×
هذه رسائل شخصية بحتة، كتبها الشيخ المربي العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي إلى تلميذه صاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل رحمهما الله، تارةً يُوجِّه نصيحةً أبويَّةً حانيةً لمناسبةٍ تستدعي ذلك، وتارةً يُجمِل له أخبار بلدِه عنيزة مع بعض الأخبار الأخرى، وتارةً يُجيبُه عن أسئلةٍ واستفسارات. - قام بإخراج الرسائل: هيثم بن جواد الحداد.

 الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة

وهي الرسائل الشخصية العلمية المرسلة من

الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي

إلى تلميذه الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل

ومسائل أخرى

تنشر لأول مرة

اعتنى بها وعلق عليها

هيثم بن جواد الحداد

بإشرف ومراجعة صاحب الفضيلة

الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل

طبعة مصححة ومنقحة

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد الصالح العثيمين، إلى صاحب الفضيلة والوفاء: الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل، حفظه الله تعالى،

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وصلتني الرسائل التي كتبها شيخنا إليكم، وإنها لكنز وعلم غزير، تحكي صورة شيخنا حالا وعلما، وكأنما قارئها يعيش بين يدي شيخنا رحمه الله، فيستفيد علما وخلقا وبساطة وسيولة قلم من غير تكلف، فجزاكم الله خيرا عنه وعمن انتفع بها.

وإني لأرى هذا من وفائكم بحقه، لا زلتم موفقين لكل خير.

وأتمنى أن أحصل على النسخة التي بخطه، فإن تيسر لكم أن تصوروا لي منها نسخة أدخرها لتكون ذكرى للدعاء لكم ولشيخنا.

صاحب الفضيلة: إنه لشيق على أن أقابل المطبوع من هذه الرسائل بأصلها الذي بخط شيخنا حتى يتسنى لي تقريظها، ولكني تصفحت صفحات منها ليلة اليوم (الجمعة) فكتبت ملحوظات سأرفقها كتابي هذا، وأرجوا أن تكون موضع اهتمام منكم، إن شاء الله تعالى.

كما أرجو أن تتبعوا ما كان مثلها فيحذف.

وفق الله الجميع لما فيه الخير، وغفر الله لشيخنا، وجمعنا وإياكم به في جواره تعالى في جنات النعيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجمعة 24 من ذي القعدة 1419ه

 مراسلات العلماء ودورها في خدمة التراث رسائل ابن سعدي إلى تلميذه ابن عقيل

بقلم: عبد الرحمن بن العسكر

نشر في جريدة الرياض السعودية في عددها الصادر يوم الجمعة الموافق 6صفر 1420ه

تعتبر المراسلات بين العلماء من المصادر المهمة التي يستفاد منها في تدوين التاريخ، ذلك أنها دائرة بين طبقة من أعلى طبقات المجتمع، وهي طبقة العلماء، ومثل هذه الرسائل لها أهمية كبيرة إذ أنها تعد سجلا تاريخيا لأحداث العصر الذي كتبت فيه.

ولقد كان شيخنا العلامة عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل ـ فسح الله في مدته ـ من أولئك الذين عرفوا أهمية هذه المراسلات، ذلك أنه ـ حفظه الله ـ كان أيام الطلب مثالا للطالب الحريص، وقد ظهر نبوغه مبكرا، وهذا ما حدا شيخه الشيخ: عمر بن سليم ـ رحمه الله ـ عام 1353ه إلى أن يرشحه ضمن العلماء الذين أمر الملك عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ بابتعاثهم إلى منطقة جازان، ليكونوا دعاة ومرشدين هناك، ثم ثبت تعيينه قاضيا في عام 1358ه، واستمر في القضاء إلى عام 1375ه متنقلا من جازان إلى الخرج، ثم إلى الرياض، واستقر في آخر عمله في القضاء في ذلك الوقت في عنيزة قبل أن ينتقل إلى الإفتاء ثم إلى مجلس القضاء الأعلى...

ما يهمنا هنا أن الشيخ عبد الله بن عقيل ـ رعاه الله ـ أثناء تلك المدة كان في تواصل مع مشايخه في القصيم، ولم يمنعه بعد الديار وتنائيها عن مراسلتهم بالكتابة، لأن طالب العلم الحريص هو الذي يبحث عن الحقيقة ويسأل عنها، ولا تمنعه المشاق من السعي خلفها.

كان شيخنا حفظه الله ـ أثناء تلك المدة يراسل شيخه علامة القصيم الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ وكان شيخنا إذا جاءته الردود من شيخه يحتفظ بها ويجمعها، إلى أن اجتمع لديه ما يقارب خمسين رسالة، كل رسالة تحمل في داخلها علما غزيرا وتاريخا موثقا عن الفترة التي كتبت فيها.

احتفظ بها شيخنا كل هذه المدة التي مضت من تاريخ كتابتها إلى وقتنا هذا، ثم أبت نفس شيخنا إلا أن يتحف بها طلبة العلم والحريصين على مثل هذا التراث، فوكلها إلى الأخ الكريم هيثم بن جواد الحداد، فقام ـ جزاه الله خيرا ـ بنسخها، ثم خدمتها خدمة علمية، ثم أخرجها في ثوب قشيب باسم: الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة.

ولقد زاد من توثيق تلك الرسائل أن الشيخ ابن سعدي نفسه كتب تاريخ كل رسالة.

وقد يظن ظان أن فائدة هذه الرسائل قاصرة فقط على من يريد معرفة تفاصيل عن حياة ابن سعدي، أو من يريد الاستفادة مما تحمله تلك الرسائل من فتاوى ومسائل علمية، وهذا خاطىء وغير صحيح، بل أن هذه الرسائل تعد من الوثائق المهمة التي سجل الشيخ من خلالها كثيرا من الحوادث التي وقعت في ذلك الوقت، وإليك ـ أخي القاريء ـ بعض الأمثلة.

فمثلا: تكلم الشيخ ابن سعدي ـ رحمه الله ـ عن بعض الظروف المناخية التي تمر بالمنطقة، ففي الرسالة التي أرسلها بتاريخ 15 ربيع الآخر 1359ه ذكر أنه جاء في تلك السنة ربيع خارق للعادة، حتى اضطر كثير من الناس إلى ترك أعمالهم حتى ينتهي الربيع، وكذلك في الرسالة التي أرسلها بتاريخ 7جمادي الأولى سنة 1363ه تكلم عن كثرة الأمطار، وعن كثرة الدبا والخيفان، وسأل الله أن يدفع ضررها عن المسلمين.

وقد كان الشيخ: ابن سعدي رحمه الله، يخبر تلميذه عن بعض الأحداث التي تقع في المنطقة، فمثلا تحدث الشيخ ابن سعدي خلال هذه الرسائل عن مكتبة عنيزة وتاريخها من أول ما بدأت المشاورات في بنائها إلى أن بنيت ثم وضعت فيها الكتب، وذلك في جملة من الرسائل الموجودة في هذا الكتاب، كما أخبر الشيخ أيضا عن بناء جامع عنيزة وتجديده ونفقات ذلك.

تحدث الشيخ في بعض هذه الرسائل عن بعض الأمور السياسية، مثل ذكره سفر الملك عبد العزيز إلى القصيم في الرسالة التي أرسلها إلى تلميذه ابن عقيل بتاريخ 10 شعبان سنة 1360ه، كما تحدث عن ولي العهد في ذلك الوقت، الملك سعود ـ يرحمه الله ـ في سبعة مواضع.

أما إذا جئت إلى الأعلام الذي ذكروا في هذه الرسائل فإنه ورد في هذه الرسائل ذكر لأكثر من تسعين شخصية، قد يتكرر ذكر الشخص مرات عديدة، إما أن يخبر الشيخ ابن سعدي تلميذه ابن عقيل عن وفاة شخص، أو قدوم آخر، أو سفر ثالث، وما أشبه ذلك.

وأما إذا أردت معرفة أمور القضاة وتنقلات بعضهم فستجد داخل هذه الرسائل بغيتك.

وكذلك فإن هذه الرسائل اشتملت على بعض المعلومات الخاصة في حياة الشيخين، فمثلا في الرسالة التي أرسلها الشيخ ـ يرحمه الله ـ بتاريخ 10 شعبان سنة 1360ه تكلم الشيخ ابن سعدي عن استدعاء الملك عبد العزيز له من القصيم لمناقشة الشيخ في تفسيره المشهور الذي ألفه، وما أجمل أن تؤخذ القصة من خط من وقعت له.

ولو جلست استخرج ما في الرسائل من فوائد لطال بنا الحديث، ولكن يكفيك ـ أخي القارئ الكريم ـ أن تعلم أن كل هذه الأمور التي ذكرتها لك لا تساوي شيئا في جانب ما اشتملت عليه هذه الرسائل من فقه غزير، ومباحث مهمة، وكلام عن كثير من كتب الحنابلة، وكذلك الحديث عن مؤلفات الشيخ ابن سعدي وسبب تأليف كثير منها، وليس هذا الأمر غريبا، لأن هذه الرسائل جاءت ردا على أسئلة وردت من طالب حريص.

وفي ختام كلامي هذا، أسأل الله سبحانه أن يجزي شيخنا عبد اللع بن عقيل على ما قدم للعلم وطلابه هذا التراث المهم، كما أدعوا كل من كان عنده من أمثال هذه المراسلات أن يقتدي بشيخنا وأن يخرجها للناس، فإن الإنسان قد يستقل فائدة بعض هذه الرسائل وما أشبهها، بينما هي عند غيره ذات مكانة عالية.


 التربية بالمراسلة عند ابن السعدي رحمه الله

بقلم الشيخ: يحي بن إبراهيم اليحيى

نشر في جريدة المدينة السعودية، في عدده الصادر يوم الأربعاء الموافق 19 جمدي الثانية سنة 1420هـ ([1]).

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

كن الإمام الشيخ عبد الرحمن بن سعدي من أبرز علماء عصره تعليما وتربية، فقد برز في كثير من الفنون وفاق كثيرا من أقرانه، ومن الجوانب المشرقة في حياته إضفاء التربية والتوجيه على تلاميذه في أثناء التدريس، وإنزال نفسه منزلة الوالد الجنون لهم، حتى إنه ليتابعهم في حياتهم الخاصة والعامة، ويوثق الصلة بهم داخل بلده وخارجها متابعا وموجها ومذكرا وموصيا وموافيا لهم بجميع الأحداث والأخبار في بلدهم.

وقد وقع نظري في المكتبات على كتاب من أروع ما قرأت في تربية العلماء وتوجيههم مما حملني على قراءته أكثر من مرة، وكل مرة أرى نفسي بحاجة إلى الرجوع إليه لما أجده في نفسي من ميل شديد ورغبة كبيرة إلى الكتب.

صدر هذا الكتاب تحت مسمى ( الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة) اعتنى بإخراجها والتعليق عليها الشيخ هيثم بن جواد الحداد، قام على نشرها: دار المعالي، ودار ابن الجوزي.

والكتب عبارة عن مجموعة من المسائل العاطفية والتربوية والعلمية التي بعثها الشيخ من مقر إقامته في مدينة عنيزة إلى تلميذه الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل المغترب في جازان للقضاء بين النس.

الكتاب حديقة غناء فيه من عبير الروائح، وجمال المنظر، وحسن الأسلوب، وجودة السبك، وبساطة العرض، وسهولة العبارة، ورقة الكلمة، تحس وأنت تقرأه بالحنان والرأفو والعطف مع الجدية والدقة في المتابعة، مصطبغ بالاحترام والتبجيل للمخاطب.

لقد أبدع الشيخ أيما إبداع في التربية بواسطة المراسلة، ورسم منهجا جميلا في المتابعة والتوجيه والرقابة مدثرا بالعطف والرأفة والرفق والحنان.

وإليك بعض الجوانب التربوية في هذا السفر القيم:

1ـ افتتاح الرسالة ببيان محبته لتلميذه وإنزاله منزلة الوالد من الحب والحنان، مع إظهار التبجيل والتكريم للتلميذ، فقد جاء في مطلع جميع رسائله قوله: من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي إلى جناب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم حفظه الله.

2ـ تضمنت جميع الرسائل الدعاء بالتوفيق والتسديد والسعادة للتلميذ.

3ـ إظهار الإهتمام البالغ برسائل التلميذ من مثل قوله: " في أبرك ساعة وأسرها وصلني كتابك..تلوته مسرورا فرحا...."

4ـ شكره لتلميذه على تفصيل أحواله لشيخه " شاكرا تفصيل شرح الحال اللي وصلتم إليها.." انظر ص34، ط34:2 ([2])

5ـ تخفيف الغربة عن التلميذ بمواصلة المراسلة، وإخباره عن جميع أحوال بلده بالتفصيل كأنه يعايشها معهم، وبخاصة ما يختص بالتعليم وأحوال زملائه من الطلاب.

6ـ من أثر موافاة التلميذ بجميع أخبار البلد وأحداثه، أصبح يشاركهم ويبدي آراءه واقتراحاته كأنه يعايشها. ص97، ط 94:2.

7ـ من باب إدخال السرور على تلميذه والتخفيف من غربته أن رسائل الشيخ تتضمن المبشرات التي تقع في بلده ولا يذكر له الأخبار غير السارة إلا ما يراه ضرورة.

8ـ قطع الشائعات عن التلميذ وفي هذا من توفير الوقت وتركيز الذهن على النافع المفيد وعدم تشعب الأفكارفي أودية الظنون والافتراضات، ولهذا كان الشيخ يوافي تلميذه ببعض الأحداث التي سببت شوشرة في البلد، ببيانها على حقيقتها، ويصورها بالصورة الصحيحة ويبين له الغرض من مراسلته بذلك فيقول: "أخبرتك بحاصل ذلك خوفا من أن يصور على غير صورته" ص102 ط99:2.

     9ـ تفصيل الشيخ لتلميذه الحركة العلمية التي تدور في عنيزة حتى ليذكر له مقررات الأطفال ودروسهم، وفي هذا رفه من معنوية التلميذ وإعلاء من


شأنه، حتى كأنك وأنت تقرأ الرسالة تتصور أنها تقريرا يرفعه موظف إلى مديره!

10ـ حث التلميذ وتشجيعه على التحمل والصبر والمثابرة في طلب العلم. ص35، ط34:2.

11ـ بكل تواضع وبساطة وأريحية يعرض الشيخ على تلميذه أي خدمة يمكن أن يقوم بها شيخه له وهذا جاء في ختام كل رسالة.

12ـ إظهار الشيخ وشكره وامتنانه لتلميذه على تلك الهدايا الرمزية التي أرسلها إليه وبيان عظم موقعها عنده، انظر ص39،6،ط74،38:2.

13ـ متابعته في التوجيه والتذكير والبيان والنصح مع التشجيع على إخلاص العمل لله تعالى.

14ـ بعث الثقة في نفس التلميذ في المشاركة في التأليف عن واقع البلد الذي يعايشه. وفي هذا مدعاة  لإصابة الحكم، واستيعاب لأحوال الناس. انظر ص67،47،ط 65،45.

15ـ المراسلة المستمرة والمتتابعة بين الشيخ وتلميذه مما يهيئه ويربيه ويتابع نموه العلمي والعملي أولا بأول ويجيب عن جميع أسئلته واستفساراته حتى كأنه يعيش بجانبه.

16ـ الرد على رسائله فورا وبنفس اليوم مما يظهر للتلميذ المزيد من اهتمام شيخه برسائله واستفساراته. ص 54،ط52:2.

17ـ طمأنة التلميذ بثقة شيخه فيه، ومعرفته التامة بمحبته له، وأنه لا يسري إليه أدنى شك في ذلك؟ص55، ط53:2.

18ـ ترغيب وحث التلميذ على تألف الناس، والتأليف بين قلوبهم وبيان أن هذا أصل من أصول الشريعة وتوجيهه أن يجعل هذا الأصل أمام عينيه دائما. ص72،ط70:2.

19ـ تشجيع التلميذ على التدريس وحثه على الإكثار من التلاميذ المستفيدين منه.ص73،ط71:2.

20ـ الإشارة إلى أهمية تعليم وتربية ومتابعة الأطفال. ص81، 87، 90،ط87،84،78:2.

وكما قال الشاعر:

تكفي اللبيب إشارة مرموزة           وسواه يدعى بالنداء العالي.

21ـ تربية التلميذ على الاهتمام بالمسلمين ومشاركتهم أفراحهم أينما كانوا، حيث تضمنت رسالة الشيخ بيان فرحه وسروره بالأمطار التي نزلت على جازان.ص90،ط87:2.

22ـ متابعة حث التلميذ على المشاركة في النفع العام بالتعليم والدعوة. ص91،ط88:2.

23ـ بيان الشيخ لتلميذه أهمية المراسلة وتقوية جانبها بين الشيخ وتلميذه.ص 96،ط93:2.

24ـ موافاة الشيخ تلميذه بكل جديد منمؤلفاته وكتاباته وفي هذا دلالة على تمام العناية به. ص100،ط94:2.

25ـ إعطاء التلميذ درسا عمليا في التواضع ومحبة النصيحة وقبولها من أي إنسان كان. ص102

26ـ تربية التلاميذ على عدم التعلق بالأشخاص وربطهم دائما بالعلم الشرعي والتلقي عن المصدر الأصلي. ص104،100:2.

27ـ المتابعة والإشراف على ممتلكات التلميذ وتنميتها وموافاة التلميذ بجميع الحركة المالية في ممتلكاته الخاصة. ص107،ط103:2.

28ـ حرص الشيخ التام على التئام شمل أسرة تلميذه، وإبعاد كل ما يمكن أن يكدر خواطرهم أو يسبب الفرقة بينهم. ص108،ط104:2

29ـ لفت نظر التلميذ إلى أهمية تفعيل الخير لدى أكبر عدد من الناس، وإعطائه درسا عمليا في ذلك، وبيانه بأن المحسن قد يرفع من شأن المسيء ويتقبل الله من الجميع.ص 108،ط104:2

30ـ درس في التعامل مع الناس في مجالات الخير وبيان أهمية البذل والمشاركة عن طيب نفس وعدم إحراج الناس في ذلك فضلا عن إكراههم. ص109،ط105:2.

31ـ متانة الرابطة بين الشيخ وتلميذه حيث أنزله منزلة الابن وبين له بأنه يتصرف في ماله كأنه والده بدون الرجوع إليه. ص111،،ط106:2.

32ـ تربية التلميذ على أهمية احتساب النفقة قبل إخراجها. ص111،ط 106:2

33ـ إعطاء التلميذ درسا عمليا على عدم الانتصار للنفس.ص120،ط117:2.

34ـ منهج تربوي يمنحه الشيخ لتلميذه ببيان الأسلوب الأمثل في ترغيب وجذب الطلاب إلى حضور حلق العلم. ص135،ط129:2.

35ـ التربية على الصبر والتحمل في تعليم الناس وعدم انتظار النتائج. ص135ـ136،ط129:2.

36ـ المتابعة الدقيقة الحانية لأحوال تلميذه العملية. ص138،ط132:2.

37ـ إظهار الفرح والسرور لتلميذه حينما جد في التعليم والقراءة.ص141،ط135:2.

38ـ توجيه التلميذ بتوطيد العلاقة مع عامة المشايخ. ص141،ط135:2.

39ـ التأكيد على التلميذ بأهمية العلم وتقديمه على العمل في سلك القضاء، مع التأكيد عليه إن عرض عليه التعليم في المدارس أن يوافق على ذلك.ص 167،ط162:2.

40ـ تكرار الوصية بالإخلاص إجمالا وتفصيلا، وبيان أثرها على سلوك طالب العلم وتأثيرها في عمله وتعليمه.ص174،ط163:2.

41ـ مهارة التفويض لدى الشيخ حيث أعطى تلميذه درسا عمليا في تفويض بعض الأعمال إلى تلاميذه، كما أنه فوض له الاختيار في طباعة كتبه..ص207، ط202:2.

42ـ الشيخ مربيا لا معنفا فهو يختار أروع الأساليب في تنبيه تلميذه على بعض التقصير. انظر ص229، 224:2.

43ـ مداعبة الشيخ لتلميذه بيان لقوة العلاقة وزوال الكلفة بينهما مع الأدب والحشمة. ص290، ط282:2.

بسم الله الرحمن الرحيم

 مقدمة صاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل

الحمد لله رب العالمين، وأصلى وأسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:ـ

فإن من نعم الله عز وجل أنه لما خلق الخلق هيأ لهم أسباب الهداية بإرسال الرسل والأنبياء، ثم جعل للأنبياء ورثة يقومون بما قام به أنبياؤهم ورسلهم، وهم علماء الإسلام، ومن رحمته أن جعل في كل زمان أئمة هدى؛ علماء أعلام، يقومون بإرشاد الخلق وهدايتهم لربهم.

وإن من هؤلاء الأعلام شيخنا العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي، الذي جمع الله له بين العلم والعمل ـ هكذا نحسبه والله حسيبه ـ، فقد كان رحمه الله ذا فضائل جمة، لعل من أبرزها ما كان له من العناية والإهتمام التي يوليها تلاميذه، فكان رحمه الله لا يفتأ في كل وقت عن تزويد تلاميذه بما يراه مناسبا، من نصيحة، وتذكير، وتنبيه.

وقد كان رحمه الله يخصني بأشياء لا يمكنني أن أبوح بها، وربما عامل غيري بمثل ذلك، وكان يمنحني في كل مناسبة من النصح والتوجيه ما لم أكن له أهلا، فجزاه الله عني خير الجزاء.

ولما سافرت من بلدنا عنيزة إلى مكة ثم إلى جازان، وبعد ذلك إلى الرياض فالخرج؛ كان يتعاهدني برسائله المتضمنة الكثير من النصائح والدعوات، والفوائد والأخبار المهمة، خصوصا عن مؤلفاته وكتبه.

وكنت كثيرا ما أستفته عما يشكل علي سواء في الدروس التي ألقيتها على الطلاب، أو في الأحكام التي أنظرها بين الخصوم، أو في مطالعاتي الخاصة، وكان يبادر بالجواب المستوفى الذي يحل الإشكال في الحال وفي كل مجال، ولهذا فقد تحصلت على عدد كثير من رسائله وكتبه المتضمنة لكثير من الفوائد العلمية في العقائد والتفسير والحديث والفقه وأصوله واللغة والتاريخ وغيرها من فنون العلم، وقد نافت هذه الرسائل مع ملحقاتها من المسائل على الخمسين، وقد كنت أحفظها في ملف خاص وأرجح إليها كلما اقتضى الأمر.

ولما اطلع على هذه الرسائل بعض المشايخ والإخوان لاسيما من من لهم صلة واهتمام بشيخنا ابن سعدي؛ أشاروا على بنشرها تعميما لفائدتها، ورغبة في تحصيل الأجر لمنشئها وناشرها، لاسيما وأنها تحوي مسائل ومعلومات لم تنشر من قبل، ولتكون رسالة صادقة معبرة عن منهج الشيخ، وإخلاصه، وحسن معاملته لتلاميذه، ولطفه بهم، وحرصه على نشر العلم ولو من خلال المكتبات الخاصة، كما هي الحل في بعض أهل العلم الذين يهيء الله لهم نشر علومهم ولو من خلال عاداتهم، فتجدهم في مجالسهم ومكاتباتهم العادية يحرصون على بث المسائل العلمية بين أفراد المجتمع، لاسيما فيم يكثر وقوعه ويحتجه الناس في عباداتهم ومعاملاتهم، وهذه عادة شيخنا رحمه الله وسجيته في مجالسه ومكاتباته.

ولما اطلع فضيلة الشيخ هيثم بن جواد الحداد على هذه الرسائل وعلم الرغبة في نشرها، سمت همته وانتدب نفسه لهذا العمل، فبذل فيه الجهد اللائق بها لتخرج هذه الرسائل بهذه الحلة القشيبة، فجزاه الله  أحسن الجزاء عني وعن شيخنا ابن سعدي رحمه الله، ونفع بجهوده المباركة.

وكنا نود إرفاق صورة تلك الرسائل في هذه الطبعة ـ حرصا على أمانة النقل ـ، إلا أن ذلك متعذر، فاكتفينا بإرفاق نماذج منها، ليطلع الناس على خط شيخنا ابن سعدي، الذي كان سريع الكتابة ويكتب بخط دقيق وبدون نظارة، لكنه على قاعدة صحيحة.

وختاما، أسأل الله أن ينفع بهذا العمل ويجعله من العلم الذي لا ينقطع أجره ونفعه لمنشئه الأول شيخنا عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي، وجامعه، ومن تولى نشره، ثم من قرأه أو سمعه أو نظر فيه إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين.

كتبه

عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل

رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى

سابقا

وعضو بمجلس القضاء الأعلى (متقاعد)


 مقدمة المعلق ومنهج التعليق

الحمد لله الذي أنعم علينا نعم لا تعد ولا تحصى، والصلة والسلام على خير الورى، خير متعلم وخير معلم، وعلى آله وصحبه الذين ورثوا الهدى، فكانوا مصابيح الدجى، وبعد:

فبين أيدينا أوراق حوت كلام لم يدر في خلد كاتبه أنه سينشر يوما ما كتابا يقرؤه الناس، بل هو رسائل شخصية كتبه شيخ وأستاذ ومرب، لتلميذه، فكان مدادها صدق الكلمة وإخلاص النصيحة، فكأن القلب هو الذي خطها، فظهر صدق اللهجة واضحا بين ثناياه.

لا يخطر الفكر في كتابته         كأن أقلامه لها خاطر

القول والفعل يجريان معا          لا أول فيهما ولا آخر

هذه رسائل شخصية بحتة، كتبه الشيخ المربي العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي، إلى تلميذه صاحب الفضيلة شيخنا عبد الله بن عبد العزيز العقيل، تارة يوجه له نصيحة أبوية حانية لمناسبة تستدعي ذلك، وتارة يجمل له أخبر بلده ـ عنيزة ـ مع بعض الأخبار الأخرى، وتارة يجيبه عن أسئلتة واستفسارات، كل ذلك بقلم سيال، جرى على السليقة دون أدنى تكلف أو حتى تفكير في صياغة العبارة وتصحيحها، فخرجت من  القلب والفكر كما كانت فيهما دون أن تمر على مصانع الصياغة البلاغية أو التصحيح النحوي، فكانت عبارتها ـ العفوية أحيانا، والعامية أحيانا أخرى ـ أوقع في النفس وألذ للقاريء، بل وأدعى للقبول، من كثير من العبارات التي اعتلت صهوة البلاغة وارتدت ثياب الفصاحة والبيان.

إذا أخذ القرطاس خلت يمينه         تفتح نورا أو تنظم جوهرا

هذه الرسائل لم تكن لترى النور لولا عناية الله وهدايته لشيخنا عبد الله بن عقيل حيث ألهمه حسن التدبير والإدارة منذ شبابه، فكان من عادته ـ حفظه الله ـ الاحتفاظ بالرسائل والمكاتبات الهامة، والتي من أهمها رسائل شيخه وأستاذه الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي، فجمع هذه الرسائل واحدة تلو الأخرى، كلما وصلته من شيخه رسالة احتفظ بها في مكان خاص ثم أضاف إليها مثيلاتها، حتى تجمع لديه ما يزيد عن أربعين رسالة كتبت في الفترة ما بين عام 1358ه وحتى عام 1376هـ.

فالقارئ في هذه الرسائل يقرأ تارة شيئا من أدب التعليم والتربية والنصيحة والتوجيه الذي ينبغي أن يقوم به الشيخ تجاه تلميذه، وفي ثنايا ذلك يلمح جانبا من أدب المراسلات، وتارة يقرأ بحثا علميا؛ فقيها كان أو غيره، وأخرى ينظر فتاوى وآراء فقهية، ومرة يقرؤ رأيا مقتضبا حول بعض الكتب.

ويعيش في أثناء ذلك صورا من الحياة الاجتماعية لذلك الوقت، ثم يطالع تأريخا موثقا من مصدر موثوق لتلك الحقبة الزمنية الممتدة من عام 1358هـ وحتى سنة 1376ه، فقد حوت هذه لرسائل بين دفتيها أنباء كثير من الأعلام الذين عاشوا في تلك الفترة، لاسيما من رجالات عنيزة وما جاورها.

أضف إلى ذلك كله، أن هذه الرسائل مصدر هام لمن أراد الإطلاع على مزيد من حياة هذا العلم ومواقفه تجاه بعض القضايا، وحنكته في معالجة بعض المشكلات، وفيه نظرة عن قرب على منهج الشيخ في التعامل مع بعض المسائل العلمية العملية المشكلة.

وأخيرا، فقد حوت هذه الرسائل وصفا لكثير من مؤلفات الشيخ وطريقة تأليفها، والظروف التي اكتنفت ذلك، حتى بعض أخبار طباعتها.

ثم أضفنا إلى هذه الرسائل مسائل وجدها الشيخ عبد الله ضمن ملفات أوراقه، حيث تضمنت بعض الفوائد ولمسائل الهمة، وكذا الفتاوى التي تنشر لأول مرة، وكلها خاصة بالشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي.

توثيق نسبة هذه الرسائل للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي:

كما قدمنا أن هذه رسائل شخصية كتبها الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي للشيخ عبد اللع بن عقيل، فعندما تصل الرسالة إلى الشيخ عبد الله يعمد الشيخ عبدالله  فيحتفظ بها، وهو من أدرى الناس بخط شيخه.

أما المسائل الأخرى التي ليست برسائل، فغالبها ملاحق أرسلت مع بعض هذه الرسائل أو أرسلها الشيخ عبد الرحمن بن سعدي للشيخ عبد الله مفردة، وهي كذلك بخط الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، وبتوقيعه.

فأصول هذه الرسائل والمسائل موجود لدى شيخنا عبد الله بن عقيل، فكل ذلك لا يدع مجالا لنفوذ أي ريب في عدم صحة نسبة أي من هذه الرسائل أو المسائل للشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله رحمة واسعة.

منهج التعليق والإخراج:

أولا: بعد نسخ هذه الرسائل من مخطوطاتها الأصلية، قمت مع شيخنا عبد الله بن عقيل بمقابلة هذا المنسوخ بالأصول، وقام شيخنا حفظه الله بتصحيح ما أخطأ الناسخ فيه، وبيان بعض الكلمات التي أشكلت، فهو من أدرى الناس بخط شيخه، وهو الذي استقبل هذه الرسائل واستلمها وله كتبت، فهو أعلم بمراد شيخه من غيره.

وبعد تصحيحها وإضافة الحواشي والتعليقات، تفضل الشيخ عبد الله بن عقيل بمراجعتها ومن ثم اتحافنا بتوجيهاته ونصائحه وما يراه مناسبا.

وقد أشكلت علينا كلمات معدودة، أثبتها في الحاشية، فإذا غلب على ظننا أن الكلمة كذا، ولم نجزم بذلك؛ وضعت تلك الكلمة بين معقوفين ().

ثانيا: قدمنا أن هذه رسائل شخصية بحتة لم يدر في خلد الشيخ أبدا أنها ستنشر في كتاب يتداوله الناس، فلذا كتبها على سليقته وسجيته، بصورة عفوية، وبلهجة عامية أحيانا، ربما وقعت فيها بعض الأخطاء النحوية أو اللغوية.

ولما كان هذا هو أصل الرسائل، حاولت إخراجها كما كتبها الشيخ دون أي تدخل إلا في كلمات معدودة ـ لظهور الخطأ فيها، بسبق قلم ونحوه ـ وقد أشرت إليها في الحاشية

وهذا ولا شك هو الذي يقتضيه التحقيق العلمي، غير ما فيه من إبراز شخصية الكاتب وأسلوبه وبلاغته كما هي.

ثالثا: لم يكن من هدف التعليقات دراسة آراء الشيخ فقهية كانت أو غير ذلك، فلم أعلق على آراء الشيخ تقويما أو مقارنة بآراء غيره ـ كما هي العادة في كثير من الرسائل العلمية ـ، واكتفيت ـ غالباـ بتوثيق المسائل التي ذكرها الشيخ أو الأقوال التي نسبها لأحد أو مذهب، وإرجاعها إلى مصادرها المعتبرة.

رابعا: أوليت الكتب التي ورد بأن الشيخ درسها، أو تناولها بالبحث أو التقويم عناية خاصة، وذلك بذكر نبذة مختصرة عنها، حتى تعين القاريء على تصور الكتاب موضوع البحث من جميع النواحي.

خامسا: بذلت عناية خاصة بتراجم الأعلام الذين ورد لهم ذكر في هذه الرسائل وكان لهم صلة بالشيخ، إما بتتلمذ عليه، و صداقة، أو قرابة، أو نحوها، وذلك لربط هذه التراجم وبعض أخبارهم وسيرهم بما ورد في هذه الرسائل من أخبار عامة أو خاصة بذلك المترجم، الأمر الذي قد يكون فيه زيادة توثيق لما ذكر في ترجمته، أو مخالفة لبعض ما اشتهر من أخبار، وفي ذلك أيضا مزيد من إلقاء الضوء على الحالة الاجتماعية في ذلك الوقت، وبه تتكامل الصورة عن ذلك المترجم.

لكني ـ مع ذلك ـ لم أترجم لبعض الأعلام المشهورين الذين تغنى شهرتهم عن ترجمتهم أمثال سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز حفظه الله، والملك عبد العزيز وكذا الملك سعود، رحم الله الجميع.

وقد أخذت هذه التراجم من عدة مصادر، مكتوبة، أو شفهية، وأشرت في نهاية كل ترجمة لأبرز المصادر التي ترجمت له، بدءا بأهمها بالنسبة لتلك الترجمة بعينها، وكان أهم مصدر لتراجم طلبة الشيخ وعلماء نجد كتاب الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام حفظه الله بطبعتيه الأولى والثانية، وحيث أن الطبعة الثانية لم تكن قد ظهرت في بدء عملنا في هذه الرسائل، وإنما ظهرت في أثناء العمل، فقد حولت أن أذكر الإحالة إلى الطبعتين إن كان المترجم مذكورا فيهما، وإلا فاقتصرت على الطبعة الثانية.

أما الأعلام الذين لم أجد لتراجمهم مصدرا مشهورا، فقد ذكرت جميع المصادر التي استقيت منها تراجمهم، وذلك زيادة في التوثيق والفائدة.

ثم إني اعتمدت في بعض التراجم على من له صلة قريبة بالمترجم، وقد ذكرته في آخر الترجمة، ولم أثبت فيها إلا ما غلب على ظني صحته.

سادسا:  جهدت في صنع فهارس لاستخراج أكبر قدر من الفوائد المبثوثة في هذا الكتاب ([3])، ولم أجعلها كالفهارس " الصماء البكماء" التي لا تسمع ولا تسمع، والتي تذكر فيها أرقام الصفحات فقط، دون الإشارة إلى ما في كل صفحة عن الكلمة المفهرسة، مما يضطر الإنسان للرجوع إلى جميع الصفحات وتفحصها واحدة تلو الأخرى للبحث عن معلومة عن تلك الكلمة.

وطريقة استخدام هذا الفهرس كما يلي: إذا أردت أن تبحث عن مسألة ما، فالتقط أي كلمة من الكلمات الرئيسية في هذه المسألة ومن ثم أرجعه إلى جذرها اللغوي، ثم ابحث عنها في الفهرس حسب ترتيبها الأبجدي.

فمثلا هب أننا نبحث عن العلم وما ذكره الشيخ فيه، سواء من آدابه أو فوائده أو ما إلى ذلك، فإن كلمة "علم" هي الكلمة الرئيسية في هذا الموضوع، فنبحث في الفهرس عن مدخل "علم" فنجد بغيتنا، وهكذا.

ثم إني حاولت أن أعدد المداخل الدالة على الموضوع الواحد لأن الباحثين يختلفون، فما يظنه باحث كلمة رئيسية قد لا يظنه الآخر كذلك، فمثلا دعاء صلاة الاستخارة، ذكرته في ثلاثة مداخل: " دعو: دعاء"، و"صلو: صلاة" "خير: استخارة" وربما أحلت مدخلا على آخر.

وكذا حاولت ذكر عدة مداخل للأعلام، فمثلا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ذكرته في محمد، وفي ابن إبراهيم، وفي آل الشيخ، وذلك أدعى في الوصول إليه، ولم أكرر المعلومات في كل مرة بل أحلت على المدخل الرئيسي للعلم حيث وردت فيه تلك المعلومات.

لكن مع ذلك فهناك بعض الفوائد الثانوية العرضية التي جاء ذكرها عرضا في بعض الرسائل لم أتمكن من فهرستها، لأن  استقصاءها يطول، وذلك مثل بعض أخبار الطقس والجو، وبعض أخبر الناس المغمورين ـ وهذه قليلة جداـ.

ولم أعمد إلى ذكر الصفحات لمجرد هذه الكلمة فيها، كما هو المتبع ـ للأسف في أكثر الفهارس ـ إذ لا فائدة من ذلك.

لكني حاولت استقصاء جميع المواطن التي ورد فيها العلم، وذلك لعدم خلو ذلك من فائدة، خصوصا لمن له اهتمم بالتراجم أو التأريخ.

سابعا: الإحالات: بدأت بذكر أهم المصادر التي استقيت منها المعلومة المراد توثيقها أو نسبتها إلى قائلها، واتبعت في ذكر موطن الإحالة، طريقة أرى أنها أكثر فائدة وأيسر على القارئ، وذلك بذكر الباب ـ مع ما قد يعتريها من طول ـ، أو الفصل ـ إن أمكن ـ مع رقم الجزء والصفحة لأن الموطن يمكن الوصول إليه دون ذلك.


هذا، وأسأل الله أن يعفو عني فيما أخطأت فيه فأرجو أن لا أكون قد تعمدت المخالفة، كما أسأله جل وعلا أن يحسن المقصد، ويجعل هذا العمل من النفع المتعدي، ثم أسأله جل وعلا أن يضاعف الأجر لكاتب هذه الرسائل الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي قدس الله روحه ونور ضريحه، وأن يجزل الثواب لمن كان له الفضل بعد الله في خروج هذه الرسائل علما ينتفع به الناس، فضيلة شيخنا ووالدنا الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل وفقنا الله وإياه والمسلمين لكل خير.

ثم إن من الواجب أن أقدم شكرا لأخي الشيخ حفص بن محمود الطحان على ما بذله من جهد في نسخ هذه الرسائل من مخطوطاتها الأصلية، فله من الله جزيل أجر وعظيم ثواب.

وختاما: فإن من واجب النصيحة التي أخذها الله على عباده، النصح لكل مسلم، فعلى من رأى في هذا الكتاب خللا أن يتفضل بالكتابة إلى أو إلى شيخنا عبد الله بن عقيل وأن لا يكتم ذلك أو يبخل به، فله من الله أجر وثواب، ثم بعد ذلك له من شكر ودعاء، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

كتبه الفقير إلى الله تعالى

هيثم بن جواد بن هاشم الحداد

ذو الحجة 1419ه

الرياض: 11425

ص ب: 18732

بسم الله الرحمن الرحيم

 ترجمة موجزة للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي[4].

هو العلامة الفقيه، الأصولي، المفسر، المحقق، صاحب الأخلاق الفاضلة، والمناقب الحميدة، الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن حمد السعدي، التميمي،


أمه فاطمة بنت عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان ( الملقب بـ عثيمين) التيميمية، ولد في عنيزة في القصيم سنة 1307هـ، عاش يتيم الأبوين حيث توفيت أمه وله من العمر أربع سنوات، ثم ما لبث والده أن توفي وله من العمر سبع سنوات.

أحاطه الله بالرعاية منذ نعومة أظفاره، فهيأ له بعد وفاة والديه، أخاه الأكبر حمد بن ناصر حيث كان رجل صالحا من حفظة كتاب الله، فقام برعايته خير رعاية، فنشأ نشأة صالحة.

ظهرت على الشيخ عبد الرحمن بن سعدي علامات النبوغ وحب طلب العلم منذ صباه الباكر، حتى كان مثار إعجاب أهل بلدته وعارفيه.

ظل الشيخ سالكا الجادة في طلب العلم لا يثنيه عن ذلك فقد أبوين، ولا يلهيه عن ذلك نزعة من نزعات الشباب أو طيشة من طيشات الصبي، فكأن الله خلقه للعلم، وكأنه وقف نفسه عليه، فانقطع إليه انقطاعا لا يكاد يرى إلا في السابقين الأولين, بل سيرته العلمية تذهب بقارئها إلى عصور الازدهار العلمي وتحط به في حلق السلف ومراتع العلماء.

لقد أتم الفتى اليافع حفظ كتاب الله في الحادية عشرة من عمره، ثم انطلق إلى سائر العلوم، فلازم أشهر علماء بلده وأعلاهم كعبا بهمة لا تفتر وعزم لا ينبو، حتى حصل في زمن يسير ما يعجز عنه أكابر الطلبة في أضعافه، فكان من أبرز مشايخه الذين أخذ عنهم:

1ـ الشيخ المعمر إبراهيم بن حمد بن محمد الجاسر (1241ـ 1342هـ) فقد أخذ عنه التفسير والحديث وأصولهما.

2ـ الشيخ محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم بن صالح الشبل (1257ـ1343هـ) أخذ عنه الفقه وأصوله وعلوم اللغة.

3ـ الشيخ صالح بن عثمان بن حمد القاضي (1282ـ1351هـ) قاضي عنيزة، وهو أكثر العلماء الذين أخذ عنهم وتأثر بهم.

4ـ الشيخ محمد بن عبد الله بن حمد بن سليم (1240ـ 1323هـ) أحد علماء آل سليم في بريدة.

5ـ الشيخ المعمر المحدث علي بن ناصر أبو وادي (1273ـ 1361هـ) أخذ عنه في الحديث وأجازه أبو وادي في الكتب الستة.

6ـ الشيخ المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى(1270ـ 1343هـ)

7ـ الشيخ محمد الأمين بن محمود الشنقيطي (1289ـ 1351هـ).

ولما حصل الشيخ ابن سعدي قدرا جيدا من العلم بدأ في التدريس، فكان ابتداء جلوسه للتدريس عند بلوغه الثالثة والعشرين من عمره، وما ذلك إلا دليل على نبوغه وغزارة تحصيله في تلك السن المبكرة، وما برح أن أصبح مرجع بلده عنيزة في العلوم الشرعية، إفتاء وتدريسا.

ومع جلوسه للتدريس فقد كان يشتغل بالتحصيل العلمي والتحقيق لكثير من المسائل، وعكف على كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم، فتأثرت شخصيته العلمية بهما تأثرا كثيرا جدا، حتى كأن الدارس لمنهجه في البحث والترجيح يراه امتدادا لمدرستهما، ليس في الفقه فحسب، بل في سائر علوم الشريعة، بل تجاوز ذلك إلى تأثره الواضح بهما في طريقة التصنيف، ولا يستغرب أن يكون له عدة مصنفات تدور في فلك الشيخين وعلومهما.

وقد وهب الله الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ملكة الكتابة، فكان سريع الكتابة حيث خلف ما يربو عن أربعين مصنفا في مختلف الفنون ما بين صغير


وكبير. ولا أبالغ إن قلت: إنه صاحب إبداع في التصنيف والتأليف؟

ومع تلك الموهبة، توجه الله بحلة أخرى، ألا وهي مهارة التربية والتعليم، التي لا يمنحها الله إلا لقليل من عباده، فكان للشيخ عبد الرحمن بن سعدي طريقة مميزة في التعليم تحدث عنها جميع من عرفه، فكان هذا من أسباب توافد الطلاب عليه، بل وجلوس العامة في حلقه.

وكما برز الشيخ في العلم، برز في العمل، فجمع الله له بينهما، فحدث عن خلقه الكريم وأسهب في ذلك، فقلما نجد في هذا العصر مثالا يحتذى مثل هذا العلم، لقد أجمع على ذلك عارفوه، وبفضائله امتدحوه، وما من عارف له إلا ويجد نفسه مدفوعة لتضرب الأمثلى من خلقه النبيل.

ومما يحسن ذكره في ترجمة هذا الشيخ أنه رغم قلة سفره إلى خارج بلاده، إلا أنه كان صاحب ثقافة متنوعة، وإدراك واسع، فلم تأسره حدود بلده عن عالمية دينه وشريعته.

ثم بعد ذلك تراه صاحب تجديد وتحرر ضمن أطر الشريعة وقواعدها.

وليس من العجب بعد ذلك أن يكثر طلاب هذا الشيخ، بل يكثر المتأثرون بمنهجه في البحث العلمي.

مضى الشيخ سائرا إلى ربه، حتى أصابه مرض ضغط الدم ابتداء من سنة 1371ه، عولج من هذا المرض، فكان بينهما سجال؛ يقوى هذا تارة ويقوى ذاك تارة، حتى جاء قدر الله بوفاته في آخر ليل يوم الخميس 23جمادي الآخرة سنة 1376هـ رحمه الله ورحم علماء المسلمين ورحمنا معهم رحمة واسعة.

ترجمة صاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل

هو الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل بن عبد الله بن عبد الكريم آل عقيل، ولد في مدينة عنيزة عام 1335ه. نشأ في كنف والده الشيخ عبد العزيز العقيل.

ومع بواكير الصبا، يبدأ الشيخ عبد الله في رحلة العلم، فيكون معلمه الأول أبوه الذي يعتبر من وجالات عنيزة المشهورين، ومن أدبائها وشعرائها ([5])، وتكون مدرسته الأولى بيت والده ودكانه الواقع في سوق المسوكف في عنيزة.

وعلى عادة أهل ذلك الزمان، حيث لم تكن المدارس النظامية قد بسطت وجودها في تلك البلدة الصغيرة، فكان الكتاب هو المدرسة الأولية التي يتلقى فيها الطالب مبادئ العلوم، فانضم الشيخ إلى كتاب المطوع عبد العزيز المحمد الدامغ.

ويهيء الله للشيخ عبد الله بن عقيل بيت علم، فأخوه الأكبر الشيخ عقيل بن عبد العزيز، من حملة العلم، وهو قاضي مدينة العارضة ([6])، فكان إذا انقضى درسه في كتابه، عاد إلى دكان أبيه ليجد أخاه الشيخ عقيل، فيراجع معه ما قد قرأه عند ابن دامغ.

وما أن فتحت مدرسة الأستاذ صالح بن صالح عام 1348هـ في البرغوش ([7]) حتى انضم الشيخ عبد الله لها مع فوجها الأول، واستفاد من الأستاذ ابن صالح علوما ومعارف وآدابا وأخلاقا.

ومن مدرسة ابن صالح إلى مدرسة الشيخ عبد الله القرعاوي في سوق الفرعي سنة 1348ه، فأخذ عن القرعاوي مبادئ علم التوحيد  والحديث والتجويد والنحو والصرف وغيرها، ثم أجازه الشيخ القرعاوي بمسلسل حديث المحبة بسنده إلى معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ( يا معاذ إني أحبك فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).

وظل الفتى يأخذ عن شيخه القرعاوي مبادىء العلوم كما يأخذ عنه الأخلاق والآداب التي امتاز الشيخ القرعاوي بها، حتى عام 1349ه حيث التحق بحلقات شيخ عنيزة وعالمها الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، ولازمه ملازمة تامة، فتعلم عليه القرآن، والتفسير والتوحيد والحديث والفقه واللغة وغيرها.

حفظ الله الشيخ عبد الله بن عقيل القرآن الكريم، وعمدة الحديث، ومتن زاد المستقنع، وألفية ابن مالك في النحو، وملحمة الإعراب والأجرومية وغيرها,

وقرأ في أثناء ذلك على الشيخ عبد الله بن محمد العوهلي ([8]) في الرحيبة وأتقن عليه الحساب.

ونوع مشايخه، فاستفاد من مشايخ عنيزة الموجودين في ذلك الوقت، مثل الشيخ المحدث المعمر علي بن ناصر أبو وادي (1273ـ 1361هـ) فقد قرأ عليه في الصحيحين والسنن ومسند الإمام أحمد ومشكاة المصابيح، وأخذ عنه الإجازة بها بسنده عن شيخه محدث الهند الشيخ نذير حسين (ت 1299هـ).

كما أخذ عن قاضي عنيزة الشيخ عبد الله بن محمد بن مانع (1248ـ 1360هـ)، والشيخ محمد العلي التركي (1301ـ 1380هـ)، والشيخ سليمان بن عبد الرحمن العمري (1298ـ 1375هـ).

وفي عام 1353هـ في مطلع شبابه، اختبر مع المشايخ الذين أمر الملك عبد العزيز بابتعاثهم قضاة ومرشدين في منطقة جازان، وذلك بمعرفة واختبار رئيس قضاة القصيم الشيخ عمر بن سليم فسافر هؤلاء المشايخ مع الشيخ عمر إلى مكة وحجوا في موسم 1353هـ في موكب الملك عبد العزيز بمعية الشيخ عمر ابن سليم.

وبعد الحج تم تعيينهم في أماكنهم من منطقة جازان، فكان نصيب الشيخ عبد الله مع عمه الشيخ عبد الرحمن بن عقيل ([9]) قاضي جازان كملازم وكاتب، مع ما يقوم به من الإمامة والخطابة والحسبة والتدريس.

وفي تلك الفترة وأثناء مكوثه في جازان، خرج من الهيئة التي قامت بتحديد الحدود بين المملكة واليمن، حيث ظلت تتجول بين الحدود والقبائل الحدودية بضعة أشهر؛ شعبان ورمضان وشوال من سنة 1355هـ.

وفي عام 1357هـ رجع الشيخ عبد الله إلى وطنه عنيزة ولازم شيخه ابن سعدي مرة أخرى في الدروس والحلقات حتى عام 1358هـ، إذ جاءت برقية من الملك عبد العزيز لأمير عنيزة بأن قد بدا لنا بالشيخ عبد الله بن عقيل لازم عجل، فبلغوه أن يتوجه إلى الأمير عبد الله بن فيصل بن فرحان في بريدة، وعلى إثر ذلك توجه الشيخ عبد الله إلى بريدة حيث قابل الأمير عبد الله بن فيصل بن فرحان الذي أمره بالتوجه إلى الرياض لمقابلة الملك عبد العزيز.

ولما سافر الشيخ عبد الله قاصدا الرياض لمقابلة الملك عبد العزيز يشاء الله أن يلتقي مصادفة مع شيخه عمر بن سليم في المستوي ([10])، قافلا من الرياض إلى بريدة، فأنبأه لشيخ ابن سليم بخبر تعيينه لرئاسة محكمة جازان بدل عمه عبد الرحمن، وهنا تكابر الشيخ عبد الله هذه الوظيفة، وتصاعب الأمر لصغر سنه، إذ كان عمره في ذلك الوقت اثنان وعشرون سنة فحاول التخلص، فلم يجد بدتا من ذلك، فاقترح على الشيخ عمر بن سليم نقل الشيخ محمد بن عبد الله التويجري من أبو عريش إلى جازان، ويكون هو في أبو عريش، فهي أصغر حجما وأخف عملا، راقت هذه الفكرة للشيخ عمر بن سليم، فكتب للملك عبد العزيز بذلك، فأصدر الملك عبد العزيز أوامره إلى ابنه فيصل نائبه في الحجاز وإلى رئاسة القضاة بمكة وإلى أمير جازان بذلك، ومن ثم سافر الشيخ عبد الله إلى أبو عريش؛ مباشرا عمله الجديد في محكمتها، وكان ذلك في رمضان من سنة 1358هـ.

وفي سنة 1359هـ نقل الشيخ عبد الله إلى محكمة فرسان، حيث لم يدم هناك طويلا، فما لبث أن أعيد إلى محكمة أبو عريش مرة أخرى ليمكث فيها قاضيا مدة خمس سنوات متتاليات.

وهناك في " أبو عريش" ظل على دأبه في طلب العلم والمطالعة ولم تلهه الوظيفة عن ذلك، فأخذ عن الشيخ عبد الله بن على العمودي ([11]) قاضي أبو عريش السابق، كما أخذ عن الشيخ علي بن محمد السنوسي قاضي جازان السابق.

وفي رمضان سنة 1365ه جرى نقله إلى محكمة الخرج وذلك باقتراح من الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة ورئيس القضاة فيها، لم يدم مكوث الشيخ عبد الله في محكمة الخرج إلا قرابة السنة، حيث تم نقله إلى المحكمة الكبرى في الرياض وكان ذلك في شوال من سنة 1366هـ.

ظل الشيخ عبد الله بن عقيل قاضيا في الرياض حتى سنة 1370هـ، حيث نقل الشيخ عبد الرحمن بن عودان من قضاء عنيزة، الأمر الذي جعل الملك عبد العزيز يأمر بنقل الشيخ عبد الله بن عقيل إلى قضاء عنيزة موطنه الأصلي ومقر شيخه عبد الرحمن بن سعدي، ولم يحل هذا الموقع بين الشيخ عبد الله وبين متابعة دروسه العلمية مع شيخه ابن سعدي والاستفادة منه طيلة تلك المدة التي مكث فيها في عنيزة والتي استمرت حتى سنة 1375هـ.

في تلك الأثناء، افتتحت دار الإفتاء في الرياض برئاسة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وعين الشيخ عبد الله بن عقيل عضوا فيها بأمر الملك سعود سنة 1375هـ.

وفي تلك الدار، دار الإفتاء، كانت فرصة عظيمة للشيخ لملازمة العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والاستفادة منه، تلك الاستفادة التي لم تقتصر على الجانب العلمي بل ضمت إليها ما حباه الله الشيخ محمد بن إبراهيم من أخلاق حسنة، وحسن تدبير للأمور، وسياسة مع الناس.

ولم يقصر الشيخ عبد الله نهله من رئيسه في العمل وشيخه محمد بن إبراهيم على أروقة الدار، بل تجاوز جدران دار الإفتاء لينضم إليه في حلقات المسجد التي كان الشيخ محمد بن إبراهيم يعقدها في فنون متعددة،  وهكذا امتدت هذه الأيام العلمية والأوقات العامرة بالبحث والمدارسة طيلة خمس عشرة سنة؛ امتدت منذ تعيينه في دار الإفتاء سنة 1375هـ وحتى وفاة مؤسسها سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ سنة 1389هـ.

وكانت الرياض في تلك الفترة تعج بالحركة العلمية، وتضم نخبة من كبار علماء العالم الإسلامي، الذين لم يأل الشيخ عبد الله بن عقيل جهدا في الاستفادة منهم والأخذ عنهم، أمثال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان (ث 1393هـ) والشيخ عبد الرزاق عفيفي (1323ـ 1415هـ).

بعد وفاة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، جاء أمر الملك فيصل بتشكيل لجنة للنظر في المعاملات الموجودة في مكتب الشيخ محمد بن إبراهيم، فترأس


الشيخ عبد الله تلك اللجنة،  التي ضمت في عضويتها كل من الشيخ محمد بن عودة، والشيخ راشد بن خنين، والشيخ عبد الله بن منيع، والشيخ عمر المترك.

ومن هذا الموقع إلى موقع آخر، فما كادت تلك اللجنة أن تنهي أعمالها، حتى انتقل الشيخ عبد الله بن عقيل في عام 1391هـ إلى عضوية هيئة التمييز بمعية كل من الشيخ محمد بن جبير والشيخ محمد البواردي والشيخ صالح بن غصون والشيخ محمد بن سليم، والشيخ عبد العزيز بن ناصر الرشيد رئيسا.

ثم تشكلت الهيئة القضائية العليا برئاسة الشيخ محمد بن جبير وعضوية الشيخ عبد المجيد بن حسن، والشيخ صالح اللحيدان ،والشيخ غنيم المبارك، فكان الشيخ عبد الله بن عقيل أحد أعضائها، وكان ذلك في عام 1392هـ.

ومن الهيئة القضائية العليا، إلى مجلس القضاء الأعلى الذي تشكل برئاسة وزير العدل في ذلك الوقت الشيخ محمد الحركان، حيث عين الشيخ عبد الله عضوا في الهيئة الدائمة لمجلس القضاء الأعلى عام 1392هـ.

ومن عضوية الهيئة الدائمة في مجلس القضاء الأعلى إلى رئاستها ـ مع عضويته في المجلس بهيئته العامة ـ ، إثر انتقال الشيخ محمد الحركان إلى رابطة العالم الإسلامي، وتعيين الشيخ عبد الله بن حميد خلفا له في رئاسة المجلس.

وكثيرا ما كان الشيخ عبد الله بن عقيل يترأس المجلس الأعلى للقضاء نيابة عن الشيخ عبد الله بن حميد أيام انتدابه وأيام سفره لأمريكا للعلاج.

اختير الشيخ عبد الله بن عقيل لعضوية مجلس الأوقاف الأعلى إبان إنشائه سنة 1387هـ واستمر في عضويته مع عمله الأصلى عضوا في مجلس

القضاء الأعلى ورئيسا للهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى حتى بلغ السن النظامي للتقعد في سنة 1405هـ.

ولم يكن التقاعد عن العمل الوظيفي تقاعدا عن الأعمال عند الشيخ عبد الله، فها هو يترأس اللجنة الشرعية التي أنشئت للنظر في شرعية معاملات شركة الراجحي المصرفية للاستثمار ومن ثم تصحيح سير معاملاتها بما يوافق الشريعة، وقد ضمت اللجنة في عضويتها كل من الشيخ صالح الحصين نائبا للرئيس، والشيخ منيع والشيخ عبد الله بن بسام، والشيخ مصطفى الزرقاء، والشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، والدكتور عبد الله الزايد، والدكتور حمد الجنيدل، وتولى سكرتارية هذه اللجنة الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله بن عقيل.

ولما عرض على هيئة كبار العلماء بالمملكة موضوع تحديد حرم المدينة النبوية، رأى المجلس الاكتفاء بقرار اللجنة العلمية السابق المؤيد من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم والتي كان الشيخ عبد الله بن عقيل مندوبا عنه فيها.

وقد رأى مجلس كبار العلماء تشكيل لجنة جديدة تضم بالإضافة إلى الشيخ عبد الله بن عقيل كلا من الشيخ عبد الله البسام، والشيخ عبد الله بن منيع، والشيخ عطية محمد سالم، والشيخ أبو بكر الجزائري، والسيد حبيب محمود أحمد، بالإضافة إلى لجنة فنية وسكرتارية الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله ابن عقيل.

وقد فرغ الشيخ عبد الله نفسه الآن للعلم وأهله وطلبته، فلا تكاد تجده أثناء يومه، بل أثناء أسبوعه، بل في أيامه كلها إلا وهو منشغل بالعلم تعلما وتعليما.

فها هم الطلاب يأمونه في كل وقت، ابتداء من بعد صلاة الفجر، مرورا بوقت الضحى، وأحيانا بعد صلاة الظهر، ثم بعد صلاة العصر، وبعد المغرب إلى العشاء ثم بعد العشاء، وهكذا في نشاط مستمر يعجز عنه أصحاب الهمة من الشباب، هذا يقرأ في مختصر الفقه، وذاك يقرأ في مطولات الفقه، وثلة في الحديث، وثلل في العقيدة والتوحيد، ولأصول الفقه طلاب، كما للنحو وعلوم اللغة نصيب، والتفسير له مكانته....

ولولا ما في إطالة الترجمة من محذور المدح، لكان ذلك، لكن حسبنا بهذه النبذ أن نعرف بمن أولاه الشيخ العلامة المربي عبد الرحمن بن ناصر السعدي هذا الاهتمام، وما هذه الرسائل التي بين أيدينا إلا علامة على ذلك، وهو له أهل. نسأل الله لنا وله ولجميع أهل العلم الإخلاص في القول والعمل إنه سميع مجيب.


 الرسالة الأولى: تاريخها 22رجب 1358ه في الحث على العلم، وفوائده

بسم الله الرحمن الرحيم

22 رجب 1358هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم، عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله تعالى ([12]).

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام، مع السؤال عن صحتكم، لا زلتم بخير وسرور، صحتنا مع العيال والوالد ([13]) والأصحاب تسرك، أسأله تعالى أن يتم إحسانه على الجميع.

في أبرك ساعة وأسرها تناولت كتابك الكريم المؤرخ 15رجب، تلوته

مسرورا بصحتك، شاكرا تفصيل شرح الحال اللي وصلتو إليها، راجيا من الله تعالى أن يجعل التوفيق والسداد مقارنا لكم في حركاتكم وسكناتكم.

وكان معلوما إلى الآن ما حصل لكم توجه بواسطة مشغولية الشيوخ ([14]) هالايام، ربنا يدبركم على ما فيه صلاح دينكم ودنياكم.

الدروس على الحال التي تعهد، ولأن وصيتي لك ولابد من جهة الجد والاجتهاد في مطالعة الكتب الفقهية في كل فرصة تغتنمها، خصوصا حين دعت الضرورة ([15])، مع أن الاشتغال في الفقه في الدين فيد فوائد عظيمة لا يشاركه فيها شيء.

منها: أنه من أكبر القرب التي يتقرب بها إلى رب العالمين وينال بها رضاه ويدرك بها ثوابه، وقد فضله أكثر العلماء على كل العبادات، فكيف عند أشد الحاجات إليه.

ومنها: أن من سلك طريقا يلتمس فيه علما؛ طريقا حسيا أو معنويا، سلك الله وسهل له طريقا إلى الجنة.

ومنها: أن من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، فمن أعظم علامات الخير للعبد وأن الله أراد فلاحه وسعادته، أن يرزقه السعي في تحصيله ويعلمه إياه.

ومنها: أنه ميراث النبي صلى الله عليه وسلم فليستقل العبد منه أو يستكثر، فله من إرث النبي صلى الله عليه وسلم ومن النيابة عنه بحسب ما حصله.

ومنها: أن جميع الأمور الدينية والدنيوية توزن بميزان العلم، فيبين العلم مراتبها ودرجاتها في الصحة والكمال وضدها، والحق والصدق وضده، وفي جميع أوصاف الأشياء، فكل شيء مضطر إليه.

ومنها: عموم نفعه، وشمول ثمرته، فالاشتغال به خير نفسه، وحصوله في القلب وفقه خير آخر، لأنه يخرج القلب من دائرة الجهل إلى دائرة العلم، وهو كالنور بين يدي العبد يعرف به أحوال نفسه وصفات ظاهرة وباطنه.

ثم من حيث تعديه إلى الغير؛ فنفس تعليمه للمسترشدين وإلقاء الدروس على الطالبين والنظر في فتاوى المستفتين.

ثم كل من انتفع به في نفسه ونفع به غيره بسببك، فهو حسنات جارية لك حيا وميتا.

ثم إن الإسلام لا يقوم إلا بالعلم، فأهل العلم هم القوام به، وهم حماته وهم حاملوا راياته، وغيرهم تبع لهم.

فأعظم بشيء هذه بعض فضائله، وما أحق العبد الموفق أن يبذل فيه مهجته ويجمل به قوته ويجعله عدة لآخرته، ويجعله قوته وغذاءه وسلاحه.

فنسأله تعالى أن لا يكلنا وإياكم إلى أنفسنا طرفة عين، إنه جواد كريم.

هذا ما لزم تعريفك مع ما بيدي من لازم.

منــا ســـلام علـى الأخ علـــى الحمــد ([16])

وعبـــد اللــه المحمـــد ([17])،


وعبيد الراشد ([18]).

من عندنا عبد الله وأحمد ([19]) وجميع الإخوان بخير، والسلام.

***

 الرسالة الثانية: تاريخها 25شعبان 1358هـ في الحث على المداومة على العمل

بسم الله الرحمن الرحيم

25شعبان 1358هـ

من عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد الشفيق عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم حفظه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، صحتنا مع العيال تسرك، وقد تشرفت بكتابك المفيد وصولك مكة بالسلامة، ثم تسهل ممشاكم منها إلى اليمن ([20])، وما شرحت فيه وفصلت كان لي معلوما، أسأله أن يتم عليكم ألطافه وأن يجعل التوفيق مقارنا لكم في حركاتكم وسكناتكم، وقد وصلنا هديتكم لنا؛ كتاب الأحكام  السلطانية للقاضي، فوقع منا كل موقع لعدم وجوده عندنا، وبطرفنا شكر الله سعيكم ولا عدمنا وجودكم.

ولابد وصيتنا على بالكم، وهي جدك واجتهادك في كل ما تقدر عليه من الإصلاح، خصوصا الإصلاح العلمي، فإنه أعلى فضيلة حصلها العبد، وأنفع وأدوم، ولا يمنعك ما ترى من عدم حصول المقصود عاجلا، فإن السعي مع النية الصالحة، لابد أن يكون لهما ثمرات، والصبر لابد منه في جميع الحالات، وآفة العمل الضجر والسآمة، وأعظم جالب لهما عدم الاحتساب.

(...........) ([21])

هذا ما لزم مع ما بيدي من لازم شرفنا ([22]) وبل سلامي عمك ([23]) وجميع المحبين.

من عندنا الوالد والعيال كلهم والأصحاب ([24])، والله يحفظكم، والسلام.

طيه ورقة ضمنتها بعض فوائد.


ملحق الرسالة الثانية

فوائد: فروق بين الفرض والنقل                                                                              ([25]) العبادة التي من جنس واحد؛ الأصل أن فرضها ونفلها مشتركان في الأحكام.

وبين صلاة الفرض وصلاة النفل فروق عدة زائدة على الوجوب والفضل والمرتبة:ـ

1ـ وجوب القيام في الفرض على القادر دون النفل.

2ـ صحة النفل على الرحلة في السفر دون الفرض، وكذا ماشيا.

3ـ كون الفرائض تقصر دون النوافل في السفر.

4ـ التيمم للفرض يستباح به النفل لا العكس، على المذهب.

5ـ صحة إمامة الصبي للبالغ في النفل دون الفرض، على المذهب

6ـ إذا ضاق الوقت لم يصح النفل فقط.

7ـ من عليه فوائت لا يصح نفله المطلق.

8ـ الفرائض ورواتبها لا تدخل في زمن الأجير، دون النفل المطلق.

9ـ وجوب ستر أحد العاتقين للرجل فر الفرض دون النفل، على المذهب.

10ـ عدم صحة إقتداء المفترض بالمتنفل، على المذهب.

11ـ عدم الطهورين، والعاجزعنهما، يصلي الفرض لا النفل، على المذهب.

12ـ صحة النفل في الكعبة دون الفرض، على المذهب.

13ـ مشروعية قراءة غير الفتحة في كل ركعة من النفل ولو زادت

على ثنتين، والفرض فيه تفصيل معروف.

14ـ سقوط استقبال القبلة إذا صلى على الراحلة في السفر، في النفل دون الفرض.

15ـ أوقات النهي تختص بالنوافل إلا ما استثني.

16ـ جواز قطع النفل لعدة أسباب دون الفرض إلا لعذر، بل لا يجوز لغير سبب.

17ـ لا بد في الفرض من التسليمتين، والنفل تكفي واحدة، على المذهب.

الفرق بين صيام النفل والفرض غير الوجوب وتوابعه:ـ

1ـ صحة النفل بنية من النهار دون الفرض.

2ـ من عليه قضاء رمضان أو فرض غيره لم يصح ابتداء نفله.

3ـ منع الزوجة من صيام النفل دون الفرض.

4ـ إذا شرع في الفرض لا يحل قطعه دون النفل.

تشارك الإبل والبقر والنم غيرها من الحيوانات المباحة في أكثر الأمور، وتنفرد عنها بأشياء:ـ

1ـ اختصاص الثلاثة في الأضحية.

2ـ وكذا في الهدي والفدية.

3ـ وكذا في العقيقة.

4ـ وكذا في الدية.

5ـ وكذا في الزكاة السائمة.

وتختص الإبل عن غيرها بأمور:ـ

1ـ نقض الوضوء بأكل لحومها.

2ـ عدم صحة الصلاة في أعطانها.

3ـ اختصاصها في دية الجروح والأطراف.قلت ([26]):

4ـ واختصاصها أيضا بالتغليظ في قتل العمد.

5ـ وأظن أيضا عدم جواز التقاطها.

6ـ ولا دخل لجبران في غير إبل.

يشارك دين السلم غيره من الديون في أكثر الأمور، بل في كل الأمور، على الصحيح، ويفارقها على المذهب في أمور:ـ

1ـ اشتراط أن العوضين كليهما تأتي عليهما الصفة.

2ـ عدم صحة التعويض عن المسلم إليه ([27]) دون غيره.

3ـ لا يؤخذ بدينه رهن ولا ضمين، دون غيره.

4ـ إذا تعذر حصوله لم نرجع إلى ثمنه، دون غيره من الديون.

5ـ لا يحول به ولا عليه، دون غيره.

****


 الرسالة الثالثة: تاريخها 15شوال 1358ه، أخبار متفرقة.

.......................................................

علامات إعراب " أبو عريش"، ذكر كتاب الإرشاد للشيخ ابن سعدي

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

15شوال1358ه

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد النجيب ذي الأخلاق المرضية والشمائل الزكية، من نسأل الله تعالى أن يرقيه في درج الكمال ويوصله إلى (أعلى) المقامات بما من به عليه من علم نافع وعمل صالح ونفع متعدي؛ المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله وتولاه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن أحوالكم، جعلها الله أحوالا سنية وخصالا مرضية، وبعد،

فقد تناولت بكل سرور كتابكم المؤرخ في غرة هذا الشهر، فتلوته فرحا مستبشرا بما تضمنه من صحتكم وأنسكم، مسرورا بما شرحته مما يقر العين من عزمكم الجازم ـ بحول الله وقوته ـ على الجد والاجتهاد، ومهما استطعتم في المطالعة للكتب الفقهية وبث العلوم الشرعية بحسب الحال، وأن الأمور ليس لها من الموانع شيء، فهذا أكبر منيتي وهو الأساس إن شاء الله للسعادة والفلاح.

لله الحمد على نعمه الظاهرة والباطنة، نرجو الله أن يتمها علينا وعليكم بالتوفيق للقيام بها.

أحسنتم الإفادة عن وصول إبراهيم المحمد العمود ([28])، ولا زلتم تفيدون بما يسر.

تسأل عن " أبو عريش" ([29])؛ هل الأوفق موافقة الناس على استعماله بالواو بالأحوال الثلاثة ([30])، أم إجراؤه مجرى الأسماء الخمسة بحسب أحوال الأعراب؟ فالذي أرى الأول؛ موافقته للغة الناس، وله وجه في العربية، أن يكون ذلك على وجه الحكاية، فيحكي كما يلفظ به ([31]).

وتعد بنبذة من تاريخ هذا البلد، هذا من أوفق ما يكون، ويعد هذا من الآثار النافعة المبتكرة، ولعله سبب خير لكم تذكرون به، ويكون من آثار عملكم، ولا يضيع الله أجر العاملين، خصوصا مع الإخلاص لله تعالى، وقصد النصيحة لعباد الله، فعمل جمع هذين الأمرين لا تسأل عن بركته، ربنا لا يحرمنا بفضله إنه جواد كريم.

هليومين ([32]) شرعوا الإخوان بالدروس على حسب ما تعهد، ربنا يوفقنا وإياهم للخير.

في رمضان كتبت كتابا في الفقه، مختصرا جعلته سؤالا وجوابا([33])، حرصت فيه على أن السؤال يكون عاما جامعا، لأجل أن يكون الجواب مطابقا له في تعميمه، وأن يشتمل على تفصيلات ونظائر نافعة، ونبهت فيه على أصول الحكم في الأحكام الشرعية، وعلى أصول مآخذها، وذلك من أول الفقه إلى آخره، فصار مائة سؤال بأجوبتها، واحتوى على المهم من أحكام الفقه، ويسره الله غاية التيسير، فبلغ مائة صحيفة، نحو خمسين ورقة بخطي، بدفتر قطع النصف، وصار أحسن تصنيف وضعته في هذا الباب، فيه الأحكام والحكم والمسائل مع الدلائل، ونفكر هليومين لعل بعض الأصحاب الذين نسخهم طيب ينسخه، لعل الله تعالى ييسر انتشاره، ربنا يسهل كل عسير.

وكتبت للأخ عبد الله المحمد ([34]) يبحث لنا عن مقدار مصاريف الطباعة

في مكة لأجل نصير على بصيرة من أمرنا.

هذا ما لزم، مع ما يبدي من لازم.

منا السلام على جميع الإخوان.

من عندنا الوالد والعيال؛ عبد الله، وأحمد ([35])، والأخ عقيل ([36])، وجميع الطلبة؛ الجميع بخير وعافية.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وسلم.

(.......) ([37])

بسم الله الرحمن الرحيم

27 ربيع أول 1359هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله وتولاه بحفظه وتوفيقه ورعايته، آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقدم لك قبلة كتاب شرحنا لك فيه من طرف المكتبة، وأنه قرر القرار على محلها في مؤخر المسجد من باب المسجد الشمالي إلى طاية ([38]) حسو ([39]) المسجد، تقريب 35/37 ذراعا طولا، في عرض ثمانية أذرع أو تسعة، وأنه سيكون إن شاء الله محلين، كل حجرة تقريب خمسة عشر، ستة عشر، ذراعا، وأن عملها وشغلها صار كله بسنعي ([40]) أنا،

وقـــــد نوبـــــت بــــدلي الولـــــد

محمــــد العبـــد العزيـــز المطـــوع ([41])يقـــاطع

الجماميل ([42]) ويشتري المشتريات، ويباشر العملة، وذلك بحضور علي الحمد ([43]) أن والده ما منت عليه أن يصير الشغل بسنعه، وقلنا العيال كلهم واحد، ومحمد جزاه الله خير منون.

علي هليومين جاه طلب من الملك وتوجه للرياض من يومين.

الظاهر يبونه قاض لبعض بلدانهم، إلى الآن لأي محل، لأننا سمعنا أنه طلب كم واحد من القصيم وعنيزة

(.......) ([44]).


الإخوان على ترتيب قراياتهم اللي أنت خابر، إلا أننا لما فرغنا من النونية ([45])، شرعنا بمحلها بالمنتقى ([46])، ولا استجد لنا من الفوائد شيء هلايام غريب، سوى أننا هليومين ([47]) كتبنا رسالة في دلالة الكتاب والسنة والعقل وقول المؤرخين على أن يأجوج ومأجوج هم الأمم الذين ظهروا على الناس في هذه الأزمان من أصناف الفرنج والأمريكانيين وغيرهم، وأن المسئلة مسئلة قطعية، وذكرن عدة وجوه دالة على ذلك، ولما كتبتها أخذها الإخوان عندهم


ولو أن عندي منها شيء وصادف  أحد يبي ([48]) يتوجه لطرفكم رأسا لأرسلتها ولكن هذا لكتاب ل يصل إليكم إلا بوسائط، ربنا يسهل وصوله.

هذا ما لزم مع ما يبدي من لازم شرفنا فيه، وبلغ سلامي العزيز لديك، ومن لدينا الإخوان جميعا يسلمون والسلام.

