملك خمسة وثمانين جراماً من الذهب. ما هو مقدار الزكاة، وجهوني حول هذا الموضوع. جزاكم الله خيراً( ).

ج: الزكاة ربع العشر، ففي أربعين جنيهاً جنيه واحد، فإذا كنتِ تملكين خمسة وثمانين جراماً فهو في الأصح أقل من النصاب قليلاً، فإن أديتِ الزكاة عنه احتياطاً؛ لأن بعض أهل العلم يقول: إن الخمسة والثمانين تبلغ النصاب. وقد حررنا هذا فوجدنا النصاب اثنين وتسعين إلا كسراً يسيراً، يعني عشرين مثقالاً، وهي أحد عشر جنيهاً ونصف جنيهاً سعودي، فإذا بلغ الذهب عندك هذا المقدار أحد عشر جنيهاً سعودياً ونصف جنيه فأدي زكاته ربع العشر، يعني جنيه من كل أربعين جنيه، ونصف جنيه من عشرين جنيه، هذا ربع العشر. أما خمسة وثمانون جراماً فهي فيما حررنا أقل من النصاب، وإن أديت زكاتها احتياطاً فحسن.

س: ما مقدار الذهب الذي يجب إخراج زكاته؟ وهل كل حلي المرأة ليس عليه زكاة؟( )

ج: بسم الله والحمد لله، النصاب (أحد عشر جنيهاً ونصف الجنيه) (عشرون مثقالاً) أي ما يعادل اثنين وتسعين جراماً من الذهب، فإذا بلغ هذا المقدار وحال عليه الحول زكي، سواء كان حلياً أو عملة أو قطعاً من الذهب، ولو كانت الحلي تستعمل على الصحيح.

وهناك خلاف بين العلماء، لكن الصواب أن الحلي من الذهب والفضة فيها زكاة ولو كانت تستعمل إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول.

س: ما هو نصاب زكاة الفضة بالريال السعودي في وقتنا الحاضر؟ وما هي النسبة التي يجب أن تدفع زكاة من ذلك النصاب بالريال السعودي؟( )

ج: نصاب الفضة مائة وأربعون مثقالاً، ومقداره بالريال السعودي ستة وخمسون ريالاً سعودياً أو ما يقابلها من العملة الورقية، والواجب ربع العشر وهو اثنان ونصف من المائة وخمسة وعشرون من الألف. والله ولي التوفيق.

إذا بلغ النقدان

النصاب ففيهما ربع العشر

س: لدي فضة عبارة عن حلي للرقبة واليدين والرأس وحزام، وقد طلبت من زوجي مراراً أ يبيعها ويزكي عنها، فيقول: إنها لم تبلغ النصاب. ومرَّ عليها الآن 23 سنة تقريباً، ولم أزك عنها، فماذا يلزمني الآن؟( )

ج: إذا كانت لم تبلغ النصاب فلا زكاة فيها، مع العلم بأن النصاب من الفضة مائة وأربعون مثقالاً، ومقدارها ستة وخمسون ريالاً من الفضة، فإذا بلغت الحلي من الفضة هذا المقدار وجبت فيها الزكاة في أصح قولي العلماء، كلما حال عليها الحول، والواجب ربع العشر، وهو ريالان ونصف من كل مائة، وخمسة وعشرون من كل ألف، أما الذهب فنصابه عشرون مثقالاً، ومقدارها أحد عشر جنيهاً ونصف بالجنيه السعودي، وبالجرام اثنان وتسعون جراماً، فإذا حال الحول على الحلي من الذهب البالغ هذا المقدار أو ما هو أكثر منه وجبت فيه الزكاة، في أصح قولي العلماء، وهو ربع العشر،

ومقدار ذلك جنيهان ونصف من كل مائة جنيه، أو قيمتها من العملة الورقية، أو الفضة، وما زاد فبحساب ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار...))( ) الحديث. أخرجه مسلم في صحيحه.

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه قال لامرأة دخلت عليه صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب: ((أتعطين زكاة هذا؟)) قالت: لا. قال لها صلى الله عليه وسلم: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار)). فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله( ). أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. والله ولي التوفيق.

 مسألة الزكاة في حلي الذهب والفضة من مسائل الخلاف ( )

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فقد تكرر السؤال من كثير من الناس عن حكم زكاة الحلي من الذهب والفضة وما ورد في ذلك من الأدلة، ولتعميم الفائدة أجبت بما يلي والله الموفق والهادي إلى الصواب:

لا ريب أن هذه المسألة من مسائل الخلاف بين أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، وقد دل الكتاب والسنة على وجوب رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عملاً بقوله تعالى: " وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾( ). وإذا رددنا هذه المسألة إلى الكتاب والسنة وجدناهما يدلان دلالة ظاهرة على وجوب الزكاة في حلي النساء من الذهب والفضة، وإن كان هذا للاستعمال أو العارية؛ سواء كانت قلائد أو أسورة أو

خواتيم أو غيرها من أنواع الذهب والفضة، ومثل ذلك ما تحلى به السيوف والخناجر من الذهب والفضة إذا كان الموجود من ذلك نصاباً، أو كان عند مالكه من الذهب أو الفضة أو عروض التجارة ما يكمل النصاب، وهذا القول هو أصح أقوال أهل العلم في هذه المسألة، والدليل على ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ﴾( ).

 ومن السنة المطهرة ما ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا صفحت له يوم القيامة صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار))( ). فهذان النصان العظيمان من الكتاب والسنة يُعمان جميع أنواع الذهب والفضة ويدخل في ذلك أنواع الحلي من الذهب والفضة، ومن استثنى شيئاً فعليه الدليل المخصص لهذا العموم لو لم يرد إلا العموم في هذه المسألة، فكيف وقد

ورد في هذه المسألة بعينها أحاديث صحيحة دالة على وجوب الزكاة في الحلي، منها ما أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن امرأة دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أتعطين زكاة هذا؟)) قالت: لا. قال: ((أيسرك أن يسوِّرك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار)) فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله. ( ). قال الحافظ ابن القطان: إسناده صحيح.

وخرج أبو داود بإسناد جيد عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((ما بلغ أن تؤدَّى زكاته فزكي فليس  بكنز))( ).

ففي هذا الحديث فائدتان جليلتان، إحداهما: اشتراط النصاب وأن ما لم يبلغ النصاب فلا زكاة فيه، ولا يدخل في الكنز المتوعد عليه بالعذاب.

والفائدة الثانية: أن كل مال وجبت فيه الزكاة فلم يزك فهو من الكنز المتوعد عليه بالعذاب.

وفيه أيضاً فائدة ثالثة، وهي المقصود من ذكره وهي الدالة على وجوب الزكاة في الحلي؛ لأن أم سلمة رضي الله

عنها سألت عن ذلك كما هو صريح الحديث.

ومن ذلك ما ثبت في سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليها فتخات من فضة فقال: ((ما هذا يا عائشة؟)) قلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله. فقال: ((أتؤدين زكاتهن؟)) قلت: لا. أو ما شاء الله. قال: ((هو حسبك من النار))( ).

 ففي هذه النصوص الدلالة الظاهرة على وجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة، وإن أعدت للاستعمال أو العارية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أنكر على عائشة والمرأة المذكورة في حديث عبد الله بن عمرو ترك زكاة حليهما وهما مستعملتان له، ولم يستثن صلى الله عليه وسلم من الحلي شيئاً لا المستعار ولا غيره، فوجب الأخذ بصريح النص وعمومه، ولا يجوز أن تخصص النصوص إلا بنص ثابت يقتضي التخصيص.

وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليس في الحلي زكاة))( ) فهو حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج ولا يقوى على معارضة أو تخصيص هذه النصوص

المتقدم ذكرها، بل قال الحافظ البيهقي: (إنه حديث باطل لا أصل له) نقل عنه ذلك الحافظ الزيلعي في نصب الراية، والحافظ ابن حجر في التلخيص.

ولتكميل الفائدة نوضح للقارئ نصاب الذهب والفضة حتى يكون على بصيرة فنقول: أما نصاب الذهب فهو عشرون مثقالاً، ومقدار ذلك من العملة للذهب الموجودة حالياً هو أحد عشر جنيهاً سعودياً وثلاثة أسباع جنيه؛ لأن زنة الجنيه الواحد بتحرير أهل الخبرة من الصاغة مثقالان إلا ربع، وأما نصاب الفضة فهو مائة وأربعون مثقالاً، ومقدار ذلك من العملة الفضية الحالية ستة وخمسون ريالاً سعودياً فضة، فمن ملك المبلغ المذكور من الذهب والفضة، أو ملك من النقود الورقية، أو عروض التجارة ما يساوي المبلغ المذكور من الذهب والفضة فعليه الزكاة إذا حال عليه الحول، وما كان دون ذلك فليس فيه زكاة.

والحجة في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمسة أواق صدقة))( ) والأوقية أربعون درهماً  والدرهم نصف مثقال وخمس مثقال بتحرير أهل العلم، والدرهم السعودي الفضي مثقالان ونصف، فإذا نظرت في زنة

الستة والخمسين الدرهم السعودي وجدتها تبلغ خمس أواق، وهي مائة وأربعون مثقالاً.

وأما دليل نصاب الذهب فهو ما رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن، واللفظ لأبي داود، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار فما زاد فبحساب ذلك وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول))( ) انتهى.

والدينار عملة ذهبية وزنته مثقال واحد بتحرير أهل العلم، فيكون النصاب من الذهب عشرون مثقالاً كما تقدم، والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

المدرس في كلية الشريعة بالرياض

س: هناك إسراف من بعض النساء في لبس الذهب مع أن لبسه حلال، فما حكم الزكاة في الذهب؟ طبعاً الزكاة فرع من فروع موضوعنا عن الاستهلاك والإنفاق ( ).

ج: الذهب والحرير قد أحلا للإناث دون الرجال، كما ثبت عن رسول الله صلى اله عليه وسلم أنه قال: ((أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورها))( ) خرجه أحمد والنسائي والترمذي وصححه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

واختلف العلماء في الزكاة هل تجب في الحلي أم لا؟

فذهب بعض العلماء إلى أنها لا تجب في الحلي الذي تلبسه المرأة وتعيره، وقال آخرون إنها تجب، وهذا هو الصواب أي وجوب الزكاة فيه إذا بلغ النصاب، وحال عليه الحول؛ لعموم الأدلة.

والنصاب هو عشرون مثقالاً من الذهب، ومائة وأربعون مثقالاً من الفضة، فإذا بلغ الحلي من الذهب من القلائد أو الأسورة أو نحوها عشرين مثقالاً وجبت فيها الزكاة، والعشرون مثقالاً تعادل أحد عشر جنيهاً ونصفاً من الجنيهات السعودية.

ومقداره بالجرام (92) جراماً، فإذا بلغ الحلي من الذهب هذا المقدار(92) جراماً– أحد عشر جنيهاً ونصف – فإنه تجب فيه الزكاة، والزكاة ربع العشر من كل ألف خمسة وعشرون كل حول.

وقد ثبت عن رسول اله صلى الله عليه وسلم أن امرأة دخلت عليه وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال: ((أتعطين زكاة هذا؟)) قال: لا. فقال: ((أيسرك أن يسوّرك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)) قال الراوي، وهو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ولرسوله)( ) رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.

وقالت أم سلمة رضي الله عنها، وكانت تلبس أوضاحاً من ذهب: أكنز هذا يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام:

((ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز))( ) رواه أبو داود والدار قطني وصححه الحاكم.

وأخرج أبو داود من حديث عائشة رضي الله عنها بسند صحيح قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يدي فتخات من ورق، فقال: " ما هذا يا عائشة؟ " فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله ". قال: ((أتؤدين زكاتهن؟)) قلت: لا، أو ما شاء الله. قال: ((هو حسبك من النار))( ) وقد صححه الحاكم كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، والمراد بالورق: الفضة.

فدل ذلك على أن الذي لا يزكى هو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة والعياذ بالله. نسأل الله للجميع التوفيق والإعانة والهداية وصلاح العمل، كما نسأله سبحانه أن يوفقنا وإياكن وجميع المسلمين لما فيه خير الإسلام، وأن يتوفانا الله جميعاً عليه إنه سميع قريب  وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 المسائل الخلافية المعول فيها على الدليل

س: يردُّ بعض الفقهاء وجوب زكاة الحلي المعد للاستعمال بعدم انتشار ذلك بين الصحابة والتابعين، مع أنه مما لا يخلو منه بيت تقريباً فهو كالصلاة في وجوبها وتحديد أوقاتها وكذا الزكاة عموماً بوجوبها وتحديد أنصبتها... ألخ، وبالرغم من ذلك فقد ثبت عن بعض الصحابة القول بعدم الوجوب كعائشة رضي الله عنها وابن عمر رضي الله عنهما وغيرهما. فكيف يجاب عن ذلك؟ ( )

ج: هذه المسألة كغيرها من مسائل الخلاف المعوَّل فيها وفي غيرها على الدليل، فمتى وجد الدليل الذي يفصل النزاع وجب الأخذ به؛ لقول الله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾( )، وقوله عز وجل:

﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾( ). ولا يضر من عرف الحكم الشرعي وقال به من خالفه من أهل العلم، وقد تقرر في الشريعة أن من أصاب الحكم من المجتهدين المؤهلين فله أجران، ومن أخطأ فله أجر على اجتهاده، ويفوته أجر الصواب.

وقد صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحاكم إذا اجتهد، وبقية المجتهدين من أهل العلم بشرع الله حكمهم حكم الحاكم المجتهد في هذا المعنى.

وهذه المسألة قد اختلف فيها العلماء من الصحابة ومن بعدهم كغيرها من مسائل الخلاف، فالواجب على أهل العلم فيها وفي غيرها بذل الوسع في معرفة الحق بدليله، ولا يضر من أصاب الحق من خالفه في ذلك، وعلى كل واحد من أهل العلم أن يحسن الظن بأخيه وأن يحمله على أحسن المحامل، وإن خالفه في الرأي ما لم يتضح من المخالف تعمده مخالفة الحق. والله ولي التوفيق.

س: لقد اختلفت أقوال العلماء بالنسبة لزكاة حلي النساء المستعملة بين موجب للزكاة ومسقط لها، لذا أرجو وضع حد لهذه الاختلافات وقولاً فاصلاً، وإذا كان الجواب بالوجوب فماذا تفعل المرأة التي ليس لديها

سوى حليها؟( )

ج: قد اختلف العلماء رحمهم الله والصحابة قبلهم في زكاة الحلي للنساء من الذهب والفضة من القلائد والأسورة والخواتم وأشباه ذلك إذا بلغت النصاب، وهو عشرون مثقالاً من الذهب، ومائة وأربعون مثقالاً من الفضة، مقداره من الذهب المستعمل أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه، ومقداره من الفضة ستة وخمسون درهماً أو ما يعادلها من العمل الورقية، هذا أقل نصاب، وما زاد عليه فمن باب أولى، فقال بعض أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم: إن عليها الزكاة في الحلي إذا بلغت النصاب؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة. وقال آخرون: لا تجب فيها الزكاة؛ لكونها معدة للاستعمال.

 والراجح وجوب الزكاة فيها؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألته أم سلمة عن الحلي: أكنز هو قال: ((ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز))( )، ولأنه صلى الله عليه وسلم سأل امرأة عليها

سواران من ذهب: ((هل تؤدين زكاتهما؟)) فقالت: لا، فقال عليه الصلاة والسلام: ((أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار..))( ) الحديث. وإذا كانت المرأة ليس لديها ما تزكي به سوى الحلي فعليها أن تبيع من الحلي أو تقترض ما تزكي به، وإن زكى عنها زوجها أو غيره بإذنها فلا بأس. والله ولي التوفيق.

س: إن والدتي تملك حلياً من الذهب معداً للاستعمال وقد كنت أقول لها إنه يجب عليها أن تزكيه، ولكنها تقول: إن العلماء مختلفون في زكاة الذهب المعد للاستعمال، هل تجب زكاة الذهب المعد للاستعمال أم لا؟( )

ج: هذا مثل ما قالت أمك فيه خلاف بين العلماء، منهم من قال فيه الزكاة، ومنهم من قال: ليس فيه الزكاة، والصواب: أن فيه الزكاة، فأخبرها بذلك، وأن الصواب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب، فعليها فيه الزكاة على الصحيح وهي ربع العشر، ومقدار النصاب من الذهب أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه يعني أحد عشر جنيهاً ونصف، فإذا بلغ هذا ما عندها يزكى، وإن كان أقل فلا زكاة فيه إذا كان ذهباً، أما الماس واللؤلؤ

والجواهر الأخرى فهذه ليس فيها زكاة إذا كانت للبس، إنما الزكاة فيها إذا كانت للبيع والتجارة، أما إذا كانت للبس فلا زكاة فيها، إنما الزكاة في الذهب والفضة، فهذان المعدنان هما اللذان فيهما الزكاة.

وجوب الزكاة في الحلي

الملبوس أو المعد للبس أو العارية

س: من المعلوم أنه حصل خلاف بين أهل العلم في إخراج زكاة الحلي الملبوس أو المعد للبس أو العارية، فما رأي سماحتكم في ذلك؟ وعلى فرض القول بوجوب الزكاة في ذلك فهل فيه نصاب؟ وإن كان فيه نصاب فيظهر من الأحاديث الدالة على الوجوب في الحلي التي توعد الرسول صلى الله عليه وسلم فيها بالنار، أنها لا تبلغ نصاباً. فكيف يجاب عن ذلك؟( )

ج: في وجوب زكاة الحلي الملبوس، أو المعد للبس أو العارية، من الذهب والفضة خلاف مشهور بين العلماء، والأرجح وجوبها فيه؛ لعموم الأدلة في وجوب الزكاة في

الذهب والفضة، ولما ثبت من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن امرأة دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أتعطين زكاة هذا؟ " فقالت: لا. فقال صلى الله عليه وسلم: ((أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار؟)) فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله.( )

ولما ثبت من حديث أم سلمة رضي الله عنها  أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله، أكنز هو؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((ما بلغ أن يزكى، فزكي، فليس بكنز))( ). ولم يقل لها صلى الله عليه وسلم: إن الحلي ليس فيها زكاة.

وكل هذه الأحاديث محمولة على الحلي التي تبلغ النصاب، جمعاً بينها وبين بقية الأدلة؛ لأن الأحاديث يفسر بعضها بعضاً كما أن الآيات القرآنية تفسر بعضها بعضاً، كما أن الأحاديث تفسر الآيات، وتخص عامها، وتقيد مطلقها؛ لأن الجميع من عند الله سبحانه، وما كان من عند الله فإنه لا يتناقض، بل يصدق بعضه بعضاً، ويفسر بعضه بعضاً. وهكذا لابد من تمام الحول كسائر أموال الزكاة؛ من النقود، وعروض التجارة، وبهيمة الأنعام. والله ولي التوفيق.

الأصح وجوب الزكاة

في حلي الذهب والفضة

س: سائلة تقول: هل في الحلي زكاة؟( )

ج: الحلي من الذهب والفضة اختلف العلماء فيها، فمن قائل: تجب فيها الزكاة، ومن قائل: ليس فيها زكاة، على قولين مشهورين للعلماء، والأصح منهما أن في الحلي زكاة إذا بلغت النصاب، فإذا بلغ الذهب عشرين مثقالاً، ومقدار ذلك بالعملة الذهبية السعودية أحد عشر جنيهاً سعودياً ونصف، وبالجرام اثنان وتسعون جراماً. وإن نقصت عن ذلك فلا شيء فيها، وهي ربع العشر، ففي كل ألف خمسة وعشرون، وفي المائة اثنان ونصف.

وهكذا حلي الفضة إذا بلغت مائة وأربعين مثقالاً، وجبت فيها الزكاة، ومقدارها بالدراهم السعودية ستة وخمسون ريالاً بالعملة السعودية من الفضة.

  هذا هو النصاب، وما كان اقل من ذلك فليس فيه شيء. والدليل على وجوب الزكاة في الحلي من الذهب والفضة ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره...)) الحديث.

 وهذا يعم الحلي وغير الحلي. وهكذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه دخلت عليه امرأة في يد ابنتها مسكتان من ذهب، يعني سوارين من ذهب، فقال: ((أتعطين زكاة هذا؟)) قالت: لا. قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار)) فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله. أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.

وثبت عنه أيضاً صلى الله عليه وسلم أنه سألته أم سلمة رضي الله عنها عن حلي كانت تلبسها من الذهب: أكنز هذا؟ فقال: ((ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز)) فدل ذلك على أن الحلي تعتبر كنزاً إذا لم تزك.

فالواجب على المرأة أن تزكي ما عندها من حلي من الذهب والفضة إذا بلغت النصاب – كما تقدم وحال عليها الحول، وأما ما سوى الذهب والفضة كالماس واللؤلؤ وغيرهما فلا زكاة فيها إذا كانت للبس. والله ولي التوفيق.

س: هل تجب الزكاة في الذهب الذي تقتنيه المرأة للزينة والاستعمال فقط وليس للتجارة؟( )

 ج: في وجوب الزكاة في حلي النساء إذا بلغت النصاب ولم تكن للتجارة خلاف بين أهل العلم، والصحيح أنها تجب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب ولو كانت لمجرد اللبس والزينة.

ونصاب الذهب عشرون مثقالاً، ومقداره أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه السعودي، فإن كان الحلي أقل من ذلك فليس فيه زكاة ن إلا أن تكون للتجارة ففيها الزكاة مطلقاً إذا بلغت قيمتها من الذهب أو الفضة نصاباً.

أما نصاب الفضة فهو مائة وأربعون مثقالاً، ومقداره من الدراهم ستة وخمسون ريالاً، فإن كان الحلي من الفضة أقل من ذلك فليس فيها زكاة، إلا أن تكون للتجارة ففيها الزكاة مطلقاً إذا بلغت قيمتها نصاباً من الذهب أو الفضة.

والدليل على وجوب الزكاة في الحلي من الذهب والفضة المعدة للبس عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره))( ) الحديث.

 وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:

أن امرأة دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم  وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال: ((اتعطين زكاة هذا؟)) قالت: لا. قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار)) فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله. أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد حسن.

وحديث أم سلمة رضي الله عنها، أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز))( ) رواه أبو داود والدار قطني وصححه الحاكم، ولم يقل لها صلى الله عليه وسلم ليس في الحلي زكاة.

وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليس في الحلي زكاة)) فهو حديث ضعيف لا يجوز أن يعارض به الأصل ولا الأحاديث الصحيحة، والله ولي التوفيق.

س: بعض الناس قال: ليس في حلي النساء زكاة، وبعضهم قال: تجب الزكاة على غير المستعمل من الحلي دون المستعمل. فما الصحيح في ذلك أثابكم الله؟( )

ج: الصحيح من أقوال العلماء أن الزكاة تجب في حلي النساء المستعمل وغير المستعمل جميعه، من ذهب أو فضة إذا حال عليه الحول وبلغ نصاباً بنفسه أو بضمه إلى نقد آخر أو عروض تجارة.

س: بالنسبة لحلي المرأة الملبوس هل عليه زكاة تخرج عنه أو ما هو حكمه؟ ( )

ج: الصواب من أقوال أهل العلم وجوب الزكاة في حلي النساء من الذهب والفضة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، وهو ربع العشر، ومقدار ذلك ريالان ونصف من المائة، وخمس وعشرون من الألف وهكذا  وفق الله الجميع، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

حديث: " ليس في الحلي زكاة " حديث ضعيف

س: ما حكم زكاة الحلي؛ حلي المرأة إذا كانت لا تملك غيره؟ فهل تبيع منه لتؤدي الزكاة؟ وما صحة الأحاديث الواردة فيه مطلقاً؟( )

ج: الحلي التي عند النساء من الذهب والفضة، فيها خلاف بين أهل العلم إن كانت تستعمل أو تعار، فبعض أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم قالوا: لا زكاة فيها، ويكفي لبسها وإعارتها.

وقال آخرون منهم أيضاً: فيها الزكاة؛ لعموم الأدلة الدالة على زكاة الذهب والفضة، ولأحاديث خاصة جاءت في الحلي؛ منها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص  - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في يد امرأة مسكتين من ذهب (أي سوارين)، فقال لها: ((أتؤدين زكاة هذا؟)) قالت: لا، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)) فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله.( )

ولما جاء أيضاً في الحديث الصحيح عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هذا؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما بلغ أن يزكي فزكي فليس بكنز)) ( )، ولم يقل لها: ليس في الحلي زكاة.

والصواب أن فيها الزكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، حتى ولو أنها تستعمل أو تعار؛ لأن الله  جل وعلا  يقول:

﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ﴾( ) وقد رددنا هذا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فوجدناه يأمر بالزكاة، فليس لنا أن نترك الزكاة، إلا بدليل يخص شيئاً من ذلك، ولا دليل، بل الدليل صح بوجوب الزكاة.

أما حديث: ((ليس في الحلي زكاة))( )، فهو حديث ضعيف عند أهل العلم، وأما الحلي التي تعد للنفقة والادخار وحاجات الزمان؛ لا للبس ولا للعارية، فهذه عند الجميع فيها الزكاة، أما الحلي من الماس واللآلئ وما أشبه ذلك فلا زكاة فيها، إلا إذا كانت للتجارة.

س: هل تجب الزكاة في الذهب الخاص بالزوجة والبنات، والمشترى بقصد استعماله للزينة، أم لا تجب في ذلك الزكاة؟ ( )

ج: هذه مسألة اختلف فيها العلماء - رحمة الله عليهم - منهم من أوجب فيها الزكاة؛ لعموم الأدلة ولأدلة خاصة، ومنهم من قال أنها لا تجب؛ لأنها مستعملة.

والصواب أنها تجب الزكاة في الحلي إذا بلغ النصاب

ولو أنه مستعمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما من صاحب ذهب أو فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره))( ) الحديث.

ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاءته امرأة وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب – يعني سوارين من ذهب – فقال: ((أتعطين زكاة هذا؟)) قالت: لا، قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)) فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله( ).

والمقصود، أن الحلي داخل في عموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة. ومن هذا حديث أم سلمة: أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب، فقالت: يا رسول الله: أكنز هو؟ قال: ((ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز))( )، ولم يقل لها: ليس فيها زكاة.

