×
دليل الطالب إلى النجاح: فإن طلبَ العلم وتحصيله من أنفَس ما تُقضى فيه الأعمار، وتُبذل لأجله الجهود، فهو سلم الرفعة والكرامة، ومُرتقَى السمُوّ والمجد. وطالبُ العلم يحتاج في مسيره إلى زاد يتبلَّغ به إلى منشوده وإلى تصوُّر سليم ليُسره، وإلى العلم بأسباب الحفظِ والسلامة، ومفاتيح النجاح والتحصيل. وهذا الكتاب يُنير للطالب سيره، ويدلُّه - بإذن الله - على مفاتيح النجاح وأسباب الفلاح.

 دليل الطالب إلى النجاح

أبو الحسن بن محمد الفقيه


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فإن طلب العلم وتحصيله من أنفس ما تقضي فيه الأعمار، وتبذل لأجله الجهود، فهو سلم الرفعة والكرامة، ومرتقى السمو والمجد!

وطالب العلم يحتاج في مسيره إلى زاد يتبلغ به إلى منشوده وإلى تصور سليم ليسره، وإلى العلم بأسباب الحفظ والسلامة، ومفاتيح النجاح والتحصيل.

وهذا الكتاب ينير للطالب سيره، ويدله بإذن الله على مفاتيح النجاح وأسباب الفلاح.

وبالله التوفيق ،،،


 تعلم المسئولية في الحياة

الإحساس بالمسئولية في الحياة هو أهم ما يشعر الطالب بحاجته إلى الجد والاجتهاد، والطموح إلى النجاح، وهذا يرجع في العمق إلى مدى قدرة الطالب على تصور حقيقة دوره في الحياة! وإلى مدى  بعد نظره!

والشعور بالمسئولية خلق نبيل يدفع الإنسان إلى تصور العواقب واتخاذ الأسباب بقدر المستطاع لنيل أجمل ما في تلك العواقب!

ومسئولية الطالب في الحياة نوعان:

مسئولية عامة: فهو مسئول عن نفسه في سائر تصرفاته مثله مثل سائر البشر وتتنوع مسئولياته مثله مثلُ سائر البشر وتنوع مسئولياته في هذا الباب بحسب وضعه، وهو كيفما كان وضعه الاجتماعي وغيره فهو مسئول أمام الله سبحانه عن تحقيق العبادة في كافة جوانب حياته.

فهو مسئول عن صلاته، وصومه وعقيدته! ومسئول عن سمعه وبصره وفؤاده!

ومسئول عن واجباته وفرائضه!، ومسئول عن خلقه وشبابه ووقته وماله وكسبه وإنفاقه !

وهذه المسئوليات وغيرها كلها تندرج تحت مسئولية العبادة لله، التي من أجلها خلق ولأجلها وجد كما قال تعالى: }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{.

مسئولية خاصة: وهي مسئولية في الدراسة وما يتعلق بها من أسباب النجاح والتحصيل، وهذه السمؤولية كما يحبذها الشرع يوجبها العقل والعرف معًا، وهذه المسئولية تشمل القيام بكل ما يؤدي إلى نجاح الطالب وتحصيله للعلوم.

ولو تأمل كل طالب مدى التعب والنصب الذي لاقاه أبواه من أجل تمكينه من متابعة دراسته منذ نعومة أظفاره لاستشعر حقًا روح المسئولية في نفسه ولدفعه ذلك الشعور إلى تحقيق مراد أسرته، مع أن تحقيق ذلك يعود عليه بالنفع أكثر من غيره.

وكذلك لو تأمل كل طالب حاجته إلى العلم وقيمة المعرفة وإتقان العلوم، وما لذلك من نتائج إيجابية على النفس والمجتمع، لاستشعر حقًا مسئوليته الدراسية ولوطن نفسه لبذل كل جهد يوصله إلى النجاح.

ولو تأمل كل طالب في حقيقة الحياة وما تستوجبه من مكابدة ومجاهدة وجد لعلم أن الحياة على كل حال لا تُقدم  على طبق من فضة ولا بد للمرء فيها من بذل الجهود ومدافعة العوائق والمشاكل وهذا لا يتأتى إلا لمن يستشعر المسئولية في الحياة.

فالإنسان مضطر ولا بد إلى بذل الجهد من أجل الحياة، فسواء كان طالبًا للعلم أم غير طالب فلا بد له من بذل ذلك الجهد، لا يعذره في ذلك حتى أقربُ الناس إليه، وهذا كله يدل على أن لا غنى للطالب عن الشعور بالمسئولية لأنه إن لم يستشعر من نفسه وذاته فسوف تفرض عليه بعد تكراره الفشل في حياته، ويتمنى وقتها لو تحملها في الوقت المناسب واستفاد من فرصته النادرة في وقت الفراغ.

