×
أسرار العبودية في رمضان: ألقى فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي - حفظه الله - خطبة الجمعة بالمسجد النبوي بتاريخ 19 - 9 - 1432 هـ، والتي تحدَّث فيها عن شهر رمضان؛ حيث إنه زمن العبادة والأعمال الصالحة، وذكر العديد من هذه الأعمال والطاعات لاسيما وقد أقبلَت أيام العشر من رمضان، فذكَّر بضرورة عناية المسلم بهنَّ والاجتهاد فيهنَّ.

    أسرار العبودية في رمضان

    ألقى فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "أسرار العبودية في رمضان"، والتي تحدَّث فيها عن شهر رمضان؛ حيث إنه زمن العبادة والأعمال الصالحة، وذكر العديد من هذه الأعمال والطاعات لاسيما وقد أقبلَت أيام العشر من رمضان، فذكَّر بضرورة عناية المسلم بهنَّ والاجتهاد فيهنَّ.

    الخطبة الأولى

    الحمد لله ذي العزِّ والكرم، أسبغَ على الخلق النعَم، وعافَى من شاءَ من النِّقَم، أحمد ربي وأشكره على آلائه الظاهرة والباطنة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو المعروف الذي لا ينقطع أبدًا، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله المبعوثُ بالهُدى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أولي الفضل والتُّقى.

    أما بعد:

    فاتقوا الله حقَّ التقوى، وتمسَّكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقى.

    أيها الناس:

    إن هذا الدار ليست بدار قرار، فلكم في هذه الدنيا أعمارٌ محدودة وأيام معدودة، ثم تُنقَلون إلى دار الخلود إما نعيمٌ أبديٌّ مُقيم، وإما عذابٌ أليم، وقد قضى الله بعلمه وحكمته ورحمته أن الناس يُجزَون بأعمالهم في هذه الحياة، قال الله تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى [النجم: 31]، وقال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى [طه: 74- 76]، وقال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 7، 8].

    وقال الله تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي! إنما هي أعمالكم أُحصيها لكم ثم أُوفِّيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمَد الله، ومن وجدَ غيرَ ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسَه»؛ رواه مسلم من حديث أبي ذرٍّ - رضي الله عنه -.

    أيها المسلمون:

    إن شهر رمضان المبارك زمانٌ لعمل الأعمال الصالحات كلها، ووقتٌ فاضلٌ لفعل الخيرات جميعها، وفيه تتضاعفُ الأجور بعظيم ثواب الحسنات، وقد جمع الله للمسلم في هذا الشهر مع الصيام إقامةَ الصلاة التي هي عمود الإسلام، والزكاةَ التي هي حقُّ المال ومواساةُ الفقراء، والنفقةَ على من يعولهم المسلم، والإحسانَ إلى المحرومين المُحتاجين.

    كما جمع الله للمسلم في هذا الشهر العُمرة لمن تيسَّت له، وهي من أعمال الحج، ومنَّ الله تعالى في هذا الشهر بتلاوة القرآن الذي هو غذاءُ الروح، وفيه الهُدى والخيرُ كلُّه؛ فقد أنزل الله هذا القرآن في هذا الشهر المبارك، والقرآن يهدي إلى كل خير، وبه تقوى الروح، وتتهذَّبُ النفوس، وتتقوَّمُ الأخلاق.

    وكذلك جمع الله في هذا الشهر مع الصيام الذكرَ الذي هو أزكى الأعمال، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبرَّ الوالدين، وصلةَ الأرحام، وأنواعَ البرِّ الأخرى.

    وحفِظ الله بالصيامِ المسلمَ من المحرمات، لما صُفِّدت الشياطين وسُلسِلَت، فطُوبَى لكل مسلمٍ على ما وفَّقه الله له وأعانه عليه من الحسنات.

    أيها المسلمون:

    إن الله تعالى قد أقام الحُجَّة على المُكلَّفين، وأنزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم - هذا القرآنَ العظيم، وحفِظَ لنا السنةَ النبوية، فلا يضلُّ من تمسَّك بهما ولا يشقَى أبدًا، وقد بيَّن الله لنا أعظمَ بيان أعمالَ أهل الجنة ودعانا إليها لنكون من المُقرَّبين إلى ربنا في جنات عدنٍ مع النبيين - صلى الله وسلم عليهم أجمعين -.

    فمما أنزل الله من كتابه: قوله تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران: 133- 136].

    وقولَه تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان: 63- 70].

    وقال - صلى الله عليه وسلم -: «سبعةٌ يُظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمامٌ عادل، وشابٌّ نشأ في عبادة الله، ورجلٌ قلبُه مُعلَّقٌ بالمساجد، ورجلٌ تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شِمالُه ما تُنفِقُ يمينُه، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجلٌ دعَتْه امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمال فقال: إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمين، ورجلٌ ذكرَ اللهَ خاليًا ففاضَت عيناه»؛ رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة.