أما حديث ((ليس في الحلي زكاة))، فهو حديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والخلاصة، أن الصحيح من قولي العلماء، أن في الحلي زكاة من ذهب أو فضة إذا بلغت النصاب، والنصاب: عشرون

مثقالاً، ومقدار ذلك بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه.

ومن الفضة (140) مثقالاً، ومقدار زكاة الفضة بالريال السعودي (56) ريالاً من الفضة وما يعادلها من العُمَل، فإذا بلغت الحلي هذا المقدار، وجب على صاحبتها الزكاة إذا حال عليها الحول.

والواجب ربع العشر، فإذا كانت الحلي تبلغ عشرة آلاف ففيها مائتان وخمسون، وهي ربع العشر، وهكذا. وذلك يزيدها ويبرئ ذمتها.

س: أملك بعض الحلي من الذهب أكثر من النصاب، ولكني لا أستعمله كله، حيث أحتفظ ببعضه؛ كي ينفع أولادي البنين عند زواجهم، حيث أنهم ما زالوا في مرحلة التعليم، والنقود سرعان ما نتصرف فيها بعكس الذهب.

وسؤالي هل أدفع زكاة الذي لا أستعمله، حتى ولو لم يبلغ النصاب؟ أم يجب عليَّ دفع زكاة جميع ما أملك من ذهب؟ ( )

ج: الصواب أن عليك زكاة الجميع، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الحلي المستعملة لا زكاة فيها، ولكنه قول

مرجوح، والصواب الذي عليه الأدلة الشرعية: أن الحلي تزكى سواء كانت مدخرة أو مستعملة أو معارة.

فالواجب أداء الزكاة فيها إذا بلغت النصاب، والنصاب هو (20) مثقالاً من الذهب، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه. فإذا بلغت الحلي هذا المقدار، وجبت الزكاة فيها، ربع العشر كل سنة.

فإذا كانت الحلي تبلغ (10) آلاف، ففيها مئتان وخمسون، وهي ربع العشر، وهكذا، فإذا زكت هذا المقدار فهو الواجب عليها، وهكذا ما زاد عليه. أما إذا كان أقل من ذلك فليس فيه شيء؛ لأن النصاب شرط في وجوب الزكاة. وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  أنه قال: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار))( ). الحديث متفق عل صحته.

وجاءته صلى الله عليه وسلم امرأة ومعها ابنتها وفي يدها سواران من ذهب قال: ((أتعطين زكاة هذا؟)) قالت: لا، قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من

نار؟)) فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله.( )

وسألته أم سلمة رضي الله عنها: وكانت تلبس أوضاحاً من ذهب. قالت: يا رسول الله أكنز هذا؟ فقال - عليه الصلاة والسلام: ((ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز)).

فدل ذلك على أن ما لم يزك يعتبر كنزاً، يستحق صاحبه العقوبة. والحلي التي لا تزكى من الكنوز، كالجنيهات المحفوظة، وقطع الذهب المحفوظة تسمى كنزاً، وإن كان على ظهر الأرض، وإن كان في المخازن الظاهرة – الصناديق - وكل شيء لا تؤدى زكاته وهو من أموال الزكاة، يعتبر كنزاً يعذب به صاحبه يوم القيامة. فعليك أيتها الأخت أن تؤدي زكاة المحفوظ والملبوس جميعهاً – وفقك الله.

س: عندي ست حبات بناجر، وقلادة ذهب، هل يجب فيها زكاة؟( )

ج: الصواب أن فيها زكاة إذا بلغت النصاب، ولو كانت تلبس أو تعار، فتجب فيها الزكاة إذا كانت تبلغ أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه؛ أي: (20) مثقالاً.

فإذا كانت تبلغ هذا ففيها الزكاة، أما إذا كانت أقل من

هذا المقدار أي: أقل من أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه؛ أي: أقل من عشرين مثقالاً، فليس فيها زكاة.

والزكاة ربع العشر، في المائة اثنان ونصف، وفي الألف خمسة وعشرون، وفي عشرة آلاف مئتان وخمسون. أي: ربع العشر.

 يجب إخراج زكاة الحلي منذ العلم بوجوبها

س: الأخت / ل. ع. ع. من الهفوف في المملكة العربية السعودية، تقول في سؤالها: عندي قطع من الذهب منذ مدة طويلة، وهي معدة للزينة، وأحياناً أقوم ببيعها، ثم أضيف بعض المال على قيمتها وأشتري أحسن منها، والآن عندي بعض الحلي، وقد سمعت  بوجوب الزكاة في الذهب المعد للزينة، فهل هذا صحيح؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هو الحكم في المدة الماضية التي لم أزك فيها، مع العلم أنني لا أستطيع أن أقدر ما عندي من ذهب طوال هذه المدة الطويلة؟ أفتونا أثابكم الله، ووفقكم( ).

ج: يجب عليك الزكاة منذ علمك بوجوبها في الحلي، وأما ما مضى قبل ذلك من الأعوام قبل علمك، فليس فيها زكاة؛ لأن الأحكام الشرعية إنما تلزم بعد العلم.

والواجب ربع العشر إذا بلغت الحلي النصاب، وهو عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً ونصف الجنيه، فإذا بلغت الحلي من الذهب هذا المقدار، أو ما هو أكثر منه، ففيها الزكاة في كل ألف خمسة وعشرون.

وأما الفضة، فنصابها مائة وأربعون مثقالاً، ومقدارها من الفضة ستة وخمسون ريالاً، أو ما يعادلها من العملة الورقية. والواجب في ذلك ربع العشر كالذهب.

وأما الألماس والأحجار الأخرى فليس فيها زكاة، إذا كانت للبس، أما إن كانت للتجارة، ففيها الزكاة على حسب قيمتها - مثل الذهب والفضة إذا بلغت النصاب. والله ولي التوفيق.

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة المكرم / ع. ع. غ - سلمه الله - ( )

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 3625، وتاريخ 15/9/1407هـ، الذي تسأل فيه عن وجوب الزكاة في حلي النساء، وهل يلزم زوجتك زكاة عن الحلي الذي باعته ولا تدري كم جرام هو؟ وهل يلزمها زكاة عما مضى من السنوات؟

وأفيدك، بأنها إذا كانت باعته وهي لا تعلم وجوب الزكاة فيه، لا يلزمها فيه زكاة، والقرض الذي لها عند أبيك لا يلزمها فيه زكاة، إن كان أبوك معسراً، أما إذا كان مليئاً باذلاً فعليها زكاته كل سنة، والسنوات الماضية ليس عليها فيه زكاة، إذا كانت لم تعلم وجوب الزكاة في الحلي إلا في الوقت الحاضر. وفق الله الجميع لما فيه رضاه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

س: امرأة كان لديها ذهب، ولم تزك عنه لجهلها بحكم الزكاة، وحالياً قد باعت الذهب، وبعد معرفتها بحكم الزكاة ووجوبها زكت ما عندها من ذهب، فهل هي آثمة لذلك؟ وهل عليها زكاة لذهبها السابق؟ وإذا كان كذلك، فكيف تزكيه، وهي تجهل مقدار نصابه؟ أفيدونا مأجورين.( )

ج: عليها الزكاة عن حليها من حين علمت على القول الصحيح أما المدة السابقة التي لم تعلم فيها الحكم الشرعي فلا شيء عليها. وفق الله الجميع.

س: امرأة عندها ذهب يبلغ النصاب،  ولم تعلم بأنه تجب فيه الزكاة إلا بعد مضي حوالي خمس سنوات عليه عندها، فلما علمت بذلك أرادت أن تزكيه، ولا يوجد عندها غير هذا الذهب شيء، فماذا تفعل من أجل تزكيته بالنسبة للسنوات الخمس الماضية؟ هل تبيع جزءاً منه، أم ماذا تفعل؟ وكيف تفعل بالنسبة للسنوات القادمة، علماً بأنها إن أرادت أن تزكي دفعة واحدة لا تستطيع، إلا أن تبيع بعضه كل سنة؛ حيث لا يوجد لديها دخل لا قليل ولا كثير؟ ( ).

 ج: عليها أن تخرج الزكاة مستقبلاً عن حليها كل سنة إذا بلغ النصاب، وهو عشرون مثقالاً، ومقدارها بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه، وبالجرام اثنان وتسعون جراماً، ولو بيع بعض الذهب أو غيره من أملاكها، فإن أداها عنها زوجها أو أبوها أو غيرهما بإذنها فلا بأس؛ وإلا فإن الزكاة تبقى ديناً في ذمتها حتى تؤديها.

وأما السنوات الماضية قبل علمها بوجوب الزكاة في الحلي فلا شيء عليها عنها؛ لجهلها وللشبهة في ذلك، لأن بعض أهل العلم لا يرى وجوب الزكاة في الحلي التي تلبس أو المعدة لذلك، ولكن الأرجح وجوب الزكاة فيها إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول؛ لقيام الدليل من الكتاب والسنة على ذلك. والله ولي التوفيق.

حكم زكاة الحلي

في حق من علم بوجوبها ولم يزكها

س: عندي فضة مصنوعة للبس ولم تلبس؛ لأنها ضيقة، ولها ما يربو على أكثر من عشر سنوات فأكثر، فما العمل فيها إذا بيعت من ناحية زكاتها؟ هل تزكى لسنة

واحدة؟ ( )

ج: يزكيها صاحبها سواء بيعت أو لم تبع إذا كانت تبلغ النصاب، فعليه أن يزكيها عن السنوات الماضية إذا كانت تبلغ النصاب بنفسها، أو بضمها إلى ما لديه من النقود أو عروض التجارة، والفضة نصابها مائة وأربعون مثقالاً من الفضة، ومقدارها (56) ريالاً من الفضة السعودية المعروفة، وعليه التوبة إلى الله والإنابة إليه عن تأخيره إخراج الزكاة في وقتها.

يجب تكميل زكاة الحلي

إذا كان المخرج أقل من الواجب

س: كنت بعد الزواج لا أعرف عن زكاة الذهب، إلا أن ما يلبس لا تجب فيه الزكاة، ولذلك لم أزك على ذهبي؛ لأنه يلبس جميعاً ولا يدخر، أما الآن، وقبل أربع سنوات تقريباً، سمعت من سماحتكم أن الذهب تجب فيه الزكاة سواء كان يلبس أو لا يلبس لذلك أصبحت أزكي عليه، مع العلم أنني زكيت قبل سنتين دون أن آخذ الذهب وأزنه، وإنما زكيت على الهامش، وأخرجت نقوده للمحتاجين، أما الآن فأخذت الذهب وذهبت به للصائغ

ووزنه لي، وأخبرني بزكاته فزكيت عنه، فما الحكم عن السنوات التي لم أزك فيها؟ وهل زكاتي التي زكيت بها على الهامش جائزة أم لا؟ أرجو نصحي وإرشادي.( )

ج: تجب عليك زكاة الحلي من حين علمت الحكم الشرعي، إذا كانت الحلي تبلغ النصاب، وهو عشرون مثقالاً، ومقداره بالجرام اثنان وتسعون جراماً، وبالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً ونصف، كلما حال عليه الحول.

والواجب ربع العشر، وهو خمسة وعشرون من الألف، تصرف لبعض الفقراء والمساكين.

والواجب عليك أن تكملي زكاة السنوات التي أخرجتها على الهامش يعني بالظن إذا كان المخرج أقل من الواجب بعدما وزنت الحلي وعرفت سعره، مع التوبة إلى الله سبحانه - عما حصل من التأخير. والله الموفق.

حكم زكاة العملة الفضية التي لم تزك منذ (20) سنة

س: رجل لديه مائة ريال (عربي) فضة، من العملة التي كانت على عهد الملك عبد العزيز، ولم يؤد زكاتها لمدة

تقارب العشرين عاماً أو تزيد. هل هذا المبلغ تجب فيه الزكاة؟ وما مقدارها؟ وهل تقوّم بالعملة الورقية، وتزكى ورقاً؟( )

ج: عليه أن يزكيها عن ما مضى من نفسها، أو يخرج قيمة زكاتها من العملة الورقية.

لا يجب إخراج زكاة الحلي منها

س: يوجد عند أمي تسع حبات غوائش من الذهب، وقلادة صغيرة، وعدد من الخواتم، وهي معدة للاستعمال، فهل عليها زكاة؟ وهل يجوز أن أؤدي الزكاة عن أمي من مالي؟(2)

ج: إذا بلغت الغوائش المذكورة والقلادة والخواتم نصاب الزكاة، وهو عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً ونصف، ومقداره بالجرام اثنان وتسعون غراماً،

فإن عليها الزكاة في أصح قولي العلماء -؛ لعموم الأدلة الشرعية، ولا يجب إخراجها منها، بل لا مانع من إخراج الزكاة عنها من غيرها.

ولا بأس أن تخرج الزكاة من مالك عن أمك - إذا أذنت لك في ذلك - وهي ربع العشر، ومقدار ذلك خمسة وعشرون من الألف، وخمسون من الألفين، وهكذا كلما زاد المال زاد الواجب.

وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زكاة الحلي على مالكها

س: عند زوجتي ذهب تلبسه يبلغ النصاب، فهل فيه زكاة؟ وهل دفع زكاته واجب عليَّ أم على زوجتي؟ وهل تخرج الزكاة منه، أم يقوّم بما يساوي القيمة ويزكى بموجبه؟( )

ج: الزكاة واجبة في الحلي من الذهب والفضة إذا بلغ وزنها النصاب، وهو عشرون مثقالاً من الذهب، ومائة وأربعون مثقالاً من الفضة، ومقدار نصاب الذهب بالعملة الحالية أحد عشر جنيهاً سعودياً وثلاثة أسباع الجنيه، فإذا بلغ الحلي من

الذهب هذا المقدار أو أكثر، وجبت فيه الزكاة، ولو كان يلبس في أصح قولي العلماء.

ومقدار نصاب الفضة بالريال السعودي ستة وخمسون ريالاً، فإذا بلغت الحلي من الفضة هذا المقدار أو أكثر وجبت فيها الزكاة.

والزكاة ربع العشر من الذهب والفضة وعروض التجارة، وهو اثنان ونصف في المائة، أو خمسة وعشرون في الألف، وهكذا ما زاد على ذلك.

  والزكاة على مالكة الحلي، وإذا أداها زوجها أو غيره عنها بإذنها فلا بأس، ولا يجب إخراج الزكاة منه، بل يجزئ إخراجها من قيمته، كلما حال عليها الحول، حسب قيمة الذهب والفضة في السوق عند تمام الحول. والله ولي التوفيق.

 حكم زكاة الذهب بعد بيعه

س: سائلة تقول: أنا بعت ذهباً قديماً لم أزكه من قبل، فأرجو أن توضحوا لنا كيف تكون زكاته؟ وإذا بعته بأربعة آلاف ريال (4000) هل أدفع الزكاة عن هذا المبلغ؟( )

ج: إذا كنت لم تعلمي وجوب الزكاة إلا بعد ذلك فلا شيء عليك، وإن كنت تعلمين ذلك، فزكي هذه الأربعة في كل ألف خمسة وعشرون، وهي ربع العشر.

وهكذا السنوات التي قبلها، بحسب قيمة الذهب في السوق ذلك الوقت، ربع العشر من العملة المعروفة.

أما إن كنت لا تعلمين ذلك إلا في السنة الأخيرة، فعليك الزكاة عن السنة الأخيرة، عن كل ألف خمسة وعشرون، إذا كان الذهب الذي تم بيعه يبلغ وزنه عشرون مثقالاً، ومقدارها أحد عشر جنيهاً ونصف الجنيه من العملة السعودية.

 كيفية زكاة الذهب المرصع بفصوص وأحجار كريمة

س: ما صفة إخراج زكاة الحلي إذا لم يكن الذهب فيها خالصاً وحده، بل مرصعاً بأنواع عديدة من الفصوص والأحجار الكريمة، فهل يحسب وزن هذه الأحجار والفصوص مع الذهب؛ لأنه من الصعب فصل الذهب عنها؟ ( )

ج: الذهب هو الذي فيه الزكاة، وأما الأحجار الكريمة والماس فلا زكاة فيها ن إذا لم تكن للتجارة، فإذا كانت القلائد ونحوها فيها من هذا وهذا، فينظر من جهة أهل الخبرة، ويقدر ما فيها من الذهب، فإذا بلغ ما فيها من الذهب النصاب وجب أن يزكى، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه، وبالجرامات (92) جراماً، فيزكى كل سنة.

والواجب في ذلك ربع العشر، ومقداره من كل ألف خمسة وعشرون، وهذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم في الحلي من الذهب والفضة المعدة للبس أو العارية. أما إذا كانت للتجارة، فالزكاة واجبة عن الحلي كلها، وما فيها من الأحجار حسب القيمة؛ كسائر عروض التجارة - عند جمهور أهل العلم وحكاه بعضهم إجماعاً.

 حكم زكاة المعادن الثمينة

س: تعددت في هذا الوقت أنواع المصوغات؛ كالألماس والبلاتين وغيرهما المعدة للبس وغيره فهل فيها زكاة؟ وإن كانت على شكل أوان للزينة أو للاستعمال؟ أفيدونا أثابكم الله.( )

ج: إن كانت المصوغات من الذهب والفضة، ففيها زكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، ولو كانت للبس أو العارية في أصح قولي العلماء؛ لأحاديث صحيحة وردت في ذلك.

أما إن كانت من غير الذهب والفضة؛ كالماس والعقيق ونحو ذلك، فلا زكاة فيها، إلا إذا أريد بها التجارة، فإنها تكون حينئذ من جملة عروض التجارة، فتجب فيها الزكاة كغيرها من عروض التجارة.

ولا يجوز اتخاذ الأواني من الذهب والفضة - ولو للزينة؛ لأن اتخاذها للزينة وسيلة إلى استعمالها في الأكل والشرب، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم (يعني الكفار) في الدنيا، ولكم في الآخرة)). متفق على صحته.( )

وعلى من اتخذها زكاتها، مع التوبة إلى الله عز وجل وعليه أيضاً أن يغيرها من الأواني إلى أنواع أخرى لا تشبه الأواني؛ كالحلي ونحوه.

 س: الماس الذي يستعمل للزينة واللبس هل فيه زكاة؟( )

ج: الماس الذي للزينة واللبس ليس فيه زكاة، أما إذا كان للتجارة ففيه الزكاة، وكذلك اللؤلؤ، أما الذهب والفضة ففيهما الزكاة، إذا بلغ كل منهما نصاباً، ولو كان للبس في أصح قولي العلماء.

 س: هل تجب الزكاة في الأموال المعدنية؛ كالماس وغيره؟ ( )

ج: ليس فيها زكاة إلا إذا أعدها مالكها للتجارة، فإن أعدها لها وجبت فيها الزكاة؛ لما روى أبو داود بإسناد حسن، عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: ((أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع))( ).

س: إذا كان فيه حلي مجوهرات ماس  ليست ذهباً ولا

فضة فهل يعتبر هذا عروضاً، أو ضمن الذهب والفضة، فيخرج من هذا الزكاة؟ ( )

ج: المجوهرات من غير الذهب والفضة؛ كالماس ليس فيها زكاة، إلا أن يراد بها التجارة.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وآله وصحبه.

 نصاب العملة الورقية( )

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى الأخ المكرم / م. ع. ب - سلمه الله -.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإشارة إلى خطابكم لنا، الذي تسألون فيه عن مقدار نصاب العملة الورقية، ومقدار زكاتها.

الجواب: الزكاة تجب فيها إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة، أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة، إذا كانت مملوكة لأهلها وقت وجوبها، ومقدار النصاب من الورق المتعامل فيه الآن، هو ما يساوي ستة وخمسين ريالاً فضة عربياً سعودياً، أو عشرين مثقالاً من الذهب.

وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

 لا تسقط الزكاة في المال المدخر للزواج

س: إذا كان الإنسان يجمع مالاً يريد أن يتزوج به، فهل يعفى من الزكاة؟( )

ج: لا تسقط عنه الزكاة بنية الزواج، وهكذا من جمع المال ليوفي به ديناً، أو يشتري به عقاراً ليوقفه، أو عبداً ليعتقه، بل على الجميع أداء الزكاة إذا حال الحول على المال المجموع؛ لأن الله سبحانه أوجب الزكاة، ولم يجعل مثل هذه المقاصد مسقطاً لها.

والزكاة تزيد المال ولا تنقصه، وتزكيه وتزكي صاحبه، كما قال الله سبحانه: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾( )، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما نقصت صدقة من مال))( ).

وفق الله الجميع لما فيه رضاه، وبراءة الذمة من حقه وحق عباده؛ إنه سميع قريب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وآله وصحبه.

س: أنا حالياً موظف في إحدى الدوائر الحكومية، وأتسلم شهرياً حوالي أربعة آلاف ريال، جمعت في حوالي سنة مبلغ سبعة عشر ألف ريال، موجودة في البنك لم تستثمر، وأستعد لصرفها في شهر شوال إن شاء الله حيث إنني سأتزوج، وسآخذ أضعاف هذا المبلغ ديناً؛ لكي نغطي تكاليف الزواج.

وسؤالي هو هل تجب على هذه السبعة عشر ألف زكاة، علماً بأنه قد حال عليها الحول تقريباً؟ وإذا كانت تجب الزكاة فيها، فكم مقدارها؟( )

ج: تجب الزكاة في المبلغ المذكور إذا حال عليه الحول، ولو كان مرصوداً للزواج، أو لقضاء الدين، أو لتعمير منزل ونحوه؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في النقدين، أو ما يقوم مقامهما. ومقدار الزكاة خمسة وعشرون ريالاً من كل ألف، وهي ربع العشر.

س: رجل يجمع لابنه مالاً عدة سنوات كي يتزوج، فهل عليه زكاة في ماله هذا، علماً بأنه لا يريد به إلا تزويج

ابنه فقط؟( )

ج: عليه أن يزكي جميع ما جمعه من النقود إذا مضى عليها الحول، ولو كان ينوي بها تزويج ابنه؛ لأنها مادامت لديه فهي ملكه، فعليه أن يؤدي زكاتها كل عام حتى تصرف في الزواج؛ لعموم الأدلة من الكتاب والسنة الدالة على ذلك.

س: إذا كان الرجل ذا دخل قليل، ووفر مالاً حتى يستطيع الزواج، ومكث عنده المبلغ مثلاً أكثر من حول، فهل يجب فيه الزكاة أم لا؟ ( )

ج: تجب عليه الزكاة إذا حال الحول على المال، بعدما بلغ نصاباً. والله الموفق.

حكم زكاة المال المدخر لشراء أرض أو لبناء منزل

س: الأخ / ع. م. من تونس، يقول في سؤاله: ظروفي المادية ضعيفة، ولكني أحتفظ بمبلغ في البنك (هو

تحويشة العمر)، أنوي أن أشتري به قطعة أرض، أو منزل قديم؛ لأني لا أملك منزلاً لي ولعائلتي، فهل على هذا المبلغ زكاة؟ وما هي نسبتها؟ وهل يزكى عن أثاث المنزل؛ مثل جهاز التلفاز والفيديو والكتب والمجلات، أم أن الذي يزكى هو المال والحيوانات؟( )

ج: يجب عليك أن تزكي المبلغ المشار إليه إذا كان نصاباً، كل سنة.

والزكاة ربع العشر، وهي اثنان ونصف من المائة، وخمسة وعشرون من الألف، وهكذا.

والزكاة إنما تجب في الذهب والفضة، والأوراق النقدية، وما أعدَّ للبيع من الأراضي والمنازل والملابس والأواني وغيرها، أما ما أعدَّ للاستعمال؛ كأواني المنزل والفراش والكنبات والسيارة، وغير ذلك مما أعدَّ للاستعمال، فليس فيه زكاة. والله الموفق.

تنبيه: لا يجوز لك أن تستعمل ما في البنك في المعاملات الربوية، أما إذا كان وديعة فقط فلا حرج في ذلك إذا لم يتيسر الإيداع في غيره. وفق الله الجميع.

س: إنني أقوم بادخار مبلغ من المال من راتبي شهرياً، فهل عليَّ زكاة هذا المال، علماً أن هذا المال أدخره لبناء

منزل لي، وكذلك توفير مهر للزواج قريباً إن شاء الله؟

علماً بأنني أقوم بادخار هذا المال منذ سنوات بأحد البنوك؛ حيث لا يوجد لي مكان أدخر به هذا المال، وكان البنك يضيف إلى حسابي مبلغاً لا يخصني، يطلق عليه فائدة الذي هو ربا وأخيراً قررت سحب مالي المودع بالبنك، ولم آخذ الفائدة وتركتها لدى البنك، وهي مكتوبة باسمي حتى الآن. هل أتصدق به، أو أتركه للبنك، أم ماذا أفعل؟  وهل أدفعه لأسرة محتاجة للمال بشكل كبير جداً، لعدم وجود المعيل لهم، أو أدفعه لجمعية خيرية؟ وشكراً لفضيلتكم، وزادكم الله من فضله.( )

ج: المال المدخر للزواج أو لبناء مسكن أو غير ذلك، تجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول سواء كان ذهباً أو فضة أو عملة ورقية؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة فيما بلغ نصاباً، وحال عليه الحول من غير استثناء.

أما وضع المال في البنوك الربوية فلا يجوز؛ لما في ذلك من إعانتها على الإثم والعدوان، وإن دعت الضرورة القصوى إلى ذلك جاز، لكن بدون فائدة.

أما الفائدة المذكورة التي توجد عند البنك باسمك من غير اشتراط منك، فالأرجح جواز أخذها وصرفها في جهة بر؛ كفقراء محتاجين أو تأمين دورة مياه، وأشباه ذلك من المشاريع النافعة للمسلمين، وذلك أولى من تركها لمن يصرفها في غير وجه بر، وفي أعمال غير شرعية، وقد أحسنت في سحب مالك من البنك. زادنا الله وإياك هدىً وتوفيقاً.