***


 الرسالة الخامسة: 15ربيع الآخر 1359ه، أخبار وفوائد وأجوبة متفرقة، في الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

بسم لله الرحمن الرحيم

من عنيزة في 15ربيع آخر 1359 إلى أبو عريش

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم، ذي الأخلاق الجميلة والآداب الحسنة، والشمائل المستحسنة، عبد الله العبد العزيز العقيل، المحترم حفظه الله وتولاه، وأصلح له دينه ودنياه، آمين، أما بعد:

السلم عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم ل زلتم بأتم الصحة، قد تقدم لكم قبلة جملة كتب بعد الحج، كتابين عن يد عبد الله المحمد العوهلي، الأمل أنها قد وصلتكم من مدة.

وفي أبرك الساعات وأسرها، وصلني بالأمس كتابك المؤرخ 18محرم صحبة عمك عبد الرحمن، فتلوته إلى آخره، وأخذني من السرور والاغتباط ما الله به عليم لما اشتمل عليه كتابك المذكور من الرغبة التامة في العناية بالعلم والحرص على تحصيله بكل طريق، وترتيبكم للدروس النافعة بطرفكم، وقيامكم التام بحسب قدرتكم في تقويم شرائع الإسلام بين طبقات الناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قوة المعارض وكثرة الموانع، واشتداد الحالة، ولا شك ـ إن شاء الله ـ أن هذا من الجهاد في الدين الذي مقدم على الجهاد للكفر بالسيف، فإن الدعوة إلى الدين للكفر وللمسلمين الذين لم يقيموه، هو أساس الدين وقوام الصراط المستقيم، وبه يكون لعبد هاديا مهديا وعند ربه كريما مرضي، وكلما ازدادت المشقة وقويت المعارضة كان أفضل وأكمل،

وأرجو الله تعالى أن لا يكلنا وإياكم على ([49]) أنفسنا طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقه وأن يتولانا بلطفه وعنايته.

وأما ما اشتمل عليه كتابك من شرح ما تجد من الشوق والود، فهذا أمر ليس عندنا فيه أدنى ريب، لما عندنا له من البراهين الداخلية والخارجية، ونرجو الله أن يجعله محبة فيه وفي مرضاته، مؤسسة على الإخلاص متفرعة عنها الفوائد النافعة الدينية التي تجني ثمراتها في الدنيا والآخرة، فإن المحاب وتوابعه كلها تضمحل إلا ما كان فيه وفي مرضاته، وآثار المحبة تبين النافع منها وغير النافع.

تذكر أننا نحث الوالد على استنساخ السؤال والجواب ([50])، من مدة وأنا قايل له إذا تيسر لك كاتب فالكتاب حاضر، ومن مدة خمسة أيام قال إني وجدت سليمان الصالح العليان ([51]) استعد لنسخه، وحالا سلمته الكراس الأول منه، وقلت له احرص على تعجيله، وسنحرصه زيادة على ذلك إن شاء الله.

قد ذكرت لك سابقا عزمنا على بناء المكتبة  وشرحت ذلك تفصيلا، وأننا جعلنا الأخ محمد العبد العزيز المطوع نائبا عنا في مباشرة الشغل للمشتريات

ومبشرة المحترفين، وظانين أننا نشرع في العمل دخول شهرنا هذا، لكن ولله الحمد جانا ربيع صيفي خارق للعادة ظف ([52]) الناس إلى البر للحشيش، وإلى الآن ما بدوا يدخلون، وصار الحرفي ما يلقى، وانجبرنا لفهق ([53]) الشغل إلى آخر شهرنا، يسر الله الأمور، ولابد إن شاء الله نفيدكم بعد ذلك، ونؤمل وصول كتاب منك جوابا لكتابنا السابق، الرجاء أنه بالأثناء.

جواب الأسئلة تجدوه طيه، وكذلك الرسالة التي أشرت لك فيها سابقا في يأجوج ومأجوج إن تمكن نرسلها صحبته عن يد عبد الله المحمد العوهلي([54]) ما ذخرنا، وإلا فبعد هذا.

الدروس قريب بالذي أنت تعهد، ربنا يوفق الجميع لما فيه صلاح وخير إنه جواد كريم.

هذا ما لزم، مع ما بيدي من لازم.

منا سلام على جميع من ترى تبليغه سلامنا، خصوصا الأخ


حمد ([55])، ومن لدينا: الوالد والأصحاب كلهم بخير والسلام.

الرسالة المشار إليها تصلك إن شاء الله طيه.

***


 ملحق الرسالة السابقة

....................................................................

أسئلة وأجوبة متفرقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

سؤال: ما حكم قراءة الفتحة عند عقد المعاملة، من بيع وإجارة ونحوه، كما يفعله أهل الحجاز وغيرهم، يقولون عند ذلك: الفاتحة للنبي صلى الله عليه وسلم.

الجواب: هذا من البدع المخالفة ـ بلا شك ـ لهدي الصحابة ومن بعدهم من سلف الأمة، فهو من البدع التي أقل أحوالها الكراهة الشديدة، أو التحريم، لما فيها من البدعة واعتقاد أنها سنة، وفيها ترك توقير النبي صلى الله عليه وسلم فإن توسيط اسمه عند لمعاملات الدنيوية يشمئز منه القلب، فإنه لا يذكر إلا في مقام التعظيم والاحترام، وكذلك قراءة الفاتحة في هذه الأشياء، ينبغي تنزيه كلام الله عن ذلك، ومن تهاونهم بها أن كثيرا منهم يقرؤون البسملة ثم يقول ولا الضالين آمين ([56]) وفي هذا من ترك تعظيم كلام الله ما يوجب تحريم ذلك.

مع أن إهداء  القرب للنبي صلى الله عليه وسلم بقطع النظر عن هذه الحالة؛ الأصح فيها أنها غير مشروعة، والله أعلم.

وأما البيع المستعمل عندكم المسمى بيع خيار؛ يبيع داره بمائتين مدة سنتين وينتفع هذا بالدراهم وهذا بسكنى الدار، ومتى شاء رد عليه داره وأخذ درهمه؟.

فهذا هو القرض الذي يجر نفعا بلا شك، وليس بيعا حقيقة، فحقيقية


أنه أقرض المائتين وشرط عليه سكنى داره مدة القرض، وهذ ربا صريح، لأنه بيع دارهم بدارهم إلى أجل، والربح فيها سكنى الدار، فنصوص الربا تتناول هذه الصورة بلا شك.

وأما قولهم إن البلوى قد عمت بها وإن أبطلت صار فيها ضيق على الناس!

فليعلم أولا أن الشيء إذا ثبت تحريمه ودلت النصوص على منعه، صار الواجب المتعين العمل بم دلت عليه النصوص، كئنا في ذلك من الضيق ما كن، فإن هذا الضيق الذي يقوله المتعاملون بهذه المعاملة، ليس من باب الاضطرار الذي يضطر إليه الإنسان ولابد له منه، فقد قامت أسباب أكثر الخلق بدون هذه المعاملة الفاسدة، والضيق الذي يتوهمون حيث جروا على عادة ويروا أن مخالفتها تغلق عنهم هذا السبب المعين، فلو اعتادوا تركه لم يجدوا هذا الضيق، وللرزق أبواب كثيرة من الأسباب التي أباحها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في غيرها، بل وفيها، فإذا كان الإنسان صاحب الدر محتاجا إلى دراهم يتوسع بها إلى أجل مسمى واشترى من إنسان سلعة بثمن إلى أجل ورهن داره على ذلك الثمن، ثم استأجر منه بأجرة حالة أو مؤجلة، لكان فيها فسحة عن الأمر المحرم، وإذا كان صاحب الدراهم يظن أن رهنه للدار لا يكفي في حصول حقه، فإنما ذلك لأن  كثيرا من الرهون لا يجري فيها المجرى الشرعي، حيث لا تباع لوفاء الدين، فلو كانت العقارات المرهونة يبادر ببيعها عند تعذر الوفاء من غيرها، لكان هو الواجب الشرعي الذي لا يختلف فيه أهل العلم، وهو مصلحة للطرفين.


وأيضا لو فرضنا أن هذه المعاملة منعت، لكان في بقية الأسباب فسحة في الخروج عن المحرمات.

وأما من عرف بعيره وسلعته في بلد، وأقام البينة على ذلك؟

ملك انتزاعه ممن هو بيده، وليس عليه أن يوافق من هو بيده على قوله أنه اشتراه من بلد آخر، فأريد أن تذهب معي إلى ذلك البلد لأقيم البينة على من اشتريته منه، فإن الذي عرف بعيره وأقام البينة عليه يقول قد أقمت البينة الشرعية التي علي أن أقيمها، وقد ثبت لي الشارع لحق، فلا يلزمني الذهاب معك، إنما أنت بحاجتك لا تلم بسعيك لاسترداد حقك ممن اشتريته منه، فتشهد على عين البعير مثل الذي أخذته منك بالبينة الشرعية وعلى صفاته، لتتمكن من مخاصمة من تزعم أنك اشتريته منه، فإن كان له أو لغيره حجة شرعية فأنا مستعد لذلك، هذا لسان حال هذا الذي عرف بعيره وهو الحقيقة الواقعة.

وإذا كان المدعي على غائب، إذا أقام البينة الشرعية حكم له بما ادعاه، والغائب على حجته؛ فكيف بمثل هذا الحال، والله أعلم.

* * *


 الرسالة السادسة: 3شعبان 1359هـ في ذكر مكتبة الجامع الكبير بعنيزة وبعض أخبارها

بسم الله الرحمن الرحيم

3شعبان 1359هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، لا زلتم بخير وسرور، صحتنا مع العيال والطوارف ([57]) تسركم.

لنا مدة طويلة عن كتبكم السارة، يمكن مع قلة الرايح والجاي، ولكننا نؤمل أن الأخ حمد العبد العزيز ([58]) معه مكاتيب منك قريبة عهد.

وآخر ما بلغنا وصوله لكم، رافقته السلامة.

وقد حررت لك قبله كتاب فيه ما لزم بوقته.

وأفدت من جهة السؤال والجواب ([59]) وأن الوالد أخذ منا الكراس الأول يبي ([60]) ينسخه له سليمان العليان، ولم أزل أكرر عليه بالتعجيل، والظاهر أنه ما يقضي اللزوم، فأنا لي كم يوم وأنا أدور أحد يلتزم بنسخه ولو بأكثر من  


أجره مثله، وبعد ـ إن شاء الله ـ وجود وتيسر ناسخ نأخذه من الوالد.

(....) ([61])

من جهة المكتبة، يسر الله تمامها ونفقتها من غير أن يحصل لنا من ابن سليمان ([62]) مساعدة فلوس، وإنما توليتها أنا وأشرت لبعض من نمون عليه من ربعنا ([63]) ممن نعرف رغبتهم في الخير، وقد حصل بعد ذلك وفر يتمم إن شاء الله المصلح الحاضرة، والآن شارعين بنقل الكتب إليها، وقد أظهرت للإخوان ورقة تشتمل على كيفية نظارتها، وحاصل ذلك التزام الناظر بحفظ الكتب وتنظيمها ووضع كل نوع وفن على حدته، وتمكين من يريد الانتفاع بها، وترجيعه إلى موضعها ومراقبة ذلك، ومنع خروج الكتب من المكتبة، والتزام فتحها وقتين؛ إحداهما ثلاث ساعات: من أول النهار، والثاني من صلاة الظهر إلى قريب العصر، وأنه يلتزم بهما في الوقتين المذكورين، وتدريس


تلاميذ صغار يحسنون الكتابة والقراءة، في فن التوحيد والفقه فقط، والتزام إحضارهم بهذين الوقتين من أول الوقت إلى آخره، وملاحظة تعليمهم وتفهيمهم مل يلزم لذلك، وقد قلت اللي له رغبة في ذلك بنية الاحتساب أولا وإخلاص العمل لله، ثم له شهريا (كل) راتب خمسة عشر ريالا فرنسيا.

والتزم بذلك محمد العبد العزيز المطوع.

ويكون الابتداء انسلاخ رمضان سنة 1359ه، فتكون على هذا مكتبة مدرسة، فنرجو الله تعالى أن يوفق لما يحبه ويرضاه إنه جواد كريم.

هذا ما لزم، وبسبب عجلة ممشى السيارة ما تمكنا نبسط كل اللي بالخاطر، والله تعالى يحفظكم أينما كنتم، وبلغوا سلامي جميع المحبين، ومن الوالد والولد محمد ([64]) وجميع الأصحاب يسلمون، والسلام.

* * *


 الرسالة السابعة: 5شعبان 1359هـ أخبار وفوائد متفرقة، مسائل في الفقه وأجوبتها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

5 شعبان 1359هـ

من المحب المشفق عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم الفاضل عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله وتولاه وأصلح دينه ودنياه، آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام، مع السؤال عن صحتكم، لا زلتم بخير وسرور.

قدمت لك كتاب قبل هذا، أظن تاريخ25/ 27رجب ([65])، طي خط([66]) زامل الصالح ([67])، فيه شرحت لك ما لزم بوقته، وأفدناك فيه عن المكتبة وأن الله يسر تمامها، وأننا رتبنا فيها محمد العبد العزيز المطوع حفظا وقيما وملاحظا ومدرسا، بمعاش شهري قدره خمسة عشر ريالا فرنسيا، يدرس في فن التوحيد والفقه على الصفة التي شرحناها لك؛ أن التلاميذ من 20/25يكونون جميع وقت جلوسه فيها حاضرين، يعلمهم ويلاحظهم في كل ما يتعلق بدروسهم.

ولنا مدة طويلة جدا عن كتبك.

والآن وصلنا أمس كتابك صحبة الأخ حمد ([68]) المؤرخ 28جمادي آخره فتلوناه مسرورين بصحتك، مغتبطين ولله الحمد بحالتك، راجين المولى أن يوفقكم ويسدد في جميع أحوالكم، وأن يجعلكم مباركين أينما كنتم، نافعين منتفعين متقربين إلى الله تعالى في كل ما تأتون وتذرون، وفي كل ما تعملونه مع الناس، فبذلك تكمل الأعمال ويعظم أجرها، اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

وأشكرك على ما تضمنه كتابك من الشوق وإبداء ما في ضميرك من الود ومحبة الاجتماع، والميل التام نحونا، فلا زلت موفقا لكل خير.

وكان معلوما وصول الرسالة المتعلقة بيأجوج ومأجوج، وأنكم عرضتموها

على العمودي ([69])  ووقعت من الجميع موضع استحسان، فلله الحمد على ذلك.

من جهة فهرست المكتبة: فإن شاء الله بعد كم يوم إذا تم عملها نخلي بعض الإخوان ينقل لكم منها نسخة.

تذكر من جهة استشارتي في قول الشعر عندما تسنح الفرصة وأنه ميسر عليك؟

فالذي لا ينبغي، كون الإنسان يتصدر لعمل الشعر، ويأخذ جزءا كبيرا من وقته وقلبه، أما إذا عرض له أحيانا البيتان والثلاثة ونحوهما في بعض المواضيع الحسنة أو المباحة، فلا محذور في ذلك، وما زال أهل العلم على هذا، والذي لا يتناول هذا.


أما فن التاريخ:

فأحسن الموجود منها تاريخ الكامل لابن الأثير ([70])، فإن حصل معين له من أخذ صورة من صور الأرض ـ فن الجغرافي ومواقع الأقاليم ـ كان أنفع، مع أنه ما يأخذ من وقتك شيئا يذكر.

أما ما ذكرت: أيما أولى مراعاة حسن الخط أو حسن الإملاء وسرعته؟

فحسن الإملاء والجري مع المعاني أولى من اعتبار حسن الخط، فذاك أهميته بالنسبة لحسن الإنشاء قليلة.

ولقد سرني ما شرحت من اعتنائك في لقضايا في فهم الواقع والحال التي تقع عليها الدعاوى، ثم إذا تصورتها حسب القدرة، نزلتها على الواجب، وهو الحكم الشرعي، فبهذي الأمور يتم القضاء.

فتمام الأول معرفة أهل بلدك، ومعرفة الأشخاص ومراتبهم في الخير


والشر، ومعرفة قرائن الأحوال المحتفة في القضية المعينة، ولذلك كان سعي القاضي في البحث عن أحوال الناس والماجريات لهذا القصد؛ من العبادات في حقه إذا كان مضطرا إليها.

وتمام الثاني المعرفة التامة  بالأمور الشرعية الكلية وتحقيقها وتحققها وإطباقها على القضايا، وتمام معرفة الأمور الكلية في القضاء، البينة على المدعي واليمين على من أنكر، وعند معارضات الأمور تقديم الأصول والظواهر والقرائن والمرجحات، ثم معرفة الأحكام الشرعية، حكما حكما على وجه التفصيل تحريرا وتصويرا واستدلالا، فإذا جعل الإنسان همه الكلي والجزئي في ذلك واستعان الله وأخلص له العمل، أعانه الله ويسر له كل عسير.

وأما سؤالكم عن استعمال أهل تهامة من لفظ "الأمانة" تارة بحرف القسم، وتارة بقولهم: أمانة الله ورسوله، وتارة لفظ "أمانة" من دون حرف ولا إضافة؟

فالجواب: ورد حديث بالنهي عن الحلف بالأمانة، وهو من سنن أبي داود بإسناد رجاله ثقات كما قاله الأئمة، (من حلف بالأمانة فليس منا) ([71])، فهذا يقتضي النهي عنها على كل حال، إلا إذا أضافها إلى الله، فإنهـا تكون بمنزلـة


عهد الله وميثاقه، وأما عند الإطلاق بحرف القسم أو بدونه فإنه وإن لم يلفظ به فإنه منوي، وسقوط حرف القسم شائع في العربية كثير، خصوصا في الألفاظ التي يكثر استعماله.

فإنه ([72]) منهي عنه؛ إما نهي كراهة كما هو المشهور من المذهب ([73])، أو نهي تحريم، كما هو ظاهر الحديث، ويعلل ذلك بأنه وسيلة إلى الحلف بغير الله، حيث أطلقه إطلاقا يحتمل الإضافة إلى الله وإلى غيره.

وأما قولهم: أمانة الله ورسوله؟ فهو كالحلف بالله ورسوله، يدخل في شرك الألفاظ، وعلى كل فالتنزه عنها ـ إضافة أو إطلاقا ـ هو الأولى والأليق.

وحيث كانت قسما بالله كان فيها الكفارة إذا حنث، وإذا كانت  بالله وبالرسول أو بغير الله فهي شرك لا كفارة فيها، بل فيها التوبة والاستغفار.

وإذا كان الإنسان يتقاضى راتبا شهريا، وقد كان مثلا ابتداء حوله رمضان، ثم في كل شهر يقبض راتبا عن وظيفته؟

فالمشهور من المذهب كما نص عليه في المنتهى ([74]) والإقناع ([75]) وغيرهما أنه يبتدي حولا لكل مقبوض منها على حدته، تشبها وقياسا على ما يحصل بالميراث.

واختار الشيخ تقي الدين ([76]) أن جميع أنواع الأجر المقبوضة؛ أنه لا يشترط فيها تمام الحول، بل يزكيها لتمام حول ماله الذي حال عليه الحول أولا ([77]).

وقول الشيخ هو الصحيح، لأن الأجر المقبوضة جارية مجرى مكاسب الأموال الموجود أصلها، وهي أموال نامية، ومن حكمة الشارع إيجاب الزكاة في الأموال النامية، فالمرتبات التي تقبض على الوظائف والقيام بالأعمال، وكذلك الجعالات؛ بمنزلة الأجر المقبوضة.

فالذي أرى أنك إذا (جاءك) رمضان، تنظر ما عندك وما بقي لك فتزكيه،


وما استهلك في هذه المدة؛ مدة كل حول، فلا زكاة فيه.

أما ما سألت من جهة وقوع جمعتين في "أبو عريش"، على الذي وصفت، وأنه من قديم وهم على هذه الحال؟

فالظاهر أنه ما يخلو من مشقة وحاجة إلى وقوعها في محلين لبعد المسافة بين الجامعين وشدة الحر والرمضاء، والمنع ما فيه نص صريح يجب المصير إليه ولو شق الأمر، بل لم يزل العمل جاريا من قديم الزمان في الأمصار وجميع الأعصار من غير اعتبار ضرورة، بل يكتفون بمطلق الحاجة، وأصحابنا نصوا على جواز التعدد لحاجة كضيق وبعد وخوف فتنة وما أشبه ذلك.

والذي أرى في مسئلتكم، إقرار الحال على ما هو عليه، خصوصا وللشارع تشوق عظيم إلى كل ما يجمع القلوب ويؤلف بين الناس(ويوجب القالة)، ولما هم صلى الله عليه وسلم ببناء الكعبة على قواعد إبراهيم، قال لعائشة: (لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لهدمت الكعبة وجعلتها على قواعد إبراهيم وجعلت لها بابين، بابا يدخل منه الناس، وبابا يخرجون منه) والحديث في الصحيح ([78])، فامتنع من هذا الأمر الذي ظهرت مصلحته وموافقته للشرع، لأجل قالة الناس وتنفيرهم.

والفقهاء اتفقوا على هذا الأصل؛ وهو أنه قد يعرض للعمل المفضول


من المصالح ما يصيره أفضل من الفاضل، وقد يعرض للعمل الفاضل من ضد ذلك، ما يكون غيره أولى منه، مراعاة للمصالح الشرعية ودفع المفاسد.

وأرجو الله تعالى أن تجعل هذا الأصل المبارك نصب عينيك في الأمور المتعلقة بالناس، فإن المصالح الكلية والقواعد الشرعية العامة تترك لها المصالح الجزئية، ومع النية الصالحة يدرك العبد بنيته العملين جميعا، هذا بفعله والآخر بقصده الجازم لولا المانع.

هذا ما لزم تعريف جنابك، مع ما بيدي من لازم.

منا سلام على جميع المحبين، وخصوصا سليمان السعود بن دوجان ([79])، وصلنا منه خط يذكر أنه يقرأ عليكم، فلعل له مشاركين، أسأل الله لكم التوفيق.

من عندنا الوالد والولد محمد والأصحاب جميعا.

علي الحمد ([80]) وصل لطرفنا، له تقريب شهر بالرياض، حصل له رخصة عن ارتباطه بالشيوخ.

والإخوان على قراياتهم اللي أنت خابر، فقط صار لهم قراية بشرح القطر ([81])، والسلام.

(.....) ([82]).

حالا وصل كتابك المؤرخ 20جماد، تلوناه مسرورين بما عرفتو، سائلين المولى أن يجعل التوفيق والتسديد قرينا لكم في كل حال.

السؤال والجواب ([83]) سنحرص ـ إن شاء الله ـ على تحصيل من ينسخه، ربنا يسهل.

****


 الرسالة الثامنة: 12شعبان1359هـ أخبار متفرقة، بعض أخبار المكتبة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

12 شعبان 1359هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله تعالى آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام، مع السؤال عن صحتكم، لا زلتم بخير وسرور، صحتنا مع العيال والطوارف ([84]) والأصحاب تسرك.

قدمت لك كتاب بالأسبوع الماضي جواب كتابك مع الأخ حمد العبد العزيز ([85])، وذكرنا لكم جواب جميع ما اشتمل عليه ذلك الكتاب، وقد وصلتني من العثيمين ([86]) بالرياض أنهم صدروه إلى جيزان مع البريد، والكتاب طي خط زامل الصالح، وهذا حررناه عن قطع العادة والإفادة بالصحة، طي مكتوب الوالد.

وقد تسلمنا مرسلكم ([87]) من يد الأخ حمد: قهوة وطيب وبفت ([88])

وشمغ ([89])، كثر الله خيركم وشكر سعيكم ولا عدمنا وجودكم، وصار لهن عندنا الموقع الأكبر من جهات كثيرة، لازلتم موفقين للخير.

قد ذكرنا لكم أن المكتبة يسر الله إتمامها وأننا رتبنا فيها الأخ محمد العبد العزيز المطوع حافظا ومدرسا، بمعاش شهري، لأنه حصل وفر قريشات من المدفوع إعانة للمكتبة من الجماعة خاصة، وأما غيرهم فلا جانا شيء، حتى ابن سليمان ما حصل منه شيء والحمد لله الذي أغنى وأقنى.

والدواليب الظاهر ما يصير لهن جيه لطرفنا.

خاطبت أبو عليوي والسحيمي اللي مجعولات بطرفهم، وصار الجواب تعذر مشيلهن ([90])، وسمعنا أنهن متمضحلات ([91])، وقد عرضنا عليهمـ حيث تعذر إرسالهن ـ التعويض، فلا نعلم ما يصير.

وقد ذكرنا لك أننا وضعنا دواليب وقت بنيانها والآن حصل بهن الكفاية، فإن حصل زيادة كتب أبدلناها دواليب أخر إن شاء الله.

هذا حررته عجلا والسيارات على وشك الممشى، وبلغ سلامي العزيز (لديك).

كما من لدينا الوالد والعيال وجميع الإخوان والله يحفظكم والسلام.


السؤال والجواب؛ نخيت الأخ عقيل ([92]) ينسخ الكراس الأول الذي أخذ الوالد من مدة طويلة لينسخه سليمان العليان فلم ينسخ منه شيئا، والتزم عقيل بذلك، وإن شاء الله نحرص على أحد يستعد لنسخ الباقي ولو زادت الأجرة.

****


 الرسالة التاسعة:9ذي القعدة1359هـ أخبار متفرقة، بعض أخبار الدروس العلمية، وصف لكتاب الإرشاد في الفقه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

من عنيزة في 9القعدة ه لأبي عريش.

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب المكرم الولد الشفيق ذي الأخلاق الجميلة؛ عبد الله بن عبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله وتولاه وأصلح له دينه ودنياه آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام.

في أبرك الساعات وأسرها وصلني كتابك المؤرخ 22رمضان؛ وصلني أمس الموافق 8القعدة، تلوته مسرورا بصحتكم مغتبطا بسلامتك واستقامتك، شاكرا ما أبديته من حسن العطف، وشدة الشفقة، وإبداء ما في ضميرك مما لا نشك فيه، أسأله تعالى أن يوفقك في حركاتك وسكناتك وجميع أحوالك وأن يقدر الاجتماع السار بمنه وكرمه.

كتاب الأخ سلمته بيده مع كتاب الوالد وصحتهم تسرك.

وقد أسرنا ما ذكرت عن عبد الله المحمد القرعاوي وهو ـ إن شاء الله ـ موفق، من الدعاة إلى الله.

وفهمت ما ذكرت من جهة إبراهيم المحمد العمود، وأن أهل صامطة([93])

مختارينه على قاضيهم الأول، وساعتين بتأصيله، ربنا يدبره على ما فيه صلاح دينه ودنياه آمين.

أما الطلبة الذين جمعوا الشيوخ ([94]) من القصيم وعنيزة، فعلى ما بلغكم، والأخ علي الحمد من جملتهم، ولكنه سعى بالأسباب ـ وقت إقامته بالرياض ـ التي تحصل له الرخصة، وجاءته الرخصة لهذا السبب قبل أن يعلم مهمتهم، والآن هو ـ ولله الحمد ـ وباقي الإخوان، على رواتبهم، كملوا شرح الزاد ([95]) وأعادوه من جديد مختارين المتن، وكذلك قراية شرح المنتهى ([96])


اللي قبل العصر، جعلناها في المتن مع ([97]) كتاب البيع، وأيضا لهم قراية بـ شرح القطر ([98])، وبين العشائين في العمدة ([99]).

ومحمد العبد العزيز ([100]) عنده تلاميذ صغار، تقريب عشرين، يقرون في عقيدة


الواسطية ([101])، وثلاثة الأصول ([102]) حفظا، ونحضر أحيانا نختبر محفوظاتهم وفهمهم، والقصد بعد الفراغ من الكتاب إن شاء الله يقرؤون في مختصر في الفقه.

أما كتاب السؤال والجواب؛ فقد واجرنا عليه عبد العزيز  الصالح بن دامغ ([103])، والكراس اللي أعطاه الوالد سليمان العليان ما كتب منه شيء يذكر، ونخينا الأخ عقيل يكتبه مع الكراس الذي يليه، وإن شاء الله لا تعد الجميع إلا نجزن ([104])، ونسلمهن بعد كمالهن للأخ حمد.


والكتاب المذكور ([105])؛ كلما كررت فيه النظر، فإذا هو ولله الحمد قد حوى من العلم والحكم وقرب المأخذ والتنبيه على القواعد والضوابط والنظائر؛ ما لا يوجد له نظيرـ فيما أظن ـ في صغر حجمه ووضوح عباراته وقرب مآخذها، والله هو الذي يسره، وأرجو الله أن تقف عليه وتشاهد ما ذكرته.

هذا حررته مستعجلا، وإلا نيتي أبسط لك الكلام وأجيب عن نظري في مسئلة ([106]) بيع الخيار المصطلح عليه عندكم، وأنه ممنوع غير جائز، ولكن بالكتاب الذي مع الأخ حمد ـ إن شاء الله ـ نبسط الكلام عليه ونذكر الأدلة عليه ([107]).

الولد محمد توجه لمكة هو ووالدته حجاجا، وقد وصلتنا برقية وصولهم.

الفهرس الموجود بالمكتبة يسعى الأخ حمد بنسخه، كان يحصل لك منه نسخة، ولكن نتأمل وصول كتب موعودين بها واستكمالها.

وبلغ سلامي إبراهيم المحمد ([108]) وأولاده، وجميع الإخوان الموجودين بطرفك، والأخ عبد الله المحمد القرعاوي.

ومن لدينا جميع المحبين يسلمون، والسلام.

****

 الرسالة العاشرة: 2ذي الحجة 1359 ه أخبار متفرقة

.....................................................................................

من صور الاحتيال على الربا ببيع الخيار، حكم الصور الفوتوغرافية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

من عنيزة في 2الحجة إلى أبو عريش

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد الشفيق، عبد الله العبد العزيز العقيل، حفظه الله بما حفظ عباده الصالحين، وأصلح له من الدنيا والدين، آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقدم قبله كتاب عن يد أحمد السليمان البسام ([109]) في جدة، فيه جواب خطكم سوى مسألة بيع الخيار المستعمل عندكم فقد أخرته إلى هذا الكتاب.

وصورة الواقع عندكم: أن صاحب الدار مثلا يبيعها بألف إلى مدة، ثم ينقد المشتري الألف للبائع، ويجعلان لهما الخير مدة سنة أو سنتين أو أكثر، ويسلم البائع الدار إلى المشتري فينتفع المشتري بالسكنى والبائع بالألف، ثم إذا مضت تلك المدة، أو قاربت، فسخا العقد، وأعاد الدار إلى صاحبها، كما يعيد الآخر الألف إلى من سلمها.

فهذا النوع لا يشك أحد أنه قرض جر منفعة، وأنه سلفه الألف وجعل سكنى الدار عوضا عن الانتفاع بالألف، وهذا أحد أنواع الربا الثلاثة؛ ربا الفضل، ورب النسيئة، ـ وهما معروفان ـ والثالث ربا القرض، فهو سلمه على العقد ألفا إلى مدة سنة، والمكسب سكنى الدار، فليس هو من القرض القرض الذي يقصد به الإرفاق في شيء، ولا من بيع الخيار الحقيقي، الذي تجعل المدة ليتروى كل واحد منهما هل يعزم على البيع والشراء أم لا، وإنما الله يعلم، وكذلك الناس يعلمون، أن القصد إرجاع الألف إلى من سلمها عند الأجل المضروب وربح نفع الدار، وهذا محرم داخل في عموم تحريم بيع الدراهم بالدرهم إلى أجل، كما أنه داخل في الأثر المشهور: (كل قرض جر نفعا فهو ربا) ([110]).

تسأل عن حكم الصورة التي لا ظل لها؟

فابن القيم؛ لا أستحضر له فيها كلاما، ولكن الخلاف فيها بين أهل العلم

معروف، والصواب تعميم النهي، لأن النصوص عامة.

ولكن الأشياء الضرورية التي دخلت على الناس، وعمت بها البلوى، كالصور التي في النقود والكبريت ([111]) ونحوها، وكذلك الجوازات؛ فالذي يظهر لي أن هذا من باب الاضطرر، وأحوال الضرورات وعموم البلوى، يرجى فيه عفو الله، ويسهل الأمر فيه.

كتاب السؤال والجواب ([112]): الكراريس التي أخذ الوالد على أنه ينسخها سليمان العليان، أخذها ولا كتب منها حرفا واحدا، الله يهديه، لكننا نخينا عليه الأخ عقيل ([113]) ـ الله يسلمه ـ، ونسخه، والباقي خلينا عبد العزيز الصالح الدامغ ينسخه، ويسر الله تمامه، ولا نسخه إلا بخمسة أريل، بسبب ما وجدنا أحدا مستعدا للنسخ، وإن شاء الله نأخذ من سليمان، وسلمناه للأخ حمد إن شاء الله ياصلكم معه، وصيته على حفظه ووضعه بمحل سليم من السوج ([114]) وغيره، الله الحافظ.

هذا ما لزم، مع ما بيدي من لازم بطرفنا.

وبلغ سلامنا جميع من لديكم من الإخوان، خصوصا إبراهيم المحمد ([115])، وعبد الله المحمد القرعاوي ([116])، وزامل الصالح ([117])، وجميع المحبين، كما منا جميع الإخوان يخصونك بالسلام، والله يحفظكم والسلام.

أخشاب الدواليب ما حصل لهن وصول لطرفنا، عوضونا عنهن عدد250 ريال عربي، وقصدنا نشتري أخشاب من طرفنا، ونسوي ـ إن شاء الله ـ دواليب بعد ما ينقضي الشتاء.

محمد العبد العزيز ([118]) على ترتيبنا له، وكملوا تلاميذه عقيدة الواسطية حفظا، وثلاثة الأصول، والآن شارعين في مختصر في الفقه.

****


 الرسالة  الحادية عشرة: تاريخها 13محرم 1360هـ، أخبار متفرقة

...........................................................................................

أسئلة وأجوبتها، طلاق الثلاث بلفظ واحد، استعمال ميل الفضة، وغيرها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

13محرم 1360هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جنب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقدم لك كتاب صحبة الأخ حمد،إن شاء الله وصل مع السؤال والجواب، لأننا واجهنا الأخ حمد في مكة قبل ممشاهم منا بيوم واحد في 4محرم، وقد وصلتها في آخر الحجة لمواجهة أخي حمد العلي القاضي ([119]) لأن لنا عنه تقريب أربعين سنة، ثم رجعنا إلى عنيزة فوصلناها بالسلامة بخير وعافية، ولا تمكنا في مكة نكتب لكم، لأننا ما أقمنا فيها غير أربعة أيام فقط مع كثرة الشواغل( ([120])).

اليوم وصلنا كتابكم المؤرخ 27القعدة، تلوناه مسرورين بصحتكم، وبكل


ما شرحتموه مما نتشوق لشرحه، لا زلت موفقا للخير.

تذكر تعرفك على كتاب الإفصاح، وهو كتاب يذكر فقط المذاهب مجردة عن أدلتها، فالذي غيره أنفع لكم منه، إنما يحتاج يراجع ليغرف مذاهب الأئمة فقط ([121]).

وأنا التواريخ؛ فتذكر أن ابن الأثير ([122]) مطول، وتحب أخصر منه؟

ما أشوف تاريخ مختصر يحصل به المقصود، ومن أخصر ما رأيته تاريخ دحلان ([123])، ولكنه جدا مختصر لا يفيد فائدة تذكر، فابن


الأثير مع طوله أولى من غيره، من مطول ومختصر.

وقد سررنا لكثرة الأمطار بجهاتكم، نرجو أن يعم أوطان المسلمين.

ولا بد الإخوان وصلوا وأخبروكم أن القصيم ما جاه أمطار غير أول الوقت وإلى الآن والناس يترجون الله تعالى.

أما جنوبي نجد فهو ربع ([124])ربيع تام، نرجو الله يعم أوطان المسلمين بالخير.

ذكرت لك عن المكتبة أننا مرتبين محمد العبد العزيز ([125]) فيها معلما، وهليومين جعلنا معه الأخ علي الحمد الصالحي، لأن محمد شكى كثرة اللي عنده، وشفنا أنه ما يقدر على تعليمهم إل على وجه ناقص، فجعلنا معه الأخ علي، والتعليم كما ذكرنا في التوحيد والفقه؛ التوحيد في ثلاثة الأصول، والعقيدة الواسطية، والفقه بكتاب اختصرناه ([126])، فصار أقل مـن جميـع المختصرات اللي


تعرفونها، من مختصر المقنع ([127])، ومن العمدة ([128])، وأخصر المختصرات ([129])، أصغر منها كله، ليس ذلك لكثرة مسائلة وتمكنا من تقليل لفظها؛ إنما هو اقتصار على ما يحتاج إليه في كل باب، و...لهذا، على اختصاره فهو واضح، وأيضا مشتمل على الدليل، وقد تكون المسائل هي الدليل، من غير أن نأتي بكلام غير كلام الشارع.

الأمل أنك ما تذخر من الجد والاجتهاد وفي نفع من لديك، خصوصا من تظن فيه أهليته للطلب، فهذا هو المكسب الرابح، والربح المنمى، جعلكم الله من الدعاة إلى سبيله، آمين.


سؤالك عن استعمال ميل لفضة لدواء معين؟

فالميل ونحوه مما يحتاج إليه؛ إذا كان من الفضة، فإنا نرجح اختيار شيخ الإسلام في إباحته لسهولة الفضة، وللحاجة ([130]).

وأم ملا يحتاج إليه من الآلات؛ فلا نرى الرخصة فيه، لا من الذهب ول من الفضة.

وأم تصحيح الصنعاني رحمه الله في سبل السلام أن النهي خاص في الأكل والشرب، ولا يتعدى إلى سائر الاستعمال ([131])، فهو ـ رحمه الله ـ يغلب عليه مذهب الظاهرية في الاقتصار على بعض الأشياء المنصوصة (...) ([132])، مع أن الذي غيره أولى منها، لأن جمهور العلماء يقولون إذا كن الشارع قد حرم ومنع من الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة مع الحاجة إلى الأكل والشرب وكثرة الاستعمال، فمنع غيره من باب أولى وأحرى.

وأما عن سؤالك عن الراجح في مسألة الطلاق الثلاث بكلمة أو بكلمات؟

فقد تقرر وتكرر أننا نعتقد صحة ما رجحه شيخ الإسلام فيها ([133]) للوجوه الكثيرة التي بينها الشيخ وابن القيم ([134])، ولكننا لا نفتي في المسألة إثباتا ولا نفيا، لأننا نرى أن المصلحة لنا ولغيرنا ترك الفتوى فيها، وليس المحذور فقط مخالفة كثير من المشايخ، بل مع ذلك ما نحب تهاون الناس وتلاعبهم بالطلق، وأن يجعلوا فتوانا سلما لهم إلى تلاعبهم، فرأينا سد الباب عن الفتوى فيها أولى، وأن يتولاها غيرنا طلبا للعافية والحمد لله على نعمه.

أما طلبكم الإفادة عن قول ابن القيم في الإغاثة في الباب السادس حيث قال في صحيفة 14منه "الوجه الثاني:..." وأن الأول لم تجدوه مصرحا به ([135])؟

فهو لما ذكر لا سعادة للقلب ول نعيم إلا أن يكون الله وحده إلهه ومراده ومحبوبه، قرر هذا المعنى في قوله:" معلوم أن كل حي سوى الله سبحانه من ملك أو أنسي أو جني أو حيوان، إلى آخر عبارته....

فكانت هذه العبارة كلها مقررة لهذا المعنى الذي دلت عليه الترجمة، فحصل تصويره وتقريره، ولو اقتصر عليه بانفراد لحصل به المقصود من غير افتقار إلى الأوجه الباقية، فهذا هو الوجه الأول.

ويبين لك هذا: أن الأوجه في هذا الباب وفي غيره غالبا، كل وجه منها كاف لحصول المطلوب، وليس ذلك بمنزلة الشروط لمفتقر بعضها إلى بعضها التي لا تتم الأحكام إلا بها، فكل وجه دليل وبرهان مستقل وحده، وكثيرا ما يوجد في عبارته وعبارة ([136]) شيخه ترك التصريح بمثل هذه الأشياء اكتفاء بسياق الكلام، ولصرف جل مقاصدهما إلى المعاني جزاهما الله عن المسلمين خيرا.

تحب أننا ننقل لكم ما ذكرنا في التفسير على آية الدين من الأحكام، وكذلك على قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) إلى آخرها، فإن شاء الله إن أمكن، يلحق على هذا المكتوب أو على ما بعده ([137]).

هذا ما لزم تعريفك، سلامي إلى الإخوان، وإبراهيم المحمد العمود، وأخيه سليمان ([138])، والأخ زامل ([139])، وعبد الله المحمد القرعاوي.

من عندنا الوالد، والولد محمد ([140])، والعيال وجميع الطلبة يخصونكم بالسلم، والله يحفظك، والسلام.

****


 الرسالة الثانية عشرة: تاريخها 3جمادي الأولى 1360هـ

..............................................................................................

أخبار متفرقة، حكم حيات البيوت، ذكر رسالة الشيخ في الورق لنقدي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

من عنيزة في 3جمادي الأولى سنة 1360هـ

من المحب المشفق عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله وتولاه، وأصلح دينه ودنياه آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، صحتن مع العيال والطوارف ([141]) والأصحاب تسركم، ولنا مدة طويلة جدا عن كتبك السارة، واليوم بنفسه وصلني كتابك المؤرخ 25محرم، مكث في طريقه أكثر من ثلاثة أشهر، تلوته مسرورا بصحتك، شاكرا ما أبديته من اللطف والشفقة، وما بسطته من أخباركم السارة، لا زلت موفقا لكل خير.

كتاب الوالد شافهته إياه، وكذلك كتاب الخالة سلمته عبد العزيز الدامغ ووصيته يخبرها إذا كتبت ترسله لنا.

وكتاب الإخوان؛ سلمته إياهم، وهو موافق، لاحتوائه على تمام الوفاء والنصيحة، ربنا تعالى يجمع القلوب على الخير والطاعة.

ولا شك أن التعاهد بالمواصلة بالكتاب فيها مصالح متعددة، فلهذا صار له الموقع عندهم، لا زلت موفقا للخير.

تذكر من جهة بحثكم مع زامل ([142]) من جهة تسوية دعاية جمعية للمدرسة بطرفنا، فنعم الرأي الذي رأيته، ولم يغب هذا الرأي عن خاطري، ولكن إلى الآن، ما بعد قر القرار على هذا، لأن عندي بعض الملاحظات في الوقت الحاضر، وربما عند سنوح الفرصة ورأيت المناسبة نسعى إن شاء الله في ذلك.د

أما معاش الإخوان محمد ([143])، وعلي الحمد ([144]) فهو من وفر فلوس باقية عندنا بعد تكميل عمارة المكتبة، رأينا صرفها في هذا الطريق أنفع من غيره.

وقد ذكرت لك أن رسم دروسهم في العقيدة أولا، وبعد حفظهم لعقيدة شيخ الإسلام الواسطية وثلاثة الأصول، شرعوا في مختصر في الفقه، تقريب طوله نصف متن الزاد، يعني تقريب عشرين ورقة، متوسطة جمعتها من كتب الأصحاب، وحرصت على الإتيان بأوضح ما نقدر عليه من العبارات، وإذا كان الحديث مشتملا على حكم أو أحكام؛ اقتصرت على إيراده لأن عبارات الشارع أوضح مطلقا من كل العبارات ([145]).

ولابد إن شاء الله كتابنا السابق ـ ما أستحضر الآن تاريخ صدوره ـ المشتمل على جواب أسئلتكم الماضية؛ لابد إن شاء الله وصل، والإفادة منكم قادمة.

وقد بلغنا أن عملكم صار في فرسان ([146])، أرجو الله يحسن لك العواقب.

وقد سرنا إلحاحكم على سليمان المحمد العمود ([147]) بسرعة الظهرة ([148])، وكان معلوما العذر اللي صار  أولا، ولكن نؤمل أنكم مع إبراهيم ([149]) تكررون الإلحاح عليه يظهر ولو مدة قصيرة.

تسأل عن قتل حيات البيوت؟

فجوابها أنها على نوعين:

نوع قد علم أنه جاء للبيت من خارج، إما في حطب أو علف أو غيره، يعني أنه قد علم أنها وصلت إلى البيت من خارج؛ فهذه حكمها حكم الحيات الخارجية المشروع قتلها مطلقا.

والنوع الثاني: حيات موجودة في البيوت، فهذه هي التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم (من رآها) ووجدها أن يتعوذ منها ثلاث مرات ([150])، فإن تبدت بعد ذلك فله قتلها.

وقد ذكروا أن الحكمة في ذلك أنه خشية أن تكون من الجن قد تبدت بصورة حية، فإذا تعوذ منها ثلاثا ثم ظهرت بعد ذلك، فإن كانت حية حقيقية، فهي مأمور بقتلها، وإن كانت من الجن، فقد استحل الجني أذى الإنسي وإزعاجه الموجب لإهدار دمه، والله أعلم.

صار هالأيام بحث من جهة النوط ([151])، وبسبب أن العلماء السابقين لا يوجد لهم فيه كلام لحدوثه أحببنا أن ننتهي في البحث فيه إلى أقصى ما نقدر عليه، فسوينا مناظرة بين من يراه عرضا، له حكم العروض في كل أحواله ومن يراه نقدا في جميع أحواله، ومن يراه بيعا لما في الذمة، بمنزلة بيع الصكوك، وأوردنا لكل قول حجته التي يمكن أن تقرر به.

فكان منتهى ما وصل إليه علمنا فيه، التفصيل في حكمه، وأنه يجوز بيعه يدا بيد مطلقا، سواء كان نوط فضة أو ذهب، متماثلا، أو متفاضلا بالجنس أو غيره، وأنه لا يجوز بيع بعضها  ببعض إلى أجل، سواء اتفق الجنس أو اختلف، كما كان هذا قولنا في بيع القروش بأحد النقدين، أو بيع بعضهما ببعض؛ أنه


لا يجوز نساء، ويجوز حاضرا إذا لم يكن فيه مدة، وعرضنا هذه المناظرة على الإخوان فقر نظر الجميع على هذا التفصيل، ولولا أنها طويلة تبلغ تقريب خمس صحائف لنقلتها لك، وربما عند الفرصة ننقلها.

هذا ما لزم تعريفك، منا السلام على الأخ حمد ([152])، وإبراهيم المحمد ([153])، وعبد الله المحمد القرعاوي، وزامل الصالح ([154]).

كما منا الوالد والولد محمد وجميع الطلبة بخير، والسلام.

(..... ([155])).


 الرسالة الثالثة عشرة: تاريخها 10شعبان 1360هـ

....................................................................................

أخبار متفرقة، حول سفر الشيخ إلى الرياض باستدعاء الملك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

تاريخ 10شعبان 1360هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد الشفيق عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، من مدة طويلة ما رأينا منك، كما أننا ما كتبنا، ولا بد بلغك سفرنا للرياض، وأسبابه، ونتائجه، وأنه باستدعاء مستعجل من الملك ([156]) لنحضر ونحضر معنا التفسير ([157])، لابد أحد معترض علينا، وفعلا بادرنا للحضور وإحضار التفسير، فرآه بعض المشايخ فاستحسنوه، ولم يحصل بحث في مسألة واحدة أصلا.

ولكن المشايخ ـ جزاهم الله خيرا ـ حصل منهم من إكرامنا فوق ما يظن الظان، والملك قال بحضرة الجميع؛ قال: إنه ما بينك وبين المشايخ ـ من فضل الله ـ أقل اختلاف، وإنه لم يعترض عليه أحد من الحاضرين، ولا من غيرهم، فأبديت له الشكر، وأني ممنون إذا رأى علي أحد خطأ أن ينبهني، فإني ممنون بذلك من صغار الطلبة، فضلا عن المشايخ الذين هم أبوة للعرب.

وحصل للناس انزعاج من سفري، وطلب الجماعة أنهم يراجعون في، أو يركبون معي، فمنعتهم، وأخبرتهم أني لا أكره الحضور هناك، وأنه لا بد أن يحصل فيه مصالح، فوقع ولله الحمد كما ظننت، وحصل التعارف التام مع المشايخ، وأقمنا في الرياض ستة أيام، ثم رجعنا بصحبة الملك ([158]) إلى الوطن، مسرورين راجين المولى أن يتم نعمه على الجميع، وأن يحسن العواقب لنا ولكم في الدنيا والآخرة.

أخبرتك بحاصل ذلك خوفا من أن يصور على غير صورته.

الإخوان على ترتيب قراياتهم، ربنا يقدر الاجتماع السار بكم، إنه جواد كريم.

هذا ما لزم، منا سلام على الأخ حمد ([159])، ومن لدينا الوالد والعيال محمد، وأحمد ([160])، وجميع الطلبة بخير والسلام.

*****


 الرسالة الرابعة عشرة: 5 ذي الحجة 1360هـ

..................................................................................

أخبار وفوائد متفرقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

من عنيزة في 5الحجة سنة 1360 إلى أبو عريش

من عبد الرحمن الناصر بن سعدي، إلى جناب الولد المكرم، عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله وتولاه في أمر دينه ودنياه، آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، لا زلتم بخير وسرور، صحتنا تسركم، والعيال: عبد الله في الهند، ومحمد وأحمد في الجبيل، صحة الجميع تسرك، وكذلك الوالد والطوارف ([161]) والأصحاب كلهم بخير، والأحوال ـ من كرم الله ـ على ما تحب، وقد بعد عهدنا جدا بمكاتيبك، لا أذكر متى الوقت الذي انقطعت عنا، إلا أن أقل تقدير يمكن خمسة أشهر، وقد كتبت لك مكتوب في شعبان طي خط ([162]) زامل الصالح والظاهر أنه وصل، وفيه الإفادة بما لزم بوقته.

أوقات التدريس اللي أنت خابر على حالها، والشيخ محمد العبد الله بن حسين ([163]) جلس للتدريس، فأمرت الأصحاب بالجلوس عليه، مـع

غيرهم، يجلس الصبح وبعد الظهر، نسأل الله لنا وله التوفيق.

بلغنا الوالد رجوعكم إلى محلكم الأول؛ أبو عريش، أرجو الله يجعل التوفيق مصاحب لكم في الحركات والسكنات إنه جواد كريم، ولا يحتاج من يحثك على ملازمة مطالعة كتب الفقه، خصوصا شرح الزاد ([164])، لأنها أعظم عون لك على ما أنت بصدده.

هذا ما لزم مع ما يبدي لكم من لازم، منا سلام على جميع الإخوان.

ومنا الوالد وجميع الأصحاب يخصونك بالسلام، والله يحفظكم، والسلام.

*****


 الرسالة الخامسة عشرة: 5ربيع آخر1362هـ

.............................................................................

أخبار وفوائد متفرقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

من عنيزة في 5ربيع آخر سنة1362هـ

من المحب المشفق عبد الرحمن الناصر بن سعدي، إلى الولد الفقيه الفاضل الأديب الأريب عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله من كل مكروه، (آمين).

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعد السؤال عن صحتكم، صحتنا من فضل الله تسركم، والخاطر ما زال عندكم، وقد وصلنا محرركم المؤرخ10 محرم غرة شهرنا هذا، ولم يصلنا قبله ولا بعده شيء قريب من هذا التاريخ، تلوته مسرورا بصحتك، قابلا عذرك، معجبا بخطابك ولطفك، راجيا المولى تعالى أن يقرب أيام اللقاء.

وكل ما شرحته في كتابك صار له محل عندنا، خصوصا الأبيات الدمشقية الحسنة ([165])، فقد تداولناها وعرضناها على الشيخ ([166]) والإخوان، واستحسنوها، وذلك من توفيق الله تعالى.

كتاب الشيخ سلمناه إياه، وهو يسلم عليك.

وأحسنت  الإفادة عمن في جهاتكم من الجماعة، لازلت موفقا.

تسأل وتستشير من جهة مشتري البيت في طرفنا، فنحن لا نشير بذلك، لأن البيوت جدا متقلبة، والبيت اللي قيمته ثلاثة آلاف، أربعة آلاف، بويت ([167]) مبروك، حال العقار عندنا قد تعدى طوره، وليس تملك البيت من الأمور الضرورية حتى ينجبر عليها الإنسان.

تذكر من جهة زكاة اللي عند سليمان، فنحن في رمضان بحثنا معه في الزكاة، وقر القرار على أننا مهوجسين ([168]) أنكم تخرجون عنهن، فلما وصلنا كتابك هذا، تذكر أنك  تخرج عنهن سنة 1359فقط بقي سنة 60وسنة61، سنتين ما أخرجت عنهن، فأمرت سليمان يحسب زكاتهن للسنتين فبلغت خمسة عشر ريالا فرانسي عن تقريب 31ريال عربي، وأما السنة التي نحن فيها


فإن شاء الله  تباشر أنت توزيعها بطرفنا، وسنوزعها إن شاء الله على أقاربكم المحتاجين على وجه لا يشعر به أحد، خشية أن الوالد يشره ([169])؛ وراها ([170]) ما صارت على يده، ولكننا سنبحث سرا عن المحتاج منهم، وبعد هذا نفيدكم من سلمناها منهم، وهي وافقت بهذا الوقت الشديد، ربنا يلطف بالعباد ويتقبل من الجميع.

ذكرت لنا أسباب امتناع مجيئكم هذا العام، والخير إن شاء الله بالواقع ولعل الله ييسر لكم في العام الحاضر ([171]) رخصة لو مؤقتة.

في الشهر الماضي عزم الجماعة على عمارة مسجد الجامع لخلله وعيبه، خصوصا الصفاف ([172]) وتوابعها، وإلحاق البيوت القبلية والجنوبية فيه، فجلسوا مع الأمير، ثم انعقد رأي الجميع على جعل مسألة جمع نفقته وتولي التنويب على عمارته تكون بسنعي، فوافقت لأنها من أجل الأعمال الخيرية، وأيضا إذا كانت من جهتي ـ من كرم الله ـ أتم لها وأدعى للمتبرعين.

وفعلا تصدى أناس من أهل القدرة من الجماعة في الداخل والخارج على طلب الانفراد بشغله، فلم أوافق، من تمام بركة هذا العمل أنكم أيها


المقتدرون تحطون حق البركة ([173]) والذي يقصر ـ إن قصر ـ نلقاه عندكم، ونجعل الباب مفتوحا لكل من أحب المشاركة، في هذا الخير ببذل قليل أو كثير، وأوردنا الحديث الثابت (من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة) ([174]) فمن كانت حصة إعانته للمسجد تبلغ هذا المقدار جعل له بحول الله هذا الثواب.

ومن بركة العمل أيضا، اجتماع النيات المخلصة والنفقات الصادرة عن إيمان وإخلاص وإنفاقها على موضوع في جد وعمل واحد، ليلحق قاصرها بكاملها، وضعيف الإخلاص بتامه، والله أكرم الأكرمين.

وقلنا: ترى الذي يبذل القليل أرغب لنا من الذي يبذل كثيرا يشق عليه، لأن المسئلة ـ من فضل الله ـ بي تكون زاهية ([175]) مع كثرة المصاريف وشدة المؤنة.

فأقبل الناس ـ ولله الحمدـ على البذل في هذا الموضوع، وقبلنا من صاحب خمسة الدراهم والعشرة والمائة، وما دون ذلك وما فوقها، ولابد ـ إن شاء الله ـ بدخول الشهر الداخل يبتديء العمل، لأن البيوت المذكورة على وشك تخليصها من أهلها، ولا منعني من برك في مشاركة الجماعة، بأن آخذ من سليمان عشرين أو ثلاثين ريالا، إلا أني أحب أن تنويها قبل أن نأخذها، لأنه أتم وأكمل، جعل الله عمل الجميع خالصا لوجهه الكريم.

المسائل التي طيه، تبي ([176]) لها وقت، إن أمكننا الجواب عنها وإلحاقها على هذا الخط، وإلا إن شاء الله بعد ذلك.

هذا ما لزم مع ما يبدي لكم من اللازم.

منا السلام على إخوانك وجميع الجماعة من غير تخصيص، ومن هو عزيز لديك.

ومنا الوالد والشيخ ([177]) وإخوانك الطلبة؛ سليمان البراهيم ([178])، وعلي


الحمد ([179])، ومحمد العبد العزيز ([180])، ومحمد السليمان ([181])، وأخوه حمد، وعبد العزيز المحمد البسام ([182])، وسائرهم وجميع الطوارف ([183])، والله يحفظك والسلام.

صح الجواب على أسئلتكم التي نقدر عليها بحسب الحال، والرسالة المتعلقة بالنوط سنسعى إن شاء الله في نسخها، وبعد ذلك ـ إن شاء الله ـ نرسلها إليكم.


تابع كتاب الولد عبد الله عن جواب أسئلتكم

أسئلة:

الأول عن من له على آخر عشرة فرانسي، فأراده أن يتقاضاها عربيا أو بالعكس.

الجواب:

التعويض بأحدهما عن الآخر بمنزلة المعاوضة عن الريال الفرانسي بربية وبالعكس، وبمنزلة المعاوضة عن جنيه الفرنجي بالعصملي ([184]) وبالعكس، والبر بالبر، والتمر بالتمر ونحو ذلك؛ وكلها داخلة في القاعدة الشرعية التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم ([185]) وشرط لها أمرين: المماثلة في القدر، والقبض قبل التفرق، سواء كان سعر أحد النوعين زائد أو ناقصا أو مرغوبا أو مرهوبا.

فما لم تتحقق الشرطان، لا تجوز المعاوضة.

وإنما يخرج عن هذا الأصل القرض، فلا يشترط فيه التقابض لأنه لا

يتحقق الإرفاق به، ويخالف موضوع القرض، ولا يشترط فيه أيضا المماثلة في القضاء إذا قصد به مجرد القضاء لا المعاوضة، بل لو تحقق زيادة القضاء، وسمحت نفس المقترض بذلك فـ(خيركم، خيركم قضاء) ([186])، وكذلك لو سمحت نفس المقترض ([187]) بالنقص إذا كان نقصا في القدر والرغبة لأنه من باب التبرع، لا من باب التعويض، فإن كان القصد من الوفاء عن أحد النوعين بالآخر، التعويض، دخل في باب البيع، واشترط فيه الشرطان المذكوران، والله أعلم.

وأما السؤال الثاني: وجه تقديم الفقهاء ـ رحمهم الله ـ الأبوين على الولدين في زكاة الفطر، والعكس في النفقة، مع أن باب زكاة الفطر مبنية على النفقات؟

فقد وقع الإشكال في كلامهم، ولا أرى له وجها بينا.


وأما أولى التفاسير الموجودة بالمطالعة؟

فلا أحسن من "ابن كثير" ([188]) لفهم المعاني، ولا مثل "صديق" ([189]) وحاشية الجمل" ([190]) لمسائل العربية والنكت اللطيفة.

وأما سؤالك عن جلوس الرفيع والوضيع بين يدي القاضي،  وأنه يجب أن يساوي بينهما في مجلسه، فلا يرفع أحدهما عن الآخر، ولا


يجلسه في المجلس الطيب دون الآخر، ولا يجلسه معه والآخر أمامه ولا يقدم دخولا؟

فإذا كانا مسلمين؛ وجب المساواة بينهما في هذه الأمور، كما يساوي بينهما في الحكم بالعدل وعدم الميل إلى أحدهما بقلبه أو لفظه أو حكمه، ومتى فعل القاضي ذلك كان عنوانا على عدله، ومن فعل الأمر الشرعي وسلك العدل رضي عنه الخصمان، ولو كان أحدهما شريفا وساوى بينه وبين خصمه الوضيع؛ فإن يعلم أن هذه الحالة منسوبة إلى وجوب العدل وأن لا لوم على القاضي بها، بل الذي معه أدنى عقل يمدحه بها.

ويتمكن القاضي من إنزال الشريف منزلته وأخذ خاطره في غير مجلس حكمه إذا انقطعت خصومته، ولكل مقام مقال، والله الموفق.

سؤالك عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه (يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير،  والصغير على الكبير) ([191]) وتفريعكم عليه أنه إذا التقى راكبان وماش  أيهما الذي يبدأ بالسلام؟ إن قلنا القليل على الكثير: فالماشي،  وإن قلنا الراكب على الماشي: فالراكب، ومثله صغيران وكبير، وهذا سؤالكم.

فالجواب: أن الراكب والماشي اسم جنس يدخل فيه القليل والكثير، فالراكب، ولو كانوا كثيرين، يسلم على الماشي ولو كانوا قليلين، ومثل ذلك الصغير والكبير، فإنه اسم جنس، فالحق أن الصغير ولو كثر يسلم على الكبير ولو قل ([192]).

لكن لو ترك الأحق الابتداء بالسلام غفلة أو جفاء فلا ينبغي للآخر أن يترك مصلحة نفسه لترك الأخر لها ([193]).

وأما سؤالك عن موضع دعاء الاستخارة من صلاتها؟

فجوابه: أما على المذهب: فبعد الفراغ منها والسلام ([194])، وأما عند شيخ الإسلام: فإذا فرغ من التشهد قبل أن يسلم ([195])، والحديث ([196]) محتمل للأمرين ولكن المناسبة أن الدعاء قبل الفراغ من الصلاة أولى وأقرب للإجابة.

وأما سؤالكم إذا كانت البسملة آية من القرآن بين كل سورتين سوى براءة فلم لا يجهر بها في الصلاة الجهرية كالتراويح ونحوها؟

فالجواب: أن الصلاة الجهرية كالمغرب والعشاء، والنوافل كالتراويح؛ حكم الجهر بالبسملة فيها حكمها في الفاتحة من غير فرق، فكما دلت الدلائل الكثيرة أن المشروع في البسملة الإسرار حتى في الجهرية فغيرها من باب أولى، وهذا من حكمة الإسرار، أنها إذا عدت آيات القرآن فالبسملة آية منها، وإذا عدت آيات كل سورة لم تعد منها فميزت بإسرارها، والله أعلم.

****


 الرسالة السادسة عشرة: رجب 1362هـ، ذكر عمارة الجامع

......................................................................................

رد السويح على الشيخ في مسألة تكفير الجهمية والمعتزلة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

غرة رجب سنة 1362هـ

من المحب المشفق عبد الرحمن الناصر السعدي، ألى جنب الولد الشفيق عبد الله العبد العزيز العقيل، حفظه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم وصحة إخوانك أرجو الله أن تكونوا بخير، أما صحتنا فعلى ما يسركم، والعيال عبد الله ومحمد وأحمد ([197]) إلى الآن في الديرة الحدرية ([198])، وعبد الله نؤمل توجهه لطرفن عن قريب، مكاتبيهم بينهم متصلة وصحتهم تسر.

الإخوان على ترتيب قراياتهم مستمرين، لا نشاط يذكر ولا كسل كثير، وعلى كل فإن الإنسان إذا تسمى بطلب العلم استمر على ترتيبه ولو حصل منه فتورا أو حصل له عذر وقصور، فمن سار على الدرب وصل.

نتأمل هذا العام حسب تأميلكم أن يحصل لكم فسحة ولو وقت الحج كم شهر، ربنا يقر العين بالاجتمع بكم.

ذكرت لك سابقا شغل المسجد والمشروع الذي سلكناه في نفقة عمارته، وهو مشروع ـ ولله الحمدـ اشترك فيه صاحب النفقة الكثيرة واليسيرة، وباجتماع النيات من المسلمين على عمل واحد يرجى أن يكون عملا مؤسسا على التقوى، وأن يتقبل الله من ناقص الإخلاص وضعيف النية وكاملها، وأن يكون طريقا للجميع إلى مراضيه وثوابه.

العمل الآن لله الحمد توجه، قد صار ـ لله الحمد ـ على غاية المراد من اعتدال اللوائح ([199]) والعمد والشراحية ([200]) واستكمال ما يحتاج إليه من لبيوت المحيطة به؛ قبله وشمالا وجنوبا، نبي ([201]) نكمل من جنوب بيت عبد الرحمن اليحيى، دخل بالضمن، ووسعنا السرحة ([202]) إلى بين مصباح الخلوة والصفاف ([203]) فزدنا نظيرها، وجعلنا فيه سرحة من قبله من شمالية إلى نهاية السوق من جنوب، عليها مصاريع ([204]) تدخل عليها من المسجد، وفي هذه السرحة باب يفتح يوم الجمعة للخطيب وللجنائز، يدخل مع أقرب المصاريع إلى محل الإمام، والآن هو قريب من الحناك ([205]) ربنا يسهل آخره كما سهل أوله.

وقد ذكرت لك أننا أخذنا زكاة الذي عند سليمان ووزعناها على المستحقين

عنكم تقبل الله منكم وضاعف لكم الأجر، وحرصا على وصولها لبعض الطوارف المستحقين على وجه لا يشعر به، لأنهم ما (......) ([206]) كثرة الصدقات الذي صارت السنة على يدنا من الجماعة في الخارج قد بلغت أزيد من ثلاثين ألفا جزى الله المحسنين خيرا.

من مدة كم شهر وصلني كتاب عبد العزيز السويح ([207]) ينكر فيه ما ذكرته في باب حكم المرتد وتفصيلنا في أهل البدع ذلك التفصيل ([208])، وإنكاره في شدة

عظيمة، فرددت كلامه بلطف وأحلته بهذا التفصيل على كلام الشيخ وابن القيم، ولم أنقشه في شدته ولا حاسبته على ألفظه غير اللائقة، لأني ظهر لي أن البحث والتمادي معه ماله ثمرة ولا نتيجة.

ثم جاءني كتاب أشد من الأول، ويزعم أن هذا التفصيل مخالف لمذهب الأمة، وأنه باطل متناقض، وأننا أتينا بمنكرات وطامات.... إلى آخر ما ذكر.

كلام يعجب الإنسان كيف يصدر ممن ينتسب للعلم من دون أن يعرف م عند صاحبه، ومن دون أن نقابله.

لهذا ما أحببت أتمادى معه في البحث الطويل فتجد جواب خطه الأخير طي كتابك تشرف عليه، وترسله للمذكور، لأن الظاهر أنه ـ إن شاء الله ـ مهوب ([209]) كله هوى، لأني ما أعرفه ولا يعرفني، ولا جرى بيني وبينه قبل هذا أدنى مكاتبة، وإنما حمله على ذلك أنه انعقد في فكره هذا() ([210]) الذي يراه في تكفير جميع الجهمية والمعتزلة من غير فرق بين المعاند وغيره، ولم يعرف كيف الطريق إلى إنكار ما اعتقده منكرا، فجء بهذه الطريقة التي ليس لها مقدمة،

ولا جرى من صاحبه عناد يوجب له ما أوجب، نرجو الله يوفق الجميع لكل خير.

هذا ما لزم، منا السلام على الإخوان إبراهيم المحمد العمود، وعبد الله المحمد القرعاوي وجميع من لديكم من الأصحاب.

ومن الوالد والأصحاب كلهم يخصونك بالسلام، والله يحفظكم والسلام.

***


 الرسالة السابعة عشرة: 5شوال 1362هـ

......................................................................................

أخبار متفرقة، عمارة المسجد، وأول خطبة فيه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

5شوال سنة 1362هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام، مع السؤال عن صحتكم، لازلتم بخير وسرور، صحتنا وصحة العيال تسرك.

وصل كتابك صحبة سليمان العمود، وصلنا بوصول سليمان في شعبان، ولكن تأخر جوابه لعدم الرايح لطرفكم، بل هالشهر قل الرايح لمكة وإلا كان نرسله بواصطة عبد الله المحمد ([211]) أو غيره.

وقد أخذنا من سليمان العبد الله ([212]) ثلاثين ريال عربي للمسجد تقبل الله منكم، وقد يسر الله تمام المسجد ولا بقى الآن من أشغاله إلا أيام يسيرة لتكميل بياضه، وقد جاء من فضل الله على أحسن ما يرام، وأول خطبة خطبتها في 12 شعبان إن تمكنت من نقلها لك في هذا الخط، وإلا مع سليمان المحمد ([213]) بعد كم يوم إن شاء الله.

كذلك أخذنا من سليمان زكاة هذه السنة عشرة أريل ([214]) عربي ونصف ريال سلمنا بواسطة أهل البيت بيتنا لـ(..... ([215])) خمسة من غير تطلع أنها منكم وبواسطة أني أخشى اطلاع أحد، الوالد أو غيره، ما (... ([216])) من التدقيق عن البحث عن المحتاج من طوارفكم، لهذا جعلت الباقيات خمسة ونصف وثمن في أحوج ما تمكنت عليه، ربنا يتقبل منا ويضاعف لكم من الأجر.

أما رسالة النوط ([217]) فبواسطة بسطها وقلة المستعد للكتابة، إلى الآن وأنا ما تمكنت من نقلها، ولكني حاطها على بالي لعل الله ييسر الفرصة.

العيال كلهم غاربين ([218])؛ عبد الله يوعد بعد كم يوم يتوجه من الهند، ونؤمل وصوله إن شاء لله في الحجة، ربنا يقر العين بالجميع (ويوفق).

كتابك الأخير ما فيه تأميل ووعد بالزيارة ولا بالحج، وربما إن شاء الله هالسنة يحصل لكم فسح ولو مدة مهيب ([219]) طويلة، حقق الله ذلك بالخير.

هذا الكتاب كتبته وصالح الزامل ماشي، لأنه ما عزم إلا في هذه الساعة والسيارة ماشية، لهذا ما تمكنا من إبداء جميع الذي بخواطرنا.

هذا ما لزم، منا سلام على الإخوان عقيل وحمد ([220]) وجميع المحبين، ومن لدينا الوالد والأصحاب كلهم، والسلام.

***


 الرسالة الثامنة عشرة: غرة ذي القعدة 1362هـ

...................................................................................

أخبر متفرقة، شيء من طريقة الشيخ في خطب الجمعة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

من عنيزة في غرة القعدة سنة 1362هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم حفظه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركته على الدوام، مع السؤال عن صحتكم، لا زلتم بأسر الحالات وأكمل الصالحات، أتم الله على الجميع نعمه.

تقدم لك كتاب مع صالح الزامل نؤمل وصوله بخير، وقد ذكرنا لكم فيه ما لزم بوقته، وأخذنا قريشات الزكاة مع سليمان وتوزيعها على من ذكرنا لكم، وأخذنا أيضا ثلاثين ريالا للمشاركة في عمارة المسجد الجامع، تقبل الله منكم وضاعف لكم الأجر بمنه وكرنه.

وقد وصلنا كتابك المؤرخ 8شعبان، في 20شوال، وعزمنا نرد جوابه مع سليمان المحمد العمود، ولكن سليمان سافر بغتة، ما علمنا بعزمه وسفره إلا بعد ما مشي، ولما سمعنا بعذره عذرناه.

ذكرت أننا أيضا نأخذ من اللي عند سليمان ثلاثين ريال عربي نوزعهن عنكم بنية الزكاة، فقد فعلنا ووزعناها على المستحقين من الطلبة، ربنا يتقبل منكم ويضاعف لكم الأجر، وبحول الله أنكم موفقين.

وترغب التعرف على حاصل الذي عند سليمان؟

وبمقدار الزكاة الذي ذكرت لك بالمكتوب السابق تعرف ذلك تقريبا، لأنه يذكر أمه ما صار فيهن زيادة بينة وربما إن شاء الله بالمستقبل.

عن ذكرك من جهة الخطب الذي عندنا وأنك حريص على نقلهن؟

سألت علي الحمد الصالحي، يقول: إني ناقل لي يجي خمس أو ست، وقلت له: دور لنا ناسخ ينقلهن، وتزهل ([221]) بذلك، وإن شاء الله إذا نسخناهن أرسلناهن، لأني تارة أخطب ببعض الخطب الموجودة عندنا بالدواوين، خصوص ديوان الخطب؛ خطب الشيخ محمد ([222]) وأحفاده، فإنهن مختصرات جوامع، وتارة أنشيء بحسب الأسباب بعض الخطب، وما كان من هذا النوع فإني أثبته بدفتر عندي غير مرتب على الشهور، وهو الذي يمكن نقله لكم، أغلبها مختصر، ومنها خطب مبسوطة لدعاء المقام لذلك، القصد أني إن شاء الله مهتم بنقلهن (لافكر).

وقد جعلت الخطبة التي ألقيتها أول جمعة صليناها في العمار الجديد طي كتابك، فلا بدها إن شاء الله وصلت.

وورقة الأسئلة تجد جوابها طي هذا إن شاء الله تعالى.

هذا ما لزم، مع ما يبدي من لازم، بلغ سلامي الإخوان والجماعة.

كما منا الوالد والطلبة والشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان وجميع المحبين، والسلم.

ذكرت في مكتوبك أنه ما حصل لكم هالسنة رخصة ولا مؤقتة، وأن عندكم احتمال يحصل لكم حج، وهو احتمال ضعيف، ربنا يدبركم على ما فيه خير وصلاح آمين.     

***

 ملحق الرسالة السابقة: أسئلة وأجوبتها

.....................................................................................

الأصل في القتل، دية جراحات المقتول، بعض تاريخ بني إسرائيل، وغيرها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

ولا حول ول قوة إل بالله العلي العظيم

جواب أسئلة الولد المكرم عبد الله بن العبد العزيز العقيل المؤرخة في 8شعبان سنة 1362هـ.

س: هل الأصل في القتل العمد أم الخطأ؟

الجواب: متى ثبت قتل القاتل للمقتول فالأصل أنه عمد، فلو ادعى أنه خطأ أو شبه عمد، فعليه البينة وإلا لزمه أحكام العمد، لأن الجناية معترف بوقوعها وبأنها محرمة لا تحل، فدعوى القاتل إني لم أقصده بالكلية، ولو قبلت مثل هذه الدعوى لانفتح باب شر عظيم، ولم يعجز كل قاتل أن يدعي هذه الدعوى ليندفع عنه أحكام العمد.

وبهذا سيحصل الجواب عن المسئلة الثانية وهي قولكم:

إذا عجز القاتل عن إقامة البينة على أن المقتول صائل عليه وأنه إنما قتله قتله مدافعة، فعل يلزم ولي المقتول اليمين على القطع،  أو على نفي العلم أن المقتول لم يصل على القاتل، أم لا يلزمه؟

وإذا نكل؛ هل يحكم عليه بالنكول؟

لكن لو ادعى القاتل أن الولي عنده علم يصول المقتول عليه، فعلى الولي الحلف على نفي العلم، فإذا لم يحلف لم يثبت له حق قبل القاتل؛ لا قصاص ولا دية.