    كما بيَّن الله لنا أعمال أهل النار أعظمَ بيان لنبتعِد عنها، قال الله تعالى: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ [المدثر: 42- 47]، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم: 59] وهو وادٍ في جهنم.

    فاسلُك - أيها المسلم - في هذا الشهر وفي غيره سبيلَ المُهتدين، واعمل بأعمال الصالحين، وابتعِد عن سُبُل الغاوين الفاسقين لتفوزَ بجوار رب العالمين، وتنجُو من العذاب المُهين.

    عباد الله:

    إن شهرَكم الكريم قد ولَّت أكثرُ أيامه وانقضَت، فاختِموه بخير ما تقدِرون عليه من الصالحات، فالأعمالُ بالخواتيم، وأنتم تستقبِلون لياليَه العشر أفضلَ الليالي، وقد كان رسولُنا - صلى الله عليه وسلم - يجتهِد في العشر ما لا يجتهِدُ في غيرها رجاء موافقة ليلة القدر، فمن قام ليلة القدر فقد فاز بالخيرات ونجا من الكُربات والحسرات، ومن حُرِمها فقد حُرِم الخير.

    وما أعظمَ قولَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها: «من قام ليلةَ القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه»؛ رواه البخاري.

    فقدِّم - أيها المسلم - ما تنالُ به رضوانَ رب العالمين، وتُقيمُ به أبدًا في جنات الخُلد التي لا ينفَدُ نعيمُها، ولا يبلَى شبابُها، ولا يتحوَّلُ عنها أهلُها، نعيمُهم في ازدياد قد حلَّ عليهم الرضوانُ من رب العباد، قال الله تعالى في هؤلاء أهلِ كرامته: يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ [الزخرف: 68- 73].

    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

    الخطبة الثانية

    الحمد لله رب الأرض والسماوات، الذي وفَّق من شاءَ لفعل الحسنات وترك المُنكرات، ومنَّ على أمة الإسلام بالفضائل والخيرات، أحمدُ ربي وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وليُّ الكلمات مُجيبُ الدعوات، وأشهد أن نبينا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله أفضلُ المخلوقات، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه ذوي العلم والمكرُمات.

    أما بعد:

    فاتقوا الله في سرِّكم وعلانيتكم يُصلِح لكم أمورَكم، ويُزكِّ أعمالكم، ويغفِر ذنوبَكم.

    أيها المسلمون:

    إن طرق الخير كثيرة، وأبواب الحسنات واسعة، فاحرِص على كل خير، واحذر كل شرٍّ، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج: 77]، وقال تعالى: وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [البقرة: 223].

    عباد الله:

    إن شهركم شهرُ الخير والإحسان؛ عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول - صلى الله عليه وسلم - أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، فلرسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل أجودُ بالخير من الريحِ المُرسَلة؛ رواه البخاري ومسلم.

    معشر المسلمين:

    إن لكم إخوةً قد أثقلَتهم الديون، وغيَّبَتهم السجون، ولازمَتهم الهُموم، وانقطَعوا عن أُسرهم، وفقد مُجالسَتَهم أقرباؤهم وجيرانُهم، فهم أحياءُ كأموات، هم بحاجةٍ إلى من يُضمِّدُ جراحَهم، ويُخفِّفُ آلامَهم، ويُدخِلُ السرورَ عليهم وعلى ذوِيهم في شهر الإحسان؛ بتفريجِ كُربَتهم بالعطف عليهم، والصدقة التي تقضي ديُونَهم، وهم أهلٌ للزكاة؛ فالزكاةُ تكافلٌ اجتماعيٌّ بين المسلمين.

    ولو أدَّى الأثرياءُ زكاةَ أموالهم للمُستحقِّين والمُحتاجين لكفَت الزكاةُ ذوي الحاجات، ولوُفِّق الأثرياءُ إلى أعظم الحسنات.

    وإدخالُ السرور على المسلم من أكبر القُربات، قال - صلى الله عليه وسلم -: «من فرَّج عن مسلمٍ كُربةً من كُرَب الدنيا فرَّج الله عنه كُربةً من كُرب يوم القيامة، ومن يسَّر على مُعسِرٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة»؛ رواه مسلم.

    وما أسعدَ من جمع بين الأُسرة وعائلها المسجون بعد طول الغياب، وفقد الأحباب، عسى الله أن يجمع بينه وبين أحبَّته في دار السرور والحُبور.

    فتآخَوا - معشر المسلمين - بينكم بروح الله، وتراحَموا بأُخُوَّة الإسلام، وسُدُّوا حاجةَ الفقراء والمُحتاجين، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «ابغُوني في الضعفاء» - يعني: قوموا بحاجتهم - «فإنما تُنصَرون وتُرزقون بضعفائكم».

