أخلاق طلاب الحلقات
التصنيفات
المصادر
الوصف المفصل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد...
جميل أن يحفظ أبناؤنا القرآن... وجميل أن ينضموا إلى حلقات تحفيظ القرآن المنتشرة في مساجدنا ولله الحمد.. وجميل أن يتسابقوا ويتنافسوا في حفظ وتلاوة وتجويد القرآن الكريم.
ولكن.. هل هذا وحده هو المطلوب؟..
هل إقامة حروف القرآن كاف في تنشئة الأجيال على معاني القرآن وآدابه..
إننا نريد جيلا متخلقا بأخلاق القرآن...
إننا نريد جيلا ملتزما بآداب القرآن...
إننا نريد جيلاً واقفا عند حدود القرآن عاملاً بأحكامه..
لا نريد حافظا يكذب، أو يغش، أو يسب، أو يلعن، أو يسخر من إخوانه ويستهزئ بهم، فلا يوقر كبيراً، ولا يرحم صغيرا ولا يعطي كل ذي حق حقه.
***
القرآن منهاج حياة
إن القرآن كتاب هداية وإصلاح قال تعالى: }إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ{ [الإسراء:9].
وقالت الجن: }إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ{ [الجن: 1-2].
والقرآن نزل لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، كما قال تعالى: }قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ{ [المائدة:15-16].
أتى القرآن لإخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، من ظلمات الجهل إلى نور العلم، من ظلمات الكبر إلى نور التواضع وخفض الجناح، من ظلمات القسوة والظلم إلى نور الرحمة والعدل، من ظلمات الخيانة إلى نور الأمانة، من ظلمات الحقد والحسد والكراهية إلى نور الرضي والمحبة والتسامح، من ظلمات الفخر بالأحساب والأنساب والعصبيات البائدة، إلى نور التقوى والانضواء تحت راية الإسلام وترك العصبيات، التي تعمل على تفتيت الوحدة الإسلامية والأخوة الإيمانية..
لابد أن يدرك طلابنا هذه المعاني.. وبخاصة طلاب حلقات التحفيظ، فهم أولى الناس بالخروج من الظلمات إلى النور..
لقد سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن أخلاق رسول الله ﷺ فقالت: «كان خلقه القرآن» [رواه مسلم].
وقيل: كان ﷺ قرآنا يمشي على الأرض، يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه، فينبغي عليك أيها الطالب النجيب أن تتأسى بنبيك ﷺ في أخلاقه وآدابه وتعاملاته مع الناس حتى تفوز بسعاد الدارين ويرضى عنك رب الثقلين تبارك وتعالى.
***
هجر القرآن
حذر الله تعالى عباده من هجر القرآن الكريم فقال: }وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا{ [الفرقان:30].
قال الإمام ابن كثير –رحمه الله-: «وترك الإيمان به وترك تصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره من هجرانه»([1]).
أحدها: هجر سماعه والإيمان به، والإصغاء إليه.
والثاني: هجر العمل به، والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به.
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه.
والرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم منه.
والخامس: هجر الاستشفاء و التداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها.
وكل هذا داخل في قوله: }وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا{، وإن كان بعض الهجر أهون من بعض »([2]).
فيا طالب الحلقات! لا أدعوك للتكاسل عن الحفظ والتلاوة والتنافس مع زملائك في الحلقات، ولكني أدعوك بأن يكون للقرآن أكبر الأثر في حياتك.
ينبغي أن يظهر أثر القرآن الكريم في أخلاقك.
ينبغي أن يكون للقرآن الكريم أثر في تعاملك مع والديك.
ينبغي أن يكون للقرآن الكريم أثر في تعاملك مع أساتذتك..
ينبغي أن يكون للقرآن الكريم أثر في تعاملك مع زملائك..
ينبغي أن يكون للقرآن الكريم أثر في تعاملك مع جيرانك.
أما إذا كانت أخلاقك في واد وأخلاق القرآن في واد آخر، فهذا دليل على نقصك وإهمالك لهذا الجانب المهم، وعلامة على وقوعك في هجر القرآن دون أن تدري، ويخشى عليك يا ولدي أن يتقدم بك السن وتستمر في الإعراض عن التخلق بأخلاق القرآن، فيكون القرآن عند ذلك حجة عليك لا حجة لك. قال النبي ﷺ: «أكثر منافقي أمتي قراؤها» [رواه أحمد وصححه الألباني].
