حاشية على الإقناع وشرحه
التصنيفات
- فقه >> المذاهب الفقهية >> المذهب الحنبلي
الوصف المفصل
- حاشية
على الإقناع وشرحه
- المقدّمــة
- المبحث الأول التعريف بكتاب الإقناع ومؤلفه
- المبحث الثاني التعريف بكتاب كشاف الإقناع ومؤلفه
- المبحث الثالث التعريف بحاشية الإقناع ومؤلفها
- (من كتاب البيع)
- (من باب: الخيار)
- (من باب: الربا)
- (من باب: بيع الأصول والثمار)
- ( من باب: السلم)
- ( من باب: الضمان)
- ( من باب: الحجر)
- ( من باب الوكالة)
- ( من باب:المساقاة والمزارعة)
- (من باب: الإجارة)
- ( من باب: المسابقة)
- (من باب: العارية)
- ( من باب: الغصب)
- ( من باب الشفعة)
- ( من باب: اللقطة واللقيط)
- (من باب: الوقف)
- ( من باب: الهبة والعطية)
- ( من كتاب الوصايا)
- (من كتاب: الفرائض)
حاشية على الإقناع وشرحه
للشيخ العلامة
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
(1307هـ ـ 1376هـ)
من أول كتاب البيع إلى آخر كتاب الفرائض
يطبع لأول مرة
تحقيق ودراسة
د. سامي بن محمد الصقير
أستاذ الفقه المشارك في جامعة القصيم
دار ابن الجوزي
كل الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
1432هـ
مكتبة ابن سعدي 19
حاشية على الإقناع وشرحه
للشيخ العلامة
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
(1307هـ ـ 1376هـ)
من أول كتاب البيع إلى آخر كتاب الفرائض
يطبع لأول مرة
تحقيق ودراسة
د. سامي بن محمد الصقير
أستاذ الفقه المشارك في جامعة القصيم
دار ابن الجوزي
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدّمــة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيرا. أما بعد:
فإن كتاب الإقناع لطالب الانتفاع، كتاب جليل القدر، عظيم النفع، جرد فيه مؤلفه – رحمه الله – الصحيح من مذهب الإمام أحمد – رحمه الله – ولم يؤلف أحد مثله في كثرة مسائله، وتحرير نقوله، وسهولة عبارته ووضوحها، ففيه البغية المنشودة، والضالة المفقودة.
وقد اعتنى به المتأخرون من الأصحاب، وأولوه عناية فائقة من جميع جوانبه.
فتارة بالحفظ والتدريس، واعتماده في القضاء والفتيا.
وتارة بالشرح والاستدلال،
وتارة بالتحشية والتحرير والتدقيق.
وتارة بالاختصار.
وتارة بالجمع بينه وبين كتاب منتهى الإرادات.
وممن خدم هذا الكتاب ، واهتم به بالتحشية والتحرير، الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - فحرر كثيرا من مسائله، وربط بين ما تشابه منها، ورجح من مسائله ما رجحه الدليل، وصدقه التعليل.
وكان من أسباب اختياري لتحقيق هذه الحاشية:
1- شهرة كتاب الإقناع، ومنـزلته الرفيعة عند المتأخرين، واعتماده في القضاء والفتيا.
2- مكانة مصنف الحاشية بين علماء عصره، وشهرته، وتميزه بالتحرير، والتحقيق، والتدقيق.
3- ما لهذه الحاشية من مزايا كما يأتي – إن شاء الله – مفصلا في موضعه.
4- أن تحقيق الحواشي لا يقل أهمية عن تحقيق الشروح، فالشرح وإن فاق الحاشية بتناوله جميع ألفاظ المتن بالشرح والتحليل، لكن الحاشية تفوق الشرح بأن المحشي يتناول من ألفاظ المتن ما يرى أن بحثه مهم، فتجد في الحواشي من العمق، والتحرير، والتدقيق، ما لا يكاد يوجد في الشروح.
وقد كانت خطة العمل في تحقيق هذه الحاشية على النحو التالي:-
أولاً: القسم الدراسي. وتحته ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: التعريف بكتاب الإقناع ومؤلفه وفيه ثلاثة
مطالب.
المطلب الأول: قيمته العلمية ومنـزلته بين كتب المذهب.
المطلب الثاني: شروحه وحواشيه.
المطلب الثالث: التعريف بمؤلف كتاب الإقناع.
المبحث الثاني: التعريف بكتاب كشاف القناع ومؤلفه.
وفيه مطالبان:-
المطلب الأول: قيمته العلمية ومنـزلته بين كتب المذهب.
المطلب الثاني: التعريف بمؤلف كتاب كشاف القناع.
المبحث الثالث: التعريف بحاشية الإقناع ومؤلفها.
وفيه خمسة مطالب:-
المطلب الأول: اسم الحاشية ونسبتها إلى مؤلفها.
المطلب الثاني: مزايا الحاشية وقيمتها العلمية.
المطلب الثالث: منهج المؤلف في حاشيته.
المطلب الرابع: التعريف بمؤلف الحاشية.
المطلب الخامس: النسخة المعتمدة في التحقيق.
ثانياً: منهج التحقيق:-
1- نسخ المخطوط، مع مراعاة علامات الترقيم المعروفة.
2- عزو الآيات القرآنية.
3- تخريج الأحاديث والآثار من مصادرها الأصيلة.
4- توثيق الروايات والنصوص التي يذكرها المؤلف من مصادرها.
5- شرح الغريب من الألفاظ الواردة في الحاشية.
6- فهرس المصادر والمراجع.
7- فهرس الموضوعات.
أسأل الله تعالى أن يجعل عملي خالصا لوجهه، نافعا لعباده،
إنه جواد كريم.
والحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* * *
المبحث الأول التعريف بكتاب الإقناع ومؤلفه
وفيه ثلاثة مطالب:-
المطلب الأول: قيمته العلمية ومنزلته بين كتب المذهب
المطلب الثاني: شروحه وحواشيه.
المطلب الثالث: التعريف بمؤلف كتاب الإقناع.
المطلب الأول قيمته العلمية ومنزلته بين كتب المذهب
يعتبر كتاب الإقناع من أحسن ما ألف من المتون العلمية، وأوسعها، وأشملها في مذهب الحنابلة، وله عند الأصحاب المنـزلة العظيمة، والرتبة الرفيعة، لكثرة مسائله، وتحرير نقوله،وسهولة عبارته ووضوحها ( 1 ).وقد أثنى العلماء على كتاب الإقناع:
قال عنه شارحه الشيخ منصور البهوتي – رحمه الله -: " في غاية حسن الوقع، وعظيم النفع، لم يأت أحد بمثاله، ولا نسج ناسج على منواله " ( 2 ). وقال نجم الدين الغزي – رحمه الله -: " جمع فيه المذهب، وهو عمدة الحنابلة الآن في دمشق " ( 3 ).
وقال ابن العماد – رحمه الله -: " جَرَّد فيه الصحيح من مذهب الإمام
أحمد، لم يؤلف أحد مثله، في تحرير النقول، وكثرة المسائل " ( 4 ). وقال
الشيخ محمد السفاريني – رحمه الله – في وصيته لأحد تلاميذه من
النجديين: " وعليك بما في الكتابين الإقناع والمنتهى، فان اختلفا،
فانظر ما يرجحه صاحب الغاية " ( 5 ).
وقال ابن بدران – رحمه الله – في كلامه على كتاب الإقناع: " مجلد ضخم، كثير الفوائد جم المنافع " ( 6 ).
فلهذه المزايا صارت له عند الأصحاب هذه المنـزلة، وعلى مسائله تدور الفتيا، ومرجع القضاء،وعكف عليه المتأخرون بالتحشية، والاختصار، وحل الغريب،وقد زاد اعتماده وقبوله، شرحه الفرد الفريد لمحقق المذهب، الشيخ منصور البهوتي باسم"كشاف القناع عن الإقناع" ( 7 )
* * *
المطلب الثاني شروحـه وحـواشيه
( أ ) شـروحه:
1- شرح الشيخ منصور البهوتي – رحمه الله – المسمى " كشاف القناع عن الإقناع " وسيأتي الكلام عليه - إن شاء الله تعالى -.
2- ذكر بعضهم أن الشيخ سليمان بن علي بن محمد بن مشرف التميمي ت:
( 1079هـ) شرح الإقناع، فلما حج سنة ( 1049هـ ) سار به معه، فوافق الشيخ منصور البهوتي حاجا ذلك العام، فاجتمعا وتباحثا، وأطلعه الشيخ منصور على شرحه على الإقناع، وكان الشيخ منصور لم ينته من شرحه إلا ذلك العام، وتأمله الشيخ سليمان، ثم قال: وجدته مطابقا لما عندي إلا مواضع يسيرة، فأتلف الشيخ سليمان شرحه الذي معه ( 1 ).
وهذا فيه نظر، والصواب أن شرح الشيخ سليمان كان للمنتهى
لا للإقناع، وذلك لأن الشيخ منصور فرغ من شرحه للمنتهى
في الحادي عشر من شوال سنة ( 1049هـ) كما ذكر ذلك في آخر
شرحه ( 2 )، وهو العام الذي حج فيه، وأما شرحه للإقناع
فقد فرغ منه في أول شعبان سنة ( 1045هـ ) كما ذكر ذلك في آخر
شرحه له ( ).
بل قال بعضهم: إن الشيخ سليمان هَمَّ بشرح المنتهى، ولم يشرحه ( ).
( ب ) حـواشيه:
1- حاشية الإقناع للشيخ منصور البهوتي.
حاشية الإقناع وشرحه للشيخ محمد بن أحمد الخلوتي ت ( 1088هـ ). جردت بعد موته فبلغت اثنى عشر كراساً ( )، وقد قام بتجريدها الشيخ عبد الجليل بن أبي المواهب البعلي ت ( 1119 هـ ) كما جاء ذلك في غلاف الحاشية ( ).
ثم قام الشيخ محمد بن عبد الله بن حميد ت ( 1295 هـ ) - صاحب السحب الوابلة- بتجريدها مرة أخرى من نسخة المؤلف، ولكن بحذف ما هو مذكور في شرح الشيخ منصور وحاشيته على الإقناع، حيث قال في مقدمة
تجريده ( ) " أما بعد: فهذه حواش على الإقناع وشرحه، منقولة من نسخة المحقق، المدقق، الشيخ محمد بن أحمد البهوتي، الشهير بالخلوتي: تلميذ الشارح
وابن أخته، أحببت تجريدها، ليعظم النفع بها – إن شاء الله تعالى – والله
الموفق سبحانه، وحذفت منهما ما هو مذكور في الشرح والحاشية،لكثرة
وجودها، واشتغال كاتبه، إلا ما كان له عليه تعقيب أو جواب، أو ما أبدل بعض ألفاظ الشرح بأحسن منها... "، وفرغ من تجريده هذا يوم الخميس عشرين من ذي الحجة سنة ( 1291 هـ ) ( ).
الأضواء والشعاع على كتاب الإقناع،للشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش ت(1406هـ) وصل فيها إلى نهاية باب التيمم. طبع في مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة في مكة المكرمة سنة ( 1419هـ ) ( ).
التعليق الحاوي على إقناع الحجاوي، للشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش، لم يكمله، ولا يزال مخطوطا ( ).
( ج ) غـريبة:
قام مؤلف الإقناع الشيخ موسى الحجاوي – رحمه الله – بتأليف كتاب في شرح غريب لغة كتاب الإقناع ( ).
المطلب الثالث التعريف بمؤلف كتاب الإقناع
أولاً: نسبه ومولده.
هو الشيخ العالم العلامة موسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى، شرف الدين أبو النجا الحجاوي المقدسي، ثم الصالحي الدمشقي، مفتي الحنابلة بدمشق، وشيخ الإسلام بها، والمعول عليه في الفقه بالديار الشامية ( 1 ). ولد بقرية حَجَّة من قرى نابلس سنة ( 895هـ ) ( 2 ).
ثانياً: نشـأته:
نشأ في قرية حَجَّة، وقرأ القرآن، وأوائل الفنون، وأقبل على
الفقه إقبالاً كليا، ثم ارتحل إلى دمشق، فسكن في مدرسة شيخ
الإسلام أبي عمر، وقرأ على مشايخ عصره، ولازم العلامة شهاب
الدين الشويكي في الفقه إلى أن تمكن فيه تمكنا تاما، وانفرد في
عصره بتحقيق مذهب الإمام أحمد، وصار المرجع، وأم في الجامع المظفري عدة سنين، كما تولى التدريس في الجامع الأموي، وتدريس الحنابلة في مدرسة الشيخ أبي عمر ( 1 ).
ثالثاً: مشـايخه:
أخذ الحجاوي العلم عن جماعة من علماء عصره، ومن أبرزهم:
1- الشيخ العلامة محب الدين أبو بكر أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد القرشي الهاشمي العقيلي النويري المكي الشافعي، خطيب الخطباء في المسجد الحرام توفي سنة ( 916هـ ) رحمه الله تعالى.
2- الشيخ نجم الدين أبو حفص عمر بن إبراهيم بن محمد بن مفلح الصالحي، توفي سنة (919هـ) رحمه الله تعالى.
3- الشيخ العلامة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد العلوي الشويكي النابلسي الصالحي، صاحب كتاب: ( التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح توفي سنة ( 933هـ ) رحمه الله تعالى.