سؤال: إذا صدرت من المقتول جراحات في القاتل، وطلب ولي المقتول القصاص، فهل يلزم أرشها في مال المقتول، أم تلزم وليه؟

الجواب: هذت المقتول لذي صدرت منه جراحات على القاتل هو كغيره، إن كانت الجراحات عمدا فإنها تكون في ماله وليس على عاقلته منها شيء، قلت أو كثرت، فإذا كان له مال فذاك، وإن لم يكن له مال لم يلزم وليه وعاقلته شيء.

وإن كانت الجراحات خطأ، أو شبه عمد، فإن كانت أقل من ثلث دية ذكر مسلم، فكذلك في ماله ليس على العاقلة منها شيء، وإن كان أكثر من ثلث لدية أو مقدار الثلث، تحملتها العاقلة.

وتحملها وكيفية ذلك مذكور في باب العاقلة (له بقية ([223])).

وبهذا عرف الجواب عن السؤال الخاص وهو قولكم: إذ لم يكن للمقتول مال الخ.

سؤال: بعد خروج بني إسرائيل من البحر أين ذهبوا؟ لم أجد نصا في رجوعهم إلى مصر صريحتا؟.

الجواب: من العلماء من قال رجعوا إلى مصر بعد هلاك فرعون ثم بعد ذلك خرجوا منها قاصدين بيت المقدس مستدلا بقوله تعالى:

(كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) ([224]) أي أرضهم، وكذلك قوله: (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) ([225]).

ولكنه على هذا القول، الظاهر أنهم لما بقوا في مصر إلا مدة قليلة، لأنه ذكر لهم بعد هلاك فرعون من الماجريات شيء يذكر.

ومن العلماء من قال ذهبوا في الحال من حين أهلك عدوهم، إلى الأرض المقدسة، لأن الله قال: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ) إلى آخرها ([226])، ثم ذكر الله بعد هذا ميعاد الله لموسى لإنزال التوراة واتخاذهم العجل وعقوبته إياهم، ثم ذكر التيه الذي حصل عليهم حين أبوا الانقياد لقتال الجبارين، وذلك كله ([227]) ـ على ما ذكره المفسرون ـ في طريقهم من مصر إلى الأرض المقدسة.

والذي أرى القول الأول أظهر، ول ينافي هذا القول، فإنه كان مكثهم فيها غير كثير لأنها غير دارهم الأصلية، وإنما كانت إقامتهم فيها عارضة، وإنما الأرض التي كتبها الله لهم بيت المقدس، والله أعلم.

مع أن تاريخ بني إسرائيل غير معلوم ترتيبه لهذه الأمة، ولهذا لا نعلم من أين ذهب موسى لطلب لقاء الخضر، هل هو من مصر أو من الطريق منها إلى الشام ([228]).

ومجمع البحرين: قيل إنه مجمع بحر فارس والروم، وهو مجمع البحر الأحمر والبحر الأبيض، ومحله الآن قريب من السويس، محل الترعة.

وقيل ـ وهو الظاهرـ إنه مجمع البحر الأبيض من البحر المحيط في أقصى المغرب عند طنجة وهو عند المحل الذي يقال له مضيق جبل طارق، والله أعلم ([229]).

***


 الرسالة التاسعة عشرة: 7جمادي الأولى 1363هـ

........................................................................

أخبار متفرقة، نصائح في طلب العلم، والتعليم، والصبر على ذلك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

7جمادي الأولى سنة 1363هـ

من المحب المشفق عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى الولد الشفيق المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم  حفظه الله تعالى.

السلم عليكم ورحمة الله وبركاته، على الدوام، مع السؤال عن صحتكم، لازلتم بخير وسرور، صحتنا مع العيال والطلبة تسركم، أرجو الله يتم نعمه على الجميع.

في أبرك ساعة وصلني كتابك المؤرخ 12 ربيع آخر، تلوته مسرورا بصحتك، وإلى آخره كان معلوما، وهو كتاب مختصر خلاف عادتك في الشرح وتفصيل ما تراه مناسبا، لكنك حولتنا على كتاب سابق تذكر أنه مع عبيد الخزيم غفر الله له، إلى الآن م يصل الكتاب المشار إليه وتذكر ضمنها أسئلة، بوصوله إن شاء الله نرد لكم جوابهن.

أما مسودات الخطب فقد ذكر لي عبد الله المحمد العوهلي إرسالها من مدة طويلة، ربما أنها قد وصلت.

(... ([230]))

نؤمل هذا العام أن يصير لكم زيارة إلينا، يسر الله ذلك وأقر العين بالاجتماع بكم بمنه وكرمه.

الإخوة الطلبة على ترتيبهم السابق، الاستمرار حاصل والتجرد المطلوب ممن لا عذر لهم مفقود، ونرجو الله للجميع أن يسلك بنا وبكم أقرب الطرق الموصلة إلى ما يحبه ويرضاه، وأن ينمي إدارة الخير ويبارك في العمل.

ومن الأسباب المعوقة عن الإقبال بالكلية على العلم من بعض المحصلين، اشتغال كثير منهم بالأسباب الدنيوية لأنها تأخذ جمهور وقت الإنسان، ولهذا نفرح منهم ونغتنم الاستمرار والتشمير ولو على وجه ضعيف، ومع ذلك فأننا إذا رأينا اشتغالهم الدنيوية في الوطن هان الأمر على الاشتغال بأوطان أخر تمنع الاشتغال بالعلم بالكلية، لأن الذي ينبغي: المجاراة على حسب الأصول وتشجيع كل أحد بحسبه وتيسير الأمور.

ولهذا في هذه الأوقات يتعين على كل من عنده علم أن ينشره بحسب قدرته ويلقيه على الناس على اختلاف طبقاتهم من طلبة وعوام وخواص على قدر ما تسنح الفرصة، فلو جرى أهل العلم هذا المجرى لحصل خير كثير، فما لا يدرك كله لا يترك كله.

ولا ينبغي لهم أن يملكهم اليأس ويعتذروا بكسل الناس، وليقتدوا بمعلم الخير وإمام الخلق صلوات الله وسلامه عليه، فإنه ما زال يدعو الخلق في جميع الأوقات، ويكرر الدعوة مع إعراض المدعوين ومعارضتهم، ويدعو إلى سبيل ربه بالتي هي أحسن، ول يمل (ولا يسأم من) الدعوة والتعليم، سواء وافق إقبالا من الناس ونجاحا، أو صادف نفورا وإعراضا، هذا حاله مع الأعداء المكذبين.

فكيف لا يكون أهل العلم هكذا مع إخوانهم المسلمين، يساعدون مقبلهم،


ويذكرون غافلهم، ويهدون جاهلهم، ويعرضون الخير على معرضهم، ويعلمون أنه في الإمكان الجمع بين الدين والدنيا، فإن الشارع مبعوث بصلاح الأمرين، بل كل منهما مفتقر إلى الآخر؛ الدين والعلم وتوابع ذلك هو المقصود، والدنيا ومقصدها() ترتب على الوصل بينهم مصالح عظيمة، وكم فات ([231]) بالفصل بينهما ومعاداة أحدهما للآخر مضار كثيرة، فنسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليكم بالعلم النافع والعمل الصالح آمين.

أطرافنا من فضل الله ربيع تام وأمطار سابقة، ولاحقة، والجند والدبا والخيفان ([232]) كثير، ولكن بحول الله يدفع الله ضرره عن المسلمين.

العيال عبد الله ومحمد ([233]) موعديننا في آخر هذا الشهر وأول الداخل بالتوجه لطرفنا، ربنا يسهل أمر الجميع.

هذا ما لزم مع ما يبدي من اللازم.

منا سلام على الإخوان.

ومن فضلك بالنيابة عنا تعزي الأخ حمد ([234]) ربنا يخلف عليه.

ومنا سلام على جميع الإخوان والجماعة.

كما منا الوالد والأصحاب والشيخ ([235]) يخصونك بالسلام، والله يحفظك ويتولاك بمنه وكرمه، وصلى الله على محمد وسلم.

يصلك مكتوب من أهل البيت ترونه مسرورين.

***


 الرسالة العشرون: 17رمضان 1365هـ

.............................................................................

أخبار متفرقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

17رمضان سنة 1365هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله تعالى.

السلم عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، صحتنا تسرك ولا زال الخاطر عندكم.

مكتوبكم من الرياض المفيد تقرر ارتسامكم بالخرج ([236]) وصل، ونرجو الله تعالى أن تكون العاقبة الحميدة لكم، وأن يكون من النواصي المباركات، وأن يمن عليكم بالإعانة والتوفيق والتسديد، وهذا من التيسير في هذا المحل قريب التناول والمواصلة، لو لم يكن فيه إلا هذه الحالة، ولا بدك بعد استقرارك تفيدني عن راحتك ومواصلة العمل وربما سهولته، ربنا لا يكلنا وإياكم إلا على وجهه الكريم.

كتاب الأمير مساعد بن عبد الرحمن ([237]) هو والرسائل وصلتنا، وأعجبني

ـ ما شاء الله ـ فصاحته وحسن انشاؤه ([238]) وإلمامه بالمواضيع التي يجهلها كثير من الناس، وقد كتبت جوابه (نتشكر) منه ونطلب منه الرسالة الثالثة نؤمل يرسلها، أيضا هنيناه بالمكتبة اللي شرعها للمنتفعين.

إذا كان مثل هالشخص عنده ـ ما شاء الله ـ هذا الإدراك، ينفرح بذلك، ولكن الذي يظهر لي أن المواضيع اللي هو بحث فيها برسائله، أن كثيرا منها أهل نجد ما عندهم لها رغبة بسبب أن بحوثها غريبة عندهم، وإلا هي الحقيقة والواقع.

هذا ما لزم، منا السلام على العيال عبد الله الحمود وأخيه ([239]) (وجميع)

المحبين، ومنا الوالد والولد محمد وجميع الأصحاب يسلمون، والسلام.

(....) ([240])

***


 الرسالة الواحدة والعشرون: 5 ذي القعدة 1365هـ، أخبار متفرقة

...................................................................................

حول مدرسة المعارف ومناهجها، تصنيف كتاب القواعد الحسان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

5 ذي القعدة سنة 1365هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، صحتنا مع العيال والوالد والطوارف ([241]) والأصحاب تسركم، أسأله أن يتم نعمه على الجميع بلنوفيق لشكرها.

في أبرك وقت وصلني كتابكم في الشهر الماضي، وتلوته شاكرا لك ما شرحته عن أحوالك وأحوال المحل الذي قدر الله لك فيه الإقامة ([242])، وأكثر ما سرني ترتيبكم للطلبة دروس حسب ما شرحت في كتابك، كونك ملاحظا لكثرة المطالعة والمباحثة، وربما كان محلكم أفرغ لكم وأقل شغلا من غيره.

ويعجبني منك الاتصال بالمشائخ ([243]) وحرصك على الاتفاق معهم، وذلك ـ لاشكـ فيه من الفوائد والثمرات ملا يخفى.

ذكرت عن الشيخ عبد العزيز بن باز ([244]) وحسن أخلاقه، واتفاقكم

فيه ([245])، فأرجو الله لكم التوفيق وبلغ المذكور مني السلام الكثير.

لا بد الوالد ذكر لك وصول كتابه إليه اللي بطي كتابي بعدما لاحظته لكيته ([246]) وسلمته له، لا زلت موفقا للخير.

الطلبة والإخوان قريب من الحال اللي أنت تعهد، ربنا تعالى يوفقهم للخير.

لابد الوالد بلغك عن ما تكلم به بعض الجماعة مع الأمير في شأن المدرسة، مدرسة المعارف، وأن الشيوخ ([247]) عرفوا دائرة المعارف بشأن (مدرسة)، وأنه اختير لها بقعة من وسعة الدغيثرية ([248])، ولكن إلى الآن ما جالها فلوس ولا صار لها عمل.


وقد كنا في اجتماعنا في مكة مع الشيخ محمد العبد العزيز المانع ([249]) نشير عليه بتصليح الدروس في المدارس، وهلايام ([250]) حررنا له كتاب نترجى منه أنه يسعى بجعل الدروس الرسمية فيها قليلة ليتمكن التلميذ بما فيها من الدروس المتنوعة لا يؤمل نجاح.

وقلنا له: الأولى أن يقتصر فيها على فن القرآن والكتابة والتوحيد والفقه والعربية، وباقي الفنون إما أن تلغى رأسا أو لا تكون إلزامية ولا مزاحمة لغيرها.

وجانا الجواب منه يعد بالموافقة، ويعترف أن هذا هو عين الصواب.

ولكن الظاهر يصير قول بلا عمل، وقلنا له هذه الحال ـ المشايخ


وأهل البصيرة ـ إذا عملتها في مدارس نجد يرونها من أعمالكم المشكورة، والشيوخ مالهم قصد إلا المصلحة، ومتى فتحتم لهم الباب فهم ممنونون من ذلك، ربنا يوفقهم للخير بمنه وكرمه.

هذا ما لزم مع ما يبدي من لازم، منا السلام على جميع الجماعة الذين عندكم خصوصا سليمان وعبد الله الحمود ([251]).

ومنا الوالد والطلبة والشيخ عبد الرحمن ([252]) يسلمون، والسلام.

في رمضان صنفنا لنا كتابا مفيدا وهو قواعد في تفسير القرآن، بلغ سبعين قاعدة، يقع في نحو سبعين أو ثمانين صحيفة، وقد يسر الله إتمامه في أول شوال ([253]).


خليت ناصر الحمود ([254]) وآخر معه ينقلون لنا منه نسخة تصير ـ إن شاء الله ـ طيبة ومصححة، قصدنا السعي في طبعها، يسر الله ذلك بمنه وكرمه.

***


 الرسالة الثانية والعشرون: 24 ذي الحجة 1365هـ

.......................................................................................

أخبار متفرقة، التكبير لسجود التلاوة في الصلاة، مسألة في النحو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

24 الحجة سنة 1365هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل، حفظه الله بما حفظ عباده الصالحين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، أسأل الله أن يتم عليكم نعمه.

في أبرك وقت وأسره وصلني كتابك المؤرخ 5 الجاري ([255])، وقبله برقية التهنئة بعيد النحر، أعادكم الله لأمثاله أعواما عديدة متمتعين فيها بنعم الله الظاهرة والباطنة.

وقد تسرني صحتك، ومع ذلك فلا يزال في الخاطر شيء من جهة الأثر الذي معك، وإن كان أنك طمنت الخاطر بعض التطمين، فأرجو الله أن يلبسك ملابس العافية، وأفدت أن الأثر الذي شمل كثيرا من أهل البلاد وأنه ـ لله الحمد ـ ما حصل منه وفيات، وأنه ـ لله الحمد بسيط ـ، هذا من نعمة الله أنه يبتلي ويثيب، ويجمع للعبد بين الأجر والعافية.

وسريتني باستمرار القراءة.

ذكرت أن الإمام أمر بضم ثلاث محلات من بلاد الخرج إلى قضاء المحل الذي أنتم فيه، من اليمامة والسلمية والهياثم ([256]) وما يتبعهن، وأمر عليكم بالتزام قضاهن، وقصدكم المراجعة، أعانكم الله على ما حملتم، ول وكلكم إلى أنفسكم طرفة عين.

كتاب حمد المحمد ([257])  أبقيناه عندنا، لأنه حج هذه السنة، ويمكن بعد كام يوم يتوجه، وكتاب عبد العزيز العبد الله بن حمود ([258]) سلمته إياه، ولا بعد اتفقت فيه، فإن شاء الله نستلم منه.

وثيقة حمد ([259]) والفلوس الذي هو يسلمنا إياهن، نبقيها لمجيء حمد، ونشاوره أي الأمور أصلح، لأنه أعرف منا، وهو رجل صادق ناصح،

ربنا يدبر ما فيه الخير والصلاح، وعند ذلك إن شاء الله نفيدك.

أظن أني ذكرت لك أن مراجعتي للشيخ محمد العبد العزيز المانع([260]) ما صار لها أثر من جهة تصليح المدرس وحصر العلوم فيها، إنما يوفينا أوعاد، والفعل والنتيجة متخلفة.

أما حرصكم على نسخ كتابنا قواعد التفسير ([261]) فحيث النساخ يعوزون بطرفنا، فلا تحرص على ذلك لأننا متسببين لطبعها، وبحول الله هالسنة يحصل لها طبع، ونرسل لكم إن شاء الله منه.

تذكر ن الذين بطرفكم، إذا سجدوا للتلاوة في الصلاة، ما يكبرون.

وقد بحثنا معكم ومع الإخوان أن هذا غلط ممن ظنه اختيرا لشيخ الإسلام، فإن شيخ الإسلام في الفتاوى ([262]) وغيرها من كتبه الذي تعرض فيها لهذه المسألة ذكر القولين؛ هل حكم سجود التلاوة حكم الصلاة، فيشترط له الطهارة واستقبال القبلة ويلزم فيها من التكبير والسلام ما يلزم في الصلاة، أم حكمه


حكم الدعاء، فلا يشترط له طهارة ولا استقبال ولا له تكبير ولا سلام؟

واختار هذا القول ([263]) كما اختاره البخاري ([264]).

ومن المعلوم ـ الذي لا ريب فيه ـ أن هذا خارج الصلاة، وأما في نفس الصلاة، فشيخ الإسلام وغيره يوافقون أنها جزء من الصلاة، وأنه يلزم فيها ما يلزم في الصلاة، ومن ذلك التكبير للخفض، وليس في ذلك في الصلة قول أنه لا تكبير فيها ول تسبيح ولا طهارة ولا غيرها، ولا يمكن أحد أن يقول ذلك، وإنما هو وهم من بعض الناس، توهموا أن هذا يعني ترك التكبير حتى في الصلاة.

فليطردوا أقوالهم وليقولوا لا تشترط الطهارة ولا استقبال القبلة، وهذا أمر واضح.

لكن الذي يترك التكبير متوهما هذا القول، فهو متأول تأويلا أخطأ فيه، فلا تبطل صلاته بترك التكبير، لأن تكبيرات الانتقالات تسقط بالسهو والخطأ،


وهذا منه، ويجبرها السجود إن ظهر له الحكم في وقت السجود.

قولك: أذكر أنك ألقيت علينا قاعدة في الفرق بين الفعل الصحيح والفعل المعتل في الماضي، أحدهما بالفتح والآخر في الضم؟

فهذا إذا اتصلت بالفعل المذكور واو الجماعة، وكان آخر الفعل الصحيح مشدد، وما قبل الألف من المعتل أيضا مشددا، فإن الصحيح يبقى على الأصل بضم آخر الفعل الذي تليه واو الجماعة، والمعتل تحذف الألف فيبقى على فتحته، لأنه يقع الإشكال بينهما عند اقتران واو الجماعة.

مثال ذلك: حاد وضاد وصح وزل وحل، فيقال حادوا وضادوا وصحوا وزلوا وحلوا، كلها بضم آخر الفعل، وما أشبهها.

ومثال المعتل: صلى وحلى وجرى فيقال صلوا وحلوا وجروا ونحوها، وأظنها مذكورة في (صدف) الألفية ([265]) لكني لا أستحضر الأبيات المحتوية عليها ([266]).

هذا ما لزم تعريفك على وجه الاختصار، ولا بد بعد هذا إن شاء الله نكتب لك وإذا يبدي لزم أفدنا، وبلغ سلامي جميع الإخوان ومن تجتمع به من المشايخ.

كما منا الإخوان الحاضرين ومن منهم مع الحجاج، وإلى الآن ما

وصلوا مثل حمد المحمد السليمان ([267]) ومحمد وحمد العبد العزيز ([268])، وعبد الله العبد الرحمن الصالح ([269]) وسليمان العبد الله بن سلمان ([270])، ربنا يحفظ الحاضر والغايب، والسلام.

***


 الرسالة الثالثة والعشرون: 18صفر 1366هـ

أخبار متفرقة، عبد الله القصيمي: ردته وكتابه الأغلال

بسم الله الرحمن الرحيم

من عنيزة في 18 صفر سنة 1366هـ

من المحب عبد الرحمن النصر السعدي، إلى الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، صحتنا مع الوالد والعيال والإخوان تسركم، أرجو الله يتم على الجميع نعمه.

وصلني كتابك من الرياض وما شرحته من عزمكم على التوجه لمكة، فجيزان لظف ([271]) أشغالكم هناك، وقد وصلت برقيتكم للوالد بالتوجه، يسر الله أمركم في حلكم وترحالكم وجميع حركاتكم.

أما ما شرحته عن كتاب عبد الله القصيمي ([272]) الذي سماه الأغلال، ومقت

المشايخ للكتاب المذكور، وذكركم أنكم سترسلون لنا بوصولكم مكة نسخة نطلع عليها، فنحن قد اطلعنا عليه، وهو فوق كل ما قيل فيه من الانحراف عن الدين، فمن أمعن فيه النظر جزم جزما لا يمتري فيه أنه دعاية صريحة لنبذ الدين، مع كثرة تهافت صاحبه وتناقضه واعتذاراته أنه بريء من الإلحاد، وأنه مؤمن بالله وبما أخبر الله به، وعدم استقراره.

فصاحب البصيرة والذي يرى تناقض صحبه وعدم ثبوته وتلون آرائه، لا يمتري ببطلان كلامه.

وهاك على سبيل الإجمال واختصار الزائد جمل ما يحتوي عليه جمل رددها وكررها بكتابه بعبارات وأساليب متنوعة.

كتابه هذا عن الدين ينقض جميع كتبه السابقة عنه، فهو قد كذبه، أو هي كذبته، يحتوي على الحث الكثير على نبذ الأيمان بالله، ويقول إنه من أكبر الأغلال المانعة من الرقي، وأنه لا يمكن المسلمين أن يرتقوا في هذه الحياة ما


داموا مؤمنين بالله، وهو مع ذلك يموه، ويزعم أن الناس لا يمكن أن يفهموا دينهم بالكلية، بل ذلك متعذر، يعني فيتعين عليهم أن يرفضوه.

فهو يحث على نبذ الدين والإيمان، ويرغب غاية الترغيب في طريق الملحدين المعطلين لرب العالمين، ولأفعاله وربوبيته، ويتوسل إلى هذه الدعاية بذكر خرافات المتصوفة وأهل الخرافات، كابن عربي والشعراني ومن سلك سبيلهم من أهل الانحراف، ويطبق أحوالهم وما يقولونه على المسلمين، ليتمكن بذلك من القدح في المسلمين.

ومن الطامات أنه يزعم أن الناس، مسلمهم وكافرهم، وقت نزول القرآن في طور الطفولية، بل في طور دون ذلك يقرب من طور الحيوانات.

وأن الناس في هذا الوقت ـ ليس كل الناس بل المراد أهل الاختراعات ـ قد بلغوا رشدهم وكملت عقولهم، وكرر على هذا الأصل الخبيث الحمل على السابقين الأولين، وعلى قرون الأمة، وزعم أنه لا خير فيهم.

وأن الجامعة الإسلامية ([273]) كلها من أولها إلى آخرها لم يخرج منها عبقري ولا مرشد نافع للأمة.

وأوجب رفض القديم، واعتناق الجديد، وفرع على ذلك وجوب نبذ

العلوم والأخلاق والآداب السابقة، وفي مقدمته العلوم الدينية والأخلاق الدينية.

وأنه يجب أن يعلم الناس الكفر بجميع ما خلفته الجامعة الإسلامية من كتب وعلوم وأخلاق وأعمال، وأنه يجب مقتهم مع الإقبال على ما قاله الملحدون، كرر ذلك في مواضع.

وأن السابقين من الأنبياء وغيرهم لم ينفعوا الإنسانية، ولم يرشدوها إلى الأمور النافعة، فقدح صريحا بجميع الأنبياء والأئمة والهداة.

ورغب في المعاهد الأجنبية.

وحمل حملات منكرة على المسلمين من أولهم إلى آخرهم.

وزعم أن المسلمين من أولهم إلى آخرهم يحثون على الفقر، وحصول الأمراض وأنوع المصائب، ويسعون لطلبها.

وفي هذه الفقرة كذب كل نص فيه فضل الفقر والفقراء والأمراض وردها وحرفها.

ومن تمويهاته وتزويراته أنه يذكر الأحاديث الصحيحة، ثم يضم إليها أحاديث باطلة وآثرا ساقطة فيرد الجميع.

ويتهكم بالرواة لتلك الأحاديث، لا يرفعها عن صحابي ولا تابعي ولا إمام من أئمة الهدى.

وكذلك رد الأحاديث الدالة على أن هذه الأمة أولها أفضل من آخرها، وتهكم برواة حديث أنس الذي في البخاري

(لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه) ([274]).

وزعم أن هذه الآية (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)) ([275]) أنها منطبقة على عصر التنزيل، وأن الصحابة والقرون المفضلة لا يعلمون إلا علما ظاهرا بسيطا، وأما العلوم النافعة فإنها لمن يعظمهم من الزنادقة الملاحدة.

وكذلك قوله تعالى: (وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) ([276]) ينظرون إلى ظاهر النبي (صلى الله عليه وسلم) ولا يبصرون باطن دينه، ولا حقيقته، ويريد تنزيلها على المسلمين وقت التنزيل، وأنهم لم يعرفوا الدين، لا هم ولا من بعدهم، وفهمهم إياه فهم ظاهري غير حقيقي، ويحتوي على صرف القلوب عن عبادة الله وحده لا شريك له، ويذم الافتقار إلى الله.

ونقل عبارات بعض العلماءـ منهم ابن القيم، ولكنه لم يسمه ـ في الفقر إلى الله، وجعل يردها ويتهكم بها، ويسخر منهم ومنها.

ويحث على عبادة الطبيعة وصرف الظاهر والباطن إليها.

ويحتوي كتابه على التهكمات الشنيعة في وعد الله ووعيده وعقوباته ومثوباته الدنيوية والأخروية في مواضع كثيرة من كتابه، ول يرضى بتفسير التوكل والقدر بتفسير الجبرية، ولا بتفسير القدرية، ولكنه نصر تفسير الفلسفة الزنادقة، وأن معنى ذلك أن تؤمن فقط بنظام هذا العالم وانتظامه، وأن الأسباب مستقلة لا يقدر الله على تغييرها ولا تحويلها ولا التصرف فيها بوجه من الوجوه، وإنما ذلك عمل الطبيعة فقط.

ويقول عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه وقت خلواته بالله ووقت انتقاله من الدنيا أنه متوجه إلى الطبيعة وشاخص إليها، وليس لله ذكر ولا خبر، فخلوته ليست بالله، وقوله عند احتضاره في الرفيق الأعلى، ليس طلبه القرب من الله، وإنما يقصد التعلق بعالم السموات وبالطبيعة فقط، في كلام طويل مردد.

وصرح أن الإنسان في أول أمره مثل البهائم، مكث مدة طويلة لا ينطق ول يتكلم إلا أصوات مثل أصوات الأطفال وقت ولادتهم، ثم انتقل إلى طور الإشارات فقط، ثم انتقل بعد مدة طويلة إلى طور الكلام، فكذب بهذه الجمل التي رددها جميع ما أخبر الله به عن آدم وحواء وأول الآدميين.

ومن بحوثه الفظيعة أنه يمكن الإنسان أن يزاحم رب العالمين في علمه وقدرته، فيمكنه أن يعلم كل شيء ويقدر على كل شيء وأنه علم مبدأ العالم ومنتهاه، وأنه سيرتقي علمه إلى العالم العلوي بعدما يفرغ من العالم السفلي، وأنه قد يتمكن من إيجاد المخلوقات الحية وينفخ فيها الروح.

وأن التفريق بين الله وخلقه جهل وضلال وغلط، فقدح بجميع الكتب وجميع الرسل وأتباعهم، إذ أصل الدين والتوحيد والإيمان هو التفريق بين


الله وبين خلقه، لكن هذا كلام من لا يثبت الله أصلا.

وكرر أن الإيمان قيد وغل مانع من الرقي ومضعف للقلوب والهمم والعزائم، فحث على الرفض حثا كثيرا شنيعا، ورد كثيرا  من الأحاديث الصحيحة النبوية.

وأما ما فيه من إنكار الغيرة، والحث على السفور، والتهكم بأهل الصيانات لنسائهم، فحدث ولا حرج.

ومن عجيب أمره أن كتابه ملآن من السخريات والتهكمات بالدين وحملة الدين.

ومن نظر في كتابه وكتبه السابقة، وكيف كان هذا الانقلاب الفجائي في أصول الدين وأسسه،فلا بد أن يفهم الأسباب التي حملته على تصنيف هذا الكتاب.

وبالحقيقة كتابه هذا أشنع وأطم من كتب دعاة النصارى والمبشرين، لأنه دعاية لنبذ الدين في قالب أنه من أنصاره وهو يحاربه ويوهم الناس أنه يحارب له.

فنؤمل أن حكومتنا يوفقها الله تعالى للمنع الصارم لتسرب نسخ هذا الكتاب للمملكة، وإن كان ـ ولله الحمد والمنة ـ في المشايخ والمتبصرين بركة بإيقاف الأغرار على ما في كتابه من الأمور الضارة في الدين، ولكن على كل حال إبعاد مثل هذا الكتاب عن المملكة أهون شرا، لأنه يوجد شبيبة لا (رأي لهم) ويرغبون في الكتب العصرية، وقراءة الصحف، فخطره عظيم على أمثال هؤلاء.

ونرجو الله تعالى أن يقمع الملحدين وأن ينصر دينه وكتابه وعباده المؤمنين، إنه جواد كريم.

هذا ما لزم تعريفك، منا السلام على جميع من تتصل به من المشايخ والإخوان والأصحاب.

كما منا الوالد والولد محمد والإخوان والشيخ ([277]) وجميع المحبين والسلام.

****


 الرسالة الرابعة والعشرون: 22 شعبان 1366هـ

......................................................................................

أخبار متفرقة، حول كتاب الشيخ في الرد على القصيمي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل، حفظه الله آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، صحتنا تسرك.

في أبرك الساعات وصلني كتابك، وكان الخاطر مشتغلا لما بلغني أنهم سينقلونك إلى محل بعيد، ولكن كتابك فهمت منه البشرى أن الأمور إن شاء الله ستكون على المطلوب، والشيخ محمد بن إبراهيم ([278]) موعدكم أن يسعى لكل ما فيه راحة لك، جزاه الله أفضل الجزاء، وهو ـ بحول الله ـ موفق، وإن شاء الله تمام البشارة التفصيلية بخطك اللاحق.

ذكرت اللي ([279]) عند حمد ([280]) فهو يقول: إني جعلتها في خشب مشترى، وأن الخشب هالسنة لعدم طلبية الرياض كاسد، قلنا أنت قومه بالقيمة الحاضرة لأجل الزكاة.

ولا بدك ـ إن شاء الله ـ تفيدنا عن تسنيع الزكاة، هل أننا نوزعها على ما نرى أو ربما أحد من طوارفكم، أو معارفكم المحتاجين تحب تدفعها لهم، أنا انتظر فيها جوابك المفيد عن ذلك، فإن ضاق الوقت وزعتها على الأصل السابق.

أحسنت الإفادة عن كتاب الرد على القصيمي ([281])، وحنا أرسلنا بعدك للشيخ محمد ([282]) نسخة، ولبعض الأمراء على نسخة منه، ولا بقي من الذي عندنا إلا نسخة جعلناها في المكتبة، لأني أرسلت لبريدة نسخة للشيخ بن حميد ([283])، ونسخة لمكتبة بريدة.

والشيخ محمد نصيف ([284]) جانا منه مراجعة، يقول إن الكتاب على وشك النفاد، أو قد نفد لأنه فرق في الخارج.

وذكر عن الشيخ عبد العزيز بن باز أنه مطالع الأغلال، ويقول ما أتذكر وجود بعض المباحث (الذي) ذكرنا في الأغلال، وربما كان ذلك خفيا، أو باللازم.


وحقيقة أننا ما تقصينا جميع ما في الأغلال من الانحرافات، تركنا أمورا ثانوية، إنما ذكرنا الشيء الضروري والأصول العظيمة، وربما أن الشيخ يشير إلى ما ذكرنا عن القصيمي من جهة رأيه في مبدأ الإنسان، وأنه مقرر مذهب دارون الانقليزي ([285]) أن الإنسان الأول أوله قرد (أو ([286]))، صاحب الأغلال لم يذكر ويصرح بهذا المذهب وينسبه لدارون، ولكن تقريره في الأغلال هو حقيقة ذلك المذهب بلا ريب ولا شك.

مع أن ذكر دارون في كتابنا من زيادة المصححين، الشيخ محمد عبد


الرازق ([287]) وأبي السمح ([288]).

أنا ما أشك أن كلام القصيمي يذهب ذلك المذهب.


وذكرت ما يحتوي عليه ذلك القول من تكذيب الكتب والرسل في أن الإنسان مبدأه آدم وحواء، وما أحب التصريح بالنقل عن هؤلاء الملاحدة؛ دارون، والنقل الآخر الذي زادوه عن الفرنساوي الذي يقول ما رأى التاريخ أعدل وأرحم فاتحا من العرب، أو نحو ذلك ([289])، فذكر هذين الشخصين في كتابنا من اجتهاد المصححين ([290])، ولولا أن المعنى صحيح لنبهت على النسخ التي وصلت إلى، ولراجعت محمد عبد الرازق، ولكن المعنى هو الحق، ومن طالع كتاب القصيمي عرف ذلك صريحا.

أرسلت لعبد العزيز الصالح ([291]) في الرياض جملة من

  قواعد التفسير ([292])، منها ما كتب عليه اسم صاحبه، ومنها ما وصيت عبد العزيز يتحرى فيه من هو أهلا له.

وكذلك أرسلنا لعدة بلدان منه().

فكرنا عن بيع شيء منه، ووصيت عبد الله ([293]) يوزع الذي عنده في الحجاز على وجه الهدية منا، لا على وجه الوقف، وكذلك جميع الذين فرقنا على هذا الوجه، فنرجو الله أن يجعل العمل خالصا لوجهه موافقا لمرضاته.

ذكرت أن الشيخ عبد العزيز بن باز اشتغل في رد كتاب القصيمي ينقل فيه كلامه، وأنه منعه من تكميله كثرة أشتغاله، لاسيما أنه مشتغل بتصحيح الإنصاف، والمبدع، والمطلع ([294])

الذي سيطبع ولي العهد ([295]).

أفدنا عن المدرسة الأهلية في الرياض ([296])، عن الطريقة التي يقصد

المشي عليها، هنا حنا مستبشرين يوم صار ترتيبها بسنع الشيخ محمد بن إبراهيم، وأنها مدرسة علمية دينية محضة، والتفاؤل أنك ستجعل فيها، لا تحسب ذلك عن علم مني وقرائن، ولكني أرجو ذلك.

وربما كان انفصالكم عن الخرج من الأسباب، فإن عرض عليك ذلك فأرى لك الموافقة ثم الموافقة، لما في ذلك من المصالح الدينية والراحة والسلامة، وكل هذا رجاء وفأل، نرجو أن يحقق إن شاء الله.

هذا ما لزم مع كا يبدي من لازم، منا سلام على المشايخ جميعا والأصحاب.

ومنا الوالد والإخوان كلهم بخير، وأن يحفظكم، والسلام.

****


 الرسالة الخامسة والعشرون: 12 ذي القعدة 1366هـ: بعض الإعتراضات على كتاب الإرشاد وجوابها، مسألة في الوقف، مسألة المباناة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

12 ذي القعدة سنة 1366هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد الشفيق المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل، حفظه الله آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم أرجو الله أن يتم عليكم إحسانه ويوالي عليكم فضله، في أبرك وقت وأسره وصلني كتابك المؤرخ6الجاري، تلوته مسرورا بصحتك، وأحسنت الإفادة بوصول الخط، والإفادة بشرح حالكم في وظيفتكم، نرجو اله أن يسددك في حركاتك وسكناتك، وسررنا أن العمل ما فيه كبير مشقة ولو كان العمل كثيرا، هذا من لطف الله.

ذكرتم استحسان المشايخ للسؤال والجواب ([297])، نحمد الله على ذلك.

ومن الملاحظات الحسنة النافعة للطرفين ذكركم كلاما يحصل من انتقاد ذكرتو مسألة السويح ([298]) حول (تقيد لا بد منه) وقد مضى من البحث حول هذا الموضوع ما فيه كفاية، وأن التفصيل الذي ذكرنا هو عين مذهب المحققين من السلف، وهو نفس(ما كان) الشيخ تقي الدين يقرره ويفصله ([299])، وأن التفصيل الذي فيه هو عين ما ذكره ابن القيم في النونية ([300]).

أما المسألة الثانية، عند قولنا إن الماء المتغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة نجس بالكتاب والسنة والإجماع ([301])، ومحل الانتقاد أن ما فيه نص من الكتاب؟

فحقيقية الانتقاد في محله، لأن دلالة الكتاب على هذه المسألة لا يفطن له كل أحد، وقد ذكر شيخ الإسلام في الفتاوى ([302]) نص الإمام أحمد في الاستدلال على هذه المسألة بالقرآن لما سئل عن الماء المتغير بالنجاسة، وأن الأحاديث الواردة فيه ضعيفة ([303]) فبأي شيء تستدل عليها؟

فأجاب رحمه الله بقوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم) الآية ([304])، وبيان ذلك أن الله حرم الميتة والدم، فإذا خالط ذلك الماء وظهرت فيه أحد أوصافه: طعمه أو لونه أو ريحه، فقد ظهرت في الماء أوصاف الميتة والدم التي نص الله على تحريمها وخبثها فيكون محرما تناوله في العبادات والطهارة وفي العادات شربا واستعمالا.

وهذا التقرير من حين اطلعت عليه من زمان طويل، أعجبني هذا الاستدلال فبقي في ذهني، فجزاهم الله أفضل الجزاء، والحمد لله على نعمه.

أما سؤالكم عن حمولة ([305]) لهم عقارات وبعضها أسبال ([306])


وأوقاف، وتولى عليها رجل منهم وأقر أن فيها وصايا لأسلافه بخمس حجات متفرقات، إحداها لفلان والآخر لفلان...الخ، ومات المقر ونسيت أسماء الموصين وأوصافهم، ولا صفات وصياهم، وأراد ابن المقر أن ينفذ وصاياهم؟

فجواب ذلك يعلم من قول الأصحاب في الوقف إذا جهل شرط الواقف عمل بالعادة الجارية، ثم بالعرف المستقر ، وكذلك الاستئناس بعمل سابق.

فهذا الوقف المذكور معلوم من جهة، مجهول من جهة أخرى، معلوم ما فيه من الحجج الخمس مثلا، وإن كان فيه تنفيذات أخر لم تبين في السؤال، مجهولة أسماء أهلها وصفاتهم، وهل هم متساوون فيها أو متفاوتون، وهذه الحالة أقرب من الجهالة من كل وجه، فالطريق إلى تنفيذها أن تنفذ الحجج مثلا، وينوي النائب لمن هي له ولو لم يعرف اسمه ولا صفته، والأصل فيها أن يكونوا فيها متساوين، فإن لم تكف لجميعهم فيحج فيها، وتنوى عن الجميع، أو يقرع بين الأعداد المجهولة أسماءهم، وينوى العدد الذي وقعت عليه القرعة، والله تعالى يعلم لمن هي.

وإقرار من كانت بيده سابقا وحيث لا معارض له مقبول.

ولهم نظير هذه المسألة: حيث قالوا: إذا جهل النائب اسم الذي أنابه في


الحج والعمرة نواها لمن أنابه، وهذا هو عين المسألة.

وهذه المسائل وما أشبهها مأخذها واحد وهو: فعل المقدور عليه بحسب الإمكان، وسقوط المعجوز عنه قدرة أو المعجوز عنه (شرعا)، والله أعلم.

وأما المسألة الثانية: وهي مسألة المباناة؟

فلا زال البحث فيها من قديم، والأصحاب ما رأينا لهم كلاما صريحا فيها، ولكن العمل كان جاريا عليها وقت الشيخ صالح ([307]) يغفر الله له، وبذلك كان يفتي: إذا عمر صاحب بياض الأرض التي ليس فيها بنيان، ومن بعض جهات بنيان لآخر، أن الآخر يأخذ عليه مباناة بحسب ذلك، والعرف جار بذلك عند الناس، والصفحات الذي أشرت إليها من المغنى كما ذكرت فيها نوع إشارة لذلك، وليس فيها تصريح.

ومتى ثبتت المباناة فإنها على المشتري للأرض التي ليس فيها بنيان وهي مجاورة لهذا البنيان، لأنه اشترى الأرض بجميع حقوقها، ومن حقوقها هذا البنيان إذا احتاج إليه.

فإن كان المشتري دخل ظانا أنه لا مباناة عليه، وأنه إذا أراد البنيان لا يأخذ عليه صاحب البنيان شيئا، إما شرطا وأما اغترارا منه، والبايع عليه معترف بذلك، وقامت بذلك البينة على شرطه واغتراره، فما ثبت من المباناة يغرمه البايع له على هذا الوجه، والله أعلم ([308]).

هذا ما لزم، وإذا يبدي لازم شرفني، وبلغ سلامي الشيخ محمد ([309]) والشيخ إبراهيم بن سليمان ([310]) وجميع المشايخ والإخوان، كما منا الولد محمد والوالد وجميع الأصحاب يخصونك بالسلام، والله يحفظك، والسلام.

****


 الرسالة السادسة والعشرون: 3محرم 1367ه أخبار متفرقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

3 سنة 1367محرم

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى الولد الشفيق عبد الله العبد العزيز العقيل، حفظه الله آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، أرجو الله لكم العافية والتوفيق والإعانة.

صحتنا مع العائلة والوالد والإخوان تسرك، ولا زال الخاطر عندكم.

تأخر كتابنا لكم حتى وردنا كتابكم المؤرخ آخر الحجة المفيد صحتكم وتهنئكم بالعام الجديد، جدد الله علينا وعليكم النعم ودفع عنا وعنكم النقم.

مطلوبك نصيحة نقتبسها من الحكم أوقات المناسبات.

فأكبر النصائح التي كررها الباري علينا، الجد والاجتهاد في تحقيق الإخلاص في أمورنا الكلية والجزئية، أما الكلية فأن يطلع الله على قلب العبد وليس في حشوة سوى قصد مرضاة الله وطلب ثوابه، وأن تكون على الدوام مريدا لطاعته وطاعة رسوله ونفع عباده.

ثم بعد هذا، تحقق هذا الأصل العظيم في جزئيات أعمالك، وفي كل قول من أقوالك، وفعل من أفعالك.

وأن تجتهد في دفع كل ما يعارض هذا الأصل الذي هو أنفع الأصول وأصلحها للقلب وأعظمها فوائد ونتائج.

ومع اجتهادك فيه تلجأ إلى الله تعالى في إعانتك عليه وتيسيره، فنسأله تعالى أن لا يكلنا وإياكم إلى أنفسنا طرفة عين إنه جواد كريم.

وصلنا مكتوب من بن مرشد وبن رويشد ([311]) بوصول الكتابين واشتغالهم بنسخهم، وأن الإشكال الذي وقع في باب الردة ([312])، يقول ما بقي إشكال عندنا ولا عند المشايخ فلله الحمد.

إبراهيم المحمد العمود وصل طرفنا ويذكر عن الشيخ عبد الله المحمد القرعاوي أن ولي العهد ([313]) في مكة، مكرمه ومنزله بيت مكمل ومجري عليه أرزاق وافية وأن الشيخ عبد الله بن حسن ([314])


مشير عليه يسلم على الشيوخ ([315]).

يمكن أنه ياصلكم بالرياض إلا إن كان الشيوخ يبون ([316]) مكة، لأنه شاع عندنا أنهم يبون مكة.

الإخوان انشغالهم هليومين ضعيف، لأن قسم منهم حجاج؛ عبد العزيز المحمد ([317])، ومحمد السليمان ([318])، ومحمد الصالح العثيمين ([319])، وعبد الله العبد الرحمن ([320]) وإلى الآن ما وصلوا، موقفين أكثر القرايات والمسائل الذي طيه إن شاء الله نكتب جوابها طيه.

هذا ما لزم، منا (السلام على جميع المشايخ).

أسمع أن الشيخ محمد بن إبراهيم إلى الآن في مكة.

ومنا الولد محمد نيته يسافر لكم اليوم، والإخوان جميعا من غير عد ([321]).

محمد العبد العزيز المطوع جاه طلب من عبد الله بن مساعد ([322]) أمير بريدة يقول الشيوخ يبونك لخيبر ([323]) قاضي، وطلب مراجعة الشيوخ، وراجع هو والأمير عبد الله الخالد ([324]) ببرقية يطلب العذر وإلى الآن ما جاه جواب، مع أن المدة لها تقريب ستة أو سبعة أيام.

حالا بلغني أنه جاء سماح عن محمد ([325]).

****


 الرسالة السابعة والعشرون: صفر1367هـ

...........................................................................

أخبار متفرقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

من عنيزة إلى الرياض سنة 1367غرة صفر

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد الفاضل الشفيق عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، صحتنا مع العيال والأصحاب تسرك، أسأله أن يتم نعمه على الجميع.

في أبرك ساعة وأسرها وصلني كتابك الكريم المحرر 22محرم، سررت فيه لصحتكم، ولشرح ما شرحته مما تطمع أننا نحب الوقوف عليه مما يتعلق بالمسائل العلمية، خصوصا ذكركم عما  يتعلق بالحاشية ([326]) وشرح توحيد النونية ([327]) أنه بعد ما سلمكم إياهما

ابن رويشد وابن مرشد ([328]) استعادوهما لوقوف الشيخ محمد ([329]) وابنائه عليهما، هذا مما أحبه.

وذكر الأمير بن فيصل ([330]) من جهة شرح النونية، فإني قد ذكرت له أن قصدي عند سنوح الفرصة اختصاره ([331]) لأن فيه نقولا كثيرة مطولة يستغنى ببعضها.

وأحسنت الإفادة عن مسألة أن الشيخ حامد ([332]) أبى طبع القصائد التي رد


فيها على الصعيدي ([333])، لذلك العذر الذي ذكره، وحقيقة: الصواب معه، فإن كتابه لولا أنه ـ ولله الحمد ـ صرح فيه تصريحا لا يقبل الشك في الانحراف عن جميع أصول الأديان، وصار يدعو إلى الإلحاد دعاء صريحا، لولا ذلك لاستحق أن يرد عليه بكتاب مطول تنقل فيه عبارات ويحاسب على ما فيها من الانحراف، مع أن فيه سوى ما نقلنا وروينا ما يزيد على ثلاثين موضعا.

وبعض المواضع التي ذكرناها تكفي المسلم الذي يقال له مسلم في بيان انحرافه، وأما من له ميل إلى الإلحاد والانسلاخ من الدين فهو يوافق مشربه، ونسأل الله الثبات على دينه، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته بمنه وكرمه.

إبراهيم المحمد العمود وصله [ ([334]) ] برقية بالتوجه لعمله ([335])، ولا حصل إلى الآن له فكاك منه، ويمكن بعد يومين يسافر لمكة هو


وابن أخيه محمد السليمان ([336]) لأنه وصل مع حافظ ([337]) لمكة وجا يزور أقاربه وسيرجع مع عمه.

هذا ما لزم، منا سلام على جميع المشايخ والأصحاب.

ومنا الشيخ ([338]) والإخوان جميعا، والله يحفظكم، والسلام.

محمد العبد العزيز ([339]) ما ذكرنا (له) من طرفكم شيء، نخشى يظن.

وهو منذ جاء الخبر من جهة خيبر، مالك طاريء ([340])، إنما هو متهم غيرك بالتذكير به، لهذا رأيت من المصلحة ترك ذلك.

تجد إن شاء الله جواب الأسئلة برفقته ([341]).

أحيانا نلقي على الإخوان أسئلة ونطلب جوابها منهم كتابة، تجد نموذجها طيه ([342]).

*****


 تابع الرسالة السابقة: أسئلة متفرقة وأجوبتها

......................................................................................

أسئلة في المعاملات المالية، الأضحية، النشوز، الوقف، وغيرها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

أجوبة الأسئلة الآتية ([343]):

السؤال الأول: ما حكم المقبوض بعقد فاسد على المذهب وغيره؟

الجواب، وبالله التوفيق:

حكم المقبوض بعقد فاسد على المذهب أن القبض غير صحيح، وأن المقبوض بذلك حكمه حكم المغصوب، فلا يملكه القابض ولا ينفذ تصرفه فيه، وعليه رده ورد نمائه المتصل والمنفصل، وعليه أيضا أجرته مدة مقامه تحت يده، وعليه نقصه إن نقص تحت يده، وإن تلف فعليه ضمانه بقيمته.

وخرج أبو الخطاب رواية في المقبوض بعقد فاسد أن التصرفات نافذة كالطلاق في النكاح الفاسد ينفذ؛ هذا كله على المذهب وتفريعه.

وعند الشيخ تقي الدين، يملكه بذلك القبض ويترتب عليه من التفريعات السابقة ما يترتب على المملوك، فتكون زيادته له، ونقصه وضمانه عليه، وتصرفاته نافذة.

أما مأخذ المذهب، فلأن العقد الفاسد لا يفيد الملك، فلا يدخل به المبيع في ملك المشتري، بل لا يزال باقيا على ملك البائع فتكون تصرفاته في ملك الغير، وتكون يده يدا عادية، أي معتدية، واليد المعتدية تضمن النقص والتلف، ومدة بقاء العين في يد صاحب اليد عليه الأجرة، هذا وجه المذهب، لحظوا هذا المأخذ وقطعوا النظر عما يترتب على ذلك من التصرفات الكثيرة التي يشق ويتعسر أو يتعذر ردها، ولم يلحظوا أيضا فيها أن المقبض راض آذن للقابض، والإذن لغيره في إبقاء الغير تحت يده يسقط الضمان عن صاحب اليد لأنه مأذون فيه.

وترد عليهم مسألة: من اتجر في مال غيره بغير إذنه؛ فقد نص أحمد على أن المال وما كسب لصاحبه لا للمتجر، وهذا تصرف في ملك الغير بغير إذن، ولهذا حاروا في تنزيله على هذا الأصل، وأحسن ما قيل في تعليله أنه لأجل المشقة، أو عدم الإمكان لم نلغ هذه التصرفات بل اعتبرناها.

المقصود أن مأخذ المذهب في هذه المسألة فيه نظر وعدم طرد للقواعد.

وأما مأخذ شيخ الإسلام في هذه المسألة فإنه وإن كان العقد فاسدا؛ فقد رضي كل واحد من المتعاقدين بما صار إليه، فالبايع مثلا بيعا فاسدا قد أقبض المشتري المبيع، وقد تعوض عنه، ورضى بانتقاله إليه وتمليكه إياه، فالعقد فاسد وهما آثمان على ذلك، ولكن الرضى حاصل، فقد ملكه ذلك المبيع وأذن له بمقتضى هذا أن يتصرف فيه لنفسه، وله جميع ما ترتب عليه من نماء وكسب وغيره.

وسر هذا التعليل وحاصله أن الملك قد حصل للمشتري برضى البائع وقد قطع علقه عنه، ونقله نقلا تاما للمشتري، والطريق الذي حصل به التمليك حرام، فنعمل الأمرين: نحرمه ونؤثمهما على نفس العقد الذي حرمه الشارع، وننفذ التصرفات بعد ذلك، ونقر ملكه للمشتري. وهذا القول أرجح.

ويوضحه أيضا أن ترجيحه وترجيح التصرفات بعد المدة الطويلة في غاية المشقة والصعوبة، وربما تعذر ذلك بالكلية،  فكيف نسلسل إبطال التصرفات الكثيرة، وفي ذلك من الحرج ما تنفيه الشريعة.

وأيضا الحكم يدور مع علته. نعمل الرضى فنجزيه مجرى الصحيح، ونمنعها من سلوك الطريق المحرم، ولهذا إذا أمكن المتعاقدين ترجيح المقبوض بعقد فاسد والرجوع إلى الصحة وجب ذلك.

الثاني: إذا أراد التضحية ببعض البدنة، وبيع باقيها لحما، ونواه عند الذبح، فهل يجوز قياسا على ما لو اشترك فيها اثنان فأكثر وأراد بعضهم اللحم والعض القربة؟.

الجواب: لا يجوز ذلك، وقد نصوا عليها، وعللوها بأنه إذا ذبح البدنة والبقرة سرى الوجوب إلى كلها ولو نوى بعضها.

والفرق بينهما وبين الاثنين ينوي أحدهما القربة، والآخر اللحم، أنها جميعها في ملك الإنسان فمتى نوى بعضها لم تتبعض، وصارت كلها في واجبه، بخلاف ملك الغير، فلا يسري إليه شيء من التصرفات، سوى مسألة واحدة وهي العتق.

فالمشابه لهذه المسألة، العبادة الفريضة، كالصلاة مثلا التي فيها شيء واجب وشيء مستحب، إذا صلاها على وجه أتى به بالواجب والمستحب، صار الجميع واجبا، مع أنه لو اقتصر على الفرض منه كفاه، فانسحب الوجوب على جميع ما أتى به من واجب ومستحب.

الثالث: رجل اشترى سلعة وادعى أن بها عيبا قديما، وأنكره البايع وأراد ردها، وفي أثناء ذلك زادت قيمتها الضعف، فأراد المشتري قبولها بعيبها، وأراد البايع الفسخ بالعيب، أيهم أحق بها؟

ومثل ذلك لو تلفت في هذه الحال؟

الجواب: معلوم أن القول في العيب، قدمه وحدوثه، قول البايع حتى يأتي المشتري ببينة أو إقرار من البايع أنه متقدم على البيع ، فإن حصل الاعتراف بالعيب وأنه سابق للشراء، ثم إن المشتري بعدما زادت السلعة عنده رغب في تبقيتها، وأراد البايع إرجاعها، فلا شك أن هذه الزيادة حدثت على ملك المشتري، وهي له، وهو مخيرـ على المذهب ـ إن شاء ردها وأخذ القيمة ـ وهي الثمن الذي وقع عليه العقد ـ وإن شاء قبلها بأرش نقصها وقت العقد ([344]).

ومعلوم أنه سيختار هذه الحال، لكون السلعة زادت قيمتها هذه الزيادة، فالخيرة للمشتري، وهذا قد صرحوا به تصريحا ظاهرا، لأن الرد إلى الآن ما وقع من المشتري.

ويغلب على ظني أنك أردت في سؤالك مسألة غير ما صرحت به في السؤال، وهي:

إذا باعه شيئا مثلا بمائة درهم، ثم بان بعد ذلك عيب في المبيع، وقد نقصت قيمته، بحيث صار ما يسوى إلا خمسين مثلا، واختار المشتري


 رده ليقبض الثمن الذي هو المائة، واختار البائع أن يقبله المشتري بأرشه، وهو مثلا عشرون، ويقول البايع إنك لم ترده لأجل العيب، إنما رددته لنقص القيمة.

فهذه المسألة، عموم كلام الأصحاب يقتضي أن الخيرة للمشتري، لأنهم خيروه بين الرد وبين الأرش ([345]).

وقد أفتى بعض مشايخنا ـ الشيخ صالح ([346]) رحمه الله ـ في مسألة وقعت نظير هذه الصورة، بأنه يتعين الأرش، وهو الذي نختاره، ويمكننا تنزيله على كلام الأصحاب، فإننا إذا اعتبرنا قولهم "ويتعين الأرش إذا تعذر الرد" ([347]) فإن هذه المسألة يتعذر فيها رد المبيع بحاله، لأنه وقت العقد يسوى مائة، والآن خمسين.

وأيضا، فإن الأصحاب لم يمكنوه في الرد إلا لأجل العيب، وهذا رد لأجل نقص القيمة الفاحشة (وإن) كان العيب أيضا مما يلحظ له.

وأيضا فكما أنه إذا زاد زيادة ونمى نماء ثم رده، فذلك للمشتري التي حدثت الزيادة على ملكه، فكذلك النقص حدث على ملكه.

وأيضا فإن تمكين المشتري من الرد في هذه الحال، يفتح للناس بابا من أبواب الرد الذي لم يرد به نص عن الشارع، ولا يمكن تنزيله على قاعدة شرعية، فهذا القول كما ترى حجته.

والظاهر أنك تريد هذه الصورة بسؤالك، لكن مع العجلة ما أعدت النظر في السؤال.

الرابع: إذا أصرت الزوجة على النشوز، وبذلت الخلع ولم يقبله الزوج، وألح بطلب إرجاعها إليه، وتعذر بعث الحكمين، فما الحكم؟

هل يجبر على الخلع أو تساق عنفا معه، أو تبقى ساقطة الحقوق، ولو لم يرض الزوج، وما هو اختيار الشيخ ([348]) في ذلك؟

الجواب: أما الشيخ فلا أعلم له فيها اختيارا خاصا، وأما الأصحاب فقد صرحوا أن المرأة في هذه الحال تجبر، وأنه يجب عليها الرجوع معه، وأنها إذا نشزت، وعظها ثم هجرها ثم ضربها حتى تلتزم بما يجب ([349]).

وفي هذه الحالة التي تعين فيها أن الخطأ من الزوجة، وأن الزوج لم يقصر بواجبها، لا يحتاج إلى بعث الحكمين، إنما ذلك إذا كان كل منهما يدعي أن الآخر ظلمه ومنعه حقوقه الواجبة.

وأما هذه فإن أمكن إلزامها بالرجوع مع زوجها فهو اللازم، وأن لم يمكن فإنه ينبغي للزوج أن يقبل الخلع من دون إجبار عليه ([350])، فإن تعذر ذلك وبقيت مصرة على الامتناع من دون سبب شرعي، فلا نفقة لها حتى تراجع الحق، ومأخذ هذا التفصيل واضح.

الخامس: عما تختارونه في الوقف إذا انقطع مصرفه؟

الجواب: نختار الرواية التي تقول: الأولى صرفه لأقارب الواقف المحتاجين، فإن تعذر فلأهم المصالح العامة النافعة للمسلمين ([351])، وذلك يختلف باختلاف


الأحوال، لأن هذا الصرف أقرب إلى مقاصد الموقفين وأنفع لهم وأكثر ثوابا عند الله.

السادس: أي القولين أرجح؛ بينة الداخل أو الخارج ([352])؟

الجواب: بينة الداخل أرجح إذا تقارب وصف البينتين، وذلك أن نية الداخل تقابل بينة الخارج وتزيد عليها بوضع اليد، فمع الداخل بينتان؛ وضع اليد، والشهود، ومع الخارج فقط الشهود.

فإن تميزت بينة الخارج بذكر سبب تملك من جهة الداخل، بأن شهد أن الداخل قد باعه أو وهبه ونحوه، قدمت لأن معها زيادة علم، وبينة الداخل هنا لا تنافيها لأنها قد يكون شهادتها بحسب ما تشاهده من وضع اليد ونحوه ([353]).

وأما الخياط الذي يخيط بالزري ([354]) ـ الذي هو فضة ـ للناس، والزري يكون من عنده، ويأخذ الأجرة دارهم تقابل عين زرية وعمله؟

فالظاهر: لا بأس بذلك، لأن ما زاد على مثل قيمة الزري يكون أجره، فمثلا إذا خاط البشت ([355]) بزري يماثل عشرة دراهم، ويأخذ من صاحب البشت عن زريه وخياطه خمسة عشر درهما، فالماثل عشرة، والخمسة أجرة، فهي جمع بين بيع وإجارة، وليس فيها محذور شرعي، ولكن يعتبر أن يكون يدا بيد، أي يسلم له البشت المخيوط، ويسلم له الدراهم معا، والله أعلم.

****


 الرسالة الثامنة والعشرون: 4جمادى الأولى سنة1367هـ

..................................................................................

أخبار متفرقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

4جماد أول سنة 1367هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله من كل مكروه آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، أرجو الله تعالى أن يتم علينا وعليك نعمه.

في أبرك وقت وأسره وصلني كتابك المؤرخ 24الماضي، تلوته مسرورا بصحتك وبما أفدته عن دروس الشيخ محمد ([356]) تفصيلا، وعن جلوسكم فيها، وعما تم من التصحيح لأوليات الكتب الثلاثة ([357])، وأنها إن شاء الله على وشك التتميم، ثم () في جلبها يسر الله ذلك ونفع بها المسلمين.

(.....) ([358])

جواب الأسئلة المحتوي عليها كتابكم تجدون ما تيسر منها طيه.

لم تذكر عن رد السويح على القصيمي ([359]) هل يبي ([360]) يتيسر له طبع أم لا؟

وماذا صار آخر ما بلغكم عن القصيمي؟

وقد طلب مني عبد المحسن العثمان أبا بطين ([361]) بطرفكم حاشية التوحيد ([362])، قصده طبعها على حسابه، وأرسلتها للمذكور؛ أرسلت له منها نسخة منقحة ربما يتيسر لها طبع كما ذكر، ولاختصارها وكثرة فوائدها يغلب على الظن حصول الرغبة فيها، لأنه لا يستغني عنها المشتغل في هذا الفن عموما، وفي هذا الكتاب ([363]) خصوصا.

هذا ما لزم.

وقد وصلني كتاب من إبراهيم المحمد العمود يذكر صحته، ويثني على ما أبداه الشيوخ من جهة عبد الله المحمد القرعاوي من الترتيب للمعلمين في جهتهم ([364])، فإن شاء الله أن هذا من الفتح الديني النافع، لأنه ـ كما تعهد ـ رجل مخلص ديني محض، وقد جعل الله في أعماله بركة.

هذا ما لزم مع ما يبدي من لازم، ومنا سلام على المشايخ، ومنا الوالد وجميع الإخوان والسلام.

لقد أشرت في السؤالين الأخيرين ننقل ما يدل عليهما من كلام الأصحاب، وفحوى الكلام أنك لا تطلب بيان ما عندنا، وهذا من الاحتراز الطيب جدا، ولا بد يبين لك من نفس النقل رأينا فيها بدون تصريح.

****


 ملحق الرسالة السابقة: أسئلة فقهية متنوعة وأجوبتها: في السرقة

..................................................................................

حول أرش الجناية، المثلي في القرض، إخراج الزكاة، حقوق الوكيل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

جواب الأسئلة في كتاب الولد عبد الله العبد العزيز.

الأول:

هل يختص تضعيف القيمة بالثمر والماشة، أو يعم كل مسروق لا قطع فيه، وهل يشترط تلف العين المسروقة للتضعيف أم لا ([365])؟

الجواب وبالله الإعانة:

المشهور من المذهب معلوم أنه يختص بالثمار والماشية ([366])  والصحيح العموم لكل من سرق من غير حرز، كما ذكره ابن رجب في القواعد ([367])، وبناه على القاعدة المشهورة: من سقطت عنه العقوبة مع قيام المقتضي لموجب (سقط عنه الغرم) ([368]).

وهو إحدى الروايتين عن أحمد واختيار الشيخ ([369]).

وعلى القولين فإن المسألة من المفردات ([370]).

والصواب عدم التفريق للأصل الذي ذكره ابن رجب، والأصحاب إنما خصوا الثمار والمواشي للأثر فيها ([371]).

ولكن يقال: الشارع لا يفرق بين متماثلين.

وعلى هذا فلا فرق بين بقاء العين أو تلفها، إن بقيت أخذت منه وأخذ منه زيادة قيمتها مرة واحدة، وإن تلفت فقيمتها مرتين، وهذا مأخوذ من تعميم كلام الأصحاب حيث أطلقوا التضعيف ولم يفرقوا بين التلف وغيره، وكذلك من جهة الدليل.

السؤال الثاني:

إذا اتفق الجارح والمجروح على تعجيل الأرش قبل البرء ورغب المجروح، هل تسوغ إجابتهما أم يلزمان الصبر؟.

الجواب:

بل يلزمان بالصبر، لأن الحق ليس للآدمي وحده بل فيه حق لله، فليس لهما أن يتراضا قبل أن يستقر، وقد نهى الشارع أيضا عن ذلك، والأصحاب أيضا نصوا على أنه لا يطلب أرش الجرح قبل البرء ([372]).

الثالث:

في تفسير المثلي في القرض، وهل منه الطاقة ([373]) ونحوها، وما الصحيح لديكم فيما إذا نقصت قيمته؟

الجواب:

أما المذهب عند المتأخرين من الأصحاب كالمنتهى والإقناع ونحوهما، فالمثلي هو المكيل والموزون وحده، وما سوى ذلك فهو متقوم ([374]).

فعلى هذا، إذا اقترض منه طاقة خام أو شماغ ([375]) أو نحوها من المنسوجات، فإنه يجب قيمتها وقت القرض، فيصير في الحقيقة بيعا لتلك الطاقة، ولو أنهما متشارطان أنها قرض وأنه يرد بدلها وأن المقرض لها لا رغبة له في بيعها، وكذلك عندهم أن نقص القيمة لا يعتبر في باب القرض وفي باب الغصب إذا رده وقد نقصت قيمته.

وأما الصحيح الذي عليه العمل بين الناس إذا لم يلجىء أحدهما الآخر

إلى المرافعة ([376])، فهو أن المثلي ضابطه كل شيء له مثيل وشبيه أو مقارب، فيدخل فيه المكيلات والموزونات والمنسوجات التي لا تختلف، كالطواقي، بل هي أولى من المكيل والموزون لتحريرها وانضباطها، وكذلك الأواني المتقاربة والحيوانات وغيرها مما له مثيل أو مقارب، وإنما يخرج من هذا ما لا يمكن ضبطه عند الوفاء مثل الجواهر ونحوها.

وهذا القول هو الذي تدل عليه الأصول الشرعية والأدلة، وقضية أمهات المؤمنين رضي الله عنهن شاهدة بذلك، لما كسرت إحداهما صحفة الأخرى فانكفأ ما فيها من الطعام، وقال (صلى الله عليه وسلم): (إناء بإناء وطعام بطعام) ([377]) فحبس الصحفة المكسورة وأمر بصحفة الكاسرة للأخرى.

فهذا صريح في تضمين الأواني بالأواني بالإتلاف، فكيف في باب القرض الذي هو أولى وأحرى، لأن المقرض والمقترض متفقان على أنه سيرد عليه مثلها، والمسلمون على شروطهم، ويؤيده أن كثيرا من المقرضين مثلا لطاقة الخام ونحوها ليس لهم رغبة في بيعها، وقد يكون المقترض ليس له رغبة في شرائها فكيف نلزمها أمرا يفران منه؟

وأيضا ففي إيجاب رد المثلي أو المقارب تحصيل لمقصود المقرض من تلك العين ومن القيمة لأنه متضمن للقيمة ولتلك العين.

وأيضا فقد يقع في التقويم من النزاع والاختلاف بين المعطي والآخذ، وإذا رد له نظير العين الذي اقترض سلما من ذلك النزاع.

وأيضا فقد أجاز الأصحاب في السلم ـ وهو أضيق العقود عندهم ـ السلم في كل موصوف، مكيلا كان أو موزونا أو مذروعا أو معدودا، وأما الحيوانات فالقرض أولى من السلم.

وأيضا فقد صرح الأصحاب أنه لا يجوز البيع بسعر الوقت، فهذا وإن كان ضعيفا، لكن إيجاب القيمة في قرض المنسوجات ونحوها هو البيع بسعر الوقت الذي منعوه.

فالصواب الذي لا شك فيه أنه يجب رد نظير ما أقرضه من مكيلات أو موزونات أو منسوجات أو (معدودات) أو غيرها، فإذا أوجبنا المثل في القرض فلا فرق بين بقائه بقيمته وقت القرض وبين زيادتها ونقصانها.

هذا في القرض، وأما في باب الغصب؛ إذا غصب منه عينا ونقصت قيمتها عند الغاصب، فالصواب فيها تضمين الغاصب نقص القيمة كما نضمنه نقص العين، ولا فرق بين الأمرين، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ ([378])

الرابع ([379]):

 ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: فرقوا بين المنايا واجعلوا الرأس رأسين، فهل تعلمون ذلك مرويا وما معناه.

الجواب:

أما روايته عن عمر أو غيره فلا سمعناه بالكلية، وأما معنى هذا الكلام فلم يتبين لي، وينبغي أن تنظروا الكتاب المنقول منه هذا الكلام، فبعض الكلام إذا كان مشكلا وتتبع الإنسان كلام صاحب الكتاب وما سيق لأجله، ربما يتضح معناه، بخلاف إذا طلب تفسير الكلام مفردا ([380]).


الخامس:

شخص عنده مال يزكى، ويأتيه فقراء ونحوه يطلبونه مساعدة وقد يعطيهم وقد يردهم فهل يسوغ له يحسب ما يعطيهم من زكاته، مع أنه لم يتعين عليه إعطاؤهم، ومع أن فيه نوع دفع مذمة عنه إذا أعطاهم؟.

الجواب:

لا بأس بإعطاء المذكورين من الزكاة إذا كانوا مستحقين، سواء كانوا يدورون على الوجه المعتاد، أو يكون معهم أوراق يطوفون بها على الناس، ولا فرق بين أنهم يذمون من أعطاهم أو لا يذمونه، ولكن لا يقصد بإعطائهم دفع المذمة، بل يقصد دفع حاجتهم.

وكونهم يشرهون ([381]) عليه، لا ينافي إعطاءهم، لأنه كل من له عادة أخذ من الإنسان يشاوف ويشره عليه إذا ما أعطاه ([382])، ومع ذلك فيعطي، ولا بأس بذلك، لأنه معلوم استحقاقه، ووجود أسباب أخر لا تمنع الإعطاء، بل ربما بعضها يرجح الإعطاء، والله أعلم.


السادس:

ما ضابط الحقوق المتعلقة بالوكيل والموكل، سواء كانا بائعين أو مشترين، وما العرف بذلك؟

الجواب:

إذا عقد البيع والشراء وتم العقد بين المتبايعين، أصيلين أو وكيلين، ترتب على هذا العقد حقوق متعددة، بعضها يتصل بالعقد، وبعضها يكون بعد ذلك.

فمن حقوقه: لزوم تسليم كل منهما ما لديه، البايع: المبيع، والمشتري: الثمن.

وثبوت خيار المجلس لكل منهما، ما لم يشرط نفيه، وخيار العيب، وكذلك خيار الغبن والتدليس ونحوها من أنواع الخيار.

وكذلك الإقالة الاختيارية.

ويترتب على العقد ضمان العهدة والدرك بظهور المبيع أو الثمن مستحقا أو نحوه.

وعتق العبد على المشتري إذا كان ذا رحم محرم، أو أقر بعتقه، ونحو ذلك.

ثم الوكالة تارة تكون وكالة تفويض، بأن يفوض الموكل الوكيل تفويضا تاما يفعل ما يشاء، وتارة وكالة مطلقة أو مقيدة، وعلى الأحوال كلها، فالحقوق كلها متعلقة بالموكل، لأن العقد يقع له، والملك يصير له،  فالبائع يملك الثمن المعين أو المقبوض، والمشتري يملك المبيع، وإنما الوكيل آلة للبائع والمشتري ونائب عنهما، لا يملك سوى ما تعلق به الإذن لفظا ولزوما، فنفس العقد يملكه الوكيل من بايع ومشتري.

والمشتري يقبض المبيع إذا كان وكيلا.

والوكيل في البيع لا يقبض الثمن على المذهب ولو دلت القرينة على القبض، وعلى القول الصحيح أنه يقبض الثمن إذا دلت القرينة، كما هو اختيار الموفق ومن تبعه ([383])، ويقبضه أيضا وإن (لم) ([384]) تدل القرينة، إذا لم تدل القرينة على خلافه.

والعمل الآن أن الوكيل في البيع، وكيل فيه وفي قبض الثمن، إلا في قبض ثمن العقارات والمبيعات الكبار، فالغالب أنه لا يقبضها إلا الموكل.

وإذا كان العقد واقعا بين زبونين من جنس واحد فالقبض (من الطرفين) من تمام الوكالة، لأنه داخل في ذلك شرعا وإن لم يدخل لفظا.

وللوكيل الرد بخيار مجلس أو عيب أو غبن ونحوها بشرط أن لا يكون الموكل حاضرا ويمنعه من التخير.

ومن حقوق الوكالة المتعلقة بالوكيل أن الوكيل في القبض وكيل في الخصومة، لأن من لزوم القبض إثبات ذلك عند إنكار الآخر، وإذا لم يسم الوكيل الموكل لزمه كلما التزمه بالعقد، وصار عليه ضمان الدرك والتبعة، إلا إذا كان معلوما عند العاقد معه أنه وكيل ليس له العقد وإنما هو لغيره، ولكنه ما سماه فحكمه هنا حكم المسمى.

****


 الرسالة التاسعة والعشرون: 20جمادي الأولى سنة 1367هـ الرد على القصيمي، حاشية التوحيد للشيخ، بعض أخبار رسائل أخرى للشيخ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

20جماد الأول سنة1367هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد الشفيق عبد الله العبد العزيز العقيل، حفظه الله بما حفظ عباده الصالحين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، صحتنا تسرك.

في أبرك وقت وصلني كتابك المؤرخ 16/5، تلوته مسرورا بصحتك، أرجو الله لكم التوفيق.

الخط السابق؛ أحسب أني مشر ([385]) لك بخطي لك أنه وصل، ولهذا سألتك عن رد السويح ([386]) هل كمل أم لا، لأني ما استنفدت تصنيفه للرد إلا من كتابك.

وأيضا سألتك عن القصيمي، هل تلك الكتب (الذين) أرسل لولي العهد ([387]) صار لها جواب من المشايخ أم لا... المقصود ليطمئن قلبك أن الكتاب وصل بوقته، لا زلت موفقا.

ذكرت وصول حاشية التوحيد لعبد المحسن أبا بطين ([388]) وهل رأينا طبعها مفردة أم مع التوحيد؟ فالنظر راجع لكم، والمقصود حاصل، لأنها ليست على طريق الحواشي المعتادة التي يستدرك بها أو يفصل بها كلام معين وعبارة مخصوصة، وإنما هي تتكلم على وجه الإجمال عما احتوت عليه كل ترجمة، فهو يصلح كتاب مستقل، ويصلح (...) ([389]) مع (أصله)، ولو أن نسخ التوحيد قليلة، رجحت طبعه مع أصله، ولكنها كثيرة ـ ولله الحمد ـ جدا، وطبع الجميع يستدعي زيادة نفقة، وعلى كل النظر راجع لكم في هذا.

أما (استنشاق نسيم الأنس) ([390]) فلا وجدنا نسخة نصحح عليها، سألنا عنها، وأظنها مع كتب أرسلناها للولد عبد الله في مكة تجلد، ظن لا يقين.

نسخة مختصر شرح توحيد الأنبياء والمرسلين ([391]) يسر الله تكميل اختصارها، وقصدنا نرسلها مع رسالة أخرى لمصر لتطبعها، والرسالة الأخرى هي


موضوعها "وجوب التعاون بين المسلمين في أمور الدنيا والدين" ([392]) يسر الله ذلك.