***
أخلاق طلاب الحلقات
وإذا سألت – أخي المبارك – عن أخلاق القرآن التي ينبغي أن يتخلق بها طلاب الحلقات فهي كل خلق فاضل ورد في القرآن مدحه أو الأمر به أو الثناء على أهله، وكذلك ما ورد في سنة النبي ﷺ وما أجمعت الأمة على حسنه من الأخلاق الكريمة.
قال سفيان الثوري- رحمه الله – لا ينبغي لحامل العلم والقرآن أن يكون جافيا، ولا ممارياً، ولا رافعا صوته بالحديث والعلم.
ويرُوى عن الفضيل أنه قال: حامل القرآن مقامه يجل عن أن يعصي ربه، وكيف يصح له أن يعصي ربه، وكل حرف من القرآن يناديه: بالله عليك لا تخالف ما أنت حامله مني.
فلا ينبغي لحامل القرآن أن يغفل مع الغافلين، ولا يسيء مع المسيئين، وقد كان مالك بن دينار يقول: يا أهل القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟
فإن القرآن ربيع القلوب، كما أن الغيث ربيع الأرض فمن أخلاق القرآن:
1-الصدق:
قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ{[التوبة:119].
وقال النبي ﷺ: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً» [متفق عليه].
وقال النبي ﷺ: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» [متفق عليه].
وقال عمر بن الخطاب t: ألا إن الصدق والبر في الجنة، ألا وإن الكذب والفجور في النار.
وقال الفضيل: ما من مضغة أحب إلى الله تعالى من لسان صدوق، وما من مضغة أبغض إلى الله تعالى من لسان كذوب.
أخي الطالب:
عود لسانك قول الخير تحظ به | ||
إن اللسان لما عودت معتاد | ||
موكل بتقاضي ما سننت له | ||
فاختر لنفسك وانظر كيف ترتاد | ||
2-الأمانة:
قال تعالى: }إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا{ [النساء: 58].
وقال النبي ﷺ: «أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك» [رواه أحمد وأهل السنن].
وقال النبي ﷺ: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له» [رواه أحمد وصححه الألباني].
وقال النبي ﷺ: «أول ما تفقدون من دينكم الأمانة» [رواه الطبراني وصححه الألباني].
*وعن ابن عمر y قال: «لا تنظروا إلى صلاة أحد ولا صيامه، وانظروا إلى صدق حديثه إذا حدث، وإلى أمانته إذا اؤتمن، وإلى ورعه إذا أشفى».
*وقال أنس: البيت الذي يكون فيه خيانة، لا يكون في بركة.
3-التواضع:
قال تعالى: }وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{ [الشعراء:215].
وقال تعالى: }وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا{ [الفرقان:63].
وقال تعالى: }وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا{ [الإسراء:37].
وقال تعالى: }أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ{ [المائدة:54].
وقال النبي ﷺ: «...وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» [رواه مسلم].
وقال النبي ﷺ: «إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغ أحد على أحد» [رواه مسلم].
وقال النبي ﷺ «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر».
أخي الحبيب:
إن التواضع من خصال المتقي | ||
وبه التقي إلى المعالي يرتقي | ||
ومن العجائب عجب من هو جاهل | ||
في حاله أهو السعيد أم الشقي | ||
4-العفو عن المخطئ:
قال تعالى: }وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ{ [آل عمران:159].
وقال تعالى:}خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ{ [الأعراف:199].
وقال تعالى: }فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{ [المائدة:13].
وقال النبي ﷺ لعقبة: «صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك» [رواه أحمد وصححه الألباني].
وقال ﷺ: «وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا» [رواه مسلم ]
وقال ابن عباس: أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم.
5-الرفق:
قال تعالى: }اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى{[طه:43-44].
وقال تعالى: }فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ{ [آل عمران:159].
وقال النبي ﷺ: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه» [رواه مسلم].
وقال ﷺ: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه» [رواه مسلم].
وقال عروة بن الزبير: مكتوب في الحكمة: الرفق رأس الحكمة.
وقال قيس بن أبي حازم: من يعط الرفق في الدنيا، نفعه في الآخرة.