4- أجاز له الشيخ كمال الدين محمد بن حمزة بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن الحسن ابن حمزة الحسيني الدمشقي الشافعي توفي سنة ( 933هـ ) رحمه الله تعالى.
5- الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد
الشهير بابن طولون الدمشقي الصالحي الحنفي، صاحب المؤلفات الكثيرة، توفي سنة ( 953هـ) رحمه الله تعالى ( 1 ).
رابعاً: تـلاميذه:
أخذ عنه العلم جمع من الفضلاء، من أبناء بلده وغيرهم، ومن أبرزهم:
1- ابنه الشيخ المسند المحدث الفرضي الفقيه يحيى بن موسى الحجاوي توفي بين سنة (1001هـ ) و (1025 هـ ) رحمه الله تعالى.
2- الشيخ محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي حميدان المشهور بـ ( أبي جَدَّة ) النجدي الأشيقري مولداً وموطناً، توفي في آخر القرن العاشر رحمه الله
تعالى.
3- الشيخ زامل بن سلطان بن زامل الخطيب المقرني النجدي، قاضي الرياض توفي في النصف الأخير من القرن العاشر رحمه الله تعالى.
4- الشيخ القاضي شمس الدين محمد بن محمد بن أحمد بن عمر الرجيحي، توفي سنة (1002هـ ) رحمه الله تعالى.
5- الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد أبو العباس الشويكي، توفي سنة (1007هـ) رحمه الله تعالى.
6- الشيخ إبراهيم بن محمد المعروف بابن الأحدب الزبداني الشافعي، توفي سنة (1010هـ) رحمه الله تعالى.
7- الشيخ أحمد بن محمد بن مشرف النجدي، قاضي أشيقر، توفي سنة (1012هـ) رحمه الله تعالى.
8- الشيخ أحمد بن أبي الوفاء بن مفلح الشهير بالوفائي الدمشقي، توفي سنة (1038هـ ) رحمه الله تعالى.
9- الشيخ أبو النور عثمان بن محمد بن إبراهيم الشهير بأبي جَدَّة رحمه الله تعالى.
10- الشيخ القاضي شمس الدين بن طريف الحنبلي الدمشقي، توفي سنة (989هـ ) رحمه الله تعالى ( 1 ).
خـامساً: مـؤلفاته:
ألف الشيخ الحجاوي - رحمه الله – العديد من المؤلفات التي كتب الله تعالى لها القبول بين الناس زمانا بعد زمان، وصار عليها المعول، ومنها:
1- الإقناع لطالب الانتفاع.
2- زاد المستقنع في اختصار المقنع.
3- حاشية التنقيح.
4- شرح منظومة الآداب لابن عبد القوي.
5- منظومة الكبائر.
وغيرها من الكتب ( 2 ).
سـادساً: وفـاته:
توفي الشيخ موسى الحجاوي – رحمه الله – يوم الخميس، ثاني عشر من ربيع الأول سنة (968هـ ) ودفن بدمشق، رحمه الله تعالى رحمة واسعة ( 1 ).
* * *
المبحث الثاني التعريف بكتاب كشاف الإقناع ومؤلفه
وفيه مطلبان :-
المطلب الأول: قيمته العلمية ومنزلته بين كتب المذهب
المطلب الثاني: التعريف بمؤلف كتاب كشاف الإقناع.
المطلب الأول قيمته العلمية ومنزلته بين كتب المذهب
إن كتاب كشاف القناع من أوسع كتب الفقه في مذهب الإمام أحمد – رحمه الله – فقد قام المؤلف – رحمه الله – بشرح كتاب الإقناع، ومزجه بشرحه،حتى صار كالشيء الواحد، وحل ما في الإقناع من التراكيب العسيرة، وتتبع أصوله التي أخذه منها، وعزا بعض الأقوال لقائلها، وذكر ما أهمله من القيود، وغالب علل الأحكام وأدلتها، وبين المعتمد من المواضع التي تعارض كلامه فيها، وزاد كثيرا من المسائل التي لم يذكرها صاحب الإقناع ( 1 ).
قال ابن بدران – رحمه الله – أثناء كلامه على الإقناع ومؤلفه: " وقد
شرح كتاب الإقناع الشيخ منصور البهوتي، شرحا مفيدا في أربع
مجلدات " ( 2 ).
ومما يدل على أهميته، جعله أحد المصادر الفقهية التي يعتمد عليها في المحاكم الشرعية في المملكة العربية السعودية، فقد جاء في قرار الهيئة القضائية عدد ( 3 ) بتاريخ 7/1/1347هـ، المقترن بالتصديق العالي بتاريخ 24/3/1347هـ فقرة ( ب ) تحديد الكتب المعتمدة في القضاء في المملكة العربية السعودية،ونص القرار: يكون اعتماد المحاكم في سيرهم على مذهب الإمام أحمد على الكتب الآتية:
( أ ) شرح المنتهى
( ب ) شرح الإقناع
فما اتفقا عليه أو انفرد به أحدهما فهو المتبع،وما اختلفا فيه، فالعمل بما في المنتهى... " ( 1 ).
المطلب الثاني التعريف بمؤلف كشاف القناع
أولاً: نسبه ومولده:
هو الشيخ العالم العلامة، بقية المحققين، وشيخ الحنابلة بمصر، أبو السعادات منصور بن يونس بن صلاح الدين بن حسن البهوتي الحنبلي المصري، القاهري ( 1 ).
والبهوتي نسبة إلى ( بهوت ) بلدة من قرى مصر، من الغربية.
ولده – رحمه الله – سنة ( 1000هـ ) ( 2 ).
ثـانياً: صـفاته وأخـلاقه:
كان الشيخ منصور – رحمه الله – ممن انتهى إليه الإفتاء والتدريس، صارفا أوقاته في تحرير المسائل الفقهية، وقد رحل الناس إليه من الآفاق، لأخذ مذهب الإمام أحمد عنه.
وكان – رحمه الله – كثير العبادة، غرير الإفادة والاستفادة. وكان
سخيا، له مكارم دَارَّة، وكان كل ليلة جمعة يجعل ضيافة، ويدعو جماعته من المقادسة، وإذا مرض أحد عاده، وأخذه إلى بيته ومرَّضه إلى أن يشفى، وكانت الناس تأتيه بالصدقات، فيفرقها على طلبة العلم في مجلسه ولا يأخذ منها شيئاً ( 1 ).
ثـالثاً: مشـائخه:
أخذ الشيخ منصور البهوتي – رحمه الله – العلم عن جماعة من علماء عصره
منهم:
1- الشيخ يحيى بن موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي المقدسي الأصل، ثم الصالحي القاهري، المتوفي في القاهرة بين سنة ( 1001هـ ) و
( 1025هـ) رحمه الله تعالى.
2- الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن علي الدنوشري الشافعي، توفي سنة ( 1025هـ ) رحمه الله تعالى.
3- الشيخ المسند عبد الرحمن بن يوسف بن علي الملقب بزين الدين بن القاضي جمال الدين، ابن الشيخ نور الدين البهوتي الحنبلي المصري، خاتمة المعمرين، عاش نحوا من مائة وثلاثين سنة، رحمه الله تعالى.
4- الشيخ الشهاب أحمد الوارني الصديقي رحمه الله تعالى.
5- الشيخ النور على الحلبي رحمه الله تعالى.
6- الجمال يوسف البهوتي رحمه الله تعالى ( 2 ).
رابـعاً: تـلاميذه:
أخذ عنه العلم جماعة من النجديين والمصريين وغيرهم، ومن أبرزهم:
1- الشيخ عبد القادر بن محيي الدين الدنوشري المصري، توفي بعد سنة ( 1030هـ ) رحمه الله تعالى.
2- الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي،صاحب التصانيف المشهورة، توفي سنة (1033هـ ) رحمه الله تعالى.
3- الشيخ جمال الدين يوسف بن أحمد بن عبد العزيز الشهير بالفتوحي، المصري القاهري المتوفي بين سنة ( 1026هـ ) و ( 1050هـ ) رحمه الله تعالى.
4- الشيخ القاضي عبد الله بن عبد الوهاب بن موسى بن مشرف، قاضي العيينة، توفي سنة ( 1056هـ ) رحمه الله تعالى.
5- الشيخ الفقيه ياسين بن علي بن أحمد اللبدي توفي سنة ( 1058هـ ) رحمه الله تعالى.
6- الشيخ محمد بن أحمد بن علي البهوتي الحنبلي، الشهير بالخلوتي، ابن أخت الشيخ منصور، لازمه مدة طويلة، توفي سنة ( 1088هـ ) رحمه الله تعالى.
7- الشيخ إبراهيم بن أبي بكر بن إسماعيل الذنابي العوفي، توفي سنة ( 1094هـ ) رحمه الله تعالى.
8- الشيخ صالح بن حسن بن أحمد البهوتي، الفقيه الفرضي القاهري، توفي سنة (1121هـ) رحمه الله تعالى.
9- الشيخ محمد أبو المواهب رحمه الله تعالى.
10- الشيخ يوسف البهوتي رحمه الله تعالى.
وغيرهم ( 1 ).
خـامساً: مـؤلفاته:
1- كشاف القناع عن متن الإقناع.
2- حاشية على الإقناع.
3- الروض المربع شرح زاد المستقنع.
4- شرح منتهى الإرادات.
5- حاشية على منتهى الإرادات.
6- المنح الشافيات في شرح المفردات.
7- عمدة الطالب لنيل المآرب.
8- إعلام الأعلام بقتال من انتهك حرمة البيت الحرام.
9- منسك مختصر ( 2 ).
سـادساً: وفـاته:
توفي الشيخ منصور – رحمه الله – ضحى يوم الجمعة، عاشر شهر ربيع الثاني سنة (1051هـ) وله إحدى وخمسون سنة، ودفن في تربة المجاورين رحمه الله( 3 )
المبحث الثالث التعريف بحاشية الإقناع ومؤلفها
وفيه خمسة مطالب :-
المطلب الأول: اسم الحاشية ونسبتها إلى مؤلفها
المطلب الثاني: مزايا الحاشية وقيمتها العلمية
المطلب الثالث: منهج المؤلف في حاشيته
المطلب الرابع: التعريف بمؤلف الحاشية
المطلب الخامس: النسخة المعتمدة في التحقيق
المطلب الأول اسم الحاشية ونسبتها إلى مؤلفها
( أ ) اسـم الحـاشية:
لم أجد ما يدل على أن الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – ذكر لحاشيته اسما معينا، إذ أن هذه الحاشية عبارة عن تحريرات، وتقريرات كتبها على نسخته من شرح الإقناع، ولم يؤلفها ككتاب مستقل، وإنما جردها بعد وفاته – رحمه الله – تلميذه شيخنا محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله –، وقد جاء في كلامه في أولها ما نصه: " هذه حواش بخط شيخنا عبد الرحمن الناصر السعدي على هامش شرح الإقناع "، وفي آخرها: " انتهى ما رأيته بخط شيخنا عبد الرحمن السعدي على هامش نسخة خطية من الجزء الثاني من شرح الإقناع ".
( ب ) نسبة الحاشية إلى الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله -:
لقد ثبت لدي ثبوتاً قطعياً، نسبة هذه الحاشية إلى الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – لأن من قام بتجريدها من نسخته هو أكبر تلاميذه، وأخصهم به، وهو شيخنا محمد بن عثيمين – رحمه الله -. وقد نسبها إليه في مقدمة الحاشية وفي آخرها، كما سبق والله أعلم ( 1 ).
المطلب الثاني مزايا الحاشية وقيمتها العلمية
هذه الحاشية مكملة لما سبقها من شرح وحواش، وقد امتازت بمزايا أجملها في الآتي:
1- تحرير كثير من المسائل في كتابي الإقناع، وشرحه، وبيان
الراجح مع الاستدلال له، وبيان مأخذه من النصوص الشرعية، والقواعد المرعية.
2- الربط بين المسائل المتشابهة، وبيان أوجه بناء بعضها على بعض.
3- عنايته بذكر الفروق بين المسائل.
4- عنايته بذكر اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
5- مكانة المؤلف – رحمه الله – العلمية، وكونه من العلماء المحققين المجتهدين، وتميزه بالعمق والتحرير، والتدقيق فيما يبحثه من
المسائل.
المطلب الثالث منهج المؤلف في حـاشيته
لم يذكر المؤلف – رحمه الله – المنهج الذي سار عليه في حاشيته، وذلك لأنه لم يكتب هذه الحاشية على أنها كتاب مستقل، وإنما جردها تلميذه شيخنا محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – من نسخته بعد وفاته.
ولكن من خلال قراءة هذه الحاشية، يتضح أن منهجه فيها كما يلي:
1- يصدر المسألة بذكر عبارة الإقناع، أو شرحه، ثم يعلق عليها، وتارة يقول: قال الأصحاب ثم يذكر عبارتهم، والغالب أن تكون العبارة المذكورة عبارة الإقناع.
2- يبين ما ترجح عنده من الروايات والأوجه.
3- يعتني بالاستدلال للقول الذي رجحه، وبيان مأخذه.
4- إذا ورد في الحاشية " قال شيخنا " فالمراد به مؤلف الحاشية: الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله -.
المطلب الرابع التعريف بمؤلف الحـاشية
أولاً: نسبه ومولده:
هو الشيخ العلامة الفقيه الأصولي المفسر المحقق، أبو عبد الله، عبد الرحمن بن ناصر السعدي من قبيلة بني تميم.