لا بدك ([393]) وقفت على المناظرة التي وضعناها سابقا في حكم المعاملة بالنوط ([394]) وقد وضعناها بطريقة أخرى، الطريقة المعتادة لأهل العلم، (فذكرنا) فيها أقوال أهل العلم ومآخذهم فيها، ورجحنا القول الصحيح، أن حكم المعاملة فيها ليست بمنزلة الذهب والفضة، وإنما هي بمنزلة الجواهر والعروض والفلوس المعدنية، وذكرنا مآخذها من النصوص ومن كلام الأصحاب، وقد أرسلتها لمحمد العبد الرحمن القاضي ([395]) سبب أنه حرص ([396]) عليها ، ووصيته لو


طالعها يعطيها ابن مرشد وابن رويشد ([397]).

هذا ما لزم، وإذا يبدو لازم شرفنا، منا سلام على المشايخ والإخوان، كما منا الوالد والإخوان والشيخ، والله يحفظكم، والسلام.

وكذلك أرسلت لابن مرشد وبن (رويشد) ([398]) مع الرسالة الأخرى، الفتوى في أجزاء سبع البدنة والبقرة عن سبعة لأنهم طلبوها مني.

***


 ملحق الرسالة السابقة

.........................................................................

فتوى في إجزاء سبع البدنة أو البقرة عن الشاة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

عن جابر قال (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنه) متفق عليه ([399]) وأتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن على بدنة وأنا موسر ولا أجدها فأشتريتها، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يبتاع سبع شاه فيذبحهن رواه أحمد وأبو داود عن ابن عباس ([400])، وروى أهل السنن عن ابن عباس أيضا قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فحضر الأضحى فذبحنا البقرة عن سبعة، والبعير عن عشرة) ([401]) وروى في هذا المعنى عدة أحاديث.

فدلت هذه الأحاديث الكريمة أن سبع البدنة أو البقرة يقوم مقام الشاة، كما أن الشاة تقوم مقام سبع أحدهما، وأن سبع الشياه قائمة مقام بدنة، ودلالة الأحاديث على هذا ظاهرة لا لبس فيها، ولم يزل هذا معروفا عند أهل العلم، وإنما الخلاف بينهم هل البدنة عن عشر شياه أو عن سبع؟ وأما كون السبع منها قائم مقام الشاة في كل شيء، فهذا لا إشكال عندهم فيه، ولم يذكروا ما يدل على ضد ذلك، بل صرح كثير منهم بذلك.

فقال صاحب المنتقى: باب في البدنة والبقرة عن سبع شياه وبالعكس، ثم ساق هذه الأحاديث ونحوها ([402]).

وفي الهدي النبوي بعد سياق هذه الأحاديث وذكر خلاف أهل العلم في مقدار ما تكفي عنه سبعة أو عشرة فقال: هذه الأحاديث تخرج على أحد وجوه ثلاثة: إما أن يقال أحاديث السبعة أصح وأكثر.

وإما أن يقال عدل البعير من الغنم تقويم في الغنائم لأجل تعديل القسمة، وأما كونه عن سبعة في الهدايا فهو تقدير شرعي.


وإما أن يقال: إن ذلك مختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، والإبل؛ ففي بعضها كان البعير يعدل عشر شياة، فجعله عن عشرة، وفي بعضها يعدل سبعة فجعله عن سبعة، والله أعلم ([403]).

فانظر كيف صرحا بقيامها مقام سبع من الشياه أو عشر، وكذلك بالعكس، وهذا هو القاعدة الشرعية في جميع الأبدال، سواء كانت أبدال تخيير أو أبدال ترتيب، أن أحدهما ينوب عن صاحبه من غير تفصيل.

وإنما أوردت هذا الكلام لأنه اشتهر عن بعض المشايخ المتأخرين الفتوى بأن الشاة الواحدة (يشرك) فيها بلا عدد ولا تقدير ولو أكثر من سبعة، والبدنة الكاملة لا يشترك فيها أكثر من سبعة، وذلك في الثواب.

وهذا المأخذ سهو ممن قاله، مأخذه كلام الفقهاء أن البدنة والبقرة لا تجزي إلا سبعة، ففهموا أن سبعها لا يجعل ثوابه لأكثر من واحد، وكلها لا يجعل ثوابها لأكثر من سبعة، وإنما مرادهم أنها تجزىء عن سبع أضاحي كما هو ظاهر النصوص وظاهر أقوالهم.

واتفق العلماء على أن البدنة الكاملة أكمل من الشاة، فكيف يكون المفضول يشترك فيه بالأجر بلا عدد، والأكمل يقتصر فيه بذلك على السبعة؟!

ولم ينقل أحد من الأئمة المقتدى بهم هذا المعنى، ولأجل أنه لا يوجد فيها تصريح ممن يقتدى به، أنه لا يجوز التشريك فيها، قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين ([404]) لمن سأله عن ذلك: وما ذكرت من التشريك في سبع البدنة والبقرة، فلم أر ما يدل على الجواز ولا عدمه، وإن كان بعض الذين أدركنا يفعلون ذلك، فهذا يدل على أن الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن لم يطلع ولم يدرك أحدا منع من التشريك في سبع البدنة والبقرة، وكما أنه ظاهر كلام الفقهاء في هذا الباب.

وبعضهم صرح به كما ذكرته، فهو داخل في عموم  كلامهم في باب إهداء القرب، حيث قالوا: وأي قربة فعلها وأهداها أو بعضها لحي أو ميت، نفعه ذلك، فلا فرق في الحقيقة بين ما إذا اشتريت وأنت حي ضحية: شاة أو سبع بدنة ونويتها عن نفسك ووالديك، وبين أن تجعل في وصيتك ضحية تذبح عنك وعن


والديك لأن الجميع تبرع؛ هذا تبرع وهو حي، والثاني تبرع بعد الموت، والشارع لا يفرق بين المتماثلين، وهذا واضح ولله الحمد.

نعم الأمر الذي دل عليه الشرع أنه لو أوجب ضحيتين أو هديين أو واجبا عليه، فأراد أن يذبح عنهما سبع بدنة، فإنه لا يجزيه، كما لا تجزيه الشاة الواحدة عنهما.

***


 الرسالة الثلاثون: 5شعبان 1367هـ

.........................................................................

أخبار متفرقة، وصف لرد الشيخ محمد عبد الرازق حمزة على القصيمي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

5 شعبان سنة 1367هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر بن سعدي، إلى جناب الولد الشفيق عبد الله العبد العزيز العقيل، المحترم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، لا زلتم بخير وسرور، صحتنا تسرك، وفي أبرك وقت وصلني كتابك المحرر 2/8، المفيد صحتكم، أحمد الله على ذلك وأسأله أن يتم علينا وعليكم نعمه.

ذكرت كثرة الشغل وازدحامه بسبب إعفاء الشيخ إبراهيم بن سليمان ([405]) من القضاء، أرجو الله أن يمدك بعونه ولطفه وتوفيقه، وأن يجعل العمل خالصا لوجهه الكريم.

ذكرت أنه إلى الآن ما بعد تعين أحد مكان الشيخ يسر الله لكم من يحصل به المقصود والراحة.

شيخنا الشيخ عبد الرحمن العودان إلى الآن وهو عندكم، ما نعلم السبب الذي وسع صدره ([406])، ومحمد العبد العزيز المطوع له مرتين، إذا بغى الشيخ يروح، قال له الأمير: نوبه، وهو ينوب عنه إلا فقط قضايا العقارات يعتذرها.

والشيخ عبد الله بن حميد ([407]) يوم تأخر استرابوا أهل بريدة وكتبوا للملك يطلبون منه ويترجون أنهم ما يبون إلا هو لأنه نافع للقضاء والتعليم، ونسمع أن الملك مطمن خواطرهم أنه يبي ([408]) يرد عليهم، ووكيله في بريدة الخريصي ([409]).

ما نعلم هل الكتب التي تصحح بطرفكم (الإنصاف، والمبدع، والمطلع) هو حصل لها إرسال للطبع أم لا ([410])؟، وكذلك رد السويح على القصيمي ([411]) وما بلغكم عن حاله بعد الذكر السابق.

تعليق الشيخ محمد عبد الرازق ([412]) الظاهر أن طبعه خلص، ولكنه ما بعد وصل () وأرسل لنا الشيخ محمد نصيف ملزمتين من أوله، وطريقته فيه أنه


ينقل كلام القصيمي ويفنده، ويذكر عليه العبارات التي استقاها وأخذها القصيمي من كتب الملحدين، ورد بعض الملحدين على بعض، وتناقضهم في الأمور التي يزعمونها يقينية فضلا عن غيرها، وإن صار الكتاب من هذا الجنس فهو نافع جدا خصوصا لأهل الأمصار الرايج بينهم كلام الملحدين واصطلاحاتهم، أما لأهل نجد فهو صعب على أكثر الناس وفايدته أقل.

رسالة شرح النونية ([413]) أرسلناها للطبع، أما رسالة التعاون ([414]) فبعدما أرسلناها أشار علينا بعض المحبين أننا نرتبها ونحسن ترتيبها، لأنها مواضيع متصل بعضها ببعض، وجاعلينها فصلا واحدا، وإن شاء الله أنه هو الصواب، وربما يحصل فرغة لترتيبها أو تحسينها، يسر الله ذلك.

هذا ما لزم، منا سلام على جميع المشايخ والأصحاب، ومنا الوالد وعبد الله ومحمد ([415]) وجميع إخوانك من الطلبة يسلمون والله يحفظكم، والسلام.

****


 الرسالة الواحدة والثلاثون: 23شعبان 1367هـ

......................................................................................

أخبار متفرقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

23شعبان سنة 1367هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد الفاضل المكرم، عبد الله العبد العزيز العقيل، المحترم حفظه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام، مع السؤال عن صحتكم، لا زلتم بخير وسرور، في أبرك ساعة وأسرها وصلني كتابك المفيد صحتك، تلوته مسرورا بصحتك، وأحسنت الإفادة والشرح عن حالة الكتب التي يراد طبعها جميعا، وعن شرح أحوال التغييرات في القضاة، وعما يحب الواحد الوقوف عليه من أخبار جهاتكم، لا زلت موفقا مسددا.

أفدناك بشرح النونية ([416]) توضيحها أننا أرسلناه للطبع وهو كتاب التعاون ([417])، أما الآن فهو رجع إلينا لطلب ترتيبه وتفصيله لأن الرسالة كلها ربما تكون فصلا أو فصلين، وصار  رأي الذي رجعه إلينا مناسب، ونؤمل في رمضان يحصل فرصة إن شاء الله لترتيبه وتحسينه، يسر الله ذلك ([418])، وأحسنت الافادة عن رسالة الأمير الثالثة ([419])، مساعد بن عبد الرحمن، وأنه أعاد النظر فيها لتحسينات واصلاحات، نؤمل أنها نافعة ومفيدة لأهل الوقت، وأن يجعل الله فيها بركة ونفعا واصلاحا.

واصلك ثلاث رسائل باسم محمد بن صالح المحمد آل الشيخ ([420]) اللي جاء لطرفنا في أول هالسنة مع الخراريص ([421]) وثلاث باسم عبد الله بن سعدون آل سعدون ([422])، أحد خويا ([423]) ولي العهد ([424]) ومعهن عشر من القواعد ([425]) وزعهن على اللي أنت ترى، على وجه التمليك.

هذا ما لزم مني سلام على العيال، ومنا الوالد والعيال عبد الله ومحمد واخوانك الطلبة وجميع المحبين، والله يحفظكم والسلام.

***


 تابع الرسالة السابقة، أسئلة متفرقة:

....................................................................................

في الشفعة، العمل بالقيافة، الصلح بين الخصمين، شهادة الصبيان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا جواب الاسئلة المذكورة على طي كتابكم رقم 6 رمضان 1367.

الأول:

إذا باع قطعة ارض لها اشتراك في الطريق والماء ونحوهما، وتحيل على اسقاط الشفعة بأن اشتراطها مقطوعة من ذلك ، فهل تسقط الشفعة؟

الجواب:

قد عرفتم أن المذهب في مثل هذه الأرض التي قد تحيز نصيب كل من الشريكين فيها إلا الطريق والماء ونحوهما، أنه لا شفعة فيها ([426])، فعلى هذا لا حاجة للتحيل المذكور.

وأما على الرواية الثانية عن أحمد التي اختارها شيخ الاسلام وابن القيم وغيرهما ([427])، أن فيها الشفعة إذا كان فيها  اشتراك بحق من الحقوق المذكورة ونحوها، وشرط في بيع نصيبه أنه مقطوع من ذلك الحق المشترك، فإن كان شرطا حقيقيا بأن دخل المشتري ملتزما أنه لا حق له من الطريق والماء المشترك، فلا شفعة فيها لعدم الموجب لها، وإن كان الشرط لفظيا لا حقيقيا بأن شرط أن لا حق له، وقد تقرر عندهما أن الطريق والماء ونحوهما حق تابع للمبيع، فهذا التحيل لا يفيد اسقاط الشفعة، بل الشفعة ثابتة لأن الشرط غير مقصود بل مقصود خلافه.

الثاني: قافة الأثر هل يثبت بها حكم شرعي سواء كان مالا أو غيره؟

الجواب:

البينة الشرعية أعلم من الشهود ، فهي اسم لكل ما أبان الحق ودل عليه.

ودل على أن الأثر من البينات الشرعية في قوله تعالى:  " إذ نفشت فيه غنم القوم" ([428])، فإن النفش إنما يكون بالليل، وقد استدل بها كثير من أهل العلم على اعتبار القافة في الأثر في الأموال، وقصة مجزز المدلجي ([429])، حيث قال في زيد وأسامة : إن هذه الأقدام بعضها من بعض، وسر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، تدل على ذلك.

ومن القياس الصحيح : أن كل طريق يدل على الإثبات والنفي فهو من البينات ، لكن البينات مراتب بعضها أقوى من بعض، وبعضها يكون له معارض أصل آخر، أو بينة أخرى أو يد أو غيرها، وبعضها خال من المعارضات، ولهذا الأصحاب اعتبروها بينة ضعيفة إذا لم يكن معارض يعارضها.

مثالها: اعتبارهم القافة في الشبه في النسب إذا ادعى الولد اثنان فأكثر وليس لأحدهما مزية فراش أو نسب ثابت.

وأما ثبوتها في الأموال ونحوها فلم أجد للأصحاب تصريحا في ثبوت المال بها، وإنما عموم كلامهم يدل على عدم اعتبارها، ونهاية الأمر أنه قرينة يحتاج معها إلى مرجح آخر.

أما شيخ الإسلام وابن القيم فقد قررا إثبات الأحكام بها إذا لم يكن لها معارض[430]، ولكن يشترط عدالة القايف ومهارته بها، وقد ذكرها ابن القيم في الطرق الحكمية[431] ورجح اعتبارها.

ولكن مع ذلك ينبغي أن لا يكتفي بها وحدها حتى يظهر من المحكوم

عليه بها ما يدل على صدقها من قرار[432] أو ربما إقرار غير صريح أو نحو ذلك، وعند الاختبار يتضح الحكم كثيرا، والله أعلم.

الثالث: عرض القاضي الصلح بين الخصمين، إذا كان وجه الحكم واضحا أو لم يتضح، فأصلحهما، ولما اتضح له، ووضحه لهما، أو لأحدهما، أبى أحدهما عن قبوله بعدما قبله، فهل يسوغ ذلك؟.

أما إذا كان الحكم واضحا للحاكم فإنه يلتمس ممن له الحق أن ينزل عن بعض ما له من الحق على وجه الاختيار والسماح والإحسان المجرد، لأن الحق اتضح للقاضي، ولسان حال المتخاصمين كل واحد يطلب جميع ما ادعى به، فليس للقاضي أن يمنعه منه، لا بطريق واضح ولا بطريق يوهمه أنه إذا لم يقبل الصلح فقد لا يحصل له حقه.

ولهذا إذا سمح في هذه الحال فهو شبيه بالملجأ، لأنه يقول: لو علمت أن أي أكثر من هذا ما رضيت بهذا الصلح، وفي هذه الحالة إذا تبين له أن الصلح جار ([433])  والحق متضح للقاضي فله أن ينقضه ويرجع إلى جميع حقه.

أما إذا كان وقت الصلح والقضية ملتبسة والحق مشتبه، فأصلح بينهما ورضيا، ثم بعد ذلك اتضح أن لأحدهما أكثر مما صولح عليه، فليس له رد الصلح، لأن الصلح تم والحكم انبرم.


والأصحاب ذكروا في مثل هذه الحال جواز الصلح وأنه إذا حصل الصلح فهو صحيح، ومقتضى ذلك أنه لا يرجع إذا تبين الحق بعد ذلك.

وقد يقال إن هذا لازم في الشيء الذي لا يضر ولا يكثر من المال.

فأما إذا تبين الحق للمحكوم عليه بعد ذلك، وهو مال كثير عرفا، فإن الرجوع إلى الحق أحق أن يتبع ([434]) ننزل إلى المصالحة بينهما إلا مع الاشتباه للحاجة إلى ذلك، فعند الاتضاح نرجع إلى الحق الذي نقصده ونجتهد في تحصيله.

وحاصل ذلك أن الصلح اللازم، إذا كان الحق مشتبها على المتداعيين أو على أحدهما أو على الحاكم، وأما مع الاتضاح: فإن كان على سبيل العفو من صاحب الحق والإحسان فذاك، وإلا فلا.

الرابع:

 قولك: ذكرتم لنا في بعض أجوبتكم السابقة إذا اختلف صاحب الدكان مع من ائتمنه وأمره يعطي أهله أو خادمه مقاضيهم المعتادة أن القول قول صاحب الدكان بيمينه إلخ...جوابكم، فهل ذكره الأصحاب وأين موضعه.


ج:

شيخ الإسلام نص على هذه المسألة بعينها ([435])، وأما من كلام الأصحاب فيؤخذ من عموم قولهم في الوكالة والإقرار: يقبل إقرار الوكيل على موكله فيما وكله فيه، وذلك أنه أنابه مناب نفسه ائتمنه على ما أذن له فيه وفوض إليه الأمر ([436]).

فلو قال له الموكل عند الاختلاف: البينة على المدعي، وأنت المدعي؟

فإن هذا الأمين يجيبه بأن يقول: أنت في الحقيقة المدعي على الخيانة بعد اعترافك لي بالأمانة، فهات بينة بخيانتي وإلا لزمك الحق. وهذا واضح.

الخامس:

قولك ([437]): وذكرتم أيضا المنع من تقدير أرش الجرح ولو اتفق الجارح والمجروح، فإن قيل أليس يجوز العفو مجانا، فإذا أعطاه بعض الشيء وعفي عن الباقي هل يصح أم لا؟

ج:

السؤال الأول هو سؤال عن المصالحة عن أرش الجرح قبل برئه، وذلك لا


يجوز، فأما لو أخذ عن الجرح الموجود الذي يخشى منه السراية بقدر الموجود فأقل وعفى عن البقية، فهذه غير تلك، لأن هذه إبراء عن بقية الجناية، والأولى مصالحة عن الجناية الموجودة وعما يمكن أن تسري إليه، والفرق واضح.

السادس: الصبيان إذا تجارحوا وشهد بعضهم على بعض، فهل تصح الدعوى والشهادة، أم فيها تفصيل وتأجيل؟.

ج: المشهور من المذهب قد عرفتموه أن من شروط الشهادة: البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبيان مطلقا من غير تفصيل ([438])، وعن أحمد رواية أخرى أن شهادة بعضهم على بعض في الجروح صحيحة، لكن بشرط لا يتفرقوا، خشية أن يلقنوا الإنكار ([439]).

وعندي إشكال، أيهما أصح.

ولكن إذا اقترن بالرواية الأخيرة ([440]) قرائن أخر تؤيدها، وليس ثم معارض يعارض ذلك ترجح هذا القول.


وأنواع القرائن لا يمكن ضبطها، بل هي بحسب ما يحتف بتلك الواقعة الجزئية من المقومات والدلالات، والشارع اعتبر القراين الظاهرة في أمور كثيرة، ومع ذلك فالأولى في مثل هذه البينات التي اختلف أهل العلم في اعتبارها، السعي بالإصلاح بين الخصمين بحسب ما تقتضيه الحال، فلا تعتبر البينة الضعيفة على كل خال ولا تلغى بكل حال.

ومن سعى في تحري الحق ولاحظ جميع ما يحتف بالقضايا المعينة من الأدلة القوية والضعيفة واستعان الله على إصابة الصواب وحرص على حسمها برضى الخصمين فالغالب أن يسدد ويوفق، والله المستعان.

***


 الرسالة الثانية والثلاثون: 11صفر 1367هـ

.......................................................................

أخبار متفرقة، اختيار الشيخ في مسألة في الوقف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

11/2/سنة 1368هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر بن سعدي، إلى جناب الولد الشفيق المكرم الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل، المحترم حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، صحتنا تسركم، كتابك المكرم رقم 3/3وصل، تلوته مسرورا بصحتكم.

في طيه ورقة سؤال عن وقف تحبون أخذ رأينا فيه، والسؤال مهيب ([441]) عادتك مجمل، ما فيه بيان أصلا، لا بيان أنه وقف عمومي، ولا أهلي خصوصي، ولا ذكر الجهة التي وقف عليها، وتعرف أن الجواب يتوقف على ذلك، وتجده معاد عليكم بطيه، فلا بدكم تعيدون السؤال إن كان المسئلة إلى الآن ما بت فيها ولا اتضحت لكم.

مع أن رأيي أنا في الوقف على الذرية غير رأي الأصحاب المتأخرين ـ رحمهم الله ـ فإنهم يرون أن الوقف على الذرية، أو على الأولاد وأولادهم مثلا لا تستحقه الطبقة النازلة حتى تنقرض جميع الطبقة العالية كلها ([442])، وأنا أرى اختيار شيخ الإسلام أنه من مات من الطبقة العالية استحق أولاده مثل ما

يستحق سواء رتب الموقف أو أطلق في وقفه والله أعلم ([443]).

ما ذكرت لنا، هو ما بعد وصلت حاشية التوحيد ([444])؟

هذا ما لزم، وإذا يبدي من لازم شرفونا، مني سلام على جميع المحبين، ومنا الوالد والطلبة وجميع المحبين، والله يحفظكم، والسلام.

***


 الرسالة الثالثة والثلاثون: 22ربيع الثاني 1368هـ

..............................................................................

أخبار متفرقة، بعض أخبار كتب الشيخ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت

بسم الله الرحمن الرحيم

22/4سنة 1368هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد الشفيق الفاضل المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل، المحترم حفظه الله من كل مكروه، وبلغه من الخير فوق ما يؤمله ويرجوه، آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، لازلتم بخير، صحتنا تسرك، وقد وصلني كتابكم المحرر 16الجاري فيه صورة وقفية الماص ([445]) وهي ليست صريحة في الوقف ولا عدمه، ولا فيها ذكر الجهة، وإنما سؤالكم الأول هو مقتضى ما فيها، وحيث هي مجملة تجد صورة جواب الاحتمالات التي ظهرت لنا وتطبيقها على كلام الأصحاب ـ رحمهم الله ـ، وهذا آثار عدم العلم، حيث كانت على هذا الوجه الموقع لاشتباه من يريد حلها، لأنها لو صدرت من إنسان بصير، لوضح المقصود منها الذي يتوقف العمل والتنفيذ عليه.

ذكرت في عبد المحسن أبا بطين ([446]) يذكر صدور الحاشية ([447]) من مصر، بوصولها إن شاء الله تذكره يرسل لنا الذي حنا عينا، مائة وخمسين نسخة على حسابها.

أما رسائلنا الثلاث، فالظاهر ـ إن شاء الله ـ أنها عن قريب تحمل كلها، لأنه أرسل من رسالة التعاون ([448])، ورسالة شرح توحيد الأنبياء والمرسلين نموذجا، وأيضا من رسالة التوضيح ([449]) ثلاث ملازم نموذج، والعيال أعطوا الشيخ عمر بن حسن ([450]) لما كان في مكة من ذلك الأنموذج، وإن شاء الله بوصول الجميع نفيدكم ونرسل لكم منها.

أفدت أن الأمير مساعد بن عبد الرحمن ([451]) توظف وزيرا للمعارف، فقط مسألته متوقفة على بعض شروط مأمول تمامها، سررنا بذلك، ومثل


هذا الرجل يفرح أن يكون في هذا المنصب الذي نفعه عام، لما يرجى منه من النشاط في العمل والبصيرة في مناهج التعليم، ولابد بعد هذا نكتب للمذكور كتابا، نحب أن ننتظر حتى تتم مسألته، أتمها الله وأعانه عليها.

بلغه وبلغ الشيخ عمر سلامي، وكذلك جميع المشايخ والإخوان.

كما منا جميع الأصحاب يخصونك بالسلام، والله يحفظكم، والسلام.

***


 ملحق الرسالة السابقة

............................................................................

قسمة وقف الماص بن عبد الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

قسمة وقف الماص بن عبد الله ([452]).

بحسب ما جاء في السؤال، الموجود من عقبه ما يأتي:

محمد بن ناصر، ووضحنا بنت خريمس، (ولدي) ([453]) هيا بنت عبد الله بن الموقف.

هيا وسلمى (بنتي) مساعد بن خريمس، وهما بنتا سارة بنت محمد بن الموقف.

خالد وصلطان ([454]) (ابني) بشرى بنت صالحة بنت الموقف.

أيضا بنت لأحد (ابني) بشرى ([455]) المفقودين بنت صالحة بنت الموقف.

والماص المذكور جد الجميع، له بيت ودكان وأوقاف في أضحية، ومقصودهم قسمة ما فضل من ريع المذكورات بعد الاضحية.

الجواب:

في هذا السؤال لم يذكر فيه تعيين الجهة المستحق الأضحية المذكورة ولا المستحق الفاضل عنها فيحتمل أحد أمرين:

إما أن يكون الذي يتبقى بعد الأضحية يكون ميراثا، حيث لم يصرح بوقف الجميع، بل بوقف ما قابل الأضحية، والأصل في هذا بقاء الباقي على ملك الورثة، ويكون على هذا قصد الجد المذكور الاحتياط للأضحية، هذا أحد الاحتمالين.

الموقف (الماص بن عبد الله)


       عبد الله              محمد                         صالحة

           هيا                سارة(زوجها مساعد       بشرى               مفقود1             مفقود2

                                   بن خريميس)               

محمد بن      وضحا بنت      هيا      سلمى      خالد      صلطان                         بنت

ناصر          بنت خريمس

وعلى هذا الاحتمال : فالجد المذكور توفي عن عبد الله، ومحمد ، وصالحة، فيكون المتبقي بعد الأضحية اخماسا؛

خمسة لصالحة يرجع إلى عقبها وهم خالد وصلطان ابني بشرى بنت صالحة، وابنة أحد الابنين المفقودين أو المعدومين ([456]) نيابة عنهما أو أصالة إذا حكم بعدمهما، خالد وصلطان لهما نصيب أمهما بشرى من أمها صالحة؛ خمس، والأربعة أخماس المخلف عن صالحة يتفرع عن الابنين المفقودين؛؟ لبنت أحدهما نيابة وأصالة.

خمسان لعقب عبد الله بن الماص وهم محمد بن ناصر، ووضحا بنت خريمي.

وخمسان لعقب محمد بن الماص وهم هيا وسلمى بنتي مساعد بن خريمس.

هذا التفصيل بناء على هذا الاحتمال، وهو أن المتبقي ملك لم يجر عليه وقفية، فيتلقاه العقب المذكورون عن مورثيهم، ومع ذلك إن كان معهم وقت وفاة الماص ورثة سواهم، كزوجة وأم أو أب لمورثهم الماص أخذوا نصيبهم ثم الباقي على هذا التفصيل.

الاحتمال الثاني: أن يكون الوقف واقع على الجميع ([457])، وقد عين منه الأضحية وأطلق الباقي بلا تعيين، وهو ظاهر الحال، بدليل التعيين، فإن التعيين، وهو الأضحية ونحوها مما هو من خواص أحكام الوقف، يدل على


أن الأصل الذي فيه ذلك التعيين وقف، وأيضا استمرارهم هذه السنين الطويلة على المجاراة على وقف الجميع وعدم ادعاء تملك شيء منه، من أكبر البراهين على أن الجميع وقف.

وعلى هذا الاحتمال الذي يترجح في هذا الوقف المسؤول عنه، فقد ذكر الأصحاب ـرحمهم الله ـ في المنتهى والإقناع وغيرهما أن الوقف المطلق الذي لم يعين له مصرف، أو المنقطع بعدما كان معينا، ذكروا أنه يرجع إلى أقارب الموقف نسبا من عصبات وأصحاب فروض وذوي أرحام فقط ([458])، لا نكاحا ولا ولاء، وأنه يبقى وقفا عليهم يقتسمونه بحسب ميراثهم من الموقف، وأنهم يتلقونه في كل وقت عن الموقف، بحيث ـ في كل ما تحصل الغلة ـ يقدر أن صاحب الوقف توفي عن الورثة الموجودين حال حصول الغلة، ويقع بينهم التحاجب.

فهذا كلامهم ـ رحمهم الله، فعلى هذا:

العقب لأولاد الماص الموجودون المذكورون، كلهم من ذوي الأرحام، كما

هو مشاهد فيستحقه عصبة الموقف، قربوا أو بعدوا، على قدر ميراثهم منه، دون عقبه، لأن عقبه المذكورين كلهم من ذوي الأرحام.

فإن لم يكن له عاصب معروف، انتقل الإرث لذوي الأرحام، وهم العقب المذكورون وكلهم في درجة واحدة كما تراه لكن عقب صالحة وهم خالد وصلطان وبنت أحد الابنين المفقودين لا يصلون إلى صالحة جدتهم التي أدلوا بها إلا بواصطة والديهم وهم من ذوي الأرحام.

أما عقب عبد الله وعقب محمد فإنهم يدلون بأمهاتهم وهما هيا بنت عبد الله وسارة بنت محمد، وهيا وسارة بنتي ابن، وقد نص الأصحاب أن الجهة الواحدة لجهة البنوة ـ كالمذكورين كلهم ـ أن الأقرب منهم للوارث يختص بالإرث دون الأبعد من الوارث، ولو كانوا بالنسبة إلى الميت سواء، فعلى هذا يكون الورثة فقط عقب عبد الله، وهما محمد بن ناصر ووضحا بنت خريمس، وعقب محمد، وهما هيا وسلما بنتي مساعد؛؟ لمحمد ووضحا نصف على رؤوسهما من غير تفضيل، ولهيا وسلمى نصف كذلك.

هذا التفصيل على هذا الاحتمال الثاني، جار على المشهور من المذهب وكلام الأصحاب، هو ما ذكرنا معناه.

وثم احتمال ثالث يجري كذلك على المذهب، وهو أن أولاد البنات لا يدخلون في الوقف على الأولاد إلا بنص أو قرينة، وقد دلت القرينة العادية بين الناس في مثل هذا الوقف أن قصد الموقف أن يكون على ذرية المذكورين سواء ورثوا بفرض أو تعصيب أو رحم، ويكاد أكثر الناس يصرح بهذه القرينة تصريحا لا يحتمل سوى ذلك.


فعلى هذا الاحتمال: يكون جميع الأعقاب المذكورين عقب عبد الله وعقب محمد وعقب صالحة، مقدمين على العصبات الذين هم أبناء عم قريب أو بعيد، وإذا كانوا مقدمين على العصبات؛ فإما أن يستحقوه بحسب ميراثهم من الميت الموقف على التفصيل الذي ذكرنا، وأنه يختص به عقب عبد الله وعقب محمد فقط لوصولهم إلى الوارث قبل عقب صالحة، وذلك داخل في كلام الأصحاب.

وإما أن يقسم مغل الوقف الفاضل عن الأضحية أخماسا لعقب عبد الله خمسان، ولعقب محمد كذلك خمسان، ولعقب صالحة خمس، ووجه ذلك أنهم تلقوه عن أولاد الموقف لصلبه وهو عليهم كذلك.

وهذا الأخير هو الذي يترجح عندي لأنه أقرب لحصول العدل وأقرب لمقاصد الموقف، وهذا لا يتنزل عليه كلام الأصحاب، بل يخالفه لأنهم ذكروا أن المستحقين يتلقون الوقف عن الموقف كما تقدم.

أما من يتولى تنفيذ الأضحية فهو المستحق لفاضل الريع على التوزيع السابق، والله أعلم.

***


 الرسالة الرابعة والثلاثون: 27جمادي الآخرة سنة 1368هـ

.......................................................................................

أخبار متفرقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

27جماد آخر سنة1368هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى الولد الشفيق عبد الله العبد العزيز العقيل، المحترم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، أرجو الله أن يتم عليكم نعمه ويدفع عنكم نقمه، صحتنا تسرك وقد وصلني كتابك المحرر 24/6، وسررت بصحتك وفهمت ما شرحته مما يتشوف لمعرفته.

(.... .. ([459]) ... وأن حمد المحمد ([460]) الآن صار معلما في مدرسة المعارف..).

ذكرت أنك موص عبد الله المحمد العوهلي يأخذ من عبد الله فدا ([461]) عشر نسخ من مختصر التحرير ([462]) يرسلهن لنا لنضع في المكتبة

ما نرى ، ونسلم من نشاء، شكر الله سعيك.

الذي أرى إذا وصلن ـ إن شاء الله ـ نجعلهن جميعا في المكتبة أوفق، لا زلت موفقا.

كذلك ذكرت أنه ظهر رد أبو يابس ([463]) على القصيمي، وحنا ما رأيناه، إن كان هو في الرياض للبيع، تأخذ لنا نسخة وتفيدنا عن قيمتها.

وقد أرسل لنا عبد المحسن أبا بطين الذي حنا طلبنا من "القول السديد" ([464]) عدد 150 نسخة، وسلمه ناصر الحمد قيمتها 187ريال، ووزعت في طرفنا، وبعضها وهو القليل في بريدة، ومن فضل الله صارت طبعتها طيبة، والغلط يسير.

أما رسائلنا الثلاث ([465]) جانا من عبد الله المحمد العوهلي يذكر أن الشيخ نصيف ([466]) جاه مكتوب من محب الدين الخطيب ([467]) الذي تولى طبعها يذكر أنها [خلص طبعها كلها]، ولا بقي إلا تربيطها وارسالها، وأنه يشكو انفراده بالعمل لأن [ابنه] الذي يساعده على الطباعة حبس مع من حبس من جمعية الاخوان المسلمين الذين نكبوا في مصر، ونؤمل حسب ذكرهم ورودها بكل وقت.

هذا ما لزم، وإذا يبدي من لازم شرفني فيه، وبلغ سلامي الوالدين والعيال والمشايخ، ومنا جميع الطلبة يخصونك بالسلام، والله يحفظكم والسلام.

*** الرسالة الخامسة والثلاثون: 27جمادي الآخرة سنة 1368هـ

.......................................................................................

أخبار متفرقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

21 رمضان 1368هـ

من المحب عبد الرحم نالناصر السعدي، إلى جانب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل ، المحترم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، مع السؤال عن صحتك وصحة العيال، أرجو الله تعالى أن يتم عليكم نعمته، وأن يجعل لكم من هذا الشهر الكريم من خيراته وحسناته أوفر الحظ والنصيب ، وأن يختم لنا ولكم بخاتمة السعادة إنه جواد كريم.

في أسر الساعات وصلني كتابك المؤرخ 14 منه ([468]) ، سررت بصحتك.

مرسولك الطيب وصل، وصلك الله إلى خير الدنيا والآخرة، وسنفاوله ([469]) في ليال هذه العشر ، ربنا يضاعف لك الأجر ويخلف ما أنفقت بالبركة.

[...... ([470])] لابد عبد الله المحمد ([471]) يقوم مقام عبد الله ([472]) لأن عبد الله الآن في دمشق، الظاهر ما يتوجه [للرياض] إلا بعد العيد ، يسر الله أمر الجميع.

أحسنت الافادة عن الرسائل ، وأنه صار لها الحمد لله الموقع، وصار توزيعها من يد عبد العزيز الصالح ([473]) توزيعا مصيبا ، فهذا من تمام نعمة الله على الجميع.

هاليومين عندي طاري يفتحون مدرسة ثالثة في عنيزة ، ابتدائية ، وشرنا على الشيخ محمد العبد العزيز ([474]) يوظف فيها علي الحمد الصالحي ، وعبد العزيز السلمان ([475]) وهي يمكن تفتح في ابتداء فتح المدارس.

[...... ([476])]

هذا ما لزم، مع ما يبدي من لازم، مني سلام على العيال وجميع المحبين، كما منا الوالد والولد محمد وجميع اخوانك من الطلبة يسلمون، والسلام.

 الرسالة السادسة والثلاثون: 18 شوال سنة 1368هـ

.......................................................................................

أخبار متفرقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

18 شوال سنة 1368هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر بن سعدي ، الى جانب الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله بحفظه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، مع السؤال عن صحتكم ، صحتنا تسرك ، ولا يزال الخاطر عندكم ، كتبكم لها مدة عنا ، اسمعنا عنكم ما يسر ([477])، بقية المكاتيب عند دخول رمضان ما جانا منكم شيء، وقد ردينا جوابها بوقتها، وأفدناكم باعتمادنا كل ما ذكرتو كما سبق، لازلتم موفقين مبرورين.

أفيدك أني في رمضان لقلة الدروس، وكان قد أشار علي بعض العارفين الناصحين لما كثر الاقتراح حول نشر التفسير وأبدينا الاعتذار أنه طويل جدا لا بده يبلغ بالطبع 7/8 مجلدات، فيعسر نشره وتتعذر النفقة الكافية تبرعا أو تجارة، وأيضا الناس اليوم ما لهم رغبة في المطولات.

فأشار علي من ذكر من مدة بكتب ([478]) خلاصة للتفسير، فما زال هذا الرأي يقوى عندي، فيوم دخل رمضان استعنا بالله وكتبت خلاصة التفسير، ويسر الله إتمامه في 3 شوال، ويمكن يبلغ مجلد واحد لطيف ([479])، ولما

فرغت منه أعطيت الإخوان كل واحد ممن خطه طيب كراسا لنقله، وهو على وشك التمام، فقصدنا تصحيحه، وبعد ذلك نسعى بنشره، بحول الله نشر ([480]) لأصحابنا الخصوصيين الذين لهم رغبة في الخير، من يرغب منهم، ونؤمل الله ييسر ذلك.

وطريقة هذا التصنيف: أولا: مقدمة في الأوصاف العامة التي وصف الله بها القرآن، ثم ذكر آيات من التوحيد والإيمان والكلام عليها، ثم آيات في الرسالة والمعاد والعقائد والكلام عليها، ثم آيات جوامع في الأخلاق الدينية العمومية، ثم ذكر آيات الأحكام، ثم ذكر قصص الأنبياء المذكورة في القرآن وما يستفاد منها، ثم ذكر فوائد منثورة وبها أختتم الكتاب، نرجو الله يجعل العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن ييسر الأمر بمنه وكرمه (....) ([481]).

هذا ما لزم ، مني سلام على العيال، ومنا جميع الأصحاب يسلمون، والسلام.

***


 الرسالة السابعة والثلاثون: 27جمادي الثانية سنة 1368هـ

.......................................................................................

أخبار متفرقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

30/6 سنة 1368هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى الولد الشفيق الشيخ عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله تعالى من كل مكروه، آمين.

السلام عليكم ورحمة الله ، صحتنا والعائلة والأصحاب تسركم، ولا زال الخاطر عندكم.

اليوم وصلني كتابك المحرر 26/6، سررت بصحتكم وشرحكم الكتب التي طبعت ووردت عليكم؛ (الرد على المنطقيين للشيخ ([482])، والعقود  ([483])له)

وصلنا منهــن نسخ، (وكتاب الآجري ([484])، ومعه

جامع الأصول ([485]) لم يصلنا منها شيء، ومن تهذيب السنن ([486]) إلى الخامس

الأخير ما وصلنا، يعني الرابع والخامس.

وأحســـنتم الإفـــادة عن المعهـــد، أنه يؤمــل يفتح بطرفكــم معهــد ([487]) يكون (رئيسه) ابــن بــاز وابــن دهيــش ([488]) وابن


حمدان ([489]) والإفريقي ([490]) نرجو تحقيقه وتحقيق رئاسة الشيخ محمد ([491]) فيه.

كذلك أحسنت الإفادة عن تأسيس المكتبة ([492]) بطرفكم، لا زلتم تفيدون بالأخبار السارة، ونرجو الله أن يوفق المسلمين لكل خير.

أما حالة الإخوان بطرفنا فالكسل كثير والسبب أن القلوب متشوقة للوظائف في مدارس المعارف، والقلوب إذا انصرفت إلى شيء طبعا قلت رغبتها في غيره، ونرجو الله أن يلطف.

تستفهم عما حصل من الكلام على الشيخ الدناصوري ([493])، الحقيقية أن المعهد ([494]) بطرفنا صار سببا لضرر وفتنة وانقسام كثير من الناس إلى حزبين متطرفين منهما نشأت الفتنة، حزب كان يسيطر على الشيخ ابن مانع ويرد ويصدر عن رأيهم، وهم ناس ليسوا من أهل الدين ولا من الذين يرغبون المصالح العامة النافعة للبلد، وإنما لما رأوا ابن مانع لكثرة مكاتباتهم له وكثرة وكثرة ([495]) التفت لهم، وصلت بهم الحال إلى أنهم يسعون في إبعاد من لا يرتضون من المعلمين، والإيعاز للتلاميذ بمقاطعتهم، وربما بالتهكم بهم.

وهؤلاء حزب قد حذرنا ابن مانع منهم مرارا، ووقع كما حذرنا، فإنه نشأ حزب آخر في مقابلة هؤلاء، منهم أناس لهم هدى مشوب باسم الدين، وأناس أجاويد، ركضوا معهم فقابلوا الفاسد بالفاسد، وأشاعوا عن المعهد الإشاعات الباطلة، ومن هواهم واغترار بعضهم صاروا لا يتثبتون، ويجعلون الحبة قية، ويبنون على أوهام وظنون، نشأ من هذا الحزب ما قيل عن الدناصوري وإبراق المعارف له بالتوجه حالا، فازداد شر هؤلاء لما رأوا أن سعايتهم نجحت بما يريدون من إبعاده، والآن رجع ابن مانع عن ذلك فأمره أن يبقى على تدريسه حتى يأتي بدله.

صورة الواقعة التي قدمت لها هذه المقدمة التي تعينك على فهمها، أن الدناصوري كان ـ على عادته في مسجد الصويطي ـ يلق تفسير القرآن ويقرأ بابن كثير، وكان يوم ألحوا عليه بذلك أهل الحارة، شاورني وشاور الشيخ ([496]) وحسنا له ذلك، فتكلم على قوله تعالى

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ) الآية ([497])، وحضر درسه بعض الناس، فنقل عنه أنه يقول إن الأحاديث آحاد لا تفيد اليقين، وأن القرآن ألفاظه قطعية ومعانيه ظنية، ولما قيل لي ذلك عرفت أن النقل محرف، وأنه حصل سوء فهم من السابع، لما أعرفه من الرجل من الحزم والاحتراز عن كل ما ينتقد، فقلت للناقل لابد أن تكون على غير هذا الوضع، وعرفت أنه سيشاع ذلك من غير تثبت، فبادرت وذهبت بنفسي إلى الدناصوري مستفهما له عما وقع، فأخبرني أنه قال في تفسير هذه الآية: اختلف العلماء هل الأمر بالوصية للوجوب أو للاستحباب؟ وعلى القولين؛ فإن الآية الكريمة منسوخة بحديث (لا وصية لوارث) ([498]) والحديث هذا من الآحاد، والآحاد لا تفيد اليقين، وقلت ما قاله غيري، فإن الحديث المذكور ليس في الصحيح وإنما هو من السنن، ولا ريب أنه من الأحاديث الآحاد، لأن العلماء قسموا الأحاديث إلى متواتر يفيد اليقين، وإلى آحاد صحيح تلقته الأمة بالقبول واتفقوا على صحته، فهذا الخلاف في كونه يفيد اليقين معروف، والصواب الذي عليه المحققون أن هذا القسم يفيد اليقين، وكثير من العلماء يقول إنه يفيد العمل دون القطع واليقين، ولكنه ضعيف.

المقصود أن الذي يقول عني أني أقول الأحاديث كلها  " آحاد تفيد غلبة الظن، فهو كاذب علي، وأكذب منه من يقول عني أني أرى أن معاني القرآن لا تفيد اليقين، فأي مسلم يقول ذلك؟! وأنا مستعد لمقابلة كل من يقول عني ذلك.

هذا حاصل ما جرى.

أما ([499]) الذين غيري، فإنهم حين سمعوا من قال عنه القول الذي أشيع عنه، وهو باطل، كما يقول، وكما هو ظننا، فإنهم رفعوا الأمر إلى من لهم الأمر من غير تثبت ولا تبصر ولا مفاهمة، فصار من ذلك أن من لهم الأمر لابدهم حتموا على ابن مانع في إزالته فحصل منه الإبراق المذكور.


أما أنا فقد بينت لكل من سألني عن القضية صورة الواقع، وأنه لا يحل الدخول في هذه الأحزاب الضارة، وبينت أن الواجب على الناس احترام مثال هؤلاء الذين لم نعثر منهم على ما ينتقد، وأنه لو فرض ذلك لوجب نصيحتهم سرا، ولم يحل السعي في السعايات الضارة التي تبرهن عن مقصود صاحبها، وتبرهن على أن الذي همه السعايات بمثل هذه الأمور؛ أنه أجبن الناس عن النصيحة والمشافهات وأشجعهم في القول بما لا يعلم والسعايات.

ولكن كثيرا ممن دخلوا في هذا الحزب، وهم من أصحابنا الذين نعترف بفضلهم، إذا نصحناهم تبعوا هواهم، ولم يقبلوا النصيحة، وبرروا موقفهم بشرح حالة الحزب الأول، فنقول لهم لا تقابلوا الفاسد بالفاسد، فيزداد الأمر شرا كما وقع، فنرجو الله تعالى لنا ولهم ولجميع المسلمين الهداية والاستقامة، وأن يحفظنا وإياكم من مضلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن، إنه جواد كريم.

إبراهيم المحمد العمود وصلنا منه برقية، ثم

 كتاب بوصوله مكة (بطريقنا) ([500]) إليكم لزيارة والدته، وإنه أخذ فسحة شهرين، ومعه ابنه عبد الله وعبد الله الراشد الشملان، نؤمل يتوجه بأول سيارة.

وصلنا مكتوب من عبد الله المحمد العوهلي ومعه أنموذج من آخر الخلاصة ([501]) يذكر أنه خلص طبعه، وأنهم يؤملوا تحميله قريبا، وقد أوصيته بوصوله يرسل لعبد العزيز الصالح ([502]) بالرياض جانبا منه لتوزيعه على أهل العلم والفضل، ربنا يجعل العمل خالصا لوجهه الكريم، موجبا للفوز عنده وأن يبارك لنا ولكم في نعمه علينا.

بلغ سلامي العيال والمشايخ والإخوان، والولد عبد الله إن أدرك عليه ([503])،لأنه وصلنا منه اليوم برقية أنه سيتوجه اليوم بالطائرة للرياض بطريقه إلينا.

منا الوالد والإخوان جميعا يسلمون والسلام.

واعلم أن جميع الذين قالوا عن الدناصوري وسعوا فيه ما منهم أحد شافهه، لا بنفسه ولا بوساطة، وقد أراد أن يرفع برقية للملك يحتج عليهم أنهم قدحوا في دينه، فشرت ([504]) عليه أنه يصبر ويحتسب، والأمر وصل منتهاه، ويترتب على ذلك كثرة ضرر، والناس اليوم كلهم ـ أو أكثرهم ـ عرفوا الحقيقة، فلم أزل به حتى وافق على رأيي، الحقيقة أنها مسألة تكدر جدا من وجوه كثيرة، والله الهادي.

***


 الرسالة الثامنة والثلاثون: 28رجب1369هـ

....................................................................................

أخبار متفرقة، قصة الفتنة التي وقعت بسبب المعهد التابع للمعارف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

28رجب 1369هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل،  المحترم حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، صحتنا تسرك، وقد سبق لك كتاب قبله جواب كتابك، الأمل أنه وصل، الداعي لهذا هو أنه من الأسف أن بلدنا التي يظن كثير من الناس أنها في مقدمة بلدان نجد في الأخلاق الطيبة، يحدث فيها بعض الحوادث التي تحزن.

سبق أن أخبرتك بصورة الواقعة الأولى في شأن الدناصوري وما قيل عنه، وتمحيص الحقيقة، وأفدتك أنه وجد حزبين متطرفين: حزب يغري التلاميذ ببعض المعلمين في المعهد وهم من أولياء التلاميذ، وحزب آخر قابلوا الفاسد بالفاسد، فصاروا يقدحون في المعهد وبعض الأساتذة وفي الحكومة، وكان من أبلغ من جرت عليهم ومنهم الحركة، علي الحمد الصالحي، كان كثير من التلاميذ يسمعونه ما يكره ([505])، وهو يسمعهم كذلك، وكان ـ كما تعهد ـ من الحرارة، وله أصحاب يغرونه في طريقته، وأنا لا زلت أنصحه وأقول: يا علي إن كان لك رغبو في البقاء في المعهد فالزم السكوت وإياك والحركة الضارة، وإن كان مالك رغبة فالأحسن الانسحاب عنه، وكنت أعرف أن تحريك غيري له وعجلته تؤديه إلى ما لا نبغي.

 صادف أنه لحظ في دفتر أحد التلاميذ مكتوب في ديباجته عكس ([506]) الشيخ عبد الرحمن بن عودان، ومشروح تحته من هذا التلميذ السفيه كلام شتم وسباب للشيخ، اختطفه من التلميذ وهرب يركض والتلميذ وبعض زملائه يركضون خلفه، وقد حاول بعض الأساتذة قبل ذهابه فيه ألا يذهب به، فصمم وذهب به إلى الشيخ، وحالا جمع الشيخ الجماعة، وبعد ذلك أرسلوا لي، أرسل لي الشيخ أني أحضر، فوجدتهم مجتمعين عنده، وقد عزم الشيخ والجماعة على الذهاب إلى الأمير في شأن هذه القضية، وقد استشاط الشيخ وبعض الجماعة، فشرت ([507]) عليهم وحاولتها على السكوت، وقلت: الأحسن لا تطولونها وهي قصيرة، ولا يحتاج إلى هذا كله، أرسل يا شيخ للأمير رسول، أو اكتب له  كتابا يؤدب السفيه الذي جرى منه ما جرى، وما زلت أحاولهم عن تكبير المسألة وذهابهم للأمير جميعا، فانحل الجماعة كلهم، ولكن الشيخ صمم وذهب هو والصالحي وحدهم، وكانت النتيجة أن قال لهم: أنت يا شيخ لو تأمرنا على تأديب عيالنا من دون سبب فعلنا، وأما الصالحي والتلاميذ، وكل منهم ظلم الآخر؛ هم يدعون أنه يقول لهم أقوالا أعظم مما يقولون له.

وبعد مجلسهم هذا ما صار شيء، إنما يجري مكاتبات بين الشيخ وبين بعض مشايخ بريدة، ويشاع أيضا أنه كتب لبعض مشايخ الرياض.

وفتنة الأقوال بعد هذه القضية اشتعلت، حتى شاع عند كثير من الناس أن

علوم المعهد ([508]) علوم منحرفة، وتحتوي على الزيغ والضلال، وروج ذلك بعبارة منقولة من الإتقان ([509]) في كيفية الوحي، نقل فيها صاحب الإتقان قولين أو ثلاثة من أقوال الأشعرية ([510])، والإتقان قد قرر من المعارف، أخذ الأساتذة منه أصول التفسير، فنقلت هذه الأقوال بحروفها بالصفة الموجودة بالإتقان بقيل كذا وقيل كذا، وجرى للناس من القدح في الأزهريين ما يحزن، ودخل في هذه الفتنة من عليهم شرهة من طلبة العلم، الله الهادي.

والآن علي الحمد الصالحي يتردد بين الشيخ وبين بريدة، نعوذ بالله من شرور الفتن.

أحببت إفادتك بصورة الواقع لعلمي أن المسألة أشيعت على وجوه متنوعة، نرجو الله يحفظنا وإياكم بمنه وكرمه.

بلغ سلامي إلى الوالد والعيال والمشايخ، ومنا جميع الأصحاب يخصونك والله يحفظك، والسلام.

إبراهيم المحمد العمود طاريه يتوجه هليومين لمحله ([511]) والظاهر يمر الرياض.

كتبت ورقة نصيحة بمناسبة ما شرحناه تجدها طيه.

 ملحق الرسالة السابقة

...........................................................................

فتوى الشيخ في المعهد التابع للمعارف والعلوم التي تدرس فيه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

سؤال:

أفتونا وفقكم الله وأرشدكم للخير عن العلوم التي تدرس في المعهد، فإنه قد كثر خوض الناس فيها، والاعتراضات عليها وعلى المعلمين فيها.

الجواب، وبالله التوفيق:

الأمر كما ذكر السائل، وأغلب المعترضين ليس عندهم علم ولا بصيرة، وإنما هم كما قيل: سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، وليس عند كثير منهم علم يبصره، ولا ورع يحجزه عن القول بلا علم، ولا عن التقول، ولا عن الوقوع في الأعراض المحترمة، وإنما هي أحزاب متضاربة مصدرها الهوى المحض والتعصبات الضارة، والعداوة التي تضر الدين والدنيا جميعا، وتحدث أنواع الشرور، والعبد يسأل الله العافية.

سأجيبك عن سؤالك بجوابين: مجمل، ومفصل..

أما الجواب المجمل، فاعلم أن العلوم التي تدرس في المعهد، بل وفي سائر المدارس النجدية، فإنها علوم نافعة شرعية دينية، وعلوم وسائل إليها؛ نافعة للدين والدنيا، بل الناس مضطرون إليها غاية الضرورة، ولا غنى لهم عنها، ومن قدح فيها فقد قدح في دينه وعقله وإنسانيته، وبرهن على هواه الضار.

وهي علوم قدرتها المعارف ([512]) ومن وراء ذلك علماء المسلمين، لو رأوها علوما ضارة لكان اللوم موجها إليهم، قبل كل أحد، إذ سكتوا عن إنكارها، بل صرحوا بنفعها العظيم، وشكروا حكومتهم على بثها وبذل الأموال الطائلة في نشرها وبثها في الأمة، ثم الحكومة لم تأل جهدها في اختيارها واختيار الأساتذة الفضلاء لها، من النجديين وغيرهم، بواسطة أهل العلم.

وأما الجواب المفصل: فالعلوم التي تدرس في المعهد قسمان: أحدهما وسائل، والثاني مقاصد.

أما الوسائل فهي علوم العربية والآلة بأنواعها وتوابعها، وقد عرف الناس فوائدها العظيمة ومصالحها وإعانتها على العلوم الدينية، ولا أظن السائل قصدها، ويظهر أن قصده السؤال والاستفسار عن القسم الثاني، وهي المقاصد، وهي العلوم الدينية.

فاعلم أن المقرر درسه والموجود فيها منها ثلاثة أقسام: توحيد وعقائد، وفقه وأحكام، وعلوم التفسير وأصوله.

أما العقائد: فإنه اختير لها عقيدة شيخ الإسلام الواسطية ([513]) التي تفوق سائر العقائد بمواضيعها الهامة واختصارها ووضوحها وجمعها لأصول الدين التي اجمع سلف الأمة وأئمتها عليها.

وأما الفقه والأحكام: فإنها منقولة بحروفها من كتب الحنابلة المعتبرة التي


عليها الفتوى عندهم، وهي كلها صحيحة، وإن كان يوجد فيها بعض الأقوال الضعيفة، فلا ينافي صحتها وأهميتها العظيمة، لأنه لا يخلو كتاب ليس فيه شيء خال من الانتقاد، وخلاف العلماء في المسائل الاجتهادية لا إنكار فيه باتفاق العلماء مع أن الموجود فيها من هذا النوع ـ ولله الحمد ـ قليل جدا.

وأما أصول التفسير وعلومه التي تلقى في المعهد فإنها قسمان:

قسم مأخوذ بحروفه من كتاب الإتقان للسيوطي ([514]) الذي قررت المعارف الاستمداد منه، فهذا فيه أصول نافعة وقواعد وضوابط في علم التفسير جليلة لا يستغنى عنها في علم التفسير، وهي أيضا مما أجمع عليها المفسرون، ولكنها كغيرها يوجد فيها مواضع قليلة جدا ينتقد عليها، ولم أعثر على شيء من هذا النوع إلا في مبحث كيفية نزول القرآن، فإنه نقل فيه عبارة الإتقان بحروفها وحكى الأقوال فيها حكاية مجردة فحكى بعض الأقوال المنقدة.

والقسم الثاني مما زاده الأساتذة المصريون من أنفسهم، وهذا القسم كله مباحث نفسية جدا في تقرير النبوة والتحدي بالقرآن وبيان بلاغته وجلاله قدره وعلو مكانته، نود لكل مسلم وطالب عالم أن تكون هذه المباحث الجليلة نصب عينيه، وقبلة قلبه لما لها من الأثر الطيب والمكانة والتحقيق.

فهذا على وجه الاختصار ما نعتقده ونقوله في علوم المعهد، ومن استراب


في ذلك، فلينظر إلى دواوين التلاميذ فإنها كلها متفقة على ما ذكرنا، وليحذر السائل من التحيز إلى الأحزاب الضارة المتضاربة، الذين يريد كل منهم أن ينصر هواه ولو ضره في دينه ودنياه، ونعوذ بالله من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، والله أعلم، وصلى الله على محمد وسلم.

قال ذلك: عبد الرحمن بن سعدي

22رجب 1369.

****


 الرسالة التاسعة والثلاثون: 9شعبان سنة1369هـ

....................................................................................

أخبار متفرقة، حديث حول المعهد، مسألة حول دعوى القاتل الخطأ في القتل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

9شعبان سنة 1369هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى الولد المكرم عبد الله العبد العزيز العقيل، المحترم حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم وصحة الوالد والعيال، أرجو الله أن يتم نعمه على الجميع.

مكتوبك رقم 5/8 وصل، سررت بصحتكم ووصول كتابنا.

تستفهم عن تعاليم المعهد ([515])، تقول إنك معتقد أن التعاليم دنيوية محضة، ولذلك لم ينتج عنها في هذه المدة الطويلة نفع ونجح.

أما السبب الوحيد فهو الذي لا زلنا منذ سنين نثير ونلح على ابن مانع ([516]) من جهته، وهو أن كثرة الفنون في المدارس مضيعة لا يرجى منها نتيجة، دام الفنون المتعددة تلقى على ذهن التلميذ الصغير، صغير الذهن وتزدحم ويضيع بعضها بعضا، قد قلناه مشافهة له وكتابة، وكررنا ذلك لما نتوقعه، فلم يكن لقولنا أثر.

وأما الفنون: فكل الذي أنا ذكرت موجودات في الطبقة الراقية في المدارس الابتدائية، وفي المعهد الذي يسمى ثانوي موجود فيه العقيدة الواسطية، وموجود فيه التفسير وأصوله، والفقه والنحو والصرف والبلاغة والمعاني والبيان واللغة والمطالعة والتاريخ والسيرة والحساب والهندسة، وكذا الفرائض والطب والحديث، وكل هذه العلوم تعلم بالمعهد، والمدارس الابتدائية فيها زيادات أخر مع أغلب هذه المذكورات.

ليكن معلوما، فلا يدخل ذهنك ما أشاعه المغرضون ومن تبعهم فإن المنهج معروف عند كل أحد لم تتكلم عن أمر يجهله أحد دون أحد، ليكن معلوما.

وكل هذه الفنون نافعة للدين، وكذلك الدنيا تبع للدين فيها، لكن المقصود من مسائل أخر، وهذا أهم ما حملني على كتابة نصيحة، فإن من أنكر المنكرات إشاعتهم أنه ليس فيها علوم نافعة للدين، بل مضرة في الدين، وهذا منكر من وجوه متعددة شنيعة شرعا وعقلا نرجو الله لكم السلام والحفظ بمنه تعالى.

وكان أيضا موجودا فيها اللغة الانقليزية ([517])، ولكن وصل من ابن مانع أخيرا أن اللغة الأجنبية يلغى تعليمها بالمعهد، عسى ذلك يتحقق وهو الظاهر.

المقصود دام ([518]) جميع هذه الفنون يطالب بها الطالب فالنتيجة معروفة .

أمــا ســؤالكم عــن انتقــال الشـيخ ([519]) لشـقرى ([520])؛ فالناس استغربوا صفة ارتحاله من عنيزة، وأنه شال ([521]) العايلة كلهم والأثاث.

وأما سفره؛  فلا هب ([522]) غريب، هذا وقت روحته للرياض، والناس مثل العادة، وخصوصا للأسباب السابقة يخوضون خوضان ([523]) يرجع إلى ظنون محضة، وهو ـ على العادة ـ نوب الأخ محمد العبد العزيز المطوع، وصفته وكيل قاضي عنيزة.

هذا ما لزم، منا سلام على الوالد والعيال والمشايخ، ومنا جميع الإخوان يسلمون، والسلام.

أما السؤال عن القضية التي حصل فيها القتل، وثبت القتل بإقرار وبينة، وادعى القاتل أنه خطأ، وأولياء القتيل يقولون عمدا؟

فالأصل أنه عمد، وعلى القاتل الذي ادعى أنه خطأ، البينة أنه خطأ، وإلا فالقول قول أولياء القتيل كما نص الفقهاء على ذلك.

هذا حكم هذه المسئلة، فإن وجد حول القضية قرائن وظواهر تدل على صدق القاتل، نظر فيها الحاكم، فإن قويت حتى قاومت الأصل ترجح القول بالدية، وإلا فالأصل وجوب القصاص إذا تمت بقية الشروط، والله أعلم.

****


 الرسالة الأربعون: 3شوال سنة1369هـ

.................................................................................

أخبار متفرقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

3شوال1369هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد، عبد الله العبد العزيز العقيل حفظه اله وتولاه وأصلح له أمور دينه ودنياه، آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم وصحة العيال أرجو الله أن يتم عليكم نعمه وإحسانه.

سبق لك كتاب ذكرت فيه تأخر مائة الريال التي ذكرت أننا نوزعها بنية الزكاة على المحتاجين من أهل الدين والطلبة وغيرهم، وقد وصلني أمس على يد الفريح، وأرسلهن من دون أن يذكر من أين مصدرهن، وظنيت أنك مرسلهن له يرسلها لنا، وهو ما كتب لنا خط، ولكن جابهن ولدهم وعرفت أنهن مالاتكم ([524])، وإن شاء الله سيجري توزيعهن في الحال، ربنا يتقبل منكم، ويضاعف لكم الأجر بمنه وكرمه.

الخلاصة ([525]) ما بعد جانا خبر عن وصوله الحجاز، ربنا يسهل.

الشـيخ ([526]) إلى الآن وهو في شقرى، نسمع أن الذي مريضه ([527]) عن التوجه لطرفنا أن والدته متأثرة، ربنا يشفيها، والآن محمد ([528]) هو الذي عنه بالوكالة، ولا جرى ما يوجب الذكر، ربنا يحسن العواقب للجميع.

هذا ما لزم، منا السلام على العيال والمشايخ، ومنا الولد أحمد وجميع الأصحاب يسلمون والسلام.

إبراهيم المحمد العمود وصلنا منه كتاب يذكر أنه سيتوجه قبل العيد، لأنه ظهر له ركوب على سيارة ([529]).

****


 الرسالة الواحدة والأربعون: 25ذي الحجة سنة 1369هـ

........................................................................

أخبار متفرقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

25 الحجة 1369هـ

 من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد الشفيق، عبد الله العبد العزيز العقل، المحترم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، لازلتم بخير وسرور.

مبطين ([530])عن مكاتبكم، أسمعنا الله عنكم ما يسر الخاطر، صحتنا مع العائلة والإخوان تسركم، أتم الله نعمته على الجميع.

لابد بلغكم وصول الخلاصة ([531]) لمكة، وقد وصينا العيال ([532]) يوزعون أول دفعة على أعيان الحجاج القادمين من أهل العلم والفضل، لأن بقية الصناديق آخر الخبر ما بعد وصلن، ويوزعون على أهل العلم بالحجاز وما حولها، ويرسلون لعبد العزيز الصالح الحماد ([533]) قسما منها ليوزعه بالرياض، وأرسلوا لنا منها فرقناه على جميع الطلبة بطرفنا، وعلى من نراهم أهلا، وبعثنا لبريدة

وحايل وبعض قرى القصيم والزلفي والمجمعة ([534]).

ونؤمل أن عبد العزيز الصالح ([535]) وصله الذي وصينا العيال عليه وزيادة عن ذلك، فقد زاد عندنا مائة نسخة، أرسلتها لعبد العزيز من طرفنا، لأن الرياض أحق من غيره لكثرة الطلبة وأهل العلم فيه.

وصيت العيال يجلدون منها أفرادا منها يسيرة، وياصلكم ([536]) منها مجلد معه نسختين، ولابد عبد العزيز عطاكم وأشرفتم عليها، لأن الكتاب ـ ولله الحمد ـ صار فوق ما يؤمل فيه، جامع بين السهولة والجمع والاقتصار على أهم المهمات، نرجو الله أن يجعل العمل خالصا لوجهه، وافقا لما يحبه ويرضاه.

هذا ما لزم، منا السلام على العيال والمشايخ، ومنا جميع الإخوان بخير.

والله يحفظكم، والسلام.

الذي طبع منه أربعة آلاف نسخة، وزع في مصر منه نسخ مهيب ([537]) كثيرة، حسب تعريفنا لهم على أهل العلم والفضلاء والمكاتب.

****


 الرسالة الثانية والأربعون: 11ربيع الآخر سنة 1370هـ، أخبار متفرقة،

................................................................................

بعض أخبار المعهد، بحث حول حديث في تفسير أول سورة الشورى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

111ربيع الآخر 1370هـ.

من المحب عبد الرحمن الناصر بن سعدي، إلى جناب الولد الفاضل، عبد الله العبد العزيز العقيل المحترم، حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلني اليوم كتابكم رقم 8 الجاري ([538]) سررت بصحتكم مع العيال، ذكرت تأخر كتابنا لكم، وقد كنت أخرته لأن قصدي أني أدور ([539]) رسالة أرسلت إلى منذ سنتين من الرياض، صغيرة فيها الكلام على الحديث الذي سألت عنه الذي ذكره ابن كثير فس سورة الشورى، (حم عسق) ([540])، وما أعلم هو تكلم على صحة الحديث أو ضعفه، فلم أجدها، وهي مطبوعة أهدي منها للملك جملة، ونسيت الذي ألفها، ثم لما لم أجدها تطلبت الكلام عليها فلم أعثر بشيء من ذلك، إلا أن الحديث بنفسه ذكره ابن كثير في المجلد السادس من البداية والنهاية صحيفة 250 وقرن معه حديثا آخر، وهو تكلم على ضعفه، فلا أدري كلامه يشمل الحديثين أم خاص بالأخير، (أو انظر) إليه في ذلك المحل من الكتاب المذكور.

أفدت أن الشيخ محمد ([541]) إلى الآن في مصر، وأن علاجه مؤمل ـ إن شاء الله ـ نجاحه وانتهاؤه في آخر الشهر، حقق الله ذلك، وبارك الله في حياته.


كان معلوما أن المقوشي ([542]) توجه قاضيا في القويعية ([543])، ربنا يوفقه ويسدده.

الإخوان صحتهم تسرك، والطلبة على ما تعهد ويبلغك، والكسل غالب، نسأل الله اللطف.

المعهد ([544]) قرر فيه الشيخ محمد عبد الرازق عفيفي، رجل عالم سلفي([545])،


ومصطفى الفلسطيني ([546]) ويبلغنا أنه سيتوجه معلم ثالث مصري، ما نعلم عن ذلك ربنا يوفقهم، وينفع بهم العباد والبلاد، أما الشيخ محمود الفلسطيني ([547]) فهو على دربه رئيس


المدرسة الفيصلية بمليحه ([548])، والجميع مرتاحون، والأمور لله الحمد ساكنة، نرجو الله ونسأله أن يجمع الكلمة.

(جانا) كتاب من عبد الله المحمد العوهلي أن بقية الخلاصة وصلت أوراقها من مصر وطلعت من الجمرك، وقد أوصيته يرسل للرياض ولغيره من الجهات التي ما أرسل إليها، ويرسل إلينا الباقي لنفاد ما عندنا.

هذا ما لزم، وإذا يبدو من لازم شرفونا، وبلغ سلامي العيال والمشايخ، وجميع الإخوان.

ومنا الوالد والولد عبد الله وجميع الإخوان يسلمون، والله يحفظكم، والسلام.

***


 الرسالة الثالثة والأربعون: 28رمضان سنة1370هـ

...............................................................................

أخبار متفرقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

28رمضان 1370هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد الشفيق، عبد الله العبد العزيز العقيل، المحترم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، أرجو الله أن تكونوا بأتم الصحة والسرور (وأوفى) السرور وأكمل الأحوال.

في أسر الساعات وصلني كتابك رقم 19/9 فتلوته مسرورا بما فيه كله من التهنئة بهذا الشهر، نرجو الله أن يجعل لنا ولكم من خيره أوفر الحظ والنصيب، وأن يعيده عليكم أعواما عديدة مصحوبة بكل خير من الله وصلاح، ومن هديتكم الجميلة؛ الشماغ ([549]) الذي ـ إن شاء الله ـ سنبتدىء لبسه يوم العيد، والطيب الذي ابتدأنا استعماله في الفصل ([550])، كساك الله لباس التقوى في الدنيا ولباس الكرامة في الأخرى، وطيب الله لك الأعمال والأقوال وجميع الأحوال.

الحقيقة صار له موقع كبير لا يخطر لك على بال، لازلت موفقا، لأنه وافق وناسب.

أيضا مائة ريال مع المذكورات، وصلت، وجاري توزيعها على من نراه

مستحقا من أهل الخير والحاجة، تقبل الله منك وضاعف لك الأجر، ونشكرك على إجرائها على أيدينا للاشتراك ـ بحول الله ـ بالأجر.

ألفت كتابا فيه مقالات دينية منوعة وهو فصول، وأرسلته مع الشيخ عبد الرازق عفيفي لمصر لقصد طباعته، سميته "الرياض الناضرة والحدائق الزاهرة" ([551])، نرجو الله يسهل طباعته بخير.

ولي مدة طويلة وأنا أجمع مجموعا لشيخ الإسلام ابن تيمية وهو القواعد ([552])، وذلك إذ قد عرفت عناية الشيخ رحمه الله في القواعد والأصول والضوابط، فكنت أتتبع كتبه منذ وقت، فكلما مر على قاعدة أو أصل أو ضابط، أكتبه بعبارته من غير تغيير، وقد ييسر نقله، والظاهر أنه يصير أنفس مجموع لأهل العلم والتحصيل، لأن فيه قواعد أصولية في أصول الدين وفي أصول الفقه، وفي أصول الأحكام، وفي أصول الأخلاق، وفي أصل الرد على (المبطلين) وكل أصل (مر علي في) كتب شيخ الإسلام أثبته بحسب الاجتهاد، (وكلمته) بتكميل من الأصول التي في كتب ابن القيم لم يذكرها الشيخ، فبلغ الجميع ما يزيد على ألف ما بين أصل وقاعدة وضابط.

ولكنه ـ كما ذكرت لك ـ فائدته العظيمة لأهل العلم والتحصيل، أما جمهور الناس فربما كان غيره أنفع لهم منه.

هذا ما لزم، لكم سلام الوالد والعيال والمشايخ جميعا.

ومنا العيال عبد الله وأحمد والإخوان وجميع المحبين.

وصل منذ يومين لطرفنا سليمان المحمد العمود لزيارة والدته، ومعه كتب من أخيه إبراهيم، صحة الجميع تسركم، ويقول إن الشيخ عبد الله بن سليمان بن  


حميد ([553]) شيخ جيزان ([554]) سيزور والدته في بريدة قريبا.

ويثني على أعمال الشيخ عبد الله القرعاوي ([555]) في ذلك القطر ([556])، واجتهاده في التعليم وإنشاء المدارس، ربنا يعينه ويوفقه، إنه جواد (كريم) والسلام.

****


 الرسالة الرابعة والأربعون: 19رمضان سنة1375هـ

........................................................................

أخبار متفرقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

19رمضان 1375هـ ([557])

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل، المحترم حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، صحتي لله الحمد كما تعهد بأتم ما يكون، أرجو الله يوزعنا وإياك شكر نعمه.

نبارك لكم في هذه العشر الكريمة أعاننا الله وإياكم فيها على طاعته.

خليت عبد العزيز المحمد ([558])جزاه الله خيرا يقيم القيام عني نزولا على رغبة المشفقين، وإلا من فضل الله الصحة تامة.

وصلني كتابك رقم 6الجاري، وسرني صحتك مع الوالد والعيال فلله الحمد على ذلك.

أفدت أنهم ([559]) جمعوا نحو خمسين من طلبة الكلية ([560]) يقومون بالوعظ والإرشاد في مساجد الرياض، ويمكن بعد العيد يعين مائة وعشرون يوزعون على البلدان، هذا ـ بحول الله ـ من توفيق الله، ونسأل الله يجعل فيه البركة والنفع العام.

أخبارنا، إلى الآن ما قر القرار، جاء تعيين من الملك ([561]) لسليمان البراهيم البسام ([562])، وسليمان تأثر جدا، (ومرض إثناء) هذا، واعتذر اعتذارا باتا، والأمير جمع الجماعة ونظروا الموضوع، فإذا إلزام سليمان يؤدي إلى حالة خطرة عليه، ورفعوا برقية للملك يعتذرون عن سليمان وضعفه عن هذه المهمة، ويطلبون من الملك إما الشيخ بن باز وإما الخليفي ([563])، وإلى الآن ما جاهم جواب، ربنا يحسن العاقبة للجميع.

سليمان الآن مريض مفطر، ربنا يلبسه العافية ولا يرى الجميع مكروها.

وصلني من عبد الرحمن أبا الخيل مكتوب يذكر نجاز الرسائل الصغار الذين أرسلت له، وأنه شحن واحدة منهن، ولكن إلى الآن ما بعد وصلن.

هذا ما لزم، منا السلام على الوالد والعيال والمشايخ، ومنا جميع المحبين والله يحفظكم.

الجماعة جاهم الجواب من الملك بالسماح عن سليمان وأنه سيعين سواه، ربنا يدبر ما فيه الخير والصلاح.

***


 الرسالة الخامسة والأربعون: تاريخها 25رمضان 1375هـ

................................................................................

