×
كتيب يتحدث عن بعض معالم التغريب ومخاطره مع كيفية السلامة منها.

 نصائح وتوجيهات إلى الأخت المسلمة

أبو الحسن بن محمد الفقيه

بسم الله الرحمن الرحيم

 المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:

التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في عصرنا هذا، أخطر بكثير من أي عصر مضى، ولذا فإنه لا بد من مضاعفة الجهود، وشحذ الطاقات مواجهة لذاك التحدي! لوسائل التواصل الحضاري ممثلة في وسائل الإعلام العالمية كالتلفاز وشبكات الاتصالات المرئية «الإنترنت» وغيرها من الوسائل لها أثر كبير على نمط حياة كثير من البنات بما تطرحه من ثقافات وأفكار. فإذا لم تكن المسلمة على وعي بدينها وهويتها – انزلقت في مهاوي التغريب والتقليد الأعمي.

أختي المسلمة..

وحتى تكوني على بينه من هذا الأمر, لابد أن تحيطي علمًا بمكائد الكفار!! وما الذي يهدفون إليه من وراء الدعوة إلى حرية المرأة!! وتلميع نساء الغرب!! وإظهارهن كنماذج للرقي الحضاري في الوقت الذي تعيش فيه الغربيات أدنى درجات الانحطاط والصغار..

وإليك هذا الكتاب يبين قدر المستطاع بعض معالم التغريب ومخاطره.. ويدلك على المخرج من فتن العصر حتى تحيين سالمة آمنة إلى حين.

والله ولي التوفيق..

 حرية جوفاء

1- وقفة وتأمل:

أخية.. قد تسمعين أو تقرئين عن «حرية المرأة»! فهو موضوع ذاع صيته واشتهر.. وشاع بين الناس وانتشر.. فهل تدركين معنى ذلك!

فالموضوع على ضخامة عنوانه.. واختلاف معارضيه وأنصاره.. لا يستحق – عند المسلمة الواعية – كثيرًا من التحليل والنقاش.. فهو واحد من مفردات شتى ومبادئ عدة قد حسم الكلام فيها بميثاق: لا إله إلا الله محمد رسول الله. فما الجديد؟

فلا إله إلا الله تعني الإذعان لله جل وعلا وعبوديته وحده لا شريك له. ومحمد رسول الله تعني الانقياد لما دلت عليه كلمة التوحيد من مفردات العبودية..

أخية.. فلا تنسي وأنت تتناولين موضوع «الحرية» أنك عبدة لله جل وعلا وأن مقتضى العبودية هو الانقياد الكامل والقبول التام لأوامر الله ورسوله.

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾[الأحزاب: 36].

فالخروج عن أوامر الله وطاعته هو فسق وفجور ولئن سماه من سماه «حرية» فإنما هو تلبيس وتضليل وتزيين.

وهل يعقل أن تكون الحرية هي نزع الحشمة والحياء ومخالطة الرجال في الأرجاء؟!

وهل يعد تمزيق الحجاب وانتزاع الجلباب من الحرية في شيء؟!

إن الإسلام ما جاء إلا لتكريم الإنسان عامة ورفع ما عليه من إصر وأغلال، وإخراجه من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد.

قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾[الإسراء: 70].

ولقد خص الإسلام المرأة بالتكريم وجعل مكانتها في المجتمع عظيمة بما يكفل لها حقوقها ويرفع عنها إصرها ويضمن لها كرامتها.

2- من تكريم الإسلام للمرأة:

منذ أن لاحت شمس الإسلام في الآفاق، والمرأة المسلمة تعيش في ذروة الكرامة والعز، فلقد حفظها في مهدها فحرم وأدها، وحفظها في شبابها وصان عرضها، وأكرمها في أمومتها فأوجب برها، ورسم لها منهج حياة رصين يضمن لها السعادة في الدنيا والآخرة ويحفظها من التيه والضياع. ومن مظاهر تكريمها:

* المساواة في الإنسانية:

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾[الحجرات: 13].

فالمرأة تستوي هي والرجل في أصل الإنسانية وإنما يتفاوت التكريم بينهما عند الله بحسب التقوى والإيمان والعمل الصالح.