ولد في بلده عنيزة في القصيم في 12 محرم عام 1307هـ، وتوفيت والدته وله أربع سنين، وتوفي والده وله سبع سنين، فتربى يتيماً، وكفلته زوجة والده، وأحبته فصار عندها موضع العناية والرعاية، ثم انتقل إلى بيت أخيه الأكبر حمد بن ناصر السعدي، فقام على رعايته.
ونشأ نشأة صالحةً كريمةً، وعُرِفَ من حداثته بالصلاح والتقى، وكان قد استرعى الأنظار منذ حداثة سنه بذكائه ورغبته الشديدة، فقرأ القرآن، وحفظه عن ظهر قلب قبل أن يتجاوز الثانية عشر من عمره ( 1 )
ثـانياً: طلبه للعلم:
اشتغل بالتعلم على علماء بلده ومن يرد إليها من العلماء، وانقطع للعلم، وجعل كل أوقاته مشغولة في تحصيله، حفظاً، وفهماً، ودراسةً، ومراجعةً، واستذكاراً، حتى أدرك في صباه ما لا يدركه غيره في عمر طويل.
ولما رأى زملاؤه في الدراسة تفوقه عليهم، ونبوغه، تتلمذوا عليه، وصاروا يأخذون عنه العلم وهو في سن البلوغ، فكان يتعلم، ويعلم.
ولما بلغ أشده، ونضج علمه، ورسخت قدمه، شرع في التأليف ( 1).
ثـالثاً: مشـائخه:
أخذ العلم – رحمه الله – عن جماعة من العلماء، منهم:
1- الشيخ إبراهيم بن حمد بن جاسر،قاضي عنيزة توفي سنة ( 1338هـ) رحمه الله تعالى
2- الشيخ محمد بن عبد الكريم الشبل، قرأ عليه في الفقه، وعلوم العربية وغيرهما توفي سنة (1343هـ ) رحمه الله تعالى.
3- الشيخ صالح بن عثمان القاضي – قاضي عنيزة – قرأ عليه في التوحيد، والتفسير، والفقه أصوله وفروعه، وعلوم العربية، ولازمه ملازمة تامة حتى توفي – رحمه الله – عام (1351هـ ).
4- الشيخ عبد الله بن عايض الحربي توفي سنة ( 1322هـ ) رحمه
الله تعالى.
5- الشيخ صعب بن عبد الله التويجري توفي سنة ( 1339هـ ) رحمه
الله تعالى.
6- الشيخ علي بن محمد السناني توفي سنة ( 1339هـ ) رحمه الله
تعالى.
7- الشيخ علي الناصر أبو وادي، قرأ عليه في الحديث، وأخذ عنه
الأمهات الست وغيرها وأجازه في ذلك، توفي سنة ( 1361هـ ) رحمه
الله تعالى.
8- الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع توفي سنة ( 1385هـ ) رحمه الله
تعالى.
9- الشيخ محمد الأمين محمود الشنقيطي، قرأ عليه لما نزل عنيزة
وجلس فيها للتدريس التفسير ، والحديث ، ومصطلح الحديث، وعلوم العربية توفي سنة (1351هـ) رحمه الله تعالى.
10- إبراهيم بن صالح بن عيسى توفي سنة ( 1343هـ ) ( 1 ) رحمه الله تعالى.
رابعـاً: مكانـته العلمية:
كان ذا معرفة تامة في علوم الشريعة، وخصوصا في الفقه،
أصوله وفروعه، وكان مشائخه كلهم معجبين بفرط ذكائه، ونبله، واستقامته.
واشتغل بالعلم، وصرف فيه جُلَّ وقته حفظا، وفهما، ودراسة، ومراجعة، ومذاكرة، وانكشفت له مقدرات العلوم وأدرك في شبابه، ما لم يدركه غيره في زمن طويل.
وكان أعظم اشتغاله وانتفاعه بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، فحصل له خير كثير بسببها في علم التوحيد، والتفسير، والفقه وغيرها من العلوم، وبسبب استنارته بكتب الشيخين المذكورين، صار يرجح ما رجحه الدليل، وصدقه التعليل ( 1 ).
خـامساً: تلاميـذه:
أخذ العلم عنه تلامذة كثيرون، ومن أبرزهم:
1- الشيخ سليمان بن إبراهيم البسام توفي سنة ( 1377هـ ) رحمه
الله تعالى.
2- الشيخ سليمان بن محمد الشبل توفي سنة ( 1386هـ ) رحمه الله
تعالى.
3- الشيخ صالح بن عبد الله الزغيبي توفي سنة ( 1372هـ ) رحمه
الله تعالى.
4- الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع توفي سنة ( 1387هـ ) رحمه
الله تعالى.
5- الشيخ محمد بن صالح الخزيم توفي سنة ( 1394هـ ) رحمه
الله تعالى.
6- الشيخ محمد بن صالح العثيمين توفي سنة ( 1421هـ ) رحمه الله
تعالى.
7- الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام توفي سنة ( 1423هـ ) رحمه
الله تعالى.
8- الشيخ علي بن زامل السليم توفي سنة ( 1418هـ ) رحمه الله
تعالى.
9- الشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان توفي سنة ( 1422هـ ) رحمه
الله تعالى.
10- الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل ( 1) حفظه الله تعالى.
سادساً: مـؤلفاته:
ألف الشيخ – رحمه الله – العديد من الكتب والرسائل والفتاوى، ومن أهمها:
1- تفسير القرآن الكريم المسمى " تيسير الكريم الرحمن في تفسير
كلام المنان ".
2- تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن.
3- القواعد الحسان لتفسير القرآن.
4- توضيح الكافية الشافية، وهو كالشرح لنونية ابن القيم.
5- القول السديد في مقاصد التوحيد.
6- بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار.
7- الدرة المختصرة في محاسن الإسلام.
8- الدرة البهية في حل المشكلة القدرية.
9- الوسائل المفيدة للحياة السعيدة.
10- الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة في العقائد والفنون المتنوعة الفاخرة.
11- القواعد والأصول الجامعة.
12- طريق الوصول إلى العلم المأمول.
13- المختارات الجلية.
14- منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين.
15- الإرشاد إلى معرفة الأحكام.
وغيرها كثير.
وله فوائد منثورة، وفتاوى كثيرة في أسئلة شتى ترد إليه من بلده
وغيرها، ويجيب عليها، وله تعليقات شتى على كثير مما يمر عليه من
الكتب ( 1 ).
سـابعاً: وفـاته:
توفي – رحمه الله – فجر يوم الخميس 22 جمادي الآخرة عام 1376هـ، بعد مرض لازمه قرابة خمس سنوات، ودفن في مدينة عنيزة – رحمه الله رحمة
واسعة ( 1 ).
* * *
المطلب الخـامس النسخـة المعتمدة في التحـقيق
اعتمدت في تحقيق هذه الحاشية على نسخة بخط شيخنا محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – تلميذ مؤلف الحاشية – رحمه الله -.
وقد حصلت عليها من سبط المؤلف – رحمه الله – الأخ العزيز:
مساعد بن عبد الله السعدي، - جزاه الله خيرا -.
وصف النسخة:
عدد الأوراق: ( 19 ) ورقة
عدد الأسطر: ( 27 ) سطرا
نـوع الخط: جـيد
تاريخ النسخ: 18 / 11 / 1382هـ.
* * *
الصفحة الأولى من النسخة المعتمدة
الصفحة الأخيرة من النسخة المعتمدة
الحمد لله رب العالمين ونصلى ونسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وأتباعهم إلى يوم الدين.
هذه حواش بخط شيخنا عبد الرحمن الناصر السعدي على هامش شرح الإقناع.
(من كتاب البيع)
1- قال في الإقناع( ): وإن كان المشترى غائباً عن المجلس فكاتبه، أو راسله أني بعتك أو بعت فلاناً دارى بكذا فلما بلغه الخبر قَبِلَ، صح. قال في شرحه( ): "وظاهر كلام الأصحاب خلافه" ( ).
قال شيخنا: ومنهم صاحب المنتهى،( ) ولكن ما ذكره المصنف هو
الصحيح الموافق للعمومات، ولنص أحمد المذكور( ) وللتعليل الذي ذكره
المصنف( ) أهـ.
2- ذكر في الإقناع ( ) عن الشيخ تقي الدين ( ) في بيع الأمانة :أنه عقد باطل، والواجب رد المبيع إلى البائع، وأن يرد المشترى ما قبضه منه، لكن يحسب له منه ما قبضه المشترى من المال الذي سموه أجرة.أهـ.
قال شيخنا: لكن يبقى الكلام في انتفاع البائع بالثمن ما حكمه لأننا إذا أوجبنا له الأجرة اجتمع له الانتفاع بماله وبعوضه الممنوع، فالذي يظهر أنهما إذا تراجعا وقد انتفع المشترى في المبيع، والبائع بالثمن، أنه لا يجب لأحد على أحد شيء أ.هـ.
3- قال في الإقناع ( ): "ولو أقر أنه عبده فرهنه فكبيع"، فلا تلزم العهدةُ القائلَ حضر الراهن أو غاب على المختار أهـ.
قال شيخنا: وعلى الرواية الثانية ( ) التي اختارها شيخ الإسلام ( ) وصوبها في الإنصاف ( ) تلزم العهدة المُقِر، وهو الصواب، وهو داخل في قول صاحب الفروع( ):"ويتوجه هذا في كل غار " أهـ.
4- قال في الإقناع( ): ويصح بيع أمة لمن به عيب ينفسخ به النكاح كجذام وبرص، وهل لها منعه يحتمل وجهين أولا هما ليس لها منعه أهـ.
قال شيخنا: والوجه الثاني أن لها منعه من وطئها ( )وهو الصحيح سدا لذريعة ودفعاً لضررها. أ هـ.
5- قال في الإقناع( ): ويحرم بيع مصحف ولايصح.أ.هـ.
قال شيخنا: والصحيح أنه يصح، ولا يحرم بيع المصحف للمسلم لعموم الحاجة، والمنهي عنه ترك تعظيمه مطلقاً أ.هـ
6- قال في الإقناع( ): ولا يصح بيع ما فتح عنوة ولم يقسم أ.هـ
قال شيخنا: وجمهور العلماء على جواز بيع أرض العنوة وهو
الصحيح( ) أ.هـ
7- قال شيخنا في حاشية له: وهذا يدل على قوة القول بصحة
بيع الأنموذج( ) لعدم الفرق بينه وبين رؤية ظاهر الصبرة المتساوية
الأجزاء ونحوها، يحقق هذا أنه يجب تطبيق جميع
المفردات والتفاصيل على أصل الشرط وهو العلم، فمتى حصل العلم به بأي طريق جاز ومتى انتفى العلم لم يجزأ.هـ
8- قال في الإقناع( ) وشرحه( ) فيما إذا باع شيئاً بصفة ثم وجده متغيراً، واختار الإمساك أنه يمسك مجاناً بلا أرش بخلاف البيع بشرط صفة، فإن له أرش فقدها.
قال شيخنا والتفريق بين المسألتين في غاية الضعف فإنه لا فرق بين شرط صفة يتبين خلافها أو بيعه بصفة يظهر خلافها، فالشارع لا يفرق بين المتماثلات أ.هـ
9- قال في الإقناع ( ): ولا يصح استصناع سلعة، بأن يبيعه سلعة يصنعها له أ.هـ
قال شيخنا:وقيل: يصح( )، وهو الأولى، لعدم الجهالة، وللتمكن من صنعته أ.هـ
10- قال في الإقناع ( ) وشرحه( ): ولا يصح بيع المسك في الفأر، واختار في الهدى صحته( ) أ.هـ
قال شيخنا: ويمكن الجمع بين كلام الأصحاب وكلام
صاحب الهدى في المسك وغيره بأن يقال: من الأشياء ما لا يعرفه إلا أفراد من الناس كالمسك في فأرته وأنواع الجواهر ونحوها، فبيع هذا النوع لأهل الخبرة به صحيح، لعدم الجهالة، ولغيرهم غير صحيح لوجود الجهالة ومن عرف الواقع لم يَسْتَرِب في هذا التفصيل لما ذكره من التعليل أ.هـ
11- قال في الإقناع ( ): ولا يصح بيع ثوب نسج بعضه، على أن ينسج بقيته.
قال شيخنا: وإذا قيل بجواز الاستصناع، فهذه كذلك( ) أ.هـ
12- قال في الإقناع( ): وإن باعه ثمرة الشجرة إلا صاعاً لم يصح أ.هـ
قال شيخنا:وعنه: يصح، اختاره أبو محمد الجوزي وغيره( )، وهو الصحيح، لعدم الغرر مع شدة الحاجة إليها أ.هـ
13- ذكر في الإقناع ( ) وشرحه( ): أنه لا يصح البيع إذا قال: بعني نصف دارك الذي يلي داري.
قال شيخنا: وفي المنع من هذه الصورة نظر، فإن الجهالة
منتفية، والحاجة تدعو إلى ذلك، وكونه لا يدري إلى أين ينتهي لا
يزيد على جهالة الشيء المشاع الذي لا يدري مقدار ما يأتيه عند القسمة أ.هـ
14- قال شيخنا: والصحيح أن الثمن إذا كان صبرة، أو وزن صنجة مجهولة المقدار غير صحيح، لأنه غرر ظاهر( ) أ.هـ
15- قال في الإقناع ( ): ولا يصح البيع إن باع من الصبرة كل قفيز بدرهم ونحو.