أخبار متفرقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

25رمضان 1375هـ من المحب عبد الرحمن الناصر سعدي، إلى جناب الولد المكرم الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل، المحترم حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم وصحة الوالد والعيال، أرجو الله أن تكونوا بأتم الصحة، صحتي من فضل الله تسرك.

وصلني مكتوبك المفيد عنكم، وأحسنت بشرح بعض الأحوال بطرفكم، ومرسولك شماغ ([564]) العيد والطيب لليالي العشر وصلن، شكر الله سعيك وأكثر الله خيرك.

العود ([565]) بادرنا في تلك الليلة طيبنا منه الجماعة بالفصل ([566])، لا حرمك الله الأجر.

(... .. ([567])).

بعد البرقية التي ذكرت لك أن الملك سمح عن سليمان البراهيم ([568])


ويقول سيجيكم قاض سواه، ما بعد جانا خبر، ويوم قال هكذا ما للجماعة أو الأمير اختيار في المسئلة، فنسأله تعالى أن يولي علينا خيارنا بمنه وكرمه، ولابده يراجع الشيخ محمد.

منذ أيام جاء من الشيخ محمد بن إبراهيم لمدير المعهد ([569]) هنا أن ينتقي من التلامذة أشهر اثنى عشر تلميذ وينتدبهم يعظون ويرشدون في مساجد عنيزة وضواحيها أسوة لما فعل بطرفكم، وأنه يراجعني في النقط والمواضيع التي يمشون عليها، ولمنه حاولهم محاولة شديدة وصمموا على الاعتذار، وأرسلهم لي بالبيت، وقبلتهم وسهلت عليهم الأمر، وقلت الأمر بسيط، الذي ما يحسن يلقي فمن صحيفة ولا لكم تعتذرون من الأوامر، وأيضا لكم في ذلك مصلحة: أجر، وتمرين، ونفع عمومي.

قالوا: أما هذه السنة فحنا مصممين عن الاعتذار لأن المسألة جاءت فجأة، ونحن عندنا دروس، وبعضنا يريد الالتحاق بالصفوف العالية، وما أشبه هذا من المعاذير لا من الأعذار، ولكننا ـ إن شاء الله ـ في العام المقبل نستعد لذلك.


ما أدري هو جا لمعهد بريدة ([570]) مثلنا كما هو الظاهر أم لا؟ والشيخ محمد كتب لي مكتوب بما ذكر لي المدير ولا وصلني إلا أمس، وشرحت له الحال والمدير كاتب له القضية منذ ثلاثة أيام.

تسأل عن الرسائل الثلاث اللي تولى طبعها عبد الرحمن أبا الخيل، فهي خطب تقريب ثلاثين خطبة غير الموجودة بالديوانين السابقين، ([571]) ورسالة اسمها (الدين الصحيح يحل جميع مشاكل الحياة) ([572]) وهي أيضا مختصرة، والثالثة كتاب في الأحكام يقال له (التقاسيم والفروق) ([573]) وهو أطول منهن وهو مفيد في الفقه.

عبد الرحمن يقول خلصن الخطب والدين الصحيح، وسيحملها قريبا، وفعلا أرسل لي بالبريد من الخطب ثلاث نسخ، أرسلت إحداها للشيخ عمر بن حسن ([574])، وسنرسل الثنتين لمن تحمل ([575]) جزاه الله خيرا نصف مصرف النسخ الثلاث بعدما طلب أن الجميع يكون عليه، فأخبرته أن النصف فيه بركة، وقد ذكرته لك، ولابد إن شاء الله بوصولهن نرسل لكم بحول الله.

بلغ سلامي الوالد والعيال وقبل لي الولد عبد الرحمن ([576])، ربنا يصلح الجميع، ومنا جميع الإخوان يسلمون.

محمد العبد الرحمن ([577]) سيزورنا إن شاء الله بعد العيد بخمسة أيام، وحيث


عبد الله ([578]) يعيد عندهم بالخبر ([579]) جعلت كتابه داخل كتابك هذا، وإلا المعتاد كتبك تكون ـ وستكون إن شاء الله ـ داخل كتابه، ولكن أخشى ما يصل هذا الرياض إلا عبد الله قد سافر، فمن فضلك إن كان قد سافر تعطيه العيال؛ صبيانه، وتحرصهم على إرساله عاجلا، لا، بل إن كان مهوب ([580]) حاضر تخليهم ([581]) يكشفون عليه ([582])، ربما أن التحويل ما بعد قبضه، وهم ينوبون عنه بذلك.

****


 الرسالة السادسة والأربعون: تاريخها 21الحجة 1375هـ أخبار متفرقة،

...................................................................................

حج الشيخ، ما دار في الحج حول مسائل خاصة بالحرم المكي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

 21الحجة1375هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم الشيخ عبد الله العبد العزيز العقيل، المحترم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع سؤالي عن صحتكم وصحة العيال، أرجو الله أن تكونوا بخير.

أفيدك وصلنا ليلة الأحد الماضي الوطن بعد الحج، ربنا يتقبل من الجميع ويعيدنا وإياكم لكل خير.

من فضل الله صار الموسم على كثرة الحجاج براد، والصحة تامة، والإصلاحات المريحة لحجاج بيت الله متوفرة، ربنا يوفق الحكومة لكل خير.

اجتمعنا هناك بكثير من المشايخ والفضلاء من النجديين وغيرهم، ولابد الولد عبد الله أفادكم عن ذلك وغيره، ولابد بلغك جمع الشيخ محمد البراهيم ([583]) عن ملأ من الملك لعلماء نجد وعلماء الحجاز فقط، وبحثه معهم في مسألة بيوت منى، ومسألة توسيع المسعى والمطاف، ولزم علي بالحضور، وجلسوا عدة مجالس، وحصل الاتفاق من الجميع على أن بيوت منى كلها وضعت بغير حق ووجوب السعي في إزالتها إما بهدمها وتعويض الواضعين لها عن أنقاضها لا عن بقعتها.

وبعضهم اقترح إبقائها وإلزام الواضعين لها أن يجعلوا أسفلها تبعا لمنى


وأعلاها يتصرفون به، ولكنه اقتراح عجيب متعذر، أو متعسر مع ما فيه.

وكذلك المسعى منهم من قال إن عرضه لا يحد بأذرع معينة، بل كل ما كان بين الصفا والمروة فإنه داخل في المسعى كما هو ظاهر النصوص من الكتاب والسنة، وكما هو ظاهر فعل الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه ومن بعدهم، ومنهم من قال يقتصر فيه على الموجود، لا يزاد فيه إلا زيادة يسيرة يعني في عرضه، وهو قول أكثر الحاضرين.

ويظهر من حال الشيخ محمد أن يعمل على قول هؤلاء لأنه لا يحب التشويش واعتراض أحد.

كذلك المطاف، اتفقوا على أن النقرة التي عند الباب تسوى بأرض المطاف دفعا لتبرك الجهال بها، وتوسيعا للمطاف، وعلى أن مقامات الأئمة وما تبعها وقسما من زمزم تزال توسيعا للمطاف.

وأما مقام إبراهيم، فاتفق علماء نجد على أنه يسوغ، بل يترجح، تأخيره لتوسيع المطاف لما في ذلك من النفع العام، وللعلة التي أخره عمر إلى موضعه المذكور، ووافقهم بعض علماء الحجاز، ولكن أكثر علماء الحجاز توقف في الموافقة على ذلك لرواية ضعيفة ذكرها الأزرقي في أن المقام هذا موضعه في زمن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولا نعلم هل يكون توقفهم مانعا للتنفيذ أم يراعي فيه المصلحة العامة، أم تعرض المسألة على بقية علماء الخارج، ربنا يوفقهم.

****


 الرسالة السابعة والأربعون: 17جمادى الأولى 1375هـ

...........................................................................

أخبار متفرقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

17/5/1376هـ

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم الشيخ عبد الله العبد العزيز العقيل، حفظه الله ورعاه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم وصحة العيال، أرجو الله أن تكونوا بخير، صحتنا تسرك، مكاتيبك لها مدة، خلاف عادتك.

الأمطار ـ لله الحمد ـ بأطرافنا كلها غزيرة جدا، من ليلة السبت الماضي والمطر مستمر ولكنه لله الحمد تسقاه ([584]) والناس معهم زمل ([585]) من كثرته على المنازل، ولكن ـ ولله الحمد ـ على غزارته ما صار فيه نقص، ربنا يتمم إحسانه ويجعل مع نزوله نزول بركته.

الجزء الأول من مختصر تفسير بن كثير أهداه لي الشيخ محمد أحمد شاكر ([586])


وإن تم ([587]) الظاهر يصير عليه العمل لأنه زبدة تفسير بن كثير.

تائية شيخ الإسلام في القضاء والقدر ([588]) سألني غير واحد من الإخوان وضع شرح عليها، ففعلت، يسره الله شرحا متوسطا، ولكنه ـ لله الحمد ـ واضح، ووضح المسئلة التي اعتنى شيخ الإسلام في هذا النظم ببيانها، لأنها من أهم المهمات.

التفسير ([589]) ـ مثل ما ذكرت لك ـ وصلني من الجزء الأول عدة ملازم من

زمان، وبعد ذلك ما جانا عنه خبر، والحروة ([590]) الحوادث الأخيرة في مصر ([591]) توجب توقف الأعمال، ربنا يتمم نعمته ويكفي المسلمين شر الأشرار.

مواسير الماء على وشك الخلاص ([592])، والحروه ـ إن شاء الله ـ في آخر هذا الشهر وأول الداخل يعملون المكينة، ربنا ينجح ذلك ويتقبل منهم.

هذا ما لزم، وإذا يبدي من لازم شرفني فيه، ومني سلام على العيال والمشايخ والإخوان، كما منا الوالد وجميع الإخوان يسلمون، والله يحفظك والسلام.

***


 الرسالة الثامنة والأربعون: 27جمادى الأولى 1376هـ

.............................................................................

أخبار متفرقة ومسائل أخرى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

27/5/1376هـ.

من المحب عبد الرحمن الناصر السعدي، إلى جناب الولد المكرم الشيخ عبد الله العبد العزيز العقيل، حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع السؤال عن صحتكم، صحتنا تسرك.

وصلني كتابك رقم 25الجاري، سرتني صحتك وصحة العيال، أتم الله عليكم نعمه، وأحسنت الإفادة عن حالة الجهات التي أصيبت بأمطار شديدة، وعن الرياض ونواحيها أنه فقط مطر خفيف، ربنا ينزل بركته ويعم أوطان المسلمين، ويخلف على من انتقص.

ديرتنا مثل ما ذكرت لك، الضرر بسيط جدا ولله الحمد، ربنا يجعله حوالينا ولا علينا.

أفيدكم وصلني ملازم أيضا من الجزء الثاني وبقية الجزء الأول من التفسير ([593]) ويذكر الشيخ نصيف ([594]) أنهم ـ إن شاء الله ـ مجتهدون في إنجازه، يسر الله ذلك وسهله.

أما ما أشرت إليه من السعي في طبع شرح التائية ([595]) فنيتنا إن شاء الله إذا نقلت نقلا وخط طيب، طبعها، نرجو الله التسهيل.

مكتوب عبد العزيز العوهلي ([596]) أرسلته له، وصحته تسر.

دار الأيتام، نفيدك صارت لله  الحمد على خلاف الظن، اللي تكامل فيها من التلاميذ عشرين أو يزيدون، وإدارة عبد العزيز ([597]) إدارة طيبة وإدارة رحمة، نرجو الله للجميع التوفيق.

أما توضيح الشويكي ([598]) فهو مثل ما ذكر لك الشيخ محمد بن مانع واضح

وفيه اختيارات وتقوية للمؤلف طيبة، ولكن نسخته الطبيعة فيها تحريف كثير، والذي يظهر لي أنه يفوق على المنتهى ([599]).

قول الشيخ ([600]): القرمطة في السمعيات والسفسطة في العقليات، يجمعها أنهما المكابرة في إنكار مالا ينكر، وما يخالف الضرورة والبداهة.

والأدلة نوعان: سمعية وعقلية، فالدليل السمعي إذا كان صحيحا صريح الدلالة، فمن حرف دلالته الصريحة عن مدلولها فقط قرمط، نسبة للقرامطـة


(الباطنة) ([601]) الذين يفسرون النصوص المعلومة بالضرورة لكل أحد بتحريفات يعلم العالم والجاهل أنها تحريف، كتحريفهم للصلاة أنها معرفة أسرارهم، والصيام كتمان أسرارهم، والحج زيارة شيوخهم، وما أشبه ذلك مما يعلم أنه مكابرة وإنكار للمعلوم من النصوص، فعلم أن أعظم تحريف للنصوص مذهب القرامطة، وكثير من أهل العلم يشاركونهم في نصوص الصفات ونحوها.

أما السفسطة فهي إنكار المحسوسات أو الشك فيها، قيل إنه مذهب طائفة من الناس في كل شيء.

وقال الشيخ في كلام له، إنه ليس مذهب طائفة معينة، لأنه لا يمكن استقرار طائفة معينة على إنكار المحسوسات، وإنما يعرض لكثير من الناس في إنكار بعض المحسوسات، أظن ذكر هذا الكلام في المنهاج ([602]).

مثال ذلك أن يقول هذه السماء أو الأرض أو ما أشبهها من المشاهدات الواضحة يقول: ليست السماء وليست الأرض، أو: لا أدري هل السماء أو


الأرض، ومن وصل به عقله إلى هذه الخيالات فقد أشبه المجانين، ومع ذلك فكثير من أهل الكلام إذا تكلموا في المعقولات أنكروا الأشياء الواضحة، فلهذا من سلك هذا المسلك في المعقولات قيل سفسط، أي أنكر المحسوس.

فالقرمطة والسفسطة نسبة للقرامطة ([603])

والسوفسطائية ([604])، يعني أن أغلظ غلط في تأويل السمعيات يصل بصاحبه إلى القرمطة، وأغلظ غلط في نفي العقليات يبلغ بصاحبه إلى مذهب السوفسطائية، والله أعلم.


هذا ما لزم، منا سلام على العيال والمشايخ، ومنا الوالد وجميع الإخوان يسلمون، والسلام. ([605])

***



رسائل ومسائل

متفرقة

وهي فتاوى ومسائل متفرقة

لم نتمكن من تحديد تاريخها


أسئلة وأجوبتها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

ونسأله أن يهدينا ويوفقنا للصواب قولا ونية بمنه وكرمه.

أسئلة:

السؤال الأول:

نخل هو وقف، قضبه ([606]) المساقي عدة سنين، وانهدمت البئر، وتنازع مستحق الوقف والمساقي فيمن يعمرها، وليس له غلة تقوم بها، فمن يقوم بعمارتها؟

الجواب:

المساقاة جرى العمل في نجد على الرواية الصحيحة ([607]) أنها عقد لازم،

أي فتكون بمنزلة الإجارة كما هو مقتضى النصوص ([608]).

وإذا كانت بمنزلو الإجارة فالمؤجر ـ وهو الموقوف عليه في المثال ـ هو الذي يلزمه تعمير المؤجر في مدة الإجارة، ولكن لا يلزمه أن يعمره إلا من غلة الوقف.

فإذا لم يكن للوقف غلة ، فللمساقي فسخ المساقاة كسائر الصور التي يتعذر فيها الانتفاع بالعين المؤجرة.

ولا يلزم المساقي أن يعمرها ، فصاحب استحقاق الوقف معذور إذا لم يكن للوقف غلة ، والمساقي من أصل ([609]) ، ليس شيء من التعمير.


وفي هذه الحالة إذا رأوا أن المصلحة أن يشتركا في عمارتها ، هذا ينتفع بحفظ أصل الوقف ، والمساقي ينتفع بماله من زرع أو ثمر أو خضرة وباقي سنينه، ويرى حالة تناسب الجميع فهو أحسن ما يكون اصلاحا لا الزاما.

الثانية: ([610])

إذا استأجر بيتا وفيه بئر غار ماؤها واحتاجت لضرب الصفا، فهل يلزم رب البيت، لأن النقص على المستأجر واضح؟.

الجواب:

نعم يجب على صاحب البيت أن يحفر البئر التي غارت بحفر أو ضرب الصفا ليتمكن المستأجر من الانتفاع، فإن تعذر لامتناع أو عجز أو عسرة أو غيرها، فللمستأجر الفسخ في باقي المدة، وله أيضا –على الصحيح- البقاء ويسقط عنه من ىالأجرة أرش النقص لفقد الماء.

وأما المشهور من المذهب فإنه يخير بين الفسخ والبقاء بلا أرش ([611])، ولكنه ضعيف ([612])، حتى قال بعض الاصحاب : لم نجد بين الاجارة والبيع فرقا، فيجب استواؤهما، لأن الاجارة بيع المنافع.

الثالث:

إذا كان في المكان ثلاث ضحايا متفرقة ولم يغل إلا ما يكفي ثنتين، فهل يضحي بهما، أو يؤجلان حتى يجتمع ما يكفي الجميع؟.

إذا كان الموصي قد أمر أن لا يضحي بهما إلا مجتمعات ، اتبعت وصيته، وهذا نادر.

وإن كان -وهو الغالب- لم يقل ذلك فإنه يضحي بهما ، وإن لم يغل إلا واحدة فكذلك يضحى بهما، وتنوي أو ينويان عن الجميع اللذين جعلت لهم الاضاحي الثلاث.


كما لو وصى مثلا بثلاثين درهما من غلة هذا الوقف أو خمسين وزنة أو صاعا عن فلان وفلان وفلان الخ.. فلم يغل  إلا أقل من ذلك المقدار، فإنه يخرج الحاصل ولا ينتظر به السنة  المقبلة، لأن هذا مراد الموصين؛ أنها تنفذ وصاياهم كل عام، وإنما يقدرون ما يقدرون لظنهم أن المغل يكفي لذلك، فإذا تبين عدم كفايته أخرج المغل.

وأيضا : ففيه من المصلحة حصول النفع للأموات كل عام.

وأيضا: ففيه أيضا ([613]) حصول النفع للأحياء المتولين لذلك ، لأنهم ينتفعون بالاضاحي أكلا وهدية وصدقة.

وفيه أيضا: سلامة من تبعه من التفريط ، فإنه إذا قيل يحفظ المغل حتى يكفي الجميع، يخشى أن يكون بيد محتاج لا يمكن بعد ذلك تنفيذه، أو يموت أو يحدث نسيان.

وفيه أيضا: مصلحة [طبقات] أصحاب أهل الوقف، يعرف أنه كل عام وصل إليهم ما يستحقونه، بخلاف ما لو ضم السنين المتعددة، فإنه يخشى أن تحرم منه احدى الطبقات.

وقد أفتينا بهذه الفتوى منذ سنين، وحصل فيها نفع  للناس، وتنفيذ للوصايا، وسلامة من تبعات التأخير، وهي –كما عللنا- منطبقة على كلام الاصحاب والقواعد العلمية، والله أعلم.

الرابع:

رجل مات عن أولاد أخته الشقيقة وعن خال وعن عم وعمة لأم فكيف يقسم الميراث؟

الجواب:

المذهب: للخال الثلث، وللعم والعمة الباقيات ([614])، لكونهما بمنزلة الأب، وليس للأولاد الأخت الشقيقة شيء، لأن الأب يسقط الشقيقة فكذا من أدلى بها.

وأولاد الأخت وإن كانوا متعددين لا يحجبون الخال  إلى السدس لأنهم على فرض تنزيلهم منزلة من أدلوا به، يدلون بأخت  واحدة ([615]).

وفيه وجه المذهب ([616]) أن العم والعمة بمنزلة الجدة أم الأب لأنها أمهم، وهذا يدلون بها، فعلى هذا يسقط العم والعمة بالخال لأن الخال يدلي بالأم وهو يدلون بالجدة، والجدة تسقط بالأم ، فيكون ([617]) بين الخال أولاد الشقيقة،


للخال الثلث، ولأولاد الشقيقة نصيب أمهم ([618]) النصف فتعود بالرد من خمسة، لأولد الشقيقة ثلاثة وللخال اثنان. وهذا الوجه أصح لابتنائه على قاعدة الأرحام ([619]).

الخامس:

إذا أعطاه فلوسا لينقلها إلى بلد آخر فتلفت، فادعى الدافع بأنها مناقلة يعني قرضة، وقال القابض: أمانة، ولا بينة؟


القول قول القابض، لأن القرض عقد، والأصل عدمه إلا ببينة وهذه جادة المذهب في كل دعوى بين اثنين ادعى أحدهما وجود عقد وأنكر الآخر، فالقول قول المنكر، وحديث: (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) ([620]) يدل عليه.

السادس:

رجلان تضاربا فقطع كل واحد منهما يد صاحبه عمدا محضا، فسرت الجناية بأحدهما إلى نفسه ([621])، فهل يجب على ضاربه القصاص أو الدية؟ وعلى كل فهل ليد الآخر المقطوعة دية أيضا؟

الجواب:

إذا كان الجاني على الذي سرت يده يدافع عن نفسه، وكان ذلك الفايت ([622]) هو المعتدي، ولم يمكنه دفعه عن نفسه إلا على هذا الوجه، فهذا لا شيء عليه، لا قصاص ولا دية.

وإن كانت مخاصمة بينهما فأدت بكل واحد منهما إلى قطع يد صاحبه عمدا وعدوانا، فكل واحدة من الجنايتين توجب القصاص، ولكن لما سرت إحداهما إلى النفس فلأوليائه القصاص من الآخر بشروطه المذكورة في باب شروط القصاص، وإن اختار أولياؤه ـ أو بعضهم ـ الدية فلهم ذلك.

وأما الآخر الذي ل تسر يده إلى نفسه، فيجب ليده دية في مال الجاني عليه لأنه عمد محض.

 فإن كان أولياء الهالك قد اختاروا الدية فهي أيضا في مال الجاني يسقط قسطها من دية يده، والله أعلم.

السابع:

إنسان مات وخلف عقارا وله غرماء، وقبل المطالبة حصل للعقار غلة أو أجرة، ولما طلب الغرماء دينهم، لم يدفع لهم الورثة إلا العقار فقط وامتنعوا عن تسليم غلته؟.

الجواب:

ليس لهم الامتناع من تسليم ما استغلوا من هذا العقار المخلف عن مورثهم الذي تبين له الغرماء وثتبت حقوقهم، لأن الورثة ـ بالكتاب والسنة والإجماع ([623])ـ ليس لهم من التركة شيء حتى يستوفي الغرماء حقوقهم، ولا

فرق بين علمهم وعدم علمهم، ولا بين الدين الثابت الذي تبين ثبوته وقت موته والذي لم يثبت إلا بعد ذلك.

وهنا ضابط يدخل فيه هذا الفرد، وهو أن من أخذ مالا ظنا أنه له فاتضح أنه لغيره فإنه ضامن لذلك على أي حال يكون، ويدخل في هذا من أجناس المسائل وأفرادها شيء كثير.

الثامن:

إخوة لهم عقار واحتاجوا وباعوه كله وقبضوا ثمنه بغياب واحد منهم، وكتب أخوهم الذي تولى البيع الوثيقة، وذكر أنه بالوكالة عنهم جميعا، وبعد سبع سنين حضر الغايب وادعى عدم العلم ولا الرضى ببيع أخيه نصيبه، وطلب الشفعة في الباقي فما الحكم؟

الجواب:

هذه المسألة؛ لا يمكن أن يكون البيع الذي تولاه الأخ المذكور، أن يكون بإذن الحاكم، لكونه ادعى أنه بالوكالة منهم جميعا، وحينئذ الأصل بقاء حق الأخ الذي ادعى عدم العلم والرضى إلا أن يأتي الأخ الذي تولى البيع ـ أو المشتري ـ ببينة تشهد على علمه ورضاه.

هذا إذا كانت المسئلة الواقعة مما يمكن فيها عدم العلم والرضى من صاحب النصيب الذي ادعى أن نصيبه ليس عليه بيع، ويريد مع ذلك الشفعة.

فإن كان ثم قراين وأمارات ظاهرة تدل على خلاف ذلك مع هذه المدة الطويلة عمل بها، وسلوك طريق الإصلاح المناسب في أمثال هذه المسائل نافع للطرفين ومزيل للمشاكل.

التاسع:

كثيرا ما يكون بين اثنين مداخلة بيع وشراء، وبعد مضي مدة يتطالبان في أشياء مما تداخلا فيه، فيدعي المشتري بأنه دفع له الأثمان دفعات متعددة بوقته، ولم تجر العادة بالإشهاد، وقد سكت عنه هذه المدة الطويلة سنة أو أكثر، وينكر البايع بعض هذه الدفعات، فلو يفتح الباب لا تسع المجال، مع أن المال لم يثبت إلا بإقراره، ولو أنكره لم يجد عليه بينة لعدم اعتيادهم الإشهاد، فكيف الطريق إلى حل الإشكال؟

الجواب وبالله التوفيق:

هذه المسألة وما أشبهها تتعارض فيها الأصول الشرعية، والقراين والشواهد العادية.

فمن الأصول الشرعية بل أكبرها: البينة على المدعي واليمين على من أنكر، ومنها: لا عذر لمن أقر.

ومن الشواهد العادية والقراين: النظر الخاص لحالة المتعاملين الخاصة بينهما وحالة كل منهما على انفراد وأمانته وعدمها وصدقه وكذبه.


والقضايا الخاصة، لا يمكن أن نرجح أحد هذه الأصول على الآخر حتى يكشف المفتي والحاكم عن حقيقة أمرهما وجريان معاملتهما، وذلك أن الأصل تقديم الأصل على الظاهر، وهو القراين، إلا إذا قويت القراين فترجحت جدا على الأصل.

فأجيبك جوابا إجماليا عن مثل هذا: إن الأصل مع البايع، لأن المشتري يقر بالثمن ومدع الوفا والبايع ينكر ذلك، فإذا كان الأصل لا معارض له قدم باتفاق العلماء مع دلالة الحديث: (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) ([624])، وأنه لا عذر لمن أقر.

وإن كان لهذا الأصل معارض من قراين قوية:

مثل أن يكون هذان المتعاملان جرت العادة بينهما بحسم المسائل السابقة واطردت بينهما هذه المعاملة.

أو جرت العادة أن البايع لا يصبر على مثل هذا التأخير من معامله.

أو كان البايع يبيع للناس مثل الدلال الذي يحسم الأشياء بوقتها، ويسلمها لأهلها.

أو كان مثلا فقيرا والآخر غنيا غير مماطل، وقارنها مع ذلك أن المشتري معروف بالصدق والأمانة.

وأيضا إذا كان يتمكن إذا رأى من البايع الإنكار أن ينكر أصل المعاملة التي وقع فيها التفاوت وهو يحسن، وإلا فكثير من الناس لا يحسن.

فمثل هذه الأمور قد تقوي وتغلب الأصل، ويصدق فيها المشتري لاسيما مع طول المدة.

ومن القراين والشواهد: إذا كان المتعاملان لهما دفاتر منتظمة، وعند التأمل في أحوال القضية الجزئية لابد أن يتضح له قراين أخر.

وعند الاشتباه وتعارض المرجحات؛ ما أنفع الصلح بينهما صلحا يوافق ويناسب الواقعة.

فائدة تتعلق بهذه المسئلة وغيرها

إذا عامل المشتري صاحب دكان ونحوه ممن يتنوع أخذه منه لوازمه وأوصاه أن يضبط الحساب ([625])، فادعى صاحب الدكان شيئا ممكنا غير بعيد، وأنكر المشتري، فالقول قول صاحب الدكان، لأن المشتري جعله أمينا عليه، وقد فوض إليه الأمر، والأمين قوله مقبول فيما ائتمن عليه إذا كان ذلك مما يوافق العادة.

فلو قال الذي يأخذ منه الحوائج شيئا فشيئا: ائت ببينة على ما ادعيت، قال له صاحب الدكان: بينتي: أنك أمنتني وأنبتني منابك وفوضت إلي الأمر، فالأمر الذي فوضته إلي، القول قولي، إلا إذا ادعيت شيئا يخرج عن العادة.


العاشر:

بيت وقف، نقل لمصلحة إلى سبع نخلات في بستان، ثم بيع هذا البستان، وقطع دور ([626])، وبقيت هذه السبع النخلات وأرضها بدون طريق، قام ناظر الوقف يطلب لها طريقا ويدعي أن له في القليب والمنحاة وتوابعها حق، لأن الوقف له فيها قسطه، فما حكمه؟

الجواب:

ما طلبه الناظر للوقف من الحق المذكور، وأن للنخلات وأرضها حق ([627])من البير والمنحاة، هو الصواب، إلا أن يأتوا ببرهان يدل على أن حقه فقط يختص بالنخلات وأرضها، وأنه ليس لها حق من الحقوق سواها، فكما أنه لو كان مشاعا كربع وثلث ونحوها يكون له حق في البير والمنحاة التابعة لذلك، فكذلك في المعين.

ويؤيد هذا أن صاحب النخلات وأرضها إذا قال أليست البير وما يتبعها من منحاة ونحوها، ما زلنا ننتفع بها جميعا، ولا زالت تسقي أرض الجميع ونخل الجميع، فيدنا كيد مالك البقية، الجميع يدنا ثابتة على البير وتوابعها فلأي شيء تختصون بها دوننا.

ولو أننا قبلنا الحجة؛ فادعينا أن البئر وتوابعها تختص بنا، كانت من جنس

حجتكم علينا، فكما أنكم لا تقبلون منا مجرد هذه الدعوى فنحن كذلك، إلا ببينة شرعية تنفي حقنا، فحقوق الأملاك تبع لها، وانتفاع الجميع في الماء المدة الطويلة يثبت اليد التي لا تنفى إلا ببينة، والله أعلم.

الحادي عشر:

معتوه احتاج إلى حفظ، وليس له إلا أخت وأخ، كل منهما فقير منفرد في بيت، ولم يرض أحدهما أن يكفله، فمن يكلف منهما بحفظه ونفقته؟

الجواب:

أما النفقة فحيث أن كلا منهما فقير، ليس على واحد منهما شيء منها، إلا إذا فضل له عن كفايته وكفاية عايلته، فمع الاستواء والتقارب تكون النفقة أثلاثا بحسب الميراث.

وأما الحفظ والحضانة؛ فالصواب أنه حق لهما وعليهما ([628])، فيجبران على حفظه والقيام عليه، إما أن يتناوبا ذلك، أو يوكلان بينهما نائبا يقوم بحفظه.

وقيل إن الحضانة حق للأقرب، لاحق عليه كما هو المشهور من المذهب ([629])، فعلى هذا لا يجبر كل واحد منهما عليها، والله أعلم.

المراد بالأخ والأخت المذكورين لغير أم.


الثانية عشر:

رجل اشترى ثيابا ذرعا من صاحب دكان، ولما ذرعها وطواها له وجعلها على أعلى البسطة، ففي أثناء انشغاله بإظهار الدراهم، فقدت الثياب فمن يكون من ضمانه؟

الجواب:

تتلف وتذهب على المشتري، لإنه اشتراها وذرعها وهذا قبضها، وإذا تلف المبيع بعد قبضه كان من ضمان المشتري، وقبض المبيع بالذرع: بالذرع ([630])، والله أعلم.

وصلى الله على محمد وسلم.

قال ذلك وكتبه: عبد الرحمن الناصر سعدي.

****


أجوبة لأسئلة متنوعة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

جواب أسئلة:

1ـ أما مشتري ربية ورق بريال عربي:

فلا بأس به، سواء تقابضا في المجلس أو لم يتقابضا، بشرط أن لا يكون ذلك مؤجلا، فإذا لم يكن مؤجلا؛ فلا بأس، سواء كان بتحويل على محل آخر، أو غير تحويل.

2ـ وأما المرأة إذا حاضت وقد أحرمت بالعمرة:

فأن كانت تطهر قبل الخروج إلى عرفة بقيت على إحرامها حتى تطهر ثم تطوف للعمرة وتسعى، وإن كانت لا تطهر إلا بعد ذلك، جعلت إحرامها بحج وعمرة، فصارت قارنة وبقيت على إحرامها بالقران وفعلت جميع المناسك إلا الطواف بالبيت، فإذا طهرت بعد العيد طافت طوافا واحدا عن الحج والعمرة.

3ـ وأما ذبيحة الرافضي:

فإن علمته مشركا يدعو غير الله ويستغيث بغير الله فذبيحته حرام، وإن لم تعلمه مشركا، أو شككت في ذلك، فهي حلال.

4ـ وأما الصلاة في مكة أو داخل الأميال بغير نفس المسجد:

فهي في الفضيلة ومضاعفة الثواب كالمسجد، إلا أنه من المعلوم أن نفس المسجد له مزية وتميز عن غيره.

5ـ وأما سجود التلاوة بعد صلاة الفجر وصلاة العصر:

فقد اختلف العلماء فيه هل ينهى عنه أم لا ([631])؟ والذي نرى أن من سجد فلا حرج عليه، ومن ترك السجود فلا بأس، والله أعلم.

6ـ وأما التروح بالمروحة وقت الخطبة:

فيكره كراهة تتزيه، كما يكره العبث، إلا إذا كان حر شديد وتروح مقدار حاجته فلا كراهة في ذلك.

7ـ وأنا اللعب بالجنجفة ([632]) وما أشبهها:

فهو حرام سواء كان بغير عوض أو بعوض، وهو بالعوض أشد تحريما، وهو داخل في الميسر الذي حرمه الله ورسوله.

والله أعلم.

قال ذلك كاتبه عبد الرحمن سعدي.

****


الرد على من أجاز الصلاة خلف المذياع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

تابع كتابي للشيخ عبد الله العبد العزيز العقيل.

تصفحت الرسالة ([633])  تصفحا عجلا فوجدت فيها انتقادات كثيرة في أصلها وتفصيلها أجمل منها ما يحضرني الآن:

1ـ من أعظمها أنه بنى الكتاب كله على عدم وجوب الجماعة والجمعة، وصار كثير مما يستدل به على من وافقوه على أن حضور الجمعة والجماعة فضيلة وسنة لا فريضة.

وقد علمتم سقوط هذا القول ومخالفته للنصوص الصحيحة الصريحة في وجوب الجماعة عينا، والجمعة أعظم وآكد.

فإذا ثبت بطلان هذا القول، تبين بطلان ما بنى عليه مع ما في إجازتها في المذياع من أقطار بعيدة من المفاسد العظيمة والتوصل إلى ترك الجمعة والجماعة، بل ربما إلى ترك الصلاة تسترا بهذا القول، وقد أطال في هذا البحث جدا وهو معلوم السقوط.

2ـ ومنها: أنه أبدى وأعاد في الاستدلال على صحة الجمعة في مسجد غير مبني ([634])، وأوهم أنه إذا تم له مقصوده من صحتها في غير مسجد مبني،


فإنها تصح خلف المذياع ببلد () ([635])، وأين هذه المسألة من هذه المسألة؟

فالجمعة تصح ويجب حضورها في أي موضع، جمعت في مسجد في مدينة أو قرية أو مبنى مسقف أو غير مسقف أو محل معد لصلاتها في أي محل يكون وفي الصحراء القريبة من البلد، فهو يستدل على القائلين ـ إن كان هنا قائلون إنها لا تصح إلا في مسجد مبني مسقف ـ على صحتها خلف المذياع من محل بعيد، وأين التلازم بين الأمرين على تقدير هذا القول، فكيف وهذا القول غير معتبر.

3ـ ومن الانتقادات أيضا أنه شرع يستدل بالآثار وأقوال أهل العلم بصحة صلاة الجمعة في البيوت المجاورة للمسجد والقريبة منه ([636])، وأنه يلزم من هذا القول صحة ذلك وجوازها خلف المذياع في البلد البعي\ ([637])، وأين هذا من هذا؟

فالذين أجازوا للحاجة أو لغير الحاجة على اختلاف القولين، إنما ذلك حيث اتصلت الصفوف أو قاربت الاتصال وأمكن الاقتداء التام، فأين هذا من هذا؟

4ـ ومنها: أنه زعم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حين كان المطر وأذن للناس في صلاتهم برحالهم، أنهم كانوا يصلون بصلاة النبي (صلى الله عليه وسلم) فهو يصلي في مسجده (صلى الله عليه وسلم)، وهم يصلون في بيوتهم في المدينة ([638]) ويسمعون صوته وقراءته ويقتدون بصلاتهم ([639]).

وهذا ما ([640]) قاله غيره، وقد تخرص لذلك، وأنه لا يستبعد، حيث المدينة بيوتها على طبقة واحدة، فبذلك يسمعون صوته من المسجد، ولم يدر أن المنازل والبيوت على وقت النبي (صلى الله عليه وسلم) متباعدة جدا، كل دار في حارة منفصلة وبعيدة عن الدار الأخرى، فلو فرض على وجه التقدير المحال أنه كذلك، لم يكن في ذلك دليل على صحة وجواز الصلاة، صلاة الجمعة في البيوت خلف المذياع في الأقطار البعيدة.

5ـ ومنها: أنه زعم أنه من المعلوم بالضرورة أنه (صلى الله عليه وسلم) يصلي الجمعة في السفر، حتى زعم أن صلاته يوم عرفة، صلاة الظهر، أنها صلاة الجمعة ([641]).

وهذا كل أحد يعرف بطلانه.

6ـ ومنها: أنه زعم ـ ويا عظمة من زعم ـ أن المقصود الأعظم من الجمعة هي الخطبة لا الصلاة ([642])، حتى قرر تقريرا كثيرا أن صلاة الجمعة ليس لها أهمية تذكر وأن الأمر بالسعي إلى ذكر اله هو الخطبة فقط.

ولم يعلم أن الصلاة هي أعظم الذكر، والخطبة وغيرها من الشروط تابعة.

7ـ ومنها: ما اشتملت عليه الرسالة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، حتى ذكر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) مروي من نحو عشرين طريقا ([643])، وهو حديث موضوع ([644]).

هذه مجملات ما استحضرت بعدما مررت عليها، والتفصيل يستدعي تعبا كثيرا.

والظاهر أنه رجل حسن المقصد، لا يريد بكلامه إلا نصرة الحق، ولهذا يتكلم بحماسة، ولكن العصمة غير مكفولة إلا للرسل، وعلى كل فالذي أرى أن آثاره عند من يعتقده أو يحتج به لغرضه، آثار غير محمودة، والله الموفق

ولو أنه أجاز ذلك في البلد الواحد للمعذورين والنساء والمرضى، لكان له وجه، ولكنه كما رأيتم تهور فيه تهورا فاحشا.

****


فتوى في حكم الإعتماد على أصوات المدافع ونحوها في ثبوت الأوقات

..............................................................................

وما يتعلق بذلك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سؤال: ([645])

هل يسوغ البناء على سماع أصوات الرمي بالمدافع والبواريد ونحوها في الإخبار بدخول الأشهر وخروجها، ويصام على ذلك ويفطر؟ أو يفرق بين صيام رمضان فيبني عليها وبين الفطر منه فلا يبني عليها؟

الرجاء الإفادة عن ذلك وبيان المأخذ فيه.

الجواب وبالله التوفيق ([646]):

الأمر المهم الذي يراد إعلانه وإشاعته والإخبار به على وجه العموم، يسلك فيه كل طريق يحصل به هذا المقصود، فتارة ينادى فيه على وجه التصريح به أو الإجمال، وتارة يعبر عنه بالأصوات التي لها سريان ونفوذ إلى المحال البعيدة، وتارة بغير ذلك مما يحصل به هذا المقصود.

ولم يزل هذا دأب الناس قديما وحديثا، على هذا مجتمعون، وبالعمل به في الأمور الدينية والدنيوية متفقون، وقد أقرهم الشارع عليه، بل وردت أصول من شرعه تدل عليه، فكل ما دل على الحق والصدق والخبر الصحيح مما فيه صلاح دين العباد؛ فإن الشارع يقبله ويأمر به ويحث عليه، فالشارع لا يرد خبرا صحيحا بأي طريق وصل، ولا ينفي حقا بأي (دلالة ظهر)، خصوصا إذا استفاض ذلك الخبر واحتفت به القرائن المتنوعة.

فاستمسك بهذا الأصل الكبير فإنه نافع في مسائل كثيرة، ويمكن أن تطبق عليه كثيرا من الجزئيات والأنواع والأفراد الواقعة والتي ستقع ولا يقصر فهمك عنه فيفوتك علم كثير.

وربما ظننت أن كثيرا من الأشياء التي لا تجد لها تصريحا في كلام الشارع بدع لا يعتمد عليها ولا يعول في الأمور عليها، فتخالف ([647]) الشرع والعقل والفطرة، بل لا تتمكن من العمل إلا بسلوك ذلك الأصل الشرعي.

فإذا فهمت هذا الأصل، فقد علم وتقرر أن أهل البلد الذين يجرون على الأحكام الشرعية في صومهم وفطرهم وعباداتهم، وعندهم قاض شرعي، متى ثبت عندهم بالطريق الشرعي ثبوت صيام رمضان أو وجوب الفطر منه، لم يدر عن هذه الطريق التي ثبت فيها الحكم الشرعي إلا من مباشرها، من قاض ومن اطلع على حكمه وعاينه، والباقي من أهل القطر، بل من أهل البلد، إنما يصل إليهم الخبر بما يثبت به الخبر من إشاعة وقالة يتناقلونها فيما بينهم، أو نداء ينادون به أو يرمون ببواريد أو مدافع ليصل الخبر إلى القريب والبعيد، فهذا عمل متصل في قرون هذه الأمة معمول به من غير نكير من أحد.

فعلم بهذا أنه من الأمور المجمع عليها المتفق على العمل بها، وتخلف العمل في بعض أفرادها لمانع في الخبر، لا لضعف في هذه الطريق.

وأيضا فإن الاستفاضة في الأخبار من جملة الطرق الشرعية التي تفيد صدق مخبرها، حتى إن الفقهاء ـ رحمهم الله ـ جعلوا شهادة الشاهد تارة تبني على ما يراه ويسمعه،  وتارة تبنى على ما يستفيض بين الناس من الأمور التي يتعذر ويتعسر وقوفه على نفس الحقيقة، فيبني على ما استفاض ويشهد به، وقد ذكروا لذلك أمثلة كثيرة.

ومن المعلوم أن الاستفاضة الحاصلة بالنداء أو الرمي المذكور أبلغ من كثير من الاستفاضات، خصوصا وقد أيد ذلك شواهد الحال واحتفت به القرائن الكثيرة التي تدل دلالة يقينية بثبوت الخبر، من العادة المطردة والعرف جرى عليه الناس في بث هذه الأخبار مع قرينة الاشتباه في الوقت ثبوتا وعدم ثبوت، مع أن هذه الأمور رسمية لا يتجرأ عليها أحد من العامة إلا بإذن من الحكام وأولياء الأمر القابضين على زمام الحكم.

فمتى عرفت الواقع في ذلك، لم يبق عندك ريب في إفادة هذا الخبر المترجم عنه والمعبر عنه بالرمي لليقين، وأنه استفاض استفاضة أيدته القرائن الكثيرة.

وإذا كانت أخبار الآحاد إذا احتفت بها القرائن أفادت اليقين، فكيف بالأخبار المستفيضة المؤيدة من الحكام الشرعيين؟

ومما يدل على ذلك أنه لما تراود المسلمون في أول الأمر في أمر يعرفون به وقت دخول الصلاة، فمنهم من قال نضرب ناقوسا كناقوس النصارى، ومنهم من قال نضرب بوقا، ومنهم من قال نوقد نارا، ومنهم من قال نبعث من ينادي في الأسواق بذلك، فاختار الله ـ ولله الحمد ـ لهم هذا الأذان المعروف.

والمقصود من هذا أنهم قد اتفقوا على أن هذه الأمور يحصل (به) العلم للناس بدخول وقت الصلاة؛ بعضها أصوات تسمع، وبعضها أشياء ترى كالنار التي توقد، فعلم أن هذه الأمور، قد تقرر عندهم حصول المقصود بها، ولكنهم يبحثون أيها أولى وأنسب، ومثل ذلك لا يخفى على النبي (صلى الله عليه وسلم)، فلو كانت هذه الأمور أو بعضها لا يحصل بها العلم والمقصود عند الاتفاق عليها لأخبرهم بذلك.

وكذلك الأذان الذي اختاره الله لهم، هو من هذا السبيل، فإن المؤذنين يكبرون ويثنون على الله ويدعون إلى الفلاح والصلاة على وجه العموم، وهذا بمنزلة قولهم للناس إعلموا أن الوقت الفلاني قد دخل، والوقت الفلاني قد دخل، فاتفقوا إما على الاعتماد على أذان المؤذنين في دخول (أوقات الصلوات وفي الصيام) فطرا وإمساكا.

ومسألة ضرب المدافع ونحوها في الخبر عن ثبوت الشهر في دخوله وخروجه أولى من ذلك وأبعد من الخطأ وأقرب إلى الصواب، لأن المؤذن ربما اغتر فأخطأ الوقت، وضرب المدافع والبواريد ونحوها لا يكون إلا بعد الثبوت الذي لا تردد فيه والتروي من الخبر والثبوت عند أولياء الأمر الذين يتولون الأحكام الشرعية، فالتحقيق في الخبرأتم، والغلط أبعد من غيره.

يؤيد هذا أن من قواعد الشريعة: أن مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ومالا يحصل تمام الشيء إلا به فهو من الشيء، ومتى ثبتت هذه الأحكام الشرعية عند أولياء الأمر وجب عليهم أن يبثوها على الناس بحسب قدرتهم ويخبروا بها الناس ليصوموا ويفطروا.

ومن المعلوم أن ضرب المدافع ونحوها أبلغ من مجرد نداء المصوتين بثبوت الشهر، ويحصل بها الخبر للقريب والبعيد، فأقل الأحوال فيها أنها مستحبة، والقاعدة الشرعية تقتضي وجوبها إذا تباعدت الأقطار ولم يحصل المقصود إلا بها.

هذا من جهتها في نفسها، وأما المخبرون والمبلغون فيها فإنه يتعين عليهم العمل بمضمون ما دلت عليه في الصيام وفي الفطر ودخول الأوقات وغيرها.

ومما يدل على ذلك أن الإخبار بالرمي ونحوه هما تقرر عليه الأمر بمنزلة الترجمة الصريحة عما دلت عليه، وهي ترجمة يفهمها كل أحد لأنها تترجم عن معنى يتفق عليه أولو الأمر والحكام من الناس، ويعرفه الناس كلهم معرفة لا يشكون في المراد منه، وما كان هكذا، فالشريعة تقرره وتأمر به ولا ترده.

وإذا كانت الترجمة في الجملة متفق على العمل بها في أمور كثيرة، فكيف بهذا الأمر الذي قد اشترك في معرفة معناه خواص الناس وعوامهم.

ويدل على هذا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد أمر بتبليغ الشريعة وحث على ذلك بكل طريق، والتبليغ أنواع كثيرة.

ومن ذلك إذا ثبت الحكم الشرعي في ثبوت رمضان أو شوال، تعين على أولي الأمر تبليغ ذلك للناس ليقوموا بأمر الله وأمر رسوله في الصيام وفي الفطر.

وكلما كان الطريق للتبليغ أقوى وأكمل وأعم كان أولى من غيره وكان داخلا في تبليغ الأحكام الشرعية، فدخل في هذا تبليغهم بالأصوات والرمي والبرد السريعة وغيرها ما إذا قام به أولو الأمر فقد أدوا ما وجب عليهم، ووجب أجرهم على الله، ووجب على الرعية العمل بذلك وطاعة الله ورسوله والشكر لأولي الأمر على ما فعلوا ().

ومما يدل على ذلك: أن الأخبار بالرمي ونحوها تقع محررة منقحة يندر جدا أن يقع بها غلط أو مخالفة للواقع، والناس قد عرفوا واصطلحوا على أنها إذا وقعت فإنما تكون بعدما ثبتت عند الحكام ثبوتا لا تردد فيه ولا اشتباه، وأن ذلك أبلغ من شهادة الشهود التي تحتمل () والغلط وغير ذلك مما يوجب عدم اليقين بمخبرهم.

وبهذه الوجوه والمآخذ تعرف أن إخبار البرقية إذا كان رسميا صادرا من مقر

الحاكم الشرعي الذي لا يبرق بالصيام والفطر إلا بعد ثبوته عند الحاكم الشرعي، أنه يتعين الأخذ به، وإنما المانع منه إذا كان الخبر غير مثبوت أو من محل لا حاكم فيه فيتثبت في خبره.

فالمآخذ السابقة كلها يستدل لها على قبول التلغراف السلكي والبرقي كما تقدم تقريره، ولأنه إذا كان رسميا فهو محرر منقح لا يدخله الوهم ولا الغلط ولا التقول، ولا يمكن أحد أن يتقول على أولي الأمر، وهو أبلغ من الرمي بالمدافع والبواريد ونحوها، ولهذا يعتمد الناس عليه في أمور دنياهم الدقيقة والجليلة مع وقوع الغلط في بعض الأحوال.

وأما البرقيان الرسمية فلا يستريب أحد في صدق خبرها وقبول مخبرها، وإذا كانت صناعتها وأسبابها قد حدثت في الأزمنة المتأخرة، لم يكن ذلك مانعا ولا شبهة في صدقه المعلوم عند كل أحد.

وإذا كان الناس يعتمدونها في الأمور الدينية كالوكالات والولاية في النكاح وغيرها وموت الزوج وثبوت الميراث والعدة والإحداد والعمل بمقتضاه في إخراج الزكوات وانتقال الديون وتحويلها وغير ذلك مما لا يحصى، فما المانع من ذلك في ثبوت الأشهر الموجبة للفطر والصيام التي احتف بها من القراين والضبط والتحرير ما لا يوجد في غيرها.

وهذا واضح ولله الحمد، فالشارع لا يرد خبرا صادقا وإنما يأمر بالتثبت في خبر الفاسق ومن لا يوثق بخبره.

ومما يدل على ذلك: أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أكبر واجبات الدين، وذلك نوعان:

إما وعظ للمعرضين والمعارضين.

وإما تعليم وإرشاد للجاهلين

وهذا النوع قسمان:

إما تعليم لما جهله الناس من الأمور الشرعية الأصولية والفروعية.

وإما أخبار بما ثبتت به الأحكام الشرعية.

وفائدة هذا القسم تنفيذ الحكم الشرعي وحصول العمل به، فكل خبر عن الحكم الشرعي الذي قد عرف الناس حكمه ولم يعلموا عن ثبوته، فهو داخل في هذا النوع.

فمن هذا بث ما ثبت من الفطر والصيام وما جهل وقوعه البعيد بالأصوات والرمي والبرقيات وما أشبهها من كل ما يفيد إشاعة ثبوت أمر شرعي ينبني عليه العمل، وما أعظم فائدة هذا وأجل عائدته.

***


بحث في رمي الجمرات أيام التشريق قبل الزوال

.......................................................................................

وتعليق على رأي الشيخ ابن محمود في ذلك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

عن جابر رضي الله عنه قال: ( رمى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى، وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس) رواه البخاري ([648]).

وروى البخاري عن وبرة قال: ابن عمر: متى أرمي الجمار؟ قال إذا رمي إمامك فارمه، فأعدت عليه المسألة فقال: كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا ([649]).

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ (أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح، قال: اذبح ولا حرج، وقال: رميت بعدما أمسيت، قال: افعل ولا حرج) رواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه([650]).

وعن عاصم بن عدي رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لرعاة الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين ثم يرمون يوم النفر، رواه الخمسة، وصححه الترمذي ([651]).

وفي المتفق عليه: أنه صلى الله عليه وسلم رخص للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له ([652]).

وهنا أحاديث في معنى ذلك ([653]).

وأما كلام العلماء في وقت رمي الجمرات أيام التشريق:

فالمشهور من مذهب الإمام أحمد أنه من الزوال إلى الغروب ([654])، وهو المشهور من مذهب الشافعية ([655])، والمالكية ([656])، والحنفية ([657])، إلا أنه يجوز عند الحنفية الرمي قبل الزوال يوم النفر للمتعجل ([658]).

وقال في الإنصاف: قال في الفروع: وجوز ابن الجوزي الرمي قبل الزوال يعني أيام التشريق، وقال في الواضح: يجوز الرمي بطلوع الشمس إلا ثالث يوم، وأطلق في منسكه أيضا أن له الرمي من أول يوم وأنه يرمي في اليوم الثالث كاليومين قبله ثم يقصر ([659]) نقلت هذه العبارات التي لها تعلق بالمسئلة.

أما بحث صاحب الرسالة ([660]) واستدلاله لجواز الرمي قبل الزوال وفي الليل

 فهو بحث علمي مثله ودونه وأكثر منه يبحث فيه أهل العلم ولا يعد شذوذا ومنكرا.

ويمكن الاستدلال عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم ـ لما كثرت عليه الأسئلة من سأل عن التقديم والتأخير والترتيب: (افعل ولا حرج)، وأحسن من هذا الاستدلال، الاستدلال، بحديث ابن عباس المذكور حيث قال له رجل: رميت بعدما أمسيت قال: (افعل ولا حرج).

ووجه ذلك أنه يحتمل أن قوله بعدما أمسيت، أي بعد ما زال الزوال لأنه يسمى مساء، ويحتمل أن يكون بعد ما استحكم المساء وغابت الشمس، فيكون فيه دلالة على جوازه بالليل، ودليل أيضا على جوازه قبل الزوال، لأن


(سؤال) ([661]) عن جواز الرخصة في الرمي بعد المساء كالمتقرر عندهم جوازه في جميع اليوم، بل الظاهر حال السائل تدل على أن الرمي قبل الزوال هو الذي بخاطره، وإنما أشكل عليه الرمي بعد الزوال فلذلك سأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم.

وصاحب الرسالة لم يتعرض في استدلاله بهذه اللفظة المذكورة في الحديث وهي قوله: بعدما أمسيت، كما أنه لم يتعرض بالاستدلال بدليل آخر، وهو أن أيام التشريق كلها ليلها ونهارها أيام أكل وشرب وذكر لله، وكلها أوقات ذبح، ليلها ونهارها، وكلها ـ على القول الصحيح ـ أوقات حلق، وكلها يتعلق بها ؟ـ على القول المختار ـ طواف الحج وسعيه في حق غير المعذور، وإنما يتفاوت بعض هذه المسئلة في الفضيلة، فكذلك الرمي.

فهو لم يتعرض لهذا، وهو ـ كما ترى ـ  فيه الإشارة إلى قوله الذي نصره، وإنما تعرض في استدلاله للحاجة والضرورة وأن الفتوى تختلف باختلاف الأحوال، وبأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على تعين الوقت بل على فضيلته فقط، ولم يذكر القول الذي ذكرته، وهو نقل صاحب الإنصاف عن ابن الجوزي وعن صاحب الواضح، جواز ذلك قبل الزوال في الأيام الثلاثة، ولو وقف عليه لذكره تأييدا لقوله ([662]).

وأما الجمهور، فأكبر أدلتهم فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: (خذوا عني

مناسككم) ([663]) والرسول صلى الله عليه وسلم لم يرم إلا بعد الزوال.

وقد أجاب عنه صاحب الرسالة أنه يدل فقط على الفضيلة كما أن الوقوف بعرفه وبالمزدلفة ونحوها فعل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت يدل على الفضيلة باتفاق الجميع، والجمهور يقولون إن فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الرمي مع قوله: (خذوا عني مناسككم) يتعين القول به، ولم يرد عنه قولا ولا فعلا ولا تقريرا ما يخالف ذلك.

فأنت إذا وازنت بين استدلال صاحب الرسالة واستدلال الجمهور رأيتها متقاربة، إن لم تقل: تكاد أدلته ترجح.

ولكن الكلام في المناظرة والمذاكرة والتعلم والتعليم له حال، وهو النظر إلى الأدلة والتراجيح بقطع النظر عن الأمور الأخر.

والكلام في الفتوى كما تراعي فيه التراجيح فيراعى أيضا فيه حالة الوقت وعمل الناس ومراعاة المصالح وسد المفاسد.

فلو أن صاحب الرسالة لم يفت وينشر فتواه التي رجحها واعتقدها لكان أولى فيما يظهر لي، وذلك لأنه حصل فيها ضجة كبيرة لم تسفر إلا عن نوع اعتراضات كثيرة وأمور تقع في القلوب وخوض العالم وغير العالم، ومخالفة الرأي العام في الفتوى، وكون فتواه مع ذلك ـ فيما يظهر ـ لا يكون لها عمل إلا في أفراد من الناس.

فالفتوى يتعين على المفتي أن يراعي فيها جميع النواحي، فكم توقف كثير من أهل العلم عن الإفتاء فيما يعتقدون لأغراض من جنس ما ذكرته.

هذا ما يتعلق بكلامه على جواز ارمي في الليل وقبل الزوال.

وأما ما يتعلق بسقوط الرمي عن العاجز بالكلية وأنه لا يجب عليه أن ينوب غيره.

فهو استدل بسقوط طواف الوداع عن الحائض والنفساء وبسقوط المبيت عن السقاة والرعاة وأن الله قال: (اتقوا الله ما استطعتم) ([664])، ولكني لم أعثر على قائل بهذا القول، وهو سقوط الرمي عن العاجز، ولو كان قال به قائل لكان استدلال صاحب الرسالة عليه جنس بقية الاستدلال على المسائل العلمية، استدلال لا بأس به.

ولكن يمكن الجمهور يجيبون عن سقوط الطواف عن الحائض والنفساء وسقوط المبيت عن السقاة والرعاة أنه سقط بالكلية لم يبق واجبا على هؤلاء، وإذا لم يكن واجبا عليهم، فقياسه ضعيف.

وأيضا ثبت نظير ذلك في الصحابة رضي الله عنهم عن الصبيان لعدم قدرتهم على الرمي ([665]) فالعاجز مثلهم.

وأيضا الحج كله متى وجب على الإنسان وكان عاجزا ببدنه قادرا بماله وجبت الاستنابة عنه، فالرمي من باب أولى.

وهذا القول ـ كما ترى ـ بلا شك، أصح من القول بالسقوط، وخصوصا إذا لم يكن به قائل.

ولهذا كان الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ يقول: إياك أن تقول قولا ليس لك به إمام ([666]).

هذا الذي أراه في هاتين المسألتين.

والله أعلم وصلى الله على محمد وسلم.

***


فتوى في الوصايا: إذا لم يكف المغل لتنفيذ ما فيها من أضاحي.

........................................................................................

بسم الله الرحمن الرحيم

سؤال فيمن عنده وصيتان فأكثر، كل واحدة لا تكفي دراهمها للأضحية وإذا جمعت كفت، ومن عنده وصية واحدة فيها عدة أضاحي لا تكفي لكلها، ما حكم ذلك؟

الجواب وبالله التوفيق:

أما من عنده وصية واحدة فيها عدة أضاحي؛ فإن كان قدم بعضها على بعض، بأن قال مثلا: في مغله ضحية لي، فإن فضل فلوالدي، فهذا يتبع نصه وتقديمه.

وإن لم يكن فيها تقديم أحد على أحد، وكان المغل لا يكفي العدد الذي عينه في الوصية، فإنه يضحي بما يكفي ولو واحدة، وينويه عن جميع من عينهم الموصي في وصيته، لأن هذا غرضه ومقصوده، وإنما عددها ظنا منه وبناء على كفاية الريع، فإذا تبين عدم كفايته لم تعطل، ويبنى على قوله تعالى:

(فاتقوا الله ما استطعتم) ([667])، كما لو عين لكل واحد أو كل ضحية عشرة دراهم أو عشرة أصواع مثلا، فلم يكف المغل للجميع، فإنه لا يعطل حتى يتم الريع في العام المقبل وما بعده، بل ينقص كل واحد بحسب تقديره.

وأما من عنده وصيتان فأكثر، وكل منهما لا يكفي أضحية وإذا جمعت كفت، فكذلك يضم بعضها إلى بعض بضحية واحدة تنوى عن الجميع بحسب ما لهم فيها.

والدليل على ذلك أمور:

منها: العمل بمراد الموصين حسب الإمكان، فإن مرادهم بوصاياهم تنفيذها كل عام، وكثير منهم يصرح بذلك فيقول:آدم في ريعه كل عام كذا وكذا، فتنصيصهم على الأضحية مثلا بناء على كفاية الريع لها، فحيث ظهر أنه لا يكفي عملنا بما نقدر عليه من جمعها مع غيرها، ويكون لكل ما يقابل وصيته منها حرصا على تنفيذ مراده حسب الإمكان، قال تعالى:

(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) ([668]).

ومنها: أن ذلك هو السبب الوحيد الاحتياطي للعمل بتنفيذ كثير من الوصايا التي بهذه الصفة حسب المقدور، لأن إبقاء كل واحدة حتى تتم أضحيته، ربما أدى لعدم التنفيذ بموت الوصي أو نسيانه أو استدخال ريعها، ويصعب استخراجه بعد ذلك لعسرة أو غيرها.

ومنها: أن  الوصايا يستحقها كل عام من يستحق مغل وقفها، فإذا كانت لا تكفي إلا إذا ضمت مع غيرها، صار ضمها سببا لوصول كل مستحق إلى حقه كل عام من غير اشتباه ولا منازعة، وإذا أبقيت عدة أعوام حتى تكمل كل واحدة منها، فربما صادف تمامها وقد انتقل الوقف من بطن أو جهة إلى آخر، فوقع الاشتباه وحصل التنازع، فإن جعلناها كلها للآخرين أكلوا مقابل ما يستحقه الأولون، وإن جزأناها على الأولين والآخرين كان متعذرا ومتعسرا مع عدم الفائدة، ومع مخالفة مقاصد أهل الوصايا والأوقاف.

وربما كان المغل الذي يراد جمعه عند الأولين فيصعب استخراجه لسبب من الأسباب.

فتنفيذها كل عام يدفع هذه المحاذير، ويوصل إلى أهلها أجرها كل عام، فحصول المقاصد ودفع المفاسد أصل نافع.

ومنها: قال في حاشية المنتهى ([669]) على قوله في كفارة الظهار "أو عتق نصفي رقبتين أجزأ" لأن الاشقاص كالأشخاص" ([670]) قوله: كالأشخاص، وكذا هدي وأضحية وعقيقة، وأشار عثمان إلى ذلك في تصحيح الفروع ([671]) انتهى.

فعلى ما ذكره المحشي بإلحاق المذكورات بالعتق بالتشقيص، يدل على هذه المسألة، وأن الوصيتين إذا كان كل منهما لا يكفي إلا نصف أضحية مثلا فجعلتا في واحدة، كفتا وحصل المقصود.

وقد ذكرنا الجواب على لفظ الموصي بضحية، أنه بناء على كفاية الريع.

ويؤيد هذا الموصين ينصون في وصاياهم أنه كل عام ينفذ ما ذكروه فيها، فنصهم عليها كل عام يوجب عدم التعطيل، كفت أو لم تكف، كما لو قدر دراهم أو غيرها.

ونظير هذا إيجاب الأصحاب ـ رحمهم الله ـ حج النائب من بلده إلا إذا لم يكف فيحج عنه من حيث بلغ ولو من مكة ([672])، فهذا كذلك.

ويدل على ذلك أيضا إدخاله في القاعدة الشرعية الثابتة بالكتاب والسنة؛ إذا عجز عن المأمور كله، فعل المقدور عليه، ووجب عليه ذلك ([673]).

ومسائل هذا الأصل كثيرة.

فما الذي يخرج هذه المسألة من هذا الأصل مع المصلحة المحسوسة وزوال المفسدة كما سبق؟

وما الفرق بين قول الموصي: يعطي زيد ـ أو الجهة الفلانية ـ كل عام، مائة درهم، أو خمسين صاعا، أو كذا وكذا وزنة تمر، ونحوه، فنقص الريع عن هذا المقدار، فإنه يعطي كل عام، زيد ـ أو تلك الجهة ـ ما تيسر من الريع، فكذلك هذه المسألة؟ مع دخول هذه المسألة مع نظائرها في كلام الأصحاب، ولم يذكر أحد منهم المنع، بل صريح كلامهم، وظاهره، يدل على ما ذكرنا ([674]).

فإذا كانت المصالح الشرعية، ومقاصد الموقفين، وكلام الأصحاب، يدل على ذلك من غير مانع، تعين تنفيذها كل عام، كفت أو لم تكف، إلا إذا نص الموقف أن الريع يجمع حتى يكفي الأضحية، أو يكفي المقدر من درهم وطعام، ثم بعد كفايته ينفذ، فهنا قد نقول بالرجوع إلى نص الموقف والموصي، والله أعلم.

واعلم أن وصايا الناس الآن تجري مجرى الأوقاف، بل هي أوقاف، يوصي الشخص بعقار أو بمال يجعل في عقار، وينص على التنفيذات التي تخرج من ريعه من أضحية وغيرها كل عام.


والأصحاب كلهم نصوا على وجوب العمل بنص الموقف ([675])، وهذا نص على التنفيذات كل عام لم يقيدها بقيد.

والأصحاب أيضا ـ فيما أعلم ـ كلهم نصوا على استحقاق أهل الوقف ما يستحقون من مغله كل عام، ولم يجز أحد منهم تأخير فعله إلى عام آخر إذا نقص الريع، وإنما قالوا إذا زاد الريع عن التعيينات المقدرة أرصد الباقي للعام الآخر إذا خيف من قصوره، إلا في الحور ([676]) ونحوه كالأثل ([677])، فإن السبب في ذكرهم أنه لا يستحق إلا البطن الذي بلغ وقت قطعه وهو موجود، أنه قبل ذلك الوقت ليس لمن قبلهم فيه استحقاق.

أما المغل القاصر عن المعينات مما يغل كل عام من تمر ودراهم ونحوها، فهو مستحق لهم، كل ما حصل قليلا كان أو كثيرا، والله أعلم.

كتبه الفقير إلى الله عبد الرحمن الناصر بن سعدي.

***


فتوى في بعض فوائد وأسرار وحكم الحج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

سؤال في كون الحج يخالف سائر العبادات، لأن العبادات فعل واحد وجنس واحد في زمان واحد أو مكان واحد، والحج أفعال كثيرة متعددة في أمكنة متعددة على كيفيات وهيئات متنوعة؟

الجواب وبالله التوفيق والإعانة:

في ذلك حكم عظيمة وأسرار يتضح بعضها ويخفى بعضها.

فلو لم يكن فيها من الحكم إلا حقيقة الحج هو استزارة الرب لأحبابه ووفود بيته، وأنه أوفدهم إلى كرامته ودعاهم إلى فضله وإحسانه، ليسبغ عليهم من النعم والكرامات وأصناف الهبات ما لا تدركه العبارة ولا يحيط به الوصف، فنوع لهم الأنساك والمشاعر لينوع لهم الإحسان، وتقلهم من كرامة إلى كرامة، ومن مائدة من موائد فضله إلى مائدة من موائد كرمه.

ولهذا كل نوع من العبادات له خاصية وسر وزيادة فضل وإيمان وتحقيق إحسان، ليس للآخر، وكل واحد منها مضطر إليه الوافد لهذا البيت.

فتارة يطوف على بيت ربه ويكرر ذلك يترضى اربه ويتملق له ويطوف بفنائه ويخضع لعظمته، وتارة يسعى بين الصفا والمروة، يتردد بين هذين المشعرين العظيمين اللذين كم تردد بينهما من رسول ونبي، وكم سعا بينهما من ولي لله وصفي.

وتارة يقف بالمشعر الحلال، وهو عرفة.

وتارة بالمشعر الحرام، وهو مزدلفة، يبدي ما في وسعه من خشية وخضوع وخشوع وإنابة وانجذاب تام إلى ربه، وشدة نزوع يتضرع فيها إلى مولاه، ويسأله مصالح دينه ودنياه، يقف فيها موقف السائل المسكين الذليل ويطمع غاية الطمع في كرم المولى الجليل.

وتارة يثني على ربه ويسبحه ويهلله.

وتارة يذكر من منن مولاه ما أسبغه وحباه وجلله.

وتارة يسأل ربه أن يصلح قلبه بالمحبة والإنابة والإخلاص والنصيحة، ويعيذه من مساؤىء الأخلاق والأعمال القبيحة، فكل مطلوب ومقصود يخطر بباله يعلم أنه لا غنى له عن ربه ونواله.

وتارة يرمي الجمرات تنبيها وإشارة إلى رمي الخطايا ومراغمة العدو المبين، ويقف عندها طالبا الرحمة والغفران من الملك الحق المبين.

وتارة يذبح قربانه تقربا إلى الله بالذبح الذي هو أفضل وأولى ما دخل في قوله تعالى (فصل لربك وانحر) ([678]) فكما أنه لا يستغني عن الصلاة فليس له غنى عن شقيقتها وقرينتها، جامعا فيه بين تقربه إلى الله بهذا النسك وبين الإحسان إلى إخوانه بإطعام البائس الفقير وبين قبول ضيافة الله وكرامته له حيث أمره بالأكل منها.

ثم شرع له الشروع في التحلل من محظورات الإحرام بالحلق بعد الرمي،

  فكان ذلك جاريا مجرى السلام من الصلاة التي تحريمها التكبير وتحليلها التسليم، فتنحل عنه المحظورات التي كان ممنوعا منها وقت الإحرام إظهارا للذل والخضوع والتعظيم وشعارا وهيئة لهذا النسك الكريم، ويتفاءل على فضل الله بانحلاله عن الخطايا والذنوب، وأنه قد أدرك من ربه غاية المنى والمطلوب.

فأفعال الحج وأقواله كلها أسرار وحكم المقصود منها القيام بالعبودية المتنوعة والإخلاص للمعبود، فالحج مبناه على الحب والإخلاص والتوحيد  والثناء والذكر للحميد المجيد، فإنما شرعت المناسك لإقامة ذكر الله.

ومن الحكم في ذلك: أن هذه عبادات في محل واحد، ينتابه المسلمون من أقطار الأرض بعد المشقات وبذل نفائس النفقات، فكانت عبادة واحدة محتوية على جمله عبادات، وطاعة وقربة هي عدة طاعات وقربات.

فالذين جاءوا إليها من كل فج عميق متحملين ما شاء الله أن يتحملوا من وسائلها وطرقها وما لا يتم إلا به، وربما كان بعضهم قد جمع بين وصوله بنفسه والسعي في إيصال غيره إلى هذا النسك، محتسبا أجره راجيا ثوابه؛ فكان من المناسب غاية المناسبة أن يرجعوا وقد ظفروا بعدة عبادات وحصل لهم كثير من الطاعات وأنواع المغانم والمكاسب والتجارات الرابحات.

فيالها من عبادة جمعت من العمل فنونا ومن الخير أنواعا.

وكان من حكمة الله أيضا في تعدد عباداتها ومواضعها: أن المقيمين في مكة ونواحيها يشاركون في المشقة وبذل النفقات من كان عنها بعيدا، ولهاذ يستعدون بالأزواد والمراكب وإن كان الموضع قريبا، فكأنه من تحملهم له واستعدادهم له سفر بعيد، فيحصل لهم ما حصل للنائين.

ومن الحكم في ذلك: أن تعد المشاعر والمناسك وتنقلات الحجاج فيها موضعا بعد موضع، فيه راحة وإجمام وسبب لتكميل كل نسك منها  كأنه عبادة مستقلة، ولا شك أن التنقلات من أكبر الأسباب لتكميل العبادات.

ولا ريب أن البرازخ والفصول بين الأعمال سبب كبير لنشاط العمال، واعتبر ذلك لو كانت أفعال الحج عملا واحدا في موضع واحد يتصل بعضه ببعض حتى يتم، هل يوجد فيها هذا النشاط والرغبة واستقبال كل مشعر برغبة تامة وعزيمة صادقة.

ومن الحكم العظيمة في ذلك: أن في اجتماع المسلمين في هذه المواضع والمشاعر يوجب تعاونهم واتفاقهم وقيام الألفة، لأن المسلمين أخوة ومصالحهم العامة والخاصة مرتبط بعضها ببعض.

فلو كان كل قطر وبلد لا يتصلون بالآخرين لضاعت مصالحهم وفاتت كثير من منافعهم وتنافرت قلوبهم وتشتت شملهم، ولكن الله ـ وله الحمد ـ من عليهم بهذا النسك وهذه العبادة العظيمة التي تجمعهم وتضم قاصيهم ودانيهم ليقع التعارف ويحصل التآلف وينتفع كل منهم بالآخر ويتفاهمون ([679]) فيما يمكنهم من أمور دينهم ودنياهم.

فكم كسب الإنسان بسبب هذا النسك من ملاقات أجلاء فضلاء، وكم تشرف بمقابلة العلماء النبلاء، وكم حصل في ذلك علوم نافعة وآداب صالحة، وكم ربح فيه من أخلاء وإخوان وأصحاب كرام وأخدان لولا هذه الأمكنة لم يحصلوا، ولولا هذه المجامع لم يدركوا، فهذا من بركات الحج، حيث كان مباركا وهدى للعاملين.

ومن الحكم في ذلك: أن الله قال (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ) ([680]) فذكر للحج مقصودين عظيمين:

ذكر اسم الله والثناء عليه وأنواع عبادته، كما تقدمت الإشارة إليه.

وشهود المنافع التي لا تتم إلا بتعدد هذه المواضع والعبادات وتنقلها من موضع إلى آخر، ومن عبادة إلى أخرى، كما تقدمت الإشارة إليه.

فكم حصل بهذا التعدد من أنواع المكاسب الدنيوية والتجارية وأصناف الأرباح، فكل موضع فيها يقوم فيه سوق كبير من أسواق التجارة المتنوعة التي لا يمكن إحصاء مصالحها ومنافعها، كل هذه من بركات هذا النسك.

ومن الحكم في ذلك: أنه قد جرت عادات الأم بقيام التذكار لعظائمهم وكبرائهم إحياء لذكرهم وتعظيما لهم وإشارة بمجدهم ومآثرهم وتنشيطا للإقتداء بأعمالهم.

وأعظم الخلق على الإطلاق، أنبياء الله ورسله، فهم الرجال العظماء في الحقيقة، وأعظمهم مطلقا الخليلان إبراهيم، ومحمد صلى الله عليه وسلم.

    والحج من أوله إلى آخره تذكرة لمقاماتهم السامية وأحوالهم الزكية وأعمالهم العالية، فكل مشعر مذكر بأحوالهم وما كانوا عليه، حاث على الإيمان بهم وتصديقهم وإجلالهم وإكرامهم وشدة محبتهم وقوة الاتصال بهم، الذي هو أصل الإيمان وأساس اليقين وطريق الفلاح والسعادة.

وقد أشار الباري إلى ذلك في قوله (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) ([681]) والمراد بذلك ـ على أصح القولين ـ جميع مقاماته في الحج بجميع مشاعره، ومصلى (ومعبدا) وتذكارا ([682]).