* المساواة في الجزاء الأخروي:

وذلك أن الله جل وعلا جعل للأعمال جزاء وثوابًا في الآخرة، وكل من عمل صالحًا من المرأة أو الرجل استحق ذلك الثواب من غير تفريق في جنس العامل. قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾[الأحزاب: 35].

وقال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[النحل: 97].

* المساواة في التكاليف غالبًا:

فلقد انعقد الإجماع على أن النساء والرجال في وجوب العمل بأركان الإسلام سواء، إلا أن المرأة تسقط عنها الصلاة حال الحيض أو النفاس ولا تعيدها، ويسقط عنها الصوم كذلك في زمنهما لكنها تقضي ما فاتها من الصيام.

وأما الإيمان فقد خاطب الله جل وعلا النساء بالمؤمنات في آيات كثيرة دلالة على مساواتهن بالرجال في استحقاق هذا الاسم. قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾[الأحزاب: 58].

وفي الجملة فإن المرأة والرجل سواء في التكاليف الدينية إلا في حالات خاصة خفف فيها الإسلام عن المرأة رحمة بها ولحكمة يعلمها الله تعالى.

* حرية التصرف في الحقوق المادية:

فللمرأة حق التصرف فيما تملكه من حقوق، كحق البيع والشراء، والدين، والرهن، والوكالة، والإيجار، والاتجار، والكفالة ومباشرة جميع العقود وغيرها.

فلقد ضمن لها الإسلام حقوقها المادية كلها بشرط أن ينضبط تصرفها بضوابط الشرع العامة. قال تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾[النساء: 32].

وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ﴾[النساء: 19، 20].

3- وصية الإسلام بالنساء:

ولقد ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة جملة من النصوص التي تتضمن الرفق بالمرأة، والرحمة بها، والزجر عن ظلمها وهضمك حقوقها التي كفلها الله لها.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئًا، فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن – لذلك – علينا حقًا)([1]).

ولقد وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمرأة خيرًا، وكان صلى الله عليه وسلم خير الناس لنسائه، فما ضربهن ولا عيرهن ولا آذاهن بل كان بهن رؤوفًا رحيمًا، وقال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله في النساء» [رواه مسلم] و«استوصوا بالنساء خيرًا»([2] وكان يقول صلى الله عليه وسلم: «إني أحرَّج حق الضعيفين: المرأة واليتيم»([3]).

ومن قرأ سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملته لأهله وجد فيها من الأخلاق والآداب ما يدل على تكريمه للمرأة وإحسانه إليها، فقد كان يعاملهن بالمودة والموادعة والمواتاة، وبذل المعونة وانتقاء أطايب الكلام، وترك التكلفة، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «خيرُكم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»([4]).

وعن الأسود قال: سألت عائشة رضي الله عنها: ما كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم في أهله؟ فقالت: «كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة»([5]).

وإذا كان الإسلام بتعاليمه السمحة قد كرم المرأة وصان حقوقها، فلا عجب أن نسمع بين الحين والآخر من يخرج عن تلك التعاليم.. فهناك الآباء الجهلة، وهناك الأزواج القساة العصاة. ووجود هؤلاء بين أفراد المجتمع حالة مرضية تقتضي العلاج المناسب، ولا تقتضي أبدًا إلغاء تعاليم الإسلام في معاملات المرأة، وإبدالها بآراء الرجال!!

يا ربّ قد أذنبت فاقبل توبتي

مَن يغفر الذنب العظيم سواك

4- وقفة ثانية..

أختي المسلمة: هذا هو الإسلام قد جعل مكانتك في المجتمع سامية.. وأعطاك منزلة عالية.. تنالينها بعبودية الله وحده.. فتحصلين بها على أعلى مراتب الحرية والكرامة والعز.

وكلما لزمت عتبة العبودية.. حصلت على ذروة الشرف والسعادة الأبدية.. فلا تبالين بما تسمعينه من شبهات.. وشعارات.. وهتافات.. تتفنن جميعها بشتى الطرق؛ لتخرجك من عبودية الله وحده.. إلى عبودية البشر..