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم / م. م. سلمه الله( )

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشير إلى استفتائك بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم3482، وتاريخ 26/7/1408هـ، المشتمل على السؤالين التاليين( ):

الأول: أنا شاب متزوج وأعمل بالمملكة العربية السعودية، كذلك زوجتي تعمل معي، وعندنا أولاد ثلاثة صغار السن، ولا يوجد بيت نسكن به، ويوجد نقود لنا هنا في السعودية، نقوم شهرياً بتوفير مبلغ من مصروف أولادنا ونضعه في البنك؛ حتى نستطيع (تحويش) مبلغ من المال نشتري به أرضاً، ثم نقوم بالبناء عليها لنا ولأولادنا، علماً بأننا في أشد الحاجة إلى هذه النقود. هل المبلغ إذا بقي سنة في البنك تخرج عنه زكاة مال أم لا؟

ج: إن الزكاة تجب في المبالغ المودعة في البنك أو غيره لغرض البناء للسكنى، إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول،

والواجب فيها ربع عشرها. وفق الله الجميع لما فيه رضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

زكاة المرتبات فيها تفصيل( )

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم / ص. م. ح            سلمه الله

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 2790، وتاريخ 8/9/1405هـ، الذي تسأل فيه عن زكاة المرتبات.

ج: زكاة المرتبات من النقود فيها تفصيل:

فإن كانت قد حال عليها الحول، وهي في حوزته وقد بلغت النصاب ففيها الزكاة. أما إن كانت أقل من النصاب أو لم يحل عليها الحول، بل أنفقها قبل ذلك فلا زكاة فيها 

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

س: أنا موظف راتبي الشهري ما يعادل (3000) ريال، فهل تجب عليَّ الزكاة؟ وما مقدارها؟ مع العلم بأني لا أصرف منها إلا اليسير (600  ريال)؟( ).

ج: إذا حال الحول على شيء من المرتب يبلغ النصاب فعليك زكاته، وإن كانت دون ذلك فلا زكاة فيه.

الزكاة تكون فيما دار

عليه الحول وهو بحوزة الإنسان

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم - وفقه الله لكل خير. آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد وصل كتابكم، وما تضمنه من الإفادة عن وجودك بالأردن ضمن القوات السعودية المرابطة به، وأنه يتوفر لديك بعض النقود، وترغب في زكاتها، على ما ذكرت كان معلوماً( ).

ج: الزكاة تكون فيما دار عليه الحول وهو بحوزة الإنسان من النقود، وغيرها من العروض التجارية، والواجب في النقود هو ربع العشر فيما بلغ النصاب، والنصاب الواحد يعادل ستة وخمسين ريالاً بالعملة الفضية السعودية الحالية، وعليك إخراج الزكاة فيما يتوفر لديك من النقود،/ ويحول عليه الحول بالمعدل المذكور، سواء كان بالعملة السعودية أو ما يعادلها من

عملة الأردن، أو غيرها. وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

كيفية ضبط الموظف ومن له دخل للحول

س: أنا موظف أتقاضى راتباً طيباً والحمد لله إلا أنني لا أعرف كيف أدفع زكاته، هل أخرجها عن كل شهر، أم أضع لنفسي حولاً معيناً لكل ما تحت يدي؛ مما حصلت عليه عن طريق الوظيفة أو غيرها؟ وإذا نفذ المبلغ وتحصلت على مبلغ جديد يصل للنصاب، فهل أبدأ باحتساب الحول من تاريخ المبلغ الأول الذي نفذ أم من تاريخ الحصول على المبلغ الجديد؟( )

ج: كلما حصلت على مبلغ يكون بدء الحول من المبلغ الجديد، وكلما جاءك مال ترسم خطة تضبطه بكتابة، فإذا دار الحول على هذا المال الجديد فزكه، فالذي جاء في محرم زكه في محرم، والذي جاءك في صفر زكه في صفر، والذي جاءك في ربيع آخر زكه في ربيع آخر وهكذا.

لكن لو قدمت الأخير مع الأول، وعجلت زكاة الأخير مع الأول فأنت مشكور، ولا بأس، ولو كان عندك راتب شهر محرم وصفر وربيع أول وربيع

إلى آخره، كل شهر مكتوب عندك، ثم أخرجت زكاة الشهور هذه مع محرم قدمتها مع محرم  فلا بأس عليك، فتخرج زكاة الجميع بعد تمام الحول على الأول، ولا بأس عليك في ذلك، بل ذلك أفضل.

لكن الواجب عليك أن تخرج كل زكاة في وقتها، كلما تم الحول على المال أخرجت الواجب حسب ما كتبت عندك ووقت عندك، وإن عجلت بعض ذلك مع زكاة ما قبله فلا بأس عليك - كما تقدم.

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم وفقه الله لكل خير.              آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد وصل كتابكم وصلكم الله بهداه وما تضمنه: من الإفادة أنك تدخر شهرياً مبلغاً من المال، يختلف من شهر إلى شهر في حساب الأمانات في البنك، ولا تأخذ عليه فائدة؛ لإيمانك العميق بتحريم ذلك، وإنما الإيداع في البنك فقط للحفظ والضمان، وسؤالك عن كيفية إخراج الزكاة عن هذه الأموال المودعة؛ لأن بعضها مضى عليه سنة، والبعض الآخر دون ذلك، كان معلوماً( ).

والجواب: من المعلوم أن الزكاة لا تجب إلا فيما حال عليه الحول، والذي أرى في الموضوع، هو أن تضع بياناً لديك تسجل فيه ما تودعه في البنك أولاً بأول، حتى تعرف تاريخ حصولك على المال، ومن ثم يسهل معرفة ما دار عليه الحول منه.

وإن أمكن إيداع المال المذكور في غير البنك فهو أولى؛

لأن أكثر البنوك تتعامل بالأعمال الربوية، وإيداع المال عندهم يعينهم على عملهم الخبيث، وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

س: إذا ادخر المسلم مبلغاً من المال، فكيف يكون حساب زكاته في نهاية العام؟( )

ج: يزكي المسلم كل شيء ملكه من النقود أو عروض التجارة إذا تم حوله، فالذي ملكه في رمضان يزكيه في رمضان، والذي ملكه في شعبان من راتبه أو غيره من النقود أو عروض التجارة يزكيه في شعبان، والذي ملكه في شوال يزكيه في شوال، والذي ملكه في ذي الحجة يزكيه في ذي الحجة، وهكذا كل مال من الأموال المذكورة تتم سنته يزكيه على رأس الحول.

وإذا أحب أن يعجل الزكاة قبل تمام الحول لمصلحة شرعية فلا بأس، وله في ذلك أجر عظيم، أما اللزوم فلا يلزمه الإخراج إلا بعد تمام الحول.

س: إنني أعمل في المملكة، وكل شهر أستلم مرتبي، فعندما يحول الحول كيف أخرج الزكاة؛ هل في الشهر الأول الذي حال عليه الحول، أم عن مرتب السنة كلها التي عملتها من أول الشهر في السنة إلى آخر الشهر الذي أخرج فيه الزكاة؟( )

ج: كل ما حال الحول على الراتب فزكه؛ الشهر الأول يزكى أولاً، الثاني هكذا، الثالث هكذا، كل ما تم الحول على راتب وجبت فيه الزكاة، إلا إذا أردت تقديم الزكاة عن الأموال المتأخرة مع زكاة الشهر الأول فلا حرج عليك، يجوز تقديم الزكاة، لكن لا يلزمك إلا إذا تم الحول على كل راتب.

يجوز تعجيل الزكاة قبل تمام الحول

س: أنا موظف أتسلم راتباً، وكل شهر أدخر جزءاً منه، وليس هناك نسبة معينة للادخار، فكيف أخرج زكاة هذا المال؟( )

ج: الواجب عليك أن تخرج زكاة كل قسط توفره، إذا تم حوله وكان نصاباً، وإن أخرجت زكاة الجميع عند تمام حول القسط الأول كفى ذلك، وصارت زكاة الأقساط الأخيرة معجلة قبل تمام حولها، وتعجيل الزكاة قبل تمام الحول جائز، ولا سيما إذا دعت الحاجة، أو المصلحة الشرعية لذلك.

س: أنا إنسان مسلم أعمل في القطاع الحكومي، ويأتيني

دخل شهري مثل أي موظف حكومي. في كثير من الأوقات أدخر من الراتب الشهري مبلغاً من المال غير محدد حسب الظروف مثلاً في شهر من الشهور قد أستطيع أن أدخر "2000" ريال، وفي شهر آخر  "4000" ريال، وشهر آخر قد لا أستطيع أن أدخر أي شيء، ومع مرور الأيام والشهور تكون عندي مبلغ من المال لا بأس به.

فهل تجب فيه الزكاة؟ وكيف أستطيع أن أحدد؛ هل بمضي الحول الكامل على كل مبلغ من المال، حيث إنني لا أتبع نظاماً معيناً للادخار؛ مما يجعل تحديد الحول صعباً، وأنا أخشى أن أكون عصيت أمر الله في الزكاة دون علم ودراية؟ لذلك أرجو من سماحتكم توضيح ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.( )

ج: الواجب عليك أن تخرج زكاة كل مبلغ إذا حال حوله، وعليك أن تقيد ذلك بالكتابة؛ حتى تكون على بصيرة، وإذا أخرجت زكاة الجميع إذا حال الحول على أول الادخار كفى ذلك وبرئت ذمتك؛ لأن تعجيل الزكاة قبل تمام حولها لا بأس به. والله ولي التوفيق.

س: ما كيفية إخراج زكاة المال، بحيث إذا وضع الإنسان جزءاً من المال ثم بعد فترة وضع عليه جزءاً آخر، فكيف يخرج زكاته؟( )

ج: إذا حال الحول على ما يبلغ النصاب من النقود أو عروض التجارة أخرج زكاته، وهكذا بقية المال، كل جزء يحول عليه الحول يخرج زكاته، وإن أخرج عن الجميع عندما يحول الحول على أول المال كفى ذلك؛ لأن تعجيل الزكاة قبل أن يحول الحول جائز.

فإذا ملك عشرة آلاف مثلاً في رمضان من عام 1403هـ، ثم ملك عشرة آلاف أخرى في ذي القعدة من عام 1403هـ، فإنه يزكي العشرة الأولى في رمضان من عام 1404هـ، ويزكي العشرة الثانية في ذي القعدة من عام 1404هـ، وإن زكى الجميع في رمضان من عام 1404هـ فلا بأس، فيكون بذلك قد عجل زكاة العشرة الثانية قبل أن تجب فيها الزكاة، ولا حرج في ذلك. والله ولي التوفيق.

 حكم زكاة ما يستلمه الطلاب من المكافأة الشهرية

س: نحن مجموعة طلاب من خارج المملكة، فهل يجب علينا دفع الزكاة، مع العلم أننا نأخذ مكافأة شهرية كالطلاب؟ وإذا كان ذلك، فكم يجب علينا دفعه؟ وهل يجوز لنا أن نتصدق بها لمساكين هنا، أو تكون كتبرع لبناء مسجد؟ ومتى نصرفها؟ - جزاكم الله خيراً( ).

ج: بالنسبة لزكاة الفطر، فهي عليكم كغيركم من المسلمين، وهي صاع من قوت البلد من بر أو أرز أو غيرهما، ومقداره ثلاثة كيلو جرامات تقريباً، تدفع إلى الفقراء صباح العيد قبل صلاة العيد، أو قبل ليلة العيد بيوم أو يومين، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم  يفعلون ذلك. ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة)) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه.

 أما مرتباتكم الشهرية فليس عليكم فيها زكاة، إلا إذا

ادخرتم منها شيئاً وحال عليها الحول، فإنه يجب عليكم زكاته إذا كان يبلغ النصاب، وهو مائة وأربعون مثقالاً من الفضة، أو عشرون مثقالاً من الذهب، أو ما يعادلها بالقيمة من العملات الأخرى.

والأفضل دفعها إلى المساكين الموجودين لديكم من المسلمين، ولا يجوز دفعها لتعمير المساجد عند جمهور أهل العلم.

والواجب ربع العشر فيما يزكى من الذهب والفضة، والعملات التي تقوم مقامها من الدولار وغيره. والله الموفق.

الربح تبع الأصل

وحوله حول أصله إلا إذا كان ربا

س: الأخ /  ع. م ج. من نواكشوط في موريتانيا.

يقول في سؤاله: في شهر رمضان من عام 1415هـ كان عندي مبلغ أربعين ألف أوقية، وقد أخرجت زكاتها في وقتها، وفي شهر رمضان من عام 1416هـ زاد المبلغ عشرين ألف أوقية؛ أي أنه أصبح ستين ألف أوقية، وهذه العشرين ألفاً جاءتني قبل رمضان 1416هـ بشهرين، فكيف أزكي هذه المبالغ السابقة واللاحقة؟ أفتونا جزاكم

الله خيراً( ).

ج: إذا كانت العشرون الأخيرة من أرباح الأربعين الأولى، فإنها تزكى مع أصلها إذا تم حوله؛ لأن الربح تبع الأصل، وحوله حول أصله، أما إن كانت العشرون حصلت من غير الأرباح؛ كثمن مبيع لم يعد للبيع، وكهدية من بعض إخوانك، فزكاتها إذا تم حولها، ولا تكون تابعة لحول الأربعين السابقة، كما أوضح ذلك أهل العلم. والله ولي التوفيق.

س: الأخ /  ع. م. م. من عنيزة يقول في سؤاله: كان رصيد حسابي في البنك في شهر رمضان عام 1415هـ خمسين ألف ريال، وقد أخرجت زكاتها في حينه، وفي رمضان 1416هـ أصبح رصيد حسابي تسعين ألف ريال، فهل أزكي التسعين ألف ريال كاملة، أو الفرق بين الرصيدين؛ يعني أربعين ألف ريال؛ لأنني سبق أن أخرجت زكاة الخمسين ألف ريال؟ وما هو العمل في كون الرصيد في رمضان عام 1416هـ أقل من العام الذي قبله؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.( ).

ج: عليك إخراج زكاة التسعين ألفاً؛ لأن الربح تابع للأصل، وحكمه في الحول حكم الأصل، إذا كان الربح المذكور حصل من طرق شرعية.

أما إذا كان عن طريق الربا فليس عليك إلا زكاة الأصل، وهو خمسون ألفاً، أما الربح الذي حصل من طريق الربا فإنه محرم، وليس ملكاً لك، وإنما الواجب إنفاقه للفقراء والمساكين، والتخلص منه، مع التوبة إلى الله سبحانه  من ذلك. نسأل الله لنا ولك الهداية والاستقامة على الحق، وفق الله الجميع.

حولُ الدين

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة الأخوين الكريمين وفقهما الله لكل خير آمين - ( ).

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

وصل كتابكم وصلكم الله بهداه، وما به علم، ونفيدكم بأن حول الأرباح هو حول الأصل، فتجب زكاتها مع الأصل الذي هو رأس المال، إلا إذا كان شيء منها أو من الأصل ديناً عند الناس، فإنه يزكى عند القبض، إلا إذا كان الذي عليه الدين مليئاً غير مماطل، يسلم ما عليه متى طلب منه، فإن مثل هذا حكمه حكم الحاضر في اليد، فيزكى عند تمام الحول إذا كان حالاً.

أما إذا كان الدين على معسر لا يدري هل يحصل منه المال أو يتلف، فإن مثل هذا المال لا تجب زكاته في أصح أقوال العلماء؛ لأنه ليس في يد المالك حتى يواسي منه الفقراء، ومتى قبضه استقبل به حولاً، أما ما مضى فلا يلزمه عنه شيء.

والاعتبار في حول الزكاة بمرور السنة على المال من حين ملك بإرث أو غيره - سواء كان أول السنة الهجرية أو غيره -.

وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه؛ إنه خير مسئول.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما بلغ نصاباً وحال عليه الحول ففيه زكاة( )

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم /

  م. ع. ف                         سلمه الله

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشير على استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 551، وتاريخ 9/2/1407هـ الذي تسأل فيه: عن المبلغ الذي يمضي عليه الحول وتخرج زكاته، ثم يمضي عليه حول آخر دون أن يتصرف فيه صاحبه، هل تجب فيه الزكاة؟

وأفيدك، بأنه إذا كان لدى رجل نقود من المال تبلغ نصاباً، ومضى عليها حول وأخرجت زكاتها، ثم مضى عليها حول آخر، وجب على مالكها أن يخرج زكاتها، وهكذا كلما مضى عليها حول مادام أنها تبلغ النصاب. وفق الله الجميع لما فيه رضاه؛ إنه سميع مجيب.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

المال الموضوع في البنك

الإسلامي حكمه حكم غيره من الأموال

س: هناك كما هو معروف عن زكاة المال، ما يدفعه المرء عن مال حال عليه الحول؛ كأموال التجارة، والمحاصيل، والذهب والفضة.

ولكن نريد أن نعرف الزكاة عن نصاب من المال موضوع في بنك إسلامي. هل هي النسبة نفسها، مع العلم أن نسبة الربح من هذا البنك ضئيلة( )؟

ج: المال الموضوع في البنك الإسلامي، حكمه حكم غيره من الأموال التي تجب فيها الزكاة إذا حال عليه الحول مع ربحه، وهي ربع العشر في الأصل والربح.

 حكم زكاة أقلام الذهب

س: أتتني هدية، وهي عبارة عن أقلام من الذهب، فما حكم استعمالها؟ وهل على هذه الأقلام زكاة أم لا؟ أفيدوني أفادكم الله.( )

ج: الأصح تحريم استعمالها على الذكور؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورها))( )، وقوله صلى الله عليه وسلم في الذهب والحرير: ((هذان حل لإناث أمتي حرام على ذكورهم)).( )

أما ما يتعلق بالزكاة، فإن بلغت هذه الأقلام نصاب الزكاة بنفسها أو بذهب آخر لدى مالكها يكمل النصاب، وجبت فيها الزكاة إذا حال عليها الحول، وهكذا إن كان عنده فضة أو عروض تجارة يكمل بها النصاب وجبت الزكاة في أصح قولي العلماء؛ لأن الذهب والفضة كالشيء الواحد.

 حكم التعامل مع البنوك بالربا وزكاتها

س: كثير من الناس يتعامل مع البنوك، وقد يدخل في هذه المعاملات معاملات محرمة؛ كالربا مثلاً، فهل في

هذه الأموال زكاة؟ وكيف تخرج؟( )

ج: يحرم التعامل بالربا مع البنوك وغيرها، وجميع الفوائد الناتجة عن الربا كلها محرمة، وليست مالاً لصاحبها، بل يجب صرفها في وجوه الخير، إذا كان قبضها وهو يعلم حكم الله في ذلك، أما إن كان لم يقبضها فليس له إلا رأس ماله؛ لقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾( ).

أما إن كان قبضها قبل أن يعرف حكم الله في ذلك فهي له، ولا يجب عليه إخراجها من ماله؛ لقول الله - عز وجل: ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾( ).

وعليه زكاة أمواله التي ليست من أرباح الربا؛ كسائر أمواله التي يجب فيها الزكاة، ويدخل في ذلك ما دخل عليه من أرباح الربا قبل العلم، فإنها من جملة ماله؛ للآية المذكورة. والله ولي التوفيق.

حكم زكاة النقود العربية

والأجنبية المجموعة على سبيل الهواية

س: رجل يهوى جمع الفلوس العربية والأجنبية؛ هواية فقط، وهذه الفلوس منها النفيس، ومنها دون ذلك، فهل عليها زكاة إذا حال عليها الحول؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً( ).

ج: تلزمه زكاتها إذا حال عليها الحول، وبلغت النصاب؛ لعموم الأدلة من الكتاب والسنة؛ لأنها في حكم النقود إذا كانت مما يتعامل به، وتقوم مقامها كالعمل الورقية. والله أعلم.

 ما يشترط لوجوب الزكاة في عروض التجارة

س: رجل يتعامل بأنواع من التجارة؛ كتجارة الألبسة والأواني وغيرها، فكيف يخرج زكاتها؟( )

ج: يجب عليه إخراج الزكاة إذا تم الحول على العروض التي عنده المعدة للتجارة، إذا بلغت قيمتها النصاب من الذهب أو الفضة؛ للأحاديث الواردة في ذلك، ومنها حديث سمرة بن جندب، وأبي ذر الغفاري رضي الله عنهما.

الأرض المعدة للبيع تجب فيها الزكاة

س: منحتني البلدية أرضاً من أراضي ذوي الدخل المحدود، وذلك منذ ثلاث سنوات، وأنا أقصد في نفسي أنني سأبيعها إن أتت بقيمة مناسبة؛ حيث إن موقعها غير مناسب لي. 

والسؤال: هل في هذه الأرض زكاة؟ وإذا كان فيها زكاة، فهل أزكي عن ثلاث سنوات أم عن سنة واحدة؟ أفتوني بارك الله فيكم( ).

ج: إذا كنت أردت بيعها فعليك زكاة قيمتها إذا حال عليها الحول من حين عزمت على بيعها؛ لما روى أبو داود رحمه الله عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: ((أمرنا رسول الله أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع))( )، وله شواهد تدل على معناه. وبالله التوفيق.

س: هل تجب الزكاة في الأرض المعدة للبيع؟ وهل تجب في المعدة للإعمار؟ وإذا كانت تجب فكيف تخرج زكاتها؟( )

ج: الأرض المعدة للتجارة تجب فيها الزكاة، والحجة في ذلك الحديث المشهور عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع)) انتهى. ومراده بالصدقة هنا الزكاة.

أما إذا كانت الأرض للقنية لا للبيع سواء قصدها للفلاحة أو السكنى أو التأجير أو نحو ذلك - فليس فيها زكاة؛ لكونه لم يعدها للبيع. والله سبحانه وتعالى أعلم، ونسأله عز وجل أن يوفقنا

وإياكم وسائر المسلمين للفقه في الدين والثبات عليه، والله يتولاكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

س: كيف تخرج زكاة الأرض ونحوها؟ وهل يكفي دفع الزكاة عنها عند بيعها زكاة واحدة عن عدد السنين؟( )

ج: إذا كانت الأرض ونحوها؛ كالبيت والسيارة ونحو ذلك معدة للتجارة، وجب أن تزكى كل سنة بحسب قيمتها عند تمام الحول، ولا يجوز تأخير ذلك، إلا لمن عجز عن إخراج زكاتها؛ لعدم وجود مال عنده سواها، فهذا يمهل حتى يبيعها ويؤدي زكاتها عن جميع السنوات، كل سنة بحسب قيمتها عند تمام الحول، سواء كانت القيمة أكثر من الثمن أو أقل؛ أعني الذي اشترى به الأرض أو السيارة أو البيت.

هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بإخراج الصدقة مما يعد للبيع، ولأن أموال التجارة تقلب لطلب الربح بين أنواع العروض، فوجب على المسلم أن يخرج زكاتها كل عام، كما لو بقيت في يده نقوداً، وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه؛ إنه خير مسئول.

قول المالكية في زكاة

عروض التجارة قول ضعيف

سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز - حفظه الله -

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نفيد سماحتكم بأننا نمتلك بعض الأراضي في عدة مناطق مختلفة بالمملكة بمبالغ كبيرة، ولا يرغب أحد في شرائها بسبب ظروف السوق الحالية، أو بسبب موقعها، وبعضها له مدة طويلة جداً ولم تبع، وندفع فيها زكاة، وقد سمعنا أن بعض المشائخ على المذهب المالكي يجيزون في هذه الحالة إعفاءها من الزكاة حتى تباع.

لذا نطلب رأي سماحتكم في هذا الموضوع، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين جميعاً خير الجزاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته( ).

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

الواجب إخراج زكاتها على حسب قيمتها غلاء ورخصاً

مادامت معدة للبيع؛ لما روى أبو داود وغيره عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع))( ). وله شاهد من حديث أبي ذر رضي الله عنه، ولأن المعنى يقتضي ذلك؛ فإن التجارة بالنقود والعروض.

أما قول المالكية في هذا فهو قول ضعيف، مخالف للأدلة الشرعية. والله ولي التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مفتي عام المملكة العربية السعودية

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 حكم زكاة الأرض التي تركت لوقت الحاجة

س: أمتلك قطعة أرض، ولا أستفيد منها، وأتركها لوقت الحاجة، فهل يجب عليَّ أن أخرج زكاة عن هذه الأرض؟ وإذا أخرجت الزكاة هل عليَّ أن أقدر ثمنها في كل مرة؟( )

ج: ليس عليك زكاة في هذه الأرض؛ لأن العروض إنما تجب الزكاة في قيمتها، إذا أعدت للتجارة، والأرض والعقارات والسيارات والفرش ونحوها عروض لا تجب الزكاة في عينها، فإن قصد بها المال أعني الدراهم بحيث تعد للبيع والشراء والاتجار، وجبت الزكاة في قيمتها، وإن لم تعد كمثل سؤالك فإن هذه ليست فيها زكاة. والله ولي التوفيق.

لا زكاة في الأراضي التي اشتريت

للبناء عليها من أجل السكن أو الإيجار

س: إذا اشترى رجل قطعة أرض يريد أن يبني عليها بيتاً،

فتأخر عن البناء حتى حال الحول، فهل فيها زكاة؟( )

ج: إذا كان أراد البيت للسكن ولم يرده للتجارة، وإنما أراد أن يسكن فيه أو ليؤجره وينتفع بالإيجار ليستعين به في حاجاته، فلا زكاة في هذه الأرض. والله الموفق.

س: لدي قطعة أرض أشتريتها لغرض البناء عليها، ثم بعد مدة احتجت إلى بيعها فبعتها، فهل عليَّ زكاة في المدة التي لم أعرضها للبيع؟( )

ج: إذا كان الواقع ما ذكرت في السؤال فليس عليك زكاة لما مضى قبل البيع؛ لأن العلة المقتضية للزكاة مفقودة، وهي قصد البيع، وأنت لم تقصد البيع، فإن حال عليها الحول بعد قصد البيع فعليك زكاتها، وهي ربع العشر من قيمتها عن كل سنة بعد نية البيع.

حكم زكاة الأرض التي يتردد

صاحبها في بيعها ولا يجزم بشيء

س: إذا كان لدى الإنسان قطعة أرض ولا يستطيع بناءها ولا الاستفادة منها، فهل تجب فيها الزكاة؟( )

ج: إذا أعدها للبيع وجبت فيها الزكاة، وإن لم يعدها للبيع، أو تردد في ذلك ولم يجزم بشيء، أو أعدها للتأجير فليس عليه عنها زكاة، كما نص على ذلك أهل العلم؛ لما روى أبو داود رحمه الله عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: ((أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع))( ).