وقد أوضح ذلك النبي صلى الله عليه وسلم أتم توضيح بقوله عند كل فعل ومشعر من تلك المشاعر (خذوا عنى مناسككم) ([683])، (فمنها) عبودية لله من جهة الأمر والترغيب، (ومنها) إيمان بالرسل وتعظيم واحترام وحث على الإقتداء بهم ومحبتهم، وذلك أعلى الخصال وأكمل الأحوال، حتى أن فيها تذكيرا لمن يتصل بهؤلاء الرسل العظام.

كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في السعي بين الصفا والمروة، حيث ذكر قصة هاجر أم إسماعيل، قال (فلذلك يسعى الناس بينهما) ([684]) وكما رمل هو وأصحابه في

 طواف القدوم ([685]) فكان سنة إلى يوم القيامة لهذا المعنى.

فكم بين احتفالات الأمم بكبرائهم ورؤسائهم وزعمائهم وإقامة التذكار لهم الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، من هذه الاحتفالات الجميلة العظيمة التي تملأ القلوب أمنا وإيمانا وطمأنينة وانشراحا وإيقانا وتعظيما وتوقيرا لمن تعظيمهم وتوقيرهم غاية الفوز والفلاح، والاقتداء بهم هو الأصل والطريق في إدراك كل نجاح.

فالمسلمون إذا وصلوا وحصلوا في كل مشعر من هذه المشاعر، جعلوا أفعال نبيهم وأحواله وشخصه الكريم نصب أعينهم، عالمين أنه لا تتم أمورهم كلها ولا تكمل إلا بتمام الأسوة والقدوة به.

فمن أنواع الكرمات التي يفضيها الله عليهم، من أجلها زيادة الإيمان بينهم وقوة المحبة والشوق إليه التي هي من أعظم واجبات الإيمان وشروطه.

فصلى الله وسلم عليه وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وعلى أتباعهم إلى يوم الدين وسلم تسليما.

تحرر في الحجة 1363هـ.

***


فوائد من آية (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال الله تعالى (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) ([686]).

صدق الله العظيم الذي لا أصدق منه قيلا، ولا أحسن منه حديثا، ولم يزل الباري يري عباده آياته الأفقية والنفسية الدالة على صدق رسله وصدق ما أخبر به، وأن القرآن حق والرسول حق والجزاء والبعث حق.

وفي هذه الأوقات الأخيرة قد أظهر الله لعباده من أعمالهم ومخترعاتهم من أعمال الكهرباء الحاملة للأصوات وغيرها من أماكن شاسعة فتصل بأسرع من لمح البصر، وهذا برهان عقلي حسي مشاهد لكل أحد على أمور الغيب التي أخبر الله بها، وأخبر بها رسوله.

فقد كان المنكرون لما أخبر الله به وأخبرت به رسله من أمور البعث والغيوب، لا يردونها بحجج علمية وبراهين عقلية، وإنما يردونها بمجرد استبعادات، ومخالفتها للحس الذي اعتادوه وألفوه، ويرون ذلك ممتنعا على قدرة المخلوقين، كبرا منهم وضلالا وتعجيزا لخالقهم، كما قد بسط الله شبهتهم هذه في القرآن في مواضع كثيرة، فيقال لهؤلاء المكذبين وأمثالهم: قد شاهدتم بأعينكم كيف يتكلم المذيع فيسمع صوته وكلامه (جميع) من في مشارق الأرض ومغاربها في لحظة واحدة على السواء، وهو ما هو؟ عبد ضعيف خرج من بطن أمه لا يعلم شيئا، فلم يزل الله يعلمه ويرقيه في العلوم الكاشفة والعلوم المؤثرة والمخترعات الباهرة حتى وصل إلى هذه الحال.

أليس الذي أعطاه هذا وغيره، أولى وأعظم وأقدر على كل شيء؟ أليس هذا من البراهين الحسية على سعة علمه وكمال قدرته؟ وأنه يحي الموتى ويجمع رفاتهم من بطون الأرض وظلمات البحار ومهامه القفار؟ وأن هذا ليس محلا للاستبعاد والاستغراب على قدرة الملك الخلاق، بعدما شاهد صدور هذه الأمور المستبعدات غاية البعد، بل المستحيلات في أنظار وأفكار الآدميين منذ أجيال عظيمة.

أليس الذي أعطى الآدمي الناقص من كل وجه هذا العلم والقدرة الذي حصلت بها هذه الأشياء، أولى بذلك؟ وله المثل الأعلى، أليس الذي جعل مواد الكهرباء وعناصر هذا العالم الأرضي منقادة للآدمي مسخرة له يستعملها فيما يريد من إيصال الأصوات والأنوار إلى أماكن بعيدة، وحمل الأثقال وتسهيل الصعاب، وما شابه ذلك؛ ألا يدل ذلك ([687]) أن الله على كل شيء قدير؟ وبكل شيء محيط؟ وأنه واسع الرحمة؟ حيث أن رحمته وسعت كل شيء وتنوعت للآدمي بحسب مطالبه ومآربه، وأن خلق العباد وبعثهم عنده كنفس واحدة، كما يرزقهم ويدبرهم بأنواع التدابير التي لا تحيط بها العقول، في ساعة واحدة.

وأنه لا يغيب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، وأنه ما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ) ([688]) وأن (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ  لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ) ([689]) وأن له من العظمة والكمال والمجد والجلال ما لم يصل إلى علمه والإحاطة ببعضه الأولون والآخرون، وأن الخلق مهما ارتقت معارفهم واتسعت علومهم فإنهم لا يحيطون بشيء من صفاته، وأن الذي أوصل الآدمي إلى هذه الأحوال العجيبة هو الإله الحق الذي لا تصلح العبادة والتوجه والتأله إلا له، لأنه ليس بالعباد نعمة كبيرة ولا صغيرة ظاهرة وباطنة إلا منه، ولا يدفع الشرور إلا هو، وهو الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات، لا إله لا إلا هو العزيز الحكيم.

وهذه المخترعات المدهشة التي علمها الله العباد هي أيضا من أكبر البراهين والحجج في هذا الوقت، حيث طغى الإلحاد، وزخر الماديون المنكرون لغير المحسوسات التي يعرفون موادها وكنهها، وأما سوى ذلك من أمور الغيب التي أخبر الله بها وأخبرت بها رسله، فكابروا في تكذيبه وإنكاره، فهلا جعلوا ما مضى من الأزمنة نصب أعينهم ثم فرضوا في تلك الأزمان أنهم أخبروا بوجود هذه المخترعات المدهشة في هذا الزمان، وأن الآدمي سيدرك علمها وصنعتها، فإنها إذا مرت أو بعضها بخواطرها ([690]) اعتبروها خيالات جنون، وفرض محال، وأنها أمور ممتنعة، ورأوا الحديث عنها من ألاعيب الصبيان والمجانين.

ثم لم يفتأ الليل والنهار حتى جاءهم ما (أرهقهم) على الاعتراف بذلك والإذعان، وطفقوا يسعون أيضا لترقيتها، وأنه في الإمكان مضاعفتها أضعافا كثيرة، وابتكار أعمال مثلها أو فوقها هم لها عاملون، فخضعت علومهم لقدرة الإنسان الذي علمه الرحمن ما لم يعلم، فهلا اعترفوا وأذعنوا لملك الملوك وكامل القدرة وعظيم السلطان، الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون، وهلا أذعنوا لتصديق رسله وكمل خلقه وخواص عباده الذين ارتقوا في علية الأخلاق وكمال الأوصاف (وعلو) الأرواح وزكاة القلوب وصدق الأقوال والأعمال والأحوال، مرتقى أعظم وأعلى مما بين العالم العلوي والسفلي، وأعظم من نسبة الصناعات القديمة الساذجة الناقصة إلى المخترعات الحديثة الهائلة.

فالفرق بين أخلاق الرسل وأخلاق غيرهم وأوصافهم أبلغ من هذا الفرق، فإن الأمور المرتقية في المادية البحتة لا نسبة لها إلى لرقي الأرواح والقلوب والأخلاق الرقي الصحيح، ولكن الظالمين في شقاق بعيد ومكابرة، وليعلمن نبأه بعد حين.

وإنما لم يصرح القرآن والسنة بتفاصيل ذلك؛ فإنه من جملة الأدلة على رحمته وعنايته بعباده وتمام حكمته وسعة علمه، فإنه لو صرح بهذه الأمور وأخبر الناس أنه سيأتي وقت يطير الناس فيه بالهواء، ويغوصون في البحار، ويتخاطبون من الأماكن الشاسعة، ويخترعون الأمور الهائلة، لكان في ذلك أعظم فتنة لأعداء الدين الإسلامي وأوليائه، لأن النفوس مولعة بعدم التصديق بما لم تشاهد له نظير، وخصوصا أهل الكفر والتكذيب فإنهم مولعون بتكذيب الأنبياء، ويفرحون إذا وجدوا ما يروجون به على الناس مثل هذه الأمور المستغربة.

فمن لطف الله أنه ذكر هذه المخترعات بألفاظ عامة، ليست صريحة بالتفاصيل لئلا يفتتن الناس، حتى إذا وقعت وجاء تأويلها تمكن البصير من تطبيقها عليها، وعلم أنها من أكبر البراهين على صدق القرآن وصدق من جاء به.

وقد ذكرنا في التفسير هذا المعنى على قوله تعالى (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ) ([691]) وأنه حصل بإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالإسراء والمعراج وشجرة الزقوم التي في نار جهنم، فتنة وضجة كبيرة من الأعداء، إذ قالوا هذا محمد يزعم أنه وصل في ليلة واحدة إلى بيت المقدس ورجع في ليلته وأخبر أنه يوجد شجرة في نار جهنم والنار تحرق ما باشرته ([692])، مع أن هذا من معجزات النبوة التي ما زالت آثارها وأذكارها وخوارقها موجودة في الأرض.

فكيف لو أخبرهم صريحا بما يقع من الناس الآدميين غير الأنبياء في آخر الزمان، لو فعل ذلك لسمعت من الضجات والصيحات من الأعداء ما يصم الآذان، ولحكموا بجنون من أخير بها وافترائه، ولكن لما وقعت وجد الناس مصداقها في كتاب الله وسنة نبيه، مثل قوله تعالى (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ  شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) ([693]) ومثل (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ([694]) ومثل (فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ) ([695]) ومثل (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) ([696]) وغيرها من الآيات الكثيرة، ومثل ما ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى


يتقارب الزمان ([697])، ولم يزل أهل العلم حائرين في معنى هذا الحديث، حتى جاء هذا الوقت الذي تقاربت فيه الأمكنة والأزمنة، وإخباره بهذا من لازمه وشرطه حدوث الأشياء التي تحصل فيها سرعة المواصلات زمانا ومكانا.

وثم نصوص أخر ذكرت في غير هذه الرسالة.

وكذلك حدوث قرب المواصلات برهنت على مثل قوله عن أهل الجنة والنار (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار) ([698]) و(نادى أصحاب النار أصحاب الجنة) ([699]) مع البعد المفرط، ولولا أن هذا من أمور الآخرة لاستبعد الخلق هذه الاخبارات التي يرونها من المحالات، فشاهدوا عيانا ما دلهم على صدق خبر الله وخبر رسوله بما أراهم في الآفاق وفي أنفسهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.

****


فوائد مستنبطة من آية الدين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ) إلى آخر الآية... ([700]).

صورة عبارة التفسير:

هذه الآية هي آية الدين، وهي أطول آيات القرآن، وقد اشتملت على أحكام عظيمة جليلة المنفعة والمقدار.

أحدها: أنه تجوز جميع أنواع المداينات من سلم وغيره، لأن الله أخبر عن المداينة التي عليها المؤمنون إخبار مقرر لها ذاكر لأحكامها.

الثاني والثالث: أنه لابد للسلم من أجل، وانه لابد أن يكون معينا معلوما، فلا يصح حالا ولا إلى أجل مجهول.

الرابع: الأمر بكتابة جميع عقود المداينات، إما وجوبا أو استحبابا، لشدة الحاجة إلى كتابتها، لأنها بدون الكتابة يدخلها من الغلط والنسيان والمنازعة والمشاجرة شيء كثير.

الخامس: أمر الكاتب أن يكتب.

السادس: اشتراط عدالته في نفسه لأجل اعتبار كتابته، لأن الفاسق لا يعتبر قوله ولا كتابته، والله إنما أرشد إلى ما تحصل به الثقة.

السابع: أنه يجب عليه العدل بينهما، فلا يميل كل الميل لأحدهما لقرابة أو

صداقة أو غيرها، لقوله (وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ).

الثامن: أن يكون الكاتب عارفا بكتابة الوثائق، وما يلزم فيها كل واحد منهما، وما يحصل به التوثق، لأنه لا يتم العدل إلا بذلك.

التاسع: يفهم من الآية: أنه إذا وجدت وثيقة بخط المعروف بالعدالة المذكورة، أنه يعمل بها ولو كان هو والشهود قد ماتوا، لأنه لم ([701]) يكن كذلك لم تكن الكتابة تامة.

العاشر: قوله (وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ) أي لا يمتنع من من الله عليه بتعليمه الكتابة، أن يكتب بين المتداينين، فكما أحسن الله إليه بتعليمه، فليحسن إلى عباد الله المحتاجين إلى كتابته، ولا يمتنع من الكتابة لهم.

الحادي عشر: أمر الكاتب أن لا يكتب إلا ما أملاه عليه، من عليه الحق.

الثاني عشر: أن الذي يملي بين المتعاقدين، هو من عليه الدين، لأنه إنما يكتب إقراره واعترافه.

الثالث عشر: أمره أن يبين جميع الحق الذي عليه، ولا يبخس منه شيئا.

الرابع عشر: أن إقرار الإنسان على نفسه مقبول، لأن الله أمر من عليه الحق أن يمل على الكاتب، فإذا كتب إقراره بذلك ثبت موجبه ومضمونه، وهو ما أقر به على نفسه ولو ادعى بعد ذلك غلطا أو سهوا.

الخامس عشر: أن من عليه حق من الحقوق التي لا بينة على مقدارها

وصفتها من كثرة وقلة وتعجيل وتأجيل؛ أن قوله هو المقبول دون قول من له الحق، لأنه تعالى لم ينهه عن بخس الحق الذي عليه، إلا لأن قوله مقبول على ما قاله من مقدار الحق وصفته.

السادس عشر: أنه يحرم على من عليه حق من الحقوق أن يبخس وينقص شيئا من مقداره أو طيبه أو حسنه أو أجله أو غير ذلك من توابعه ولواحقه.

السابع عشر: أن من لا يقدر على إملاء الحق لصغره أو سفهه أو خرس أو نحو ذلك، فإنه ينوب وليه منابه في الإملاء والإقرار.

الثامن عشر: أنه يلزم الولي والعدل ما يلزم من عليه الحق من العدل وعدم البخس لقوله (بالعدل).

التاسع عشر: أنه يشترط عدالة الولي، لأن الإملاء بالعدل المذكور لا يكون من فاسق.

العشرون: فيه دلالة على ثبوت الولاية في الأموال.

الحادي والعشرون: أن الحق  يكون على الصغير والسفيه والمجنون والصغير لا على وليهم، لأن الله أضافه إليهم.

الثاني والعشرون: أن إقرار الصغير والسفيه والمجنون والمعتوه ونحوهم وتصرفهم غير صحيح، لأن الله جعل الإملاء لوليه، ولم يجعل لهم منه شيئا لطفا منه بهم وخوف تلف أموالهم.

الثالث والعشرون: صحة تصرف الولي في مال من ذكر.

     الرابع والعشرون: فيه مشروعية كون الإنسان يتعلم الأمور التي يتوثق بها


المتداينون، لأن المقصود من ذلك التوثق والعدل، ومالا يتم المشروع إلا به فهو مشروع.

الخامس والعشرون: أن تعلم الكتابة مشروع، بل فرض كفاية، لأن الله أمر بكتابة الديون وغيرها، ولا يحصل ذلك إلا بالتعلم.

السادس والعشرون: أنه مأمور بالإشهاد على العقود، وذلك على وجه الندب، لأن المقصود من ذلك الإرشاد إلى ما يحفظ الحقوق فهو عائد إلى مصلحة المكلفين، نعم إن كان المتصرف ولي يتيم أو وقف ونحو ذلك مما يحب حفظه؛ تعين أن يكون الإشهاد الذي به يحفظ الحق؛ واجبا.

السابع والعشرون: أن نصاب الشهادة في الأموال ونحوها رجلان، أو رجل وامرأتان، ودلت السنة أيضا أنه يقبل الشاهد مع يمين المدعي.

الثامن والعشرون: أن شهادة الصبيان غير مقبولة، لمفهوم قوله (رجلان).

التاسع والعشرون: أن شهادة النساء منفردات في الأموال ونحوها لا تقبل، لأن الله لم يقبلهم إلا مع الرجل، وقد يقال إن الله أقام المرأتين مقام رجل للحكمة التي ذكرها، وهي موجودة سواء كن مع رجل أو منفردات.

الثلاثون: أن شهادة العبد البالغ مقبولة كشهادة الحر، لعموم قوله (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ) والعبد البالغ من رجالنا.

الحادي والثلاثون: أن شهادة الكفار ذكورا كانوا أو نساء غير مقبولة على المسلمين، لأنهم ليسوا منا، ولأن مبنى الشهادة على العدالة، والكافر غير عدل.


الثاني والثلاثون: فيه فضيلة الرجل على المرأة، وأن الواحد في مقابلة امرأتين لقوة حفظه، ونقص حفظها.

الثالث والثلاثون: أن من نسي شهادته ثم ذكرها فذكر، فشهادته مقبولة، لقوله (فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى).

الرابع والثلاثون: يؤخذ من المعنى أن الشاهد إذا خاف نسيان شهادته في الحقوق الواجبة، وجب عليه كتابتها لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

الخامس والثلاثون: أنه يجب على الشاهد إذا دعي للشهادة وهو غير معذور؛ لا يجوز له أن يأبى لقوله (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا).

السادس والثلاثون: أن من لم يتصف بصفة الشهداء المقبولة شهادتهم، لم يجب عليه الإجابة لعدم الفائدة بها وأنه ليس من الشهداء.

السابع والثلاثون: النهي عن السآمة والضجر من كتابة الديون كلها من صغير وكبير، وصفة الأجل، وجميع ما احتوى عليه العقد من الشروط والقيود.

الثامن والثلاثون: بيان الحكمة في مشروعية الكتابة والإشهاد في العقود، وأنه أقسط عند الله وأقوم للشهادة، وأدنى أن لا ترتابوا، فإنها متضمنة للعدل الذي به قوام العباد والبلاد، والشهادة المقترنة بالكتابة تكون أقوم وأكمل وأبعد من الشك والريب والتنازع والتشاجر.

التاسع والثلاثون: يؤخذ من ذلك أن من اشتبه وشك في شهادته لم يجز له الإقدام عليها بل لا بد من اليقين.

الأربعون: قوله (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا) فيه الرخصة في ترك الكتابة إذا كانت التجارة حاضرا بحاضر، لعدم شدة الحاجة إلى الكتابة.

الحادي والأربعون: أنه وإن رخص في ترك الكتابة في التجارة الحاضرة فإنه يشرع الإشهاد، لقوله وأشهدوا إذا تبايعتم.

الثاني والأربعون: النهي عن مضارة الكاتب بأن يدعى وقت اشتغال وحصول مشقة عليه.

الثالث والأربعون: النهي عن مضارة الشهيد أيضا، بأن يدعى إلى تحمل الشهادة، أو أدائها في مرض أو شغل يشق عليه، أو غير ذلك، هذا على جعل قوله (وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ) مبنيا للمجهول، وأما على جعلها مبنيا للفاعل، ففيه نهي الكاتب أن يضار صاحب الحق بالامتناع أو طلب أجرة شاقة  ونحو ذلك، وهذان هما الرابع والأربعون، والخامس والأربعون.

السادس والأربعون: أن ارتكاب هذه المحرمات من خصال الفسق، لقوله تعالى (فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ).

السابع والأربعون: أن الأوصاف: كالفسق والإيمان والعداوة والولاية ونحوها؛ تتجزأ في الإنسان، فتكون فيه مادة فسق وغيرها، وكذلك مادة إيمان وكفر لقوله (فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ) ولم يقل فأنتم فاسقون، أو فساق.

الثامن والأربعون (وحقه أن يتقدم لتقدم موضعه): اشتراط العدالة في الشاهد لقوله (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ).

التاسع والأربعون: أن العدالة يشترط فيها العرف في كل مكان وزمان، وكل من كان مرضيا معتبرا عند الناس قبلت شهادته.

الخمسون: يؤخذ منه عدم قبول شهادة المجهول حتى يزكى، لأنه لم يتحقق فيه الشرط الذي ذكره الله.

فهذه الأحكام مما يستنبط من هذه الآية الكريمة على حسب الحال الحاضرة والذهن القاصر، ولله في كلامه حكم وأسرار يخص بها من يشاء من عباده، والله أعلم.

***


فوائد مستنبطة من آية الوضوء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ....) إلى آخر الآية ([702]).

هذه آية عظيمة قد اشتملت على أحكام كثيرة، نذكر منها ما يسره الله وسهله:

أحدها: أن امتثال هذه المذكورات والعمل بها من لوازم الإيمان الذي لا يتم إلا به، لأنه صدرها بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) (وكذا ينبغي أن يزاد هذا الحكم في آية الدين) ([703]) أي يا أيها الذين أمنوا اعملوا بمقتضى إيمانكم بما شرعناه لكم من هذه الأحكام.

الثاني: الأمر بالقيام بالصلاة، لقوله: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) ففي الفرض واجب، وفي النفل مستحب.

الثالث: الأمر بالنية للصلاة لقوله: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) أي بقصدها وبنيتها.

الرابع: اشتراط الطهارة لصحة الصلاة لأن الله أمر بها عند القيام إليها والأصل في الأمر الوجوب.

الخامس: أن الطهارة لا تجب بدخول الوقت، وإنما تجب عند إرادة الصلاة.

السادس: أن كل ما يطلق عليه اسم الصلاة؛ الفرض والنفل وفرض

  لكفاية وصلاة الجنازة؛ تشترط له الطهارة، حتى السجود المجرد عند كثير من العلماء، كسجود التلاوة والشكر.

السابع: الأمر بغسل الوجه، وهو ما تحصل به المواجهة من منابت شعر الرأس المعتاد إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولا، ومن الأذن إلى الأذن عرضا، ويدخل فيه المضمضة والاستنشاق بالسنة، ويدخل فيه الشعور التي فيه، لكن إن كانت خفيفة فلا بد من إيصال الماء إلى البشرة، وإن كانت كثيفة، اكتفى بظاهرها.

الثامن: الأمر بغسل اليدين، وأن حدهما إلى المرفقين، و"إلى" كما قال جمهور المفسرين بمعنى "مع" كقوله تعالى (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ) ([704]) لأن الواجب لا يتم يقينا إلا بغسل المرفق.

التاسع: الأمر بمسح الرأس.

العاشر: أنه يجب مسح جميعه، لأن الباء ليست للتبعيض، وإنما هي للملاصقة، وأنه يعم المسح لجميع الرأس.

الحادي عشر: أنه يكفي المسح كيف كان؛ بيديه أو أحدهما أو خرقة أو خشبة أو غيرها، لأن الله أطلق المسح ولم يقيده بصفة، فدل ذلك على إطلاقه.


الثاني عشر: أن الواجب: المسح، فلو غسل رأسه ولم يمر يده عليه لم يكف، لأنه لم يأت بما أمر الله به.

الثالث عشر: الأمر بغسل الرجلين إلى الكعبين، ويقال فيهما ما يقال في اليدين.

الرابع عشر: فيها الرد على الرافضة على قراءة الجمهور، بنصب (وأرجلكم) وأنه لا يجوز مسحهما مادامتا مكشوفتين.

الخامس عشر: فيه الإشارة إلى مسح الخفين على قراءة الجر في (وأرجلكم)، وتكون كل من القراءتين محمولة على معنى، فعلى قراءة النصب فيها غسلهما إن كانتا مكشوفتين، وعلى قراءة الجر فيها مسحهما إذا كانتا مستورتين بالخف ونحوه، كما بينت ذلك السنة.

السادس عشر: الأمر بالترتيب في الوضوء، لأن الله ذكرها مرتبة وأنه أدخل ممسوحا وهو الرأس بين مغسولين، ولا يعلم لذلك فائدة غير الترتيب.

السابع عشر: أن الترتيب خاص بالأعضاء الأربعة المسميات في الآية، وأما الترتيب بين المضمضة والاستنشاق والوجه، أو بين اليمنى واليسرى من اليدين والرجلين فإن ذلك غير واجب، بل مستحب.

الثامن عشر: الأمر بتحديد الوضوء عند كل صلاة ليوجد صورة المأمور به.

التاسع عشر: الأمر بالغسل من الجنابة.

العشرون: أنه يجب تعميم الغسل للبدن كله، لأن الله أضاف التطهر للبدن، ولم يخص بعضه دون بعض.

الحادي والعشرون: الأمر بغسل ظاهر الشعر وباطنه في الجنابة لعموم قوله (فاطهروا).

الثاني والعشرون: أنه يندرج الحدث الأصغر في الحدث الأكبر، ويكفي من هما عليه أن ينوي ثم يعنن بدنه بالغسل، لأن الله لم يذكر إلا التطهر، ولم يذكر أنه يعيد الوضوء.

الثالث والعشرون: أن الجنب يصدق على من أنزل المني يقظة أو مناما أو جامع ولو لم ينزل، كما يدل على ذلك لفظ الجنب، وكما بينته السنة.

الرابع والعشرون: أن من ذكر أنه احتلم ولم يجد بللا، فإنه لا غسل عليه لأنه لم يتحقق الجنابة.

الخامس والعشرون: ذكر منه الله تعالى على العباد بمشروعية التيمم.

السادس والعشرون: أن من أسباب جواز التيمم وجود المرض الذي يضره غسله بالماء، سواء كان مرضا للبدن كله أو للعضو الذي يجب غسله إذا كان فيه جرح ونحوه يضره الماء.

السابع والعشرون ([705]): أن من جملة أسباب جوازه السفر والإتيان من البول والغائط إذا عدم الماء.


فالمرض يجوز التيمم ولو مع وجود الماء لحصول التضرر به، وباقيها يجوزه العدم للماء، ولو في الحضر.

الثامن والعشرون: أن الخارج من السبيلين من بول أو غائط ينقض الوضوء.

التاسع والعشرون: استدل بها من قال لا ينقض الوضوء إلا هذان الأمران، فلا ينتقض الوضوء بمس المرأة والفرج ونحوها، ويجاب عن ذلك بأنه إذا ثبت في السنة، فالسنة تفسر القرآن وتبينه.

الثلاثون: استحباب التكنية عما يستقذر التلفظ به لقوله (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ).

الحادي والثلاثون: أن اللمس للمرأة إذا كان بلذة وشهوة فإنه ناقص للوضوء، لقوله (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ) وأن عمومها يشمل حتى المباشرة.

الثاني والثلاثون: اشتراط عدم الماء لصحة التيمم.

الثالث والثلاثون: أنه مع وجود الماء ولو في الصلاة يبطل التيمم، لأن الله إنما أباحه مع عدم الماء.

الرابع والثلاثون: أنه إذا دخل الوقت وليس معه ماء فإنه يلزمه طلبه في رحله وما قرب منه، لأنه لا يقال لم يجد، لمن لم يطلب.

الخامس والثلاثون: أن الماء المتغير بالطاهرات مطلقا مقدم على التيمم، أي يكون طهورا، لأن الماء المتغير ماء، فيدخل في قوله (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً).

السادس والثلاثون: أنه لابد من نية التيمم لقوله (فَتَيَمَّمُوا) أي: اقصدوا.

السابع والثلاثون: أنه يكفي التيمم بكل ما تصاعد على وجه الأرض من تراب وغيره، فعلى هذا يكون قوله تعالى (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) إما من باب التغليب، وأن الغالب أنه يكون له غبار يمسح منه ويعلق بالوجه واليدين.

وإما أن يكون إرشادا للأفضل، وأنه إذا أمكن التراب الذي فيه غبار فهو أولى.

الثامن والثلاثون: أنه لا يصح التيمم بالتراب النجس، لأنه لا يكون طيبا، بل خبيثا.

التاسع والثلاثون: أنه يمسح بالتيمم الوجه واليدان فقط دون بقية الأعضاء.

الأربعون: أن قوله (بوجوهكم) شامل لجميع الوجه، وأنه يعمه بالمسح، لأنه معفو عن إدخال التراب الفم والأنف وما تحت الشعةر ولو  خفيفة.

الحادي والأربعون: أن اليدين يمسحان إلى الكوعين فقط، لأن اليدين عند الإطلاق كذلك، فلو كان يشترط إيصال المسح إلى الذراعين لقيده الله بذلك كما قيده في الوضوء.

الثاني والأربعون: أن الآية عامة في جواز التيمم لجميع الأحداث كلها الأصغر والأكبر، بل ونجاسة البدن على قول بعض العلماء، لأن الله جعلها بدلا عن طهارة الماء، وأطلق في الآية ولم يقيد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ذكر ملامسة النساء، وهو الحدث الأكبر، والبول والغائط، وهو الحدث الأصغر صريحا.


الثالث والأربعون: أن محل التيمم في الحدث الأصغر والأكبر واحد، وهو الوجه والبدن.

الرابع والأربعون: أنه لو نوى من عليه حدثان التيمم عنهما، فإنه يجزي أخذا من عموم الآية وإطلاقها.

الخامس والأربعون: أنه يكفي المسح بأي شي كان بيده أو غيرها، لأن الله قال: (فامسحوا) ولم يذكر المسموح به، فدل على جوازه بكل شيء ([706]).

السادس والأربعون: استدل به على وجوب الترتيب في طهارة التيمم، كما يشترط ذلك في الوضوء، لأنه بدله، ولأن الله بدأ بمسح الوجه قبل مسح اليدين.

السابع والأربعون: أن الله تعالى فيما شرعه لنا من الأحكام لم يجعل علينا في ذلك من حرج ولا مشقة ولا عسر، وإنما هو رحمة منه بعباده ليطهرهم وليتم نعمته عليهم، وهذا هو:ـ

الثامن والأربعون: أن طهارة الظاهر بالماء والتراب تكميل لطهارة الباطن بالتوحيد والتوبة النصوح.

التاسع والأربعون: أن طهارة التيمم وإن لم يكن فيها نظافة وطهارة تدرك بالحس والمشاهدة، فإن فيها طهارة معنوية ناشئة عن امتثال أمر الله تعالى.

الخمسون: أنه ينبغي للعبد أن يتدبر الحكم والأسرار في شرائع الله في الطهارة وغيرها ليزداد معرفة وعلما، ويزداد شكرا لله ومحبة له على ما شرع


من الأحكام التي توصل العبد إلى المنازل العالية الرفيعة لقوله (لعلكم تشكرون).

وقد ذكر ابن العربي المالكي أنه يستنبط من هذه الآية الكريمة أحكاما تجاوز المئات ([707])، ولكن هذا الذي اهتدينا إلى الوصول إلىه.

فنسأله أن يرزقنا علما نافعا وعملا متقبلا، إنه جواد كريم، وصلى الله على محمد وسلم.

****


من تقريرات الشيخ على الروض المربع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله (ويصح أن يستنيب قادر وغيره في نفل حج وبعضه) ([708])

ظاهره في عموم المناسك، وقد ذكروا أن العاجز عن الطواف والسعي يحمل، ولم يصرحوا بجواز الاستنابة إلا في رمي الجمار، فلعله هو المراد، وبه يحصل الجمع بين كلامهم، وعبارته توهم، فلتحرر ([709]



[1] - وفي أثناء إعداد هذه الطبعة للطباعة، نشرت هذه الكلمة في مجلة الدعوة السعودية، في عددها الصادر في 16رجب1420 هـ.

[2] - رقم الصفحة الأول يمثل الرقم في الطبعة الأولى، أما رمز ط2: فيرمز لرقم الصفحة في طبعتنا هذه ـ الطبعة الثانية ـ

[3] - قد قرأت كلمة على طرة كتاب المتنبي للعلامة المحقق محمود شاكر تقول: مفتاح كل كتاب فهارسه، فاقرأ الفهرس قبل كل شيء.

[4] ـ الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي له تراجم كثيرة مشهورة، فلذا لم نطل بترجمته هنا، وإنما اقتصرنا على ما لا بد منه للتعريف بمنشيء هذه الرسائل، الذي هو بمثابة المؤلف لهذا الكتاب. ومن أجمع التراجم للشيخ عبد الرحمن ابن سعدي الترجمة التي جمعها الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد في كتابه "الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي وجهوده في توضيح العقيدة "الذي  نشرته مكتبة الرشد سنة 1411ه، حيث جمعها من عدة مصادر، وقد حاول استقصاء مصادر ترجمة الشيخ ابن سعدي، فكانت كما يلي:

1) روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين للشيخ محمد بن عثمان القاضي 1/ 219.

2) علماء نجد خلال ستة قرون للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام 2/ 422.

3) مشاهير علماء نجد وغيرهم للشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ ص 392.

4) علماء آل سليم وتلامذتهم للشيخ صالح بن سليمان العمري2/295.

5) ترجمة في آخر كتب المختارات الجلية لابن سعدي، طبعة المدني بقلم الشيخ سليمان بن عبد الكريم السناني

6) ترجمة في آخر المختارات الجلية لابن سعدي طبعة السعيدية بقلم أحد تلاميذ الشيخ وهي حرفية أو شبه حرفية من مشاهير علماء نجد لآل الشيخ.

7) مقدمة كتاب الرياض النضرة لابن سعدي بقلم أحد تلاميذ الشيخ

8) سيرة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي جمع وتقديم محمد حامد الفقي، وهي جملة من المقالات لابن الشيخ ابن سعدي ولأحد تلاميذه ولغيرهما قام بجمعها الشيخ محمد حامد الفقي.

9) الأعلام لخير الدين الزركلي 3/ 340.

10) معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 3/396.

11) مجلة الجامعة الإسلامية: س11،ع4،ص205، مقال للدكتور عبد الرحمن العدوي.

12) مجلة العرب س7 عدد ربيع الأول 1393ه، ص690بعنوان معجم المطبوعات العربية، تحدث فيه عن مؤلفات الشيخ بن سعدي.

13) مجلة الحج الحجازية س11ع1 سنة 1376ه ص 125.

14) مقدمة كتاب شرح القصيدة التائية بقلم عبد الغني عبد الخالق.

انتهى ما ذكره العباد.

وللشيخ محمد بن سليمان البسام ( المولود 1333ه) ـ وهو أخص تلاميذ الشيخ ابن سعدي ـ ترجمة جيدة لشيخه ينبغي أن تضاف إلى المصادر الأصلية في ترجمة الشيخ ابن سعدي، وقد ذكر هذه الترجمة في مقدمة تحقيقه لكتاب "التعليق وكشف النقاب عن نظم الإعراب" للشيخ ابن سعدي نفسه.

وقد طبع كتاب علماء نجد طبعة ثانية، زاد فيها الشيخ عبد الله البسام في ترجمة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي أشياء على ما ذكره في الطبعة الأولى.

وتعتبر هذه الرسائل التي بين أيدينا من أهم مصادر ترجمة الشيخ ابن سعدي التي لا يستغنى عنها من أراد أن يترجم له أو يدرس جانبا من جوانب شخصيته.

[5] - وقد ذكرت نبذة من ترجمته في حاشية ص33.

[6] - تقع على الشرق من مدينة جازان، وللشيخ عقيل بن عبد العزيز ترجمة في حاشية ص47، وسيأتي أيضا أن عمه الشيخ عبد الرحمن بن عقيل بن عبد الله من أهل العلم، وقد ذكرت نبذة من ترجمته  في حاشية ص39.

[7] - من أحياء عنيزة.

[8] - وله ترجمة في حاشية ص46.

[9] - وله ترجمة في حاشية ص39.

[10] - موضع مشهور بين القصيم والرياض.

[11] - وهو مترجم في حاشية ص64.

[12] - هذه الرسالة كتبها الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في عنيزة، إلى شيخنا عبد الله ابن عبد العزيز بن عقيل، حينما كان في مدينة الرياض قبل أن يتوجه إلى "أبو عريش".

[13] - يعني به والد شيخنا عبد الله بن عقيل، وهو الشيخ عبد العزيز بن عقيل العبد الله ابن عقيل (1300 تقريباـ 1383 هـ) ولد في عنيزة، كان أديبا شاعرا، ذا همة وذكاء، مع قوة في الحجة، وأخلاق عالية، محبا للعلم وأهله، قرأ على جملة من مشايخ وعلماء بلده، وواظب على حضور حلقات الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، مع أنه كان يصغره سنا، توفي في الرياض، له ترجمة ماتعة في "روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين" لمؤلفه محمد بن عثمان بن صالح القاضي (1/ 289)ط الحلبي الثانية، وفي "علماء آل سليم وتلامذتهم" لصالح العمري (2/ 316) ط أولي النهي والعرفان لإبراهيم العبد المحسن (5/290).

[14] - يعني من أمر الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى شيخنا عبد الله بن عقيل بالتوجه إلى "أبو عريش" قاضيا. و"الشيوخ" في عرف أهل نجد: الحكومة.

[15] - وذلك بأن أصبح الشيخ عبد الله بن عقيل قاضيا.

[16] - هو الشيخ على بن حمد المحمد الصالحي (1333ـ 1415هـ) وسيأتي ذكره كثيرا، وسيأتي أن الشيخ قد أوكل إليه تدريس صغار الطلبة مع الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع في حدود سنة 1360هـ، له جهد مشكور في نشر كتب الشيخ ابن سعدي من خلال مطبعته مطبعة النور بالرياض، قام بجمع ما وقف عليه من كلام ابن القيم في التفسير في كتاب أسماه "الضوء المنير على التفسير" طبع سنة 1415هـ وهي السنة التي توفي فيها، رحمه الله، له ترجمة في آخر كتابه المشار إليه، وكذا في "علماء نجد" الطبعة الثانية (5/ 180).

[17] - الظاهر أنه الشيخ الداعية عبد الله بن محمد بن حمد بن نجيد، الملقب بالقرعاوي (1315ـ 1389هـ) ولد رحمه الله في عنيزة، اشتغل بالتجارة في مطلع حياته، ثم بدأ في طلب العلم ودرس على مشايخ بلده أمثال الشيخ عبد الله ابن محمد المانع، ثم درس على بعض مشايخ بريدة مثل الشيخ عمر ابن سليم ثم ارتحل من أجل طلب العلم عدة رحلات إلى مكة والأحساء وقطر والهند وأجازه بعض علمائها وفلسطين وغيرها، وهو في أثناء تطوافه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله، زهد في الوظائف وتفرغ للدعوة إلى الله في جنوب المملكة العربية السعودية، حيث أسس عددا كبيرا من المدارس السلفية في قرى متعددة، بقيت وستبقى ـ إن شاء الله ـ شاهد صدق على بذله وإخلاصه، كما خلف بعض التلاميذ النجباء العاملين، من أمثال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي الذي كان كالساعد الأيمن له إلى أن توفي في حياة شيخه سنة 1377هـ رحمه الله، وقد أحبه أهل تلك البلاد، وبالجملة فآثاره جمة وفضله كبير، له تراجم حافلة في "علماء نجد" ص أولى (؟2/630)، ثم ط ثانية (4/ 398)، و"روضة الناظرين" (2/41) ط الحلبي الثانية، وفي مؤلفات أخرى مستقلة.

[18] - أحد المرافقين للشيخ عبد الله بن عقيل

[19] - هما ابنا الشيخ ابن سعدي، أما عبد الله فهو أكبر أبناء الشيخ، طالب علم، واشتغل بالتجارة ، وقد طبع بعض مؤلفات والده. (توفي في حادث سيارة عام 1405هـ) رحمه الله.

وأما أحمد فهو ثالث أبناء الشيخ بعد عبد الله ومحمد، يعمل بالتجارة أيضا، ويستوطن المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.

[20] - أي جنوبي المملكة العربية السعودية، وهو إطلاق اصطلاحي، حيث تقدم أن الشيخ عبد الله بن عقيل عين قاضيا في "أبو عريش" و"أبو عريش" بلدة تقع جنوبي المملكة العربية السعودية بالقرب من جازان.

[21] - جملة أسطر حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[22] - أي ما يبدو من أمر مهم لديك يلزم أن تذكره لنا، شرفنا بذكره لنا، وستتكرر هذه العبارة في أغلب رسائل الشيخ.

[23] - هو الشيخ عبد الرحمن بن عقيل بن عبد الله بن عقيل (1302ـ1372هـ) ولادته في عنيزة، حفظ القرآن، وطلب العلم على مشايخ عنيزة، ومنهم الشيخ ابن سعدي، والشيخ علي بن ناصر أبو وادي، والشيخ عبد الله بن مانع، تولى قضاء جازان، حتى سنة 1358هـ ثم انتقل إلى عنيزة، وبها توفي، له ترجمة في "علماء نجد" ط أولى (2/400)، و ط ثانية (3/125)، وفي روضة الناظرين (1/212) ط ثانية، وفي علماء آل سليم (2/290) ط أولى، وفي تذكرة أولي النهى والعرفان لإبراهيم العبد المحسن (5/291).

[24] - أي: هم بخير، أو يسلمون عليك. خبر محذوف للعلم به، وسيتكرر هذا التعبير أيضا في كثير من رسائل الشيخ.

[25] - وهذه هي الورقة.

[26] - القائل هو الشيخ عبد الله بن عقيل، أضاف ذلك حينما وصلته الرسالة.

[27] - كذا بالأصل، والصواب: فيه، كما هو ظاهر.

[28] - هو الشيخ إبراهيم بن محمد بن محمد آل حسين ويلقبون بالعمود (1324ـ1394هـ) ابن أخت الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، ومن طلابه، قرأ عليه مدة من الزمن، كما قرأ على غيره من علماء عنيزة وبريدة، وارتحل إلى الهند لطلب العلم في مقتبل عمره، تولى القضاء في عدة مدن من المملكة العربية السعودية، منها مدينة جازان (ولعل ما في رسالة الشيخ ابن سعدي هنا إشارة إلى ذلك)، كان صاحب خلق، محبوبا من الناس، وكان رحمه الله من أخلص أصدقاء الشيخ عبد الله بن عقيل إلى أن توفي. له ترجمة في "روضة الناظرين" (1/95)، و"علماء نجد" ط ثانية (1/321)، وفي علماء آل سليم (2/213).

[29] - تقدم أن "أبو عريش" بلدة تقع جنوبي المملكة العربية السعودية بالقرب من جازان، وتقدم أيضا أن الشيخ عبد الله بن عقيل عين قاضيا فيها.

[30] - أي في الرفع والنصب والجر.

[31] - الكلام في لفظة "أبو عريش"ـ وما يعتريها من الإعراب في أحوالها الثلاثة: رفعا، ونصبا، وجرا، يتجاذبه مذهبان متقابلان، فإما أن نجعلها من باب الأعلام المحكي لفظها، كما في "تأبط شرا" مما كان العلم فيه مركبا تركيبا إسناديا، وهو ما تكون من جملة، فلا تكون من باب المضاف والمضاف إليه، فلا يعتري مسندها وهو هنا "أبو"أي حالة من حالات الإعراب، فلا تتغير صورته، فنقول مثلا رأيت أبو عريش، وجئت من أبو عريش، وإنما تكون معربة بحركات مقدرة على آخرها.                                          =

= وإما أن نجعلها من باب الأعلام المركبة تركيبا إضافيا، كما في عبد الله، وابن عمر، وحكم هذه معروف، وذلك بأن يعرب صدرها، كما يعرب لو كان مستقلا بنفسه غير مضاف إليه شيء، فيجري على "أبو عريش" عندئذ رفع "أبو" بالواو ونصبها بالألف، وجرها بالياء، لأنها من الأسماء الخمسة، وتكون "أبو" في الوقت نفسه مضافا، و"عريش" مضافا إليه.

ويمكننا القول بأن ما غلب عليه الحكاية يبقى على صورته، أي أنه لفظ محكي، نتبع فيه المذهب الأول، ويمكن أن يمثل لهذا كذلك بـ"أبو ظبي"، أما ما لم تغلب عليه الحكاية، فيذهب فيه إلى المذهب الثاني.

ولعل تعليل الشيخ ابن سعدي لرأيه يشهد لهذا. والله تعالى أعلم.

للتوسع انظر شروح الألفية عند الكلام على العلم، ورسالة: "الأحكام النحوية للأعلام في العربية" تأليف الدكتور محمد أحمد العمروسي، مطبعة الأمانة العلمية، الطبعة الأولى 1409هـ

[32] - أي هذه اليومين، أو الأيام.

[33] - هذا الكتاب طبع باسمين: مرة في سنة 1365هـ، بمطبعة الترقي بدمشق، ولعلها أول طبعاته، باسم "إرشاد أولى البصائر والألباب لنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب بطريق مرتب على السؤال والجواب" ثم طبع بعد ذلك عدة مرات باسم"الإرشاد لمعرفة الأحكام"، وهناك فروق بين الطبعتين، والشيخ يشير إلى هذا الكتاب ـ كما في هذا الموضع وما سيأتي ـ بكتاب السؤال والجواب، ولعل في هذا ما يدل على أنه ألفه ولم يسمه.

وقد حوى هذا الكتاب مائة سؤال بأجوبتها المفصلة التي حوت أصول المسائل الفقهية، ولا وصف أبلغ له من وصف مؤلفه له، رحمه الله رحمة واسعة.

[34] - هو الشيخ عبد الله بن محمد بن ناصر العوهلي (1325ـ1408هـ) ولادته في عنيزة، قرأ على قاضيها الشيخ صالح بن عثمان القاضي، وكان من أخص تلاميذ الشيخ ابن سعدي، قال شيخنا عبد الله بن عقيل: قرأنا عليه شيئا من الفرائض في عنيزة، اشتغل بالعلم مدة من الزمن، ثم انتقل إلى مكة المكرمة وقرأ على الشيخ محمد عبد الرازق حمزة، ودرس في معهدها العلمي سنتين أو ثلاث، واشتغل بالتجارة، كان له جهد في طباعة كتب الشيخ والإشراف عليها كما سيأتي، مترجم في "علماء نجد" ط ثانية (4/503).

[35] - هما ابنا الشيخ ابن سعدي، تقدمت ترجمتهم ص37.

[36] - هو أخو الشيخ عبد الله بن عقيل وأكبر منه سنا، وهو الشيخ عقيل بن عبد العزيز ابن عقيل العبد الله العقيل،(1327ـ 1365هـ) حفظ القرآن الكريم، وقرأ على جملة من مشايخ بلده كوالده الشيخ عبد العزيز، والشيخ عبد الله بن مانع، وكذلك الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، ثم ارتحل إلى مكة، فأقام بها ودرس على جملة من مشايخها، أمثال الشيخ محمد عبد الرازق حمزة، تولى القضاء والوعظ في عدة مدن بالمملكة العربية السعودية، له ترجمة في "روضة الناظرين" 2/105 و"علماء نجد" ط ثانية 5/166.

[37] - جملة أسطر حذفناها لاحتوائها على موضوع خاص.

[38] - الطاية: السطح، عامية فصيحة، قال في اللسان مادة طيا (آخر مادة في حرف الطاء): والطاية السطح الذي ينام عليه، وانظر"من غريب الألفاظ المستعمل في قلب جزيرة العرب". للدكتور الفيصل ص222.

[39] - الحسو: البئر، عامية، لها أصل في اللغة. انظر لسان العرب مادة حسا، وانظر "من غريب الألفاظ المستعمل في قلب جزيرة العرب"للدكتور الفيصل ص75.

[40] - أي بعنايتي وتولي أنا.

[41] - هو الشيخ محمد بن عبد العزيز بن عبد الله المطوع (1317ـ1387هـ) ولد في عنيزة، ونشأ بها ثم قرأ على جملة من مشايخها حتى صار له قصب السبق في طلب العلم، وكان من أشهر تلاميذ الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وسيأتي ذكره كثيرا، وأن الشيخ أوكل إليه مهمة القيام على مكتبة الجامع، ثم تدريس =صغار الطلبة، من مشايخه الشيخ عبد الله بن محمد المانع، والشيخ عمر بن محمد بن سليم، والشيخ صالح بن عثمان القاضي، تولى القضاء والتدريس في عدة مدن في المملكة العربية السعودية، ورحل إلى بعض بلدان الخليج وتولى التدريس فيها كذلك. له ترجمة حافلة في "علماء نجد" ط أولى (3/840) ط ثانية (6/78),

[42] - الجماميل: الحمالين الذين يستخدمون الجمال في الحمل والنقل، والمقصود: يتفق معهم ويتعاقد معهم لأداء العمل.

[43] - أي الشيخ على الحمد الصالحي الذي تقدمت ترجمته ص36.

[44] - جملة أسطر حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[45] - أي من نونية ابن القيم، وهي:"الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية"، للعلامة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر المشهور بابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751هـ وهي نظم بديع في التوحيد والعقيدة والاعتصام بالسنة، والرد على أهل البدع، مع فوائد مبثوثة بين جوانبه، قارب الستة آلاف بيت، شرحت، وطبعت عدة مرات.

[46] - أي "منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار صلى الله عليه وسلم" لأبي البركات مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد الحراني المتوفى سنة 652هـ، والمشهور بالمجد ابن تيمية، وهو جد شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية رحمه الله تعالى، وكتاب المنتقى هذا، من كتب أحاديث الأحكام، جمع مؤلفه فيه أشهر أحاديث الأحكام، ورتبها وبوبها تبويبا حسنا بديعا ووضع لهذه الأبواب تراجم غاية في الحسن تدل على فقه ذلك الباب، كما تدل على رسوخ قدم المجد رحمه الله في الفقه والحديث معا، شرحه الشوكاني شرحا وافيا في "نيل الأوطار" طبع النتقى في مصر مفردا، وطبع كذلك مع شرحه نيل الأوطار طبعات كثيرة.

[47] - أي هذه اليومين، أو الأيام.

[48] - يبي: يريد.

[49] - كذا بالأصل.

[50] - هو كتاب الإرشاد في الفقه الذي تقدم ذكره ص46.

[51] - هو سليمان بن صالح بن سليمان بن محمد العليان من أهل عنيزة وبها ولد سنة 1337هـ حضر حلقات الشيخ ابن سعدي، عمل في التدريس في المدارس التابعة للمعارف حتى تقاعد، كان له خط حسن. يستوطن الآن مدينة عنيزة هذه نبذة من كلامه، ختم الله لنا وله ولجميع المسلمين بخير.

[52] - ظف: فاعلها: الربيع، أي ظف الربيع الناس إلى البر، أي جمعهم واحتوشهم إلى البر، وأصل كلمة ظف: جمع قال في لسان العرب (قال الكسائي: ظففت قوائم البعير أظفها ظفا، إذا شددتها كلها وجمعتها) انظر لسان العرب مادة ظفف.

[53] - فهق: تأخير، وأصل كلمة فهق في الفصحى: الامتلاء والاتساع. انظر لسان العرب مادة فهق.

[54] - تقدمت ترجمته ص46.

[55] - هو حمد بن عبد العزيز العقيل، أخو الشيخ عبد الله بن عقيل الأكبر (1320ـ 1401هـ) أخذ مبادىء العلوم في الكتاتيب وعن علماء بلده عنيزة، ارتحل للتجارة إلى البصرة، ثم ارتحل سنة 1357 إلى عمه الشيخ عبد الرحمن العقيل قتضي جازان ـ ولعل هذا سبب ذكره في هذه الرسالة، وتوظف في بعض الوائف الدينية، مع اشتغاله بشيء من التجارة، ثم استقر بالعارضة شرقي جازان، ثم مرض ونقل بالطائرة إلى الرياض حيث توفي بها. ذكر هذه الترجمة شيخنا عبد الله بن عقيل.

[56] - أي يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يتجاوزون آيات الفاتحة كلها بتمتمة سريعة خفيفة، ثم يرفعون أصواتهم بـ"ولا الضالين"، آ مين.

[57] - الطوارف: الأقارب.

[58] - أي حمد بن عبد العزيز العقيل أخو الشيخ عبد الله بن عقيل، تقدمت ترجمته ص55.

[59] - أي كتاب الإرشاد، الذي تقدم ذكره ص46.

[60] - يبي: يريد.

[61] - جملة أسطر حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[62] - هو وزير المالية في ذلك الوقت، وهو عبد الله بن سليمان الحمدان (1305ـ1385هـ) ولاه الملك عبد العزيز مديرية المالية العامة، ثم تحولت إلى وكالة وظل عليها، ثم إلى وزارة عام 1351هـ فأصبح وزيرا لها، ومنحه الملك عبد العزيز صلاحيات واسعة حتى أصبح لقب "الوزير" علما عهليه، ظل وزيرا للمالية حتى استقال منها سنة 1374هـ، بعد وفاة الملك عبد العزيز، انظر "تنظيمات الدولة في عهد الملك عبد العزيز، دراسة تأريخية ط أولى سنة 1414هـ نشر مكتبة العبيكان، والوجيز في سيرة الملك عبد العزيز ص311 ـ312، وشبه جزيرة العرب للزركلي ص377.

[63] - ربعنا: جماعتنا وأصحابنا.

[64] - هو محمد بن الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وهو أوسط أولاده، ولادته سنة 1341هـ، انتقل سنة 1353إلى مدينة الجبيل على الساحل الشرقي للملكة العربية السعودية ـ التي يعبر عنها الشيخ ابن سعدي بالديرة الحدرية كما في ص 114 ـ للعمل مع عمه سليمان الناصر السعدي، وظل فيها حتى سنة 1368هـ حيث انتقل إلى الخبر واستوطن بها ـ مع أخيه أحمد ـ حتى الآن حيث يمارس التجارة، له جهود في طباعة بعض كتب الشيخ ابن سعدي، هذه النبذة ملتقطة منه، ختم الله لنا وله ولجميع المسلمين بخير.

[65] - الرسالة التي تقدمت قبل هذه الرسالة والتي حوت الأخبار التي أشار إليها الشيخ هنا، مؤرخه بخط الشيخ ابن سعدي في 3 شعبان، فالله أعلم.

[66] -أي مع خط (كتاب) زامل الصالح.

[67] - هو الشيخ الفاضل زامل بن صالح بن زامل بن عبد الله بن سليمان (الملقب بـ سليم، وهو الجد الذي ينسب إليه السليم، أمراء عنيزة) (ولادة الشيخ زامل حسب ما شافهني به 16 ذ1ي القعدة 1321هـ)، من أوائل من درس على الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، ثم اشتغل بالتجارة مدة ثم تركها، استوطن مدينة الطائف غربي المملكة العربية السعودية، وما زال يعيش فيها حتى كتابة هذه الأسطر، امتاز حفظه الله بالدين والأمانة والورع والزهد، نسأل الله لنا وله الإخلاص والثبات على الحق، وأن يختم لنا وله بخير.            =

= هذا ما كتبناه في الطبعة الأولى، ونسأل الله أن يكون قد ختم له بخير، فقد توفي الشيخ زامل قبيل فجر يوم السبت 3 ذي الحجة 1419هـ، رحمه الله رحمة واسعة.

[68] - أي حمد بن عبد العزيز بن العقيل أخو الشيخ عبد الله بن عقيل، تقدمت ترجمته ص55.

[69] - هو الشيخ عبد الله بن علي بن عبد الله العمودي (كان حيا سنة 1300ـ1398هـ) من علماء منطقة جازان، شافعي المذهب، ولد ونشأ في أبو عريش وأخذ مبادئ العلوم فيها ثم ارتحل إلى اليمن في طلب العلم، فأخذ عن مشايخها وله منهم إجازات، تولى قضاء عدة مدن في جنوب الجزيرة واليمن في عهد الإدريسي، ثم في عهد الملك عبد العزيز، له بعض المصنفات في تاريخ اليمن وجنوب الجزيرة العربية، وله شعر ونثر، مصدر هذه الترجمة ابنه الأستاذ إبراهيم، وهناك عدة مصادر ترجمت له منها (فرحة النظر في تراجم رجال من بعد القرن الثالث عشر بمنطقة جازان تأليف أحمد بن محمد الشفعي المعافا ط أولى 1417هـ 1/347) ومقدمة كتابه المطبوع باسم "الأدارسة في تهامة، تحقيق الدكتور عبد الله بن محمد أبو داهش.

[70] - الكامل في التاريخ لعز الدين بن الأثير، علي بن عبد الكريم،(555ـ630هـ) وهو أخو السعادات مجد الدين المبارك بن محمد (544ـ606هـ) المحدث المشهور صاحب النهاية في غريب الحديث، وجامع الأصول (وسيأتي التعريف به في حاشية ص243) وثالثهم ضياء الدين نصر الله، الأديب (558ـ637هـ) وقد جمع الثلاثة قول الشاعر:

بنو الأثير الذين كانوا                    ثلاثة ضمهم إخاء

مؤرخ عالم أديب                      العز والمجد والضياء

والكامل هذا طبع عدة طبعات في ليدن ومصر وبيروت.

[71] - رواه أبو داود، كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالأمانة رقم 3253(3/570)(طبعة الدعاس) والإمام أحمد في المسند (5/352) (مصورة المكتب الإسلامي) والبيهقي في السنن (10/30) عن عبد الله بن بريدة بن الحصيب عن أبيه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من حلف بالأمانة فليس منا) وهو حديث صحيح، انظر السلسلة الصحيحة للألباني رقم 94.

[72] - أي الحلف بالأمانة.

[73] - في الحلف بالأمانة روايتان في مذهب الإمام أحمد، فالذي في المنتهى، (1/531)، وشرحه (3/422): يكره الحلف بالأمانة كراهة تنزيه، قال في الإنصاف (11/6) جزم به في المغني والشرح وغيرهما، وفيه حديث مرفوع رواه أبو دواد.

أما الذي في الإقناع، وشرحه كشاف القناع (6/231): كراهة تحريم.

قال الزركشي بعد ذكر الروايتين والأثر: قلت: وظاهر رواية الأثر والحديث التحريم اهـ انظر شرح الزركشي (7/95).

[74] - انظر منتهى الإرادات (1/177) وشرحه (1/371ـ373).

[75] - الإقناع 1/246.

[76] - أي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.

[77] -في اختيارات شيخ الإسلام للبعلي ص98 (وتجب الزكاة في جميع أجناس الأجرة المقبوضة، ولا يعتبر لها مضي حول، وهو رواية عن أحمد)، أما في مجموع الفتاوى 25/14 فيقول رحمه الله تعالى (وإن ملك دون النصاب ثم ملك ما يتم النصاب، بنى الأول على حول الثاني، فالاعتبار من يوم كمل النصاب.

وإن ملك نصابا ثم بعد مدة ملك نصابا، بنى كل واحد منهما على حوله وربح المال مضموم إلى أصله ....)اهـ.

فهنا مسألتان:

الأولى: إذا كان المال المستفاد، من نتاج أو نماء مال عنده، كربح التجارة، وربما كأجرة الأرض أو العقار.                                                                                                   =

= فهذا المال المستفاد متى يزكى؟ هل يستقبل به حول جديد من حين قبضه؟ أم أنه يضم إلى المال الأصلي في الحول، فمتى تم حول المال الأصلي، أخرج زكاة الجميع؟ قولان للعلماء، والخلاف فيها مشهور، ورجح شيخ الإسلام

الرأي الثاني، وهذا هو المقصود بالمنقول في الاختيارات.

وقول شيخ الإسلام المتقدم في الاختيارات: ولا يعتبر لها مضي حول، المقصود به: ويضم إلى حوله أصله.

والثانية: إذا كان المال المستفاد من جنس نصاب عنده، لكنه ليس نتاجا له، ولا من نمائه، مثل مال الميراث، ومثل الرواتب الشهرية.

فكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى هو الذي ينطبق على هذه الحالة، وهو صريح في أن يجعل لكل نصاب حولا مستقلا، وهو مذهب الأحناف.

وكأن الشيخ ابن سعدي سوى بين المسألتين وجعل مأخذهما واحدا، هو ما ذكره من أن الأجر المقبوضة ـ كالرواتب ـ جارية مجرى مكاسب الأموال الموجود أصلها، وهي أموال نامية، مثلها مثل ربح التجارة. وانظر لمناقشة هذا الرأي المغني لابن قدامة،(2/498) ط الشرح الكبير، وللتوسع انظر فقه الزكاة للدكتور القرضاوي (2/488) ط السادسة عشرة، مكتبة وهبة.

[78] - الحديث أصله في الصحيحين بروايات وألفاظ متعددة؛ منها ما في صحيبح البخاري، كتاب العلم، باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه، رقم 126(1/271 ط السلفية الثانية)

وفي صحيح مسلم في الحج في مواطن متعددة، أما اللفظ الذي أورده الشيخ فلم أجده، ولعله مجموع من عدة روايات.

[79] - هو الشيخ سليمان بن السعود بن دوجان، درس على الشيخ عبد الله بن عقيل، ثم ولي القضاء في عدة مدن في المملكة العربية السعودية، كان آخرها في بلدة "القرى" و"بيد" في جنوب المملكة، أصيب بمرض خبيث في جهازه الهضمي حتى أصبح يتناول الطعام عن طريق أنبوب، ومع ذلك فكان صابرا محتسبا، قائما بعمله المكلف به، محتسبا في أعمال أخرى، كتب في آخر حياته رسالة إلى شيخنا عبد الله بن عقيل، معبرا عن شوقه له، وذكر فيها بعض أيام قراءته عليه، وذكر فيها مرضه دون تشك، وفيها من الثناء والشكر لله عز وجل الشيء الكثير، وأرخها بـ26/5/1387هـ ثم لم يلبث طويلا حتى توفي، فرحمه الله رحمة واسعة.

[80] - الصالحي الذي تقدمت ترجمته ص36.

[81] - أي كتاب "قطر الندى وبل الصدى"، في النحو لابن هشام الأنصاري، أبي محمد جمال الدين عبد الله بن هشام المتوفى سنة 761هـ، وهو كتاب مشهور متداول.

[82] - جملة أسطر حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[83] - أي كتاب الإرشاد للشيخ ابن سعدي، الذي تقدم ذكره ص46.

[84] - الطوارف: الأقارب.

[85] - أي أخو الشيخ عبد الله، تقدمت ترجمته 55.

[86] - أي من بعض آل العثيمين، والعثيمين من أسر مدينة عنيزة، ومنهم سليمان آل عثيمين جد الشيخ ابن سعدي لأمه، وهي أسرة الشيخ محمد الصالح العثيمين، أحد أشهر تلامذة الشيخ ابن سعدي، وستأتي ترجمته بمشيئة الله.

[87] - كذا بالأصل.

[88] - البفت: نوع من الأقمشة.

[89] - جمع شماغ، وهو عمامة تلبس على الرأس بدون شد.

[90] - أس حملهم.

[91] - أي متروكات أو مهملات الشأن.

[92] - هو الشيخ عقيل بن عبد العزيز بن عقيل، أخو شيخنا عبد الله، تقدمت ترجمته ص47.

[93] - "صامطة" بلدة جنوبي المملكة العربية السعودية بالقرب من مدينة "جازان" و"أبو عريش".

[94] -يقصد: أما الطلبة الذين جمعتهم الحكومة لتوليتهم القضاء أو لإرسالهم للتعليم ونحوه.

[95] - الزاد هو "زاد المستنقع في اختصار المقنع" للعلامة شرف الدين أبي النجا موسى ابن أحمد بن موسى بن سالم المقدسي الحجاوي ثم الصالحي الدمشقي، مفتي الحنابلة بدمشق في وقته، اشتهر بالحجاوي نسبة إلى حجة ـ بفتح أولها وتشديد التحتية ـ قرية صغيرة من قرى نابلس، توفي 968هـ، وكتاب الزاد هذا، اختصصار لكتاب "المقنع" تأليف الموفق ابن قدامه، عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامه (ت 620هـ) صاحب المغني، ومتن الزاد هذا من أهم متون المذهب الحنبلي عند المتأخرين، طبع عدة طبعات، شرح الزاد الشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي المتوفى سنة 1051هـ في "الروض المربع" وطبع الروض عدة طبعات وعليه حواش وتعليقات، من أشهرها حاشية الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي المتوفى سنة 1392هـ.

[96] - "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح والزيادات" من أشهر وأهم كتب المذهب الحنبلي، مؤلفه هو العلامة تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي الحنبلي المصري، الشهير بابن النجار المتوفى سنة 972هـ، طبع المنتهى بتحقيق الشيخ الدكتور عبد الغني عبد الخالق، وله عدة شروح، من أشهرها وأكثرها تداولا شرح الشيخ منصور البهوتي، وهو المقصود بالذكر هنا، وهو مطبوع متداول.

[97] - أي: ابتداء من.

[98] - أي بشرح قطر الندى في النحو، وتقدم التعريف بالقطر ص72.

[99] - يحتمل أن يكون عمدة الأحكام في كلام خير الأنام، للحافظ تقي الدين أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور المقدسي (541ـ600هـ) جمع فيه جملة من أحاديث الأحكام التي في الصحيحين، وهو مختصر يحفظه ويدرسه الطلاب، وهو مطبوع وعليه عدة شروح من أهمها شرح العلامة ابن دقيق العيد (ت 702هـ) المسمى إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، ومن آخرها شرح الشيخ عبد الله البسام في تيسير العلام شرح عمدة الأحكام.

ويحتمل أن يكون العمدة في الفقه، للموفق ابن قدامه أيضا، جعله على قول واحد تسهيلا للمبتدئين، وأودع فيه جملة من الأدلة مع سهولة العبارة ووضوحها، فصار من أهم الكتب التي تدرس للمبتدئين، شرح العمدة غير واحد، ومن أهم تلك الشروح "العدة" لبهاء المقدسي عبد الرحمن بن إبراهيم المتوفى سنة 624هـ وهو مطبوع مرارا، وكذا شرحه شيخ الإسلام ابن تيمية ولم يتم، وبعضه مطبوع.

[100] - المطوع، قيم المكتبة الذي تقدمت ترجمته ص48.

[101] - العقيدة الواسطية تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية، متن مهم جدا في العقيدة، يعتمد على الكتاب والسنة، واضح العبارة خال من التعقيدات الكلامية، يدرسه المبتدئون، ولا يستغنى عنه المنتهون، مطبوع متداول.

[102] - الأصول الثلاثة" متن مختصر في التوحيد واضح العبارة سهل الأسلوب يدرسه المبتدءون كذلك، نافع جدا على صغر حجمه، تأليف الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.

[103] - هو عبد العزيز بن صالح بن عبد العزيز بن دامغ من أهل عنيزة ولد فيها سنة 1338هـ أخذ مبادىء العلوم عن بعض مشايخ بلده، وكذا أخذ عن بعض مشايخ المدينة النبوية، فتح كتابا في عنيزة ـ وقد اشتهر ذلك في أسرته ـ لتدريس مبادىء العلوم والخط، ولما فتحت المدارس النظامية، أصبح مدرسا فيها، حتى أحيل إلى التقاعد سنة 1412هـ يستوطن الآن مدينة الرياض ختم الله لنا وله ولجميع المسلمين بخير.

[104] - أي اكتملوا.

[105] - أي كتاب الإرشاد الذي تقدم ذكره ص46.

[106] - كذا رسمت بالأصل.

[107] - لعل الشيخ فاته أنه قد أرسل رسالة لشيخنا ابن عقيل فيها بيان حكم هذا البيع، انظر ص56، وسيذكر حكمه مرة أخرى في رسالة قادمة، انظر ص81.

[108] - العمود الذي تقدمت ترجمته ص42.

[109] - هو الشيخ أحمد بن سليمان بن عبد الله البسام (1335 ـ 1407هـ)  قرأ على الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، ثم انتقل إلى جازان للتجارة، فقرأ على قاضيها الشيخ عبد الرحمن بن عقيل (عم الشيخ عبد الله بن عقيل) حينما كان قاضيا بجازان، وعمل بالكتابة لدى الشيخ عبد العزيز الفوزان، ثم عين قاضيا في جازان وفي غيرها من القرى المجاورة، ثم انتقل إلى الرياض بعد اعتزاله القضاء، وبها توفي. له ترجمة في "علماء نجد" ط ثانية (1/474).

[110] - هذا أثر مشهور يكثر ذكره والاستشهاد به في كتب الفقه، وخلاصة القول فيه، أنه ضعيف مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أما موقوفا، أو من كلام بعض التابعين، فلا شك أن معناه ثابت عنهم، كما في صحيح البخاري عن عبد الله ابن سلام، كتاب فضائل الأنصار باب مناقب عبد الله بن سلام رقم 3814 (7/ 161 الفتح ط السلفية الثانية) وسنن البيهقي بروايات متعدة (5/349)، وابن ماجه في الصدقات باب القرض، وعبد الرازق في المصنف، في البيوع، باب الرجل يهدي لمن أسلفه (8/142) عن جماعة من الصحابة.

وانظر في تخريجه والكلام عليه المصادر السابقة، والتلخيص الحبير (3/34) ط يماني، وكشف الخفاء (2/182)، والإرواء للألباني (5/236) وغيرها.

[111] - علبة الكبريت المستخدم في إشعال النار داخل البيوت، يوضع عليها صورة تدل على نوعها أو اسمها، مثل صورة أسد أو نحوه.

[112] - أي كتاب الإرشاد الذي تقدم ذكره مرارا.

[113] - أي عقيل بن عبد العزيز العقيل أخو الشيخ عبد الله تقدمت ترجمته ص47.

[114] - السوج الحركة التي تؤدي إلى تقطيع الكتاب وتمزيقه، أصلها فصيح ففي اللسان ساج يسوج ذهب وجاء، انظر لسان العرب مادة "سوج".

[115] - العمود، الذي تقدمت ترجمته ص42.

[116] - تقدمت ترجمته ص36.

[117] - الزامل، الذي تقدمت ترجمته ص62.

[118] - المطوع، قيم المكتبة وتقدمت ترجمته ص48.

[119] - حمد بن علي بن عبد الله بن إبراهيم القاضي (1888 ـ 1973م) من أسرة القاضي الشهيرة في عنيزة، أخو الشيخ ابن سعدي من أمه، ارتحل في مقتبل شبابه من عنيزة إلى الهند للعمل بالتجارة فمكث فيها قرابة ستين سنة (حتى عام 1948م) ثم تنقل بين عدة بلدان، ثم سكن بيروت في آخر حياته، وبها توفي، كان من كبار التجار، وله مساهمات في بعض أعمال البر. أفادنا بهذه النبذة ابنه سليمان بن حمد الذي يستوطن الكويت.

قال شيخنا ابن عقيل وكان له دور مشكور في النفقة على الشيخ فيما يحتاجه من طباعة كتب وغيرها.

[120] - كلنة أو كلمتان لم نتمكن من قراءتها.

[121] - كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح للوزير عون الدين أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الحنبلي (ت560هـ)، قرأ على ابن الزاغوني وابن البناء وأبي الحسين ابن القاضي أبي يعلى وأخذ الأدب عن الجواليقي، كان وزيرا للمقتفي بأمر الله، وأصل كتابه الإفصاح هذا، أنه صنف " الإفصاح عن معاني الصحاح" شرحا بين الصحيحين للحميدي، فلما بلغ حديث (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) شرح الحديث، وآل به الكلام إلى أن ذكر مسائل الفقه المتفق عليها والمختلف فيها بين الأئمة الأربعة، فأفرد الناس كلامه هذا في كتاب مستقل وسموه الإفصاح عن معاني الصحاح، وهو قطعة من الكتاب الأصلي. انظر المنهج الأحمد، الترجمة قبل الأخيرة، وسير أعلام النبلاء (20/430) والمصادر المذكورة في حاشيته، وانظر مقدمة الإفصاح ص51 تحقيق د.فؤاد عبد المنعم، ط دار الوطن 1417هـ.

[122] - وهو الكامل في التاريخ الذي تقدم التعريف به.

[123] - تاريخ دحلان الظاهر أنه المسمى "تاريخ الدول الإسلامية بالجداول المرضية"، مؤلفه هو أحمد بن زيني بن أحمد دحلان الشافعي (1232 ـ 1304هـ) كان مفتي الشافعية بمكة، اشتغل بالعلم والتأليف، من تآليفه

المشهورة: خلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام، وشرح على الألفية، خالف العقيدة الصحيحة في بعض المسائل، فقد كتب في جواز التوسل كما ألف رسالة في الرد على الوهابية، وتاريخه هذا طبع قديما، وأعيدت طباعته عدة مرات (انظر معجم المطبوعات العربية والمعربة لسركيس، 990 ـ 992، ومعجم المؤلفين لكحالة (1/230) حيث ذكر مزيدا من مصادر ترجمته).

[124] - ربع: فعل ماض، وربيع مصدر.

[125] - محمد العبد العزيز المطوع قيم المكتبة، تقدمت ترجمته ص48.

[126] - لعله كتاب "منهاج السالكين وتوضيح الفقه في الدين"، قال في مقدمته (أما بعد، فهذا كتاب مختصر في الفقه، جمعت فيه بين المسائل والدلائل، لأن العلم معرفة الحق بدليله، والفقه معرفة الأحكام الشرعية الفرعية، بأدلتها من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح، واقتصرت على الأدلة المشهورة خوفا من التطويل.

وإذا كانت المسألة خلافة اقتصرت على القول الذي ترجح عندي تبعا للأدلة الشرعية) ومن أهم ميزات هذه الرسالة ما سيأتي ذكره في وصف الشيخ لها.

[127] - وهو زاد المستنقع الذي تقدم ذكره ص77.

[128] - كتاب "العمدة في الفقه" للموفق ابن قدامة، تقدم التعريف به ص78.

[129] - "اخصر المختصرات" متن مختصر في فقه مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ومؤلفه هو محمد بدر الدين بن بلبان البعلي، المشهور بابن بلبان ت 1083هـ، وهو مختصر سهل العبارة واضح المعاني، وأخصر المختصرات هذا هو مختصر لـ"كافي المبتدي" لابن بلبان نفسه، شرح أخصر المختصرات عبد الرحمن بن عبد الله البعلي المتوفى سنة 1192هـ في "كشف المخدرات والرياض المزهرات" وكل من أخصر المختصرات، وشرحه كشف المخدرات مطبوع.

[130] - انظر الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية ص8

[131] - انظر سبل السلام شرح بلوغ المرام للصنعاني في كلامه على حديث حذيفة (لا تأكلوا في آنية الذهب والفضة...)، وهو أول حديث في باب الآنية من بلوغ المرام، واختيار الصنعاني هذا هو اختيار الشيخ محمد الصالح العثيمين، من أشهر تلاميذ الشيخ ابن سعدي، انظر الشرح الممتع على زاد المستقنع للشيخ العثيمين (1/62).