أخي الطالب: إن الشعور بالمسئولية الدراسية هو أساس نجاحك في مشروعك التعليمي، فهذا الشعور يدل على أنك ذو هدف في الحياة، وأنك تعي جيدًا موقعك منها، و أنك تدرك واجباتك وأعمالك، ولست ممن يعيش سبهللا دونما استشعار لواجباتها.

 نظم وقتك

لا يمكن تصور النجاح دونما القدرة على استثمار الوقت على الوجه الصحيح. وتنظيم الوقت هو خطوة لا غنى لكل ناجح في الحياة عنها!

والطالب الناجح يتصور دائمًا كيف يقضي يومه وساعته بل ودقيقته طبعًا هو لن ينجح دائمًا في صرف دقائقه فيما يخطط له ويتصوره لكنه لا يتزحزح عن تطبيق برنامجه في الغالب!

أخي الطالب: ولا تنس أن الله كما أمدك بنعمة العقل، والصحة لتحظي بالعلوم وتحصلها فقد أمدك بنعمة الوقت أيضًا، فأنت كما تستمتع بالقدرة على التفكير والإبداع فأنت وإن لم تشعر تستمتع بنعمة الوجود التي لا تقوم إلا بنعمة الوقت لأن الوقت هو مجال حياتك؛ ولذلك قال رسول الله e: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ»([1]) .

ومن لطائف ما ينبغي أن يتنبه له الطالب أن نعمة الصحة ونعمة الفراغ يحظى بهما الشباب أكثر من غيرهم، وهذا ما يؤكد حاجة كل طالب إلى استثمار هاتين النعمتين لتحقيق النجاح فكيف ينظم الطالب وقته؟

إن أكثر الطلاب يدركون قيمة الوقت في حياتهم الدراسية، لكن القليل من يوفق إلى صياغة خطة معقولة تعين الطالب على الاستفادة من أوقاته وجهوده على أحسن وجه، لذلك  عليك أخي الطالب، أن تكون حكيمًا في تنظيم وقتك حتى لا يصيبك الإحباط في تنفيذ ما تصبو إليه، وذلك كالتالي:

1- صياغة برنامج يومي ثابت: بغض النظر عن أوقات الدراسة الرسمية، لا بد للطالب أن يحدد ساعات معينة في كل يوم يخصصها للدراسة والمراجعة.

2- تحديد برنامج أسبوعي: بما أن أيام الأسبوع تتخللها عطلة في آخره، فينبغي للطالب الناجح أن يستثمر عطلته الأسبوعية على أحسن وجه، وذلك بالاستفادة القصوى من فراغ العطلة بدءا من أداء الواجبات الدراسية ومرورًا بالواجبات والحاجيات الشخصية وانتهاء بأوقات الراحة والاستجمام لاكتساب طاقة استئنافية جديدة.

وهنا لا بد أن أشير إلى "عقدة نفسية" يعيشها أغلب الطلاب، وذلك حين يجعلون من أيام الإجازة فرصة للتمرد على كل ما له علاقة بالعمل  والدراسة، وهذا يتنافى مع متطلبات النجاح الدراسي في المستقبل. طبعًا لا بد للطالب من راحة نفسية من حين إلى آخر. ولكن لا بد له  أيضًا من قدرة فائقة على استثمار الفرص الثمينة! وهذا ما يميز الطالب الناجح عن غيره! وإذا كان للنجاح ضريبة تدفع ! فهي ترك الراحة المطلقة، والاكتفاء براحة يستجمع بها الطالب أنفاسه ليواكب مسيرة الجد من جديد.

3- تحديد أوقات الحاجة الشخصية: فحينما ينظم الطالب وقت نومه وأكله وشراء، حاجياته وزياراته سواء لأقربائه أو أصدقائه آنذاك يكون حقًا قادرًا على اكتساب تصور واضح عن مساحة الفراغ في يومه، ويمكنه وقتئذ مباشرة الاستفادة من تخطيط أعماله واستثمار فراغه بالشكل الصحيح، أما الفوضى وعدم منازعة النفس في شهوة النوم، والتجوال والحديث، والاجتماعات الثانوية فهذا كله يحول في النهاية دون تنظيم الوقت وبالتالي تقويت فرصة النجاح الدراسي.

4- امتلاك مفكرة جيبـيّة: وهذا من أحسن الطرق العملية لتنظيم الوقت لأن المفكرة تتيح للطالب متابعة أوقاته أولاً بأول كما تتيح له محاسبة نفسه على مستوى  تنفيذ برنامجه وتمكنه أيضًا من تذكر واجباته التي قرر القيام بها مسبقًا.

5- المحاسبة الذاتية: تتيح المحاسبة الذاتية كل يوم كشف الأسباب التي تحول دون تطبيق الجدول الزمني المرسوم.