6-الصبر.
قال تعالى: }إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{ [الزمر:10].
وقال تعالى: }وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ{ [الشورى:43].
وقال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا ...{ الآية [آل عمران:200].
وقال النبي ﷺ: «الصبر ضياء» [رواه مسلم].
وقال ﷺ: «عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له» [رواه مسلم].
وقال النبي ﷺ : «وما أعطي أحد عطاء خيرا من الصبر» [متفق عليه].
قال الشاعر:
تنكر لي خصمي ولم يدر أنني | ||
أعز وأحداث الزمان تهون | ||
فبات يريني الظلم كيف عتوه | ||
وبت أريه الصبر كيف يكون | ||
7-الشكر:
قال تعالى: }فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ{ [البقرة:152]
وقال تعالى: }وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ{ [إبراهيم:7].
وقال تعالى: }وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ{ [البقرة:172].
وقال النبي ﷺ: «إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها» [رواه مسلم].
وكان النبي ﷺ إذا أصبح وإذا أمسى قال: «اللهم ما أصبح بي من نعمة، أو بأحد من خلقك فمنك وحدك، لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر، وأخبر أن من قالها حين يصبح فقد أدى شكر يومه، ومن قالها حين يمسي، فقد أدى شكر ليلته» [رواه أبو داود وحسنه النووي].
وقال فضل: كان يقال: من شكر النعمة التحدث بها.
وجلس ليلة هو وابن عيينة يتذاكران النعم إلى الصباح!
8-الاستقامة:
قال تعالى: }فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ{ [هود:112].
وقال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ{ [فصلت:30].
وقال: }إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ [الأحقاف:13-14].
وقال النبي ﷺ: «استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن» [رواه أحمد بسند صحيح].
والاستقامة هي: إخلاص التوحيد لله عز وجل، ولزوم الأمر، وترك النواهي، والثبات على ذلك دون غلو أو تفريط.
9-الحياء:
قال تعالى: }أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى{ [العلق:14].
وقال النبي ﷺ: «الحياء شعبة من الإيمان» [متفق عليه].
وقال النبي ﷺ: «استحيوا من الله حق الحياء». قالوا: إنا نستحي يا رسول الله. قال: «ليس ذلكم، ولكن من استحى من الله حق الحياء؛ فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحى من الله حق الحياء» [رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني].
وقال الفضيل بن عياض: تغلق بابك، وترخي سترك، وتستحي من الناس، ولا تستحي من القرآن الذي في صدرك، ولا من الجليل الذي لا يخفى عليه خافية!!
وقال الراغب: الحياء انقباض النفس عن القبائح، وهو من خصائص الإنسان ليرتدع به عما تنزعه إليه الشهوة من القبائح، فلا يكون كالبهيمة.
10- سلامة الصدر:
قال تعالى: }وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ{ [الحشر:10].
وقال النبي ﷺ: «إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم» [رواه مسلم].
وقال النبي ﷺ: «تعرض الأعمال في كل جمعة مرتين: يوم الاثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد مؤمن، إلا عبدا بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتى يصطلحا» [رواه مسلم].
11-الرحمة:
قال تعالى: }وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ{ [الأنبياء: 107].
وقال تعالى: }وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا{[الإسراء: 24].
وقال النبي ﷺ: «من لا يَرحم لا يُرحم».
وقال النبي ﷺ: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
وقال رسول الله ﷺ: «بينما رجل يمشي بطريق، اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل بها، فشرب، ثم خرج، وإذا بكلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني! فنزل البئر، فملأ خفه ماء، ثم امسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله تعالى له، فغفر له» قالوا: يا رسول الله! وإن لنا في البهائم لأجراً؟ قال: «في كل كبد رطبة أجر» [متفق عليه].
هذه – أخي الطالب – بعض أخلاق القرآن التي ينبغي عليك التخلق بها، ولو تدبرت كتاب الله عز وجل لوجدت المزيد والمزيد، فاقرأ، وتدبر، وتفهم، واعمل، وارتق، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها. قال ﷺ: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين» [رواه مسلم].
فاللهم اجعلنا ممن رفعتهم بالقرآن، وممن هديتهم بالقرآن، وممن زكيتهم بالقرآن.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.