[132] - كلمة أو كلمتان ضرب عليها بالأصل.

[133] - وهو أن الطلاق في هذه الحالة لا يقع إلا طلقة واحدة، أنظر مجموع الفتاوى (33/98) مع مواطن أخرى من نفس المجلد وغيره من المجلدات، أنظر فهرس الفتاوى (38/308ـ312) وهذا من أشهر اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، والخلاف في هذه المسألة مشهور، قديما وحديثا.

[134] - انظر "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" لابن القيم رحمه الله، حيث أطال فيها وتوسع، وأجاب عن ما استدل به المخالفون الذين يوقعونه ثلاثا وذلك في حوالي 50صفحة من (1/300) إلى (1/354) من طبعة الحلبي الأخيرة 1381هـ.

[135] - انظر إغاثة اللهفان لابن القيم (1/36) من طبعة الحلبي الأخيرة سنة 1381هـ تحقيق محمد سيد كيلاني. أما الموطن الذي أشار إليه الشيخ فهو حسب الطبعة الميمنية المطبوعة عام 1320هـ وبهامشها طريق الهجرتين وباب السعادتين.

[136] - كذا بالأصل بالإفراد في كلا الكلمتين.

[137] - استنبط الشيخ رحمه الله من آية الدين (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين...) ما يربو على أربعين فائدة، ومن آية التيمم ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم...)خمسين فائدة، معظمها مذكور في نسخ التفسير المطبوعة، وقد أفردها برسالة مستقلة للشيخ عبد الله بن عقيل، وسنرفقها ـ إن شاء الله ـ في آخر هذه الرسائل حيث يوجد فيها زيادات على ما هو موجود في المطبوع.

[138] - هو سليمان بن محمد العمود (1335ـ 1412هـ) أخو الشيخ إبراهيم العمود، تلقى مبادىء العلوم في عنيزة، ثم التحق بعدة وظائف منها كتابة العدل في عدد من مدن المملكة العربية السعودية كان آخرها القصيم، رحمه الله

[139] - أي زامل الصالح الزامل، الذي تقدمت ترجمته ص62.

[140] - يعني محمد بن الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، تقدمت ترجمته ص61.

[141] - الطوارف: الأقارب.

[142] - أي الشيخ زامل الصالح الزامل الذي تقدمت ترجمته ص62.

[143] - محمد العبد العزيز المطوع قيم المكتبة، تقدمت ترجمته ص48.

[144] - علي الحمد الصالحي، حيث عين معاونا لمحمد العبد العزيز المطوع كما تقدم، انظر ص 36.

[145] - هو كتاب "منهاج السالكين وتوضيح الفقه في الدين" الذي تقدم ذكره ص87.

[146] - "فرسان" جزيرة تقع في النصف الجنوبي من البحر الأحمر، قبالة سواحل جازان.

[147] - تقدمت ترجمته ص92.

[148] - أي الخروج ـ من قريته إلى عنيزة ـ، من ظهر.

[149] - أي إبراهيم المحمد العمود.

[150] - كما في حديث مسلم في قصة الفتى الذي كان يحفر الخندق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حديث عهد بعرس، وفي آخره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن بالمدينة جنا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم

=شيئا فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان) وفي رواية لمسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا عليها ثلاثا فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر) صحيح مسلم كتاب قتل الحيات ونحوها (4/234  مسلم مع النووي)، ففي الرواية الأولى التصريح بالثلاثة أيام بخلاف ما في الثانية فإنه أطلق، وعليه اختلاف العلماء، كما اختلفوا هل الإنذار خاص ببيوت المدينة النبوية، أم هو عام في كل مكان، بناء على تعارض الأحاديث.

[151] - النوط هو الورق النقدي المعروف، لعل أصلها من البنك نوت.

[152] - أي حمد بن عبد الله بن عقيل، الأخ الأكبر للشيخ عبد الله، تقدمت ترجمته ص55.

[153] - العمود الذي تقدمت ترجمته ص42.

[154] - الزامل تقدمت ترجمته ص62.

[155] - جملة كلمات حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[156] - عبد العزيز رحمه الله.

[157] - هو تفسير القرآن المسمى "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، الذي ألفه الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وهو تفسير متوسط الحجم له ميزات عديدة منها وضوح العبارة وسهولة الأسلوب ـ كما هي عادة الشيخ في مؤلفاته ـ يستفيد منه المبتدي، ولا يستغني عنه المنتهي، طبع عدة مرات، قام على طبعته الأولى الشيخ محب الدين الخطيب في مطبعته السلفية بمصر، ثم طبع بعناية محمد زهري النجار، ولكن جميع طبعاته ـ مع الأسف ـ لا تخلوا من تحربف وتصرف، غير ما فيها من أخطاء مطبعية، ويحاول بعض الباحثين الآن طباعته عن مخطوطته الأصلية، نسأل الله لنا ولهم التوفيق والإعانة.

ومن هنا نعلم يقينا أن تاريخ تأليف هذا التفسير قبل عام 1360هـ.

[158] - حيث وافق سفر الملك عبد العزيز إلى القصيم.

[159] - أي حمد بن عبد العزيز العقيل أخو الشيخ عبد الله بن عقيل، تقدمت ترجمته ص55.

[160] - أبناء الشيخ ابن سعدي، تقدمت تراجمهم.

[161] - الطوارف: الأقارب.

[162] - أي برفقة خط (كتاب) زامل الصالح الزامل.

[163] - هو الشيخ محمد بن عبد الله بن حسين أبا الخيل (1308ـ1381هـ) ولد في قرية قرب بريدة وقرأ القرآن وحفظه في قريته، ثم قرأ على علماء بريدة وأبرزهم عبد الله بن محمد بن سليم وعمر بن محمد بن سليم، ولي قضاء بريدة، ثم

=عنيزة ما بين آخر سنة 1360ه إلى 15شعبان1361هـ وفي هذه المدة جلس للتدريس كما ذكره ابن سعدي في هذه الرسالة، ثم خلف الشيخ عمر بن سليم على قضاء بريدة في سنة 1362هـ لكن مدته لم تطل، كان شديدا في الحق ـ الأمر الذي لم يخل بينه وبين القضاء مدة طويلةـ آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، صاحب خلق، انظر "علماء نجد" ط أولى (3/851) وثانية (6/143) و"روضة الناظرين" ط ثانية (1/289).

[164] - المقصود به الروض المربع شرح زاد المستقنع الذي تقدم الكلام عليه ص77.

[165] - هيب أبيات شعر أملاها شيخنا عبد الله بن عقيل يذكر فيها شوقه إلى وطنه وشيخه ودروسه.

[166] - هو الشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان (1315ـ1374هـ) حفظ القرآن في الصغر وقد فقد بصره، ثم طلب العلم على علماء بلده ثم علماء الرياض، تولي القضاء في عدة مدن من المملكة العربية السعودية، وولي قضاء عنيزة من رمضان 1361(خلفا للشيخ محمد بن عبد الله بن حسين الذي تقدمت الإشارة إليه في الرسالة السابقة) واستمر فيه =حتى 1369هـ انظر "علماء نجد خلال ستة قرون" ط أولى (2/408)، وثانية (3/130)" روضة الناظرين" ط ثانية (1/215) و"الإعلام فيمن ولي عنيزة من الأمراء والقضاة الأعلام" لمحمد بن عبد العزيبز بن مانع.

والشيخ ابن سعدي حينما يطلق فيقول "الشيخ" فإنه يقصد الشيخ عبد الرحمن ابن عودان، وذلك لأنه قاضي عنيزة في ذلك الوقت.

[167] - تصغير بيت.

[168] - أي ظانين، لعل أصلها من هجس، والهجس ما يقع في الخلد، تقول هجس في قلبي هم وأمر، انظر اللسان مادة (هجس).

[169] - يشره بمعنى: يعتب.

[170] - وراها أي: وراءها، ومعنى العبارة: لم لم يقم هو بتوزيعها.

[171] - أي: القادم.

[172] - الصفاف: أماكن في المسجد من جهة القبلة.

[173] - أي تضعون ما فيه بركة من المال.

[174] - رواه الإمام أحمد في المسند عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة) ورواه ابن ماجه، كتاب المساجد، باب من بنى لله مسجدا، (1/244 رقم 738 عبد الباقي) عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من بنى مسجدا لله كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة) وكلاهما صحيح، وانظر صحيح الجامع رقم 6004،6005.

[175] - كثيرة أو كافية، يقال عيشة راهية أي دائمة كافية، انظر لسان العرب مادة رها، وانظر "من غريب الألفاظ المستعمل في قلب جزيرة العرب" للدكتور الفيصل.

[176] - تبي: تريد.

[177] -تقدم أن الشيخ ابن سعدي إذا قال "الشيخ" وأطلق، فإنه يقصد الشيخ عبد الرحمن ابن علي بن عودان قاضي عنيزة في ذلك الوقت، تقدمت ترجمته ص102.

[178] - هو الشيخ سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان البسام (1328ـ1377هـ) طلب العلم في صغره ثم لازم الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ملازمة تامة، قال البسام (وفي ظني أنه حين توفي كان أفقه أهل زمانه في مذهب الإمام أحمد بن حنبل) كان الشيخ ابن سعدي ينيبه في آخر أيامه للتدريس في مكتبة مسجد الجامع، عين قاضيا في عنيزة عام 1375هـ فرفض القضاء، وقام بالتدريس في معهد عنيزة العلمي. انظر "علماء نجد" ط أولى (1/275) وثانية (2/265).

[179] - الصالحي، تقدمت ترجمته ص36.

[180] - المطوع، تقدمت ترجمته ص48.

[181] - لم يتبين لنا من هما الأخوان محمد وحمد السليمان اللذان هما من طلبة الشيخ ابن سعدي.

[182] - هو الشيخ عبد العزيز بن محمد بن سليمان البسام ( 1322ـ1413هـ) نشأ نشأة صالحة وحفظ القرآن، وأخذ عن قاضي عنيزة الشيخ صالح العثمان القاضي، من أولئل تلاميذ الشيخ ابن سعدي ولازمه مدة، وكان الشيخ ينيبه في إمامة الجامع عند غيابه، اختير للقضاء، لكنه اعتذر، كان صاحب خلق محبوبا، انظر "علماء نجد" ط ثانية (3/512) وترجمة ابن سعدي في مقدمة كتاب "كشف النقاب".

[183] - الطوارف: الأقارب.

[184] - أي العثماني، لعل أصلها من عصمان، بإبدال الثاء صادا على لهجة بعض البلاد العربية.

[185] - يشير إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد) حديث متفق عليه، وهذا لفظ مسلم في كتاب المساقاة.

[186] - هذا حديث رواه النسائي في كتاب البيوع باب استسلاف الحيوان واستقراضه (7/291) وابن ماجه كتاب التجارات باب السلم في الحيوان (2/767) رقم 2286 وفي مواطن أخر، عن العرباص بن سارية قال: بعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا، فأتيته أتقاضاه، فقال أجل لا أقضيكها إلا نجيبة، فقضاني فإحسن قضائي، وجاءه أعرابي يتقاضاه سنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطوه سنل، فأعطوه يومئذ جملا، فقال: هذا خير من سني فقال: (خيركم؛ خيركم قضاء) وهو حديث صحيح.

[187] - كذا بالأصل، ولعل الصواب: المقرض.

[188] - هو تفسير ابن كثير المسمى "تفسير القرآن العظيم" لمؤلفه الحافظ المفسر المؤرخ أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي،(ت 774هـ)، وتفسير ابن كثير هذا يعتبر من أهم كتب التفسير بالمأثور، ففيه يفسر القرآن بالقرآن إن وجد، ثم بالسنة إن وجد، ثم يوضح المعنى بأقوال الصحابة ومن بعدهم، وهو تفسير عظيم القدر والمنفعة، لاسيما في فهم المعاني كما ذكر الشيخ، إذ يبدأ بسرد المعنى العام للآية، ثم يشرع بذكر ما فيها من أقوال ومعان للمفردات، وهو مطبوع متداول.

[189] - هو تفسير صديق حسن خان الموسوم بـ " فتح البيان في مقاصد القرآن" مؤلفه هو العلامة أبي الطيب صديق حسن خان القنوجي نواب، ملك بوهبال بالهند، المتوفى سنة 1307هـ وقد حاول في تفسيره هذا أن يجمع بين الرواية والدراية، وكما قال الشيخ ابن سعدي فإن له عناية بالنكت واللطائف، ومسائل العربية، لكن مما قد يؤخذ عليه كثرة نقله من تفسير الشوكاني "فتح القدير" دون إحالة، وهو مطبوع كذلك.

[190] - حاشية الجمل هي المسماة "الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية" واسمها يدل على محتواها، وهي حاشية نفيسة، تتميز بتحقيقات لغوية، مؤلفها هو سليمان بن عمر العجيلي الشافعي الشهير بالجمل، المتوفى سنة 1204هـ، والحاشية مطبوعة.

[191] - الظاهر أن هذا لفظ الترمذي (كتاب الاستئذان والأدب، باب ما جاء في تسليم الراكب على الماشي رقم 2703 5/61 ط شاكر) وأبي داود (كتاب الأدب، باب من أولى بالسلام رقم 5198،5199 5/381) أما في المتفق عليه، فلم أجد هذه الأربعة وردت في رواية واحدة، فالبخاري (رواه في كتاب الاستئذان، باب تسليم القليل على الكثير، مع البابين بعده، الأحاديث 6231، 6232، 6233 11/17 فتح الباري ط السلفية الثانية)، ومسلم (في السلام 14/ 140 مع شرح النووي تصوير دار الفكر عن المطبعة المصرية)، كلاهما بدون (الصغير على الكبير)، وأثبتها البخاري في رواية أخرى في كتاب الاستئذان أيضا، لكني لم أجدها عند مسلم، ثم رأيت الحافظ ابن حجر نص على ذلك فقال (ولم يقع تسليم الصغير على الكبير في صحيح مسلم)، وقال النووي (وفي كتاب البخاري: والصغير على الكبير).

[192] - قال الحافظ ابن حجر (لكن لو عكس الأمر، فمر جمع كثير على جمع قليل، وكذا لو مر الصغير على الكبير؟ لم أر فيهما نصا، واعتبر النووي المرور، فقال: الوارد يبدأ سواء كان صغيرا أم كبيرا، قليلا أم كثيرا) وفي موطن آخر قال (ونقل ابن دقيق العيد عن ابن رشد أن محل الأمر في تسليم الصغير على الكبير إذا التقيا، فإن كان أحدهما راكبا والآخر ماشيا بدأ الراكب، وإن كانا راكبين أو ماشيين بدأ الصغير) فتح الباري 11/19 ط السلفية الثانية.

[193] - قال ابن حجر (قال المازري وغيره..زفلو ترك المأمور بالابتداء فبدأه الآخر كان المأمور تاركا للمستحب، والآخر فاعلا للسنة) فتح الباري الموطن السابق.

[194] - انظر كشاف القناع (1/443) والإقناع (1/153) ومطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى، وعبارتهم (ثم يقول بعدهما ـ أي الركعتين ـ).

[195] - كما في الاختيارات لابن تيمية ص57، ومجموع الفتاوى (23/ 177).

[196] - يعني حديث جابر رضي الله عنه الذي رواه البخاري وغيره، في تعليم صلاة الاستخارة، والشاهد فيه قوله صلى الله عليه وسلم (إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين ثم ليقل..)

[197] - هم أبناء الشيخ وتقدمت تراجمهم ص37،61.

[198] - المقصود بها المنطقة الشرقية ـ ولعلها مدينة الجبيل تحديدا ـ من المملكة العربية السعودية.

[199] - الجدران والجوانب.

[200] - أي: الانشراح.

[201] - نبي: نريد.

[202] - السرحة: الفناء، ويكون عادة خلف المسجد.

[203] - الصفاف: أماكن في المسجد من جهة القبلة، لعل أصلها من "صفة"

[204] - المصاريع: نوع من الأبواب.

[205] - أي: من التسقيف

[206] - كلمة أو كلمتان لم نتمكن من قراءتها.

[207] - كذا بالأصل، وصوابه إبراهيم بن عبد العزيز بن إبراهيم السويح،(1302ـ 1369هـ)  قرأ على جملة من المشايخ والعلماء في نجد من أبرزهم الشيخ عبد الله العنقري، وفيصل آل مبارك قاضي الجوف، وإبراهيم بن صالح بن عيسى، ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ، عمل في القضاء مدة من الزمن، وقد ألف كتابا في الرد على صاحب الأغلال" له ترجمة في "روضة الناظرين" ط ثانية (1/51) و"علماء نجد" ط ثانية (1/334).

[208] - ذكر الشيخ ابن سعدي في كتابه الإرشاد في الفقه ـ الذي تقدم ذكره مراراـ في باب الردة، تفصيلا في تكفير الجهمية والمعتزلة ومن في حكمهم، وخلاصته أن من يكفر منهم هو المعاند دون غيره، وهذا التفصيل الذي اختاره الشيخ، وإن كان هو الحق، وهو الذي تلتئم به النصوص، إلا أنه قد أثار استغراب بعض طلبة العلم والمشايخ في ذلك الوقت، وهذا منها،  ويدل على هذا الاستغراب أيضا أن بعض طلاب الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ و هما صالح بن عمر بن مرشد، وعبد الرحمن بن سليمان بن رويشد قد أرسلا للشيخ ابن سعدي استفسارا لما استشكلاه حول هذه المسألة وما ذكره الشيخ في كتاب =الإرشاد المذكور، فأجابهما الشيخ بجواب مطول مستفيض، وذكر فيه أن هذا الرأي هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية، وأن ابن القيم ذكره صريحا في النونية، ولعل الله ييسر فنخرج رسالة الشيخ ابن سعدي الجوابية لابن مرشد وابن رويشد.

[209] - مهوب: ماهو بـ.

[210] - كلمة لم نتمكن من قراءتها.

[211] - العوهلي، تقدمت ترجمته ص46.

[212] - هو الشيخ سليمان بن عبد الله بن عبد الرحمن السلمان (1319ـ1418هـ) من أهالي عنيزة، أخذ عن الشيخ ابن سعدي لكنه لم يتفرغ لطلب العلم، وعمل بالتجارة، تولى إمامة المسجد الجديد بعنيزة ما بين 1353 إلى 1377هـ. ذكر ذلك ابنه عبد الله بن سليمان، ذكره محمد البسام في الطبقة الثانية من تلاميذ ابن سعدي، وهو والد الشيخ محمد بن سليمان الذي ينوب عن الشيخ ابن عثيمين في إمامة الجامع الكبير بعنيزة.

[213] - سليمان المحمد العمود، أخو الشيخ إبراهيم المحمد العمود، وتقدم.

[214] - أريل: جمع ريال العملة المعروفة.

[215] - حذفنا الاسم للخصوصية.

[216] - كلمة لم نتمكن من قراءتها.

[217] - رسالة النوط، هي رسالة كتبظها الشيخ حول الأوراق النقدية، وحكم التعامل بها، والربا فيها، والنوط: هو الورق النقدي، وتقدمت الإشارة إليها ص96

[218] - أي مغتربين في السفر.

[219] - مهيب: ما هي بـ.

[220] - أخو الشيخ عبد الله بن عقيل، تقدمت ترجمة الشيخ حمد ص55،وتقدمت ترجمة الشيخ عقيل ص47.

[221] - تزهل: إلتزم.

[222] - أي الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.

[223] - لم تجدها.

[224] - سورة الشعراء آية59.

[225] - سورة القصص آية6.

[226] - سورة الأعراف آية138.

[227] - أي من قصة هلاك فرعون وغرقه في البحر، ونجاة نبي الله موسى ومن معه، ثم ذهابهم إلى الأرض المقدسة، وما حصل من امتناعهم عن قتال الجبارين، ثم عقاب الله لهم بالتيه، كل هذا حدث في ما بين خروجهم الأول من مصر فرارا من فرعون، إلى الأرض المقدسة.

وللاستزادة حول قصة بني إسرائيل انظر تاريخ الطبري (1/385ـ432) ط المعارف، البداية والنهاية لابن كثير(1/237ـ316) تصوير مكتبة المعارف ببيروت سنة 1404هـ عن طبعة دار السعادة سنة 1315هـ.

[228] - انظر تاريخ الطبري (1/363ـ376) ط المعارف، البداية والنهاية (1/296)، وانظر فتح الباري (6/499) كتاب الأنبياء والتفسير، تفسير سورة الكهف (8/262)، ط السلفية الثانية.

[229] - وهذه المسألة فيها خلاف شديد، انظر الأقوال ونسبتها، في تفسير الطبري في الكلام على تفسير سورة الكهف (15/271)ط الحلبي الثالثة، تفسير البغوي (5/185) ط طيبة الأولى، تفسير القرطبي (11/10)ط ثانية، فتح الباري كتاب التفسير، تفسير سورة الكهف (8/262)، ط السلفية الثانية، وأضواء البيان (4/157) وقال الشنقيطي رحمه الله بعد أن ذكر جملة من تلك الأقوال (ومعلوم أن تعيين البحرين من النوع الذي قدمنا أنه لا دليل عليه من كتاب ولا سنة، وليس في معرفته فائدة، فالبحث عنه تعب لا طائل تحته، وليس عليه دليل يجب الرجوع إليه). أما الشيخ ابن سعدي في التفسير فاكتفى بقوله (وهو ـ أي مجمع البحرين ـ المكان الذي أوحي إليه أنك ستجد فيه عبدا من عباد الله العالمين، عنده من العلم ما ليس عندك).

[230] - جملة أسطر حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[231] - كذا بالأصل، ولعلها سبق قلم، فالمراد: وكم حصل.

[232] - الدبا أو الدبى: الجراد قبل أن يطير، والخيفان: الجراد قبل أن تستوي أجنحته، انظر  مراتب الجراد وتسمية كل مرحلة في كتاب الحيوان للجاحظ، (5/551) ط ثانية بتحقيق عبد السلام هارون، وانظر لسان العرب مادة دبى ومادة خيف، أما الجند فيعم النوعين.

[233] - هم أبناء الشيخ ابن سعدي تقدمت ترجمتهم ص37،61.

[234] - هو الشيخ حمد العبد العزيز العقيل، أخو الشيخ عبد اله بن عقيل، تقدمت ترجمتهم ص55، وتعزيته هنا في وفاة زوجته وبعض أولاد إثر إصابتهم بمرض ألم بهم في منطقة الجنوب.

[235] - هو الشيخ عبد الرحمن بن على بن عودان تقدمت ترجمته ص102.

[236] - الخرج مدينة تقع على بعد 70كيلا جنوبي مدينة الرياض.

[237] - هو الأمير مساعد بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود (1332ـ1407هـ) أخو الملك عبد العزيز، كان محبا للعلم والأدب، وهو أول من أنشأ مكتبة عامة =في المملكة العربية السعودية، وكان ذلك سنة 1363هـ واتخذ قصره مقرا لها، ـ وفي كلام الشيخ ابن =سعدي هنا إشارة لذلك ـ تولى وزارة الداخلية بعد وفاة أخيه، الملك عبد العزيز، ثم وزارة المالية سنة 1318هـ انظر معجم المطبوعات العربية والمعربة لجواد علي الطاهر، ط حمد الجاسر، شبه جزيرة العرب للزركلي ص1403، مدينة الرياض لحمد الجاسر ص131.

أما رسائله المذكورة هنا، فقد وقفنا على اثنين منها، والعنوان العام لها هو: نصيحتي إلى إخواني في الدين والأدب.

الرسالة الأولى: الغايات التي يرمي إليها الإسلام وموقفنا منها، وبيان بعض ما يجب عمله، طبعت في مطبعة ال الرسالة الثانية: في التربية والتعليم، طبعت في نفس الزمان والمكان وتقع في 41صحيفة.تأليف والترجمة في مصر سنة  60هـ وتقع في 38 صحيفة.

 3ـ كذا بالأصل وصوابها: إنشائه..

[239] -  هو عبد الله بن حمود بن سليمان بن حمود العوهلي ولادته في عنيزة سنة 1333هـ عمل بالخرج موظفا في وزارة المالية، ثم اشتغل بالتجارة واستوطن الرياض وما زال يعيش فيها.

أما أخوه فهو سليمان بن حمود، ولادته في عنيزة سنة 1331هـ عمل موظفا في وزارة المالية فيالخرج مع أخيه عبد الله، ثم انتقل عمله إلى مدينة جدة وما زال يعيش فيها بعد تقاعده. أفاد عبد الله بن حمود، ختم الله لنا وله ولأخيه ولجميع المسلمين بخير.

أما سبب سلام الشيخ عليهم الذي تكرر في عدة رسائل وهنا يعبر بقوله: العيال، فلعله لأجل صلة الرحم، فالشيخ رحمه الله خال والدتهم.

[240] - جملة أسطر حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[241] - الطوارف: الأقارب.

[242] - وذلك بانتقال الشيخ عبد الله بن عقيل قاضيا في مدينة الخرج كما تقدم.

[243] - كذا رسمت بالأصل، والأولى حذف الهمزة، يقال: احذر من همز المشايخ.

[244] - هو شيخنا الفاضل العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ولادته في سنة 1330هـ، أطال الله بقاءه في طاعته ونفع به، غني عن التعريف، وفضائله جمة، ختم الله لنا وله بخير.

 وكان في ذلك الوقت الخرج.

هذا ما كتبناه في الطبعة الأولى، ونسأل الله أن يكون قد ختم له بخير، فقد توفي هذا الإمام قبيل فجر يوم الخميس 27/1/1420هـ رحمه الله رحمة واسعة، إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها.

[245] - أي لقاؤكم به.

[246] - لكيته: ألصقته، وأغلقته..

[247] - تقدم معنا أن الشيوخ في عرف أهل نجد : الحكومة أو الملك.

[248] - من محلات عنيزة.

[249] - هو الشيخ محمد بن عبد العزيز بن محمد بن مانع (1300 تقريبا – 1385هـ) ولد في عنيزة في بيت شرف وعلم، قرأ القرآن وشرع في طلب العلم بجد واجتهاد مع قوة حافظة على مشايخ بلده، وارتحل الى بغداد والشام ومصر والحجاز في طلب العلم، اشتغل بالتدريس مدة من الزمن وفي رئاسة هيئة الامر بالمعروف ، ثم عينه الملك عبد العزيز مديرا عاما للمعارف ، وظل فيها حتى أصبحت وزارة سنة 1373هـ ، ثم انتقل إلى دولة قطر مستشارا ومشرفا على التعليم، وخطيبا لجامع الدوحة، ومكن له ذلك من الاشارة على حاكم قطر بطبع كثير من كتب الحنابلة في فنون شتى، وظل يقوم على نشر الكتب والتدريس ، وانتفع به جمع من الطلاب، وله بعض المؤلفات، له ترجمة مطولة في "علماء نجد" أولى (3/ 728) وثانية (6/100) وكذلك في "روضة الناظرين"، ط الحلبي الثانية (2/300).

[250] - وهذه الايام.

[251] - تقدمت ترجمتهم ص 133.

[252] -الشيخ عبد الرحمن بن عودان، القاضي في ذلك الوقت، تقدمت ترجمته ص 102.

[253] -هو الكتاب المطبوع باسم القواعد الحسان لتفسير القرآن" قال الشيخ في مقدمته: ( أما بعد فهذه أصول وقواعد في تفسير القرآن الكريم، جليلة المقدار، عظيمة النفع، تعين قارئها ومتأملها على فهم كلام الله، والاهتداء به، ومَخْبَرُها أجل من وصفها؛ فإنها تفتح للعبد من طرق التفسير ومنهاج الفهم عن الله ما يُعين على كثير من التفاسير الْحَالِيّة في هذه البحوث النافعة...) انظر مقدمة الكتاب ص3 وفي آخره قال الشيخ رحمه الله ( وقد تم ذلك في 6 شوال 1365هـ) وقد طبع الكتاب لأول مرة باعتناء الشيخ محمد حامد الفقي في حياة الشيخ رحمه الله، ثم طبع الكتاب عدة طبعات.

[254] - هو الشيخ ناصر بن حمود بن ناصر العوهلي (1323- 1406هـ) من أهل عنيزة وهو ابن عم الشيخ عبد الله بن محمد بن ناصر العوهلي، من أوائل من درس على الشيخ ابن سعدي ، حفظ القرآن في صغره، واشتغل بالتجارة طبيلة حياته، وفاته بالرياض . رحمه الله. أفادنا بهذا ابنه عبد الله.

[255] - أي في شهر ذي الحجة.

[256] - قرى وبلدان قريبة من الخرج ، لزيادة التعريف بها انظر معجم اليمامة لعبد الله الخميس ط أولى سنة 1398

[257] - الظاهر أنه الشيخ حمد بن محمد بن سليمان بن عبد العزيز البسام، ولادته سنة 1333هـ تقريبا، وهو من طلبة الشيخ بن سعدي المجتهدين، وكان قارئ الدرس العام له تميز في الفقه والفرائض، له اشتغال بالتجارة، ويستوطن عنيزة ، بارك الله في عمره، وختم الله لنا وله بخير.

[258] - هو عبد العزيز بن عبد الله بن فهد بن عبد المحسن بن حمود الجنيني (1295تقريبا- 1380هـ) من أهالي عنيزة، حفظ القرآن صغيرا، شهد له بالصلاح والعبادة، على الرغم من أنه لم يكن من المشتغلين بالعلم، نقل عنه المداومة على المكوث بعد صلاة الفجر إلى الشروق للذكر في المسجد. أفادنا بهذا حفيده عبد الرحمن بن عبد المحسن بن عبد العزيز. أثنى عليه شيخنا ابن عقيل في دينه وأمانته خيرا.

[259] - أي الشيخ حمد المحمد البسام الذي تقدم آنفا.

[260] - مدير المعارف الذي تقدمت ترجمته ص 137.

[261] - هو كتاب "القواعد الحسان لتفسير القرآن" تقدم ذكره ص 138هـ

[262] - الفتاوى هنا، المقصود بها "الفتاوى الكبرى" ، أو المسماه في احدى طبعاتها " مجموعة فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية " وتقع في خمس مجلدات، لا مجموع الفتاوى الذي جمعه ابن قاسم والواقع في 37 مجلدا، فمجموع ابن قاسم لم يطبع الا سنة 1383هـ أي بعد وفاة الشيخ ابن سعدي ، بخلاف الفتاوى الكبرى، فقد طبعت أولا بمصر في مطبعة كردستان العلمية سنة 1326هـ.

[263] - انظر مجموع الفتاوى ( 23/166)

[264] - أي الامام البخاري صاحب الصحيح، قال في صحيحه: باب سجود المسلمين مع المشركين، والمشرك نجس ليس له وضوء، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسجد على غير (كما هي رواية أكثر رواة البخاري) وضوء. أ هـ كتاب سجود القرآن (2/644 ط السلفية الثانية) (قال شيخ الاسلام ابن تيمية في الموطن المشار اليه آنفا، بعد ان اختار القول بعدم اشتراط الطهارة ونحوها لسجود التلاوة( وعلى هذا ترجم البخاري، فقال باب سجدة المشركين ...)

[265] - أي ألفية ابن مالكط في النحو.

[266] - لم نجدها في الألفية

[267] - هو الشيخ حمد المحمد السليمان البسام تقدمت ترجمته ص 141.

[268] - لم يتبين لنا من هما محمد وحمد السليمان العبد العزيز.

[269] - هو الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح البسام ، صاحب كتاب "علماء نجد" الذي نكثر النقل عنه في التراجم، من تلاميذ الشيخ ابن سعدي، ولادته سنة 1346هـ تولى القضاء في عدة مدن في المملكة ، وله عضوية كثير من المؤسسات والمحافل، وله اطلاع واسع على تاريخ نجد بالاضافة إلى الفقه، وله عدة مؤلفات فيه، من أشهرها توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام في ستة مجلدات، وله نشاط في التدريس، واستفاد منه كثيرون، يقيم حاليا في مكة المكرمة، حفظها الله من كل سوء، له ترجمة حافلة في مقدمة الطبعة الثانية من كتابه "علماء نجد".

[270] - تقدمت ترجمته ص 119.

[271] - ظف: جمع وانهاء ، انظر ص 54.

[272] - هو عبد الله بن علي القصيمي الصعيدي (1323- 1416هـ) أصل والده من أهل مصر الذين جاءوا مع بعض الحملات المصرية إلى نجد، فسكن بريدة وتزوج من أهلها، وولد له عبد الله ـ المترجم ـ، فنشأ في القصيم، ثم ارتحل في طلب العلم، حتى انتهى به الأمر إلى الأزهر بمصر، وبها استقر، كان بداية أمره من المنافحين عن الإسلام في الجملة، وكتب في ذلك كتبا، منها الصراع بين الإسلام والوثنية، طبع في مجلدين، ثم بعد مدة ارتد إلى الضلال بعد الهدى، وذلك في حدود سنة 1366هـ، نسأل الله العافية، فكتب كتابا اسماه "هذه هي الأغلال" (وهو المشار إليه هنا) وسيأتي ذكره أيضا، وقد طبع، وقد كتب الشيخ ابن سعدي رسالة في الرد عليه طبعت باسم "تنزيه الدين وحملته ورجاله مما افتراه القصيمي في أغلاله"، وطبعت أيضا، كما كتب في الرد عليه الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز السويح، وتقدم ذكر ذلك في حاشية ص116، ورد عليه كذلك علماء ومشيايخ آخرون سيأتي ذكر بعضهم. للاستزادة راجع كتاب "الشيخ ابن سعدي وجهوده في توضيح العقيدة" لعبد الرازق بن عبد المحسن العباد ص 80ـ82 ط أولى، مكتبة الرشد، وانظر في ترجمة القصيمي: معجم المطبوعات في المملكة العربية السعودية ص919، ودراسة عن القصيمي لصلاح الدين المنجد، ط2 ثانية سنة 1972 دار الكتاب الجديد ببيروت.

[273] - "الجامعة الإسلامية" اصطلاح أطلق في ذلك الوقت وما قبله وحمل عدة معاني دالة على الرجوع إلى الإسلام، ومنها الدعوة إلى الوحدة الإسلامية.

انظر حركة الجامعة الإسلامية للدكتور أحمد فهد بركات الشوابكة ص5 من المقدمة. ط مكتبة المنار بالأردن سنة 1404هـ

[274] - صحيح البخاري كتاب الفتن باب لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه (13/22) حديث رقم 7068ط السلفية الثانية، وقد رواه البخاري بسنده عن الزبير بن عدي قال أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج فقال (اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم) سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم.

[275] - سورة الروم آية7.

[276] - سورة الأعراف آية 198.

[277] - يعني الشيخ عبد الرحمن بن عودان قاضي عنيزة، تقدمت ترجمته ص102.

[278] - هو الشيخ العلامة البحر محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب، رحم الله الجميع (1311 ـ 1389هـ) مفتي المملكة العربية السعودية في وقته، نشأ صالحة في بيت علم وفضل، حفظ القرآن في صغره، ثم كف بصره، أقبل على العلم بنهم وانقطاع حتى نال منه القدح المعلى، من أشهر مشايخه الشيخ سعد بن حمد بن عتيق، والشيخ حمد بن فارس وعمه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، وقد خلفه في إمامة جامع الرياض الكبير، ثم قعد للتدريس والإفتاء، وأسندت إليه مهام كثيرة، ولم يزل قائما بالتدريس والإفتاء قرابة نصف قرن من الزمان، حتى انتفع به خلائق لا يحصون، منهم شيخنا عبد الله بن عقيل، وشيخنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز، فهو شيخ مشايخنا، وشيخ أكثر مشايخ الرياض، وفضائله ومناقبه جمة، وله رسائل وفتاوى قيمة جمعها ابن قاسم في 13جزءا، فرحمه الله رحمة واسعة.

[279] - يعني الذي من المال.

[280] - هو الشيخ حمد بن محمد بن سليمان بن عبد العزيز البسام تقدمت ترجمته ص141.

[281] - أي كتاب الشيخ ابن سعدي في الرد على القصيمي، الذي سماه "تنزيه الدين وحملته ورجاله مما افتراه القصيمي في أغلاله" وقد طبع.

[282] - أي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ.

[283] - هو الشيخ العلامة عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن حميد (1329 ـ 1402هـ) حفظ القرآن في صغره وكف بصره، قرأ على علماء بلده، وعلى الشيخ محمد بن إبراهيم، كان كيا ذا حافظة قوية، تولى قضاء بريدة سنة 1363هـ، ثم تولى رئاسة شئون الحرمن، ثم أصبح رئيسا لمجلس القضاء الأعلى في السعودية، وهو قائم بجانب ذلك بالتدريس والإفتاء في الحرم المكي، انتفع به خلائق وحاز مكانه في النفوس، وأقبل عليه العامة، كتب رسائل عديدة، وهو والد الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد، إمام وخطيب الحرم المكي الشريف الآن، له ترجمة في "علماء نجد" ط ثانية (4/432)، و "روضة الناظرين"، ط الحلبي (2/55).

[284] - هو الشيخ الفاضل أحد وجهاء مدينة جدة في وقته محمد بن حسين بن عمر بن نصيف (1302 ـ 1391هـ) من أهل العلم والأدب والتاريخ، ذو أخلاق ونشاط، أولع منذ الصغر بحب الكتب وطلبها، واتباع مذهب السلف ونشر كتبه والإعانة على ذلك، جمع مكتبة ضخمة في منزلة في مدينة جدة، وصار مرجعا ومحطا لكثير من العلماء والأدباء والمهتمين بنشر الكتب سيما كتب السلف، له بحوث ومراسلات مع كثير من العلماء وغيرهم، له ترجمة حافلة واسعة مع صور من مراسلاته في كتاب مستقل تأليف محمد بن أحمد سيد أحمد وزميله عبده بن أحمد العلوي، والكتاب اسمه "محمد نصيف، حياته وآثاره" طبع في المكتب الإسلامي سنة 1414ـ 1415هـ.

[285] - دارون، هو شارلز دارون (1809ـ 1882م) انكليزي الأصل، درس في جامعة كامبريدج في بريطانيا الكيمياء وطبقات الأرض وتخرج  منها سنة 1831م ثم قام برحلة حول الكرة الأرضية زار فيها عدة بلدان ودول وجزر، جمع فيها كثيرا من المعلومات، التي توصل بها فيما يزعم إلى نظريته أصل الأنواع التي نشرها في كتابه "أصل الأنواع" عام 1859م، وخلاصة نظريته هذه أن الكائنات الحية كلها على اختلاف أنواعها، أصلها واحد، عبارة عن كائنات دقيقة، ثم تطورت هذه الكائنات، إلى عدة حيوانات، منها القرد، ثم تطور فصيل من القردة فكان منه الإنسان، وحقيقة نظريته أنه يريد إثبات مذهب الإلحاد وإنكار الخالق، وإثبات النظرية المادية. انظر الأعلام للزركلي، وأعلام الحضارة لسمير شيخاني، ط مؤسسة عز الدين للطباعةوالنشر ببيروت، وانظر أيضا الموسوعة الميسرة في الإسلام والمذاهب الهدامة، نشر الندوة العالمية للشباب الإسلامي ط الثانية 1409هـ، والإنسان بين المادية والإسلام تأليف الأستاذ محمد قطب ص19 وما يليها.

[286] - كلمة لم نتمكن من قراءتها.

[287] - هو الشيخ المحدث محمد عبد الرازق حمزة (1309- 1392هـ) مصري الأصل والمولد والنشأة، طلب العلم في مصر والتحق بالأزهر، ثم كان له نشاط في انشاء جماعة سلفية مع محمد رشيد رضا، استقدمه الملك عبد العزيز وعينه خطيبا واماما بالحرم المدني سنة 1347هـ ، ثم انتقل الى مكة في السنة التي بعدها، حيث عين مساعدا للشيخ عبد الظاهر أبي السمح في إمامة الحرم المكي، وأسس مع الشيخ عبد الظاهر دار الحديث الخيرية بمكة، ثم أصبح إماما للحرم المكي بعد وفاة أبي السمح سنة 1370هـ، عين بعد ذلك مدرسا في المعهد العلمي بالرياض بعد افتتاحه، وخلف مكتبة حافلة لا سيما بكتب الحديث ، وطبع وحقق جملة من كتب الحديث وله رسائل منها رد على القصيمي ستأتي الاشارة إليه. انظر مقدمة رسالته "الاجتماع والافتراق" ومشاهير علماء نجد" وغيرهم ص514.

[288] - أبو السمح، الظاهر أنه الشيخ عبد الظاهر بن محمد بن نور الدين أبو السمح الفقيه (1307 تقريبا – 1370هـ) مصري الأصل والمولد والنشأة ، كان والده من حفظة القرآن ، فنشأ نشأة حسنة، فحفظ القرآن في صغره، ثم أرسله والده للأزهر لتلقي العلم، وحضر وهو صغير حلقات الشيخ محمد عبده، وأخذ عن الشيخ رشيد رضا، استقدمه الملك عبد العزيز وعينه إماما ومدرسا في الحرم المكي سنة 1345هـ ومدرسا فيه، وأنشأ مع الشيخ عبد الرازق حمزة دار الحديث المكية كما تقدم في الترجمة السابقة، ولع بعض المؤلفات. انظر سير وتراجم لعمر عبد الجبار، ومعجم المطبوعات العربية والمعربة لعلي جواد الطاهر ص774.

[289] - هذا الفرنساوي الذي ذكره الشيخ هو غوستاف لوبون (1841ـ1931م) طبيب وعالم اجتماع فرنسي، ومن رواد علم الاجتماع الغربي، وله عدة كتب فيه، منها "علم الاجتماع في الأزمنة الجديدة" انظر المنجد في الأعلام ط22،سنة 1997، وقد ذكر هذه الجملة في كتابه "حضارة العرب" الذي ألفه بالفرنسية وظهر عام 1884م، ثم ترجم الكتاب إلى العربية الأستاذ أكرم زعيتر، وطبع عدة طبعات، وهذه الجملة نقلها المترجم عنه في مقدمة ترجمته للكتاب ص15 من الطبعة الثانية سنة 1367هـ ونص العبارة (فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب، ولا دينا سمحا مثل دينهم).

[290] - وهذا يقرر صراحة أن بعض الناشرين أو المصححين كانوا يتصرفون بعض الشيء ـ باجتهاد منهم ـ في بعض كتب الشيخ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك عند ذكر تفسير الشيخ حينما طبع في المطبعة السلفية في مصر، ولعل ذلك بإذن من الشيخ، وستأتي أمثلة أخرى.

[291] - هو عبد العزيز بن صالح الحماد، كان موظفا في ديوان الملك عبد العزيز، وكان من محبي الشيخ عبد الرحمن بن سعدي.

[292] - أي كتاب الشيخ المسمى " القواعد الحسان لتفسير القرآن" وتقدم ذكره ص138.

[293] - أي الشيخ عبد الله المحمد العوهلي، وتقدمت ترجمته ص46.

[294] - هذه الكتب الثلاثة من أشهر كتب المذهب الحنبلي، وجميعها شروح لكتاب المقنع، أحد كتب سلسلة الموفق ابن قدامه الفقهية في المذهب الحنبلي.

فأما الإنصاف فهو " الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" وهو أكبرها، بل من أكبر كتب المذهب، حاول فيه مؤلفه استيعاب الخلاف والروايات والوجوه في المذهب، مع تنقيحها وذكر الراجح، وهذا واضح من عنوانه، كما حوى بين دفتيه نقولا ربما تكون مستوعبة لجميع ما سبقه في المذهب، وزاد واستدرك ما فات أصاه المقنع من المسائل، مؤلفه هو العلامة الفقيه الأصولي علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي المتوفى سنة 885هـ.

طبع الإنصاف بعناية محمد حامد الفقي في مطبعة أنصار السنة، سنة 1374هـ في عهد الملك سعود رحمه الله وعلى نفقته، وطبع الآن طبعة أخرى، مع أصله وهو المقنع، مع الشرح الكبير، بتحقيق الدكتور عبد الله التركي، وعبد الفتاح محمد الحلو.

وأما المبدع، فذكر مؤلفه فيه الخلاف، وأكثر فيه كذلك النقل عن علماء المذهب ممن سبقوه، مع عناية بالأدلة، لكنه لم يبلغ درجة الإنصاف لا في تحرير الأقوال والمسائل، ولا في ذكر ما فات المقنع منها، ومؤلفه هو أبو إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح المتوفى 884هـ وهو حفيد صاحب الفروع، محمد بن مفلح، وقد طبع الكتاب أول مرة سنة 1393هـ في المكتب الإسلامي ببيروت، لصاحبه زهير الشاويش.

أما المطلع فهو شرح لغوي لكلمات المقنع، وليس شرحا كسابقيه، مؤلفه هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل البعلي المتوفى سنة 709هـ، طبع الكتاب كذلك في المكتب الإسلامي.

وبهذا نعرف ما حظي به كتاب الموفق "المقنع" من عناية وشرح، إذ يعد من أهم متون المذهب، وقد سبق أيضا أنه اختصر في زاد المستقنع، للحجاوي.

[295] - ولي العهد في ذلك الوقت هو سعود بن الملك عبد العزيز، يرحمه الله.

[296] - المدرسة الأهلية: الظاهر أنها المدرسة الأهلية التي أنشئت في الرياض سنة 1365هـ بعد مقدم الملك عبد العزيز من مصر حيث جمع أهل الرياض مبلغا من المال الاحتفال بمقدمه، فأشار عليهم رحمه الله بإنشاء المدرسة بدل الاحتفال، فسميت لذلك المدرسة الأهلية ـ وهي مجرد تسمية وإلا فهي مدرسة حكومية ابتدائية ـ افتتحت في 5/8/1367هـ، ثم حول اسمها إلى المدرسة التذكارية إبان زيارة الملك فيصل لها سنة 1384هـ ولا زالت قائمة بهذا الاسم. لكن لم يكن للشيخ محمد بن إبراهيم علاقة بها، وكان أول رئيس لها عبد الله بن إبراهيم السليم (ت1418هـ). أفادنا بهذه النبذة مدير المدرسة الحالي الأخ الفاضل عبد العزيز بن محمد الخميس.

[297] - أي كتاب الإرشاد في الفقه الذي تقدم ذكره ص46.

[298] - هو الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز السويح الذي تقدم ذكره ص116، وتقدم أيضا أنه استشكل تفصيل الشيخ ابن سعدي في تكفير الجهمية ومن في حكمهم، انظر ص116.

[299] - انظر مثلا مجموع الفتاوى لابن تيمية (12/487ـ489) مواطن متفرقة، وانظر المسائل الماردينية ص71ـ76 ط المكتب الإسلامي الثانية، والنسخة المطبوعة تحت عنوان (فقه الكتاب والسنة ورفع الحرج عن الأمة) ص126 ط  دار الكتب العلمية الأولى تحقيق الهنداوي.

[300] - وذلك في قوله: فصل في الرد عليهم في تكفيرهم أهل العلم والإيمان، وذكر انقسامهم إلى أهل الجهل والتفريط والبدعة والكفران.

[301] - انظر الإرشاد في الفقه ص4 من الطبعة التي صورتها مكتبة المعارف بالرياض، عن طبعة الترقي بدمشق المطبوعة سنة 1365هـ، علما بأن الذي في بعض طبعات الإرشاد المتداولة مثل مصورة لمكتبة المعارف ـ أيضا ـ بالرياض، باسم الإرشاد في الفقه، وطبعة ابن صالح، ذكر الإجماع فقط، وهذا مما يؤكد أن بعض كتب الشيخ، قد تصرف فيها النساخ أو الناشرون أو المصححون، أو أنها لم تراجع من قبل الشيخ بعد طبعها، ولذلك فإنها ما زالت بحاجة إلى خدمة تليق بها.

[302] - أي: الفتاوى المصرية الكبرى المطبوعة باسم الفتاوى الكبرى، وقد وجدت الإشارة إلى ذلك فيها (2/134ـ135) من طبعة مطبعة كردستان العلمية في القاهرة سنة1326هـ، لكني لم أجد نص الإمام أحمد ولا النقل عنه، كذا لم أجد كلاما لابن تيمية حول هذا الاستدلال في غير هذا الموضع.

[303] - مثل حديث أبي أمامة الباهلي (إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه أو لونه) أخرجه ابن ماجه وللبيهقي (الماء طهور إلا إن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه) وهي أحاديث مشهورة، وضعفها مشهور متفق عليه لضعف رشدين بن سعد وعليه مدار الحديث، انظر التلخيص الحبير ص15، وبلوغ المرام، ونيل الأوطار باب حكم الماء إذا لاقته النجاسة. قال في البدر المنير (فتلخص أن الاستثناء المذكور ضعيف فتعين الاحتجاج بالإجماع) نقله في نيل الأوطار في شرحه لأحاديث الباب.

[304] - الآية 3 من سورة المائدة.

[305] - أي عائلة كبيرة.

[306] - جمع سبيل، وهو شبيه بالوقف، كبئر أو ماء يجعله إنسان للعامة يشربون منه مجانا.

[307] - أي الشيخ العلامة صالح بن عثمان بن حمد بن إبراهيم القاضي (1282ـ1351هـ) قاضي عنيزة في وقته، ولد في عنيزة، وقرأ على علمائها وعلماء البلاد المجاورة لها، ثم ارتحل إلى مصر ومكة في طلب العلم وقرأ على كثير من المشايخ والعلماء، تولى قضاء عنيزة مدة من الزمن، وكان مسددا في أقضيته، بصيرا بالأمور، قويا في الحق، ولذلك أحبه الناس، وقام في أثناء ذلك بالتدريس والإفتاء، وقد أخذ عنه كثيرون، منهم الشيخ ابن سعدي، انظر "علماء نجد" ط أولى (1/374)، وثانية (2/517) و "روضة الناظرين، ط الحلبي الثانية (1/153ـ166).

[308] - للشيخ ابن سعدي فتوى في مسألة المباناة هذه، انظرها في فتاواه المطبوعة في المؤسسة السعيدية بالرياض ص401.

[309] - أي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ.

[310] - هو الشيخ إبراهيم بن سليمان بن ناصر بن حمد آل مبارك (1320ـ1371هـ) ولد في بلده حريملاء في نجد، كف بصره في صغره، طلب العلم على علماء بلده، ثم ارتحل إلى الرياض وقرأ على مشايخها، تولى القضاء في عدة مدن في المملكة العربية السعودية كان آخرها الرياض ثم أعفي من القضاء، ثم تولى إمامة الجامع الكبير بالرياض، كان ذا حافظة قوية، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر قويا في الحق، انظر "علماء نجد" ط أولى (1/114)، وثانية (1/306) و "روضة الناظرين" ط الحلبي الثانية (1/52).

[311] - هما عبد العزيز بن صالح بن مرشد، وعبد الرحمن بن سليمان بن رويشد من طلاب الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في الرياض.

[312] - أي في مسألة التفصيل في تكفير الجهمية، المذكورة في كتاب الإرشاد للشيخ، وتقدمت الإشارة إلى ذلك ص116.

[313] - في ذلك الوقت هو سعود بن عبد العزيز رحمه الله.

[314] - هو الشيخ العلامة عبد الله بن حسن بن حسين بن علي بن حسين بن الإمام محمد بن عبد الوهاب (1287ـ1378هـ) ولادته في الرياض، طلب العلم على مشايخها بجد واجتهاد حتى حصل منه قدرا كبيرا، عمل في القضاء والتدريس والوعظ والإرشاد مدة من الزمن، كان آخر ما تولى رئاسة القضاء ورئاسة هيآت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكان له أحسن الموقع، وأحبه الناس وأقبلوا عليه، وانتفع به خلائق من طلبة العلم، مترجم في "علماء نجد" ط أولى (1/82ـ87) وثانية (1/231ـ241) و"روضة الناظرين" (2/19ـ25) ط الحلبي الثانية.

[315] - تقدم أن الشيوخ المقصود بهم الحكومة، أو الملك عبد العزيز يرحمه الله.

[316] - يبون: يريدون.

[317] - هو الشيخ عبد العزيز بن محمد البسام، تقدمت ترجمته ص107.

[318] - لعله الشيخ محمد بن سليمان بن عبد العزيز البسام، ولادته 1333هـ من تلاميذ الشيخ ابن سعدي وخواصه، درس في الحرم المكي مدة، وقام بطبع رسالة الشيخ ابن سعدي "التعليق وكشف النقاب عن نظم قواعد الإعراب" وترجم فيها للشيخ ابن سعدي ترجمة مطولة، يستوطن الآن مدينة مكة المكرمة، ختم الله لنا وله بخير.

[319] - هو الشيخ العلامة محمد بن صالح بن محمد العثيمين، أحد أشهر تلاميذ الشيخ ابن سعدي، ولادته في عنيزة سنة 1347هـ، لازم الشيخ ابن سعدي أكثر من عشر سنوات، ارتحل إلى الرياض للالتحاق بمعهدها العلمي إبان افتتاحه، فأخذ عن الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان، وأخذ عن الشيخ عبد العزيز بن باز، كما أخذ عن قاضي عنيزة والتدريس فيه، فأمه الطلاب من الداخل والخارج، وانتفع به خلائق يصعب حصرهم، وصار مرجعا لكثير من المسلمين في كثير من المسائل العلمية، ومع ذلك فهو صاحب خلق وتواضع يقل نظيره، وله مؤلفات امتازت بسهولة العبارة مع قوة الحجة ودقة الاستنباط لاسيما في الفقه، بارك الله في عمره، وختم لنا وله ولجميع المسلمين بخير.

[320] - هو الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن البسام، تقدمت ترجمته ص145

[321] - خبر الجملة: يسلمون عليك.

[322] - هو الأمير عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد بن جلوي بن الإمام تركي بن عبد الله ابن الإمام محمد بن سعود، أمير الحدود الشمالية الآن، وقد تولى إمارة مدينة بريدة في رمضان سنة 1366هـ وظل فيها حتى سنة1375هـ.

[323] - البلدة المعروفة قرب المدينة النبوية.

[324] - هو عبد الله بن خالد بن عبد الله بن يحيى بن سليم، وسليم ـ واللام مكسورة بإمالة ـ تصغير سليمان الذي تنسب إليه أسرة آل سليم، أمراء عنيزة، تولى إمارة عنيزة من عام 1335هـ حتى سنة1375هـ قال عنه غير واحد ممن عرفوه، منهم شيخنا عبد الله بن عقيل: كان دينا متواضعا محبوبا، لم يؤذ أحدا، وقال عنه الشيخ زامل بن صالح بن زامل ـ وهو من أسرته ـ: قبل وفاته طلب من كل من يظن أنه ظلمه أو أخطأ عليه أن يحله اهـ ودليل دينه وأمانته أنه لم يخلف أموالا كثيرة مع توليه إمارة عنيزة مدة تقارب الأربعين عاما، توفي سنة1385هـ.

[325] - أي  محمد العبد العزيز المطوع، وذلك بإعفائه من القضاء في خيبر، الذي ذكره الشيخ في هذه الرسالة.

[326] - الظاهر أنها حاشية كتاب التوحيد المسماه (القول السديد في مقاصد التوحيد) وهو شرح مختصر لكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، اعتنى فيه الشيخ ابن سعدي رحمه الله بشرح تراجم الأبواب وذكر مناسباتها، والمعنى العام الإجمالي للباب، طبع هذا الشرح منفردا، وطبع في حاشية كتاب التوحيد.

[327] -الظاهر أنه شرح الشيخ المطول المتعلق بقسم توحيد الأنبياء والمرسلين من نونية ابن القيم رحمه الله، وهو غير شرح الشيخ المختصر المطبوع المتداول والذي قال في مقدمته (كنت وضعت شرحا على توحيد الأنبياء والمرسلين، من الكافية الشافية، للمحقق شمس الدين بن القيم رحمه الله، أطلت فيه وأكثرت فيه من النقول عن كتب المؤلف فبدأ لي أن الخصه بشرح متوسط يأتي بأغراضه ومقاصده، ويحتوي على المهم من مسائله وفوائده) طبع هذا الشرح المختصر باسم "الحق الواضح المبين في شرح توحيد الأنبياء والمرسلين، من الكافية الشافية". هذا وللشيخ ابن سعدي رحمه الله شرح آخر مختصر على نونية ابن القيم بأكملها، كأنه نثر لهذه النونية.

[328] - تقدم التعريف بهم ص170.

[329] - أي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ.

[330] - هو الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي بن سعود بن ابراهيم بن عبد الله بن فرحان بن سعود، - وفرحان هذا هو أخو الامام محمد بن سعود – تولى الأمير عبد الله بن فرحان إمارة بيردة في سنة 1345هـ وظل فيها حتى سنة 1366هـ، وهو محمود السيرة صاحب ديانة وخلق ، مع تواضع وزهد، أثنى عليه غير واحد ممن عرفه ، ختم الله لنا وله ولجميع المسلمين بخير.

[331] - وفعلا تم اختصاره كما تقدم في الحاشية . أعلاه.

[332] - هو الشيخ محمد حامد بن سيد أحمد عبده الفقي ( 1310 – 1378هـ) مصري الأصل والمولد والنشأة، حفظ القرآن ودرس بالأزهر، وأسس جماعة أنصار السنة بمصر للدعوة للعقيدة السلفية سنة 1345هـ، ارتحل الى مكة ودرس فيها مدة ما بين 1346ه و 1349هـ، وأصدر مجلة الاصلاح فيها ، ثم رجع إلى مصر وقام بطبع الكثير من كتب شيخ الاسلام ابن تيمية، وابن القيم، وكثير من الكتب السلفية، وكتب الحنابلة، فجزاه الله خيرا، انظر الكتاب التعريفي عن جماعة أنصار السنة، نشأتها، أهدافها، رجالها، ومعجم المؤلفين لكحالة (9/172) ومعجم المطبوعات العربية والمعربة ص 1088.

[333] - هو القصيمي ، عبد الله بن علي الذي تقدم ذكر ردته وكتابه الأغلال ص 146، وقد تقدم أن أصل والده من مصر، فلذا يطلق عليه أحيانا الصعيدي.

[334] - كلمة لم نتمكن من قراءتها.

[335] - قاضيا لمحكمة صامطة التابعة لمنطقة جازان.

[336] - هو الشيخ محمد بن سليمان بن محمد  العمود ولادته في عنيزة سنة 1350هـ درس على الشيخ القرعاوي حينما كان مع عمه في جازان قبل أن يلتحق بالجامعة – وفي هذه الرسالة اشارة إلى صحبته للشيخ حافظ حكمي-، ثم عمل كاتبا في المحكمة وأكمل دراسته الجامعية فتخرج من جامعة الامام ثم عمل في سلك التدريس إلى أن تقاعد ، أصابه مرض فأقعده في الفراش منذ سنوات وغابت عنه حواسه بقدر الله ألبسنا الله وإياه لباس العافية، وكشف عنا وعنه وجميع المسلمين.

[337] - هو الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي الذي تقدمت ترجمته مع شيخه القرعاوي ص 36.

[338] - أي الشيخ عبد الرحمن بن عوادن قاضي عنيزة في ذلك الوقت، تقدمت ترجمته ص 102.

[339] - أي الشيخ محمد العبد العزيز المطوع، تقدمت الاشارة إلى قصة ترشيحه لقضاء حيبر في الرسالة السابقة.

[340] - أي ليس لك ذكر ، فلست من من يتهمهم.

[341] - وهي الأسئلة الواردة في الصفحة الآتية.

[342] - لم نجدها.

[343] - هذه أجوبة الأسئلة التي أرسلها شيخنا عبد الله لشيخه ابن سعدي، وليست نموذجا للأسئلة التي كان الشيخ ابن سعدي يلقيها على الطلاب.

[344] - انظر المنتهى وشرحه (2/176ـ177) الإنصاف (5/410)، واختار شيخ الإسلام ـ كما في الإنصاف ـ أن المشتري ليس له الأرش، إلا إذا تعذر رده.

[345] - كما تقدم قبل قليل.

[346] - أي الشيخ صالح بن عثمان القاضي، قاضي عنيزة، تقدمت ترجمته ص167.

[347] - انظر المراجع المتقدمة.

[348] - أي ابن تيمية.

[349] - الأصحاب نصوا على أن المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه أو خلقه وخشيت ألا تقيم حدود الله فيه فيباح (أو يستحب لها) طلب الخلع منه، ويستحب للزوج ـ على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب ـ أن يجيبها، قال في الفروع (واختلف كلام شيخنا ـ يعني شيخ الإسلام ابن تيمية ـ في وجوبه، وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء) الفروع(5/343)، والإنصاف(8/382).

أما إذا كان للزوج ميل ومحبة لها، فقد نص الإمام أحمد أن عليها الصبر، استحبابا واختيارا ـ كما فسره القاضي ـ، انظر الإنصاف الموضع السابق، وشرح منتهى الإرادات(3/107)، واختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية ص250، والفروع(5/343)، والروض المربع وحاشيته(6/461)، أما ما ذكره الشيخ هنا في الإجابة على هذا السؤال، من أنه يجب عليها الرجوع معه، فهذا في حالة نشوزها، ثم طلبها الخلع، لا أنها أرادت الخلع من غير نشوز.

[350] - حسبما تقدم.

[351] - الذي ذكره فقهاء الحنابلة في الوقف إذا انقطع مصرفه، إما أن يصرف في جميع ورثة الواقف، وقيده بعضهم بورثته نسبا(واختصاصه بالفقراء دون غيرهم منهم على وجهين) على قدر ارثهم ـ وهو المذهب وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ، أو في العصبة فقط، أو على جميع الأقارب (كما ذهب إليه الحارثي، قال في الإنصاف وما هو ببعيد)، أو على مصالح المسلمين، أو على الفقراء، انظر الإنصاف(7/30)، والفروع (5/590)، وشرح منتهى الإرادات(2/498) والروض المربع مع حاشية ابن قاسم (5/ 545)، واختيارات شيخ الإسلام 173، وانظر اختيار ابن سعدي هذا في المختارات الجلية له ص137 من مصورة إدارة البحوث العلمية والإفتاء.

[352] - مثاله: لو ادعى زيد أن البيت الذي يسكنه عمرو، بيته، وأتى بشهود، فزيد هو الخارج، وعمرو هو الداخل.

[353] - قال في المقنع: (فإن أقام الداخل بينة: أنه اشتراها من الخارج، وأقام الخارج بينة أنه اشتراها من الداخل، فقال القاضي، تقدم بينة الداخل) قال المرداوي في الإنصاف (كذا قال المصنف، والشارح وابن مجا في شرحه، وقدمه في الرعايتين، والحاوي، وجزم به في اوجيز، والتسهيل للحلواني، قاله في تصحيح المحرر).

وقيل تقدم بينة الخارج.

وقيل يتعارضان وأطلقهن في المحرر والفروع والنظم) الإنصاف للمرداوي (11/382).

[354] - الزري هو خياطة ـ كالنقش ـ بخيوط من الذهب أو الفضة تزين به عباءة الرجل من أطرافها.

[355] - البشت يطلق على عباءة الرجال، ويسمى أيضا المشلح.

[356] - يعني الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، الذي تقدمت ترجمته ص154 وتقدم ذكر خبر جلوسه للتدريس كما ذكر الشيخ هنا.

[357] - وهي شروح المقنع: الإنصاف، والمبدع، والمطلع، وقد تقدم التعريف بها، والإشارة إلى خبر تصحيحه لطباعتها، ودور الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز في ذلك ص160.

[358] - جملة أسطر حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[359] - تقدم في ترجمة السويح ص116 أنه كتب ردا على عبد الله بن علي القصيمي في كتابه هذه هي الأغلال.

[360] - يبي، أي يريد، والمعنى هل يمكن يتيسر...

[361] - هو الشيخ عبد المحسن بن عثمان بن عبد الكريم البابطين (1337 ـ1401هـ) أخذ مبادىء العلوم على مشايخ الرياض، افتتح مدرسة أهلية بالرياض وكان يدرس فيها، وافتتح كذلك سنة1364هـ المكتبة الأهلية بالرياض لنشر الكتب وبيعها، حيث نشر من خلالها مجموعة من الكتب الأدبية والتاريخية والدينية، وأغلق هذه المكتبة سنة1383هـ لانشغاله بالعمل الحكومي، حيث تنقل في عدة وظائف، كان له نشاط في أعمال البر، فرحمه الله رحمة واسعة. أفادنا بهذه النبذة ابنه الأخ عثمان بن عبد المحسن.

[362] - التي تقدم التعريف بها ص174.

[363] - أي كتاب التوحيد للشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.

[364] - التي هي في ذلك الوقت جنوب المملكة العربية السعودية، وقد تقدم ذكر طرف من ذلك في ترجمة الشيخ عبد الله القرعاوي رحمه الله ص76.

[365] - قال في المقنع( ومن سرق من النخل، أو الشجر من غير حرز: فلا تقطع عليه، ويضمن عوضها مرتين) انظر الإنصاف (10/276).

[366] - كما في الإنصاف (10/277)، وشرح المنتهى (3/370) والفروع (6/139).

[367] - في القاعدة الأربعون بعد المائة، ص337 من طبعة طه عبد الرؤوف سعد، وص311 من طبعة الخانجي.

[368] - كذا بالأصل، وهو خطأ، ولعله سبق قلم من الشيخ، والصواب كما في القواعد لابن رجب: فإنه يتضاعف عليه الغرم.

[369] - كما فى الفروع 6/139 والإنصاف 10/277

[370] -أى من المفردات مذهب الحنابلة ، نص عليه فى الإنصاف 10/276

[371] -لعله حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عبدالله ابن عمرو قال سئل النبى  صلى الله عليه وسلم عن الثمر المعلق ، فقال ( من أصاب منه بفيه من ذى حاجة غير متخذ خبنة فلا شىء عليه ، ومن خرج بشىء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة ، ومن سرق منه شيئا بعد ان يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع) رواه ابو داود واللفظ له  ، ( كتاب الحدود باب ما لا قطع فيه رقم 4390 ( 4/550) ط دعاس ، والنسائى (8/85) وغيرهما ) وهو حديث حسن ، انظر إرواء الغليل (8/70)  حديث رقم 2413، واشتهر عند الفقهاء أثر اخر رواه الإمام مالك فى الموطأ كتاب الأقضية باب القضاء فى الضوارى والحريسة ص748 من طبعة عبد الباقى ، وعبد الرازق فى المصنف 18977 و18978 وغيرهم عن هشام بن عروة عن ابيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن رقيقا لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها ، فرفع ذلك الى عمر بن الخطاب ، فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم ، ثم قال عمر : اراك تجيعهم ، ثم قال عمر : والله لأرغمنك غرما يشق عليك ، ثم قال للمزنى ، كم ثمن ناقتك ؟ فقال المزنى قد كنت والله امنعها من أ ربعمائة درهم ، فقال عمر: أعطه ثمانمائة درهم .

[372] -  نص عليه فى الزاد ، انظر الروض المربع (7/227) ثم انظر الإنصاف (10/31) والمنتهى وشرحه (3/298) أما أشار إليه الشيخ من نهى الشارع عن ذلك فلعله حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ( ان رجلا طعن رجلا بقرن فى ركبته فجاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : أقدنى ، فقال : حتى تبرأ ، ثم جاء إليه فقال : أقدنى فأقاده ، ثم جاء  إليه فقال : يا رسول الله عرجت ، فقال قد نهيتك ، فعصيتنى فأبعدك الله  وبطل عرجك ، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتص من الجرح حتى يبرأ صاحبه) رواه احمد والدارقطنى والبيهقى ن وهو صحيح أو حسن ، وانظر فى الكلام عليه الجوهر النقى لابن التركمانى (8/67) وإرواء الغليل للألبانى (7/298 رقم 2237)   ، وفى الباب عن جابر ( أن رجلا  جرح رجلا وأراد أن يستقيد ، فنهى النبى صلى الله عليه وسلم أن يستقاد  من الجارح حتى يبرأ المجروح) رواه الدارقطنى (3/ص88، 90) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

[373] -أى لفة القماش الخام

[374] -انظر شرح المنتهى (2/226) ، والإقناع ( 2/148).

[375] -الشماغ هو عمامة تلبس على الرأس بدون شد .

[376] -يعنى المرافعة إلى القاضى أو المحكمة .

[377] -رواه الترمذى فى كتاب الاحكام ، باب ما جاء فيمن يكسر له الشىء ، ما يحكم له من مال الكاسر رقم 1359 من طبعة شاكر ، عن انس قال أهدت بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم الى النبى صلى الله عليه وسلم طعاما فى قصعة فضربت عائشة القصعة بيدها فألقت ما فيها فقال النبى صلى الله عليه وسلم ( طعام بطعام واناء بإناء ) قال الترمذى هذا حديث حسن صحيح ، وأصل القصة فى صحيح البخارى ، كتاب المظالم والغصب ، باب إذا كسر قصعة أو شيئا لغيره ، ( رقم 2481 ،  5/148 فتح ط السلفية الثانية ).

[378] -كما فى الاختيارات  ص163

[379] - فى الأصل : الثالث ، وهو خطأ بين ، وكذا مابعده : الرابع ، الخامس ، السادس .

[380] - قوله : فرقوا بين المنايا واجعلوا الرأس رأسين ، ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام عن عمر بن الخطاب من دون إسناد ، ولفظه ( فرقوا عن المنية واجعلوا الرأس رأسين ، ولا تلثوا بدار معجزة ، وأصلحوا مثاويكم ، وأخيفوا الهوام قبل أن تخيفكم وقال اخشوشنوا وتمعددوا) قال أبو عبيد: قوله: فرقوا عن المنية واجعلوا الرأس رأسين، يقول: إذا أراد أحدكم أن يشتري شيئا من الحيوان من مملوك أو غيره من الدواب فلا يغالين به، فإنه لا يدري ما يحدث له، ولكن ليجعل ثمنه في رأسين، وإن كانا دون الأول، فإن مات أحدهما بقي الآخر. انظر غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام (3/325) والفائق في غريب الحديث (3/106) ط الحلبي الثانية.

[381] - يشرهون: يعتبون، أو ينتقدون.

[382] - معنى الكلام: أن من اعتاد الأخذ من إنسان، فإنه سيعتب عليه إذا امتنع عن إعطائه.

[383] - المغني (5/220) ط الشرح الكبير.

[384] - زيادة لابد منها، وكأنها ساقطة من الأصل.

[385] - أي أشرت بعلامة أو إشارة.

[386] - أي رد الشيخ إبراهيم السويح على عبد الله القصيمي الذي تقدم ذكره ص116.

[387] - في ذلك الوقت هو الأمير سعود بن عبد العزيز يرحمه الله.

[388] - عبد المحسن العثمان أبا بطين، تقدمت ترجمته ص189.

[389] - كلمة لم نتبينها.

[390] - كتاب لابن رجب الحنبلي المتوفى سنة795هـ، واسم الكتاب الكامل: "استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس".

[391] - تقدم أن للشيخ ابن سعدي شرحا على الجزء المتعلق بتوحيد الأنبياء والمرسلين من نونية ابن القيم، ثم أن الشيخ أحب اختصار هذا الشرح، وهو ما يتحدث عنه هنا، انظر ص174.

[392] - وقد طبعت هذه الرسالة تحت العنوان نفسه.

[393] - أي لا بد أنك.

[394] - تقدم ص96 أن للشيخ رسالة متعلقة بالورق النقدي المسمى في ذلك الوقت "النوط".

[395] - هو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن القاضي (1324ـ 1395هـ) أصله من أهل عنيزة، رحل إلى الهند للتجارة فعمل مع حمد العلي القاضي أخو الشيخ ابن سعدي لأمه، ثم استوطن الرياض عاملا بالتجارة، وفاته في رمضان أثر حادث مروري بعد رجوعه من سفر العمرة. أفادنا بهذا ابنه يوسف. كان يتحرى المعاملة السليمة فلذا كان يراسل الشيخ ابن سعدي ويستفتيه في بعض مسائل المعاملات المالية، ولعل هذا الموطن منها، وقيل إن بعض الفتاوى في مسائل المعاملات المالية الموجودة في فتاوى ابن سعدي المطبوع أرسلت أصالة إليه.

[396] - أي حريص.

[397] - تقدمت ترجمتهم ص170.

[398] - في  الأصل مرشد، وهو خطأ، لعله سبق قلم، والصواب ما أثبتناه.

[399] - هذا لفظ مسلم في صحيحه كتاب الحج باب وجوه الإحرام(8/160 مع شرح النووي)، وأما البخاري: فلم أجد فيه ذكر إجزاء البدنة أو البقرة عن سبعة.

[400] - أما الإمام أحمد فرواه في المسند (1/311،312 مصورة المكتب الإسلامي)، وأما أبو داود فلم أجده عنده، ولم أر من نسبه إليه، لكن رواه ابن ماجه (الأضاحي، باب كم تجزىء من الغنم عن البدنة ص1048 رقم 3136 ط عبد الباقي)، من طريق ابن جريح قال: قال عطاء الخرساني عن ابن عباس، والمشهور أن عطاء لم يسمع من ابن عباس، فلذلك ضعفه الألباني في إرواء الغليل (4/255) رقم 1062، قال الشوكاني في نيل الأوطار: ويشهد لصحته ما في صحيح مسلم من حديث جابر (نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة) انظر نيل الأوطار (5/115 ط الحلبي الأخيرة)، قلت وفي معناه حديث جابر المتقدم.

[401] - رواه الترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في الاشتراك في البدنة والبقرة (3/239 رقم 904 ط شاكر) والنسائي، كتاب الضحايا، باب ما تجزىء عنه البدنة من الضحايا، وابن ماجه كتاب الأضاحي باب عن كم تجزىء البدنة والبقرة (ص1047رقم3131ط عبد الباقي).

[402] - انظر المنتقى مع شرحه نيل الأوطار كتاب الحج، أبواب الهدايا والضحايا، باب إن البدنة من الإبل والبقر عن سبع شياه وبالعكس(5/115 ط الحلبي الأخيرة).

[403] - انظر زاد المعاد 2/266ـ267.

[404] - هو الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز آل بابطين (1194ـ1282هـ) ولد في روضة سدير بنجد، نشأ نشأة حسنة وحفظ القرآن، واجتهد في طلب العلم منذ صغره حتى نال منه حظا وافرا وصار مقدما على أقرانه، تولى القضاء في عدة مدن مثل الطائف وعنيزة وغيرها من قبل بعض أمراء الدولة السعودية الأولى والثانية، وما زال مشتغلا بالعلم والتعليم حتى أصبح مرجعا لكثير من أهل نجد في ذلك الوقت وحتى أطلق عليه لقب مفتي الديار النجدية، بل قال عنه تلميذه ابن حميد في ترجمته: فقيه الديار النجدية في القرن الثالث عشر بلا منازع، وأخذ عنه العلم جمع من كبار العلماء، له فتاوى ومسائل ومن أشهر مؤلفاته "تأسيس التقديس في الرد على داود بن جرجيس" له تراجم حافلة في "السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة" لابن حميد ـ وهو من تلاميذه ـ ص626، و"علماء نجد" ط أولى (2/567) و ثانية(4/225)، و "روضة الناظرين" ط الحلبي الثانية (1/336).