كما تتيح أيضًا تطوير مستوى الجدول ليتوافق مع الطموحات والمستجدات في حياة الطالب.

 دروسك أولا بأول

ظاهرة "التراكم" هي من أشهر الظواهر السلبية التي تعرقل نجاح الطالب في مشروعه الدراسي! ويسطع نحم هذه الظاهرة المتفشية في كل دورة امتحان إذ يتهافت أغلب الطلاب مهرولين إلى المكتبات رغبة في نسخ ركام الدروس لطيلة الفصل الدراسي.. بل إن من الطلاب من يعمد إلى نسخ كافة دروسه قبل الامتحان بأيام، ومنهم من يعمد إلى النسخ ليلة الامتحان نفسها!

طبعًا فهناك من الطلاب من يمتلك طاقة الحفظ المؤقت السريع والذي يتلاشى بعد انتهاء الامتحان على الفور! ويبقى الطالب كما لو أنه لم يتلق العلم قط! بينما تظهر نتائج الامتحان شاهدة بنجاحه.. ولا يمكن معرفة مدى هشاشة مثل هذا الأساس عند هذا الطالب إلا عند الأمد البعيد أو عند محك تطبيقي في وظيفة معينة ونحو ذلك مما لا يخفى! وتفاديًا للفشل.. وكذلك للنجاح الفاشل.

عليك أخي الطالب أن تتعلم النظام في أسلوب دراستك.. وأن تدرك أن أول نقطة في النظام هو مراجعة الدروس أولاً بأول.

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا

وإذا افترقن تكسرت آحادًا

ومراجعتك للدروس بالتدريج دون السماح بتراكمها له ثمار طيبة وهي:

1- تمكن الطالب من استيعاب دروسه وأداء واجباته.

2- سهولة فهم الدروس لترابطها المتسلسل.

3- تمكن الطالب من كشف اللبس المتوقع والاستفسار عنه في الفصل أو غيره.

4- قدرة الطالب على توسيع مداركه الثقافية.

5- السلامة النفسية للطالب وارتفاع معنوياته عند الامتحان.

6- صلابة التكوين العلمي للطالب وقدرته على الارتقاء بمستواه إلى أعلى المراتب والمناصب أيضًا.

7- امتلاك الطالب لمساحة واسعة من الوقت تمكنه من الراحة والأعمال الأخرى.

8- ابتهاج الأسرة بأسلوب الطالب قبل نجاحه وإعذاره في حالة رسوبه لسبب خارج عن إرادته.

وإذا كان الطالب الناجح المتدرج في تناول دروسه ينال تلك النتائج الهامة، فإن الطالب الذي يسمح بتراكم الدروس واجتماعها إلى لحظة الامتحان يتأثر بنتائجها السلبية ولا بد.ولو لم يكن منها إلا السهر المؤذي والقلق النفسي وهشاشة التكوين العلمي لكان جديرًا بالطالب تلافيها.. كيف وهي سلوك يحتوي على كل معاني دون الهمة وفقدان الطموح!

أخي الطالب:

ولا يفوتك عند العزم على التدرج في مراجعة الدروس أولاً بأول أن تكون متوازنًا في برنامج المراجعة، بحيث يعطي الجهد الأكبر للمواد الرئيسية في التخصص الذي أنت بصدد دراسته مع عدم إهمال المواد الثانوية.

والطالب الناجح لا يهمل دروسه مهما كانت طبيعتها لكنه يوازن جهده ووقته بحسب نقطتين اثنتين:

الأولى: قيمة المادة التي يدرسها بالنسبة لباقي المواد.

والثاني: مدى قوته أو ضعفه في المواد.

فلو كان مثلا تخصصه في العلوم الرياضية فلا بد أن يعطي الجهد والأولوية لمادة الرياضيات ولكن إذا كان نجاحه متوقفًا على إتقانه للغة الإنجليزية وهي مادة ثانوية في تخصصه وهو في الوقت نفسه يشكو من ضعف حاد فيها فلا بد أن يعطي أيضًا مزيدًا من الاهتمام لدراسة اللغة الإنجليزية دون أن يفرط في إعطاء الأولويات للرياضيات.

وعلى هذا يقاس الأمر في سائر المواد.. فتراعي الدروس التي هي محور التخصص دون التفريط في دروس المواد الثانوية.

 اختر من تجالس

أخي الطالب: قبل أن تقرر اختيار أي صديق في حياتك عامة أو حياتك الدراسية خاصة لا بد أن تتذكر جيدًا أن: الصاحب ساحب!

وتأمل في حديث رسول الله e: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»([2]) .

قال ابن مسعود رضي الله عنه: «ما من شيء أدل على شيء ولا الدخان على النار من الصاحب على الصاحب».

وقال الإمام مالك: «الناس أشكال كأشكال الطير الحمام مع الحمام، والغراب مع الغراب، والبط مع البط، والصعو مع الصعو، وكل إنسان مع شكله».