قال شيخنا: والصحيح الصحة لعدم الغرر( )أ.هـ
( من باب: الشروط في البيع)
16- قال الشيخ عبد الوهاب بن فيروز( ): ينظر فيما إذا تلف المستثنى نفعه من غير تفريط هل يضمن لكونه أخر تسليمه أم لا، لقولهم كالمستأجر؟ محل نظر. والظاهر الثاني تأمل!
قال شيخنا: هذا الذي استظهره الشيخ عبد الوهاب هو ظاهر كلامهم في أن ما عدا ما بيع بكيل أو وزن..إلخ من ضمان المشتري( ) أ.هـ
17- قال في شرح الإقناع( ): ونفقة المبيع المستثنى نفعه مدة
الاستثناء، الذي يظهر أنها على البائع، لأنه مالك المنفعة لا من جهة المشتري، كالعين الموصى بها لا كالمؤجرة أ.هـ
قال شيخنا:بل الظاهر أنها كالمؤجرة والمعارة لأن العين انتقلت بمنافعها إلا هذه المنفعة إلى المشتري فكان عليه مؤونتها، وبينها وبين العين الموصى بها فرق عظيم كما هو ظاهر أ.هـ
(من باب: الخيار)
18- قال في الإقناع( ): ويرد مع المصراة صاعاً من تمر ولو زادت قيمته على المصراة.
قال شيخنا: أما لو علم تغرير المُصَرِّي، فزاد قيمة صاع التمر على المصراة، ففي وجوب ذلك نظر، لأن الشارع إنما أوجبه في مقابلة اللبن، وقد نهى عن التغرير، وعَامَل المخادع بنقيض قصده أ.هـ
19- قال في الإقناع( ) في تفسير الحمق: إنه ارتكاب الخطأ على بصيرة يظنه صواباً، قال في الشرح( ): وقوله:" يظنه صواباً" ينافي ارتكابه على بصيرة إلخ.
قال شيخنا: الظاهر أنه لا نظر فيه، بل كما قال في الأصل
أن الأحمق يرتكب الخطأ على بصيرة يعني أنه يظنه صواباً،
لأنه لو ارتكب الخطأ نسياناً لم يسم أحمق، وكذلك لو علم الفرق
بين الخطأ والصواب لم يكن أحمق، ولو فعل الخطأ، لأنه متعمد عالم بذلك أ.هـ
20- ذكر في الإقناع ( ) أن تحريم الأمة على المشتري ليس بعيب، إذا كان التحريم خاصاً به، كأخته من الرضاع إلخ.
قال شيخنا: ظاهره ولو كان قصده التسري ودلت الحال على ذلك. والأولى أن له الخيار في هذه الحال( ) أ.هـ
21- قال في الإقناع ( ): وليس الفسق من جهة الاعتقاد عيباً.
قال شيخنا: وفي هذا نظر، فإن الفسق الاعتقادي ربما زاد عيباً على الفسق الفعلي( ) أ.هـ
22- قال في الإقناع( ): فإن كان العيب مما يمكن حدوثه، فأقر به الوكيل، وأنكره الموكل، لم يقبل إقراره على موكله.
قال شيخنا: وعند أبي الخطاب: يقبل إقرار الوكيل هنا، وهو الموافق للقواعد، لأنه يتعلق فيما وكل فيه( ) أ.هـ
23- قال الأصحاب( ):وإن اختلفا عند مَنْ حدث العيب مع احتمال قول كل منهما فقول مشتر.
قال شيخنا:هذا من المفردات( )، والصحيح قول الجمهور( )، أن القول قول البائع لأنه منكر والمشتري مدع. وأضعف أفراد هذه المسألة قوله:" ومنه لو اشترى جارية( )" إلخ أ.هـ
24- قال الأصحاب( ): ويقبل قول قابض مع يمينه في ثابت في الذمة إلخ.
قال شيخنا: والصواب أن القول قول المنكر، أن المبيع غير المردود معيناً كان أو في الذمة ( )، وهو الذي ينطبق عليه: البينة على المدعي واليمين على من أنكر( ) أ.هـ
25- قال الأصحاب( ):وإن قطع المبيع عند المشتري لقصاص، أو سرقة قبل البيع، فكما لو عاب عنده أي المشتري على ما تقدم.
قال شيخنا: في هذا نظر ظاهر، بل الصواب فكما لو عاب
عند البائع، لأن السبب وجد عنده( )أ.هـ.
26- قال الأصحاب( ): وإن لقيه آخر فقال: أشركني، وكان الآخر عالماً بشركة الأول فَشَرَّكَه، فله نصف نصيبه وهو الربع، وإن لم يكن عالماً صح، وأخذ نصيبه كله وهو النصف أ.هـ
قال شيخنا: قوله: وإن لم يكن عالماً، فيه نظر، وغاية الأمر اعتقاد الآخر حصول جميع نصف الشيء له، واعتقاد المشرّك أنه ليس إلا نصف نصيبه وهو الربع فلأيّ يكون له الجميع، وهو غير داخل بلفظه ولا بنيته( ) ؟.
27- قال في شرح الإقناع ( ): وما ذكره أي الماتن ( ) من ثبوت الخيار في الصور الأربع إذا ظهر الثمن أقل مما أخبر به البائع تبع فيه المقنع( )، وهو رواية حنبل أ.هـ
قال شيخنا:وهي الصحيحة الموافقة للقواعد والمقاصد( ) أ.هـ
28- قال شيخنا: والصحيح أن الاختلاف في قدر المبيع أو عينه كالاختلاف في الثمن يتحالفان ويتفاسخان( ) أ.هـ
29- قال الأصحاب( ): في المقبوض بعقد فاسد إنه مضمون على القابض كالمغصوب.
قال شيخنا:واختار الشيخ تقي الدين( ): أن المقبوض بعقد فاسد غير مضمون، وأنه يصح التصرف فيه، لأن الله تعالى لم يأمر بِرَدِّ المقبوض بعقد الربا بعد التوبة، وإنما رَدُّ الربا الذي لم يقبض، ولأنه قبض برضى مالكه فلا يشبه المغصوب، ولأن فيه من التسهيل والترغيب في التوبة ما ليس في القول بتوقف توبته على رد التصرفات الماضية مهما كثرت وشَقَّت والله أعلم( ).
30- قال في الإقناع ( ) وشرحه( ): ووعاؤه كيله، فلو اشترى منه مكيلاً بعينه ودفع إليه الوعاء،وقال كِلْه، فإنه يصير مقبوضاً. قال في التلخيص: وفيه نظر أ.هـ
قال في الهامش: ولعل وجهه أن قولهم: "ووعاؤه كيله" ليس كذلك إذا لم يخرج عن حوزة البائع.
قال شيخنا: وفيه نظر من وجه آخر فإنه لو اشترى منه ربوياً بربوي من جنسه، أو ما يشترط فيه القبض، فسلمه وعاءه على أنه نائب عنه في القبض لم يصح، لفوات الشرط الشرعي( ) أ.هـ
31- قال الأصحاب( ): ويحصل القبض في صبرة بنقلها لحديث ابن عمر " كنا نشتري الطعام من الركبان جزافاً، فنهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله( )" أ.هـ
قال شيخنا: الحديث صريح في دلالته على القول الآخر، أنه لا يصح التصرف بما اشترى به جزافاً، إلا بعد نقله وهو إحدى الروايتين عن أحمد( ) أ.هـ
(من باب: الربا)
32- قال في الإقناع ( ) وشرحه( ):"وهو أي الربا محرم إجماعاً".
قال في هامش النسخة إجماعاً أي: في الجملة بدليل أنه لا ربا بين السيد وعبده، وفي رواية( ): ومكاتبه أيضاً، بدليل ما نقل صاحب الفروع( ) عن الموجز رواية إباحته في دار الحرب.
قال شيخنا: ولا حاجة إلى هذا الاستدراك لأنه إذا حصل الإجماع على أصل الشيء لم يضر الاختلاف في بعض الفروع، كما في كثير مما حُكِىَ فيه الإجماع أ.هـ
33- قال في الإقناع ( ) وشرحه( ): والتساوي بين الجبن والجبن بالوزن، لأنه
لا يمكن كيله، وكذلك الزبد والسمن، قلت: ومثله العجوة إذا تَجَبَّلت فتصير من الموزون لأنه لا يمكن كيلها أ.هـ
قال شيخنا:يتعين أن مرادهم بالتمر إذا تجبلت بيع بعضها ببعض بالوزن، لأنهم عللوا هذا بعدم إمكان كيلها لا بيعها بمكيل تمر أوبُرّ أو نحوهما نسيئة، كما هو صريح النصوص الشرعية والله اعلم.
34- عدّ في الإقناع ( )من بيع الدين بالدين، لو كان لكل واحد من اثنين دين على صاحبه من غير جنسه وتصارفا ولم يحضرا شيئاً فإنه لا يجوز.
قال شيخنا: والصحيح جواز المقاصة ولو اختلف الجنس، لعدم الدليل على منعه، والأصل الحل، وليس فيه محذور شرعي( ) أ.هـ
35- فسّر في شرح الإقناع( ) التنبيه بأنه عنوان بحث يفهم مما قبله.
قال شيخنا: لو قالوا: عنوان بحث يتعلق بما قبله، كان أولى من قولهم: يفهم، إذ لو فهم ما احتيج إليه أ.هـ
36- استثنى الأصحاب( ) من تحريم الربا تحريم الربا، بين العبد وسيده.
قال شيخنا: الأولى عدم استثناء شيء من الربا، لأن رقيقه القن إذا عامله فهو صورة لا حقيقة مع أن الأولى عدم التشبه بالربا لئلا يدعو إلى فعله حقيقة، وأما تعجيل بعض الكتابة وإسقاط الباقي، فالصواب أنه ليس رباً، ولا محذور
فيه أ.هـ
(من باب: بيع الأصول والثمار)
37- قال الأصحاب ( ): ولا يدخل مفتاح الدار معها.
قال شيخنا: فإن كان العرف جارياً بدخول المفاتيح دخلت بلا ريب، لأن العرف كالشرط مع أن الوجه الآخر دخول المفاتيح مطلقاً( ) أ.هـ
38- قال في الإقناع( ): وإن باعه شجرة فله تبقيتها في أرض البائع، فلو انقلعت أو بادت لم يملك إعادة غيرها مكانها.
قال شيخنا: فلو انقلعت وخلفت وَدْيَة ( )نظرنا، فإن كانت
موجودة وقت ملكه للأم، بقيت في الأرض حتى تبيد بلا أجرة
لأنها مبيعة، وإن لم تنبت إلا بعد دخول الأم في ملكه فهي له أيضاً محترمة وتبقى بأجرة المثل، أو يتملكها صاحب الأرض أ.هـ
39- قال الأصحاب( ): ولبائع سقى ثمرته لمصلحة، ولمشتر سقى ماله إن كان، أي السقي مصلحة، ولو تضرر الآخر فمؤونته عليه.
قال شيخنا: فلو تحقق حاجة الأصل والثمرة إلى السقي، وامتنع أحدهما من السقي لقصد انفراد الآخر بسقيه مجاناً، فمقتضى القواعد إلزامه بالسقي والمشاركة، وعليه من النفقة بقسط ماله كما في تصليح العيون، والأنهار والآبار والحيطان المشتركة، وكما في الإنفاق على المحتاج للنفقة من حيوانات وغيرها مشتركة، فكل مشترك نماؤه للشركاء ونفقته عليهم، ونقصه عليهم. هذا أصل جامع أ.هـ
40- أجاز الأصحاب( ) بيع الثمرة قبل بدو صلاحها والزرع قبل اشتداد حبه لمالك الأصل.
قال شيخنا: والصحيح أن بيع الثمرة لمالك الأصل، وبيع الزرع لمالك الأرض قبل بدو الصلاح ممنوع لعموم، الأدلة، ووجود المعنى الذي حرّم لأجله، وكونه مالكاً للأصل أو للأرض لا يمنع بقاءه على المنع( ) أ.هـ
41- قال الأصحاب( ): وإن أخّر المشتري قطع خشب اشتراه مع شرطه، أي القطع فنما، وغلظ، فالبيع لازم ويشتركان في الزيادة أ.هـ
قال شيخنا: قوله: وإن أخّر قطع خشب إلخ، التحقيق أن الزيادة تكون للبائع، لأن المشتري إنما دخل على شراء الخشب الموجود وشرط قطعة، فتأخيره لقطعه محض تعدٍّ لايسوغ له المشاركة في الزيادة، وهذا واضح جداً، فعلى هذا يُقَوّمُ وقت البيع ووقت القطع، فما بينهما فكله للبائع.
وهنا وجه آخر حسن قاله بعض الأصحاب( )، وهو أنه كله للمشتري، لكن عليه أجرة الأرض والأصل مدة نموه، لكن الأول أحسن أ.هـ
( من باب: السلم)
42- ذكر المصنف رحمه الله من شروط السلم ذكر الأوصاف( ).