أختاه لست ببنت لا جذور لها

ولست مقطوعة مجهولة النسب

أنت ابنة العرب من الإسلام عشت به

في حضن أطهر أم من أعز أب

فلا تبالي بما يلقون من شبه

وعندك العقل إن تدعيه يستجب

سليه: من أنا؟ ما أهلي؟ لمن نسبي

للغرب أم أنا للإسلام والعرب

وما مكاني في دنيا تموج بنا

في موضع الرأس أم في موضع الذنب

هما سبيلان يا أختاه ما لهما

من ثالث فاكسبي خيرًا أو اكتسبي

سبيل ربك والقرآن منهجه

نور من الله لم يحجب ولم يغب

في ركبه شرف الدنيا وعزتها

ويوم نبعث في خير منقلب

فليس حرية المرأة المسلمة في استحلال الحرام.. وولوج دروب الظلام.. في متاهات التغريب.. وسبل الانحلال والتهتك!

وليست حرية المرأة في تنكرها للدين.. واتباع سبيل المفسدين!!

وليست حرية المرأة في إطلاق عنانها في المحرمات.. كسماع الأغنيات والتسكع في الطرقات.. والاختلاط بالرجال في التجمعات!! إنما الحرية هي تحرر من سيطرة الهوى.. ونزغات الشيطان.. وإلزام النفس بالتقوى وسبيل الإيمان ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾[النازعات: 40، 41].

أخيــة..

ما كان ربك جائرًا في شرعه

فاستمسكي بعراه حتى تسلمي

ودعي هراء القائلين سفاهة

إن التقدم في السفور الأعجمي

إياكِ إياك الخداع بقولهم

أختاه يا ذات الحياء تقدمي

تقول الكاتبة الأمريكية (هيلين ستانبري): «إن المجتمع العربي مجتمع كامل سليم ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيد للفتاة والشاب، وإن هذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوربي والأمريكي.

ففي المجتمع العربي تقاليد ([6]) تحتم تقييد المرأة وتحتم احترام الأب والأم، بل وتحتم أكثر من ذلك عدم الإباحية الغربية، التي تهدد اليوم المجتمع والأسر في أوروبا وأمريكا. ولذلك, فإن القيود التي يفرضها المجتمع الإسلامي على الفتاة صالحة ونافعة، ولهذا أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، وامنعوا الاختلاط، وقيدوا حرية الفتاة بل ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا»([7]).

فتأملي – أخية – في هذه الشهادة.. فإن الحق ما شهد به الأعداء!!

 ضجة «الأزياء»

من رحمة الله جل وعلا بخلقه أن شرع لهم في الدين شريعة تشمل سائر حياتهم، فشمولية الأحكام في الإسلام تترامى في حياة المسلم بكل أنماطها وأطوارها على اختلاف الأجناس والأزمان والبلدان. قال تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾[الأنعام: 38].

وموضوع «اللباس» قد تناوله الإسلام تناولاً دقيقًا بين من خلاله، ما يجوز وما لا يجوز منه للرجال والنساء على السواء، وفصل فيه مميزات لباس المرأة وشروطه وأوصافه موازاة لطبيعتها وتكوينها وتأثيرها على غيرها في المجتمع، وكذلك فصل لباس الرجل وشروطه وصفاته بما يناسب حاله وتكوينه وتأثيره، كل ذلك حتى يعبد الإنسان ربه على علم وبصيرة، وحتى لا تكون فتنة في الأرض وفساد كبير.

ومن مستجدات هذا العصر: ظهور ما يسمى بـ «الموضة»([8]) التي تعني مواكبة سير العصر في اللباس والزينة والأزياء بغض النظر عن شكلها ومخالفتها أو موافقتها للدين والتقاليد غالبًا. وهي موجة عارمة قد غمرت بانتشارها أغلب المجتمعات وتأثرت بمفاهيمها أكثر الفتيات. بل لم يسلم من ويلاتها حتى الرجال في أغلب الأحوال.