والسر في أن الخلة تقتضي التأثر بطباع أصحابها هو أن الإنسان متغير في ظواهره وصفاته وسمة التغير تتأثر بعوامل الانجذاب للمحيط من حوله، فيصعب عليه مهما كان حاله أن يعيش في بيئة دون أن يتأثر بسلوكها لكونه اجتماعي بطبعه ومتغير في سلوكه.

ومن هذا كله وجب على الطالب الناجح أن يدقق في أحوال أصحابه قبل مصاحبتهم، وأن تكون رؤيته واضحة في صفات أصدقائه وسماتهم حتى لا تضيع عليه أهدافه ولا يخذل عن النجاح.

ولا تجلس إلى أهل الدنايا

فإن خلائق السفهاء تُعدي

قال e: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسلك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة»([3]) .

وللعلامة السعدي رحمه الله شرح نفيس لهذا الحديث قال: «مثل النبي e بهذين المثالين مبينًا أن الجليس الصالح جميع أحوالك معه، وأنت في مغنم من المسك، إما بهبه أو بعوض، وأقل ذاك مدة جلوسك معه وأنت قرير النفس، برائحة المسك فالخير الذي يصيب العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك الأذفر، فإنه إما أن يعلمك ما ينفعك في دينك ودنياك، أو يهدي لك نصيحة، أو يحذرك من الإقامة على ما يضرك، فيحثك على طاعة الله وبر الوالدين وصلة الأرحام، ويبصرك بعيوب نفسك، ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها بقوله وفعله وحاله، فإن الإنسان مجبول على الاقتداء بصاحبه وجليسه، والطباع والأرواح جنود مجندة، يقود بعضها بعضًا إلى الخير أو ضده وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح أن تنكف بسببه عن السيئات والمعاصي رعاية للصحبة، ومنافسة في الخير، وترفعًا عن الشر، وأن يحفظك في حضرتك ومغيبك، وأن تنفعك محبته ودعاؤه في حال حياتك وبعد مماتك، وأن يدافع عنك بسبب اتصاله بك ومحبته لك، وتلك أمور لا تباشر أنت مدافعتها كما أنه قد يصلك بأشخاص وأعمال ينفعك اتصالك بهم».

أنت في الناس تقاس

بالذي اخترت خليلاً

فاصحب الأخيار تعلو

وتنل ذكرًا جميلاً

أخي الطالب: ولا شك أنك في مسيرتك الدراسية ستحتاج إلى صديق مخلص أو أكثر يكون لك عونًا على المذاكرة والتحصيل، وهذا ما يجعلك على محك الاختيار.

ابل الرجال إذا أردت إخاءهم

وتوسمن أمورهم وتفقد

فإذا رأيت أخا الأمانة والتقى

فيه اليدين قرير عين فاشدد!

وتذكر أن وقوع كثير من الشباب الأبرياء في أوحال المخدرات والمعاكسات والأخلاق الفاسدة إنما بسبب تماديهم في مصاحبة رفقاء السوء الذين يتقنون إقحام الطالب البريء الغافل في أوحالهم! وليس هناك سبيل للسلامة من سمومهم غير هجرانهم والإعراض عن سبيلهم والسلامة لا يعدلها شيء.

يقول الشيخ ابن عثيمين: رحمه الله: «والواجب الحذر من رفقاء السوء، والبعد عنهم وأن لا يغتر بمعسول القول وحسن المظهر فإن ذلك خداع وتضليل، يسلكه أصحاب الشر ليجذبوا بسطاء الناس لعلهم يكثرون سوادهم ويغطون بذلك ما فسد من أحوالهم»([4]) .

 كن عالي الهمة

علو الهمة أدب نفسي نفيس، من امتلكه فقد امتلك مفاتيح النجاح كلها، إذ هو خلق مركب من كل المعاني التي تفضي بالإنسان إلى الرقي و السمو والرفعة والمكانة.

قال رسول الله e: «إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفاسفها».

والطالب في دراسته أشد حاجة إلى همة تقوي عزيمته، وتشحن طاقته، وتجمع شتات فكره، إذ بالهمة العالية يمكنه استسهال الصعب، والتجلد والصبر لأجل خوض الصعاب وتخطيها في كل مراحل الدراسة.

وحينما يضع الطالب نصب عينيه هدفًا عاليًا ساميًا محددًا ويضع بين عينيه تصورًا دقيقًا لكل المراحل التي عليه تجاوزها لتحقيق ذلك الهدف وأيضًا ما يحتاجه من جهد وصبر ومكابدة في طول الطريق.. حينئذ يوصف هذا الطالب بعلو الهمة، وحينئذ فقط يصدق عليه قول الشاعر:

قلب يطل على أفكاره ويد

تمضي الأمور ونفس لهوها التعبُ

أخي الطالب: وتذكر أيضًا أن علو همتك وبعد نظرك في الدراسة مفخرة للدين والأمة كلها.. وقد قال رسول الله e: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعله».