[405] - الشيخ إبراهيم بن سليمان بن ناصر، تقدمت ترجمته ص168 وتقدم فيها أنه أعفي من القضاء كما ذكر الشيخ هنا.

[406] - كناية عن ارتياحه وبقائه في ذلك المكان.

[407] - هو الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، تقدمت ترجمته ص155.

[408] - يبي: يريد، فالمعنى: سوف.

[409] - هو الشيخ صالح بن أمد بن عبد الله بن حسين الخريصي (1328ـ1415هـ) أخذ العلم عن مشايخ بلده بريدة، ثم ناب قاضيها الشيخ عمر بن سليم في القضاء والتدريس وإمامة مسجده، ثم ناب الشيخ عبد الله بن حميد في قضائها أيضا، ثم عين رئيس محكمة بريدة، كان زاهدا متواضعا محبوبا صاحب طاعة. انظر علماء نجد ط ثانية (2/437).

[410] - تقدم ذكر ذلك مع التعريف بهذه الكتب ص160.

[411] - تقدم ذكر ذلك أيضا ص116.

[412] - هو الشيخ محمد عبد الرازق حمزة، تقدمت ترجمته ص157 وفيها أن له ردا على القصيمي.

[413] - رسالة شرح النونية هي رسالة صغيرة الحجم غزيرة المنفعة، شرح الشيخ فيها نونية ابن القيم شرحا مختصرا، كأنه نثر لهذه النونية، وكأنه قد جعلها أولا في فصل واحد أو فصلين، ثم اقترح عليه بعض المشايخ أن يعيد النظر فيها وفي تبويبها ـ كما سيأتي ـ وقد فعل، انظر حاشية ص213.

[414] - رسالة وجوب التعاون بين المسلين قد تقدم ذكرها ص203.

[415] - هما ابنا الشيخ تقدمت ترجمتهما ص37.

[416] - رسالة شرح النونية تقدم ذكرها ص212.

[417] - هي رسالة وجوب التعاون بين المسلمين، تقدم ذكرها ص203.

[418] - قد يسره الله بمنه وكرمه، فقد أعاد الشيخ النظر فيها وفي ترتيبها وجعلها فصولا متعددة، ثم طبعت هذه الرسالة باسم "توضيح الكافية الشافية" في المطبعة السلفية سنة 1368هـ.

[419] - تقدم أن للأمير مساعد بن عبد الرحمن ثلاث رسائل، وقفنا على اثنين منها ولم نتمكن من الوقوف على الثالثة، انظر ص132.

[420] - هو الشيخ محمد بن صالح بن محمد بن عبد العزيز بن محمد بن علي بن الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب، أخذ عن بعض مشايخ الرياض، وكان يعمل مفتشا قضائيا بوزارة العدل، ولعل ما في هذه الرسالة إشارة إلى عمله ذلك.

انظر "البيان الواضح لأسرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب" ص31.

[421] - هم الذي يخرصون (يقدرون) الثمر ونحوه من أجل الزكاة.

[422] - هو من أشهر أخوياء ولي العهد في ذلك الوقت.

[423] - جمع خوي، والخوي هو المرافق للأمير.

[424] - هو الأمير سعود بن الملك عبد العزيز في ذلك الوقت.

[425] - الأغلب أنها رسالة "القواعد الحسان في تفسير القرأن" التي تقدم لها ذكر ص138 لأنها أقرب رسائل الشيخ التي تسمى بالقواعد إلى هذا التاريخ، حيث فرغ الشيخ من تأليفها سنة 1365هـ، بخلاف رسالة القواعد الفقهية التي فرغ منها سنة 1331هـ.

[426] - الإنصاف6/255،256، وشرح منتهى الإرادات 2/435.

[427] - انظر الإنصاف 6/256، والاختيارات ص167.

[428] - الآية 78 من سورة الأنبياء.

[429] - الحديث رواه الجماعة، ورواية مسلم عن عائشة قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وسلم ذات يوم مسرورا، فقال يا عائشة: ألم تري أن مجززا المدلجي دخل على فرأى أسامة وزيدا وعليهما قطيفة قد غطيا رءوسهما وبدت أقدامهما، فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض. صحيح مسلم كتاب الرضاع باب العمل بإلحاق القائف الولد (10/40 مع شرح النووي) والبخاري في مواطن؛ (كتاب فضائل الصحابة باب مناقب زيد بن حارثة 7/109ط السلفية الثانية رقم 3731، وفي الفرائض باب القائف ج12/57 رقم 6770،6771).

[430] ـ الاختيارات الفقهية ص279ـ280.

[431] ـانظر الطرق الحكمية ص288 وما بعدها، (من ط محمد جميل غازي) حيث أطال ابن القيم رحمه الله تعالى في تقرير الحكم بها، وذلك في فصل عقده في الطرق التي يحكم بها الحاكم، حيث ذكر ستة وعشرين طريقا، كان الحكم بالقافة آخرها.

[432] ـ  كذا بالأصل ولعل الصواب إقرار. والمقصود إقرار صريح.

[433] - أي جائر، من الجور وهو الظلم.

[434] كلمة لم تتبين لنا.

[435] - لم أجد هذا النص عن ابن تيمية، وإنما وجدت له كلاما يفهم منه ذلك، انظر مثلا الاختيارات ص139.

[436] - انظر مثلا شرح المنتهى (2/315) وكشاف القناع (3/484،485).

[437] - وذلك في الأسئلة المتقدمة ص193.

[438] - كشاف الاقناع (6/416)، الإنصاف (12/36).

[439] - انظر الإنصاف (12/37).

[440] - أي قبول شهادتهم على بعض في الجروح قبل أن يتفرقوا.

[441] - مهيب: ليست.

[442] - الإنصاف(7/76)، وشرح منتهى الإرادات(2/500).

[443] - انظر الاختيارات لشيخ الإسلام ص180، قال شيخ الإسلام (وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد).

[444] - التي ألفها الشيخ وتقدم ذكرها ص174.

[445] - هو رجل اسمه عبد الله بن الماص، ويأتي ذكر هذا الوقف والجواب عليه.

[446] - تقدمت ترجمته ص189.

[447] - هي حاشية الشيخ ابن سعدي على كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب، المسماة "القول السديد في مقاصد التوحيد" وتقدم ذكرها ص174.

[448] - رسالة وجوب التعاون بين المسلمين تقدم ذكرها ص203.

[449] - الأغلب أنها رسالة "توضيح الكافية الشافية" التي نثر فيها الشيخ نونية ابن القيم، (انظر حاشية ص174)، فإن الشيخ فرغ من تأليفها سنة1367هـ، وليست رسالة "التوضيح والبيان لشجرة الإيمان"، فإنه فرغ منها سنة1374هـ

[450] - هو الشيخ عمر بن حسن بن حسين بن علي بن حسين بن الشيخ المجدد محمد ابن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى (1319ـ1395هـ) ولد في بيت علم وفضل في الرياض، بدأ في طلب العلم منذ صغره فحفظ القرآن صغيرا ثم قرأ على العلامة عبد الله بن عبد اللطيف، والشيخ سعد بن عتيق وغيرهم، اشتغل بالحسبة منذ صغره حتى ولاه الملك عبد العزيز رئاسة هيئة المعروف بنجد عام 1345هـ واستمر في هذا العمل بكل جد واجتهاد مع صرامة في الحق ومكانة لدى الناس حتى توفاه الله، انظر "علماء نجد" ط أولى (3/742)، و ثانية(5/310) و "روضة الناظرين" ط الحلبي الثانية  (2/141).

[451] - هو الأمير مساعد بن عبد الرحمن آل سعود تقدمت ترجمته ص132.

[452] - هذا هي مسألة الوقف المشار إليها في الرسالة السابقة.

[453] - كذا بالأصل، وصوابها بالرفع: ولدا.

[454] - كذا بالأصل.

[455] - كذا بالأصل، والذي ظهر لي بعد ونظر وتأمل أن صوابه: صالحة، إذ لا سبيل إلى قسمة الأضحية المذكورة على ما قسم الشيخ إلا بأن يكون لصالحة بنت اسمها بشرى، وابنان مفقودان، لأحدهما بنت موجودة، فيكون صورة شجرة ذرية الموقف (واسمه الماص بن عبد الله) كما يلي:

[456] - وهما ـ على ما قررناه ـ ابنا صالحة.

[457] - أي جميع المال الذي خلفه.

[458] - تقدم لنا أن الذي ذكره فقهاء الحنابلة في الوقف إذا انقطع مصرفه، إما أن يصرف في جميع ورثة الواقف وقيدهم بعضهم بورثته نسبا (واختصاصه بالفقراء دون غيرهم ممنهم على وجهين) على قدر إرثهم ـ وهو المذهب وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ، أو في العصبة فقط، أو على جميع الأقارب (كما ذهب إليه الحارثي، قال في الإنصاف وما هو ببعيد)، أو على مصالح المسلمين، أو على الفقراء. انظر الإنصاف(7/30)، والفروع (5/590)، وشرح منتهى الإرادات (2/498) والروض المربع مع حاشية ابن قاسم (5/454)، واختيارات شيخ الإسلام ص173.

[459] - جملة أسطر حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[460] - هو الشيخ حمد المحمد البسام الذي تقدمت ترجمته ص141.

[461] - عبد الله فدا، صاحب مكتبة النهضة بمكة المكرمة، وقد قام بنشر مختصر التحرير مع شيخنا عبد الله بن عقيل كما سيأتي.

[462] - "مختصر التحرير" هو متن في أصول الفقه، اختصره العلامة ابن النجار الفتوحي المتوفى سنة 972هـ من التحرير في أصول الفقه للعلامة علاء الدين المرداوي المتوفى سنة 885هـ، وقد أشرف على طبعه شيخنا عبد الله بن عقيل عام1367هـ (حيث ظهرت الطبعة الأولى عن مطبعة مصطفى الحلبي في مصر)، عن نسخة بخطه حفظه الله منقولة من نسخة بخط الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي.

وهذا المختصر من أهم كتب أصول الفقه التي ألفها الحنابلة، إذ هو اختصار لكتاب "التحرير في أصول الفقه" الذي جمعه العلامة المرداوي من مصادر كثيرة متنوعة وحرره تحريرا بالغا واستقصى فيه أكثر مسائل هذا العلم، وقد قام بشرح المختصر ابن النجار نفسه، وطبع الشرح في جامعة أم القرى باسم "شرح الكوكب المنير" بتحقيق د.محمد الزحيلي و د.نزيه حماد.

[463] - الشيخ عبد الله بن علي بن محمد أبو يابس أبو اليابس (1313ـ1389هـ) ولادته في القويعية من نجد، ارتحل في طلب العلم، وقد ترافق في أحد رحلاته مع عبد الله بن علي القصيمي، ولما انحرف هذا الأخير رد عليه المترجم بكتاب اسماه "الرد القويم على ملحد القصيم"، استوطن مصر في أواخر حياته، إلا أنه توفي في الرياض. انظر "علماء نجد" ط ثانية (4/335) و"روضة الناظرين" ط الحلبي الثانية (2/39).

[464] - القول السديد في مقاصد التوحيد، أحد كتب الشيخ ابن سعدي، تقدم ذكره ص174.

[465] - لم نتمكن من تحديدها على وجه الدقة، ويظهر أن رسالة "وجوب التعاون بين المسلمين" إحداها.

[466] - أي الشيخ محمد بن حسين نصيف، تقدمت ترجمته ص156.

[467] - هو الشيخ محب الدين بن أبي الفتح محمد بن عبد القادر الخطيب (1303ـ1389هـ) ولادته ونشأته في سوريا ثم تنقل بين استنبول والقاهرة والحجاز ثم استقر بمصر حيث كان قد أنشأ فيها المكتبة السلفية، وقام من خلالها بجهد مشكور جدا في نشر وطباعة الكتب لا سيما السلفية منها، ومن أشهر الكتب التي قام على طبعها وصارت نسختها من أكثر الطبعات تداولا: كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري. وانظر معجم مصنفي الكتب العربية لكحالة ص406.

[468] - أي من شهر رمضان 1368هـ.

[469] - أي سنبدأ باستخدامه

[470] - جملة أسطر حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[471] - هو الشيخ عبد الله المحمد العوهلي الذي تقدمت ترجمته ص46.

[472] - أي الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن سعدي.

[473] - هو عبد العزيز بن صالح الحماد، كان موظفا في ديوان الملك عبد العزيز، وكان من محبي الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وقد تقدم.

[474] - هو الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع، مدير المعارف في ذلك الوقت، تقدمت ترجمته ص137.

[475] - هو الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن السلمان ولادته في عنيزة سنة1339هـ تقريبا، تتلمذ على الشيخ ابن سعدي ولازمه مدة من الزمن، ثم انتقل إلى الرياض وعينه الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ إماما، ومدرسا في المعهد العلمي، له مؤلفات نافعة في الرقائق والفقه وغيرها، يستوطن مدينة الرياض، ختم الله لنا وله ولجميع المسلمين بخير.

[476] - جملة أسطر حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[477] - كذا بالأصل، ولعل مقصود الشيخ أسمعنا الله عنكم ما يسر.

[478] - كذا بالأصل.

[479] - وقد طبع باسم "تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن" وسيأتي وصف الشيخ له، ولا يبدو أن هذه التسمية من قبل الشيخ، حيث سيأتي مرارا الإشارة إليه  باسم الخلاصة.

[480] - أي: نشير على، وقد تكون بمعنى نبين.

[481] - جملة أسطر حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[482] - هو كتاب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، اسمه يدل على محتواه، نشره عبد الصمد شرف الدين عن نسخة خطية فريدة، وطبع في المطبعة القيمة ببمباي بالهند، سنة1368هـ، وهي الطبعة المشار إليها هنا.

[483] - هو الكتاب المطبوع باسم "نظرية العقد" لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو كتاب يتحدث عن المعاملات المالية والعقود، فلعل ذلك الذي جعل محققه وطابعه محمد حامد الفقي لإطلاق اسم "نظرية العقد" عليه في آخره، قال أحد النساخ (كاتب هذه القاعدة الشريفة وهي قاعدة العقود العبد الفقير...) طبع الكتاب في مطبعة السنة المحمدية بمصر سنة1368هـ. وهي الطبعة المشار إليها هنا.

[484] - الآجري هو أبو بكر محمد بن الحسين الآجري (ت360هـ)، وكتابه هذا هو الشريعة، تكلم فيه على أبواب الإيمان والاعتقاد وذلك بذكر الأحاديث المرفوعة والآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم بإسنادها المتصل إليه، وذلك كعادة علماء السلف في كتبهم التي وضعوها باسم "السنة"، وقد طبع هذا الكتاب أول مرة في مطبعة السنة المحمدية بمصر سنة1368هـ بتحقيق محمد حامد الفقي وهي الطبعة المشار إليها هنا، لكنها طبعة ناقصة مليئة بالأخطاء المطبعية والسقط، ثم طبع حديثا طبعة علمية بتحقيق الدكتور عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي في دار الوطن سنة 1418هـ. انظر (1/282ـ255) من هذه الطبعة لمعرفة أخطاء الطبعة السابقة.

[485] - جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تأليف المحدث أبي السعادات مجد الدين المبارك بن محمد بن محمد (544ـ606هـ) (أحد الإخوة الثلاثة الذين اشتهروا بابن الأثير الذين تقدم التعريف بهم في حاشية ص65) جمع فيه مصنفه بين موطأ الإمام مالك وصحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي، وحذف أسانيدها ثم دمج أحاديث الباب الواحد والروايات، ثم رتب تلك الأبواب على حروف المعجم، فجاء مصنفا بديعا حاويا لأصول السنة، وقد طبع الكتاب الشيخ محمد حامد الفقي في مطبعة أنصار السنة المحمدية في مصر في تلك السنة أي 1368هـ (والظاهر أنها أول طبعاته ـ وهي المشار إليها هنا ـ)، ثم طبع في دمشق سنة 1389هـ بعناية وتخريج الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، وهي أجود من سابقتها إخراجا وضبطا.

[486] - هذا الكتاب المطبوع في مطبعة السنة المحمدية في تلك السنة هو عبارة عن ثلاثة كتب:

أولها تهذيب سنن أبي داود للمنذري، أبو محمد زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (581ـ656هـ) اختصر فيه سنن أبي داود وحذف أسانيدها، وتكلم عليها تصحيحا وتضعيفا مع فوائد أخرى.

والثاني: هو كتاب معالم السنن للخطابي، حمد بن محمد بن سليمان الخطابي (ت388) وهو شرح مختصر على سابقه.

الثالث: هو تهذيب سنن أبي داود لابن القيم، وهو حاشية أخرى على تهذيب سنن أبي داود، تكلم فيها ابن القيم على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا مع فوائد أخرى.

[487] - هو المعهد العلمي الذي هو نواة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (الآن) بالرياض، افتتح في مطلع عام 1370هـ برئاسة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله ـ كما ذكر الشيخ هنا ـ. أما أوائل المدرسين فيه ـ حسب ما أفادتنا به وكالة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشئون المعاهد العلمية ـ فهم: عبد الرازق عفيفي،عبد العزيز بن محمد السلمان، محمد الأمين الشنقيطي، محمد علي عبد الرحيم، محمد خليل هراس، مناع بن خليل القطان، محمد بن علي العبد، بالإضافة إلى الشيخ عبد العزيز بن باز كما ذكر الشيخ هنا.

أما المدرسون المذكورون هنا فلعلهم كانوا مرشحين للتدريس فيه، وبعضهم تولى التدريس فيه بعد ذلك.

[488] - هو الشيخ عبد الله بن عمر بن عبد الله بن دهيش (1320ـ1406هـ) ولادته ونشأته في الأحساء، طلب العلم وأحبه منذ صغره، وارتحل في طلبه، ودرس على الشيخ محمد بن إبراهيم مدة من الزمن، تولى عدة وظائف قضائية وغير قضائية في عدة مدن، وجلس للتدريس في هذه المدن، وفي مكة المكرمة، وله بعض المؤلفات، وخلف مكتبة حافلة بالمطبوعات والمخطوطات. مترجم في "علماء نجد" ط ثانية (4/344).

[489] - هو الشيخ سليمان بن عبد الرحمن بن محمد الحمدان (1322ـ1397هـ) ولد في مدينة المجمعة عاصمة سدير في قلب نجد، ونشأ نشأة حسنة وحفظ القرآن وطلب العلم على علماء بلده ثم علماء نجد والحجاز ثم تولى القضاء في عدة مدن واشتغل بالإفتاء والتدريس والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محتسبا في ذلك، مع شدة في الحق، واجتهاد في العبادة، له بعض الرسائل والردود. مترجم في "روضة الناظرين" ط الحلبي الثانية (1/149) و "علماء نجد" ط ثانية (2/295).

[490] - هو الشيخ عبد الرحمن بن يوسف الفلاني الإفريقي (1326ـ1377هـ) أصله من مالي بإفريقيا، تعلم في مدارس المستشرقين فيها حتى أتقن الفرنسية ثم ارتحل للحج شابا ثم جاور بمكة والمدينة وطلب العلم على علماء المسجد النبوي، ثم درس عقيدة السلف واعتنى بها، وحصل من العلم قدرا جيدا بما وهبه الله من ذكاء وحرص، ثم عين مدرسا بدار الحديث التي درس بها، وقعد للتعليم والوعظ، ثم عين مدرسا في معهد الرياض العلمي ـ على ما ذكر الشيخ هنا ـ انظر علماء ومفكرون عرفتهم للمجذوب، ومحاضرة للشيخ عمر فلاته أمين عام الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، مطبوعة في محاضرات الجامعة الإسلامية للموسم الثقافي 1397/1398هـ

[491] - أي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله.

[492] - الظاهر أنها المكتبة السعودية، وقد تم افتتاحها عام1371هـ بتوصية من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، وكانت تتبعه في البداية ثم ألحقت بدار الإفتاء. انظر مكتبة الرياض السعودية ماضيها وحاضرها د. سعد بن عبد الله الضبيعان بحث منشور في مجلة جامعة الملك سعود كلية الآداب مج6ع1 سنة1414هـ ص249ـ252، و "إطلالة تاريخية على المكتبات العامة في المملكة العربية السعودية مع دليل شامل لها "للمؤلف نفسه.

[493] - محمد الدناصوري هو شيخ مصري ممن استقدمهم ابن مانع للتدريس في المعهد العلمي التابع له الذي افتتح فرعا له في عنيزة سنة 1366هـ (وهي غير المعاهد التابعة للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ) واسمه محمد الدناصوري، وكان أول أستاذ يعين في ذلك المعهد لتدريس العلوم الدينية والعربية، قال عنه الشيخ عبد الله البسام: كان صاحب علم، وقعت منه بعض الأخطاء التي رجع عنها، وحدث بسبب بعضها تلك الفتنة التي يذكرها الشيخ هنا. وانظر المراجع في الحاشية التالية.

[494] - هذا المعهد هو أحد المعاهد التي أنشأها ابن مانع مدير مديرية المعارف في ذلك الوقت، وكانت تتبع إدارته، وكان يغلب على موادها المواد الشرعية، وهناك المدارس الأخرى التي تتبع مديرية المعارف أيضا، وذلك بخلاف المعاهد العلمية التي كانت تابعة للشيخ محمد بن إبراهيم والتي لم تكن افتتحت أصلا (افتتح معهد عنيزة العلمي سنة1373هـ أما معهد الرياض فافتتح في مطلع عام 1370هـ كما تقدم) والتي تعتبر النواة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وقد ألغي هذا المعهد (أعني المعهد التابع لمديرية المعارف) حيث ضم إلى المدرسة الثانوية بعنيزة التي افتتحت عام 1373هـ انظر: "التعليم الحكومي المنظم في عهد الملك عبد العزيز نشأته وتطوره" د. عبد اللطيف بن عبد الله بن دهيش ص66ـ79، و "الانطلاقة التعليمية في المملكة العربية السعودية" د.حمد السلوم (1/209) وما بعدها.

[495] - كذا بالأصل.

[496] - أي الشيخ عبد الرحمن بن عودان قاضي عنيزة في ذلك الوقت، تقدمت ترجمته ص102.

[497] - من سورة البقرة آية180.

[498] - حديث مشهور رواه جماعة من الصحابة، أخرجه الترمذي (في الوصايا باب ما جاء لا وصية لوارث) والنسائي (في الوصايا باب إبطال الوصية للوارث) عن عمرو بن خارجة، وأخرجه أبو داود أيضا (في الوصايا باب ما جاء في الوصية للوارث) عن أبي أمامة الباهلي، وانظر إرواء الغليل 1655.

[499] - الكلام الآن للشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله.

[500] - كذا بالأصل، ولعل المقصود: أن الكتاب وصل من إبراهيم العمود، وفيه يقول أننا بطريقنا إليكم.

[501] - كتاب الخلاصة للشيخ هو المسمى "تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن" تقدم ذكره ص240.

[502] - تقدمت ترجمته ص159.

[503] - يعني إن أدركته.

[504] - فشرت: أي فأشرت.

[505] - حيث عين مدرسا في المعهد التابع للمعارف، انظر ص239.

[506] - أي صورة فوتوغرافية للشيخ عبد الرحمن بن عودان، قاضي عنيزة في ذلك الوقت الذي تقدمت الإشارة إليه كثيرا، وتقدمت ترجمته ص102.

[507] - فشرت: أي فأشرت عليهم.

[508] - أي المعهد التابع لمديرية المعارف، والتي على رأسها الشيخ محمد بن عبد العزيز ابن مانع.

[509] - أي كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، الذي تقدم ذكره في الرسالة السابقة.

[510] - انظر الإتقان للسيوطي ص43 (ط الحلبي الثالثة سنة1370هـ).

[511] - أي إلى مدينة صامطة التابعة لمقاطعة جازان، حيث هو القاضي فيها.

[512] - أي مديرية المعارف في ذلك الوقت، والذي كان الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع مديرا لها.

[513] - العقيدة الواسطية، تقدم التعريف بها ص78.

[514] - هو كتاب "الإتقان في علوم القرآن" للحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ، وهو كتاب حافل جامع في علوم القرآن  وأصول تفسيره، وهو مطبوع مشهور متداول.

[515] - هو المعهد الثانوي التابع لابن مانع الذي تقدم ذكره في الرسالتين السابقين.

[516] - هو الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع مدير المعارف، التي يتبع لها المعهد المذكور هنا، تقدمت ترجمته ص137.

[517] - أي: الإنجليزية، واعتاد الشيخ كتابتها كذا.

[518] - أي: ما دامت.

[519] - أي الشيخ عبد الرحمن بن عودان قاضي عنيزة في ذلك الوقت الذي تقدمت ترجمته ص102.

[520] - إلى شقراء،  وهي المدينة النجدية المعروفة.

[521] - شال: أي حمل.

[522] - أي فليس هو بغريب.

[523] - خوضان: أي خوضا.

[524] - أي: يخصكم.

[525] - هو كتاب "تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن" الذي تقدم ذكره ص240.

[526] - أي الشيخ عبد الرحمن بن عودان قاضي عنيزة، وقد تقدم في الرسالة السابقة أنه سافر مع أهله إلى شقراء، واستغرب الناس ذلك السفر.

[527] - مريضه: أي مثبطة أو مؤخره.

[528] - أي: محمد العبد العزيز المطوع، الذي تقدم ذكره كثيرا، وتقدمت ترجمته ص61.

[529] - أي: أمر له بسيارة من الحكومة، حيث كان قاضيا في صامطة.

[530] - أي لنا مدة، أصلها من أبطأ بمعنى تأخر.

[531] - هو كتاب "تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن" الذي تقدم ذكره ص240.

[532] - العيال: الأبناء، ولعل المقصود بهم عبد الله ابن الشيخ، وعبد الله المحمد العوهلي.

[533] - تقدمت ترجمته ص159.

[534] - وكل هذه مدن وقرى واقعة في نجد.

[535] - أي الحماد، تقدمت ترجمته ص159.

[536] - ياصلكم: يصلكم.

[537] - ليست بكثيرة.

[538] - أي من الشهر الجاري؛ ربيع الآخر.

[539] - أدور: أبحث عن.

[540] - الآية الأولى والثانية من سورة الشورى، والحديث المشار إليه هنا أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره، في أول سورة الشورى، حيث قال (وقد روى ابن جرير ههنا أثرا غريبا عجيبا منكرا، فقال حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، عن أرطأة بن المنذر قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال له ـ وعنده حذيفة بن اليمان ـ أخبرني عن تفسير قول الله (حم عسق) قال فأطرق ثم أعرض عنه، ثم كرر مقالته، فأعرض عنه، فلم يجيبه بشيء وكره مقالته، ثم كررها الثالثة، فلم يحر إليه شيئا، فقال حذيفة: أنا أنبؤك بها، قد عرفت لم كرهها؟ نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد الإله، أو عبد الله، ينزل على نهر من أنهار المشرق تبنى عليه مدينتان، يشق النهر بينهما شقا، فإذا أذن الله في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدتهم، بعث الله على إحداهما نارا ليلا، فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت، كأنها لم تكن مكانها، وتصبح صاحبتها متعحبة، كيف أفلتت؟ فما هو إلا بياض يومها ذلك، حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم، ثم يخسف الله بها وبعم جميعا، فذلك قوله (حم عسق) يعني عزيمة من الله تعالى وفتنة وقضاء، (حم)، عين، يعني عدلا منه، سين سيكون، ق، يعني واقع بهاتين المدينتين) اهـ وقد أورد الحافظ ابن كثير هذا الحديث مختصرا في البداية والنهاية عند كلامه على معجزات النبي صلى الله عليه وسلم التي منها إخباره ببعض المغيبات، وما يكون في المستقبل، وهو ـ كما قال الشيخ، كما في النسخة التي اطلع وأحال عليهاـ في المجلد السادس صحيفة 250 أو 251، وهي طبعة السعادة المطبوعة سنة 1351هـ في أربعة عشر جزءا.

[541] - أي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة، تقدمت ترجمته ص154.

[542] - هو الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن علي المقوشي (1333ـ1405هـ) قرأ على الشيخ عبد الرحمن بن سعدي مدة من الزمن، أفاد البسام في ترجمته أنه تولى القضاء في الرياض 1368هـ ثم نقل إلى قضاء محكمة العرض، ومقره القويعية، فمكث فيها حوالي سبع سنوات، ثم انتقل إلى محكمة الحريق اهـ انظر "علماء نجد" ط ثانية 3/189.

[543] - بلدة تبعد حوالي 200كلم غرب الرياض.

[544] - هذا المعهد هو المعهد لعلمي التابع لابن مانع، وليس المعهد العلمي التابع للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، فإن الأخير لم يكن افتتح في عنيزة بعد.

[545] - هو الشيخ عبد الرازق بن عفيفي بن عطية بن عبد البر النوبي (1323ـ 1415هـ) مصري الأصل والمولد والنشأة، نشأ نشأة حسنة، درس وتخرج من الأزهر، كان ممن اختارهم الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع ـ مدير المعارف في ذلك الوقت ـ للعمل في دار التوحيد في الطائف، فقدم إلى المملكة العربية السعودية سنة 1368هـ، فعمل فيها حتى عام 1370هـ ثم اختير للعمل في معهد عنيزة العملي، التابع للمعارف ـ على ما يذكره الشيخ ابن سعدي هناـ فدرس فيه مدة قصيرة، ثم انتقل عام 1370هـ للتدريس في معهد الرياض العلمي، ثم انتقل إلى رئاسة معهد القضاء العالي، ثم عين نائبا لرئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وظل بها حتى توفي، هذا، وقد كان عالما راسخا جليلا مربيا، وقد انتفع به خلائق كثير دراسة وبحثا واستفتاء، رحمه الله. له تراجم متفرقة، وترجمة حافلة مطولة  في كتاب مستقل  تأليف محمد أحمد سيد أحمد، مطبوع في المكتب الإسلامي ببيروت سنة 1418هـ.

[546] - الظاهر أنه الشيخ محمد أمين بن سليم بن مصطفي الأشقر، على ما يرجحه الشيخ محمد أمين نفسه، وليس فيمن درس في ذلك الوقت شيخ اسمه مصطفي وهو من فلسطين غير الشيخ محمد أمين المذكور، وهو فلسطيني الأصل والمولد والنشأة، قدم إلى السعودية سنة1368هـ، ثم انتقل إلى عنيزة فعين مدرسا في المعهد العلمي السعودي التابع لابن مانع فعمل فيه مدة سنة واحدة، حيث انتقل بعد ذلك إلى الرياض عاملا في سلك التدريس في المعاهد العلمية، أما الآن فهو إمام جامع الأمير تركي بن عبد العزيز بالرياض. وهذه النبذة ملتقطة منه. غفر الله لنا وله.

تنبيه: الذين عثرت على أسمائهم ممن درسوا في هذا المعهد في تلك الفترة غير الشيخ عبد الرازق عفيفي والشيخ محمد الدناصوري: د.محمد خليل هراس، د. محمد كامل مراد، د. عبد الباقي أحمد سلامة، الشيخ حمد بن محمد البسام، (ينظر التعليم الحكومي المنظم في عهد الملك عبد العزيز نشأته وتطوره، د. عبد اللطيف ابن عبد الله بن دهيش ص66ـ79).

[547] - هو الشيخ محمود بن ياسين بن حمد الحمد (ولادته سنة 1336هـ) فلسطيني المولد والأصل والنشأة، وبها تعلم وكان له مشاركة في مقاومة الإنجليز إبان احتلالهم لها، وقدم أولا إلى السعودية سنة1361هـ، ثم مرة أخرى سنة1368هـ، انتقل إلى عنيزة سنة 1369هـ حيث أسس فيها المدرسة الفيصلية (الابتدائية، المشار إليها هنا) وكان مديرا لها، ثم تنقل في عدة وظائف ما بين تدريس وتوجيه وإشراف وغيرها حتى تقاعد، يسكن الآن مدينة الرياض، وهذه النبذة ملتقطة منه، غفر الله لنا وله.

[548] - مليحة، (تنطق بسكون أولها وإمالة اللام) اسم لأحد أحياء مدينة عنيزة.

[549] - الشماغ هو عمامة تلبس على الرأس بدون شد.

[550] - يعني في الزمن الفاصل بين ركعات التراويح للاستراحة.

[551] - هو كتاب "الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة، في العقائد والفنون المتنوعة الفاخرة" واسمه يدل على محتواه، قال الشيخ في مقدمته (أما بعد، فهذه كلمات طيبات نافعات، ومقالات متنوعة، في المهم من أصول الدين وأخلاقه وآدابه، وهاك فصولا منثورة، في مواضع متعددة نافعة) وهو مطبوع، ويلاحظ هنا أن الشيخ نص على اسم كتابه هذا، بخلاف أغلب كتبه التي تقدم ذكرها، بل الكتاب الذي سيأتي ذكره بعد قليل.

[552] - هذا الكتاب طبع في حياة الشيخ باسم "طريق الوصول إلى العلم المأمول، بمعرفة القواعد والضوابط والأصول"، وكانت هذه الطبعة الأولى له بمصر بمطبعة الإمام على نفقة الشيخ عبد الله المحمد العوهلي. وفي وصف هذا الكتاب يقول الشيخ ابن سعدي رحمه الله في خاتمته (وقد نافت ولله الحمد على الألف مإ بين أصل وقاعدة وضابط وتعربف مهم وفائدة ضرورية، وترغيب في كمال وتحذير من نقص، وتوجيه إلى المنافع الظاهرة والباطنة، وترهيب من المضار الدينية والدنيوية، ومخبره، يغني عن وصفه.

وجملة ذلك أن هذا المجموع قد انتقيته بعد التروي الكثير، وكثرة التأمل والتفكير،من جميع الكتب الموجودة، من كتب الشيخين، فتضمن صفوتها، واحتوى على جواهرها وغررها، والحمد لله والفضل لله ا هـ فليت هذا الكتاب بعد هذا الوصف ينال مكانه لائقة به عند طلبة العلم قراءة وتدريسا وشرحا، لكن ربما يحتاج الكتاب إلى ترتيب القواعد والضوابط حسب الموضوعات، لا حسب الكتب التي وردت بها، مع نسبة كل إلى موضعه من الكتاب الذي نقل منه، أسأل الله أن ييسر ذلك بمنه وكرمه.

[553] - هو الشيخ عبد الله بن سليمان بن عبد الله بن حميد (1322تقريباـ 1404هـ) ولد في بريدة وطلب العلم على علمائها من آل سليم وغيرهم، رشحه الشيخ عبد الله ابن حسن آل الشيخ للقضاء في برك الغماد في منطقة جازان، فتولى قضاءها كما يذكر الشيه هنا، وتولى القضاء والوعظ في مدن غيرها، مترجم في علماء آل سليم وتلامذتهم، وعلماء نجد ط ثانية (4/162).

[554] - أي قاضيها.

[555] - وقد تقدم شيء منها في ترجمته ص76.

[556] - أي جنوب المملكة العربية السعودية، مناطق جازان وما حولها.

[557] - يلاحظ هنا أن الرسالة السابقة كانت بتاريخ 28رمضان سنة1370، وهذه الرسالة بتاريخ19رمضان1375هـ، وسبب هذا الانقطاع أن شيخنا عبد الله ابن عقيل كان موجودا في عنيزة في تلك الفترة أي ما بين سنة 1371 حتى رمضان1375هـ، حيث عين قاضيا فيها، ومع كونه قاضي البلد إلا أنه لازم حلقات شيخه ابن سعدي وصارت مطارحات المسائل العلمية بينهما مشافهة فلهذا لم تجر بينهما مكاتبة في هذه المدة، فرحم الله الشيخ المربي وأعظم له الأجر على ما علم وربي ونفع، وبارك الله في عمر التلميذ الشيخ وأجزل له الأجر، ووفق الله تاميذ التلميذ للعلم النافع والعمل الصالح، وعم الله الجميع بالعفو والمعافاة في الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.

[558] - البسام، تقدمت ترجمته ص107.

[559] - أي الحكومة.

[560] - الظاهر أن المقصود بها كلية الشريعة التي افتتحت في الرياض عام1373هـ.

[561] - هو الملك سعود بن عبد العزيز.

[562] - أي بتعيينه قاضيا خلفا لشيخنا عبد الله بن عقيل، بعد انتقاله من عنيزة إلى الرياض للعمل في دار الإفتاء مع سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وذلك ابتداء من 1رمضان تلك السنة أي1375هـ، وقد تقدمت ترجمته الشيخ سليمان بن إبراهيم البسام ص106، وقد ذكر الشيخ عبد الله البسام في ترجمة الشيخ سليمان البسام هذه الحادثة أعني تعيينه للقضاء ثم رفضه ذلك. "علماء نجد" ط أولى (1/274)، ط ثانية (2/265).

[563] - هو الشيخ عبد الله بن صالح بن عبد الرحمن الخليفي (1300ـ1381هـ) تولى القضاء والتدريس في عدة مدن في المملكة العربية السعودية، كان آخرها مدينة حائل وبقي فيها حتى توفي انظر "علماء نجد" ط أولى (2/556)، ثانية (4/176).

[564] - الشماغ: عمامة تلبس على الرأس بدون شد.

[565] - العود: نوع من أشهر أنواع الطيب والبخور.

[566] - يعني في الزمن الفاصل بين ركعات التراويح للاستراحة.

[567] -جملة أسطر حذفت لاحتوائها على موضوع خاص.

[568] - وقد تقدم ذكر ذلك ص278.

[569] - الظاهر أن المعهد المقصود به هنا معهد عنيزة العلمي (كان افتتاحه في أواخر عهد الملك عبد العزيز سنة1373هـ) التابع لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ضمن رئاسة الكليات والمعاهد العلمية، وليس المعهد الذي يتبع المعارف والذي تقدم ذكره كثيرا، حيث أن معهد المعارف قد ضم إلى المدرسة الثانوية بعنيزة التي افتتحت عام 1373هـ (انظر التعليم الحكومي المنظم في عهد الملك عبد العزيز ص66ـ79).

[570] - معهد بريدة كذلك هو المعهد العلمي التابع لرئاسة الكليات والمعاهد.

[571] - فيصبح مجموع رسائل الشيخ الخاصة بالخطب ثلاثة، وهي حسب ترتيبها الزمني:

1ـ مجموع الخطب في المواضيع النافعة، وهي أقدمها، قال في أولها (...فهذه خطب استجدت بعدما جمعنا الخطب السابقة ونشرناها..).

2ـ الفواكه الشهية في الخطب المنبرية، حيث جاء في آخرها أنه فرغ منها في 22رجب1365هـ.

3ــ الخطب المنبرية على المناسبات، قال الشيخ في أولها (...فهذه خطب منبرية سوى الخطب التي نشرناها سابقا، تبع المناسبات)، هذا والذي يظهر أن تسمية هذه الخطب (كما هو الظاهر أيضا في حال كثير من كتب الشيخ) لم تكن من وضع الشيخ.

[572] - هي رسالة لطيفة صغيرة الحجم، عنوانها يدل على مضمونها، يورد الشيخ رحمه الله مشاكل الحياة واحدة واحدة ثم يبين أن الدين الإسلامي أتى بحل هذه المشكلة، وكانت أول المشاكل التي ذكره الشيخ في هذه الرسالة هي مشكل الدين والعقيدة، والرسالة مطبوعة.

[573] - هذا الكتاب مطبوع باسم "القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة" وهو يشتمل على ستين قاعدة من القواعد الفقهية مع شرحها، وقد ألحق الشيخ في آخر تلك القواعد قسما في ذكر الفروق بين المسائل المشتبهات الفقهية والتقاسيم النافعة الشرعية، والكتاب مطبوع.

[574] - الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ، رئيس هيآت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نجد، تقدمت ترجمته ص227.

[575] - يلاحظ هنا أن الشيخ لم يذكر اسم هذا الذي تحمل، رغبة منه في إخفائه.

[576] - هو أكبر أبناء الشيخ عبد الله بن عقيل، وبه يكنى.

[577] - أي محمد بن عبد الرحمن بن سعدي.

[578] - هو عبد الله بن عبد الرحمن بن سعدي.

[579] - المدينة الساحلية المشهورة بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.

[580] - مهوب: أي ما هو بـ.

[581] - تخليهم: تجعلهم.

[582] - تقدم لنا أن هذه الرسائل شخصية بحتة كان الشيخ ابن سعدي يكتبها بسرعة وبصورة عفوية وربما باللهجة العامية، وقد لا يراجعها، فلو راجع هذه الرسالة لطمس الكلام السابق قبل أن يستدرك على نفسه، وهذا يؤكد العذر الذي قدمناه عن اللهجة العامية، أو التعابير العفوية، فرحمه الله.

[583] - أي آل الشيخ، مفتي المملكة العربية السعودية في ذلك الوقت، تقدمت ترجمته ص154.

[584] - تسقاة: يعني خفيف ليس بالقوي.

[585] - زمل: خوف.

[586] - هو العلامة المحدث أحمد بن محمد شاكر بن أحمد بن عبد القادر الحسيني، (1309ـ1377هـ) مصري الأصل والمولد والنشأة، درس على والده الذي كان من أهل العلم جملة من الفنون، ثم برع في الحديث، واشتغل به، دراسة وتحقيقا وتأليفا، مع اشتغاله بأنواع من علوم العربية، فترك عددا كبيرا من التحقيقات والمؤلفات.

[587] - لكنه للأسف لم يتم، فقد وصل فيه الشيخ أحمد شاكر إلى الآية الثامنة من سورة الأنفال، وهو مطبوع باسم عمدة التفسير.

[588] - للتعريف بهذه المنظومة، ننقل كلام الشيخ ابن سعدي في شرحه لها، حيث يقول في مقدمة ذلك الشرح (فقد طلب مني بعض الإخوان أن أشرح المنظومة التائية في القدر، لشيخ الإسلام والمسلمين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية لما فيها من التحقيق العظيم في مسألة القضاء والقدر، ولمتانتها وصعوبة فهمها واحتياجها إلى شرح متوسط يوضحها ويكشف عن معانيها، ولكون المقام والموضوع مقاما مهما جدا، والحاجة ـ بل الضرورة ـ داعية إلى علمه، والتحقق به معرفة واعتقادا، وهذا النظم قد أتى فيه الشيخ بالعجب العجاب، وبين الحق الصريح وكشف الشكوك والشبهات، التي طالما خالطت قلوب أذكياء العلماء وحيرت كثيرا من أهل العلم الفضلاء) وفي آخرها أن الشيخ فرغ منها في30ربيع الثاني1376هـ أي قبل وفاته بأقل من شهرين، وقد طبع هذه المنظومة لأول مرة الشيخ عبد الغني عبد الخالق في شوال من سنة1376هـ، أي بعد وفاة الشيخ ابن سعدي، رحم الله الجميع.

[589] - أي تفسير الشيخ ابن سعدي، المسمة "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" الذي تقدم ذكره ص98، والذي تولى طبع هذا التفسير في بادىء الأمر، الشيخ محب الدين الخطيب في مطبعته السلفية في القاهرة.

[590]  - الحروة: احتمال، أو يمكن.

[591] - وهي الحوادث التي جرت للإخوان المسلمين في مصر أيام عبد الناصر، حيث كان ممن سجن: قصي ابن الشيخ محب الدين الخطيب، وكان يساعد أباه في أعمال المطبعة.

[592] - لدورات المياه الخاصة بالمسجد الجامع الكبير بعنيزة.

[593] - أي تفسير الشيخ ابن سعدي، الذي تقدم ذكره مرارا.

[594] - هو الشيخ محمد بن حسين بن نصيف الذي تقدمت ترجمته ص156.

[595] - التي تقدم ذكرها وذكر شرحها في الرسالة السابقة.

[596] - هو عبد العزيز بن محمد بن ناصر بن حمود العوهلي (1328ـ1416هـ) أخو الشيخ عبد الله بن محمد العوهلي، أخذ عن الشيخ الشيخ ابن سعدي ثم لازمه فترة وكان من خواص الشيخ، اشتغل بالتجارة مدة من الزمن، ثم عين مديرا لدار الأيتام ـ كما يذكر الشيخ هنا ـ وظل مديرا لها مدة تزيد عن خمس عشرة سنة، ثم لما انتقلت إلى بريدة طلب الإعفاء، كان عاقلا ناصحا خيرا مربيا محبا للعلم وأهله، أثنى عليه شيخنا ابن عقيل خيرا. رحمه الله، أفادنا بهذه النبذة ابنه الأخ الدكتور محمد.

[597] - أي العوهلي المتقدم.

[598] - أولا: إذا أطلق الشويكي فهو أحمد بن محمد (أو أحمد) بن أحمد الشويكي، وأصل النسبة يرجع إلى شويكة، قرية من قرى فلسطين تقع قرب القدس ـ عجل الله تحريرها ـ له ترجمة مختصرة في السحب الوابلة 1/215، وشذرات الذهب (10/325 ط الأرناؤوط) وفاته939 أو949هـ (انظر حاشية السحب الوابلة طبعة العثيمين وبكر أبو زيد 1/215).

=ثانيا: كتابه هذا هو "التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح" جمع فيه بين المقنع للموفق ابن قدامة، والتنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع" لعلاء الدين المرداوي.

ثالثا: التوضيح هذا مطبوع، ولعل أول طبعاته هي التي طبعت بمصر في مطبعة السن المحمدية، سنة1371هـ، ولعلها هي الطبعة التي تحدث عنها الشيخ هنا، ولم يعرف أن هناك طبعة غيرها، هذا ما كنت كتبته أولا، وفي أثناء تحقيق هذا الكتاب ظهرت الطبعة الجديدة لهذا الكتاب وهي رسالة علمية لنيل درجة الدكتوراه تقدم بها الأخ الشيخ ناصر بن عبد الله الميمان، وذكر في مقدمة التحقيق ما يؤيد أن الكتاب لم يطبع غير طبعة السنة المحمدية هذه، وذكر أيضا ما يؤيد كلام الشيخ ابن سعدي من رداءة هذه الطبعة وكثرة الأخطاء فيها. انظر مقدمة التحقيق ص180ـ181.

[599] - أي منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح والزيادات، وتقدم التعريف به في حاشية ص77

[600] - أي شيخ الإسلام ابن تيمية.

[601] - كذا بالأصل وصوابها الباطنية.

[602] - أي كتاب "منهاج السنة في نقض كلام الشيعة القدرية" لشيخ الاسلام ابن تيمية ، وبحثت عن هذا الكلام في منهاج السنة فلم أجده في مظانه ، لكني وجدت شيخ الاسلام كرر هذه العبارة في عدة مواطن من درء تعارض العقل والنقل، انظر مثلا: (1/218، 276، 286، 2/15، 5/34، 256، 8/59) طبعة دار رشاد سالم ، وكذا ذكر كلاما شبيها بهذا في التدمرية، انظر ص 19 ط السعوي الأولى.

[603] - القرمطة، الشبه بالقرامطة في انحرافهم، وهو – كما سيأتي – تأويل النصوص بتأويل يخالف ظاهرها، لزعمهم أن لها ظاهرا وباطنا، وأصل نسبة القرامطة إلى أحد أمرين:

        1- إلى داعية لهم قدم من خوزستان إلى الكوفة، فنزل عند رجل يقال له كرمتيه، لقب به لحمر عينيه، فلقب هذا الداعية باسم هذا الذي استضافه، ثم خففت كلمة كرمتيه إلى قرمط.

        2- أنها نسبة إلى رجل يقال له حمدان قرمط، قال البغدادي: لقب بذلك لقرمطة في خطه أو خطاه، حيث أن أصل كلمة قرمط كما في اللسان أو غيره ظانها التقارب، ففي الخط إذا تقارب ودق، وفي الخطا إذا تقاربت.

وعلى كل، فإن شيخ الاسلام إذا ذكر القرامطة فإنه غالبا ما يقرنهم أو يصفهم بالباطنية، وذلك أنهم يجعلون للنصوص ظاهرا وباطنا، ومثالها كما نقل الشيخ ابن سعدي هنا ( يفسرون النصوص المعلومة بالضرورة لكل أحد بتحريفات يعلم العالم والجاهل أنها تحريف، كتحريفهم للصلاة أنها معرفة أسرارهم، والصيام كتمان أسرارهم، والحج زيارة شيوخهم، ولشدة ضررهخم وعظم خطرهم يقول البغدادي في الفرق بين الفرق ( ظهرت دعوة أيام المأمون من حمدان قرمط، ومن عبد الله بن ميمون القداح ، وليست الباطنية من فرق ملة الاسلام، بل هي من فرق المجوس... وضرر الباطنية على فرق المسلمين أعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس عليهم، بل أعظم من مضرة الدهرية وسائر أصناف الكفرة عليهم، بل أعظم من ضرر الدجال الذي يظهر في آخر الزمان، لأن الذين ضلوا عن الدين بدعوة الباطنية من وقت ظهور دعوتهم ألى يومنا أكثر من الذين يضلون بالدجال وقت ظهوره! لأن فتنة الدجال لا تزيد مدتها عن أربعين يوما، وفضائح الباطنية أكثر من عدد الرمل والقطر) انظر الفرق بين الفرق ص22،282، وانظر أيضا حاشية التدمرية من الطبعة السابقة ص14،19.

وتاريخ القرامطة الباطنية في حربهم وكيدهم للإسلام وأهله أسود مظلم، ولا أشهر في ذلك من حادثة استباحهم لبيت الله الحرام، وقتلهم للمسلمين حول الكعبة، واقتلاعهم الحجر الأسود والذهاب به إلى الأحساء.... انظر الكامل في التاريخ لابن الأثير والبداية والنهاية حوادث سنة278هـ.

[604] - السفسطة، التشبه باالسوفوفسطائية في انحرافهم المتمثل في إنكار الحقائق والتلاعب والتمويه، والسوفسطائية مدرسون متنقلون وجدوا في القرن الخامس وأوائل الرابع قبل الميلاد في اليونان، وكان مركزهم أثينا، وأصبح السوفسطائي عنوانا على المغالطة والجدل العقيم واللعب بالحقيقة... انظر الموسوعة الفلسفية 249ـ250، و (يراد بالسفسطة التمويه والخداع والمغالطة في الكلام، وهي لفظ معرب مركب في اليونانية من "سوفيا" وهي الحكمة، ومن "اسطس" وهو المموه، فمعناه حكمة مموهه") اهـ. من كلام الشيخ السعوي في حاشية على التدمرية الطبعة السابقة ص19.

[605] - آخر الرسائل الشخصية العلمية، ومن المعلوم أن الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي توفي قبل طلوع فجر يوم الخميس الموافق 23جمادي الآخرة سنة1376هـ، فتكون هذه الرسالة قد كتبها الشيخ قبل وفاته بأقل من شهر، رحمه الله رحمة واسعة، وحشرنا وإياه مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، آمين، آمين.

[606] - قضبه، أي أمسكه، كناية عن القيام بسقيه ورعايته.

[607] - من الروايات في المذهب، والروايات هي:

1ـ أن المساقاة عقد جائز، وهي المذهب (كشاف القناع (3/537) ونص عليه في الإنصاف

2ـ والرواية الأخرى هي التي ذكرها الشيخ هنا، وهي اختيار شيخ الإسلام ـ كما في الإنصاف ـ، وانظر مجموع الفتاوى (30/115).

3ـ وقيل جائزة من جهة العامل، والجمهور على أنها عقد لازم.

قال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في حاشية الروض المربع (قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: الصحيح اللزوم، وهو الذي عليه الفتوى، وقال ابن ذهلان الذي استقر عليه العمل عندنا لزوم المساقاة) الروض المربع مع حاشية ابن قاسم 5/281، وانظر المغني (5/568 مع الشرح الكبير).

[608] - أما كون الإجارة عقد لازم من الطرفين فهو المذهب (كشاف القناع 4/23، الإنصاف 6/59) ولعل عمدة ما استدل به على جواز المساقاة والمزارعة معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل خيبر، أن يزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها، والحديث في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع متفق عليه. البخاري، كتاب الحرث والمزارعة (5/14 فتح)، ومسلم، كتابل المساقاة والمزارعة (10/208 نووي)، وانظر مجموع الفتاوى (30/115).

[609] - يعني والمساقي لا يلزمه التعمير أصلا.

[610] - كذا بالأصل وصوابه: الثاني.

[611] - كشاف القناع 3/24، الإنصاف6/66

[612] - قال في الإنصاف (وقيل يملك الإمساك مع الأرش، وهو تخريج للمصنف، وقال في المحرر ـ وتبعه في الفروع، وغيره ـ: وقياس المذهب: له الفسخ أو الإمساك مع الأرش، وجزم به في المنور).

قال ناظم المفردات ـ بعد ذكر مسألة عيب المبيع، وأنه بالخيرة.

كذلك مأجور، قياس المذهب          قد قاله الشيخان، فافهم مطلبي.

فهذه من المفردات، أيضا.

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله، إن لم نقل بالأرش، فورود ضعفه على أصل الإمام أحمد رحمه الله بين) الإنصاف (6/66ـ67)، وقد قال المرداوي في البيع في شرحه لقول المقنع: فمن اشترى مبيعا لم يعلم عيبه فله الخيار بين الرد والإمساك مع الأرش، قال: لو ظهر بالمأجور عيب، فقال المصنف والمجد والشارح، وغيرهم: قياس المذهب أن حكمه حكم المبيع، جزم به ناظم المفردات، وهو منها، والصحيح من المذهب أنه لا أرش له) الإنصاف (4/410ـ411).

[613] - كذا بالأصل.

[614] - كذا بالأصل، ولعل المراد الباقي، كما هو ظاهر.

[615] - لا أختين أو أكثر، فلا يحجبون الأم من الثلث إلى السدس، ونزل الخال منزلة الأم التي نصيبها هنا الثلث، ونزل أولاد الأخت بمنزلة من أدلوا به وهي أمهم.

[616] - كما في الإنصاف (7/324).

[617] - أي الميراث.

[618] - وهي أخت الميت الشقيقة.

[619] - لا أدري ما وجه تصحيحه، فإن قاعدة الأرحام تقول: إن ذوي الأرحام ينزلون منزلة من أدلوا به، قال الموفق رحمه الله بعد أن ذكر الخلاف في تنزيل العمة الشقيقة (وإنما صار هذا الخلاف في العمة لأنها أدلت بأربع جهات وارثات، فالأب والعم أخواها، والجد والجدة أبواها) قم قال (والصحيح من ذلك تنزيل العمة أبا والخالة أما، لوجوه ثلاثة:

أحدها: ما روى الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (العمة بمنزلة الأب إذا لم يكن بينهما أب، والخالة بمنزلة الأم إذا لم يكن بينهما أم) ورواه الإمام أحمد.

الثاني: أنه قول عمر وعلي وعبد الله في الصحيح عنهم، ولا مخالف لهم في الصحابة

الثالث: أن الأب أقوى جهات العمة، والأم أقوى جهات الخالة، فتعين تنزيلهما بهما دون غيرهما) المغني (7/87 مع الشرح الكبير)، قال في زاد المستقنع (والعمات، والعم لأم كأب) قال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في حاشيته على الروض (أي والعمات مطلقا، والعم لأم كالأب، لأنه أقوى جهاتها، وقول عمر وغيره، ولا مخالف له) الروض المربع 6/154.

[620] - هو جزء من الحديث المشهور الذي أورده النووي في أربعينه عن ابن عباس مرفوعا (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودمائهم، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر) قال النووي بعد أن أورده (حديث حسن رواه البيهقي وغيره، هكذا، وبعضه في الصحيحين) اهـ. قلت: أما البيهقي فقد رواه باللفظ المذكور في السنن الكبرى(10/252) قال الألباني في الإرواء: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الحسن ابن سهل وهو ثقة اهـ. قال ابن رجب في شرح الأربعين (واللفظ الذي ساقه به الشيخ ساق ابن الصلاح مثله في الأحاديث الكليات، وقال رواه البيهقي بإسناد حسن.... وقد استدل الأمام أحمد وأبو عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (البينة على...) وهذا يدل على أن هذا اللفظ صحيح محتج به عندهما اهـ.

وقد أخرج الدارقطني في سننه (3/110)، (4/218) والبيهقي (8/123) حديثا بلفظ (البينة على المدعي، واليمين على من أنكر إلا في القسامة) لكنه ضعيف، ضعفه غير واحد، منهم ابن حجر في التلخيص وابن التركماني والعجلوني والألباني.

وفي المعنى أحاديث كثيرة، من أشهرها ما أخرجه الترمذي وغيره بلفظ (البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه) رواه التروذي (كتاب الأحكام 3/617 رقم1341 شاكر) قال الترمذي: هذا حديث في إسناده مقال، ومحمد بن عبيد الله العرزمي يضعف في الحديث من قبل حفظه، ضعفه ابن المبارك وغيره اهـ. لكن له شواهد يتقوى بها. انظر إرواء الغليل (8/266)، التلخيص الحبير (4/208)، شرح الأربعين النووية لابن رجب الحنبلي، الحديث الثالث والثلاثون، كشف الخفاء (1/342)، البيهقي مع الجوهر النقي (8/123) و(10/253).

[621] - فتوفي.

[622] - أي المتوفى.

[623] - أما الكتاب، فلقوله تعالى في سورة النساء (من بعد وصية يوصى بها أو دين)، وأما السنة، فلما روى الإمام أحمد (2/440) والترمذي (آخر كتاب الجنائز، باب ما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه، رقم1078،1079 شاكر) وابن ماجه، وغيرهم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) ولما أخرجه البخاري (كتاب الحوالة، باب إن أحال دين الميت على رجل جاز، 4/545 رقم 2289 فتح سلفية ثانية) من تركه صلى الله عليه وسلم الصلاة على من عليه دين، حتى تكفل به أبو قتادة رضي الله عنه، وأما الإجماع فنقله غير واحد، وانظر موسوعة الإجماع (1/211).

[624] - حديث صحيح رواه البيهقي وغيره عن ابن عباس، وتقدم تخريجه ص305

[625] - أي أوصى المشتري صاحب الدكان بضبط الحساب بينهما.

[626] - كذا بالأصل، والصواب: دورا.

[627] - كذا بالأصل، وصوابها حقا.

[628] - انظر الإنصاف (9/426)، الفروع (5/617) وانظر كلام ابن القيم في زاد المعاد (5/451ـ452) ط الأرناؤوط.

[629] - كشاف القناع (5/496)، وانظر الإنصاف (9/421و426)، الفروع (5/617).

[630] - أي يكون بالذرع.

[631] - أي لكونه وقع في وقت نهي.

[632] - هي لعبة تشبه لعبة الورق، وكانت تصنع من الخشب.

[633] - هي رسالة "الإقناع بصحة صلاة الجمعة خلف المذياع" لمؤلفها أبي الفيض أحمد ابن محمد بن الصديق الغماري، المتوفى سنة1380هـ (كما في معجم المؤلفين لكحالة) طبعت هذه الرسالة في حدود عام1375هـ في مطبعة دار التأليف في مصر.

[634] - ص23 من الرسالة.

[635] - كلمة سقطت لخرم بالورق.

[636] - ص29 وما بعدها من الرسالة.

[637] - ص28 وما بعدها من الرسالة.

[638] - ص39 من الرسالة

[639] - كذا بالأصل.

[640] - "ما" هنا نافية.

[641] - ص25.

[642] - ص6 وما بعدها.

[643] - ص6.

[644] - الحديث رواه ابن ماجه وابن عبد البر والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وعن غيره من الصحابة، وهو حديث مشهور وله طرق كثيرة، صححه جملة من العلماء، وضعفه آخرون، وعلى كل حال فإنه لا يصل إلى درجة الموضوع، انظر في تخريجه والكلام عليه: كشف الخفاء للعجلوني (1/56) وصحيح الجامع رقم 3808.

[645] - هذا السؤال وجهه شيخنا عبد الله بن عقيل، إلى شيخه عبد الرحمن بن سعدي، حينما كان في "أبو عريش"، سنة1361هـ

[646] - توجد فتوى مشابهة لهذه الفتوى في فتاوى الشيخ ابن سعدي المطبوعة ص232ـ241 من طبعة المؤسسة السعيدية بالرياض.

[647] - أي فتخالف أنت العقل والشرع.

[648] - أخرجه البخاري تعليقا، كتاب الحج باب رمي الجمار (3/677 الفتح، سلفية ثانية) وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الحج، باب بيان وقت استحباب الرمي (9/47 نووي)، والترمذي في الحج، باب ما جاء في رمي يوم النحر ضحى (3/232 رقم 894 شاكر)، قال الترمذي وهو حديث حسن صحيح، وأبو داود في الحج باب في رمي الجمار (2/496) رقم 1971دعاس)، وابن ماجه في المناسك باب رمي الجمار أيام التشريق (ص1014رقم 3053 فؤاد عبد الباقي)، والإمام أحمد في المسند.

[649] - رواه البخاري، كتاب الحج باب رمي الجمار (3/677 رقم 1746 الفتح، سلفية ثانية)، وأبو داود في الحج باب في رمي الجمار (2/496) رقم 1972 دعاس)

[650] - رواه البخاري في الحج باب الذبح قبل الحلق (3/653)الفتح سلفية ثانية) وباب إذا رمى بعد ما أمسى، أو حلق قبل أن يذبح ناسيا أو جاهلا (3/664)، وأبو داود في السنن باب الحلق والتقصير (2/501 رقم 1983 دعاس)، وابن ماجه في المناسك، باب من قدم نسكا قبل نسك (2/1013 رقم 3050 عبد الباقي)، وغيرهم.

 [651] - رواه أبو داود في الحج باب في رمي الجمار (2/496 رقم 1975،1976 دعاس) والترمذي في الحج باب ما جاء في الرخصة للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما (3/280 رقم 954،955 شاكر) والنسائي في المناسك باب رمي الرعاة (5/273 رقم 3068،3069 مصورة أبي غدة)، وابن ماجه في المناسك باب تأخير رمي الجمار من عذر (2/1010 رقم 3036،3037 عبد الباقي).

[652] - كذا بالأصل، والصواب بحذف فأذن له، لدلالة رخص، والحديث رواه البخاري في الحج باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى (3/676 رقم1743ـ1745 فتح، سلفية ثانية)، ومسلم في الحج باب وجوب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق والترخيص في تركه لأهل السقاية (5/62 نووي).

[653] - منها ما رواه نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان يقول: لا ترمى الجمار في الأيام الثلاثة حتى نزول الشمس أخرجه مالك في الموطأ، في الحج، باب رمي الجمار (1/408 ح رقم 217 عبد الباقي) والبيهقي في السنن (5/149). وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: لاترمى الجمرة حتى يميل النهار، أخرجه البيهقي في السن (5/149).

[654] - انظر شرح المنتهى (2/66)، كشاف القناع (2/508) حاشية الروض (4/177)، وشرح الزركشي (3/279).

[655] - التعبير بـ"المشهور" من مذهب المالكية، فيه مسامحة، ذلك أنه يدل على أن لهم رأيا آخر غير مشهور، وهذا غير صحيح، فليس لهم إلا قول واحد، هو المذهب، أما الشافعية فقد نقل عن بعض الشافعية القول بجواز الرمي قبل الزوال (كما في تحفة المحتاج 4/138، ونقله الشيخ عبد الله بن محمود صاحب الرسالة)، لكن لا يظهر أنه قول في مذهبهم، وذلك بناء على ما هو منصوص في كتبهم، حيث لم أطلع في كتبهم المعتبرة، على من صرح به، أو حكاه رأيا في المذهب، انظر: الأم للإمام الشافعي (2/180ط الشعب)، المجموع للنووي (8/234و282)، نهاية المحتاج للرملي(3/302)، مغني المحتاج (1/507)، فتح العزيز (7/397 المطبوع مع المجموع). وحاشية القليوبي وعميرة (2/121)، وفتح الجواد (1/239)، وانظر مراجع المالكية في الحاشية الآتية، أما الحنفية والحنابلة فقد يقال ذلك في حقهم لورود الرأي الثاني.

[656] - الخرشي على مختصر خليل (2/339)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/50).

[657] - انظر اللباب شرح الكتاب (1/193)، والاختيار لتعليل المختار (1/154)، والهداية شرح البداية للمرغيناني (3/499 مع فتح القدير).

[658] -الذي يظهر أن هذا رأي لأبي حنيفة وحده، أما المعتمد من المذهب، وكتب ظاهر الرواية فعلى خلافه، أما وقت الرمي يوم النفر الثاني فهو الذي وردت فيه روايتان مشهورتان في مذهب الأحناف، وقد صنف بعض الأحناف رسالة في الانتصار للمشهور من مذهبهم والذي هو مذهب الجمهور، وقد أورد هذه الرسالة حسين بن محمد سعيد عبد الغني الحنفي المكي صاحب الحاشية على منسك ملا على القاري، انظر منسك ملا على القاري ص161. وانظر كذلك المبسوط (4/69)، وكتاب المناسك من الأسرار لأبي زيد الدبوسي ص422، بدائع الصنائع (2/138)، والهداية شرح البداية للمرغيناني، وفتح القدير للكمال ابن الهمام (3/499)، وكنز الدقائق (2/374).

[659] - الإنصاف (4/45)، وانظر الفروع (3/518).

[660] - هو الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود رئيس محاكم قطر (1319ـ1417هـ)ولادته في حوطة بني تميم من نجد، طلب العلم بجد واجتهاد منذ صغره على مشايخ نجد، ثم اختير لقضاء قطر سنة1359هـ فكتب الله على يديه تأسيس القضاء الشرعي في دولة قطر، وكان له عناية بكثير من الشؤون الإسلامية في ذلك البلد، ألف كثيرا من الرسائل العلمية، وكانت له ثقافة واطلاع واسع مع اجتهادات فقهية قد يخالف فيها الجمهور.

ورسالته هذه مطبوعة باسم "يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام" وقد نشرها أولا وقرر فيها مسألتين: جواز الرمي قبل الزوال أيام التشريق، وسقوط الرمي إلى غير بدل عن العاجز عن الرمي، وقد ناقشه فيها علماء الرياض، ثم أعقب رسالته الأولى برسالة أخرى أكد فيها ما ذهب إليه أولا، وطبعت هذه الرسالة الأخيرة باسم "أحكام منسك حج بيت الله الحرام"، وقد كتب في الرد عليه الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى في رسالة جامعة ماتعة، أسماها "تحذير الناسك مما أحدثه ابن محمود في المناسك" طبعت في مطابع الحكومة بمكة سنة1376هـ ثم نشرت مع مجموع فتاوى ورسائل الشيخ التي جمعها ابن قاسم، ج6ص67 ط الأولى1399هـ.

[661] - كذا بالأصل، ولعلها: سؤاله.

[662] - وقد ذكر الزركشي في شرحه للخرقي ثلاثة أقوال للحنابلة في هذه المسألة، لكن هذا الشرح لم يكن طبع في ذلك الوقت، ولو وقف عليه كل من الشيخ ابن محمود والشيخ ابن سعدي لنقلوا عنه، انظر شرح الزركشي 3/279.

[663] - هو حديث صحيح مشهور رواه الأمام مسلم وغيره (صحيح مسلم، كتاب الحج باب استحباب ري جمرة العقبة يوم النحر راكبا، وبيان قوله صلى الله عليه وسلم لتأخذوا عني مناسككم.9/44 نووي).

[664] - سورة التغابن آية16.

[665] - عن جابر رضي الله عنه قال حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (ومعنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم) رواه والترمذي في الحج (3/257) رقم 927 شاكر) وابن ماجه في المناسك باب الرمي عن الصبيان (2/1010 رقم 3038 عبد الباقي)، لكن سنده ضعيف، فمداره على أشعت بن سوار، وهو ضعيف.

[666] - قال أبو الخطاب في التمهيد ـ في أصول الفقه ـ (فصل، فإن اختلفوا في مسألة على قولين لم يجز إحداث ثالث، نص عليه في رواية الأثرم: إذا اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يختار من أقاويلهم، ولا يخرج عن قولهم إلى قول من بعدهم) انظر التمهيد للكوذاني (3/310)، العدة للقاضي أبي يعلى (4/1113).

[667] - سورة التغابن آية16.

[668] - سورة الزلزلة آية7.

[669] - يرجح شيخنا ابن عقيل أنها حاشية الشيخ منصور البهوتي شيخ المذهب المتوفى سنة1051هـ، وهي غير شرح الشيخ منصور نفسه على المنتهى، والظاهر أن الشيخ منصور كتبها قبل شرحه على المنتهى، وقد أشار إليها في شرحه على المنتهى أكثر من مرة.

[670] - هذه عبارة منتزعة من عبارة المنتهى وشرحه للشيخ منصور، وليست نص عبارة المنتهى، فكأن الشيخ ابن سعدي تصرف فيها بعض الشيء لإيضاح المعنى، لأنه يبعد أن يكون هذا الاختلاف موجودا في نسخة أخرى للمنتهى غير النسخ الموجودة بين أيدينا.

تنبيه: في طبعة المنتهى التي حققها د. عبد الغني عبد الخالق وطبعتها دار الجيل في مصر عام1381هـ (2/330)، وكذلك في طبعة شرح المنتهى للشيخ منصور المطبوعة في مطبعة أنصار السنة المحمدية عام1366هـ (3/203) والنقل من مصورة عنها)، وقع قوله (نصف قنين)، أما الشيخ ابن سعدي فقال (ونصفي رقبتين) بتثنية نصف.

[671] - لم أتبين من هو عثمان هذا صاحب تصحيح الفروع، ولم أجد شرحا أو تصحيحا أو حاشية على الفروع مؤلفه اسمه عثمان، والمشهور هو تصحيح الفروع لعلاء الدين المرداوي المطبوع مع الفروع، ولم أجد فيه هذه الإحالة.

[672] - شرح منتهى الإرادات (2/5)، الإقناع، وكشاف القناع (2/393)، المقنع، والإنصاف (3/410) وانظر الإنصاف (7/238).

[673] - وبعض العلماء يقول "الميسور لا يسقط بالمعسور" كما في الأشباه والنظائر للسيوطي القاعدة الخامسة والثلاثون ص159، وانظر قواعد ابن رجب الحنبلي القاعدة الثامنة، والوجيز ص346 ط2.

[674] - انظر كشاف القناع (4/387)، شرح منتهى الإرادات (2/541)، الإنصاف (7/195).

[675] - كشاف القناع (4/258)، شرح منتهى الإرادات (2/501)، الإنصاف (7/53).

[676] - نوع من الشجر، وانظر لسان العرب مادة حور.

[677] - نوع من الشجر معروف، وانظر لسان العرب مادة أثل.

[678] - سورة الكوثر آية2.

[679] - كذا بالأصل، والصواب ويتفاهموا.

[680] - سورة الحج آية28.

[681] - سورة البقرة آية125.

[682] - والقول الثاني أن مقام إبراهيم هو موضع من المسجد الحرام؛ إما الحجر وإما المقام المعروف، وانظر تفسير ابن كثير في تفسير هذه الآية، وكذلك تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي حيث رجح في تفسيره ما رجحه هنا، وذكر أن القول الثاني هو رأي جمهور المفسرين.

[683] - هو حديث صحيح مشهور رواه الإمام مسلم وغيره، صحيح مسلم، كتاب الحج باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر، راكبا وبيان قوله صلى الله عليه وسلم لتأخذوا عني مناسككم (9/44 نووي).

[684] - إشارة إلى الحديث الطويل في قصة إبراهيم عليه السلام حينما ترك زوجه هاجر وابنه إسماعيل عليه السلام، وسعي هاجر بين الصفا والمرة بحثا عن الماء.. الحديث رواه البخاري كتاب أحاديث الأنبياء، باب يزفون: النسلان في المشي، رقم 3364 (6/454).

[685] - والأحاديث في ذلك مستفيضة مشهورة مروية في الصحاح والمسانيد.

[686] - سورة فصلت آية53.

[687] - كذا بالأصل، ولعل المقصود ألا يدل ذلك على أن الله..

[688] - سورة لقمان آية27.

[689] - سورة الأنعام آية59.

[690] - كذا في الأصل، ولعلها بخواطرهم.

[691] - سورة الإسراء آية60، وانظر كلام الشيخ في التفسير عند هذه الآية.

[692] - انظر جملة من أحاديث الإسراء والمعراج في تفسير ابن كثير في أول تفسير سورة الإسراء، وانظر سيرة ابن هشام، وغيرها.

[693] - سورة الحديد آية 25.

[694] - سورة النحل آية8.

[695] -سورة الأنعام آية44.

[696] - سورة العلق آية5.

[697] - انظر مثلا صحيح البخاري كتاب الفتن باب 25 حديث رقم 7121 (13/88 سلفية ثانية)

[698] - سورة الأعراف آية44.

[699] - سورة الأعراف آية50.

[700] - سورة البقرة آية282.

[701] - كذا بالأصل ولعل التقدير: لأنه إن لم يكن كذلك.

[702] - سورة المائدة آية6.

[703] - والكلام للشيخ ابن سعدي رحمه الله.

[704] - سورة النساء آية2.

[705] - في الأصل المخطوط: السادس والعشرون، وهو خطأ، وتبع ذلك خطأ في الأرقام التي تليه، وكذا هو في المطبوع.

[706] - وتقدم في الحادي عشر.

[707] - قال ابن العربي في تفسيره لهذه الآية (فيها اثنتان وخمسون مسألة:

المسألة الأولى: ذكر العلماء أن هذه الآية من أعظم آيات القرآن مسائل وأكثرها أحكاما في العبادات، وبحق ذلك، فإنها شطر الإيمان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء شطر الإيمان، في صحيح الخبر عنه.

ولقد قال بعض العلماء: أن فيها ألف مسألة، واجتمع أصحابنا بمدينة السلام فتتبعوها فبلغوها ثمانمائة مسألة، ولم يقدروا أن يبلغوها الألف، وهذا التتبع إنما يليق بمن يريد تعريف طرق استخراج العلوم من خبايا الزوايا...)

أحكام القرآن لابن العربي المالكي (2/556 ط الحلبي الأولى سنة1376هـ).

[708] - انظر الروض المربع (3/522 ط ابن قاسم).

[709] - كتب تحت هذه القصاصة بخط شيخنا عبد الله بن عقيل: تقرير، شيخنا عبد الرحمن ابن ناصر بن سعدي.