س: الأخ / ع. ع. ح. من المدينة المنورة يقول في سؤاله: لدي بيت أسكنه، ولدي أرض، أحياناً أفكر في بيعها وأحياناً أفكر في بنائها مسكن لي، فهل فيها زكاة؟ وأرجو يا سماحة الشيخ إعطائي تفصيلاً عن زكاة الأراضي بشكل عام - جزاكم الله خيراً( ).

ج: لا زكاة في الأرض ولا في غيرها من العروض، إلا إذا عزم مالكها على إعدادها للبيع، فإنه يزكي قيمتها إذا حال عليها الحول وهي نصاب، أما إذا كان المالك متردداً هل يبيعها أو لا يبيعها، فإنه لا زكاة فيها حتى يجزم بنية البيع ويحول عليها الحول بعد ذلك وهي نصاب فأكثر؛ لما روى أبو داود وغيره عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع))( )، وله شاهد من حديث أبي ذر رضي الله عنه وهو قول جمهور أهل العلم، وحكاه بعضهم إجماعاً. أما إن كان العقار من بيت أو حانوت أو أرض معداً للإجارة، فإن الزكاة لا تجب في أصله، وإنما تجب في الأجرة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في النقدين، أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية إذا حال عليها الحول. والله ولي التوفيق.

س: لدي أرض بعيدة عن العمران، وليس لي نية في البناء عليها، ولم أعدها للتجارة، ولكن لو جاءني فيها مبلغ جيد من المال بعتها، فهل تجب فيها الزكاة؟( )

  ج: إذا كنت عازماً على بيعها فعليك زكاة في قيمتها كل سنة إلى أن تبيعها، ثم بعد البيع عليك أن تزكي الثمن كلما

حال عليه الحول وهو عندك، أما إذا كنت غير جازم على البيع، بل عندك تردد فليس عليك زكاة. وفق الله الجميع.

 كيفية زكاة الأراضي المعدة للبيع والتأجير

س: إذا كنت وكيلاً لإحدى العوائل، وقد فوضوني في كل شيء في بيع وشراء، وإخراج ما يستحق إخراجه من الزكاة، وكان لهم أرض قد تحصلوا عليها من الحكومة، وبقيت عندهم ينتظرون؛ إما أن يتيسر ماء فيزرعون، أو فلوس فيعمرون، أو بيع فيبيعون، ومعلوم أن تلك الأراضي جاءت إليهم بدون مقابل، وهم لم يأت في ذهنهم أنها معدة للتجارة وهم أغنياء عنها، فهل يلزم لها زكاة أم لا؛ لكي أبرئ ذمتي؟

س2: إذا كان لدي أراضٍ معدة للتجارة، ولها مدة طويلة عندي لم تبع، وقد أؤجرها في بعض الأحيان. هل أزكيها بأكملها على أنها معدة للتجارة، أو أزكي المتيسر من الأجرة إذا حال عليه الحول؟( )

ج: بسم الله، والحمد لله، الجواب: أما الأرض الأولى فليس فيها زكاة؛ لأن ملاكها لم يجزموا أنها للتجارة، والزكاة إنما تجب في العروض المعدة للبيع، كما في حديث سمرة قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع))( ). أخرجه أبو داود.

وأما الأراضي الأخرى المعدة للتجارة وقد تؤجر، ففيها الزكاة كل سنة، تقوم وتخرج زكاة القيمة على حسب السعر وقت التقويم، وهكذا أجرتها تجب فيها الزكاة تبعاً لأصلها؛ للحديث المتقدم، ولا زكاة إلا إذا حال على الأصل الحول.

وأما الأجرة فإن كانت بعد الحول ففيها الزكاة، وإن كانت قبل حول أصلها وأنفقت قبل الحول أو تلفت فليس فيها زكاة.

 حكم الزكاة في الأراضي الزراعية

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم / أ. س. أ  وفقه الله  آمين( ).

سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده

يا محب: خطابكم الكريم المؤرخ (بدون) وصل وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من الأسئلة الثلاثة فهمته، وإليكم الجواب عنها:

الجواب عن السؤال الثاني: إذا كانت الأراضي التي ذكرتها معدة للتجارة، ففي قيمتها الزكاة كل حول، أما إن كانت معدة للزراعة، فالزكاة في غلة ما زرع فيها من الزروع، والتي تجب فيها الزكاة؛ كالحنطة والشعير والدخن والذرة ونحو ذلك، وفي غلة ما فيها من نخيل أو عنب إذا بلغت الغلة النصاب، أما إذا لم يحصل لها غلة تبلغ النصاب فليس فيها زكاة. وفق الله الجميع للفقه في دينه. والسلام.

رئيس الجامعة الإسلامية

الأراضي التي يمتلكها الناس

لا تخلو من حالين بالنسبة لوجوب الزكاة

س: مُنحت أرضاً من الحكومة، وأخذت الأرض في حوزتي حوالي أربع سنين لم أزكها، وبعد ذلك بعتها ولم أخرج الزكاة. هل علي شيء؟( )

ج: إذا منح الإنسان أرضاً من الحكومة أو غير الحكومة وحازها، أو اشتراها من زيد أو عمرو وحازها، فهو بين أمرين: إن نواها للتجارة والبيع زكاها إذا دار الحول بعد النية لبيعها حسب قيمتها، تقوَّم من أهل الخبرة، يستعين بهم ثم يزكيها بإخراج ربع العشر، فالزكاة ربع العشر في الذهب والفضة وعروض التجارة.

وفي الحبوب والثمار نصف العشر إذا كانت تسقى بمؤونة المكائن ونحوها، وفيها العشر – سهم من عشرة – إذا كانت بغير مؤونة، كالتي تسقى بالأنهار والعيون والأمطار، وفي الإبل والغنم والبقر زكاة معينة معروفة، بينتها الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا كانت سائمة أو للتجارة، فالواجب على المسلم أن ينظر فيما لديه من

الأراضي وغير الأراضي، إذا كان أراد بها البيع زكاها إذا دار حولها حسب قيمتها، تقوَّم ثم يزكى القيمة بإخراج ربع العشر من كل مائة ريالان ونصف، وفي الألف خمسة وعشرون، وهي ربع العشر في الذهب والفضة، وهذه الأوراق النقدية المعروفة المستعملة الآن.

وعروض التجارة من أراضي وسيارات وغيرها مما يراد به البيع والشراء، تقوَّم إذا حال عليها الحول، فإذا قوَّمت أخرج زكاة القيمة حسب ما تبلغ الأرض أو السيارة أو غيرهما حين تمام الحول، إذا كانت كلها للبيع لا للقنية أو الإيجار.

الحال الثاني: أن يكون ما أراد بها البيع، وإنما أراد بها أن يبني عليها مسكناً، أو يبني عليها بيوتاً للإيجار، أو دكاكين وأجرها، فإنه لا زكاة فيها، وإنما يزكي الأجرة إذا حال عليها الحول، كما يزكي النقود التي عنده الأخرى إذا حال عليها الحول.

المساكن المعدة للسكنى لا زكاة فيها

س: هل في الأراضي والمساكن زكاة؟( )

ج: ليس في المساكن زكاة إذا كانت معدة للسكن. أما الأراضي والقصور المؤجرة فإن الزكاة في أجرتها إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، فإن أنفقها في حاجته قبل أن يحول عليها الحول أو قضى بها ديناً، أو أنفقها في سبل الخير قبل أن يحول عليها الحول فلا زكاة فيها.

أما الأراضي والبيوت والدكاكين ونحوها المعدة للبيع، فهذه فيها الزكاة حسب قيمتها كل سنة  غلاء ورخصاً عند تمام الحول، إذا كان مالكها قد عزم عزماً جازماً على البيع، أما إن كان متردداً في ذلك فلا زكاة فيها. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.

تجب الزكاة في غلة ما أعد للإيجار

من دور وعمائر ومحلات إذا حال عليها الحول

س: هل يجب على البيوت المعدة للإيجار زكاة؟ ومتى تجب الزكاة؟( )

ج: ليس في البيوت المعدة للإيجار زكاة؛ لأنه لم يرد في الشرع ما يدل على ذلك، أما إن كانت معدة للبيع ففيها

الزكاة؛ كالأرض المعدة للبيع وسائر عروض التجارة. والزكاة لا تجب في السنة إلا مرة، فكلما مضى على المال الزكوي من نقود وأرض وغيرها من عروض التجارة حول كامل وجبت الزكاة، وإن أنفق المال قبل تمام الحول فلا زكاة عليه، وهكذا أجرة البيوت المعدة للإيجار إذا حال عليها الحول قبل أن ينفقها وجبت فيها الزكاة إذا كانت نصاباً فأكثر.

والنصاب مائة وأربعون مثقالاً، من الفضة وعشرون مثقالاً من الذهب ومقداره من العملة اليوم أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه من الذهب، أما من الفضة فمقداره ستة وخمسون ريالاً، أو ما يقوم مقامها من الورق، فإن كان المال أقل من ذلك فليس فيه شيء. والله الموفق.

سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أفتونا مأجورين في هذا السؤال: عمارة للاستثمار والإيجار، بعد مدة سبع سنوات بيعت، فكم تكون زكاتها؟ وكيف؟ ( )

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

إذا كان الواقع كما ذكرتم فليس في ذاتها زكاة، وإنما الزكاة في الأجرة إذا حال عليها الحول، وهي ربع العشر، وذلك خمسة وعشرون في كل ألف.

أما بعد بيعها فتجب الزكاة في الثمن إذا حال عليه الحول، وهي ربع العشر كما تقدم. وفق الله الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إيضاح: إذا كان الثمن مثلاً عشرة ملايين، فالزكاة مائتان وخمسون ألفاً.

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

س: رجل عنده مساكن كثيرة وهو يؤجرها، ويدخر منها مالاً كثيراً في حول كامل. هل عليه زكاة في هذا المال؟ ومتى تجب؟ وما مقدار دفعها؟ ( )

ج: إذا حال الحول على أجرة السكن أو الدكان أو غيرهما من النقود وجبت فيها الزكاة إذا كانت نصاباً، وما صرفه المؤجر في حاجاته قبل الحول فلا زكاة فيه.

والواجب في ذلك ربع العشر بإجماع المسلمين، والنصاب من الذهب عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي والإفرنجي أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه، ونصاب الفضة مائة وأربعون مثقالاً، ومقداره بالريال السعودي ستة وخمسون ريالاً فضياً، أو ما يعادلها من العُمل الورقية.

إذا أنفقت غلة الاستثمار

قبل أن يحول عليها الحول فلا زكاة فيها

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم - وفقه الله لكل خير آمين- ( ).

سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:

كتابكم الكريم وصل، وما تضمنه من الإفادة أنك تملك عمارة صغيرة مسلحة، بلغت نفقة تعميرها سبعين ألف ريال، وتحملت بأسباب ذلك ديناً بمبلغ أربعين ألف ريال، وأنك أجرتها سنوياً بمبلغ ثمانية آلاف ريال، تدفع لك مقدماً عن كل سنة، وعند تسلمك للمبلغ المذكور تسدد به بعض ما عليك من الديون. وسؤالك عن وجوب الزكاة في الإيجار المذكور، إلى آخر ما ذكرت.

الجواب: الزكاة تجب في المال الذي دار عليه الحول وهو في حوزة صاحبه سواء كان نقوداً أو عروضاً تجارية.

أما مثل هذا الإيجار الذي تتسلمه من المستأجر مقدماً

وتسدد به الدين، فإنه لا تجب فيه الزكاة؛ لكونه لم يحل عليه الحول وهو في ملكك، والاعتبار في ذلك بوقت عقد الإجارة إلى نهاية السنة، فإذا قبضت الأجرة قبل نهاية السنة وسددت بها الدين، أو صرفتها في حاجات البيت فلا زكاة فيها.

وأما سؤالك عن زكاة الأرضين اللتين تملكهما، فإن كانتا معدتين للتجارة، فالواجب تقويمهما في نهاية كل سنة، وتدفع زكاتهما مع القدرة، فإن عجزت عن ذلك، جاز التأخير إلى القدرة، وليس عليك أن تستقرض، بل تبقى الزكاة ديناً في ذمتك حتى تستطيع إخراجها؛ لقول الله  سبحانه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾( )، وقوله تعالى: ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾( ).

أما سؤالك عن الدين هل يمنع الزكاة؟

فجوابه أن هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، والأرجح أن الدين لا يسقط الزكاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأمر عماله بقبض الزكاة من الناس، ولم يأمرهم بإسقاطها عن أهل الدين، ولا بسؤال أهل الزكاة هل عليهم دين حتى يسقط عنهم من الزكاة بقدره، فعلم بذلك أن الدين لا يمنع الزكاة.

وقد دل الشرع المطهر أن الزكاة تزيد المزكي خيراً وطهراً وبركة وخلفاً عاجلاً، كما قال- سبحانه:  ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ﴾( )، وقال سبحانه: ﴿ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾( ).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))( ). خرجه الإمام مسلم في صحيحه.

وفي صحيح البخاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وينزل فيه ملكان، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً))( ).

وفقني الله وإياكم للفقه في دينه، والثبات عليه، والمسارعة إلى ما يرضيه إنه سميع قريب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

س: رجل عنده سيارات ودور وينفق محصولها على عياله، بحيث لا يدخر أي ثمن في سنة كاملة. هل عليه زكاة هذا المال؟ ومتى تجب الزكاة في السيارات والدور؟ وما مقدارها؟( )

ج: إذا كانت الدور والسيارات للقنية، أو الاستفادة من أجورها فليس فيها زكاة، أما إن كانت أو بعضها للتجارة، فالواجب عليك زكاة قيمة ما أعد منها للتجارة، كلما حال عليها الحول، وإن أنفقتها في حاجات البيت، أو في وجوه البر، أو في حاجات أخرى قبل أن يحول عليها الحول، فليس عليك زكاة؛ لعموم الأدلة الواردة في هذا الشأن من الآيات والأحاديث.

س: شخص لديه منزل في بلدة غير التي يسكنها، ويؤجر منزله ذلك، وهو يستأجر في بلده التي يسكنها أقل من إيجار منزله الملك، فهل على منزله الملك زكاة؟( )

ج: ليس عليه زكاة لمنزله إذا لم يكن أعده للبيع، لكن عليه أن يزكي الأجرة، إذا حال عليها الحول قبل أن ينفقها.

حكم الزكاة على السيارات المعدة للنقل

س: هل على السيارات التجارية التي تسافر وتجلب الحبوب وغيرها زكاة؟ وهكذا ما أشبهها من الجمال؟( )

ج: ليس على السيارات والجمال المعدة لنقل الحبوب والأمتعة وغيرها من بلاد إلى بلاد زكاة؛ لكونها لم تعد للبيع، وإنما أعدت للنقل والاستعمال، أما إن كانت السيارات معدة للبيع، وهكذا غيرها من: الجمال والحمير والبغال، وسائر الحيوانات التي يجوز بيعها إذا كانت معدة للبيع فإنها تجب فيها الزكاة؛ لأنها صارت بذلك من عروض التجارة، فوجبت فيها الزكاة؛ لما روى أبو داود وغيره عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ((يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع))( )، وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم، وحكى الإمام أبو بكر بن المنذر رحمه الله إجماع أهل العلم على ذلك. والله المستعان.

 حكم زكاة الحفارات الارتوازية والحراثة

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم /

 أ. س. أ                              وفقه الله آمين.( )

سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يا محب: خطابكم المؤرخ (بدون) وصل وصلكم الله بهداه وما تضمنه من الأسئلة الثلاثة فهمته، وإليكم الجواب عنها.

الجواب عن السؤال الأول: إذا كانت الحفارات الارتوازية والحراثة الزراعية معدة للتجارة، فتزكى قيمتها، والأجور عند تمام حول أصلها من كل عام، أما إذا كانت معدة للإيجار فتزكى الأجرة الحاصلة فقط، بعد أن يحول عليها الحول، أما إن صرفت الأجرة قبل أن يحول عليها الحول فلا زكاة فيها. وفق الله الجميع للفقه في دينه. والسلام.

رئيس الجامعة الإسلامية

الأدوات التي تستعمل في المحل لا تزكى

س: رجل أنشأ مستودعاً للبوتوغاز، فاشترى أنابيب لهذا المستودع بحوالي عشرين ألفاً من الجنيهات، وأخذ يعبئ الأنابيب، ويعطي المليئة بالبوتوغاز، ويأخذ منهم الفارغة، فهو يتاجر في الغاز، فهل على صاحب هذا المستودع بهذه الحالة أن يزكي الأنابيب وهي فارغة، أم عليه أن يزكي الربح العائد من الغاز فقط؟( )

ج: الشيء المعد للاستعمال ليس فيه زكاة أنابيب أو غيرها إذا كان معداً للاستعمال فإنه ليس فيه زكاة، أما ما كان معداً للبيع والتجارة من أنابيب أو غيرها، فإنه يزكى قيمته إذا تم الحول.

ويعرف الحول بتحديد شهر معين رمضان أو غيره حينما وصل إليه المال، فتمام الحول هو الشهر الذي حصل فيه المال، واجتمع لديه المال فيه، من إرث أو هبة أو غير ذلك مما يوجب التملك، فإذا ملك المال في رمضان صار الحول رمضان، وإذا ملك المال في رجب صار الحول في رجب وهكذا.

والقاعدة: أن ما يعد للبيع هو الذي يزكى، وما كان من أدوات تستعمل في المحل فإنها لا تزكى.

كيفية زكاة البضائع كالأقمشة ونحوها

س: رجل لديه محلات تجارية بها أنواع عديدة من البضائع، كالأقمشة والأحذية والعطورات، فكيف يؤدي زكاتها؟( )

ج: على كل من لديه سلع للبيع  سواء كانت أقمشة أو غيرها - أن يزكي قيمتها، إذا حال عليها الحول مع النقود التي عنده؛ لما أخرج أبو داود رحمه الله  بإسناد حسن، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع))( )، ولأدلة أخرى ذكرها أهل العلم في باب زكاة العروض.

كيفية زكاة مشاريع الإنتاج الحيواني

والألبان والإنتاج الزراعي والصناعي

س: بالنسبة إلى المشاريع الحديثة التي خرجت للناس في هذه الأيام، وهي مشاريع: الإنتاج الحيواني، وإنتاج الألبان، ومشاريع الإنتاج الزراعي، ومشاريع العقارات الكبيرة مثل

العمائر، فهل على هذه الأشياء زكاة، وكيف تخرج زكاتها؟( )

ج: إذا كان هذه المشاريع للبيع والشراء وطلب الربح، فإن مالكها يزكيها كلما حال الحول عليها، إذا كان أعدها للبيع - سواء كانت تلك الأموال عمائر أو أرض أو دكاكين أو حيوانات في مزرعته، أو ما أشبه ذلك فإنه يزكيها إذا حال عليها الحول بحسب القيمة.

أما الأدوات التي ليست للبيع فلا زكاة فيها، ونفس الأرض التي فيها المزرعة لا تزكى إذا كانت لم تعد للبيع، وإنما يربي فيها صاحبها الحيوانات للبيع أو يزرعها، ونحو ذلك، فالزكاة في الإنتاج، أما عين الأرض ورقبة الأرض التي أعدها ليزرع فيها، أو ينمي فيها الحيوانات، فهذه لا زكاة فيها، وهكذا النجار والحداد لا زكاة في الأدوات التي عنده للاستعمال، كالقدوم والمنشار، وجميع الأدوات لا زكاة فيها، إنما الزكاة في الأموال التي أعدها للبيع، والآلات المعدة للبيع كما تقدم إذا حال الحول عليها زكاها بحسب قيمتها، كما يزكي السيارة التي أعدها للبيع، والأرض التي أعدها للبيع. والله ولي التوفيق.

س: هل يجوز لي أن أخرج زكاة مزرعة دواجن ما قيمته

مالاً؟ ( )

ج: جميع ما يعده المسلم من الأموال سواء كانت حيواناً أو غير حيوان للبيع، فإنه يزكي قيمته عند تمام الحول؛ لما روى أبو داود رحمه الله عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع))( )، ولأدلة أخرى في ذلك.

ولا يلتفت إلى قيمة الشراء، وإنما الاعتبار بقيمة السلع المعدة للبيع عند تمام الحول سواء كانت قيمتها أقل من ثمنها أو أكثر -. والله ولي التوفيق.

س: صاحب مطبعة سأل عن زكاتها، فهناك من قال: إن الزكاة على ما تنتجه المطبعة، وهناك من قال: إن الزكاة على معدات وأجهزة المطبعة، وإنتاجها كذلك، فما الصواب في ذلك؟( )

ج: إنما تجب الزكاة على أهل المطابع والمصانع ونحوهم في الأشياء المعدة للبيع، أما الأشياء التي تعد للاستعمال فلا زكاة فيها، وهكذا السيارات والفرش والأواني

المعدة للاستعمال ليس فيها زكاة؛ لما روى أبو داود رحمه الله  في سننه بإسناد حسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع))( ).

أما النقود من الذهب والفضة والعُمَل الورقية، فكلها تجب فيها الزكاة، ولو كانت معدة للنفقة، إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول. وبالله التوفيق.

كيفية زكاة التاجر الذي عنده بضاعة

في المخزن، وله وعليه ديون، وعنده نقد في البنك

س: (أ) رجل يعمل بالتجارة، ويتعامل مع شركات أجنبية بالشراء إلى أجل، ويحول عليه الحول، وفي ذمته مبالغ كبيرة.

فهو يسأل: عما إذا أراد أن يدفع ما عليه من ديون لهذه الشركات قبل حلولها، وقبل الحول بأيام؛ حتى يتجنب زكاة هذه المبالغ التي هي في ذمته، وسوف يأتي وقت دفعها بعد أيام من الحول، فهل يأثم بهذه النية؟

(ب) كيف يزكي ماله إذا كان كالآتي مثلاً:

1- قيمة البضاعة الموجودة في المخزن عند نهاية الحول (200.000) ريال.

2-      قيمة الديون التي عليه (300.000).

3-      قيمة الديون التي له (200.000).

4-      نقداً ورصيداً في البنك (100.000).

5-      إذا كانت بعض المبالغ التي قد حان وقت دفعها، وتراخى في الدفع، وحال الحول، وأخرجها من صندوقه ليدفعها لصاحبها بعد الجرد، وأبعدها من مجموع ماله، وخصمها من الديون التي عليه، فهل هذا يعفيه من زكاتها؟( )

ج: إذا سدد من عليه الديون ديونه قبل تمام الحول، فلا زكاة عليه، ولا حرج في ذلك، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه الخليفة الراشد، يأمر من عليه دين أن يقضي دينه قبل حلول الزكاة، ولا بأس أن يضع صاحب الدين بعض دينه؛ ليحصل له تسديد الباقي قبل حلول الأجل في أصح قولي العلماء لما في ذلك من المصلحة المشتركة لأهل الدين، ولمن عليه الدين، مع بُعد ذلك عن الربا.

أما قيمة البضاعة التي في المخازن، فعليه زكاتها عند تمام الحول، وهكذا الرصيد الذي لديه في البنك، يزكى عند تمام الحول.

أما الديون التي له عند الناس، ففيها تفصيل: ما كان منها على أملياء، وجبت زكاته عند تمام الحول؛ لأنه كالرصيد

الذي في البنك، وأما ما كان منها على معسرين أو مماطلين، فلا زكاة فيه على الصحيح من أقوال العلماء، وذهب بعض أهل العلم، إلى أنه يزكيها بعد القبض عن سنة واحدة فقط، وهذا قول حسن، وفيه احتياط، ولكن ليس ذلك بواجب في الأصح؛ لأن الزكاة مواساة، والزكاة لا تجب في أموال لا يدرى هل تحصل أم لا؛ لكونها على معسرين أو مماطلين أو نحو ذلك، كالأموال المفقودة، والدواب الضالة، ونحو ذلك.

وأما الدين الذي عليه فلا يمنع الزكاة في أصح أقوال أهل العلم.

وأما ما حازه من ماله ليدفع لأهل الدين، فحال عليه الحول قبل أن يدفعه لأهل الدين، فإنها لا تسقط زكاته، بل عليه أن يزكيه؛ لكونه حال عليه الحول وهو في ملكه. وبالله التوفيق.

زكاة مساهمة الأراضي

س: سائل يقول: ما هي زكاة مساهمة الأراضي؟ ويقول: إنه وضع ألف ريال، وبعد خمس سنوات صارت خمسة آلاف ريال.( )

ج: إذا وضع الإنسان دراهم مساهمة في أراضي أو نحوها للبيع، فإنه يزكيها كل سنة حسب قيمتها حسب قيمة الأرض أو غيرها من السلع كل سنة تُقَوَّم ويزكي هو وأصحابه الشركاء، كل يزكي حصته، فإذا بيعت زكى السنوات الماضية، بحيث يحسب زكاتها ويخرجها بعد ذلك.

ولكن لا يلزمه أن يزكيها حسب السنة الأخيرة، وإنما كل سنة بحسابها؛ السنة الأولى على قدر قيمتها، والسنة الثانية على قدر قيمتها، وهكذا؛ لأن القيمة تختلف، بحيث تكون في أول الأمر رخيصة، ثم تزيد قيمتها أو العكس، فيلزمه أن يزكي القيمة في كل سنة بحسبها، وهي ربع العشر من القيمة. والله ولي التوفيق.

 زكاة الأسهم في الشركات

س: انتشر في الوقت الحاضر الاكتتاب في الشركات عن طريق الأسهم، فهل في هذه الأسهم زكاة؟ وكيف تخرج؟( )

ج: على أصحاب الأسهم المعدة للتجارة إخراج زكاتها

إذا حال عليها الحول، كسائر العروض من الأراضي والسيارات وغيرها، أما إن كانت للمساهمة في أموال معدة للتأجير لا للبيع كالأراضي والسيارات، فإنها لا زكاة فيها، وإنما الزكاة تكون في الأجرة، إذا حال عليها الحول، وبلغت النصاب كسائر النقود. والله ولي التوفيق.

س: أملك عدداً من الأسهم في بعض الشركات السعودية المساهمة، وأسأل عن كيفية إخراج زكاتها؟ هل هو حسب قيمتها الحالية في السوق، أم على الأرباح السنوية؛ لأنني لم أنو بيعها؟ أفتونا مأجورين.( )

ج: إذا كانت الأسهم للاستثمار لا للبيع، فالواجب تزكية أرباحها من النقود إذا حال عليها الحول وبلغت النصاب، أما إذا كانت الأسهم للبيع، فإنها تزكى مع ربحها كلما حال الحول على الأصل حسب قيمتها حين تمام الحول سواء كانت أرضاً أو سيارات أو غيرهما من العروض. وفق الله الجميع.