ولو تأملنا في حركة التاريخ، ونظرنا في التطور المذهل الذي حققه البشر والذي يكاد يكون من نسيج الخيال لوجدنا أن هذا التطور قام على أيدي أشخاص اتسموا في حياتهم بالإصرار على النجاح، وبعلو همتهم وغاياتهم.

ويقرر علماء النفس والاجتماع والدراسات الإنسانية أن الطاقة التي يمتلكها الإنسان، أي إنسان هي طاقة مذهلة لو اغتنمها الإنسان بإصرار أكيد محكم لحقق النتائج في حياته، وإن كان التفاوت حاصلا في الطاقات إلا أن كل إنسان يمتلك طاقات عظيمة وهبها الله له.

وفي تاريخنا الإسلامي عظماء كثر ضربوا أروع الأمثلة في طلب العلم وتعليمه.

قال الشافعي رحمه الله: «حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين، ولم يكن عند أمي ما تعطيني لأشتري به قراطيس فكنت إذا رأيت عظمًا يلوح آخذه فاكتب فيه».

وقال ابن أبي حاتم: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة نهارنا ندور على الشيوخ وبالليل ننسخ ونقابل، فأتينا يومًا أنا ورفيق لي شيخًا، فقالوا: هو عليل، فرأيت سمكة أعجبتنا فاشتريناها، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشيوخ، فمضينا فلم تزل السمكة ثلاثة أيام وكادت أن تنتن، فأكلناها نيئة، لم نتفرغ نشويها ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.

فبادر إذا ما دام في العمر فسحة

وعدلك مقبول وصرفك قيّم

وجد وسارع واغتنم زمن الصبا

ففي زمن الإمكان تسعى وتغنم

وسر مسرعًا فالموت خلفك مسرع

وهيهات ما منه مفر ومهزم

وتأمل أخي الطالب في قوله تعالى: }وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا{.

قال القرطبي رحمه الله: }وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا{ أي قدوة يقتدى بنا في الخير.

وفي هذا دليل على ترغيب الإسلام في علو الهمة وبعد النظر في تناول الأمور النافعة، ومن أنفس ما ينفع الإنسان في حياته بل وبعد مماته: طلب العلم النافع ونشره!

وفي هذا كله تحريض للطالب على إعلاء همته في دراسته، وعدم ملاحظة المتخلفين ومحاكاتهم في تأخرهم عن ركب طلاب السمو!

قال  ابن الجوزي رحمه الله: في وصيته لابنه: «وقد عرفت بالدليل أن الهمة مولودة مع الآدمي، وإنما تقصر بعض الهمم في بعض الأوقات، فإذا حثت سارت، و متى رأيت في نفسك عجزًا فسل المنعم، أو كسلاً فالجأ إلى الموفق»..

فلن تنال خيرًا إلا بطاعته، ولا يفوتك خير إلا بمعصية فمن الذي أقبل عليه فلم يرد كل مراد.؟ ومن الذي أعرض عنه فمضى بفائدة أو حظي بغرض من أغراضه؟!

استعن بالله

أخي الطالب: إن من أعظم أسباب النجاح: الاستعانة بالله جل وعلا والتوكل عليه، وهذا أمر لا خيار للطالب فيه؛ لأن التوكل على الله سبحانه والحاجة إليه واجب على كل مسلم. ولا تتم العبودية لله جل وعلا إلا بالتوكل، قال سبحانه وتعالى: }وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{.

وقال سبحانه: }وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{.

فدلت الآية الأولى أن التوكل على الله سبحانه من تمام الإيمان، كما دلت الآية الثانية على أن التوكل على الله سبحانه هو طريق الكفاية والنجاح.

والطالب الناجح هو الذي يتعبد الله سبحانه بجهده وتحصيله ويرجو منه سبحانه الأجر والثواب في كل عمل يقوم به، ثم يسأله سبحانه العون والسداد دون أن يترك طرق الأسباب المناسبة لنجاحه.

فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله e: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا ([5])  وتروح بطانًا» ([6]) .

وفي ذكر الغدو والرواح ما يدل على الحكمة والتماس الأسباب المناسبة للهدف! وفي هذا تمثيل حي لمفهوم التوكل على الله، والذي هو دعامة من دعائم النجاح الدراسي.

إذا لم يكن عون من الله للفتى

فأول ما يقضي عليه اجتهاده!

ومن صور استعانة الطالب بالله جل وعلا على النجاح:

الدعاء: قال تعالى: }وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ{.

فالدعاء من تمام الذل الذي هو ركن من أركان العبادة، ومن استغنى عن الله سبحانه، وتكبر عن سؤاله والاستعانة به فقد عرض نفسه لأعظم أسباب الفشل والإحباط..