قال شيخنا عليها: واعلم أن اعتبار كثير من الأوصاف التي ذكرها الأصحاب رحمهم الله تتعسر، وربما تعذرت، وليس على كثير منها دليل. فالدليل دلّ على اعتبار العلم بالمسلم فيه، فمتى حصل العلم بين المتعاقدين، حصل المقصود، حتى ولو أطلقا إطلاقاً يعرف به ما أطلقاه، كما لو أطلقا سلماً بتمر، أو بر، أو نحوهما، فإنه ينصرف إلى الوسط عرفاً أ.هـ
43- ذكر الأصحاب( ) رحمهم الله: أنه إذا أسلم في جنس واحد إلى
أجلين، أو في جنسين إلى أجل صحّ، إن بيّن قسط كل أجل وثمن كل جنس، وإلا فلا.
قال شيخنا: وقيل يكفي بيان قسط كل أجل من المسلم فيه، دون ما يقابله من الثمن( )، وعليه عمل الناس قديماً وحديثاً وهو الصحيح أ.هـ
44- قال الأصحاب: ( ) إذا أُجِلَ إلى الحصاد والجذاذ لم يصح.
قال شيخنا:والرواية الأخرى بصحة تأجيله إلى الحصاد والجذاذ ونحوه أصح( ) أ.هـ
45- قال الأصحاب( ): إذا قال محله شهر كذا، أو في شهر كذا صحّ، وحلَّ بأوله، وإن قال: تؤديه فيه لم يصح.
قال شيخنا:إنهم نصّوا على انعقاد العقود كلها بما يدل عليها، مع دلالة الشرع عليه والعرف( )، فإذا قال: تؤديه فيه فهو مثل قوله: يحل فيه، فالصواب جواز ذلك ولله الحمد.
46- قال شيخنا: والقول بصحة بيعه - أي المسلم فيه - على من هو عليه مقبوضاً، والحوالة به وعليه وأخذ الرهن والكفيل به أولى من المنع لعدم الدليل البيّن على المنع( ) أ.هـ
47- قال الأصحاب( ) وإن دفع زيد لعمرو دراهم، وعلى زيد
طعام لعمرو، فقال زيد لعمرو اشترِ لك بها مثل الطعام الذي عليّ
ففعل لم يصح. وإن قال اشترِ لي بها طعاماً ثم اقبضه لنفسك ففعل، صحّ الشراء، ولم يصح القبض لنفسه.
قال شيخنا: والصحيح جواز التصرف والقبض في الصورتين، لأنه يتضمن التوكيل في التصرف والتوكيل في القبض، والوكالة كسائر العقود تنعقد بما دلّ عليها( ).
(من باب: الرهن)
48- قال شيخنا على قول الأصحاب في الرهن يشترط أن يكون عيناً معلوم القدر والصفة( ) إلخ، قال: لم يدل الدليل على عدم صحة رهن الديون، ولا غير المقبوض، ولا على اشتراط تحرير العلم بالمرهون قدراً، وجنساً، وصفة، وذلك لأنه ليس ببيع وإنما هو وثيقة قد تكون كاملة وقد نكون ناقصة، والنهي عن بيع الغرر، لا يدخل فيه الرهن والله أعلم.
49- الصحيح صحة الزيادة في دين الرهن وعليه العمل( ) أ.هـ
50- والصحيح عدم نفوذ عتق الراهن، موسراً كان أو معسراً، وهو إحدى الروايات عن أحمد( ).
51- قال الأصحاب( ): وإن شرط جعل الرهن في يد اثنين، لم
يكن لأحدهما الإنفراد بحفظه، ويمكن اجتماعهما في الحفظ، بأن يجعلاه في مخزن، عليه لكل واحد منهما قفل.
قال في حاشية على شرح الإقناع:" قوله: قفل، أي: مغاير للقفل الآخر، كما ذكر في حاشية المنتهى( ).
قال شيخنا: في كلام المحشّي نظر، والظاهر عدم اشتراط المغايرة، كما هو ظاهر كلامهم، وظاهر مراد المتراهنين أ.هـ
52- قال في شرح الإقناع ( ):"وإن مات المرتهن والرهن بيده، لم يكن لورثته إمساكه إلا برضى الراهن".
قال شيخنا: هذه المسألة مخالفة للأصل، وهو أن الورثة قائمون مقام مورثهم في جميع حقوقه، ومن حقوقه بقاء الرهن بيده فكذلك يبقى بأيدي ورثته، إلا أن تتضح خيانتهم أ.هـ
53- قال في شرح الإقناع( ): فلو أعاره شيئاً ليرهنه إلى أجل على دين حال، يعني: أنه شرط على المرتهن أن لا يباع قبل الأجل المسمى، فرهنه على ذلك صحّ الرهن عندي، وظاهر كلام القاضي في المجرد أنه لا يصح، قاله المجد في شرح الهداية( )، قال في هامش الإقناع: قوله: وظاهر كلام القاضي... إلخ، وكأن العلة في ذلك كون الحال لا يؤجل فتأمل.
قال شيخنا: ليس ما ذكره من التعليل صحيحاً، لأنه لم
يؤجل الدين الحال، وإنما أجِّل بيع الرهن المعار، وذلك صحيح، كما قاله المجد، وليس لقول القاضي رحمه الله وجه صحيح أ.هـ
54- قال الأصحاب( ): وإن عزل الراهن المرتهن والعدل عن بيع الرهن، أو مات عُزلا سواء علما أو لم يعلما.
قال شيخنا: وقال بعض الأصحاب: ليس له عزلهما لأنه تعلق به حق واجب للغير وهو الصحيح( )أ.هـ
55- قال الأصحاب( ): وإن قال رهنتك هذا العبد، فقال: بل هذه الجارية، خرج العبد من الرهينة، لإقرار المرتهن بأنه لا رهن له عليه، ويحلف الراهن أنه ما رهنه الجارية، ثم تخرج من الرهن أيضاً أ.هـ
قال شيخنا: وفي هذه المسألة نظر،لأن المرتهن لم يَدَّعِ ارتهان الأمة إلا لزيادة الوثيقة، لزيادة قيمتها على قيمة، العبد، فَهَب أننا قلنا: القول قول الراهن في تعيين رهينة العبد، فانطلاق العبد والأمة من الرهينة، فيه ظلم ظاهر، حتى باعتراف الراهن كما هو ظاهر للمتأمل أ.هـ
56- قال الأصحاب( ): وكل أمين يقبل قوله في الرد، فطلب منه الرد، فإنه لا يملك تأخير الرد ليشهد.
قال شيخنا:وقيل له التأخير ليشهد( )، وهو أولى، لأنه قد لا يتمكن أو لا يُمَكّن من الاقتصار على قول: لاحقَّ له قِبَلي، كما هو الواقع كثيراً أ.هـ
57- قال الأصحاب( ): ولا يلزم من له دين دفع وثيقة الدين إلى من هو عليه، بل الإشهاد بأخذه.
قال شيخنا: والصحيح أنه إذا لم يخف ضرراً، أنه يلزمه دفع الوثيقة، لإزالة ضرر غيره بلا ضرر يلحقه( ) أ.هـ
58- قال الأصحاب( ): ويجوز لمرتهن أن ينتفع بالرهن بإذن راهن مجاناً، ولو بمحاباة ما لم يكن الدين قرضاً.
قال في هامش شرح الإقناع: "قوله: ما لم يكن الدين قرضاً، أقول: الظاهر أنه قيد لغير المركوب والمحلوب، وظاهر المنتهى( ) أنه قيد للجميع، قاله في الحاشية( ) ونصه: قال في المبدع( ) عقب الكلام إن للمرتهن ركوب المرهون وحلبه: هذا كله إذا كان الدين غير قرض، فإن كان قرضاً لم يجز، نصّ عليه، حذراً من قرض جرّ نفعاً وصريح هذا مع كلام المؤلف يقتضي أن قوله: ما لم يكن الدين قرضاً، قيد في المسألتين" أ.هـ
قال شيخنا: أقول مسألة المركوب والمحلوب ظاهر عدم دخولها في القرض الذي يجر نفعاً، لأن المعاوضة حاصلة، وليس الركوب والحلب مراعى به الدين، إنما روعي فيه النفقة أ.هـ
( من باب: الضمان)
59- قال الأصحاب( ): وألفاظ ضمان العهدة: ضمنتُ
عهدته، أو دركه أو يقول للمشتري: ضمنتُ خلاصك منه أو متى
خرج المبيع مستحقاً فقد ضمنتُ لك الثمن، فلو ضمن خلاص البيع فقال أحمد:لا يحل أ.هـ
قال شيخنا: ومثله ضمان خلاص الثمن المعين، والظاهر أنه إذا فهم منه ضمان العهدة، فإنه صحيح في الأمرين أ.هـ
60- قال الأصحاب( ):ويصح ضمان نقص الصنجة ونحوها، ويرجع بقوله مع يمينه أ.هـ
قال شيخنا: فيه نظر، لأن الأصل عدم النقص في المقبوض على أنه تام، ثم حصل الاختلاف( ).هـ
61- قال الأصحاب( ):وإن ضمن معرفته أُخِذَ به.
قال شيخنا: والأولى أن يقال في ضمان المعرفة: إن دلّ
في العرف على التزام إحضاره، أُخِذَ بإحضاره، وإلا أخذ بمعرفته وتعريفه لصاحب الحق فقط أ.هـ
62- قال في شرح الإقناع( ):ولو قال الكفيل في الكفالة:إن عجزتُ عن إحضاره، أو متى عجزتُ عن إحضاره كان عليّ القيام بما أقرّ به، فقال: ابن نصر الله ( ): لم يبرأ بموت المكفول، ولزمه ما عليه، قال:وقد وقعت هذه المسألة وأفتيتُ فيها بلزوم المال أ.هـ
قال شيخنا: وفي هذه الفتوى نظر ظاهر، فإن العجز المذكور هو العجز عنه في حياته، كما هو الأصل في الكفالة، وذكره هذا من باب التأكيد أ.هـ
63- قال في الإقناع( ) وشرحه( ):والسجان ونحوه ممن هو وكيل على بدن الغريم، بمنزلة الكفيل للوجه، فإن تعذر عليه إحضاره ضمن ما عليه، قاله الشيخ( )، وقال ابن نصر الله( ): الأظهر أنه كالوكيل بجعل في حفظ الغريم، إن هرب منه بتفريطه لزمه إحضاره وإلا فلا أ.هـ
قال شيخنا: قول ابن نصر الله أرجح من قول الشيخ تقي لأنه منوب لحفظه،
لا ملتزم لإحضاره أ.هـ
64- قال في الإقناع ( )وشرحه( ) عن الرعاية( ):ولو قال لزيد: طلّق زوجتك وعليّ ألف، أو مهرها، فطلقها لزمه ذلك بالطلاق. ولو قال: بع عبدك من زيد بمائة وعليّ مائة أخرى، لم يلزمه شيء، والفرق أنه ليس في الثاني إتلاف بخلاف الأول أ.هـ
قال شيخنا: وفي هذا الفرق نظر، فإنه إنما اختار بيعه بمائة لضمانه المائة الأخرى، فكأنه لم يرض بيعه إلا بمائتين، والذي تقتضيه القواعد استواء المسألتين في الضمان( ) أ.هـ
( من باب الحوالة)
65- قال شيخنا في مسألة رجوع المحتال على المحيل إذا تعذر عليه الاستيفاء بغير تفريطه: إنه أولى وأصح، سواء رضي بالحوالة، أو كان المحال عليه مليئاً أولا( ) أ.هـ
66- قال في الإقناع( ) وشرحه( ) نقلاً عن الرعاية الصغرى( )
والحاويين( ): إن قال أحلتك بما عليه، أي: الميت صح، لا أحلتك به عليه، فلا يصح، لأن ذمته قد خرجت أ.هـ
قال شيخنا: ولا مانع من إدارة الحوالة على التركة بهذا اللفظ، كما هو المتعارف أ.هـ
( من باب الصلح)
67- قال شيخنا: والصحيح صحة الصلح عن الشفعة، لأنها حق له، فلا مانع من المعاوضة على إسقاطه، وكذا عن حق خيار( ) أ.هـ
68- قال الأصحاب( ):ويحرم إحداثه في ملكه ما يضر بجاره، ثم ذكروا أمثلة منها حفر بئر ينقطع بها ماء بئر جاره.
قال شيخنا: وقيل له حفر بئر في ملكه، ولو أفضى إلى نقص ماء جاره( )لأن قرار الأرض له، وما فيه من الماء المودع هو أحق به من غيره، ولو ترتب عليه ما ذكر، وهو أظهر، بشرط أن لا يفعله على وجه المضارة، ومما يدل على ذلك أن له أن يحفر البئر الموجودة ويعمقها، ولو أفضى إلى نقص ماء جاره، فكما أن الهواء تابع للقرار، فالقرار عماد السطح والهواء.
وقال في مكان آخر: له ذلك ولو نقص أو انقطع إلا إذا قصد الضرار فقط فيمنع أ.هـ
( من باب: الحجر)
69- قال الأصحاب( ): وله منع الغريم من السفر وإن كان لا يحل إلا بعد مدة السفر.
قال شيخنا:وعنه: لا يمنعه من سفر لا يحل الدين قبل مدته، اختاره القاضي، وهو أصحّ دليلاً( ) أ.هـ
70- وقال في الإقناع( )، وشرحه( ): وإن أراد المدين سفراً وهو عاجز عن وفاء دينه، فلغريمه منعه حتى يقيم كفيلاً ببدنه، قاله الشيخ( ).
