بيت الدود ودار الخمود : القبر
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله واهب النِّعَم. ومُنْشئ الخلق بعد الرَّميم والعَدَم. والصلاة والسلام على نبيه سيد الأمم. وعلى آله وأصحابه أهل المفاخر والكرم.
وبعد:
أخي المسلم: هنالك وفي تلك الدِّيار الكئيبة, الحزينة, ديارٌ مَن دخلها انقطعت صلته بالأحياء, ديارٌ من دخلها ودَّعه الأهل والإخوان وداع من لا يُرْجَى لقاؤه.
هنالك! وقد وقفت جماعة وهم يحفرون قبرًا ليُودِعُوه ميتًا ليصبح من سكان تلك الدِّيار الموحشة! ولكن! إذا برجل يتقدَّم نحو القبر, إنه زينة العبَّاد! مالك بن دينار رحمه الله فيقف على القبر وهو يقول: مالك غدًا هكذا يصير؟! وليس له شيء يتوسَّده في قبره!
فلم يزل يقول: غدًا مالك هكذا يصير حتى خرَّ مغشيًا عليه في جوف القبر! فحملوه فانطلقوا به إلى منزله.
أخي: إنه (القبر!) بيت الوِحْدة.. ودار الوَحشة.. وموطن الظُّلمة.
صاحبه في سَهُود.. وساكنه في خُمُود.. أنيسه الصَّديد والدُّود.. دار الأموات.. ومنزل الحسرات.. ومستودع الكربات..
أخي: ما أفظع القبر من مذكور! وما أشده على الأحياء من مَدْخُور! فزعت من فظاعته القلوب! وهانت دونه الخُطُوب!
فكم من قلب صالح مُخبت ارتجف عند ذكره.. وسالت مَدامعُ صاحبه عند رؤيته وقُربه.
فهذا التقي النقي ذو النُّورين عثمان بن عفان t كان إذا وقف على قبر يبكي حتى يبلَّ لحيته.
فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي! وتبكي من هذا؟!
قال: إن رسول الله ﷺ قال: «إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه! وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه!»
قال: وقال رسول الله ﷺ: «ما رأيت منظرًا قط إلا والقبر أفظه منه.» رواه الترمذي وابن ماجه/ صحيح ابن ماجه: 4343
أخي في الله: يا لهول الخطب الفادح! ويا لهول يومنا في جوف الثَّرى!
أخي: لا راجع من الموتى فيخبرنا عن تلك الخُطُوب! ولا مُطَّلع من الأحياء على تلك الأهوال والكُرُوب.
أخي: وحشة.. وظلمة؟؟ وأهوال, ودُود! فيا الله! أين المهرب من تلك الحفرة؟! أم أين الفرار من ذلك اللَّحد؟!
وعَظتْكَ أجْداثٌ صُمُتْ | ||||
ونَعَتْكَ أزمنَةٌ خُفُتْ | ||||
وتَكلَّمتْ عن أوجُهٍ تبلى | ||||
وعن صُوَرٍ سُبُتْ | ||||
وأَرْتْك نفسَك في القُبُور | ||||
وأنتَ حيٌّ لم تَمُتْ | ||||
أخي المسلم: إذا تذكَّرت القبر فتذكَّر الظُّلْمة! فيا الله! ونحن في دار الدنيا وفي الأرض الواسعة؛ إذا أُطْفئ المصباح عمَّ الظلام! وأطلَّت الوَحشة! فيَا للمَصَاب كيف سيكون حال من أطبقوا عليه الثَّرى؟!
قال رسول الله ﷺ: «إن هذه القبور مملوءة ظُلمة على أهلها وإن الله عز وجل يُنورها لهم بصلاتي عليهم» رواه البخاري ومسلم.
أخي: وإذا تذكَّرت القبر فتذكَّر ضَمَّـه! فما أفظعه من يوم أخي يومًا بنطيق عليك القبر!! فلا تَسَل أخي عن فظاعة ذلك وهوله!
أخي: أتُرَانا ناجين من هَوْل تلك الضَّمَّة؟!
أخي: ألا حدَّثتني عن نفسك! هل تذكرت يومًا تلك اللحظات الفيظعة؟!
أخي: إن لم تتذكَّر! فتذكَّر، فواشدة يوم يضيق فيه القبر ليَضُمَّ ذلك العبد الضَّعيف!!