ولذلك سمى رسول الله من أعرض عن الدعاء عاجزًا بل جعله أعجز الناس فقال e: «أعجز الناس من عجز من الدعاء».

وقد كان رسول الله e وهو أعقل البشر وأحكمهم وأعلمهم وأقواهم يقول: «يا حي يا قيوم برحمتك استغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين»([7]) .

أخي الطالب: فإن رمت تيسير العسير، وتسهيل أمور حفظك ومراجعتك وجمع شتات فكرك في الدراسة والتحصيل فاستعصم بالله ولذ به في كل أمورك وألحح عليه في الدعاء.

قال تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ{.

وقال سبحانه: }وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ{.

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله e قال: «ما على الأرض مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذن نكثر. قال: الله  أكثر»([8]) .

الاستعانة بالأذكار: ومن ذلك:

أذكار الصباح والمساء: فهي من أعظم مفاتيح الخير والبركة ومن أسباب الكفاية في الأمور كلها، ييسر الله بها العسير، ويفتح بها الأرزاق ويدفع بها الشرور والآفات وتأمل أخي الكريم في ذلك واحدًا من أذكار الصباح  والمساء هو: «حسبي الله الذي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم» من قالها حين يصبح وحين يمسي سبع مرات كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة.

فكيف وأذكار الصباح والمساء كلها من  أسباب الحفظ ونزول الرحمة والبركة.

أذكار الأحوال العارضة: لا سيما أذكار النوم والدخول والخروج فمحافظة الطالب على هذه الأذكار توجب له خفة ونشاطًا وحفظًا من الله سبحانه، ولا سيما أذكار النوم ومنها: التسبيح ثلاثًا وثلاثين والحمد ثلاثًا وثلاثين والتكبير أربعًا وثلاثين، فهذا الذكر من أعظم أسباب القوة والنشاط ودفع الكسل، وهو خير للطالب من خادم يعينه على أمور دراسته.

الأذكار عامة: ومن ذلك الاستغفار والتسبيح فالاستغفار من أعظم أسباب محو السيئات التي هي سبب اشتباه الحقائق على الإنسان وبلادة حسه وكتم نفسه وضيق صدره، وإذا أكثر الطالب من الاستغفار بصدق وإخلاص لا بد وأن ينشرح صدره، ويصفو ذهنه وتتيسر عليه أمور دراسته مهما كان أمرها.

وكذلك الإكثار من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة، وهي من أعظم أسباب القوة وتسهيل الأمور الصعبة.

 نصائح لا غنى للطالب عنها

 كيف تنظم يومك؟

1- أعد قائمة بأعمالك اليومية في مساء اليوم الذي قبله أو في صباح اليوم نفسه واحتفظ بهذه القائمة في جيبك وكلما أنجزت عملاً فأشر عليه بالقلم.

2- أوجز عبارات الأعمال في الورقة بما يذكرك بها فقط.

3- قدر لكل عمل وقتًا كافيًا وحدد بدايته ونهايته.

4- قسم الأعمال تقسيمًا جغرافيًا بمعنى أن كل مجموعة أعمال في مكان واحد أو في أماكن متقاربة تنجز متتالية حفظًا للوقت.

5- اجعل قائمتك مرنة بحيث يمكن الحذف منها والإضافة إليها إذا استدعى الأمر ذلك.

6- اترك وقتًا في برنامجك للطوارئ التي لا تتوقعها مثل ضيف يزورك بدون موعد، أو طفل يصاب بمرض طارئ أو سيارة  تتعطل عليك في الطريق وأمثال ذلك.

7- بادر لاستغلال بعض هوامش الأعمال الطويلة لإنجاز أعمال قصيرة مثلا عند الانتظار في عيادة الطبيب اقرأ في كتاب وهكذا..

8- عندما يكون وضع برنامجك اليومي اختياريًا، نوع أعمالك لئلا تصاب بالملل فاجعل جزءًا منها شخصيًا وآخر عائليًا وثالثًا خارج البيت.. إلخ.

9- اجعل جزءًا من برنامجك اليومي لمشاريعك الكبيرة كتطوير ذاتك وثقافتك والتفكير الهادئ لمشاريعك المستقبلية وأمثال ذلك.

10- حبذا لو صممت استمارة مناسبة لكتابة برنامجك اليومي عليها ثم صورت منها نسخًا ووضعتها في ملف لديك وجعلت لكل يوم منها واحدة ([9]) .

احذر بنيات الطريق: التدخين، والمخدرات، والإدمان، والمعاكسات هي أخطر ما يهدد الطالب في المرحلة الثانوية والجامعية خصوصًا، ولذا أخي الطالب عليك أن تقطع دابر هذه الخصال الخطيرة، وأن تدرك أنها تناقض أهدافك وطموحك في التعليم.