قال شيخنا: ظاهر الآية وهي قوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ليس له منعه من السفر ولو لم يقم كفيلاً، وهو ظاهر كلام بقية الأصحاب، لكونه لا تحل مطالبته في هذه الحال( ) أ.هـ
71- قال الأصحاب( ): فإن أبى من له مال يفي بدينه الحال
الوفاء حبسه الحاكم، قال ابن قندس( ) ظاهر ما ذكروه أنه متى توجه
حبسه حبس، ولو كان أجيراً في مدة الإجاره، أو امرأة
مزوجة، وعليه مشى الحكام في هذه الزمان، ولم أر المسألة مصرحاً بها في كلام أشياخ المذهب، لكن إطلاق كلامهم ظاهره أن الإجارة والزوجية لا تمنع أ.هـ
قال شيخنا: وعموم كلام الأصحاب في وجوب حق المؤجر على الأجير، وحق الزوج على زوجته يقابل هذا العموم، مع موافقته لظاهر الشرع، وأنه يمكن القيام بالحقين من غير حبس، فحق المؤجر والزوج لا يفوّت، ويجبر على الأداء من غير حبس، وإلا فيؤخذ من ماله قهراً عند امتناعه، فإن كان حق المؤجر والزوج سابقاً، لم يبق في تقديم حقها أدنى ريب ولا إشكال أ.هـ
72- قال الأصحاب( ): وكل ما فعله المفلس قبل الحجر عليه فهو نافذ، ولو استغرق جميع ماله أ.هـ
وعند الشيخ تقي الدين لا ينفذ التصرف المضر بالغريم ولو لم يحجر عليه( )، وهو أرجح واقرب إلى العدل أ.هـ
73- قال الأصحاب( ):ويكفر السفيه بالصوم.
قال شيخنا: وقيل يكفر بالمال( ) وهو ظاهر النصوص أ.هـ
74- ذكر الأصحاب( ) من الأحكام التي تتعلق بالحجر على
المفلس، أن من وجد عنده عيناً باعها إياه فهو أحق بها ولو بعد خروجها عن ملكه، فلو اشتراها ثم باعها ثم اشتراها فهي لأحد البائعين بقرعة.
قال شيخنا:وقيل إنها للبائع الثاني( ) وهو أولى أ.هـ
75- قال الأصحاب( ): فإن بذل الغرماء لصاحب السلعة ثمنها، أو خصوه بها من مال المفلس، أو قال المفلس: أنا أبيعها وأعطيك ثمنها لم يلزمه قبوله أ.هـ
قال شيخنا: والأولى أنه إذا حصل له ثمن سلعته على أي وجه كان، لم يكن له أخذها، لأن الشارع إنما خصه، وجعل له الحق في أخذها خوفاً من ضياع ماله، فينظر إلى المعنى الشرعي أ.هـ
76- ذكر الأصحاب للرجوع رجوع المفلس في عين ماله شروطاً( ).
قال فيها شيخنا: وأكثر هذه الشروط في استحقاق الرجوع في
العين لا دليل عليه، وظاهر الحديث( ) يدل على رجوعه ما لم
يمنع مانع كتعلق حق وانتقال ملك أو تغيراً كثيراً بزيادة أ.هـ
77- قال الأصحاب( ): ويجب أن يترك للمفلس من ماله ما تدعو إليه حاجته من مسكن وخادم.
وقال شيخنا: وعند ابن حمدان: يباع المسكن إذا استدان ما اشترى به مسكناً( ) وهذا هو عين الصواب، ولا يمكن أن تأتي الشريعة بخلاف هذا القول، وتفتح للناس أكل أموال الناس بأبطل الباطل، فلا يعجز مبطل أن يستدين ويشتري له داراً تكون مسكناً بذلك الدين، ويقول إنه معسر لا يباع مسكنه، بل لو قيل كقول كثير من أهل العلم: إن المسكن مطلقاً يباع لوفاء الدين، لكان قولاً قوياً( ) لأن وفاء الدين من الضروريات، وبقاء ملكه على مسكنه من الحاجيات، ويا بعد ما بين الأمرين أ.هـ
78- قال الأصحاب( ): ولا يحل دين مؤجل بفلس.
وقال شيخنا: وقيل إن الدين المؤجل يحل بالفلس( )، وأنه يشارك أصحاب الديون الحالة، لكن إن كان مؤجلاً فيه ربح، أُسْقِطَ من الربح بمقدار ما سقط من المدة، فلو باع سلعة تساوي ألفاً بألف ومائتين إلى أجل، ومضى نصف الأجل، وجب ألف ومائة، وسقطت المائة الأخرى مقابل باقي المدة، وهذا أقرب إلى العدل والصواب أ.هـ
79- قال الأصحاب( ): ومن حجر عليه الحاكم استحب إظهاره لتتجنب معاملته، قال الشيخ عبد الوهاب في هامش شرح الإقناع: ظاهره بل صريحه أن معاملاته قبل الحجر صحيحية مُنَفَّذة كما لا يخفى أ.هـ
قال شيخنا:فيه نظر، فليس بظاهر ولا صريح صحة معاملاته قبل حجر الحاكم، لأن الحاكم إنما يظهر خافياً، بل متى ثبت جنونه، أو سفهه وقت تصرفه، فإنه ليس بصحيح، وهو داخل في عموم كلامهم أ.هـ
80- قال الأصحاب( ): ويكفر السفيه بالصوم ولا يكفر بالمال.
قال شيخنا:كون السفيه الغني لا يكفر بالمال في غاية الضعف ومخالف لعموم الأدلة، فالصواب أنه يكفر بالمال كغيره، وقولهم في تعليل المنع لأنه يضره مقابل بالزكاة، ومنعه والحجر عليه من التصرفات الضارة لقصر عقله، وأما العبادات المالية فهو وغيره سواء ( ) أ.هـ
( من باب الوكالة)
81- قال الأصحاب( ):يصح التوكيل في الإقرار. قال في
شرح الإقناع( ): وصفة التوكيل في الإقرار أن يقول: وكلتك في
الإقرار، فلو قال له: أقرّ عني لم يكن ذلك وكالة ذكره المجد( ) أ.هـ
قال شيخنا:تفريق المجد غير واضح، فأي فرق بين قوله: وكلتك في بيع كذا، وبع كذا، فنظيره: وكلتك في الإقرار وأقرّ عني، وظاهر كلام الأصحاب خلاف ما قاله المجد( )، وإن كان الشارح قد ساق كلامه كالقيد لكلامهم، فليس لهذا القيد داع أ.هـ
82- صحّح الأصحاب رحمهم الله قول الموكل كلما عزلتك فقد وكلتك، وقالوا: هذه وكالة دورية( ).
قال شيخنا:الوكالة الدورية، والعقود والفسوخ الدورية، إنما حدث الإفتاء بها، وبصحتها ودورانها بعد القرون المفضلة، كما ذكره الأئمة( )، وحقق المحققون أنها غير صحيحة لمنافاتها لمقتضى العقود والفسوخ الشرعية، وجعل العقود الجائزة لازمة وبالعكس أ.هـ
83- قال الأصحاب( ): ولو حضر من يزيد في البيع على ثمن المثل، لم يجز للوكيل ولا للمضارب بيعه به.
قال في شرح الإقناع( ) فإن خالف وباع، فمقتضى ما سبق
يصح البيع، وظاهر كلامهم ولا ضمان، ولم أره مصرحاً به.
قال شيخنا:يعني: إن لم يحصل غبن فاحش، والصواب أنه كما لا يحل له أن يبيع، وثم من يزيد فإن فعل فلربها الرد( ) أ.هـ
84- قال الأصحاب( ): ولا يقبض وكيل البيع الثمن إلا بإذن أو قرينة.
قال شيخنا:يتعين الرجوع إلى عرف الناس في التقبيض والقبض في الوكالات أ.هـ
85- قال في الإقناع( ): وإن وكله في كل قليل أو كثير، لم يصح، قال شارحه( ): وكذا لو قال: وكلتك في كل شيء، أو في كل تصرف يجوز لي، أو كل مالي التصرف فيه.
قال شيخنا: الصحيح أنه إن عُرف موضوع ما فيه الوكالة، صحّ التوكيل ولو عمّت الوكالة كل ما له التصرف فيه، حيث لا محذور في هذا ( ) أ.هـ
86- قال الأصحاب( ): و إن وكله في قبض الحق من زيد، لم يملك قبضه من وارثه، لأن العرف لا يقتضيه.
قال شيخنا: ومقتضاه أنه لو اقتضاه العرف فله قبضه من الوارث وهو الظاهر أ.هـ
87- قال الأصحاب( ): وإن قال اشتر لي عبداً بما شئت، لم يصح.
قال شيخنا:ليس في هذا التفويض محذور أصلاً، ولا دليل على المنع، والأصل جواز التوكيل( )
88- قال الأصحاب( ): وإذا قال رب الدين للمدين: اشتر لي بديني عليك طعاماً، أو أسلف لي ألفاً من مالك في كُرِّ طعام لم يصح أ.هـ
قال شيخنا: وفيه نظر، ولو قالوا في الصورتين إن قوله ذلك يتضمن التوكيل ثم الشراء، كما قالوا في نظائره( ) كان أولى أ.هـ
89- قال الأصحاب( ): ومن طلب منه حق، فامتنع حتى يشهد القابض على نفسه بالإشهاد وكان الحق بغير بينة لم يلزم القابض أن يشهد.
قال شيخنا: وفيه نظر، فإنه قد لا يحسن الجواب بالمجمل،
وقد لا يكتفي منه بمجرد قوله: لا يستحق عليّ شيئاً،
فله أن يُمكَّنَ من كل ما يدفع عنه الضرر المحتمل( ) أ.هـ
90- قال الأصحاب( ): متى اشهد من له الحق على نفسه بالقبض، لم يلزمه تسليم وثيقة الحق.
قال شيخنا: والأولى إذا لم يسلم الوثيقة، أن يكتب عليها القبض، أو الخلاص ونحوه أ.هـ
91- قال الأصحاب في المضاربة( ): وإن قال مالك المال:خذه فاتجر به، والربح كله لك، فقرض.
قال شيخنا: وقيل لا يكون قرضاً، بل مضاربة فاسدة، كل
الربح للعامل والوضيعة على المالك( )، وهو الأصح لدخوله على عدم
الضمان أ.هـ
92- قال الأصحاب( ):وإن اختلفا لمن المشروط، فللعامل.
قال شيخنا:والصحيح أنهما إذا اختلفا لمن الجزء المشروط، أنه يرجع إلى العادة والعرف في الشركة، والمضاربة، والمساقاة، والمزارعة( ) أ.هـ
93- قال الأصحاب( ): وإذا فسدت المضاربة فللعامل أجرة مثله والربح كله للمالك.
قال شيخنا: وقال الشيخ تقي الدين: له نصيب المثل إذا فسدت المضاربة( )، وهو الموافق للقواعد الشرعية ا.هـ
94- قال الأصحاب( ): وإن قال: رب دين ضارب بالدين الذي عليك أو بديني الذي على زيد، لم تصح.
قال شيخنا: والصحيح صحة ذلك، ويكون توكيلاً في قبضه من نفسه، ومن غيره ثم يكون مضاربة كما في قوله: اقبض ديني وضارب به، ومثله هو قرض عليك شهراً، ثم هو مضاربة( )، وتصحيح هذه الأمور، جار على قاعدة انعقاد العقود بما دل عليها أ.هـ
95- قال الأصحاب( ):يصح للمضارب أن يشترط له النفقة، قال في شرح الإقناع( ): وتردد ابن نصر الله هل هي من رأس المال أو الربح؟( ) قلت: بل الظاهر أنها من الربح أ.هـ
قال الشيخ عبد الوهاب بن فيروز في حاشية له بخطه: بل الظاهر أنها من رأس المال، لكونه ما أنفق إلا بإذن، ولما فيه من الضرر الذي لا يخفى، وأفاد بإنه عرضه على والده الشيخ محمد بن فيروز فأقره( ) أ.هـ
قال شيخنا عبد الرحمن السعدي: المعروف عند الناس، أنه من جهة النوائب التي تنوب المال فتكون مستهلكة، وعند القسمة يرجعان إلى أصل رأس المال، فهي إذاً من رأس المال ومن الربح أ.هـ، كذا بخطه.
96- قال الأصحاب( ): والعامل أمين في مال المضاربة، وذكروا قبول قوله فيما يدعيه من تلف ونحوه.
قال شيخنا: وإذا قبلنا قول العامل في هذه الأمور، لم يمنع رب المال من استفصاله عن مفردات التلف والخسران، وما أشبه ذلك، حيث أمكن استظهار الصدق أو عدمه، خصوصاً إذا ظهرت أمارات الريبة أ.هـ
97- قال الأصحاب( ): والقول قول رب المال، في الجزء المشروط للعامل بعد الربح.
قال شيخنا:والصواب قبول قول من يشهد له العرف( ) أ.هـ
98- قال الأصحاب( ): وإذا دفع رجل مالاً إلى رجلين قراضاً على النصف، فَنُضَّ المالُ وهو ثلاثة آلاف، فقال رب المال: رأس المال ألفان، فصدقه أحدهما، وقال الآخر: بل هو ألف، فقول المنكر مع يمينه.
قال شيخنا:فلو شهد العامل، وحلف رب المال مع
شاهده، حكم له على المنكر، لتمام النصاب وعدم المانع أ.هـ
( من باب:المساقاة والمزارعة)
99- قال الأصحاب( ): إن المساقاة والمزارعة عقدان جائزان.