فضيلة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز - حفظه الله -

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرجو من سماحتكم التكرم بإفادتي عن السؤال الآتي، وهو:

إذا كنت أملك أسهماً في إحدى الشركات المساهمة خارج المملكة، على سبيل المثال في أمريكا. هل يجب الزكاة من قبلي على الأرباح، أم على الأرباح ورأس المال؟ ولسماحتكم جزيل الشكر والتقدير( ).

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فجوابه بالتفصيل: إن كنت تريد بيع السهام، ففيها الزكاة، وإن كنت لا تريد بيعها، فالزكاة في أرباحها إذا حال عليها الحول، إن كانت السهام أرضاً أو غيرها من المتاع، أما إن كانت نقوداً، ففيها وفي أرباحها الزكاة، والربح تابع للأصل حوله، حوله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مفتي عام المملكة العربية السعودية

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 زكاة أسهم شركة الكهرباء

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم / س. ع. ح - وفقه الله - ( ) 

سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:

يا محب: كتابكم الكريم المؤرخ في 12/5/1395هـ وصل - وصلكم الله بهداه - وما تضمنه من الأسئلة فهمته، وإليكم نصها وجوابها:

س: أدخلت مبلغاً من المال لدى شركة كهرباء كمساهمة، فهل في المال زكاة؟ وهل الزكاة تبدأ من تاريخ الإيداع، أم من استلام الأرباح؟ وكم مقدار الزكاة الثابت في كل (100) ريال عربي سعودي؟

ج: ليس فيما يوضع في مثل الشركة المذكورة زكاة في الجملة؛ لأن المقصود من ذلك هو الاستثمار لا البيع، وإنما الزكاة في الأرباح التي تصل إلى المساهم، إذا حال عليها الحول

بعد تسليمها له، وبلغت نصاب الزكاة.

والواجب في ذلك ريالان ونصف من كل مائة، وهو ربع العشر بالنص والإجماع.

رئيس الجامعة الإسلامية

 زكاة الفطر فرض على كل مسلم

س: ما حكم صدقة الفطر، وهل يلزم فيها النصاب؟ وهل الأنواع التي تخرج محددة؟ وإن كانت كذلك فما هي؟ وهل تلزم الرجل عن أهل بيته بما فيهم الزوجة والخادم؟( )

ج: زكاة الفطر فرض على كل مسلم صغير أو كبير ذكر أو أنثى حر أو عبد؛ لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على الذكر والأنثى والصغير والكبير والحر والعبد من المسلمين. وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة))( ). متفق على صحته.

وليس لها نصاب بل يجب على المسلم إخراجها عن نفسه وأهل بيته من أولاده وزوجاته ومماليكه إذا فضلت عن

قوته وقوتهم يومه وليلته.

أما الخادم المستأجر فزكاته على نفسه إلا أن يتبرع بها المستأجر أو تشترط عليه، أما الخادم المملوك فزكاته على سيده، كما تقدم في الحديث.

والواجب إخراجها من قوت البلد، سواء كان تمراً أو شعيراً أو براً أو ذرة أو غير ذلك، في أصح قولي العلماء؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشترط في ذلك نوعاً معيناً، ولأنها مواساة، وليس على المسلم أن يواسي من غير قوته.

 حكم إخراج زكاة الفطر عن الأخت

س: أنا تايلاندي الجنسية، طالب في إحدى جامعات السودان، ولي أخت صغيرة في بلدي تايلاند لم تبلغ حتى الآن، وخلال الشهور الماضية جاءني خبر مفجع وهو أن أبي توفي تاركاً أختي الصغيرة. سؤالي: هل يجب عليًّ لإخراج زكاة الفطر عنها؟ علماً أنه ليس لها أخ سواي ينفق عليها( ).

ج: إذا كان والدك توفي قبل انسلاخ رمضان ولم يؤد أحد من أقاربك زكاة الفطر عن أختك فإن عليك أن تؤدي زكاة الفطر عنها إذا كنت تستطيع ذلك، وعليك أيضاً أن ترسل إليها من النفقة ما يقوم بحالها حسب طاقتك؛ لقول الله سبحانه: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾( )، وقوله سبحانه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾( ).

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة قاطع رحم))( )، وقوله صلى الله عليه وسلم لما قال له رجل: يا رسول الله، من أبر؟ قال: ((أمك)) قال: ثم من؟ قال ((أمك)) قال: ثم من؟ قال: ((أباك ثم الأقرب فالأقرب))( )  أخرجهما مسلم في صحيحه. ولأن الإنفاق عليها من صلة الرحم الواجبة إذا لم يوجد من يقوم بالنفقة عليها سواك، ولم يخلف لها أبوك من التركة ما يقوم بحالها، وفقكما الله لكل خير.

 زكاة الفطر صاع من قوت البلد( )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد كثر السؤال عن إخراج الأرز في زكاة الفطر وعن إخراج النقود بدلاً من الطعام.

والجواب: قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فرض زكاة الفطر على المسلمين صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، أعني صلاة العيد. وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ((كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من إقط أو صاعاً من زبيب))( ).

وقد فسر جمع من أهل العلم الطعام في الحديث بأنه البر، وفسره آخرون بأن المقصود

بالطعام ما يقتاته أهل البلاد أياً كان، سواء كان براً أو ذرة أو دخناً أو غير ذلك. وهذا هو الصواب؛ لأن الزكاة مواساة من الأغنياء للفقراء، ولا يجب على المسلم أن يواسي من غير قوت بلده. ولاشك أن الأرز قوت في المملكة وطعام طيب ونفيس، وهو أفضل من الشعير الذي جاء النص بإجزائه، وبذلك يعلم أنه لا حرج في إخراج الأرز في زكاة الفطر.

والواجب صاع من جميع الأجناس بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ربع حفنات باليدين المعتدلتين الممتلئتين، كما في القاموس وغيره، وهو بالوزن ما يقارب ثلاثة كيلو غرام.

فإذا أخرج المسلم صاعاً من الأرز أو غيره من قوت بلده أجزأه ذلك، وإن كان من غير الأصناف المذكورة في هذا الحديث في أصح قولي العلماء. ولا بأس أن يخرج مقداره بالوزن وهو ثلاثة كيلو تقريباً.

والواجب إخراج زكاة الفطر عن الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والمملوك من المسلمين. أما الحمل فلا يجب إخراجها عنه إجماعاً، ولكن يستحب؛ لفعل عثمان رضي الله عنه.

 والواجب أيضاً إخراجها قبل صلاة العيد، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد، ولا مانع من إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين. وبذلك يعلم أن أول وقت لإخراجها في

أصح أقوال العلماء هو ليلة ثمان وعشرين؛ لأن الشهر يكون تسعاً وعشرين ويكون ثلاثين، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجونها قبل العيد بيوم أو يومين.

 ومصرفها الفقراء والمساكين. وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات))( ).

ولا يجوز إخراج القيمة عند جمهور أهل العلم وهو أصح دليلاً، بل الواجب إخراجها من الطعام، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وبذلك قال جمهور الأمة.

والله المسئول أن يوفقنا والمسلمين جميعاً للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عبد العزير بن عبدالله ابن باز

س: سائلة رمزت لاسمها بـ م. م. من الرياض بالمملكة العربية السعودية، تقول: كم قيمة زكاة رمضان؟( )

ج: كأن السائلة تريد زكاة الفطر من رمضان، والواجب في ذلك صاع واحد من قوت البلد، من أرز أو بر أو تمر أو غيرها من قوت البلد عن الذكر والأنثى والحر والمملوك والصغير والكبير من المسلمين، كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والواجب إخراجها قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، وإن أُخرجت قبل العيد بيوم أو يومين فلا بأس. ومقداره بالكيلو (ثلاثة كيلو) على سبيل التقريب. ولا يجوز إخراج القيمة، بل يجب إخراجها من قوت البلد، كما تقدم.

إخراج صدقة الفطر من

الطعام اليابس بالكيل أحوط من الوزن

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم / ر. م. غ. وفقه الله لكل خير آمين.

سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فقد وصل إلي كتابكم الكريم المؤرخ في 5/6/1398هـ، وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من السؤال عن مقدار زكاة الفطر من التمر العبيط وأشباهه من الموزونات بالريال الفرنسي والكيلو كان معلوماً( ).

والجواب: الواجب في زكاة الفطر صاع من قوت البلد بصاع النبي صلى الله عليه وسلم عن كل واحد من المسلمين صغيراً كان أو كبيراً ذكراً كان أو أنثى، ومقداره أربع حفنات بملء اليدين المعتدلتين من الطعام اليابس، كالتمر والحنطة ونحو ذلك، أما من جهة الوزن فمقداره أربعمائة وثمانون مثقالاً، وبالريال الفرنسي ثمانون ريالاً فرانسه؛ لأن زنة الريال الواحد ستة مثاقيل، ومقداره بالريال العربي السعودي مائة

واثنان وتسعون ريالاً، أما بالكيلو فيقارب ثلاثة كيلو، وإذا أخرج المسلم من الطعام اليابس كالتمر اليابس والحنطة الجيد والأرز والزبيب اليابس والأقط بالكيل فهو أحوط من الوزن.

وإذا كان قوت البلد من الذرة أو الدخن أو غيرهما من الحبوب المقتاتة كفى صاع من ذلك. والله سبحانه وتعالى أعلم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نائب رئيس الجامعة الإسلامية

 حكم إخراج زكاة الفطر من غير الأصناف المنصوص عليها

س: هل يجوز أداء زكاة الفطر من الحبوب القطنية، كالأرز والذرة والشعير والدخن ولو كانت باقية عليها قشرتها؟( )

ج: يجوز ذلك إذا كانت قوت البلد في أصح قولي العلماء، لكن بعد التصفية من القشور؛ لقول الله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾( )، ولأن ذلك أبرأ للذمة وأرفق بالفقير، إلا الشعير فإنه لا تجب تصفيته من قشره؛ لما في ذلك من المشقة، لكن إذا أخرج من الأرز ونحوه من الحبوب التي الأصلح حفظها في قشرها ما يتحقق معه أنه أدى الواجب من الحب المصفى فإنه لا حرج في ذلك إن شاء الله، مراعاة لمصلحة المالك والفقير. والله الموفق.

س: هل يجوز إخراج زكاة الفطر من الأرز؟( )

ج: يجوز إخراج زكاة الفطر من الرز وغيره من قوت البلد؛ لأن الزكاة مواساة، وإخراج الفطرة من الرز من أحسن المواساة؛ لكونه من خير طعام الناس اليوم.

 حكم دفع زكاة الفطر نقوداً( )

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

وبعد: فقد سألني كثير من الإخوان عن حكم دفع زكاة الفطر نقوداً.

والجواب: لا يخفى على كل مسلم له أدنى بصيرة أن أهم أركان دين الإسلام الحنيف شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن لا يعبد إلا الله وحده، ومقتضى شهادة أن محمداً رسول الله، أن لا يعبد الله سبحانه إلا بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وزكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين، والعبادات الأصل فيها التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه، الذي قال عنه ربه

تبارك وتعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾( )، وقال هو في ذلك: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))( )، ((من عمل عملاً ليس عليه  أمرنا فهو رد))( ).

وقد بيَّن هو صلوات الله وسلامه عليه زكاة الفطر بما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة: صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من إقط. فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة))( ).

وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: ((كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير

أو صاعاً من زبيب))، وفي رواية ((أو صاعاً من أقط))( ) متفق على صحته. فهذه سنة محمد صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر. ومعلوم أن وقت هذا التشريع وهذا الإخراج يوجد بيد المسلمين وخاصة في مجتمع المدينة الدينار والدرهم اللذان هما العملة السائدة آنذاك ولم يذكرهما صلوات الله وسلامه عليه في زكاة الفطر، فلو كان شيء يجزئ في زكاة الفطر منهما لأبانه صلوات الله وسلامه عليه؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولو فعل ذلك لنقله أصحابه رضي الله عنهم. وما ورد في زكاة السائمة من الجبران المعروف مشروط بعدم وجود ما يجب إخراجه، وخاص بما ورد فيه، كما سبق أن الأصل في العبادات التوقيف، ولا نعلم أن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرج النقود في زكاة الفطر، وهم أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم وأحرص الناس على العمل بها، ولو وقع منهم شيء من ذلك لنقل كما نقل غيره من أقوالهم وأفعالهم المتعلقة بالأمور الشرعية، وقد قال الله سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾( )، وقال عز وجل: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ

تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾( ).

ومما ذكرنا يتضح لصاحب الحق أن إخراج النقود في زكاة الفطر لا يجوز ولا يجزئ عمن أخرجه؛ لكونه مخالفاً لما ذكر من الأدلة الشرعية. وأسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه، والثبات عليه والحذر من كل ما يخالف شرعه، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

س: ما رأيكم في زكاة الفطر نقوداً؟( )

ج: اختلف أهل العلم في ذلك، والذي عليه جمهور أهل العلم أنها لا تؤدى نقوداً وإنما تؤدى طعاماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أخرجوها طعاماً، واخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله فرضها علينا صاعاً من كذا وصاعاً من كذا  فلا تخرج نقوداً، فالنقود تختلف، والحبوب تختلف، منها الطيب والوسط وغير ذلك، فالنقود فيها خطر ولم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ودعوى بعض الناس أنها أحب للفقراء ليس بشيء، بل إخراج ما أوجب الله هو المطلوب والفقراء موضع صرف، فالواجب أن يعطوا ما فرض الله على الإنسان من زكاة الفطر، من الطعام لا من النقود، ولو كان بعض أهل العلم قال بذلك، لكنه قول ضعيف مرجوح، والصواب أنها تخرج طعاماً لا نقوداً صاعاً من كل نوع، من البر، أو من الشعير، أو من التمر، أو من الإقط، أو الزبيب؛ لقول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من

أقط))( ) متفق على صحته.

س: هل يجوز إخراج زكاة الفطر ريالات، وهل يجوز إخراجها في غير بلدها؟( )

ج: لا يجوز إخراجها نقوداً عند جمهور أهل العلم، وإنما الواجب إخراجها من الطعام، كما أخرجها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وهي صاع واحد من قوت البلد، من تمر أو أرز أو غيرهما، بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، عن الذكر والأنثى والصغير والكبير والحر والمملوك من المسلمين.

والسنة توزيعها بين الفقراء في بلد المزكي وعدم نقلها إلى بلد آخر؛ لإغناء فقراء بلده وسد حاجتهم. ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم يفعلون ذلك، وبذلك يكون أول وقتها الليلة الثامنة والعشرين من رمضان. والله ولي التوفيق.

المشروع توزيع

زكاة الفطر بين فقراء البلد

س: بالنسبة للفطرة هل توزع على فقراء بلدتنا أم على غيرهم؟ وإذا كنا نسافر قبل العيد بثلاثة أيام ماذا نفعل تجاه الفطرة؟ ( )

ج: السنة توزيع زكاة الفطر بين فقراء البلد صباح يوم العيد قبل الصلاة، ويجوز توزيعها قبل ذلك بيوم أو يومين ابتداء من اليوم الثامن والعشرين. وإذا سافر من عليه زكاة الفطر قبل العيد بيومين أو أكثر أخرجها في البلاد الإسلامية التي يسافر إليها، وإن كانت غير إسلامية التمس بعض فقراء المسلمين وسلمها لهم. وإن كان سفره بعد جواز إخراجها فالمشروع له توزيعها بين فقراء بلده؛ لأن المقصود منها مواساتهم والإحسان إليهم وإغناؤهم عن سؤال الناس أيام العيد.

س: أرسلت زكاة الفطر الخاصة بي على أهلي في مصر لكي يخرجوها في البلد، وأنا مقيم في السعودية، فهل هذا العمل صحيح؟ ( )

ج: لا بأس بذلك وتجزئ إن شاء الله في أصح قولي العلماء لكن إخراجها في محلك الذي تقيم فيه أفضل وأحوط، وإذا بعثتها لأهلك ليخرجوها على الفقراء في بلدك فلا بأس.

شرع الله زكاة الفطر

مواساة للفقراء والمحاويج

س: هل يجوز إعطاء زكاة الفطر لإمام القرية وإن كان ميسور الحال وليس فقيراً معدماً؟ أفيدونا أفادكم الله؟ ( ).

ج: زكاة الفطر شرعها الله مواساة للفقراء والمحاويج وطعمة للمساكين. فإن كان إمام القرية ميسور الحال عنده ما

يكفيه لم يجز أن يعطى زكاة الفطر ولا غيرها من الزكوات، أما إن كان راتبه لا يكفيه؛ لكثرة عائلته أو بسبب آخر، فلا بأس أن يعطى من زكاة الفطر وغيرها.

وقت إخراج زكاة الفطر

س: هل يستوي في تأخير الزكاة في البحث عن شخص معروف فقره – زكاة الأموال، وزكاة الأبدان؟( )

ج: لا يستويان، بل يجب أن تقدم زكاة الفطر قبل صلاة العيد، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولا مانع من إخراجها قبله بيوم أو يومين أو ثلاثة، لكن لا تؤجل بعد العيد.

حكم من نسي إخراج

زكاة الفطر قبل صلاة العيد

س: أعددت زكاة الفطر قبل العيد لإعطائها إلى فقير أعرفه، ولكنني نسيت إخراجها ولم أتذكر إلا في صلاة

العيد، وقد أخرجتها بعد الصلاة. فما الحكم؟( )

ج: لا ريب أن الواجب إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد كما أمر بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ولكن لا حرج عليك فيما فعلت، فإخراجها بعد الصلاة يجزئ والحمد لله، وإن كان جاء في الحديث أنه صدقة من الصدقات، لكن ذلك لا يمنع الإجزاء، وأنه وقع في محله، ونرجو أن يكون مقبولاً، وأن تكون زكاة كاملة؛ لأنك لم تؤخر ذلك عمداً، وإنما أخرته نسياناً، وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم: ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾( )، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يقول الله عز وجل: ((قد فعلت))( )، فأجاب دعوة عباده المؤمنين في عدم المؤاخذة بالنسيان والخطأ.

س: ما حكم من لم يخرج زكاة الفطر إلا أثناء الخطبة بعد صلاة العيد، وذلك من اجل نسيانه؟( )

ج: إخراج زكاة الفطر قبل الصلاة واجب، ومن نسي ذلك فلا شيء عليه سوى إخراجها بعد ذلك؛ لأنها فريضة، فعليه أن يخرجها متى ذكرها، ولا يجوز لأحد أن يتعمد تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد في أصح قولي العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر المسلمين أن يؤدوها قبل صلاة العيد.

الواجب البدار بإخراج

الزكاة وسؤال الثقات عن مستحقيها

س: لدي مبلغ عشرة آلاف ريال سعودي، وأريد أن أخرج زكاتها، ولكني لا أعرف كيف أخرج زكاتها، وهل يجوز أن أبقيها حتى أرجع لبلدي وأخرج زكاتها هناك أم لا يجوز ذلك؟( )

ج: الواجب على المسلم البدار بإخراج الزكاة إذا حال الحول، فيجب أن يبادر في أي مكان كان، ويلتمس الفقراء والمحاويج ويسأل عنهم أهل الثقة والأمانة في بلده الذي هو فيه ثم يخرج الزكاة، سواء كان في اليمن أو في الشام أو في مكة أو في أي مكان.

والله أوجب عليك هذه الزكاة، وإذا كان المال عشرة آلاف فالزكاة مائتان وخمسون ريالاً، أي: ربع العشر؛ لأن الألف هو العشر وربعه مائتان وخمسون. فعليك أن تلتمس بعض الفقراء وتدفع إليه الزكاة وتستعين في ذلك بأهل الثقة والأمانة من أصحابك وإخوانك كي يدلوك على الفقراء ويرشدوك إليهم.

 حكم تأخير إخراج الزكاة

س: هل يصح أن يحتفظ بالزكاة من أجل إعطائها لأحد الفقراء الذين لم يتصل بهم بعد؟( )

ج: إذا كانت المدة يسيرة غير طويلة فلا بأس أن يحتفظ بالزكاة حتى يعطيها بعض الفقراء من أقاربه  أو من هم أشد فقراً وحاجة لكن لا تكون المدة طويلة، وإنما تكون أياماً غير كثيرة. هذا بالنسبة لزكاة المال.

أما زكاة الفطر فلا تؤجل، بل يجب أن تقدم على صلاة العيد، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وتخرج قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة، لا بأس، ولا تؤجل بعد الصلاة.

س: هل يجوز تأخير إخراج الزكاة مدة أشهر بعد حلولها من أجل تحري المحتاج أو عدم وجود نقود لديه وقت حلول الزكاة؟( )

ج: لا بأس بتأخير إخراجها من أجل ما ذكر، ومتى وجد الفقراء، أو المال بادر بإخراجها؛ لأنه لا يجوز تأخيرها بعد تمام الحول إلا لعذر شرعي، مثل ما ذكرتم من عدم وجود المال بيده ذلك الوقت، أو عدم وجود الفقراء.

وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للفقه في دينه والثبات عليه إنه جواد كريم.

سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العليمة والإفتاء وفقه الله لكل خير آمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحيط سماحتكم بأن عمي يخرج زكاة أمواله في كل عام في بداية شهر رمضان المبارك، وهو يرغب حالياً في إخراج الزكاة كل عام في بداية المحرم نظراً لقضاء حوائج الناس المحتاجين، وكيف يخرج فرق الأشهر الثلاثة بين شهر رمضان والحجة؟ إذا كان لدى عمي عقارات وأراضي معروضة للبيع، كيف يحتسب الزكاة، من قيمة الأرض أو من قيمة المعروض للبيع؟

أرجو من سماحتكم التكرم بالجواب للأهمية، شكر الله سعيكم ونفع بعلمكم وبارك في أوقاتكم وجعلكم عوناً وملاذاً لطالب العلم ورزقكم الفردوس الأعلى، إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته( ).

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده: ليس لعمك تأخير الزكاة إلى المحرم، لكن يجوز له أن يُعجِّل

الزكاة قبل رمضان في المحرم أو غيره وعليه إخراج زكاة العقارات حسب قيمتها عند إخراج الزكاة، تقبل الله من الجميع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مفتي عام المملكة العربية السعودية

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 حكم تأخير زكاة العروض في حق من لم يملك النقود

س: عندي دكان لبيع أدوات سيارات، ولكن لم أملك نقوداً لكي أزكي في الوقت الحاضر، ذلكم أني لم أبع شيئاً، وإنما البضاعة مطروحة، فهل أزكي عندما تكون لدي الفلوس ولو بعد رمضان، أو كيف أتصرف؟( )

ج: متى أيسرت فأخرج الزكاة بعد تمام الحول، وإذا تم الحول وليس عندك نقود فأخرجها متى قدرت. والله ولي التوفيق.

حكم تارك الزكاة

جحوداً أو بخلاً أو تهاوناً

س: ما حكم تارك الزكاة؟ وهل هناك فرق بين من تركها جحوداً أو بخلاً أو تهاوناً؟( )

ج: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه، وبعد:

ففي حكم تارك الزكاة تفصيل، فإن كان تركها جحداً لوجوبها مع توافر شروط وجوبها عليه كفر بذلك إجماعاً ولو زكى ما دام جاحداً لوجوبها، أما إن تركها بخلاً أو تكاسلاً فإنه يعتبر بذلك فاسقاً قد ارتكب كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب وهو تحت مشيئة الله إن مات على ذلك؛ لقول الله سبحانه: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ﴾( ).

وقد دل القرآن الكريم والسنة المطهرة المتواترة على أن تارك الزكاة يعذب يوم القيامة بأمواله التي ترك زكاتها، ثم يُرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. وهذا الوعيد في حق من ليس جاحداً لوجوبها. قال الله سبحانه في سورة التوبة: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ﴾( ). ودلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما دل عليه القرآن الكريم في حق من

لم يزك الذهب والفضة، كما دلت على تعذيب من لم يزك ما عنده من بهيمة الأنعام  الإبل والبقر والغنم وأنه يعذب بها نفسها يوم القيامة.

وحكم من ترك زكاة العملة الورقية وعروض التجارة حكم من ترك زكاة الذهب والفضة؛ لأنها حلَّت محلها وقامت مقامها.

أما الجاحدون لوجوب الزكاة فإن حكمهم حكم الكفرة ويحشرون معهم إلى النار وعذابهم مستمر أبد الآباد كسائر الكفرة؛ لقول الله عز وجل في حقهم وأمثالهم في سورة البقرة:﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾( )، وقال في سورة المائدة: ﴿ يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾( ).

والأدلة في ذلك كثيرة من الكتاب والسنة.

نصح وتذكير لمن لم

يخرج الزكاة على الوجه المشروع( )

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الباعث لكتابة هذه الكلمة هو النصح والتذكير بفريضة الزكاة، التي تساهل بها الكثير من المسلمين فلم يخرجوها على الوجه المشروع مع عظم شأنها، وكونها أحد أركان الإسلام الخمسة، التي لا يستقيم بناؤه إلا عليها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت))( ).

وفرض الزكاة على المسلمين من أظهر محاسن الإسلام ورعايته لشئون معتنقيه؛ لكثرة فوائدها، ومسيس حاجة فقراء المسلمين إليها، فمن فوائدها تثبيت أواصر المودة بين الغني والفقير؛ لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها.

ومنها تطهير النفس وتزكيتها، والبعد بها عن خلق الشح والبخل، كما أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى في قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾( ). ومنها تعويد المسلم صفة الجود والكرم والعطف على ذي الحاجة. ومنها استجلاب البركة والزيادة والخلف من الله، كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾( ). وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:  يقول الله عز وجل: ((يا ابن آدم أنفق أُنفق عليك))( ). إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة.

وقد جاء الوعيد الشديد في حق من بخل بها أو قصر في إخراجها، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ

هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ﴾( )، فكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز، يعذب به صاحبه يوم القيامة، كما دل على ذلك الحديث الصحيح، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار))( ).

ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الإبل والبقر والغنم الذي لا يؤدي زكاتها، واخبر أنه يعذب بها يوم القيامة.

وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: ((من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مُثِّل له ماله شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه – يعني شدقيه – ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك)) ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: ﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾( )( ). والزكاة

تجب في أربعة أصناف: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، والسائمة من بهيمة النعام، والذهب والفضة، وعروض التجارة.

ولكل من هذه الأصناف الأربعة نصاب محدود لا تجب الزكاة فيما دونه، فنصاب الحبوب والثمار خمسة أوسق، والوسق: ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون مقدار النصاب بصاع النبي صلى الله عليه وسلم من التمر والزبيب والحنطة والأرز والشعير ونحوها ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أربع حفنات بيدي الرجل المعتدل الخلقة إذا كانت يداه مملوءتين.

والواجب في ذلك العشر إذا كانت النخيل والزروع تسقى بلا كلفة كالأمطار والأنهار والعيون الجارية ونحو ذلك، أما إذا كانت تسقى بمؤونة وكلفة، كالسواني والمكائن الرافعة للماء ونحو ذلك، فإن الواجب فيها نصف العشر، كما صح الحديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما نصاب السائمة من الإبل والبقر والغنم، ففيه تفصيل مبين في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي استطاعة الراغب في معرفته سؤال أهل العلم عن ذلك، ولولا قصد الإيجاز لذكرناه لتمام الفائدة.

وأما نصاب الفضة فمائة وأربعون مثقالاً، ومقداره بالدراهم العربية السعودية ستة وخمسون ريالاً، ونصاب الذهب

عشرون مثقالاً، ومقداره من الجنيهات السعودية أحد عشر جنيهاُ وثلاثة أسباع الجنيه، وبالغرام اثنان وتسعون غراماً، والواجب فيهما ربع العشر على من ملك نصاباً منهما أو من أحدهما وحال عليه الحول، والربح تابع للأصل فلا يحتاج إلى حول جديد، كما أن نتاج السائمة تابع لأصله فلا يحتاج إلى حول جديد إذا كان اصله نصاباً.

وفي حكم الذهب والفضة الأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس اليوم، سواء سميت درهماً أو ديناراً أو دولاراً أو غير ذلك من الأسماء، إذا بلغت قيمتها نصاب الفضة أو الذهب، وحال عليها الحول، وجبت فيها الزكاة.

ويلتحق بالنقود حلي النساء من الذهب أو الفضة خاصة، إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، فإن فيها الزكاة وإن كانت معدة للاستعمال أو العارية في أصح قولي العلماء؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:  ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار...))( ) إلى آخر الحديث المتقدم.

ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى بيد امرأة سوارين من ذهب فقال: ((أتعطين زكاة هذا؟)) قالت: لا. قال: ((أيسرك

أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)) فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله( ). أخرجه أبو داود والنسائي بسند حسن.

وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب، فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز))( ). مع أحاديث أخرى في هذا المعنى.

أما العروض وهي السلع المعدة للبيع، فإنها تقوَّم في آخر العام ويخرج ربع عشر قيمتها، سواء كانت قيمتها مثل ثمنها أو أكثر أو أقل؛ لحديث سمرة قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع))( ) رواه أبو داود.

ويدخل في ذلك الأراضي المعدة للبيع والعمارات والسيارات والمكائن الرافعة للماء وغير ذلك من أصناف السلع المعدة للبيع، أما العمارات المعدة للإيجار لا للبيع، فالزكاة في أجورها، إذا حال عليها الحول، أما ذاتها فليس فيها زكاة؛ لكونها لم تعد للبيع، وهكذا السيارات الخصوصية والأجرة ليس فيها زكاة إذا كانت لم تعد للبيع، وإنما اشتراها صاحبها للاستعمال. وإذا اجتمع لصاحب سيارة

الأجرة أو غيره نقود تبلغ النصاب، فعليه زكاتها إذا حال عليها الحول، سواء كان أعدها للنفقة أو للتزوج أو لشراء عقار أو لقضاء دين أو غير ذلك من المقاصد؛ لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الزكاة في مثل هذا. والصحيح من أقوال العلماء أن الدين لا يمنع الزكاة؛ لما تقدم.

وهكذا أموال اليتامى والمجانين تجب فيها الزكاة عند جمهور العلماء إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، ويجب على أوليائهم إخراجها بالنية عنهم عند تمام الحول؛ لعموم الأدلة، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ لما بعثه على أهل اليمن: ((إن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم))( ).

والزكاة حق الله لا تجوز المحاباة بها لمن لا يستحقها، ولا أن يجلب الإنسان بها لنفسه نفعاً أو يدفع ضراً، ولا أن يقي بها ماله أو يدفع بها عنه مذمة، بل يجب على المسلم صرف زكاته لمستحقيها؛ لكونهم من أهلها لا لغرض آخر، مع طيب النفس بها والإخلاص لله في ذلك، حتى تبرأ ذمته ويستحق جزيل المثوبة والخلف.

 وقد أوضح الله سبحانه في كتابه الكريم أهل الزكاة، قال

تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾( ).

وفي ختم هذه الآية الكريمة بهذين الاسمين العظيمين تنبيه من الله سبحانه لعباده، على انه سبحانه هو العليم بأحوال عباده ومن يستحق منهم الصدقة ومن لا يستحق، وهو الحكيم في شرعه وقدره فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها اللائقة بها وإن خفي على بعض الناس بعض أسرار حكمته؛ ليطمئن العباد لشرعه ويسلموا لحكمه.

والله المسئول أن يوفقنا والمسلمين للفقه في دينه والصدق في معاملته، والمسابقة على ما يرضيه، والعافية من موجبات غضبه إنه سميع قريب، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

س: ما نصيحتكم لرجل لا يؤدي الزكاة، لعل قلبه يلين فيرجع إلى الحق؟ ( )

ج: نصيحتي لمن بخل بها أن يتقي الله وأن يتذكر أن الذي أعطاه إياها قد ابتلاه بها، الذي أعطاه المال قد ابتلاه به، فإن شكر النعمة وأدى حقها أفلح وإن بخل بالزكاة ولم يؤد حق هذه النعمة خسر وخاب وذاق عذاب وجزاء ذلك في قبره ويوم القيامة نسأل الله العافية.

فالمال زائل وأمره خطير وعواقبه وخيمة لمن بخل ولم يؤد زكاته، وسوف يدعه لمن بعده ويكون عليه حسابه ووزره، فالواجب على كل مسلم عنده مال أن يتقي الله ويتذكر الموقف بين يدي الله، وانه سبحانه يجازي كل عامل بعمله وأن هذا المال بلية، كما قال عز وجل: "﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾( )، وقال سبحانه: ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾( )، فالمال ابتلاء وامتحان، فإن شكرت الله وأديت حقه وصرفته في وجوهه أفلحت كل الفلاح، وصار نعمة في حقك، ونعم الصاحب للمؤمن هذا المال، يصل به رحمه، ويؤدي به الحقوق التي عليه، ويساهم في

المشاريع الخيرية، وينفع المستضعفين ويواسيهم، فهو نعمة بحقه عظيمة، وإذا بخل به فهو بليَّة عليه عظيمة، وعاقبته وخيمة فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين العافية من كل سوء.

من ترك إخراج الزكاة لزمه

إخراجها عما مضى من السنين

س: أنا إنسان لم أخرج الزكاة منذ أن ملكت النصاب قبل حوالي ثلاث سنوات، وقدرت أن ما أملكه بيدي أو في ذمة غيري لي هو مبلغ معين، فهل أدفع زكاة الثلاث سنوات التي مضت إذا حل الحول الثالث في هذا العام، علماً بأنني قادر ومستطيع على ذلك، أم ما هو العمل؟( )

ج: أخرج الزكاة عن الحولين الماضيين واستغفر ربك وتب إليه عما أخَّرت، وإذا تم الحول الثالث فأخرج زكاته، ولا تؤخر الزكاة بل عجل زكاة الحولين مع التوبة والاستغفار، فإذا تم الحول الثالث فأخرج زكاته.

الجهل بفرضية الزكاة لا يسقطها

س: الأخ و. م. ب. من الرياض، يقول في سؤاله: عندي مبلغ من المال منذ حوالي خمس سنوات، وهذا المبلغ يزيد وينقص، وفي هذا العام جرى حديث مع أحد الإخوة عن زكاة المال، وذكر أن أي مبلغ يملكه الإنسان وحال عليه الحول ولو كان يدخره لزواج أو شراء مسكن، عليه زكاة. سماحة الشيخ: هل عليَّ زكاة عن السنوات الماضية وأنا لا أعلم أن عليَّ زكاة، أم أزكي هذه السنة فقط التي علمت فيها أن عليَّ زكاة؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.( )

ج: عليك الزكاة عن جميع الأعوام السابقة، وجهلك لا يسقطها عنك؛ لأن فرض الزكاة أمرمعلوم من الدين بالضرورة، والحكم لا يخفى على المسلمين، والزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، والواجب عليك المبادرة بإخراج الزكاة عن جميع الأعوام السابقة، مع التوبة إلى الله سبحانه من التأخير، عفا الله عنا وعنك وعن كل مسلم. والله الموفق.

حكم زكاة أموال اليتامى

س: توفي رجل وخلف أموالاً وأيتاماً، فهل في هذه الأموال زكاة؟ وإن كان كذلك فمن يخرجها؟( )

ج: تجب الزكاة في أموال اليتامى من النقود والعروض المعدة للتجارة وفي بهيمة الأنعام السائمة وفي الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة؛ وعلى ولي الأيتام أن يخرجها في وقتها، فإن لم يكن لهم من جهة والدهم المتوفى وجب رفع الأمر إلى المحكمة؛ حتى تعين لهم ولياً يتولى شئونهم وشئون أموالهم وعليه في ذلك تقوى الله والعمل بما فيه صلاحهم وصلاح أموالهم؛ لقول الله سبحانه: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ﴾( )، وقوله سبحانه: ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾( )، والآيات في هذا المعنى كثيرة. ويعتبر الحول في أموالهم من حين مات والدهم؛ لأنها بموته دخلت في ملكهم. والله ولي التوفيق.

إخراج الزكاة من مال الطفلة

س: إني أقوم بتربية طفلة تبلغ من العمر (5) سنوات، وإن زوجي يقوم بإعطائها بعضاً من المال الذي أقوم بدوري أنا بوضعه بمصرف فيصل الإسلامي، فهل تجب الزكاة على مالها أم لا؟ ( )

ج: عليك أن تؤدي زكاة مالها؛ لأنك القائمة عليها.

 حكم إخراج الزوج زكاة زوجته من ماله

س: هل يجوز أن يخرج زوجي عني زكاة مالي، علماً أنه هو الذي أعطاني المال؟ وهل يجوز إعطاء الزكاة لابن أختي المتوفى عنها زوجها وهو شاب في مقتبل العمر ويفكر في الزواج؟ أفيدوني( ).

ج: الزكاة واجبة عليكِ في مالكِ إذا كان عندكِ نصاب أو أكثر من الذهب أو الفضة أو غيرهما من أموال الزكاة، وإذا أخرجها عنكِ زوجكِ بإذنكِ فلا بأس، وهكذا لو أخرجها عنك

أبوكِ أو أخوكِ أو غيرهما بإذنكِ فلا بأس، ويجوز دفع الزكاة لابن أختك مساعدة له في الزواج إذا كان عاجزاً عن مئونته. وفق الله الجميع لما يرضاه.

س: هل يدفع الزوج زكاة حلي زوجته؟( )

ج: لا يلزمه الزكاة عنها، لكن إذا ساعدها بذلك ورضيت فلا بأس، وإلا فالزكاة عليها لحليها؛ لأن الأحاديث الواردة في ذلك تدل على أن الزكاة عليها لا على زوجها.

 حكم نقل الزكاة من بلد إلى بلد

سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرجو إفادتنا بفتوى عن مدى مشروعية صرف الزكاة خارج المملكة على مصارفها الشرعية المعلومة مثلما هو متبع داخل المملكة. مقدرين لسماحتكم ذلك، والله يحفظكم ( ).

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

يجوز نقل الزكاة من محل المزكي (بلده) إلى بلد أخرى إذا كان ذلك لمصلحة شرعية في أصح قولي العلماء كأن ينقلها للمجاهدين في سبيل الله، أو لفقراء أشد حاجة من فقراء بلده، أو لكونهم من قرابته؛ لأن في ذلك جمعاً بين صلة الرحم والصدقة. وفق الله الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

س: هل يجوز إخراج الزكاة في بلد غير البلد التي أسكن فيها؟( )

ج: الأولى والأحوط توزيع الزكاة في البلد الذي يسكن فيه صاحب المال، وإن كان في بلد وماله في بلد آخر فالأفضل إخراج الزكاة في محل المال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ رضي الله عنه، لما بعثه إلى اليمن: ((ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك، فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))( ) متفق على صحته.

ولكن إذا دعت المصلحة الشرعية على نقل الزكاة من بلد إلى بلد، إما لأن في البلد الأخرى أقارب فقراء، أو طلبة علم فقراء، أو أناس قد اشتدت حاجتهم، فلا بأس بذلك في أصح قولي العلماء؛ لأحاديث وآثار وردت في ذلك.

س: هل يجوز نقل الزكاة من بلد إلى آخر؟( )

ج: الأفضل تفريق الزكاة في محل المال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ رضي الله عنه: ((فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم))( ) متفق على صحته.

ويجوز النقل لمصلحة شرعية في أصح قولي العلماء لأدلة كثيرة وردت في ذلك، وذلك مثل نقلها لأقارب اشتدت حاجتهم، أو طلبة علم تعينهم على طلبهم، أو غزاة في سبيل الله، أو نحو ذلك.

حكم شراء مواد غذائية وعينية من الزكاة وصرفها في مصارفها

سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحب أن نستوضح من سماحتكم عن موضوع صرف مبالغ من الزكاة لشراء مواد غذائية منوعة وعينية، كالبطانيات والملابس، وصرفها لبعض الجهات الإسلامية الفقيرة، مثل السودان وأفريقيا والمجاهدين الأفغان، خاصة في الحالات التي لا تتوفر المواد الغذائية بأسعار معقولة في تلك البلدان، أو تكاد تكون معدومة فيها كلية، وإن توفرت فهي بأسعار مضاعفة عن الأسعار التي تصلهم بها لو أرسلت عيناً.

نرجو إفادتنا جزاكم الله خيراً بما ترونه حيال ذلك. والله يحفظكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته( ).

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

لا مانع من ذلك بعد التأكد من صرفها في المسلمين. أثابكم الله وتقبل منكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

لا بأس في قبول الزكاة وصرفها

لمعوقي الفقراء ممن ليس لهم من ينفق عليهم

س: سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، وإدارة البحوث العلمية والإفتاء.

ما رأيكم في قيام المركز المشترك لبحوث الأطراف الاصطناعية والأجهزة التعويضية وبرامج تأهيل المعوقين بصرف بعض ما يرد للمركز من صدقة وزكاة الموسرين – الذين يرغبون صرفها عن طريق المركز في شراء أجهزة للمعوقين الفقراء؟( )

ج: إذا كان المعوقون فقراء ليس لهم من ينفق عليهم، فلا بأس في قبول الزكاة لهم وصرفها في حاجاتهم بواسطة وكيلهم.

حكم أخذ العروض في الزكاة( )

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة صاحب السمو الملكي الأمير المكرم / سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض ورئيس جمعية البر بالرياضوفقه الله لكل خير آمين

سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإشارة إلى كتاب سموكم رقم 1398 وتاريخ 15/8/1407هـ المتضمن طلبكم الإفادة عن رأيي حول أخذ العروض في الزكاة.

أفيد سموكم بأنه قد اختلف العلماء رحمهم الله في جواز أخذ العروض في الزكاة والأرجح جواز ذلك بحسب السعر حين الإخراج سواء كان ذلك طعاماً أو ملابس أو غير ذلك؛ لما في ذلك من الرفق بأصحاب الأموال والإحسان إلى الفقراء، ولأن الزكاة مواساة فلا يليق تكليف أصحاب الأموال بما يشق عليهم، وإنما الذي عليهم أن يواسوا إخوانهم الفقراء

مما لديهم. وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه وأن يبارك في جهود سموكم وسائر المسئولين عن الجمعية إنه خير مسئول. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

إخراج زكاة العروض منها

يجزئ وبالنقود أحسن وأحوط

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم /

 ر. م. غ.                           وفقه الله( ).

سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فقد وصل إلي كتابكم الكريم المؤرخ في 5/6/1389هـ وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من السؤال عن زكاة العروض، وهل يجزئ إخراجها منها أم يلزم إخراجها من النقود كان معلوماً؟

والجواب: العروض الواجب تقويمها عند الحول بسعر الوقت فإذا بلغت النصاب وهو  مائة وأربعون مثقالاً من الفضة، أو عشرون مثقالاً من الذهب، أخرج زكاتها من النقود، هذا هو الأحوط والأحسن خروجاً من خلاف العلماء، وإن أخرج زكاتها منها حسب القيمة الحاضرة أجزأ ذلك، في أصح قولي العلماء. والعروض هي السلع المعدة للبيع سواء كانت

أراضي أو سيارات أو أقمشة أو غير ذلك من صنوف الأموال؛ لما ورد في الحديث عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع))( ).

وفق الله الجميع للفقه في الدين وإبراء الذمة من حق الله وحق عباده، إنه خير مسئول، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 نائب رئيس الجامعة الإسلامية 

حكم إخراج الزكاة

عروضاً عن العروض وعن النقود

س: هل يجوز إخراج الزكاة من الأقمشة؟( )

ج: يجوز ذلك في أصح قولي العلماء؛ الطيب عن الطيب، والرديء عن مثله حسب القيمة، مع الحرص على ما يبرئ الذمة؛ لأن الزكاة مواساة من الغني للفقراء، فجاز له أن يواسيهم من القماش بقماش، كما يواسيهم من الحبوب والتمور والبهائم الزكوية من نفسها.

ويجوز أيضاً أن يخرج عن النقود عروضاً من الأقمشة والأطعمة وغيرها، إذا رأى المصلحة لأهل الزكاة في ذلك مع اعتبار القيمة، مثل أن يكون الفقير مجنوناً أو ضعيف العقل أو سفيهاً أو قاصراً، فيخشى أن يتلاعب بالنقود، وتكون المصلحة له في إعطائه طعاماً أو لباساً ينتفع به من زكاة النقود بقدر القيمة الواجبة، وهذا كله في أصح أقوال أهل العلم.

 دفع الزكاة للجمعيات الخيرية

س: هل يجوز دفع الزكاة للجمعيات الخيرية؟ ( )

ج: إذا كان القائمون عليها ثقات مأمونين يقدمون الزكاة في مصرفها الشرعي، فلا بأس بدفع الزكاة إليهم؛ لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى.

يجب على الوكيل

في توزيع الزكاة تنفيذ ما قاله موكله

س: أولاً أود أن أشكر أصحاب الفضيلة المشايخ على مجهوداتهم الكبيرة في الإجابة على أسئلة المسلمين بالصراحة والوضوح التام جزاهم الله خيراً. وأرجو الإجابة على السؤال التالي:

أحد الإخوان أعطاني زكاة ماله وطلب مني أن أرسلها إلى أشخاص في السودان بشرط أن يكونوا ملتزمين بالكتاب والسنة قولاً وعملاً وأن لا تربطني بهم صلة رحم

وأن يكونوا محتاجين ومستحقين للزكاة، ولدي أقرباء ومعارف لكن لا تتوفر فيهم هذه الشروط بالدقة التامة، والمبلغ مازال بحوزتي، أفيدوني ماذا أفعل به؟ هل أرجعه له أو أوزعه على من أراه مستحقاً له دون تطبيق شروطه؟ نرجو نشر السؤال والجواب ولكم مني جزيل الشكر وجزاكم الله خيراً.( )

ج: يجب عليك أن تنفذ ما قاله موكلك في أوصاف من وكلك في دفع الزكاة إليهم، فإن لم تجد من تتوافر فيه الصفات فرد المال إلى صاحبه حتى يتولى صرفه فيمن يستحقه، وليس لك أن تتصرف فيه على غير الوجه الذي أوصاك به صاحب المال؛ لأن الوكيل مقيد بما قيده به الموكل فيما يوافق الشرع المطهر.

سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا شخص مطالب بمبلغ من المال نهاية شهر عشرة، ولا أستطيع الوفاء به في موعده كاملاً، ويوجد لدي مبلغ من المال، أنا وكيل عليه وكالة شرعية، ووالدي له جزء من هذا المبلغ.

سؤالي: هل يجوز لي اقتطاع جزء من زكاة هذا المال لأسدد به ديني؟ أفتونا وجزاكم الله عنا خير الجزاء( ).

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فليس لك ذلك، وإنما يكون إخراج الزكاة من مالك المال، إلا إذا وكلك أبوك وشريكه في إخراج الزكاة وصرفها في غرمائك فلا بأس إذا كنت عاجزاً عن تسديد حق الغرماء. أوفى الله عنك وعن كل مسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

س: كنت فقيراً وعملت عند بعض الأغنياء، ونظراً لأمانتي لديه وضع ثقته في وأعطاني مبلغاً كبيراً من زكاة ماله لكي أوزعه على فقراء المنطقة التي نعيش فيها، ووجدت نفسي محتاجاً لهذا المبلغ وأخذته لنفسي، فهل علي ذنب في هذا؟ علماً بأنني فقير وأحتاج لهذا المبلغ، وهذا الغني يعطي الكثير من أمواله لفقراء هذه المنطقة، راجياً الإجابة؟( )

ج: عملك هذا لا يجوز بل هو من الخيانة والواجب عليك التوبة إلى الله سبحانه مع غرامة المال وتسليمه للفقراء المستحقين للزكاة من المسلمين وبالنية عن الرجل الذي وكلك، وإذا وقع مثل هذا فينبغي لك أن تخبره وتقول له أنا فقير ساعدني من زكاتك.

 حكم إعطاء الوكيل أجرة على توزيع الزكاة

سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية حفظه الله ووفقه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأرجو إفتائي على سؤالي هذا وهو: إن لدي مقداراً من المال زكاة واجبة عليَّ وأريد أن أرسل مبلغاً لإحدى البلدان لفقرائها، وأعرف رجلاً غنياً في تلك البلد وأريد أن أبعث المال بواسطته ليلتمس له المحتاجين، ولكنه لن يعمل ذلك إلا بمبلغ، فهل يجوز أن أعطيه من مال الزكاة على عمله؟ وإذا حولتها له وأخذ البنك مبلغاً، فهل أقتطع هذا المبلغ من الزكاة، أم لابد أن أدفع ذلك من حر مالي؟ أفيدوني أثابكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته( ).

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

الأفضل لك أن توزع زكاتك في فقراء بلدك، وإذا نقلتها إلى بلد آخر فيها فقراء أشد حاجة، أو لكونهم من أقاربك

وهم فقراء فلا بأس، وإذا وكلت وكيلاً في توزيع الزكاة فلا مانع أن تعطيه أجرة من غير الزكاة؛ لأن الواجب عليك توزيعها بين الفقراء بنفسك أو بوكيلك الثقة، وعليك أجرته من مالك لا من الزكاة.

أما البنك فلا نرى لك أن تحولها بواسطته، خشية أن يستعملها في الربا، ولكن يجب أن يكون التحويل بواسطة ثقة أمين يطمئن قلبك إلى أنه يوصلها إلى مستحقيها بأسرع وقت. والله ولي التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مفتي عام المملكة العربية السعودية

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

  حكم الدعاء عند تفريق الصدقة

س: ماذا عن الأشخاص الذين يجتمعون عند الصدقة التي يراد تفريقها عليهم ويضعون أيديهم عليها ويدعو أحدهم للمتصدق ويؤمن الباقون بأصوات مرتفعة؟( )

ج: لا تنبغي هذه الكيفية؛ لأنها بدعة، أما الدعاء للمتصدق من غير وضع الأيدي على المال المتصدق به، ومن دون اجتماع على رفع الأصوات على الكيفية المذكورة فهو مشروع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه)) رواه أبو داود، والنسائي( ) بإسناد صحيح، والله الموفق.

حكم اعتبار ما يدفع

لمصلح الزكاة والدخل من الزكاة

س: أنا صاحب مؤسسة أقوم بدفع مبلغ وقدره اثنان 2.5 % من رأس مالي إلى مصلحة الزكاة والدخل، بحجة أن هذا

المبلغ يعتبر زكاة التجارة، وإذا توقفت عنه فسوف تتوقف لي مصالح كثيرة، مثل الاستقدام وطلب أي تعديل في مستنداتي، ولهذا فأنا ملتزم بدفع المبلغ، لكني قرأت في بعض الكتب أن هذا المبلغ ليس زكاة، وغنما يلزمني إخراج زكاة خلاف ما أسدده لمصلحة الزكاة والدخل، أرجو الإفادة؟ لأن هذا حال جميع الشركات والمؤسسات بالمملكة. وفقكم الله لما فيه الخير( ).

ج: ما دامت طُلبت منك باسم الزكاة وأخرجتها بنية الزكاة فهي زكاة؛ لأن ولي الأمر له طلب الزكاة من الأغنياء ليصرفها في مصارفها، ولا يلزمك إخراج زكاة أخرى عن المال الذي دفعت زكاته للدولة، أما إن كان عندك أموال أخرى أو أرباح لم تخرج زكاتها للدولة ن فعليك أن تخرجها لمن يستحقها من الفقراء، وغيرهم من أهل الزكاة. والله ولي التوفيق.

ذكر الأصناف الثمانية في

الآية لبيان المصرف لا للترتيب

س: هل نص الآية في صرف الزكاة على الترتيب أم التخيير؟( )

ج: ليس ذكر الأصناف في الآية للترتيب، وإنما ذلك لبيان المصرف، فلو بدأ بالمجاهدين أو بالغارمين فلا بأس، وإنما الأفضل مراعاة الأصلح في الشرع، فيقدم المزكي من تقتضي الأدلة الشرعية تقديمه حسب اجتهاده. والله ولي التوفيق.

الفرق بين المسكين والفقير

س: من هو المسكين الذي تصرف له الزكاة؟ وما الفرق بينه وبين الفقير؟( )

ج: المسكين هو الفقير الذي لا يجد كمال الكفاية، والفقير أشد حاجة منه، وكلاهما من أصناف أهل الزكاة المذكورين في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾( ) الآية. ومن كان له دخل يكفيه للطعام والشراب والكساء وللسكن من وقف أو كسب أو وظيفة أو نحو ذلك فإنه لا يسمى فقيراً ولا مسكيناً، ولا يجوز أن تصرف له الزكاة.