أخي: وكم يصيب الفزعُ الأفئدة عندما تعلم أن الصالحين لم ينجوا من هول تلك الضَّمَّة!! ألا ترى إلى سعد بن معاذ t سيد الأنصار، وصاحب المواقف المشهورة في نصرة النبي ﷺ، والذي اهتزَّ عرش الرحمن لموته! وشهد تشييعه سبعون ألفًا من الملائكة! ها هو يخبر عنه النبي ﷺ: «هذا الذي تحرَّك له العرش! وفتحت له أبواب السماء! وشهده سبعون ألفًا من الملائكة! لقد ضُمَّ ضَمَّة ثم فُرج عنه!» رواه النسائي: صحيح النسائي: 2054.
قال ابن أبي مليكة رحمه الله: (ما أُجير من ضَغطة القبر أحد! ولا سعد بن معاذ الذي منديل من مناديله – أي في الجنة – خير من الدنيا وما فيها!).
أخي: يا لهول تلك الديار! ويا لكرب من حلها للقرار! أهوالها لا تُطاق.. وشدائدها لا يكشفها إلا الواحد الخلاَّق..
أخي: إذا وضعوك في قبرك نزل عليك ملكان ليسألانك! فما أشدها من لحظات على الغافلين! وما أسوأها على المُرتابين المكذبين!
وأما المؤمنون الصادقون؛ فما أسعدها عليهم من لحظات.. وما أهنأها لهم من ساعات..
أخي: تأمَّل معي تلك اللحظات! وسل الله تعالى الرضوان والتوفيق.
قال رسول الله ﷺ: «فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: مَنْ ربك؟!
فيقول: ربي الله.
فيقولان له: ما دينك؟!
فيقول: ديني الإسلام.
فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟!
فيقول: هو رسول الله ﷺ.
فيقولان له: وما علمك؟!
فيقول: قرأت كتاب الله، فآمنت به وصدقتُ.
فينادى منادٍ في السماء: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة.
قال: فيأتيه من روحها وطيبها! ويفسح له في قبره مد بصره!
قال: ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد! فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير. فيقول: أنا عملك الصالح! فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي» رواه أحمد وغيره.
وفي رواية للترمذي: «إذا قبر الميت- أو قال: أحدكم – أتاه ملكان أسودان، أزرقان، يقال لأحدهما المنكر والآخر النكير!
فيقولان: ما كنتَ تقول في هذا الرجل؟!
فيقول: ما كان يقول: هو عبد الله ورسوله، أشِهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله.
فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول هذا.
ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعًا في سبعين، ثم ينور له فيه، ثم يقال له: نم!
فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم!
فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه! حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك» السلسلة الصحيحة: 1391.
أخي: تلك هي حال أهل الصدق من المؤمنين؛ الذين عمَّروا أيامهم بطاعة الله تعالى، والتماس رضوانه، فلقاهم جزاء أهل الصدق.
وأما الكافرون والمرتابون وأهل النفاق، فما أٍسوأ ما وجدوه في قبورهم! وما أفظع ما نالوه جزاء لأعمالهم؛ إذا ردت أرواحهم ليشهدوا تلك الأهوال!
فها هو ﷺ يخبرنا عن مصير هؤلاء الأِشقياء! إذ يقول ﷺ: «فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربُّك؟!
فيقول: ها ها لا أدري!
فيقولان له: ما دينك؟!
فيقول: ها ها لا أدري!
فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟!
فيقول: هاه هاه لا أدري!
فينادي مناد من السماء أن كذب فأفرشُوا له من النار! وافتحوا له بابًا إلى النار! فيأتيه من حرها وسمُومها! ويُضَيَّقُ عليه قبره حتى تُخْتلف فيه أضلاعه! ويأتيه رجل قبيح الوجه؛ قبيح الثياب، مُنْتن الرِّيح! فيقول: أبشر بالذي يسوؤك! هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول: من أنت؟! فوجهك الوجه يجيء بالشَّر. فيقول: أنا عملك الخبيث!! فيقول: رب لا تُقم الساعة!» رواه أحمد وغيره.
وفي رواية للبخاري: «ثم يُضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنية فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين».
أخي: تلك هي النتيجة التي سيعرفها كل عبد إذا أهالوا عليه التراب!
فما أٍعد المؤمنين الصادقين يوم تكون قبورهم روضة من رياض الجنان، وما أِشقى المرتابين المكذبين يوم تكون قبورهم حُفْرة من حُفَر النِّيران!
أخي: ما أٍسعدها للمؤمنين الصادقين من لحظات يوم يرى المؤمن مقعده في الجنة!