    ودعوةٌ صالحةٌ يفوزُ بها مُنفِقٌ في خيرٍ وإحسان خيرٌ له من الدنيا وما فيها، ومُدُّوا يدَ العون إلى إخوةٍ لكم عضَّتهم المجاعة وأصابَهم البُؤسُ في بعض البُلدان، فمالُ المسلم في الحقيقة هو ما قدَّم لنفسه لا ما أخَّر بعده للورثة.

    ولا تنسَوا المسلمين في هذا الشهر المبارك من الداء الصالح أن يكشف الله كُروبَهم ويُصلِح حالَهم وألا يُسلِّط عليهم من لا يخافُ اللهَ فيهم ولا يرحمهم.

    عباد الله:

    إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».

    فصلُّوا وسلِّموا على سيد الأولين والآخرين، وإمام المرسلين، اللهم صلِّ على محمد، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد، كما بارَكتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.

    اللهو وارضَ عن الصحابة أجمعين، وعن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنا معهم بمنِّك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

    اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الكفر والكافرين يا رب العالمين.

    اللهم انصر دينَك وكتابَك وسنةَ نبيك يا قوي يا عزيز

    اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين، وأصلِح ذات بينهم يا ذا الجلال والإكرام، واجمعهم على كلمة الحق إنك على كل شيءٍ قدير.

    اللهم اقمَع وأذِلَّ البدعَ إلى يوم الدين، اللهم اقمَع وأذِلَّ البدعَ واخزِ البدعَ التي تُحاربُ دينَ نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم الدين يا رب العالمين، اللهم وانصر هدي نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - وأظهِر هدي نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة يا رب العالمين.

    اللهم أرِنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعَه، وأرِنا الباطلَ باطلاً وارزُقنا اجتنابَه، ولا تجعله مُلتبِسًا عليه فنضِلّ يا رب العالمين.

    اللهم احقِن دماء المسلمين، واحفظ أموالَهم وأعراضَهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم يا رب العالمين احفَظ لنا ولهم الدين إنك على كل شيءٍ قدير.

    اللهم اجعل الدائرةَ على أعداء الإسلام يا رب العالمين، اللهم اجعل الدائرةَ والخِزيَ والنَّكالَ على أعداء الإسلام يا رب العالمين الذين يُحارِبون دينَك وأولياءَك يا رب العالمين، إنك على كل شيءٍ قدير.

    اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين، اللهم أصلِح ذاتَ بينهم، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهم اقضِ الدَّين عن المدينين من المسلمين، اللهم واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين يا رب العالمين.

    اللهم أعِذنا وأعِذ ذرياتنا من إبليس وذريته وشياطينه وجنوده يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير، اللهم أعِذ المسلمين وذرياتهم من إبليس وشياطينه يا ذا الجلال والإكرام.

    اللهم وفِّقنا لهُداك، اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا، وما أسرَرنا وما أعلنَّا.

    اللهم يا ذا الجلال والإكرام اجعلنا ممن وفَّقتَه للصيام والقيام، اللهم اجعلنا ممن غفرتَ ذنبَه يا رب العالمين.

    اللهم أحسِن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجِرنا ومن خِزي الدنيا وعذاب الآخرة.

    اللهم وفِّقنا لقيام ليلة القدر على ما تحبُّ وترضى يا رب العالمين، نسألك فعلَ الخيرات، وترك المنكرات، وحبَّ المساكين يا أرحم الراحمين، واحفظنا من مُضِلاَّت الفتن.

    اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهم ولاةَ أمورنا.

    اللهم وفِّق خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، ولما فيه عِزُّ الإسلام والمسلمين يا رب العالمين، اللهم أعِنه على ما فيه الصلاحُ للبلاد والعباد إنك على كل شيءٍ قدير، اللهم واجزِه خيرًا على نُصرته للمسلمين إنك على كل شيءٍ قدير، وعلى اهتمامه بأمور المسلمين يا رب العالمين، أصلِح بِطانتَه، ووفِّقه لما فيه رِضاك إنك على كل شيء قدير، اللهم وفِّق نائبَيْه لما تحبُّ وترضى، ولما فيه الخير للبلاد والعباد، ولما فيه عِزُّ الإسلام يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.

    اللهم إنا نسألك يا ذا الجلال والإكرام أن تختِم لنا بخواتيم الخير، وأن تجعلنا ممن ختمتَ له بالسعادة يا رب العالمين، لا تُغيَّر ولا تُبدَّل إنك ذو الفضل العظيم.

    عباد الله:

    إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل: 90، 91].

    واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.