قال شيخنا:والصحيح الذي عليه العمل أنهما عقدان لازمان( ) أ.هـ
100- لما ذكر الأصحاب ما يلزم العامل ورب المال في المساقاة والمزارعة، قالوا:فإن شرط على أحدهما ما يلزم الآخر أو بعضه فسد العقد والشرط( ).
قال شيخنا:الصحيح أنه لا يفسد العقد، إلا إذا كان في الشرط غرر، لأن المسلمين على شروطهم( )أ.هـ
أقول: ولم يصرح شيخنا بحكم الشرط، هل هو صحيح أو فاسد، لكن قوة كلامه وتعليله يدل على صحة الشرط أيضاً، حيث قال:لأن المسلمين على شروطهم( )، والله أعلم.
101- قال الأصحاب( ): وإن دفع رجل بذره إلى صاحب الأرض ليزرعه في أرضه ويكون ما يخرج بينهما، ففاسد، ويكون الزرع لمالك البذور، وعليه أجرة الأرض والعمل، وإن قال: أنا أزرع الأرض ببذري وعواملي، وتسقيها بمائك والزرع بيننا لم يصح.
قال شيخنا:وعنه: يصح( )، وهو أولى أ.هـ
(من باب: الإجارة)
102- قال الأصحاب( ): وإن استأجره لحمل كتاب إلى شخص، فوجده غائباً، ولا وكيل له، رَدَّه على صاحبه، وله الأجرة المسماة لذهابه، وأجرة المثل لرده، وإن وجده ميتاً رَدَّه، وليس له إلا المسمى أ.هـ
قال شيخنا: ولا يظهر التفريق بين الصورتين( ) أ.هـ
103- قال الأصحاب( ): ولا يصح أن يسلخ البهيمة
بجلدها( ) أ.هـ
قال شيخنا:وقيل: يصح( ) لأنه معلوم وهو أصح أ.هـ
104- وقال الأصحاب( ) أيضاً: ولا يصح أن يستأجر حيواناً ليأخذ لبنه ولا ليرضعه ولده ونحوه.
قال شيخنا: وعند الشيخ تقي الدين( )جواز استئجار الحيوان لأخذ لبنه و إرضاعه( ) وهو الأولى أ.هـ
105- قال الأصحاب( ): ولو شرط على المستأجر أن يستوفي المنفعة بنفسه فسد الشرط، ولم يلزم الوفاء به.
قال شيخنا:وقيل: يصح أن يشرط أن لا يستوفي المنفعة إلا بنفسه( )، وهو أصح، لأنه قد يكون له غرض في ذلك.
106- قال الأصحاب( ): ويضمن الأجير المشترك ما تلف بفعله، ولو لخطئه، كتخريق القصار الثوب، وزلق حمال،وسقوط الحمل عن دابته إلخ.
قال شيخنا:والصحيح عدم ضمان الأجير المشترك ما تلف بزلق ونحوه، ما لم يفرط، وقواه في الإنصاف( ).
وكذلك الصحيح أنه يستحق أجرة ما عمله، إذا تلف
بعد عمله بغير تفريطه، لأن الأجرة في مقابلة عمله، وقد حصل، وأما التسليم
فتابع لذلك، وهو قول ابن عقيل، وقواه في الإنصاف( ) أ.هـ
107- وقال الأصحاب( ) أيضاً:إذا أتلف المتاع المحمول على وجه
يضمنه الحامل خيّر ربه بين تضمينه قيمته في الموضع الذي سلمه اليد فيه
ولا أجرة له، وبين تضمينه في الموضع الذي تلف فيه وله الأجرة إلى ذلك
المكان أ.هـ
قال شيخنا:وقال أبو الخطاب: يضمنه بقيمته في موضع تلفه وله الأجرة( ) وهو الموافق للقاعدة.
( من باب: المسابقة)
108- قال الأصحاب( ) في المناضلة، وإن فضل أحد المناضلين صاحبه، فقال المفضول للفاضل: اطرح فضلك وأعطيك ديناراً لم يجز.
قال شيخنا:وفيه نظر، فإنه حين ترجح على صاحبه، فهو بصدد الغلبة التي يُحَصِّل فيها المال، فما المانع من تجويز وضع الفضل بعوض، والأصل جواز ما لا محذور فيه محققاً أ.هـ
(من باب: العارية)
109- قال في الإقناع( ) وشرحه( ): وإن حمل السيل أرضاً
بشجرها، فنبت في أرض أخرى كما كانت، فهي أي: الأرض ذات الشجر المحمولة ـ لمالكها، ويجبر على إزالتها. قال الشارح لكن تقدم في حكم الجوار( ): أن رب الشجر، لا يجبر على إزالة عروق شجره وأغصانها من أرض جاره وهوائه، لأنه حصل بغير اختيار مالكها، ولم يظهر لي الفرق بينهما إلا أن يقال هنا: يمنع الانتفاع بالكلية، بخلاف الأغصان والعروق أ.هـ
قال شيخنا: والظاهر أن الفرق أن العروق والأغصان قد جرت العادة بوصولها واتصالها بأرض الجار فجرت مجرى الشاغل المأذون فيه بخلاف ما إذا نقل السيل أرضاً بشجرها فإنه مخالف للأول من كل وجه أ.هـ
( من باب: الغصب)
110- قال الأصحاب( ): وإن استولى على حر لم يضمنه ولو صغيراً، ولا يضمن دابة عليها مالكها الكبير ومتاعه.
قال شيخنا:والصحيح ثبوت اليد على الحر، ولو كبيراً، فعليه يضمن دابة عليها مالكها إذا قهره، ويضمن أجرته إذا منعه عن العمل( ) أ.هـ
111- قال الأصحاب( ): وما نقص بسعر لم يضمن.
قال شيخنا:وفي هذا نظر، فإن الصحيح أنه يضمن نقص السعر، وكيف يغصب شيئاً يساوي ألفاً، وكان مالكه بصدد بيعه بالألف، ثم نقص السعر نقصاً فاحشاً، فصار يساوي خمسمائة أنه لا يضمن النقص فيرده كما هو( ) أ.هـ
112- قال الأصحاب( ): وإن اختلط درهم بدرهمين لآخر من غير غصب، فتلف اثنان فما بقي بينهما نصفان، قال في تصحيح الفروع( ): ويحتمل القرعة، وهو أولى، لأننا متحققون أن الدرهم لواحد منهما لا يشركه فيه غيره، وقد اشتبه علينا، فأخرجناه بالقرعة أ.هـ
قال شيخنا: لكن صفة القرعة هل يكون لصاحب الدرهم سهم ولصاحب الدرهمين سهم فقط؟، أو لصاحب الدرهمين سهمان؟، والثاني أظهر، لأنه أقرب إلى العدل.
ولو قيل: صفة القسمة أيضاً لصاحب الدرهم ثلث الباقي، ولصاحب الدرهمين ثلثاه فكذلك، لأن القاعدة: أن الأموال المشتركة غير المتميزة، متى تلف أو نقص منها شيء، كان عليها كلها بقسطها، كما لو زاد فالزيادة بقسطها، إلا أن يميز أحدهما بزيادة عمل والله أعلم أ.هـ
113- قال الأصحاب( ): إذا اشترى عبداً وحيواناً، فأنفق عليه، أو
أرضاً خراجية فأخرج خراجها، ثم تبين أن العبد، أو الحيوان، أو الأرض مغصوبة، لم يرجع بما أنفق، ولا بالخراج، ثم عللوه.
قال شيخنا: وفي هذا التعليل نظر فإنه إنما أنفق وأخرج الخراج بحسب سلامة ملكها له، فإذا تبين عدمه رجع بما غرمه على من غَرَّه.
114- قال الأصحاب( ): وإن دفع مفتاحاً للص، فسرق البيت فالضمان على اللص، لا على الدافع.
قال شيخنا:والصواب تضمين الدافع المفتاح للص، لأن هذا من أكبر الأسباب، خصوصاً إذا تعذر تضمين اللص، والله أعلم( )
115- قال الأصحاب( ): وإن مال حائطه إلى غير ملكه، فأتلف شيئاً لم يضمن بكل حال، وعنه: إن طولب بنقضه وأشهد عليه فلم يفعل، ضمن.
قال شيخنا: وقيل عليه الضمان مطلقاً، سواء طولب أو لم يطالب( ) لمطالبة الشرع، له لوجوب إزالة ضرره، فإبقاؤه مع القدرة على إزالته تعد وعدوان، وهو الصواب.
116- قال في شرح الإقناع( ): قال في القاعدة السابعة والعشرين( ): لو دفع صائلاً عليه بالقتل لم يضمن، ولو دفعه عن غيره بالقتل ضمنه، وفي الفتاوى الرحبيات( ) عن ابن عقيل و ابن الزاغوني: لا ضمان عليه( ) أيضاً.
قال شيخنا: عن قول ابن عقيل وابن الزاغوني هو الصواب، الموافق للقاعدة، لكونه مأموراً، بل واجباً عليه الدفع عن الغير، وما ترتب على المأذون غير مضمون إلخ.
( من باب الشفعة)
117- ذكر الأصحاب( ) من شروط الشفعة: أن يطالب بها على الفور.
قال شيخنا: والصحيح أن حق الشفعة كسائر الحقوق، لا يسقط إلا بما يدل على السقوط( ) أ.هـ
( من باب: اللقطة واللقيط)
118- قال في الإقناع( ) وشرحه( ) فيما إذا ضاعت اللقطة، فعرّفها الثاني مع علمه بالأول ولم يعلمه، أو أعلمها وقصد الثاني بتعريفها لنفسه، لم يملكها الثاني لأن ولاية التعريف للأول، وهو معلوم فأشبه ما لو غصب من الملتقط غاصب وعرّفها. والوجه الثاني يملكها( ) لأن سبب الملك وجد منه، والأول لم يملكها.
قال شيخنا: وقد يقال إن سبب الملك الالتقاط، وشرطه التعريف، وتعريف الثاني كالنيابة عن الأول، فيملكها الأول والله أعلم، ويؤيده ما ذكروه في التقاط المجنون والصغير والفاسق الذي لا يؤمن عليها( ) أ.هـ
119- قال في شرح الإقناع( ) في باب اللقيط: ويحرم النبذ، لأنه تعريض بالمنبوذ للتلف.
قال شيخنا:ليس تحريم النبذ لهذه العلة وحدها، بل يحرم النبذ لما فيه من المفاسد المتعددة غير ما ذكر، منها: أنه يُسْقِطُ عن نفسه النفقة الواجبة عليه، ويحملها من لا عليه منها. ومنها: ما يخشى من ضياع نسبه، وربما ادعى رقه، وربما لا يتمكن بعد ذلك من استلحاقه لو أراده إلى غير ذلك أ.هـ
(من باب: الوقف)
120- قال الأصحاب( ): ويصح وقف عبده على حجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال شيخنا:وهذا القول مع مخالفته للشريعة، مخالف لقاعدة المذهب.
121- قال الأصحاب( ) رحمهم الله: إن البطن الثاني ومن بعده من أهل الوقف، يتلقى الوقف من الواقف، لا من البطن الذي قبله، فإذا امتنع البطن الأول من اليمين مع شاهده لإثبات الوقف، فلمن بعدهم الحلف.
قال شيخنا:هل يكون للحالفين الذين إنما ثبت بحلفهم، أم للبطن الأعلى؟ فيه تردد، والذي يترجح، أنه للبطن الأعلى، إلا أن يمتنعوا، فيكون للنازلين أ.هـ
122- قال أصحابنا( ): والمستحب أن يقسم الوقف على أولاده، للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن فضل بعضهم، أو خصه على وجه الأثرة كره.
قال شيخنا:اقتصارهم على الكراهة فيه نظر، فإن هذا ترك للعدل الواجب فلا يكون إلا محرَّماً والله أعلم( ) أ.هـ
123- قال في شرح الإقناع( ):" ولو وقف على آل جعفر، وآل علي، فقال: أبو العباس( ): أفتيت أنا وطائفة من الفقهاء، أنه يقسم بين أعيان الطائفتين، وأفتى طائفة أنه يقسم نصفين، فيأخذ آل جعفر النصف وإن كانوا واحداً وهو مقتضى أحد قولي أصحابنا أ.هـ
قلت: وهو مقتضى ما تقدم في مواضع" أ.هـ
قال شيخنا:ونظير هذه الفتوى، لو قال: وقف على أولاد ابنيّ فلان وفلان، هل يقسم على أعيان أولاد ابنيه ولو تفاوتوا، أو يجعل لكل أولاد ابن نصف؟ وهذا الثاني أقرب حتى إلى مقاصد الموقفين أ.هـ
( من باب: الهبة والعطية)
124- قال في الإقناع( ): ولو قال: خذ من هذا الكيس ما شئت، كان له أخذ ما به جميعاً، وخذ من هذه الدراهم ما شئت، لم يملك أخذها كلها، ثم ذكر في الشرح( ) علة الفرق عن ابن الصيرفي.
قال شيخنا: وفي هذا الفرق الذي ذكره ابن الصيرفي نظر،
والتحقيق عدم الفرق في العرف وما يبدو للأذهان والألفاظ، يرجع فيها إلى ما يقصده المتكلمون بها أ.هـ
125- قال الأصحاب( ): وإن وقف ثلثه في مرضه على بعض ورثته، أو أوصى بوقفه عليهم جاز.