ومن الطلاب من يتوقع أن شربه للتدخين أو تناوله للمخدرات يزيده فطنة تؤهله إلى إتقان دروسه والقدرة على استيعابها، وهذا خطأ يدل عليه الشرع و العقل والتجربة.

فالتدخين متلف للعقل والصحة، والمخدرات أخطر منه ثم إن معظم الناجحين إن لم نقل كلهم بعيدون كل البعد، عن هذه الآفات الخطيرة المحظورة شرعًا وعقلاً وعرفًا.

حافظ على صحتك: فالسهر الناتج عن إهمال الطالب للتدرج مسبقًا في مراجعة دروسه، يهدد الصحة عمومًا بالاضمحلال، ولا يعني هذا ترك السهر لأجل الدراسة والطلب، ولكن المقصود هو عدم المبالغة في السهر إلى درجة الفوضى وتجاوز الحدود لا سيما عند أبواب الامتحان.

وعندما يوقن الطالب أنه لا غنى له عن النوم وينجح في تنظيم نومه بشكل متوازن يحقق نتائج جيدة في دراسته، وفي الوقت نفسه يحافظ على صحته.

ومن الأمور التي تعين الطالب على حفظ الصحة تنويع الغذاء والتوازن في الأكل، والمواظبة على الرياضة باتزان، والعناية بنظافة الجسم والملبس والمكان.

تحل بالصبر: فإن الطالب أحوج إلى خلق الصبر من غيره، لما يعترضه من مشاق في مشواره الدراسي الطويل.

فالمشاكل النفسية المواكبة للامتحانات وكذلك المشاكل المادية التي تحرج الطالب لا سيما في المراحل المتقدمة في الجامعة مع كثرة حاجياتها وهموم الشهوة، والزواج، والمستقبل الغامض كلها تحتاج إلى صبر يحلى به الطالب.

وتذكر أخي – أن الصبر لا محيد عنه سواء في حياة الطالب أو غيره، كما قال تعالى: }لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ{.

فالمكابدة والمجاهدة لا بد منها في الحياة، فمن أتى بها على الوجه المطلوب بصبر واحتساب حالفه النجاح والنصر كما قال e: «النصر مع الصبر».

وقال تعالى: }وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ{.

لأستهلن الصعب أو أدرك المنى

فما انقادت الآمال إلا لصابر

تعلم الاستخارة في الأمور: فالاستخارة والاستشارة في الأمور من أنفع أسباب النجاح.

قال e: «ما خاب من استخار ولا ندم من استشار».

فاستشارة ذوي الخبرة عند وقوع الأمور المهمة والإقبال على القرارات المصيرية مبدأ حثيث للنجاح.. كما أن استخارة الله جل وعلا هو من أعظم أسباب النجاح لأن الله سبحانه هو العالم بالأمور كلها.. وهو وحده واهب النعم ومسخرها..

فمن استخاره في أمره؛ لم يخب.. ومن استعان به؛ لم يعجز..

 عوائق النجاح

هناك عوائق كثيرة تعيق الطالب في نجاحه الدراسي.

الكسل والعجز: وهو داء إذا استحوذ على الطالب حطم طموحه وصار به إلى الفشل والإحباط، وهو صفة نفيسة تتولد عند انحطاط الهمة وضعف الشعور بالمسئولية ومصاحبة البطالين، وقلة بعد النظر، وعلاج هذا الداء يكمن في توطين النفس على الصبر وعلى مشاق الحياة، وحملها على بذل الجهد من أجل التحصيل، فإنما ينال العلم بالتعلم، ولا ينال العلم براحة الجسد، كما أن الاستعصام بالله جل وعلا لدفع هذا الداء من الأمور العظيمة التي تدفعه، ومن ذلك الاستعاذة بالله من العجز والكسل، فقد صح عن النبي e أنه كا ن يكثر من التعوذ منهما ويقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال»([10]) .

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن العين  غالبًا ما تكون سببًا في ابتلاء بعض الطلاب بالعجز والكسل لا سيما الطلاب النجباء أو من لم  يكن الكسل صفتهم في الغالب وطرأ عليهم فجأة.

وقد صح عن النبي e أنه قال: «أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله و قضائه وقدره بالأنفس»([11]) .

فإذا كا ن أكثر الناس موتًا بسبب إصابتهم بالعين فلا شك أن داء العجز قد يكون سببه العين أحيانًا وهي حق كما صح عن رسول الله e، ولذا يجب على الطالب أن يستمسك بالأسباب الشرعية وأن يحافظ على أذكار الصباح والمساء وأقلها قراءة آية الكرسي والمعوذات وسورة الأخلاص صباحًا ومساءً.