وما عجب أن النساء ترجلت

ولكن تأنيث الرجال عُجابُ

أختي المسلمة.. ليس من البدعة في شيء أن تنعم المرأة باللباس، وأن تختار من اللباس ما يناسبها، فإن الله جل وعلا زجر عن تحريم ما أخرج لعباده من الزينة فقال: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾[الأعراف: 32]. ولكن ليس معنى ذلك أن تتجاوز الأخت المسلمة حدود الله في ذلك. فقد تعبدها الله بطاعته، ورسم لها حدودًا في لباسها لا يجوز لها أن تتعداها بأي حال من الأحوال: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾[الطلاق: 1].

ومهما تطورت «موضة الأزياء» فلا يمكنها أن تؤثر في أحكام الله ورسوله فهي ثابتة لا تتغير ولا تقبل التطوير والتبديل.

فالمرأة المسلمة ملزمة بالحجاب خارج بيتها.. وحجابها مشروط بشروطه المعروفة ولا تخضع بأي حال لمقاييس الأزياء العصرية.. مهما بلغ انتشارها وشهرتها؛ لأن حجابها عبادة لله جل وعلا ولا يمكن للمرأة العاقلة أن تنتزع جلبابها وتتجرد من عبادتها لهثًا وراء لباس أقمشة العري والتهتك.

لحد الركبتين تشمرينا

بربك أي واد تعبرينا

كأن الثوب ظل في الصباح

يزيد تقلصًا حينًا فحينًا

تظنين الرجال بلا شعور

لأنك ربما لا تشعرينا

«وإننا لنأسف كل الأسف أن يأخذ أقوام من هذه الأمة المسلمة بكل ما ورد عليهم من عادات وتقاليد وشعارات من غير أن يتأنوا فيها وينظروا إليها بنظر الشرع والعقل: ينظروا فيها هل تخالف شريعة الله أو لا؟ فإذا كانت تخالف شريعة الله رفضوها واجتنبوها كما يرفض الجسم السليم جرثومة المرض، ثم نصحوا من كان متلبسًا بها من إخوانهم المسلمين الدين وردوا بها ونقلوها إلى مجتمعاتهم بدون تأمل ونظر، فهذه حقيقة المؤمن أن يكون قوي الشخصية متبوعًا لا تابعًا، صالحًا مصلحًا نافذ العزيمة، بصير التفكير. وإذا كانت هذه العادات والتقاليد والشعارات الواردة إلينا لا تخالف الشريعة فلينظر إليها بنظر العقل! فلننظر ما نتيجتها في الحاضر والمستقبل القريب والبعيد، فإنه قد لا يكون لها تأثير ملموس في الحاضر، لكن لها تأثير مرتقب في المستقبل.

ومتى سرنا بهذا الاتجاه وعلى هذا الخط فمعنى ذلك أننا نسير على بصيرة وفي اتجاه سليم موفق بإذن الله تعالى»([9]).

وقد حذر الله جل وعلا عباده من اتباع الشيطان وخطواته فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾[البقرة: 208].

وهذه الأزياء التي يقتضي لباسها التشبه بالكفار هي في ذاتها من خطوات الشيطان، فهناك من انجرفت مع «الموضة» حتى أصبحت على استعداد لارتداء الجديد في عالم الأزياء ولو كان من ورق؛ لشدة إعجابها وانبهارها بلباس الكفار.. هذا إذا لم تكن ممن تستثقل العباءة والحجاب وتراه قيدًا يشل رغبتها في تقليل الغربيات في لباسهن. وفي الحقيقة من تأمل في حياة الغربيات بل وعارضات الأزياء أنفسهن أشفق على حالهن وحمد الله جل وعلا على ما بينه للمسلمين من جميل الثياب الذي يلائم الفطرة النقية.

تقول عارضة الأزياء الفرنسية «فابيان» بعد أن أسلمت:

لولا فضل الله علي ورحمته بي لضاعت حياتي في عالم ينحدر فيه الإنسان ليصبح مجرد حيوان، كل همه إشباع رغباته وغرائزه بلا قيم ولا مبادئ.