حكم أخذ الزكاة لمن له دخل

س: أنا موظف وأستلم راتباً شهرياً يصل إلى ثلاثة آلاف ريال تقريباً، وفي إحدى المناسبات سمعت أن أحد التجار يوزع صدقة، فذهبت إليه وأعطاني مبلغاً من المال، فهل يحل لي هذا المال؟( )

ج: إذا كان الراتب لا يكفيك لقضاء حاجاتك وحاجات

أهلك المعتادة التي ليس فيها إسراف ولا تبذير حلت لك الزكاة وإلا فلا. رزقنا الله وإياك الفقه في الدين وأغناك من فضله.

س: العمال الذين يفدون إلى هنا يكون مرتبهم في الغالب ضعيفاً ومعيشتهم سداً للرمق وخلفهم ذرية ضعاف، فهل تحل الزكاة عليهم؟( )

ج: إذا عرفوا بالعجز والحاجة وأن مرتباتهم لا تسد حاجتهم وكانوا مسلمين، فمتى عرفوا بذلك فلا بأس أن يعطوا شيئاً من الزكاة لسد الحاجة.

الفقير يعطى كفايته لسنة كاملة

وإذا أعطي من ليس بفقير جهلاً فلا يلزم القضاء

س: يختلف تقدير الفقير الذي يُعطى من الزكاة من وقت لآخر فما هو الضابط لذلك؟ وإذا تبين للمعطي أنه وضعها في غير مستحقها، فهل يخرجها مرة أخرى؟( )

ج: يُعطى الفقير من الزكاة قدر كفايته لسنة كاملة، وإذا تبين لدافع الزكاة أن المعطى ليس فقيراً لم يلزمه القضاء إذا كان المعطى ظاهره الفقر؛ للحديث الصحيح الوارد في ذلك، وهو أن رجلاً ممن كان قبلنا أعطى إنساناً صدقة يظنه فقيراً، فرأى في النوم أنه غني، فقال: ((اللهم لك الحمد، على غني))( ) فأقر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وأخبر أن صدقته قد قبلت.

وقد تقرر في الأصول: أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يأت شرعنا بخلافه، ولأنه صلى الله عليه وسلم تقدم إليه شخصان يطلبان الصدقة فرآهما جلدين، فقال: ((إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب))( )، ولأن التأكد من حاجة الفقير من كل الوجوه فيه صعوبة ومشقة، فاكتفي في ذلك بظاهر الحال، ودعوى المعطى أنه فقير إذا لم

 يتبين لدافع الزكاة خلاف ذلك، مع بيان الحكم الشرعي له إذا كان ظاهره القوة على الكسب للحديث المذكور.

حكم دفع الزكاة للفقير

الذي له من ينفق عليه كفايته

س: ابنة عمي امرأة كبيرة في السن وليس لها عائل سواي وإخوتي، وقد تقرر لها من الورث بعض المال، ولكنه حتى الآن لم يتم فيه شيء، فهل تستحق الزكاة أو الصدقة، علماً بأنها لا تملك منزلاً خاصاً بها، فهي مقيمة عندي وأنا القائم بالإنفاق عليها؟ جزاكم الله خيراً( ).

ج: إذا كان الواقع ما ذكر فإن المذكورة لا تستحق الزكاة؛ لأنها غنية بإنفاقك عليها، وهكذا كل فقير له قريب يقوم عليه بالنفقة لا يستحق الزكاة مادام قريبه ينفق عليه كفايته.

تجوز الزكاة للزوجة الفقيرة

تحت الغني الذي لا ينفق عليها

س: لي أخت متزوجة وحالها مستورة، فهل يجوز لي

دفع جزء من زكاة مالي إليها؟ لرفع مستوى معيشتها وإعانتها على تربية أولادها، خاصة أن زوجها لا يهتم إلا بنفسه، وقد تعبنا في إصلاح حاله( ).

ج: إن كانت فقيرة، وزوجها لا ينفق عليها، وعجزتم عن إصلاح حاله، ولم يتيسر من يلزمه بذلك، فإنه يجوز إعطاؤها من الزكاة قدر حاجتها.

الديون التي لم يحصل عليها صاحبها

لا تمنع من دفع الزكاة إليه إذا كان فقيراً

شيخنا الفاضل / عبد العزيز بن عبد الله بن بازحفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

يوجد موظفون في الكويت غير كويتيين، قد أُنهيت عقودهم وخدماتهم، فبقيت لهم حقوق مالية عند الدولة، ولا يستطيعون استلامها إلا عند مغادرة البلاد، وهم لا يستطيعون مغادرة البلاد لعدم وجود جوازات سفر، ولعدم رغبتهم بالذهاب إلى العراق؛ لما يخشونه على أنفسهم ودينهم وأعراضهم، وهم الآن في أحوج ما يكونون إلى المساعدة المالية؛ لأنهم فقراء جداً، فهل يستحقون الأموال الزكوية والصدقات، علماً بأن حقوقهم صعبة المنال؟ وما الواجب على لجان الزكاة في الكويت تجاههم؟ وجزاكم الله خيراً( ).

وعليكم السلام، بعده: إذا كان الواقع عن المذكورين هو ما ذكرتم فإنه لا مانع من مساعدتهم من الزكاة؛ لفقرهم

وحاجتهم، والديون التي لهم عند الدولة لا تمنعهم من الزكاة؛ لعدم حصولهم عليها. وفق الله الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مفتي عام المملكة العربية السعودية

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 حكم دفع الزكاة إلى الفقير المسلم إذا كان لديه بعض المعاصي

سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن بازحفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

س: يوجد هنا داخل الرياض بعض الأقرباء الفقراء والمستحقين للزكاة، ولكن توجد عندهم بعض المنكرات (كالدش) وعدم المحافظة على الصلاة مع الجماعة، فهل يجوز دفع الزكاة لهم؟ أفتونا مأجورين( ).

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

يجوز دفع الزكاة إلى الفقير المسلم وإن كان لديه بعض المعاصي، ولكن التماس الفقراء المعروفين بالخير والاستقامة أولى وأفضل، ومن كان لا يصلي لا يعطى من الزكاة؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بين الرجل وبين الشرك

والكفر ترك الصلاة))( ) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي اله عنه، وأخرج أهل السنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر))( ) أما من جحد وجوبها فهو كافر بالإجماع وإن صلى؛ لأنه بفعله ذلك مكذب لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم. والله ولي التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المفتي العام للملكة العربية السعودية

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

حكم دفع الزكاة للعاجز عن الزواج

س: شاب مستقيم يريد أن يتزوج، ولاشك أنه يحتاج إلى المساعدة لاستكمال أمر الزواج، فهل يجوز لي أن أعطيه من الزكاة لمساعدته على أمر زواجه؟ ( )

ج: يجوز دفع الزكاة لهذا الشاب، مساعدة له في الزواج إذا كان عاجزاً عن مؤونته.

 حكم تسديد ديون المعسرين من الزكاة

سماحة الوالد العلامة الشيخ /  عبد العزيز بن عبد الله بن باز سلمه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أتقدم إلى سماحتكم بهذا الخطاب، لأفيد  سماحتكم بأنه ولله الحمد قد تمت الموافقة السامية على افتتاح جمعية خيرية في ثرمداء، فجزى الله خادم الحرمين خير الجزاء، ووفقه وأيده  وحيث إنها وضعت لخدم المحتاجين، ومن المحتاجين يا سماحة الشيخ أولئك المدينون الذين لا يجدون ما يسددون للغرماء، وقد رأى مجلس الإدارة أن تقوم الجمعية بالتسديد للغرماء من الزكاة الواردة إليها دون أن تعطيها للمحتاج نفسه، ونحن نطلب الفتوى من سماحتكم عن ذلك، وهو: هل يجوز أن تسدد الجمعية للغرماء مباشرة عن المعسرين دون أن تعطي المعسرين أنفسهم؟ وجهونا أثابكم الله للحكم الشرعي في هذا، سدد الله خطاكم ووفقكم لكل خير( ).

الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

لا حرج في أن تقوم الجمعية بتسديد الدين عن المعسرين بدون إذنهم في أصح قولي العلماء، وإن أخذت إذنهم أو وكلوا من يقوم مقامهم في قبض الزكاة من الجمعية وتسليمها لأهل الدين فهو حسن، وفيه خروج من الخلاف. والمشروع للجمعية أن تتحرى في ذلك الأشد حاجة من الفقراء الموجودين في البلد والغارمين، حتى ينال كل منهم نصيبه.

سدد الله خطا القائمين على الجمعية، وبارك في جهودهم، وضاعف مثوبتهم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إشارة على خطابكم رقم 2197/1 وتاريخ 15/10/1411هـ عن موضوع الدين المترتب على الأخ الشيخ / ع. ي. ب. شيخ مشايخ إحدى القبائل، بسبب مصروفاته على معهد الصديق بمنطقة الخدرة، وبناء ملحقات للمعهد ومنها المسجد الجامع.

نأمل إفادتنا هل يجوز إعطاء المذكور شيء من الزكاة؛ لسداد الدين المترتب عليه، نتيجة الصرف على المعهد ومشروعاته العمرانية المذكورة بخطابكم؟ والله يحفظكم( ).

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

لا مانع من إعطائه من الزكاة لقضاء دينه؛ لكونه من الغارمين المذكور في قوله تعالى:﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ

وَالْغَارِمِينَ... ﴾( ) الآية. وفق الله الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 حكم إسقاط الدين عمن لم يستطع الوفاء واحتسابه من الزكاة

س: أنا تاجر وأملك عقارات، ولدي بعض الشقق السكنية المعدة للإيجار، ويتقدم بعض المستأجرين الذين لا يستطيعون الإيفاء بحق الإيجار لضعف قدرتهم على تسديد المبلغ، فهل يجوز لي أن أنقص لهم من قيمة الإيجار من حساب الزكاة الذي لديَّ؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً( ).

ج: ليس لك أن تسقط من زكاتك ما يقابل تخفيض السعر لهم؛ لأنك والحال ما ذكر لم تؤد الزكاة، وإنما جعلتها رفداً لمالك. وفق الله الجميع.

س: إذا كان لك دين عند مريض أو فقير معسر فهل لك أن تسقطه عنه من الزكاة؟( )

ج: لا يجوز ذلك؛ لأن الواجب إنظار المعسر حتى يسهل الله له الوفاء، ولأن الزكاة إيتاء وإعطاء، كما قال الله

سبحانه: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ﴾( ) وإسقاط الدين عن المعسر ليس إيتاء ولا إعطاء، وإنما هو إبراء، ولأنه يقصد من ذلك وقاية المال لا مواساة الفقير.

لكن يجوز أن تعطيه من الزكاة من أجل فقره وحاجته، أو من أجل غرمه، وإذا رد عليك ذلك أو بعضه من الدين الذي عليه فلا بأس إذا لم يكن ذلك عن مواطأة بينك وبينه ولا شرط، وإنما هو فعل ذلك من نفسه. وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه.

س: لي أخ مدين لي بمبلغ من المال ولا يستطيع سداده في الوقت الحالي؛ لأن عليه بعض الالتزامات  كتقسيط السيارة وإيجار الشقة، راتبه يكاد لا يكفي لمعيشته. فهل يجوز لي إعفاؤه من بعض الدين زكاة عن مالي؟( )

ج: بسم الله والحمد لله، لا يجوز إسقاط الدين عن أحد من الناس بنية الزكاة، ولكن يجب إنظار المعسر، وإن أعطيته من زكاتك لحاجته فلا بأس، أما الدين فلا يجوز إسقاطه عن الزكاة عن أخيك ولا عن غيره؛ لأن الزكاة بذل للمال لمستحقه، وليست إبراء من الديون. وفق الله الجميع.

س: أقرضت إنساناً مبلغاً من المال، ونظراً لظروفه المادية وإعساره لم يستطع التسديد، فأردت أن احتسب ذلك عند الله ولا أطالبه بالمبلغ، بل أجعل هذا القرض كأنه زكاة أعطيتها إياه، فهل يجوز اعتبار هذا المبلغ زكاة؟ أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً.( )

ج: إذا وجب لك حق على شخص، فلا يجوز أن تسقطه عنه وتنويه من الزكاة  لأن في ذلك وقاية لمالك، فقد اتخذت إسقاط هذا المال الذي لم تحصله زكاة عن مالك، وأبقيت الزكاة التي يجب عليك إخراجها ملكاً لك. وبالله التوفيق.

 حكم دفع الزكاة لمنكوبي المجاعة في الصومال

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة صاحب السمو الملكي الأمير المكرم سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض ورئيس الهيئة العليا لجمع تبرعات البوسنة والهرسك (لجنة منكوبي المجاعة في الصومال) وفقه الله لكل خير( ).

سلام علكم ورحمة اله وبركاته، وبعد:

فجواباً لبرقية سموكم الكريم رقم 1607/ 6 وتاريخ 9/3/1413هـ بشأن رغبة سموكم الإفادة عن إمكانية دفع الزكاة لمنكوبي المجاعة في الصومال.

أفيد سموكم بأنه لا مانع من دفع الزكاة إلى الفقراء منهم لأنهم مسلمون في الجملة، ومن قد يوجد منهم من غير المسلمين فهو من المؤلفة قلوبهم المستحقين للزكاة.

رحم الله حالهم وجمع شملهم على الخير وأصلح قادتهم

وضاعف لخادم الحرمين ولسموكم الأجر والمثوبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

مسلمو البوسنة

والهرسك من أحق الناس بالزكاة

س: يتساءل بعض الناس عن إعطاء الزكاة للمجاهدين المسلمين في البوسنة والهرسك وأمثالهم. فما رأي سماحتكم في ذلك؟ وهل الأولى في هذا الوقت أن تعطى لهم، أو القائمين عل المراكز الإسلامية في أنحاء العالم، أو فقراء البلد نفسه، ولو كانت حاجة أولئك أكثر؟( )

ج: المسلمون في البوسنة والهرسك مستحقون للزكاة؛ لفقرهم، وجهادهم، ولكونهم مظلومين، وبحاجة إلى النصر، وتأليف القلوب، وهم من أحق الناس بالزكاة، وهكذا أمثالهم، وهكذا القائمون على المراكز الإسلامية بالتعليم والدعوة إلى الله إذا كانوا فقراء، وهكذا فقراء المسلمين في العالم يستحقون من إخوانهم الأغنياء أن يواسوهم ويعطفوا عليهم رحمة لهم،

وتأليفاً لقلوبهم، وتثبيتاً لهم على الإسلام على أن يكون الدفع لهم بواسطة الثقات الأمناء، وهم جديرون أيضاً بالعطف والمساعدة من غير الزكاة للأسباب المذكورة، لكن فقراء البلد التي فيها المزكي أولى من غيرهم بالزكاة، وإذا لم يوجد لهم ما يسد حاجتهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ لما بعثه إلى اليمن: ((ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم))( ) متفق على صحته.

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من تبلغه هذه الرسالة من المسلمين حكومات وشعوباً، وفقهم الله لما فيه رضاه ونصر بهم الحق، آمين:

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:( )

فإن إخوانكم من المسلمين في جمهورية البوسنة والهرسك يعذبون من أعداء الله ويقتلون ويعاملون بأنواع العذاب والظلم. فالواجب عليكم جميعاً مساعدتهم بأنواع المساعدات بالمال والجاه والدعاء. عملاً بقول الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة﴾( )، وقوله سبحانه: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى﴾( ).

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)) وشبك بين أصابعه( ).

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))( ) متفق على صحتهما.

ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الأمر بنصر المظلوم في قوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه))( ) متفق على صحته.

  ولما أوجب الله من نصر المسلمين ضد أعداء الله، فإن إخوانكم من المسلمين في جمهورية البوسنة والهرسك في صراع مع أعداء الله من الصرب وأنصارهم، فالواجب على جميع المسلمين أن يساعدوهم بالمستطاع للأدلة المذكورة من الآيات والأحاديث، ولقوله عز وجل: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾( )، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم))( ) وهم من أحق الناس

بالمساعدة من الزكاة وغيرها دعماً لنضالهم وسداً لحاجاتهم وإعانة لهم على الصمود أمام أعداء الله سبحانه وتعالى. ونوصي جميع لجان الإغاثة في المملكة العربية السعودية وغيرها بالعناية بشأنهم وجمع التبرعات لهم.

والله المسؤول أن يوفق المسلمين حكومات وشعوباً لكل خير، وأن ينصر بهم دينه ويخذل بهم أعداءه، وأن يعينهم على نصر إخوانهم المظلومين في كل مكان، وأن يوفق إخواننا المسلمين في جمهورية البوسنة والهرسك وغيرهما لكل ما فيه رضاه، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يجمعهم على الحق، وأن يولي عليهم خيارهم ويصلح قادتهم، وأن يكتب لهم النصر على أعدائه سبحانه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية

والإفتاء والدعوة والإرشاد

نداء إلى الأمة الإسلامية حكومات وشعوباً( )

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يبلغه من المسلمين في كل مكان.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فليس بخاف عليكم ما يعانيه شعب البوسنة والهرسك من ظلم واضطهاد وتقتيل وتشريد وحرب لا هوادة فيها تدمر الأخضر واليابس من قبل طغمة كافرة معتدية ظالمة حاقدة على الإسلام والمسلمين، هم أولئك الصرب الذين لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة.

فالواجب على جميع المسلمين حكومات وشعوباً أن يبادروا إلى مساعدتهم بجميع أنواع المساعدة؛ من النقود والغذاء والدواء، وغير ذلك من أنواع المساعدات، كل على حسب قدرته؛ لقول سبحانه: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى﴾( )، وقوله عز وجل: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾( )، وقوله سبحانه: ﴿ وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ

الْمُحْسِنِينَ﴾( )، وقوله عز وجل: ﴿انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾( )، وقوله عز وجل: "﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾( ).

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه))( )، متفق على صحته، ومعنى لا يسلمه: لا يخذله.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من جهز غازياً فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا))( )، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما:  اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر اللَّهم أعط ممسكاً تلفاً))( ) والأحاديث في هذا

المعنى كثيرة، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله))( ).

والآيات والأحاديث في فضل الجهاد والإنفاق في سبيل الله ومساعدة المظلومين وردع الظالمين كثيرة جداً، فأوصيكم أيها المسلمون جميعاً بالمساعدة العاجلة لإخوانكم بواسطة اللجان الموثوقة والهيئات المأمونة، ومن الهيئات الموثوقة الهيئة العليا لجمع التبرعات لمسلمي البوسنة والهرسك التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير المكرم سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض.

فأوصي الجميع بدعمها بصفة مستمرة حتى ينصر الله المسلمين وأعوانهم في البوسنة والهرسك، ويخذل الظالمين، وتضع الحرب أوزارها، وهم مستحقون للمساعدة من الزكاة أو غيرها. مع العلم بأن التبرعات تودع في بنك الرياض ومصرف الراجحي والبنك الأهلي.

والله المسؤول أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وينصر إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك على أعداء الله من الصرب وغيرهم، وأن يكبت أعداء الإسلام أينما كانوا، كما أسأله سبحانه أن يوفق المجاهدين في سبيله في كل مكان،

وينصرهم على عدوهم، إنه جل وعلا سميع الدعاء قريب الإجابة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.

مفتي عام المملكة العربية السعودية

ورئيس هيئة كبار العلماء

وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

 حكم صرف الزكاة لبناء المساجد

س: ما حكم صرف زكاة المال لبناء مسجد يوشك على الانتهاء، وقد توقف بناؤه؟( )

ج: المعروف عند العلماء كافة، وهو رأي الجمهور والأكثرين، وهو كالإجماع من علماء السلف الصالح الأولين أن الزكاة لا تصرف في عمارة المساجد وشراء الكتب ونحو ذلك، وإنما تصرف في الأصناف الثمانية الذين ورد ذكرهم في الآية في سورة التوبة وهم: الفقراء، والمساكين، والعاملون عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب،  والغارمون، وفي سبيل الله، وابن السبيل.

وفي سبيل الله تختص بالجهاد. هذا هو المعروف عند أهل العلم وليس من ذلك صرفه في تعمير المساجد، ولا في تعمير المدارس، ولا الطرق ولا نحو ذلك. والله ولي التوفيق

سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إشارة لخطاب سماحتكم رقم 433/ خ، بتاريخ 9/2/1414هـ، والذي تشفعون فيه ما رفع لسماحتكم من جواب فضيلة قاضي محكمة قلوة، المتضمن بيان تعمير مسجد الصفوات الواقع بالحجرة، وأن النفقة المطلوبة لتعميره مبلغ مائة وخمسين ألف ريال.

أفيد سماحتكم بأنه بالعرض على أنظار سموه الكريم وجهني حفظه الله بسؤال سماحتكم: (هل يجوز دفع هذا المبلغ من الزكاة أم لا؟) وفي انتظار ما يردني من سماحتكم،ليتسنى لي عرضه على أنظار سموه الكريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته( ).

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

نفيدكم أنه لا يجوز صرف الزكاة في تعمير المساجد في قول جمهور أهل العلم، وهو الذي نفتي به نحن واللجنة

الدائمة، فأرجو إشعار سموه بذلك، أثابكم الله، وضاعف للجميع الأجر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مفتي عام المملكة العربية السعودية

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 س: هل يجوز بناء المسجد وبيت المدرسة من مال الزكاة؟ ( )

ج: لا يجوز ذلك؛ لأن العمل المذكور غير داخل في الأصناف الثمانية التي هي مصارف الزكاة.

س: هل تجوز الزكاة لبناء المساجد حيث يقول الله تعالى: ﴿ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ﴾؟( )

ج: الصحيح أن المراد بقوله سبحانه:﴿ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ﴾( ) عند أهل العلم هم الغزاة والجهاد في سبيل الله، فلا تصرف في المساجد ولا المدارس عند جمهور أهل العلم.

وذهب بعض المتأخرين إلى جواز صرفها في المشاريع الخيرية، ولكنه قول مرجوح؛ لأنه يخالف ما دلت عليه الأدلة، ويخالف ما مضى عليه أهل العلم.

الدورات العلمية ليست مصرفاً للزكاة

س: تقيم بعض المؤسسات الإسلامية الموثوقة دورات شرعية في أوربا في مناطق هم بأمس الحاجة إلى تثقيفهم وتعليمهم العلم الشرعي والعقيدة الصحيحة، وتطلب تلك المؤسسات دعم هذه البرامج الدعوية، فهل يدخل هذا الدعم في قول الله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللّهِ﴾( )؟

ج: لا تدخل الدورات المذكورة وأشباهها في قوله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللّهِ﴾ في أصناف أهل الزكاة؛ لأن المراد بذلك المجاهدون في سبيل الله، لكن من كان من المعلمين أو من المتعلمين فقيراً فيعطى من الزكاة لفقره؛ لقوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ﴾( ) الآية.

طباعة القرآن ليست من مصارف الزكاة

سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله

السلام عليكم ورحمة اله وبركاته:

نبعث إلى سماحتكم صورة من نشرة لرابطة العالم الإسلامي خاصة وصادرة من إدارة شئون القرآن الكريم بالرابطة، وهي تقوم بنشر وطباعة القرآن الكريم وترجمة معانيه إلى لغات متعددة ومختلفة، كما أن المشروع يتضمن حاجات متنوعة مفصلة في النشرات المرفقة، وسؤالنا هو: هل يجوز الصرف من الزكاة لهذه المشاريع؟ نرجو جزاكم الله خيراً إفادتنا، والله يحفظكم( ).

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

ظاهر القرآن يدل على أن الزكاة لا تصرف في هذا المشروع؛ لكونه ليس من المصارف المذكورة في قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ... ﴾( ) الآية

من سورة التوبة.

وقد صدر من مجلس هيئة كبار العلماء قراراً يقتضي عدم صرف الزكاة في هذا المشروع، كما ذكرنا آنفاً، واسأل الله أن يوفقنا وإياكم لكل ما فيه رضاه، وأن يبارك في جهودكم وأعمالكم وأن يتقبل منكم إنه سميع قريب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

ابن السبيل من مستحقي الزكاة

س: رجل في بلد غير بلده وسرقت دراهمه، فهل يعطى من الزكاة، بالرغم من أن المعاملات المالية تيسرت في الوقت الحاضر؟( )

ج: هذا المسئول عنه يعتبر من أبناء السبيل، فإذا ادعى الحاجة أو ضياع النفقة أو سرقتها، فإنه يعطى من الزكاة ما يوصله إلى بلده ولو كان غنياً في بلده.

حكم دفع الزكاة للأخ

والأخت والعم والعمة وسائر الأقارب

س: هل تجوز الزكاة من الأخ لأخيه المحتاج (عائل ويعمل ولكن دخله لا يكفيه)؟ وكذلك هل تجوز للعم الفقير؟ وكذلك هل تدفع المرأة زكاة مالها لأخيها أو

عمتها أو أختها؟( )

ج: لا حرج في دفع الرجل أو المرأة زكاتهما للأخ الفقير والأخت الفقيرة والعم الفقير والعمة الفقيرة وسائر الأقارب الفقراء؛ لعموم الأدلة  بل الزكاة فيهم صدقة وصلة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصدقة في المسكين صدقة وفي ذي الرحم صدقة وصلة))( ). ما عدا الوالدين وإن علوا، والأولاد ذكوراً أو إناثاً وإن نزلوا، فإنها لا تدفع إليهم الزكاة ولو كانوا فقراء، بل يلزمه أن ينفق عليهم من ماله إذا استطاع ذلك، ولم يوجد من يقوم بالإنفاق عليهم سواه.

س: هل يجوز دفع الزكاة إلى القريب، كالأخ والعم والعمة والخال والخالة ونحوهم؟( )

ج: إذا كانوا فقراء فلا بأس بدفع الزكاة إليهم، بل

الصدقة فيهم أفضل من غيرهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة اثنتان صدقة وصلة))( ).

أما إذا كان الأقارب من آبائه، وأمهاته، وأجداده، وجداته، وأولاده، وأولاد أولاده، سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً فلا يدفع الزكاة إليهم، بل يجب أن يواسيهم من ماله وينفق عليهم حسب الطاقة.