التسويف: وهو حالة طبيعية لمن حاد عن تنظيم وقته والتخطيط لأهدافه الدراسية ويؤدي في النهاية إلى تراكم الأعمال ثم العجز والكسل.

فانتبه من رقدة الغفلة فالعمر قليل

واطرح سوف وحتى فهما داء عليل

وأعظم أسباب التسويف هو انشغال الطالب بالأعمال الثانوية أو ربما بسفاسف الأمور كالأفلام والمسلسلات والمباريات الرياضية التي لا ينتهي تسلسلها وجديدها، ولا يمكن تحقيق النجاح بتقديم هذه الأمور على الواجبات الدراسية..

الرفقة السيئة: فهي من أسباب الخذلان عامة، ومنه الخذلان في الدراسة وقد بين الله جل وعلا أن عونه وتأييده ونصرته إنما تكون للمتقين من عباده كما قال تعالى: }إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ{ فالمعية هنا معية نصرة وتأييد.

وكما قال تعالى: }اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا{.

وقال سبحانه: }إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا{ فكل هذه المعاني تدل على أن الطالب الذي يراعي حدود الله ويؤمن به ويتقه ويجتنب سخطه وغضبه ومناهيه فالنجاح حليفه، والنصر حظه، وأما الطالب الذي يبيت على المعاصي ويصر على الموبقات فهو يتعرض لسخط الله وغضبه، ويحق عليه قوله: }وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ{ والخذلان والفشل الدراسي واحد من المصائب التي قد يعاقب بها الطالب جزاء على  إسرافه وما كسبت يده!

الإحباط: هناك من الطلاب من يفرض عليه و اقعه بذل جهد أكبر للظفر بالنجاح، فقد تواجه الطالب مشكلات مادية حادة، وقد يضطر إلى إيجاد عمل يؤمن منه دخلا ماديًا يتبلغ به طريقه الدراسي وهناك من يعيش في ظل مشكلات أسرية حادة تتطلب جلدًا وصلابة ومقاومة نفسية للمحافظة على التوازن في الدراسة وطلب العلم، وفي كل تلك الأحوال، فالطالب الطموح لا يستسلم للمشاكل ولا يجعلها تنال منه ليصاب بالإحباط، بل إنه يستعصم بالله سبحانه ويتقوى به ويشد عزمه لمعالجة ما يواجهه من صعاب مخترقًا طريقها بإيمان وثبات ويقين من نصر الله وعونه، بل إن ذروة النجاح  غالبًا ما تكون من نصيب الطلاب الذين عايشوا في حياتهم الشدائد والمحن.

وما كنت ممن نال الملك بالمنى

ولكن بأيام أشبن النواصيا

لبست لها كدر العجاج كأنما

ترى غير صاف أن ترى الجو صافيًا

الوقوع في متاهات التغريب: وبعض الطلاب تغره المظاهر الجوفاء وتجذبه الموجة العارضة الداعية إلى تقليد الغرب، والتي تجر في طريقها كل مندهش غافل! فتجده قد جعل من مواكبة الموضة ومتطلباتها همه الأول ولو كان ذلك على حساب تحصيله ودراسته وغالبًا ما يقتل التمني الأجوف طموحه.. فتجد غاية حلمه أن يمتلك سيارة.. ولباسًا عصريًا وهاتفًا نقالا.. ومصروفًا يقضي به حاجاته.. دون أن يدرك أن مثل هذه الأشياء وغيرها في حد ذاتها  تتطلب بذل جهد وتحقيق نجاح! فضلاً على أن همة الطالب الناجح تتجاوز المظاهر الجوفاء! ولكن عند التحقيق نجد أن التغريب الذي يشغل بال بعض الطلاب هو سهم من أعداء الإسلام هدفوا به  إلى تفريغ الشباب المسلم من طموحهم وأهدافهم العارمة وإشغالهم بسفاسف الأمور.

إدمان الانترنت: فبعض الطلاب إن لم يكن أغلبهم تستهويهم الدردشة على الانترنت فيقضون في مضمارها ساعات لو بذل بعضها في الدراسة و التحصيل لتحقق لهم النجاح، ومن الطلاب من يكون استعماله للانترنت في الاتجاه السلبي بحيث لا يسبب له الفشل في دراسته فقط، بل يوقعه في مخالفات شرعية لا ينال من ورائها إلا سخط الله تعالى عليه. والحمد لله تعالى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



([1]) رواه البخاري.

([2]) رواه أبو داود.

([3]) رواه البخاري ومسلم.

([4]) من مشكلات الشباب (22).

([5]) أي فارغة البطون.

([6]) رواه الترمذي.

([7]) رواه الحاكم.

([8]) رواه الترمذي و قال حسن صحيح.

([9]) حتى لا تكون كلا/ للدكتور عوض القرني (34) بتصرف.

([10]) رواه البخاري.

([11]) يعني بالعين.