قال شيخنا: وتخصيص بعض الورثة بوقف ثلثه عليه، أو تفضيل قول ضعيف جداً، والرواية الثانية: لا يجوز ذلك( )، وهو مذهب جمهور العلماء( )، وعليه تدل الأدلة الشرعية، في إيجاب العدل بين الأولاد، ومنع الوصية لوارث، والله أعلم.
126- قال الأصحاب( ): كل تصرف لا يمنع الابن من التصرف في رقبة ما وهبه له أبوه، كالوصية، والإجارة، فإنه لا يمنع رجوع الأب في هبته، وإذا رجع الأب فإن كان التصرف لازماً، كالإجارة، بقي بحاله، وإلا بطل.
قال في شرح الإقناع( ): لكن تقدم أن الأخذ بالشفعة، تنفسخ به الإجارة، والفرق: أن للأب فعلاً في الإجارة، لأن تمليكه لولده تسليط له على التصرف فيه، ولا كذلك الشفيع، هذا ما ظهر لي، والله أعلم.
قال شيخنا: والتحقيق في الفرق بينهما، أن حق الشفيع
متقدم على حق المستأجر، بخلاف حق الأب في الرجوع، فإنما يثبت وقت الرجوع، الذي تقدمه حق المستأجر، والله أعلم.
127- قال الأصحاب( ): ولا رجوع للأب فيما وهبه لابنه مع زيادة متصلة.
قال شيخنا: والرواية الثانية لا تمنع الزيادة المتصلة رجوع الأب( ) وهي الصحيحة أ.هـ
128- قال الأصحاب( ): لو أقرّ الأب بقبض دين ولده، فأنكر الولد، أو أقر رجع على غريمه، ورجع الغريم على الأب، قال في شرح الإقناع( ): فقول الإمام في رواية مهنا: ولو أقرّ بقبض دين ابنه، فأنكر رجع على غريمه وهو على الأب، لا يعول على مفهومه، من أنه لو أقرّ لا يرجع، لأنه يمكن أن يكون جواباً عن سؤال سائل، فلا يحتج بمفهومه( ) أ.هـ
قال شيخنا: والأولى التعويل على مفهوم قول الإمام أحمد، خصوصاً إذا قلنا بجواز إبراء نفسه، وإبراء غريم ابنه من دين الابن، وجواز قبض ديون الابن، كما يجوز قبض أعيان ماله وهو الصحيح لقوله صلى الله عليه وسلم: ( أنت ومالك لأبيك)( ) فيشمل الأعيان، والديون والله أعلم.
129- نقل الأصحاب( ) عن الشيخ تقي الدين( ): أنه لو أخذ من مال ولده شيئاً، ثم انفسخ سبب استحقاقه، بحيث وجب رده إلى الذي كان مالكه، مثل أن يأخذ صداق ابنته، ثم يطلق الزوج..إلخ، فالأقوى في جميع هذه الصور، أن للمالك الأول الرجوع على الأب.
قال في الإقناع( ) بعد نقله كلام الشيخ، ويأتي في الصداق( ): لو تزوجها على ألف لها، وألف لأبيها، أي: فإنه يرجع عليها لا على أبيها، قال في شرح الإقناع( ): وهو يقتضي أن المذهب خلاف ما قاله الشيخ أ.هـ
قال شيخنا: وما قاله الشيخ هو الصواب، لأن يد الأب كيد ولده، بالنسبة إلى من له الاستحقاق، ولسد الذريعة عن الحيلة أ.هـ
* * *
( من كتاب الوصايا)
130-قال في الإقناع( ): ويستقر الضمان على الورثة، بمجرد موت مورثهم، إذا كان المال عيناً حاضرة يتمكن من قبضهاأ.هـ
قال شيخنا: وقال القاضي وابن عقيل: لا تدخل في ضمانهم إلا بالقبض كالديون( ) وهو أولى أ.هـ
131- قال في الإقناع( ): وإن قال يخدم عبدي فلاناً سنة، ثم هو حر، صحت الوصية، فإن لم يقبل الموصى له بالخدمة، أو وهب له الخدمة لم يعتق إلا بعد سنة. قال في شرح الإقناع( ): وفي المنتهى( )، وغيره( ):يعتق في الحال.
قال شيخنا: قول صاحب المنتهى، أقرب إلى حصول مراد الموصي، لأنه قصد حريته، وملكه منافع نفسه، إلا تلك المنفعة التي وهبها له صاحبها أ.هـ
132- قال في شرح الإقناع( ): قال أبو بكر: لو قال الموصي
اعتق عبداً نصرانياً، فأعتق مسلماً، أو ادفع ثلثي إلى نصراني، فدفعه إلى مسلم ضمن( ).
قال أبو العباس( ): وفيه نظر أ.هـ
قال شيخنا: لعل مراد أبي بكر ليس مجرد كونه نصرانياً، بل قصد به وصفاً مقصوداً شرعياً، كالقريب، والجار، فلا يبقى فيه نظر أ.هـ
133- قال في الإقناع( ): وتصح الوصية لفرس زيد، ولو لم يقبله، ويصرف في علفه، فإن مات، فالباقي للورثة.
قال شيخنا: لا يخفى أن مراد الموصي، نفع صاحب الفرس، ولكنه عين ذلك النفع، بصرفه إلى علف فرسه، فإذا تعذر الإنفاق عليها، فالذي ينبغي أن يكون لصاحب الفرس أ.هـ
134- قال الأصحاب( ): ولو وصى له، ولجبريل، أو له وللحائط بثلث ماله، فله جميع الثلث.
قال شيخنا:الأصل انتقال جميع التركة للورثة، إلا وصية صحيحة معتبرة، فعلى هذا إذا أشرك بينه وبين من لا يصح تمليكه، كجبريل، والحائط، كان ما جعله لجبريل والحائط للورثة، ومثل هذا الصواب إبطال وصية من أمر بدفن ثلثه، أو إحراقه ونحوه، مما يعد متلاعباً، فلا نجعل لكلامه معنى لم يرده، بل نلغي لفظه بالكلية أ.هـ
135- قال الأصحاب( ): إذا أوصى له بثمر بستان أو شجرة، فإن كل واحد من الوارث، والموصى له، لا يملك إجبار الآخر على السقي.
قال شيخنا:الأصل وجوب إلزام أحد الشريكين الآخر في تعمير ما يحتاج إليه المال المشترك، وهذه المسألة تخالف الأصل، ففيها نظر ظاهر.
136- قال في شرح الإقناع( ): وإن قال: اصنع في مالي ما شئت، أو هو بحكمك أفعل فيه ما شئت، ونحو ذلك من ألفاظ الإباحة لا الأمر. قال أبو العباس( ): أفتيت أن هذا الوصي له أن يخرج ثلثه، وله أن لا يخرجه، فلا يكون الإخراج واجباً، ولا حراماً، بل هو موقوف على اختيار الوصي أ.هـ
قال شيخنا: هذه الفتوى من أبي العباس، تخالف فتواه المعروفة في مثل هذه الألفاظ، أنه يجب فيها العمل بأصلح ما يراه( )، وهو الظاهر من مراد الموصي، إلا إن كانت العبارة تدل على أن مراد الموصي، أن الوصي إن شاء تملكها، وإن شاء أخرجها، فهو على ما قال، والله أعلم.
* * *
(من كتاب: الفرائض)
137- قال الأصحاب( ):والجد لأب مع الإخوة لغير أم، كأخ منهم، ثم ذكروا تفصيل إرثهم.
قال شيخنا: والرواية الثانية( ) عن الإمام أحمد، الموافقة لقول الصديق( )، وغيره، هي الصحيحة، بل هي الصواب المقطوع به لوجوه كثيرة:
منها: أن الجد نزله الشارع منزلة الأب في أبواب كثيرة( )،بل وفي المواريث، وذلك بالإجماع.
ومنها: أنه بالإجماع أن الابن النازل، بمنزلة ابن الصلب، فكذلك الأب العالي بمنزلة الأب.
ومنها: أن القياس الذي ذكره المورثون، منقوض عليهم بابن الأخ مع جد الأب، فإنه محجوب بالجد إجماعاً، وبأنه لو كان بمنزلة الأشقاء، أسقط
الإخوة لأب، ولو كان بمنزلة الإخوة لأب، لسقط بالأشقاء، ولا قائل
بذلك.
ومنها: أنه على تقدير ميراثه معهم، تقتضي الحال أنه كواحد منهم
مطلقاً، ولم يجعلوه كذلك، بل جعلوه يخير تارة بين الثلث والمقاسمة،
وتارة بين المقاسمة وثلث الباقي وسدس جميع المال، وهذا لا أصل له في الشرع يرجع إليه.
ومنها: أنه لو كان مثلهم، لكان للأم السدس مع جد وأخ.
ومنها: مسائل مُعَادَّة الأشقاء للإخوة( ) لأب عليه، ثم أخذهم ما بأيديهم، وهذا لا أصل له يرجع إليه، ومحال معادة من لا ميراث له.
ومنها: مسألة الأكدرية( ) فإنها متناقضة، مخالفة للنص من جهة
إرثها معه، ومن جهة العول، والفروض أقل من المال وهي نصف
الزوج وثلث الأم، وأنها فرض لها أولاً فأعيلت، ثم عاد المفروض عصباً بين الجد والأخت، وهذا لا يمكن تطبيقه على نص، ولا قياس، ولا أَصْلٍ أَصْلاً، ومن جهة أن الله فرض للأم الثلث مع عدم الأولاد وجمع الإخوة، وللزوج النصف مع عدم الأولاد، ولم يحصل ذلك لهما، فهذا القول كما ترى متناقض، لا ينبني على أصل صحيح ولا معنى رجيح،ولا ظاهر نص ولا إشارته.
وأما القول بسقوطهم مطلقاً بالجد، فهو الموافق لظاهر الكتاب والسنة، والموافق لمواقع الإجماع في غير هذه المسألة، والموافق للمعاني الصحيحة، وهو قول منضبط، لا تناقض فيه ولا غموض، ولا إشكال، كما هو شأن الأقوال الصحيحة ولله الحمد.
138- قال الأصحاب( ): إن الإخوة إذا كانوا اثنين فأكثر، يحجبون الأم من الثلث إلى السدس مطلقاً، وإن كانوا محجوبين بالأب.
قال شيخنا: وعند شيخ الإسلام( ) أن المحجوب من الإخوة، لا يحجب الأم من الثلث إلى السدس مطلقاً، سواء بوصف، أو شخص، وقوله أظهر، لأن كل من ذكر الله من الوارثين حيث ذكر إرثه وإرثَ غيره، فإنه الوارث غير المحجوب، وذلك بالاتفاق في غير هذه المسألة، بل بالاتفاق فيها بالحجب بالوصف، ولأنه من الحِكَمِ في حجبها بجمع الإخوة، ليتوفر عليهم، فإذا كانوا محجوبين عدم هذا المعنى.
139- قال الأصحاب:( ) ومن لا أب له شرعاً، فعصبته في الإرث عصبة أمه. قال في شرح الإقناع( ): واختار أبو بكر عبد العزيز( ): أن عصبته نفس أمه، فإن لم تكن، فعصبته عصبتها.
قال شيخنا: واختاره أيضاً شيخ الإسلام( )، وهو أقوى دليلاً من المذهب، لأنه لما انقطعت النسبة إلى أبيه، انحصرت في الأم، وتفرعت على عصباتها، وأما كون عصبتها عصبة وهي ليست بعصبة، فهذا مع مخالفته لظاهر النص، لا حظّ له في القياس، بل إما أن نقول بتعصيبها، أو بقول الجمهور أنها لا تعصب ولا أحد ممن يدلي بها.
140- قال الأصحاب( ):كل جدة أدلت بأب أعلى من الجد فلا
ترث.
قال شيخنا: والرواية الأخرى( ) اختارها شيخ الإسلام( ):
أن كل جدة أدلت بأب أو جد وارث، فإنها ترث وهو أصح، لأنه الموافق للقاعدة الصحيحة، وهي أن كل جدة أدلت بوارث من ذكر أو أنثى فهي وارثة، ومن تدلي بغير وارث فلا إرث لها.
141- قال الأصحاب( ):ولا يرد على الزوجين، وما روي عن عثمان أنه ردّ على زوج( )، فقال الموفق في المغني( ): لعله كان عصبة، أو ذا رحم فأعطاه لذلك، أو أعطاه من بيت المال، لا على سبيل الميراث أ.هـ
واختار شيخنا الرد على الزوجين كغيرهما وقال: لأن الأصل الذي ورث فيه أهل الفروض، بزيادة على فروضهم، وهو خوف سقوط بعضهم، أو إضراره بالآخر، موجود في الزوجين، وإذا كان الزوجان يشاركان أهل الفروض في العول، ونقص الفروض، فالقياس يقتضي أيضاً مشاركتهم إياهم في الرد وزيادة الفروض، ويؤيد هذا أن الله قدر بحسب حكمته قلة وكثرة، فكان مقتضى ذلك، أن ما زاد عليها وزع عليهم بقدرها( ). والله أعلم.
انتهى ما رأيته بخط شيخنا عبد الرحمن السعدي على هامش نسخة خطية من الجزء الثاني من شرح الإقناع. قاله ناقله: محمد الصالح العثيمين،تمّ ذلك في 8/11/1382هـ.
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.