حكم دفع الزكاة للأم

س: الأخ م. س. ح. من بريدة المملكة العربية السعودية، يقول في سؤاله: هل يجوز أن أعطي والدتي مبلغاً من المال وأعتبره من الزكاة، علماً بأن والدي ينفق عليها وهو بحالة جيدة والحمد لله، وكذلك فإن لي أخاً قادراً على العمل ولم يتزوج بعد، وهو هداه الله لا يحافظ على الصلاة كثيراً، فهل يجوز أن أصرف له شيئاً من الزكاة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.( )

ج: لا يجوز لك أن تعطي أمك شيئاً من الزكاة؛ لأن الوالدين لا تصرف فيهما الزكاة، ولأنها غنية عنها بإنفاق والدك عليها.

أما أخوك فلا يجوز صرف الزكاة فيه مادام يترك الصلاة؛ لأن الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين؛ ولأن تركها عمداً كفر أكبر ولو لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء، ولأنه قوي مكتسب، ومتى دعت الحاجة إلى الإنفاق عليه فأبوه أولى بذلك؛ لأنه المسؤول عنه من جهة النفقة ما دام يستطيع ذلك، هداه الله وأرشده إلى الحق، وأعاذه من شر نفسه وشيطانه وجلساء السوء.

س: ما حكم دفع زكاة النقود للأم؟( )

ج: الزكاة لا تدفع للأم ولا للأب ولا للأولاد. فالزكاة فرض الله صرفها على جهات مخصوصة، في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ﴾( )، فهذه الجهات هي التي تصرف فيها الزكاة، أما الأم والأب والأجداد والأولاد وأولادهم فلا تصرف فيهم الزكاة، والواجب على المسلم أن ينفق عليهم من ماله لا من الزكاة،

فالزكاة تصرف إلى غيرهم، أما والداه وأولاده وزوجته فالواجب أن يصرف عليهم من ماله لا من الزكاة. والله ولي التوفيق.

س: ما حكم دفع زكاة النقود إلى الأم؟ هل هو جائز؟( )

ج: الزكاة لا تدفع للأم ولا للأب ولا للجدات ولا للأجداد ولا للأولاد ذكوراً كانوا أو إناثاً ولا لأولادهم؛ لأن هؤلاء الأصول والفروع ليس لهم حق في الزكاة بالنسبة إلى الولد، وإنما يعطيهم وينفق عليهم من ماله إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وإنما تدفع الزكاة للفقراء من غيرهم كالإخوة والأخوات وأولادهم، والأعمام والعمات وأولادهم وغيرهم من الفقراء، أما الوالدان والأولاد وهكذا الأجداد والجدات فلا تدفع لهم الزكاة.

حكم دفع الزكاة للجدات

سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن بازحفظه الله

السلام علكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرجو من سماحتكم التكرم بالإجابة على سؤالي هذا:

وهو أنني عندي مال أدفع زكاته إلى أقارب محتاجين وهم جدتي أم أمي، وجدتي زوج جدي التي ليست أم أبي، ومع العلم أنه لهم عائل غيري، وقد سمعت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ما معناه: ((اجعلوها في الأقربين)) فما مدى صحة هذا الحديث؟ وما حكم السنوات التي سبق وأن دفعتها؟ مع العلم أنني لا أحصي عددها. هذا وأرجو من الله أن يمد في عمرك وينفع بعلمك المسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ( ).

ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحديث المذكور صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي طلحة الأنصاري لما أراد أن يتصدق بنخل له اسمه بيرحاء، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أرى أن تجعلها

في الأقربين))( ) متفق على صحته، وهذا في صدقة التطوع، أما الزكاة ففيها تفصيل، إن كان الأقربون ليسوا من الفروع ولا من الأصول جاز صرف الزكاة فيهم، كالإخوة والأخوال والأعمام ونحوهم إذا كانوا فقراء، فتكون صدقة وصلة، وهكذا زوجة الجد إذا كانت ليست جدة لك، وكانت فقيرة ليس لها عائل يقوم بحاجاتها، وعليك أن تقضي ما صرفته في جدتك أم أمك، وفي زوجة جدك إذا كانت مستغنية بنفقة غيرك. وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مفتي عام المملكة العربية السعودية

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

 الزكاة تدفع للأقارب الفقراء

الذين ليسوا من الأصول ولا من الفروع

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم

م. م.                       سلمه الله.

سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 3482 وتاريخ 26/7/1408هـ المشتمل على السؤالين التاليين ( ):

الثاني: عندما نذهب إلى بلدتنا أخرج نقوداً إلى الأقارب هل هذه النقود تعتبر زكاة أم ماذا؟ وإذا كان ردكم على السؤال الأول نعم. هل يجوز لي أن أحمل النقود إلى بلدي مقدار ما أخرجه من زكاة وأقوم بتوزيعها على المحتاجين هناك؟ علماً أنهم في أمس الحاجة إليها... أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ ( )

ج: إنك إذا أخرجت النقود لأقاربك الفقراء الذين ليسوا

من فروعك ولا أصولك وهم الآباء والأمهات والأجداد والجدات والبنون والبنات وأولادهم بنية الزكاة جاز لك ذلك، أما نقل الزكاة من بلدك فإنه يجوز للمصلحة الراجحة كشدة الفقر ونحو ذلك.

وفق الله الجميع لما فيه رضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

حكم دفع الزكاة للإخوة الذين تجب النفقة

عليهم وحكم قضاء دين الوالد أو الولد من الزكاة

س: هل يصح لي إخراج زكاة المال أو زكاة الفطر إلى إخواني وأخواتي القاصرين الذين تقوم على تربيتهم والدتي بعد وفاة والدنا رحمه الله؟ وهل يصح دفع هذه الزكاة إلى إخواني غير القاصرين ولكني أشعر أنهم محتاجون إليها ربما أكثر من غيرهم من الناس أدفع لهم هذه الزكاة؟( )

ج: إن دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى من هم ليسوا من قرابتك؛ لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة إلا إذا كان هؤلاء الأقارب ممن تلزمك نفقتهم، وأعطيتهم من الزكاة ما تحمي به مالك من الإنفاق فإن فهذا لا يجوز، فإن قدر أن هؤلاء الإخوة الذين ذكرت والأخوات فقراء، وان مالك لا يتسع عليهم للإنفاق عليهم فلا حرج عليك أن تعطيهم من زكاتك. وكذلك لو كان هؤلاء الإخوة والأخوات عليهم ديون للناس وقضيت دينهم من زكاتك، فإنه لا حرج عليك في هذا أيضاً؛ وذلك لأن الديون

لا يلزم القريب أن يقضيها عن قريبه فيكون قضاؤه من زكاته أمراً مجزياً حتى ولو كان ابنك أو أباك وعليه دين لأحد ولا يستطيع وفاءه فإنه يجوز لك أن تقضيه من زكاتك، أي يجوز أن تقضي دين أبيك من زكاتك، ويجوز أن تقضي دين ولدك من زكاتك بشرط أن لا يكون سبب هذا الدين تحصيل نفقة واجبة عليك فإن كان سببه تحصيل نفقة واجبة عليك فإنه لا يحل لك أن تقضي الدين من زكاتك؛ لئلا يتخذ ذلك حيلة على منع الإنفاق على من تجب نفقتهم عليه لأجل أن يستدين ثم يقضي ديونهم من زكاته. والله أعلم.

حكم دفع الزكاة لآل البيت

س: هل يجوز دفع زكاة المال للأشراف من بني هاشم؟( )

ج: كل من عرف أنه من بني هاشم لا يجوز أن تدفع إليه الزكاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنها لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد))( )، ولأحاديث أخرى وردت في ذلك

ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وآل محمد هم بنو هاشم، ويدخل فيهم ذرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، سواء كانوا من ذرية الحسن أو الحسين أو غيرهما.

لا حرج على آل البيت في أخذ صدقة التطوع

سماحة مفتي عام المملكة الوالد / الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن بازحفظه الله آمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن يا سماحة الشيخ من قبيلة الأشراف ولدينا ما يثبت أننا نلتقي في النسب الطاهر نسب النبي صلى الله عليه وسلم.

سؤالي يا سماحة المفتي: هل تجوز فينا الصدقة مع العلم أن هناك ناس من نفس القبيلة إذا جاءتهم الصدقة نقدية أي مالية أجازوا أخذها وأحلوها لأنفسهم، وإذا جاءتهم الصدقة مما يؤكل كمثل الحب أو الأرز أو التمر وغيره لا يقبلونها ويحرمونها على أنفسهم؟

وحجتهم أن الصدقة إذا كانت نقدياً جازت لهم وأخذوها، أما إذا كانت مما يؤكل أو يلبس حرموها.

أرجو من سماحتكم الإفادة الكافية الشافية حتى نعلم ما هو الصحيح ونتبعه ونعرف الخطأ ونتجنبه. وفقكم الله وسدد خطاكم وجعل علمكم مباركاً وجعله في ميزان حسناتكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ( ).

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:

قد صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على تحريم الزكاة على أهل البيت وهم بنو هاشم سواء كانت نقوداً أو غيرها. أما صدقة التطوع فلا حرج فيها.

والواجب عليكم جميعاً الحذر مما حرَّم الله عليكم والتواصي بترك ذلك. وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مفتي عام المملكة

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

حكم أخذ آل البيت

مما يسمى بالضمان الاجتماعي

س: نحن أسرة متوسطة الحال ومن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدينا وثائق تثبت ذلك.

وقد بلغ والدي سن الستين حيث تنطبق عليه شروط الالتحاق بالضمان الاجتماعي، وقد طلبنا من الوالد الاستفادة من الضمان الاجتماعي لكنه رفض لأن هناك حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم ينص على عدم إعطاء الزكاة والصدقة لأهل بيته، وسؤالي: هل يعتبر الضمان الاجتماعي في حكم الصدقة أم لا؟ أفيدوني( ).

ج: إذا توافرت في والدك الشروط المعتبرة فيمن يستفيد من مصلحة الضمان الاجتماعي فإنه يحل له اخذ ذلك؛ لأنه مساعدة من بيت المال للفقراء الذين تتوافر فيهم الشروط المطلوبة، وليس هو من الزكاة حسب إفادة الجهة المسؤولة عن ذلك.

 حكم صرف الزكاة لأسرة واحدة

س: إذا أخرج الإنسان زكاة ماله، وكانت قليلة كمائتي ريال مثلاً، فهل الأفضل أن تعطى لأسرة واحدة محتاجة أو تفريقها على عدد من الأسر المحتاجة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً( )

ج: إذا كانت الزكاة قليلة فصرفها في أسرة محتاجة أولى وأفضل؛ لأن توزيعها بين الأسر الكثيرة مع قلتها يقلل نفعها.

حكم إعطاء المدين

الزكاة كلها لقضاء دينه

س: لي أخ متزوج فقير وعليه دين، وأخت متزوجة من فقير وعليه دين فهل يجوز لي دفع زكاة مالي إليهما بالكامل؟ إذا كانت الزكاة تغطي ديونهما، أو دفع جزء من زكاة المال لهما؟( )

ج: لا مانع من دفع الزكاة إليهما إذا كانا مسلمين وعليهما دين يغطي زكاتك لا يستطيعان قضاءه؛ لأنهما داخلان في قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ﴾( ). وبالله التوفيق.

الزكاة لا تعطى لكافر

إلا أن يكون من المؤلفة قلوبهم

س: أيصح إعطاء الزكاة لذمي؟ ( )

ج: الزكاة على قول الجمهور لا تعطى لذمي ولا غيره من الكفرة، وهو الصواب، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة معلومة؛ لأن الزكاة مواساة من المسلمين لفقرائهم ورعاية لسد حاجاتهم، فيجب أن توزع بين فقرائهم، وغيرهم من بقية الأصناف الثمانية، إلا أن يكون الكافر من المؤلفة قلوبهم وهم الرؤساء المطاعون في عشائرهم، فيعطى ترغيباً له في الإسلام

أو لكف شره عن المسلمين، كما يعطى المؤلف أيضاً لتقوية إيمانه إذا كان مسلماً، أو لإسلام نظيره أو لغير ذلك من الأسباب التي نص عليها العلماء.

والأصل في ذلك قوله عز وجل: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ...﴾( )، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما بعثه لليمن ((ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن أجابوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة فإن أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم))( ) الحديث متفق عليه.

عادة المناخ تبرع سنوي من الدولة

س: هل يجوز استلام العادة السنوية المسماة المناخ إذا كنت موظفاً وأستلم راتباً شهرياً، وهل يستحقها أيضاً أولادي؟( )

ج: عادة المناخ تبرع من الدولة سنوي لا بأس بها، والدولة تتبرع لكل الرعية من بادية وحاضرة، فإذا أخذت عادة المناخ فلا بأس، وإذا مات صاحبها فهي لورثته إلا إذا منعتها الحكومة. والله الموفق

 حكم التسول

س: ما حكم الدين في التسول؟ ( )

ج: التسول لا يجوز إلا في أحوال ثلاث قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح وهو ما رواه مسلم في صحيحه عن قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن المسألة لا تحل لأحد إلا لثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، ورجل أصابته فاقة فقال ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش)) ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((ما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكله صاحبه

سحتاً))( ). فهذا الحديث: قد أوضح فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنواع المسألة المباحة، وان ما سواها محرم، فمن كان عنده ما يسد حاجته من راتب وظيفة أو تجارة أو غلة وقف أو عقار أو كسب يدوي من نجارة أو حدادة أو زراعة أو نحو ذلك حرمت عليه المسألة.

أما من اضطر إليها فلا حرج عليه أن يسال بقدر الحاجة، وهكذا من تحمل حمالة لإصلاح ذات البين أو النفقة على أهله وأولاده، فلا حرج عليه أن يسأل لسد الغرامة. والله ولي التوفيق.

س: بعض المتسولين يسألون في المساجد وبعض الأئمة يمنعونهم من السؤال، فهل لديهم دليل على منعهم؟ وهل يجوز إعطاؤهم؟

ج: لا أعلم بأساً في ذلك ولا أعلم حجة لمن منعه، لكن إذا كان السائلون يتخطون رقاب الناس ويمشون بين الصفوف فينبغي منعهم، لما في عملهم هذا من إيذاء المصلين، وهكذا وقت الخطبة يجب أن يمنعوا لوجوب الإنصات عليهم وعلى غيرهم من المصلين، ولأن سؤالهم في هذه الحال يشغل غيرهم عن استماع الخطبة.

 الحث على تفقد أحوال المسلمين أفرداً وجماعات( )

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خير الخلق أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

أيها الأخوة في الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾ ( )، ويقول سبحانه: ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾( )، ويقول سبحانه: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾( ).

وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))( ). ويقول عليه الصلاة والسلام: ((من كان في

حاجة أخيه كان الله في حاجته))( ).

هذه الأدلة وغيرها من الكتاب والسنة تدعونا على العناية والاهتمام بإخواننا المسلمين أفرداً وجماعات في كل بقاع الأرض، وتفقد أحوالهم، ومعرفة واقعهم، وتحسس آلامهم، ورصد احتياجاتهم، ومعرفة مطالبهم، ثم العمل على مساعدتهم، كل بحسب استطاعته، مع العناية بتقديم الأهم على المهم، وهكذا فهناك من  المسلمين في بلاد المسلمين، وفي غيرها من البلدان الأخرى من يحتاجون إلى الطعام والكساء، وهناك من يحتاج إلى التعليم والتدريب، وهناك من يحتاج إلى الكتاب والمدرسة، وهناك من يحتاج إلى بناء مسجد تقام فيه الصلاة، ويذكر فيه اسم الله، وهناك من يحتاج إلى المدرس والمرشد والداعية إلى الله، يذكرهم بالله، ويبين لهم حقيقة الإسلام، ويوضح لهم أحكام دينهم، حتى يعبدوا الله على هدى وبصيرة، وهؤلاء وأولئك يحتاجون إلى الطبيب وإلى المستشفى لعلاج مرضاهم، وإلى المأوى المناسب يقيهم الحر

والبرد، ويحفظ لهم إنسانيتهم وكرامتهم.

أيها الإخوان: لا يخفى عليكم ما يعانيه الكثير من إخوانكم المسلمين في سائر بلاد الله من فقر وجهل وبؤس وحرمان وبطالة ومرض وجهل بأحكام الدين، مما يوجب التعاون ومضاعفة الجهد لحماية الإنسان المسلم، وإنقاذه من أسباب الهلاك، وإن هذه المؤسسة المباركة (الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية) لهي منشاة خيرة، جديرة بكل دعم وتشجيع ومساندة، فأهدافها وغاياتها واضحة، وهي العناية بمعرفة آلام المسلمين، ومعالجة مشاكلهم أينما كانوا، والحفاظ على هويتهم الإسلامية، وعطاؤها للعالم الإسلامي كله، ومن أبرز صفات هذه الهيئة:

أنها لا تتسم بصفة بيئية، أو تنخرط في انتماءات معينة مهما كان نوعها، إلا الانتماء الإسلامي الخيري، المستلهم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

لذا فإنني أدعو جميع أهل الخير ممن وهبهم الله المال، وأعطاهم سعة في الرزق، أن يبادروا في الإنفاق في سبيل الله، وذلك بدعم هذه المنشأة الخيرية بالمال، والإسهام في مشاريعها المتنوعة، لكي تتمكن من القيام بأعمالها، وتحقق أهدافها الإسلامية النافعة. وقد وعد الله المنفقين بالخلف في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ

يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾( )، وقال سبحانه: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾( ).

ومن الأمور المعتبرة لدعم هذه الهيئة الخيرية أن القائمين عليها هم من الرجال الثقات المخلصين الذين نذروا أنفسهم، وبذلوا أموالهم، وفرغوا أوقاتهم لإيصال الخير والنفع لأكبر عدد من المحتاجين من المسلمين، فهذا مما يشجع المسلم ويطمئنه إلى أن ما يبذله من مال هو في أيد أمينة، تنميه وتزكيه حتى يصل على مستحقيه.

إخواني: وبهذه المناسبة فإنني أوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه وتعالى ومراقبته في السر والعلن، وأوصي إخواني القائمين على أمر هذه الهيئة الخيرية أن يتقوا الله في أموال هذه الهيئة، وذلك بأن لا يتصرفوا فيها وينموها إلا بالطرق الشرعية الصحيحة، وأن يبتعدوا عن التعامل بها في كل ما تدخله شائبة الربا أو المعاملات المحرمة المخالفة للشريعة الإسلامية، ففي الحديث الصحيح: ((أيها الناس! إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين) فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ

عَلِيمٌ﴾( ). وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾( ). ((ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء. يا رب ! يا رب ! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام. فأنى يستجاب لذلك))( ).

والله المسئول أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه، وأن يمنحكم إصابة الحق في القول والعمل، وأن يعينكم على كل ما فيه إيصال الحق لمستحقه، وأن يضاعف الأجر لنا ولكم ولجميع المساهمين في هذا المشروع، وأن يتقبل من الجميع إنه جواد كريم.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

اليتيم والمسكين وعناية الإسلام بهما( )

الحمد لله ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

لا ريب أن اليتيم والمسكين من أحق الناس بالرعاية والعناية، وقد أكثر الرب عز وجل في كتابه العظيم من الحث على الإحسان إليهما ورحمتهما ومواساتهما فجدير بالمؤمن والمؤمنة الإحسان إلى من لديه شيء منهما من أيتام المسلمين وفقرائهم فإن الصدقة في هؤلاء في محلها من الزكاة وغيرها.

وقد جاء في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين)) وشبك بين أصبعيه( ). فهذا يدل على عظم أجر كفالة اليتيم والإحسان إليه. كذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو قال كالصائم لا يفطر والقائم لا يفتر))( ) فهذا فضل عظيم. والله

جل وعلا يقول: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾( )، ويقول عز وجل: ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ﴾( )، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ﴾( )، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.

واليتيم هو الذي فقد أباه وهو صغير لم يبلغ الحلم، فإذا بلغ الحلم زال عنه وصف اليتيم، وقد يفقد أبويه جميعاً فيكون أشد في حاجته وأعظم في ضرورته، وهذا كله إذا فقدهما ولم يخلفا ما يكفيه،أما إذا خلفا له مالاً يقوم بحاله فإنه حينئذ لا يكون محلاً للصدقة، وإنما يكون محلاً للرعاية والعناية بماله والإحسان إليه حتى ينمو هذا المال ويحفظ، وهو كذلك يكون محل العناية من حيث التربية والتوجيه والتعليم والصيانة عما لا ينبغي.

فاليتيم في حاجة من جهة تربيته التربية الإسلامية وتوجيهه وإرشاده، وإذا كان لا مال له كان محتاجاً أيضاً إلى المال، وقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ

بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾( ) فلا يقرب مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن وذلك بالتصرف فيه بالتجارة والتنمية وبالنصح وأداء الأمانة حتى يبلغ اليتيم أشده أي حتى يبلغ الحلم، ويزول عنه السفه ويكون رشيداً، فإذا رشد دفع إليه ماله وأشهد عليه، ولا يجوز قرب ماله للطمع فيه والإساءة إليه، بل هذا من أعظم أسباب العقوبات وكبائر الذنوب، كما قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾( ) فأخذ مال اليتيم بغير حق من كبائر الذنوب.

وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات)) قلنا ما هن يا رسول الله؟ قال: ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات))( ) فجعل أكل مال اليتيم من هذه السبع الموبقات أي المهلكات، فعلى من كان عنده يتيم أو يتيمة أن يتقي الله فيهما ويحسن إليهما ويصون مالهما عما لا ينبغي ويجتهد في تنميته، فقد روي عن

النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالاتجار في مال اليتيم لئلا تأكله الصدقة، ولكن الرواية ضعيفة، والمحفوظ أنه من كلام عمر رضي الله عنه وأنه كان يوصي بذلك رضي الله عنه وأرضاه مخافة أن تأكلها الصدقة.

المقصود أن الأيتام والمساكين لهما حق على المسلمين، فجدير بالمسلمين ألا يغفلوا عنهما وأن يعنوا بهما، واليتيم قد يكون له ولي يحسن في ماله ويجمع له المال ويلطف به، ولكن أولئك الفقراء الكثيرين الذين ليس لهم من يتولاهم ويحسن إليهم جديرون أيضاً بأن يراعوا ويحسن إليهم من الزكاة وغيرها، وأن يعطف عليهم من إخوانهم المسلمين، فرحمة المسكين والعطف عليه من أعظم القربات، والله تعالى يقول في كتابه الكريم عن أهل البر: ﴿ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون﴾ ( ) فجعل هؤلاء من أهل التقوى وأهل الصدق بسبب إحسانهم، وعنايتهم بهؤلاء الضعفاء، مع إيمانهم بالله واليوم الآخر 

والملائكة والكتاب والنبيين، وقيامهم بالأعمال المذكورة في هذه الآية، ثم الإحسان إليهم يزيد صاحبه خيراً وفضلاً، والله سبحانه وتعالى يخلف عليه الأجر العظيم كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾( ).

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال سبحانه: ((أنفق يا ابن آدم أُنفق عليك))( ).

وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً))( ).

والإنفاق على المساكين ورحمتهم واللطف بهم والمواساة من أقرب القربات وأفضل الطاعات، والمحسن موعود بأجر عظيم مع الخلف لما أنفق  قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾( ) ثم هذه الصدقة يتقبلها الرب بيمينه حتى

التمرة الواحدة يتقبلها الله سبحانه من صاحبها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم فلوّه أو فصيله حتى تكون مثل الجبل إذا كانت من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب سبحانه وتعالى، وفي قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ﴾( ) ما يوجه أولياء اليتامى إلا ما هو الأصلح، وأن المقصود هو الإصلاح لهم وعمل ما فيه الخير لهم، وولي اليتيم مفوض في هذا الأمر من جهة الله عز وجل فيعمل ما هو الأصلح، كما يعمل لنفسه ويجتهد لنفسه إلى ما هو أصلح فيجتهد لليتيم كذلك أو أعظم من ذلك، حتى يكون بريء الذمة قد أدى الأمانة، وأحسن إلى هذا الفقير. وفي الحديث الصحيح: ((من لا يرحم لا يُرحم))( )، وفي حديث آخر: ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)) ( ).

ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا وجميع المسلمين للهداية والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

يجب على الوكيل صرف ما قبض من المتبرعين فيما فوض فيه

س: إذا جمع شخص مالاً أو تبرعات وأخبر أصحابها أنها لفرش دار لتحفيظ القرآن الكريم خارج البلاد، وكذلك ليشتري لهذه الدار مصاحف وكتباً دينية وكان ذلك لكن زاد المبلغ عن الحاجة، فهل له أن:

1-      يشتري بما تبقى مسجلاً وأشرطة قرآن للدار كي يستفيد منها الطلبة؟

2-      يعطي باقي المال لشخص يريد بناء مسجد فيساهم معه ولو بجزء منه، وذلك من غير علم أصحاب التبرعات، فما الحكم؟( )

ج: الواجب عليه أن يصرف ما قبضه من المتبرعين لمصلحة الدار من الفرش والكتب وغير ذلك، وليس له أن يصرف منها شيئاً في دار أخرى أو مسجد آخر؛ لأنه لم يفوض في ذلك. والله ولي التوفيق.

المشروع للمسلم الإكثار من الصدقة ولو بالقليل

س: الأخ أ. ع. م. من بريدة يقول في سؤاله: بعض الناس عندما تطلب منه مساعدة لأحد أو نحو ذلك يقول: وهل أنا وكيل آدم على ذريته؟ وسؤالي يا سماحة الوالد: هل في مثل هذه الكلمة حرج من الناحية الشرعية؟ نرجو التكرم بالتوضيح. جزاكم الله خيراً( ).

ج: هذه العبارة لا وجه لها ولا ينبغي أن يجاب بها أحد، وإنما المشروع للمسلم أن ينفق مما أعطاه الله ولو قليلاً؛ لقول الله عز وجل: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾( )، وقوله سبحانه:  ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾( ) والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة

طيبة))( )، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا تقبله الله بيمينه فيربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوَّه أو فصيله حتى تكون مثل الجبل))( )، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. فيشرع لكل مؤمن الإكثار من الصدقة ولو بالقليل حتى يجد ثوابها عند ربه أحوج ما يكون إليه. والله ولي التوفيق.