رأيت الحق لا يخفى | ولا تخفي شواكلهُ | |
ألا فانظُرْ لنفسك أي | زادٍ أنتَ حاملُهُ | |
لمنزل وحدة بين | المقَابر أنت نازله | |
قصير السمك قد رصت | عليك به جَنادله |
ولتعلم أخي أنه ما من عبد إلا وله مقعدان؛ مقعد في النار، ومقعد في الجنَّة! فإن كان العبد من أهل الجنة رأى مقعده فيها ورأى مقعده في النار إن كان عمل بعمل أهل النار! فيزداد سروره إذا أبصر ذلك.
قال رسول الله ﷺ: «فيقال: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدًا من الجنة» رواه البخاري.
وأما المرتاب والمنافق فيزداد غمه وحزنمه إذا أبصر مقعده في الجنة إن كان عمل بعمل أهل الجنَّة!
أخي في الله: ما أفظعها من لحظات! تلك اللحظات التي يُسأل فيها العبد في قبره!
فليت شعري أخي ماذا أعددت لها؟! عملاً صالحًا؟! أم قلبًا خاشعًا؟! أم لسانًا ذاكرًا؟! فيا لِكَرْب! من نزل قبره مُفرِّطًا مٌقصِّرًا!
أخي: لا تغفلنَّ أن كثر التعوذ من عذاب القبر! عسى الله أن يجعل لك فيه فرجًا يوم لا فارج لكُرُباته إلا هو تبارك وتعالى.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنَّ رسول الله ﷺ كان يعلِّمهم هذا الدُّعاء كما يعلِّمهم السورة من القرآن! يقول: «قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات» رواه مسلم.
أخي: هو (عذاب القبر!) ما أشد هوله! وما أفظعه! أرأيت أخي كيف أخفاه الله تعالى عن الأحياء؛ لأنهم لا يطيقون مشاهدته أو سماعه! فلو شاهدوه أو سمعوه لما دفن حيٌّ ميتًا!
قال النبي ﷺ: «لولا أن لا تدافنوا لدعوات الله أن يسمعكم من عذاب القبر» رواه مسلم.
أخي: تذكر يومًا أنت فيه وحيدًا! منفردًا عن الخلق! ولا أنيس! ولا جليس!
أخي: أتدري من الجليس في تلك الوَحْشَة؟!
إنه (العمل الصالح!) نعم الزاد في الدنيا والآخرة.. ونعم الصديق إذا أوحشك صديق.. ونعم الرفيق يوم يسلمك الرفيق إلى الثرى!
قال رسول الله ﷺ: «يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد! يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله ويبقى عمله» رواه البخاري ومسلم.
أخي: لا تكونن ممن غفل عن الصالحات وزهد في الطاعات! فما أحوجك أخي إليها في يوم التثبيت! يوم سؤال الملكين إذا انفردا بك في قبرك! يومها يثبت الصادقين مولاهم تعالى ويلهمهم الحجة.. إذ أنهم عاملوه تعالى في دار الدنيا بالصدق والإخلاص.
قال النبي ﷺ: «إذا أقعد المؤمن في قبره أتي، ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فذلك قوله: }يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ{» [إبراهيم: 27] رواه البخاري ومسلم.
قال نصر بن محمد السمرقندي: (ويقال: التثبيت في أربعة أحوال:
أحدها: عند الموت.
والثاني: في القبر حتى يجيب بلا خوف.
والثالث: عند الحساب.
والرابع: عند الصراط حتى يمر كالبرق الخاطف).
أخي المسلم: ما أحوجك إلى الثبات غدًا إذا نزلت قبرك! وأحاط بك الملكان!
أخي: وكم كان نبينا ﷺ رحيمًا ورفيقًا بأمته كما يحدثنا عنه عثمان بن عفان t قال: كان النبي ﷺ إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: «استغفروا لأخيكم وسلوا له بالتثبيت فإنه الآن يسأل» رواه أبو داود/ صحيح أبي داود: 3221.
أخي: أعاذني الله وإياك من فتنة القبر.. أخي ما أعظم خسران أولئك الغافلين إذا نزلوا القبور! وفارقوا النعيم والدور! فواكربَهم! نسَوْا بيت الظُّلمة والدُّود! نسوا يوم الوَحشة والسُّهُود!
عن البراء بن عازب t قال: بينما نحن مع رسول الله ﷺ إذ بصر بجماعة فقال: «علام اجتمع هؤلاء؟» قيل: على قبر يحفرونه.
قال: ففزع رسول الله ﷺ فبدر بين يدي أصحابه مُسرعا! حتى انتهى إلى القبر فجثا عليه! قال: فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع.