كان الطريق أمامي سهلاً – أو هكذا بدا لي – فسرعان ما عرفت طعم الشهرة، وغمرتني الهدايا الثمينة التي لم أكن أحلم باقتنائها.. ولكن كان الثمن غاليًا، فكان يجب أولاً أن أتجرد من إنسانيتي، وكان شرط النجاح والتألف أن أفقد حساسيتي وشعوري، وأتخلى عن حيائي الذي تربيت بداخله، وأفقد ذكائي، ولا أحاول فهم أي شيء غير حركات جسدي. إن بيوت الأزياء جعلت مني مجرد صنم متحرك مهمته العبث بالقلوب والعقول.. فقد تعلمت كيف أكون باردة قاسية مغرورة فارغة من الداخل.. لا أكون سوى إطار يرتدي الملابس، فكنت جمادًا يتحرك ويبتسم ولكنه لا يشعر، ولم أكن وحدي المطالبة بذلك, فكلما تألقت العارضة في تجردها من بشريتها وآدميتها زاد قدرها في هذا العالم القاسي البارد، أما إذا خالفت أيًا من تعاليم الأزياء فتعرض نفسها لألوان العقوبات التي يدخل فيها الأذى النفسي والجسماني.. عشت أتجول في العالم عارضة لأحدث خطوط الموضة بكل ما فيها من تبرج وغرور ومجاراة لرغبات الشيطان في إبراز مفاتن المرأة دون خجل ولا حياء ([10]).

قل للجميلة أرسلت أظفارها

إني لخوفي كدت أمشي هاربا

بالأمس أنت قصصت شعرك غيلة

ونقلت عن وضع الطبيعة حاميا

وغدا نراك نقلت ثغرت للقفا

وأزحت أنفك رغم أنفك حاجبا

من علم الحسناء أن جمالها

في أن تخالف خلقها وتجانبا

إن الجمال من الطبيعة رسمه

إن شذ خط منه لم يك صائبا

 معالم الطريق

من دقة القرآن في الدلالة على مفاهيم الهدى أن وصف الطريق إلى الله جل وعلا وصفًا دقيقًا لا لبس فيه وسماه الطريق المستقيم.

وإذا تأملت أختي المسلمة في «كلمة المستقيم» وجدتها تدل على خيرية هذا الطريق ويسره وسهولته، فمن المعلوم أن أقرب مسافة بين نقطتين هو الخط المستقيم، وأما الخطوط الأخرى فإنها أبعد من حيث المسافة.. فإذا سلكها الإنسان ناله التعب والجهد قبل الوصول إلى مبتغاه.. ولذلك فقد أمر الله جل وعلا باتباع سبيله فقال: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾[الأنعام: 153] فما هي معالم ذاك الطريق؟

1- الإيمان: فالقلب الذي يعمره الإيمان لابد وأن يهجره الشيطان ﴿إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾[النحل: 100]، وما هذا الضعف الذي نراه يستشري في فتياتنا إلا بسبب ضعف العقيدة وهوان الإيمان.. فمن كان إيمانه بالله قويًا ظهر إيمانه على لسانه بالذكر وعلى عقله بالفكر وعلو جوارحه بالأعمال الصالحة، فالإيمان قول واعتقاد وعمل قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾[المؤمنون: 1-5].

وفي صحيح مسلم من حديث سفيان بن عبد الله الثقفي، قال: قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا بعدك. قال: «قل آمنت بالله ثم استقم».

قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي: فبين صلى الله عليه وسلم بهذه الوصية الجامعة أن العبد إذا اعترف بالإيمان ظاهرًا وباطنًا ثم استقام على الصراط المستقيم، رجا له أن يدخل مع من قال الله عنهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾ [فصلت: 30-32]([11]).

 أختي المسلمة: وتذكري أن الإيمان بالله جل وعلا يولد – كلما تقوى – مراقبة الله جل وعلا، ويثبت صاحبه عند الفتن والزلازل والقلاقل ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾[إبراهيم: 27] فجددي إيمانك بالصالحات والمسابقة إلى القربات والمنافسة في الطاعات.

2- الاستقامة على الدين: أخية.. والاستقامة على الجدين تقتضي البعد عن المحرمات كلها، والإقبال على الفرائض جميعها.. قال تعالى: ﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾[الشورى: 15]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (ما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع القرآن آية كانت أشد ولا أشق عليه من هذه الآية).