فبكى! حتى بل الثرى من دموعه! ثم أقبل علينا، قال: «أي إخواني, لمثل اليوم فأعدُّوا!» رواه أحمد/ السلسلة الصحيحة: 1751
أخي: يا ويل نفس لم تعمل الصالحات حتى زارت ظلمة القبور! ألا أخي فلتذكُر تلك الظُّلمات.. إذا غادرك القريب والبعيد بين الأموات..
كأن الأرض قد طُويت عليَّا | وقد أخرجت مما في يديا | |
كأني يوم يحثو الترب قومي | مهيلاً لم أكن في الناس حيَّا | |
كأن القوم قد دفعوا وولوا | وكلٌّ غيرُ مُلتفت إليَّا | |
كأن قد صرْتُ منفردًا وحيدًا | ومُرْتَهنًا هناك بما لَدَيَّا |
أخي في الله: تذكر القبور.. وعُد نفسك من سكان تلك الدور.. عساك أن تكون من أهل السرور.
* قال سفيان الثوري رحمه الله: (من أكثر من ذكر القبر وجده روضة من رياض الجنة، ومن غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النار!).
أخي: هلاَّ عجبتَ معي من أولئك الصالحين الذين كان تذكر الموت والقبور يتردد على قلوبهم كتردد أنفاسهم!
* كان هشام الدستوائي رحمه الله إذا طُفئ المصباح غشيه من ذلك أمر عظيم!
فقالت له امرأته: إنه يغشاك أمر عظيم عند المصباح إذا طفئ؟!
قال: إني أذكر ظلمة القبر!
أخي: ما أقسى هذه القلوب! لا الموت يفزعها! ولا القبر يخوفها! كأنما خلقت من الحجر!
أخي: رحم الله أقوامًا كانوا إذا قست قلوبهم ذكروها الموت.. وخوفوها بالقبر والنيران.. فهذا الصالح القانت الربيع بن خثيم رحمه الله تلميذ ابن مسعود t وأشبه الناس به! كان رحمه الله قد حفر في داره قبرًا! فكان إذا وجد في قلبه قساوة دخل فيه فاضطجع فيه! ومكث ساعة ثم قال: }حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ{.
ثم يقول: يا ربيع قد أرجعت! فاعمل الآن قبل أن لا تُرجع!!
* وكان يزيد الرقاشي رحمه الله يقول: أيها المقبور في حفرته! المتخلي في القبر وحدته! المستأنس في بطن الأرض بأعماله! ليت شعري! بأي أعمالك استبشرت؟! وبأي أحوالك اغتبطت؟!
ثم يبكي حتى يبل عمامته! ويقول: (استبشر والله بأعماله الصالحة، واغتبط والله بإخوانه المعاونين له على طاعة الله).
أخي: الوقوف بديار الموتى يذكر الموت.. ورؤية القبور تذكر القبر.. فيا لحظ نفس اعتبرت بالقبور.. وعملت ليوم النشور.
قال رسول الله ﷺ: «زُوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» رواه ابن ماجه/ صحيح ابن ماجه: 1591.
كان أبو الدرداء t يقعد إلى القبور، فقيل له في ذلك!
فقال: (أجلس إلى قوم يذكرونني معادي، وإن قمت عنهم لا يغتابونني!).
وقيل لبعض الزُّهَّاد: ما أبلغ العظات؟!
قال: (النظر إلى محلة الأموات!).
أتَيْتُ القُبورَ فساءلتها | أينَ المُعَظمُ والمحتقر | |
وأين المذل بسلطانه | وأين القويُّ على ما قَدرْ | |
تفانوا جميعًا فما مُخبرٌ | وماتوا جميعًا ومات الخبرْ | |
فيا سائلي عن أناس مضوا | أما لك فيما مضى معتبر |
أخي المسلم: يا لشدة يوم ترحل فيه إلى باطن التراب.. وتفرد فيه للوحشة وعظائم المصاب.. انقطعت اللذات.. وجفاك الأهل والقرابات..
أخي: ألا فلتفزع معي إلى الرحمن الرحيم.. رب العباد وواهب الفضل العظيم..
(يا من لا يأنس بشيء أبقاه، ولا يستوحش من شيء أفناه، ويا أنيس كل غريب، ارحم في القبر غُربتي.
ويا ثاني كل وحيد آنس في القبر وحدتي) أبو سليمان الدارين رحمه الله.
}يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ{ [إبراهيم: 27].
* * * *
* * * *