وتذكري أختي المسلمة أن الاستقامة هي جماع الخير كله، ولها أسباب أهمها:

1- العلم: قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾[فاطر: 28] وعلى قدر علم العبد بربه ومعرفته بأسمائه وصفاته قولاً واعتقادًا وعملاً تكون استقامته وخشيته.

2- التوبة والاستغفار: فإن التوبة تجب ما قبلها وتنور البصيرة والقلب قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾[الأعراف: 201].

3- الدعاء: فإنه سلاح سهل لسلوك الطريق إلى الله، قال صلى الله عليه وسلم: «أعجز الناس من عجز عن الدعاء»([12]). وقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾[البقرة: 186].

أخية.. إنما هي أيام..

أختي المسلمة: قلب طرفك في الحياة.. وانظري ماذا تريدين! إنها أيام معدودة وأنفاس محدودة.. تمضي ولا تعود.. فليتك تعلمين..

تأملي فيمن مضى.. من القرون وانقضى.. إلى أين صاروا ورحلوا.. وكم عاشوا وشربوا وأكلوا..

كأنك لم تسمع بأخبار من مضى

ولم تر في الباقين ما يصنع الدهرُ

فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم

محاها مجال الريح بعدك والقطر

على ذاك مروا أجمعون وهكذا

يمرون حتى يستردهم الحشر

فحتى متى لا تصحوا وقد قرب المدى

وحتى متى لا ينجاب عن قبلك السكر

بل سوف تصحوا حين ينكشف الغطا

وتذكر قولي حين لا ينفع الذكر

فأيامك – أخية – إلى زوال.. فإن عمرتها بالطاعات فستجنين منها الثواب والنجاة.. وإن أشغلتها في الملاهي والسيئات.. فستجنين منها الذل والعقوبات..

فانظري ماذا تعملين؟! فليس لك من ممتلكات الدنيا إلا الكفن.. وليس لك من شفيع إلا صالح العمل.

انظر إلى من حوى الدنيا وزينتها

هل راح منها بغير الكسف والكفن

فعلمَ التهافت إذن؟

أختاه.. تذكري أنك على سفر بعيد. زاده التقوى ومركبه العمل.. وليس لك والله من الوصول إلى ساح الحساب مفر... فإما إلى جنة ونعيم.. وإما إلى نار وجحيم.

قام أبو ذر الغفاري عند الكعبة فقال: يا أيها الناس, أنا جندب الغفاري، هلموا إلى الأخ الناصح الشفيق، فاكتنفه الناس، فقال: أرأيتم لو أن أحدكم أراد سفرًا ليس يتخذ من الزاد ما يصلحه ويبلغه؟ قالوا: بلى. قال: فإن سفر طريق يوم القيامة أبعد ما تريدون، فخذوا ما يصلحكم، قالوا: وما يصلحنا؟ قال: حجوا حجة لعظائم الأمور، وصوموا يومًا شديدًا حره لطول النشور، وصلوا ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور.

عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى

وللمشتري دنياه بالدين أعجب

وأعجب من هذين من باع دينه

بدنيا سواه فهو من ذين أخيبُ

أختاه.. لقد قطع يقين الموت الأكباد.. وشرب كأسه العادي والبادي.. ولم ينفع معه حساب ولا عناد.. وكيف وقد أهلك القرون الأولى والأجداد.. فتذكري وتبصري وتدبري.. فما أنت بالخلد ناعمة.. ولا في الدنيا قائمة.. ولا بالحياة دائمة ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: 26، 27].

ليت شعري فإني لست أدري

أي يوم يكون آخر عمري

وبأي البلاد تفيض روحي

وبأي البلاد يحفر قبري

قال شقيق البلخي: الناس يقولون ثلاثة أقوال وقد تألفوها في أعمالهم؛ يقولون: نحن عبيد لله وهم يعملون عمل الأحرار وهذا خلاف قولهم.

ويقولون: إن الله كفيل بأرزاقنا ولا تطمئن قلوبهم إلا بالدنيا وجمع حطامها. وهذا أيضًا خلاف قولهم.

ويقولون: لابد لنا من الموت وهم يعملون أعمال من لا يموت. وهذا أيضًا خلاف قولهم.

فإياك أن تخدعي.. بزهرة الدنيا وشهواتها.. وتستهويك زخارفها وملذاتها.. وتجذبك إليها زينتها وأزياؤها.. فتنساقي إليها متملصة من أحكام الدين.. باسم الحرية والتحضر.. وتبيعي نفيسًا بخسيس.. ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[يونس: 24].

يا من تمتع بالدنيا وبهجتها

ولا تنام عن اللذات عيناه

أفنيت عمرك فيما لست تدركه

تقول لله ماذا حين تلقاه

وما تزينه أختي المسلمة.. من لهث الناس وراءها.. وتفريطهم في الواجبات.. والفرائض والطاعات إنما هو بلاء وابتلاء.. ومطايا للشقاء.. وليست كثرتهم دليلاً على صدق المقال.. ولا صلاح الفعال.. ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف: 103].

وقد أخبر الله جل وعلا عن ذلك فقال: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ﴾[آل عمران: 14] وقال تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}([13]) [العنكبوت: 64].

فالحذر الحذر.. أن يمنيك سرابها.. أو يلهيك شرابها..

فإنما هي جيفة مستحيلة

عليها كلاب همهن اجتذابها

فإن تجتنبها كنت سلمًا لأهلها

وإن تجتذبها نازعتك كلابها

أوصى عبد الله بن خبيق بقوله: لا تغتم إلا من شيء يضرك غدًا، ولا تفرح إلا بشيء يسرك غدًا وأنفع الخوف ما حجزك عن المعاصي، وأطال منك الحزن على ما فاتك وألزمك الفكرة بقية عمرك..

أختاه.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: يا ابن آدم، هل رأيت خيرًا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله, يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة. فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له: يا ابن آدم, هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله, ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط» [رواه مسلم].

فيا حسرة على من ضيعت عمرها في المعاصي.. وأشغلت شبابها في التبرج والفساد.. ماذا تقول لله يوم التناد؟!

ويا حسرة علي من ترددت في مهاوي الرذيلة.. تتقلب بين القنوات الفضائية والأزياء الغربية.. والخطوات الشيطانية..

كم ذا التشاغل والأمل

كم ذا التواني والكسل

حتى متى وإلى متى

يحصى عليك فلا تمل

هل بعد شيب العارضين

سوى التوقع للأجل

يا من يعز بنفسه

وعن الصلاح قد امتهل

فالموت أقرب نازل

والقبر صندوق العمل

أختاه.. اقرأي عن عودة التائبات.. وما يسردونه من الأعاجيب والاعترفات فتلك تروي مسيرتها في الرقص والغناء.. وتروي ما كانت تتجرعه من شقاء العيش ونكد الحياة.. ثم تعلن راحتها في الالتزام.. وأخرى تروي حياتها في التمثيل وما فيه من فساد وانحلال وتنصح بنات المسلمين بأن لا يخدعن بالممثلات وأخرى وأخرى.. وصدق الله جل وعلا ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾[طه: 124].

فقفي أختي الكريمة.. وتأملي إلى أين تسيرين؟ وماذا تريدين من هذه الحياة؟ وتذكري أن لا مفر من الحساب.. يوم يقوم الناس لرب العالمين.



([1]) رواه البخاري.

([2]) رواه الترمذي.

([3]) رواه ابن ماجه وحسنه الألباني في الصحيحة (1015).

([4]) رواه الطحاوي في مشكل الآثار.

([5]) رواه البخاري.

([6]) بل هي أحكام ربانية وشريعة سماوية.

([7]) همسات في أذن فتاة، عبد الغني فتح الله ص28.

([8]) وهي كلمة فرنسية وإنجليزية وتعني: الجديد.

([9]) توجيهات للمؤمنات حول التبرج والسفور، للشيخ محمد صالح العثيمين ص13.

([10]) جريدة المسلمون، العدد 238.

([11]) التوضيح والبيان لشجرة الإيمان، ص.

([12]) رواه البيهقي وصححه الألباني في صحيح الجامع.

([13]) أي الحياة الهنيئة الخالدة.